تاريخ طبرستان

المؤلف:

بهاء الدين محمد بن حسن بن إسفنديار


المترجم: أحمد محمد نادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المجلس الأعلى للثقافة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

١
٢
٣
٤

تقديم

مما لا شك فيه أن نمط الكتابة التاريخية ذات الاتجاه المحلى الذى يهتم بالمدن والأقاليم من أهم أنماط التدوين التاريخى الذى كتب به المؤرخون المسلمون فى المشرق والمغرب على السواء ، وقد ارتبط هذا الاتجاه بشعور الانتماء الذى يلازم المؤرخ كإنسان تجاه مسقط رأسه أى المدينة التى ولد فيها أو الإقليم الذى ينتسب إليه.

ومن خلال در استنا لتلك الظاهرة نرجح أن هناك أكثر من عامل ساعد على ظهور مثل هذه الكتب الإقليمية ، منها مثلا الموروث التراثى الذى تم بنقله وترجمته إلى العربية وضع تجارب وأنماط حضارات قديمة كاليونانية والفارسية والهندية وغيرها من كتب الأقاليم كنماذج يحتذى بها من جانب المؤرخ المسلم.

ولا مانع أن يكون العامل السياسى ، الذى يمكن أن نطلق عليه نمو الشعور بالذاتية الإقليمية فى صورة الحركة الاستقلالية قد أدى إلى تفاعل المؤرخ فى هذه الأقاليم أن يكتب لمدنه وأقاليمه تاريخا خاصا مستقلا يركز فيه على المفاخر السياسية والحضارية للبلد الذى بنتمى إليه المؤرخ. وربما يندفع المؤرخ بقلمه لكتابة تاريخ إقليم أو مدينة تحت تأثير أو إغراء السلطة السياسية التى ربما طلب حكامها من المؤرخين وضع كتب لإظهار تواريخ ولاياتهم أو عواصم دولهم ، كما هو الحال مثلا عند النرسخى مع السامانيين أو العتيبى مع الغزنويين.

وهناك عامل آخر ربما ساعد على ظهور كتب الأقاليم والمدن وهو عامل اجتماعى نفسى ، حيث يميل المؤرخ كإنسان إلى تصوير ما كان عليه مجتمعه من حالة سياسية وعسكرية واجتماعية ، وهى تميل إلى التعددية فى قواها السياسية والمذهبية بالمشرق الإسلامى ، مما أدى إلى تعدد كتب الأقاليم والمدن.

ويرتبط بكتب الأقاليم والمدن ونموها ، الحديث عن ظاهرة أدبية ترتبط بلغة هذه الكتب ، حيث إن المؤرخ المسلم ظل ما يقرب من ثلاثة قرون تقريبا يكتب باللغة العربية لغة الإسلام والحضارة ، ثم تدرج استخدام الفارسية الحديثة فى المشرق وخاصة

٥

فى كتب الأقاليم والمدن تحت رعاية الدويلات الفارسية والتركية المستقلة بدءا بالصفارية والسامانية وغيرها ، ومن هنا تولدت ظاهرة جديدة هى ازدواجية لغة الكتابة فى الأدب التاريخى ومارس أصحاب اللسانين عملهم بأقلامهم فى مجال التاريخ.

والكتاب الذى بين أيدينا «تاريخ طبرستان» بلا شك حصاد تلك الظاهرة التى نمت فى أحضان التجربة الإقليمية الإسلامية حيث إن مؤلفه ابن اسفنديار (بهاء الدين محمد بن الحسن) لاحق العديد من المؤرخين المشارقة ، فهو من المؤرخين الذين شاهدوا القرنين الخامس والسادس الهجريين ، وبالتالى فقد تمكن من استيعاب تجارب من سبقوه من الجغرافيين ومؤرخى المدن والأقاليم السابقين الذين غذّوا بفكرهم ومنهجهم تلك التجربة من أمثال المدائنى (ت ٢١٥ أو ٢٢٢ / ٨٣٠ أو ٨٣٨ م) أو ابن طيفور (ت ٢٨٠ / ٨٩٣ م) فى العراق مرورا بالسلّامى (ق ٤ / ١٠ م) فى خراسان أو النرشخى (ق ٤ / ١٠ م) فيما وراء النهر ، ثم السهمى (ق ٥ / ١١ م) فى جرجان وغيرهم. فوصلت بالتالى التجربة إلى ابن اسفنديار فاستوعبها وأفاد منها من الناحية الموضوعية والمنهجية.

وقد استوقفتنى تجربة ابن اسفنديار فى كتاب «تاريخ طبرستان» مقارنة بالتجارب المنهجية مع غيره من مؤرخى المدن والأقاليم كما أن ولاية طبرستان لم تكن كغيرها من الولايات الفارسية بحكم موقعها وبيئتها الجغرافية وأسلوب فتحها الذى استمر بما يشبه فتح العصور أو المراحل التاريخية إذ بدأ الفتح زمن الخلفاء الراشدين ثم استكملت مراحله زمن الأمويين واستمرت المحاولات ما بين مد وجزر إلى أن جاء دور الخلافة العباسية التى أتمت جهود الفاتحين السابقين ، ثم ما ورد فى هذا الكتاب عن حركات التمرد والعصيان التى اشتعلت فى طبرستان ضد حكومة الخلافة ونوابها ، وما ورد فى الكتاب عن أهم الفرق المذهبية فى طبرستان مما لزم ابن اسفنديار أن يجمع مادة علمية غزيرة فتضمن كتابه وثائق قلما توفرت فى غير كتابه ، وتمكن من الحصول عليها بعد رحلات وجولات فى بلدان المشرق الإسلامى.

