الإشارات إلى معرفة الزّيارات

أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي

الإشارات إلى معرفة الزّيارات

المؤلف:

أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي


المحقق: الدكتور علي عمر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-067-6
الصفحات: ١٤١

بلد الخابور

مدينة عربان : بها قبر هانئ من الصحابة رضى الله عنهم.

مدينة قرقيسيا : بها مشهد فيه كف على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وبها قبر جرير بن عبد الله البجلى ، واختلف فيه.

القعف : قرية من بلد الخابور قبليها جبل مرد به مشهد الرامس ، يقال : عمره أحد العمرين ، والله أعلم بالصحيح ، وفضيلته ظاهرة.

مدينة الرّحبة : بها قبر عبد الله بن المبارك ، وقيل : إنه مات بهيت ، وهو الذي كتب إلى الفضيل بن عياض الأبيات المشهورة ، وكان بينهما أخوة فى الله تعالى ، وكان الفضيل قد لزم العبادة بحرم مكة ، وابن المبارك قد لزم الجهاد والرباط بأرض الشام ، والأبيات هذه :

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا

لعلمت أنك فى العبادة تلعب

من كان يتعب خيله فى باطل

فخيولنا يوم الكريهة تتعب

أو كان يخضب خدّه بدموعه

فنحورنا بدمائنا تتخضّب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا

وهج السنابك والغبار الأشهب

ولقد أتانا عن مقال بيننا

قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوى وغبار خيل الله فى

أنف امرئ ودخان نار تلهب

فلما بلغته الأبيات بكى الفضيل وقال : «صدق أخى ونصحنى».

وبظاهر الرحبة مشهد البوق وهو موضع كان على بن أبى طالب نازلا به لما توجه إلى قتال معاوية ، وبها مشهد يانس ولؤلؤ صاحبى أبى محمد البطال ، كما ذكروا ، وبهذا المشهد عظم الفخذ لبعض الجبابرة طوله مقدار ثلاثة أذرع وعرضه مقدار شبر ، وقيل : وزنه خمسة وثلاثون رطلا بالرحبى ، كما ذكروا ، والله أعلم ، وذكر بعض العلماء أن الرحبة لم يكن لها أثر وإنما أحدثها مالك بن طوق ، وليس بصحيح ، وإنما الرحبة بناها النمرود بن كوش ، وهى مدينة مذكورة فى التوراة فى السفر الأول فى الجزء الثانى ، والله أعلم.

مدينة الأنبار : بها الإمام السفاح بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس رضى الله عنه ، وبها ربيعة بن عبد الرحمن الرأى ، والله أعلم.

٦١

عدنا إلى الموصل وأعمالها

مدينة بلط : ويقال : بلد به عين يونس بن متى ، يقال : إن الحوت ابتلعه بنينوى ، وبلطه هناك ، وبها مقام عمر بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، وقرأت على الحجر الذي ظهر فى هذا الموضع ما هذه صورته : «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا مقام عمر بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، وهو أسير فى سنة إحدى وستين ، تطوع بعمارته إبراهيم بن القاسم المدائنى فى صفر سنة ثلاث ومائة وحبس عليه خان القطن من السوق العتيق ببلط».

ورأيت لهذا الموضع آية عظيمة وذلك أنه كان بالموصل رجل فقّاعى زمن يمشى على أعلاق من الخشب ويجر رجليه خلفه كأنهما خرق ، وبقى كذلك سنين عدة وزمانا طويلا يشاهده الناس ، وهو معروف بالموصل ، فرأى على بن أبى طالب رضى الله عنه فى منامه وذكر أنه قال له : «امض إلى مشهد ولدى عمر بن الحسين لأظهر فيك آية» فحملوه إلى هذا الموضع فاغتسل من الماء الذي به وزاره وعاد إلى الموصل ماشيا على قدميه ، وسموه عبد على ، ولعله فى الحياة ، والله أعلم ، ورأيت لهذا الموضع من الآيات غير هذا بل اختصرت على ذكر هذه الفضيلة.

مدينة الجزيرة : يقال : إن بها قبور جماعة من التابعين اندرست ، ويقال : إنها ثانى مدينة عمرت بعد الطوفان لقربها من جبل الجودى ، والله أعلم.

جبل الجودى : به استقرت السفينة ، كما ذكر الله عز وجل ، وبه بيت نوح ، وقرأت فى التوراة أن السفينة أمر الله عز وجل لنوح عليه السلام أن يعمل طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعا وسمكها ثلاثين ذراعا ، وكانت من خشب الششاد مقيّرة بالقار ، وجاء الطوفان فى سنة الستمائة من عمر نوح عليه السلام فى الشهر الثانى من اليوم السابع عشر منه ، وأقام المطر أربعين يوما وأربعين ليلة ، وأقام الماء على الأرض مائة وخمسين يوما واستقرت السفينة على الجودى فى الشهر السابع فى اليوم السابع عشر منه ، ولما كان فى سنة إحدى وستمائة من عمر نوح عليه السلام فى اليوم الأول من الشهر الأول جف الماء عن الأرض ، وفى الشهر الثانى فى اليوم السابع بعد العشرين منه جفت الأرض وخرج نوح

٦٢

ومن معه فى السفينة وبنى مذبحا لله تعالى وقرب قربانا لله تعالى ، هذا لفظ التوراة لا زيادة فيه ولا نقصان (١).

واجتمعت برجل فى جبل الجودى متدير به طاعن فى السن ، دفع إلىّ قطعة من خشب وذكر أنها من خشب السفينة ، إن صدق ، والله أعلم.

ثمانين : وفى ذيل جبل الجودى قرية يقال لها : ثمانين ، يقال : أول ما نزل نوح من السفينة عمر هذه القرية وسكن بها وبها بيته ، وكان معه ثمانون رجلا رضى الله عنهم فنسبت إليهم (٢) والله أعلم ، وبين بلط والموصل بيت إبراهيم الخليل عليه السلام ، سكن به ، والله أعلم بالغيب.

