العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ١

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ١

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-2553-2
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٣٠

ولم يعلم بخروجه عليه‌السلام إلا على وآل أبى بكر رضى عنهم. فدخل غارا بثور جبل بأسفل مكة ، فأقام فيه ثلاثا. وقيل : بضعه عشر يوما. فأمر الله العنكبوت فنسجت على بابه ، والراة فنبتت ، وحمامتين وحشيتين فعششتا على بابه. قال السهيلى : وحمام الحرم من نسلهما.

ثم خرج منه ليلة الاثنين لأربع ليال خلون من ربيع الأول على ناقته الجدعاء. قالت أسماء رضى الله عنهما : فمكثنا ثلاث ليال لا ندرى أين وجه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى أنشد رجل من الجن شعرا سمعه الناس وما يرونه :

جزى الله رب الناس خير جزائه

رفيقين حلا خيمتى أم معبد

هما نزلا بالبر ثم تروحا

فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهن بنى كعب مكان فتاتهم

ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها

فإنكم إن تسلوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت

له بصريح ضرة الشاة مزبد

فغادره رهنا لديها لحالب

يدر لها فى مصدر ثم مورد

وكان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم نزل بقديد على أم معبد عاتكة بنت خالد ، فمسح ضرع شاة مجهودة وشرب من لبنها وسقى أصحابه ، واستمرت تلك البركة فيها. ولما مر بها قريش سألوها عنه ووصفوه. فقالت : ما أدرى ما تقولون قد ضافنى حالب الحائل. فقالوا : ذاك الذى نريد.

وفى الإكليل قصة أخرى شبيهة بقصة أم معبد. قال الحاكم : فلا أدرى أهى هى أم غيرها؟.

فلما راحوا من قديد تعرض لهما سراقة بن مالك بن جعشم المدلجى ، فدعا عليه النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم فساخت قوائم فرسه ، فطلب الأمان فأطلق ورد من وراءه.

وأقام على رضى الله عنه بعد مخرجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثة أيام ، ثم أدركهم بقباء ، وقد نزل صلى‌الله‌عليه‌وسلم على كلثوم بن الهدم ـ وقيل : سعد بن خيثمة ـ يوم الاثنين سابع ، وقيل : ثامن عشر ربيع. وكان مدة مقامه هناك مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أو ليلتين.

وأمر صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتاريخ ، فكتب من حين الهجرة. قال ابن الجزار : ويعرف بعام الأول. وقيل : إن عمر رضى الله عنه أول من أرخ وجعله من المحرم ، وقيل : يعلى بن أمية : إذ كان باليمن. وقيل : بل أرخ بوفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وكان نزوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقباء يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول وهو الرابع من برماه ،

٣٨١

والعاشر من أيلول سنة تسعمائة وثلاثة وثلاثين لذى القرنين ويقال : لاثنتى عشرة ليلة خلت منه حين اشتد الضحى ، ويقال : لهلال ربيع. ويقال فى أوله. فأقام بها أربع عشر ليلة ، ويقال : خمسا ، ويقال : أربعا ، ويقال : ثلاثا ، فيما ذكره الدولابى ، ويقال : اثنتين وعشرين ليلة. وأسس به مسجدا ، وهو أول مسجد أسس فى الإسلام.

وفى كتاب ابن البرقى : قدمها ليلا ، ثم خرج صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قباء يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع فى قول ابن الكلبى. وقال ابن الجوزى : لليلتين خلتا منه. وفيهما نظر.

فجمع فى بنى سالم بن عوف ببطن الوادى. ثم قدم المدينة. فبركت ناقتهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على باب مسجده ثلاث مرات ، وهو يومئذ مربد لسهل وسهيل ابنى عمرو ، يتيمين فى حجر أسعد بن زراة. ويقال معاذ بن عفراء ، فاشتراه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعشرة دنانير.

ونزل برحله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أبى أيوب لكونه من أخوال عبد المطلب فأقام صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنده سبعة أشهر ، وقيل : إلى صفر من السنة الثانية. وقال الدولابى : شهرا.

فكان أول كلمة سمعت منه عليه الصلاة والسلام : «أفشو السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام» (١).

وكان بالمدينة أوثان يعبدها رجال ، فأقبل حينئذ قومهم عليها فهدموها. وبعث النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم زيد بن حارثة ، وأبا رافع ببعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة ، فقدما بفاطمة ، وأم كلثوم ، وسودة بنت زمعة ، وأسامة بن زيد ، وأمة بركة ، المكناة : أم أيمن رضى الله عنهم.

وخرج عبد الله بن أبى بكر رضى الله عنهما معهم بعيال أبيه. وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلى حيث أدركته الصلاة حتى بنى المسجد باللبن ، وسقفه بالجريد ، وجعل عمده خشب النخل ، وجعل قبلته إلى بيت المقدس ، وجعل له ثلاثة أبواب : بابا فى مؤخره ، وبابا يقال له : باب الرحمة ، والباب الذى يدخل منه.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب إلى جذع فى المسجد. فلما اتخذ صلى‌الله‌عليه‌وسلم المنبر ثلاث درجات بينه وبين الحائط ممر الشاة : خار عند ذلك الجذع كالبقرة أو الناقة : فنزل صلى‌الله‌عليه‌وسلم واحتضنه حتى سكن ، وقال : «لو لم ألتزمه لحن إلى يوم القيامة» (٢).

__________________

(١) أخرجه الترمذى فى الأطعمة حديث رقم ١٨٥٤ ، ١٨٥٥ ، ٢٤٨٥ ، ٢٥١٠ ، ٢٦٨٨ ، وابن ماجة فى سننه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، حديث رقم ١٣٣٤ ، ٢٢٥١ ، ٣٢٥٢ ، وأحمد ابن حنبل فى المسند ٦٨٠٩.

(٢) حديث حنين الجزع أخرجه البخارى فى صحيحه ، كتاب المناقب ، باب علامات النبوة فى ـ

٣٨٢

وكانت المدينة أوبأ أرض الله بالحمى ، فأصاب أصحابه رضى الله عنهم منها بلاء وسقم ، فدعى بنقل ذلك الوباء إلى مهيعة ، وهى الجحفة.

وبعد مقدمه بخمسة أشهر ، وقال أبو عمر : بثمانية : آخى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين المهاجرين والأنصار ، وكانوا تسعين رجلا من كل طائفة أربعون. وقيل : مائة على الحق والمواساة والتوارث. وكانوا كذلك إلى أن نزل بعد بدر : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) [الأحزاب : ٦].

وكتب كتابا بين المهاجرين وادع فيه يهود ، وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم. واشترط عليهم ، وشرط لهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وبنى بعائشة رضى الله عنها على رأس تسعة أشهر. وقيل : ثمانية عشر شهرا فى شوال.

