أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك

محمّد بن علي البروسوي [ ابن سباهي زاده ]

أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك

المؤلف:

محمّد بن علي البروسوي [ ابن سباهي زاده ]


المحقق: المهدي عيد الرواضية
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٣

باب المندب في جهة الجنوب والشّرق. فهذا ما على جانب بحر القلزم من القلزم إلى المندب وهو الجانب الغربيّ لهذا البحر ، ثم ننتقل (١) إلى البرّ الآخر المقابل لجبل (٢) المندب وهناك عدن فنقول : ثم يمتدّ بحر القلزم من عدن حيث الطّول ست وستون درجة والعرض إحدى عشرة شمالا ، ويتجاوز سواحل اليمن حتّى يتصل بحلى ابن يعقوب في أواخر حدود اليمن حيث الطّول سبع وستون [درجة](٣) والعرض تسع عشرة ينقص عشر دقائق ، ثم يمتدّ شمالا حتّى يتّصل بجدّة حيث الطّول ست وستون درجة والعرض إحدى وعشرون [درجة](٤) ، ثم يمتدّ شمالا بميلة يسيرة إلى الغرب حتّى يتّصل بالجحفة ، وهي ميقات أهل مصر حيث الطّول خمس وستون والعرض [٧ أ] اثنتان وعشرون ، ثم يمتدّ شمالا بميلة إلى الغرب حتّى يتّصل بساحل ينبع (٥) حيث الطّول أربع وستون والعرض ست وعشرون ، ثم يأخذ من (٦) الغرب والشّمال حتّى يتجاوز مدين ويتصل بأيلة حيث الطّول خمس وخمسون والعرض تسع وعشرون.

وقال في القانون (٧) : أيلة حيث الطّول ست وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض ثمان وعشرون وخمسون دقيقة ، ثم يرجع جنوبا إلى الطّور (٨) وهو مكان حطّ وإقلاع بين ذراعين من البحر ، ثم يعود شمالا ويتّصل بالقلزم عند طول أربع وخمسين وهو غربي أيلة والعرضان متقاربان من حيث ابتدأنا ، والقلزم وأيلة على

__________________

(١) في (ب) و (س) و (ر): «تنتقل».

(٢) وردت في جميع النسخ : «بجبل» وما أثبتناه من التقويم (٢٤).

(٣) زيادة من (س).

(٤) زيادة من (س).

(٥) في (س) و (ر): «ينبوع».

(٦) في التقويم (٢٤): «بين».

(٧) أبو الريحان البيرونيّ ٢ : ٤٧.

(٨) في (س): «الطول».

٤١

ذراعين أو لسانين من البحر (قد طعنا (١) في البرّ الشّماليّ ، وصار بين اللسانين المذكورين للبّر (٢) دخلة إلى الجنوب في البحر) (٣) ، وفي تلك الدخلة الطّور حيث الطّول نحو طول أيلة ، وعلى طرف اللسان الشّرقيّ أيلة وعلى طرف اللسان الغربيّ القلزم ، فأيلة شرقيّ القلزم وفيما بين القلزم وأيلة الطّور وهي جنوبيّ القلزم ، وأيلة على رأس الدخلة في البحر فبين الطّور وبين برّ مصر بحر ، وهو اللسان الذي على طرفه أيلة (٤) فمن الطّور إلى كل من البرّين في البحر قريب. وأمّا في البرّ ففيه بعد لأنّ المسافر من الطّور يحتاج أن يستدير على القلزم إن قصد ديار مصر أو يستدير على أيلة إن قصد الحجاز ، فالطّور جهته الشّماليّة مكشوفة متّصلة بالبرّ وباقي ثلاث جهاته يحيط بها البحر.

وبحر القلزم المذكور إذا تجاوز القصير اتّسع إلى جهتيّ الجنوب والشّرق حتّى يكون اتّساعه سبعين (٥) [٧ ب] ميلا ، وتسمّى تلك القطعة المتّسعة بركة غرندل ، بضمّ الغين المعجمة والرّاء المهملة وسكون النّون ثم دال مهملة ولام.

ذكر الخليج البربريّ

وهو خليج ينبعث من بحر الهند في جنوبيّ جبل المندب وجنوبيّ بلاد الحبشة ويأخذ مغرّبا حتّى يتّصل ببربرا في بلاد الزنج حيث الطّول ثمان وستون والعرض ست ونصف ، وفي القانون (٦) : عرض بربرا اثنتا عشرة درجة ، وطول هذا البحر من الشّرق إلى الغرب نحو خمسمائة ميل ، ويحكى عن أمواج هذا الخليج

__________________

(١) في الأصل : «طغنا» وفي (ب): «قطعنا».

(٢) في الأصل وفي (ب) و (ر): «البر» وما أثبتناه من التقويم (٢٥).

(٣) ما بين القوسين ساقط من (س).

(٤) في التقويم (٢٥): «وهو اللسان الذي على طرفه القلزم ، وكذلك بين الطور وبين برّ الحجاز بحر وهو اللسان الذي على طرفه أيلة». وفي (س): «على طرف أيلة».

(٥) وردت مكررة في الأصل.

(٦) أبو الريحان البيرونيّ ٢ : ٣٦.

٤٢

البربري شيء عظيم. قال الإدريسيّ (١) : إنّ الموج فيه يصير كالجبال الشّواهق وموجه لا ينكسر. قال : وإنما يركب فيه إلى جزيرة قنبلو وهي جزيرة في البحر المذكور للزنج وفيها مسلمون.