مدينة الموصل

بقلعتها مشهد إبراهيم ، عليه السلام ، وبها مشهد جرجيس النبي ، عليه السلام ، وبه قبره وقبره أيضا بالسوس من بلاد خوزستان وقبر دانيال النبي ، عليه السلام ، والبراء بن مالك رضى الله عنه ، وهناك أيضا قبر عمرو بن معدى ، وطلحة بن خويلد ، بقرية يقال لها : روذة والله أعلم ، وقبر جرجيس النبي ، عليه السلام ، أيضا بموضع يقال له : مركويه من أعمال أرمية من بلاد أذربيجان فى بئر ، وعلى رأس البئر حجر يزعمون أنه وضع على بطنه إلى أن مات ، والله أعلم ، وبالموصل مشهد رأس الحسين رضى الله عنه كان به لما عبروا بالسبى ، ومشهد الطرح ، وبها كف على بن أبى طالب رضى الله عنه.

وظاهر الموصل على الشرف الأعلى مشهد عمرو بن الحمق به جثته ورأسه حمل إلى دمشق ، وقيل : هو أول رأس حمل فى الإسلام ، وفى هذا المشهد بعض الأشراف من ولد الحسين ، وظهر داخل البلد عند الميدان بعض الصحابة رضى الله عنهم لم أعرف اسمه.

مدينة نينوى : شرقى الموصل وهى آثار بلد خراب يقال : إنها أقدم من الموصل ، بها عين يونس عليه السلام وفى تلك البقعة ابتلعه الحوت ، والله أعلم ، ويقال : إن يونس بن متى ابتلعه الحوت فى مخلط الماء بين الزاب ودجلة ، والله أعلم بالصحيح.

__________________

(١) أورده ياقوت بنصه ج ٢ ص ١٧٩.

(٢) ياقوت ج ٢ ص ٨٤.

٦٣

تل توبة : قرية شرقى الموصل على تل ، به مشهد محترم ، وذلك أنه لما نزل العذاب بقوم يونس اجتمعوا إليه وتابوا عليه فكشف الله عنهم العذاب ، وكان عليه هيكل الأصنام فهدموه وكسروا الأصنام (١) ، ومشهد الرماد يقال : إنه كان به عجل يعبدونه فلما رأوا العذاب أحرقوه ، والله أعلم.

وبجبانة الموصل : قبر الشيخ المعافى بن عمران ، من كبار الأولياء والصالحين ، يقال : إن إبليس حمل بين يديه المصباح إلى المسجد أربعين سنة ، والله أعلم ، وبها قبر الشيخ السراج المقرئ ، وقبر الشيخ أبى بكر الهروى ، والد مؤلف هذا الكتاب ، بقى أربعين سنة يصوم نهارها ويقوم ليلها ، وقبر الشيخ النساج ، وقبر الشيخ فتح الكارى ، وقبر الشيخ فتح الموصلى ، هو من كبار الأولياء ، وقبر الطويل ، ذكر لى من رآه لما قدم إلى الموصل ودخل من باب المدينة الغربى الذي يقال له : باب الميدان وأن رأسه لمس وسط القنطرة وكان من كبار الأولياء صالحا لا نبات بعارضيه ، وبها قبر الشيخ حسين المعروف بقضيب البان ، وجامعها العتيق لا يخلو من الأبدال ومن ولى لله يقيم به ، وذكر جماعة من المسافرين أنه ليس فى بلاد الإسلام جامع أكبر منه ، والله أعلم بصحة ذلك.

الطريق من الموصل إلى العراق

مشهد الكحيل ومشهد حجر السفينة، يقال : إن الحجر الذي كان بالسكان فى سفينة نوح عليه السلام سقط هناك ، وهو إلى الآن باق يزار ، والله أعلم.

مدينة تكريت : بها مشهد على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وبها قبر يزعمون أنه قبر على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وبجبانتها جماعة من الصالحين وأصحاب الحديث ، والله أعلم.

__________________

(١) أورده ياقوت بنصه ج ٢ ص ٤١.

٦٤

ذكر زيارات العراق

يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه على بن أبى بكر الهروى ـ غفر الله له ولجميع المسلمين :

مدينة سامراء

وقيل : سرّ من رأى ، بها الإمام على بن محمد الهادى ، ولد بالمدينة ، عاش خمسا وسبعين (١) سنة ، وبها الإمام الحسن بن على العسكرى رضى الله عنه ، وبها الإمام الحجة محمد بن الحسن المنتظر رضى الله عنه مولده سر من رأى ، عمره سبحان عالم الغيب والشهادة قبره الله يقضى حيث يشاء.

وبها من الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم الإمام المتوكل ، والإمام المنتصر ، والإمام المعتز ، والإمام المهتدى ، والإمام المعتمد ، والإمام الواثق رضى الله عنهم.

وجامعها موضع شريف به المعجون كأنه المرآة يبصر المتوجه إلى القبلة الداخل والخارج من الشمال ، وبه المنارة ، وعمارتها تشاكل عمارة منارة جامع ابن طولون بمصر ، وبها آثار تدل على عظمها ، ويقال : إنها كانت من قنطرة الرصاص إلى الدور ، والله أعلم ، وقيل : سبب عمارتها أن رجلا صالحا وقف للإمام المعتصم رضى الله عنه وقال : «يا أمير المؤمنين قد أوجب الله عليك سياسة الرعية ، كما أوجب عليك مراعاة الجند ، وقد هلك الناس بالغلمان ، ولا آمن عليك أن تقاتلك العامة» فقال له : «وبم تقاتلنى العامة ولو أرسلت بعض جندى لم يبق عامى» فقال له : «يا أمير المؤمنين ، تقاتلك بسهام الليل ورفع الأيدى إلى الله تعالى فى المساجد والبيوت» وقيل : كان للمعتصم من المماليك مقدار سبعين ألف مملوك ، وفيه يقول الشاعر :

إمامى من له سبعون ألفا

من الأتراك مشرعة السهام

وقيل : إنه لما سمع كلام الشيخ ركب من يومه واختار سامراء ، وابتاعها من رهبان دير كانوا بها بمائة ألف ألف وخمسين ألف درهم وألزم وزيره الفضل بن مروان عمارتها ، فأخذ

__________________

(١) ظ : «وستين».

٦٥

منه ألف ألف وستمائة ألف دينار ، وقيل : بل عشرة آلاف ألف ، والله أعلم ، ولم يزل إلى أن شرفها ، فلما انتقل إليها سأل عن الشيخ فأحضروه فقال له : «يا شيخ ، كيف هم العامة فقد تركنا قتالهم» فقال : «يا أمير المؤمنين بأيد مبسوطة بالدعاء لك وقلوب صافية فى موالاتك ، وقد كان الملوك والخلفاء إذا استعطفوا انعطفوا وإذا ذكّروا بالله ذكروا وإذا خوّفوا به خافوا» فأحسن صلته ، والله أعلم.

