الرّحلة الحجازيّة

أوليا چلبي

الرّحلة الحجازيّة

المؤلف:

أوليا چلبي


المترجم: الدكتور الصفصافي أحمد المرسي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
ISBN: 977-5227-55-3
الصفحات: ٣٠٢

من مصر ، ومقدارها ثنتا وستون ألف قطعة ذهبية شريفية ، عدا ما يرد من الأوقاف الأخرى ، المخصصة لكل من مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، فى البلدان

__________________

فيها مشهورة ، حتى أن معظم كلاب الصيد التى يستخدمها أهالى الشام الشريف تستجلب من هذه القرية ، والقافلة التى تغادر مرحلة خيمن تتوقف فى موقع (غباغب) بعد أن تكون قد عبرت (تل فرعون).

وفى غباغب قلعة حصينة هى من آثار المرحوم السلطان سليم الأول الذى أوقف حمايتها على أحفاد إبن قواص التركمانى سالف الذكر ، وهى قلعة حصينة بقدر ما هى جميلة.

ومن الوظائف والواجبات المنوطة بأحفاد ابن قواس سالف الذكر أيضا ، المحافظة على طريق الحج ، الممتد من ذى النون حتى خيمن وحمايته.

والقوافل التى تترك غباغب تصل إي مزيريب بعد أن تكون قد مرت ببئر (ديله). ومن العادات القديمة التوقف عند ديله بعض الوقت لإناخة الجمال حينا لتلقط أنفاسها.

مزيرب :

مزيريب اسم متنزه كبير ومشهور داخل بلدة حوران ، والمرحوم السلطان سليم هو الذى أمر ببناء قلعة جميلة بجوار عين مزيريب من أجل راحة الحجاج والعناية بهم ، وقد أمر بوضع بعض الجنود بهذه القلعة للمحافظة عليها.

ولما كان هذا الطريق فى مأمن من تسلط الأعراب وغاراتهم ، فإن المحمل الشريف يقيم فى هذه المنطقة بضعة أيام. كما يقام بها ما يشبه السوق ، حيث يتم بين الحجاج وبين التجار ، الذين يتوافدون من المناطق المحيطة ، بعض المعاملات التجارية.

والقوافل المتحركة من قلعة مزيريب تتوقف عند مرحلة (كتيبة) التى تقع إلى الجنوب قليلا من القلعة المذكورة ، وهذه المرحلة تتمتع بكثرة الآبار ذات المياه العذبة المتدفقة ، وبالرغم من هذا ، فإن المسافرين لا يقضون لياليهم فى نفس المكان ، بل يستمرون فى سيرهم حتى (ازرغات).

ازرغات : وازرغات هذه قرية بالقرب من حوران. ومع أنه توجد استراحة تقع على بعد نصف مسافة من هذه القرية ، إلا أن القوافل لا تتوقف عندها لعدم وجود المياه الكافية بجوار هذه الاستراحة ، بل تستمر فى سيرها حتى ازرغات.

والقوافل المتحركة من قرية ازرغات هذه تصل إلى (الزرقا) ، ومنها تصل إلي (الزرق).

الزرقا :

وقرية الزرقا قرية تحتوى على مياه كثيرة جارية. كما تحتوى أزرق على أطلال قلعة قديمة ، وكثير من حدائق النخيل. والمكان الذى تتوقف فيه القوافل كثيره المياه. وتقع قرية أزرق هذه على بعد مسيرة يوم واحد إلى الشمال الشرقى من الزرقا.

والقوافل التى تغادر أزرق تصل أولا إلى (عمرى) وبعدها إلى (بلقا).

وعلى طريق عمرى وعند استراحة (دومة) وفى الجهة الشرقية توجد ساقيتان لإخراج المياه. وهذه المياه تأتى من عمان وتتجه ناحية الغور فى جريانها. وتقع بلقا فى أقصى جنوب ولاية سوريا علي درجة ٣٣ خط عرض و ١٢ دقيقة شمالا و ٣٣ دقيقة واحدة على خط طول شرقى. ولكن القوافل لا تتوقف فيها لعدم توافر المياه بها.

وتصل القوافل المتحركة من بلقا إلي استراحة (قطران) بعد اجتياز سبع عقبات ، ومن هناك تتحرك القوافل حتى تصل إي منزل (حسا).

والسلطان سليمان هو الذى أمر بتأسيس قلعة كبيرة عند مرحلة قطران ، وهو الذى أمر بحفر وتطهير بركتها التى كانت قد سويت بالأرض لامتلأتها بالمخلفات. وقد أرسل خمسة عشر ألف فيلورى للصرف منها على هذه الأغراض.

ولم تكن قوافل الحج التى لا تجد المياه اللازمة لها فى بركة قطران ، تتوقف فى هذه المرحلة ، بل كانت تتابع سيرها

١٤١

التى تم فتحها حديثا ، ويقوم ـ فى حضور شيخ الحرم وملّا المدينة. بتوزيع هذه الحصص على أصحابها نهارا ، وليلا تحت أضواء المشاعل وطبقا للدفاتر السلطانية.

__________________

حتى تحط رحالها عند جسر (لجون) الواقع فى الطرف الغربى للمرحلة السابقة.

ثم تصل القوافل إلي قرية (الكرك والشوبك) الواقعتين فى الشمال الشرقى للمنزل السابق ، وعندما تصل قافلة الحجيج إلى الحسا كانت ترسل مؤنها من هذه القرى.

وعلى الرغم من أن قرية الشوبك هذه تقع بين الجبال ، إلا أنها تتمتع بالمياه المتدفقة ، ومراعيها الخضراء الكثيرة. وفوق الجبل الواقع فى الطرف الغربى ، يوجد نزل ونبع ماء ، وبالقرب من هذا النزل يوجد جسر صغير.

أما الكرك فهى مركز ملحق بسنجق الشام ، ومرتبطة بالدوائر الحكومية الموجودة فى (نابلس) ، وأراضيها خصبة وذات محاصيل وفيرة. إلا أن سكانها من قبائل البدو ، وعشائرهم لا يعرفون شيئا عن المدينة الحديثة. وتعداد سكانها حوالى ثمانية آلاف ستة منهم أو يزيد على الدين الإسلامى ، أما البقية الباقية فهى على الدين المسيحى.

والقوافل التى تغادر الحسا تصل إلي (ظهر عنيزة) ، ثم تصل بعد ذلك إلى قلعة معان.

وإذا كان الطريق الممتد بين (الحسا) و (عنيزة) فيه الكثير من المنحنيات والانحدارات ، إلا أن الحدائق التى ترى فى (الوبك) و (عنيزة) من بعيد تجعله طريقا مأمونا.

أما مرحلة (معان) فهى تتبع ناحية (شراء). وكانت هذه المنطقة مقر إقامة بنى أمية فى القدم ومأوى رجالاتهم. وللسلطان سليمان القانونى فى المنطقة قلعة وينبوع ماء. ومع أن مياه هذه العين لا تستحق المدح والثناء ، إلا أنها تدفع عن المسافرين والقوافل شدة العطش والحاجة الملحة إلى المياه.