ولا يسعنى كمدرس للغة الفارسية وباحث فى الدراسات الآسيوية إلا الاعتراف بقيمة هذا العمل وفائدته العلمية آملا أن تتلوه دراسات وترجمات أخرى لكتب التراث الإسلامى.

والله من وراء القصد ،

د. أحمد محمد نادى

٦

مقدمة الناشر

لم يكن النص الفارسى لكتاب «تاريخ طبرستان» قد طبع حين قام الأستاذ المرحوم" إدوارد براون" بنشر خلاصة الترجمة الإنجليزية لعام ١٩٠٥ ، ومنذ ذلك الوقت حظى بشهرة كبيرة بين أهل الأدب والبحث ؛ وعلى الرغم من أن عددا من المستشرقين أدركوا أهمية هذا الكتاب وكتبوا مقالات فى شأنه قبل المرحوم" براون" بمدة كبيرة وقاموا باستخراجات منه ؛ إلا أن أحدا لم يبادر بطبعه ، إن هذه النسخة النفيسة التى أغار على أغلب محتوياتها المؤلفون ، واعتمدوا فى مؤلفاتهم عن" طبرستان" على أساسها ظلت بعيدة عن متناول يد العامة.

وربما يعود السبب فى هذا الأمر إلى إشكال تصحيح الكتاب من حيث اشتماله على الأشعار والعبارات العربية الكثيرة والأعلام والأسلوب غير المألوف ، والسبب الآخر : هو أخطاء وفساد النسخ الموجودة من هذا الكتاب ، ومن المؤكد أن هذين السببين هما اللذان أديا إلى تأخر نشر هذا الكتاب من قبل الناشر لسنوات ، ورغم أن النسخة التى بين أيدينا ليست كاملة حتى الآن كما يجب ولا تزال عدة مواضع منها مجهولة وغير مفهومة ، إلا أنه قد بذل فى توضيحها وتنقيحها أقصى ما يمكن ، وقد تم حل وتوضيح كثير من صعوباتها عند مقابلتها ومراجعتها مع النصوص الأخرى ، وفى هذا الشأن فإن الناشر المتواضع مدين أكثر من غيره لعناية وخبرة الأستاذ والعلامة الكبير حضرة السيد" محمد قزوينى" مد (الله) ظله ؛ حيث إنه قدم مساعدات قيمة للناشر ، وذلك فى مقابلة النسخ الموجودة بالأخرى وتصحيح العبارات الخاطئة وغير المفهومة ، وقد من علىّ فى هذا الشان أيضا كما هو الحال فى الكثير من الأمور الأخرى ، وكذلك كان الشكر والحمد لهذا الأستاذ صاحب الجود وتمنى السعادة والعزة له ؛ حيث إنه لم يضن بتحمل أى مشقة فى سبيل خدمة العلم وهذا فرض علىّ وعلى الأشخاص الذين لهم اهتمام باللغة الفارسية وآدابها والذى يعد تاريخ طبرستان واحدا من أعمالها الشيقة والجذابة ، والجدير بالذكر أن الناشر سوف يورد فى مقدمة الجزء

٧

الثانى الذى سوف ينشر عن قريب معلومات مفصلة عن مؤلف الكتاب وتاريخه ، وسوف يطبع فى نهاية الجزء الثانى الحواشى والتعليقات الخاصة بالجزءين ، والتى بدونها تبقى أجزاء كثيرة من الكتاب غير مفهومة وقد أوردنا فى مقدمة هذا المجلد فقط التعريف بالنسخ الأخرى ، والتى اتخذناها أساسا لطبع هذا الكتاب ونكتفى بذكر مجمل من الكم الموجود من كتاب" تاريخ طبرستان" ، والكم المفقود منه ، ونترك التفصيل الكامل فى مقدمة الجزء الثانى.

٨

" النسخ المعروفة من كتاب تاريخ طبرستان"

يوجد من كتاب" تاريخ طبرستان" تأليف" محمد بن حسن بن إسفنديار" نسخ متعددة سواء فى" إيران" أو فى المكتبات العامة فى بلاد الفرنجة ، ومما يؤسف له أن جميع هذه النسخ بمبلغ علم الناشر ناقصة ومغشوشة ، وتاريخ كتابة أى منها باستثناء النسخة (ألف) والتى هى أصح وأكمل النسخ المعروفة ل" تاريخ طبرستان" لا تتجاوز العام الألف الهجرى ، وبالإضافة إلى النسختين (ألف) و (باء) والتى سوف يأتى الحديث عنها فيما بعد ، فإن جميع النسخ الأخرى ل" تاريخ طبرستان" كانت تحت يد الناشر ، أو قرأ عنها إجمالا أو قرأ أوصافها وتفصيلاتها فى كتب الفهارس ، وهى أشبه بأن تكون قد تفرعت كلها من أصل واحد ، ونسخت جميعها عن نسخة مغلوطة وناقصة ، وقام آخرون ـ كما سنفصل القول فيما بعد ـ وجمعوا متفرقات من هنا وهناك ، وجعلوا منه القسم الثانى من هذا الكتاب ، وأوصاف هذه النسخ دون الدخول فى شرح جزئياتها هى على هذا النحو : ـ

١ ـ السقطات كثيرة ، وقد أشرنا إليها فى هوامش صفحات هذا الجزء التالى من الجزء الأول وهو الجزء الذى بين أيدينا ، وقد حذفت فيه الأشعار والعبارات العربية وغالبا أيضا ما سقطت سطور من العبارات الفارسية للمتن ، وفى الجزء الثانى الذى يشمل القسمين الثانى والثالث فى الكتاب أجزاء مفقودة أو ساقطة ، وهى كثيرة جدا وأحيانا يبلغ مقدارها العديد من الصفحات الكبيرة ، وقد سقط القسم الثانى من جميع النسخ حتى من (ألف) أيضا ، وآخرون قد جمعوا القسم الثانى لهذا الكتاب متفرقا من هنا وهناك وسوف نورد هذا بالتفصيل.

