الرحلة المعينيّة

ماء العينين بن العتيق

الرحلة المعينيّة

المؤلف:

ماء العينين بن العتيق


المحقق: محمّد الظريف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-634-9
الصفحات: ٣٩٥

فأحبب بها أرضا إليّ وشدّ ما

تشوّقني أن شاقت القلب غيدها

ولكن هوى أرض الحجاز استمالني

فلمّا يشقني اليوم إلا شهودها

وليس كدائي من غرام كدائها

وقد كاد يودي بالفؤاد كديدها (٨٥)

فخذ نحوها باليعملات ، فإنما

لطيبة عندي يستطاب وخيدها (٨٦)

تخيّلها الأشواق لي فأخالها

تدانى على شحط المزار بعيدها (٨٧)

تواعدني الهمّات أن سأزورها

وأين من الإنجاز تجري وعودها؟

مزار البقاع الطاهرات تودّه

حشاشة نفسي والخطوب تزودها (٨٨)

فحتّى م تثنيها النوائب والنّوى

وبرح الجوى يستاقها ويقودها

ألا يا رسول الله حبّك حبّبت

إليّ به وهدانها ونجودها (٨٩)

فما غير أرض أنت فيها ميمّم

لنيل المنى من كل وجه صعيدها

__________________

(٨٥) كديدها : ما غلظ من أرضها ، وفي البيت جناس.

(٨٦) خد : سق الإبل

ـ اليعملات : الإبل النجيبة

(٨٧) شحط : بعد.

(٨٨) حشاشة : بقية الروح

(٨٩) وهدانها : منخفضاتها.

٦١

وهل جنة الدنيا سوى الأربع التي

حوتك ، وهل إلا ربيعك غيدها

بميلادك الأقطار نارت وأصبحت

محلّى بتقصار السعادة جيدها (٩٠)

وأمسى الليالي ساقطا دبرانها

وطالعة في الخافقين سعودها (٩١)

دعوت إلى التوحيد وحدك أمّة

تطاول في ليل الظلال رقودها

وما ألفت إلا الأباطل ملة

تواصت بها أنجالها وجدودها

فما صدك الإيذاء منها ولا الهوى

ولا عن هداك المستبين صدودها

ولم تكثرت منها بكثرة عدّة

ولا عدد ، إذ حاربتك جنودها

إلى أن أجابت عن رجاء ورهبة

ومن شرك الإشراك حلّت قيودها

فقيد إلى الإيمان طوعا منيبها

وسيق له بالهندوان عنيدها (٩٢)

وبلّغتها الذّكر الحكيم تحدّيا

ولا نوع من نسج البديع يؤودها (٩٣)

__________________

(٩٠) تقصارك بكسر التاء ، القلادة للزومها قصرة العنق.

(٩١) دبراها : الدبران ، نجم بين الثريا والجوزاء ، يقال له التابع والتويبع وهو من منازل القمر.

(٩٢) منيبها : الذي يرجع إلى الله بالثوبة ـ الهندوان : الذي صنع ببلاد الهند وأحكم عمله.

(٩٣) يؤودها : يعجزها.

٦٢

فأعلن بالعجز اعترافا خطيبها

وناثرها عن مثله ومجيدها

به لم يجد للطّعن وجها بليغها

ولم يجد شيئا بالطعان حسودها

وما لنبيّ دام وجدان آية

وآيته الكبرى استمرّ وجودها

فلا حدّ معلوم لغاية حسنها

ولا تعتدى في العالمين حدودها

وتمكين دين المصطفى وكماله

به بشّرتنا نورها وعقودها

وأثنى على أخلاقه الله كمّلا

وما زال في أوج الكمال يزيدها

وفي ليلة المعراج أسرى بذاته

ولم يدر إلا الله كيف صعودها

إلى حضرات لم تسعها عبارة

وعن دركها الإفهام كلّ حديدها

وإخوانه الرسل الكرام قلادة

بها أزدان جيد الدهر وهو فريدها

بنى الله للعبدان قبة دينه

فكانوا لها الأطناب وهو عمودها (٩٤)

وما أرسلوا إلا خلائق قبله

إلى الأمم الأولى ليهدى رشيدها (٩٥)

__________________

(٩٤) العبدان : ج. عبد.

(٩٥) رشيدها : مريدها ، في مجموع اسلم.

٦٣

تلاشت به نصرا لهود وصالح

بسوط عذاب عادها وثمودها

وأعطت على تصديقه أيّ موثق

لعيسى نصاراها وموسى يهودها

ببعثته كانوا مقربين قبلها

فأنى لهم عند العيان جحودها

وكيف عموا عن نوره بعد ما لهم

بيّن ماضي آيه وجديدها

بماذا أحسّت نار فارس إذ خبت

وغارت سواقيها وخرّ مشيدها

وماذا بدا للنخل إذ حنّ جذعها

وإذ عاد عضبا في يديه طريدها (٩٦)

وللسحب إذ ما شاء سحّت وأقلعت

وإذ خيّمت ظلا عليه بنودها

وللجن إذ للرّشد يهدى سفيرها

وإذ برجوم الشّهب يرمى مريدها

وللعرب العرباء إذ ريض شمسها

وإذ أقبلت من كل فجّ وفودها

فسائل قريشا عنه إذ بين والد

وعمّ تصدّى للبراز وليدها

وإذ باتت النيران توقد حولها

فآذن بالحرب ابن حرب وقيدها

ويوم كسا ثوب الهوان هوازنا

فأعتق رعيا للرّضاع عبيدها

__________________

(٩٦) عضبا : من العضب وهو الكسر.

