العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ١

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ١

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-2553-2
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٣٠

وكان قد حارب قبل أن يلى الخلافة : الحصين بن نمير أشهرا بمكة ، ثم تخلى الحصين عن الحرب لوصول نعى يزيد.

وولى مكة لعبد الله بن الزبير رضى الله عنهما : الحارث بن حاطب الجمحى.

ثم ولى مكة بعد قتل ابن الزبير فى خلافة عبد الملك بن مروان جماعة ، أولهم : الحجاج ابن يوسف الثقفى ، والحارث بن خالد بن العاص المخزومى ، وخالد بن عبد الله القسرى ، وعبد الله بن سفيان المخزومى ، وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص ـ المقدم ذكر أبيه ـ ومسلمة بن عبد الملك بن مروان ، ونافع بن علقمة الكنانى ، ويحيى بن الحكم بن أبى العاص الأموى.

وولى مكة فى خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان : الإمام العادل عمر بن عبد العزيز ابن مروان ، ثم خالد بن عبد الله القسرى.

ثم ولى مكة فى خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان : ثلاثة نفر خالد بن عبد الله القسرى ، ثم طلحة بن داود الحضرمى ، ثم عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ السابق ذكره.

ثم ولى مكة فى خلافة عمر بن عبد العزيز بن مروان : عبد العزيز بن عبد الله بن خالد ، السابق.

وقيل : وليها لعمر بن عبد العزيز : محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، وعروة بن عياض بن عدى بن الخيار النوفلى ، وعبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف ، وعثمان بن عبد الله بن سراقة العدوى.

ووليها : ابن سراقة لغير عمر ـ قبله ـ ولعل ولايتهم لعمر على مكة لما كان واليا عليها للوليد. والله أعلم.

ثم ولى مكة فى خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان ، ثلاثة نفر ، أولهم : عبد العزيز بن عبد الله ـ السابق ـ ثم عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهرى ، ثم عبد الواحد بن عبد الله النصرى ، بالنون.

ثم ولى مكة فى خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان جماعة ، أولهم : عبد الواحد المذكور ، ثم إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومى ـ خال هشام بن عبد الملك ـ ثم أخوه محمد بن هشام.

وولى مكة فى خلافة هشام : نافع بن علقمة الكنانى.

٣٢١

وممن ولى مكة فى خلافة عبد الملك ، أو فى خلافة أحد من أولاده المذكورين أو فى خلافة عمر بن عبد العزيز : أبو حراب محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث ابن أمية الأصغر القرشى ، وكان على مكة فى زمن عطاء بن أبى رباح.

ثم ولى مكة فى خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك : خاله يوسف بن محمد بن يوسف الثقفى ، ودامت ولايته إلى انقضاء خلافته.

ثم ولى مكة فى خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك : عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ـ فيما أظن ـ والله أعلم.

ثم وليها فى خلافة مروان بن محمد بن مروان ـ آخر الخلفاء الأمويين ـ عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز ـ المقدم ذكره ـ ثم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، ثم أبو حمزة المختار بن عوف الخارجى الأباضى بالتّغلّب بعد الحج من سنة تسع وعشرين ومائة ، وسار أبو حمزة إلى المدينة.

واستخلف على مكة أبرهة بن الصباح الحميرى ، وسار لحربه من الشام : عبد الملك ابن محمد بن عطية السعدى ، فالتقوا بالأبطح واقتتلوا إلى نصف النهار ، وقيل : أبرهة ، وأبو حمزة وخلق من جيشه.

وقيل : إن أبا حمزة قتل بوادى القرى ، قتله جيش بن عطية فى آخر هذا العام ، وهو عام ثلاثين ومائة ، راجعا من اليمن ليقيم الحج بعد قتله لطالب الحق الذى يدعو له أبو حمزة.

وكان قد استخلف على مكة ـ إذ سار إلى اليمن ـ رجلا من أهل الشام يقال له ابن ماعز.

وولى مكة لمروان : ـ السابق ذكره ـ الوليد بن عروة السعدى ـ ابن أخى عبد الملك ـ ودامت ولايته إلى انقضاء خلافة مروان.

ورأيت فى نسخة من كامل ابن الأثير : أن محمد بن عبد الملك بن مروان : كان على مكة والمدينة والطائف فى سنة ثلاثين ومائة ، وأنه حج بالناس فيها. ولم أر ما يدل إلا لحجه بالناس دون ولايته. والله أعلم.

ثم ولى فى خلافة أبى العباس السفاح ـ أول الخلفاء العباسيين ـ : عمه داود بن على ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ثم زياد بن عبد الله الحارثى خال السفاح ، ثم العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب.

٣٢٢

وممن وليها للسفاح على ما قيل : عمر بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الخطاب.

ثم وليها فى خلافة أبى جعفر المنصور : العباس بن عبد الله بن معبد السابق ذكره ـ ثم زياد بن عبد الله الحارثى ، ثم السرى بن عبد الله بن الحارث بن العباس بن عبد المطلب ، ثم محمد بن الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب بالتّغلّب لأن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، لما خرج بالمدينة على المنصور استعمله على مكة ، واستعمل على اليمن القاسم بن إسحاق ، فسار إلى مكة ، فلقيهما السرى بأذاخر ، فهزماه ، ودخل محمد مكة ، وأقام بها يسيرا ، ثم سار عنها إلى المدينة لنصر محمد بن عبد الله بن الحسن ، فأتاه بنواحى قديد نعى محمد بن عبد الله.

وفى كتاب الزبير بن بكار ما يقتضى : أن الذى ولاه محمد بن عبد الله بن الحسن مكة هو : الحسن بن معاوية ـ والد محمد بن الحسن السابق ذكره ـ والله أعلم.

ثم عاد السرى لولاية مكة.

ثم وليها بعده عبد الصمد بن على عم المنصور.

ثم وليها بعده محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس.

ثم وليها فى خلافة المهدى بن المنصور : إبراهيم بن يحيى بن محمد بن على بن عبد الله ابن عباس ، بوصية من المنصور ، ثم جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس ، ثم عبيد الله بن قثم بن العباس بن عبد الله بن عباس.