٢ ـ أما عن القسم الثالث فإن الموجود منه فى سلسلة النسخ الموحدة الشكل باستثناء (أ) و (ب) فلم يتجاوز فى مجموعه أكثر من عشرين صفحة ، فى حين أن الكم الموجود فى (ألف) يصل إلى مائة وأربعين صفحة وهو فى هذه الأجزاء أكثر اكتمالا من" باء" أيضا.

٩

٣ ـ وفى جميع هذه النسخ والتى تعد (باء) واحدة منها فى هذا الأمر أيضا ، يوجد قسم بعد انتهاء القسم الأول والذى هو آخر الجزء الذى بين أيدينا بعنوان (القسم الثانى) وعنوانه على النحو التالى : ـ

" فى ابتداء دولة وشمكير وآل بويه ومدة استيلائهم على طبرستان" وهذا القسم برمته ساقط من النسخة (ألف) رغم أن المسلم به أن المؤلف قد كتب مؤرخا لفترة استيلاء آل" وشمكير" و" آل بويه" على" طبرستان" فإنها لا تحوى أية تفصيلات غير موجودة ، ويتضح من وضع هذه النسخة أيضا أن هذه المعلومات مفقودة وسقطت من النسخ التى كانت تحت يد كاتب نسخة (ألف) ، ووفقا للتفصيل الذى أوردناه فى مقدمة وحواشى الجزء الثانى فإن هذا القسم ، والذى هو بعنوان القسم الثانى موجود فى سائر النسخ باستثناء (ألف) ويبلغ اثنين وثلاثين صفحة من نصنا هذا ، وهو لا يعود للمؤلف الأصلى ل" تاريخ طبرستان" بأى وجه من الوجوه ، وقد قام أحد الشعراء فى القسم الثانى بالتقاط ما وجده فى رأيه ، من هنا وهناك لكى يملأ به المكان الخالى من القسم المفقود من كتاب" تاريخ طبرستان" وألحقه ضمن الكتاب دون أى تصريح وبشكل سىء لا يليق ، وقد ذكرنا دلائل هذا الادعاء والتى تتمثل فى : إيجاز الموضوعات وأساليب الإنشاء المختلفة والأغلاط التاريخية الفاحشة الكثيرة ، ونسخ كل قسم منها بنفس عباراته من كتب معروفة أخرى ، ومما يدعو للأسف البالغ أن أحد الأقسام الشيقة من تاريخ" محمد بن حسن بن إسفنديار" وهو القسم الخاص بآل بويه وآل زيار وبداية تاريخ باوند قد ضاع كلية ، والعجيب أنه لم يطلع أحد قط على هذا الأمر الهام حتى الآن ، وقد اعتبر الجميع أن كل المعلومات الناقصة والخاطئة التى توجد فى النسخ الرائجة «لتاريخ طبرستان» تخص المؤلف الأصلى للكتاب ، وقد نقلوا نفس هذه الأخطاء الواضحة منسوبة إليه ، وحتى يظل خيط التاريخ موصولا فإننا برغم إيضاحنا لوجود أصل هذا القسم الثانى وأنه لا أثر له فى النسخة (ألف) كما قلنا ، فقد طبعناه ولم يعلم أى الأجزاء التى ألحقت بأجزاء النص فى أول الجزء الثانى ، وأشرنا فى هامش الصفحات إلى المصدر الذى أخذت منه كل قطعة وهذا القسم كما ذكرنا فى الهوامش والحواشى الموجودة فى آخر الكتاب أيضا وأشرنا إلى الأخطاء التاريخية الموجودة فيه.

١٠

٤ ـ وجميع النسخ الموجودة من" تاريخ طبرستان" باستثناء النسخة (ألف) تتحدث عن نهاية أحداث" قابوس بن وشمكير" ، حيث يجرى الحديث عن عدة فقرات من مكاتباته مع معاصريه ـ فى ص ١٤٢ وما بعدها من هذا المجلد ـ ظهر بها خطأ فادح فى المراسلات العربية والتى يخص بعضها قابوس وبعضها الآخر لآخرين ، بمعنى أن كاتب تلك النسخة الأساسية التى قد كتبت عنها جميع النسخ الموجودة من" تاريخ طبرستان" باستثناء (ألف) حدث بها خلط إما فيها أو فى بعضها ؛ فأحدثت خلطا فى المراسلات العربية فى أجزاء من بعض المراسلات إلى مراسلات أخرى فمثلا عبارة" اليزدادى" فى التعريف ببلاغة" شمس المعالى" ص ١٤٢ سطر ١١ من نفس المجلد فى هذه النسخة جاءت فى هذه النسخ على النحو التالى : (وأنا أقول بلسان مطلق إن أحدا لم يسمع كلاما باللغة العربية مثل رسائل قابوس فى الفصاحة والوجازة طالعة على جناب الرفيع ... إلخ) حتى (كلمة الوجازة) هى من عبارة" يزدادى" ولكن من كلمة «طالعة وما بعدها هى جزء من المراسلة الجوابية لأبى إسحاق الصابى (ص ٥٤١ سطر ١٨ من الكلمة السادسة وما بعدها) وقد ألحق الناسخ بعد تلك العبارة عبارة" اليزدادى" وأورد بقية عبارة" اليزدادى" بدلا من" الصابى" هنا ووضعها فى نهاية القسم الأول من المراسلة الجوابية له ، وبهذا الشكل يكون قد أحل جزءا من المراسلة الجوابية للصاحب ابن عباد إلى شمس المعالى فى نهاية الجزء الخاص بجواب" الصابى" تحت نفس عنوان كلام (يزدادى) ، ولحسن الحظ أن هذه الأخطاء غير موجودة بالنسخة (ألف) وطبعنا النص طبقا لذلك ، ولم نبين فى نهاية الصفحات كيفية وضع هذا الاختلال فى النسخ الأخرى إذ لا فائدة تترتب على ذكره.

