المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي

المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي

المؤلف:


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-023-4
الصفحات: ١٨٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١١ ـ وفي اُصول الكافي : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه محمد بن عيسى ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : « سمعتُ أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنَّ للقائم غيبة قبل ان يقوم ، انه يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ يعني القتل » (١) والسند من أصح الاسانيد بلا خلاف.

١٢ ـ وفي عقد الدرر للمقدسي الشافعي : عن الإمام الحسين السبط الشهيد عليه‌السلام قال : « لصاحب هذا الامر ـ يعني الإمام المهدي عليه‌السلام ـ غيبتان ، احداهما تطول ، حتى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم : قُتل ، وبعضهم : ذهب ... » (٢).

وقد مرّ نظير هذا ـ بسند صحيح ـ في الحديث رقم ٦ و ٧ ، فراجع.

١٣ ـ وفي كمال الدين : « حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري ، قالا : حدثنا أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد ، عن الحسين بن الربيع المدائني (٣) قال : حدثنا محمد بن اسحاق ، عن أُسَيْد بن ثعلبة عن أُم هانئ قالت : لقيتُ أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، فسألته عن هذه الآية : ( فلا أُقسم بالخنّس الجوار الكنّس ) ؟ فقال : إمام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستين ومائتين ، ثم

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٣٤٠ / ١٨ باب ٨٠ وأخرجه الصدوق بسند صحيح على الاصح من وثاقة محمد بن علي ماجيلويه. كمال الدين ٢ : ٤١٨ / ١٠ باب ٤٤.

(٢) عقد الدرر : ١٧٨ باب / ٥.

(٣) أورده في الكافي ١ : ٣٤١ / ٣٣ باب ٨٠ ، ( ... عن أحمد بن الحسن ، عن عمر بن يزيد ، عن الحسن بن الربيع الهمداني ) والظاهر صحته ، لعدم رواية سعد والحميري عن أحمد بن الحسين ابن عمر بن يزيد ، بل روى سعد في مواضع كثيرة عن أحمد بن الحسن والمراد به ابن علي بن فضال الفطحي الثقة ، واما عن عمر بن يزيد فسواء كان هو الصيقل أو بياع السابري ، فان وفاته قبل الغيبة بعشرات السنين.

١٠١

يبدو كالشهاب الوقاد في ظلمة الليل ، فإنْ أدركتِ ذلك قرّتْ عينُكِ » (١).

ويلاحظ في سند الحديث أنّ أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد ثقة بالاتفاق ومن قبله كذلك ، وهو قد روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، كما صرّح بهذا النجاشي في ترجمته ، وأمّا من بعده فإنّ اثبات صدقهم في خصوص هذا الخبر ، هو تقدم وفاتهم لِما في الخبر من إعلام معجز تحقق بعد وفاتهم ، وورد بنقل الثقات عنهم ، فالخبر شاهد على صدقهم.

١٤ ـ وفي كمال الدين : بسند صحيح ، قال : « حدثنا محمد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد العلوي ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : سمعتُ أبا الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام يقول : الخلف من بعدي ابني الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقلت : وَلِمَ جعلني الله فداك ؟ فقال : لانكم « لا ترون شخصه » ، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه ، قلت : فكيف نذكره ؟ قال : قولوا : الحجة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢).

وهذا السند حجة لوثاقة رجاله ، والعلوي الذي فيه هو من مشايخ الشيعة الاجلاء كما يعلم من رجال النجاشي في ترجمة العمركي البوفكي (٣).

ونكتفي بهذا القدر من الاحاديث مع التنبيه على ثلاثة أُمور وهي : ـ

الأول : إنَّ الحديث الأخير لا يدل على عدم رؤية الإمام المهدي مطلقاً ؛ لأن قوله عليه‌السلام : ( لا ترون شخصه ) إذا عُطِفَ على النهي عن التسمية

__________________

(١) كمال الدين ١ : ٣٢٤ / ١ باب ٣٢ ، وأخرجه في نفس الباب عن أُم هانئ عن الإمام الباقر ٧ ١ : ٣٣٠ / ١٥ باب ٣٢ باختلاف يسير.

(٢) كمال الدين ٢ : ٣٨١ / ٥ باب ٣٧ ، والكافي ١ : ٣٢٨ / ٣ باب ٧٥.

(٣) رجال النجاشي : ٣٠٣ / ٨٢٨.

١٠٢

المعلل بوقوع الطلب أي الخوف على حياة الإمام المهدي عليه‌السلام في أحاديث أُخرى صحيحة (١) ، يفهم منه الكناية عن الغيبة فيكون المعنى : إنّكم لاترون إمامكم المهدي كلما أردتم ، إذ ليس قدرتكم على رؤيته كقدرتكم على رؤيتي في حياتي كلما أردتم ؛ لأنّه سيكون في غيبة عنكم ، وإياكم أن تذكروه باسمه لكي لا يعرفه اعداء الله فيدركوا أثره.

والحاصل : إنَّ نفي الرؤية كناية عن الغيبة ، والنهي عن التسمية لأجل الخوف عليه ، مع اختصاص النفي والنهي بزمان الغيبة ، وتوجهه للمخاطبين بالكلام كلهم أو بعضهم دون غيرهم ، وإلاّ فقد رآه المئات من أصحاب أبيه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام في حياته وبإذن منه ، كما رآه غيرهم بعد وفاة أبيه عليهما‌السلام كما سيتضح في هذا الفصل.

