تاريخ المدينة

قطب الدين الحنفي

تاريخ المدينة

المؤلف:

قطب الدين الحنفي


المحقق: الدكتور محمّد زينهم محمّد عزب
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٤٦

ذكر الآبار المنسوبة إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم

(ق ٤٤) قد نقل أهل السير أسماء آبار المدينة التى شرب منها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبصق فيها إلا ان أكثرها لا يعرف اليوم فلا حاجة الى ذكره ، ونذكر الآبار التى هى موجودة اليوم معروفة على ما يذكر أهل المدينة والعمدة عليهم.

الأولى : بئر جا ، قال ابن النجار : هذه البئر اليوم وسط حديقة صغيرة جدا فيها نخيلات ويزرع حولها وعنده بنى مبنى على علو من الأرض وهى قريبة من البقيع ومن سور المدينة وهى ملك لبعض أهل المدينة وماؤها عذب حلو ، قال وذرعتها فكان طولها عشرين ذراعا منها أحد عشر ذراعا ونصف ماء والباقى بنيان وعرضها ثلاثة أذرع ويسير وهى مقابلة المسجد كما ورد فى الصحيح ..

وقال المطرى : وهى شمال سور المدينة وبينها وبين السور الطريق وتعرف اليوم بالتويرية اشتراها وأوقفها على الفقراء وغيرهم.

الثانية : بئر أريس وهى البئر التى جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليها وتوسط قفها وكشف عن ساقيه ودلاهما (ق ٤٥) فى البئر وكان بابها من جريد فدخل عليه أبو بكر رضى الله عنه فبشر بالجنة ، ودخل على يمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معه فى القف ودلى رجليه فى البئر وكشف عن ساقيه ، ثم دخل عمر رضى الله عنه وبشره بالجنة وجلس عن يساره وصنع كما صنع أبو بكر ، ثم دخل عثمان بن عفان رضى الله عنه وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه فوجد القف قد ملئ فجلس وجاءه من الشق الآخر ، ثبت ذلك فى الصحيحين ، وكان البواب أبا موسى الاشعرى ، قال سعيد بن المسيب فأولها قبورهم.

قال ابن النجار : وهذه البئر مقابلة مسجد قباء وعندها مزارع ويستقى منها وماؤها عذب ، قال وذرعتها فكان طولها أربعة عشر ذراعا وشبرا منها ذراعان ونصف ماء وعرضها خمسة أذرع وطول قفها الذى جلس عليه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصاحباه ثلاثة أذرع تشف كفا والبئر تحت اطم عال خراب من حجارة.

٦١

قال المطرى : البئر غربى مسجد قباء فى حديقة الاشراف الكبرى من بنى الحسين ابن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، والأطم المذكور من جهة القبلة (ق ٤٦) وقد بنى فى أعلاه مسكن يسكنه من يقوم بالحديقة ويخدم المسجد الشريف وحوله دار الأنصار وآثارهم رضى الله عنهم ، وقد جدد لها الشيخ صفى الدين أبو بكر أحمد السلامى (١) رحمه‌الله تعالى درجا ينزل إليها منه ، وعلى الدرج قبر وذلك فى سنة أربعة عشرة وسبعمائة.

الثالثة : بئر بضاعة ، قد تقدم فى الفضائل أن النبى بصق فيها وأنه دعا لها ، وهذه البئر كانت لبنى ساعدة وهم قوم من الخزرج ، قال المرجانى فى تاريخه : والظاهر أن بضاعة رجل أو امرأة ينسب اليه البئر وكان موضعها ممر السيول فتلمح الأقذار من الطرق إليها لكن الماء لكثرته لا يؤثر ذلك فيه.

قال أبو داود فى السنن : سألت قيم ببئر بضاعة عم عمقها فقلت أكثر ما يكون فيها الماء قال إلى العانة. قلت فإذا نقص قال دون العورة. قال أبو داود فذرعت بئر بضاعة بردائى مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضه ستة أذرع وسألت الذى فتح باب البستان فأدخلنى إليه هل غير بناؤه عما كانت عليه؟ فقال : ورأيت فيها ماء متغير اللون.

قال ابن العربى (٢) : وهى فى وسط السبخة فماؤها يكون متغيرا من قرارها ،

__________________

(١) الثابت هو محمد بن رافع بن هجرس بن محمد السلامى العميدى أبو المعالى تقى الدين ، مؤرخ فقيه من حفاظ الحديث ، حورانى الأصل ، ولد فى مصر سنة ٧٠٤ ه‍ وانتقل به أبوه إلى دمشق سنة ٧١٤ ه‍ ، وتوفى والده فأخذ يتردد بين مصر والشام ، واستقر فى دمشق سنة ٧٣٩ ه‍ ، وتوفى بها ، من تصانيفه معجم خرجه لنفسه فى أربعة مجلدات يشتمل على أكثر من ألف شيخ ، و «ذيل على تاريخ بغداد» لابن النجار أربعة أجزاء ، والوفيات جعله ذيلا لتاريخ البرز الى من سنة ٧٣٧ ه‍ إلى سنة ٧٧٣ ه‍.

(٢) هو الحافظ القاضى أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الأشبيلى ، ولد سنة ٤٦٨ ه‍ ورحل إلى المشرق ، وسمع من طراد الزينبى ، ونصر بن البطر ، ونصر المقدسى ، وأبى الحسن الخلعى ، وتخرج بأبى حامد الغزالى وأبى بكر الشاشى وأبى زكريا التبريزى ، وجمع وصنف وبرع فى الأدب والبلاغة. ـ ـ ولى قضاء إشبيلية ، صنف فى الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتاريخ.