٦٤

وسل يوم سلت لليهود سيوفه

معاشر يجليها وأخرى يبيدها

وزينبها إذ سمّت الشاة ما رأت

وفي سحره ماذا رآه لبيدها

وحسبك ما عنه الجمادات أفصحت

وفاه به ظبي الفلاة وسيدها (٩٧)

محامد لا يمدد لإحصائها يدا

فقد يعجز العدّ الطويل مديدها

وما نعت أوصاف مدائحها أتت

من الله والرّوح الأمين بريدها

وماذا به نثني عليه وإنما

نعوث الثنا من وصفه نستزيدها

مقاصد تستدعي الفصيح لنظمها

ويفصح عن نيل المرام قصيدها (٩٨)

شفت شفتي مما يشفّ وفكرتي

مدائحه إنشاؤها ونشيدها

شمائل بالتكرار تحلو فتشتهي

مناطقنا أن لا تزال تعيدها

وأمته قدها من الفخر أنها

غدا شهداء الناس وهو شهيدها (٩٩)

محجّلة غرا ، جلاها وضوءها

وغادر سيمي في الوجوه سجودها (١٠٠)

__________________

(٩٧) أفصحت : أعربت ، في مجموع اسلم ـ سيدها : ذئبها.

(٩٨) ويفصح : وتفصح ، في مجموع اسلم.

(٩٩) قدها : قدرها.

(١٠٠) وغادر سيمي : وقد رسم ، في مجموع إسلم ، وهي قراءة صحيحة أيضا تفيد نفس المعنى.

٦٥

تدين لها في فضلها كلّ أمة

وترهبها شمّ الملوك وصيدها (١٠١)

فصدّيقها نعم الخليفة بعده

مئاثره لا يستطاع عديدها

وفاروقها ، أعدل به من خليفة

كفى أنه بعد العتيق عميدها (١٠٢)

وعثمانها ذو النّور ، والنور خنصر

إذا عدّ محمود الفعال سديدها (١٠٣)

وأمّا عليّ صهر طه ابن عمه

أخوه أبو سبطيه فهو وحيدها

وطلحتها ، من مثله وزبيرها

وكيف يجارى سعدها وسعيدها

وهل من حكى زهريها وأمينها

بل الكلّ مشكور المساعي حميدها

وحمزة والعبّاس عمّاه عمّها

طريف المزايا منهما وتليدها

وممّا روينا أنّ طوبى شبابها

كلا الحسنين السيدين يسودها

هما أبوا الأشراف قرباه من دعا

إلى ودّها التنزيل أني ودودها

نفى الله عنهما مطلق الرّجس فالورى

عروض لدى التشبيه وهي نقودها

__________________

(١٠١) شم : ج. أشم ، وهو الرفيع العزيز النفس ـ صيدها : ج. أصيد وهو الذي يرفع رأسه كثيرا.

(١٠٢) فاروقها : عمر بن الخطاب

(١٠٣) خنصر : يبدأ به إذا ذكر أشكاله.

٦٦

بآبائها الأبناء في المجد تقتدي

ويربو على هدي الجدود حفيدها (١٠٤)

فما أكثر الأمجاد في خير أمة

ولكنما بيت الرسول مجيدها

فياربّ بالمختار والآل عافني

فبي حلّ من نوب الزمان شديدها

وبيّض بهم وجهي ووجه أحبتي

إذا ميّزت بيض الوجوه وسودها

وكن ناظري فضلا بعين عناية

تيسّر لي ما من أمور أريدها

وصلّ على نور الختام محمّد

صلاة بها الأسواء عنا تحيدها

تاريخ خروج صاحب الرحلة من عند أهله بقرية الطنطان للحج

ثم لما كان سحر يوم الجمعة السادس عشر من شوال عام ١٣٥٧ سبعة وخمسين بعد ثلاثمائة وألف هجرية موافق تسعة من دجنبر سنة ١٩٣٨ ثمان وثلاثين وتسعمائة وألف مسيحية ، ودّعت الأهل والأقارب والأحبة والجيران ، فاحترقت الأحشاء من وشك البين ، وفاضت العبرات من كلا الجانبين ، فقلت لهم : مهلا مهلا ، وسهلوا الأمر يكن بحول الله سهلا ، فلله در القائل :

[الطويل]

سيجمع الله الشّتيتين بعد ما

يظنّان كلّ الظنّ أن لا تلاقيا

__________________

(١٠٤) يربو : يتربى

٦٧

ولله در القائل :

أحبّة قلبي لا ضرار ولا ضرر

ولكنّنا نرضى بما ساقه القدر

سأنفعكم في غيبتي بالدعاء في

مواقف حجّي حيث أصفو من الكدر

ولست بناس عهدكم وودادكم

وإن طالت الأيام واتصل السفر

والحمد لله على ما حقق من رجائنا وأحاط بفضله وكرمه من دعائنا ، ثم قرأت من الآيات والأذكار ما وردت بالأمر به عند الخروج الآثار ، واستقبلت المسجد فصليت فيه صلاة الصبح ، وجعلت آخر عهدي به امتثالا للسنة ، فخرج معنا الأستاذ الشيخ عبدات ومن هناك من الإخوان والأحباء مشيعين ومودعين ، وداعين رافعين إلى الله أيديهم بوجوه ضارعة ، وألسنة متضرعة وقلوب خاشعة ، بتيسير المطالب وقضاء المئارب ، وجمع الشمل في السرور بعد تيسير الحج المبرور ، حتى وصلنا سيارة أعدها حاكم (١٠٥) البلد لركوبنا ، فركبنا وقت طلوع الشمس من الغد ، وكان معي في السيارة السيد الأديب أبو بكر الصديق (١٠٦) بن الشيخ مربيه ربه ، وكان عندي منذ شهور ، بعثه والده أعزه الله إليّ لأعلمه ، ومريد الشيخ محمد الأغظف (١٠٧) بن شيخنا الشيخ ماء العينين ، الحاج باب احمد بن محمد يحظيه

__________________

(١٠٥) كان حاكم الطنطان إذ ذاك هو الكبتان منويل الرمير «ب» و: ٤.