ذكر بحر أوقيانوس

وهو [قطعة من البحر المحيط الغربي قد طردت بلاد المغرب](٢) الأقصى عن ابتداء الأطوال إلى جهة الشّرق ، ويبتدىء هذا البحر من طرف خطّ (٣) الاستواء الغربيّ ، وهو الموضع الذي يؤخذ منه وممّا هو في سمته أطوال الأماكن ، فيبتدىء هذا البحر من حيث لا عرض ويأخذ مشرقا إلى طول درجة واحدة ، ثم يمتدّ شرقا وشمالا إلى طول عشر درجات وعرض ست عشرة ، ثم يمتدّ ويعطف شمالا ومغربا فينقص طوله حتّى ينتهي إلى طول سبع درجات والعرض خمس وثلاثون درجة ، وذلك عند طنجة ، ثم يمتدّ على غربي ساحل الأندلس ويتجاوز الأندلس ويستدير على شمالي رومية ، ويمتدّ كذلك شمالا إلى عرض إحدى وستين ، وطول ثلاث وأربعين ، ويمتدّ حتّى يصير في الجانب الشّماليّ عن الأرض حيث العرض إحدى وسبعون درجة ، ويخرج من هذا البحر (٤) عدّة أبحر منها : بحر الرّوم وبحر برديل وبحر ورنك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

ويقع [٨ أ] في هذا البحر المدّ والجّزر أيضا (٥) في اليوم والليلة مرتين. قال الإدريسيّ في نزهة المشتاق (٦) : إنّ المدّ والجزر الذي رأيناه عيانا في بحر الظلمات

__________________

(١) في (س) و (ر): «الأندلسي» ، وانظر نزهة المشتاق ١ : ٤٩ ـ

(٢) ساقط من الأصل وما أثبتناه من (ب) و (س) و (ر) والتقويم (٢٦).

(٣) في (س): «محل».

(٤) في (س): «هذين البحرين».

(٥) في الأصل و (ب): «الذي أيضا».

(٦) ١ : ٩٣ ـ ٩٤.

٤٣

وهو البحر المحيط بغربيّ الأندلس وبلاد برطانية فإنّ المدّ يبتدىء في الساعة الثّالثة من النهار إلى أوّل التاسعة ثم يأخذ في الجزر ست ساعات ، مع آخر النهار ثم يمتدّ (١) ست ساعات ثم يجزر ست ساعات هكذا يمد في اليوم مرّة وفي الليل مرّة ، ويجزر (٢) في اليوم مرّة وفي الليل مرّة أخرى ، وعلّة ذلك أنّ الرّيح تهيّج هذا البحر في أوّل الساعة الثّالثة من النهار ، وكلما طلعت الشّمس في أفقها كان المدّ مع زيادة الرّيح ، ثم تنقص الريح عند آخر النهار لميل الشّمس إلى الغروب فيكون الجزر أيضا ، وكذلك الليل تهيج الريح في صدره وتركد مع آخره. وزيادة الماء في المدّ يكون في ليلة ثلاث عشرة [وليلة أربع عشرة](٣) وليلة خمس عشرة وليلة ست عشرة [وفي هذه الليالي يفيض الماء فيضا](٤) كثيرا ، ويصل إلى أمكنة لا يصل إليها إلا في مثل تلك الليالي من الشهر الآتي ، وهذا يراه أهل المغرب مشاهدة لا امتراء فيه ويسمّون هذا المدّ فيضا (٥).

يقول العبد [الضعيف](٦) ذكر في خريدة العجائب وفريدة الغرائب (٧) : [إنّ](٨) بحر أوقيانوس بحر عظيم هائل ، غليظ (٩) المياه ، كدر اللون ، شامخ الموج ، صعب الظهر ، لا يمكن ركوبه لأحد (١٠) من صعوبته وظلمة متنه وتعاظم أمواجه وكثرة أهواله وهيجان رياحه وتسلّط دوابه ، وهذا البحر لا يعلم أحد قعره

__________________

(١) في (ب) و (ر): «يمدّ».

(٢) في (ر): «وينجزر».

(٣) ساقط من الأصل وهو في (ب) و (س) و (ر).

(٤) ساقط من جميع النسخ وما أثبتناه من التقويم (٢٧).

(٥) وردت في جميع النسخ : «قيصا» والصواب ما أثبتناه من التقويم (٢٧).

(٦) ساقطة من الأصل.

(٧) ابن الوردي ٢٢ ـ

(٨) ساقطة من الأصل.

(٩) وردت في جميع النسخ : «عظيم» وما أثبتناه من الخريدة.

(١٠) وردت في (س) و (ر): «من أحد لأحد».

٤٤

ولا يعلم ما خلفه إلا الله ، وهو غور المحيط ولم يقف أحد من خبره على الصحّة ، ولا ركبه أحد ملججا أبدا إنما يمرّ مع ذيل (١) السّاحل لأن به أمواجا كالجبال الشوامخ ودويّ كعظم (٢) دويّ الرعد لكنّ أمواجه [٨ ب] لا تنكسر ولو انكسرت لم يركبه (٣) أحد لا ملججا ولا مسوحلا.

واتفق جماعة من أهل أشبونة (٤) وهم ثمانية أنفس وكلّهم أبناء عمّ فأنشأوا مركبا كبيرا وحملوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم مدة طويلة ، وركبوا متن هذا البحر ليعرفوا ما في نهايته ويروا ما فيه من العجائب ، وتحالفوا أنهم لا يرجعون أبدا حتّى ينتهوا إلى البرّ الغربيّ أو يموتوا ، فساروا فيه ملججين أحد عشر يوما فدخلوا إلى بحر عظيم غليظ الموج كدر الريح مظلم المتن والقعر (٥) كثير القروش (٦) فأيقنوا بالهلاك والعطب ، فرجعوا إلى (٧) البحر في الجنوب إثني عشر يوما فدخلوا إلى جزيرة الغنم وفيها من الأغنام ما لا يحصي عدده إلا الله ، وليس بها آدمي ولا بشر ولا صاحب فنفضوا (٨) إلى الجزيرة وذبحوا من ذلك الغنم وأصلحوه وأرادوا أن يأكلوه فوجدوا لحومها مرّة لا تؤكل ، فأخذوا من جلودها ما أمكن ووجدوا بها عين ماء عذب فملئوا منها وسافروا مع الجنوب اثني عشر يوما أخر فوافوا جزيرة وبها عمارة فقصدوها ؛ فلم يشعروا إلا وقد أحاطت بهم زوارق وبها قوم موكلون بها فقبضوا عليهم وحملوهم إلى الجزيرة فدخلوا إلى مدينة على

__________________

(١) في الأصل وفي (ب) و (ر): «زبد» وفي (س): «زبد البحر» وما أثبتناه من الخريدة.

(٢) وردت في جميع النسخ : «كأعظم» وما أثبتناه من الخريدة.

(٣) في الأصل : «لا يركب» وما أثبتناه من (ب) و (س) و (ر) والخريدة.

(٤) في (س) و (ر): «أشبون».

(٥) في الأصل : «القفر».