وأرى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه الأذان. وقيل : كان ذلك فى السنة الثانية.

وبعد شهر من مقدمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة زيد فى صلاة الحضر ، لاثنى عشر خلت من ربيع الأول.

قال الدولابى : يوم الثلاثاء. وقال السهيلى : بعد الهجرة بعام أو نحوه. وكانت الصلاة قبل الإسراء : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها. قال الدولابى : وروى عن عائشة وأكثر الفقهاء : أن الصلاة نزلت بتمامها.

[سرية حمزة إلى سيف البحر](١)

وعلى رأس سبعة أشهر عقد صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعمه حمزة رضى الله عنه فى شهر رمضان لواء أبيض ، وأمره على ثلاثين رجلا من المهاجرين. وقيل : ومن الأنصار. وقيل : فى ربيع الأول سنة اثنتين. وقيل : بعد انصرافه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأبواء. وقيل : بعد ربيع الآخر يعترض عيرا

__________________

ـ الإسلام ، والبيهقى فى الدلائل ٢ / ٥٥٧ ، ٣ / ٤٢١ ، والترمذى فى سننه ، كتاب صلاة الجمعة ، باب ما جاء فى الخطبة على المنبر ٢ / ٣٧٩ ، وابن خزيمة فى صحيحه ٧٧٦ ، والخطيب فى تاريخه ١ / ١٣١ ، ٤ / ١٣١ ، والإمام أحمد فى المسند ٤ / ٣٠٣).

(١) ما بين المعقوفتين إضافة ليست فى الأصل انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٠٤ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٥٥ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٤ ، تاريخ الخميس ١ / ٢٥٦ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٦ ، المنتظم ٣ / ٨٠ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٣٤).

٣٨٣

لقريش ، فيها أبو جهل فى ثلاثمائة رجل ، فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص ، فلما تصافوا حجز بينهم نجدى بن عمرو الجهنى.

[سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ](١)

ثم سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ فى شوال ، وتعرف : بودان ، فى ستين رجلا تلقى أبا سفيان ، وكان على المشركين. وقيل : مكرز بن حفص. وقيل : عكرمة ابن أبى جهل. ورمى فيها سعد بن أبى وقاص بسهم ، فكان أول سهم رمى فى الإسلام.

وأما ابن إسحاق : فيزعم أن هذه أول راية عقدت. قال : وإنما أشكل أمرهما ؛ لأن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيعهما جميعا.

وذكر أبو عمر : أن أول راية عقدت لعبد الله بن جحش.

[سرية سعد بن أبى وقاص إلى الخرار](٢)

ثم سرية ابن أبى وقاص إلى الخرار : واد بالحجاز نصب فى الجحفة فى ذى القعدة فى عشرين رجلا. وقال أبو عمر : كانت بعد بدر. وقال ابن حزم نحوه. وقال : كانوا ثمانية يعترض عيرا لقريش ، فخرجوا على أقدامهم فصبحوها صبح خامسة ، فوجدوا العير قد مرت بالأمس.

[غزوة الأبواء](٣)

ثم غزوة الأبواء : جبل بين مكة والمدينة. ويقال لها : ودان ، فى صفر سنة اثنتين يعترض عيرا لقريش ، فغاب خمسة عشر يوما ، ولم يلق صلى‌الله‌عليه‌وسلم كيدا. ووادع صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنى ضمرة.

[غزوة بواط](٤)

ثم غزوة بواط : جبل لجهينة من ناحية رضوى بينه وبين المدينة أربعة برد فى ربيع

__________________

(١) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٠٤ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٥٥ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٤ ، تاريخ الخميس ١ / ٢٥٧ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٦ ، المنتظم ٣ / ٨٠ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٣٤ ، الوفا).

(٢) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٠٣ ، سيرة ابن هشام ١ / ٦٠٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٤ ، تاريخ الخميس ١ / ٢٥٨ ، إمتاع الأسماع ١ / ٢٢ ، المنتظم ٣ / ٨١ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٣٤ ، الوفا).

(٣) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٠٧ ، سيرة ابن هشام ١ / ٥٩٨ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٥ ، تاريخ الخميس ١ / ٢٦٣ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٧ ، المنتظم ٣ / ٨٩ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٤٦ ، الوفا ٦٩٧).

(٤) انظر : (تاريخ الطبرى ٣ / ٤٠٧ ، سيرة ابن هشام ٣ / ٢٤٦ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٥ ، تاريخ الخميس ١ / ٣٦٣ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٨ ، المنتظم ٣ / ٨٩ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٤٦ ، الوفا ٦٩٧).

٣٨٤

الأول. وقيل : الآخر ، فى مائتين يعترض عيرا فيها أمية بن خلف ، فرجع ولم يلق كيدا.

[غزوة بدر الأولى (١)]

ثم غزا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى ربيع الأول يطلب كرز بن جابر الفهرى لإغارته على سرح المدينة ، حتى بلغ صفوان من ناحية بدر فلم يلحقه. وتسمى : بدر الأولى. وذكرها ابن إسحاق بعد العشيرة بليال. قال ابن حزم : بعشرة أيام.

[غزوة ذات العشيرة (٢)]

ثم غزا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات العشيرة ، موضعا لبنى مدلج بناحية ينبع فى جمادى الآخرة. وقيل : الأولى ، فى خمسين ومائة. وقيل : مائتى رجل ، ومعهم ثلاثون بعيرا يعتقبونها يعترض عيرا لقريش ففاتته بأيام ، ووادع صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنى مدلج. ورجع ولم يلق كيدا.

[سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة](٣)

ثم سرية أمير المؤمنين المخدع فى الله ، عبد الله بن جحش رضى الله عنه ، إلى نخلة على ليلة من مكة فى رجب فى اثنى عشر مهاجرا. ويقال : ثمانين يترصد قريشا ، فمرت به عيرهم تحمل زبيبا وأدما من الطائف فيها عمرو بن الحضرمى ، فتشاور المسلمون ، وقالوا : نحن فى آخر يوم من رجب ، فإن نحن قاتلناهم هتكنا حرمة الشهر ، وإن تركناهم الليلة دخلوا حرم مكة. فأجمعوا على قتلهم ، فقتلوا عمرا واستأسروا أسيرين ، وهرب من هرب. واستاقوا العير ، فكانت أول غنيمة فى الإسلام. فقسمها ابن جحش ، وعزل الخمس وذلك قبل أن تفرض. ويقال : بل قدموا بالغنيمة كلها. فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أمرتكم بالقتال فى الشهر الحرام». فأخر أمر الأسيرين والغنيمة حتى رجع من بدر ، فقسمها مع غنائمها.