وبعد قلعة معان تصل القوافل إي (شهر العقبة) ، ومن هناك تتحرك نحو (ذات الحج) وتسمى ظهر العقبة ب (عبادان) أيضا. وإذا كانت هذه المرحلة تعوزها المياه ، إلا أنها مشهورة بتمورها وبلحها الذى يسمى (طبيليات).

كما أن ذات الحج أيضا لها اسم آخر وهو حجر ، وقد أمر المرحوم السلطان سليمان القانونى بإقامة قلعة فى هذا المكان أيضا. وتأتى مياه ذات الحج من الحفر والآبار التى يقوم الأهالى بحفرها ، ويصنعون لها المجارى ، ويقيمون المشاتل والمزارع على مياها. وتشتهر هذه المنطقة بالعديد من أنواع التمور والبلح الذى تشتهر به بساتينها.

والحجاج الذين يغادرون ذات الحج يصلون إلى (قاع البسيط) ، ومن هناك يشدون الرحال إلى (تبوك).

ومنطقة قاع البسيط منطقة رملية ، تسمى أيضا ب (عرابد) ، وقمة الجبل المرتفعة التى يسميها العرب (شرورا) تقع فى مكان يتوسط هذه المنطقة الرملية.

وتشتهر منطقة تبوك بالبلح والتمور. وقد أمر المرحوم السلطان سليمان بإقامة قلعة حجرية منيعة فى هذا الموقع أيضا.

ومما يروى أن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاد المجاهدين أثناء غزوة تبوك الشهيرة ، قد ملأ راحتيه الكريمتين من نهر تبوك ونثرها فى الوادى الذى كانت مياهه قليلة وراكدة آنذاك. فتدفقت مياها وبدأت فى الجريان ، وما زالت تلك المياه تسيل حتى الآن.

وتوجد بركة ذات مياه بالقرب من قلعة تبوك.

والقوافل المسافرة من تبوك تصل إلى منزل (مقابر القلندرية) ، ومنها تتجه إلى مرحلة (أخيضر).

ومقابر القلندرية هذه عبارة عن هضبة صغيرة إلى حد ما ليست بها عيون ماء. أما أخيضر فتقع بين الجبال ، وهى ذات مساحات واسعة ، وقلعتها تحت إدارة حكومة الشام. وتوجد ثلاث برك ملاصقة للقلعة تماما لدرجة أن سكان القلعة يأخذون المياه من الآبار الواقعة داخل الحصن ويملأون بها البرك المذكورة.

وقد أمر السلطان سليمان القانونى فى بداية جلوسه على العرش سنة ٩٢٦ ه‍ (١٥٢٠ م) ، وإليه على الشام مصطفى باشا بأن يشيد قلعة أخيضر. وبناء على هذا الأمر قام مصطفى باشا هذا بتكليف (طريان بن قراجا) شيخ عربان بنى حارثة ببناء هذه القلعة ، فقام بتشييدها على الفور ، لأن عربان بنى عقبة وبنى لام كلما نشب الخلاف ودب العصيان بينهم ، قاموا بإغلاق الآبار وتصفية البرك من مياهها.

١٤٢

ويتم ذلك كله وسط فرحة الآهالى ، وتهليلهم وبالثناء والدعاء للسلطان.

__________________

وتصل القوافل بعد مرحلة أخيضر إلى (بركة المعظم) ، وتتجه من هنالك إلى (مغارش الزير). وبعد هذه المرحلة تتجه القوافل إلى مرحلة (جبل الطاق).

بركة المعظم :

وهى عبارة عن حوض كبير أقيم ليملأ بمياه السيول وسط منطقة صحراوية ، ويظل فارغا من المياه عند انقطاع الأمطار ، ويروى أن هذا الحوض من آثار الملك المعظم عيسى أحد سلاطين بنى أيوب.

مغارش الزير :

ويطلق عليها أيضا (فراح وأفرع) وهى تبعد عن جبل الطاق بنصف مرحلة فقط.

جبل الطاق :

وهو الموقع الذى عقرت فيه ناقة صالح عليه وعلى نبينا السلام ، وبعد أن تصل قوافل الحج إلى هذا الموقع ، تتجه ناحية الشرق ، وتعرج نحو (مبرك الناقة) ثم تتابع سيرها حتى تنزل فى مرحلة (حجر).

الحجر :

ويطلق عليه أيضا (قرى صالح). وهذه القرى عبارة عن هضاب رملية وبيوت منحوتة فى الصخر على قمم الجبال ..

وهذه المنطقة وإن كانت آثارها كثيرة إلا أنه قد نهى عن الشرب منها.

قرى صالح :

وهى عبارة عن موقع رملى ويابس به بعض الجبال المنخفضة وتسمى هذه الجبال بالأتالب أيضا. وقد مر الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذا المكان عند ذهابه إلى غزوة تبوك. وهو ـ عليه الصلاة والسلام ـ الذى تناول بعضا من مياه آبارها ثم نهى عن شربها ، بل وأمر بسرعة المرور والعبور من هذه المناطق.

الحجر :

وهى الأراضى التى تعرف بديار ثمود. وتوجد بها بعض المنازل التى نحتت فى الجبال. وبها أيضا مسجد صالح الذى حفر فى البقعة الشريفة من هذه الديار. وحول هذا المسجد الشريف توجد بعض الأطلال والآثار التى بقيت من عهد ثمود.

ويطلق على الجبل الذى توجد عليها استراحة الحجر (جبل أنان). وكان صالح بن عبيد بن أسفان ما شيخ بن عبيد بن ثمود بن عابر بن إرم ابن سام وأولاد عمومتهم جديس وعاد يسكنون بجوار الحجر هذا ، وكانوا يعبدون أصنامهم فى تلك البقاع ، وقد أرسل الله سبحانه وتعالى ، صالح إليهم ليدعوهم إلى التوحيد. وقد أرادواهم بدورهم إعجاز صالح (عليه وعلى نبينا السلام) ، بأن طلبوا منه أن يخرج لهم ناقة من الصخر. وبناء على إصرارهم هذا أخرج لهم الحق جل وعلا ناقة من الصخر ، وتمادى بعضهم فى غيه وعناده. ولم يؤمنوا بما دعاهم إليه صالح ، وحددوا يوما لكى تشرب فيه الناقة من البئر الذى منه يسقون. ثم قر قرارهم على أن يعقروا ناقة صالح. وعقرها رئيسهم (قدرا) ، فأنذرهم صالح بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام. وهاجر عليه‌السلام إلى بلدة (الرملة) فى فلسطين واختارها موطنا ومقاما له. وبعد أن انقضت المهلة الممنوحة لهم ، أتاهم عذاب الله. إذ أنزل عليهم من السماء حجارة كأنها سهام القضاء ، ونالهم الهلاك المبين. وأصبحت جثثهم هامدة ، وديارهم خاوية. ولم يحمهم ما شيدوه من قصور شامخة ، وما جمعوه من أموال وافرة ، ونحتوه من بيوت آمنة. وكان ذلك تصديقا لوعده ، ومظاهرة لنبيه ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم «فأصبحوا فى ديارهم جائمين».