(١٠٦) هو أبو بكر بن الشيخ مربيه ربه ، شاعر أديب اشتغل بالقضاء إلى أن توفي سنة ١٩٩٠ ، خلف أشعارا كثيرة في المدح والوطنيات والاخوانيات سيتم إخراجها قريبا

(١٠٧) ولد سنة ١٢٩٢ ه‍ ـ ١٨٧٥ م ، أخذ العلم عن والده الشيخ ماء العينين وعلى عدد من أساتذة السمارة ، اشتهر بالعلم والصلاح والتقوى ، وكان أول من عاد إلى الصحراء بعد وفاة والده بتزنيت. بعد استقلال الأقاليم الشمالية من المملكة المغربية جاء إلى الرباط على رأس وفد صحراوي لتجديد البيعة والولاء لجلالة الملك محمد الخامس ، وظل يواصل واجبه الوطني وتربيته للمريدين إلى أن توفي بطنطان سنة ١٣٨٠ ه‍ ١٩٦٠ م ، أنظر ترجمته في «سحر البيان» ورقة ١٢٨ ـ Le Dossier de Sa ـ hara Occidental, Gaudio Atillo P. ٧٨.

٦٨

الزركي الشتوكي (١٠٨) ، فتوجهنا مدينة الطرفاية ، ووصلنا وقت العصر من يومنا ، ونزلنا عند دار الإمام الأستاذ الشيخ مربيه ربه ، فتلقانا هو ومن هناك من الأهلين بما لا مزيد عليه من الإكرام والإعظام ، وأظهروا الفرح والسرور بمقدمنا ، ووجدناه أعزه الله ، قد أخد هو ومن معه من ركب الحجيج أهبة السفر للحج والزيارة.

خطبة الشيخ مربيه ربه في نصيحة ووعظ وفده وقت استعدادهم للحج

فلما كانت ليلة الخميس القابلة ، جمع الإمام سيدنا الشيخ مربيه ربه من بالمدينة من ركب الحجيج المتوجه من الجهة الجنوبية الصحراوية في داره ، وأفاض عليهم ملاذّ الطعام والشراب ، ثم وعظهم وذّكرهم بما يجبعليهم من الطاعات والقيام بأداء ما افترض عليهم ، وأرشدهم إلى المواظبة على الأذكار والأوراد وترك مالا يعني من سفاسف الأمور ، والاشتغال بتعلم أحكام قواعد الدين ، خصوصا مناسك الحج الذي هم بصدده ، وذكّرهم بعض ما ورد من الآثار الدالة على فضله وكثرة أجره ، وحضهم على الإخلاص فيه وفي غيره من العبادات ، وعلى تقوى الله العظيم في السر والعلانية ، قال أعزه الله : واعلموا أنه لا ينال خير لا دنيويا ولا آخرويا إلا بالتقوى ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «التقوى رأس كل حكمة» (١٠٩) ، ثم قال أعزه الله : هذا حديث صحيح مفتتح بحرف الألف ، ولا بأس أن أذكر لكم أحاديثه ، كل واحد منها مفتتح بحرف من حروف المعجم على الترتيب ، زيادة في تعليمكم ، وحرصا على إفادتكم ، نفعني الله وإياكم بها وسائر العلوم ، فقال أعزه الله :

__________________

(١٠٨) هو بابا بن محمد يحظيه ولد محمد صالح بوصولة ، ولد سنة ١٩٠٧ ، ألقي عليه القبض سنة ١٩٥٣ بعد نفي محمد الخامس بتهمة التمرد ضد الاحتلال الإسباني ، فنقل إلى السجن بالجزر الخالدات ، وظل هناك إلى عودة محمد الخامس ، استشهد في إحدى معارك جيش التحرير ضد القوات الإسبانية ببلدة بريغت قرب مدينة إيفني في بداية سنة ١٩٥٨ ، عرف بالدين والتصوف ، وحفظ القرآن عن ذ. إبراهيم الدويهي.

(١٠٩) مختصر المقاصد الحسنة ، حديث رقم : ٣١٩.

٦٩

مطلب في ذكر ٩٢ حديثا مبدوءة بالحروف على الترتيب ذكرها الشيخ في خطبته التقوى رأس كل حكمة.

بيوت الله المساجد (١١٠).

تحت كل شعرة جنابة (١١١).

ثمن الكلب والخنزير حرام (١١٢).

جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (١١٣)

حساب أمتي كركعتي الفجر.

خيركم من علم القرآن وتعلمه. (١١٤)

داووا مرضاكم بالصدقة فإن البلاء لا يتعداها (١١٥).

ذو الوجهين لا يكون وجيها عند الله (١١٦).

رحم الله امرءا تكلم بخير أو صمت (١١٧).

زرغبا تزدد حبا (١١٨).

سيد الأيام يوم الجمعة (١١٩).

شرّ الطعام الوليمة تأكله الأغنياء وتشتهيه الفقراء (١٢٠).

__________________

(١١٠) نفس المصدر ، حديث رقم ٩٣٩ (بصيغة أخرى)

(١١١) المعجم المفهرس لألفاظ الحديث (جنب) وتتمة الحديث : «فاغتسلوا الشعر».