وتكلمت قريش : بأن محمدا سفك الدم ، وأخذ المال فى الشهر الحرام ، فأنزل الله

__________________

(١) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٠٧ ، سيرة ابن هشام ١ / ٦٠١ وسماها غزوة صفوان ، طبقات ابن سعد ٢ / ٦ وسماها غزوة طلب كرز بن جابر الفهرى ، تاريخ الخميس ١ / ٣٦٥ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٨ ، المنتظم ٣ / ٨٩ ، دلائل النبوة للبيهقى ٣ / ٨ ، الوفا ٦٩٨).

(٢) ما بين المعقوفتين إضافة ليست فى الأصل.

انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٠٨ ، سيرة ابن هشام ١ / ٥٩٨ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٦ ، تاريخ الخميس ١ / ٣٦٣ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٨ ، المنتظم ٣ / ٩٠ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٤٦ ، الوفا ٦٩٨).

(٣) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤١٠ ، سيرة ابن هشام ١ / ٦٠١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٧ ، تاريخ الخميس ١ / ٥٦٣ ، إمتاع الأسماع ١ / ٦٩ ، المنتظم ٣ / ٩١ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٤٨ ، الوفا).

٣٨٥

تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة : ٧].

فلما كان يوم الثلاثاء ، الظهر ، نصف شعبان : حولت القبلة إلى الكعبة. وقيل يوم الاثنين بعد رجب. وفرض صيام رمضان. وزكاة الفطر قبل العيد بيومين.

وقال ابن سعد : قبل فرض زكاة الأموال. وقيل : إن الزكاة فرضت فيها. وقيل : قبل الهجرة.

[غزوة بدر الكبرى](١)

ثم غزا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدر الكبرى : وتسمى : العظمى ، وتسمى : الثانية ، وتسمى : بدر القتال. يتلقى عيرا لقريش فيها أبو سفيان بن حرب ، يوم السبت لثنتى عشرة خلت من رمضان. ويقال : لثلاث خلون منه ومعه الأنصار. ولم يكن قبل ذلك خرجت معه وعدتهم ثلاثمائة وخمسين ، وثمانية لم يحضروها ، إنما ضرب بسهمهم وأجرهم فكانوا كمن حضرها.

ويقال : كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر. ويقال : وتسعة عشر. ويقال : وخمسة عشر. ويقال : وثمانية عشر. ويقال : وأربعة عشر. ويقال : وستة عشر. معهم ثلاثة أفراس.

وكان المشركون ألفا. ويقال : تسعمائة وخمسين رجلا ، معهم مائة فرس وسبعمائة بعير.

وكان قتالهم يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان. وقيل : يوم الاثنين. وقيل : لإحدى عشرة بقيت أو لتسع عشرة خلت. ويقال : لاثنتى عشرة خلت ويقال : لثلاث خلون منه.

واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا. ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار.

وقتل من المشركين سبعون ، وأسر سبعون ، وانهزم الباقون. وغنم صلى‌الله‌عليه‌وسلم متاعهم.

__________________

(١) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٢١ ، سيرة ابن هشام ١ / ٦٠٦ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٨ ، تاريخ الخميس ١ / ٣٦٨ ، إمتاع الأسماع ١ / ٧٢ ، المنتظم ٣ / ٩٦ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٥٦ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ١٤ ، دلائل النبوة ٣ / ٢٥ ، الوفا ٦٩٨ ، السيرة النبوية الصحيحة ٣٥٤).

٣٨٦

وأرسل زيد بن حارثة رضى الله عنه بشيرا. فوصل المدينة يوم الأحد ضحى ، وقد نفضوا أيديهم من تراب رقية ابنته صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفودى بالأسرى بأربعة آلاف فما دونها.

سرية عمير (١)

ثم سرية عمير بن عدى الخطمى لخمس ليال بقين من رمضان إلى عصماء بنت مروان ، زوج يزيد بن زيد الخطمى. وكانت تعيب الإسلام ، وتؤذيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتحرض عليه. فجاءها ليلا ، وكان أعمى فبعج بطنها بالسيف. وأخبره صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك ، وقال : لا تنتطح فيها عنزان. وفى أول شوال صلى صلاة الفطر.

غزوة بنى سليم (٢)

وفى أوله أيضا ، ويقال : بعد بدر بتسعة أيام. ويقال : فى نصف المحرم سنة ثلاث. ويقال : لست خلون من جمادى الأولى من السنة المذكورة : خرج صلى‌الله‌عليه‌وسلم يريد بنى سليم ، فبلغ ماء يقال له : الكدر. ويعرف : بغزوة قرقرة. ويقال : قرارة الكدر. ويقال : نجران. فأقام عليه ثلاثا. ويقال : عشرا ، فلم يلق أحدا. ويقال : كانت غيبته خمس عشرة ليلة. وذكرها ابن سعد بعد غزوة السويق.

سرية أبى عفك

ثم سرية سالم بن عمير ، فى شوال إلى أبى عفك اليهودى. وكان شيخا كبيرا يقول الشعر ، ويحرض على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقتله.

غزوة بنى قينقاع (٣)

ثم غزوة بنى قينقاع ـ بطن من يهود المدينة ، لهم شجاعة وصبر ـ وكانوا حلفاء عبد الله بن أبى ، وأول يهود نقضوا العهد وأظهروا البغى والحسد يوم السبت نصف شوال ، فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذى القعدة. فقذف الله فى قلوبهم

__________________

(١) انظر : (طبقات ابن سعد ٢ / ٢٠ ، وسماها سرية عمير بن عدى ، تاريخ الخميس ١ / ٤٠٦ ، إمتاع الأسماع ١ / ١٠٠ ، المنتظم ٣ / ١٣٥).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ١٩٦ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٢٤ ، تاريخ الطبرى ٢٠ / ٤٨٧ ، ابن سيرة هشام ٢ / ٤٤٥ ، ابن حزم ١٥٣ ، عيون الأثر ١ / ٣٦٣ ، البداية والنهاية ٤ / ٣ ، دلائل النبوة ٣ / ١٧٢ ، النويرى ١٧ / ٧٩ ، السيرة الحلبية ٢ / ٢٨٠).

(٣) انظر : (تاريخ الطبرى ٢ / ٤٧٩ ـ ٤٨٠ ، مغازى الواقدى ١ / ١٧٦ ، السيرة النبوية الصحيحة ٢٩٩).

٣٨٧

الرعب ، ونزلوا على حكمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأن له أموالهم ولهم النساء والذرية فلحقوا بأذرعات ، فما كان أقل بقائهم بها. وأخذ من حصنهم سلاحا ، وآلة كثيرة.

قال الحاكم : هذه وبنى النضير واحدة ، وربما اشتبها على من لا يتأمل.

غزوة السويق (١)

ثم غزوة السويق ؛ لأنه كان أكثر زاد المشركين ، وغنمه منهم المسلمون يوم الأحد لخمس خلون من ذى الحجة.