الثاني : إنّ ما ذكرناه من النصوص لا يمثل في الواقع إلاّ جزءاً يسيراً من مجموع النصوص الواردة في هذا الشأن ، ولم يخضع انتقاؤها لاعتبارات علمية ، بمعنى : إنّا لم نبحث عن الأسانيد الصحيحة لترسيخ العقيدة إذ المفروض رسوخها قبل ذلك ، وانما كوسيلة لإثبات المدعى ، وإلاّ فنحن لسنا بحاجة إلى الأسانيد اصلاً ، لسببين :

أحدهما : توفر الدليل القاطع على استمرار وجود الإمام المهدي إلى آخر الزمان ، وقد مرّ بيان ذلك مفصلاً ، ومع هذا فأي حاجة تبقى للأسانيد ؟

الآخر : توفر الدليل على أنّ الأحاديث المروّية في المهدي عليه‌السلام قد اُخِذت مباشرة من الكتب المؤلفة قبل ولادته عليه‌السلام بعشرات السنين ، وقد شهد الصدوق بذلك ، وعليه فالضعف الموجود في سند بعضها على الاصطلاح لا يقدح بصحتها لكون الإخبار فيها اعجازاً تحقق بعد حين ،

__________________

(١) سنشير إلى تلك الاحاديث في أدلة ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام.

١٠٣

وهو آية صدقها.

الثالث : إن أحاديث المهدي المسندة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى أهل البيت عليهم‌السلام كلها تعبر عن حقيقة واحدة اتفق عشرات الصادقين على الإخبار عنها ، ولا فرق في اثبات تلك الحقيقة بين ما كان سنده صحيحاً أو ضعيفاً ، بحيث لو أخبر الثقة بموت زيد ، ثم أخبر غيره بموته أيضاً ، لا نقول له : كذبت. ولو جاء ثالث ، ورابع ، وخامسٌ ... وعاشرٌ لا نقول لهم : كذبتم وإنْ لم نعرف درجة صدقهم ، بل سيكون كل خبر من هذه الأخبار قرينة احتمالية تضاف إلى خبر الصادق حتى يصبح على درجة من اليقين كلما تراكمت القرآئن بحيث يتضاءل احتمال نقيضها حتى يصل إلى درجة الصفر.

إنّ منطق قواعد حساب الاحتمال وقوانينه الرياضية في تحصيل اليقين الموضوعي من تراكم الأخبار على محور واحد ، يستحيل معه أن لا يكون ذلك المحور صادقاً ومنطبقاً مع الواقع.

ومن هنا يعلم أنّ إثارة الشكوك حول أحاديث المهدي وسلب دلالتها على شخصه العظيم ، كما يزعمه بعض المتطفلين على علم الحديث الشريف ، متخطياً في ذلك جميع الاعتبارات العلمية ، وبخاصة بعد ثبوت انطباقها عليه عليه‌السلام ، ليس إلاّ التعبير عن هزيمة نكراء من الداخل ، وعن ضحالة التفكير في كيفية المساس بعقيدة ولو بالكذب والافتراء بعدم وجود الصحيح الثابت ، مع التستر بمزاعم التصحيح كما تخبرك محاولات تحويل العقائد إلى حرفة صحفية تنطلق من اجواء الغرب ، وتستظل بفيئه ، وتحركها أصابعه ، وتموّلها عملاؤه ، غافلة عن أنّ العقيدة ليست قشّة في مهب الريح ، وتاركة ما رسمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام من المسار الصحيح لمعرفة من هو الإمام المهدي باسمه ونسبه الكريم.

١٠٤

ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام

لسنا بحاجة إلى ما يبين ولادة الإمام المهدي ويثبتها تاريخياً بعد أن عرفنا اتفاق كلمة المسلمين على أنّه من أهل البيت ، وأنّ ظهوره يكون في آخر الزمان ، وعرفنا أيضاً النتيجة التي انتهى إليها البحث في طوائف نسب الإمام المهدي ، وهي أنّه لا مجال للشك في كون المهدي الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، وهو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وانه حسيني الأب حسني الاَُم من جهة فاطمة بنت الحسن السبط أُم الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام.

وهذا يعني إنّ البحث عن ولادة الإمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي لولا وجود بعض الملابسات التاريخية حول ولادته عليه‌السلام ، كادعاء عمّه جعفر الكذّاب بعدم وجود خلفٍ لأخيه العسكري عليه‌السلام ، وقيام السلطة الحاكمة بتسليم تركة الإمام العسكري بعد وفاته لأخيه جعفر الكذاب أخذاً بادعائه الباطل فيما رواه علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية انفسهم ولم يروه غيرهم قط إلاّ من طرقهم ، وفي هذا وحده كفاية للمنصف المتدبر ، إذ كيف يروي الشيعة أمراً ويعتقدون بخلافه لو لم يثبت لهم زيف هذا الأمر وبطلانه ؟!

إنه من قبيل رواياتهم انكار معاوية منزلة علي عليه‌السلام من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فانكار معاوية ثابتٌ ، ومنزلة علي عليه‌السلام ثابتة ؛ وثبات كلاهما عند الشيعة لا يخالجه شكٌّ ؛ لأنه على نحو اليقين ، فكذلك انكار جعفر الكذاب ثابت

١٠٥

عندهم ، وتصرف السلطة على وفق ادعائه ثابت أيضاً ، وفي مقابل هذا ثبوت ولادة المهدي بالاقرار والعيان ، وما بعدهما من برهان.