وممن وليها للمهدى : محمد بن إبراهيم الإمام السابق ذكره ـ وكذا فيما أظن : قثم ابن العباس ، والد عبيد الله بن قثم.

وولايته لمكة ، ذكرها ابن حزم ، إلا أنه لم يذكر تاريخها.

ثم ولى مكة فى خلافة الهادى بن المهتدى : عبيد الله بن قثم ـ السابق ، والحسين بن على بن الحسين بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم بالتغلب ؛ لأنه ثار بالمدينة ، واستولى عليها ، ثم سار إلى مكة واستولى عليها.

وقيل : فى حرب كان بينه وبين أصحاب الهادى بفخ ـ وهو وادى الزاهر ـ يوم التروية من سنة تسع وستين ومائة ، ولم يسهل بالهادى قتله. وكان كريما شجاعا. وقبره معروف فى قبة عالية. والمقتولون من أصحابه : أزيد من مائة نفر.

٣٢٣

وممن ولى أمر مكة فى خلافة الهادى ـ أو خلافة أخيه الرشيد ـ : محمد بن عبد الرحمن السفيانى.

ثم ولى مكة فى خلافة الرشيد ابن المهدى جماعة ، وهم : أحمد بن إسماعيل بن على ابن عبد الله بن عباس ، وحماد البربرى ، وسليمان بن جعفر بن سليمان بن على ، والعباس ابن موسى بن عيسى بن موسى ، والعباس بن محمد بن إبراهيم الإمام ، وعبد الله بن محمد ابن عمران بن إبراهيم التيمى ، وعبيد الله بن قثم بن العباس ـ السابق ، وعبيد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام ، وعلى بن موسى بن عيسى ـ أخو العباس السابق ، والفضل بن العباس بن محمد بن على ، ومحمد بن إبراهيم الإمام ، ومحمد بن عبيد بن سعيد بن المغيرة ابن عمر بن عثمان بن عفان ، وموسى بن عيسى بن موسى بن محمد ابن على.

ثم ولى مكة فى خلافة الأمين ابن الرشيد : داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على.

ثم ولى مكة فى خلافة المأمون بن الرشيد : داود بن عيسى ـ المذكور.

ثم وليها بالتغلب : الحسين بن الحسن بن على بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب المعروف : بالأفطس فى أيام الحج من سنة تسع وتسعين ومائة ، بعد قرار داود ـ المذكور ـ ودامت ولايته إلى أن بلغه قتل مرسله أبى السرايا داعية ابن طباطبا. وبدا من الحسن وأصحابه ما لا يحمد.

ثم ولى مكة بعده : محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى ، الملقب : بالديباجة ؛ لجمال وجهه.

وبويع فيه بالخلافة فى ربيع الأول سنة مائتين. ودامت ولايته إلى جمادى الآخر سنة مائتين.

واستولى عليها أصحاب المأمون بعد قتال جرى بينهم وبين العلويين ، انهزم العلويون لأجله. وفارق الديباجة مكة بأمان ، ثم عاد إليها بأمان ثانى ، وطلع المنبر واعتذر عما وقع منه ، واستغفر وخلع نفسه ، ولحق بالمأمون ، فعفى عنه.

وولى مكة ـ بعد هزيمة العلويين ـ عيسى بن يزيد الجلودى.

ووليها للجلودى ابنه محمد ، ويزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى.

ووليها بعد عزل الجلودى : هارون بن المسيب.

٣٢٤

ووليها فى خلافة المأمون : حمدون بن على بن عيسى بن ماهان ، وإبراهيم بن موسى ابن جعفر الحسينى ـ أخو على بن موسى الرضا ـ وعبيد الله بن الحسن بن عبيد الله ابن العباس بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، صالح بن العباس بن محمد بن على ابن عبد الله بن العباس ، وسليمان بن عبيد الله بن سليمان بن على بن عبد الله بن العباس ، وابنه محمد بن سليمان.

وممن وليها للمأمون : الحسن بن سهل ، إلا أنه لم يباشر ولايتها ، وإنما عقد له عليها الولاية.

ثم وليها فى خلافة المعتصم بن الرشيد : صالح بن العباس ـ السابق ، ثم محمد بن داود ابن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبيد الله بن عباس الملقب : ترنجة. ولعل ولايته دامت إلى أثناء خلافة المتوكل. والله أعلم.

وأشناس التركى ـ أحد قواد المعتصم ـ وولايته كانت عليها وعلى غيرها عقدا لا مباشرة.

ثم وليها فى خلافة المتوكل بن المعتصم : على بن عيسى بن جعفر بن أبى جعفر المنصور ، ثم عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى ـ المقدم ذكر أبيه ، ثم عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام ، ثم محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام ، المعروف : بالزينبى.

وولى مكة فى خلافة المتوكل : ابنه محمد المنتصر ، وما أظنه باشر ذلك ، وإنما عقد له بالولاية عليها مع غيرها ، وإيتاخ الخوزى ـ أحد قواد المتوكل ـ وولايته عليها وعلى غيرها عقد لا مباشرة.

ثم ولى مكة فى خلافة المنتصر بن المتوكل : محمد بن سليمان الزينبى ، السابق فيما أظن. والله أعلم.

ووليها فى خلافة المستعين : أحمد بن محمد بن المعتصم عبد الصمد بن موسى ـ السابق ، ثم جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى المعروف شاشان ، ثم إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب ، بالتغلب والإحراق ، وحصر أهل مكة حتى ماتوا جوعا وعطشا ، وذلك فى سنة إحدى وخمسين ومائتين.

وقيل : إن قصته كانت فى سنة اثنتين وخمسين ، وفيها أهلكه الله بالجدرى.

٣٢٥

وولى مكة فى خلافة المستعين : ابنه العباس ، ومحمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين ، ولم يباشرا الولاية على مكة وإنما عقد لهما عليها الولاية مع بلاد أخر.

ثم ولى مكة فى خلافة المعتز بن المتوكل عيسى محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المخزومى.

وممن ولى مكة فى خلافة المهتدى محمد بن الواثق ـ أو فى خلافة المعتمد أحمد بن المتوكل محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور الملقب : كعب البقر.

وممن ولى مكة فى خلافة المهتدى : على بن الحسن الهاشمى.

