المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي

المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي

المؤلف:


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-023-4
الصفحات: ١٨٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

تفسيره : « واعلم أنّ ظهور الشيء على غيره قد يكون بالحجّة ، وقد يكون بالكثرة والوفور ، وقد يكون بالغلبة والاستيلاء. ومعلوم أنّه تعالى بشّر بذلك ، ولا يجوز أن يبشّر إلاّ بأمر مستقبل غير حاصل ، وظهور هذا الدين بالحجة مقرر معلوم ، فالواجب حمله على الظهور بالغلبة » (١).

ولا يخفى أنّ تلك الغلبة على الأديان الاُخرى قد تحققت في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخير دليل على ذلك أنّهم دفعوا الجزية للمسلمين عن يدٍ وهم صاغرون ، ولا يخفى أيضاً أنّ تلك الغلبة والنصرة كانت بما يتناسب وصيرورة الإسلام ديناً قوياً مهاب الجانب وذا شوكة.

ولكن واقعنا اليوم ليس كذلك ، والذين دفعوا لنا الجزية بالأمس قد سيطروا اليوم على مقدساتنا ، والعدو أحاط بنا ، وغُزِينا في عقر ديارنا ، مع ما يلاحظ من نشاط التبشير لأديان أهل الكتاب على قدمٍ وساق.

وإذا كنا نعتقد حقاً بأنّ القرآن الكريم صالح ليومه وغده ؛ فهل يكون معنى ظهور الدين على سائر الأديان منطبقاً على واقع الإسلام اليوم الذي يكاد يكون مطوقاً بأنظمة المسلمين وسياساتهم ؟ وهل لتلك البشرى من مصداق واقعي غير كثرة من ينتمي إلى الإسلام مع ما في هذه الكثرة من تضاد وتناقض واختلاف في العقائد والأحكام ؟!

هذا مع أنّ المروي عن قتادة في قوله تعالى : ( ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه ) قال : « هو الأديان الستة : الذين آمنوا ، والذين هادوا ، والصابئين ، والنصارى ، والمجوس ، والذين أشركوا. فالاَديان كلّها تدخل في دين الإسلام ، والإسلام يدخل في شيء منها ، فإنّ الله قضى بما حكم وأنزل أن يُظهر دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون » (٢).

__________________

(١) التفسير الكبير / الرازي ١٦ : ٤٠.

(٢) الدر المنثور / السيوطي ٤ : ١٧٦.

٢١

وفي تفسير ابن جزّي : « وإظهاره : جعله أعلى الأديان واقواها ، حتى يعم المشارق والمغارب » (١). وهذا هو المروي عن أبي هريرة كما نصَّ عليه جملة من المفسرين (٢).

وفي الدر المنثور : « وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، والبيهقي في سننه عن جابر رضي‌الله‌عنه في قوله تعالى : ( ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه ) قال : لا يكون ذاك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني صاحب ملّة إلاّ الاسلام (٣).

« وعن المقداد بن الأسود قال : « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله كلمة الاسلام ، إما بعزٍّ عزيز ، وإما بذلٍ ذليل. إما يعزهم فيجعلهم الله من أهله فيعزّوا به ، وإما يُذلّهم فيدينون له » (٤).

ومن هنا ورد في الأثر عن الإمام الباقر عليه‌السلام أن الآية مبشّرة بظهور المهدي في آخر الزمان ، وأنه ـ بتأييد من الله تعالى ـ سيُظهر دين جده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سائر الأديان حتى لا يبقى على وجه الأرض مشرك. وهو قول السدّي المفسّر (٥).

قال القرطبي : « وقال السدّي : ذاك عند خروج المهدي ، لا يبقى أحد إلاّ دخل في الإسلام » (٦).

٢ ـ ومنها : قوله تعالى : ( وَلو تَرى إذ فَزِعُوا فلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِن مكانٍ

__________________

(١) تفسير ابن جزي : ٢٥٢.

(٢) تفسير الطبري ١٤ : ٢١٥ / ١٦٦٤٥ ، والتفسير الكبير ١٦ : ٤٠ ، وتفسير القرطبي ٨ : ١٢١ ، والدر المنثور ٤ : ١٧٦.

(٣) الدر المنثور ٤ : ١٧٦.

(٤) مجمع البيان ٥ : ٣٥.

(٥) مجمع البيان ٥ : ٣٥.

(٦) تفسير القرطبي ٨ : ١٢١ ، والتفسير الكبير ١٦ : ٤٠ ومجمع البيان ٥ : ٣٥.

٢٢

قريب ) (١).

فقد أخرج الطبري في تفسيره ، عن حذيفة بن اليمان تفسيرها في الجيش الذي يُخسف به ، وسيأتي ما يدل على أنّ ذلك الخسف لم يحصل إلى الآن على الرغم من روايته في كتب الصحاح والمسانيد المعتبرة ، وأنه من أشراط الساعة المقترنة بظهور المهدي بلا خلاف (٢).

وما أخرجه الطبري ذكره القرطبي في التذكرة مرسلاً عن حذيفة بن اليمان ، وبه صرّح أبو حيان في تفسيره ، والمقدسي الشافعي في عقد الدرر ، والسيوطي في الحاوي للفتاوى ، وأورده الزمخشري في كشّافه عن ابن عباس (٣) ، وقال الطبرسي في مجمع البيان : « وأورده الثعلبي في تفسيره ، وروى أصحابنا في أحاديث المهدي عن أبي عبدالله عليه‌السلام وأبي جعفر عليه‌السلام مثله » (٤).

٣ ـ ومنها : قوله تعالى : ( وَإنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذا صِراطٌ مُستَقيم ) (٥).

فقد صرح البغوي في تفسيره ، وكذلك الزمخشري ، والرازي ، والقرطبي ، والنسفي ، والخازن ، وتاج الدين الحنفي ، وأبو حيان ، وابن كثير ، وأبو السعود ، والهيثمي أن الآية بخصوص نزول عيسى بن مريم عليه‌السلام في آخر الزمان (٦).

__________________

(١) سبأ : ٣٤ / ٥١.

