الجامع اللطيف

ابن ظهيرة

الجامع اللطيف

المؤلف:

ابن ظهيرة


المحقق: الدكتور علي عمر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-085-4
الصفحات: ٣٤٦

فائدتان :

الأولى : نقل عن البكرى أنه قال : فى جبل ثور من كل نبات الحجاز وشجره ، وفيه شجر البان ، وفيه شجرة من حمل منها شيئا لم تلدغه هامة.

الثانية : نقل أيضا فى بعض الروايات عن ابن عباس رضى الله عنهما أن قتل قابيل أخاه هابيل كان فى ثور أخرجهما الفاسى (١) رحمه‌الله.

وفى «صحيح مسلم» أن ثورا اسم جبل آخر صغير فى المدينة قريبا من جبل أحد عن يساره ، وأنكر ذلك بعض العلماء ، والله أعلم.

ومنها : جبل ثبير بمنى ، وهو جبل عظيم الفضل شامخ ، روى الأزرقى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لما تجلى الله عزوجل للجبل تشظى ، فطارت شظاياه لستة جبال ، ثلاثة منها وقعت بمكة وهى حراء وثور وثبير ، وثلاثة وقعت بالمدينة وهى أحد وورقان ورضوى (٢).

أقول : وكون ثبير بمكة تسامح ، لكن ما قارب بالشىء أعطى حكمه. وقد جعله القزوينى من جبال مكة أيضا ثم عرفه بأنه الذى أهبط عليه الكبش الذى فدى به إسماعيل ، ثم قال : والعرب تقول : أشرق ثبير كيما نغير (٣).

وليس كذلك إلا ثبير الذى بمنى. وكذلك الجوهرى جعله بمكة وما ذاك إلا لقرب منى منها ، انتهى.

ويسمى ثبير الأثبرة ، والقابل أيضا ـ بالقاف والباء الموحدة ـ. ونقل صاحب «القاموس» عن النقاش أن الدعاء يستجاب فيه ثم قال ثبير الأثبرة لأن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يتعبد فيه قبل النبوة وأيام ظهور الدعوة ولهذا جاورت به أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أيام إقامتها بمكة (٤). انتهى.

__________________

(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٠.

(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٨٠ ـ ٢٨١.

(٣) عجائب المخلوقات ص ١٢٧.

(٤) هذا القول ليس فى القاموس ، وإنما ورد فى كتاب آخر لصاحب القاموس ، وهو : «الوصل والمنى فى فضل منى» كما نص عليه الفاسى فى شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥١.

٣٠١

ومنها : ثبير اسم لثمانية أماكن ، سبعة منها جبال بمكة وحرمها وهى ثبير بالأثبرة المذكور ، وثبير الزّنج ، وثبير الأعرج ، وثبير الأحدب ، ويقال الأحيدب ـ بالتصغير ـ وثبير الخضراء ، وثبير النّصع ، وثبير غينا ، والثامن اسم لماء فى بلاد مزينة أقطعه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم شريس ـ بمعجمة فى أوله ومهملة فى آخره ـ ابن ضمرة ـ بضاد معجمة ـ المزنى رضى الله عنه وسماه شريح بحاء مهملة.

ولنشر إلى مواضعها تكثيرا للفائدة. فأما ثبير الأثبرة فقد تقدم ، وعرف بذلك لأنه أعلاها وأطولها ، وقيل إنما سمى ثبير باسم رجل من هذيل دفن فيه ، والله أعلم بذلك. وهو على يسار الذاهب إلى عرفة الذى ذكره الفقهاء فى المناسك بأن المستحب للحاج إذا طلعت الشمس عليه أن يسير إلى عرفة.

وأما ثبير غينا ـ بالغين المعجمة المفتوحة بعدها مثناة تحتية ثم نون ثم ألف ـ وثبير الأعرج فهما بمنى أيضا ، يصب بينهما واد من منى يقال له أفاعية ـ بضم الهمزة بعدها فاء وألف وعين مهملة مكسورة ومثناة تحتية مفتوحة مخففة بعدها هاء ـ كذا نقله صاحب «القاموس» عن الزمخشرى. وذكر الأزرقى فى ثبير الأعرج ، أنه المشرف على حق الطارقيين ـ بمثناتين تحتيتين. بين المغمس والنخيل ، وفى ثبير غينا أنه المشرف على بئر ميمون ، وقلته مشرفة على شعب علىّ كرم الله وجهه. فخالف فى ذلك الزمخشرى.

أقول : ولعله أراد بالنخيل بساتين ابن عامر التى كانت فى جهة عرنة لأنه كان بها نخيل فيما مضى.

وأما ثبير النّصع ـ بكسر النون وسكون الصاد المهملة بعدها عين مهملة ـ فهو جبل لطيف بمزدلفة على يسار الذاهب إلى منى ذكره الأزرقى ، وقال : هو الذى كانوا يقولون فى الجاهلية إذا أرادوا الدفع من مزدلفة أشرق ثبير ، كيما نغير ، ولا يدفعون حتى يرون الشمس عليه (١). انتهى.

والمعروف المنقول عن جمع من أهل المناسك أنهم ما كانوا يعنون بهذا الكلام إلا ثبير الأثبرة الذى بمنى. ووجه الفاسى رحمه‌الله تعالى ما قاله الأزرقى ، وقال : لا يبعد ذلك لأن قريشا ما كانوا يقولون ذلك إلا وهم بمزدلفة ، وهذا أقرب إلى أبصارهم من الذى بمنى انتهى.

