الرّحلة الحجازيّة

أوليا چلبي

الرّحلة الحجازيّة

المؤلف:

أوليا چلبي


المترجم: الدكتور الصفصافي أحمد المرسي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
ISBN: 977-5227-55-3
الصفحات: ٣٠٢

٣ ـ رحلة العبدري :

هو محمد بن محمد بن علي العبدري الحيحى نسبة إلى حاجة ـ على غير قياس ـ قبيلة من البربر ، في المغرب الأقصى وهو من أهل القرن السابع.

حج سنة (٦٨٩ ه‍ ـ ١٢٩٠ م) مارا بمصر ، سالكا طريق الحج الساحلي ، فوصف ذلك الطريق منزلة منزلة ، وقد استفاد من رحلة ابن جبير ، وأتى بأشياء لم يذكرها ابن جبير في رحلته.

وقد طبعت رحلته في مدينة الرباط ، بتحقيق الشيخ محمد الفاسي سنة (١٣٨٨ ه‍ ـ ١٩٦٨ م).

٤ ـ رحلة التجيبي :

القاسم بن يوسف بن علي السبتي التجيبي (٦٧٠ / ٧٣٠ ه‍ ـ ١٢٧١ / ١٣٢٩ م).

وقد حج سنة (٦٩٦ ه‍ ـ ١٢٩٦ م) بطريق البحر من عيذاب ، إلى مرسى أبحر ـ من موانى جدة ، فوصل في ٨ رمضان من تلك السنة بعد أن أمضى في البحر ٢٤ يوما.

ولا تعرف نسخة كاملة من رحلته ، والموجود قطعة يبدأ الحديث فيها عن مدينة القاهرة ، وينتهى بالكلام على المبيت بمنى.

وقد حقق هذا الجزء الأستاذ الصديق عبد الحفيظ منصور ، فجاء في مجلد بلغت صفحاته ٥٥٧ مطبوعا في تونس.

٥ ـ رحلة ابن بطوطة :

وهو محمد بن عبد الله بن محمد اللواتى الطنجي (٧٠٣ / ٧٧٩ ه‍ ـ ١٣٠٣ / ١٣٧٧ م) وبطوطة بتشديد الطاء الأولى المضمومة ـ.

ورحلته شاملة فقد زار الأقطار الاسلامية وبلاد الشرق في عهده ، واستغرق في رحلته سبعا وعشرين سنة ـ من سنة ٧٢٥ ه‍ ـ ١٣٢٤ م).

٢١

ونقلها عنه محمد بن جزي الكلبي في مدينة فاس سنة ٧٥٦ ه‍ ـ ١٣٥٥ م) وسماها : «تحفة النظار ، في غرائب الأمصار ، وعجائب الأسفار».

وفى تلك الرحلة بعض أوهام منها ما ذكر عن شيخ الاسلام ابن تيمية ، فقد تحدث عنه حديث من حضر مجلسه ، مع أنه أدخل السجن قبل وصول ابن بطوطة إلى دمشق بأيام ، ولم يخرج من السجن.

وتعتبر رحلة ابن بطوطة أشهر الرحلات لشمولها.

وقد وجدت عناية كبيرة من الباحثين ، وترجمت إلى عدد من اللغات ، وطبعت مرات.

٦ ـ رحلة البلوي :

هو خالد بن عيسى بن أحمد البلوي الأندلسى من أهل القرن الثامن.

حج سنة (٧٣٨ ه‍ ـ ١٣٣٧ م) مارا بمصر ثم بالشام ، فقد ركب مع الركب الكركي بطريق الحج الشامي فوصل المدينة في ١٩ ذى القعدة سنة (٨٣٧ ه‍ ـ ١٤٣٣ م) وحج ، ثم عاد من المدينة في ٢٤ المحرم سنة (٧٣٨ ه‍ ـ ١٣٣٧ م) مارا بالعقبة فالقاهرة حيث وصلها في ١٤ صفر سنة (٧٣٨ ه‍ ـ ١٣٣٧ م).

واسم رحلته «تاج المفرق ، في تحلية أهل المشرق» وقد وصفها صاحب «نفح الطيب» بأنها رحلة كبيرة ، كثيرة الفوائد.

وقد طالعت نسخا مخطوطة منها ، ولخصت ما يتعلق بالحج فيها ، ولا حظت اضطرابا في ترتيب منازل الحج ، أشرت إلى ذلك في مجلة «العرب» ـ س ١١ ص ٧٣١ ـ.

وقد علمت منذ عهد قريب بأن تلك الرحلة قد طبعت.

٧ ـ رحلة الصفدي ؛

خليل بن أيبك الصفدي المتوفى سنة (٧٦٤ ه‍ ـ ١٣٦٢ م) واسمها «حقيقة المجاز إلى الحجاز» كانت منها نسخة مخطوطة في زاوية درعة في المغرب ، بخط المؤلف ـ

٢٢

على ما ذكر ابن عبد السلام في رحلته ـ ونقل عنها ، كما نقل عنها صاحب «درر الفوائد المنظمة».

وبلغني بأن في مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمة نسخة منها.

٨ ـ رحلة القلصادي ؛

أبو الحسن على القلصادى الأندلسي المتوفي سنة (٨٩١ ه‍ ـ ١٤٨٦ م).

بلغ جده بطريق البحر في شعبان سنة (٨٥١ ه‍ ـ ١٤٤٧ م) وعاد بحرا ـ بعد أداء الحج ـ من رابغ إلى العقبة فمصر ـ في المحرم سنة ٨٥٢ ه‍ ـ ١٤٤٨ م).

وقد حقق رحلته صديقنا الأستاذ محمد أبو الأجفان ، الأستاذ بجامعة الزيتونة فى تونس ونشرت سنة ١٣٩٩ (١٩٧٨ م) في ٢٥٦ صفحة ـ في تونس ـ.

٩ ـ درر الفوائد المنظمة ؛

هذا كتاب شامل كاسمه في أخبار الحج ، وطريق مكة المعظمة ـ للشيخ محمد بن عبد القادر الجزيري المصري الحنبلي المتوفي سنة ٩٤٤ ه‍ ـ ١٥٣٧ م).

وقد تضمن وصفا لرحلاته من القاهرة إلى الحج ـ بطريق الساحل ، فهو من هذه الناحية يدخل في نطاق رحلات الحج ـ.

وقد طبع الكتاب عن نسخة ناقصة ، مع وجود مخطوطتين كاملتين إحداهما في (دار الكتب) في القاهرة ، والأخرى في مكتبة القرويين في فاس ـ انظر مجلة «العرب» س ١٢ ص ٣٣١.

١٠ ـ رحلة البكري ؛

البكريون العلماء كثيرون ، ولبعضهم رحلات ، ومما ينسب إلى أحدهم رحلة ذات أسلوب أدبي ممتع ، تضمنت وصف منازل الحج من البركة ـ المنزل الأول من القاهرة ـ إلى مكة المكرمة ـ بطريق سيناء ، فساحل البحر إلى ينبع فبدر ، فرابغ ـ.

يصف الكاتب المنزل نثرا وشعرا ـ بدون تكلف ـ.

وقد وصف العياشي تلك الرحلة بقوله : قد ظفرت بمصر رسالة للشيخ محمد

٢٣

البكري ـ وأظنه محمد بن الشيخ زين العابدين ، ذكر فيها الحج ودياره وذهابا وإيابا ، وحقق قدر ما في كل مرحلة من الساعات والدرج والدقايق ، وصعوبتها وسهولتها ، بنثر بليغ وعبارات رائقة.