٥ ـ جميع نسخ" تاريخ طبرستان» باستثناء : (ألف) مع أن مؤلفها صرح فى صفحة (٨٢) بأنه كان مشغولا بتأليف تاريخه عام ٦١٣ ه‍ إلا أن نهاية أحداث كتابه حتى عام ٧٥٠ ه‍ وليست هناك شبهة أن تاريخ" محمد بن حسن بن إسفنديار" كان ينتهى عند عام ٦٠٦ ه‍ ، وهو تاريخ انقراض" آل باوند" وقتل الملك" بستم بن أردشير ابن حسن" ، وقد أشار المؤلف فى أول صفحة من كتابه إلى هذا حيث إن الغرض الأصلى للمؤلف من كتابة" تاريخ طبرستان" كما صرح هو نفسه بذلك (ه) كان يتركز فى أيام" آل باوند" منذ بداية ملكهم وحتى نهاية أمر تلك السلسلة ، إذن فالوقائع بعد قتل" بستم بن أردشير بن حسن" وحتى عام ٧٥٠ ه‍ والتى تضمنتها

١١

هذه النسخ ولا توجد فى النسخة (ألف) أضافها آخرون على هذا الكتاب ، وربما يكون هذا التصرف من الشخص الذى رتب وأعد من عنده الجزء الثانى المفقود من الكتاب الأصلى وضمه إليه ، وفى عام ١٣٠٣ ه‍ وعند ما وقعت النسخة (ألف) فى يد الكاتب رأيت أنها علاوة على تاريخ" محمد بن حسن إسفنديار" فإنها تشتمل أيضا على النسخة النادرة من تاريخ" رويان" تأليف مولانا" أولياء الله الآملى" أيضا ، وقد حصلنا على هذا الكتاب الذى علمنا عن وجوده فقط عن طريق" السيد ظهير الدين المرعشى" من كتاب" تاريخ طبرستان" ، وكان يظن أنه وجد ما فيه ، وبعد مطالعته ومقارنة خاتمة الكتاب هذه مع خاتمة النسخ الموجودة من تاريخ" محمد بن حسن بن إسفنديار" بذاته الجزء الأخير من تاريخ" رويان أولياء الله الآملى" ، وأن من ألحقه قد اقتطع هذا القسم من" تاريخ أولياء الله" وضمه إلى تاريخ" محمد بن حسن بن إسفنديار" ليذكر امتداد الأحداث حتى عام ٧٥٠ ه‍ وهو العام الذى قتل فيه" الشاه الغازى"" فخر الدولة" آخر ملوك" مازندران" ، وقد رفع هذا القسم من" تاريخ أولياء الله" وعندما طبع" تاريخ أولياء الله" أصبح من السهل مقارنة قسم آخر منه مع تلك التتمات الموجودة فى النسخ العادية ل" تاريخ طبرستان" ويستطيع كل إنسان أن يدرك صحة هذا الأمر.

٦ ـ وبما أن تاريخ كتابة عموم النسخ المعروفة من كتاب" تاريخ طبرستان" جديد نسبيا فإن التحريفات والأخطاء تفوق الحد ، ويستثنى من ذلك النسخة (ألف) وبها تيسر الفهم وتداركت الأخطاء والتحريفات ومواضع الاختلال ، علاوة على بقاء الكثير من الأشعار والعبارات وأجزاء كثيرة من أصل الكتاب مفقودة ؛ حيث إنها لا توجد فى النسخ الأخرى ، وأن جميع المستشرقين الذين اعتنوا حتى الآن بكتاب" محمد بن حسن بن إسفنديار" (و) عملوا من خلال نسخ من قبيل هذه السلسلة من النسخ التى وصفناها ، والترجمة المختصرة التى قام بها المرحوم" براون" كانت أيضا مبنية على نفس هذه النوعية من النسخ ، وقد أشار المحرر إلى قرابة عشر نسخ من هذه النوعية وهى موجودة والنسخة (ج) واحدة منها ، وهى ملك له وكانت تخص فى البداية المرحوم" رضا قليخان هدايت" ، ويوجد فى بعض حواشيها ملحوظات بخط يده ما زالت باقية ـ رحمه الله ـ وأما النسخ الأخرى تخص السيد" إسفنديار" رئيس مجلس

١٢

النواب وحضرة العالم الأمجد السيد" تقوى" رئيس الديوان العالى للدولة مد الله ظلهما ، ونسخ مدرسة" سبهسالار" بطهران ، والمكتبة القومية ، ومتحف الآثار ، ونسخة مقارنة بنسخة السيد الحاج" حسين آقا ملك" ومكتبة مدرسة" سبهسالار" ، ومكتبة المجلس وقد أعدت من قبل الصديق الفاضل العزيز السيد" مدرس رضوه" وقد سلمها للمحرر تكرما للمساعدة على إنجاز هذا الأمر ، وكما رأيت عدة نسخ أخرى إلا أن جميعها ـ بصرف النظر عن تاريخ كتابتها ، حيث إنها كما حذرنا من قبل ـ لا تتعدى عام ألف من الهجرة وكأنها تتطابق فيما بينها بحيث إذا ما وجد خطأ أو تحريف فى المتن أو سقط من موضع لا يرجح أحدها على الأخرى فى المساعدة لحل إشكال بينهما.