وقال ابن إسحاق فى صفر ، يطلب أبا سفيان فى ثمانين راكبا ، لحلفه : أن لا يمس النساء والدهن حتى يغزو محمدا.

فخرج فى مائتى راكب ، وقيل : أربعين ، حتى أتى العريض ـ ناحية من المدينة على ثلاثة أميال ـ فحرق نخلا ، وقتل رجلا من الأنصار وأجيرا له ، ورأى أن يمينه قد حلت ، ففاته ورجع صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد غيبته خمسة أيام.

ثم سرية [.............](٢)

وفى ذى الحجة صلى صلاة العيد وأمر بالأضحية.

سرية كعب بن الأشرف (٣)

ثم سرية محمد بن سلمة ، وأربعة معه إلى كعب بن الأشرف النضيرى. ويقال : النبهانى الشاعر ، لأربع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، وكان يؤذى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه. فقتله الله فى داره ليلا. فأصاب الحارث بن أوس ليلتئذ جراحة ، فتفل عليها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم تؤذه بعد. وخافت عند ذلك يهود.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ١٨١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٢٠ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٤٨٣ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ٣٦ ، الاكتفا ٢ / ٧٧ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٤٤ ، ابن سيد الناس ١ / ٢٩٦ ، دلائل النبوة ٣ / ١٦٤ ، الدرر ١٣٩ ، ابن حزم ١٥٢ ، عيون الأثر ١ / ٣٥٤ ، النويرى ١٧ / ٧٠ ، السيرة الحلبية ٢ / ٢٧٧ ، السيرة النبوية الصحيحة ٣٧٤).

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٣) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ١٨٤ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ٢١ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٤٨٧ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٥١ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ٣٨ ، الاكتفا ٢ / ٨٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٥ ، دلائل النبوة ٣ / ١٨٧ ، المحبر لابن حبيب ٢٨٢ ، الدرر فى اختصار المغازى والسير ١٤٢ ، ابن حزم ١٥٤ ، عيون الأثر ١ / ٣٥٦ ، النويرى ١٧ / ٧٢).

٣٨٨

غزوة غطفان (١)

ثم غزا صلى‌الله‌عليه‌وسلم غطفان إلى نجد لثنتى عشرة مضت من ربيع الأول فى أربعمائة وخمسين فارسا.

قال ابن إسحاق : فى صفر ، وهى غزوة ذات آمر ، وسماها الحاكم : غزوة أنمار.

وفيها أراد دعثور بن الحارث المحاربى : الفتك به صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمنعه الله منه ، ووقع السيف من يده ، فأخذه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأسلم دعثور. وقيل : كان ذلك فى ذات الرقاع. والله أعلم.

ثم رجع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد غيبته إحدى عشرة ليلة ، ولم يلق كيدا.

سرية القردة (٢)

ثم سرية زيد بن حارثة : فى مائة راكب إلى القردة. ويقال : بألف ـ ماء من مياه نجد ، بها مات زيد الخيل لهلال جمادى الآخرة. ذكرها ابن إسحاق قبل قتل ابن الأشرف ـ يعترض عيرا لقريش فيها صفوان بن أمية فأصابوها ، فبلغ خمسة وعشرين ألف درهم وأسر فرات ابن حيان ، فأسلم.

وتزوج صلى‌الله‌عليه‌وسلم حفصة بنت عمر رضى الله عنهما فى شعبان.

وقال ابن عبيدة : سنة اثنتين.

ويقال : بعد أحد ؛ لأن زوجها خنيس بن حذافة شهد أحدا ، ومات فى تلك الأيام من جراحه.

وتزوج صلى‌الله‌عليه‌وسلم زينب بنت خزيمة أم المساكين فى رمضان قبل أحد بشهر.

غزوة أحد (٣)

ثم غزوة أحد : جبل بالمدينة على أقل من فرسخ منها ، به قبر هارون عليه‌السلام. ويقال له : ذو عينين ، يوم السبت لسبع ليال خلون من شوال.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ١٩٣ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٢٣ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٤٨٧ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٤٥ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ٣٨ ، الاكتفا ٢ / ٧٨ ، دلائل النبوة ٣ / ١٦٧ ، البداية والنهاية ٤ / ٢ ، النويرى ١٧ / ٧٧ ، السيرة الحلبية ٢ / ٢٧٩ ، عيون الأثر ١ / ٣٦٢).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ١٩٧ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٢٤ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٤٩٢ ، الاكتفا ٢ / ٨١ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٥٠ ، البداية والنهاية ٤ / ٥ ، السيرة النبوية الصحيحة ٣٧٥).

(٣) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ١٩٩ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ٢٥ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٤٩٩ ، الكامل ٢ / ٤٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٩ ، الاكتفا ٢ / ٨٧ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٦٠ ، دلائل للبيهقى ٣ / ٢٠١ ، الأغانى ١٥ / ١٧٩ ـ ٢٠٧ ، السيرة الشامية ٤ / ٢٧١ ، والمنتظم ، لابن الجوزى ٣ / ١٦١ ـ ١٧٢ ، السيرة النبوية الصحيحة ٣٧٨).

٣٨٩

ويقال : لإحدى عشرة ليلة خلت منه. ويقال : للنصف منه.

قال مالك : كانت بعد بدر بسنة.

وعنه : كانت على أحد وثلاثين شهرا من الهجرة.

وذلك أن قريشا تجمعت لقتاله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى ثلاثة آلاف رجل منهم ، فمنهم : سبعمائة دارع ، ومائتا فارس ، وثلاثة آلاف بعير ، وخمس عشرة امرأة. والمسلمون ألف رجل. ويقال : تسعمائة. فانخزل ابن أبى فى ثلاثمائة. ويقال : إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمرهم بالانصراف لكفرهم ، بمكان يقال له : الشوط. ويقال : بأحد عند التصاف.

وقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم للرماة : «لا تتغيروا من مكانكم» فلما تغيروا هزموا. وقتل من المسلمين سبعون ، منهم : حمزة رضى الله عنه بحربة وحشى. وأسر سبعون. ويقال : خمسة وستون. وأصيب صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشج جبينه وكسرت رباعيته إلى غير ذلك مما أصابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يثبت معه صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ إلا أربعة عشر رجلا. وقتل صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده أبى بن خلف. وصلى الظهر يومئذ قاعدا. وانقطع سيف عبد الله بن جحش يومئذ فأعطاه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عرجونا فصار فى يده سيفا ، ولم يتناول حتى اشتراه بغا التركى. وكذا جرى لعكاشة وسلمة بن أسلمة فى بدر.

وقتل من المشركين ثلاثة. ويقال : اثنين وعشرين رجلا.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد رد جماعة من المسلمين لصغرهم.

وصلى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على حمزة والشهداء من غير غسل. وهذا إجماع إلا ما شذ به بعض التابعين. ويقال : بل غسلوا.