(٢) أُنظر تفصيل ذلك في الفصل الثالث من هذا البحث ص : ٣٥.

(٣) تفسير الطبري ٢٢ : ٧٢ ، وعقد الدرر : ٧٤ ب ٤ من الفصل الثاني ، والحاوي للفتاوى ٢ : ٨١ ، والكشاف ٣ : ٤٦٧ ـ ٤٦٨.

(٤) مجمع البيان ٤ : ٣٩٨.

(٥) الزخرف : ٤٣ / ٦١.

(٦) معالم التنزيل / البغوي ٤ : ٤٤٤ / ٦١ ، والكشاف ٤ : ٢٦ ، والتفسير الكبير ٢٧ : ٢٢٢ ،

٢٣

وقد أوّلها مجاهد في تفسيره ، وهو من رؤوس التابعين ومشاهيرهم في التفسير ، بنزول عيسى عليه‌السلام أيضاً (١).

وقد أشار السيوطي في الدرّ المنثور إلى ما أخرجه أحمد بن حنبل ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد من طرق ، عن ابن عباس أنها بخصوص ما ذكرناه (٢).

وقال الكنجي الشافعي في كتابه البيان : « وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين في تفسير قوله عز وجل : ( وإنّه لَعْلِمٌ للساعة ) هو المهدي عليه‌السلام ، يكون في آخر الزمان ، وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأمارتها » (٣).

ومثل هذا التصريح تجده عند ابن حجر الهيتمي ، والشبلنجي الشافعي ، والسفاريني الحنبلي والقندوزي الحنفي ، والشيخ الصبّان (٤).

ولا خلاف بين هؤلاء وأولئك لأن نزول عيسى سيكون مقارناً لظهور المهدي كما في صحيحي البخاري ومسلم وسائر كتب الحديث الاُخرى ، كما سنبينه في الفصل الثالث من هذا البحث. ويؤيدّه إشادة بعض من ذكرنا الصريحة بذلك فقد نقلوا عن تفسير الثعلبي أنّه أخرج في تفسير هذه الآية عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وقتادة ، ومالك بن دينار ، والضحاك

__________________

وتفسير القرطبي ١٦ : ١٠٥ ، وتفسير النسفي المطبوع بهامش تفسير الخازن ٤ : ١٠٨ ـ ١٠٩ ، وتفسير الخازن ٤ : ١٠٩ ، والدٌّر اللقيط ٨ : ٢٤ ، والبحر المحيط ٨ : ٢٥ ، وتفسير ابن كثير ٤ : ١٤٢ ، وتفسير أبي السعود ٨ : ٥٢ ، وموارد الضمآن : ح ١٧٥٨.

(١) تفسير مجاهد ٢ : ٥٨٣.

(٢) الدر المنثور ٦ : ٢٠.

(٣) البيان في أخبار صاحب الزمان : ٥٢٨.

(٤) الصواعق المحرقة : ١٦٢ ، ونور الاَبصار : ١٨٦ ، ومشارق الأنوار ـ كما في الإمام المهدي عند أهل السنّة ٢ : ٥٨ ـ واسعاف الراغبين : ١٥٣ ، وينابيع المودة ٢ : ١٢٦ باب ٥٩.

٢٤

ما يدل على أنها في نزول عيسى بن مريم مع التصريح بوجود الإمام المهدي وقت نزول عيسى بن مريم ، وأنه يصلّي خلف المهدي عليهما‌السلام.

٤ ـ ومنها : قوله تعالى : ( فَلا اُقْسِمُ بالخُنَّسِ * الجَوارِ الكُنَّسِ ). فقد ورد في الأثر عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنه قال : « إمام يخنُس سنةَ ستين ومائتين ، ثم يظهر كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، فإن أدركت زمانه قرّتْ عينك » (١).

ولا يخفى أن هذا من الإخبار المعجز الذي علمه أهل البيت عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذي تلقّاه من الوحي عن الله جلّ شأنه.

ونكتفي بهذا القدر ، على أن الشيخ القندوزي الحنفي قد أورد الكثير من الآيات التي فسّرها أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بالامام المهدي وظهوره في آخر الزمان (٣).

نظرة في أحاديث المهدي

إنّ نظرة واحدة في أحاديث المهدي الواردة في كتب المسلمين تكفي للجزم بتواترها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون أدنى تردّد ، ولما لم يكن بوسع البحث تسجيل كل ما ورد من أحاديث في المهدي بكتب المسلمين لكثرتها الهائلة ؛ لذا سنقتصر على ذكر ما يدل على قطعية صدورها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى النحو الآتي :

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٣٤١ / ٢٢ ، كمال الدين ٢ : ٣٢٤ ب ٣٢ ح ١ ، كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٠١ ، كتاب الغيبة / النعماني : ١٤٩ ب ١٠ ح ١ ، الهداية الكبرى / الحضيني : ٨٨ ، ينابيع المودة ٣ : ٨٥ باب / ٧١.

(٢) ينابيع المودة ٣ : ٧٦ ـ ٨٥ باب / ٧١.

٢٥

أولاً : من أخرج أحاديث المهدي :

لا يبعد القول بأنّه مامن محدّث من محدّثي الإسلام إلاّ وقد أخرج بعض الأحاديث المبشّرة بظهور الإمام المهدي في آخر الزمان ، وقد أفردوا كتباً كثيرة في الإمام المهدي خاصة (١).