بغداد

دار السلام ، وقبة الإسلام ومقر الإمام عليه السلام ، بها الإمام موسى بن جعفر الكاظم رضى الله عنهما ، عمره اثنتان وثمانون سنة ، وبها الإمام محمد بن على بن موسى الجواد ، ولد بالمدينة عاش سبعا وعشرين سنة رضى الله عنه ، وبها الإمام الأمين محمد ابن الإمام الرشيد رضى الله عنه ، وجماعة من الأشراف فى مقابر قريش رضى الله عنهم ، وقبر أبى يوسف يعقوب بن إبراهيم ، صاحب الإمام أبى حنيفة رضى الله عنهما.

محلة الرّصافة : بها قبر الإمام الراضى محمد بن المقتدر ، والإمام المستكفى ، والإمام المطيع ، والإمام الطائع ، والإمام القادر ، والإمام القائم ، والإمام المقتدى ، والإمام المستظهر ، والإمام المقتفى ، والإمام المستنجد رضى الله عنهم.

وفى مدينة السلام الإمام المعتضد ، والإمام المكتفى بدار طاهر بن الحسين ، وقيل : لم يكن فى الخلافة من اسمه على بعد على بن أبى طالب رضى الله عنه غير المكتفى ، وبها المتقى والإمام المستضىء فى دار جدته بالجانب الغربى.

وبها قبر الإمام أحمد بن حنبل بن هلال الشيبانى ، مات سنة أربعين ومائتين وله سبع وسبعون سنة ، من جملة الأبدال ، وقيل : لما مات مسح الموضع الذي صلوا عليه فيه فكان أربعة وستين جريبا مكسرة.

وبمقبرة الخيزران قبر الإمام أبى حنيفة النعمان بن ثابت بن المرزبان ، من أبناء فارس ، ولد فى عصر الصحابة رضى الله عنهم ، حج مع أبيه سنة ست وتسعين وله من العمر ست عشرة سنة ، ولقى من الصحابة عبد الله بن أبى أوفى وأبا الطفيل عامر بن واثلة وأنس بن مالك ، مات سنة خمسين ومائة وعمره سبعون سنة ، وعنده قبر أبى عبد الله الجرجانى ومحمد بن

٦٦

يحيى طلبته ، ونور الهدى الزينبى ، والشيخ أبو بكر الشبلى ، وأبو الحسن النورى ، والسيرافى ، وحمادة ، وعبد الله بن عمر الأشرف بن على زين العابدين ، وعنده جماعة من الأشراف فى مشهد النذور ، وقبر شريح بن يونس.

وبجبانة دار السلام من الأولياء والصالحين مثل أبى جعفر الدّعاء ، وأبى محمد بن مصعب ، وأحمد بن نصر الخزاعى ، وعفان ، ومسلم ، وأبى الحسن بن سمعون القاضى ، فى باب حرب وقبور الشريكين اللذين لم يتخاونا ، ولهما حكاية ، وقبر الناطور.

وبالحربية الشيخ أبو الحسن القزوينى ، وخلف دار القز الشيخ إبراهيم الحربى صاحب الكرامات ، وأخته إلى جانبه بظاهر قطفتا.

وبجبانة دار السلام جعفر ومحمد ابنا الحسن رضى الله عنهم ، والشيخ حسين الحلاج ، والشيخ أبو الكرم ، والشيخ أبو الفوارس ، وإسماعيل الديرمى ، وعبد الرحمن المسعودى ، والشيخ معروف الكرخى ، وأولاد عبد العزيز ، وأبو بكر الآدمىّ ، وأبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبى ، وأبو غالب الماوردى ، وداود الطائى ، وأبو الحسن حسرى ، وأسامة بن زيد ، والصحيح أن أسامة مات بالجرف.

وبأذربيجان من أعمال بلد توريز على مسيرة يوم منها قرية يقال لها : عصارة عندها جبل عليه قبر يزعمون أنه قبر أسامة بن زيد ، والصحيح ما تقدم ذكره ، بل الذي بأذربيجان هو عمر بن عتبة بن فرقد السلمى.

وبالشونيزية من الأبدال والأولياء والصالحين جعفر بن المفيد ، والشيخ حسين بن هداب بن محمد الديرى ، المعروف بالنورى ، وأبو القاسم حمزة بن محمد بن الحسن الزبيرى ، وأبو الفضل القلزمى ، وأبو العباس أحمد بن مسروق الطوسى ، ومشهد بنانة ابنة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، والشيخ حماد الدباس ، والعبادى وولده ، ومحمد الخالدى ، وعبد الله بن محمد النيسابورى ، وأبو القاسم بن طاهر بن سعد بن فضل الله بن أبى الخير الميهنى ، والشيخ مجاور الحرمين ، وأبو الحسن بن أبى الفتوح بن منير ، وإبراهيم الرازى ، والشيخ أبو القاسم الجنيد ، وأبو سعد أسعد بن محمد الميهنى ، وعمر المقدسى ، ويونس القرشى ، والشيخ أبو على المطهر ، والشيخ سرى السقطى ، وأبو جعفر بن وهب تلميذه ، والرشيد خال العبادى ، مات فى السماع ، والشيخ أبو محمد القارمى من أهل الكلام ، وأبو

٦٧

الحسن بن حمزة ، وسمنون المحب ، وأبو المعمر بن عبد العزيز الأنصارى صاحب الحديث ، ومنصور بن عمار بن كثير ، والنورى صاحب القنديل ، وأبو محمد رويم ، وأبو الحسن على بن مهدى ، وقبور الشهداء الحنفية الذين شاهدوا ليلة القدر ولهم حكاية ، وأبو عبد الله المرتعش ، وبشر الحافى ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ، وأبو الطيب طاهر الطبرى ، وأبو بكر الدينورى ، وبكر بن شاذان ، ويوسف بن عمرو بن مسرور ، وعثمان بن عيسى الباقلانى بمقبرة الجامع المنصورى ، وبمقبرة الفيل جماعة من الصالحين والأولياء مثل الخلال وأصحابه ، وزاويته بها أثر أصابع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه كما ذكروا والله أعلم.

المدائن : بها سلمان الفارسى ، وحذيفة بن اليمان ، وجماعة من الصالحين رضى الله عنهم ، وبها أبو عبد الرحمن السلمى رضى الله عنه ، والله أعلم.