وفى الكامل لأبى عدى : أمرهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك.

ورجع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى يومه آخر النهار.

غزوة حمراء الأسد (١)

ثم غزا صلى‌الله‌عليه‌وسلم حمراء الأسد. وهى ثلاثة أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة لطلب عدوهم بالأمس. ونادى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يخرج إلا من شهدا أحدا. فأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء ، ودخل المدينة يوم الجمعة. وقد غاب خمسا.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٣٣٤ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٣٤ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٣٤ ، الكامل ٢ / ٥٧ ، الاكتفا ٢ / ١١٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٤٨ ، سيرة ابن هشام ٣ / ٤٤ ، دلائل النبوة ٣٠ / ٣١٢ ، ابن حزم ١٧٥ ، عيون الأثر ٢ / ٥٢ ، النويرى ١٧ / ١٢٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٣٦ ، السيرة الشامية ٤ / ٤٣٨).

٣٩٠

وحرمت الخمر فى شوال ، ويقال : سنة أربع.

سرية قطن

ثم سرية أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد ، هلال المحرم إلى قطن ـ جبل بناحية فيد. وقيل : ماء من مياه بنى أسيد بنجد ـ معه مائة وخمسون رجلا لطلب طليحة ، وسلمة ابنى خويلد الأسديين فلم يجدوهما ، ووجدوا إبلا وشاء ولم يلقوا كيدا.

قال أبو عبيد البكرى : وقتل بها عروة بن مسعود.

سرية عرنة

ثم سرية عبد الله بن أنيس وحده إلى سفيان بن خالد الهذلى بعرنة ، وهو وادى عرفة يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم ؛ لأنه بلغه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه يجمع لحربه. فقال له عبد الله : جئتك لأكون معك. ثم اغتره فقتله ، وغاب ثمان عشرة ليلة. وقدم يوم السبت لسبع بقين منه.

سرية بئر معونة (١)

ثم سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة لبنى عامر بن صعصعة. وقيل : قرب حرة بنى سليم فى صفر على رأس ستة ثلاثين شهرا من الهجرة. وقيل : أربعون معه القراء وهم سبعون. وقيل : أربعون. وقيل : ثلاثون ، أرسلهم مع أبى براء ملاعب الأسنة ليدعوا أهل نجد إلى الإسلام. فخرج عليهم عامر بن الطفيل بجمع من بنى عامر ورعل وذكوان وعصية ، فقتلوهم من عند آخرهم ، إلا كعب بن زيد وعمرو بن أمية الضمرى ، فكان عليه‌السلام يدعو عليهم فى صلاته حينا.

غزوة الرجيع (٢)

ثم سرية مرثد بن أبى مرثد الغنوى إلى الرجيع ـ ماء لهذيل بين مكة وعسفان بناحية الحجاز ـ فى صفر. وعدتهم : عشرة. ويقال : ستة.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٣٤٦ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٤٥ ، سيرة ابن هشام ٢ / ١٨٣ ، الكامل ٢ / ٦٣ ، الاكتفا ٢ / ١٤٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٧١ ، دلائل النبوة ٣ / ٣٣٨ ، النويرى ١٧ / ١٣٠ ، عيون الأثر ٢ / ٦١ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١ / ٣٩ ، المنتظم ، لابن الجوزى ٣ / ١٩٨ ـ ٢٠٠).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٣٥٤ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٢٩ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٢٣٨ ، سيرة ابن هشام ٢ / ١٦٩ ، الكامل ٢ / ٥٩ ، الاكتفا ٢ / ١٣٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٦٢ ، دلائل النبوة ٣ / ٣٢٣ ، صحيح البخارى ٤ / ٦٧ ، ابن حزم ١٧٦ ، عيون الأثر ٢ / ٥٦ ، النويرى ١٧ / ١٣٣ ، الأغانى ٤ / ٢٢٥).

٣٩١

وذلك أن رهطا من عضل والقارة سألوا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يرسل معهم من يعلمهم شرائع الإسلام. فلما كانوا بين عسفان ومكة غدروا بهم فقتلوهم إلا خبيب بن عدى ، وزيد ابن الدثنة ، فإنهم أسروهما وباعوهما فى مكة ، فقتلا بها. وصلى خبيب قبل قتله ركعتين. فكان أول من سنهما. وقيل : بل أسامة بن زيد حين أراد المكرى الغدر به.

قلت : روى ابن عبد البر فى الاستيعاب بسنده إلى الليث بن سعد قال : بلغنى أن زيد ابن حارثة اكترى من رجل بغلا من الطائف ، فاشترط عليه المكرى أن ينزله حيث شاء ، قال : فمال به إلى خربة ، فقال : أنزل ، فإذا فى الخربة قتلى كثيرة ، قال : فلما أراد أن يقتله ، قال له : دعنى أصلى ركعتين ، قال : صل ، فقد صلاهما قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا. انتهى.

وفى الخبر : أنه نجا بعد أن قال : يا أرحم الراحمين ثلاث مرات. وليس فيه ذكر لأسامة ، فتكون القصة لأبيه ، ولا يعرف لأسامة فى هذا قصة. والله أعلم.

غزوة بنى النضير (١)

ثم غزوة بنى النضير : فى ربيع الأول سنة أربع وجعلها ابن إسحاق بعد بئر معونة ، والزهرى بعد بدر بستة أشهر. فحاصرهم خمسة عشر يوما. وقيل : ستة أيام ؛ لأنهم نقضوا عهده وأرادوا قتله. فخرب وحرق ، وقذف الله فى قلوبهم الرعب. فأجلاهم إلى خيبر.

غزوة بدر الصغرى (٢)

ثم غزوة بدر الموعد ، وهى الصغرى هلال ذى القعدة. ويقال : فى شعبان بعد ذات الرقاع. وذلك : أن أبا سفيان قال يوم أحد : الموعد بيننا وبينكم بدر رأس الحول. فقال النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم : نعم.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٣٦٣ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ٤٠ ، سيرة ابن هشام ٢ / ١٩٠ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٥٠ ، الكامل ٢ / ٦٤ ، الاكتفا ٢ / ١٤٦ ، عيون الأثر ٢ / ٦١ ، البداية والنهاية ٤ / ٧٤ ، النويرى ١٧ / ١٣٧ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٤٤ ، السيرة الشامية ٤ / ٩ ، دلائل النبوة للبيهقى ٣ / ١٧٦ ، ٣٥٤ ، المنتظم ، لابن الجوزى ٣ / ٢٠٣).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٣٨٤ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ٤٢ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٥٩ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٢٠٩ ، الكامل ٢ / ٦٨ ، الاكتفا ٢ / ١٥٥ ، البداية والنهاية ٤ / ٧٨ ، أنساب الأشراف ١ / ١٦٣ ، ابن حزم ١٨٤ ، عيون الأثر ٢ / ٧٤ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٦٠ ، السيرة الشامية ٤ / ٤٧٨ ، دلائل النبوة ٣ / ٣٨٤ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٠١).