وأما عن العلماء والمحدّثين الذين أخرجوا أحاديث المهدي أو أوردوها عمن تقدم عليهم على سبيل الاحتجاج بها ـ حسبما وقفنا عليه في كتبهم ـ فهم :

ابن سعد صاحب الطبقات الكبرى ( ت / ٢٣٠ ه‍ ) ، وابن أبي شيبة ( ت / ٢٣٥ ه‍ ) ، وأحمد بن حنبل ( ت / ٢٤١ ه‍ ) ، والبخاري ( ت / ٢٥٦ ه‍ ) ذكر المهدي بالوصف دون الاسم ، ومثله فعل مسلم ( ت / ٢٦١ ه‍ ) في صحيحه كما سنبينه في الفصل الثالث من هذا البحث ، وأبو بكر الاسكافي ( ت / ٦٢٠ ه‍ ) ، وابن ماجة ( ت / ٢٧٣ ه‍ ) ، وأبو داود ( ت / ٢٧٥ ه‍ ) ، وابن قتيبة الدينوري ( ت / ٢٧٦ ه‍ ) ، والترمذي ( ت / ٢٧٩ ه‍ ) ، والبزار ( ت / ٢٩٢ ه‍ ) ، وأبو يعلى الموصلي ( ت / ٣٠٧ ه‍ ) ، والطبري ( ت / ٣١٠ ه‍ ) ، والعقيلي ( ت / ٣٢٢ ه‍ ) ، ونعيم بن حماد ( ت / ٣٢٨ ه‍ ) ، وشيخ الحنابلة في وقته البربهاري ( ت / ٣٢٩ ه‍ ) في كتابه ( شرح السنّة ) ، وابن حبان البستي ( ت / ٣٥٤ ه‍ ) ، والمقدسي ( ت / ٣٥٥ ه‍ ) ،

__________________

(١) أوصلها الاستاذ علي محمدعلي دخيل في كتابه : الإمام المهدي عليه‌السلام : ٢٥٩ ـ ٢٦٥ إلى ثلاثين كتاباً من كتب أهل السنة في الإمام المهدي خاصة ، بينما أوصلها العلاّمة ذبيح الله المحلاتي إلى أربعين كتاباً وقد أدرجها باسمائها واسماء مؤلفيها في كتاب : مهدي أهل البيت ص ١٨ ـ ٢١. وفي نفس الكتاب المذكور ذكر قائمة أُخرى للكتب المؤلفة من قبل الشيعة في الإمام المهدي عليه‌السلام فأوصلها إلى مئة وعشرة كتب ، وهناك كتب كثيرة في المهدي لم تدرج في هذين الكتابين.

٢٦

والطبراني ( ت / ٣٦٠ ه‍ ) ، وأبو الحسن الآبري ( ت / ٣٦٣ ه‍ ) ، والدارقطني ( ت / ٣٨٥ ه‍ ) ، والخطابي ( ت / ٣٨٨ ه‍ ) ، والحاكم النيسابوري ( ت / ٤٠٥ ه‍ ) ، وأبو نعيم الاصبهاني ( ت / ٤٣٠ ه‍ ) ، وأبو عمرو الداني ( ت / ٤٤٤ ه‍ ) ، والبيهقي ( ت / ٤٥٨ ه‍ ) ، والخطيب البغدادي ( ت / ٤٦٣ ه‍ ) ، وابن عبد البر المالكي ( ت / ٤٦٣ ه‍ ) ، والديلمي ( ت / ٥٠٩ ه‍ ) ، والبغوي ( ت / ٥١٠ أو ٥١٦ ه‍ ) ، والقاضي عياض ( ت / ٥٤٤ ه‍ ) ، والخوارزمي الحنفي ( ت / ٥٦٨ ه‍ ) ، وابن عساكر ( ت / ٥٧١ ه‍ ) ، وابن الجوزي ( ت / ٥٩٧ ه‍ ) ، وابن الأثير الجزري ( ت / ٦٠٦ ه‍ ) ، وابن العربي ( ت / ٦٣٨ ه‍ ) ، ومحمد بن طلحة الشافعي ( ت / ٦٥٢ ه‍ ) ، والعلاّمة سبط ابن الجوزي ( ت / ٦٥٤ ه‍ ) ، وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ( ت / ٦٥٥ ه‍ ) ، والمنذري ( ت / ٦٥٦ ه‍ ) ، والكنجي الشافعي ( ت / ٦٥٨ ه‍ ) ، والقرطبي المالكي ( ت / ٦٧١ ه‍ ) ، وابن خلكان ( ت / ٦٨١ ه‍ ) ، ومحب الدين الطبري ( ت / ٦٩٤ ه‍ ) ، والعلاّمة ابن منظور ( ت / ٧١١ ه‍ ) ( في مادة هدِيَ من لسان العرب ) ، وابن تيمية ( ت / ٧٢٨ ه‍ ) ، والجويني الشافعي ( ت / ٧٣٠ ه‍ ) ، وعلاء الدين بن بلبان ( ت / ٧٣٩ ه‍ ) ، وولي الدين التبريزي ( ت / بعد سنة ٧٤١ ه‍ ) ، والمزي ( ت / ٧٣٩ ه‍ ) ، والذهبي ( ت / ٧٤٨ ه‍ ) ، وابن الوردي ( ت / ٧٤٩ ه‍ ) ، والزرندي الحنفي ( ت / ٧٥٠ ه‍ ) ، وابن قيم الجوزية ( ت / ٧٥١ ه‍ ) ، وابن كثير ( ت / ٧٧٤ ه‍ ) ، وسعد الدين التفتازاني ( ت / ٧٩٣ ه‍ ) ، ونور الدين الهيثمي ( ت / ٨٠٧ ه‍ ) ، وابن خلدون المغربي ( ت / ٨٠٨ ه‍ ) الذي صحح أربعة أحاديث من أحاديث المهدي على الرغم من موقفه المعروف والذي سيأتيك بيانه في الفصل الثالث ، والشيخ محمد الجزري الدمشقي الشافعي ( ت / ٨٣٣ ه‍ ) ، وأبو بكر البوصيري ( ت / ٨٤٠ ه‍ ) ،