إيوان كسرى فيه كف على بن أبى طالب رضى الله عنه وفيه العجوز ، ولها حكاية ، ومشهد الصبيان أحمد والقاسم أولاد الحسين رضى الله عنه.

مدينة الحلّة : بها مشهد الجمجمة يقال : إنها خاطبت عيسى بن مريم عليه السلام ، ويقال : على بن أبى طالب رضى الله عنه ، والصحيح أن عيسى بن مريم لم يدخل العراق ، وبها مشهد الشمس ، يقال : ردت لحزقيل النبي ، عليه السلام ، ويقال : ليوشع بن نون عليه السلام ، وقيل : لعلى بن أبى طالب ، والله أعلم ، وبها الجامعان ، ومشهد على بن أبى طالب رضى الله عنه.

شوشة : وتحت الحلّة قرية يقال لها : شوشة ، بها قبر أبى القاسم بن موسى بن جعفر رضى الله عنه ، وبها لليهود من الزيارات هناك قبر ذى الكفل ، وهو حزقيل النبي ، عليه السلام ، فى موضع يقال له : بر ملاحة (١) شرقى قرية يقال لها : قسونات ، وبهذه القرية قبر باروخ أستاذ حزقيل ومعلمه ، وبها قبر يوسف الريان يزورونه ، وبها قبر يوشع ، وليس هذا يوشع بن نون ، وبها قبر عزرا وليس هذا عزرا ناقل التوراة الكاتب ، والله أعلم.

كربلاء : قرية بها جسد الإمام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما ، ورأسه بمصر ، عمره ست وخمسون سنة ، ولد بالمدينة ، وعنده جماعة من أهله قتلوا هناك معه ، مثل

__________________

(١) أورده ياقوت بنصه ج ٣ ص ٣٧٢.

٦٨

القاسم ابن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وأبى بكر بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، والعباس الأكبر ، وعثمان ، وجعفر ، وعبد الله ، ومحمد الأصغر ، وعلى الأكبر ، وعبد الله بن مسلم ابن عقيل ، ومحمد بن عبد الله بن جعفر رضى الله عنهم ، وهناك جماعة من الأشراف رضى الله عنهم.

دير الجماجم : وبه زر بن حبيش.

مدينة الكوفة

بها مشهد إبراهيم بن المستمر ، وبها زيد بن على رضى الله عنهما.

باطنة النجف : مشهد أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وعنده جماعة من العلويين والأشراف ، ولد بالكعبة ، عمره ثلاث وستون سنة ، وذكر ابن قتيبة أن أمير المؤمنين على بن أبى طالب دفن بقصر الإمارة بالكوفة خوفا من أعدائه ، وبناحية بلخ قرية يقال لها الخير ظهر بها قبر يزعمون أنه قبر على بن أبى طالب ، وليس بصحيح.

وبالكوفة مشهد به قبور أولاد الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، وبها قبر إبراهيم ابن عبد الله بن الحسن رضى الله عنهم.

وعلى باب الجامع بئر ذكر أهل الكوفة أن على بن أبى طالب رضى الله عنه حفرها ، وبه البئر التى غسّل منها والحجر الذي غسّل عليه ، وبالجامع دكة الحاكم التى كان يجلس عليها ، وبالجامع من غربيه موضع مفار التنور ، وكان الطوفان ، وقيل : إن نوحا عليه السلام ولد برأس العين ، وهى عين وردة التى بين حران ودنيسر ، ومنها فار التنور ، وكان الطوفان والله أعلم.

وبالجامع دار نوح ورحى ، ذكر أهل الكوفة أنها كانت لابنة نوح تطحن بها ، وهناك فى سقف الجامع قدوم للنجارة ذكر أهل الكوفة أن نوحا نحت السفينة بها.

وقيل : قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه فى قبلة الجامع ، وقيل : على بابه ، والله أعلم ، وقيل : لما ضربه ابن ملجم قال : «من بى» قال : «أنا عبد الرحمن بن ملجم» فابتدره الناس فقال : «يحبس ضاربى ويطعم من طعامى ويسقى من شرابى ، فإن عشت كنت إلى العفو أقرب ، وإن كانت الأخرى فاضربوه كضربتى ، ولا تمثلوا فى القتلة ، فمن بدّع بدّع به» فلما احتضر بعد ثلاثة أيام نظر إلى من حوله فقال : «كل حى ملاق لما يفر منه فى فراره

٦٩

والأجل ميثاق النفس والهرب منه موافاته ، أنا بالأمس صاحبكم وأنا اليوم عبرة لكم وفى غد مفارقكم ، فإن ثبتت الوطأة فى هذه الدار إلى حين النقلة فذاك ، وإن تدحض القدم عاجلا فإنما كنا كأطيار فى أفنان أغصان ومهب رياح ، تحت ظل غمام اضمحل فى الجو ملتقاها وعفى فى الأرض محطها ، فإنما كنت لكم جارا جاوركم جسدى أياما ، وستعافون منى جثة ساكنة بعد حراك ، صامتة بعد نطق ، وسيعظكم هدوئى وخفوت أطوافى ، فإنه واعظ للمعتبرين من الناطق الفصيح ، ومن الوعظ المسموع ، وداعيكم داعى أمرى ، مرصد للتلاقى فى غد» ثم مات رضى الله عنه.

وبها مقام إدريس ، عليه السلام ، وبها مقام هانىء بن عروة ، ومسلم بن عقيل قتلهما عبيد الله بن زياد ، وبها عبد الله بن الحسن بن الحسن ، وابن أخيه الحسين بن الحسن المثلث ، وأربعة رجال أخر رضى الله عنهم.

وبالنخيل يزعمون قبر يونس بن متى عليه السلام ، وقد ذكرناه فيما تقدم ، والله أعلم.

وبالكوفة المغيرة بن شعبة ، وسمرة بن جندب ، وحباب بن الأرت ، وأبو برزة ، وهشام ابن عروة ، وموسى بن طلحة ، والأعمش المحدث ، وصعصعة ، وسعيد بن جبير ، وشريك القاضى رضى الله عنه ، وأبو موسى الأشعرى رضى الله عنه على نحو ميلين منها عند التوثة ، وقيل : قبر أبى موسى بمكة ، والله أعلم ، وقد زرنا صعصعة بن صوحان شرقى قلعة مطار بالجعفرية ، وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى.