(٦) ورد في هامش (س) بخطّ مختلف عن خطّ الناسخ : «القروش جمع قرش ، نوع من السمك يأكل الآدمي».

(٧) في الخريدة : «مع».

(٨) في الخريدة : «فنهضوا».

٤٥

ضفة البحر وأنزلوهم بدار ورأوا بتلك المدينة والجزيرة رجالا شقر الألوان طوال القدود ولنسائهم جمال مفرط يخرج عن الوصف فتركوهم في الدّار ثلاثة أيّام ، ثم دخل إليهم في اليوم الرّابع إنسان ترجمان وكلّمهم بالعربيّ (١) وسألهم عن حالهم فأخبروه بخبرهم ، فأحضروا قدّام الملك الذي لهم وأخبره التّرجمان بما أخبروه عن حالهم (٢) فضحك الملك منهم وقال للتّرجمان : قل لهم إني وجّهت من عندي في هذا البحر قوما ليأتوني بخبر ما فيه من العجائب ، فساروا مغرّبين شهرا حتّى أنقطع عنهم الضوء وصاروا في مثل الليل المظلم ، فرجعوا [٩ أ] من غير فائدة. ووعدهم الملك خيرا ، وأقاموا عنده حتّى هبّت ريحهم فبعثهم الملك مع قوم من أصحابه في زورق وكتفوهم وعصّبوا أعينهم وسافروا بهم مدة لا يعلمون كم هي ، ثم تركوهم على السّاحل وانصرفوا ، فلما سمعوا كلام النّاس صاحوا ، فأقبلوا إليهم وحلّوا عن أعينهم وقطعوا كتافاتهم (٣) وأخبروهم الجماعة بخبرهم وبلدهم ، فقال لهم النّاس : هل تدرون [كم](٤) بينكم وبين بلدكم؟ فقالوا لا! قالوا فوق شهر جدا ، فرجعوا إلى بلدهم. ولهم في أشبونة حارة معروفة مشهورة تسمّى حارة المغرورين (٥) إلى الآن.

وذكر في الخريدة (٦) أيضا : أنّ في بحر أوقيانوس من الجزائر العامرة والخراب ما لا يعلمه إلا الله ، وقد وصل الناس منها إلى سبع عشرة جزيرة ، فمنها الخالدتان وهما جزيرتان على كل واحدة منهما صنم (٧) مبني بالحجر الصلد ، طول كل صنم مائة ذراع ، وفوق كل صنم صورة رجل من نحاس يشير بيده إلى خلف

__________________

(١) في الأصل و (ب): «بالغربي».

(٢) في (س): «من حالهم» وفي (ر): «بما أخبروهم من حالهم».

(٣) وردت في جميع النسخ : «أكتافهم» وما أثبتناه من الخريدة.

(٤) سقطت من جميع النسخ وما أثبتناه من الخريدة.

(٥) في الأصل و (ب) و (ر): «المعررين» وفي (س): «المغررين» وما أثبتناه من الخريدة.

(٦) ابن الوردي : ٩٧ ـ

(٧) في (س): «منهم».

٤٦

يعني ارجع فما ورائي شيء ولا مسلك بناها ذو المنار الحميري من التبابعة وهو [ذو](١) القرنين لا المذكور في القرآن.

ومنها جزيرة العوس (٢) وبها أيضا صنم (٣) وثيق البناء لا يمكن الصعود إليه ، بناه أيضا ذو القرنين المذكور ، وبهذه الجزيرة مات الباني وقبره بها في هيكل مبني بالمرمر والزجاج الملون ، وبهذه الجزيرة دواب هائلة ينكرها السامع.

ذكر بحر الرّوم

وهو البحر الخارج [من](٤) أوقيانوس في جهة الشّرق وابتداؤه من عند طنجة وهو يخرج من بين طنجة وسبتة وغيرهما من برّ العدوة وبرّ (٥) الأندلس ويسمّى هناك بحر الزقاق وهو ضيّق هناك وكان في الزمان القديم سعة الزقاق ، وهو من برّ العدوة إلى برّ الأندلس عشرة أميال. قال الإدريسيّ (٦) : وذلك ثابت في الكتب القديمة ، وأمّا في زماننا هذا فإنه اتسع عن ذلك. قال ابن سعيد (٧) : وقدره ثمانية عشر ميلا [٩ ب] في زماننا هذا.

ولنبتدىء فنذكر هذا البحر من طنجة وسبتة اللتين ببرّ العدوة ، ثم نذكر جوانبه حتّى ينتهي إلى البرّ الآخر من الأندلس إلى مدينة الجزيرة الخضراء المقابلة لسبتة وطنجة من حيث ابتدأنا فنقول : يخرج هذا البحر من الغرب إلى جهة الشّرق ويبتدىء من بين الأندلس وطنجة حيث الطّول سبع درج والعرض خمس وثلاثون ،

__________________

(١) سقطت من الأصل.

(٢) وردت في جميع النسخ : «لغوس» وما أثبتناه من الخريدة.

(٣) في (س): «منهم».

(٤) ساقطة من الأصل.

(٥) في التقويم (٢٧): «وبين».

(٦) لم نجده في النزهة.

(٧) كتاب الجغرافيا ١٣٨.

٤٧

ثم يعطف جنوبا وشرقا إلى [سلا حيث الطول سبع درج وكسر والعرض ثلاث وثلاثون ثم يمتدّ شرقا وشمالا إلى](١) سبتة حيث الطّول تسع والعرض خمس وثلاثون بحاله ، ثم يأخذ البحر في الجنوب (٢) إلى طول خمس عشرة وعرض أثنتين وثلاثين ، وذلك بعد أن يتجاوز تلمسان ، ثم يأخذ مشرقا بميلة إلى الشّمال حتّى يصير عند الجزائر فرضة بجاية حيث الطّول عشرون والعرض ثلاث وثلاثون ، ثم يمرّ حتّى يتجاوز مملكة بجاية إلى أوّل حدود إفريقيّة ، ويمرّ في سمت وسط المشرق حتّى يقابل تونس من شماليها ويدخل منه خور إلى تونس حيث الطّول اثنتان وثلاثون والعرض ثلاث وثلاثون ، ثم يمتدّ بعد أن يتجاوز تونس نحو تسعين ميلا شرقا نصبا ، ثم ينعطف جنوبا حتّى يصير له دخلة كبيرة في الجنوب ، وفي فم هذه الدخلة وهو حيث أنعطف البحر عن التشريق إلى الجنوب جزيرة قوصرة (٣) المقابلة لجزيرة صقلية ، ويمتدّ البحر في الجنوب إلى قبل أن يصل سوسة ، ثم يشرّق إلى سوسة حيث الطّول أربع وثلاثون والعرض ثلاث وثلاثون ينقص عشرين دقيقة ، (ثم يأخذ مشرقا وجنوبا إلى المهدية (٤) حيث الطّول خمس وثلاثون ينقص عشرين دقيقة) (٥) والعرض اثنتان وثلاثون.