٢٧

وابن حجر العسقلاني ( ت / ٨٥٢ ه‍ ) ، والسخاوي ( ت / ٩٠٢ ه‍ ) ، والسيوطي ( ت / ٩١١ ه‍ ) ، والشعراني ( ت / ٩٧٣ ه‍ ) ، وابن حجر الهيتمي ( ت / ٩٧٤ ه‍ ) ، والمتقي الهندي ( ت / ٩٧٥ ه‍ ) إلى غير ذلك من المتأخرين كالشيخ مرعي الحنبلي ( ت / ١٠٣٣ ه‍ ) ، ومحمد رسول البرزنجي ( ت / ١١٠٣ ه‍ ) ، والزرقاني ( ت / ١١٢٢ ه‍ ) ، ومحمد بن قاسم الفقيه المالكي ( ت / ١١٨٢ ه‍ ) ، وأبي العلاء العراقي المغربي ( ت / ١١٨٣ ه‍ ) ، والسفاريني الحنبلي ( ت / ١١٨٨ ه‍ ) ، والزبيدي الحنفي ( ت / ١٢٠٥ ه‍ ) في كتاب ( تاج العروس ) مادة : هَدِي ، والشيخ الصبّان ( ت / ١٢٠٦ ه‍ ) ، ومحمد أمين السويدي ( ت / ١٢٤٦ ه‍ ) ، والشوكاني ( ت / ١٢٥٠ ه‍ ) ، ومؤمن الشبلنجي ( ت / ١٢٩١ ه‍ ) ، وأحمد زيني دحلان الفقيه والمحدث الشافعي ( ت / ١٣٠٤ ه‍ ) ، والسيد محمد صديق القنوجي البخاري ( ت / ١٣٠٧ ه‍ ) ، وشهاب الدين الحلواني الشافعي ( ت / ١٣٠٨ ه‍ ) ، وأبي البركات الآلوسي الحنفي ( ت / ١٣١٧ ه‍ ) ، وأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي ( ت / ١٣٢٩ ه‍ ) ، والكتاني المالكي ( ت / ١٣٤٥ ه‍ ) ، والمباركفوري ( ت / ١٣٥٣ ه‍ ) ، والشيخ منصور علي ناصف ( ت / بعد سنة ١٣٧١ ه‍ ) ، والشيخ محمد الخضر حسين المصري ( ت / ١٣٧٧ ه‍ ) ، وأبي الفيض الغماري الشافعي ( ت / ١٣٨٠ ه‍ ) ، وفقيه القصيم بنجد الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع ( ت / ١٣٨٥ ه‍ ) ، والشيخ محمد فؤاد عبد الباقي ( ت / ١٣٨٨ ه‍ ) ، وأبي الاعلى المودودي ، وناصر الدين الالباني إلى ما شاء الله من المعاصرين ، واذا ما اضفنا اليهم أعلام المفسرين من أهل السنة أيضاً كما تقدمت الاشارة إلى بعضهم فلك ان تقدر حجم الاتفاق على رواية احاديث المهدي ، والاحتجاج بها.

واما عن أعلام الشيعة ومحدثيهم ومفسريهم الذين أوردوا أحاديث

٢٨

المهدي عليه‌السلام فقد يسمج التعرض لبيان اسمائهم ؛ لكون الايمان المطلق بظهور المهدي عليه‌السلام عندهم من أصول عقائدهم.

ثانياً : من روى أحاديث المهدي من الصحابة :

إنّ الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الذين كانت أحاديثهم موقوفة عليهم ولها حكم الرفع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إذ لا يعقل اجتهادهم في مثل هذا ـ كثيرون جداً ، ولو ثبت النقل عن عُشرهم لثبت التواتر بلا شك ولا شبهة ، ـ كما في مصادر أهل السنة وحدهم ـ وهم :

فاطمة الزهراء عليها‌السلام ( ت / ١١ ه‍ ) ، ومعاذ بن جبل ( ت / ١٨ ه‍ ) ، وقتادة بن النعمان ( ت / ٢٣ ه‍ ) ، وعمر بن الخطاب ( ت / ٢٣ ه‍ ) ، وأبو ذر الغفاري ( ت / ٣٢ ه‍ ) ، وعبدالرحمن بن عوف ( ت / ٣٢ ه‍ ) ، وعبدالله بن مسعود ( ت / ٣٢ ه‍ ) ، والعباس بن عبد المطلب ( ت / ٣٢ ه‍ ) ، وعثمان بن عفان ( ت / ٣٥ ه‍ ) ، وسلمان الفارسي ( ت / ٣٥ أو ٣٦ ه‍ ) ، وطلحة بن عبدالله ( ت / ٣٦ ه‍ ) ، وحذيفة بن اليمان ( ت / ٣٦ ه‍ ) ، وعمار بن ياسر ( استشهد سنة / ٣٧ ه‍ ) ، والإمام علي عليه‌السلام ( استشهد سنة / ٤٠ ه‍ ) ، والإمام الحسن السبط عليه‌السلام ( ت / ٥٠ ه‍ ) ، وتميم الداري ( ت / ٥٠ ه‍ ) ، وعبدالرحمن بن سمرة ( ت / ٥٠ ه‍ ) ، ومجمع بن جارية ( ت / ٥٠ ه‍ ) ، وعمران بن حصين ( ت / ٥٢ ه‍ ) ، وأبو أيوب الانصاري ( ت / ٥٢ ه‍ ) ، وثوبان مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( ت / ٥٤ ه‍ ) ، وعائشة ( ت / ٨٥ ه‍ ) ، وأبو هريرة ( ت / ٥٩ ه‍ ) ، والإمام الحسين السبط الشهيد عليه‌السلام ( استشهد سنة ٦١ ه‍ ) ، وأم سلمة ( ت / ٦٢ ه‍ ) ، وعلقمة بن قيس بن عبدالله ( ت / ٦٢ ه‍ ) ، وعبدالله بن عمر بن الخطاب ( ت / ٦٥ ه‍ ) ، وعبدالله بن عمرو ابن العاص ( ت / ٦٥ ه‍ ) ، وعبدالله بن عباس ( ت / ٦٨ ه‍ ) ، وزيد بن أرقم ( ت / ٦٨ ه‍ ) ، وعوف بن مالك ( ت / ٧٣ ه‍ ) ، وأبو سعيد الخدري ( ت / ٧٤ ه‍ ) ، وجابر بن سمرة ( ت / ٤٧ ه‍ ) ، وجابر بن عبدالله الانصاري ( ت / ٧٨ ه‍ ) ، وعبدالله بن جعفر الطيار ( ت / ٨٠ ه‍ ) ، وأبو أمامة الباهلي ( ت / ٨١ ه‍ ) ، وبشر بن المنذر بن