(١١٢) الجامع الصغير ، حديث رقم ٣٥٦٤ ، وقد ورد هذا الحديث في صيغ مختلفة ، ولا ذكر فيها للخنزير.

(١١٣) نفس المرجع ، حديث رقم ٣٥٩٤.

(١١٤) نفس المرجع ، حديث ٤١١١ ، ورد بصيغة أخرى وهي : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»

(١١٥) مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة ، الزرقاني ، حديث رقم ٤٥٠.

(١١٦) الجامع الصغير ، حديث رقم ٤٥٥٥.

(١١٧) مختصر المقاصد الحسنة ، حديث رقم ٤٨٥.

(١١٨) نفس المرجع ، حديث رقم ٤٧٤٤.

(١١٩) المعجم المفهرس ج ، ٣ ص ٧٣ ، نكاح ٧٢

(١٢٠) مختصر المقاصد الحسنة ، حديث رقم ٥٥٦.

٧٠

صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك (١٢١).

ضغطات القبر أشد من أربعين ضربة بالسيف (١٢٢).

طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة (١٢٣).

ظللت الملائكة بأجنحتها على طالب العلم رضى بما صنع (١٢٤).

عليكم بالإثمد فإنه ينبث الشعر ويقوي البصر (١٢٥).

غلقوا أبوابكم فإن الشيطان لا يدخل بيتا مغلقا (١٢٦).

فقراؤكم مضغتكم يوم القيامة.

قل الحق ولو في نفسك (١٢٧).

كل مسكر حرام (١٢٨).

لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (١٢٩).

من غشنا فليس منا (١٣٠).

نعم الادام الخل واللحم (١٣١)

هدية الله السائل حين يقف عند أبواب دياركم

وضوء على وضوء نور على نور (١٣٢)

__________________

(١٢١) المعجم المفهرس ، (سواك) ، أنظر مسند ابن حنبل.

(١٢٢) نفس المرجع ، ج ٣ ، ص. ٥١٤ ن جنائر ١١٣.

(١٢٣) مختصر المقاصد الحسنة ، حديث رقم ٦١٤.

(١٢٤) سنن ابن ماجة ١        ٨٢ ، حيث رقم ٢٢٦

(١٢٥) الجامع الصغير ، حديث رقم ٥٥١٣.

(١٢٦) المعجم المفهرس لألفاظ الحديث (غلق)

(١٢٧) مختصر المقاصد الحسنة ، حديث رقم ٧٢٢ (بصيغة أخرى)

(١٢٨) الجامع الصغير ، حديث رقم ٦٣٤٦.

(١٢٩) المعجم المفهرس (أخذ) ، البلغة في أحاديث الأحكام ، حديث رقم ٢١١.

(١٣٠) الجامع الصغير ، حديث رقم ٨٨٨١ ، وتتمته : «... والمكر الخداع في النار»

(١٣١) نفس المصدر ، حديث رقم ٩٢٦٧.

(١٣٢) مختصر المقاصد الحسنة ، حديث رقم ١١٦٣.

٧١

لا يلدغ المومن من جحر مرتين (١٣٣)

يدخل الجنة من كان آخر كلامه لا إله إلا الله محمد رسول الله (١٣٤)

ثم قال دام عزه : «وعليكم أن تشكروا الله على تيسير تهيئكم لركوب هذا المركب الفاخر الذي صنعته الدولة الإسبانيولية وأعدته للركوب إلى حج بيت الله الحرام ، وأنعمت بركوب الكثير من أعيان المسلمين وعامتهم فيه ، متحملة جميع لوازمهم من كراء وزاد وضرائب وما تدعو له الحاجة في طريقهم ذهابا وإيابا ، وهذه مزية امتازت بها هذه الدولة من بين الدول الأجنبية» ، ثم ختم خطبته أعزه الله بالدعاء للحجاج ولكافة المسلمين.

ركوب جل الوفد البحر من الطرفاية

إلى كناري وتاريخه مسافرين إلى الحج

ثم لما كان ضحى الغد ، وهو يم الخميس الثاني والعشرين من شوال عام سبعة وخمسين بعد ثلاثمائة وألف ، موافق خمسة عشر من دجنبر سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة وألف مسيحية ، خرج سيدنا الشيخ مربيه ربه ومعه ركب الحاج وسائر أهل المدينة لساحل البحر في هيئة جميلة وأبهة حسنة وسكينة عجيبة ، والضلوع تلتهب ، والدموع تنسكب ، وقد شقّ على المقيم فراق المسافر الموادع ، والمسافر متردد بين الفرح المتوقّع والحزن الواقع ، فلما انتهى التشييع ، اشتركنا الدعاء بعد التوديع ركب من هناك من ركب الحجيج السفينة لجهة جزيرة كناري قيلولة اليوم المذكور ، وبقي سيدنا الشيخ مربيه ربه ينتظر ركوب الطيارة.

مطلب في أسماء الراكبين من الطرفاية في السفينة وعددهم

وأما الذين ركبوا في السفينة بقصد الحج من الطرفاية فستة عشر ١٦.

أربعة من الشرفاء الأدارسة آل شيخنا الشيخ ماء العينين.

__________________

(١٣٣) نفس المرجع ، حديث رقم ٩٩٨٥.

(١٣٤) نفس المصدر ، حديث رقم ٨٩٦٥.

٧٢

١. سيدي بوي بن سدات بن شيخنا الشيخ ماء العينين (١٣٥)

٢. سيد بوي بن الشّيخ حسنّ بن شيخنا الشيخ ماء العينين (١٣٦)

٣. محمد شيبة بن الشيخ مربيه ربه بن شيخنا الشيخ ماء العينين (١٣٧).