ولكن من يقتات على موائد الغرب مع انحرافه ، لا يبعد منه استغلال تلك الملابسات ، واثارتها بثوب جديد موشى بالوان ( التصحيح ).

ولأجل هذا نقول : إنَّ ولادة أي انسان في هذا الوجود تثبت باقرار أبيه ، وشهادة القابلة ، وان لم يره أحد قط غيرهما ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرخون بولادته وصرح علماء الانساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وانصاره في كل عصر وجيل بالملايين.

ولعمري ، هل يريد من استغل تلك الملابسات ، وأنكر ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام أكثر من هذا لاثبات ولادته ، أم تراه يقول في بلسان الحال للمهدي ، كما قال المشركون بلسان المقال لجدّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنبُوعاً ، أوْ تَكُونَ لَكَ جَنّةٌ مِن نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الاَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً ، أوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً ، أوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِن زُخْرُفٍ أوْ تَرْقى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ ! قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إلاَّ بَشَراً رَسُولاً ) (١).

اللّهم إنّا لا نرجو هداية من عرف الحق وتمسك بالباطل ؛ لأن من لا يقدر على الانتفاع بضياء الشمس ، فهو على الانتفاع بنور القمر أعجز ، وانما نطمح إلى ايصال الحق إلى جاهله ، وتقوية الايمان به عند من

__________________

(١) الإسراء : ١٧ / ٩٠ ـ ٩٤.

١٠٦

ضعف في قلبه ، فنقول :

إخبار الإمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليهما‌السلام :

ويدل عليه الخبر الصحيح عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفري قال : « قلتُ لأبي محمد عليه‌السلام : جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن اسألك ؟ فقال : سلْ ، قلتُ : يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال : نعم ، فقلتُ : فإنْ حدث بك حدث فأين اسأل عنه ؟ قال : بالمدينة » (١).

والخبر الصحيح عن علي بن محمد ، عن محمد بن علي بن بلال قال : « خرج إليَّ من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده » (٢).

والمراد بعلي بن محمد هو الثقة الأديب الفاضل ابن بندار ، وأما عن محمد بن علي بن بلال فانه من الوثاقة والجلالة أشهر من نارٍ على علم بحيث كان يراجعه من مثل ابي القاسم الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه ، كما هو معلوم عند أهل الرجال.

شهادة القابلة بولادة الإمام المهدي عليه‌السلام :

وهي السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الإمام الجواد وأُخت الإمام الهادي وعمة الإمام العسكري عليهم‌السلام. وهي التي تولّت أمر نرجس أُم الإمام المهدي عليه‌السلام في ساعة الولادة (٣) ، وصرحت بمشاهدة الإمام الحجة بعد

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٣٢٨ / ٢ باب ٧٦.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٢٨ / ١ باب ٧٦.

(٣) كمال الدين ٢ : ٤٢٤ / ١ و ٢ باب ٤٢. وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٣٤ / ٢٠٤.

١٠٧

مولده (١) ، وقد ساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة ، منهن جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الإمام العسكري عليه‌السلام فيما صرح بذلك الثقة محمد بن يحيى ، (٢) ومارية ، ونسيم خادمة الإمام العسكري عليه‌السلام (٣).

ولا يخفى ان ولادات المسلمين لا يطلع عليها غير النساء القوابل ، ومن ينكر هذا فعليه ان يثبت لنا مشاهدة غيرهن لاُمّه في مولده !

هذا وقد أجرى الإمام العسكري عليه‌السلام السُنّة الشّريفة بعد ولادة المهدي عليه‌السلام فعقَّ عنه بعقيقة (٤) كما يفعل الملتزمون بالسُنّة حينما يرزقهم الله من فضله مولوداً.

من شهد برؤية المهدي من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام وغيرهم :

شهد برؤية الإمام المهدي في حياة أبيه العسكري عليهما‌السلام وبإذن منه عدد من أصحاب العسكري وأبيه الهادي عليهما‌السلام ، كما شهد آخرون منهم ومن غيرهم برؤية الإمام المهدي بعد وفاة أبيه العسكري عليهما‌السلام وذلك في غيبته الصغرى التي ابتدأت من سنة (٢٦٠ ه‍ ) إلى سنة ( ٣٢٩ ه‍ ) ، ولكثرة من شهد على نفسه بذلك سوف نقتصر على ما ذكره المشايخ المتقدمون وهم : الكليني ( ت / ٣٢٩ ه‍ ) الذي أدرك الغيبة الصغرى بتمامها تقريبا ، والصدوق ( ت / ٣٨١ ه‍ ) وقد أدرك من الغيبة الصغرى أكثر من عشرين عاماً ، والشيخ المفيد ( ت / ٤١٣ ه‍ ) ، والشيخ الطوسي ( ت / ٤٦٠ ه‍ ) ولا بأس بذكر اليسير جداً من رواياتهم الخاصة في تسمية من رآه عليه‌السلام ثم

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٣٣٠ / ٣ باب ٧٧ ، وكمال الدين ٢ : ٤٣٣ / ١٤ باب ٤٢.

(٢) كمال الدين ٢ : ٤٣١ / ٧ باب ٤٢.

(٣) كمال الدين ٢ : ٤٣٠ / ٥ باب ٤٢ ، وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي ٢٤٤ / ٢١١.

(٤) كمال الدين ٢ : ٤٣١ / ٦ باب ٤٢ و ٢ : ٤٣٢ / ١٠ باب ٤٢.