٢٩

الجارود ( ت / ٨٣ ه‍ ) وقد اختلفوا فيه فقيل الراوي هو جده الجارود بن عمرو ( ت / ٢٠ ه‍ ) ، وعبدالله بن الحارث ابن جزء الزبيدي ( ت / ٨٦ ه‍ ) ، وسهل بن سعد الساعدي ( ت / ٩١ ه‍ ) ، وانس بن مالك ( ت / ٩٣ ه‍ ) ، وأبو الطفيل ( ت / ١٠٠ ه‍ وقيل غير ذلك ). وغيرهم ممن لم اقف على تاريخ وفياتهم كأُم حبيبة ، وأبي الجحّاف ، وأبي سلمى راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبي ليلى ، وأبي وائل ، وحذيفة بن اسيد ، والحرث بن الربيع ، وأبي قتادة الأنصاري ، وزر بن عبدالله ، وزرارة بن عبدالله ، وعبدالله بن أبي أوفى ، والعلاء ، وعلقمة بن قيس ( ت / ٦٢ ه‍ ) ، وعلي الهلالي ، وقرة بن أياس.

ثالثاً : طرق أحاديث المهدي في كتب السنة إجمالاً :

لقد أجاد وأفاد الاستاذ الازهري السيد أحمد بن محمد بن الصديق ، أبو الفيض الغماري الحسني الشافعي المغربي ( ت / ١٣٨٠ ه‍ ) في كتابه الرائع : ( إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ) حيث أثبت فيه تواتر أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام بما لم يسبقه أحد إليه من قبل ، وذلك تفنيداً لتضعيفات ابن خلدون التي تذرع بها بعض معاصريه كأحمد أمين المصري ومحمد فريد وجدي وغيرهما. ولا بأس هنا بإطلالة قصيرة على ما ذكره من طرق أحاديث المهدي في كتب أهل السنّة التي فصّلت في هذا الكتاب تفصيلاً يعبّر عن مقدرة فائقة في تتبع طرق وأسانيد أحاديث الإمام المهدي ابتداءً من طبقة الصحابة ثمّ التابعين ثمّ تابعي التابعين وصولاً إلى من أخرج هذه الأحاديث من المحدثين.

قال أبو الفيض : « ولا يخفى أن العادة قاضية باستحالة تواطؤ جماعة يبلغ عددهم ثلاثين نفساً فأزيد في جميع الطبقات ، وذلك فيما بلغنا وأمكننا الوقوف عليه في الحال ، فقد وجدنا خبر المهدي وارداً من حديث أبي سعيد الخدري ، وعبدالله بن مسعود ، وعلي بن أبي طالب ،

٣٠

وأُم سلمة ، وثوبان ، وعبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، وأبي هريرة ، وأنس بن مالك ، وجابر بن عبدالله الانصاري ، وقرة بن أياس المزني ، وابن عباس ، وأُم حبيبة ، وأبي اُمامة ، وعبدالله بن عمرو بن العاص ، وعمار بن ياسر ، والعباس بن عبد المطلب ، والحسين بن علي ، وتميم الداري ، وعبدالرحمن بن عوف ، وعبدالله بن عمر بن الخطاب ، وطلحة ، وعلي الهلالي ، وعمران بن حصين ، وعمرو بن مرة الجهني ومعاذ بن جبل ، ومن مرسل شهر بن حوشب ، وهذا في المرفوعات دون الموقوفات والمقاطيع التي هي في مثل هذا الباب من قبيل المرفوع.

ولو تتبعنا ذلك لذكرنا منه عدداً وافراً ، ولكن في المرفوع منه الكفاية » (١).

أقول : إنما ذكرت هذا لكي يعلم بأن مافات السيد أبا الفيض الغماري من أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث الإمام المهدي هو أكثر مما ذكره ، فقد ذكر ستة وعشرين صحابياً مع شهر بن حوشب ، ولم يذكر ثمانية وعشرين صحابياً وهم :

أبو أيوب الانصاري ، وأبو الجحّاف ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو سلمى راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبو وائل ، وجابر بن سمرة ، والجارود بن المنذر العبدي ، وحذيفة بن اسيد ، وحذيفة بن اليمان ، والحرث بن الربيع ، والإمام السبط الحسن عليه‌السلام ، وزر بن عبدالله ، وزرارة بن عبدالله ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وسعد بن مالك أبو سعيد الخدري ، وسلمان

__________________

(١) ابراز الوهم المكنون : ٤٣٧.

هذا ، ولأبي الفيض أخ يعدّ من فضلاء علماء المغرب يكنى بأبي الفضل الغماري وهو صاحب كتاب ( الإمام المهدي ) وقد زاد فيه ما ذكره أخوه في ابراز الوهم ثلاثة من أسماء الصحابة وخمسة من التابعين الذين رووا أحاديث المهدي ، ثمّ أثبت ألفاظ روايات من ذكرهم واحداً بعد آخر حتى شغل بذلك ما يزيد على نصف صفحات الكتاب.

٣١

الفارسي ، وسهل بن سعد الساعدي ، وعبدالرحمن بن سمرة ، وعبدالله ابن أبي أوفى ، وعبدالله بن جعفر الطيار ، وعثمان بن عفان ، والعلاء بن شبر المزني ، وعلقمة بن قيس بن عبدالله ، وعمر بن الخطاب ، وعوف بن مالك ، ومجمع بن جارية ، ومعاذ بن جبل وهو من أوائل الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عليه‌السلام فقد مات معاذ سنة ١٨ ه‍ (١).

وعلى أية حال ، فقد تتبع أبو الفيض الغماري الشافعي أحاديث المهدي المروية عن أكثر من ثلاثين صحابياً ، مبيناً من رواها عنهم ومن أخرجها من المحدثين بكل دقة وتفصيل.

وسوف نقتصر على ما قاله عن حديث أبي سعيد الخدري وحده ، وهو أول صحابي ذكره أبو الفيض ، وقس عليه أحاديث الصحابة الآخرين.

