الرحلة المعينيّة

ماء العينين بن العتيق

الرحلة المعينيّة

المؤلف:

ماء العينين بن العتيق


المحقق: محمّد الظريف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-634-9
الصفحات: ٣٩٥

الشريف السيد عبد الوهاب بن عبد الرحمان بنمنصور (١٦٩) والتاجر الشريف السيد عبد السلام بن الطاهر بن مسعود.

ووصف مجلسهم معنا هو ما نشروه في جريدة الوحدة المغربية (١٧٠) ، ونصه : «زيارة لطيفة أو مجلس علم وأدب.

يوم الثلاثاء الماضي زار وفد من أعضاء المركز العام لبيت الوحدة المغربية (١٧١) مع بعض الأنصار العلامة التقي الأستاذ الشيخ الشريف الحاج محمد المصطفى مربيه ربه بن الشيخ ماء العينين ، كبير أشياخ طرفاية وإيفني وشنجيط بدار الضيافة بتطوان ، وقد استغرقت عنده الزيارة ما يزيد على الساعتين ، وكانت كلها مذاكرات دينية ومساجلات أدبية ، وبخاصة في التفسير والحديث وما إليهما ، وكان الشيخ مربيه ربه كثيرا ما يستشهد بأقوال الشيخ ماء العينين ، ويبدي من الملاحظات ما أبان عن علمه الجم واتساع دائرة معارفه ، وفي هذا الأثناء أنشدنا الشيخ ماء العينين بن العتيق الشاعر الفحل مخاطبا مؤسس الوحدة المغربية الأستاذ الجليل الشيخ محمد

__________________

(١٦٩) عبد الوهاب بنمنصور ، ولد بفاس سنة ١٩٢٠ وتلقى تعليمه بها ، شارك في الحركة الوطينة منذ صغره مشاركة فعالة ، نشر أشعاره ومقالاته في عدد من الصحف والمجلات المغربية والعربية ، له عدة مؤلفات منها : أعلام المغرب العربي ، المنتخب النفيس من شعر أبي عبد الله بن خميس ، انتقادات ضد السياسة الاستعمارية الفرنسية بشمال إفريقيا ، مناقب الصحراء وغيرها ، أنظر ترجمته في الأدباء المغاربة المعاصرون ، ص ٨٥ عبد السلام التازي.

(١٧٠) جريدة الوحدة المغربية : صدرت هذه الجريدة يوم ٣ فبراير ١٩٣٧ ، واختفت سنة ١٩٤٦ ، أنظر بشأنها مذكرات من التراث المغربي ، ج. ٦ ، ص ١٥٢.

(١٧١) حزب الوحدة المغربية ، حزب وطني ، أنشأه المكي الناصري بعد انفصاله عن حزب الإصلاح الوطني الذي أنشأه عبد الخالق الطريس ، ثم وقع بين الحزبين ميثاق وطني سنة ١٩٤٢ ، نفس المرجع ج ، ٦ ، ص ٧٢.

٨١

المكي الناصري (١٧٢)

[الطويل]

سلام على شيخ الأساتذة المكّي

ينير به ليل اليراعة والصّكّ

فهذا وقد طاب الزمان بنفحه

من آدابك الحسناء أذكى من المسك

ليهنك ما تبنى من الخطب التي

أبانت لنا حسن الجزالة والسّبك

وما من سبيل للمزايا سلكتها

وما من لئالي العلم نظمت في سلك

وارتجل بالبديهة أخونا الشاب عبد الوهاب بن منصور في مدح الشيخ :

[الوافر]

مربيه ربّه حزت الفضائل

ونلت من العلم ما أنت نائل

بعلم واقتدار فقت قوما

وسدتهم أيا حلو الشمائل

__________________

(١٧٢) محمد المكي الناصري ، ولد بالرباط سنة ١٣٢٤ ه‍ ١٩٠٦ م ، تلقى دراسته الأولى بالرباط ، ثم سافر إلى مصر لمتابعة دراسته في الأزهر والجامعة المصرية ، ساهم بدور مهم في الحركة الوطنية بدعوته الإصلاحية ونشاطه السياسي والصحفي. أسس حزب الوحدة في الشمال للدفاع عن القضية الوطنية ، تقلب في مناصب كثيرة بعد الاستقلال ، أخرها رئاسة المجلس العلمي للعدوتين ، خلف عدة أشعار ومؤلفات منها : إظهار الحقيقة ، وعلاج الخليقة ، وغيره ، أنظر ترجمته في الشعر الوطني المغربي في عهد الحماية ص ٢٦٢. من شعراء المغرب الأقصى وأدبائه المعاصرين ، ذ عبد الله الجراري ، تحقيق سعيد الفاضلي ، ص ٣٧ مرقون.