٣٩٢

فخرج ومعه ألف وخمسمائة وعشرة أفراس ، فأقاموا بها ثمانية أيام ، وباعوا ما معهم من التجارة ، فربحوا الردهم درهمين. وخرج أبو سفيان ومعه ألفان حتى إذا انتهى إلى مر الظهران. وقيل : عسفان رجع ؛ لأنه كان عام جدب ، فأنزل الله تعالى فى المؤمنين فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) [آل عمران : ١٧٤].

غزوة ذات الرقاع (١)

ثم غزوة ذات الرقاع وسميت بذلك : لأنهم رقعوا راياتهم. وقيل : شجرة تعرف بذات الرقاع. وقيل : بجبل أرضه متلونة.

وفى البخارى : لأنهم لفوا على أرجلهم الخرق لما نقبت. قال الداودى : لأن صلاة الخوف كانت فيها. فسميت بذلك لترقيع الصلاة فيها.

وكانت الغزوة فى المحرم يوم السبت لعشر خلون منه. وقيل سنة خمس. وقيل : فى جمادى الأولى سنة أربع.

وذكرها البخارى بعد غزوة خيبر مستدلا بحضور أبى موسى الأشعرى فيها. وفى ذلك نظر ، لإجماع أهل السير على خلافه.

ويقال : قبل بدر الموعد. وقيل : فى ربيع الأول.

وذلك : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلغه أن أنمار بن ثعلبة قد جمع الجموع فخرج فى أربعمائة. وقيل: سبعمائة. فوجد أعرابا هربوا فى الجبال ونسوة فأخذهن وغاب خمسة عشر يوما.

غزوة دومة الجندل (٢)

ثم غزوة دومة الجندل ـ مدينة بينها وبين دمشق خمس ليال ، وبعدها من المدينة : خمس أو ست عشرة ليلة ـ سميت بدومة بن إسماعيل ، لخمس ليال بقين من ربيع الأول ،

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٣٩٥ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٤٣ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٢٠٣ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٥ ، الاكتفا ٢ / ١٥٢ ، الكامل ٢ / ٦٦ ، دلائل النبوة للبيهقى ٣ / ٣٦٩ ، أنساب الأشراف ١ / ١٦٣ ، عيون الأثر ٢ / ٧٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٨٣ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٥٣ ، النويرى ١٧ / ١٥٨ ، المنتظم ٣ / ٢١٤ ، ٢١٥).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٤٠٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٤٤ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٦٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٩٢ ، دلائل النبوة للبيهقى ٣ / ٣٨٩ ، أنساب الأشراف ١ / ١٦٤ ، عيون الأثر ٢ / ٧٥ ، النويرى ١٧ / ١٦٢ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٦٢ ، السيرة الشامية ٤ / ٤٨٤ ، المنتظم ، لابن الجوزى ٣ / ٢١٥).

٣٩٣

لما بلغه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن بها جمعا كبيرا يظلمون الناس فلم يجد بها إلا نعما وشاه ، فأصاب منهم ، وأقام بها أياما ، وبث السرايا فرجعوا ، ولم يصب منهم أحد.

ووادع صلى‌الله‌عليه‌وسلم عيينة بن حصن الفزارى.

وكان دخوله المدينة فى العشرين من ربيع الآخر.

وماتت أم عائشة ، رضى الله عنها.

وفى ليال بقين من شوال تزوج صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم سلمة هند ابنة أبى أمية بن المغيرة. ويقال : تزوجها سنة اثنتين بعد بدر. ويقال : قبل بدر.

وفى ذى القعدة من هذه السنة تزوج ابنة عمته زينب بنت جحش. ويقال : تزوجها سنة ثلاث ، ويقال : سنة خمس.

قلت : جزم شيخنا العراقى بأنه تزوجها سنة ثلاث مع زينب بنت خزيمة. والله أعلم. انتهى.

ونزلت آية الحجاب.

وفى هذه السنة : أمر زيد بن ثابت بتعليم كتاب اليهود ، ورجم اليهودى واليهودية.

وفى جمادى الآخرة : خسف القمر وصلى صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الخسوف وزلزلت المدينة. وسابق بين الخيل. وقيل فى سنة ست وجعل بينهما سبقا ومحللا.

غزوة المريسيع (١)

ثم غزوة المريسيع ، ماء لخزاعة بينه وبين الفرع نحو من يوم ، وبين الفرع والمدينة نحو ثمانية برد. ويقال لها : غزوة بنى المصطلق ، وهم بنو جذيمة بن سعد بطن من خزاعة يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان سنة خمس.

وقال البخارى : كانت سنة ست.

وقال عقبة : كانت سنة أربع. وكان الحارث بن أبى ضرار ، وكان معه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشر كثير ، ومعهم ثلاثون فرسا ، وأم سلمة وعكاشة ، وتكلم أهل الإفك ، وأسر من الكفار جمع عظيم.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ١ / ٤٠٤ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٤٥ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٢٨٩ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٩٣ ، الكامل ٢ / ٨١ ، الاكتفا ٢ / ٢١٧ ، البداية والنهاية ٤ / ١٥٦ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٠٤).

٣٩٤

وتزوج جويرية بنت الحارث رئيسهم حين جاءته تستعينه فى كتابتها ، فأعتق الناس ما بأيديهم من الأسرى بمكان جويرية. وكانت غيبته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمانين وعشرون يوما.

غزوة الخندق (١)

ثم غزوة الخندق. وتسمى الأحزاب : فى ذى القعدة.

وقال ابن عقبة : فى شوال سنة أربع.

وقال ابن إسحاق : فى شوال سنة خمس.

وذكرها البخارى قبل غزوة ذات الرقاع.

وكان المشركون عشرة آلاف عليهم الحارث بن عوف النضرى ، والمسلمون ثلاثة آلاف.

وحفر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الخندق فى ستة أيام بمشورة سلمان.

وتداعوا إلى البراز وأقاموا على ذلك بضع عشرة ليلة ، فمشى نعيم بن مسعود الأشجعى إلى الكفار ـ وهو مخف إسلامه ـ فثبط قوما عن قوم ، وأوقع بينهم شرّا لقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم له : «الحرب خدعة».

وأرسل الله تعالى ريحا هزمهم بها. وأقام صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالخندق خمسة عشر يوما ، وقيل : أربعا وعشرين يوما. وفرغ منه لسبع ليال بقين من ذى القعدة. وقال : «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا» ودخل المدينة يوم الأربعاء.