وذكر لى شيخ بالكوفة سمعت عليه جزءا من الحديث ، وهو الشيخ برهان الدين إبراهيم بن على بن محمد بن الحداد الحنفى الفقيه فى منزله بمحلة بنى مسيلة بالقرب من مصلى عبد الجبار أن بجبانة الكوفة نيفا وسبعين من الصحابة وجماعة من التابعين رضى الله عنهم ، إلا أن قبورهم لا تعرف ، مثل : الأسود بن يزيد بن قيس ، ومسروق بن الأجدع ، وعلقمة ابن قيس ، وهمام بن الحارث النخعى ، وشريح القاضى ، والحارث بن سويد ، والربيع بن خثيم ، وعامر بن شراحيل الشعبى ، وإبراهيم بن يزيد الأسود النخعى ، وكدام بن ظهر ، وأبى بكر بن عياش ، وعبد الله بن إدريس ، ومحمد بن صبيح ، ومحمد بن أبى ذؤيب ، وأبى النضر محمد بن السائب الكلبى النّسابة صاحب التفسير ، ولبيد الشاعر ، والأحنف بن قيس ، والله أعلم.

٧٠

وبأذربيجان على نحو فرسخين من توريز ضيعة يقال لها : راشتان ، قلعة عندها تل عليه قبر يزعمون أنه قبر الأحنف بن قيس أو الأشعث بن قيس أو قيس بن الأشعث ، والصحيح أنه عمرو بن قيس العلائى ، والله أعلم.

نعود إلى ذكر زيارات العراق ثم إلى مكة والمدينة

حرسهما الله تعالى

كوثى ربّا : بها مشهد إبراهيم الخليل عليه السلام ومولده ، وهو الصحيح (١) والله أعلم.

النّيل : بلدة بها مقام موسى بن جعفر رضى الله عنهما.

النّعمانية : بلدة بها مقامه أيضا ، وفى مطيراباذ أيضا ، وبالنعمانية قبر أبى بكر المفيد الجرجانى.

مدينة واسط : بها فى محلة الخزامين قبر محمد بن إبراهيم بن الحسن بن على بن أبى طالب ، وبها عزرا بن هارون فى تلك المحلة.

برجونية : قرية بها سعيد بن جبير وقيل قتله الحجاج بالكوفة (٢) والله أعلم.

قرية عبد الله : بها مسروق بن الأجدع الهمذانى.

المدار : قرية بها عبيد الله بن على بن أبى طالب ، وبها مات الحريرى صاحب المقامات ، رحمه الله.

نهر دقلا : قرية والحدادية وأم عبيدة بها جماعة من الصالحين.

نهر سمرا : قرية بها قبر عزرا الكاتب ، ناقل التوراة ، وعلى فم نهر الأبلّه من الجانب الغربى مسجد الأئمة ، يزار ، قيل : نزل به الإمام على بن موسى الرضى لما توجه إلى المأمون.

__________________

(١) أورده ياقوت بنصه ج ٤ ص ٤٨٧.

(٢) أورده ياقوت بنصه ج ١ ص ٣٧٤.

٧١

مدينة البصرة

بها قبر طلحة ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبره بداره بنهر مرة شرقى الجامع ، وقبر أبى بكرة ، وقبر الزبير بن العوام ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمربد ، وبها سعد وسعيد صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل : إن سعدا وسعيدا بالمدينة ، وهو الأصح ، وقيل : إنهما ألزما العقيق إلى أن ماتا ، وقيل : ماتا بالطائف ، والله أعلم.

وبها دار أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، والصحيح أنها دار محمد بن أبى بكر رضى الله عنه ، فإن البصرة مصرّت (١) فى زمان عمر بن الخطاب رضى الله عنه على يد عتبة بن غزوان سنة أربع عشرة للهجرة ، وكذلك الكوفة لم يكن لها أثر ، وإنما أحدثها سعد بن أبى وقاص فى عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه سنة سبع عشرة للهجرة ، فالبصرة أقدم منها بثلاث سنين.

وبالبصرة دار عائشة رضى الله عنها ، ومشهد أبى بكر الصديق ، ومشهد على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وبها قبر أنس بن مالك ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبر محمد بن سيرين ، والحسن البصرى ، ومالك بن دينار ، ومشهد محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما ، وجامعها موضع شريف من جملة المعابد المشهورة فى الإسلام وقيل منارته وقبلته عمارة على بن أبى طالب رضى الله عنه.

وظاهر البلد من الشهداء والصحابة والتابعين خلق كثير رضى الله عنهم مثل : أسامة بن حارثة ، والحارث بن نوفل ، وحكيم بن جبلة ، وعمران بن حصين ، ومجالد ومجاشع ابنى مسعود ، وبها رابعة العدوية ، وكريمة ابنة سيرين ، وحفصة ، ومعاذة ، وحبيبة العدوية ، ومريم البصرية ، وبها عبد الله بن معقل ، وليس هذا معقل الذي ينسب إليه الرطب المعقلى ، وذاك معقل بن يسار الذي ينسب إليه نهر معقل ، وبها شعبة ، وسفيان الثورى ، والعلاء بن الحضرمى ، والصحيح أن العلاء بن الحضرمى مات بين البحرين والبصرة ، وبها خالد بن صفوان ، وزفر ، صاحب الإمام أبى حنيفة رضى الله عنه ، وأبو عوانة ، وجماعة من الصحابة والتابعين والصالحين رضى الله عنهم لا تعرف قبورهم مثل أبى عثمان النهدى ، وصفوان بن محرز المازنى ، ويزيد بن عبد الله بن الشخير ، وفرقد بن يعقوب السبخى ، وأيوب

__________________

(١) فى المطبوع : «بصرت» والمثبت رواية «ظ».

٧٢

السختيانى ، والمعتمر التيمى ، وعبد الله بن عوف ، وشعبة بن الحجاج ، ويزيد بن زريع أيضا ، ويحيى بن سعد العنبرى ، وأبو داود السجستانى ، وعبد الملك الأصمعى ، والفرزدق ، وأبو الأسود الدؤلى ، بقيت أسماؤهم وذهبت رسومهم.

واجتمعت بالبصرة برجل شريف اسمه عمران بن سالم ذكر أنه من نسل محمد بن الحنفية ومقامه بالطائف ، ومعه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يزوره الناس ، فلم أزل أتبعه إلى الأبلّة وبلجان والمحرزة والزينبى وأسأله وأتضرع إليه ليبيعنى إياه ، فلم يفعل ، إلى أن دخلنا جزيرة عبادان فسألته وسأله الجماعة بها فأخذ منى أربعة وعشرين دينارا ودفعه إلىّ ، وهو عندى إلى الآن ، والله أعلم بصحته.