قال :

« أما حديث أبي سعيد الخدري : فورد عنه من طريق :

أبي نظرة.

وأبي الصدّيق الناجي.

والحسن بن يزيد السعدي.

أما طريق أبي نظرة :

فأخرجه أبو داود والحاكم كلاهما من رواية عمران القطان ، عنه. وأخرجه مسلم في صحيحه من رواية سعيد بن زيد ، ومن رواية داود بن أبي هند كلاهما ، عنه. لكن وقع في صحيح مسلم ذكره بالوصف لا بالاسم كما سيأتي.

__________________

(١) في معجم أحاديث الإمام المهدي ( خمس مجلدات ) احصاء دقيق لجميع روايات الصحابة في المهدي مع بيان مصادرها عند أهل السنة والشيعة الإمامية.

٣٢

وأما طريق أبي الصدّيق الناجي ، عن أبي سعيد :

فأخرجه عبد الرزاق والحاكم من رواية معاوية بن قرّه ، عنه. وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم من رواية زيد العمي ، عنه. وأخرجه أحمد والحاكم من رواية عوف بن أبي جميلة الاعرابي ، عنه. وأخرجه الحاكم من رواية سليمان بن عبيد ، عنه. وأخرجه أحمد والحاكم من رواية مطر بن طهمان ، وأبي هارون العبدي كلاهما ، عنه. وأخرجه أحمد أيضاً من رواية مطر بن طهمان وحده ، عنه. وأخرجه أيضاً من رواية العلاء بن بشير المزني ، عنه ، وأخرجه أيضاً من رواية مطرف ، عنه.

وأما طريق الحسن بن يزيد :

فأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية أبي واصل عبد بن حميد ، عن أبي الصديق الناجي ، عنه » (١).

أقول : لو رجعت إلى تاريخ ابن خلدون لوجدته لم يعرف أغلب هذه الطرق إذ لم يذكر من طرق حديث أبي سعيد إلاّ القليل ، فضلاً عما تركه من أحاديث الصحابة الآخرين.

ولا يخفى أنّ القدر المشترك في جميع هذه الطرق إلى حديث أبي سعيد الخدري فقط دون سواه هو ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام في آخر الزمان ، ولاشك أن النظر إلى جميع الطرق التي وردت بها أحاديث المهدي عن جميع الصحابة يقطع بتواتر ما بشّر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل حتى لو افترضنا وجود طريق واحد فقط لكل صحابي ذُكر فهو يكفي للإذعان بالتواتر ، وقد مرّ أنّ عددهم يزيد على الخمسين صحابياً.

__________________

(١) ابراز الوهم المكنون : ٤٣٨.

٣٣

رابعاً : صحة أحاديث المهدي :

سنذكر في هذه الفقرة بعض من صرح بصحة أحاديث المهدي عليه‌السلام من أعلام أهل السنة حسبما وقفنا عليه في مؤلفاتهم ، على انه ليس هدفنا الاستقصاء بل اعطاء النموذج المقتدى وكما يلي :

١ ـ الإمام الترمذي ( ت / ٢٧٩ ه‍ ) ، قال عن ثلاثة أحاديث في الإمام المهدي : « هذا حديث حسن صحيح » (١).

وقال عن حديث رابع : « هذا حديث حسن » (٢).

٢ ـ الحافظ أبو جعفر العقيلي ( ت / ٣٢٢ ه‍ ) ، أورد حديثاً ضعيفاً في الإمام المهدي ثم قال : « وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ » (٣).

٣ ـ الحاكم النيسابوري ( ت / ٤٠٥ ه‍ ) ، قال عن أربعة أحاديث : « هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه » (٤).

وعن ثلاثة أحاديث : « هذا حديث صحيح الاسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه » (٥).

وعن ثمانية أحاديث : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » (٦).

٤ ـ الإمام البيهقي ( ت / ٤٥٨ ه‍ ) ، قال : « والاحاديث على خروج

__________________

(١) سنن الترمذي ٤ : ٥٠٥ / ٢٢٣٠ و ٢٢٣١ ، ٤ : ٥٠٦ / ٢٢٣٣.

(٢) سنن الترمذي ٤ : ٥٠٦ / ٢٢٣٢.

(٣) الضعفاء الكبير / العقيلي ٣ : ٢٥٣ / ١٢٥٧ في ترجمة علي بن نفيل الحراني.

(٤) مستدرك الحاكم ٤ : ٤٢٩ و ٤٦٥ و ٥٥٣ و ٥٥٨.

(٥) مستدرك الحاكم ٤ : ٤٥٠ و ٥٥٧ و ٥٥٨.

(٦) مستدرك الحاكم ٤ : ٤٢٩ و ٤٤٢ و ٤٥٧ و ٤٦٤ و ٥٠٢ و ٥٢٠ و ٥٥٤ و ٥٥٧.

٣٤

المهدي أصح إسناداً » (١).

٥ ـ الإمام البغوي ( ت / ٥١٠ ه‍ أو ٥١٦ ه‍ ) ، أخرج حديثاً في المهدي في فصل الصحاح (٢) وخمسة أحاديث فيه أيضاً في فصل الحسان من كتابه مصابيح السنة (٣).

٦ ـ ابن الأثير ( ت / ٦٠٦ ه‍ ) ، قال في النهاية في مادة ( هدا ) : « ومنه الحديث : سنة الخلفاء الراشدين المهديين ، المهدي : الذي هداه الله إلى الحق وقد استعمل في الاسماء حتى صار كالاسماء الغالبة ، وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، انه يجيء في آخر الزمان » (٤) ، وهذا القول لايصدر إلاّ عمن يرى صحة أحاديث المهدي بل تواترها على الأصح.

٧ ـ القرطبي المالكي ( ت / ٦٧١ ه‍ ) ، وهو من القائلين بالتواتر.