٤. كاتبه ماء العينين بن العتيق ، حفيد شيخنا الشيخ ماء العينين ، وابن عمه.

وستة من قبيلة الرزكيين (١٣٨)

١. الفقيه السيد عبد الله بن الفقيه السيد العروسي القارحي (١٣٩)

__________________

(١٣٥) سيدي بوي بن سداتي بن الشيخ ماء العينين ، ولد سنة ١٨٩٨ م ، قبل وفاة والده بأربعة أشهر. اشتهر بالاهتمام بالفقه وأصول الدين والتاريخ وعلم الانساب وجمع ونقل العديد من مؤلفات الشيخ ماء العينين. عمل فترة طويلة مستشارا شرعيا بمدينة العيون ، توفي بالنمجاط بالتراب الموريتاني في بداية سنوات الخمسين.

عن ابن أخيه السيد أبوه بن الشيخ مامينا.

(١٣٦) سيدي بوي بن الشيخ حسن ، هو حفيد الشيخ ماء العينين ، تتلمذ على عمه الشيخ محمد الإمام ، عمل في وزارة الصحراء وموريتانيا ، توفي سنة ١٩٧٢ بعين أولاد جرار عن سن تناهز ٦٣ سنة ، وقد اشتهر بالتعبد والصلاح والورع. عن السيد أحمد الهيبة بن الشيخ مربيه ربه.

(١٣٧) محمد شيبة بن الشيخ مربيه ربه : هو حفيد الشيخ ماء العينين ، ولد في بداية سنوات العشرين ، وهو والد الشاعر الأديب شيبة ماء العينين ، توفي سنة

(١٣٨) الزركيين : من القبائل الرئيسية في مجموعة تكنة ، تميزوا بالشجاعة والعدل والجد في المعاملات ، تولى الكثير من أبنائها قيادة بعض جهات الصحراء بظهائر ملكية شريفة ، كما ساهموا في حركة المقاومة والعمل على استكمال وحدة المغرب من أشهر علمائها ، سيدي يوسف وابنه بابا احمد وابنه البكاي وعبد الله ، وكذلك ابراهيم بن مبارك ، وسيدي العروسي بن سيدي مولود وكمال بن المحيفيظ ، ومحمد عبد الله بن سيدي العروسين ، وغيرهم أنظر : الساقية الحمراء ، وواد الذهب ، ص ١٢٤ ـ معلمة المغرب ج ١ ، ص ٣٣٩.

(١٣٩) السيد عبد الله بن الفقيه السيد العروسي القارجي : من قبيلة الزركيين ، درس في مدرسة سيدي الزوين قرب مراكش ، عين قاضيا أوائل الاستقلال في كل من طنطان وكلميم ، توفي أواخر سنوات الستين. عن السيد ابراهيم الدويهي.

٧٣

٢. امبارك بن عياد القارحي (١٤٠)

٣. باب أحمد بن محمد يحظيه بن محمد صالح الهشتوكي ، المذكور أنه قدم معي من الطنطان

٤. القائد احمد بن حيدار الهشتوكي.

٥. خطّار بن ابراهيم امبارك الهشتوكي.

٦. البشير بن علي السعيدي واثنان من قبيلة الرقيبات (١٤١)

١. الفراح بن محمد بن أبي جمعة بن أبي بكر الشيخي (١٤٢)

٢. الفقير السيد المحفوظ بن الأمين الطالبي (١٤٣)

وواحد من قبيلة توبالت (١٤٤)

ـ السيد محمد الحسن بن سيد علي بن عبد القادر (١٤٥)

__________________

(١٤٠) امبارك بن عياد القارحي ، من قبيلة الزركيين ، ولد سنة ١٩٠٧ ، عمل ضمن جيش التحرير لتطهير الصحراء من الوجود الأجنبي ، كان ضمن أول وفد صحراوي قدم إلى الرباط لتجديد البيعة للسلطان محمد الخمس سنة ١٩٥٦ ، صادرت اسبانيا ممتلكاته سنة ١٩٥٧ ، نفس المصدر السابق.

(١٤١) الرقيبات : من أشهر التجمعات القبلية في الصحراء المغربية ، ينتهي نسبهم إلى الشيخ سيدي احمد الرقيبي ، اشتهروا بالجهاد والعلم والوطنية ، من أشهر قبائلهم ، أولاد موسى والسواعد وأولاد داوود ، وأولاد الشيخ ، وأولاد الطالب وغيرها ، وهم شرفاء أدارسة ، أنظر بشأنها : الساقية الحمراء وواد الذهب ص ، ١١٤. معلمة المغرب ج ١٣ ص ٤٤٢٦ ، محمد الظريف.

(١٤٢) نسبة إلى أولاد الشيخ ، وتنتشر في صحراء وادي الذهب وأدرار ، نفس المصدر ص ١١٤.

(١٤٣) نسبة إلى أولاد الطالب ، وينحدرون مباشرة من الشيخ سيدي احمد الرقيبي ، نفس المصدر ، ص ١١٤.

(١٤٤) توبالت : شرفاء يندرجون ضمن تجمع قبائل تكنة ، اشتهروا بالكرم والأنفة والوطنية ، نفس المصدر ص ١٢٥.

(١٤٥) من شيوخ أهل الليلي المشهورين في الصحراء ، وهم من قبيلة توبالت ، تولى إمامة المسجد بالطرفاية ومشيخة زاوية أهل اليلي بها ، شارك في مؤتمر أم الشكاك ، توفي سنة ١٩٧٦ بطنطان ، خلف مجموعة من الرسائل والخطب الدينية لا تزال مخطوطة ، منها رسالة يذكر فيها أن السلطان مولاي الحسن زار والده سيدي علي وطلب منه الدعاء ، عن عيسى الليلي.

