المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي

المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي

المؤلف:


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-023-4
الصفحات: ١٨٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يكون اثنا عشر أميراً ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : كلّهم من قريش » (١).

وفي صحيح مسلم : « ولا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (٢).

وفي مسند أحمد بسنده عن مسروق قال : « كنا جلوساً عند عبدالله بن مسعود وهو يقرأ القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمن ! هل سألتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم يملك هذه الأمّة من خليفة ؟ فقال عبدالله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : اثني عشر كعدة نقباء بني إسرائيل » (٣).

ويستفاد من هذه الأحاديث أُمور ، وهي :

١ ـ إن عدد الاَُمراء أو الخلفاء لا يتجاوز الاثني عشر وكلّهم من قريش بلا خلاف. وهذا العدد ينطبق تماماً مع ماتعتقده الشيعة بعدد الأئمة وهم كلّهم من قريش.

قد يقال : ان التعبير ب‍ ( الامراء أو الخلفاء ) لا ينطبق مع واقع الأئمة عليهم‌السلام ، والجواب واضح جداً ؛ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما أراد بذلك الإمرة والاستخلاف باستحقاق ، وحاشاه أن يقصد بذلك معاوية ويزيد ومروان وأمثالهم الذين لعبوا ما شاؤوا بمقدرات الاَُمّة.

بل المراد بالخليفة هو من يستمد سلطته من الشارع المقدس ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ : ١٦٤ كتاب الاحكام باب الاستخلاف ، وأخرجه الصدوق عن جابر بن سمرة أيضاً في كمال الدين ١ : ٢٧٢ / ١٩ ، والخصال ٢ : ٤٦٩ و ٤٧٥.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ١١٩ كتاب الامارة ، باب الناس تبع لقريش ، أخرجه من تسعة طرق.

(٣) مسند أحمد ٥ : ٩٠ و ٩٣ و ٩٧ و ١٠٠ و ١٠٦ و ١٠٧ ، وأخرجه الصدوق عن ابن مسعود في كمال الدين ١ : ٢٧٠ / ١٦.

٨١

ولا ينافي ذلك ذهاب السلطنة منهم في واقعها الخارجي لتسلط الآخرين عليهم.

ولهذا جاء في ( عون المعبود في شرح سنن أبي داود ) ما نصه : « قال التوربشتي : السبيل في هذا الحديث وما يتعقبه في هذا المعنى أنه يحمل على المقسطين منهم ، فإنّهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة ولايلزم أن يكونوا على الولاء ، وان قدّر أنّهم على الولاء ، فإنّ المراد منه المسمّون بها على المجاز ، كذا في المرقاة » (١).

٢ ـ إنّ هؤلاء الاثني عشر معنيّون بالنص كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل ، قال تعالى : ( ولقد أخذ اللهُ ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) (٢).

٣ ـ إن هذه الأحاديث تفترض عدم خلو الزمان من الاثني عشر جميعاً ، وأنه لابدّ من وجود أحدهم ما بقي الدين إلى أن تقوم الساعة.

وقد أخرج مسلم في صحيحه وبنفس الباب ما هو صريح جداً بهذا ، إذ ورد فيه : « لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان » (٣).

وهو كما ترى ينطبق تمام الانطباق على ما تقوله الشيعة بأنّ الإمام الثاني عشر ( المهدي ) حيّ كسائر الأحياء ، وأنه لابدّ من ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً على وفق ما بشر به جده المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وغير خاف على أحد أن أهل السنة لم يتّفقوا قطّ على تسمية الاثني عشر حتى إنّ بعضهم اضطر إلى إدخال يزيد بن معاوية ومروان وعبد الملك ونحوهم وصولاً إلى عمر بن عبد العزيز لأجل اكتمال نصاب الاثني

__________________

(١) عون المعبود ١١ : ٢٦٢ شرح الحديث ٤٢٥٩.

(٢) المائدة : ٥ / ١٢.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ١٢١.

٨٢

عشر (١) !!

وهو بلا أدنى شكّ تفسير خاطئ غير منسجم مع نصّ الحديث. إذ يلزم منه خلو جميع العصور بعد عصر عمر بن عبد العزيز من الخليفة بينما المفروض أنّ الدين لا يزال قائماً بوجودهم إلى قيام الساعة.

إنّ أحاديث الخلفاء اثنا عشر تبقى بلا تفسير لو تخلّينا عن حملها على هذا المعنى ، لبداهة ان السلطنة الظاهرية قد تولاّها من قريش أضعاف العدد المنصوص عليه في هذه الأحاديث فضلاً عن انقراضهم أجمع وعدم النصّ على أحد منهم ـ أُمويين أو عباسيين ـ باتفاق المسلمين.