ورأيت من هذا الرجل صنعة الكتابة ما لم أره من أحد غيره ، وذلك أنه استخرج من حرف الكاف حروف الكتابة جميعها وهى تسعة وعشرون حرفا ، كل حرف منها قائم بذاته وزاد عليها ثمانية أحرف ، وهى : الهاء الموصولة والعين الموصولة والعين النعلية والميم الموصولة والذال الموصولة والدال الكوفية ولام ألف محققة ولام ألف معلقة ، وقد أثبتّ صورها آخر هذا الجزء.

عبّادان : جزيرة فى البحر بها مشهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبها بئر أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، ومشهد الخضر ، عليه السلام ، وبها ربط مباركة وهى موضع شريف يزار من الآفاق ، به العباد والزهاد ، ومن عجائب بحر الهند : الجزر والمد الذي لا يوجد مثله فى الربع المسكون إلا نهر مهران بمدينة المنصورة بالسند والملتان ، وقد ذكرناه فى ما تقدم.

خارك : جزيرة فى البحر أيضا ، بها محمد بن الحنفية بن على بن أبى طالب رضى الله عنه وجماعة معه ، والصحيح أنه بالطائف ، هو وعبد الله بن العباس وعبد الله بن الحارث وجليحة ، وبه الحباب بن جبير ، والحارث بن عبد الله بن أوس ، وسهل بن أبى صعصعة وقيل بالطائف سعد وسعيد ، والمنذر بن عبد الله الأنصارى ، وقثم بن ثابت ، وجماعة لا تعرف قبورهم ، والله أعلم.

وقيل : توفى عبد الله بن العباس بالطائف سنة ثمان وستين وهو ابن إحدى وسبعين سنة ، وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبّر عليه أربعا.

٧٣

وروى سعد بن جبير قال : «لما مات عبد الله بن العباس جاء طائر لم ير على خلقته شىء فدخل نعشه ثم لم ير خارجا ، فلما دفن تليت هذه الآية ولم ير من تلاها ، وهى قوله عز وجل : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي) (سورة الفجر : ٢٧ ـ ٣٠) والطائف مدينة فى وادى القرى وليست من الحجاز ، والله أعلم.

عدنا إلى ذكر زيارات الحجاز وطريق مكة والمدينة

ثم نأتى اليمن إن شاء الله

باطنة النّجف : به مشهد أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وقد تقدم ذكره.

القادسية : قرية بها الإمام المستعين ، وبها الحارث بن مضرّس رضى الله عنهما ، وسعد بن عبيد رضى الله عنه.

العذيب : موضع ينزل به الحاج ، به قبر الحصين بن وحوح ، ومسجد سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه ، منزل من منازل الحج يعرف به.

الرّبذة : منزل فى طريق الحجاز به قبر أبى ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر زوجته.

وادى المحرم وذات عرق : موضعان شريفان وهو ميقات حج العراق.

جبل عرفات المعظّم : وأرضها بها قبر عبد الله بن عامر ، وقد عفى. المأزمين واد يفضى آخره إلى عرفة ، وليست عرفات من الحرم ، وادى الجمار ، والمزدلفة ، والمساجد بمنى : مسجد أم المؤمنين عائشة رضى الله عنهما ومسجد الخيف ومسجد الجمرة ومسجد الذبح لإسماعيل عليه السلام ، وقيل : إن الذبح كان فى شعب ثبير ، وهو الجبل الذي بمنى ، والله أعلم ، المشعر الحرام ، قيل : به اجتمع آدم وحواء عليهما السلام ، وتقربت إليه بالمزدلفة وتعارفا بعرفة ، وقيل : هبط آدم بالهند وحواء بجدة ، والله أعلم.

مكة حرسها الله تعالى

بها الكعبة المعظمة ، وقيل : سميت كعبة لأن إبراهيم عليه السلام لما بناها جعل طولها فى السماء تسع أذرع ، وجعل من الركن الأسود إلى الركن الشمالى مما يلى بابها اثنتين وثلاثين ذراعا ، ومن الجانب الغربى إحدى وثلاثين ذراعا ، ومن الركن الذي فيه الحجر

٧٤

الأسود إلى الركن الذي تجاهه من جهة الجنوب اثنتين وعشرين ذراعا ، ومن الجانب الشمالى تجاهه عشرين ذراعا ، ودورها مائة وخمس أذرع.

ولم تزل كذلك إلى أن هدمتها قريش وعمّرتها قريش فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصغروها عما كانت عليه أولا ، وبقى منها فى الحجر ست أذرع ونصف وزادوا فى ارتفاعها تسع أذرع فصار ارتفاعها ثمان وعشرة ذراعا ، وكانت عمارتها سافا (١) من خشب وسافا من الحجارة ، فكان الخشب خمسة عشر مدماكا والحجر ستة عشر مدماكا ، وكان فيها ست سوارى ، وكان بها صور الملائكة والأنبياء عليهم السلام والشجرة وصورة إبراهيم عليه السلام والأزلام بيده وصورة عيسى بن مريم وأمه عليه السلام ، فلما كان عام الفتح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فطمست جميع الصور ما عدا صورة المسيح وأمه وكان بها قرنا الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السلام معلقة داخل الكعبة.

وبقيت كذلك إلى عهد ابن الزبير فاحترقت ، ولما بناها ابن الزبير رضى الله عنه أدخل الحجر فيها فبقيت عريضة قصيرة فزاد فى ارتفاعها تسع أذرع فطولها فى السماء سبع وعشرون ذراعا ، وهى سبعة وعشرون سافا من الحجارة ، وجعل عرض حائطها ذراعين ، وعمل فيها ثلاث سوارى ، وعمل لها بابين : بابا من المشرق وبابا من المغرب ، وعمل المصراعين طولهما إحدى عشرة ذراعا.

فلما قتله الحجاج خرب ما عمره ابن الزبير فى الحجر وركّ بحجارته أرض البيت وجعل أرض البيت مرتفعا عن أرض الحرم بأربع أذرع ونصف ذراع ، وسد باب الكعبة الغربى وعمل لها هذين المصراعين ، طول كل واحد ست أذرع ونصف ، كما ذكروا فى التواريخ ، والله أعلم.