مات سنة ٥٤٣ ه‍.

٦٢

قال (ق ٤٧) المحب بن النجار : وماؤها عذب طيب ولونه صاف أبيض وريحه كذلك ويستقى منها كثيرا. قال : وذرعتها فكان طولها أحد عشر ذراعا وشبرا منها ذراعان راجحة ماء والباقى بناء وعرضها ذراع كما ذكر أبو داود فى سننه.

قال الجمال المطرى : وهى اليوم فى ناحية حديقة شمالى سور المدينة وبئرها الى جهة الشمال يستقى منها أهل الحديقة ، والحديقة فى قبلة البئر ويستقى منها أهل حديقة شمالى البئر ، والبئر وسط بينهما وهذه الآبار المذكورة تقدم فضائلها فى الفضائل.

الرابعة : بئر غرس ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش (١) قال : جاءنا أنس بن مالك رضى الله عنه بقباء فقال أين بئركم هذه؟ يعنى بئر غرس فدللناه عليها قال رأينا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاءها وأنها لنسنى على خمار بسحر فدعى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدلو من مائها فتوضأ منه ثم سكبه فيها فما نزفت بعد [كذا].

وعن ابراهيم بن اسماعيل بن مجمع (٢) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : رأيت الليلة أنى أصبحت على بئر من الجنة فأصبح على بئر غرس فتوضأ منها وبزق فيها وغسل منها حين مات صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ق ٤٨) وكان يشرب منها.

قال المحب بن النجار : وهذه البئر بينها وبين مسجد قباء نحو نصف ميل وهى فى

__________________

(١) هو سعيد بن عبد الرحمن بن زيد بن رقيش بن رئاب الأسدى المدنى ، من حلفاء بنى عبد شمس.

روى عن خالد عبد الله بن أبى أحمد بن جحش ، وأنس بن مالك ، وأبى الأسود الدئلى ، ونافع مولى ابن عمر وشيوخ من بنى عمرو بن عوف ، وعنه مالك وخالد بن سعيد بن أبى مريم ، ومجمع بن يعقوب ، ويحيى بن سعيد الأصارى ، وإسماعيل بن جعفر والدراوردى ، وفليح بن سليمان ، ومحمد بن شعيب بن شابور ، ثقة.

(٢) هو إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن يزيد ، وقيل ابن زيد بن مجمع الأنصارى أبو إسحاق المدنى.

روى عن الزهرى وأبى الزبير وعمرو بن دينار وغيرهم ، وعنه الدراوردى وابن أبى حازم وأبو نعيم وعدة ، قال ابن معين : ضعيف ليس بشىء ، قال أبو حاتم : كثير الوهم ليس بالقوى.

٦٣

وسط الصحراء ، وقد خربها السيل وطمها وفيها ماء أخضر إلا أنه عذب طيب وريحه الغالب عليه الاجون.

قال وذرعتها فكان طولها سبعة أذرع شافة منها ذراعان ماء وعرضها عشرة أذرع.

قال المطرى : هى شرقى قباء إلى جهة الشمال وهى بين النخيل ويعرف مكانها اليوم وما حولها بالعرس وهى ملك بعض أهل المدينة وجددت بعد السبعمائة وهى كثيرة الماء وعرضها عشرة أذرع وطولها يزيد على ذلك.

والخامسة : بئر بضاعة ، عن عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتى الشهداء وابناءهم ويتعاهد عيالهم قال فجاء يوما أبا سعيد الخدرى فقال : هل عندك من سدر أغسل به رأسى فان اليوم الجمعة. قال : نعم فأخرج له سدرا وخرج معه الى البصة فغسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأسه وصب غسالة رأسه ومراقة شعره فى البصة.

قال ابن النجار : وهذه البئر قريبة من البقيع على يسير الماضى الى قباء بين كل وقد (ق ٤٩) هدمها السيل وطمها وفيها ماء أخضر ووفقت على قفها وذرعت طولها فكان أحد عشر ذراعا منها ذراعان ماء وعرضها تسعة أذرع وهى مبنية بالحجارة ولون مائها إذا انفصل منها أبيض وطعمه حلو إلا أن الأجون غالب عليه قال : وذكر لى الثقة أن أهل المدينة كانوا يستقون منها قبل أن يطمها السيل.

قال المطرى : وهى اليوم حديقة كبيرة محوط عليها بحائط وعندها فى الحديقة بئر أصغر منها ، والناس يختلفون فيهما أيهما بئر البصة إلا أن الشيخ محب الدين قطع بأنها الكبيرة القبلية وقياس الصغرى كالكبرى وعرضها ستة أذرع وهى التى تلى آطم ملك بن سنان أبو أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه.

قال : وسمعت بعض من أدركت من أكابر الحرم الشريف وغيرهم من أهل المدينة يقولون انها خدام الكبرى القبلية وأن الفقيه الصالح أبا العباس أحمد بن موسى بن عجيل

٦٤

وغيره من صلحاء اليمن إذا جاءوها للتبرك إنما يقصدون الكبرى ، والحديقة التى فيها وقف على الفقراء والمساكين والواردين والصادرين لزيارة سيد المرسلين أوقفها الشيخ عزيز (ق ٥٠) الدولة ، وريحان البدى الشهابى شيخ خدام الحرم الشريف قبل وفاته بيومين أو ثلاثة ، وكانت وفاته سنة سبع وتسعين وستمائة.