وبهذا الصدد يقول القندوزي الحنفي : ( قال بعض المحققين : إنَّ الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة ، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أنّ مراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حديثه هذا ، الأئمة اثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن ان يُحْمَل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلّتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن نحمله على الملوك الاُمويّة لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم؛ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « كلّهم من بني هاشم » ، في رواية عبد الملك ، عن جابر ، وإخفاء صوته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية : لأنهم لايُحسنون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسية ؛ لزيادتهم على العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم ...

ويؤيد هذا المعنى ـ أي : أن مراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأئمة الاثنا عشر من أهل

__________________

(١) أُنظر اقوالهم في كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي ١ : ١٣ ـ ١٥ من القسم الأول ، وتفسير ابن كثير ٢ : ٣٤ عند تفسير الآية ١٢ من سورة المائدة ، وشرح العقيدة الطحاوية ٢ : ٧٣٦ ، وشرح الحافظ ابن القيم على سنن أبي داود ١١ : ٢٦٣ شرح الحديث ٤٢٥٩ ، والحاوي للفتاوى ٢ : ٨٥.

٨٣

بيته ـ ويرجّحه حديث الثقلين » (١).

ولا يخفى أنّ حديث : ( الخلفاء اثنا عشر ) قد سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر وضبط في كتب الصحاح وغيرها قبل تكامل الواقع الإمامي ، فهو ليس انعكاساً لواقع وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن الهوى ، فقال : « الخلفاء بعدي اثنا عشر » ليكون ذلك شاهداً ومصدقاً لهذا الواقع المبتدئ بأمير المؤمنين علي والمنتهي بالامام المهدي عليهم‌السلام وهو التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث (٢).

فالصحيح إذن أن يعتبر الحديث من دلائل النبوّة في صدقها عن الإخبار بالمغيّبات ، أمّا محاولات تطبيقه على من عرفوا بنفاقهم وجرائمهم وسفكهم للدماء من الاُمويين والعباسيين وغيرهم فهو يخالف الحديث مفهوماً ومنطوقاً على الرغم مما في ذلك من إساءة بالغة إلى مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ يعني ذلك انه أخبر ببقاء الدين إلى زمان عمر بن عبد العزيز مثلاً ، لا إلى ان تقوم الساعة !!

النص على الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام يوضح المراد

بالخلفاء الاثني عشر :

لأجل متابعة الأدلة الاَُخرى التي توضح المراد بحديث : ( الخلفاء اثنا عشر ) ، وتُعيِّن لنا شخص الإمام المهدي باسمه ونسبه وحسبه ؛ لابدّ من التذكير قبل ذلك بأمرٍ هو في غاية الأهمية ، بحيث لو تدّبره المنصف ، وأمعن النظر فيه لما بقيت هناك أدنى غشاوة على عينيه ، ولاكتفى

__________________

(١) ينابيع المودة ٣ : ١٠٥ باب ٧٧ في تحقيق حديث بعدي اثنا عشر خليفة.

(٢) بحث حول المهدي / الشهيد محمد باقر الصدر : ٥٤ ـ ٥٥.

٨٤

بالمقاييس السابقة التي تركها لنا النبي الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمعرفة امام الزمان في كل عصر وجيل ، ولم يطلب بعدها أي دليل آخر.

وأعني بهذا الأمر تاريخنا الاسلامي الذي تعاقبت عليه منذ البدء أنظمة اتفقت على اقصاء عترة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن السلطة اقصاءً تامّاً ، فضلاً عما اقترفته تلك الانظمة ـ الاُموية والعباسية ـ من الاَُمور الفادحة بحق الذرية الطاهرة.

ومن البداهة ان يعزّ النص على الأئمة الاثني عشر في الكتب المؤلَّفة بوحيٍ من الحكّام وفي ظل تلك الانظمة التي اجتاحت آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوشكت ان تبيد أولاد البتول عليهم‌السلام ، حين ضرّجت رمضاء كربلاء بدم خامس أصحاب الكساء صلوات الله عليه وسلم.

ومن غير المعقول ان يدين الظالم نفسه فيسمح برواية كون المهدي هو التاسع من أولاد الحسين عليه‌السلام ، أو أن المقصود بالخلفاء الاثني عشر هم أئمة الشيعة الاثني عشر ، اللّهم إلاّ ما خرج من تلك الروايات عن رقابته ، ورُوي بعيداً عن مسامعه. وعلى الرغم من هذا الحصار فان ما ظهر منها انتشر كضوء النهار.

ولا يصحّ في الأفهام شيءٌ

إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ

وهذا مما لا ينبغي اغفاله ، ونحن نستعرض باختصار بعض الاحاديث المبينة لمعنى ( الخلفاء اثنا عشر ).