وذكر في كل منزلة شعرا يتعلق بأحوالها.

والبكري الذى ظنه العياشي صاحب تلك الرحلة هو زين الدين محمد بن زين العابدين محمد بن محمد البكري الصديقي المصري ، له مؤلفان فى تاريخ الدولة التركية ذكرهما الخير الزركلي في «الأعلام» وأرخ سنة وفاته (١٠٢٨ ه‍ ـ ١٦١٨ م).

ولم أطلع على رحلته مفردة ، ولكنني وجدت وصف المراحل تامة في رحلات العياشي وابن ناصر وابن عبد السلام وابي مدين ، فنشرتها في «العرب».

١١ ـ رحلة البكري ؛

من أهل القرن الحادي عشر ، لخصها الدكتور أحمد سامح الخالدي ، ونشر الملخص فى مجلة «الرسالة» التي كانت تصدر في القاهرة ، واسم الرحلة «الحقيقة والمجاز» ومخطوطتها في دار الكتب المصرية.

١٢ ـ رحلة القيسي ؛

محمد بن أحمد القيسي ـ من أهل القرن الحادى عشر ويعرف بابن مليح ـ.

١٣ ـ رحلة العياشية ؛

أبو سالم عبد الله بن محمد العياشي ـ نسبة إلى قبيلة آية عيّاش ـ الفاسي (١٠٣٧ / ١٠٩٠ ه‍ ـ ١٦٢٧ / ١٦٧٩ م) واسمها : «ماء الموائد» من أوفى رحلات الحج ، بل هي أوفى رحلة اطلعت عليها ، وقد ورد فيها : (وقصدى إن شاء الله ـ من كتابة هذه الرحلة أن تكون ديوان علم ، لا كتاب سمر وفكاهة ، وإن وجد الأمران فذلك ادعى لنشاط الناظر فيها ، سيّما إن كل صاحب تلوين ، وأما صاحب التمكين فلكل شيء عنده موقع ونفع ، لا يوجد عند غيره) انتهى.

٢٤

والواقع أنها كما ذكر ، فهي ديوان علم لما حوته من المباحث العلمية المتنوعة ، ومن الكلام على منازل الحج ومشاعره المقدسة ، ومن وصف شامل للحجاز في القرن الحادي عشر الهجري في مختلف حالاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإدارية. ثم هي كتاب سمر ومحاضرة لما تخللها من مباحث أدبية وقصص وأخبار ومقطوعات شعرية.

وتعتبر رحلة العياشي مصدرا لكثير ممن جاء بعده من الرحالين المغاربة كابن ناصر وابن عبد السلام والزبادي وغيرهم ولهذا وصفه ابن ناصر في رحلته بأنه (إمام المرتحلين في زماننا) ولخص كثيرا مما جاء في رحلته. حينا يصرح بالنقل منها وأحيانا يفوته ذلك.

وقد حج سنة (١٠٥٩ ، ١٠٦٤ ، ١٠٧٢ ه‍ ـ ١٦٤٩ ، ١٦٥٣ ، ١٦٦١ م).

وجاور في الحرمين وفي القدس وفي الخليل.

وله مؤلفات منها رحلته التى سماها «ماء الموائد».

وقد طبعت طبعة حجرية بالخط المغربي في مدينة فاس ، (١٣١٦ ه‍ ـ ١٨٩٨ م) في جزئين صفحاتهما ٥٦٦+ ٤٢٢ ـ ٨٧٨+ ٢٤ فهارس وتقاريظ وإصلاح تطبيع.

ثم أعيد نشرها ـ بطريقة التصوير سنة (١٣٩٧ ه‍ ـ ١٩٧٧ م) ووضع الأستاذ محمد حجي أستاذ التاريخ في كلية الآداب في مدينة الرباط لها فهارس مفصلة عن أسماء الأعلام والمواضع والكتب ، طبعت ملحقة بالجزء الثاني من تلك الرحلة في خمسين صفحة.

١٤ ـ رحلة القيسي ؛

محمد بن أحمد القيسي ، من أهل القرن الحادى عشر ـ ويعرف بابن مليح ـ.

واسم رحلته «أنس الساري السارب ، من أقطار المغارب ، إلى منتهى الآمال والمآرب سيد الأعاجم والأعارب».

وقد طبعت في الرباط سنة (١٣٨٨ ه‍ ـ ١٩٦٨ م) بتحقيق الشيخ محمد الفاسي.

٢٥

١٥ ـ رحلة الهشتوكي :

وهو أحمد بن محمد بن داود بن يعزى الجرولي نسبا الهشتوكي شهرة المتوفي سنة (١٠٩٦ ـ ١٦٨٤ م).

يوجد فى الخزانة العامة رحلة مخطوطة يري الصديق محمد بن إبراهيم الكتاني انها للهشتوكى المذكور ولكنني رأيت في أحد المواضع منها ذكر تاريخ سنة (١٠٩٩ ه‍ ـ ١٦٨٧ م) وأن مؤلفها معاصر للسلطان اسماعيل سلطان المغرب الذي تولى الحكم من سنة (١٠٨٢ ه‍ ـ ١٦٧١ م) إلى (١١٣٩ ه‍ ـ ١٧٢٦) لأنه يدعو له بالنصر وأنه اجتمع بالشيخ عبد الله بن سالم البصرى المتوفى سنة (١١٣٤ ـ ١٧٢١ م).

وعلى كل حال فالمؤلف من أهل القرن الحادي عشرة الهجري ، ويصف الشيخ العياشي بأنه شيخه وأسلوب الرحلة يدل على عدم تمكن صاحبها من العلم وإن كانت لا تخلو من الفوائد.

وزيادة فى الفائدة ؛ فعلى الرغم من أن هذه الرحلات التالية قد تمت بعد رحلة آوليا چلبي للحجاز (١٠٨١ ه‍ ـ ١٦٧٠ م) إلا أننا أوردناها تسهيلا على الباحثين ، وحتى تعم فوائدها فى إلقاء الضوء على الحجاز حتى العصر الحديث. ومن أهم هذه الرحلات التى تمت بعد رحلة آوليا چلبي ما يلى :

١ ـ الرحلة الناصرية :

مؤلفها الشيخ أحمد بن محمد بن ناصر الدرعي (١٠٥٧ ـ ١١٢٩ ه‍ ـ ١٦٤٧ ـ ١٧١٦ م).

تعتبر هذه الرحلة من أوفى الرحلات إلى الحج وامتعها. وقد اعتمد فيها مؤلفها على رحلة شيخه أبي سالم العياشي الذى وصفه بأنه شيخ الرحّالين ، وقد رحل ابن ناصر هذا أربع رحلات إلي الحج إحداها سنة (١١٢١ ه‍ ـ ١٧٠٩ م).

والرحلة مطبوعة طبعة حجرية بحروف مغربية في مدينة فاس سنة (١٣٢٠ ه‍ ـ ١٩٠٢ م) وتقع في حزئين صفحاتها ٤٤٢.

٢٦

٢ ـ رحلة النابلسي :

هو الشيخ عبد الغني بن اسماعيل النابلسي الدمشقي (١٠٥٠ / ١١٤٣ ه‍ ـ ١٦٤٠ / ١٧٣٠ م).