__________________

(١) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٣٧٨ و ٢٨٠.

٣٠٢

وأما ثبير الخضراء ـ بمعجمتين وراء مهملة ـ هو الجبل المشرف على الموضع الذى يقال له الخضراء بطريق منى ، نقله الفاسى (٢).

والخضراء : واد معروف إلى هذا اليوم.

وأما ثبير الزّنج : فهو جبل النوبى المعروف بأسفل مكة فى جهة الشبيكة الذى تقدم أن به مولد سيدنا عمر بن الخطاب على ما قيل. وإنما سمى بذلك لأن سودان مكة كانوا يلعبون عنده ، وهم النوبة والسودان الزنوج أيضا فطابقت التسمية على كلا الوجهين (٣).

وأما ثبير الأحدب أو الأحيدب فلم أقف على موضعه ولم أر كلاما فى تعيين محله ، والله أعلم.

أقول : بمنى جبل يدعى الأحيدب إلى هذا التاريخ ، سمعت ذلك من بعض أهل منى ، وهو مقابل مسجد الخيف يقرب من ثبير الأثبرة على يسار الذاهب إلى عرفة ، وإلى جانبه جبل آخر لا يبعد ، والله أعلم أن يكون ثبير غينا ، وبينهما شعب الظاهر أنه أفاعية الذى يصب بينهما كما تقدم. ويكون ثبير الأعرج كما ذكره الأزرقى ، فى جهة عرفة بين المغمس والنخيل لأنه أمس بذلك (٤).

ويبقى ما ذكره الزمخشرى مجرد نقل لم يعضده شىء يقويه ، ويصير على هذا بمنى ثلاثة أثبرة : ثبير المشهور ، وثبير غينا ، وثبير الأحيدب الذى بينهما أفاعية ، انتهى. والله الموفق ، فهذه الأثبرة التى بمكة وظاهرها ، والله أعلم.

ذكر المقابر المباركة التى تزار بمكة وقربها

منها : مقبرة المعلاة لما قد حوته من سادات الصحابة والتابعين وكبار العلماء والصالحين ، وإن لم يعرف قبر أحد من الصحابة تحقيقا الآن. وأفضل شعابها الشعب الذى يقال إن فيه قبر أم المؤمنين خديجة رضى الله عنها. ولم يرد ما يعتمد عليه فى ذلك لقولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : نعم الشعب ونعم المقبرة ، أخرجه الأزرقى. ثم قال : لا يعلم بمكة شعب يستقبل ناحية من الكعبة ليس فيه انحراف إلا شعب المقبرة فإنه يستقبل وجه الكعبة كله (٥). انتهى.

__________________

(١) أخبار الفاكهى للأزرقى ج ٢ ص ٢٨٠.

(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٦٦.

(٣) أخبار مكة للأزرفقى ج ٢ ص ٢٧٩.

(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٨٠.

(٥) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٠٩.

٣٠٣

وقد تقدم ذكر شىء مما ورد فى فضل هذه المقبرة فى فضائل مكة فلا نطيل بإعادته. ومما ورد فى فضلها ما روى عن بعض الصالحين أنه قال : كشف لى أهل المعلاة فقلت لهم أتجدون نفعا بما يهدى إليكم من قراءة ونحوها؟ فقالوا : لسنا محتاجين إلى ذلك. فقلت لهم : ما منكم أحد واقف الحال؟ فقالوا وهل يقف حال أحد فى هذا المكان (١).

ومن ذلك ما رواه أبو سعد بن السمعانى فى «تاريخه» عن أبى نصر محمد بن إبراهيم الأصبهانى ، أنه رأى فى المنام كأن إنسانا مدفونا فى المعلاة استخرج ومروا به إلى موضع آخر ، قال : فسألت عن حاله؟ فقالوا : هذه المقبرة منزّهة عن [قبول] أهل البدعة ، لا تقبل أرضها مبتدعا (٢).

ونقل عن الشيخ خليل المالكى رحمه‌الله أن الدعاء يستجاب عند ثلاثة أماكن بالمعلاة : عند قبور سماسرة الخير ، وعند قبر الشولى ، وعند قبر إمام الحرمين عبد المحسن ابن أبى عبد العميد (٣).

أقول : قبور سماسرة الخير بالقرب من البئر المعروفة بئر أم سليمان التى يقصر منها القصارون الثياب الآن ، وقبر الشولى وإمام الحرمين معروفان. انتهى.

ومن مقابر مكة قديما المقبرة العليا ، فيستحب زيارتها لما فيها من الأموات وأهل الخير ، وهى بين المعابدة وثنية أذاخر ، وكان يدفن فيها فى الجاهلية وصدر الإسلام آل أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس ، وآل سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. نقله الأزرقى (٤). ثم قال : وكان أهل مكة يدفنون موتاهم من جنبتى الوادى يمينه وشاميه (٥) ، ثم حول الناس جميعا قبورهم فى الشعب الأيسر لما جاء فيه (٦). انتهى.

والمراد باليمنى : هو شعب أبى دب المعروف الآن بشعب العفاريت (٧) ، وفيه كان

__________________

(١) شفاد الغرام ج ١ ص ٤٥٥.

(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٥ وما بين حاصرتين منه.

(٣) تحرف فى المطبوع إلى : «عبد الحميد» وصوابه من : د ، وانظره لدى الفاسى فى شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٦ ، وابن فهد : إتحاف الورى ج ٣ ص ٤٣.

(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٠٩.

(٥) لدى الأزرقى الذى ينقل عنه المصنف : «يمنة وشامة».