١ ـ في ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : نقلاً عن كتاب المناقب للخوارزمي الحنفي بسنده عن الإمام الرضا عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث جاء فيه التصريح باسماء الأئمة الاثني عشر واحداً بعد واحد ابتداءً بأمير المؤمنين علي بن ابي طالب وانتهاءً بالامام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهم‌السلام.

٨٥

قال القندوزي بعد روايته : « وأخرجه الحمويني » (١) أي : صاحب فرائد السمطين الجويني الحمويني الشافعي.

٢ ـ وفي الينابيع أيضاً تحت عنوان : ( في بيان الأئمة الاثني عشر باسمائهم ). أورد عن فرائد السمطين بسنده عن ابن عباس حديثين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذكر الأئمة باسمائهم ، وأولهم علي وآخرهم المهدي عليهم‌السلام (٢) ، ونفس الشيء تجده في باب ( في ذكر خليفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أوصيائه عليهم‌السلام ) (٣).

٣ ـ وفيه أيضاً ، عن جابر بن عبدالله الانصاري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا جابر إنَّ أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي ، أوّلهم علي ثم الحسن ، ثم الحسين ... » ثم ذكر الأئمة التسعة من أولاد الحسين باسمائهم ابتداءً بعلي بن الحسين وانتهاءً بالامام المهدي بن الحسن العسكري عليهم‌السلام (٤).

٤ ـ وفي كمال الدين : «حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛ وابراهيم بن هاشم جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : دخلتُ على فاطمة عليها‌السلام وبين يديها لوح فيه اسماء الأوصياء ، فعددت اثني عشر اسماً آخرهم القائم ، ثلاث منهم محمد ، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم » (٥).

ورواه من طريق آخر عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب إلى آخر

__________________

(١) ينابيع المودة ٣ : ١٦١ ب ٩٣.

(٢) ينابيع المودة ٣ : ٩٩.

(٣) ينابيع المودة ٣ : ٢١٢ باب ٩٣.

(٤) ينابيع المودة ٣ : ١٧٠ باب ٩٤.

(٥) كمال الدين ١ : ٣١٣ / ٤ باب ٢٨.

٨٦

السند المتقدم.

وقد يقال : ان السند غير حجة من وجهين :

الأول : إنَّ الحسين بن أحمد بن ادريس في السند الاول ، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار في السند الثاني لم يوثقا.

قلتُ : هما من مشايخ الاجازة ، ولم يذكر الصدوق أحدهما في جميع كتبه إلاّ مترضياً عليه ، ومن البداهة ان لا يقال للفاسق (رضي‌الله‌عنه) بل يقال ذلك للرجل الجليل ، ولو تنزلنا بعدم دلالة هذا اللفظ على الوثاقة ، فإنّه من البعيد كل البعد ان يتفق كل منهما على الكذب على أبيه ؛ لانهما رويا الحديث عن أبويهما.

ومما يدل على صدقهما ان الكليني أخرج الحديث بسند صحيح عن أبي الجارود وابتدأ السند بوالد شيخ الصدوق محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري (١) ، والمشايخ الثلاثة الأول في هذا السند من أجلاء المحدثين وثقاتهم المشهورين بالاتفاق.

الثاني : إنَّ أبا الجارود قد طعن عليه فالسند ليس بحجة.

والجواب : إنّ أبا الجارود تابعي ، ومن أين للتابعي أن يعلم بأنّ في اسماء الأوصياء عليهم‌السلام ثلاثة باسم محمد ، وأربعة باسم علي ؟! وهذا هو المنطبق مع الواقع ، وقد مات أبو الجارود قبل اتمام هذا الواقع بعشرات السنين ، على أنّ الشيخ المفيد قد وثقه في رسالته العددية (٢).

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٥٣٢ / ح ٩ باب ١٢٦.

(٢) سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد / جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية ( الرسالة العددية ) ـ طبع بيروت ـ ٩ : ٢٥ ، فقد جعله في عداد فقهاء أصحاب الإمام الباقر عليه‌السلام ، ومن الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام الذين لايطعن عليهم ولاطريق الى ذم واحد منهم ، على حد تعبيره رحمه‌الله.

٨٧

هذا ، والصدوق أخرج حديث اللوح في أول الباب بهذا السند قال : « حدثني أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبدالله ، وعبدالله بن جعفر الحميري جميعاً ، عن ابي الحسن صالح بن حماد والحسن بن طريف ، عن بكر بن صالح.

وحدثنا أبي ، ومحمد بن موسى المتوكل ، ومحمد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن علي بن ابراهيم ، والحسن بن ابراهيم بن ناتانة ، وأحمد بن زياد الهمداني رضي الله عنهم قالوا : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم ، عن بكر بن صالح ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام .. الحديث ».