ذو المؤلفات الكثيرة في مختلف علوم عصره ، والذي يعنينا منها ما يتعلق بالرحلات وله ثلاث مؤلفات فيها ، أهمها واغزرها فائدة : «الحقيقة والمجاز ، فى رحلة الشام ومصر والحجاز» في ثلاثة أجزاء ثالثها عن الحجاز ـ في وصف طريق الحج من مصر برا إلى المدينة ثم مكة ، ثم عاد من المدينة إلى دمشق برا.

وقد ألف رحلته هذه على طريقة كتابة المذكرات يوما فيوما ، منذ أن بدأ فى الرحلة فى بلاد الشام ـ من مدينة دمشق حتى عاد إليها ، وقد سجل مشاهداته عن الحجاز من اليوم الثالث والثمانين بعد المئة إلي يوم عودته إلي دمشق في اليوم الثامن والثمانين والثلاث مئة ـ أى فى خلال مئتين وخمسة أيام ـ ابتداء من خروجه من مصر في سابع رجب سنة (١١٠٤ ه‍ ـ ١٦٩٢ م) إلى يوم عودته إلى دمشق خامس صفر سنة (١١٠٥ ه‍ ـ ١٦٩٣ م) ـ على ما جاء فى تلك الرحلة.

وتعتبر رحلته ـ أو رحلاته ـ هذه من أمتع الرحلات ، وأحفلها بالمعلومات ـ مع ما فيها من آراء لا تتفق مع روح عصرنا ـ.

ولم تطبع هذه الرحلة بعد.

٣ ـ رحلة المنالي الزّبّادي :

هو عبد المجيد بن علي الحسني الإدريسي الفاسي المتوفى سنة (١١٦٣ ه‍ ـ ١٧٤٩ م) ، واسم رحلته «بلوغ المرام بالرحلة إلى البيت الحرام» ، وكان حج سنة (١١٤٨ ه‍ ـ ١٧٣٥ م) وضمن رحلته هذه قصيدة سماها «اتحاف المسكين الناسك لبيان المراحل والمناسك» وله شعره من نمط شعر العلماء منه قصيدة مطلعها» :

سلام على نجد ومن حل في نجد

سلام محب زائد الشوق والوجد

يتشوق فيها إلى مغاني الحجاز.

ورحلته هذه لا تزال مخطوطة ومنها نسخة في الخزانة العامة في مدينة الرباط ،

٢٧

وقد عول كثيرا على رحلة العياشي وتعتبر رحلته متممة لرحلتي العياشي ابن ناصر ، وكذا رحلة الدرعي.

٤ ـ رحلة السويدي :

أبو بكر عبد الله بن حسين السويدي البغدادى (١١٠٤ / ١١٧٤ ه‍ ـ ١٦٩٢ / ١٧٦٠ م).

واسمها : «النفحة المسكية في الرحلة المكية» ومن نسخها المخطوطة نسخة فى مكتبة حكمة شيخ الإسلام فى المدينة.

٥ ـ رحلة ابن عبد السلام :

هو محمد بن عبد السلام بن عبد الله الناصري الدرعي المتوفي سنة (١٢٣٩ ه‍ ـ ١٨٢٣ م) من بيت علم مشهور. وقد حج مرتين إحداهما سنة (١١٩٦ ه‍ ـ ١٧٨١ م) والثانية (١٢١١ ه‍ ـ ١٧٩٦ م).

وعن الحجة الأولى ألف رحلته الكبرى وهي من أوسع الرحلات وأولها وقد رجع فيها إلي كثير من الرحلات المؤلفة قبل عهده كرحلة العياشي ورحلة العبدرى ورحلة الصفدي ورحلة التجيبي ورحلة البكري والرحلة الناصرية.

أما عن حجته الثانية فقد ألف عنها الرحلة الصغرى.

ولكن الرحلة الكبرى الأولى أوفي وأغزر فائدة من كثير من الرحلات ولا تزال مخطوطة ومنها نسخة فى الخزانة العامة فى الرباط مكتوبة فى عهد المؤلف وقد تكون مسودة تأليفه.

وسيأتى تفصيل ما أجمل عن هذه الرحلة.

٦ ـ رحلة التامراوي :

هو محمد بن محمد المزواري التامراوي من المغرب الأقصى حج سنة (١٢٤٢ ه‍ ـ ١٨٢٦ م).

وقد أورد رحلته كاملة صاحب كتاب «المعسول» ـ ج ٨ ص ١٩٧. وهي موجزة جدا ولكنها لا تخلو من فائدة مع وقوع تحريف في أسماء المواضع.

٢٨

٧ ـ رحلة إدريس العلوي :

هو إدريس بن عبد الهادي العلوي الحسني الفاسي المتوفى فى المدينة سنة (١٣٣١ ـ ١٩١٢ م).

وصف رحلته إلى الحج سنة (١٢٨٨ ه‍ ـ ١٨٧١ م).

وقد أبحر من السويس إلى ينبع.

وهي رحلة مختصرة جدا ومخطوطتها في خزانة الرباط.

٨ ـ رحلة ابن كيران :

هو محمد بن الطيب بن كيران الفاسي المتوفي سنة (١٣١٤ ه‍ ـ ١٨٩٦ م) واسم رحلته : «الرحلة الفاسية الممزوجة بالمناسك المالكية» وصف فيها رحلته إلى الحج سنة (١٢٩٣ ـ ١٨٧٦ م) وقدم بطريق البحر فى الباخرة.

وهذه الرحلة مطبوعة فى مدينة فاس ولكننى اطلعت على مخطوطة فى خزانة الرباط. وهى لا تخلو من فوائد وخاصة فى وصف الطريق بين مكة والمدينة.

٩ ـ الرحلة الحميدية :

مؤلفها اسماعيل الحميدي المالكي. وقد يكون مصريا ، وهو من أهل القرن الثالث عشر حج سنة (١٢٩٧ ه‍ ـ ١٨٧٩ م) عن طريق السويس إلى جده.

ومخطوطة هذه الرحلة التي أطلعت عليها موجودة في خزانة الرباط ، وهي ممزوجة بالمناسك ، ومع اختصارها ففيها فوائد.

١٠ ـ رحلة التونسي :

هو محمد بن عثمان السنوسي التونسي (١٢٦٦ ـ ١٣١٨ ه‍ ـ ١٨٤٩ م ـ ١٩٠٠ م) وقد حج سنة (١٢٩٩ ه‍ ـ ١٨٨١ م).

والتونسى من مشاهير علماء تونس ، وقد بدئ فى نشر رحلته فى تونس فصدر منها جزء فى التراجم.

٢٩

ورحلته وافية المباحث وهو يعني بتواريخ العلماء وتراجمهم ، مع تسجيل واف لمشاهداته فى مكة وفى المدينة ، ووصف لمنازل الحج إلى الشام ، حيث عاد مع الحاج الشامى.

ومن رحلات أهل القرن الرابع عشر ـ العشرين الميلادي وهي كثيرة :

١ ـ دليل الحج ، للوارد إلى مكة والمدينة من كل فج ، تأليف محمد صادق.

كتاب يشمل ثلاث رحلات للمؤلف :

(١) من الوجه إلى المدينة المنورة ومنها إلى ينبع في سنة (١٢٧٧ ه‍ ـ ١٨٦٠ م).

(٢) للحج سنة (١٢٨٧ ه‍ ـ ١٨٧٠ م) أمينا للصرة وهذه الرحلة وصفها في كتاب سماه «مشعل المحمل».