ثم يمتدّ البحر مشرقا وجنوبا حتّى يتجاوز صفاقس إلى حيث يكوّن جزيرة جربة وهي في شرقي صفاقس وجنوبيّها وبعد أن يتجاوز البحر جربة مشرّقا يعطف إلى الشّمال ، ويصير للبرّ (٦) الجنوبيّ [١٠ أ] دخلة في البحر ، ويأخذ البحر مشرّقا وشمالا حتّى يبلغ طرابلس الغرب حيث الطّول ثمان وثلاثون والعرض اثنتان

__________________

(١) سقط من جميع النسخ وعوضناه من التقويم (٢٧).

(٢) في التقويم : «الجنوب والشرق».

(٣) في (ر): «قوصدة».

(٤) في الأصل : «المهاية».

(٥) ما بين القوسين ساقط من (س).

(٦) وردت في جميع النسخ : «البرّ» وما أثبتناه من التقويم (٢٨).

٤٨

وثلاثون ونصف ، ثم يمتدّ مشرّقا حتّى يتجاوز حدود إفريقيّة عند طول إحدى وأربعين ، ثم بعد أن يتجاوز إفريقيّة يمتدّ مشرّقا بشمال إلى طلميثا (١) حيث الطّول أربع وأربعون والعرض ثلاث وثلاثون وعشر دقائق ، ثم يمتدّ على ساحل بلاد برقة في الشّمال ، لأنّ برقة على دخلة قد أخذت شمالا ودخلت في البحر ، والبحر ينعطف من أوّل حدود برقة إلى جهة الشّمال ، ولا يزال مشتملا إلى رأس أوثان ، وهو جبل داخل في البحر حيث الطّول أربع وأربعون بحاله والعرض أربع وثلاثون ، ثم يشرّق البحر من رأس أوثان إلى رأس تنين (٢) وهو جبل في البحر قبالة رأس أوثان من جهة الشّرق ، وإذا وصل البحر إلى رأس تنين انعطف إلى جهة الجنوب وامتدّ جنوبا إلى أن يسامت العقبة ، وهي أوّل حدود الديار المصرية حيث الطّول تسع وأربعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون ، ثم يأخذ مشرقا وجنوبا إلى الإسكندريّة حيث الطّول إحدى وخمسون درجة وعشرون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون ونصف ، ثم يأخذ مشرقا إلى دمياط حيث الطّول أربع وخمسون والعرض بحاله إحدى وثلاثون وكسر ، ثم يأخذ البحر مشرّقا إلى العريش بالقرب (٣) من غزّة ، ثم يأخذ البحر مشرقا وشمالا إلى غزّة ، ثم يأخذ من غزّة بحيث يكون كتف (٤) السائر الأيسر مستقبلا الجدي (٥) إلى عسقلان ثم إلى يافا ثمّ إلى قيسارية ثم إلى عتليت (٦) ثم إلى عكّا ثم إلى صور ثم إلى صيدا ثم إلى بيروت ، وكل واحدة من هذه المدن التي من غزّة إلى هنا في سمت الشّمال (٧) عن الأخرى ، لكن

__________________

(١) في الأصل : «طلميتا».

(٢) كذا وردت في جميع النسخ وفي التقويم (٢٨): «رأس تبنى».

(٣) في (س) و (ر): «بالغرب».

(٤) في الأصل : «كف».

(٥) في الأصل : «الجري».

(٦) في التقويم (٢٩): «عثليث».

(٧) وردت في جميع النسخ «الشرق» والصواب ما أثبتناه من التقويم (٢٩).

٤٩

من غزّة إلى يافا (١) كل ثانية تميل عن الأخرى عن وسط الشّمال (٢) [١٠ ب] شيئا يسيرا إلى الشّرق ، ثم إلى جبيل ثم إلى أنفة الشّام ثم إلى طرابلس الشّام ثم إلى انطرطوس (٣) ثم إلى مرقب (٤) ثم الى بلنياس بلدة المرقب ثم إلى بلدة وهي بليدة خراب ثم إلى جبلة (٥) ثم إلى اللاذقيّة ثم إلى السّويديّة (٦) ميناء أنطاكية ، وجميع هذه الأماكن المذكورة مدن على ساحل البحر أكثرها خراب وبعضها عامر ، وجميعها متقاربة الأطوال ومتفاوتة العروض كل ثان شمالي عن الأوّل وعرضه أكثر من عرضه.

وعند السّويديّة انتهاء تشريق هذا البحر ، ثم يرجع البحر من السّويديّة ويأخذ غربا وشمالا حتّى يتجاوز حدّ مملكة الإسلام ، ثم يأخذ شمالا ويمرّ على باب اسكندرونة (٧) وهو الحدّ بين المسلمين والأرمن ، ثم يمرّ على باياس (٨) ثم يأخذ غربا وشمالا إلى إياس ميناء بلاد الأرمن ، ثم يمرّ على سواحل طرسوس حيث الطّول ثمان وخمسون (٩) والعرض سبع وثلاثون ونصف ، ثم يمتدّ شمالا ومغربا حتّى يتجاوز حدود الأرمن عند الكرك بضمّ الكاف الأولى وسكون الرّاء المهملة وفي الآخر كاف ثانية ، ثم إذا تجاوز الكرك مرّ على سمت جبال التراكمين ، وهم تراكمين ابن قرمان ثم ابن الحميد وابن الأشرف ، ثم يسامت بلاد سليمان باشا ،

__________________

(١) في التقويم (٢٩): «كيفا».

(٢) وردت في جميع النسخ : «السماء» وما أثبتناه من التقويم.

(٣) في (س) و (ر): «انطرسوس».