والسندان صحيحان إلى بكر بن صالح الذي ضُعِّف. ولا يضر ضعفه هنا لأنّه من غير المعقول ان يخبر الرجل الضعيف عن شيء قبل أوانه ثم يتحقق ذلك الشيء على طبق ما أخبر به ، ثم لا يكون المخبر ـ بعد ذلك ـ صادقاً ، فالرجل روى عن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام فمن أين له ان يعلم بأولاده وصولاً إلى المهدي عليه‌السلام ؟! وهو كما يبدو من طبقته لم يدرك الأئمة ( الهادي والعسكري والمهدي عليهم‌السلام ) ، ويدلك على هذا إنّ من مشايخ الحسن بن طريف الراوي عن بكر بن صالح في السند الاول ، هو ابن أبي عمير( ت / ٢١٧ ه‍ ) ، ومن في طبقته.

٥ ـ ما في كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر للخزاز ـ من أعلام القرن الرابع الهجري ـ : فقد خصص كتابه كلّه في الأحاديث الواردة في النص على الأئمة الاثني عشر باسمائهم ، ولامجال لنقل رواياته ، ولكن لا بأس بنقل ما جاء في مقدمة الكتاب ، قال : « وابتدئ بذكر الروايات في النصوص عليهم عليهم‌السلام من جهة أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المعروفين مثل : عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن مسعود ، وأبي سعيد

٨٨

الخدري ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن سمرة ، وجابر ابن عبدالله ، وأنس بن مالك ، وأبي هريرة ، وعمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت ، وزيد بن أرقم ، وأبي أُمامة ، وواثلة بن الأسقع ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن أُسيد ، وعمران بن الحصين ، وسعد بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وأبي قتادة الأنصاري ، وعلي بن أبي طالب ، وابنيه : الحسن والحسين عليهم‌السلام.

ومن النساء : أُم سلمة ، وعائشة ، وفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ثم أعقبه بذكر الأخبار التي وردت عن الأئمة صلوات الله عليهم ما يوافق حديث الصحابة في النصوص على الأئمة ونص كل واحد منهم على الذي بعده ؛ ليعلموا ـ إن انصفوا ـ ويدينوا به ، ولايكونوا كما قال الله سبحانه : ( فما اختلفوا إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (٢) » الجاثية : ١٧.

٦ ـ وأخرج في كمال الدين : عن محمد بن علي بن ماجيلويه ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد ابن الحسن الصفار.

وعن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت القمي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : « كنتُ أنا وأبو بصير ، ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه‌السلام في منزلٍ بمكة ، فقال محمد بن عمران : سمعتُ أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « نحن اثنا عشر مهدياً ». فقال له أبو بصير : تالله لقد سمعتُ ذلك من أبي عبدالله عليه‌السلام ؟ فحلف مرة أو مرتين انه سمع ذلك منه ، فقال أبو بصير : لكني سمعته من أبي جعفر عليه‌السلام » (٢).

__________________

(١) كفاية الأثر / الخزاز : ٨ ـ ٩ من المقدمة ..

(٢) كمال الدين ٢ : ٣٣٥ / ٦ وذيل الحديث نفسه أيضاً.

٨٩

وأخرجه الكليني عن محمد بن يحيى ، وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي طالب ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران بتمام ألفاظه (١).

وهو كما ترى ليس في سنده من يُتأمل في وثاقته فجميعهم من ثقات الرواة وإنْ وُجد في سند الصدوق ممدوح فقد كان إلى جنبه الثقة المأمون ، وفيه كفاية على بيان المراد من حديث : ( الخلفاء اثنا عشر ).

٧ ـ وفي الكافي بسند صحيح جداً : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : « أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعه الحسن بن علي عليه‌السلام وهو متكئ على يد سلمان ... » وفيه ذكر الأئمة الاثني عشر جميعاً عليهم‌السلام ابتداءً بعلي عليه‌السلام وانتهاءً بالمهدي بن الحسن العسكري عليهما‌السلام (٢).

قال الكليني : « وحدثني محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي هاشم مثله سواء. قال محمد بن يحيى : فقلتُ لمحمد بن الحسن : يا أبا جعفر ، وددتُ ان هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبدالله ! قال ، فقال : لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين » (٣).

والمراد بالحيرة هنا : غيبة الإمام المهدي عليه‌السلام في سنة ٢٦٠ ه‍ ، وهي

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٥٣٤ ـ ٥٣٥ / ٢٠ باب ١٢٦. وقد عدّه المجلسي في مرآة العقول ٦ : ٢٣٥ حديثاً مجهولاً !

وهو اشتباه قطعاً ، لتوفر النص على وثاقة رجال سند الكافي جميعاً من قبل الشيخ والنجاشي وجميع من تأخر عنهما. والظاهر انه اشتبه بمحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه‌السلام الذي لم يرد نص في توثيقه ، وهو لا يضر وجوده لوجود الثقة معه واحراز سماع الحديث عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام من جهة أبي بصير فأي ضير في ان يُسمع الحديث من الصادق عليه‌السلام أيضاً.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٥٢٥ / ١ باب ١٢٦.