ثم ولى مكة فى خلافة المعتمد ابن المتوكل جماعة ، وهم أخوه : أبو أحمد الموفق بن المتوكل ، وإبراهيم بن محمد بن إسماعيل العباسى ، الملقب : بزيه ، وأبو المغيرة محمد بن عيسى بن محمد المخزومى ـ السابق ذكر أبيه ـ وأبو عيسى محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الوهاب المخزومى الفضل بن العباس بن الحسين بن إسماعيل العباسى ، وهارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن على ، وأحمد بن طولون صاحب مصر ، ومحمد بن أبى الساج ، وأخوه يوسف بن أبى الساج.

وباشر من هؤلاء ولاية مكة : إبراهيم ، وأبو المغيرة ، وأبو عيسى ، وهارون ، والفضل ويوسف ، والشك فى الموفق ، هل باشر ولاية مكة أم لا؟.

وأما ابن طولون ، ومحمد بن أبى الساج : فلم أر ما يدل على مباشرتهما.

ثم ولى مكة فى خلافة المعتضد : ابن أبى أحمد الموفق بن المتوكل.

وفى خلافة أولاده : المكتفى ، والمقتدر ، والقاهر.

وفى خلافة الراضى : ابن المقتدر.

وفى خلافة المتقى : ابن المقتدر.

وفى خلافة المستكفى : ابن المكتفى.

وفى خلافة المطيع بن المقتدر جماعة ، وما عرفت منهم إلا عج بن حاج ، ومؤنس بن المظفر ، وابن ملاحظ ، وابن مخلب ، أو ابن محارب ـ على الشك منى ـ ومحمد بن طغج الأخشيد صاحب مصر ، وابنيه أبا القاسم ، أو نجور ، ومعنى أو نجور : محمود ، وأبا الحسن عليا ، والقاضى أبا جعفر محمد بن عبد العزيز العباسى وولايته فى زمن ولاية الإخشيد بمكة.

٣٢٦

وما عرفت أن أحدا من هؤلاء باشر ولاية مكة غير عج بن حاج ، وابن ملاحظ ، وابن محارب ، أو ابن مخلب ـ على الشك فيما يعرف به.

ثم ولى مكة بالتغلب : جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى. هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة. وذكر أنه غلب على مكة أيام الإخشيدية. وأظن ذلك بعد موت كافور الإخشيدى وقبل استيلاء القائد جوهر خادم المعز العبيدى على مصر. والله أعلم.

وولى مكة بعد جعفر هذا : ابنه عيسى. ودامت ولايته على مكة إلى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة على ما ذكر بعض مشايخنا.

وذكر أن أبا الفتوح الحسن بن جعفر ولى مكة فى هذا التاريخ. والله أعلم.

وولاية أبى الفتوح بمكة مشهورة ، ودامت ولايته عليها فيما علمت إلى أن مات فى سنة ثلاثين وأربعمائة ، إلا أن صاحب مصر الحاكم العبيدى عزله.

وولى مكة عوضه ابن عم له يقال له ابو الطيب ؛ لأن أبا الفتوح خرج عن طاعة الحاكم ، وبويع فى الحرمين بالخلافة ، ويلقب بالراشد ، وسار فى ألف عبد إلى الرملة لأن آل الجراح حملوه على ذلك ، ثم تخلوا عنه لاستمالة الحاكم لهم عنه بأموال عظيمة ، وشفعوا له عند الحاكم وأعادوه إلى ولاية مكة.

وكان ذلك من أبى الفتوح فى سنة إحدى وأربعمائة.

وقيل : فى سنة اثنتين وأربعمائة.

ووليها بعده : شكر بن أبى الفتوح ، ودامت ولايته ـ فيما علمت ـ إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة ، وآل أمر مكة بعد شكر إلى عبد له ، على ما ذكر ابن حزم فى الجمهرة.

وفى المرآة : ما يقتضى أنه ولى مكة بعد شكر : بنو أبى الطيب الحسنيون ، ثم على بن محمد الصليحى صاحب اليمن ، ثم محمد بن جعفر بن أبى هاشم عن الصليحى ، ومحمد ابن جعفر هذا أحد أمراء مكة المعروفين بالهواشم ، وهو أبو هاشم محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى.

وكان تأمير الصليحى له فى سنة ست وخمسين وأربعمائة.

٣٢٧

ودامت ولاية ابن أبى هاشم ثلاثين سنة ، إلا أن بنى سليمان الحسينيين قصدوه مع حمزة بن وهاس ففر إلى ينبع ؛ لأنه لم يكن له بهم طاقة. وذلك بعد سير الصليحى من مكة.

وكان سيره بعد يوم عاشوراء ، أو فى ربيع الأول من سنة ست وخمسين وأربعمائة.

وكان ملك الصليحى بمكة فى سادس ذى الحجة سنة خمس وخمسين ، وهرب ابن أبى هاشم فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة إلى بغداد لما وصل إلى مكة التركمان ، وهو أول من أعاد الخطبة العباسية بمكة بعد قطعها من الحرمين نحو مائة سنة.

وولى مكة بعده : ابنه قاسم ، ثم أصبهيذ بن سارمتكين.

ثم عاد قاسم المذكور لولايتها فى شوال سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، بعد أن هزم أصبهيذ.

واستمر قاسم حتى مات فيما علمت ، وكان موته فى سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

وولى بعده : ابنه فليتة ، ويقال : أبو فليتة ، واستمر فيما علمت حتى مات سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

وولى بعده : هاشم ابنه ، واستمر فيما علمت إلى سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وقيل:إلى سنة إحدى وخمسين.

وولى بعده : قاسم ابنه إلى وقت الموسم من سنة ست وخمسين.

ثم ولى عوضه : عمه عيسى بن فليتة.

ثم ولى قاسم مكة فى شهر رمضان سنة سبع وخمسين ، ثم قتل بعد أيام يسيرة وعاد عمه عيسى إلى ولايتها.

واستمر فيما علمت حتى مات سنة سبعين وخمسمائة ، إلا أن أخاه مالك بن قتيبة استولى على مكة نحو نصف يوم.