٧٤

وواحد من قبيلة الأفّيكات (١٤٦)

ـ عيلّ بن الشّيهب (١٤٧)

وواحد من قبيلة آيت لحسن (١٤٨)

ـ امبارك بن علي بن عمر بن داوود انجورن (١٤٩)

وواحد من قبيلة أولاد تيدرارين (١٥٠)

ـ يسّلم بن عبد الرحمان بن ابراهيم ، الصانع الحداد الموسوي.

فهؤلاء هم الذين ركبوا البحر من الطرفاية صحبة سيدنا الشيخ مربيه ربه بقصد حج بيت الله الحرام على نفقة المخزن.

فنهضت بنا السفينة بعد صلاة العصر من الطرفاية ، ورست عند مدينة من مدن الكناري ، تسمى «لاص بّالماص» عند انصداع الفجر يوم الجمعة ومعنا قيم من جهة المخزن ، فأنزلنا منزلا حسنا ، وأحسن ضيافتنا ، فأقمنا يوم الجمعة في كناري ، ويوم السبت.

مطلب نزول الشيخ مربيه ربه من الطيارة عندنا في كناري

وركوب الجميع البحر إلى سبتة

فلمّا كان آخر النهار يوم السبت ، نزلت عندنا الطيارة وفيها سيدنا الشيخ مربيه ربه

__________________

(١٤٦) الفيكات : من قبائل تكنة.

(١٤٧) عيلّ اشتهر بالكرم والإيثار ، كان بيته ملتقى للأعيان وذوي الحاجات ، توفي في سنوات الأربعين ، عن السيد ابراهيم الديويهي

(١٤٨) أيت لحسن : من القبائل الرئيسية في مجموعة تكنة ، اشتهروا بالشجاعة والعدل والوطنية وترتبط ارتباطا قويا بقبيلة الزرقيين ، الساقية الحمراء ووادي الذهب ص ١٢٣.

(١٤٩) انجورن : فخدة من قبائل آيت لحسن.

(١٥٠) أولاد تيدرارين : من قبائل الصحراء التي تنتشر في منطقة بوجدور ، يميل النسابون إلى اعتبارهم من الأنصار ، عرفوا بالصلاح والاستقامة والوطنية ، الساقية الحمراء ووادي الذهب ص ١٢٩.

٧٥

ومعه زوجته فاطمة بنت السيد السباعية أم ولده محمد شيبة المذكور ومعه ابن أخيه السيد ماء العينين بن الشيخ أحمد الهيبة (١٥١) ابن شيخنا الشيخ ماء العينين ، فصار الركب ثمانية عشر رجلا وامرأة ، فلما كان بعد صلاة العشاء ليلة الأحد ، ركبنا جميعا البحر فوق مركب يسمى «باركو سيبي» ، فلبثنا فيه ثلاثة أيام والبحر في غاية الاضطراب والتموج ، ونحمد الله على ما صحبنا فيه من الألطاف والحفظ ، فرسا بنا عشية يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شوال عند مدينة قادس ، وهي باب بلاد أوربا ، فبتنا بها مكرمين في أحسن منزل ، ثم ركبنا بعد صلاة الصبح على السيارات البرية ، ونزلنا وقت ارتفاع النهار عند القرى المسماة بالخزيرات ، وقدر المسافة بينهما مع ادس خمس ساعات للسيارة البرية ، ثم ركبنا عشية يومنا ، وهو يوم الأربعاء البحر الأبيض المتوسط على بابور يسمى «سيوداد سبتة» ، فرسا بنا عند سبتة ، ونزلنا بها وقت الغروب ، ومسافة ما بينها وبين الخزيرات قدر ساعة ونصف للبابور.

دخولنا مدينة تطوان وخطبة الشيخ مربيه ربه أول ليلة بها

وعندما نزلنا تلقى لنا وجوه القرية مرحبين ومهنئين ومعهم باشا تطوان السيد محمد بن محمد أشعاش (١٥٢) نائب المخزن ، فأظهروا للشيخ الفرح والسرور بمقدمه ،

__________________

(١٥١) محمد ماء العينين بن الشيخ أحمد الهيبة ، هو حفيد الشيخ ماء العينين ، ولد سنة ١٩١٦ م ، تلقى تعليمه على يد مجموعة من أساتذة السمارة والسوس ، انتقل إلى تزنيت إثر الأحداث الكبرى التي عرفتها الصحراء ، بعد استقلال القسم الشمالي من المغرب قدم إلى الرباط لتجديد البيعة إلى السلطان محمد الخامس ، توفي سنة ١٩٨٥ بكلميم له أشعار كثيرة في المدح والإخوانيات والوطنيات ، عن ابنه ذ شيخاني.

(١٥٢) محمد بن محمد أشعاش ، ولد بتطوان سنة ١٣١٤ ه‍ ١٨٩٦ م ، حفظ القرآن في الكتاب ، ثم اشتغل بالفلاحة ، عين محتسبا بتطوان سنة ١٩٣٤ ، ثم باشا بنفس المدينة سنة ١٩٣٧ ، اشتهر بنزاهته وصرامته واستشارته للعلماء فيما يعرض عليه من نوازل ، عزل من الباشوية سنة ١٩٥١ بسبب مواقفه الوطنية التي لم تعجب الإدارة الإسبانية ، توفي بتطوان في أكتوبر ١٩٥١ ، معلمة المغرب ج. ٢ ص ٤٦٣. (أ) ١٩٨٩.