(٣) أُصول الكافي ١ : ٥٢٦ / ٢ باب ١٢٦.

٩٠

السنة التي توفي فيها الإمام العسكري ، وما قاله محمد بن يحيى لا يوجب طعناً على أحمد بن أبي عبدالله البرقي ؛ لثقته بالاتفاق ، فكأن محمد بن يحيى تمنى أن يكون من حدّث شيخه الصفار بهذا الحديث قد مات في حياة الإمام العسكري أو الإمام الهادي عليهما‌السلام وليس البرقي الذي عاش إلى سنة ٢٧٤ ه‍ ، أو ٢٨٠ ه‍ ، على قول آخر ؛ لأن الإخبار عن شيء قبل وقوعه ، وتحقق ذلك الشيء على طبق الخبر يعد من الاعجاز الذي لا يحتاج في قوة ثبوته إلى شهرة الخبر بتعدد رواته ، اذ لا مجال لتكذيبه بأي حال من الاحوال وان لم يروَ إلاّ بسند واحد.

فجاء الجواب من الصفار بأنّ ما رواه الثقة الجليل البرقي كان قبل وقوع الغيبة بعشر سنين.

ولا يخفى على أحد بان المخبر ـ الذي لم يوثق ـ عن شيء قبل وقوعه ، لا يشترط في قبول قوله أكثر من موافقته للشروط المنصوص عليها في قبول الخبر الضعيف ، أو تحققه على طبق خبره ؛ لأنه كاشف عن صدقه ، حتى وان لم توثقه كتب الرجال (١).

ومثال هذا ما رواه الكليني والصدوق بسند صحيح ، عن أبان بن عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن عبدالله بن جعفر الطيار ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث جاء فيه النص على الإمام عليٍّ وبعده ابنه الحسن ، ثم ابنه الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثمّ محمد الباقر عليهم‌السلام ثمّ ، قال : «ثم تكملة اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين » (٢).

__________________

(١) وأما مع توفر وثاقة المخبر فلا يشترط ذلك بالاتفاق؛ إذ المفروض صدقه ، وليس بعد الصدق إلاّ مطابقة الخبر للواقع كمسألة نزول عيسى وظهور المهدي وفتنة الدجال ونحوها ، وان لم يتحقق شيء منها بعد.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٥٢٩ / ٤ باب ١٢٦ ، وكمال الدين ١ : ٢٧٠ / ١٥ باب ٢٤ ، والخصال ٢ : ٤٧٧ / ٤١ من أبواب الاثني عشر.

٩١

فضعف أبان بن أبي عياش لا يضر هنا لإخباره عن واقع قد تحقق على طبق ما أخبر بعد سنين من وفاته ، وفي كمال الدين للصدوق روايات كثيرة من هذا الطراز ، ولكن من لا خبرة له قد جعلها ساقطة عن الاعتبار لضعفها سنداً في زعمه !! على الرغم من انحصار الضعف بالرواة الذين ماتوا قبل اكتمال التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر بأزمان بعيدة.

وينطبق هذا الاعجاز على غالبية أخبار غيبة الإمام الثاني عشر عليه‌السلام كما شهد بذلك الصدوق ، فقال : « إنَّ الأئمة عليهم‌السلام قد اخبروا بغيبته عليه‌السلام ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم ، واستحفظ في الصحف ودوّن في الكتب المؤلفة من قبل ان تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر ، فليس أحد من أتباع الأئمة عليهم‌السلام إلاّ وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودوّنه في مصنفاته ، وهي الكتب التي تعرف بالاُصول مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد عليهم‌السلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين ، وقد اخرجت ما حضرني من الاخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها.

فلا يخلو حال هؤلاء الاتباع المؤلفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغيبة ، فألفوا ذلك في كتبهم ودونوه في مصنفاتهم من قبل كونها ، وهذا محال عند أهل اللُّب والتحصيل. أو أن يكونوا أسسوا في كتبهم الكذب فاتفق لهم الأمر كما ذكروا ، وتحقق كما وضعوا من كذبهم ! على بعد ديارهم ، واختلاف آرائهم ، وتباين أقطارهم ومحالهم. وهذا أيضاً محال كسبيل الوجه الأول ، فلم يبقَ في ذلك إلاّ أنهم حفظوا عن أئمتهم المستحفظين للوصية عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات ما دونوه في كتبهم وألّفوه في أُصولهم وبذلك وشبهه فلج الحقّ وزهق الباطل ، إن الباطل كان

٩٢

زهوقا » (١) انتهى.