يقول مؤلف هذا الكتاب على بن أبى بكر الهروى : رأيت الباب الذي فتحه ابن الزبير غربى الكعبة وسده الحجاج وعتبته على حالها وعددت حجارتها المسدود بها وذرعت دائر مدينة مكة ومدينة يثرب ـ حرسهما الله تعالى ـ وذرعت طول الآبار المشهورة بمكة فلما غرقت كتبى عجزت عن إثبات ذلك ، وإن كان لا فائدة فيه.

__________________

(١) الساف : كل صنف من اللّبن أو الآجرّ فى الحائط : وهو المدماك.

٧٥

وبالكعبة مولد على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وبها مقام إبراهيم عليه السلام وموضع قدمه.

وبها العروة الوثقى والحجر الأسود الذي قبّله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يمين الله فى أرضه ، والحجر قيل : إن قبر إسماعيل وهاجر عليه السلام به ، والله أعلم ، وقيل : قبر صالح عليه السلام والذين آمنوا به رضى الله عنهم ، ما بين الحجر والندوة ، والله أعلم.

وبها الملتزم ، وبالحرم بئر زمزم «ماؤها لما شرب له» وقيل : بين بئر زمزم والركن قبور سبعين نبيا ، منهم : هود وصالح وإسماعيل عليهم السلام ، والله أعلم ، وقبة الشراب ، وسقاية العباس رضى الله عنه ، والميلان الأخضران ، ودور الكعبة ثلاث وتسعون ذراعا بالصغير ، ودائر الحجر ست وخمسون ذراعا ، وبين الحجر والركن ست أذرع ونصف ذراع ، ودائر قبة زمزم تسع وستون ذراعا ودائر قبة الشراب اثنتان وستون ذراعا ، ودائر سقاية العباس سبع وستون ذراعا ، ودور حرم مكة ألف وثمانمائة وأربعون ذراعا ، وللحرم اثنان وعشرون بابا ، وإن أضيفت الأبواب الصغار إليها فهى ستة وثلاثون بابا.

وبمكة دار المشاورة ، ودار العباس ، ودار الخيزران ، ودار أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، وهى دار الضرب الآن ، وقبالتها حجر فى حائط ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتكئ عليه وكان يستند إليه.

شعب بنى هاشم : به مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولد أبى بكر الصديق رضى الله عنه عند باب المسفلة ، ومولد عمر بن الخطاب قدامه ، وبه مولد عائشة رضى الله عنها ، ومولد فاطمة رضى الله عنها ودارها ، ومولد خديجة ابنة خويلد رضى الله عنها ، وهو البيت الذي سكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه ولدت أولادها منه وبه توفيت ولم يزل به النبي إلى أن هاجر وهو الآن مسجد ، وبها مسجد الجن بأعلى مكة ، وهناك بايعت الجن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسجد الشجرة ، ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الشجرة هناك فأتت إليه ثم عادت ، ومتكأ النبي صلى الله عليه وسلم عند باب جياد ، ومسجد الفتح عند سوق الغنم ، موضع بايع الناس يوم الفتح ، ومسجد بالعقبة به بايع الأنصار رضى الله عنهم النبي ، ومسجد بذى طوى موضع صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومسجد موضع أحرم بعمرة ، ومسجد التنعيم ، ومسجد بالحديبية موضع صد النبي صلى الله عليه وسلم والحديبية بعضها فى الحل وبعضها فى الحرم ، وهذه جملة مساجدها ، وفى طريق العمرة مسجد المرسلات ، وبه الحجر الذي جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتنعيم ومسجد عائشة رضى الله عنها.

٧٦

وأما جبالها وظاهرها جبل أبى قبيس والصفا محسوب منه ، وقيل : قبر آدم عليه السلام به ، وقيل : قبره عند منارة مسجد الخيف ، وقيل : قبر شيث عليه السلام فى غار فى أبى قبيس ، والله أعلم ، وبه مسجد إبراهيم الخليل عليه السلام.

جبل حراء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعبد به.

جبل قعيقعان والمروة : محسوبة منه ، وقيل : حجارة البيت منه ، وقيل من جبل حراء وثبير ، وقيل : من جبالها السبعة ، والله أعلم.

جبل ثور : به الغار الذي اختفى به النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضى الله عنه.

جبل ثبير : يزار ، وبالثنية دار جعفر الصادق رضى الله عنه.

وبمكة خلق كثير من الصحابة والتابعين رضى الله عنهم ، مثل : عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما بالمعلى ، وسهل بن حنيف رضى الله عنه ، وأسماء ذات النطاقين ، ابنة أبى بكر الصديق رضى الله عنهما ، وقيل : إنها ماتت بالمدينة ، وعبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، وعبد الله بن عمر ، وطاووس بن كيسان ، والفضيل بن عياض وإلى جانبه أحمد بن على العلبى ، وبالجبانة أبو عبيد القاسم ابن سلام ، ومحمد الكنانى ، وعبد الله بن عبيد بن عمر ، ومجاهد بن جبير ، وعطاء بن أبى رباح ، والآجرى ، وسفيان بن عيينة ، قبره بالحجون ، وبالجبانة خديجة ابنة خويلد رضى الله عنها ، وبها القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبد المطلب بن هاشم ، واسمه عامر ، وبها من الأولياء والصالحين والمجاورين من العرب والعجم وغيرهم خلق كثير ، اختصرناهم خوف التطويل ، وأكثرهم لا تعرف قبورهم.

ذكر الآبار التى تزار : بئر آدم عليه السلام بالأبطح ، وبئر إبراهيم عليه السلام بمكة ، والآبار التى بالظاهر ، وبئر ميمون قريب من مكة عندها قبر الإمام المنصور رضى الله عنه.

سرف : موضع قريب من مكة به قبر ميمونة.

الأبواء : بين مكة والمدينة ، بها آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها عبد الله بن جعفر الصادق رضى الله عنه.

٧٧

الطريق من مكة إلى المدينة

بين مكة والمدينة قبر القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهم.

خيمة أم معبد : موضع نزل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضى الله عنه عند مسيرهما إلى المدينة ، اسم أم معبد عاتكة ابنة خالد.

غدير خم : موضع آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب.

بدر وحنين : موضعان قاتل فيهما رسول الله الكفار ونصره الله على أعدائه.