٧٦

واستقدمونا تلك الساعة لتطوان ، وأتونا بالسيارات فركبنا من وقتنا عليها ، ونزلنا عند تطوان وقت العشاء ، وبينها مع سبتة قدر ساعة للسيارة ، فنزلنا في ضيافة المخزن ، وبالغ في إكرامنا والاعتناء بنا ، فلما كان الغد ، وهو يوم الخميس متم شوال ، قدم علينا مريد شيخنا الشيخ ماء العينين الواصل ، قائد المشور السيد محمد المصطفى (١٥٣) بن مريده المرحوم بالله الكامل الواصل القائد ادريس بنعيش ، هو وأخوه سيادة الباشا محمد فاضل (١٥٤) ابن القائد ادريس ، فرحبا غاية وأظهرا من البشاشة والفرح بمجيئنا ما لا مزيد عليه ، وما زالا يترددان أيامنا بتطوان علينا للزيارة من الشيخ مربيه ربه والتبرك به ، وإظهار الإكرام له ولسائر وفدنا ، ولطلب صالح الدعاء ، جزيا خيرا. فلما صلينا المغرب ليلة الجمعة التفت الشيخ مربيه ربه أعزه الله إلى وفد الحجاج الذين قدموا معه ووعظهم بخطبة بليغة ، نصحهم فيها وحثهم على ملازمة مكارم الأخلاق والمواظبة على العبادة ، وحثهم على صلاة الجماعة وعلى التواضع وقال : من تواضع لله رفعه ، كما قال شيخنا رضي‌الله‌عنه :

ومن تواضع له الله رفع

وشرف العبد إذا هو اتّضع

ثم قال : «اعلموا أنكم خرجتم لحج بيت الله وزيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وينبغي للحاج أن يلاحظ من يوم خروجه من بيته أنه في حرم الله وفي ضمانه ويخلص نيته

__________________

(١٥٣) محمد المصطفى بنعيش ، ولد أواسط سنوات الثمانين من القرن ١٩ م ، بمكناس ، عمل ممثلا لوالده القائد إدريس بنعيش في بعض الأعمال ذات الطابع الحربي ، أهمها محلة التهامي الكلاوي لمحاربة بوحمارة ، عين باشا في تازة ، ثم خليفة لقائد المشور حمو الضراوي ، ثم قائدا للمشور بعد ذلك ، ثم باشا لتطوان ، ثم قائدا لمشور الخليفة بتطوان منذ سنة ١٩١٣ ، وظل بهذه الصفة إلى أن توفي بتطوان سنة ١٩٤٢. زودني بهذه المعلومات الحاجب الملكي السيد علي بنعيش.

(١٥٤) محمد فاضل بنعيش ، ولد سنة ١٨٨٤ بمكناس ، عمل كاتبا بالصدارة العظمى في عهد السلطان مولاي عبد العزيز ثم مولاي عبد الحفيظ مع المفضل غرنيط ، فيسنة ١٩٣٨ عين باشا بأصيلا وظل بها إلى عهد الاستقلال ، توفي سنة ١٩٦٢ بأصيلا ، نفس المصدر السابق.

٧٧

وعلمه ، ويجانب ما يحبط عمله ، قال تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ، فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ)(١٥٥). قال دام عزه : «أما أشهر الحج ، فالمراد بها شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ومعنى الرفث الجماع والفحش من القول والفسوق والمعاصي» ، وفي الصحيحين عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (١٥٦) «والحج المبرور ليس له جزاء عند الله إلا الجنة» (١٥٧) ، والمبرور الذي لم يخالطه مأثم ، وقيل المقبول ، وفي الأثر : «ما حجّ ولكن دجّ» (١٥٨) أي تجر ، ويقال إن من الجدال المنهي عنه أن يقول الحاج لأخيه إذا قال له الطريق لهذه الجهة ، ليس الأمر كذلك بل لهذه لجهة ، ثم قال أعزه الله : «ويحكى أن رجلا تردد إلى بيت الله ، ولا يدري هل عمله مقبول أم لا ، فبينما هو كذلك ، إذ ناداه هاتف يقول له : دعاك الله إلى بيته ، وهل [لا] يدعو إلى بيته إلا من يحب ، فسرى عنه» ، ثم قال أعزه الله : قال تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(١٥٩) ، وقال تعالى : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ)(١٦٠) ، والناس كلهم ترونه مشتغلا بما هو بصدده من تجارة أو حراثة أو تعلم أو عبادة ، أو غير ذلك ، ولا يرد أحدهم البال إلا لشغله ، فتنبهوا أنتم وردوا بالكم لما خرجتم له من الطاعة ، وهو حج بيت الله الحرام ، فلا يشغلكم عنه شغل ، ولا تجمح به أنفسكم إلى غيره من أشغال غيركم فتتعبوا فيما لا ينفعكم ، وعليكم بالصلاة لأول وقتها ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أول الوقت رضوان الله ، ووسط الوقت رحمة الله ، وآخر الوقت عفو الله» (١٦١) ، «وعليكم بالمحافظة على

__________________

(١٥٥) سورة البقرة ، آية ١٩٦.

(١٥٦) الجامع الصغير ، حديث رقم ٥٧٣٣.

(١٥٧) نفس المصدر ، حديث رقم ٣٧٩٣.

(١٥٨) مجمع الأمثال ، الميداني ، ج ، ٣ مثل رقم ٣٨٩٢.

(١٥٩) سورة المائدة ، آية ٣.

(١٦٠) سورة العصر ، آية ٢.

(١٦١) الجامع الصغير ، حديث رقم ٢٨٠٨.