ولا يخفى أنّ الاُصول التي أشار لها الصدوق متواترة النسبة إلى اصحابها عنده ، كتواتر نسبة كمال الدين إلى الصدوق عندنا ، وهذا يعني أنّ اخبار الغيبة حتى مع فرض انحصار الضعف بسندها ابتداءً فهو لا يقدح بصحتها بعد نقلها من تلك الكتب مباشرة ، وعلى الرغم من ذلك فسوف لن نحتج باخبار الشيعة الامامية إلاّ بما صح سنده مطلقاً إلى الإمام عليه‌السلام ، أو إلى من أخبر بالواقع الإمامي قبل اكتمال تسلسله التاريخي وإنْ لم تعرف وثاقته.

المهدي من أولاد الحسين ، وأنه التاسع من ولده عليهم‌السلام :

إنَّ هذه النتيجة وان ثبتت فيما تقدم إلاّ انه لابدّ من تأكيدها في هذا البحث ببعض النصوص التي احتج بها بعض أعلام أهل السنة أولاً ، وباليسير الصحيح عند الشيعة روماً للاختصار ، وهي :

١ ـ الحديث المروي عن سلمان الفارسي ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيّوب الانصاري ، وابن عباس ، وعلي الهلالي ـ بألفاظ مختلفة ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : « يا فاطمة إنّا أهل بيت اعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت ـ إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ومنا مهدي الأمّة الذي يصلي عيسى خلفه ، ثم ضرب على منكب الحسين عليه‌السلام فقال : من هذا مهدي الاَُمّة » (٢).

__________________

(١) كمال الدين ١ : ١٩ من مقدمة المصنّف.

(٢) أخرجه الدارقطني كما في البيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي الشافعي : ٥٠١ ـ ٥٠٢ باب ٩ ، والفصول المهمة / لابن الصباغ المالكي : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ فصل / ١٢٠ ، وفضائل الصحابة للسمعاني على ما في ينابيع المودة : ٤٩ باب ٩٤ ، وقد صرّح في معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام ١ : ١٤٥ / ٧٧ بكثرة طرق هذا الحديث وانها ربما بلغت نحو مجلد.

٩٣

٢ ـ في عقد الدرر للمقدسي الشافعي : روى خبراً عن علي عليه‌السلام جاء فيه : إنّ المهدي « من ولد الحسين ، ألا فمن تولى غيره لعنه الله » (١).

وقد أورده المقدسي محتجاً به فقال : « ونختم هذا الفصل بشيء من كلام الإمام علي هازم الأبطال فيما تضمنه من الأهوال الشديدة والاُمور الصعاب وخروج الإمام المهدي مفرج الكروب ، ومفرق الأحزاب » ثم ذكر الحديث.

٣ ـ وفي عقد الدرر : أيضاً عن جابر بن يزيد ، عن الإمام الباقر عليه‌السلام في حديث طويل جاء فيه : « والمهدي يا جابر رجل من ولد الحسين » (٢).

٤ ـ وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي في شرح قول الإمام علي عليه‌السلام : « وبنا تُختم لا بكم ». قال : « اشارة الى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان ، وأكثر المحدثين على أنه من ولد فاطمة عليها‌السلام ، وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه ، وقد صرحوا بذكره في كتبهم ، واعترف به شيوخهم ـ إلى أن قال ـ وروى قاضي القضاة رحمه‌الله تعالى عن كافي الكفاة أبي القاسم اسماعيل بن عباد رحمه الله باسناد متصل بعلي عليه‌السلام ، إنّه ذكر المهدي وقال : إنّه من ولد الحسين عليه‌السلام ، وذكر حِليتَه فقال : رجل أجلى الجبين ، اقنى الأنف ، ضخم البطن ، أزيل الفخذين ، أبلج الثنايا ، بفخذه اليمنى شامة.

وذكر هذا الحديث بعينه عبدالله بن قتيبة في كتاب غريب الحديث (٣) انتهى.

٥ ـ وفي ينابيع المودة عن مناقب الخوارزمي : بسنده عن

__________________

(١) عقد الدرر : ١٣٢ باب ٤ فصل ٢.

(٢) عقد الدرر : ١٢٦ باب ٤ فصل ٢.

(٣) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ١ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ شرح الخطبة رقم / ١٦.

٩٤

الحسين عليه‌السلام قال : « دخلت على جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاجلسني على فخذه وقال لي : إنّ الله اختار من صلبك ياحسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم ، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء » (١).

٦ ـ وفي الينابيع عن مناقب الخوارزمي أيضاً ، بسنده عن سلمان قال : « دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّ الحسين بن علي على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أخو سيد ، أنت إمام ابن إمام أخو إمام ، أنت حجة أبو حجة ، وأنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم » (٢).

وحديث سلمان رضي‌الله‌عنه رواه الصدوق في كتاب الخصال بسند في غاية الصحة ، قال : « حدثنا ابي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبان بن تغلب ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن سلمان الفارسي رحمه‌الله قال : دخلتُ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واذا الحسين على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت امام ابن امام أبو الأئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم » (٣).