وخرج من مكة مالك بعد قتال جرى بين عسكره وعسكر أخيه ، وذلك يوم عاشوراء من سنة ست وستين وخمسمائة.

ووليها بعد عيسى : ابنه داود ، ثم أخوه مكثر بن عيسى فى نصف رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

٣٢٨

ثم وليها فى هذه السنة : الأمير قاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة ثلاثة أيام بعد الحج من هذه السنة. ثم رأى فى نفسه العجز عن القيام بذلك ، فرأى أمير الحاج طاشتكين داود بن عيسى. وكان الأخوان بعد ذلك يتداولان إمرة مكة يليها كل منهما زمنا ، ثم انفرد بها مكثر نحو عشر سنين متوالية. وبه انقضت ولاية الهواشم.

ووليها ـ فى ولاية أحدهما ـ سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، صاحب مصر والشام فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وولى مكة بعد مكثر : أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى ابن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى الينبعى فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، وقيل : فى سنة ثمان وتسعين ، وقيل : سنة تسع وتسعين.

واستمر حتى مات فى سنة سبع عشرة وستمائة ، وقيل : سنة ثمان عشرة.

وامتدت ولايته إلى ينبع وإلى حلى ، وحارب صاحب المدينة ، وغلب كل منهما الآخر حينا.

وولى مكة فى ولاية قتادة أقباش الناصرى العباسى ، ولم يباشر ولايتها ، وإنما عقد له مولاه الولاية على الحرمين ، وإمرة الحجاج.

وولى مكة بعد قتادة : ابنه حسين بن قتادة ، ودامت ولايته إلى سنة تسع عشرة وستمائة ، وقيل : إلى سنة عشرين.

ووليها بعده : الملك المسعودى ، واسمه يوسف ، ويلقب : أقسيس بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب صاحب اليمن ، بعد أن حارب حسن بن قتادة بالمسعى ، وانهزم حسن.

ونهب عسكر الملك المسعودى مكة إلى العصر ، ودامت ولايته عليها حتى مات فى سنة ست وعشرين وستمائة. ووليها نيابة عنه : نور الدين عمر بن على بن رسول الذى صار سلطانا باليمن بعده ، والأمير حسام الدين ياقوت بن عبد الله المسعودى.

ووليها بعد المسعودى : والده الكامل صاحب مصر ، ودامت ولايته إلى شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وستمائة.

ثم وليها الملك المنصور نور الدين ـ المذكور ـ بعد أن بويع بالسلطنة ببلاد اليمن ؛ لأنه أنفذ جيشا إليها فيهم راجح بن قتادة ، فهرب منها طغتكين متوليها من قبل الكامل.

٣٢٩

ثم استولى عليها مع جيش أمده به الكامل فى شهر رمضان سنة تسع وعشرين ، وسمى ابن محفوظ المكى أمير مكة الكامل فى هذا التاريخ شجاع الدين الدغدكى وهو تصحيف ، إنما هو طغتكين. والله أعلم.

وقيل : إن فخر الدين بن الشيخ على ، كان على مكة لما وصلها جيش المنصور فى سنة تسع وعشرين.

ثم وليها جيش المنصور مع راجح بغير قتال فى صفر سنة ثلاثين.

ثم وليها فى آخرها عسكر الكامل ، وأقام بها أمير من جهة الكامل يقال له ابن مجلى.

ثم وليها : عسكر المنصور مع راجح فى سنة إحدى وثلاثين.

ثم وليها فى سنة اثنتين وثلاثين : عسكر الكامل ، وكان ألف فارس.

وقيل : سبعمائة. وقيل : خمسمائة ، وخمسة من الأمراء يقدمهم الأمير جفريل ودامت ولاية الكامل عليها إلى أن استولى عليها المنصور فى سنة خمس وثلاثين وستمائة ، وكان قد سار إليها بنفسه فى ألف فارس فيما قيل.

ودامت ولايته عليها إلى سنة سبع وثلاثين ، وترك بها مائة وخمسين فارسا ، قدم عليهم ابن الوليد وابن التغرى.

ثم وليها : الملك الصالح أيوب بن الكامل صاحب مصر ؛ لأنه أنفذ إليها مع الشريف شيحة صاحب المدينة جيشا فيه ألف فارس ، فاستولى على مكة بغير قتال فى سنة سبع وثلاثين.

ثم وليها : عسكر المنصور بعد مفارقة شيحة ، ومن معه بمكة وفيهم النصرى ، وراجح ابن قتادة. وذلك فى سنة سبع وثلاثين ، أو ثمان وثلاثين وستمائة.

ثم وليها : عسكر الصالح فى سنة ثمان وثلاثين ، وممن وليها له الأمير فخر الدين أحمد ابن التركمانى.

ثم وليها المنصور فى سنة تسع وثلاثين وستمائة ، وسافر إليها بنفسه ، ودامت ولايته عليها حتى مات ، وأمر عليها فى هذه السنة مملوكه الأمير فخر الدين الشلاح ، وابن فيروز ، وجعل الشريف أبا سعد بن على بن قتادة بالوادى مساعدا لعسكره.

واستمر الشلاح على ولاية مكة إلى سنة ست وأربعين وستمائة ، على ما ذكر بعض مؤرخى اليمن فى عصرنا.

٣٣٠

ووجدت بخط الميورقى : أن ابن المسيب قدم مكة لعزل الشلاح فى منتصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين ، والله أعلم بالصواب.

وولى مكة بعد ابن المسيب أبو سعد بن على ـ السابق ـ بعد قبضه على ابن المسيب فى ذى القعدة.

وقيل : فى شوال سنة سبع وأربعين وستمائة ، واستمر إلى أن قتل سنة إحدى وخمسين فى شعبان. وقيل : فى رمضان منها.

ثم وليها بعده ـ أحد قتلته ـ : جماز بن حسن بن قتادة ، واستمر إلى آخر يوم من الحج سنة إحدى وخمسين.

ثم وليها بعده راجح بن قتادة ، واستمر إلى ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين.

ثم وليها بعده : ابنه غانم بن راجح ، واستمر إلى شوال منها.

ثم وليها بعده : إدريس بن قتادة ، وأبو نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بعد قتال مات فيه ثلاثة نفر.