السادسة : بئر رومة ، قال منتخب الدين أبو الفتح العجلى (١) : لما قدم المهاجرون المدينة الشريفة استنكروا الماء لملوحته وكان لرجل من بنى غفار عين يقال لها بئر رومة يبيع منها القربة بمد من الطعام فقال له النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعنيها بعين من الجنة فقال ليس لى غيرها فبلغ عثمان رضى الله عنه فاشتراها بخمسة آلاف درهم ثم أتى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال يا رسول الله أتجعل لى مثل الذى جعلت له فقال : نعم.

قال الشيخ وهذه البئر فى العقيق الأصغر وفى العقيق الأكبر بئر عروه كما قدمنا.

وعن موسى بن طلحة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نعم الحفيرة حفيرة المزنى» يعنى رومة فلما سمع بذلك عثمان رضى الله عنه ابتاع نصفها بمائة بكرة وتصدق بها فجعل الناس يستقون منها ، فلما رأى صاحبها أن قد امتنع منه ما كان يصيب عليها بشىء باع من عثمان رضى الله عنه النصف الباقى بيسير فتصدق بها كلها.

وذكر ابن عبد البر أن بئر رومة (ق ٥١) كانت ركية لليهودى يبيع من مائها للمسلمين فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من يشترى رومة فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه فى دلائهم وله بها مشربة فى الجنة» فأتى عثمان رضى الله عنه لليهودى فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها فاشترى عثمان رضى الله عنه نصفها باثنى عشر الف درهم فجعلها للمسلمين. فقال عثمان رضى الله عنه ان شئت جعلت لنصيبى قرنين وإن شئت فلى

__________________

(١) هو أسعد بن محمود بن خلف الأصبهانى العجلى منتخب الدين أبو الفتح ، واعظ ، كان شيخ الشافعية بأصبهان والمعول عليه فيها الفتوى ، وكان زاهدا يأكل من كسب يده ، ينسخ الكتب ويبيعها ، وترك الوعظ وألف كتبا منها «آفات الوعاظ» و «مشكلات الوسيط الوجيز» فقه ولد سنة ٥١٥ ه‍ ، ومات سنة ٦٠٠ ه‍.

٦٥

يوم ولك يوم. فقال : بل لك يوم ولى يوم فقال : إذا كان يوم عثمان يستقى المسلمون ما يكفيهم يومين. فلما رأى ذلك اليهودى قال : فسدت على ركيتى فاشترى النصف الآخر بثمانمائة الف درهم.

قال ابن النجار : وهذه البئر اليوم بعيدة عن المدينة جدا وعندها بناء من حجارة خراب قيل انه كان دار اليهودية وحولها مزارع وآبار وأرضها رملة وقد انتقضت حزرتها وأعلامها إلا أنها بئر مليحة مبنية بالحجارة الموجهة ، قال وطولها فكان ثمانية عشر ذراعا منها ذراعان ماء وباقيها مطموم بالرمل الذى تسفيه الرياح فيها وعرضها ثمانية أذرع ، وماؤها صافى وطعمها حلو إلا أن الأجون قد غلب عليه.

قال المحب الطبرى (ق ٥٢) : هى وسط وادى العقيق من أسفله فى براح واسع من الأرض وقد خربت وأخذت حجارتها ولم يبق إلا آثارها.

قال ابن النجار : اعلم أن هذه الآبار قد يزيد ماؤها فى بعض الزمان وقد ينقص وربما بقى منها ما كان مطموها.

وقد ذكر المطرى أن الآبار المذكورة ستة والسابعة لا تعرف اليوم إلا ما يسمع من قول العامة أنها بئر جمل ولم يعلم أين هى ولا من ذكرها إلا أنه ورد فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من نحو بئر جمل ثم قال إلا أنى رأيت حاشية بخط الشيخ محب الدين ابن عساكر على نسخة من الدرة اليتيمة لابن النجار ما مثله العدد ينقص على المثنى وبئرا واحدة لأن المثبت ست والمأثور المشهور سبع والسابعة اسمها بئر العهن بالعالية يزرع عليها اليوم وعندها سدرة ولها اسم آخر مشتهرة به.

قال الشيخ جمال الدين : بئر العهن هذه معروفة بالعوالى انتقلت بالشراء الى الشهيد المرحوم على بن مطرف العمرى وهى بئر ملحة منقورة فى الجبل وعندها سدرة كما ذكر ولا تكاد تنزف ابدا.

قال : ويقال العالية أيضا سميت به (ق ٥٣) لإشراف موضعها وهى منازل حول المدينة.

٦٦

قال مالك : بين أبعد العوالى والمدينة ثلاثة أميال وذكر ابن زبالة (١) فى تاريخ عدة ابار المدينة وسماها فى دور الأنصار ونقل أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتاها وتوضأ من بعضها وشرب منها لا يعرف اليوم منها شىء قال الشيخ لجمال الدين ومن جملة ما ذكر آبار فى الحرة الغربية فى آخر منزله المنقمى على يسار السالك النوم على بئر المحرم وعلى جانبها الشمالى بناء مستطيل مجصص يقال لها السقيا كانت لسعد بن أبى وقاص تقدم ذكرها نقل أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عرض جيش بدر بالسقيا وصلى فى مسجدها ودعا هناك لأهل المدينة أن يبارك لهم فى مدهم وصاعهم وأن يأتيهم بالرزق من ههنا وههنا وشرب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بئرها ويقال لأرضها السقلحان ، وهى اليوم معطلة خراب وهى بئر كبيرة ملحة منقورة فى الجبل وقيل إن السقيا عين من طرف الحرة بينها وبين المدينة يومان كذا فى كتاب أبى داود.