٨٢

فمذ عرفوك قد عرفوا جليلا

صبورا في المكارم لا يطاول

ومذ عرفوك قد عرفوا عظيما

لدى سكن العلى والمجد نازل

فأجازه ابن العتيق قائلا :

[الوافر]

ألا لله درّك خير فاضل

بحسن شبابك ازدهت المحافل

بديهتك الظريفة أعجبتنا

فوافر شعرك المغبوط كامل

وارتجل أيضا في هذا المجلس الشاعر محمد ماء العينين بن سيد أحمد الهيبة قدس‌سره مخاطبا الزائرين ومغتبطا مهم :

[الوافر]

بمقدمكم لنا طاب الجلوس

ووافقنا بما تهوى النّفوس

فكم من منتدى بكم تحلى

وكم بحلاكم تحلو الدّروس

ثم استأذن الجميع وانصرفوا على موعد اجتماع آخر.

قدوم الشيخ محمد الإمام ووفده علينا بتطوان

وتسمية جميع الوفد ونسبته وعدته

ثم لما كان يوم الخميس السابع من ذي القعدة الحرام ، قدم علينا القدوة الجامع

٨٣

الأستاذ العلامة المشارك ، الملاذ الشيخ محمد الإمام (١٧٣) بن شيخنا الشيخ ماء العينين بتطوان لقصد الحج مع أخيه سيدنا الشيخ مربيه ربه ووفده ، وقدم معه ابن أخته الأديب السيد ماء العينين يحجب (١٧٤) ابن محمد المختار بن سيد محمد ، ووفد من جهة مدينة سيدي إيفني من قبيلة بعمرانة ، قدم بعضهم مع الشيخ محمد الإمام في الطيارة ، وبعضهم مع ابن أخته السيد يحجب في السيارة. وكان يوم قدومهم يوم عيد عندنا ، وتضاعفت بمقدمهم أفراحنا وسرورنا وحبورنا. ونزلوا معنا في دار الضيافة بأمر المخزن ، وأظهر لهم الاعتناء وبالغ في إكرام الجميع.

وقوم بعمرانة الذين أتوا مع الشيخ تسعة :

١. السيد عمر بن محمد بن عبيد الهصباوي ، الملكلف بشؤون مدينة إفني.

٢. الحسين بن ابراهيم الهصباوي.

٣. الشريف السيد الحسن بن الطاهر بن باكريم البحرفاوي

٤. الشيخ عبد الكريم بن الحسن الخلفاوي ، رئيس قبيلة أيت يخلف

٥. السيد عابد بن محمد بن احمد الخلفاوي

__________________

(١٧٣) الشيخ محمد الإمام ، ولد سنة ١٣١٠ ه‍ ١٨٨٢ م ، استقر بسيدي إيفني بعد وفاة والده الشيخ ماء العينين ، بعد استقلال الأقاليم الشمالية المغربية قدم إلى الرباط على رأس وفد صحراوي لتجديد البيعة للسلطان محمد الخامس ، فعين ممثلا للقبائل الصحراوية في المجلس الاستشاري. توفي بتزنيت سنة ١٣٨٩ ه‍ ١٩٧٠ م ، خلف عدة أشعار ومؤلفات ، منها ديوانه الشعري وكتاب «الجأش الربيط في النضال عن مغربية شنجيط وعربية المغاربة من مركب وبسط» ، و «إسعاف السائل» وغيرهما. أنظر ترجمته في سحر البيان ، و ١٣٧ ، صاحب الجأش الربيط ، ذ ماء العينين ما العينين.

(١٧٤) يحجب بن خطر : ولد بوجان سنة ١٣٢٠ ه‍ ١٩٠٢ م أخذ العلم على يد مجموعة من أساتذة مدرسة السمارة من بينهم الشيخ النعمة والمحفوظ بن الحضرام والشيخ محمد الإمام وابن العتيق وغيرهم ، ساهم بدور كبير في مقاومة المستعمر بأشعاره ومؤلفاته الوطنية ، توفي بتارودانت سنة ١٤٠٣ ه‍ ١٩٨٣ م ، خلف ديوان شعر ومجموعا شعريا ومجموعة من الخطب والمقالات : أنظر ترجمته في باقة شعر من أقاليم الجنوب ، ص ٦٣. وفاء وولاء ، منتخبات شعرية من أقاليم المغرب الجنوبية ، منشورات المناهل

٨٤

٦. الشيخ بار بن العسري العبد لاوي رئيس قبيلة آيت اعبلّ

٧. السيد عبد الله بن احمد التيدرارتي الببكري

٨. السيد على بن الحسن بن اعبلّ الخمسي المساكني

٩. امحمد (فتحا) بن العربي المستي

ولما كان وقت العشاء من ليلة الجمعة ، قدم علينا السيد سدات (١٧٥) بن الشيخ الولي بن شيخنا الشيخ ماء العينين ، وقد أتى راكبا في الطيارة من جهة كناري ، وقبل ذلك في البحر من الداخلة ، وقبلها من صحراء أهله بأرض تيرس (١٧٦) ، وقدم بقصد الحج أيضا ، فاجتمع الركب المتهيئ للحج بحمد الله من جهة الطرفاية وإيفني وما والاهما من الصحراء مع رئيسه الشيخ مربيه ربه ، وكلهم حاجون بنفقة المخزن ، وعدد الرجال ثلاثون ، ومعهم زوجة الشيخ المذكورة ، باعتبارها يكون الحجاج من آل شيخنا ماء العينين عشرة (١٠)