" النسخة ألف"

هذه النسخة التى حرر تاريخ انتهاء المجلد الأول منها فى شهر صفر ، والمجلد الثانى فى شهر ربيع الأول من عام ٩٧٨ ه‍ ، وهى تقع فى ١٥١ ورقة من القطع الكبير ٣٠* ٢٢ سم ٢ وكل صفحة تحتوى على ٢٥ سطرا ، ونسخة تاريخ" رويان" لأولياء الله الآملى كما أشرنا إلى ذلك سابقا كانت ملحقة بنفس القطع ، ونفس الخط ولكنهم عزلوها عن هذه النسخة فيما بعد ، ولا أعلم أين توجد الآن ، وتحت تصرف من من الأشخاص ، وهاتان النسختان كانتا فى البداية عند السيد" تقى كيان مازندرانى ، (معتصم الملك) الذى كان من أصدقاء الكاتب وقد أتى بها لى على سبيل الأمانة لفترة من الوقت عام ١٣٠٣ ش ، وقد استفدت منهما فائدة جمة فى تلك الفترة ، ولا نعلم شيئا عن انتقال هذه المجموعة من يد إلى أخرى حتى انتهى الكتاب باستثناء (القسم الخاص بتاريخ رويان والذى انفصل عنه) إلى ملكية السيد" محمد رمضانى" المدير الهمام لمكتبة الشرق ، ولقد أعطاها لى ليتيسر أمر طبع" تاريخ طبرستان" الذى عملت فى إعداده سنوات طوال ، (ز) وهى نفس النسخة التى وضعوها تحت تصرف الكاتب والتى نشير إليها بالرمز (ألف) وهذه النسخة ـ مع أنها أقدم وأكمل نسخنا ، إلا أنها ليست سليمة وغير مضبوطة إلى حد ما ، وبخاصة كلما وردت الأشعار أو الجمل العربية وهى أيضا كسائر النسخ مصابة بتلف وتحريف كثير ، إلا أن فضلها على سائر النسخ الأخرى يكمن فى أن كاتبها قد سجل بها بدقة كل ما كان تحت يده ،

١٣

ونقلها طبق الأصل ، ولم يهمل أيّا من الأشعار قط كما فعلت النسخ الأخرى ، على الرغم من أنه لم يدرك معناها أو رسمها الصحيح ، وقد ساعدنا هذا الأمر على أن نصحح قدر المستطاع أغلبها بالرجوع إلى النصوص الأخرى بمشقة ، وصححناها بالحدس والقياس قدر الإمكان ، وأن نحيى آثارا نفيسة جدّا من الآداب العربية التى قالها سواء إيرانيون أو التى تخص" إيران" والتى لم يكن من الممكن الحصول عليها فى مكان آخر قط ، لكل هذا فإن النسخة (ألف) تعد من أثمن الكنوز ، وتفتقد النسخ الأخرى جميعها هذه الفوائد ، والرجوع إلى صفحات ٤٤ ، ٦٢ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٩٥ ، ٩٨ ، ١٠٢ ، ١٠٥ ، ١٢٦ ، ١٢٨ ، ١٤٩ ، ١٦٢ ، ١٦٥ ، ١٦٩ ، ١٧٨ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٤ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٥ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٨ ، ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٢٤٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، ٢٧٠ ، ٢٧٢ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ٢٨٠ ، ٢٨٥ ، والتى أشرنا فى هامش كل منها إلى ما فيها من نقص قياسا على النسخة (ألف) ومدى الجرم الذى اقترفه كتابها وناسخوها المهملون فى تشويه هذا الكتاب ، ومدى الفوائد التى أضاعوها منه فى قسمهم هذا ؛ فضلا عن الأقسام الكبيرة ذات الأهمية القصوى من القسم الثالث الذى لا يوجد إلا فى النسخة (ألف) فقط وخلت النسخ الأخرى منها ، وسوف نفصل هذا المبحث فى مقدمة المجلد الثانى ، ومع الأسف بالرغم من كل هذا ، فإن النسخة (ألف) ليست تامة ولا كاملة ؛ لأنه علاوة على ضياع القسم الثانى بأكمله وقسم آخر من بداية الجزء الثالث وبعض الفقرات التى ترك مكانها دون كتابة ، فضلا عن أن القسمين الأول والثالث قد بقيا مبتورين ، إذ سقط قسم من أول الكتاب أيضا ، وهذا الجزء وفقا لما يتضح من النسخ الأخرى كان يشتمل على مقدمة المؤلف بأكملها وبداية الباب الأول من القسم الأول أى من أوائل ترجمة" نامه تنسر" وكلام" ابن المقفع" (ج) بمعنى أن النسخة (ألف) تبدأ من عبارة (إلى المواضع العلية) فى وسط السطر الخامس من ص ١٣ من النص الذى طبعناه على نحو ما أشرنا وأوضحنا فى ذيل تلك الصفحة وهى تخلو من قبل من ذلك ، وقد أخذناه من النسخ الأخرى وهذا النقص باعث على الأسف ؛ لعدم وجود المقدمة الأصلية للمؤلف ، والتى تبين خطته فى كتابة هذا الكتاب وتقسيمه والتى جعلها نصب عينيه لإنجاز هذا العمل ، وضياعها يمثل مشكلة لنا اليوم ؛ فالتقسيم الذى أوردناه قد أخذناه من النسخ الأخرى ، وطبقا له يجب أن يقسم الكتاب إلى أربعة أقسام ، وهو