ونقل الحافظ عبد الغنى (٢) أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عرض جيشه على بئر (ق ٥٤) أبى عيينة بالحرة فوق هذه البئر إلى المغرب ونقل أنها على ميل من المدينة ومنها بئر أخرى إذا وقفت على هذه المذكورة وأنت على جادة الطريق وهى على يسارك كانت هذه على يمينك ولكنها بعيدة عن الطريق قليلا ، وهى فى سند من الحرة قد حوط عليها بناء مجصص وكان على شفيرها حوض من الحجارة تكسر ، لم يزل أهل المدينة قديما يتبركون بها ويشربون من مائها وينقل إلى الآفاق منها كما ينقل من ماء زمزم ويسمونها زمزم أيضا لبركتها.

__________________

(١) هو محمد بن الحسن بن زبالة ويقال لجده أبو الحسن مخزومى مدنى ، روى عن مالك وسليمان بن بلال وإبراهيم بن على الرافعى ، وأسامة بن زيد بن أسلم ، وحاتم بن إسماعيل ، وداود بن مسكين وزكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع ، وسبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة ، وعبد الله بن عمر بن القاسم ، وعبد الرحمن بن أبى الرجال ، ومحمد بن جعفر بن أبى كثير ، ومطرف بن مازن ، ثقة.

(٢) هو عبد الغنى بن عبد الواحد بن على بن سرور بن رافع أبو محمد المقدسى الجماعيلى ثم الدمشقى الصالحى الحنبلى صاحب التصانيف ، ولد سنة ٥٤١ ه‍ وسمع ابن البطى وأبا موسى المدينى والسلفى.

روى عنه ابن خليل وابن عبد الدائم ومحمد بن مهلهل الحسينى ، صنف فى الحديث كتبا منها المصباح ، ونهاية المراد والكمال والعمدة وغير ذلك ، مات سنة ٦٠٠ ه‍.

٦٧

قال : ولم أعلم أحدا ذكر منها أثرا يعتمد عليه والله تعالى أعلم أنها السفلى الأولى لقربها من الطريق أم هذا كلام فيها.

قال عفيف الدين المرجانى : ويمكن أن يكون تسميتهم إياها بزمزم لكثرة مائها يقال ماء زمزم أى كثير.

قال الشيخ جمال الدين : أو لعلها البئر التى احتفرتها فاطمة ابنة الحسين بن على زوجة الحسن بن الحسن بن على رضى الله تعالى عنهم حين أخرجت من بيت جدتها فاطمة الكبرى أيام الوليد بن عبد الملك حين أمر بادخال حجر أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبيت فاطمة رضى الله عنها (ق ٥٥) فى المسجد فإنها بنت دارها بالحرة ، وأمرت بحفر بئر فيها فطلع لهم جبل فذكروا ذلك لها فتوضأت وصلت ركعتين ودعت ورشت موضع البئر بفضل وضوئها ، وأمرتهم فحفروا فلم يتوقف عليهم من الجبل شىء حتى ظهر الماء.

قال الشيخ جمال الدين : فالظاهر أنها هذه وأن السقيا هى الأولى لأنها على جادة الطريق وهو الأقرب والله تعالى أعلم.

ذكر عين النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم

عن طلحة بن خراش (١) قال : كانوا أيام الخندق يحفرون مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويخافون عليه فيدخلون به كهف بنى حرام فيبيتون فيه حتى إذا أصبح هبط قال : ونقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم العينة التى عند الكهف فلم تزل تجرى حتى اليوم.

قال الحافظ محب الدين : وهذه العين فى ظاهر المدينة وعليها بناء وهى مقابلة المصلى.

__________________

(١) هو طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة الأنصارى المدنى.

روى عن جابر بن عبد الله ، وعبد الملك بن جابر بن عتيك ، وعنه موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير ابن الفاكه ، والدراوردى ، ويحيى بن عبد الله بن يزيد الأنيسى ، ثقة ، صالح.

٦٨

قال الشيخ جمال الدين : أما الكهف الذى ذكره ابن النجار فمعروف فى غربى جبل سلع عن يمين السالك الى المدينة الشريفة إذا زار المساجد وسلك المدينة مستقبلا القبلة فقابله (ق ٥٦) حديقة نخل تعرف بالغيمة فى بطن وادى بطحان غربى جبل سلع ، وفى الوادى عين ثان فى عوالى المدينة تسقى ما حول المساجد من الزرع والنخيل تعرف بعين الخيف خيف شامى وتعرف تلك الناحية بالسيح بالمهملة بعدها ياء مثناة من أسفل وحاء مهملة.

وأما العين التى ذكر الشيخ محب الدين المقابلة للمصلى فهى عين الأزرق وهو مروان ابن الحكم الذى أخرجها بأمر معاوية رضى الله عنه وهو واليه وأصلها من قباء من بئر كبيرة غربى مسجد قباء فى حديقة نخل ، والقبة مقسومة نصفين يخرج الماء منها من وجهين مدرجين وجه قبلى والآخر يغتسل فيهما وينتفع بهما ، وتخرج العين من القبلة من جهة المشرق ثم تأخذ الى جهة الشمال.