ومن قبائل بعمرانة تسعة (٩)

ومن قبيلة الزوقيين ستة (٦)

__________________

(١٧٥) سداتي بن الشيخ الولي : ولد سنة ١٩٢٥ بالسمارة ، أخذ جل العلوم عن والده الشيخ الولي بن الشيخ ماء العينين وعدد كبير من علماء الصحراء ، كان من أبرز أعيان ووجهاء منطقة وادي الذهب في الحياة السياسية والعلمية ، في سنة ١٩٥٦ استقبل الطلائع الأولى لجيش التحرير عند موقف الطوارف ، (٢٠٠ كلم شمال أوسرد) بقيادة كل من بنحمو وناضل الهاشمي وابن ابراهيم ، شارك بفعالية في معركة تكل (٣٠٠ كلم شمال أوسرد) ، كما دعم جيش التحرير بالإبل والمال والمأوى وتسهيل التنقل ، إضافة إلى مشاركته في التحضير لهجوم العركوب المشهور ، فقصفت الطائرات الاستعمارية مخيمه الذي كان يأوي بعض فصائل جيس التحرير ببلدة العشاريات في وادي أشياف ، حيث استشهد هو وأخوه وابنه وثلاثة آخرون من أفراد أسرته في ٧ دجنبر ١٩٥٧.

معلومات زودني بها ـ مشكورا ـ الأستاذ مربيه ربه ماء العينين.

(١٧٦) تيرس : منطقة صحراوية تقع بين زمور والساقية الحمراء شمالا والمحيط الأطلسي غربا وأدرار التمر جنوبا وأدرار سطف وإيمريكلي شرقا. أنظر بشأنها : معلمة المغرب ج ٨ ص ، ٢٦٦٧ (ت) مطابع سلا ١٤١٥ ـ ١٩٥٥.

٨٥

ومن قبيلة الرقيبات إثنان (٢)

ومن قبيلة توبالت واحد (١)

ومن قبيلة أيت لحسن واحد (٢)

ومن قبيلة الأفيكات واحد (١)

ومن قبيلة أولاد تيدرارين واحد (١)

فهذه جملة الركب ، وقد قدمنا أسماءهم مفصلة في مواضعها.

دعوة رجال الوحدة المغربية لوفدنا وما جرى

بيننا وبينهم تلك الليلة من الأشعار والخطب

وفي هذه الليلة المذكورة ، ليلة الجمعة الثامنة من قعدة الحرام ، دعا رجال الوحدة المغربية سيادة الشيخ مربيه ربه ووفده جميعا دعوة جفلا ، وقد أعدوا لذلك مأدبة كبيرة ، وتهيأوا بما لا يوصف من تحسين الأمكنة وتنظيف الآنية والمبالغة في أطايب الطعام والشراب ، فلم يمكن للشيخ مربيه ربه إجابتهم لزكام أصابه الليلة ، فسار إليهم صنوه الشيخ محمد الإمام وسائر الركب ، فلما دخلنا أماكنهم وقدموا لنا ما أعدوا من ملاذ الطعام والشراب مع إظهار الفرح والإعظام والإكبار ، أنشدهم جامعه ماء العينين بن العتيق ، وفقه الله بديهة :

[البسيط]

دعوتمونا سماحا دعوة الجفلا

فكنتم خير من بالزائر احتفلا

لو قيل فيكم ألستم خير متّصف

بالمكرمات لقال الزائرون بلى

من كان داعي أقوام لمأدبة

ولم يكن هكذا فعلا فما فعلا

وأنشدهم سيادة الشيخ محمد الإمام ارتجالا :

٨٦

[البسيط]

جزاكم الله إجمالا وإحسانا

أجملتم الصنع أشياخا وفتيانا

تالله ما أبصرت عين نواديكم

إلا رأتكم لعين المجد إنسانا

وأنشدهم السيد محمد ماء العينين بن الشيخ أحمد الهيبة ارتجالا :

[البسيط]

قابلتمونا بأوفى ما نطيب به

فخرا من أعظم تبجيل وأطيبه

وليس ذاك إلا من سيادتكم

وما من المجد قدما توصفون به

وأنشدهم السيد يحجب بن خطر محمد المختار مرتجلا :

[البسيط]

في مثل هذا المنتدى كمل المنى

وأرى المنى للنفس في ذا المنتدى

حبّي لمن بالمنتدى من مبتدى

عمري وآخره يرى كالمبتدى

فارتاحوا لما أنشدناهم من الأشعار ، وأظهروا استحسانها بسكينة ووقار ، ثم قام الشاب الأديب عبد الوهاب بن منصور ، وألقى خطبة حسنة مشتملة على الترحيب بنا وعلى الاستبشار والفرح بمقدمنا ، وعلى أن لهم محبة زائدة بجانبنا.