(٣) للحج سنة (١٣٠٢ ه‍ ـ ١٨٨٤ م) وصفها بكتاب سماه «كوكب الحج» جمع هذه الرحلات الثلاث في هذا الكتاب الذي طبع سنة ١٣١٣ (١٨٩٦ م) في ١٥٢ صفحة وفيه صور.

٢ ـ مشعل المحمل ، تأليف محمد صادق يصف فى هذه الرحلة سير الحاج من مصر برا في الذهاب والإياب ـ في سنة (١٢٩٧ ه‍ ـ ١٨٩٧ م) ـ مطبوع سنة (١٢٩٨ ه‍ ـ ١٨٨٠ م) في ٦٠ صفحة (وقد ضمنه كتابه «دليل الحج» المتقدم ذكره).

٣ ـ التحفة اليمنية في الأخبار الحجازية : لمحمد اليمني بن علي بن عرعار محار العنابي الجزائري. مطبوعة فى القاهرة سنة (١٣١١ ه‍ ـ ١٨٩٣ م) في ٣٩ ص.

٤ ـ الرحلة الوهبية إلى الأقطار الحجازية ـ تأليف أحمد علي الشاذلي ـ صاحب جريدة الإسلام : وصف موجز لرحلة المؤلف لأداء الحج سنة (١٣٢١ ه‍ ـ ١٩٠٣ م) في ٨٦ ص صغيرة وهي على إيجازها تحوى وصفا مجملا عما يسود الحجاز في ذلك العهد من الفوضى واختلال الأمن.

٥ ـ مرشد الحجاج إلى الأماكن المقدسة ، تأليف محمد حسن غالي ، مطبوع في الرحمانية في القاهرة سنة (١٩٢٣ م) في ٢٠٠ ص.

٦ ـ مرآة الحرمين ، تأليف اللواء ابراهيم رفعت باشا (١٢٧٣ / ١٣٥٣ ه‍ ـ ١٨٥٦ / ١٩٣٤ م) أمير الحج المصري في سنة (١٣٢٠ ، ١٣٢١ ، ١٣٢٥ ه‍ ـ

٣٠

١٩٠٢ ، ١٩٠٣ ، ١٩٠٧ م) ـ كتاب من أمتع كتب الرحلات وأوسعها يقع في مجلدين صفحاتها ٥٢٨+ ٤٠٧ ـ ٩٣٥ يزدان بالصور والخرائط المتقنة ، بطباعة أنيقة حقا ـ مطبعة دار الكتب المصرية ـ سنة (١٣٤٤ ه‍ ـ ١٩٢٥ م) (١).

٧ ـ الرحلة الحجازية ، تأليف محمد لبيب البتنوني ، وصف فيها حج الخديوى عباس حلمي سنة (١٣٢٧ ه‍ ـ ١٩٠٩ م) وهي من أوفي الرحلات تفضيلا عن أحوال الحجاز العامة في ذلك العهد ـ على ما فيها من أخطاء ـ وقد طبعت طباعة جيدة مصورة في سنة (١٣٢٩ ه‍ ـ ١٩١١ م) في ٣٣٤ ص عدا الصور والخرائط.

٨ ـ سياحتي إلى الحجاز ، منسوبة إلى غريب بن عجيب الهاشمي مطبوعة في القاهرة سنة ١٩١٥ م في ٤٥٧ ص مصورة.

٩ ـ تذكار الحجاز ، رحلة موجزة لعبد العزيز صبرى من مصر فى آخر عهد الشريف الحسين ، وهي على إيجازها ذات فوائد ، مطبوعة سنة (١٣٤٢ ه‍ ـ ١٩٢٣ م) المطبعة السلفية وتقع في ٢٢٨ ص وفيها صور.

١٠ ـ في قلب نجد والحجاز ، لمحمد شفيق مصطفى ، صحفي مصرى قام برحلة من القاهرة ـ بطريق فلسطين ـ إلى قريات الملح فالجوف فالقصيم فالرياض فمكة ، في سنة (١٣٤٦ ه‍ ـ ١٩٢٧ م) ونشر وصف ما شاهده في جريدة السياسة ، ثم قامت دار المنار بطبع تلك المقالات في كتيب بلغت صفحاته ٦٧ ، وفيه معلومات طريفة على إيحازها.

١١ ـ مرشد الحاج ، تأليف عبد الوهاب مظهر سنة (١٣٤٧ ه‍ ـ ١٩٢٨ م) مطبوع في ١٠٣ ص.

١٢ ـ الارتسامات اللطاف ، في خواطر الحاج إلي أقدس مطاف ، للأمير شكيب أرسلان (١٢٨٦ / ١٣٦٦ ه‍ ـ ١٨٦٩ / ١٩٤٦ م) يصف رحلته للحج سنة (١٣٤٨ ه‍ ـ ١٩٢٩ م) في ٣٠٤ ص ويتطرق إلى وصف مكة والطائف وعمران الجزيرة ومختلف جوانب الحياة بتفصيل ، بحيث تعتبر هذه الرحلة من أمتع الرحلات وأوفارها.

__________________

(١) وهى تختلف عن مرآة الحرمين لأيوب صبرى باشا ، فهذا الكتاب فى تاريخ الحرمين والمدينين ووصف لجزيرة العرب (المترجم).

٣١

١٣ ـ رحلة الحجاز لابراهيم عبد القادر المازني (١٣٠٨ / ١٣٦٨ ه‍ ـ ١٨٩٠ / ١٩٤٨ م) في سنة (١٣٤٩ ه‍ ـ ١٩٣٠ م) في وصف الاحتفال بجلوس الملك عبد العزيز ـ رحمة الله ـ مطبوعة سنة (١٩٣٠ م) في ١٦٦ صفحة مصورة.

١٤ ـ مشاهداتي في بلاد الحجاز ، تأليف عبد الوهاب خضير ، كتيب يقع في ٤٣ صفحة يصف أول احتفال بجلوس الملك عبد العزيز ـ رحمه‌الله ـ في سنة (١٣٤٩ ه‍ ـ ١٩٣٠ م) وهو مقدم بقلم أحمد زكي باشا ومصور ومطبوع.

١٥ ـ في المملكة الروحية للعالم الإسلامي (رحلة إلي الحجاز سنة ١٣٤٩ ه‍ ـ ١٩٣١ م) تأليف مصطفى محمد ، في ٢٣٠ ص مصورة ، مطبوعة بمطبعة المدينة المنورة)!.

وهكذا نرى أن نفوس كثير من المسلمين كانت تهفو إلى ديار الحجاز طوال التاريخ .. ومما لا شك فيه أن كل رحلة تحمل بين صفحاتها الكثير من المعلومات عن الحالة السياسية ، والإدارية ، والثقافية ، والإجتماعية لمنطقة الحجاز.

وحتى نستطيع أن نستفيد من الرحلة التى نحن بصددها ؛ فلابد من القاء بعض الضوء على : ـ

أ ـ الحجاز فى العصر العثمانى ، أو لنقل العثمانيون والحجاز.

ب ـ الرحّالة آوليا چلبي الذي قام بالرحلة.