١٠٨

الاكتفاء ببيان أسماء المشاهدين للإمام المهدي عليه‌السلام مع تعيين موارد رواياتهم في كتب المشايخ الأربعة لأجل الاختصار. فمن تلك الروايات :

ما رواه الكليني في اُصول الكافي بسند صحيح : عن محمد بن عبدالله ومحمد بن يحيى جميعاً؛ عن عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : « اجتمعت أنا والشّيخ أبو عمرو رحمه‌الله عند أحمد بن اسحاق فغمزني أحمد بن اسحاق أن أسأله عن الخلف ، فقلت له : يا أبا عمرو إني أُريد أن اسألك عن شيء وما أنا بشاكٍ فيما أُريد أن اسألك عنه ـ إلى أن قال بعد إطراء العمري وتوثيقه على لسان الأئمة عليهم‌السلام ـ : فَخَرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثم قال : سل حاجتك. فقلتُ له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه‌السلام ؟ فقال : إي والله ورقبته مثل ذا ـ وأومأ بيده ـ فقلتُ له : فبقيت واحدة ، فقال لي : هات ، فقلتُ : فالاسم ؟ قال : محرم عليكم أنْ تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، فليس لي أن أُحلل ولا أُحرم ، ولكن عنه عليه‌السلام ، فإن الأمر عند السلطان : أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً وقَسَّم ميراثه وأخذه من لا حقّ له فيه ، وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً ، واذا وقع الاسم وقع الطلب ، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك » (١).

ومنها : ما رواه في الكافي بسند صحيح : عن علي بن محمد وهو ابن بندار الثقة ، عن مهران القلانسي الثقة قال : قلتُ للعمري : « قد مضى أبو محمد ؟ فقال لي : قد مضى ولكن خلف فيكم من رقبته مثل هذه ، واشار بيده » (٢).

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ / ١ باب ٧٧ ، ورواه الصدوق بسند صحيح عن أبيه ومحمد بن الحسن ؛ عن عبدالله بن جعفر الحميري ، كمال الدين ٢ : ٤٤١ / ١٤ باب ٤٣.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٢٩ / ٤ ب ٧٦ و ١ : ٣٣١ / ٤ باب ٧٧.

١٠٩

ومنها : ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أجلاّء المشايخ قال : « حدثنا محمد بن الحسن رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال : قلتُ لمحمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه : اني اسألك سؤال ابراهيم ربه جلّ جلاله حين قال : ( رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحْيي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئنَّ قَلْبي ) (١) فأخبرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته ؟ قال : نعم ، وله رقبه مثل ذي واشار بيده إلى عنقه » (٢).

ومنها : ما رواه الصدوق في كمال الدين قال : « وحدثنا أبو جعفر محمد ابن علي الأسود رضي‌الله‌عنه قال : سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رضي‌الله‌عنه بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه أن اسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام أن يدعو الله عزّ وجل أن يرزقه ولداً ذكراً قال : فسألته ، فأنهى ذلك ، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعى لعلي بن الحسين وانه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاد ـ ثم قال الصدوق بعد ذلك ـ قال مصنف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : كان أبو جعفر محمد بن علي الأسود رضي‌الله‌عنه ، كثيراً ما يقول لي ـ إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، وأرغب في كتب العلم وحفظه ـ ليس بعجب أنْ تكون لكَ هذه الرغبة في العلم ، وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه‌السلام » (٣).

ومنها : ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن أجلاء هذه الطائفة وشيوخها قال : « وأخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيدالله ، عن أبي عبدالله محمد بن أحمد الصفواني قال : أوصى الشيخ

__________________

(١) البقرة : ٢ / ٢٦٠.

(٢) كمال الدين ٢ : ٤٣٥ / ٣ باب ٤٣.

(٣) كمال الدين ٢ : ٥٠٢ / ٣١ باب ٤٥.

١١٠

أبو القاسم رضي‌الله‌عنه إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي‌الله‌عنه فقام بما كان إلى أبي القاسم [ السفير الثالث ] فلما حضرته الوفاة ، حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه ، فلم يظهر شيئاً من ذلك ، وذكر أنّه لم يُؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن » (١).

ولا يخفى إن مقام السّمري مقام أبي القاسم الحسين بن روح في الوكالة عن الإمام تتطلب رؤيته في كل أمر يحتاج اليه فيه ، ومن هنا تواتر ما خرج على يد السفراء الأربعة الذين ذكرناهم في هذه الروايات من وصايا وارشادات وأوامر وكلمات الإمام المهدي عليه‌السلام (٢).

وهناك روايات أُخرى كثيرة صريحة برؤية السفراء الأربعة كلٌّ في زمان وكالته للامام المهدي وكثير منها بمحضر من الشيعة وها نحن نشير الى اسماء من رآه عليه‌السلام وهم :

ابراهيم بن ادريس أبو أحمد (٣) ، وابراهيم بن عبدة النيسابوري (٤) ، وابراهيم بن محمد التبريزي (٥) ، وابراهيم بن مهزيار ابو اسحاق الاهوازي (٦) ، وأحمد بن اسحاق بن سعد الاشعري (٧) ورآه مرة أُخرى مع سعد بن عبدالله بن أبي خلف الاشعري ( من مشايخ والد الصدوق

__________________

(١) كتاب الغيبة / للطوسي : ٣٩٤ / ٣٦٣.