ثم وليها : المبارز على بن الحسين بن برطاس ، وكان المظفر صاحب اليمن قد أنفذه إلى مكة فى مائتى فارس ، فقاتل إدريس وأبا نمى ، وظهر عليهما فى الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة اثنتين وخمسين.

ثم وليها : إدريس وأبو نمى فى المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة بعد قتالهم لابن برطاس ، وكان أسر ففدا نفسه وفارق مكة بمن معه.

وفى سنة أربع وخمسين وستمائة : انفرد أبو نمى بالإمرة بها ، ثم عاد إدريس لمشاركته فى ولايتها.

ثم وليها : أولاد حسن بن قتادة بست أيام من سنة ست وخمسين ، ثم أخرجهم منها أبو نمى. ودامت ولاية إدريس ، وأبو نمى إلى سنة سبع وستين.

ثم انفرد بها أبو نمى قليلا ثم عاد إدريس إلى ولايتها واستمر إلى ربيع الأول سنة تسع وستين.

ثم انفرد إدريس بولايتها أربعين يوما.

ثم قتل فى هذه السنة بخليص فى حرب كان بينه وبين أبى نمى ، وانفرد أبو نمى بولايتها إلى سنة سبعين.

٣٣١

ثم وليها فى صفر : جماز بن شيحة صاحب المدينة ، وغانم بن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب ينبع ، ثم عاد أبو نمى إلى ولايتها بعد أربعين يوما ، واستمر إلى سنة سبع وثمانين وستمائة.

ثم عاد جماز بن شيحة إلى ولاية مكة ، وأقام بها إلى آخر السنة. وذلك مدة يسيرة.

ثم وليها أبو نمى ، واستمر إلى أوائل صفر سنة إحدى وسبعمائة ، وفى رابعه مات.

وكان وليها فى حال ولاية أبى نمى وإدريس أمير يقال له : شمس الدين مروان نائب الأمير عز الدين أمير خازندار بأمر من الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر فى سنة سبع وستين وستمائة ، بسؤال من إدريس وأبى نمى للظاهر فى ذلك ، ثم أخرج مروان من مكة فى سنة ثمان وستين.

ووليها ـ قبل موت أبى نمى بيومين ـ : ابناه حميضة ، ورميثة ، واستمر إلى أن قبض عليهما فى موسم سنة إحدى وسبعمائة.

ووليها بعدهما : أخواهما أبو الغيث ، وعطيفة ـ ابنا أبى نمى.

وقيل : وليها بعدهما أبو الغيث ، ومحمد بن إدريس بن قتادة.

ثم وليها : حميضة ، ورميثة فى سنة ثلاث وسبعمائة.

وقيل : فى سنة أربع وسبعمائة ، بولاية من الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، واستمر إلى موسم سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.

ثم وليها : أخوهما أبو الغيث ، بولاية من الناصر المذكور ، وجهز معه جيشا كثيفا ، واستمر شهرين وجمعة.

ثم وليها : حميضة بعد قتال كان بينه وبين أبى الغيث ، ثم ظفر به فى حرب آخر فقتله ، واستمر حميضة إلى أن هرب إلى الحلف والخليف فى شعبان سنة خمس عشرة.

ووليها بعده : أخوه رميثة بولاية من الناصر المذكور ، واستمر إلى أن قبض عليه بعد انقضاء الحج من سنة ثمان عشرة وسبعمائة ، إلا أن حميضة استولى على مكة فى أوائل هذه السنة ، أو بعد الحج من التى قبلها بموافقة رميثة على ما قيل.

ووليها : عطيفة بن أبى نمى فى أوائل سنة تسع عشرة وسبعمائة ، بولاية من الناصر المذكور ، وجهز معه عسكرا ، واستمر فى الولاية إلى أوائل سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، إلا أن رميثة شاركه فى ولاية مكة فى بعض سنى عشر الثلاثين.

٣٣٢

ثم وليها : رميثة بمفرده فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى ، من سنة إحدى وثلاثين ، واستمر إلى سنة أربع وثلاثين.

ثم وليها : عطيفة شريكا لرميثة.

ثم انفرد رميثة بإمرتها ليلة رحيل الحاج من السنة المذكورة.

ثم وليها : عطيفة شريكا لرميثة فى الموسم من سنة خمس وثلاثين ، واستمر إلى أثناء سنة ست وثلاثين.

ثم سافر فأقام عطيفة بمكة ، ورميثة بالحديد بوادى مر ، فقصد رميثة مكة ودخلها ، وخرج منها غير ظافر ، وذلك فى رمضان من السنة المذكورة. وفى سنة سبع وثلاثين اصطلحا وتشاركا فى الإمرة.

ثم انفرد فيها : رميثة ، واستمر متولّيا إلى أن ترك ولايتها فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة لولديه عجلان ، وثقبة ، وأبى ذلك ولاة الأمر بمصر ، وكتبوا له بالولاية ، فاستمر رميثة إلى سنة ست وأربعين وسبعمائة.

ثم وليها فيها : ابنه عجلان فى حياة أبيه. وفيها مات أبوه ، واستمر عجلان إلى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.

ثم وليها معه أخوه ثقبة ، ثم صارا يتداولان ولايتها كل منهما وقتا.

ثم ولياها معا باتفاقهما على ذلك فى أيام الموسم من سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.

ثم وليها بعدهما : أخوهما سند بن رميثة ، وابن عمهما محمد بن عطيفة فى أثناء سنة ستين وسبعمائة ، بولاية من الناصر حسن بن محمد بن قلاوون صاحب مصر ، وجهز من مصر عسكرا لتأييدهما. واستمر على ولايتهما حتى انقضى الحج من سنة إحدى وستين وسبعمائة.

ثم وليها ـ عوض ابن عطيفة شريكا لسند ـ : أخوه ثقبة بن رميثة ؛ لأن الترك الذين قدموا فى موسم هذه السنة إلى مكة للإقامة بها عوض الأولين خرجوا من مكة على وجه مؤ لم بسبب ما نالهم من بنى حسن من القتل والنهب.

وكان ابن عطيفة تخطى عن نصرة الترك فلم يستطع المقام بمكة بعد خروجهم منها ، فخرج منها خائفا يترقب.