* * *

٣٢

أ ـ العثمانيون والحجاز

مكانة الحجاز لدى سلاطين آل عثمان :

كان للحجاز مكانة خاصة لدي السلاطين العثمانيين ، وكانوا ينتهزون الفرصة للتعبير عن محبتهم ، وإحترامهم لأمراء مكه ، وذلك لإنتسابهم إلي آل البيت. وقد حافظ العثمانيون منذ بدايات ظهورهم على مسرح التاريخ بعلاقات طيبة مع أمراء الحجاز ، ويكفى للتدليل علي ذلك ما قام به السلطان محمد الفاتح ، من مراسلات مع أمير مكة ، عن طريق العالم الجليل الحاج محمد الزيتوني ؛ حيث أرسل الفاتح يبشرهم بفتح القسطنطينية ، مرفقا الهدايا القيمة مع رسائل البشارة ، وما كان من أمير مكة إلا أن أمر بقراءة الرسالة المرسلة أمام الكعبة المشرفة ، وأردف ذلك بالدعاء للسلطان الفاتح ، ورد على هداياه بهدايا آخرى مع نجم الدين السيوطى.

لقد قام الفاتح في رسائله بإخبار شريف مكة بالفتح المبين ، وأنه حوّل كبرى كنائس القسطنطينية إلي جوامع ، وأن هداياه ما هي إلا تعبير عن حسن المودة ، وطلب الدعاء. ولم يغفل السلطان الفاتح صاحب السيادة على الحجاز آنذاك ؛ وهو السلطان المملوكي ، فخصه برسالة ، وهدايا قيمة هو الأخر ، وتبادلا رسائل التهنئة ، والمودة (١). وكانوا يحتضنون الأشراف والسادات (٢) الذين توطنوا الديار العثمانية ، وسمحوا لهم بإقامة التشكيلات الخاصة بهم ، والتى كان يباشرها نقيب الأشراف (٣) أولا بشكل مستقل ، ثم ألحقوه بالتشكيلات العلمية. وكان هذا المنصب يتوارثه الأبناء عن الأباء.

__________________

(١) إنظر هذه الرسائل المتبادلة بين الفاتح ، والسلطان المملوكى ، وأمير مكة المكرمة فى كتابنا «استانبول ؛ عبق التاريخ .. وروعة الحضارة ، القاهرة ج ١ ، ١٤١٩ ه‍ ـ ١٩٩٩ م ص ٣٥ ـ ٤٨) ، وكذلك ؛ منشآت السلاطين لفريدون بك ج ١ ، القسطنطينية ١٢٦٤ ه‍. ص ٢٣٢ ـ ٢٦٦ ..

(٢) الأشراف والسادات : مصطلح إدارى كان يطلق على أبناء وأحفاد سيدنا الحسن حفيد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أما هؤلاء الذين ينتسبون إلى حضرة الحسين فكان يطلق عليهم السادات. وكان لهم نقيب يطلق عليهم نقيب الأشراف ينظم حياتهم ، ويحفظ سجلاتهم. وكانت لهم مخصصات من الدولة ولنقيب الأشراف نواب فى كل الولايات يحلون محله فى حل أمور الأشراف. وكان منهم أمراء مكة المكرمة فى بعض المراحل التاريخية وكان العثمانيون يطلقون على أمير مكه «مكة شريفى» أى شريف مكه. وكان الشريف بركات يتبع إداره مصر عند الفتح العثمانى. وما أن علم بدخول ـ سليم الأول مصر (٩٢٣ ه‍ ـ ١٥١٧ م) حتى أرسل اليه إبنه ومعه مفاتيح مكه والمدينة وبعض من الأمانات المقدسة. وبهذا انتقلت إلى الاداره العثمانية. (المترجم).

(٣) نقيب الأشراف والسادات : لقب ومنصب عرفته الحضارة الإسلامية ، ويطلق على المتولي لأمور المنتسبين إلي آل بيت

٣٣

وإذا كان السلاطين العثمانيون قد بسطوا رعايتهم على السادات ، والأشراف وأمّنوا لهم الحياة الكريمة في مختلف الولايات ، والمقاطعات العثمانية ، ومنحوهم

__________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من السادات ، والأشراف ، والتثبت من نسبهم ، ويقوم على سجلاتهم ، وتوزيع حصصهم من الغنائم ، وقد كان بمثابة الوصى علي كل المنتسبين إلى آل البيت ، ويثبت مواليدهم ، ويسقط وفاياهم.

ورثه العثمانين عن المماليك ، وأصبح من المناصب الرفيعة فى الدولة العثمانية ، ومكانه فى التشريفات بعد السلطان مباشرة.

ثم الأخذ بهذا النظام منذ عهد بايزيد (١٣٦٠ ـ ١٤٠٣ م ـ ٧٦٢ ـ ٨٠٦ ه‍) ومنذ عهذ بايزيد الثانى (١٤٤٧ ـ ١٥١٢ م ـ ٨٥١ ـ ٩١٨ ه‍) صار يعيّن وكيلا للنقيب ، في الولايات والمقاطعات الأخرى ، ويطلق عليه «وكيل نقيب الأشراف».

وقد كان نقيب الأشراف هو الذي يقلد السلطان سيف السلطنة ، ويقوم بمراسم تتويجه في الإحتفال الذي كان يقام في مسجد أبي أيوب الآنصاري ، وإعلان السلطان الجديد ، وكان هو الذي يقوم بالدعاء للسلطان في المناسبات الدينية ، وغيرها.

وأول من عين في هذا المنصب هو العالم البغدادي الشهير ، سيد على نطاع بن محمد ، وكان تلميذا للأمير البخاري وتولي إلي جانب النظارة على الأشراف ، الإشراف علي الزاوية الإسحاقية .. واشترط توارثها فى أبنائه من بعده.

عقب هزيمة أنقره علي يد تيمور لنك ، وتشتت الدولة العثمانية ، ثم حبس سيد على نطاع فترة ، ثم أطلق سراحه ، فذهب إلي الحجاز ، ثم عاد إلي بورصة في زمن السلطان مراد الثاني (١٤٢١ ـ ١٤٥١ ـ ٨٢٤ ـ ٨٥٥ ه‍) ، واستمر في وظيفتيه السابقتين. وعقب وفاته تولى إبنه سيد زين العابدين نقابة الأشراف.

بعد وفاة سيد زين العابدين ، ظلت هذه الوظيفة شاغرة لمدة ما ، إلى أن وصل (إلي العاصمة سنة ٩٠٠ ه‍ ـ ١٤٩٤ م) المولا عبد الله القريملي ، والذى كان استاذا للسلطان بايزيد ، بعد سياحة طويلة في بلاد العرب ، والعجم ؛ فرشح أحد طلابه ، وهو سيد محمود ، كأول نقيب للأشراف ، وبعده ظل هذا المنصب شاغرا ، فطالب به الكثير من الأدعياء. وكان سيد محمود هذا هو أول من لقّب بلقب «نقيب أشراف مصر ، وسوريا ، والبلاد العربية» أيضا.

ومن هذا المنطلق ، ولما بدأت الدولة هي التى تعين نقيب الأشراف ، كان وفقا للمراسم والتشريفات ؛ يفد النقيب الجديد إلى الباب العالي لتقديم واجب الشكر ، وبعد مدة من الانتظار ، يصطحبه التشريفاتي إلى مقام الصدر الأعظم ، الذى يستقبله واقفا ، ويقوم النقيب بدوره بتقبيل أطراف ثوب الصدر الأعظم ، ويتم الإنعام عليه بفراء السمور ، للوفاء بمهام وظيفته ...

كان الشعب يطلق على السادات ، والأشراف لقب «أمير» وعلى عمامتهم «الخضراء ، عمامة الأمير ، .. وكان نقيب الأشراف ، والسادات ، والاشراف يلبسون هذه العمامة الخضراء الخاصة بهم.