(٢) وقد جمعت هذه الاَُمور في ثلاث مجلدات مطبوعة بعنوان «المختار من كلمات الإمام المهدي عليه‌السلام تأليف الشيخ محمد الغروي.

(٣) الكافي ١ : ٣٣١ / ٨ باب ٧٧ ، والارشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٢٥٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٦٨ / ٢٣٢ و ٣٥٧ / ٣١٩.

(٤) الكافي ١ : ٣٣١ / ٦ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥٢ ، والغيبة للطوسي : ٢٦٨ / ٢٣١.

(٥) الغيبة للطوسي : ٢٥٩ / ٢٢٦.

(٦) كمال الدين ٢ : ٤٤٥ / ١٩ باب ٤٣.

(٧) كمال الدين ٢ : ٣٨٤ / ١ باب ٣٨.

١١١

والكليني ) (١) ، وأحمد بن الحسين بن عبدالملك أبو جعفر الأزْدي وقيل الأوْدي (٢) ، وأحمد بن عبدالله الهاشمي من ولد العباس مع تمام تسعة وثلاثين رجلاً (٣) ، وأحمد بن محمد بن المُطَهَّر أبو علي من أصحاب الهادي والعسكري عليهما‌السلام (٤) ، وأحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي الغال الملعون ، وكان معه جماعة منهم : علي بن بلال ، ومحمد بن معاوية بن حكيم ، والحسن بن أيوب بن نوح ، وعثمان بن سعيد العمري رضي‌الله‌عنه إلى تمام أربعين رجلاً (٥) ، واسماعيل بن علي النوبختي أبو سهل (٦) ، وأبو عبد الله بن صالح (٧) ، وأبو محمد الحسن بن وجناء النصيبي (٨) ، وأبو هارون من مشايخ محمد بن الحسن الكرخي (٩) ، وجعفر الكذاب عم الإمام المهدي عليه‌السلام رأى الإمام المهدي عليه‌السلام مرتين (١٠) ، والسيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الإمام محمد بن علي الجواد عليهما‌السلام (١١) ، والزهري وقيل الزهراني ومعه العمري رضي‌الله‌عنه (١٢) ، ورشيق صاحب المادراي (١٣) ،

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٤٥٦ / ٢١ باب ٤٣.

(٢) كمال الدين ٢ : ٤٤٤ / ١٨ باب ٤٣ ، والغيبة : ٢٥٣ / ٢٢٣.

(٣) الغيبة : ٢٥٨ / ٢٢٦.

(٤) الكافي ١ : ٣٣١ / ٥ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥٢ ، والغيبة : ٢٦٩ / ٢٣٣.

(٥) الغيبة : ٣٥٧ / ٣١٩.

(٦) الغيبة : ٢٧٢ / ٢٣٧.

(٧) الكافي ١ : ٣٣١ / ٧ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥٢.

(٨) كمال الدين ٢ : ٤٤٣ / ١٧ باب ٤٣.

(٩) كمال الدين ٢ : ٤٣٢ / ٩ باب ٤٣ ، و ٢ : ٤٣٤ / ١ باب ٤٣.

(١٠) الكافي ١ : ٣٣١ / ٩ باب ٧٧ ، وكمال الدين ٢ : ٤٤٢ / ١٥ باب ٤٣ ، والارشاد ٢ : ٣٥٣ ، والغيبة : ٢٤٨ / ٢١٧.

(١١) الكافي ١ : ٣٣١ / ٣ باب ٧٧ ، وكمال الدين ٢ : ٤٢٤ / ١ باب ٤٢ و ٢ : ٤٢٦ / ٢ باب ٤٢ ، والارشاد ٢ : ٣٥١ ، والغيبة : ٢٣٤ / ٢٠٤ و : ٢٣٧ / ٢٠٥ و : ٢٣٩ / ٢٠٧.

(١٢) الغيبة : ٢٧١ / ٢٣٦.

(١٣) الغيبة : ٢٤٨ / ٢١٨.

١١٢

وأبو القاسم الروحي رضي‌الله‌عنه (١) ، وعبد الله السوري (٢) ، وعمرو الأهوازي (٣) ، وعلي بن ابراهيم بن مهزيار الأهوازي (٤) ، وعلي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن ابراهيم اليماني (٥) ، وغانم أبو سعيد الهندي (٦) ، وكامل بن ابراهيم المدني (٧) ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد العمري رضي‌الله‌عنه (٨) ، ومحمد بن أحمد الأنصاري أبو نعيم الزيدي ، وكان معه في مشاهدة الإمام المهدي عليه‌السلام : أبو علي المحمودي ، وعلاّن الكليني ، وأبو الهيثم الدِّيناري ، وأبو جعفر الأحول الهمداني ، وكانوا زهاء ثلاثين رجلاً فيهم السيد محمد بن القاسم العلوي العقيقي (٩) ، والسيد الموسوي محمد بن اسماعيل بن الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام وكان أسنّ شيخ في عصره من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٠) ، ومحمد بن جعفر أبو العباس الحميري على رأس وفد من شيعة مدينة قم (١١) ، ومحمد بن الحسن بن عبيدالله التميمي الزيدي المعروف بأبي سورة (١٢) ، ومحمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير مولى

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٥٠٢ / ٦١ باب ٤٥ ، والغيبة : ٣٢٠ / ٢٦٦ و ٣٢٢ / ٢٦٩.

(٢) كمال الدين ٢ : ٤٤١ / ١٣ باب ٤٣.