(٦) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢١١.

(٧) تحرف فى المطبوع إلى : «العقاريب».

٣٠٤

يدفن فى الجاهلية وصدر الإسلام. وأبو دبّ : رجل من بنى سواءة بن عامر سكنه ، فسمى به.

ويقال : إن قبر آمنة بنت وهب أم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى شعب أبى دب ، هذا وأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء إليها وزارها وقيل فى غير هذا المحل من المعلاة ، وقيل بالأبواء وهو المشهور.

والمراد بالشامى : هو شعب الصفىّ ـ بتشديد التحتية ـ المسمى قديما بصفى الشباب ، وهو الذى عند أذاخر والخرمانية فى طرف المحصب ، ويسمى المحصب شعب الصفى ، وهو خيف بنى كنانة. وإنما سمى شعب الصفى لأن ناسا فى الجاهلية كانوا إذا فرغوا من مناسكهم ونزلوا المحصب المذكور وقفوا بفم هذا الشعب وتفاخروا بالآباء والأيام والوقائع فى الجاهلية.

أقول : وليس فى هذا مناسبة لوجه التسمية. وكأنه والله أعلم مأخوذ من الاصطفاء ، لكونهم اختاروا هذا المكان واصطفوه لمفاخرتهم. لكن الأزرفى لم يعرج على هذا ، وإنما أخذته من سياق الكلام.

ثم يظهر أن صدور هذا التفاخر إنما كان يقع من شبابهم ليظهر وجه التسمية. انتهى.

وفى هذه المقبرة العليا قبر سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ، عند قبور آل عبد الله بن خالد بن أسيد ، وذلك أنه مات عندهم فى دارهم سنة أربع وسبعين وله من العمر أربع وثمانون عاما ، وكان صديقا لعبد الله بن خالد ، فلما حضرته الوفاة أوصاه بأن لا يصلى عليه الحجاج بن يوسف الثقفى وكان بمكة بعد مقتل ابن الزبير ، فلما قضى صلى عليه عبد الله بن خالد ودفنه عند باب داره ليلا أخرجه الأزرقى. ولهذا والله أعلم خفى قبره. وعرف الأزرقى المقبرة العليا بأنها حائط خرمان ، وهو المسمى فى هذا الوقت بالخرمانية عند المحصب (١).

قال الفاسى رحمه‌الله : وما ذكره الأزرقى من كون عبد الله بن عمر دفن بالمقبرة العليا يدفع ما يقال إنه مدفون بالجبل الذى بالمعلاة ، ولا أعلم فى ذلك دليلا وهو بعيد من الصواب (٢). والله أعلم.

__________________

(١) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢١٠ و ٢١١.

(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٧.

٣٠٥

ومن مقابر مكة أيضا قديما مقبرة المهاجرين بالحصحاص ، وهو ما بين فخّ والجبل المسمى بالمقلع وبالبكّاء أو الزاهر. كما هو مقتضى كلام الأزرقى والفاسى. وإنما سمى بالبكاء لما قيل إنه بكى على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين هاجر (١) ، وهو مشهور بالبكاء إلى اليوم.

أقول : فتكون المقبرة المذكورة فى المحل المعروف الآن بالمختلع الذى يبيت به أمير الحاج عند قدومه ثم يصبح ويدخل مكة. فينبغى لمن أتى ذلك الموضع أن يقرأ ما تيسر ثم يدعو هناك بالدعاء المأثور عند زيارة القبور ، ويهدى ثواب ذلك إليهم وإلى سائر أموات المسلمين ، وكذلك عند المقبرة العليا التى تقدم أن بها قبر سيدنا عبد الله بن عمر لما علمته والله الموفق.

وسبب تسميتها بمقبرة المهاجرين أن جندع ـ بجيم ونون ـ ابن أبى ضمرة ـ بمعجمة ـ ابن أبى العاص اشتكى وهو بمكة فخاف على نفسه فخرج يريد الهجرة إلى المدينة فأدركه الموت وهو بهذا المحل فدفن فيه فأنزل الله (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً) الآية (سورة النساء : ١٠٠) فسميت مقبرة المهاجرين به. أخرجه الأزرقى (٢).

ووقع مثل ذلك لغير جندع أيضا فدفن هنالك. وممن دفن بهذا المحل جماعة من العلويين قتلوا فيه فى حرب وقع بينهم وبين عسكر موسى الهادى فى سنة تسع وتسعين ومائة. وفيه جماعة من الأنصار مدفونون.

ويسمى هذا المحل أيضا بأضاة بنى غفار (٣) وهى التى قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتانى جبريل وأنا بأضاة بنى غفار فقال : يا محمد ، إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف. فقلت : أسأل الله المعافاة ، فقال : فإنه يأمرك أن تقرأه على حرفين ، فقلت : أسأل الله المعافاة ، قال : فإنه يأمرك أن تقرأه على ثلاثة أحرف ، فقلت : أسأل الله المعافاة ، قال : فإنه يأمرك أن تقرأه على سبعة أحرف كلها شاف كاف (٤).

واختلف ما المراد بالسبعة الأحرف ، فقيل : سبع لغات.

ومن المقابر أيضا المباركة : مقبرة الشبيكة ، فيستحب زيارتها لما حوته من أهل الخير والغرباء لا سيما الفقراء الطرحاء فإنهم ما يدفنون غالبا إلا بها.

__________________

(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٧.

(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢١٢.

(٣) تحرف فى المطبوع إلى : «عقار».