وأنشد بعد الخطبة هذه الأبيات :

[المديد]

إنّ جيد العلى بكم قد تحلّى

وشعاع الصّلاح منكم تجلّى

٨٧

وغرام في الله يجمعنا اليو

م وحبّ الإله من شهد أحلى (١٧٧)

أيّها الزائرون شرّفتمونا

مرحبا بالكرام أهلا وسهلا

فأجزني يا بن العتيق أجزني

إنكم في الشعور أسمى وأعلى

فأجابه جامعه ماء العينين غفر الله له ارتجالا :

[المديد]

هذه الخمر بل من الخمر أحلى

بل هو السّحر نفث هارون يتلى

هي أبياتك التي ما لها في

سلك شعر يسطيع ذو النظم شكلا

رمت فيها إجازتي يا بن منصو

ر ، وقد كنت للإجازة أهلا

أنت في أبحر القريض مجاز

قد وجدناك إذ خبرناك فحلا

ثم قام رجال منهم فألقوا خطبا نثرية بديعة ، واعتذروا عن الإنشاد ، مغزاها واحد ، كلّها تقتضي الترحيب بنا وإظهار الاعتناء والمحبة لنا ، منهم الحاج أحمد بن محمد معنينو السلوي ، وأدباء منهم آخرون ، فاستحسّنا خطبهم ، وارتحنا لها ، ثم ألقى عليهم جامعه ماء العينين خطبة تقتضي جواب خطبهم على نسقها ، وأنشدهم ارتجالا :

[البسيط]

يا إخوة المجد يا أعلام سبسبه

والنّازلين بأعلى ذروة الرّتب

__________________

(١٧٧) من شهد أحلى : كالشهد ، في مجموع يحجب ، و ١٩ ، وهي الرواية المتداولة.

٨٨

لله إيخاؤكم هذا فبينكم

آخت لبان العلى والعلم والأدب

قد سرنا اليوم ما ألقيتموه لنا

تبارك الله من شعر ومن خطب

فاستحسنوا ذلك وارتاحوا له ، ثم قام السيد الأديب إبراهيم بن الولي العارف الحاج علي الدرقاوي السوسي (١٧٨) ، وأنشد قصيدة بديعة أنشأها في مدح سيادة الشيخ مربيه ربه والترحيب به وسائر الوفد ، ويخص ، منهم بالتسمية جامعه عفا الله عنه ، مطلعها (١٧٩) :

[الكامل]

خطر النسيم مبشّرا بالأسعد

ويد الصباح تبلّ وجه الأنجد

هاذي الرّبى تختال في أعطافها

فتخال ساحتها كثوب برجد

نثر الغمام لها جواهر زهرها

فتزينت جنباتها بزبرجد

وتبادلت أطيارها ألحانها

في نشوة فوق الغصون الميّد

__________________

(١٧٨) إبراهيم الإلغي من علماء المغرب وأدبائه المحدثين ، توفي سنة ١٩٨٥ ، أنظر :

ـ المعسول ج ٢ ص ٢٨٢ ـ ٢٩٧.

ـ التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين ، ص ٢٧٥ ـ ٢٧٨.

إبراهيم الإلغي ـ حياته وشعره ، ذ علالي محمد ، رسالة دبلوم ـ مرقونة.

(١٧٩) أنظر القصيدة في مجموع يحجب ، و ١٨.

٨٩

إلى أن قال :

فاليوم لا حظت السعادة خلسة

بعيونها قلب الغريب المبعد

من قبل كان البين فرّق بيننا

فالآن أمسينا كعقد منضد

إن صحّ ترحيب الغريب بمثله

فأنا أرحّب بالوفود الورد

هاذي الوفود النازلات برحبنا

لبت نداء الله دون تردّد

يحدوهم الشوق الكمين على النوى

كيما يحجوا بيت عتق سرمد

وقلوبهم تلتاع من بين الحشا

كيما يزورا روضة لمحمّد

فلحجهم من غير شك حطّة

إذ هم أتوه من مكان أبعد (١٨٠)

إن نحن قمنا بالتّجلّة نحوهم

فالفضل منهم لا يقاس بأزيد

فالله يبلغ سؤلهم ويحوطهم

حتى يفوزوا بالمنى والمقصد

هذا أميرهم مربّه ربّه

أكرم به من قدوة للمقتدي

علموا مكانته العليّة في الورى

علما وأخلاقا ورفعة محتد

__________________

(١٨٠) حطة : تخفيف للذنوب والأوزار.

٩٠

يكفيه فخرا أنه الحصن الذي

حرس الدّيانة في الجنوب الأبعد

إلى أن قال :

أسلاف هذا الشيخ كانوا حجّة

في الدين والعلم الصحيح المسند

أعظم بهم أعلام دين ما سعوا

إلا لرفع الدّين فوق الفرقد

كم من معارف أجادوا نسجها

في نول زاوية ووارف مسجد

كم سنّة فاءت بظلّ قبابهم

فقضوا على البدع التي لم تحمد

إلى أن قال :

فلئن تفاخرت البلاد بشعرها

فلهم طوالع كالدّرار الوقّد

فابن العتيق الفحل بازل قومه

يرمي بفكر كالقسّي مسدّد (١٨١)

أما معانيه فوحي ملهم

واللّفظ منه كلؤلؤ وزمرّد

إلى آخرها ، جزي خيرا ، وهي طويلة جيدة ، فلما أتمها طرب لها الندي وداخلته أريحية من حسنها ودلالتها على ما يقتضيه الحال.