ذكر الامير سيف الدين الحسين بن أبى الهيجاء فى حدود الستين وخمسمائة منها شعبة من عند مخرجها من القبلة فساقها الى باب المدينة الشريفة باب المصلى ثم أوصلها الى الرحبة التى عند مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من جهة باب السلام المعروف قديما بباب مروان (ق ٥٧) وبنى لها منهلا بدرج من تحت الدور يستقى منه أهل المدينة وذلك الموضع موضع سوق المدينة الآن ثم جعل لها مصرفين تحت الأرض يشق وسط المدينة على البلاط ثم يخرج على ظاهر المدينة من جهة الشمال شرقى حصن أمير المدينة وجعل منها شعبة صغيرة تدخل إلى صحن المسجد الشريف ازيلت كما سيأتى ذكره فى الفصل السادس إن شاء الله تعالى.

واعلم أن العين إذا خرجت من القبة التى فى المصلى صارت إلى جهة الشمال حتى تصل إلى سور المدينة فتدخل من تحته إلى منهل آخر بوجهتين مدرجتين ثم يخرج إلى خارج المدينة الشريفة من هناك وتخرج هى وما يتحصل من مصلها فى قناة واحدة إلى البركة التى ينزلها الحجاج.

٦٩

ثم قال رحمه‌الله تعالى : وأما عين النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم التى ذكر ابن النجار فليست تعرف اليوم وإن كانت كما قال عند الكهف المذكور فقد نثرت وعفا أثرها.

ذكر جبل أحد والشهداء

قد تقدم فى كتاب (ق ٥٨) الفضائل ذكر فضل جبل أحد والأحاديث الواردة فى ذلك وتقدم معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الحديث فى أحد «يحبنا ونحبه» وتقدم أيضا حديث «اثبت أحد فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان» قيل إن قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذا إشارة عما أحدثه موسى عليه‌السلام لما اختار السبعين للميقات واوقع فى نفوسهم ما وقع تزلزل الجبل فكأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشار إلى أنه ليس عليك ممن يشك كقوم موسى.

وعن جابر بن عتيك (١) عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خرج موسى وهارون عليهما‌السلام حاجين أو معتمرين فلما كانا بالمدينة مرض هارون عليه‌السلام فثقل فخاف موسى عليه‌السلام عليه اليهود فدخل به أحد فمات فدفنه فيه» وقيل : مات موسى وهارون عليهما‌السلام فى التيه ، وقبر موسى عليه‌السلام معروف بالقدس فى أول التيه يزار.

وعن أنس رضى الله عنه ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لما تجلى الله عزوجل لجبل طور سينا فصار لعظمة الله ستة أجبال فوقعت ثلاثة بالمدينة : أحد وورقان ورضوى (ق ٥٩) ووقعت ثلاثة بمكة : ثور ويثرب وحراء».

قال الشيخ جمال الدين : فأحد معروف وهو شمالى المدينة وأقرب الجبال إليها ، وهو على نحو فرسخين منها ، وقيل على نحو أربعة أميال وغيرها مقابلة فى قبلة المدينة ، والمدينة بينهما ، وورقان قبل الشعب على ما بين الشعب والروحى الى القبلة.

واستشهد بأحد سبعون رجلا ، أربعة من المهاجرين وهم : حمزة بن عبد المطلب ،

__________________

(١) هو جابر بن عتيك بن قيس الأسود الأنصارى. يقال إنه شهد بدرا ولم يثبت ، وشهد ما بعدها.

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعنه ابناه أبو سفيان وعبد الرحمن ، وابن أخيه عتيك بن الحارث بن عتيك.

مات سنة ٦١ ه‍.

٧٠

وعبد الله بن جحش ، ومصعب بن عمير ، وشماس بن عثمان ، والباقى كلهم انصار.

وقتل حمزة يوم أحد وحشى بن حرب الحبشى مولى جبير بن مطعم (١) وذلك فى النصف من شوال يوم السبت على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة ، وكان يقاتل بين يدى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعثر فوقع فانكشف الدرع عن بطنه فطعن ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين رآه وقد مثل به «جاءنى جبريل عليه‌السلام فأخبرنى أن حمزة مكتوب فى أهل السموات السبع حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله» وكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على جنازته سبعين تكبيرة وقيل كبر عليه سبعا ، ودفن هو وابن اخته (ق ٦٠) عبد الله بن جحش فى قبر واحد ، والشهداء يومئذ سبعون :

الأول : حمزة بن عبد المطلب ، أحد أعمام النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخوه من الرضاعة.

والثانى : عبد الله بن جحش الأسدى من المهاجرين الأولين أخته زينب بنت جحش زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الذى انقطع سيفه يوم أحد فأعطاه النبى عرجون نخلة فصار فى يده سيفا ولم يزل يتنقل حتى بيع من بغا التركى بمائتى دينار ودفن مع حمزة.