(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢١٣.

٣٠٦

ونقل الفاسى رحمه‌الله عن الفاكهى : أن مقبرة المطيبين قديما كانت بأعلى مكة ، ومقبرة الأحلاف (١) بأسفل مكة. ثم قال : والظاهر أن مقبرة الأحلاف هى هذه المقبرة ـ يعنى بذلك الشبيكة ـ لأنه لا يعرف بأسفل مكة مقبرة سواها ، ودفن الناس بها إلى الآن مشعر بذلك. ثم قال : والمطيّبون : بنو عبد مناف بن قصى ، وبنو أسد بن عبد العزى ، وبنو زهرة بن كلاب ، وبنو تيم بن مرة ، وبنو الحارث بن فهر.

والأحلاف : بنو عبد الدار بن قصى وبنو مخزوم ، وبنو سهم وبنو جمح ، وبنو عدى ابن كعب (٢). انتهى.

فائدة : وفى سبب تسميتهم بالمطيبين والأحلاف نقل عن ابن إسحاق : أن قصيّا لما هلك قام بنوه بعده بأمر الرياسة واقتسموا مآثره كما تقدم ، ثم إن بنى عبد مناف بن قصى وهم عبد شمس ونوفل وهاشم والمطلب أجمعوا أن يأخذوا ما فى أيدى بنى عبد الدار بن قصى مما كان قصى جعله إلى بنى عبد الدار من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة ، ورأوا أنهم أحق بذلك منهم لشرفهم عليهم ، فافترقت قريش فرقتين. فكانت طائفة منهم مع بنى عبد مناف على رأيهم ، وطائفة مع بنى عبد الدار يرون أن لا ينزع منهم ما جعله قصى (٣) إليهم.

ثم أخرج بعض نساء عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فغمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا وتعاهدوا أن لا يتخاذلوا فسموا المطيّبين وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا عند الكعبة أن لا يسلم بعضهم بعضا فسموا الأحلاف (٤).

ثم اصطلحوا على أن تكون السقاية والرفادة والقيادة لبنى عبد مناف ، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبنى عبد الدار كما كانت. ففعلوا ولم يزالوا على ذلك حتى جاء الله بالإسلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما كان من حلف فى الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلّا شدّة(٥).

ومن القبور التى ينبغى زيارتها خارج مكة قبر أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية

__________________

(١) تحرف فى المطبوع إلى : «الأخلاف» بالخاء المعجمة.

(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٨.

(٣) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٣٠.

(٤) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٣٢.

(٥) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٣٢.

٣٠٧

زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالة ابن عباس ، وهو معروف بطريق وادى مر بمحل يقال له سرف ـ بسين مهملة مفتوحة ، وراء مهملة مكسورة ، وفاء ـ وبينه وبين مكة سنة أميال وقيل : سبعة أميال ـ بتقديم السين ـ وقيل : تسعة ـ بتقديم المثناة ـ وقيل : اثنا عشر ميلا كذا ذكره صاحب المطالع (١).

أقول : القول الأخير بعيد ، والنظر يقضى بخلاف ذلك لمن سلك الطريق إلى وادى مر ، وأعدل الأقوال السبعة لأن المعاينة تؤيده انتهى.

قال الفاسى رحمه‌الله : ولا أعلم فى مكة ولا فيما قرب منها قبور أحد ممن صحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سوى هذا القبر لأنّ الخلف يأثره عن السلف ، وموضع قبرها هو الذى بنى بها فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين تزوجها (٢). انتهى.

ومنها : قبر سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، وهو بوادى الطائف فينبغى زيارته لمن قدر على ذلك. قال صاحب «المطالع» إن الطائف هو وادى وجّ ، انتهى. ووجّ ـ بفتح الواو وتشديد الجيم ـ وسمى باسم وج بن عبد الحق من العمالقة.

وأما وح ـ بالواو والحاء المهملة ـ فهو ناحية بعمان (٣) فوق عرفة.

وعن الزبير بن العوام رضى الله عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله عزوجل. قال النووى : وإسناده ضعيف.

وذكر [المحب](٤) الطبرى فى تحريم صيد وج احتمالين : أحدهما أن يكون على وجه الحمى له ، ثم قال : وعليه العمل عندنا. والثانى : أن يكون حرمه فى وقت ثم نسخ (٥) ، انتهى.

وقال النووى فى «الإيضاح» : ويحرم صيد وجّ لكن لا ضمان فيه ، انتهى. وأما مذهبنا فليس له حرم.

__________________

(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٩.

(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٥٩.

(٣) تحرف فى المطبوع إلى : «ناحية نعمان» ومثله لدى الفاسى فى شفاء الغرام ج ١ ص ١٤٣ ، وصوابه لدى ياقوت والنووى فى تهذيب الأسماء واللغات ج ٢ ق ٢ ص ١٩٨.

(٤) الإضافة للتوضيح.

(٥) القرى لقاصد أم القرى ص ٦٦٦.

٣٠٨

وإنما سمى الطائف لما روى أن رجلا أصاب دما من قومه ، فلحق بثقيف وأقام بها ، وقال لهم : ألا أبنى لكم حائطا يطيف ببلدكم؟ فبناه فسمى الطائف لذلك. وقيل : إنما سمى بالطائف لأن جبريل طاف به حول الكعبة. قال بعض المفسرين فى قوله تعالى فى سورة القلم : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ) (سورة القلم : ١٩) إن جبريل عليه‌السلام اقتلعها من موضعها ، وطاف بها حول البيت ، فلذلك سميت بالطائف ، وقيل إنما اقتلعها جبريل عليه‌السلام من الشام وطاف بها سبعا ، وذلك لدعوة الخليل عليه‌السلام حيث يقول الآية (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) (سورة البقرة : ١٢٦) والله أعلم بالصواب (١).