١٤

ليس خاصّا بمؤلفه ، ولابد أن فيه تصرفا أيضا قد حدث من قبل الآخرين ، وفى نفس هذا الجزء والذى ينتهى بانتهاء حكم السادة العلويين فى" طبرستان" ، ويتحدث المؤلف عدة مرات عن المجلدات التالية من الكتاب ويمكن من خلال هذه الإشارات إدراك المنهج الذى قسّم هو كتابه إليه ، ففى ص ١٤٠ ، ١٤٢ على نحو ما ذكرنا من قبل ، وحديث المجلد الثانى من الكتاب وفيه وعد بأن يسوق الحديث مفصلا عن" آل زيار" فى هذا المجلد ، وعلى ذلك كان القسم الثانى من كتاب" محمد بن حسن بن إسفنديار" ووفقا للتفصيل الموجود فى نفس المقدمة يتضمن أحوال" آل زيار" ، إن ذلك كان إلى جانب موضوعات أخرى ربما كانت أحوال واستيلاء" الغزنويين" و" السلاجقة" على" طبرستان" ، وهو نفس المجلد المفقود وقد وضع بدلا منه فى النسخ الأخرى بعض الاقتباسات المنقولة من كتب الآخرين ، وفى ص ١٤١ ، ١٤٢ يقول المؤلف عن" آل باوند" : «فى عصرنا والذين كانوا حكاما وملوكا سوف نذكر نسبهم وأوضاع ولايتهم إن شاء الله تعالى فى القسم الآخر» ، وفى ص ١١٥ قال فى المجلد الثالث : " سوف يأتى شرح مستقل ـ إن شاء الله تعالى ـ لحقوق نعمته وتربيته يعنى حسام الدولة" أردشير بن حسن" للسلطان" طغرل" فى ذلك الوقت الذى كان قد وضعه فيه" قزل أرسلان" فى القلعة ويظهر من هذه الإشارات أن : ـ

أولا : المؤلف كتب أحوال ملوك" باوند" المعاصرين للمؤلف فى الجزء الأخير من أقسام هذا الكتاب (ط) أو مجلداته ، وأن الكتاب كان ينتهى بذكر أحوالهم على نحو ما ذكر فى الصفحة الأولى.

ثانيا : إن" الإصفهبد حسام الدولة" ، " أبا الحسن أردشير بن حسن" (٥٦٧ ـ ٦٠٢) الذى كان مخدوم المؤلف وراعيه وهو السابق على آخر ملوك أسرة" آل باوند" ، والتى انهارت بعده بأربع سنوات كانت فى المجلد الثالث من الكتاب ، وبما أن تاريخ" محمد بن حسن بن إسفنديار" ينتهى أيضا بأحوال" حسام الدولة أردشير" وابنه" رستم" الذى قتل فى عام ٦٠٦ ه‍ ، إذن فمن المسلم به أن كتابه لا يزيد على ثلاث مجلدات وكان غرضه من القسم الآخر الخاص بتاريخ" آل باوند" نفس المجلد الثالث من الكتاب فضلا على أنه لا توجد إشارة قط فى أى موضع من الكتاب إلى قسم رابع ، وطالما أن سلسلة الموضوعات التى عنى بتسجيلها وتفصيلها قد تمت بنفس هذا

١٥

الجزء الثالث ؛ فلم يكن هناك ضرورة بعد إلى وجود جزء رابع وما تحتويه النسخ الأخرى غير (ألف) ، ونقصد تلك المقدمة التى اضطررنا إلى طبعها لعدم وجود حيلة أخرى ، فإنها تضم قسما رابعا فى باب استيلاء" آل باوند" مرة ثانية حتى نهاية آخر دولتهم ، وهو نفسه دليل على تصرف الآخرين فى التقسيم الأصلى للمؤلف ، إذ إنه وفقا للتفصيل المذكور أعلاه قد حرر المؤلف كتابه فى ثلاثة أجزاء ، وعليه يمكن أن موضوع هذا القسم الرابع أى تاريخ الفترة الأخيرة من استيلاء" آل باوند" على" مازندران" حتى نهاية آخر دولتهم ، لم تكن بهدف عناية" محمد بن حسن بن إسفنديار" بدليل أن آخر فترة لاستيلاء" آل باوند" تبدأ حوالى ٦٣٥ ه‍ وبحسام الدولة" أردشير بن كينخواز" أحد أعقاب" آل باوند" القدامى وأخرهم أيضا هو" فخر الدولة حسن" الذى قتل فى عام ٧٥٠ ه‍ وشرح أوضاع هذه الفترة من تاريخ ملوك" باوند" هو نفسه ما جاء فى النسخ المعتادة من" تاريخ طبرستان" وهو ما أخذه الآخرون من" كتاب أولياء الله" وألحقوه بآخر نسخة" محمد بن حسن بن إسفنديار" والتصرف الذى تم فى المقدمة إنما تم لتبرير هذا الهدف على ما يبدو بحيث لا تخلو نسخ" تاريخ طبرستان" من هذا القسم أيضا ، وهو الذى أسموه بالقسم الرابع.

وأكثر المواضع فى النسخة (ألف) ليس بها عناوين للموضوعات أو الفصول بل وأحيانا يترك مكانها خاليا فى هذه النسخة ، وقد أخذناه من النسخ الأخرى (ى) وذلك لتوضيح الموضوعات ، إلا أنه لا يطمئن إلى أن اختيار هذه العناوين قد تمت من قبل المؤلف الأصلى ، ويبدو أن واحدا هو الذى قام بهذا الأمر وقد اختار هذه العناوين بما يتناسب مع الموضوعات التى تحتها ففى ص ١٨٩ على سبيل المثال تحت عنوان" حكاية فتنة أهل رستمدار" وكلمة" رستمدار" تعد بالنسبة لعصر المؤلف للكتاب كلمة مستحدثة ويعد استعمال هذه الكلمة بدلا من" رويان" أمرا جديدا ، فلا يرى لها أثر لا فى الكتب السابقة على عهد" ابن إسفنديار" ولا فى كل" تاريخ طبرستان" الخاص به ، ونفس الأمر يوقفنا على أن هذا العنوان وأمثاله لا يرجع إلى المؤلف الأصلى للكتاب ، والنسخة (ألف) أيضا فيها خلط خاص بالأقسام وبالقطع سقطت منها أقسام ، وبما أن كافة النسخ ناقصة أيضا فلم يتيسر لنا تدارك هذا النقص وتعويضه بأى وجه من الوجوه ، ولهذا بقى النص على حاله مضطربا وناقصا ومعظم هذه الأجزاء يرجع إلى