كما كان نقيب الأشراف ، هو الذي يفض فى المنازعات ، ويقضى فيما بينهم ، وكانت لهم سجونهم الخاصة بهم ، يتولاها باشجاويش نقيب الأشراف ، وقبل المحاكمة لابد ، أن يخلع إشارة السادات ، والأشراف وهي العمامة الخضراء ، ولا يعدم أي منهم أو يجلد إلا بأمر من النقيب.

ويأتي بعد نقيب الأشراف ال «علمدار» أي حامل العلم ، وصاحبه ، وهو أيضا من الأشراف الذين منحوا هذا اللقب. وهو المكلف بحمل «الصنجق الشريف» ومرافقة الجيش به عند الخروج إلي الحرب. ولا بد أن يشارك كل السادات ، والأشراف فى موكب خروج وعودة «الصنجق الشريف» من وإلي القصر ، بعد العودة من الحرب. وكانوا يكبّرون ، ويهللون ويصلون على النبى ، وهم يسيرون خلف العلم النبوي الشريف وحوله.

كان السلطان يستقبل نقيب الأشراف في مراسم المعايدة واقفا ، وسط تصفيق جاويشية الديوان. «انظر ؛ الدارة ، العدد الرابع ، السنة الثامنة ، رجب سنة ١٤٠٣ ه‍ ـ ابريل ١٩٨٣ م» أوMekke ـ i Mukerreme EmirLeri ,Ord.Prof. (. ١٢ ـ ٩ ، s ـ ١٩٧٢.I.Hakki Uzuncarsili ,Ank (المترجم).

٣٤

البراءات المؤيدة لذلك. حتى أن السلطان مراد الثاني (١٤٢١ ـ ١٤٥١ م) كان يسلم بيديه سنويا ألف فيلورى ذهبا لآل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كل مدينة ، أو قصبة. وقد ظلت هذه عادة متبعة لدي بعض السلاطين ، يراعونها ، ولا يتخلفون عن الوفاء بها.

ولم يغب سكان مكة والمدينة عن بال السلاطين العثمانيين ، فكان السلطان يلديريم بايزيد (١٣٨٩ ـ ١٤٠٢ م ـ ٧٩٢ ـ ٨٠٥ ه‍) وإبنه السلطان محمد چلبي من أوائل من أرسلوا الصرة (١) إلي أهل الحجاز. وبعد ذلك قام السلطان مراد الثاني ـ طوال مدة حكمه ـ بإرسال صرة نقدية تبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة فيلورى. ذهبا إلي كل من مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، والقدس الشريف ، وخليل الرحمن. وكانت الصرة التي أرسلت في سنة (٨٥٥ ه‍ ـ ١٤٥١ م) مقدارها ٨٠١ كيسة ذهبية (٢). كما أن نفس السلطان قد أوقف حاصلات قرى منطقة «باليق حصارى» أي قلعة باليق من آعمال آنقره علي مكة المكرمة (٣) ، وكذلك أوقف في وصيته المؤرخة بآواخر رجب سنة ٨٥٠ ه‍ ـ سبتمبر سنة ١٤٤٦ م مبلغا وقدره ٣٥٠٠ ثلاثة آلاف وخمسمائة فيلورى ذهبا (٤) ؛ لكل من مكة ، والمدينة ، ولكي يوزع هذا المبلغ على فقراء المدينتين .. (٥).

ولا تحتوى السجلات المهتمة بالأمر ، على السنوات التى أعقبت فتح استانبول ؛ ففي نفس سنة الفتح ، وعدا هدايا الفتح ، أرسل السلطان محمد الفاتح الصرة إلى

__________________

(١) الصرة : «سنفصل عنها القول فى المتن بعد قليل». وسيكون عنها هامش عند الترجمة (المترجم).

(٢) الكيسة : مصطلح مالى ، يدل على الحافظة التى كانت توضع فيها النقود الذهبيه ، أو الفضيه. وكانت تتغير قيمتها من عصر إلى عصر آخر كان يطلق على العملة التى توضع فى الكيسه إسم الأقچة. وحتى عصر الفاتح كان الفيلورى الذهبى يساوى أربعين آقچة. أول الأمر كان الكيس يساوى ٣٠ ألف أقچة أو ١٠ آلاف دينار ذهب ثم بدأت القيمه تتغير وفقا للوضع السياسى والاقتصادى للبلاد. (المترجم).

(٣) عاشق باشا زاده تاريخى ؛ ص ١٩٦.

(٤) الفيلورى ؛ Filori ـ ـ ـ ـ Flori ـ ـ ـ ـ ـ Florin عملة أوروبية سادت لفترات كبيرة فى الدولة العثمانية وكانت قيمتها ذهبية ، وضربت أول الأمر فى فلورنسا فى القرن الحادي عشر الميلادى ، ولقيت رواجا كبيرا فى كل دول أوروبا. كانت عبارة عن درهم واحد قيمته أربعون آقچة ـ «بيضة» ووزنها قيراط. وقد عرفت طريقها إلى الدولة العثمانية منذ عهد محمد الفاتح (١٤٥١ ـ ١٤٨١ م ـ ٨٥٥ ـ ٨٨٦ ه‍). وكان قيمة الدرهم منها ٤٧ قرشا و ٣٠ پاره ، وقد عرفته البلاد العربية ، وخاصة فى موسم الحج. انظر ؛ عثمانلى تاريخى ـ د. / الصفصافى أحمد ؛ تأصيل مسميات السكة العثمانية المستعملة فى الجزيرة العربية إبان العهد العثمانى ، ..) المترجم.

(٥) مكة مكرمة أميرلرى. مرجع سبق ذكره ، ص ١٣ هامش ٦.

٣٥

سكان الحرمين الشريفين. وتنتقل المصادر مباشرة بعد ذلك إلي ابنه بايزيد الثاني الذي خصص نصف الصرة إلي المدينة المنورة والنصف الآخر إلى مكة المكرمة ، وكانت فى مجموعها تبلغ أربع عشرة ألف دوقة ذهبية (١). وكان لا بد وأن تصل هذه الصرة إلى مكة المكرمة فى العيد الأضحى. (٢).

وضاعف السلطان سليم الأول الصرة التى كان يبعث بها والده ، وعقب دخوله إلى مصر ، واستقرار الأمور بها أرسل إلى كل من آشراف مكة خمسمائة دوقة ذهبية ، وإلى كل شيخ من مشايخها ست سكات ذهبية. وإلى كل واحد من اعيان المدينة ثلاث دوقات ذهبية ، وتم إحصاء الفقراء الذين خرجوا إلى خارج مكة ، ومنح لكل منهم دوقة. بحيث وصل مجموع المبالغ التى تم توزيعها. مائتي ألف دوقة ذهبية. هذا عدا الظهيرة التى أرسلت مع الصرة. وكان أول أمين للصرة يعيّن من قبل سليم الأول سنة (٩٢٣ ه‍ ـ ١٥١٧ م) هو الأمير مصلح الدين ، وقد أشرف بنفسه ، ومعه قاضيان مصريان على توزيع الصرة على مستحقيها فى كل من المدينتين المقدستين (٣).

واعتاد العثمانيون ارسال هذه الصرة سنويا إلى اهالى الحرمين الشريفين ، وقد أطلق عليها الأهالي «الصدقات الرومية» (٤).