__________________

(١٨١) بازل : كامل العقل والتجربة ، وهو البزل ، وهو طلوع ناب البعير في السنة التاسعة.

٩١

ثم قام الشاب الأديب السيد إدريس الجاي (١٨٢) وأنشد أيضا قصيدته الحسناء التي أنشأها في المعنى ، مطلعها :

[الطويل]

نفى عن جفوني النوم بعد سعاد

وهل بعدها يوما يطيب رقادي

ألم تك لي مذ كنت أكبر عدّة

وعند خطوب الدّهر أوفر زاد

علقت بها مذ كنت في المهد إلفها

فحلّت بصدري في جوار فؤادي

فكنت أناديها نزيلة مهجتي

وكانت هي الأخرى كذاك تنادى

إلى أن قال :

عدمت مرادي من سعاد ببعدها

فعوضت ما ينسي غرام سعاد

ولا عجب ذا ابن العتيق يضمّنا

وإيّاه من بعد التباعد ناد

إلى أن قال :

وقل للقوافي ما أردت فحلّقي

وما شئت فاستعلي بكلّ نجاد

__________________

(١٨٢) ادريس الجاي : ولد بفاس حوالي ١٩٢٣ ، وبها درس ، ارتحل إلى شمال المغرب ومنه إلى باريس ، بعد الاستقلال التحق بإذاعة الرباط ، له مشاركة في الشعر منها ديوانه «السوائج» وغيره ، توفي سنة ١٩٧٨ ، أنظر ترجمته في : الشعر الوطني المغربي في عهد الحماية ، ابراهيم السولامي ، ص ، ٢٣١ ، الأدباء ، المغاربة المعاصرون ، عبد السلام التازي ، ص ، ٦٧.

٩٢

وقل للرّبى إمّا بكت لحدادها

رشادك ليس الوقت وقت حداد

لئن أقفرت منك الزهور ذوابلا

فها زهرات ابن العتيق نوادي

وإن ذرفت عين السّماء مدامعا

فها بسمات ابن العتيق بوادي

ألا مرحبا بالواردين لربعنا

ورود المعين العذب غلّة الصّاد

بكم أتأسّى عن سعاد وبعدها

وألقى الكرى من بعد طول سهاد

نزلتم بنا فالقلب جذلان فارح

طروب وعصفور السّجيّة شاد

وإن تنزلوا تطوان أعظم بفخرها

ألا طاولي تطوان كلّ بلاد

وتيهي إذا ما شئت أو فتدلّلي

فناديك هذا اليوم أحفل ناد

فقد حلّ فيك العلم والفضل والتّقى

بمن ربّه ربّاه وهو له هاد

ومن للإسلام أكبر ناصر

وللعلم والآداب خير عتاد

إلى آخرها ، وقد أجاد فيها وأبدع ، فاستحسنها الحاضرون باغتباط (١٨٣) ، واستمالتهم عن طرب ونشاط ، ثم أنشدهم جامعه ماء العينين بن العتيق ، وفقه الله

__________________

(١٨٣) أنظر القصيدة في مجموع يحجب ، و ١٨.

٩٣

في جواب الشاعرين هذه الأبيات (١٨٤) :

[الكامل]

الشعر في يدي الخليل بمقود

يلقى وللجائي يجي طوع اليد

فحلان فكر كليهما لن ينبعث

إلا إلى نظم القريض الجيّد (١٨٥)

في السّودد اصطحبا اصطحاب الفرقد

ين فأدركا فيه مناط الفرقد

في سادة من تلقه منهم تقل

ما أبصرت عيني كهذا السيّد

قد طاب محتدهم وطابوا أنفسا

ويزيد طيب النّفس طيب المحتد

يا حسن ما يطبي النّهى بنديّهم

من خاطب أو منشئ أو منشد

اهدى لنا النّدبان في النّادي ابنتي

فكر كسمطي لؤلؤ وزبرجد (١٨٦)

نفتا عن الجفن الأسى إذ منهما

خطر النسيم مبشّرا بالأسعد

فابتهجوا بها وارتاحوا لها غاية الارتياح ، ثم طابت بمفاكهات النديّ الأشباح والأرواح ، وهي ليلة انصرمت بالمحاضرات الأدبية واللطائف العجيبة والمحادثات العلمية في كل مجال ، لما توق له وتغتبطه نفوس الرجال ، وفيما ذكر كفاية من مسامراتها ، ولو لا خشية الإطالة لا ستقصينا محاضراتها.

__________________

(١٨٤) أنظر هذه الأبيات في مجموع يحجب ، و، ١٨.

(١٨٥) فحلان : ندبان ، في مجموع يحجب ، و ١٨.

(١٨٦) الندبان : الفحلان ، في «ب» و ٢٠.