والقوافل التى تغادر مغارش الزير تواصل سيرها جهة القبلة مسافة نصف منزل أى حتى المكان الذى عقرت فيه ناقة صالح. ثم تتحرك من هناك حتى تنزل فى منزل (الحجر) سابق الذكر والواقع فى الجهة الشرقية. وتمر القوافل مسرعة أمام الصخرة التى عقرت فيها ناقة صالح حتى لا يسمعون صدى صوت الناقة عند عقرها لأن الجمال والنوق التى قدر لها أن تسمع صدى صوت ناقة صالح تنخ باركة ، ولا تستطيع أن تنهض مرة أخرى ، ويعتقد البعض أن هذا هو السر وراء دعوة المصطفى عليه الصلاة والسلام لرجاله أن يمروا خفاقا من هذا المكان عند توجههم إلى غزوة تبوك.

١٤٣

وهواء المدينة ومناخها فى غاية الإعتدال والجمال ؛ فالمحبوب والحبيبة فى غاية الرقة والجمال والبهاء : «بيت»

__________________

العلا :

وتتجه القوافل القائمة من الحجر إلى موقع (العلا) الموجود فى الجهة الجنوبية ، وعلى مسيرة نصف مرحلة من ديار ثمود.

تبعد العلا عن المدينة المنورة بست مراحل ، وهى من توابع المدينة المنورة وتكثر بها المياه الجارية والحدائق والبساتين. كما توجد بها قلعة حصينة ، وتتمتع بانخفاض فى أسعار منتجاتها.

وكان السلطان سليمان القانونى قد أمر بتجديد قلعتها وحصنها. وقد ضرب حولها حصار من الجند لحراستها ، على أثر الشكوى التى قدمها الأهالى إلى والى الشام من غارة بعض العصاة من الأعراب على نخيلها. وبعدها بدأت الحكومة فى تقاضى درهم عن كل نخلة ، حتى يصرف من هذه الحصيلة على الجند. ويروى البعض أن هذه الضريبة قد ارتفعت إلى أربعين درهما عن كل نخلة.

والقوافل التى تغادر (العلا) تتجه نحو (قطران أو طوامير). وهذا المكان حجرى صلب صعب الاجتياز يخلو من المياه والسكان.

وتصل القوافل من هناك إلى (شعب النعام). وهذا الموقع وإن كانت لا تتوفر فيه الآبار ، إلا أن الحجاج ينالون حاجتهم من المياه التى تراكمت على جانبى الطريق بعد هطول الأمطار.

شعب النعام :

وبعد (شعب النعام) تصل القوافل إلى مرحلة (هدية). ومع أن هذه المنطقة تتوافر فيها المياه من الحفر ، إلا أن أحدا من المسافرين لا يقربها لأنها تسبب الإسهال ، وبعد هدية تصل القوافل إلى منزل (فحلتين).

منزل فحلتين :

ومنزل فحلتين هذا عبارة عن هضبتين صغيرتين ، تخلوان تماما من المياه ، ويوجد بالقرب من فحتلين جبل مرتفع فوق قمته حصن حصين.

والقائمون من (فحلتين) يمرون ب (وادى القرى) ومنه إلى (بيار حمزة). وبعد ذلك يصلون إلى (المدينة المنورة) وتستمر رحلة القوافل فمن الشام إلى المدينة المنورة ١٤٧ ساعة وتصل فى الغالب فى الثالث والعشرين من ذى القعدة من كل عام ، ثم تستمر حركتهم إلى (بيار على).

وادى القرى :

ووادى القرى هذا موقع تكثر فيه الغابات والأشجار ، وإن لم توجد به المياه. وتنسب (بيار على) إلى الحيدر رضى الله عنه. وهى عبارة عن عدة آبار عمق كل منها ثلاثة أذرع.

ولما كانت القوافل تصل إلى هذا المنزل فى وقت الإحرام ، فإن الحجيج جميعهم يلبسون ملابس الإحرام فى هذا الموقع.

والقافلة التى تتحرك من (بيار على) تصل إلى (قبور الشهداء) ، وبعدها تصل إلى الجديدة.

قبور الشهداء :

وهى عبارة عن مكان محصور بين جبلين ، تعتمد مياهه على البحيرة التى تتجمع مياهها من أثر هطول الأمطار ، وإذا لم تسقط الأمطار ، تعذر الحصول على المياه فى هذا الموقع.

جديدة :

وهى عبارة عن هضبة صغيرة محصورة بين جبلين ، فوقها قرية صغيرة كثيرة المياه يانعة البساتين مليئة بالحدائق ، تمورها وقثاؤها وشمامها وبطيخها كثير ، حلو المذاق.

والقائمون من الجديدة يصلون إلى (بدر) ، ومنها إلى (قاع البرو) ، ثم يتجهون نحو (رابغ). وتوجد عدة قرى

١٤٤

__________________

عامرة بين قرية جديدة ووادى خضر. كما أن ناحية بدر تكثر فيها المياه الجارية والبساتين وارفة الظلال والحدائق ذات المحصول الوفير.

قاع البرو :

وهو عبارة عن واد رملى منخفض يخلو من المياه. وإذا كانت رابغ هى الأخرى واديا رمليا ، إلى أن قربها من البحر جعل مياه الآبار العذبة تتدفق إذا ما حفرت الآبار فى أى موقع من المواقع. وتكثر حدائق النخيل والبساتين فى وادى رابغ هذا. كما يكثر فى هذا الوادى نوع من السمك الذى يسمى (علف الغنم). وهناك طائفتان تقطنان رابغ : إحداهما (روى) ، والأخرى (روى جماع) وكانت ترسل لهم صرة خاصة بهم.

والقوافل المتحركة من رابغ تصل إلى (طارق) ، ومن طارق تتجه إلى (عقبة السويق).

بلاد الطارق :

تقع قرى بلاد الطارق فى الجهة الشمالية من مرحلة طارق ، والبلاد المذكورة عبارة عن مجموعة من القرى والمزارع العامرة بأشجار اللوز ، تقع فوق قمة جبل عال.

وعند ما ينزل الحجاج فى استراحة طارق ، يفد عليهم أهالى قرى بلاد الطارق ليبيعوا لهم السمن والزبد والجبن والحبوب المنوعة.

عقبة السويق :

وتقع على طريق (خليص). وعلى الرغم من أن المسافة التى بينها وبين استراحة طارق كلها جبال صخرية صلبة صعبة الاجتياز ، إلا أن المسافة التى تبدأ من عقبة السويق فى اتجاه مكة عبارة عن أرض سهلة منبسطة ، ولذلك تتمتع ببساتين جميلة ، وبها بئر وماء جار وبحيرة صغيرة.

ولما كان أعراب زبيد وهم أسوأ قبائل العرب يسكنون فى هذه النواحى ، فقد خصصت لهم الدولة صرة خاصة بهم لكى لا يعتدون على القوافل ، وينهبون متاعها.

والقوافل المتحركة من عقبة السويق ، تواصل سيرها حتى تصل إلى المرحلة المسماة (عسفان).