__________________

(١) الدوقة : Dika Duka عملة كانت تستخدم فى البندقية وفرنسا ، وتسك من الذهب ، والفضة وكانت هى الأكثر رواجا بين التجار الذين يجوبون الديار العثمانية بالرغم من وجود وتداول العملات التى كان يسكها السلاطين العثمانيين. وكان السلطان اورخان هو أول من سك عملة معدنية عثمانية ، وكتب على أحد وجهيها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وعلى الوجه الآخر (اورخان خلد الله ملكه). وحرص بعده كل سلطان أن يضرب لنفسه عملة خاصة به .. (المترجم).

(٢) كانت الصرة التى يرسلها بايزيد الثانى كل سنة لتوزع على آهالي الحرمين الشريفين قد نالت استحسان شاعر البطحاء العربي الشيخ شهاب الدين ابن أحمد بن علي المتوفى (٩٢٢ ه‍ ـ ١٥١٦ م) فقرض قصيدة فى مدح السلطان اسماها (الدر المنظوم فى مناقب السلطان بايزيد ملك الروم) وقدمها إلى السلطان عندما قدم الشاعر إلى استانبول ، ماستحسنها السلطان ، وأنعم على الشاعر بألف دينار ، وكان يرسل إليه سنويا مائة دينار انظر قرآت مكة ، مجلد ٢ ص ٦٧٠ ـ ٦٧١). المترجم.

(٣) وقد جاء فى تاج التواريخ ج ٢ ، ص ٣٧١ ، وفى هامر ج ٤ ص ٢٣٦ ، أن السلطان سليم الأول قد خصص لمكة خمسة آلاف أردب ، وإلى المدينة ألفين من الظهيرة ، وكانت هذه الكمية تزاد وفقا لزيادة نفوس هاتين المدينتين الشريفتين ، حتى وصلت الكمية الى ١٢ ألف أردب إلى مكة ، وثمانية آلاف أردب إلى المدينة وذلك فى منتصف القرن العشرين ، وأنها كانت ترسل من أوقاف مصر. انظر امراء مكة المكرمة ص ١٤.

(٤) أ. د. إسماعيل حقى اوظون چارشيلى ، مكة مكرمة اميرلرى ؛ أنقره ١٩٧٢ م ص ١٤.

٣٦

ولما دخلت مصر ، وسوريا تحت النفوذ العثماني ، أخذ العثمانيون على عاتقهم المحافظة علي الأوقاف المملوكية التي كانت وقفا علي الحجاز ، وحافظوا على إرسال الصرة المصرية بكل عاداتها ، ومراسمها ، وطبّقوها كما هي .. وأضافوا عليها بعض التحسينات ؛ فقد زاد السلطان سليمان القانونى» (١٤٩٥ ـ ١٥٦٦ م ـ ٩٠٠ ـ ٩٧٤ ه‍) مقدار الصرة التي كانت تبعث من مصر. كما جعل «صدقات الجوالي» أي معظم الجزية التى كانت تؤخذ من غير المسلمين مخصصة لآهالى الحرمين (١).

وكانت الصرة التي ترسل من مصر لآهالي الحرمين الشريفين ، والصدقات والغلال ، والظهيرة ، والدشيشة ، تؤمن من الأوقاف الخيرة الموقوفة على الحرمين الشريفين فى مصر. وكانت القرى المصرية الموقوفة على الحرمين الشريفين تسمى فى مصر «قرى الدشيشة» (٢).

كما كانت الصرة تخرج فى استانبول كل عام وسط احتفال مهيب ، يتقبل فيها أمين الصرة الأوامر من السلطان ، ويتقبل الهدايا ، والعطايا المرسلة من الأمراء ، والأميرات ، والوزراء ، ورجالات الدولة ، والأثرياء ، ويتحرك موكب القافلة ، وسط حراسة مشددة من القوات المخصصة والمرافقة للموكب بمجرد أن يسلم السلطان مقود جمل المحمل إلى أمير القافلة ... وقد فصل الرحالة آوليا چلبي فى رحلته القول عن هذه المراسم.

* * *

__________________

(١) آوليا چلبي سياحتنامه س ج ١ ، ص ١٦١.

(٢) وصلت الكميات المرسلة من مصر من هذه الظهيرة سنة ٩٧٤ ه‍ ـ ١٥٦٦ م ، ٩٧٧ ه‍ ـ ١٥٦٩ م ستة آلاف أردب من القمح ، وحسب سجلات دفاتر الديوان المصرى بلغت ١٩١٦١ أردبا أى ما يقرب من واحد ونصف مليون كجم. وكانت هذه الكميات تنقل بالسفن. وكان الأهالى يطلقون على الشوربة التى تسوى في المدينتين الشريفتين من البولغر مسمى «الدشيشة». انظر ، امراء مكة المكرمة ص ١٥) المترجم.

٣٧

دخول الحجاز تحت الإدارة العثمانية :

لقد ظلت إمارة مكة المكرمة فى أيدى آبناء بنى هاشم ، والذين يطلق عليهم بنى فليطه ، وهم من آبناء ، وأولاد الحسن بن على بن أبى طالب (رضى الله عنهم) حتى نهايات القرن السادس الهجرى ٥٩٧ / ٥٩٩ ه‍ ـ أى الثاني عشر الميلادى ١٢٠٠ / ١٢٠٢ م إلي أن تمكن أمير ينبع أبو عزيز قتاده بن ادريس ـ وهو بدوره من أولاد الإمام الحسن ـ من السيطرة عليها ، ولقد بقيت الحجاز تحت سيطرة أولاد ، وأحفاد قتاده إلى أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من استخلاصها من أيديهم سنة (١٣٤٣ ه‍ ـ ١٩٢٤ م).

لم يكن أمير مكة ، وأشرافها ، يتمتعون بالإستقلال الكامل ، بل كانوا دائما تحت نفوذ ، وسيطرة الدول التى تتشكل في مصر ، وكانوا يقرأوون الخطبة باسماء حكام هذه الدول.

وخلال إمارة قتاده بن ادريس ، كان الأيوبيون هم أصحاب الكلمة فى مصر ، وسوريا ، واليمن ، ولقد اعترفوا بإدارة الأشراف لمكة والمدينة .. ولما جاء المماليك ، ومن بعدهم العثمانيون اعترفوا بإمارة نفس العائلة على الحجاز ، وكانوا يبعثون إليهم بالفرمانات التى تعترف لهم بالإمارة ، وتصدّق لهم عليها ... إن وجود الحرمين الشريفين ، وما يمثلانه بالنسبة للعالم الإسلامي أجمع ، تحت سيطرة هذه الدول ، كان يحمل إلي جانب الأهمية السياسية ، أهمية دينية قصوى .. فقد كان ذلك يمثل نفوذا ، وإعتبارا معنويا لا يستهان به لهذه الدول ، بين شعوب العالم الإسلامي ..

ولقد حرص هؤلاء الحكام ـ وخاصة بعد سليم الأول سنة (١٥١٧ م ـ ٩٢٣ ه‍) على أن يلقبوا بالخليفة ، لكى يجمعوا بين السلطتين ؛ الدينية ـ والدنيوية.

وما أن أشيع أن السلطان سليم الأول قد انتصر فى مرج دابق سنة (٩٢٢ ه‍ ـ ١٥١٦ م) ، واستولى على الشام ، وفلسطين ، وأنه قد انتصر على المماليك أيضا فى الريدانية سنة (٩٢٣ ه‍ ـ ١٥١٧ م) ، وضم مصر إلى الدولة العثمانية ، حتى سارع أمير مكة آنذاك الشريف بركات بن محمد الحسني ، بإرسال نجله الشريف أبو نمي الذي كان لا يزال صبيا ، لم يتجاوز الثانية عشر بعد ، برفقة سفير يحمل الهدايا ومفاتيح مكة ليعرضها على السلطان العثماني فى مصر ، مقرونة بالتعظيم وخالص الدعاء.