٩٤

زيارة وزير الأحباس والتماسه الإجازة

من صاحب الرحلة وما كتب له فيها

فلما كان الغد يوم الجمعة زارنا وزير الأحباس العلامة الكامل الجامع الفاضل الفقيه السيد محمد بن عبد القادر بن موسى (١٨٧) المراكشي مولدا ، التطواني مقرا ، على عادته ، لأنه قلما يتخلف عنا يوما ، من يوم دخلنا تطوان ، وهو ممن أخذ الورد عن شيخنا الشيخ ماء العينين ، وله نظم رائق في سلسلة أشياخنا في الطريق القادرية يسردهم متصلين من عند شيخنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد تذاكرنا معه في سائر الفنون ، فوجدناه بحرا لا ساحل له ، له مشاركة كبيرة في أكثر العلوم ، وله اليد الطولى في علم العربية ، وكان شاعرا مجيدا ، أنشدنا كثيرا من أشعاره ، منها ما هو في مدح المولى الخليفة سيدي حسن ، ومنها ما هو في الأدعية والحكم والفقه والمحاضرات ، إلى غير ذلك ، وله خبرة بعلوم الأسرار والخواص والتصوف ، وكان سنيا محافظا على أمور الشريعة مع ما أعطيه من علم الحقيقة ، وقد طلب مني في هذا اليوم أن أجيزه وأحلي إبريزه بأشعاري ومنظوماتي وتقاييدي وسائر مؤلفاتي ، فكتبت له ما نصه :

الحمد لله وحده ، صلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم ، حمدا لمن جازى بالحسنات وبدأ بالإحسان ، وجعل اللسان العربي أفضل لسان ، والسلامان على المبعوث به للقديم والحديث ، القائل ، «أحب (١٨٨) العرب لثلاث» إلى آخر الحديث ، وعلى آله وصحبه ، وتاليه من سائر (١٨٩) الأجناس ، المنزل فيهم ، «كنتم خير أمة

__________________

(١٨٧) ابن موسى : هو محمد بن عبد القادر بن موسى ، أصله من مراكش ، وهو من الأدباء الكلاسكيين المتميزن في المغرب في سنوات الثلاثين من هذا القرن ، تقلب في مناصب كثيرة بالمنطقة الخليفية ، آخرها وزارة الأحباس بتطوان التي استمر بها عشرين عاما. توفي سنة ١٩٦٥. خلف أشعارا كثيرة تم جمعها وإخراجها.

أنظر ترجمته في : الشعر الوطني المغربي في عهد الحماية ، ص ، ٢٢٦.

(١٨٨) أحب : أحبوا ، في كتب الحديث ، مختصر المقاصد الحسنة حديث رقم ٢٩.

(١٨٩) سورة آل عمران ، آية ١١٠.

٩٥

أخرجت للنّاس» ، أما بعد ، فقد طلب مني ألأخ في ذات الله ، المعرض عن كل شاغل عن الله ولاه ، العلامة المشارك الأديب الناظم الناثر ، الحسيب ، من نبغ لدرر البلاغة قاموسا ، الفقيه السيد محمد بن عبد القادر بن موسى ، ألبسني الله وإياه حلل التقوى ، ولا زال على أعباء الطاعات يقوى ، أن أجيزه بمنظوماتي وأشعاري ، وكلما سمحت به نتائج أفكاري ، فلبيت نداه وأجبت دعواه قائلا : قد أجزتك أيها الأخ الشقيق والخل الصديق بجميع ما نظمت من دواوين شعرية ، وألفت من تقاييد نثرية ، بل بسائر المعقول والمنقول ، من فروع وأصول ، وأوصيك كنفسي بتقوى الله العظيم وأن لا تنساني ، في صالح دعائك الخاص والعميم ، وهذه أبيات للحال تناسب جادت بها قريحة الكاتب.

[الوافر]

وضعت لكلّ مأترة مجازا

وتوثر للتواضع أن تجازا

فشئت إجازتي إياك فضلا

لو أن الأمر منعكس لجازا

هنيئا قد أجزتك دون قيد

تجيز وأنت أفضل من أجازا

إليك زمامها البلغاء ترمي

إذا رمت القريض والارتجازا

وأنت بحالها الطرف المجلى

إذا خضت الحقيقة والمجازا

جزيت لرعيك الأدب ابن موسى

بأحسن ما الأديب به يجازى

كتبه العبد الحقير ، المعروف بالتقصير ما العنين بن العتيق ، هداه الله لأقوم طريق في ٨ من قعدة الحرام عام ١٣٥٧ ، عرفنا الله خيره وخير ما بعده ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين والحمد لله رب العالمين.

٩٦

فلما كان يوم الأحد العاشر من الشهر ، ندبنا وزير الأحباس الفقيه محمد المذكور لداره ، فسار إليه الشيخ مربيه ربه وأخوه الشيخ محمد الإمام وسائر الوفد ، فأكرمنا غاية الإكرام ، وبالغ في الإحسان والإنعام ، وكان يخدم القادمين بنفسه مع غاية البشاشة والطلاقة ودوام الترحيب ، جزاه الله عنا أحسن ما جوزي به حبيب عن حبيب.