ووجدت بخط بعض الناس من أصحابنا ما يقتضى : أنه أقام بمكة بعد الترك. ولعله أقام قليلا ثم رحل.

٣٣٣

ثم ولى عجلان إمرة مكة عوض سند ، شريكا لثقبة.

وكان بمصر حين ولايته لذلك ، فما وصل إلى وادى مر إلا وثقبة عليل مدنف ، فلما مات ثقبة فى شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة ولى عجلان عوضه : ابنه أحمد بن عجلان ، وجعل له ربع الحاصل ، ثم زاده بعد ذلك ربعا آخر ، ثم ترك عجلان الإمرة لابنه : أحمد ، على أمور اشترطها ، منها : دوام الدعاء مدة له حياته ، فوفى له بذلك ابنه.

واستمر منفردا بالإمرة حتى أشرك معه فيها ابنه محمد بن أحمد بن عجلان فى سنة ثمانين وسبعمائة بولاية من صاحب مصر ، ولم يظهر لذلك أثر لصغر ابنه واستبداده هو بالأمور ، واستمرا شريكين فى الإمرة ، حتى مات الأب فى العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.

ثم انفرد شريكين فى الإمرة ، حتى مات الأب فى العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.

ثم انفرد بها الولد مائة يوم ، ثم قتل فى مستهل الحجة من السنة المذكورة لما حضر لخدمة المحمل المصرى.

فوليها عوضه : عنان بن معامس بن رميثة ، واستولى على مكة بعد قتال وقع بينه وبين بعض جماعة الأمير المقتول ، واستولى على جدة أيضا ، ثم انتزعت منه فى أوائل سنة تسع وثمانين ، وأشرك معه فى الإمرة : ابنى عميه أحمد بن ثقبة ، وعقيل بن مبارك بن رميثة ، ثم على بن مبارك ليستظهر بهم على أعدائه. فما وجد بذلك راحة.

ونمى الخبر إلى السلطان الملك الظاهر برقوق بمصر فعزله ، وولى على بن عجلان بن رميثة.

وتحارب عنان وجماعته مع آل عجلان ، ومن معهم بأذاخر فى سلخ شعبان سنة تسع وثمانين ، فكان الظفر لعنان وأصحابه.

ثم استولى على مكة : على بن عجلان فى موسم هذه السنة بعد مفارقة عنان وأصحابه لمكة ، ونزلوا بعد الموسم فى الوادى ، وكان له أمر بجدة. ثم فارقهم عنان ، وتوجه إلى مصر ، فأقام بها مدة مطلقا ومعتقلا.

ثم ولى بعد إطلاقه : نصف إمرتها شريكا لعلى بن عجلان ، ووصل مكة فى نصف شعبان من سنة اثنتين وتسعين. ودخل مكة بموافقة مع على بن عجلان وجماعته. واستمرا على الولاية إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة.

٣٣٤

ثم استبد بها على وأصحابه بعد أن همّ بعضهم بالفتك بعنان بالمسعى فنجى ، ثم دخلها بعد أن أخليت له من جماعتهم لما عزم إلى التوجه إلى مصر مطلوبا ، وتوجه بعده : على بن عجلان واجتمعا بمصر عند الملك الظاهر ، فعزل عنان.

وأقام بمصر حتى مات فى ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة بالفالج.

وولى مكة : على بمفرده ، ووصل إلى مكة فى موسم سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، وقبض فى آخر يوم منها على جماعة من وجوه الأشراف والقواد ، ثم خودع فيهم فأطلقهم ، ثم شوشوا عليه كثيرا ، فقصد التجار ينبع لقلة الأمن بمكة وجدة.

وآخر أمره أنه قتل ففاز بالشهادة فى تاسع شوال سنة سبع وسبعمائة.

ثم وليها عوضه : أخوه السيد حسن بن عجلان. وكان حين ولايته بمصر ، فدخل مكة فى رابع عشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. فوجد المجاورين والحاج بولايته راحة ونفعا ؛ لأنه لمصالحهم يرعى.

واستمر منفردا بالإمرة إلى أن أشرك معه فيها : ابنه السيد بركات فى سنة تسع وثمانمائة بولاية من الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق صاحب مصر.

ثم سعى لابنه السيد أحمد فى نصف الإمرة الذى كان بيده ، فأجيب لسؤاله وولى هو نيابة السلطنة ببلاد الحجاز. وذلك فى ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة.

وولى هو فى إمرة المدينة النبوية : عجلان بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الحسنى.

وكان يقدم فى الخطبة بالمدينة على أميرها عجلان ، ثم قطعت خطبته منها لما زال عجلان عن ولايتها فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة.

وفى شوال من هذه السنة عزل السيد حسن وابناه عن ولايتهم ، وأسرّ السلطان بمصر ذلك. ثم رضى عليهم وأعادهم إلى ولايتهم فى ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة. وبعث إليهم بالعهد والميثاق والتشاريف مع خادمه الخاص فيروز الساقى ، فلبسوا ذلك وقرأ العهد بولايتهم فى أول ذى الحجة من السنة المذكورة. وأحمد الله بذلك فتنة عظيمة كادت أن تقع بين المذكورين ، وبين أمير الحاج المصرى بيسق.

واستمروا على ولايتهم إلى أوائل سنة ثمان عشرة وثمانمائة ، ثم عزلوا عن ذلك.

ووليه : السيد رميثة بن محمد بن عجلان بن رميثة فى هذا التاريخ. ودخل مكة فى

٣٣٥

مستهل ذى الحجة سنة ثمان عشرة. وفيه قرئ توقيعه ودعى له على المنبر فى الخطبة فى سابع ذى الحجة. ثم عزل عن ذلك فى ثامن عشر رمضان سنة تسع عشرة وثمانمائة.

وولى عمه السيد حسن : إمرة مكة ـ عوضة ـ ودخلها لابسا لخلعة الولاية بها بكرة يوم الأربعاء سادس عشرين شوال ، بعد حرب كان بين عسكر حسن ، وابن أخيه فى اليوم الذى قبله ، استظهر فيه عسكر السيد حسن على من قاتلهم وفارقوا مكة.