عسفان :

وهى من الآبار النبوية المأثورة. وتكثر الآبار فى هذه المنطقة ، ويطلق على بعضها (بطن مر). ويقع مدرج عثمان فى الطرف الشرقى لبطن مر هذه.

وتصل القوافل قرية أبى عروة بعد مغادرة مرحلة عسفان ، ثم تدخل القوافل مكة المكرمة كانت تقطع القوافل المسافة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة فى مائة وست ساعات. وكانت تدخل مشارف مكة فى أوائل ذى الحجة. أو تقوم من عسفان حتى تصل إلى طريق البرقا ، ثم تصل إلي مكة المكرمة عن طريق وادى المر يعتبر الطريق الذى يمتد من المدينة المنورة إلى وادى المرمن أصعب الطرق وأكثرها خطرا ولذلك كانت لا تسكله القوافل إلا نادرا.

أبو عروة :

قرية صغيرة تقع فى حضن الجبل فى الجهة الغربية من الطريق ، وتكثر بها المياه الجارية والحدائق والبساتين.

وهناك طريق آخر يؤدى إلي مكة المكرمة من الشام ، إلا أنه غير مطروق فى زماننا لانعدام المياه والأمن فيه. وهذا الطريق المذكور يقع على الجانب الشرقى من الطريق الذى سبق أن عرفناه. والذين يرغبون فى اجتياز هذا الطريق ويخرجون من الشام حتى (أرايانى البصرة). ومن هنالك يصلون إلى قلعة الأزرق. ومن الأزرق يتجهون نحو (قراقر). ثم يتجهون منها إلى (قلته). ونم قلتة إلى (صبيحة) ، وبعدها (تيما). ومن تيما تتجه القوافل نحو (وادى الصوان) ، ثم تسلك الطريق إلى مكة المكرمة عن طريق العلا سالف الذكر. وهناك خمسة منازل فى المسافة الواقعة بين الشام وقلعة أزرق ، ومن قلعة أزرق إلى مرحلة قراقر.

وتوجد بعض الآبار قليلة المياه ، وبعض أشجار النخيل فى هذه المنازل ، ويوجد بين قراقر وقلتة منزلان ، وبين قلتة وصبيحة منزلان آخران. ومن صبيحة حتى تيما ثلاثة منازل ، ومن تيما حتى العلا أربعة منازل. واحتمال الحصول على قليل من الماد فى كل منزل من هذه المنازل أمر وارد.

١٤٥

رفتاره كله روح مصوّر روان اولو

غفّناره كله معجزه اسعا بيان اولور (١)

سيدات المدينة ؛ جميعهن يرتدين الملابس الحريرية الزرقاء ، والشباشب ، ويتدثرن بالإيزار الأسود ، ويضعن على رؤوسهن نقابا ، حريريا ، تنحصر ألوانه ما بين الأخضر ، والأحمر ، والأصفر. أما الرجال فيضعون على رؤوسهم عرقية «طاقية» شامية ، وفوقها الشال الكشميرى أو العمامة البيضاء. والجميع ـ نساء ورجال ـ يكحّلون عيونهم بالكحل.

أشجار الفاكهة التى تكثر فى المدينة :

إن بستان صوقوللى محمد باشا ، وحديقة شيخ الإسلام وغيرهما من الحدائق ،

__________________

ويشتمل هذا الطريق على عشر مراحل. وبين كل مرحلة وأخرى سبعة وعشرون ميلا.

وهناك طريق آخر بين مكة والمدينة ، كثيرا ما يسلكه أهل المدينة أنفسهم.

والذين يسلكون هذا الطريق يتحركون من آبار على إلي (سمحان) ، ف (سمحان) ، ف (جبل مفرح) ف (قريش) ف (قبور الشهداء). ومن قبور الشهداء إلى (روحا). ومنها إلى (شعب) ، ومن شعب إلى (تازى) وكان الطريق الممتد من المدينة المنورة حتى هذه المرحلة مخيف وخطر جدا. ثم (حنيف بنى عمرو) ، ومن هناك يمرون بطريق الوادى الصغير الذى يؤدى إلى المكان المقصود.

سمحان :

جبل صغير مثل جبل مفرح يقع بين جبلين شاهقين ، وقد اعتاد الجمالون على أن ينالوا العطايا والهدايا والمنح من الحجاج منذ القدم. عند وصول القوافل إلى هذه المرحلة.

روحا :

ويوجد بها بئر عميق الأغوار.

شعب :

وتقع بين جبلين. وبئرها يقع فى الجهة اليمنى من الطريق.

حنيف بنى عمرو :

واد طويل محصور بين جبلين ، توجد به عدة قرى ، وتوجد بهذه القرى عيون جارية وآبار عذبة المياه وحدائق نخيل. وتسكن هذه القرى قبائل بنى عمرو وبنى سالم الذين يبلغ عددهم ألفا تقريبا. وهم ذوو شهرة واسعة فى الحرب والقتال ، وخاصة فى رمى السهام. ويعتبرون من أكثر قبائل العرب غنى وثراء.

وادى الصغير :

يقع منزل وادى الصغير عند حافة جبل. وهو يتمتع بعيون جارية ومياه عذبة وأشجار للنخيل ذات محصول وفير. وماؤه أعذب وأحلى من مياه بدر وبنى حنيف.

وتقيم فى هذا الموقع طائفة من الأشراف الزيدية الذين يقومون بحماية المارين والعابرين من هجمات البدو وغاراتهم. ويتقاضون صرة من الدولة فى مقابل ذلك. «المترجم»

(١) وترجمته : [تنبعث الروح فى القادم الوله

ومجيئه يبيّن معجزة السماء]

١٤٦

والبساتين عامرة بأنواع الفواكه الطازجة ؛ فبالمدينة سبعة أنواع من البلح ، والتمر ، وأنواع متعددة من التفاح ، والعنب ، والخوخ ، الذى يشبه وجنة الحسناء. والمشمش ، والبرقوق بها كثير ، وليمونها فى حجم رأس الإنسان ، وبها عدة أنواع من النارنج ، والليمون الحامض ، وأشجار التين ، والزيتون ، والرمان ، والشمام ، والبطيخ. ولكن لما كانت منطقة المدينة منطقة صخرية ، فإن حقولها قليلة. وكل حبوبياتها تأتى إليها من مصر ، والطائف ، والحجاز. وبها ورد أحمر ليس هناك شبيه له فى غيرها من البلاد. وعداه ؛ فهناك الزنبق ، والقرنفل ، والفل ، والياسمين ، والنرجس ، والبنفسج ، وغير ذلك من الزهور الفوّاحة. وبلح المدينة ، وتمورها خاصة تتفوق على مثيلاتها فى شتى أنحاء المعمورة.