وما يهمنا هنا انه قال عن حديث ابن ماجة في المهدي : « اسناده صحيح » (٥) مصرحاً بأنّ حديث : « المهدي من عترتي من ولد فاطمة » هو أصح من حديث محمد بن خالد الجندي (٦) الذي سنناقشه فيما بعد.

٨ ـ ابن تيمية ( ت / ٧٢٨ ه‍ ) ، قال في منهاج السنة : « إن الاحاديث التي يحتج بها ـ يعني : العلاّمة الحلي ـ على خروج المهدي ، أحاديث صحيحة » (٧).

٩ ـ الحافظ الذهبي ( ت / ٧٤٨ ه‍ ) ، سكت عن جميع ما صححه الحاكم

__________________

(١) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد / البيهقي : ١٢٧.

(٢) مصابيح السنة / البغوي : ٤٨٨ / ٤١٩٩.

(٣) مصابيح السنة : ٤٩٢ ـ ٤٩٣ / ٤٢١٠ ـ ٤٢١٣ و ٤٢١٥.

(٤) النهاية في غريب الحديث والاثر / ابن الاثير ٥ : ٢٥٤.

(٥) التذكرة / القرطبي : ٧٠٤ باب ما جاء في المهدي.

(٦) التذكرة : ٧٠١.

(٧) منهاج السنة / ابن تيمية ٤ : ٢١١.

٣٥

في مستدركه من أحاديث المهدي مصرحاً بصحة حديثين (١) ، وردّه على بعض ما صححه الحاكم من أحاديث في الفضائل ونحوها دليل على ان سكوته ازاء ما صححه الحاكم معبر عن موافقته على ذلك التصحيح.

١٠ ـ الكنجي الشافعي ( ت / ٦٥٨ ه‍ ) ، قال عن حديث أخرجه الترمذي وصححه في المهدي : « هذا حديث صحيح » ، وعن آخر مثله (٢).

وقال عن حديث : ( المهدي منّي أجلى الجبهة ) : « هذا الحديث ثابت حسن صحيح » (٣).

وقال عن حديث : ( المهدي حق وهو من ولد فاطمة ) : « هذا حديث حسن صحيح » (٤).

١١ ـ الحافظ ابن القيّم ( ت / ٧٥١ ه‍ ) ، اعترف بحسن بعض أحاديث المهدي وصحة بعضها الآخر بعد أن أورد جملة منها (٥) ، وابن القيم من القائلين بالتواتر كما سيأتي.

١٢ ـ ابن كثير ( ت / ٧٧٤ ه‍ ) ، قال عن سند حديث في المهدي : « وهذا اسناد قوي صحيح » (٦) ، ثم نقل حديثاً عن ابن ماجة وقال : « وهذا حديث حسن ، وقد روي من غير وجه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٧).

١٣ ـ التفتازاني ( ت / ٧٩٣ ه‍ ) ، قال عن خروج المهدي في آخر الزمان :

__________________

(١) تلخيص المستدرك / الذهبي ٤ : ٥٥٣ و٥٥٨ ، مطبوع بهامش مستدرك الحاكم.

(٢) البيان في أخبار صاحب الزمان / الكنجي الشافعي ٤٨١ وانظر حديثي الترمذي في سننه ٤ : ٥٠٥ / ٣٢٣٠ و ٣٢٣١.

(٣) البيان في أخبار صاحب الزمان : ٥٠٠.

(٤) البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٦.

(٥) المنار المنيف / ابن القيم : ١٣٠ ـ ١٣٥ / ٣٢٦ و ٣٢٧ و ٣٢٩ و ٣٣١.

(٦) النهاية في الفتن والملاحم / ابن كثير ١ : ٥٥.

(٧) المصدر السابق : ٥٦.

٣٦

« وقد ورد في هذا الباب أخبار صحاح » (١).

١٤ ـ نور الدين الهيثمي ( ت / ٨٠٧ ه‍ ) ، أورد جملة من الأحاديث في المهدي واعترف بصحتها ووثاقة رواتها.

فقال عن أحدها : « قلت : رواه الترمذي وغيره باختصار كثير ، ورواه أحمد بأسانيد ، وأبو يعلى باختصار كثير. ورجالهما ثقات » (٢).

وقال عن آخر : « رواه الطبراني في الاوسط ، ورجاله رجال الصحيح » (٣).

وقال عن ثالث : « ورجاله ثقات » (٤).

وقال عن رابع : « رواه البزار ورجاله رجال الصحيح » (٥).

وقال عن خامس : « رواه الطبراني في الأوسط ، ورجاله ثقات » (٦).

١٥ ـ السيوطي ( ت / ٩١١ ه‍ ) ، رمز لبعض الاحاديث الواردة في المهدي بعلامة ( صح ) (٧) أي : صحيح ، ولبعضها الآخر بعلامة (ح) (٨) أي : حسن.

١٦ ـ الشوكاني ( ت / ١٢٥٠ ه‍ ) ، نقل عنه القنوجي في الاذاعة قوله بصحة أحاديث الإمام المهدي بل وتواترها أيضاً ، وقد مرّ انه ألّف رسالة في تواتر أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام.

١٧ ـ ناصر الدين الالباني : قال في مقال له بعنوان ( حول المهدي )

__________________

(١) شرح المقاصد / التفتازاني ٥ : ٣١٢.

(٢) مجمع الزوائد / الهيثمي ٧ : ٣١٣ ـ ٣١٤.

(٣) مجمع الزوائد ٧ : ١١٥.

(٤) مجمع الزوائد ٧ : ١١٦.

(٥) مجمع الزوائد ٧ : ١١٧.

(٦) مجمع الزوائد ٧ : ١١٧.

(٧) الجامع الصغير / السيوطي ٢ : ٦٧٢ / ٩٢٤١ و ٩٢٤٤ و ٩٢٤٥.

(٨) الجامع الصغير ٢ : ٦٧٢ / ٩٢٤٣ و ٢ : ٤٣٨ / ٧٤٨٩.

٣٧

ما نصه : « أما مسألة المهدي فليعلم أنّ في خروجه أحاديث صحيحة ، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة » ، على أن الاَلباني من المصرحين بالتواتر أيضاً (١).