واستمر الشريف حسن فى إمرة مكة حتى عزل منها بالشريف على بن عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى. وجهز معه مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباى ـ نصره الله ـ عسكرا قويا من القاهرة ، فاستولوا على مكة بغير قتال فى سادس جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، ثم على جدة.

وتوجه قبل ذلك الشريف حسن لصوب اليمن ، ثم أتى إلى مكة بأمان من مولانا السلطان ، ودخلها مكرما لابسا لخلعة الولاية فى أول ذى الحجة سنة ثمان وعشرين. وتوجه إلى القاهرة فأكرمه كثيرا مولانا السلطان وقرره فى إمرة مكة. وكان ذلك فى العشرين من جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة وهو عليل.

واستمر كذلك حتى توفى فى السادس عشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة بالقاهرة بعد أن تجهز للسفر إلى مكة. واستدعى مولانا السلطان ـ نصره الله ـ السيد بركات بن حسن بن عجلان ، فوصل إلى الحضرة الشريفة فى الثالث والعشرين من رمضان ، وفوضت إليه إمرة مكة فى السادس والعشرين من رمضان من السنة المذكورة.

واستقر أخوه السيد إبراهيم نائبا عنه ، وخلع عليهما تشريفتين ، وتوجها إلى مكة المشرفة فى عاشر شوال من السنة المذكورة ، فوصلا إليها فى أوائل العشر الوسط من ذى القعدة منها ، وقرئ عهد الشريف بركات بالولاية ولبس الخلعة بذلك.

وقد ذكرنا من حال ولاة مكة أكثر من هذا فى أصله ، وبسطنا ذلك أكثر فى العقد الثمين ، ومختصره عجالة القرى. فمن أراد ذلك فليراجعهما ، يرى فيهما من هذا المعنى وفى غيره أخبارا مستعذبة وفوائد مستغربة. ونحمد الله على ما منّ به من ذلك من الإرشاد. ونسأله فى ذلك السداد.

* * *

٣٣٦

الباب الثامن والثلاثون

فى ذكر شىء من الحوادث المتعلقة بمكة فى الإسلام (١)

لا ريب فى كثرة الأخبار فى هذا المعنى ، وأكثر ذلك خفى علينا لعدم العناية بتدوينه فى كل وقت ، وقد سبق مما علمناه أمور كثيرة فى مواضع من هذا الكتاب ، ويأتى إن شاء الله تعالى شىء من ذلك بعد هذا الباب.

والمقصود ذكره فى هذا الباب : أخبار تتعلق بالحجاج ، لها تعلق بمكة أو باديتها. وحج جماعة من الخلفاء والملوك فى حال ولايتهم ، ومن خطب له بمكة من الملوك وغيرهم فى خلافة بنى العباس ، وما جرى بسبب الخطبة بمكة بين ملوك مصر والعراق. وما أسقط من المكوسات المتعلقة بمكة.

فمن الأخبار المقصود ذكرها هنا : أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه ، حج بالناس سنة اثنتى عشرة من الهجرة.

ومنها : أن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأولى منها.

ومنها : أن ذا النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه حج بالناس فى جميع خلافته إلا فى السنة الأولى والأخيرة.

ومنها : أن فى سنة أربعين من الهجرة : وقف الناس بعرفة فى اليوم الثامن من ذى الحجة ، وضحوا فى اليوم التاسع. وليس كل إنسان اتفق له ذلك ، والذين اتفق لهم ذلك طائفة كانوا مع المغيرة بن شعبة رضى الله عنه.

ومنها : أن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما : حج بالناس سنتين.

ومنها : أن عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأخيرة منها ، وهى سنة اثنتين وسبعين لحصر الحجاج بن يوسف الثقفى له فيها ، وحج بالناس سنة ثلاث وستين ، فيكون حجه بالناس تسعا ، بتقديم التاء.

ومنها : أن عبد الملك بن مروان حج بالناس سنتين.

__________________

(١) انظر : (شفاء الغرام ٢ / ٢١٣ ـ ٢٥٩).

٣٣٧

ومنها : أن الوليد بن عبد الملك حج بالناس سنتين على ما قيل.

ومنها : أن سليمان بن عبد الملك ، حج بالناس مرة. وكذلك أخوه هشام بن عبد الملك.

ومنها : أن فى سنة تسع وعشرين ومائة : وافى بعرفة أبو حمزة الخارجى على غفلة من الناس فخافوا منه ، فسأله عامل مكة فى المسألة ، فوقع الاتفاق على : أنهم جميعا آمنون حتى ينقضى الحج ، ثم استولى ـ بغير قتال ـ أبو حمزة على مكة بعد الحج لفرار عاملها عنها.

ومنها : أن أبا جعفر المنصور ثانى الخلفاء العباسيين حج بالناس أربع سنين ، ورام الحج فى سنة ثمان وخمسين فما ناله لموته ببئر ميمون ظاهر مكة.

ومنها : أن المهدى بن المنصور العباسى حج بالناس سنة ستين ومائة.

وقيل : إنه حج بالناس سنة أربع وستين أيضا.

وفى حجته الأولى : أنفق فى الحرمين أموالا عظيمة ، يقال : إنها ثلاثون ألف ألف درهم وصل بها من العراق ، وثلاثمائة ألف دينار وصلت إليه من مصر ، ومائتا ألف دينار وصلت إليه من اليمن ، ومائة ألف ثوب وخمسون ألف ثوب.

ومنها : أن الرشيد هارون بن المهدى العباسى حج بالناس تسع حجج ـ بتقديم التاء ـ ولم يحج بعده خليفة من العراق ، إلا أن الذهبى ذكر فى العبر فى أخبار سنة اثنتى عشرة ومائتين : أن المأمون بن هارون الرشيد حج فى هذه السنة ولم أر ذلك لغيره. والله أعلم. وفرق الرشيد فى حجاته أموالا كثيرة جدّا فى الحرمين.

ومنها : أن فى سنة تسع وتسعين ومائة ، وقف الناس بعرفة بلا إمام وصلوا بلا خطبة لفرار أمير مكة عنها ، متخوفا من حسين الأفطس العلوى ، وكان وصوله إلى مكة فى آخر يوم عرفة ، وبها وقف ليلا.