١٦

أيام دعوة" ناصر الكبير" و" حسن بن قاسم الصغير" ، وتعد نسخة (ألف) أكمل وأكثر تفصيلا من هذه النسخ الأخرى وعلى الرغم من هذا فإنه لا توجد شبهة فى أن نسختنا المطبوعة بها خلل فى الصفحات ٢٧٧ ـ ٢٨٠ إلى ٢٨٥ ، ومع عدم انتظام الموضوعات فقد سقط جانب من تفصيل الأحداث أيضا ، ولعدم وجود حيلة لتدارك الصورة الصحيحة فقد طبعنا النص مطابقا للنسخة (ألف) وقد أشرنا فى هامش الصفحات إلى أماكن هذا الخلل بقدر المستطاع.

" النسخة ب"

أما النسخة" ب" التى ينتهى تاريخ تحريرها يوم الجمعة الموافق العشرين من جمادى الآخرة عام ١٠٠٣ ه‍ ، وهى أقدم النسخ التى لدينا بعد (ألف) فهى النسخة التى من القطع ٣٣* ٢١ سم ٢ ؛ وتحتوى على ١٥٠ ورقة ، وكل صفحة بها تسعة عشر سطرا ، وليس جميع أوراقها بدرجة واحدة من القدم ، بل إن جزءا كبيرا منها نسبيّا قد سقط وكتب بخط أحدث ، وقد استكملت تلك النسخة بهذه الصورة ، وهذه النسخة مع النسخة الخطية ل" تاريخ طبرستان" و" رويان" تأليف" ظهير الدين المرعشى" والتى بنفس القطع ولكنها بخط مختلف ضمتا إلى بعضهما البعض فى مجلد واحد فى مكان ما.

والنسخة (باء) كان يمتلكها المحرر فى البداية ، وحاليا تخص الصديق العالم الكريم" السيد سعيد نفيسى" وقد تفضل بتركها تحت تصرف المؤلف للاستفادة منها (يا) والنسخة (باء) حد وسط بين النسخة (ألف) والنسخة العادية ل" تاريخ طبرستان" ، ومعنى هذا أنها ليست بصحة وقدم واكتمال النسخة (ألف) وليست بفساد وحداثة ونقص النسخ العادية من حيث المعلومات ل" تاريخ طبرستان" ومن حيث محتوياتها : إنها مبرأة من جانب كبير من سقطات تلك النسخ ، خاصة فى القسم الثالث والذى هو المجلد الأخير من الكتاب ، وباستثناء النسخة (ألف) فهى من أكمل النسخ المشهورة والعادية ل" تاريخ طبرستان" ، وإن بها قدرا من الأشعار والعبارات العربية فى القسم الأول غير متوافر فى النسخ الأخرى باستثناء (ألف) وضبطها أقرب إلى الصحة ، ولكن فى المقابل فإن هذه النسخة أيضا تشتمل على نفس العيوب والتصرفات التى وردت فى تاريخ" طبرستان".

١٧

والقسم الثانى منها أيضا مثل القسم الثانى الموجود فى مختلف النسخ الأخرى ، باستثناء (ألف) وبها أيضا نفس الأخطاء الموجودة فى النسخ الأخرى من تقديم وتأخير الموضوعات وأشرنا إليها ضمنيّا ، وفضلا عن هذا كله ، فإنها لا تحوى قسما هامّا من الأشعار والعبارات العربية والموجودة فى (ألف) ، وفى القسم الثالث مع أن هذه النسخة أكمل النسخ بعد (ألف) فقد اختار كاتبها أسلوب الاختصار ، فأتى بخلاصة عبارة المؤلف أو بمجمل لمعلوماته مع إسقاط بعض الموضوعات بحيث إن النسخة (ب) فى هذه الأقسام تبدو كما لو كانت نسخة مستقلة ؛ ولكنها أكثر نقصا بمراحل من (ألف) وأكمل بمراحل من جميع النسخ الأخرى.

ولسوء الحظ باستثناء التجاوزات التى ظهرت فى هذه النسخة من باب الاختصار فى أجزائها الأخيرة ، فقد بدا عيب آخر وهو إلحاق عدة فقرات بها من قبل آخرين ومن المسلم به أنها لا تخص المؤلف الأصلى ، مثل الحكايتين اللتين جاءتا فى باب عجائب" طبرستان" فى هذه النسخة ولم ترد أى منهما قط فى النسخ الأخرى (رجوع إلى صفحات ٨٥ ، ٨٦ وحواشيهما)

الحكاية الأولى : وقد نشرناها نصّا فى هذا النص بين قوسين بينما حذفنا الحكاية الثانية والمنقولة عن عجائب المخلوقات" للقزوينى" ، وذلك لتقدم عصر" محمد ابن حسن بن إسفنديار" على مؤلف عجائب المخلوقات ، الأمر الذى لا يترك شبهة فى إلصاقها بهذه النسخة.

والنسخة (ب) مثلها مثل سائر النسخ العادية ل" تاريخ طبرستان" وتشتمل على نفس الذيل الذى يمتد بهذا الكتاب إلى حوالى ٧٥٠ ه‍ ، الذى يشتمل على الجزء المأخوذ من كتاب تاريخ" رويان" لأولياء الله الآملى (يب) ، وتنظيم جزء من أوراقها يعد نسخا مشوشا تماما كوضع النسخة المشوشة الأصلية التى كان يملكها كاتب تلك النسخة ، وقد تعاقبت فيها موضوعات لا يوجد بينها أى ارتباط على الإطلاق ، وبما أننا أوردنا سواء فى هذا المجلد أو فى المجلد الثانى فى هوامش جميع الصفحات الاختلافات من حيث الكم والزيادة بين (ألف) (وباء) وسائر النسخ ؛ لذا فقد رأينا أن تبيانها هنا مرة أخرى عديم الجدوى ، ونختم هذه المقدمة الآن بعد بيان الموضوعات الرئيسة ونترك التقرير المفصل فى هذا الخصوص لمقدمة المجلد الثانى وحواشيه.