قدوم الطبيب علينا لتلقيح وفد الحاج

فلما كان يوم الغد يوم الإثنين ، قدم علينا الطبيب بمحلنا في دار الضيافة فلقح وفد الحاج من الجدري على الكيفية المعتادة خوف العدوى.

قدوم السيد عبد القادر الفكيكي تلميذ شيخنا وزيارة بعض الأحبة لنا

وفي أيامنا بتطوان قدم علينا مريد شيخنا ماء العينين الذائق الواصل ، الفائق الكامل ، عبد القادر بن محمد بن عبد الله الفكيكي (١٩٠) من مسكنه بقلعية في بني بويفرر من بلاد الريف للزيارة من أشياخه والتبرك بهم ، وكان صاحب أحوال وأشواق وهمة عالية ، لا سيما في تحصيل الأسرار والحكم ، خصوصا تآليف الشيخ ماء العينين وأبنائه ، وقد تتلمذ على شيخنا بالسمارة ، وصحبه مرة ، وجد في خدمته حتى صدره ، وظهرت عليه البركة الكثيرة ، وانتفع به خلق كثير ، وأمره في بلده شهير. وممن جاءنا للزيارة أيضا تلميذ شيخنا ماء العينين الشريف السيد محمد بن الحاج خديم من ذرية مولانا ادريس ، وهو رجل من أهل القلوب ، ولم تعلق عظيم بشيخنا رضي‌الله‌عنه ، وتكلمت معه فإذا هو ذو أذواق وفتح ، ومما استفدت من كلامه :

__________________

(١٩٠) عبد القادر الفكيكي : من كبار البنائين الذين بعثهم السلطان مولاي الحسن لبناء مدينة السمارة ، لازم الشيخ ماء العينين وحصل علي يديه الكثير من العلوم ولا سيما الأسرار. ساهم بدور كبير في نشر الفاضلية في بلاد الريف.

٩٧

«أسباب المحبة كالحبة ، إذا زرعت في بلد طيب نبتت وخرجت ، كما قال تعالى : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ)(١٩١) وقال تعالى : (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ)(١٩٢) الآية ، وإن لم تزرع في بلد طيب فسدت» واستفدت منه أيضا : «للناس أغراض في تمزيق الأعراض ، وجلهم ككاتب الشمال لا يكتب إلا السيئات». وهو أن غالب الناس كالذباب ، إن رأى من الجسد جرحا أو دملا ونحو ذلك تساقط عليه ، كناية عن كون أكثرهم لا يتفطنون إلا للعيب ولا لهم نظر إلى غيره.

وممن زارنا السيد عبد الحي بن السيد محمد الشريف القادري نسبا وطريقة التطواني (١٩٣) ، فاستدعانا لداره ليلة الخميس الرابعة عشر من ذي القعدة ، وكذلك دعانا تلك الليلة الفقير محمد بن حمّ بن جاد القلعي من فرخان ، فسار الشيخ مربيه ربه إلى الفقير محمد بن حم ومعه جامعه وجل الوفد ، وسار أخوه الشيخ محمد الإمام إلى الشيخ سيد عبد الحي ، ومعه بعض الوفد ، وكلاهما أكرم وأحسن ، جزيا خيرا.

وممن زارنا بتطوان وأتحف الشيخ مربيه ربه بتحف حسنة الأستاذ السيد عبد الخالق الطرّيس (١٩٤) بن الحاج أحمد بن محمد ، رئيس الحزب الإصلاحي الوطني (١٩٥) ، ومعه بعض حزبه وإخوانه للتبرك وطلب الأدعية الصالحة ، منهم السيد محمد فتحا ابن عبد السلام بن عبود (١٩٦) مدير المدرسة الأهلية ، والفقيه السيد أحمد بن محمد

__________________

(١٩١) سورة الأعراف ، آية ٥٨.

(١٩٢) سورة البقرة ، آية ٢٦١.

(١٩٣) عبد الحي القادري ، عالم مؤلف في التراجم ، أنظر : التأليف ونهضته ، ج. ٢ ص. ٣٣٦.

(١٩٤) عبد الخالق الطريس ، من قادة الحركة الوطنية والمغربية وأعلامها البارزين ، ولد سنة ١٩١٠ بتطوان ، وتوفي بطنجة سنة ١٩٧٠ ، أنظر حوله ، مذكرات من التراث المغربي ، ج. ٦ ص ، ٧٢ ـ ١٩٨٦.

(١٩٥) تم الترخيص بإنشاء هذا الحزب في ٧ دجنبر ١٩٣٦ ، نفس المرجع.

(١٩٦) محمد بن عبد السلام بن عبود ، عالم ومؤلف ، أنظر بشأنه التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين ، ج ١ ، ص ١٦٥.

٩٨

الغيلاني (١٩٧) والشريف السيد الحسن بن احمد بن عبد الوهاب (١٩٨) والحاج محمد بن العربي بنّون (١٩٩) وإبن أخيه السيد الطيب بن عبد السلام بنون ، والخطيب بزاوية السيد عبد الله الفقيه الحاج السيد محمد (٢٠٠) بن محمد (فتحا) الطنجي ، وأخوه السيد عبد السلام (٢٠١) والسيد محمد ابن العربي الزّكار (٢٠٢).