(٣) الكافي ١ : ٣٢٨ / ٣ باب ٧٦ و ١ : ٣٣٢ / ١٢ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥٣ ، والغيبة : ٢٣٤ / ٢٠٣.

(٤) الغيبة : ٢٦٣ / ٢٢٨.

(٥) كمال الدين ٢ : ٤٩١ / ١٤ باب ٤٥.

(٦) الكافي ١ : ٥١٥ / ٣ باب ١٢٥ ، وكمال الدين ٢ : ٤٣٧ بعد الحديث ٦ باب ٤٣.

(٧) الغيبة : ٢٤٧ / ٢١٦.

(٨) الكافي ١ : ٣٢٩ / ١ باب ٧٦ و ١٠ : ٣٢٩ / ٤ باب ٧٦ و١ : ٣٣١ / ٤ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥١ ، والغيبة : ٣٥٥ / ٣١٦.

(٩) كمال الدين ٢ : ٤٧٠ / ٢٤ باب ٧٣ ، والغيبة : ٢٥٩ / ٢٢٧.

(١٠) الكافي ١ : ٣٣٠ / ٢ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥١ ، والغيبة : ٢٦٨ / ٢٣٠.

(١١) كمال الدين ٢ : ٤٧٧ بعد الحديث ٦ باب ٤٣.

(١٢) الغيبة : ٢٦٩ / ٢٣٤ و : ٢٧٠ / ٢٣٥.

١١٣

الإمام الرضا عليه‌السلام (١) ، ومحمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه (٢) وكان قد رآه مع أربعين رجلاً بإذن الإمام العسكري عليه‌السلام ، وكان من جملتهم : معاوية بن حكيم ، ومحمد بن أيوب بن نوح (٣) ، ويعقوب بن منقوش (٤) ، ويعقوب بن يوسف الضّراب الغساني (٥) ، ويوسف بن أحمد الجعفري (٦).

شهادة وكلاءالمهدي ومن وقف على معجزاته عليه‌السلام برؤيته :

لقد ذكر الصدوق من وقف على معجزات الإمام المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلدانهم وقد أشرنا إلى بعضهم ، وقد بلغوا من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى ، واليك بعضهم :

فمن بغداد : العمري ، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطار.

ومن الكوفة : العاصمي.

ومن أهل الاهواز : محمد بن ابراهيم بن مهزيار.

ومن أهل قم : أحمد بن اسحاق.

ومن أهل همدان : محمد بن صالح.

ومن أهل الري : البسامي ، والاسدي ( محمد بن أبي عبدالله الكوفي ).

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٤٤٢ / ١٥ باب ٤٣ حدّثَ عن رؤية جعفر الكذاب للامام المهدي عليه‌السلام ، وظاهره أنه رآه أيضاً ، ولكن صريح الكافي أنه لم يره عليه‌السلام ولكنه رأى من رآه وهو جعفر الكذاب. الكافي ١ : ٣٣١ / ٩ باب ٧٧.

(٢) كمال الدين ٢ : ٤٣٣ / ١٣ باب ٤٢ و ٢ : ٤٣٥ / ٣ باب ٤٣ و ٢ : ٤٤٠ / ٩ باب ٤٣ و٢ : ٤٤٠ / ١٠ باب ٤٣ و ٢ : ٤٤١ / ١٤ باب ٤٣.

(٣) كمال الدين ٢ : ٤٣٥ / ٢ باب ٤٣.

(٤) كمال الدين ٢ : ٤٣٧ / ٥ باب ٤٣.

(٥) الغيبة : ٢٧٣ / ٢٣٨.

(٦) الغيبة : ٢٥٧ / ٢٢٥.

١١٤

ومن أهل آذربيجان : القاسم بن العلاء.

ومن أهل نيسابور : محمد بن شاذان.

ومن غير الوكلاء.

من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حليس ، وأبو عبدالله الكندي ، وأبو عبدالله الجنيدي ، وهارون القزاز ، والنيلي ، وأبو القاسم بن دبيس ، وأبو عبدالله بن فروخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه‌السلام ، وأحمد ومحمد ابنا الحسن ، واسحاق الكاتب من بني نوبخت وغيرهم.

ومن همدان : محمد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمد بن هارون بن عمران.

ومن الدينور : حسن بن هارون ، وأحمد بن أُخَيَّة ، وأبو الحسن.

ومن أصفهان : ابن باشاذالة.

ومن الصيمرة : زيدان.

ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمد بن محمد ، وعلي بن محمد بن اسحاق ، وأبوه ، والحسن بن يعقوب.

ومن أهل الري : القاسم بن موسى ، وابنه ، وأبو محمد بن هارون ، وعلي بن محمد ، ومحمد بن محمد الكليني ، وأبو جعفر الرفّاء.

ومن قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد.

ومن نيسابور : محمد بن شعيب بن صالح.

ومن اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن بن الفضل بن يزيد ، والجعفري ، وابن الاعجمي ، وعلي بن محمد الشمشاطي.

ومن مصر : أبو رجاء وغيره.

ومن نصيبين : أبو محمد الحسن بن الوجناء النصيبي.

كما ذكر أيضاً من رآه عليه‌السلام من أهل شهرزور ، والصيمرة ، وفارس

١١٥

وقابس ، ومرو (١).