وجاء فى قوله تعالى : (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) (سورة الفتح : ٢) أى بفتح مكة والطائف. وقال المفسرون فى قوله تعالى : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (سورة الزخرف : ٣١) إنهما مكة والطائف ، فقرن تعالى الطائف بمكة ، وذلك فى غاية الشرف (٢). وفى الرجل قولان : أحدهما أنه عتبة بن عبد شمس ، والثانى أنه مسعود بن معتّب الثقفى (٣).

غريبة : حكى الميورقى أن ميضأة ـ بكسر الميم ـ وقعت فى عين الأزرق بالطائف فخرجت من عين الأزرق بالمدينة الشريفة (٤).

ومنها : قبر بأعلى الجبل المشرف على الموضع المعروف بالبرقة بوادى مرّ ، يزعم سكان وادى مرّ أنه قبر مريم بنت عمران ويقصدونه بالزيارة والنذور ويذبحون عنده. ولا أعلم لهم فى ذلك سلفا ، ولم أر من ذكره ، ولم أقف على شىء من خبره بعد السؤال والتفحص ، والله أعلم بحقيقة ذلك.

__________________

(١) شفاء الغرام ج ١ ص ١٤٥ و ١٤٦.

(٢) بهجة المهج ص ٢١ و ٢٢.

(٣) انظر فى هذا الاختلاف : إهداء اللطائف فى أخبار الطائف للعجيمى ص ٢٦.

(٤) بهجة المهج للميورقى ص ٢١.

٣٠٩

فوائد

نختم بها الخاتمة يرجع بعضها إلى بعض شىء مما تقدم

الأولى : قال النووى رحمه‌الله فى عدة من كتبه وغيره أيضا : إن الدعاء يستجاب فى خمسة عشر موضعا : فى الطواف ، وفى الملتزم كما قدمته وتحت الميزاب وداخل الكعبة وخلف المقام وعند زمزم وعلى الصفا وعلى المروة ، وفى حال السعى وجميع منى عموما وعند الجمرات الثلاث خصوصا وفى عرفة وفى مزدلفة فهذه خمسة عشر موضعا بالجمرات الثلاث(١).

وذكر بعض العلماء من الأماكن المستجابة الدعاء : مسجد الخيف بمنى.

ومنها على ما ذكره ابن الجوزى : مسجد البيعة ، وغار المرسلات ، ومغازة الفتح لأنها من ثبير. أقول : مغارة الفتح المذكورة هى فى سفح ثبير قريبا من معتكف عائشة أنشأها القاضى مجد الدين صاحب «القاموس» وكان يختلى بها للعبادة. انتهى.

وذكر العلامة النقاش فى «منسكه» مواضع يستجاب فيها الدعاء : فى ثبير الأثبرة ، وفى مسجد الكبش ، وفى مسجد النحر ، وحال الدخول من باب السلام ، وفى دار خديجة رضى الله عنها ليلة الجمعة ، وفى مولد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الاثنين عند الزوال ، وفى دار الخيزران عند المختبأ بين العشاءين ، وفى مسجد الشجرة يوم الأربعاء ، وتحت السدرة بعرفة وقت الزوال ، وفى المتكأ غداة الأحد ، أقول هذه الثلاث المحال لا تعرف الآن والمتّكأ المذكور الظاهر أنه الذى بأجياد. وقد تقدم الكلام فيه بأنه لا يعرف يقينا بل حدسا بغير دليل ولا قرية انتهى. وفى جبل ثور عند الظهر ، وفى حراء مطلقا انتهى كلامه (٢).

الثانية : مما يدل على فضل منى أيضا : ما رواه ابن الحاج فى «منسكه» عن أبى سهل ابن يونس الرجل الصالح أنه قال : رأيت كأنى فى سفينة تجرى على وجه الأرض ، وقائل يقول : فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقفزت من موضعى وقلت : يا رسول الله استغفر لى. فقال

__________________

(١) انظر فى هذه المواضع : رسالة الحسن البصرى فى فضائل مكة ورقة ٤.

(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٢٢ و ٣٢٣.

٣١٠

لى : حججت؟ فقلت : نعم. فقال لى : حلقت رأسك بمنى؟ قلت : نعم ، قال : رأس حلقت بمنى لا يمسه النار أبدا. انتهى.

الثالثة : اختلف فى سبب تسميتها بمنى فقال ابن عباس رضى الله عنهما : إنما سميت منى لأن جبريل عليه‌السلام لما أراد أن يفارق آدم عليه‌السلام قال له : تمن ، قال : تمنيت الجنة فسميت بذلك لأمنية آدم عليه‌السلام. وقيل : سميت بذلك لما يمنى فيها من الدماء أى يراق ، وهذا هو المشهور الذى ذكره جمهور اللغويين وغيرهم. وقيل لما تمنى أن يقدر ، وقيل لاجتماع الناس بها لأن العرب تسمى كل موضع يجتمع فيه الناس منى. وقيل لمن الله على الخليل عليه‌السلام بفداء ابنه فيها. وقيل : لمن الله بالمغفرة فيها على عباده ، وقيل غير ذلك ، ويجوز فيها الصرف وعدمه والتذكير والتأنيث. قال صاحب «القاموس» والأجود صرفه. وجزم الجوهرى فى «صحاحه» بتذكيره وصرفه وأنشدوا على تذكيره :

سقى منى ثم رواه وساكنه

ومن ثوى فيه واهى الودق مغتبق

وجاء فى تأنيثه للعرجى :

ليومنا بمنى إذ نحن ننزلها

أسرّ من يوم بالعرج أو ملل

الرابعة : أخرج ابن حبان فى «صحيحه» من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا كنت بين الأخشبين من منى ـ ونفخ (١) بيده نحو المشرق ـ فان هناك واديا يقال له وادى السّرر ، لسرحة به سرّ تحتها سبعون نبيا (٢). انتهى ملخصا.