* * *

١٤٧
١٤٨

أماكن الزيارة والعبادة التى تقع خارج المدينة

أولا : زيارة البقيع التى تقع فى شرق قلعة المدينة :

يجب على الزائر أن يتوضئ أولا ، ثم يتجه نحو البقيع من باب القلعة المؤدى إليها وهو يردد : «السلام عليكم يا أيها المؤمنون ..» ثم يقرأ سورة (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١))(١). ثم يسير حوالى مائتين خطوة لزيارة الخليفة سيدنا عثمان ، وما أن يقترب حتى يبدأ الدعاء بقوله : «السلام عليكم يا خليفة رسول الله ، ثم يقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة. وكان سيدنا عثمان قد عيّن خليفة وهو فى الرابعة والثلاثين (٢) من عمره ويتصل نسبه رضى الله عنه بنسب الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكنيته «أبو عمر» ، ولد فى مكة وقتل فى المدينة ، وسمى ب «ذى النورين» وذلك لزواجه بإبنتى النبى الشفيع رضى الله عنهما.

صاحب النورين هو ظل الرحمن

مجمع البحرين بعلمه وحلمه

مجمع الفضائل جامع الفرقان

صدف در المعرفة هو عثمان

كانت مدة خلافته إحدى عشر سنة ، وسنه ، عند ما تولى الخلافة تسع وستين سنة ، وكان استشهاده رضى الله عنه سنة ٣٥ ه‍ ـ ٦٥٥ م ، وهو مدفون بالبقيع ، ودمه القانى الطاهر مغطى بالحرير الأخضر.

ثم تأتى زيارة «أم سلمه» وهى «رضى الله عنها» إحدى زوجات النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقد توفيت عن ثلاث وستين سنة. ويأتى مرقد الحكم ابن العاص بالقرب من سيدنا عثمان. ثم أبو سعيد الخضرى وهو مدفون بالقرب من سيدنا عباس ، وثم جابر بن عبد الله الذى خاض تسعة عشر غزوة بجوار النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقد كان رضى الله عنه عالما فاضلا ، ومدفون بالقرب من السيدة عائشة ، ثم عبد الله بن جعفر بن أبى طالب وهو شقيق سيدنا على كرم الله وجهه. ثم الإمام زين العابدين ، وهو الإمام الرابع ، مدفون تحت قبة الإمام الحسن ؛ والأخير هو ابن سيدنا على. رضى الله عنهم أجمعين.

__________________

(١) سورة التكاثر آية ١.

(٢) بعد قليل من الأسطر يذكر المؤلف نفسه أن سيدنا عثمان قد تولى الخلافة وهو فى التاسعة والستين من عمره. كما أن مدة خلافته ثنتا عشرة سنة وتوفى عن حوالى اثنين وثمانين سنة. [المترجم]

١٤٩

«الحسن والحسين هالتين ... رضى الله عنهما».

كما أن العباس بن عبد المطلب «عم الرسول» مدفون أيضا تحت هذه القبة. وكذا الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين ، والإمام جعفر الصادق إبن الإمام محمد الباقر.

وعباس ، والإمام حسن ، والإمام محمد الباقر ، والإمام جعفر الصادق مدفونون جميعا فى البقيع تحت قبة ثمانية الزوايا. ولقد قرأنا سورة «يس» على أرواحهم جميعا.

وفى مواجهة هذه البقعة الطاهرة يقع مسجد سيدنا على ، وهو مسجد صغير بدون منارة. وداخل هذه البقعة أيضا يرقد عقل إبن أبى طالب ، وهو شقيق سيدنا على ، وكذا الإمام نافع صاحب القراءة ؛ وبالقرب منه ترقد والدة سيدنا على السيدة عصيه ، وعلى القرب منهم الإمام مالك صاحب المذهب المالكى ، ومدفون بالقرب منه الواثق بالله العباسى ، وعلى مقربة منه السيدة «أم صفية».

وآل بيت رسول الله جميعا فى البقيع ، ومدفونون داخل قبة واحدة ، إلا أن السيدة عائشة ، وأم حبيبة ، وبعض جوارى الرسول يرقدن بالقرب من مرقد عائشة. وبالقرب من قدمى عائشة «رضى الله عنها» نرى هذا التاريخ :

(أمر بتجديد هذا المرقد المبارك لحضرة الصدّيقة عائشة رضى الله عنها السلطان سليمان خان بن سليم شاه إبن با يزيد خان بن محمد خان خلّد الله ملكه سنة خمسين وتسعمائة).

وتحت نفس القبة ؛ ترقد أم كلثوم ، بنت النبى الكريم ، والسيدة رقية. كما دفنت السيدة زينب ، وأم هانئ ، أم المؤمنين ، وبالقرب منها ثلاث جاريات من جواري الرسول الكريم ، وعلى مقربة منهن ، ترقد السيدة حليمة السعدية ، والدة الرسول فى الرضاعة ، وأخته فى الرضاعة وهى السيدة سلمه ، والجارية بركة ، التى انتقلت إليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من والده ، وكانت تقوم على خدمته وهو لم يزل في المهد ، ويسمونها «أم أيمن» وهى مدفونه بجوار السيدة حليمة.

وكانت أم المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد توفيت فى الطريق وهى متجة من المدينة إلى مكة. وقد دفنت السيدة آمنة هنالك.

١٥٠

ويقول بعض كتاب السيرة الثقات ، أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أخرج رفاة جسدها الطاهر فى السنة السادسة للهجرة حيث كانت ترقد ، وأحضره إلى المدينة المنورة ، ودفنها تحت القبة التى ترقد فيها والدته بالرضاعة.

ولقد قرأنا على أرواحهن الطاهرة سورة النساء ، وتأسينا بهن ، وبمن فى حضرتهن من الصحابة الميامين.

وهنا فى البقيع أيضا يرقد أبناء النبى ، وفلذات كبده ، أولا ؛ إبراهيم وأمه ، مارية ، والقاسم ، والطيب ، والطاهر ، وجميعهم أبناءه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من خديجة الكبرى. والثابت أن تسعة من أبناء الشفيع ، قد توفوا فى حياته صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا السيدة فاطمة الزهراء ؛ زوجة سيدنا على كرم الله وجهه ، فقد شهدت وفاة المصطفى ، وهى فى عصمة على ، ووافاها أجلها بعد حبيبها ، ووالدها بستة شهور فقط.

«بيت»

فليكن سلاما كثيرا إلى آل بيته

وليكن مرقدهم روضة من رياض الجنه

وهنا يتم الحديث عن زوجات الرسول وأبناءه

الصحابة الكرام :

ومن الصحابة الكرام المدفونين فى البقيع ؛ حضرة سعيد الأخضرى ، وعمر بن عمر البربرى ، وزوجة سيدنا أبى بكر الصديق ، ووالدة السيدة عائشة ، والسيدة رقيه ؛ كريمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحضرة سهيب الرومى ، والسيدة صدّيقة بنت جابر اليمنى. وسعد بن أبى وقّاص. وقد رأيت أنا العبد الحقير إلى ربه مقاما آخر له بالقرب من جسد يعقوب على الطريق بين الشام والقدس كما أن له مقاما آخر فى الإسكندرية بمصر.

وفى المدينة ؛ وتحت قبة سعد بن أبى وقاص هذه ، مدفون معه سعد بن زيد بن عمر. وبالبقيع مدفن زيد بن ثابت الأنصارى وعبد الله بن سلام الأنصارى ، وعلى مقربة منهما كعب بن عمر الأنصارى ، وأبى بن كعب.