غزوة بنى قريظة (٢)

ولما انصرف ووضع السلاح جاءه جبريل عليه‌السلام الظهر. فقال : إن الملائكة ما وضعت السلاح بعد ، إن الله تعالى يأمرك أن تسير إلى بنى قريظة ، فإنى عامد إليهم

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٤٤٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٤٧ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٢١٤ ، إمتاع الأسماع ١ / ٢١٧ ، الاكتفا ٢ / ١٥٨ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٦٤ ، الكامل ٢ / ٧٠ ، البداية والنهاية ٤ / ٩٢ ، أنساب الأشراف ١ / ١٦٥ ، عيون الأثر ٢ / ٧٦ ، النويرى ١٧ / ١٦٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٤٠١ ، السيرة الشامية ٤ / ٥١٢ ، دلائل النبوة ١٣ / ٣٩٢ ، المنتظم ٣ / ٢٢٧ ـ ٢٣٨ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤١٨).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٤٩٦ ، طبقات بن سعد ٢ / ١ / ٥٣ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٢٣٣ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٨١ ، الاكتفا ٢ / ١٧٦ ، البداية والنهاية ٤ / ١١٦ ، الكامل ٢ / ٧٥ ، المنتظم ٣ / ٢٣٨ ـ ٢٤٠).

٣٩٥

فمزلزل بهم فحاصرهم خمسة عشر يوما : وقيل : خمسا وعشرين ، ونزلوا على حكم النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم. فحكم فيهم سعد بن معاذ وكان ضعيفا. فحكم بقتل الرجال ، وقسم الأموال ، وسبى الذرارى والنساء. فقال عليه‌السلام : «لقد حكمت فيهم بحكم الملك».

وفرغ منهم يوم الخميس لخمس ليال خلون من ذى الحجة ، واصطفى لنفسه منهم ريحانة فتزوجها. وقيل : كان يطؤها بملك اليمن.

وفى هذه السنة فرض الحج. وقيل : سنة ست. وقيل : سنة سبع ، وقيل : سنة ثمان. ورجحه جماعة من العلماء. وقيل : غير ذلك.

سرية القرطاء

ثم سرية محمد بن مسلمة فى ثلاثين راكبا إلى القرطاء من بنى أبى بكر بن كلاب بناحية ضرية بالبكرات ، على سبع ليال من المدينة ، لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست ، ويقال : على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة. فلما أغار عليهم هرب سائرهم ، وغنم منهم غنائم. وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم ، ومعه ثمامة بن أثال الحنفى أسيرا. وكانت غيبته تسع عشرة ليلة.

غزوة بنى لحيان (١)

ثم غزوة بنى لحيان فى مائة رجل فى ربيع الأول.

وذكرها ابن إسحاق فى جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من قريظة.

قال ابن حزم : الصحيح أنها فى الخامسة ، حتى انتهى إلى غران ـ واد بين أمج وعسفان ـ وهناك أصيب أهل الرجيع ، فرحم عليهم. وسمعت به صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنو لحيان فهربوا فلم يقدر منهم على أحد. فأقام يوما أو يومين يبعث السرايا فى كل ناحية ، فأتى عسفان فبعثصلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا بكر إلى كراع الغمة ، فلم يلق أحدا فانصرف إلى المدينة. وقد غاب تسع عشرة ليلة ، وهو يقول : «آيبون تائبون ، لربنا حامدون».

غزوة الغابة (٢)

ثم غزوة الغابة ، وتعرف بذى قرد ، ماء على بريد من المدينة فى ربيع الأول.

__________________

(١) انظر : (السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٢٧٩ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ٧٨ ، والبداية والنهاية ٣ / ١٥٦ ، زاد المعاد ٣ / ٢٠٢).

(٢) انظر : (السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٩ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٨٠ ـ ٨٤ ، البداية والنهاية ٣ / ٢٨٦ ـ ٢٩٦ زاد المعاد ٣ / ٢٠٣).

٣٩٦

وقال أبو عمر : بعد بنى لحيان بليال. فأغار على المدينة عيينة بن حصن الفزارى ليلة الأربعاء فى أربعين فارسا ، فاستاق نعما.

وقتل ابن أبى ذر وآخر من غفار وسبوا امرأته.

وقال البخارى : كانت قبل خيبر بثلاثة أيام. وفى مسلم نحوه. وفى ذلك نظر لإجماع أهل السير على خلافهما.

فخرج عليه‌السلام فى خمسمائة. وقيل : سبعمائة. وخلف صلى‌الله‌عليه‌وسلم سعد بن عبادة فى ثلاثمائة يحرسون المدينة.

وصلى صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الخوف. وأقام يوما وليلة. ورجع وقد غاب خمس ليال.

سرية غمر مرزوق (١)

ثم سرية عكاشة بن محصن إلى غمر مرزوق ، ماء لبنى أسد على ليلتين من فيد فى ربيع الأول ومعه أربعون رجلا. فغنم ولم يلحق كيدا.

سرية ذى القصة (٢)

ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا فى ربيع الأول ، ومعه عشرة إلى بنى ثعلبة ، وكانوا مائة ، فقتلوهم إلا ابن مسلمة. فبعث النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا عبيدة بن الجراح فى ربيع الآخر. ومعه أربعون رجلا إلى مصارعهم فوجد هناك رجلا أسلم حين أسر ونعما وشاء فغنموه.

سرية بنى سليم (٣)

ثم سرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم بالجموم. ويقال : بالجموح ـ ناحية ببطن نخل ـ من المدينة على أربعة أميال فى ربيع الآخر. فغنموا نعما وشاء.

ثم أرسله أيضا إلى العيص على أربعة أميال من المدينة فى جمادى الأولى ، ومعه

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٥٥٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦١ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤٠ ، الكامل ٢ / ٩٢ ، البداية والنهاية ٤ / ١٧٨).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٥٥١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦١ ، ٦٢ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤١ ، الكامل ٢ / ٩٢ ، البداية والنهاية ٤ / ١٧٨).

(٣) انظر : (طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٢ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤١ ، الكامل ٢ / ٩٢ ، البداية والنهاية ٤ / ١٧٨ ، المنتظم ٣ / ٢٥٦).

٣٩٧

سبعون راكبا يعترض عيرا لصفوان بن أمية فأسر منهم ناسا ، منهم : أبو العاص بن الربيع فأجازته زوجته زينب ابنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ورد عليه ما أخذه.

وذكر ابن عقبة : أن أسره كان على يد أبى نصير بعد الحديبية. وقد تقدم.

ثم أرسله إلى الطرف ماء على ستة وثلاثين ميلا من المدينة فى جمادى الآخرة. ومعه خمسة عشر رجلا إلى بنى ثعلبة. فأصاب نعما وشاء.