(٤) في التقويم (٢٩): «مرقية» وهو تحريف.

(٥) في (ر): «جبيلة».

(٦) في (ر): «السويرية».

(٧) في الأصل و (س): «سكندونة» وفي (ر): «سكندرية».

(٨) وردت في جميع النسخ : «بانياس» والصواب ما أثبتناه من التقويم (٢٩).

(٩) في (س): «خمس وخمسون».

٥٠

وهو صاحب البلاد المتاخمة لبلاد أصطنبول (١) شرقي الخليج القسطنطيني ، ثم يعطف البحر مغرّبا وينقطع اشتماله فيمرّ (٢) على مصبّ الخليج القسطنطيني ، وهو مصبّ بحر نيطش المعروف في زماننا ببحر القرم في بحر الرّوم على ما سنذكره إن شاء الله.

ثم يمتدّ البحر مغربا بميلة إلى الجنوب حتّى يمرّ ببلاد الفرنج ، وهي بلاد تعرف ببلاد المرا ، وهي غربي بلاد قسطنطينية ، ثم يمرّ بين الغرب والجنوب ويتجاوز بلادا يقال لها بلاد الملفجوط (٣) ، ثم يمتدّ كذلك إلى بلاد يقال لها الباسليسية (٤) [١١ أ] وهي امرأة ملكة ، ومن طرف بلاد الباسليسية يخرج [من البحر](٥) خور البنادقة الذي سنصفه ، ومن الجانب الأخر بلاد بولية وهي تقابل بلاد الباسليسية ، ويخرج خور البنادقة بينهما مغربا بميلة إلى الشّمال. وجميع هذه الأسماء الأعجمية قد حققناها بالضبط في ضمن الفصول فيما سيأتي ، ثم يمتدّ البحر جنوبا حتّى يتجاوز بلاد بولية إلى بلاد قلّورية ويقال قلّفرية أيضا ، ثم يمتدّ على ساحل رومية وينقطع تغريبه ويأخذ جنوبا نصبا حتّى يتجاوز سواحل رومية إلى بلاد يقال لها التسقان (٦) ، ثم يمتدّ كذلك جنوبا إلى بلاد بيزة (٧) التي فيها الفرنج البيازية (٨) ، ثمّ يمتدّ كذلك جنوبا حتّى يمرّ على جنوة حيث الطّول إحدى وثلاثون والعرض إحدى وأربعون وثلث ، ثم يتجاوز جنوة فيعطف شمالا وغربا

__________________

(١) في (س) و (ر): «استانبول».

(٢) في (ر): «فيصير».

(٣) في (ر): «الملجفوط».

(٤) في التقويم (٣٠): «الباسليسة».

(٥) زيادة من (ر).

(٦) في الأصل : «التسعان» وفي (ر): «النسقان» وما أثبتناه من (س) و (ب) والتقويم (٣٠).

(٧) في الأصل : «تيزة».

(٨) وردت في جميع النسخ : «البازية» وما أثبتناه من التقويم (٣٠).

٥١

إلى بلاد اللنبرديّة (١) وهي حيث الطّول ثلاثون درجة وكسر والعرض ثلاث وأربعون وكسر ، ثم يأخذ مغرّبا إلى جبل البرت ، وهو الجبل الفاصل بين الأندلس وبين بلاد الفرنج ، وفي سمت جبل البرت المذكور مدينة طركونة في نهاية الأندلس حيث الطّول ثمان وعشرون والعرض ثلاث وأربعون.

وينقطع تغريب البحر عند جبل البرت ، ويعطف مشرّقا ويدخل ركن من الأندلس وهو الركن الشّرقيّ في البحر. ثمّ يأخذ البحر مشرّقا حتّى يستدير على الركن المذكور ، ويعطف مغربا ويمتدّ إلى برشلونة (٢) حيث الطّول أربع وعشرون ونصف والعرض [اثنتان و](٣) أربعون ، [ثمّ يأخذ من الغرب والجنوب ويمرّ على طرطوشة حيث الطول اثنتان وعشرون ونصف والعرض أربعون](٤) ثمّ يمتدّ كذلك مغربا وجنوبا ويمرّ على بلنسية حيث الطّول عشرون درجة والعرض ثمان وثلاثون ، ثمّ يعطف مغربا وشمالا إلى دانية حيث الطّول تسع عشرة والعرض تسع (٥) وثلاثون وكسر ، ثمّ يمتدّ غربا وجنوبا إلى مالقة حيث [١١ ب] الطّول ست عشرة درجة والعرض سبع وثلاثون ، ثم يمرّ إلى الجزيرة الخضراء حيث الطّول تسع والعرض ست وثلاثون ، وهي قبالة سبتة وطنجة من حيث ابتدأنا ، والبحر هناك ضيّق حسبما تقدّم ذكره ، ويقابل بجاية وهي من برّ العدوة طرطوشة من الأندلس ، وعرض البحر بينهما نحو ثلاثة مجار. قال الشريف الإدريسيّ (٦) : وطول هذا البحر ألف ومائة وستة وثلاثون فرسخا ، وفيه نحو مائة جزيرة. ويتشعّب من بحر الرّوم عدّة ألسن وخلجان ، بعضها لها اسم وبعضها مجهول ، ومن مشاهير ما يتشعّب منه خور

__________________

(١) في الأصل : «النيرديّة» وفي (س): «كنبردية» وفي (ر): «كنيردية» وما أثبتناه من (ب) والتقويم (٣٠).

(٢) في (ر): «برسلونة».

(٣) ساقط من الأصل.

(٤) ساقط من الأصل.

(٥) في (س): «ثمان».

(٦) نزهة المشتاق ١ : ١١.

٥٢

البنادقة وخليج آخر يخرج منه في الشّمال خمسمائة ميل إلى رومية ويتصل بمدينة رومية.

ذكر خور البنادقة

وهو خليج يخرج من بحر الرّوم شمالا ومغربا من بين بلاد الباسليسية وبلاد بولية ، ويمتدّ مغرّبا بميلة إلى الشّمال حتّى يصير طرفه في غربيّ روميّة ، وعلى طرفه مدينة البندقيّة (١) حيث الطّول اثنتان وثلاثون درجة والعرض أربع وأربعون دقيقة (٢) ، ومن فمه إلى منتهاه نحو سبعمائة ميل ، وبلاد البنادقة على ساحل ذلك الخور.