الثالث : مصعب بن عمير العبدرى ، وهو أول من هاجر إلى المدينة وأول من جمع فى الإسلام يوم الجمعة ، وكان لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأعظم لواء المهاجرين يوم بدر معه ويوم أحد وضرب ابن قميئة يد مصعب فقطعها ومصعب يقول : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)(٢) وأخذ اللوء بيده اليسرى فضربها ابن قميئة فقطعها

__________________

(١) هو جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف القرشى النوفلى ، قدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى فداء أسارى بدر ، ثم أسلم بعد ذلك عام خبير ، وقيل يوم الفتح.

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعنه سليمان بن صرد ، وأبو مروعة وابناه محمد ونافع ابنا جبير ، وسعيد بن المسيب وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن باباه ، وغيرهم.

مات سنة ٥٩ هجرية.

(٢) ١٤٤ م آل عمران ٣.

٧١

فخثا على اللواء فضمها بين عضدية إلى صدره ثم حمل عليه الثالثة فانقذه ووقع مصعب وسقط اللواء.

وذكر ابن سعد أن مصعبا حين قتل أخذ الراية ملك على صورته فكان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول تقدم (ق ٦١) يا مصعب. فقال الملك : لست مصعبا فعلم انه ملك.

الرابع : شماس بن عثمان الشريد القرشى حمل من بين القتلى إلى المدينة وبه رمق ثم مات عند أم سلمة ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان يرد إلى أحد فيدفن فى ثيابه التى مات فيها بعد ان مكث يوما وليلة إلا أنه لم يأكل ولم يشرب ولم يصل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يغسله.

الخامس : عمارة بن زياد بن السكن لما أثخن وسده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قدمه فمات.

السادس : عمرو بن ثابت بن وقش كان يأبى الإسلام فلم يسلم إلا يوم أحد فأسلم وقاتل حتى قتل فذكره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «إنه لمن أهل الجنة».

السابع والثامن : ثابت بن وقش ، أبو عمرو المذكور ، واليمان أبو حذيفة كانا شيخين ارتفعا فى الآطام مع النساء والصبيان ، ولما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى أحد قال أحدهما للآخر ما ننتظر وخرجا فقاتلا حتى قتلا.

التاسع : حنظلة بن أبى عامر الأوسى قتله سفيان فقال رسول الله حين قتل : «إن صاحبكم لتغسله الملائكة» (ق ٦٢) فسئلت صاحبته عنه ، فقالت خرج وهو جنب حين سمع النداء فكان يعرف بغسيل الملائكة.

العاشر : أنس بن النضر بن ضمضم عم أنس بن مالك وجد فيه بضع وثمانون طعنة وهو الذى قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».

الحادى عشر : سعد بن الربيع بن عمرة بن أبى زهير أحد النقباء دفن هو وخارجة بن زيد فى قبر واحد ، يروى ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من رجل ينظر لى ما

٧٢

فعل سعد بن الربيع فى الأحياء ام فى الاموات» فنظر رجل من الأنصار قيل هو أبى ابن كعب فوجده جريحا فى القتلى فيه رمق قال : فقلت له ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمرنى أن أنظر فى الأحياء أنت أم فى الأموات ، فقال : فى الأموات فأبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منى السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته ، وأبلغ قومك منى السلام وقل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله تعالى إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف قال : ثم لم أبرح حتى مات فجئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ق ٦٣) فأخبرته.

الثانى عشر : عبد الله بن عمرة بن حرام وهو أول من قتل يوم أحد وهو الذى قال فيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لابنه جابر : «لا تبكه ، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه».

الثالث عشر : عمرو بن الجموح أحد نقباء الأنصار وكان أعرج وكان له بنون فأرادوا حبسه فامتنع وقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما عليكم أن لا تمنعوه لأن الله عزوجل يرزقه الشهادة» (فخرج معه) قيل يؤخذ من هذا أن أصحاب الأعذار إذا خرجوا نالوا درجة الشهادة.

١٤ ـ الحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان.

١٥ ـ سعيد بن سويد بن قيس من بنى خدرة.

١٦ ـ الحارث بن أنس بن رافع.

١٧ ـ عمرو بن معاذ بن النعمان.

١٨ ـ سلمة بن قرة بن ثابت.

١٩ ـ صيفى بن قنطى.

٢٠ ـ حباب بن قنطى.

٢١ ـ عباد بن سهل.

٢٢ ـ إياس بن أوس بن عتيك.

٧٣

٢٣ ـ عبيد بن التيهان ويقال عتيك.

٢٤ ـ حبيب بن زيد حاطب بن تيم البياضى.

٢٥ ـ يزيد بن حاطب بن عمرو الأشهلى.

٢٦ ـ أبو سفيان بن الحارث بن قيس البياضى.

٢٧ ـ أنيس بن قتادة.

٢٨ ـ أبو حتة بالتاء المثناة من فوق ويقال بالباء الموحدة (ق ٦٤) أخو سعد بن خيثمة لأمه وقيل أبو حنة بالنون لأنه شهد بدرا وليس فى من شهد بدرا أحد يقال أبو حبة بالباء الموحدة.

٢٩ ـ عبد الله بن حبين بن النعمان.

٣٠ ـ خيثمة ابو سعيد بن خيثمة.

٣١ ـ عبد الله بن سلمة.

٣٢ ـ سبيع بن حلوان بن الحارث وقيل سبيع بن الحارث بن حاطب.

٣٣ ـ عمرو بن قيس بن زيد (١) بن قيس.

٣٤ ـ ثابت بن عمرو بن زيد.

٣٥ ـ عامر بن فحلة.