٧ ـ وفي اُصول الكافي : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سعيد بن غزوان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم » (٤).

ورواه الصدوق ، عن أبيه ، عن علي بن ابراهيم كما في الكافي سنداً

__________________

(١) ينابيع المودة ٣ : ١٦٨ باب ٩٤.

(٢) ينابيع المودة ٣ : ١٦٧ باب ٩٤.

(٣) الخصال ٢ : ٤٧٥ / ٣٨ أبواب الاثني عشر ، وكمال الدين ١ : ٢٦٢ / ٩ باب ٢٤.

(٤) أُصول الكافي ١ : ٥٣٣ / ١٥ باب ١٢٦.

٩٥

ومتناً (١).

وليس في واحد من رجال السند من يُشك في جلالته ، أو يُرتاب في نقله.

٨ ـ وفي الينابيع عن فرائد السمطين للحمويني الجويني الشافعي : بسنده عن الأصبغ بن نباته ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون » (٢).

المهدي هو محمد بن الحسن العسكري عليهما‌السلام

سوف نذكر تحت هذا العنوان بعض النصوص التي لا تقبل تأويلاً لدلالتها على شخص الإمام المهدي والأخبار بغيبته قبل وقوعها ، وهي :

١ ـ ما رواه الصدوق بسند صحيح ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن أيّوب بن نوح قال : « قلت للرضا عليه‌السلام : انا لنرجو ان تكون صاحب هذا الامر ، وان يرّده الله عزّ وجل اليك من غير سيف ، فقد بويع لك ، وضربت الدراهم باسمك ، فقال عليه‌السلام : ما منا أحد اختلفت اليه الكتب ، وسُئل عن المسائل ، وأشارت إليه الأصابع ، وحُملت إليه الأموال ، إلاّ أُغتيل أو مات على فراشه ، حتى يبعث الله عزّ وجل لهذا الامر رجلاً خفي المولد والمنشأ وغير خفي في نسبه » (٣).

وفي هذا الحديث اشارة إلى ما أحاط ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام من

__________________

(١) الخصال ٢ : ٤٨٠ / ٥٠ أبواب الاثني عشر.

(٢) ينابيع المودة ٣ : ١٦٢ باب ٩٤ ، ورواه في ٢ : ٨٣ في المودة العاشرة ، تحت عنوان ( في عدد الأئمة وان المهدي منهم عليهم‌السلام ).

(٣) كمال الدين ٢ : ٣٧٠ / ١ باب ٣٥.

٩٦

أُمور لا يعلمها إلاّ خاصة أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام ؛ ولهذا جاء في الخبر الصحيح : « إنّ المهدي هو من يقول الناس : لم يولد بعد » !

فقد روى الصدوق بسند صحيح جداً قال : « حدثنا ابي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدثنا الحسن بن موسى الخشّاب ، عن العباس بن عامر القصباني ، قال : سمعتُ أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول : صاحب هذا الامر من يقول الناس : لم يولد بعد » (١).

٢ ـ ما رواه المقدسي الشافعي في عقد الدرر عن الباقر عليه‌السلام : « يكون هذا الأمر في أصغرنا سناً » (٢). وفيه اشارة إلى الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه‌السلام.

٣ ـ ما رواه الكليني بسند صحيح : عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي نجران ، عن فضالة بن أيّوب ، عن سدير الصيرفي قال : « سمعتُ أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن في صاحب هذا الامر شبهاً من يوسف عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ فما تنكر هذه الاُمّة أن يفعل الله جل وعز بحجته كما فعل بيوسف ، أنْ يمشي في اسواقهم ، ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك كما أذن ليوسف ، قالوا : أَإِنك لأَنت يوسف ؟ قال : أنا يوسف » (٣).

٤ ـ في ينابيع المودة : عن الإمام الرضا عليه‌السلام : « الخلف الصالح من ولد الحسن بن علي العسكري هو صاحب الزمان وهو المهدي سلام الله عليهم ».

وقد صرّح القندوزي في الينابيع بوجود هذا الحديث في كتاب

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٣٦٠ / ٢ باب ٣٤ ، وأخرجه من طرق أُخرى أيضاً في نفس الباب.

(٢) عقد الدرر : ١٨٨ باب ٦.

(٣) أُصول الكافي ١ : ٣٣٦ / ٤ باب ٨٠.

٩٧

الأربعين لأبي نعيم الاصبهاني (١).

٥ ـ وفيه : عن الإمام الرضا عليه‌السلام : « إنَّ الإمام من بعدي ابني محمد ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم وهو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره فيملاَ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وأمّا متى يقوم ؟ فإخبار عن الوقت ، لقد حدثني أبي ، عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مثله كمثل الساعة لاتأتيكم إلاّ بغتة » (٢).