تحريرا فى خرداد ١٣٢٠ ه‍ ش.

عباس إقبال

١٨

مقدمة المؤلف

الحمد والثناء بلا نهاية جدير للخالق واهب الأرواح ، وخالق الأشباح والأجساد ، المبدع الذى كل ذرة من الموجودات آية على وجوب وجوده ، المعيد الذى إعادة المعدومات وإحداث المخلوقات أمر هين فى ميدان سيادة وجوده ، الفعّال الذى لا يحيط فرجار الأفكار بعالم أسراره ، وأنوار الكرامات والسلام والصلوات على الروح الطاهرة لسيد الرسول ، صاحب الشريعة ، إنسان الحقيقة عين الوجود والسلام العلام على أعلام الإسلام أهل بيته الطاهر وصحابته الأخيار الذين هم أنصار وأبصار المتقين ، أما بعد : يقول أحقر عباد الله" محمد بن حسن بن إسفنديار" إننى

وزرنا من الزوراء أشرف موقف

وأرأف موفود عليه بوافد

مواقف خطت للهدى نبوية

لأبيض من بيت النبوة ماج (١)

حين رجعت من بغداد إلى العراق فى سنة ٦٠٦ ه‍ كانت قد تأكدت واقعة الغدر وحادثة القتل التى حدثت لذلك الملك صاحب الوقار كجمشيد والهيئة مثل كسرى والنعمة ككيقباد والعظمة كإفريدون «رستم بن أردشير بن حسن بن رستم» أكرم الله مضجعهم فلو لم تكن كعبة الحجيج لكانت أسرة الكرامات هذه وعائلة البركات تلك كعبة المحتاجين ، ولو لم يكن المشعر الحرام لكان مشعرا ، ولو لم يكن الخيف لكانت منا للضيف ، ولو لم تكن قبلة الصلاة لكانت قبلة للصلاة على يد واحد من أولاد الحرام والأوغاد اللئام والذى سيأتى ذكره فى المجلد الأخير من الكتاب ،

سلام على قوم مضوا لسبيلهم

فلم يبق إلا ذكرهم وحديثهم (٢)

لقد جمعتهم سكرة الموت فاستوى

قديمهم فى شأنهم وحديثهم

__________________

(١) زاروا فى الزوراء أشرف مكان وأرأف إنسان فيه أماكن شرفت بنور النبوة والهدى حيث إن فيها أحد أما جدها (المترجم).

(٢) يترجم على قوم ذهبوا ودرست معالمهم ولم تبق إلا ذكراهم العطرة وحديثهم الطيب جمعهم الموت فاستوى القديم فيهم والحديث (المترجم).

١٩

والرابع من شوّال من التاريخ المذكور صار عاشوراء المحرّم ، ولم يبق لأهل الإسلام قلب بلا جمرات زفرات ، ولا عين بلا قطرات عبرات ، ولم يكن فى أرض العراقين والحجاز على الحقيقة لا المجاز محفل ولا مجمع ولا مسجد ولا موضع لم تعقد فيه جلسات للعزاء فى هذا المأتم ، ولا بقيت أبواب أو جدران لم تكتب عليها عبارات الرثاء ، ونفس الله تبارك أى خاطر يجعله يعقل وأى فكر يجعله يدرك كيف أن سبعة ملوك أقوياء من بيت واحد يحلون فوق سرير الفناء بأنواع البلاء بقهر مالك الملك خلال مدة وجيزة ويدفنون فى التراب ،

قالوا هم ملأجمت فقلت لهم

لا معشرا أبقت الدنيا ولا ملأ

هما الجديدان والدنيا وعولهما

فكم لها فرغا منها وكم ملأ (١)

ومعلوم لو أن كثرة الأشياع وتعب الأتباع والخزائن المملوءة والنواب المقربين ، والرجال الغزاة والجياد العربية والبركات والخيرات والزكاة والصدقات ، وعراقة الأسرة والوفاء والأمان والحمية والحماية والشهامة والكفاية والسخاء والحياء ، والنوال والكمال والفضل والفضائل والعقل والعقائل والرأى والروية والهمة والعطية ، والقلاع المنيعة والقصور الرفيعة والأبناء الملائمين ، والعبيد ذوى الواجب وكثرة عدد القبائل وتعقل أواخر الأمور والأوائل ، تدفع وتمنع السهام المسمومة للأيام المذمومة لما كانت بالتأكيد كثرة مكارم كبار" آل قارون" قد خسفت بها الأرض.

" أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا فى الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون» (٢)

أرى الحيرة البيضاء صارت قصورها

خلاء ولم تكتب لكسرى المدائن

وهجن لذات الملوك زوالها

كما غدرت بالمنذرين الهجائن (٣)

__________________

(١) الدنيا لا تبقى على أحد لا قليل ولا كثير ولا عظيم ولا حقير نهار يمر وليل يكر وأناس يأتون وآخرون يذهبون. (المترجم).

(٢) سورة غافر الآية رقم ٨٢

(٣) الدنيا لا تبقى على حال ها هى قصور الحيرة خاوية على عروشها بعد أن كانت عامرة وفنيت مدائن كسرى وزالت لذات الملوك وغدرت بالمنذر (المترجم).

٢٠