والسرحة ـ بالسين والحاء المهملتين ـ الشجرة العظيمة.

ووادى السّرر ـ بضم السين وفتح الراء ـ وقيل بفتحهما ، وقيل بكسر السين وفتح الراء (٣).

__________________

(١) فى المطبوع : «ونفح» بالحاء المهملة ، والمثبت رواية المحب الطبرى فى القرى ص ٥٤٠.

(٢) أورده صاحب الكنز برقم ٣٤٧٩٢ والنظر فى ذلك : القرى ص ٥٤٠.

(٣) القرى ص ٥٤٠.

٣١١

ومعنى سرّ تحتها : أى قطعت (١) سررهم ، يعنى : أنهم ولدوا تحتها يصف بركتها ويمنها. والسّرر ما يقطع من المولود فيبان ، والباقى بعد القطع السرة ، ولا يقال قطعت سرته بل قطع سرره ومن قطع سرره فهو مسرور. قاله صاحب «القاموس».

قال الفاسى رحمه‌الله : لم يبين الطبرى موضع هذا الوادى وما عرفته أنا أيضا. انتهى.

أقول : قد بين صاحب «القاموس» مسافة ما بينه وبين مكة إجمالا فى كتابه «الوصل» فقال قال أبو سعيد الحسن بن الحسين السكرى : السرر على أربعة أميال من مكة عن يمين الجبل بطريق منى ، وكان عبد الصمد بن على اتخذ عنده مسجدا كان به شجرة ذكر أنه سر تحتها سبعون نبيا.

وقد قدمت أن هذا المسجد لا يعرف ، فيكون على مقتضى قول الحسن بن الحسين محل وادى السرر المذكور تقريبا بين محسر ومنى على يسار الذاهب إلى عرفة ، لأن الفقهاء ذكروا فى عدة من المناسك أن بين منى ومكة ثلاثة أميال هذا قول أكثرهم ، ويكون من منى إلى محسر قدر ميل فهذه أربعة أميال ، والسرحة لا وجود لها الآن والله الموفق.

الخامسة : منى اسم لموضعين : أحدهما منى المذكور ، والثانى اسم جبل من جبال ضريّة ـ بالضاد المعجمة المفتوحة والراء المكسورة والمثناة التحتية المشدودة المفتوحة والهاء ـ ذكره صاحب القاموس فى «الوصل» وعزاه إلى الأصمعى.

الساسة : الخيف ، لغة : المكان المرتفع عن مسيل الماء المنحدر عن غلظ الجبل. وقال بعضهم : الخيف هبوط وارتفاع فى سفح جبل أو غلظ ، ومسجد الخيف بمنى فى مكان هذه صفته ، وقيل الخيف غرة بيضاء فى الجبل الذى خلف أبى قبيس. والخيف أيضا الناحية ، وبه سمى خيف منى كأنه ناحيته ، وقد تغزل الشعراء فى منى وخيفها بأشعار كثيرة رائقة وأناشيد فائقة رأيت أن أذكر منها بعض شىء مما انشرح به الخاطر تكثيرا للفائدة ، فمن ذلك قول بعضهم :

تبدى لعينى والحجيج على منى

غزال رأيناه بمكة محرما

__________________

(١) فى المطبوع : «قطع» والمثبت رواية المحب الطبرى فى القرى.

٣١٢

رمى وهو يسعى بالجمار وإنما

رمى جمرة القلب المعذب إذ رمى

ومن ذلك للشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى من قصيدة :

بوادى منى نلنا المنى إذ تبسمت

ليال وأيام ملاح المباسم

سرور بعيد واجتماع أحبة

وقرب وقربان وعز مواسم

ومن ذلك لبعضهم :

ما بال قلبى لا يقر قراره

حتى تقضى من منى أوطاره

ما ذاك إلا من تلهب شوقه

يسبيه من وادى منى تذكاره

يا سائق الأظعان إن جزت الحمى

سلم على من بالمحصب داره

واشرح لهم ما يلتقى مشتاقه

من فرط شوق أحرقته ناره

يصبو إلى ذكر الحطيم وزمزم

والركن والبيت المكرم جاره

ومن ذلك لمجنون بن قيس العامرى :

ولم أر ليلى غير موقف ساعة

بخيف منى ترمى جمار المحصب

وتبدى الحصى منها إذا قذفت به

من البرد أطراف البنان المخضب

فأصبحت من ليلى الغداة كناظر

مع الصبح فى أعقاب نجم مغرب

٣١٣

ومن ذلك لبعضهم :

أيا حادى الأظعان جز بى على منى

وبرد لظى أحشاى بالجمرات

وقف بى على ذاك المقام فإن لى

به أربا أقضيه قبل وفاتى

ومل بى إلى البيت العتيق وخلنى

لديه وما أبديه من زفراتى

ومن ذلك قول ابن الجوزى :

سقى منى وليالى الخيف ما شربت

من المياه وحياها وحياك

الماء عندك مبذول لشاربه

ولا ترويك إلا دمعة الباكى

ثم انثنينا إذا ما هزنا طرب

على الرحال تعللنا بذكراك

ولغيره :

فلما قضينا من منى كل حاجة

ومسح بالأركان من هو ماسح

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا

وسالت بأعناق المطىّ الأباطح

بكينا على ما كان من زمن الهوى

ولم يعلم الغادى بمن هو رائح

وفى هذا القدر كفاية.