ذكر بحر نيطش وبحيرة مانيطش (٣)

المتّصلة به المعروفة في زماننا ببحر الأزق ، وهي مدينة على ساحله الشّماليّ فرضة للتجار. ويعرف بحر نيطش في زماننا ببحر القرم وبالبحر الأسود ، وماؤه يجري ويمرّ على القسطنطينية ويتضايق حتّى يصبّ في بحر الرّوم ؛ ولهذا تسرع المراكب في سيرها من القرم إلى بحر الرّوم ، وتبطىء إذا جاءت من نحو الإسكندريّة إلى القرم لاستقبالها جريان الماء ، ويصبّ في بحر الرّوم في جنوبي القسطنطينية ، وهذا الخليج القسطنطينيّ [١٢ أ] وإن كان بمنزلة الذنب لهذا البحر ولكن هو (٤) أشهر جوانبه ، فنبتدىء بتعريفه من البرّ الشّرقيّ المقابل للقسطنطينية ونذكر ما على ساحله الشّرقيّ ، ثم نستدير على ساحله الشّماليّ ثم الغربيّ حتّى نصل إلى القسطنطينية فنقول : إنّ القسطنطينية على الخليج المذكور وقبالتها من

__________________

(١) في (ر): «البندقة».

(٢) في (ب) و (ر): «ودقائق».

(٣) في (ر): «مارنيطش» وهو تصحيف فلعل الناسخ أثبت الكسرة التي على النون راء».

(٤) في (س): «هذا».

٥٣

البرّ (١) الآخر الشّرقيّ قلعة تسمّى الجرون ، وهي خراب ، وبينها وبين أصطنبول (٢) عرض الخليج ، وهو مقدار يسير يرى الإنسان صاحبه من البرّ (٣) الآخر ، فعلى هذا عرض الجرون وقسطنطينية واحد ، ويكون الجرون أطول بشيء يسير ، فعلى هذا طول الجرون تسع وأربعون درجة (٤) ، والعرض خمس وأربعون بعرض قسطنطينية وأطول بعشر دقائق تقريبا ، فيمتدّ الخليج القسطنطينيّ المذكور من الجرون شمالا بميلة يسيرة إلى الشّرق إلى مدينة يقال لها كربى (٥) من أعمال أصطنبول (٦) ، وكربى على الفم الشّماليّ للخليج المذكور ، ومن عند كربى يأخذ البحر المذكور في الاتّساع إلى جهة الشّرق فيمتدّ إلى مدينة يقال لها بنترقلى (٧) ، ثم يمتدّ شرقا وشمالا إلى مدينة يقال لها [كنزو ، وهي آخر مدن قسطنطينية التي على هذا السّاحل ، ثمّ يمتدّ من كنزو إلى مدينة يقال لها](٨) كينولى ، ثمّ يأخذ البحر من الشّمال والغرب ويكون للبرّ الشّرقيّ دخلة في البحر إلى جهة الغرب ، وعلى طرف الدخلة فرضة سنوب وهي حيث الطّول سبع وخمسون درجة والعرض ست وأربعون درجة وأربعون دقيقة ، وفي البرّ (٩) الآخر الغربيّ دخلة أيضا تقابل هذه الدخلة ، وعلى طرفها صار وكرمان ، وهي تقابل سنوب التي من البرّ الشرقيّ ، ثمّ يمتدّ البحر من سنوب شرقا نصبا ، ويأخذ في الاتّساع إلى سامسون ، وهي حيث الطّول تسع وخمسون درجة (١٠) وعشرون دقيقة والعرض ست وأربعون ونحو أربعين [١٢ ب]

__________________

(١) وردت في جميع النسخ : «البحر» والصواب ما أثبتناه من التقويم (٣٢).

(٢) في (س): «استانبول» وفي (ر): «استنبول».

(٣) في (س) و (ر): «البحر».

(٤) في التقويم (٣٢): «خمسون درجة».

(٥) في (ر): «كرمى».

(٦) في (ر): «استنبول».

(٧) في (ر): «تبترقلي».

(٨) ساقط من الأصل.

(٩) في (س) و (ر): «البحر».

(١٠) في الأصل : «خمس وتسع درجة».

٥٤

دقيقة بعرض سنوب ، ثم يمتدّ كذلك مشرقا إلى طرابزون (١) ، وهي فرضة للرّوم حيث الطّول أربع وستون ونصف والعرض ست وأربعون وخمسون دقيقة قريب من عرض سامسون ، ثم يمتدّ البحر من طرابزون شمالا بميلة إلى الغرب إلى مدينة للكرج (٢) يقال لها سخوم (٣) ، ثم يتضايق البحر منها مغربا ، وكذلك يضيق من البرّ الآخر الغربيّ حتّى يتقارب البرّان ويصير الماء بينهما مثل الخليج ، وهو مصبّ بحر الأزق في بحر القرم ، وعلى جانب هذا الخليج من البرّ الشّرقيّ مدينة يقال لها الطامان ، وهي حد مملكة بركة ، وصاحبها في زماننا يقال له أزبك ، ورسله تصل إلى مصر في كثير من الأوقات ، ثمّ إذا تجاوز الخليج المذكور الطامان المذكورة أخذ في الاتّساع شرقا وشمالا وغربا (٤) ، وصار كالبركة وانتهى السائر على ساحله الشّرقيّ إلى مدينة يقال لها الشقراق ، ومن الشقراق ينتهي تشريقه ويعطف إلى الشّمال ، فيأخذ شمالا إلى مدينة الأزق ، وهي ميناء يقصدها تجار البلاد ، وهناك مصبّ نهر تان بالإمالة ، ثمّ يستدير السائر من الأزق على البحر [حتى يصير](٥) في الجانب الغربيّ من بحر الأزق ، ثمّ يمرّ إلى الخليج الذي بين (٦) بحر الأزق المذكور وبحر القرم إلى مدينة على فم الخليج المذكور من جانبه الغربيّ يقال لها الكرش ، وهي تقابل الطامان التي من البرّ الآخر المقدّمة الذكر ، ثمّ يمرّ جنوبا حتّى ينتهي الخليج المذكور إلى بحر القرم ، ثمّ يأخذ البحر المذكور جنوبا ومغربا إلى الكفا (٧) ، وهي فرضة على السّاحل الغربيّ تقابل طرابزون المقدّم ذكرها ، ثمّ يمتدّ

__________________

(١) في (س) و (ر): «طرابوزان» وفي التقويم (٣٣): «اطرابزون».