٦ ـ وفي اُصول الكافي بسند صحيح : عن علي بن ابراهيم ، عن الحسن ابن موسى الخشاب ، عن عبدالله بن موسى ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة قال : سمعتُ أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم قال ، قلت : وَلِمَ ؟ قال : يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ ثم قال : يا زرارة ، وهو المنتظر الذي يشك في ولادته منهم من يقول : مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول : حمل [ أي مات أبوه وهو حمل في بطن أُمه ] ، ومنهم من يقول أنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين. وهو المنتظر غير أنَّ الله عز وجل يحب أنْ يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة .. الخ » (٣).

٧ ـ وفي اُصول الكافي : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : « للقائم غيبتان : احداهما قصيرة ، والاُخرى طويلة ، والغيبة الاُولى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة شيعته ، والاُخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه » (٤).

__________________

(١) ينابيع المودة ٣ : ١٦٦ باب ٩٤.

(٢) ينابيع المودة ٣ : ١١٥ ـ ١١٦ باب ٨٠ مصرحاً بنقله عن فرائد السمطين للحمويني الشافعي.

(٣) أُصول الكافي ١ : ٣٣٧ / ٥ باب ٨٠ ، وانظر كمال الدين ٢ : ٣٤٢ / ٢٤ باب ٣٣ و ٢ : ٣٤٦ / ٣٢ ب ٣٣ بسند آخر ، والاول أجود.

(٤) أُصول الكافي ١ : ٣٤٠ / ١٩ باب ٨٠.

٩٨

وهذا الخبر لاريب في صدوره عن الإمام الصادق عليه‌السلام لوثاقة رواته جميعاً ، ودلالته على الإمام المهدي بن الحسن العسكري أبين من ضوء الشمس في رائعة النهار.

٨ ـ وفي كمال الدين بسند صحيح : « حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أيّوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم ، فقلت له : ما يصنع الناس في ذلك الزمان ؟ قال : يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم » (١).

٩ ـ وفي اُصول الكافي : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعتُ أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « إن بلغكم عن صاحب هذا الامر غيبة فلا تنكروها » (٢).

أقول : لم يغب من الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام سوى المهدي بالاتفاق ، وهو لم يكن مولوداً في زمان صدور هذا الحديث ، ولهذا جاء التأكيد فيه على غيبته بعد ولادته.

وقد أخرجه الكليني بسندين معتبرين لا شائبة فيهما أصلاً باتفاق علماء الشيعة أجمع.

١٠ ـ وفي كمال الدين : « حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما ؛ قالا : حدثنا سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري وأحمد بن ادريس ؛ قالوا : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عبد الجبار ، وعبدالله بن عامر بن سعد

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٣٥٠ / ٤٤ باب ٣٣.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٣٨ / ١٠ باب ٨٠ ، وأخرجه في نفس الباب من طريق صحيح عن عدة من اصحابنا ، عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن مسلم ١ : ٣٤٠ / ١٥.

٩٩

الاشعري ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن محمد بن المساور ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إيّاكم والتنويه ، أما والله لَيَغيبنَّ إمامكم سنيناً من دهركم ، ولتمحصنّ حتى يقال : مات أو هلك بأي وادٍ سلك ، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين ، ولتكفأنَّ كما تكفأ السفن في أمواج البحر ، ولا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه ... » (١).

ورجال الحديث قبل محمد بن المساور كلّهم من أجلاء الرواة وثقاتهم بلا خلاف ، وأما محمد بن مساور فقد مات سنة ( ١٨٣ ه‍ ) وحاله غير معلوم ، وفي وثاقة المفضل كلام ، ولكن الحديث شاهد صدق على امانتهما في نقله لما فيه من إخبار معجز تحقق بعد وفاة ابن المساور بسبعة وسبعين عاماً لوقوع الغيبة فعلاً في سنة (٢٦٠ ه‍ ).

وقد أخرجه الكليني بسند صحيح إلى محمد بن المساور ، عن المفضل أيضاً (٢) ، ومما يقطع بصدوره الاحاديث الكثيرة جداً عن أهل البيت بهذا المعنى :

كصحيح عبدالله بن سنان الذي رواه الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن محبوب ، عن حماد بن عيسى ، عن اسحاق بن جرير ، عن عبدالله بن سنان قال : « دخلت انا وأبي على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال : فكيف انتم اذا صرتم في حال لا ترون فيها امام هدىً ولا علماً يرى .. » (٣).

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٣٤٧ / ٣٥ باب ٣٣.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٣٦ / ٣ باب ٨٠.

(٣) كمال الدين ٢ : ٣٤٨ / ٤٠ باب ٣٣.

١٠٠