٧٨

أورادكم وأذكاركم المعلومة في أوقاتها ، وقراءة الحزب في أوقاته المعلومة ، وطلب العلم والإفادة في كل ساعة من علمائكم» ، إلى غير ذلك مما أوصاهم به ـ أطال الله حياته ـ مما يحمد شرعا وطبعا ، ثم دعا لهم بالتوفيق لما يحبه تعالى ويرضاه.

صلاتنا للجمعة بتطوان وملاقاتنا للخليفة بالمسجد

فلما كان من الغد يوم الجمعة سرنا جماعة الوفد مع الشيخ أعزه الله لصلاة الجمعة في المسجد الذي يصلي فيه الخليفة ، وأظهر لنا من الترحيب والانبساط والإحسان مالا يوصف ، ولا سيما لسيادة الشيخ أعزه الله ، وإمام الجمعة الفقيه السيد محمد الطنجي ، وخطب بها خطبة حسنة.

ذكر بعض الأعيان الذين زارونا بتطوان ومذاكرتنا مع بعض أهل الوحدة

ومن الأعيان الذين اجتمعنا بهم في تطوان الفقيه العلامة الشاعر السيد فرطاخ محمد بن أحمد (١٦٢) ، وكان ممن حج مع الشيخ في العام الماضي وأخذ منه الإجازة في الأسرار ، وأتانا معه ولده الذي حج معه ، ويسمى محمد الزمزمي ، وتذاكرنا مع أبيه ، وله اليد الطولى في العلم.

وزارنا معهما التاجران الأديبان ، السيد احمد بن عبد الوهاب الريحاني الفاسي ، والحاج عبد الغني جسوس بن عبد الواحد التطواني ، والفقيه الشريف السيد عبد العزيز بن أبي القاسم الدباغ ، المتوطن بجدة ، وأصله من أهل المدينة المنورة ، وقد تقدمت بأبيه معرفة في مدينة سلا ، وله مشاركة في العلم وأدب رائق.

وممن زارنا أقوام أدباء من أهل الوحدة المغربية ، منهم الشيخ أحمد ابن محمد

__________________

(١٦٢) الفرطاخ بن الحاج محمد من أعلام تطوان البارزين في بداية القرن العشرين ، اشتهر بعلاقاته المخزنية ومشاركته في العلم والأدب الحركة العلمية والثقافية بتطوان ، ج ٢ ، ص ٥٣٧.

٧٩

معنينو السلوي (١٦٣) ، ورئيس المركز العام للوحدة المغربية ومدير جريدتها السيد عبد السلام بن المقدم (١٦٤) ، والحاج أحمد التمسماني (١٦٥) وصنوه القائد السيد الحاج محمد بن المقدم (١٦٦) ، والسيد الحاج المختار بن الصادق أحرظان الطنجي (١٦٧) والكاتب السيد محمد ابن الفقيه السيد محمد الزوّاق التطواني (١٦٨) والشاب الشاعر

__________________

(١٦٣) أحمد معنينو ، ولد بسلا سنة ١٩١١ ، درس بسلا والرباط وفاس والمشرق ، وعمل في الكفاح الوطني منذ صباه ، اشتغل بالتعليم والصحافة ، نشر العديد من المقالات والأبحاث في تاريخ الحركة الوطنية ، أنظر ترجمته في المجلس الوطني الاستشاري ومعارضة حزب الشورى والاستقلال ١٩٥٦ ـ ١٩٥٩ ـ ، الحاج أحمد معنينو.

(١٦٤) عبد السلام بن المقدم ، هو المجاهد الحاج عبد السلام التمسماني ، كان عضوا في اللجنة التنفيذية لحزب الإصلاح الوطني بزعامة الأستاذ عبد الخالق الطريس ، ولما حدث سوء التفاهم بين الأستاذ الطريس والشيخ المكي الناصري ، انفصل الشيخ الناصري عن حزب الإصلاح وأسس مع الحاج عبد السلام التمسماني حزب الوحدة المغربية ، وكان الحاج عبد السلام هو المدير لكل الجرائد التي صدرت عن هذا الحزب سواء في تطوان أوطنجة ، وعائلة التمسماني عائلة كبيرة ، اتخذت لقب المقدم تمييزا لها عن باقي التمسمانيين الذين ينتسبون لقبيلة «تمسمان» المشهورة بالريف.

أنظر حول هذه العائلة ، كتاب : ذكريات ومذكرات ، الأستاذ الحاج أحمد معنينو الجزء الثالث ص ٣٥.

(١٦٥) الحاج أحمد التمسماني : كان أستاذا بإحدى المدارس الثانوية بالدار البيضاء ، وله مشاركة في التربية والكفاح الوطني ، نفس المرجع السابق.

(١٦٦) الحاج محمد بن المقدم ، هو أخو الحاج عبد السلام والحاج احمد ، تخرج من القاهرة ، وساهم بدور فعال في الحركة الوطينة ، نفس المرجع السابق.

(١٦٧) الحاج بن المختار بن الصادق أحرظان : من رجال طنجة المشهورين في مجال الكفاح الوطني. أنظر : مجلة السلام ، السنة الأولى رجب ١٣٥٣ نونبر ١٩٣٤.

(١٦٨) محمد بن محمد الزواق التطواني : كان أديبا ذا خط جميل ، اشتغل بالكتابة وهو ابن العلامة الأديب الفقيه محمد الزواقي الحسني المتوفى سنة ١٩٢٨ ، اشتهر بالتقدم في المذهب المالكي بتطوان ومشيخة الجماعة بها. الحركة العلمية والثقافية بتطوان من الحماية إلى الاستقلال ، ادريس خليفة ج ٢ ، ص ٥١٨ منشورات وزارة الأوقاف والشوون الإسلامية.

٨٠