(٢) في الأصل : «الكرج» وفي (س) و (ر): «الكرخ».

(٣) في (ب) و (ر): «سحوم».

(٤) في (س): «وعرضا».

(٥) ساقط من الأصل و (ب).

(٦) في (س): «من».

(٧) في (س) و (ر): «الكفار».

٥٥

كذلك جنوبا ومغربا إلى صوداق (١) حيث الطّول ست وخمسون درجة [١٣ أ] والعرض إحدى وخمسون درجة ، ثمّ يأخذ البحر من صوداق في الانضمام جنوبا ويعطف مشرقا حتّى يكون للبرّ دخلة في البحر ، وهناك مدينة صار وكرمان المقابلة لسنوب المقدّم ذكرها ، ثمّ من صارو كرمان يأخذ البحر في الاتّساع مغرّبا بميلة إلى الجنوب ، ويمتدّ كذلك على مدينة يقال لها أقجا كرمان ، ثمّ يأخذ جنوبا إلى مدينة يقال لها صقجى ، وهناك مصبّ نهر طنا النهر العظيم المشهور ، ثمّ يأخذ البحر جنوبا ويتقارب البرّان ويمتدّ كذلك إلى قبالة كربى (٢) المقدّم ذكرها ، ثمّ يجري البحر في الخليج القسطنطينى جريانا حدّا (٣) يعسر على المراكب الطلوع فيه إلّا بريح طيّبة ، ويمتدّ كذلك إلى القسطنطينية حيث الطّول تسع وأربعون درجة وخمسون دقيقة والعرض خمس وأربعون درجة ، ويصير الخليج عند القسطنطينية وتحتها ضيّقا يرى الإنسان صاحبه من البرّ الآخر ، ويمرّ الخليج المذكور كذلك جنوبا حتّى يصبّ (٤) في بحر الرّوم في غربيّ مدينة على فمه يقال لها أبزو (٥) وهي بطول القسطنطينية تسع وأربعون درجة وخمسون دقيقة ولكنها أقلّ عرضا من القسطنطينية لأنّها في الجنوب عنها. وقد انتهينا في وصف (٦) بحر نيطش المذكور إلى قبالة الموضع الذي ابتدأنا منه ؛ ونيطش بكسر النّون وسكون المثنّاة من تحتها وطاء مهملة مكسورة وشين معجمة ، وهو اسم هذا البحر في الكتب القديمة ، ويسمّى أيضا البحر الأرمني والله أعلم.

وعن بعض المسافرين قال : فم الخليج القسطنطينيّ عند بحر الرّوم مضيق

__________________

(١) في الأصل و (ب) حيثما وردت : «صوادق» وما أثبتناه من (س) و (ر) والتقويم (٣٣).

(٢) في (ر): «كرمى».

(٣) وردت في جميع النسخ : «جدا» وما أثبتناه من التقويم (٣٤).

(٤) في الأصل : «يغيب».

(٥) في (س) و (ر): «أبزود».

(٦) في (ر): «نصف».

٥٦

يرى المسافرون (١) البرّين الشّرقيّ والغربيّ ، فإذا دخل المسافرون فيه اتّسع [١٣ ب] الخليج القسطنطينى وصار كالبركة ، وهناك جزيرة مرمرا ، وبها يقطع الرّخام وبه سمّيت لأن اسم الرّخام بالرّومي مرمرا. قال : والمشهور هناك إنّ بين فم الخليج عند بحر الرّوم وبين فمه عند بحر القرم سبعون ميلا ، وهو طول الخليج القسطنطينى جنوبا وشمالا بميلة يسيرة إلى الشّرق ، ويسمّى بحر القرم أيضا في زماننا البحر الأسود. قال : وبين قسطنطينية وبين فم الخليج عند البحر الأسود ستة عشر ميلا. قال الشريف الإدريسيّ (٢) : وطول بحر نيطش من فم المضيق إلى حيث انتهائه ألف وثلاثمائة ميل وفيه ست جزائر.

ذكر بحر برديل

وهو بحر يخرج من البحر المحيط الغربيّ في شمالي الأندلس ويأخذ مشرقا إلى خلف جبل الأبواب الفاصل بين الأندلس والأرض الكبيرة ، وبرديل مدينة على طرفه الشّرقيّ ، وعند مخرجه الغربيّ من المحيط بليدة (٣) أو ناحية يقال لها شنتياقو ، وسنذكرها في فصل الشّين المعجمة ، ويقرب طرفه من بحر الرّوم حتّى يبقى بينهما أربعين ميلا ، وببحر برديل المذكور جزيرة برطانية (٤) وسنذكرها. من كتاب الإدريسيّ (٥) : برديل مدينة من إقليم الفرنجة بين الأندلس وبرطانية ، وبحر برديل أحد البحور المتفرّعة من المحيط ، ويخرج هذا البحر عند شنتياقو (٦) إلى جهة الشّرق عند منتهى الأندلس ، وينقطع هذا البحر عند مدينة برديل ويقرب حينئذ من بحر الزّقاق المنعطف عند نهاية الأندلس حتّى يبقى بينهما نحو أربعين ميلا.

__________________

(١) في جميع النسخ : «المسافرين».

(٢) نزهة المشتاق ١ : ١٢.

(٣) في (ب) و (س) و (ر): «بلدة».

(٤) في الأصل : «جزيرة بين برطانية».

(٥) لم نجده في النزهة.

(٦) في الأصل : «شيثان قو» وفي (س) و (ر): «شنيثاقو» وما أثبتناه من (ب) والتقويم (٣٥).

٥٧

ذكر بحر ورنك

لم أجد لهذا البحر ذكرا إلا في مصنّفات أبي الريحان البيرونيّ وفي التّذكرة للنصير فاثبته حسبما ذكره البيرونيّ ، قال : بحر ورنك [بحر](١) يخرج من البحر المحيط الشّماليّ إلى [١٤ أ] جهة الجنوب وله طول وعرض صالحان وورنك أمّة على ساحله.