١٥١

وفى ركن آخر من أركان البقيع يرقد كل علماء الروم. (١) (علماء الأناضول) الذين توفاهم الله فى هذه الديار أمثال چلب مصلح الدين أفندى والسيد ابراهيم المدنى المدفون بالقرب من سيدنا عباس والكاتب محمد أفندى ومولانا سنان النهجى ومصطفى ابن قره داوود. والشيخ خير الدين خضر بن الإمام أحمد الأماسى وهو أيضا على مقربة من حضرة سيدنا عباس ، وكذا العربى الشيخ محمد عرّاف فهو يرقد ها هنا بين هؤلاء الصحابة الكرام.

وهنا ختام الكلام عن زيارة البقيع

* * *

__________________

(١) علماء الروم : المقصود بهم العلماء الذين نشأوا فى الاراضى العثمانية التى آلت إليهم من بلاد الروم أى من بلاد الدولة البيزنطية.

١٥٢

المزارات التى تقع خارج المدينة

قرية مسجد قباء : «قبة الإسلام»

هى قرية ذات حدائق ، وبساتين غنّاء. بها مائتين منزل ، وتعتبر منتجع ومنتزه أهل المدينة. بها جامع «قباء» وقد بناه سيد البشر ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم كالدرة الفريدة ، يصعد إليه بسبع درجات ، فى فناءه النخلة التى غرسها المصطفى بيديه الطاهرتين ، وكذا شجرة «السدرة». وتحت هذه الشجرة بئر ماء ، ومن تيسر له صلاة ركعتين فى المحراب النبوى. بهذا الجامع تستجاب كل دعواته. وكان النبى الأمين صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد بقى ثلاثة أيام فى هذا الموقع عند هجرته الأولى من مكة إلى المدينة. وقد أمر صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببناء مسجد فى هذا الموضع ؛ كان صغيرا ، فى بادئ الأمر ، ثم أعاد بناءه وتوسيعه بما تيسر له من غنائم فى غزوات تبوك ، وأحد ، وحنين. طول هذا الجامع من الشرق إلى الغرب مائة وعشرون خطوة. أما عرضه فستون خطوة. وبداخله قباب مقامة على أربعين عمودا ، وعلى المحراب نقشت هذه الآية الكريمة : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١) وعلى المنبر (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)(٢) كما كتب على المحراب. (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى)(٣).

وفى الركن الشمالى من هذا الجامع يوجد محراب آخر ، كان الرسول الكريم يتعبد فى موضعه ، ويتلو فيه آيات الكتاب ، ويسمونه «المحراب المكشف» حيث كان بهذا المحراب ثقب ، صغير ، مفتوح تجاه مكة المكرمة ، وكان الرسول الكريم دائما ما ينظر منه ناحية مكة ، شوقا إلى موطنه الأصلى ، ومسقط رأسه الطاهرة.

ومسجد سيدنا على يقع ناحية القبة من هذا الجامع. ويتسع مسجد سيدنا على هذا إلى حوالى خمسين رجلا.

وما أن تتجه من هذا الموقع ناحية القبلة ، وتسير نحو خمسين خطوة ، حتى تجد نفسك أمام مسجد السيدة عائشة. وفى مواجهة الطريق تماما يوجد «بئر أديش» ، وكان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قد بدأ فى حفره بشخصه الكريم ، ثم اكتمل هذا البئر على يدى

__________________

(١) سورة البقرة آية ١٤٤.

(٢) سورة النحل آية ٩٠.

(٣) سورة التوبة آية ١٠٨.

١٥٣

الصحابة الميامين. ومن يشرب من ماء هذا البئر مدة أربعين يوما ، يشفى بإذن الله من كل أسقامه وكنت أنا العبد الفقير قد أصبت بمرض «الخفقان» من جراء شرب ماء بارد ، عند ما كنت أتصبب عرقا خلال فرارى وهروبى بعد هزيمة أردل"Erdel " ) التى منينا بها أمام الكفار. والحمد لله ، والشكر له فبعد أن شربت من هذا الماء ، بضع أيام ، وبعد أن اغتسلت به عدة مرات ، شفيت ، وعوفيت من هذا الداء بعون الله. وتسقى الحدائق والبساتين المجاورة من مياه هذا البئر.

وتكثر فى هذه المنطقة زراعة الليمون ، والنارنج ، ويحكى أن سيدنا عثمان عندما كان خليفة ، حضر إلى هذا المكان ذات يوم ، وبينما كان يتوضئ من هذا البئر ، سقط من يده خاتم النبوة ، وبالرغم من كل أعمال البحث التى بذلوها ، فلم يستطع أى شخص أن يجده. وتطير الناس من ذلك ، ورددوا أن عثمان بفقده خاتم النبوة ؛ قد فقد طالعه. وقد استشهد سيدنا عثمان بعد أربعين يوما من فقده خاتم النبوة.

حديقة صوقوللى :

حديقة كروضة من رياض الجنة ، تستحق الزيارة ، والمشاهدة ، ومن يشاهدها بقصورها المزدانه ، ودواوينها المزركشة ، ورياحينها الفواحة ، ينشرح صدره ، وتروى من مياه البئر السابق الإشارة إليه. وهى مليئة بالفل ، والنسرين ، والورود المختلفة الألوان ، وإن كان يغلب عليها اللون الأحمر. وبها قصور غاية فى الرقة ، والإحتشام.

ثم على الزائر أن يتوجه بعد ذلك لمشاهدة النخلتين اللتين غرسهما النبى الأمين بيديه الكريمتين. ويجب على الزائر أن يصلى ركعتين لله هناك.

وهناك داخل حدائق المدينة ؛ بئر يسمى «بئر عروة بن الزبير» من يشرب منه

__________________

(١) هزيمة أردل : "Erdel "

تقع ضمن حدود رومانيا الحالية. وكان أول اتصال للعثمانيين بها فى زمن مراد الأول ، حينما أراد سنة ١٣٩١ م+ ٧٩٤ ه‍ التوجه ضد ويدين ، ثم كانت الحملة الثانية سنة ١٤٢٦ م ـ ٨٣٠ ه‍ والحملة الثالثة سنة ١٤٣٢ م ـ ٨٣٦ ه‍. استطاع ملك المجر هونياد أن يوقف الهجمات العثمانية ، إلا أن الجيش العثمانى دخلها بقيادة خادم شهاب الدين باشا. وتوالت الحروب العثمانية عليها بعد عصر محمد الفاتح ـ ساد الهدوء والسلام المنطقة بعد سنة ١٦٦١ م وارتبطت بسياسة صداقة مع الدولة العثمانية فى زمن عائلة كوبريلى التى تولت الصدارة بسياسة صداقة مع الدولة العثمانية فى زمن عائلة كوبريلى التى تولت الصدارة إلا أنها ـ وبالدسائس الغربية ـ بدأت فى قطع وانتهاك هذه السياسة ودخلت بالكامل تحت سيطرة النفوذ النمساوى بعد معاهدة كارلوفچه سنة ١٦٩٩ م ـ ١١١١ ه‍. وتحولت أردل إلى ولاية نمساوية فيما بعد. (المترجم)

١٥٤

ينتفخ ، ثم بئر قزاعة ؛ وهو قريب من البئر السابق ، ويقال أن سيدنا ابراهيم هو الذى حفره. وقد توضأ النبى الأمين من هذا البئر.