ونكتفي بهذا القدر للاختصار على ان بعض الباحثين قد أوصل اعترافات العلماء والمحققين بصحة أحاديث المهدي إلى أكثر من ستين اعترافاً (٢).

خامساً : تصريح العلماء بتواتر أحاديث المهدي :

صرّح علماء الدراية وجملة من ذوي الاختصاص بعلوم الحديث دراسة وتدريساً بتواتر أحاديث المهدي الواردة في كتب أهل السنة من الصحاح والمسانيد وغيرها ، وبالنظر لكثرتهم سوف نقتصر على ذكر بعضهم ، وهم :

١ ـ البربهاري شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره ( ت / ٣٢٩ ه‍ ) : نقل عنه الشيخ حمود التويجري في كتابه : الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر ص ٢٨ انه قال في كتابه ( شرح السنة ) : « الإيمان بنزول عيسى بن مريم عليه‌السلام : ينزل .. ويصلي خلف القائم من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ولا يخفى ان ( الايمان ) يعني : الاعتقاد ، والاعتقاد لا يبنى على خبر الآحاد.

٢ ـ محمد بن الحسين الآبري الشافعي ( ت / ٣٦٣ ه‍ ). قال في كتابه مناقب الشافعي : « قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمجيء المهدي ، وأنه من أهل بيته صلى

__________________

(١) حول المهدي / الالباني : ٦٤٤ مقال نشر في مجلة التمدن الاسلامي ـ دمشق ، السنة / ٢٢ ذي القعدة ١٣٧١ ه‍.

(٢) دفاع عن الكافي / ثامر العميدي ١ : ٣٤٣ ـ ٤٠٥.

٣٨

الله عليه وسلم وانه يملك سبع سنين وانه يملأ الارض عدلاً ، وانه يخرج مع عيسى فيساعده على قتل الدجال ».

وقد نقل هذا عنه القرطبي المالكي في التذكرة : ٧٠١ والمزي في تهذيب الكمال ٢٥ : ١٤٦ / ٥١٨١ في ترجمة محمد بن خالد الجندي ، وابن القيم في المنار المنيف : ١٤٢ / ٣٢٧ وغيرهم.

٣ ـ القرطبي المالكي ( ت / ٧١٦ ه‍ ) ، نقل قول الآبري المتقدم وأيّده بتصحيح ما أورده من أحاديث المهدي واحتج بقول الإمام الحافظ الحاكم النيسابوري : « والاحاديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ، ثابتة » (١).

وقال في تفسيره ( الجامع لاحكام القرآن ) في تفسير الآية ٣٣ من سورة التوبة : « الاخبار الصحاح قد تواترت على ان المهدي من عترة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢).

٤ ـ الحافظ المتقن جمال الدين المزي ( ت / ٧٤٢ ه‍ ) ، احتج بقول الآبري المتقدم في تواتر أحاديث الإمام المهدي ولم يتعرض له بشيء ، بل أطلقه إطلاق المسلّمات (٣).

٥ ـ ابن القيم ( ت / ٧٥١ ه‍ ) ، أيّد قول الآبري أيضاً وذلك بتقسيم أحاديث الإمام المهدي إلى أربعة أقسام : الصحاح ، والحسان ، والغرائب ، والموضوعة (٤) ، ولا يخفى بأن مجموع الصحاح والحسان مما يبلغ التواتر لكثرته واستفاضته.

٦ ـ ابن حجر العسقلاني ( ت / ٨٥٢ ه‍ ) ، نقل القول بالتواتر عن

__________________

(١) التذكرة : ٧٠١.

(٢) تفسير القرطبي ٨ : ١٢١ ـ ١٢٢.

(٣) تهذيب الكمال ٢٥ : ١٤٦ / ٥١٨١.

(٤) المنار المنيف : ١٣٥.

٣٩

غيره (١) ، وأيّده بقوله : « وفي صلاة عيسى عليه‌السلام خلف رجل من هذه الأمّة ـ مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة ـ دلالة للصحيح من الأقوال : إن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة » (٢).

٧ ـ شمس الدين السخاوي ( ت / ٩٠٢ ه‍ ) ، صرح غير واحد من العلماء بأنَّ السخاوي من المصرّحين بتواتر أحاديث المهدي ، منهم : العلاّمة الشيخ محمد العربي الفاسي في كتابه المقاصد ، والمحقق أبو زيد عبدالرحمن بن عبد القادر الفاسي في مبهج القاصد ، على ما نقله عنهما أبو الفيض الغماري (٣).

ومنهم أبو عبدالله محمد بن جعفر الكتاني ( ت / ١٣٤٥ ه‍ ) في نظم المتناثر من الحديث المتواتر : ٢٢٦ / ٢٨٩.

٨ ـ السيوطي ( ت / ٩١١ ه‍ ) ، صرح بتواتر أحاديث المهدي في الفوائد المتكاثرة في الاحاديث المتواترة ، وفي أختصاره المسمى بالازهار المتناثرة ، وغيرها من كتبه على حد تعبير السيد الغماري الشافعي (٤).

٩ ـ ابن حجر الهيتمي ( ت / ٩٧٤ ه‍ ) ، دافع عن عقيدة المسلمين بظهور الإمام المهدي كثيراً مصرحاً بتواترها (٥).

١٠ ـ المتقي الهندي ( ت / ٩٧٥ ه‍ ) ، مؤلف كنز العمال ، دافع المتقي الهندي عن عقيدة الإمام المهدي عليه‌السلام دفاعاً مدعوماً بالحجة والبرهان وذلك في كتابه : البرهان في علامات مهدي آخر الزمان.

ولعل أهم ما في هذا الكتاب هو الفتاوى الاربع المذكورة فيه

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٩ : ١٢٥ / ٢٠١.

(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٦ : ٣٨٥.

(٣) المهدي المنتظر لأبي الفيض : ٩.

(٤) ابراز الوهم المكنون لابي الفيض : ٤٣٦.

(٥) الصواعق المحرقة : ١٦٢ ـ ١٦٧ الفصل / ١ باب / ١١.

٤٠