ذكر بحر الخزز (٢)

ذكر في حاشية شرح الجغميني لفصيح بن عبد الكريم النظاميّ أنها بفتح الخاء المعجمة والزائين المعجمتين أولهما مفتوحة ، وهي اسم بلاد مدينتها بلنجر بفتح الباء الموحّدة واللام وسكون النّون ثم جيم مفتوحة وراء مهملة ، على ساحل بحر الخزر (٣) ، وهذا البحر بحر ملح لا يتّصل بالبحر المحيط ولا بغيره من البحور المقدّم ذكرها ، بل هو بحر منفرد (٤) قريب من الاستدارة. قال الإدريسيّ (٥) : طوله ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة ميل ، وهو مدوّر الشكل إلى الطّول (٦) ، وقيل مثلّث (٧) الشكل كالقلع ، وعن القاضي قطب الدين (٨) إنّ طوله من الشّرق إلى الغرب مائتان وسبعون فرسخا وعرضه مائتا فرسخ ، ويسمّى بحر الخزز وبحر جرجان وبحر طبرستان.

__________________

(١) زيادة من (س).

(٢) في التقويم (٣٥): «الخزر».

(٣) في (س) و (ر): «الخزر».

(٤) وردت في جميع النسخ : «سفر» وما أثبتناه من التقويم (٣٥).

(٥) نزهة المشتاق ٢ : ٨٣١.

(٦) في (ر): «الطور».

(٧) في الأصل و (س): «مثل».

(٨) في الأصل و (ب) و (س): «القاضي فطير» وفي (ر): «القاضي قطيران» وما أثبتناه من التقويم.

٥٨

ونبتدىء ونصفه من جانبه الغربيّ ثم الجنوبيّ ثم الشّرقيّ ثم الشّماليّ حتّى نصل إلى جانبه الغربيّ من حيث ابتدأنا فنقول : إنّ غاية تغريب هذا البحر حيث الطّول ست وستون درجة والعرض نحو إحدى وأربعين عند باب الحديد ، وهناك بالقرب من باب الحديد دربند شروان ، ثم يمتدّ جنوبا من باب الحديد أحد وخمسون [فرسخا](١) وهناك مصبّ نهر الكر (٢) ، ثم يمتدّ البحر مشرّقا بانحراف إلى الجنوب ستة عشر فرسخا فيمرّ على موغان ، وهي من أعمال أردبيل ، ثم يمتدّ جنوبا ومشرقا حتّى يبلغ غايته في الجنوب حيث العرض سبع وثلاثون درجة ، وهذا غاية ما يبلغه في الجنوب ، وطول جانبه الجنوبيّ المذكور سبع وسبعون (٣) قبالة آمل طبرستان (٤).

وفي ساحله الجنوبيّ بلاد الجبل والدّيلم ، ثم يمتدّ البحر مشرّقا [١٤ ب] حتّى يتجاوز بلاد الجبل (٥) إلى آبسكون (٦) وهي حيث الطّول تسع وسبعون وخمس وأربعون دقيقة والعرض سبع وثلاثون وعشر دقائق ، ونهاية ما يبلغه في الشّرق حيث الطّول ثمانون درجة والعرض نحو أربعين عند جرجان وهي قريبة من البحر المذكور وهي شرقي المفازة (٧) التي بين جرجان وخوارزم ، ثم بعد نهايته (٨) الشّرقيّة المذكورة يمتدّ شمالا ومغربا حتّى يبلغ نهايته في الشّمال حيث العرض نحو خمسين درجة والطّول تسع وسبعون ، ويقع في شماليه بلاد التّرك وجبال

__________________

(١) من التقويم (٣٦).

(٢) في الأصل : «الكريم» وهو تحريف.

(٣) في الأصل : «سبع وسبع».

(٤) في الأصل و (ب): «أهل طبرستان».

(٥) في التقويم (٣٦): «الجيل».

(٦) في (س) و (ر): «السكون».

(٧) في (س): «المفاوز».

(٨) في الأصل و (س): «نهاية» وفي (ر): «يعد نهاية» وما أثبتناه من (ب) والتقويم (٣٦).

٥٩

سياكوه (١) ، وفي شماليه وغربيه مصبّ نهر الإتل (٢) النهر العظيم الذي يقال إنّه أكبر أنهار تلك البلاد ، وليس في هذا البحر جزيرة مسكونة فيها عمارة ، ولكن فيه جزائر فيها مياه وغياض منها جزيرة سياكوه (٣) ، وهي جزيرة كبيرة بها عيون وليس بها أنيس ، ومنها جزيرة بحذاء مصبّ نهر الكر بها غياض ومياه (٤) وهي كبيرة ، ويحمل منها الفوّة الكبيرة (٥) إلى البلاد ، وليس وراء آبسكون عليه مدينة سوى قرية واحدة.

الكلام على البحيرات

البحيرة والبطيحة بمعنى واحد ، وهي المياه المجتمعة التي في القدر دون البحار المذكورة ، والبحيرات من الكثرة على وجه لا ينحصر ، ولم ينقل في الكتب إلا بعضها فمنها البطيحتان اللتان هما جنوبي خطّ الاستواء ومنهما نيل مصر ؛ وهما بطيحة غربية (٦) عند طول خمسين والعرض سبع درجات جنوبي خطّ الاستواء فيدخل فيها خمسة أنهار تنحدر من جبل القمر ، وهي أصل نيل مصر على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى. وبطيحة شرقية في جنوبيّ خطّ الاستواء ، ومركزها عند طول سبع وخمسين وعرض سبع درج عن جنوبيّ خطّ الاستواء ، وهي شرقي [١٥ أ] البحيرة الغربيّة المقدّم ذكرها ، ويدخل إليها أيضا خمسة أنهار تنحدر من جبل القمر على ما سيجيء وصفه عند وصف نيل مصر.

__________________

(١) في الأصل : «سباكوه» وفي (س) و (ر): «سياه كوه» وما أثبتناه من (ب) والتقويم (٣٦) وفيه : «جبل سياكوه».

(٢) في (س): «نهر الإثل».

(٣) في الأصل : «سباكوه» وفي (س) و (ر): «سياه كوه» وما أثبتناه من (ب) والتقويم (٣٧).

(٤) في (س): «وبها مياه كثيرة» وفي (ر): «ومياه كثيرة».

(٥) في (ر) والتقويم (٣٧): «الكثيرة».

(٦) في (ر): «غريبة».

٦٠