الفائدة السابعة : المشهور عند أهل مكة أن الحجون : هو الجبل الذى فيه الثنية التى يدخل منها الحاج الهابطة على المقبرة ، وعرفها الأزرقى : بثنية المدنيين ، ويسمونها الحجون الأول بالنسبة إلى الخارج منها إلى جهة ذى طوى والزاهر ، ويقولون لما بينها وبين

٣١٤

الثنية الأخرى الهابطة على المختلع وطريق الوادى ، وتسمى الخضراء بين الحجونين ويمين الخارج منها إلى جهة منى كما هو صريح كلام الأزرقى والخزاعى والفاكهى والنووى.

فأما الأزرقى فقال عند ذكره لما فى يمانى المعلاة من المواضع والشعاب والجبال ما نصه: الحجون الجبل المشرف حذاء مسجد البيعة (١) الذى يقال له مسجد الحرس (٢). ومثله كلام الفاكهى.

وأما كلام الخزاعى فنص كلامه : الحجون الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد (٣).

وقال النووى فى «شرح مسلم» الحجون وهو من حرم مكة الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد (٤).

قال السيد الفاسى رحمه‌الله : وقد ذكر المحب الطبرى فى «القرى» ما يوافق ما يقوله الناس ، وكنت قلدته فى ذلك ، فظهر لى أن الأزرقى بذلك أدرى كيف وقد وافقه الخزاعى والفاكهى وغيرهما. وإذا كان كذلك فلعله الجبل الذى يزعم الناس أن فيه قبر عبر الله بن عمر والجبل المقابل الذى بينهما الشعب المعروف عند الناس بشعب العفاريت (٥). والله أعلم ، انتهى.

وأغرب السهيلى فى محل الحجون فقال : والحجون على فرسخ وثلث من مكة (٦). انتهى.

والحجون بفتح الحاء وضم الجيم كذا ضبطه النووى والطبرى وصاحب المطالع. وضبطه ابن خلكان بضم الحاء والمعروف الفتح.

تمت الفوائد ، وبتمامها يتم الكتاب والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة

__________________

(١) فى المطبوع : «المشرف جدا على مسجد البيعة» والمثبت رواية : د والأزرقى الذى ينقل عنه المصنف.

(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٧٣.

(٣) نقله الفاسى فى شفاء الغرام ج ١ ص ٤٧٣.

(٤) نقله الفاسى فى شفاء الغرام ج ١ ص ٤٧٣.

(٥) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٧٢ و ٤٧٥.

(٦) الروض الأنف ج ١ ص ١٣٨.

٣١٥

والسلام على نبيه سيدنا محمد المبعوث بأعظم المعجزات وعلى آله وأصحابه الأماجد السادات.

وليكن هذا آخر ما يسره الله ومن به وهو المنان مما قصدت إثباته حسب الوسع والإمكان ومع ذلك فإنى عاجز عن بلوغ المراد ملتمس من الله سبحانه الإصابة والسداد وضارع إليه فى التوفيق والرشاد أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم وعدتى من فائض فيض فضله العميم ويجمعنى ومن يطالعه فى جنان النعيم ويختم آخر أعمالى بالخيرات ويرجح ميزانى بالحسنات ويعفو عما اقترفته من الذنوب والسيئات ويرزقنى الثبات عند السؤال بعد الممات ، ويفتح على بالعلم الشريف والعمل به فإنه الكنز الموروث عن الأنبياء ونعم الميراث ويجعلنى كما وفقنى لجمع هذه الفضائل ممن شمله قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» والأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى ، واللسان لا يبرز عن الجنان إلا ما حوى.

والمسئول ممن وقف على التأليف من الإخوان أن ينظر فيه بعين الرضا والرضوان فما كان من نقص كمله ومن خطأ أصلحه وأن يصفح عما يجده فى ترتيبه من زلل وما يظهر له فيه من خلل ، فإن القلم قد يهفو والجواد قد يكبو ، وقد سبق من إقرارى بالعجز والضعف ما يقتضى الصفح والعفو ، والإنسان غير معصوم عن الخطأ والنسيان والمؤمن مرآة أخيه. والله تعالى يغفر لمن نظره أو كتبه أو أصلح شيئا منه أو فيه.

ولنختم هذا التأليف بما ورد من دعاء النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المأثور الشريف :

اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن كن لى جارا من شر خلقك كلهم أن يفرط على أحد منهم وأن يبغى على ، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

وكان الفراغ من نسخ هذا الجامع المبارك عصر الاثنين سنة تسع وعشرين بعد الألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام (١).

__________________

(١) هذا آخر النسخة المطبوعة وجاء فى آخر نسخة د : «وكان الفراغ من نسخة على يد ناسخه لنفسه ولمن شاء الله من بعده بمكة المشرفه فى اليوم الرابع عشر من شهر رمضان المبارك من العام الثلاثمائة والألف ، والحمد لله وحده والصلاة على من لا نبى بعده».