ثم أرسله أيضا إلى حسمى ـ وراء ذات القرى ـ فى جمادى الآخرة ، ومعه خمسمائة رجل إلى قوم من جذام قطعوا على دحية بن خليفة الطريق. فقتل فيهم زيد قتلا ذريعا ، وأصاب مغانم كثيرة. فرحل زيد بن رفاعة الجذامى إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكره بكتابه الذى كان كتبه لقومه. فرد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أخذ زيد كله عليهم.

ثم أرسله إلى وادى القرى فى رجب فقتل من المسلمين قتلى وارتث زيد.

سرية دومة الجندل

ثم سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل فى شعبان يدعو أهلها إلى الإسلام فأسلم أناس كثير ، منهم : الأصبغ بن عمرو الكلبى وكان نصرانيا ، فتزوج ابنته تماضر ، فولدت له أبا سلمة ومن لم يسلم ضرب عليه الجزية.

سرية بنى سعد (١)

ثم سرية على بن أبى طالب رضى الله عنه فى شعبان ، ومعه مائة رجل إلى بنى سعد ابن بكر بفدك لتجمعهم لإمداد اليهود. فغنم نعما وشاء.

سرية أم قرمة (٢)

ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرمة فاطمة بنت ربيعة بن بدر الفزارية بناحية وادى القرى على سبع ليال من المدينة فى رمضان ، فأخذها فربطها بين بعيرين حتى ماتت.

وفى مسلم : كان أمير هذه السرية أبو بكر رضى الله عنه.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٥٦٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٥ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤٢ ، الكامل ٢ / ٩٣ ، البداية والنهاية ٤ / ١٧٨).

(٢) وهى فى المنتظم : «أم قرفة».

انظر : (المنتظم ٣ / ٢٦٠ ، المغازى للواقدى ٢ / ١ / ٦٥ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤٢ ، الكامل ٢ / ٩٤).

٣٩٨

سرية ابن أبى الحقيق (١)

ثم سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبى رافع عبد الله. ويقال : سلام بن أبى الحقيق فى رمضان. وقيل : فى ذى الحجة سنة خمس. وقيل : فى جمادى الآخرة سنة ثلاث.

وقال الزهرى : بعد قتل ابن الأشرف. ومعه أربعة منهم : عبد الله بن عتبة فيما ذكره البخارى. قيل : فيه نظر. وصوابه عبد الله بن أنيس. فقتلوه فى داره ليلا بخيبر. ويقال : بحصنه بالحجاز.

سرية ابن رزام (٢)

ثم سرية عبد الله بن رواحة فى ثلاثين رجلا إلى أسير بن رزام اليهودى بخيبر فى شوال ؛ لأنه سار فى غطفان لجمعهم لحرب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقتل وقتل معه نحو ثلاثون.

سرية العرنيين (٣)

ثم سرية كرز بن جابر فى عشرين رجلا ، ويقال : جرير بن عبد الله البجلى وفيه نظر ؛ لأن إسلام جرير كان بعد هذا بنحو أربع سنين.

وقال ابن قتيبة : كان أميرهم سعيد بن زيد ، فى شوال إلى العرنيين الذين قتلوا يسار راعى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستاقوا اللقاح ، فأتى بهم ـ بعد قربهم من بلادهم ـ فقطع أيديهم وسبل أعينهم. وكانوا ثمانية. ويقال : سبعة. فأنزل الله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) ـ الآية [المائدة : ٣٣].

سرية أبى سفيان (٤)

ثم سرية عمرو بن أمية الضمرى ، ومعه سلمة بن أسلم. ويقال : جبار بن صخر إلى أبى سفيان ليغتراه فيقتلاه ، بفعله مثل ذلك مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل. وفطن بعمرو فهرب وقتل فى طريقه أربعة رجال.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٢٦١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٦).

(٢) وهى فى المنتظم : «زرام».

انظر : (المنتظم ٣ / ٢٦٢ ، مغازى الواقدى ٢ / ٥٦٦ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٦).

(٣) انظر : (المنتظم ٣ / ٢٦٣ ، المغازى للواقدى ٢ / ٥٦٨ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٧ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤٤ ، الكامل ٢ / ٩٤).

(٤) انظر : (المنتظم ٣ / ٢٦٥ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٨ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٥٤٢ ، الكامل ٢ / ٦٠ ، البداية والنهاية ٤ / ٦٩ ، السيرة ٢ / ٦٣٣ ـ ٦٣٥).

٣٩٩

غزوة الحديبية (١)

ثم غزوة الحديبية على مقربة من مكة يوم الاثنين هلال ذى القعدة فى ألف وأربعمائة ويقال : خمسمائة وخمسة وعشرون رجلا. ويقال : ثلاثمائة. ويقال : ستمائة.

وبعث عثمان بن عفان رضى الله عنه إلى مكة رسولا ليعرفهم أن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يأت إلا للزيارة. فاحتبسته قريش عندها. فبلغ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن عثمان رضى الله عنه قد قتل. فدعا الناس إلى بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت ، وقيل : على أن لا يفروا. وجاء سهيل بن عمرو فوادع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صلح عشرة أعوام ، وأن لا يدخل البيت إلا العام القابل. ويقال: إنه كتب هذه الموادعة بيده.

وحلق النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم هناك والناس ، فأرسل الله تعالى ريحا حملت شعورهم فألقتها فى الحرم. وأقام بالحديبية بضعة عشر يوما. وقيل : عشرون يوما ثم قفل. فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح.

غزوة خيبر (٢)

ثم غزوة خيبر وبينها وبين المدينة ثمانية برد فى جمادى الأولى سنة سبع.

قال ابن إسحاق : وأقام بعد الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم ، وخرج فى بقية منه إليها ، ولم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام ، واستخلف نميلة بن عبد الله الليثى ، ومعه ألف وأربعمائة راجل ومائتا فارس ، وفرق الرايات ، ولم تكن الرايات إلا بها ، وإنما كانت الألوية.

وقاتل بها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشد القتال. وقتل من أصحابه عدة. وفتحها الله عليه حصنا حصينا. وقلع على رضى الله عنه باب خيبر. ولم يفعله سبعون رجلا إلا بعد جهد.

واستشهد من المسلمين خمسة عشر. وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون.

وفى هذه الغزوة : سمّت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم زينب ابنة الحارث امرأة سلام بن مشكم. فقتلهاصلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٢٦٧ ، مغازى الواقدى ٢ / ٥١٧ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٦٩ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٣٠٨ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٢٠ ، الكامل فى التاريخ ٢ / ٨٦ ، الاكتفا ٢ / ٢٢٣ ، البداية والنهاية ٤ / ١٦٤ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٣٤ ـ ٤٥٣).

(٢) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٦٣٣ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٧٧ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٩ ، الكامل ٢ / ٩٩ ، البداية والنهاية ٤ / ١٨١ ، الاكتفا ٢ / ٢٥١ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٣٢٨ ، المنتظم ٣ / ٢٩٣ ـ ٢٩٧).

٤٠٠