ومنها : أن فى سنة مائتين من الهجرة نهب الحاج بستان ابن عامر ، وأخذت كسوة الكعبة ، ثم استنقذها الجلودى مع كثير من الأموال المنهوبة ، وبستان ابن عامر هو : بطن نخلة ، على ما ذكر أبو الفتح بن سيد الناس عند ذكر سرية عبد الله بن جحش رضى الله عنه إلى نخلة.

ومنها : أن فى سنة إحدى وخمسين ومائتين : لم يقف الناس بعرفة لا ليلا ولا نهارا ، إلا أن إسماعيل بن يوسف العلوى وافى الموقف بعرفة فى يومها.

٣٣٨

وقتل : من الحجاج نحو ألف ومائة وسلب الناس وهرب الناس إلى مكة.

ومنها : أن فى سنة خمس وتسعين ومائتين : وقع بمنى قتال بين الأجناد ، وبين عج بن حاج أمير مكة لطلبهم جائزة بيعة المقتدر ، فقتل منهم جماعة ، وفر الناس إلى بستان ابن عامر.

ومنها : أن فى سنة سبع عشرة وثلاثمائة : وافى مكة أبو طاهر القرمطى ، فأسرف فى قتل الحاج وأسرهم مع هتكه لحرمة الكعبة.

وذلك أنه قتل فى المسجد الحرام نحو ألف وسبعمائة من الرجال والنساء ، وهم متعلقون بالكعبة وردم بهم زمزم ، وفرش بهم المسجد ، وما يليه.

وقتل فى سكك مكة وشعابها من أهل خراسان ، والمغاربة وغيرهم زهاء ثلاثين ألفا ، وسبى من النساء والصبيان مثل ذلك ، وقد بطل الحج من العراق بسبب القرمطى ثلاث سنين متوالية من هذه السنة ، وبطل بعدها سنين كثيرة فى عشر الثلاثين ، وفى عشر الأربعين. وأوضحنا هذه السنين فى أصل هذا الكتاب ، وليس كل البطالة فيها لأجل القرمطى.

ومنها : أن فى سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ، أو فى التى قبلها جرى قتال بين أصحاب ابن طغج والعراقيين بسبب الخطبة بمكة ، وجرى مثل ذلك فى سنة اثنتين وأربعين ، وفى سنة ثلاث وأربعين.

ومنها : ـ أعنى سنة ثلاث ـ خطب بمكة والحجاز لمعز الدولة ، ولولده عز الدين بختيار وبعدهم لابن طغج.

وذكر بعضهم أن فى هذه السنة : منع أصحاب معز الدولة أصحاب الإخشيد من الصلاة بمنى والخطبة ، وأن أصحاب الإخشيد منعوا أصحاب معز الدولة الدخول إلى مكة والطواف. انتهى بالمعنى.

ومنها : أن كافور الإخشيدى صاحب مصر ، كان يدعى له على المنابر بمكة والحجاز أجمع.

ومنها : أن فى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة : خطب بالحرمين واليمن لصاحب مصر المعز العبيدى ، وقطعت خطبة بنى العباس. وفيها فرق قائد من جهته أموالا عظيمة فى الحرمين.

ومنها : أن فى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة خطب بمكة للقرامطة الهجرتين مع المطيع

٣٣٩

العباسى. وقطعت خطبة المعز من مكة ، وخطب له بالمدينة ، وخطب للمطيع بظاهرها ، ثم خطب للمعز بالحرمين فى الموسم سنة ثلاث وستين.

ومنها : أن فى سنة خمس وستين خطب بالحرمين لصاحب مصر العزيز بن المعز العبيدى ، وضيق جيشه بالحصار فيها على أهل مكة ، ودامت الخطبة له ولولده ولولد ولده ولولد ولد ولده ، نحو مائة سنة ، كما سيأتى مبينا إن شاء الله تعالى.

ومنها : أن فى سنة ست وستين وثلاثمائة : حجت جميلة بنت ناصر الدولة بن حمدان ، حجا يضرب به المثل فى التجمل وأفعلا البر ؛ لأنه كان معها على ما قيل : أربعمائة كجاوة ، فلم يدر فى أيها هى لتساويها فى الحسن والزينة ، ونثرت على الكعبة لما رأتها ـ وقيل : لما دخلتها ـ عشرة ألف دينار ، وأغنت المجاورين بالحرمين.

ومنها : أن فى سنة أربع عشرة وأربعمائة ، حصل فى الحجاج قتل ونهب بمكة وبظاهرها ، وسبب ذلك : أن بعض الملحدة تجرأ على الحجر الأسود فضربه ثلاث ضربات بدبوس ، فقتل وقطع وأحرق ، وقتل ممن اتهم بمعاونته جماعة ، وكثر النهب فى المغاربة والمصريين وغيرهم. وهذه الحادثة أبسط من هذا فى أصله وذكرها الذهبى فى سنة ثلاث عشرة ، ونقل ذلك عن غيره ، والله أعلم.

ومنها : أن فى سنة خمس وخمسين وأربعمائة : حج على بن محمد الصليحى ، صاحب اليمن ، وملك فيها مكة ، وفعل فيها أفعالا حميدة ، من العدل والإحسان ومنع المفسدين ، فأمن الناس أمنا لم يعهدوه ، ورخصت الأسعار لأمره بجلب الأقوات ، وكثر البناء عليه.

ومنها : أن فى سنة اثنتين وستين وأربعمائة : أعيدت الخطبة العباسية بمكة وخطب بها للقائم عبد الله العباسى ، ثم للسلطان البارسلان السلجوقى.

وذكر ابن كثير ما يقتضى : أن الخطبة العباسية : أعيدت بمكة فى سنة سبع وخمسين.

وذكر بعض مشايخنا : ما يقتضى أن ذلك وقع فى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.

ومنها : أن فى سنة سبع وستين أعيدت الخطبة بمكة لصاحب مصر المستنصر العبيدى ، ثم خطب للمقتدر العباسى بمكة فى ذى الحجة سنة ثمان وستين.

ثم أعيدت الخطبة لصاحب مصر فى سنة سبعين. ثم أعيدت الخطبة للمقتدر فى سنة اثنتين وسبعين.

ومنها : أنه خطب بمكة للسلطان محمود بن السلطان ملكشاه السلجوقى فى سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

٣٤٠