وداخل بستان نخل الخضرتين ، مياه عجيبة ، ولها خصائص عديدة ، وخاصة للسيدات ؛ فمثلا لو كانت ولادة إحدى السيدات متعسرة وشربت من هذا الماء ، فإن جزءا من جسمها ترتخى عضلاته ، ويتسع ، وبعدها يرى المعصوم الدنيا. وكذلك من تشرب منه وقت حيضها ، فإن الحيض ينقطع ، وتصبح نظيفة طاهرة. وجميع نساء ، وفتيات المدينة ، يعرفن هذا الحوض ، ويغتسلن فيه. ولذا فإن الآهالى يطلقون على بستان الخضرتين هذا (بستان النساء) ولا يدخله غير النساء قط.

وجامع القبلتين ؛ على بعد ثلاثمائة خطوة ، من الموقع السابق ، وهو ثالث مسجد بناه الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وعلى مسافة مائة وخمسين خطوة منه يقع مسجد سلمان الفارسى ، ومسجد سيدنا عثمان على بعد مائة خطوة فقط من مسجد سلمان ، وبالقرب منه يرى الزائر مسجد على «رضى الله عنهم جميعا).

زيارة سيدنا حمزة :

لما كان موقع سيدنا حمزة ، يقع خارج المدينة بمسافة بعيدة ، فقد توجهنا إليه فى جمع غفير ، حيث بلغ مائة وخمسين فارسا ، مسلحا ، فمرقده رضى الله عنه حيث كانت موقعة أحد. وتقع أرض المعركة فى الطرف الشمالى منه.

وما زال يهود خيبر يفعم الحقد قلبهم ، فإذا أتيحت لهم الفرصة ، لا يتورعون عن قتل أي مسلم. وفى مسيرتنا ، كنا نشاهد النخل وقد إنحنت جزوعه ، من ثقل ما يحمل من أسباط البلح ـ وعلى بعد ألف خطوة يجد الزائر : «مصطبة الرسول الكريم» ؛ حيث ارتدى عليه‌السلام درعه فى هذا الموقع ، وهو متجه إلى غزوة أحد. ويجب الترجل عند هذا الموقع ، عند التوجه لزيارة سيدنا حمزة ، ويكون الأجر والثواب بذلك مضاعف. وقمت أنا العبد الحقير بالترجل ، ووضعت طرف ثوبى فى حزام خصرى ، معطيا فرسى لغلامى ، وبدأت المسير تحت وهج الهجير ، مرددا سورة (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١))(١) ؛ وبعد ساعة وصلنا إلى :

__________________

(١) سورة التكاثر آية ١.

١٥٥

وادى خيمة الرسول :

وقد كان موقع جيش الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى هذا الوادى ، وبه إيوان صغير ، وكانت خيمة إحرام حضرته عليه‌السلام فوق هذا الإيوان. وصلاة ركعتين هنا من السنن المحببة ؛ ففى هذا الموقع صف الرسول جنده ، صفوفا متراصة. وجعل سيدنا حمزة مقدمته وخالد بن الوليد ميمنته. وقد نويت أنا العبد الضعيف مع كل الرجال «نية الغزو» واستللنا السيوف واضعين إياها فى خصورنا.

وفى شمال الموقع ، وعلى بعد يبلغ ، حوالى خمسمائة خطوة ، يوجد «إيوان عاشوراء» ، وهو المكان الذى يقوم فيه الشاميون بإعداد طعام العاشوراء (١) وتوزيعه على الحجاج. وإلى جواره يوجد إيوان أمين الصرة. وإيوان الملّا ، وإيوان شيخ الحرم. وكان صفوة الخلق صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشرف هذا المكان كل عام لزيارة سيدنا حمزة رضى الله عنه ، وإعداد العاشوراء.

آداب الزيارة :

أما مزار سيدنا حمزة ؛ فعلى بعد مسيرة ساعة واحدة من المدينة ، وهو على شكل قبة كأنها مقبرة ، مدخلها من باب يفتح على القبلة ، يطل على فناء ، والفناء مفروش بحجارة بيضاء. وتحت هذه القبلة ، وناحية الكعبة فى الفناء ، يرقد رضى الله عنه ، داخل صندوق رباعي الأضلاع ، والصندوق داخل مقصورة رباعية أيضا. ومن كان يحمل سيفا ، فعليه أن يضعه داخل صندوق سيدنا حمزة ، وبعد فترة يخرجه ، وسط تكبيرات حارسى المقبرة ، ويتمنطقه ، وسط تهليلاتهم ، فيكسب ثواب الغزوة.

وبجوار رأس سيدنا حمزة ، دفن الشريف صالح وهو من ذريته ، فسيدنا حمزة من الهاشميين ؛ هو ابن عبد الملك ، وعم الرسول. أسلم هو ، وسيدنا عمر معا ، قتل العديد من الكفار فى غزوة أحد ، واستشهد رضى الله عنه ، فى نفس المعركة وتمذق جسده الطاهر.

__________________

(١) طعام عاشوراء : طعام يعد بمناسبة العاشر من محرم من كل عام هجري ، ويتكون من اثنا عشر حبة من الحبوب ، يسؤّى حتى أن ينضج ، ويوزع على الآهل ، والآقارب ، والجيران ، والمساكين ؛

انظر : للمترجم القيم الأسرية بين الأصالة والمعاصرة .. دار الآفاق العربية ـ القاهرة ١٩٩٩ م) المترجم.

١٥٦

وفى فناء الضريح ؛ يوجد بئر ماء. ولحكمة إلهية ؛ فإن تراب هذه المنطقة المحيطة بالضريح أبيض ، مع أن تراب هذه المنطقة بأسرها أحمر ، وسبب هذه الحمرة ، هو الدماء الذكية ، التى سالت بسبب سقوط سن النبى هنا. وإذا ما مسح الزائر أسنانه بهذا التراب ، فإنه يأمن ألم الأسنان ، ونزلات البرد. وقد جرب ذلك ، فالله على كل شئ قدير.