٣٦ ـ أبو هبيرة بن الحارث ويقال ابو اسيرة وقيل ان ابا اسيرة اخوه.

٣٧ ـ عمرو بن مطرف بن علقمة.

٣٨ ـ أوس بن ثابت بن المنذر ويقال اخو حسان بن ثابت.

٣٩ ـ قيس بن مخلد.

٤٠ ـ كيسان عبد ابى قارن بن النجار.

٤١ ـ سليم بن الحارث.

__________________

(١) بياض فى الأصل.

٧٤

٤٢ ـ نعمان بن عمر.

٤٣ ـ خارجة بن زيد.

٤٤ ـ أوس بن الارقم بن زيد.

٤٥ ـ مالك بن سنان ابو ابى سعيد الخدرى.

٤٦ ـ عتبة بن ربيع بن رافع.

٤٧ ـ ثعلبة بن سعد بن مالك.

٤٨ ـ نقف بن قرة بن البدرى.

٤٩ ـ عبد الله بن عمرو بن وهب.

٥٠ ـ ضمرة حليف لبنى طريف من جهينة.

٥١ ـ نوفل بن عبد الله.

٥٢ ـ عباس بن عبادة (ق ٦٥).

٥٣ ـ نعمان بن مالك بن ثعلبة.

٥٤ ـ المجذذ بن زياد.

٥٥ ـ عبادة بن الحنحاس.

٥٦ ـ رفاعة بن عمرو وقيل رفاعة بن رافع بن يزيد بن رافع.

٥٧ ـ خلاد بن عمرو بن الجموح.

٥٨ ـ أبو يمن مولى خلاد بن عمرو المذكور.

٥٩ ـ سليم وقيل سليمان والأول اصح وقيل سالم بن عامر وقيل ابن عمرو ، وابن حديدة مولاه عترة ويقال عنيزة او عنترة.

٦٠ ـ سهل بن قيس بن ابى بن كعب.

٦١ ـ ذكوان بن عبد قيس بن خالد بن مخلد الزرقى.

٦٢ ـ عبيد بن المعلى بن لوذان.

٦٣ ـ مالك بن ابى غيلة.

٦٤ ـ الحارث بن عدى بن خرشة.

٧٥

٦٥ ـ مالك بن إياس.

٦٦ ـ اياس بن عدى.

٦٧ ـ عمرو بن اياس.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال فى قتلى أحد (١) : «هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم ولن يسلم عليهم أحد ما قامت السموات والارض إلا ردوا عليهم».

وروى جعفر الصادق عن أبيه وجده أن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد فتصلى هناك وتبكى وتدعو حتى ماتت.

وروى العطاف بن خالد (٢) قال : حدثتنى خالة لى وكانت من العابدات قالت : ركبت يوما حتى (ق ٦٦) جئت قبر حمزة فصليت ما شاء الله ولا فى الوادى من داع ولا مجيب وغلامى آخذ برأس دابتى ، فلما فرغت من صلاتى قلت السلام عليكم وأشرت بيدى ، فسمعت رد السلام علىّ من تحت الأرض أعرفه كما أعرف أن الله سبحانه خلقنى فاقشعرت كل شعرة منى فدعوت الغلام وركبت.

وقد وردت آثار كثيرة فى ان الشهداء لا تبلى أجسادهم وقد شوهد ذلك وشوهد أيضا بقاء أجساد شهداء الأمم المتقدمة ومصداق ذلك قوله تعالى : (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ)(٣) فالآية عامة فى سائر الأمم وكذلك الأنبياء عليهم‌السلام لا تبلى أجسامهم وقد حرم الله تعالى على الارض (أكل) أجساد الأنبياء.

وقد وجدت أجساد الملوك والحكماء طراوة أجسادهم بالحلية بعد وفاتهم بمائتين من

__________________

(١) ورد فى الموطأ باب الجهاد ٣٢.

(٢) هو عطاف بن خالد بن عبد الله بن العاصى بن وابصة بن خالد بن عبد الله أبو صفوان المدنى.

روى عن أبيه وأخويه عبد الله والمسور وزيد بن أسلم ، وأبى حازم بن دينار ونافع مولى ابن عمر ، وهشام ابن عروة ، وطلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، وعبد الرحمن بن رزين ، وعبد الرحمن بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وموسى بن إبراهيم المخزومى ، ثقة.

(٣) ١١١ م التوبة ٩.

٧٦

الاعوام ، بل بعض حكماء الأمم المتقدمة وملوكهم يوجدون إلى هذا الزمن أطرياء ، لم يتغير منهم شىء وذلك أنهم دبروا أدهانا ادهنوا بها عند موتهم فمنعهم من البلاء.

قال هرمس : وقد أمرت من يفعل فى ذلك إذا أنا مت وأشار إلى من يطلى بالشمس والقمر مرموزا وهو الزئبق والملح بالرمز الثانى ويروى انه إذا (ق ٦٧) سد جميع الشخص بالدهن لا يبلى ما بقى الدهن وقد وجد شخص مكفن فى ورقة من دهن فقلعت فإذا فيها سبعون درهما.

قال الشيخ جمال الدين : وفى قبلة جبل أحد قبور الشهداء ، ولا يعلم منها الآن إلا قبر حمزة رضى الله عنه ومعه فى القبر ابن أخيه كما تقدم ، وعليه قبة عالية ومشهد بنته أم الخليفة الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضىء سنة تسعين وخمسمائة ، وقيل المشهد باب من حديد يفتح كل خميس ، وشمال المسجد آدام من حجارة يقال إنها من قبور الشهداء ، وكذلك من غريبة أيضا.