شهادة الخدم والجواري والاِماء برؤية المهدي عليه‌السلام :

كما شاهد الإمام المهدي عليه‌السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه‌السلام في داره مع بعض الجواري والإماء ، كطريف الخادم أبي نصر (٢) ، وخادمة ابراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الإمام المهدي عليه‌السلام (٣) ، وأبي الأديان الخادم (٤) ، وأبي غانم الخادم الذي قال : « ولد لأبي محمد عليه‌السلام ولد فسماه محمداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث ، وقال : هذا صاحبكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، وهو القائم الذي تمتد اليه الاعناق بالانتظار ، فاذا امتلاَت الارض جوراً وظلماً خرج فملاَها قسطاً وعدلاً » (٥).

وشهد بذلك أيضاً : عقيد الخادم (٦) ، والعجوز الخادمة (٧) ، وجارية أبي علي الخيزراني التي اهداها إلى الإمام العسكري عليه‌السلام (٨) ، ومن الجواري اللّواتي شهدن برؤية الإمام المهدي عليه‌السلام : نسيم (٩) ، ومارية (١٠).

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٤٤٢ ـ ٤٤٣ / ١٦ باب ٤٣.

(٢) الكافي ١ : ٣٣٢ / ١٣ باب ٧٧ ، وكمال الدين ٢ : ٤٤١ / ١٢ باب ٤٣ ، والارشاد ٢ : ٣٥٤ ، والغيبة : ٢٤٦ / ٢١٥ وفيه : ( ظريف ) بدلاً عن ( طريف ).

(٣) الكافي ١ : ٣٣١ / ٦ باب ٧٧ ، والارشاد ٢ : ٣٥٢ ، والغيبة : ٢٦٨ / ٢٣١.

(٤) كمال الدين ٢ : ٤٧٥ بعد الحديث ٢٥ باب ٤٣.

(٥) كمال الدين ٢ : ٤٣١ / ٨ باب ٤٢.

(٦) كمال الدين ٢ : ٤٧٤ بعد الحديث ٢٥ باب ٤٣ ، والغيبة : ٢٧٢ / ٢٣٧.

(٧) الغيبة ٢ : ٢٧٣ ـ ٢٧٦ / ٢٣٨.

(٨) كمال الدين ٢ : ٤٣١ / ٧ باب ٤٢.

(٩) كمال الدين ٢ : ٤٤١ / ١١ باب ٤٣.

(١٠) كمال الدين ٢ : ٤٣٠ / ٥ باب ٤٢ ، وفي هذا المورد شاهدته عليه‌السلام نسيم مع مارية.

١١٦

كما شهد بذلك مسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه‌السلام (١) ، وكل هؤلاء قد شهدوا بنحو ما شهد به أبو غانم الخادم في بيت العسكري عليه‌السلام.

تصرف السلطة دليل على ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام :

ولد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام في شهر ربيع الآخر سنة ٢٣٢ ه‍ ، وقد عاصر ثلاثة من سلاطين بني العباس وهم : المعتز ( ت / ٢٥٥ ه‍ ) ، والمهتدي ( ت / ٢٥٦ ه‍ ) ، والمعتمد ( ت / ٢٧٩ ه‍ ).

وقد كان المعتمد شديد التعصب والحقد على آل البيت عليهم‌السلام ومن تصفح كتب التاريخ المشهورة كالطبري وغيره ، واستقرأ ما في حوادث سنة ( ٢٥٧ ه‍ ) و ( ٢٥٨ ه‍ ) و ( ٢٥٩ ه‍ ) و ( ٢٦٠ ه‍ ) ، وهي السنوات الأولى من حكمه ، عَلِم مدى حقده على أئمة أهل البيت عليهم‌السلام.

ولقد عاقبه الله في حياته ، إذ لم يكن في يده شيءٌ من مُلْكِهِ حتى إنّه احتاج إلى ثلاثمائة دينار فلم ينلها ، ومات ميتة سوءٍ إذ ضجر منه الاتراك فرموه في رصاص مذاب باتفاق المؤرخين.

ومن مواقفه الخسيسة أَمْرُهُ شَرَطَته بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام مباشرة بتفتيش داره تفتيشاً دقيقاً والبحث عن الإمام المهدي عليه‌السلام والامر بحبس جواري أبي محمد عليه‌السلام واعتقال حلائله يساعدهم بذلك جعفر الكذاب طمعاً في أن ينال منزلة أخيه العسكري عليه‌السلام في نفوس شيعته ، حتى جرى بسبب ذلك ـ كما يقول الشيخ المفيد ـ على مُخَلَّفي أبي محمد عليه‌السلام كل عظيمة من اعتقال ، وحبس ، وتهديد ، وتصغير ، واستخفاف ، وذِل (٢).

__________________

(١) كمال الدين ٢ : ٤٤٢ / ١٦ باب ٤٣.

(٢) الارشاد ٢ : ٣٣٦.

١١٧

كل هذا والإمام المهدي في الخامسة من عمره الشريف ، ولا يهم المعتمد العباسي العمر بعد أنْ عرف أن هذا الصبي هو الإمام الذي سيهدّ عرش الطاغوت نظراً لما تواتر من الخبر بأن الثاني عشر من أهل البيت عليهم‌السلام سيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

فكان موقفه من مهدي الأمّة كموقف فرعون من نبي الله موسى عليه‌السلام الذي ألقته أُمّهُ ـ خوفاً عليه ـ في اليمِّ صبياً ، وبعض الشرّ أهون من بعض.