__________________

(١٩٧) أحمد الغيلاني ، أنظر ترجمته في مجلة تطوان العدد المزدوج ٤ ـ ٥.

(١٩٨) الشريف السيد الحسن بن عبد الوهاب : من رجال الوطنية المشهورين ، له جولات في ميدان القضاء والتشريع ، ومساهمات في هذا الميدان ، ألف كتابا في القضاء والإدارة المغربية لا يزال محجوزا بإحدى المطابع ، أنظر حوله ما كتبه عنه الأستاذ محمد الصباغ في جريدة العلم.

(١٩٩) محمد بن العربي بنون : هو شقيق الحاج عبد السلام ، رجل وطني صوفي ، لحن كثيرا من الأناشيد الوطنية التي كانت تتردد في مدارس تطوان الوطنية وغيرها من مدن الشمال المغربي كان له دور كبير في تنظيم زيارة شكيب أرسلان للمغرب وتطوان سنة ١٩٣٠ ، وهو من أدباء تطوان البارزين.

انظر حوله الحركة العلمية والثقافية بتطوان ج ٢ ص ٦٠٦.

(٢٠٠) محمد بن محمد الطنجي : من أعضاء حزب الإصلاح الوطني له مساهمات كثيرة معظمها في خطب الجمعة والأسرة في الأسلام وتظم الزكاة وديوان شعر أنظر حوله : إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ، محمد بن الفاطمي السلمي ص ٢١ ، مطبعة النجاح الجديدة ١٩٩٢.

(٢٠١) عبد السلام الطنجي ، : هو شقيق السيد محمد ، وهو من رجال الوطنة أيضا ، اشتغل بالتجارة ، وهو محدث بارع ، وملم بالموسيقى الأندلسية وأحوال المجتمع التطواني ، نفس المصدر.

(٢٠٢) محمد بن العربي الزكار : من رجال الوطنية ، كان يعمل ضمن حزب الشيخ محمد المكي الناصري ، اشتغل بوزارة الأوقاف مدة طويلة وبقي بها إلى أن أحيل على المعاش. أقيم له حفل تكريم بتطوان جمع الأستاذ مصطفى الشعشوع كل ما قيل فيه. وهو لا يزال يقيم بتطوان ، أنظر مجله السلام ، ج. ١٠ ، نونبر ١٩٣٤.

٩٩

زيارة قائد المشور وأخيه لنا وصحبتهم بعض التحف لنا

وفي يوم الجمعة الخامس عشر من ذي القعدة أتانا المريد الواصل ، العابد الفاضل ، قائد المشور السيد محمد المصطفى بن القائد ادريس على عادته ، لأنه كان قلما يفارقنا ليلا ولا نهارا ، وقدم لنا ـ آل شيخنا الشيخ ماء العينين ـ هدايا كثيرة ، دراهم وطعاما ولباسا ، وخص الشيخ مربيه ربه والشيخ محمد الإمام وكل واحد منا بما يناسب حاله ومقامه من هديته ، ومن ذلك أنه أهدى لكل منا كسوة تامة على وصفها المعروف في البلاد الغربية ، وكذلك أهدى لكل واحد منا لباس الإحرام على حاله المشروع المعروف ، حتى النعلين ، إلى غير ذلك مما هو كثير ، تقبله الله منه ، وجزاه عنا أحسن جزائه ، وكذلك فعل أخوه المريد الخاشع الباشا السيد محمد فاضل ابن القائد ادريس ، فإنه أتانا بهدايا كثيرة لكل واحد منا على حسب حاله ، ومنها الكسوة المعروفة لكل واحد منا ، وقلما يفارقنا ، وكذلك أخوهما خليفة قائد المشور الولي ، (٢٠٣) فقد أحسن معنا ، جزى الله الجميع خيرا.

ذكر مسيرنا من تطوان إلى سبتة لركوب باخرة الحج

وفي صبيحة يوم السبت السادس عشر من ذي القعدة الحرام ، سافرنا من مدينة تطوان قاصدين مدينة سبتة بقصد ركوب الباخرة نحو الحرم الشريف ، فركب الشيخ مربيه ربه السيارة وأهل بيته ، وأما سائر الوفد ، وفيه صنوه الشيخ محمد الإمام ،

__________________

(٢٠٣) محمد الولي : ولد بتطوان سنة ١٩٠٠ ، لما كان إدريس بنعيش البخاري باشا عليها ، درس اللغة العربية بفاس ، ثم انتقل مع أخيه الباشا محمد الفاضل إلى العرائش سنة ١٩١٠ حيث درس الإسبانية ، عمل مترجما بإدارة الجمارك بنفس المدينة ،؟؟؟ قائدا للمشور الخليفي بعد وفاة أخيه محمد المصطفى ، ثم أحيل على المعاش بعد إلغاء دار الخلافة ، توفي سنة ١٩٦٨ ودفن جوار أخيه بالزاوية الحراقية. معلومات زودني بها مشكورا الحاجب الملكي السيد علي بنعيش.

١٠٠