وقد يروى أن هذه قبور أناس ماتوا عام الرمادة فى خلافة عمر رضى الله عنه ، ولا يشك أن قبور الشهداء حول حمزة رضى الله عنه إذ لا ضرورة أن يبعدوا عنه ، وعند رجلى حمزة قبر رجل تركى كان متوليا عمارة المسجد الشريف يقال له سنقر ، وكذلك فى صحن المسجد الشريف قبر دفن فيه بعض الأشراف من أمراء المدينة وتحت جبل أحد من جبهة القبلة لاصقا بالجبل مسجد صغير قد تهدم ، ويقال إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلى فيه الظهر والعصر بعد انفصال القتال ، وفى وجهة القبلة من هذا (ق ٦٨) المسجد موضع منقور فى الحجر على قدر رأس الإنسان ، يقال إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم جلس على الصخرة التى تحته وأدخل رأسه فيه ، وكذلك شمالى المسجد غار فى الجبل يقال إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخله ولم يرد بذلك كله نقل صحيح.

وقبل المشهد جبل صغير يسمى عينين بفتح العين المهملة وكسر النون الأولى ، والوادى بينهما كان عليه الرماة يوم أحد ، وعنده مسجدان أحدهما مع ركنه الشرقى يقال إنه الموضع الذى طعن فيه حمزة والمسجد الآخر هذا شمالى هذا المسجد على شفير

٧٧

الوادى ، ويقال إنه مصرع حمزة وإنه مشى بطعنته إلى هناك ثم صرع رضى الله عنه ، وبين المشهد والمدينة ثلاثة أميال ونصف وإلى أحد ما يقل بأربعة أميال ، وكانت غزاة أحد فى السنة الثالثة من الهجرة.

قال الحافظ محب الدين : جاءت قريش من مكة لحرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا قوه يوم السبت النصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة عند جبل أحد ، وقيل كان نزول قريش يوم أحد بالمدينة يوم الجمعة ، وقال ابن إسحاق : يوم الاربعاء فنزلوا برومة من وادى العقيق وصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ق ٦٩) الجمعة بالمدينة ثم لبس لأمته وخرج هو وأصحابه على الحرة الشرقية وأقام وبات بالشيخين موضع بين المدينة وأحد مع الحرة إلى جبل أحد ، وغدا صبح يوم السبت إلى أحد ففيه كانت وقعة أحد.

وقيل خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم السبت لسبع خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة ، وكان دليل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أحد سهل بن أبى حثمة (١).

قال قتادة : لما قدم أبو سفيان بالمشركين رأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم رؤيا فى النوم فتأولها قتلا فى أصحابه ورأى سيفه ذا الفقار انقصم ، فكان قتل حمزة رضى الله تعالى عنه ، وكأن كبشا أغبر قتل ، فكان صاحب لواء المشركين عثمان بن طلحة فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه بعد الرؤيا : «فى جنة حصين» يعنى المدينة فدعوهم يدخلون نقاتلهم ، فقال ناس من الأنصار : يا رسول الله إنا نكره أن نقتل فى طريق المدينة فابرز بنا إلى القوم ، فلبس النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأمته وندم القوم فيما أشاروا به واعتذروا إليه ، فقال : إنه ليس لنبى إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل ستكون فيكم (ق ٧٠) مصيبة. قالوا : يا رسول الله خاصة أو عامة قد أصبتم مثليها. قال : مكى فقتادة يذهب إلى أن الدنيا الذى عدده الله تعالى فى قوله :

__________________

(١) هو سهل بن أبى حثمة عامر بن ساعدة الأنصارى الحارثى ، صحابى صغير ، له خمسة وعشرون حديثا اتفقا على ثلاثة. وعنه صالح بن خوات وعروة بن الزبير ، والزهرى ، قيل مرسلا ، وقال أبو حاتم بايع تحت الشجرة. قيل : توفى فى زمن معاوية بن أبى سفيان.

٧٨

(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)(١) هو ما أشاروا به ، وقيل فئة غير ذلك.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد فى ألف والمشركون فى ثلاثة آلاف فكان جبريل وميكائيل عليهما‌السلام عن يمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعن يساره يقاتلان أشد القتال.

وعن جعفر بن محمد أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا يوم أحد فقال : «يا صريخ المكروبين ومجيب المضطرين كشف الكرب العظيم ، اكشف كربى وهمى وغمى فإنك ترى حالى وحال أصحابى» قال فصرف الله تعالى همه.

وغزا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحد على فرسه السكب كان اشتراه من اعرابى من بنى فزارة بالمدينة ، وكان اسمه عند الأعرابى الضرس ، وهو أول فرس ملكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأول غزاة غزا عليه أحد ، وكان أغر محجل طلق اليمين له سبخة وسابق عليه فسبق ففرح به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقال فرس سكباى كثير الجرى ، ثم إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاتل المشركين يوم أحد وخلص العدو إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذب الحجارة حتى وقع لشقه فانكسرت رباعيته وشج فى وجهه وكلمت شفته ، وكان له كرامة له صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولأصحابه الذين استشهدوا بين يديه ، وكانوا سبعين رجلا كما تقدم.

__________________

(١) ١٦٥ م آل عمران ٣.

٧٩
٨٠