٣١٦

فهرست الفهارس

١ ـ فهرس الأعلام.

٢ ـ فهرس الأماكن.

٣ ـ فهرس الكتب الواردة فى متن الكتاب.

٤ ـ فهرس مصادر التحقيق.

٥ ـ فهرس موضوعات الكتاب.

٣١٧
٣١٨

١ ـ فهرس الأعلام

الآقشهرى : ١٩٤.

إبراهيم عليه‌السلام : ٢٢٣.

أبرهة : ١٥٦.

أروى بنت كريز بن ربيعة (أم عثمان بن عفان) : ٢١١.

الأزرقى : ٣٦ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٦٨ ، ٢٨٧.

ابن إسحاق : ٢١٠ ، ٢١٢ ، ٢٢٦ ، ٣٠٧.

أسماء بنت الصديق : ٢٣٩.

باقوم (نجار) : ٧٩.

بدر الدين أحمد بن محمد المصرى : ٢٤٢.

بشر الحافى : ٢٣١.

البغوى : ٢٩.

أبو بكر الصديق : ٢٠٨.

البكرى (صاحب المسالك والممالك) :

١٩٣.

بيبرس الملك الظاهر : ١٠٦.

بيسق الظاهرى (الأمير) : ١٨٢.

التاج السبكى : ٢٣١.

تقى الدين الفاسى : ١١ وانظر الفاسى.

الثعلبى : ٢٥.

الجاحظ : ٥٢.

ابن جبير : ٧٩ ، ١٩١ ، ٢٩٣.

ابن جريج : ٧٨.

ابن الجوزى : ٢٣١ ، ٢٣٢.

جلال الدين السيوطى : ٢٣٣.

ابن جماعة : ٣٦.

جمال بن عبد الله الظهيرى : ٢٣٢.

ابن الحاج : ٥١.

الحاكم العبيدى : ١٠٠.

الحجّاج : ٨٧ ، ١٠٠.

ابن حجر : ٤٩ ، ٨٩ ، ٢٣١.

الحربى : ٢٣٧.

الحسن البصرى : ٣١.

أبو الحسن الماوردى : ١٧٧.

الحصين بن نمير : ٨١.

الحليمى : ٨٤.

حمنة بنت سفيان بن أمية (أم سعيد بن مالك ابن أبى وقاص) ٢١٥.

حنتمة بنت هاشم بن المغيرة (أم عمر بن الخطاب) ٢١٠.

حواء : ٧٩.

خالد بن عبد الله القسرى : ١٠٤.

خاير بك العلائى (الأمير) ١٨١ ، ١٨٦ ، ١٩٢.

خشقلدى (الأمير) ١٨٨ ، ١٩١ ، ١٩٢.

الخيزران : ٢٨٥.

ابن درياس (من الشافعية) ٢٣٩.

الديلمى : ٢٢٨.

٣١٩

الذهبى : ٢٣١.

ذو القرنين : ٧٦.

رامشت (صاحب الرباط بمكة) : ١٠١.

أبو رغال : ١٥٦.

الزبير بن العوام : ٢١٤.

الزمخشرى : ٣٣ ، ٣٠٣.

زين الدين الفارسكورى الشافعى : ١٨٧.

سارة : ٢٢٥.

سراج الدين البلقينى : ٢٣٢.

سعد بن مالك بن أبى وقاص : ٢١٥.

أبو سعيد بن خدابنده (ملك التتار) : ١٠٦.

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : ٢١٦.

سفيان الثورى : ٢١.

سليمان (السلطان) : ١٨٩.

السهيلى : ٤٠ ، ٧٥ ، ٢٨٦.

سودون المحمدى (الأمير) ١٨٧.

ابن سيد الناس : ٩٣.

السيوطى : ٧٣.

شاه رخ (صاحب شيراز) : ١٠١.

ابن شعبان (من المالكية) : ٢٣٩.

شعبان (الأشرف صاحب مصر) : ١٨٣.

الشعبى : ٤٤.

الشفاء بنت عوف (أم عبد الرحمن بن عثمان ابن عوف) ٢١٦.

شيبة بن عثمان : ٣١.

أبو الشيخ : ٢٤١.

شيخ أويس (صاحب بغداد) : ١٠٦.

شيخ المحمودى (السلطان المؤيد) : ١٩٠.

صفية بنت عبد المطلب (أم الزبير بن العوام) : ٢١٤.

الصليحى (صاحب اليمن ومكة) : ١٠٠.

أبو طالب المكى : ١٩.

أبو طاهر القرمطى : سليمان بن الحسن : ٤١.

طلحة بن عبيد الله بن عثمان : ٢١٤.

ابن ظهيرة : جمال الدين عبد الله : ٢٣٦.

عباد بن كثير : ٧٨.

العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس : ٣٢.

ابن عبد البر : ١٢٥.

ابن عبد ربه : ١٩١.

عبد الرحمن بن عثمان بن عوف : ٢١٦.

عبد الكريم اليازجى الرومى : ١٨٩.

أبو عبد الله الحاكم : ٢٣١.

أبو عبد الله خليل (إمام مقام المالكية بالمسجد الحرام) : ١٢٣.

عبد الله بن الزبير : ٤٤.

عبد المطلب : ٢٢٦.

عبد الملك بن مروان : ٤٤.

أبو عبيدة : عامر بن عبد الله بن الجراح :

٢١٧.

عتاب بن أسيد : ٢٤٥.

عثمان بن طلحة : ١١١.

٣٢٠