ولم يكن المعتمد العباسي قد عرف هذه الحقيقة وحده وإنّما عرفها من كان قبله كالمعتز والمهدي ؛ ولهذا كان الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة المهدي إلاّ بين الخلّص من شيعته ومواليه عليه‌السلام ، مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة قادة التشيع من الاختلاف بعد وفاته عليه‌السلام ، إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة وأمرهم بكتمان أمره لمعرفة الطواغيت بأنّه ( الثاني عشر ) الذي ينطبق عليه حديث جابر بن سمرة الذي رواه القوم وأدركوا تواتره ، وإلاّ فأي خطر يهدد كيان المعتمد في مولود يافع لم يتجاوز من العمر خمس سنين ؟! لو لم يدرك أنّه هو المهدي المنتظر التي رسمت الأحاديث المتواترة دوره العظيم بكل وضوح ، وبينت موقفه من الجبابرة عند ظهوره.

ولو لم يكن الامر على ما وصفناه فلماذا لم تقتنع السلطة بشهادة جعفر الكذاب وزعمه بأن أخاه العسكري عليه‌السلام مات ولم يخلف ولداً ؟

أَمَا كان بوسع السلطة أنْ تعطي جعفراً الكذاب ميراث أخيه عليه‌السلام من غير ذلك التصرف الأحمق الذي يدل على ذعرها وخوفها من ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف ؟!

قد يقال : بأنّ حرص السلطة على إعطاء كل ذي حق حقه هو الذي

١١٨

دفعها إلى التحري عن وجود الخلف لكي لايستقل جعفر الكذاب بالميراث وحده بمجرد شهادته !

فنقول : ومع هذا ، فانه ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أنْ تتحرى عن هذا الأمر بمثل هذا التصرف المريب ، بل كان على السلطة ان تحيل دعوى جعفر الكذاب إلى أحد القضاة ؛ لاسيما وان القضية من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كل يوم مرات ، وعندها سيكون بوسع القاضي التحقيق واستدعاء الشهود كأُمّ الإمام العسكري عليه‌السلام ، ونسائه وجواريه والمقربين اليه من بني هاشم ، ثم يستمع إلى اقوالهم ويثبت شهاداتهم ، ثم يصدر الحكم على ضوء ما بيديه من شهادات ، أمّا أنّ تنفرد السلطة بنفسها ويصل الأمر إلى أعلى رجل فيها ، وبهذه السرعة ، ولمّا يدفن الإمام الحسن عليه‌السلام ، وخروج القضية عن دائرة القضاء مع أنّها من اختصاصاته ، ومن ثم مداهمة الشَرَطة لمن في بيت الإمام العسكري عليه‌السلام بعد وفاته مباشرة ، كل ذلك يدل على تيقن السلطة من ولادة الإمام المهدي وإنْ لم تره ، لما سبق من علمهم بثاني عشر أهل البيت كما أشرنا إليه ؛ ولهذا جاءت للبحث عنه لابعنوان إعطاء ميراث العسكري عليه‌السلام لمن يستحقه من بعده ، وإنّما للقبض عليه والفتك به بعد أن لم يجدوا لذلك سبيلاً في حياة أبيه العسكري عليه‌السلام.

ولهذا كان الخوف على حياته الشريفة من اسرار غيبته عليه‌السلام كما مر عليك في إخبار آبائه الكرام عليهم‌السلام عنها قبل وقوعها بعشرات السنين.

اعترافات علماء الأنساب بولادة الإمام المهدي عليه‌السلام :

لا شك في أنّ الرجوع إلى أصحاب كلّ فن ضرورة ، والأولى

١١٩

بصدد ما نحن فيه ، هم علماء الانساب ، واليك بعضهم :

١ ـ النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان حياً سنة ( ٣٤١ ه‍ ) ، وهو من أشهر علماء الانساب المعاصرين لغيبة الإمام المهدي الصغرى التي انتهت سنة ٣٢٩ ه‍.

قال في سر السلسلة العلوية : « وولد علي بن محمد التقي عليه‌السلام : الحسن ابن علي العسكري عليه‌السلام من أُم ولد نوبيّة تدعى : ريحانة ، وولد سنة احدى وثلاثين ومائتين وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء ، وهو ابن تسع وعشرين سنة .. وولد علي بن محمد التقي عليه‌السلام جعفراً وهو الذي تسميه الإمامية جعفر الكذاب ، وإنّما تسميه الإمامية بذلك ؛ لادعائه ميراث أخيه الحسن عليه‌السلام دون ابنه القائم الحجة عليه‌السلام. لاطعن في نسبه » (١).

٢ ـ السيد العمري النسابة المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري قال ما نصه : « ومات أبو محمد عليه‌السلام وولده من نرجس عليها‌السلام معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله ، وسنذكر حال ولادته والأخبار التي سمعناها بذلك ، وامتُحن المؤمنون بل كافة الناس بغيبته ، وشره جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله فدفع أنْ يكون له ولد ، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه » .. (٢).

٣ ـ الفخر الرازي الشافعي ( ت / ٦٠٦ ه‍ ) ، قال في كتابه الشجرة المباركة في أنساب الطالبية تحت عنوان : أولاد الامام العسكري عليه‌السلام ما هذا نصه : « أما الحسن العسكري الامام عليه‌السلام فله ابنان وبنتان : اما الابنان ، فأحدهما : صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف ، والثاني موسى

__________________

(١) سر السلسلة العلوية / لأبي نصر البخاري : ٣٩.

(٢) المجدي في انساب الطالبيين : ١٣٠.

١٢٠