٣٨

كان مجيئ الشريف أبو نمي بن بركات إلى مصر فى اليوم الثالث عشر من شهر جمادي الآخر سنة (٩٢٣ ه‍ ـ اغسطس ١٥١٧ م) ، فأمر السلطان بحسن استقبال الشريف ، واستضافة في المكان المخصص له (١) وفي السادس عشر من الشهر المذكور حضر أبو نمي إلي مقر إقامة السلطان لتقديم مفاتيح الكعبة والهدايا التى أحضرها معه ، وأخذ مجلسه هو ومن معه ، واستمع إلى ما يدور فى الديوان ، وما أن أنتهت أعمال الديوان ، حتى استقبل السلطان الشريف وسط حفاوة بالغة ، ثم ودّعه فى موكب لكي يذهب الشريف إلى مقر إقامته ، واستقبله السلطان مرة آخرى في الثاني والعشرين من نفس الشهر وألبسه الخلعة فقبل الشريف يده ، وودعه.

ويذكر ابن اياس أنه [فى يوم الخميس ، الرابع من شهر رجب خرج إلى السفر ابن السّيد الشريف بركات أمير مكة ، فتوجه إلى وطاقه بالريدانية فكان له موكب حافل ، وأخلع عليه قفطان تماسيح مذهبا ، وقدّامه الرماة بالنفط ، وخرج في صحبته غالب الحجازيين الذين كانوا بالقاهرة ، وقد نادى لهم السلطان بأن الحجازيين الذين بالقاهرة تخرج فى صحبته ، وأشيع ان السلطان سليم شاه كتب مراسيم للسيد الشريف بركات أمير مكة بأن يكون عوضا عن الباش ـ (الباشا) الذى كان بها .. وجعله هو المتصرف فى أمر مكة قاطبة ، واضاف له نظر الحسبة بمكة ايضا ، وأنصفه غاية الإنصاف ، فتزايدت عظمة الشريف بركات إلي الغاية ، وأكرم ولده غاية الإكرام ..](٢).

وهكذا ، يتضح أن أبا نمي قد أحسن استقباله ، ووداعه ، وأنه عند عودته إلى

__________________

(١) يذكر حيدر چلبي فى روزنامته أن «وصل الشريف أبو نمي ابن الشريف بركات أمير مكة المكرمة فى الثالث عشر من جمادي الآخر سنة (٩٢٣ ه‍ ـ آغسطس ١٥١٧ م). وأمر الآغوات باستقباله وفى السادس عشر من الشهر المذكور حضر الشريف أبو نمي المذكور إلى الديوان ، وقد شرف بطلعته النورانية ، وكان الصدر الأعظم يونس باشا قد أعد مجلسا فى المابين وجلس على مقعده مع قضاة العسكر ، ووصل السفير عرّار الذى هو ابن عمه ، فجلس على الكرسي المواجهه ، وبعده عقد الديوان على الترتيب ـ وتشرف الشريف بمقابلة الخداوند كار ، فإنسحب علية القوم ، ومن تبقى من آغوات البلوكات ذهبوا إلى دوائرهم ، ومدت الولائم اليومية بدون أي تقصير بحيث كان يقدم يوميا من الخراف ثلاثين ، وفى اليوم الثاني والعشرين ، خلع عليه السلطان ، وقام الشريف نمي المذكور وقبل يد الخداوند كار ؛ انظر «منشآت زيدون ج ١ ص ٤٣٩ ، طبع تقويم خان ، سنة ١٢٦٤ ، بينما ابن إياس يظهر تاريخ المقابلة سابقا على التاريخ الذى ذكره حيدر چلبي بيوم واحد). (المترجم).

(٢) محمد بن أحمد إياس الحنفى ، بدائع الزهور فى وقائع الدهور ، تحقيق محمد مصطفى ج ٥ ، القاهرة ١٣٨ ه‍ ـ ١٩٦١ م ص ١٩٣.

٣٩

مكة ، قد تسلم فرمانا ، ببقاء والده فى إمارة مكة ، بل واتساع نفوذه ، وإضافة نظر الحسبة إليه أيضا.

لم يكتف السلطان العثمانى بذلك ؛ بل أرسل مائتي ألف دينارا ذهبيا ، لكي توزع على أهالي الحرمين الشريفين ، وكما سبقت الإشارة ـ أرسل بالسفن عن طريق البحر كمية كبيرة من الظهيرة ، وكلّف الأمير مصلح الدين ، ومعه اثنين من قضاة مصر بتوزيعها!. (١) وحدّد المخصصات التى ترسل من مصر إلي أمير مكة. (٢) وربط معاشه بخزينة مصر.

وهكذا ، دخلت منطقة الحجاز تحت إشراف ، وإدارة الدولة العثمانية ، وتم بعث القضاة إلي الحرمين ، وتم قراءة الخطبة بإسمهم ، وخاصة بعد أن حصلوا على لقب ، ومنصب الخلافة (٣) وكان يذكر إسم أمير مكة بعد إسم الخليفة ، والسلطان العثماني. وتم تأمين الأمن ، والهدوء فى الحرمين الشريفين عن طريق القوات التى كانت ترسل سنويا من المعسكرات السبع الخاصة بالإنكشارية فى مصر.

__________________

(١) ورد فى خلاصة الكلام فى بيان امراء البلد الحرام ، ص ٥١ ما يلى : «أول ورود حب الصدقة لأهل مكة سنة (٩٢٣) ، ثم وصلت إلى بندر جده مراكب من السويس فيها سبعة آلاف أردب قمح ، وهو أول حب ورد لأهل مكة ، فكتب جميع أهل مكة إلا السوقة ، والتجار ، ووزع عليهم ذلك الحب ، وكان المتولى نظر ذلك الأمير مصلح .... وعمر الأمير مصلح مقام السادة الحنفية ولما فرغ ثم توجه إلى المدينة المنورة لإجراء الصدقات ثم إلى مصر ثم إلي الروم».

انظر ، أمراء مكة المكرمة ، ص ٧٤ هامش (١). المترجم).

(٢) آوليا چلبي سياحتنامه س ، ج ١ ص ١٧٧.

(٣) عند دخول سليم الأول الى مصر ٩٢٣ ه‍ ـ ١٥١٧ م كان الخليفة المتوكل على الله هو صاحب الحل والعقد ، والأمر والنهي فى الديار المصرية .. ولكن بعد أن استقرت الأمور له ، نقل الخليفة ومن فى معيته إلى استانبول مع الآلاف من الفنيين ، والحرفيين المصريين وخلال المراسم التى تمت فى جامع الآياصوفيا تم التنازل عن لقب الخلافة ، وجبتها من قبل آخر الخلفاء العباسيين المتوكل على الله الثالث ؛ وهكذا أصبح سليم العثماني خليفة للمسلمين ، وجمع بذلك بين السلطة السياسية والدينية فى البلاد. انظر ؛ ابن اياس ج ٥ حوادث سنة ٩٢٣ ه‍. وكذلك ؛ Osmanli Padisahian Ansiklopedis ,C.I.S.٤١٢) (المترجم).

٤٠