وعلى بعد خمسمائة خطوة شمال هذه الربوة يقع جبل أحد ، وهو جبل أملس مرتفع ، جباله ، وصخورة حمراء ، به مغارات كبيرة ، وفى نفس المنطقة ؛ وادى يطلقون عليه «وادى مقتل حمزة» ، وهو مكان مهيب. وقد إختبئ الكفار فى هذه المغارات ، وانقضوا على سيدنا حمزه الذى استشهد ، وهو يقاتلهم. وقد عدنا مسرعين من هذه المنطقة ، بعد أن صلينا ركعتين لله. واتجهنا جنوبا ، وسرنا نحو مائتى خطوة حتى وصلنا إلى :

مزار ميدان الشهداء :

فقد استشهد فيه أكثر من ألف من الصحابة ، ولم تقام لهم أى قباب ، ولكن لبعض من مشاهيرهم شواهد قبور. ولكن عقب أمطار غزيرة ، حدث سيل عارم ، فجرف التراب ، والحصى الموجودة فوق أجساد ما بين سبعين أو ثمانين شهيدا ، لدرجة أن أجسادهم الطاهرة ظهرت للعيان ، وما أن سمع أهل المدينة بذلك ، حتى توافدوا ، فرأوا ما قرت به عيونهم ، وإطمئنت قلوبهم ، فقد رأوا الأجساد طرية ، ندية ، وكأن استشهادهم قد حدث توا. فالبعض دماءهم الذكية ، وكأنها ما زالت تسيل ، والبعض ؛ وكأنه مضطجع ، والبعض مقطوع الرأس ، والبعض بدون أذرع أو سيقان ، والبعض ، وكأنه فى سنة من النوم. وهكذا شاهد الناس جميعا بعيونهم عظمة الشهادة فى سبيل الله ، والدين. وهفت نفوسهم إلى الشهادة فى سبيل رفعة الدين. وقام المدنيون بتورية هذه الأجساد الطاهرة من جديد ، وأمر شيخ الحرم ، بإقامة جدار طوله أربعمائة خطوة ، ناحية الوادى حتى يمنع وصول السيول مرة أخرى.

وشرط الزيارة هنا ؛ أن تكون وقت السحر ، وأن يكون الزائر عاري الرأس ، حافي

١٥٧

القدمين ، ولا يمكن أن تكون الزيارة ظهرا ، حيث أن الأرض ، وما عليها ، من رمال ، وتراب تكون كالنيران الملتهبة. وإذا لبس الزائر فى قدميه خفا ، أو ما شابه ذلك ، أعتبر ذلك مخلا بحرمة المكان. فكل هذه الصحراء مرقد للشهداء. والجميع ؛ صغيرا كان ، أو كبيرا يتحرج من الزيارة بدون وضوء.

وخلال شهرى محرم وصفر من كل عام يقرأ المولد الشريف (١) هنا ، وعند مقبرة سيدنا حمزة. يكتظ المكان بالمؤمنين ، وتجيش نفوس الحاضرين فى كل عام ، تحت تأثير الإنشاد الدينى ، والدعاء ، والإبتهالات التى تتردد أصداءها فى المكان كله ، لدرجة أن البعض تخور قواه ، ويلقى ربه من أثر الوجد الذى تفعم به النفوس ، ويعم المكان ، فيدفن حيث يكون فى صحبة الشهداء. وهنا تختم زيارة أماكن الزيارة التى تقع خارج المدينة

__________________

(١) المولد عرف الأدب التركى نوعا من الشعر الدينى ، عرف «بالمولد» ، وهى مدائح نبوية. وأهم هذه الأعمال ؛ هو «وسيلة النجاة» ل «سليمان چليى» [٨٢٥ ه‍ / ١٤٢٢ م] ، الذى نجح فى التعبير عن عواطفه الدينية ، بطريقة صادقة ، أقنع بها الطبقات المثقفة جنبا إلى جنب مع الطبقات الشعبية.

وقد استخدم المولد للدلالة على تلك القصائد التى تنشد بمناسبة المولد النبوى الشريف ، وما يصاحب الذكرى من إبتهالات دينية. وقد اختلفت الأراء الدينية حول الإحتفال بالمولد ، فمن يقول أنها بدعة ، ومن قائل أن الإنشاد وقراءة القصائد الدينية ليس بدعة ، وإنما البدعة هو ما يصاحب ذلك من طبل ، وطرق للدفوف وما شابه ذلك ، ومن قائل إنها بدعة حسنة ، وأن العرب هم أول من احتفلوا بمولد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بزيارة المنزل الذى ولد فيه فى يوم ميلاده. وأقام الفاطميون الإحتفالات الباهرة فى مصر ، ثم انتشرت حتى شملت العالم الإسلامى.

وبدأ الإحتفال بالمولد النبوى ، فى الدولة العثمانية ، يأخذ شكلا رسميا ، منذ عهد مراد الثالث (٩٨٢ ـ ١٠٠٣ ه‍ / ١٥٧٤ ـ ١٥٩٥ م). وأنه قد أخذ مكانا فى تشريفات السلطان منذ سنة ٩٩٦ ه‍ ، وما زال ينشد إلى يومنا هذا ، فى تركيا فى مناسبات كثيرة خاصة مولد سليمان چلبى. انظر : [د. نجلاپك اولجاى ، إسلامى تورك آديبالتى ، استانبول سنة ١٩٦٦ س ١٤٠ ـ ١٥٣].

ومولد سليمان چلبى هذا ، كتبه مؤلفه وهو فى الستين من عمره ، حين كان يعمل إماما لمسجد بورصه ، فى عهد بايزيد الثانى (٨٥١ ـ ٩١٨ ه‍ / ١٤٤٦ ـ ١٥١٣ م) رغبة منه فى إظهار فضائل الرسول محمد ، ومكانته بين الرسل.

وعدد النسخ الموجودة فى مكتبات إستانبول ، وحدها ، إحدى وخمسين نسخة ، لموالد مختلفة. وأرجح الأراء حول عدد أبيات هذه القصيدة هى أنها ٣١٧ بيتا.

وأهم المباحث التى تتناولها القصيدة ، توحيد البارى ، والتماس الدعاء ، وبيان خلق العالم ، بيان فطرة العالم ، وروح محمد ، وبيان ظهور النبى محمد ، وبيان معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعراج النبى ، وهجرة النبى من مكة إلى المدينة ، بيان ما يجب أن تكون عليه أمة محمد ، ثم بيان بالنصح والارشاد. انظر : [د. الصفصافى أحمد المرسى ود. ادريس نصر ، دراسات فى الشعر التركى ، القاهرة سنة ١٩٧٨ م مولد سليمان چلبى ص ٣٥ ـ ٥٣].

١٥٨

أوصاف زيارة الوداع :

بعد أن تتم جميع الزيارات ويشترط على الزائر أن يغتسل ، ويلبس ملابس طاهرة نظيفة ، ويدخل بأدب جم من باب «القلعة» وما أن يصل الزائر ، إلى المسجد النبوي الشريف ، فعليه أن يدخل من باب جبريل الواقع ناحية قدمي النبي الكريم ، وعليه أن يقرأ الفاتحة ، والدعاء التالى :

«السلام عليك يا رسول الله.». [وبعد أن ينتهى من دعاءه ، وتضرعاته ، عليه أن يتقهقر إلى الوراء مرددا .. «الوداع يا رسول الله .. الوداع.»] .. والسلام.

والحمد لله ، فقد أتممنا زيارة الوداع على هذا لنحو. وكتبت أنا العبد الفقير إلى ربه من الآيات والأقوال ما سمحت به قدرتنا.

والمعروف أن المدينة المنورة تقع على خط عرض ٢٠ و ٢٧ دقيقة. وخط طول ١٣ ساعة ، وخمس دقائق.

١٥٩
١٦٠