جبل الملائكة : يقال : إن الملائكة أرسلهم الله عز وجل لنصرة النبي يوم بدر من تلك الجهة ، ويقال : إن صوت الطبل يسمع من ذلك الجبل إلى اليوم ، والله أعلم.

جبل ريحانة ووادى الفزع : موضع ينزله الحاج ، به عروة بن الزبير بن العوام رضى الله عنه.

بئر على بن أبى طالب : قريب من المدينة ، يقال : قاتل الجن فيها ، والله أعلم.

ذكر زيارات المدينة على ساكنها الصلاة والسلام

وبمدينة النبي صلى الله عليه وسلم الحجرة المدفون بها رسول الله ، ومعه صاحباه أبو بكر وعمر رضى الله عنهما ، وقيل : عمر كل واحد منهم ثلاث وستون سنة.

وعند الحجرة روضة فاطمة رضى الله عنها ، والجبانة ، والأسطوانة المخلقة ، والموضع الخارج من الحجرة كأنه سنام يقال له : الخنساء ، قيل : إنه بئر كانت على باب حجرة عائشة رضى الله عنها فلذلك جاء ناتئا عنها ، وبها منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق من آثاره غيره ، وهو من خشب الطرفاء ، وقيل : الطرفاء هو العرعر ، وهو بطانة لهذا المنبر ، وهذا المنبر الظهارة له ، وقيل : عمله معاوية ، ومنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث درج ، وهذا المنبر الذي عليه خمس درج سوى المتجددة ، وطوله مع المتجددة خمس أذرع وافية ، وغيرها أربع أذرع وافية ، وارتفاعه أربع أذرع ، وموضع الصعود إليه ثلاث ذراع ، وسعة بابه ذراع ، وموضع الجلوس ذراع وثلث ، وفيه ثمان عشرة عرناسة ، والحجرة ـ على ساكنها السلام ـ دائرها ثمان وخمسون ذراعا ونصف ذراع ، الجانب الواحد خمس عشرة ذراعا ، والثانى سبع عشرة ذراعا ونصف ذراع ، والثالث أربع عشرة ذراعا ، والرابع اثنتا عشرة ذراعا.

٧٨

مسطح روضة فاطمة رضى الله عنها : ذراعان وربع ، مثل فى مثل ، ومنها إلى رأس الحجرة إلى الجبانة أربعون ذراعا ، ومن الجبانة إلى المنبر خمس عشرة ذراعا ، ومن الأسطوانة المخلقة إلى الجبانة عشرون ذراعا ، وطول الحرم من القبلة مائة وسبعون ذراعا ، ومن الشمال مائة وسبع وثلاثون ذراعا ، ومن الشرق مائتان وإحدى وستون ذراعا ، ومن الغرب مائتان وخمس وخمسون ذراعا تقديرا.

أبواب الحرم ستة أبواب : باب البقيع ، وباب جبرئيل ، وباب الأستاذين ، وباب الخشية ، وباب الرحمة ، وباب الخوخة ، طاقات الحرم من الشرق تسع عشرة طاقة ومن الغرب تسع عشرة طاقة ، ومن القبلة إحدى عشرة طاقة ، ومن الشمال إحدى عشرة طاقة والجميع ستون طاقة ، كنت ذرعت دائر مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك مكة وحرمها وأساطينها وكذلك جامع دمشق وكل بنية مذكورة وجسر هائل ومدينة القدس وبرج داود وكنيسة قمامة وأيا صوفيا بإصطنبول فلما غرقت فى البحر عند الإقلاع من جزيرة إسقلية وغرقت الكتب ، والذي سلم أتلفه الماء وعجزت عن إثبات ذلك وبردت همتى وقترت عزمتى عن طلب الحديث وعن جميع ما عزمت عليه من هذا الباب.

عدنا إلى ذكر زيارات المدينة

مساجدها : مسجد الفتح : ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فيه موضع الأسطوانة على الجبل يوم الخندق فأجيبت دعوته ، ومسجد القبلتين صلى فيه إلى البيت المقدس سبعة عشر شهرا ، ثم توجه إلى الكعبة فى السنة الثانية من هجرته ، ومسجد بنى حارثة ، ومسجد بنى ظفر ، وبه حجر جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأى امرأة يصعب حملها تجلس عليه فتحمل ، وذلك مشهور بالمدينة ، ومسجد بنى الحارث بن الخزرج ، ومسجد بنى بياضة ، وبيت أنس بن مالك ، ودار الشفا ، ودار أبى بكر الصديق ، وبيت عمرو ، وبيت عثمان ، وبيت على رضى الله عنه ، وبيت عباس رضى الله عنه ، وبيت حمزة ، ومكتب الحسن والحسين رضى الله عنهما ، وبيت بلال ، وبيت طلحة والزبير وسعد وسعيد وصفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيت عبد الله بن عمر رضى الله عنها ، وآثار الصحابة رضى الله عنهم.

٧٩

ذكر البقيع

قال أبو عبيدة : هو النقيع بالنون ، والبقيع شرقى المدينة ، به قبة العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده الإمام الحسن بن على بن أبى طالب ، ولد بالمدينة ، عمره سبع وأربعون سنة وأشهر ، والإمام على بن الحسين زين العابدين ، ولد بالمدينة عمره سبع وستون سنة ، والإمام محمد الباقر ، ولد بالمدينة عمره أربع وأربعون سنة ، والإمام جعفر الصادق ، ولد بالمدينة عمره سبع وسبعون سنة ، وبه قبر عبد الله بن العباس ، وقبر صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيت الأحزان لفاطمة ، وبه قبر فاطمة ، وقيل : إن فاطمة دفنت فى القبة التى فيها الآن ولدها الحسن رضى الله عنها ، وهى قبة العباس رضى الله عنه ، وقيل : إنها دفنت فى البيت الذي ماتت فيه ، والله أعلم ، وبالبقيع قبور جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكرناهن فيما تقدم ، وبالبقيع قبر إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر عبد الله أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دار النابعة ، وبالبقيع قبر عثمان بن عفان رضى الله عنه ، وبه قبر مالك بن أنس إمام دار الهجرة ، أعنى المدينة ، وقيل : هو أحد الأبدال الأربعين رضى الله عنهم ، وهو أحد أشياخ الإمام الشافعى رضى الله عنه ، ولد سنة أربع وتسعين وقرأت على قبره مكتوبا ما هذه صورته : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) إلى آخر الآية (سورة آل عمران : ١٨٥) هذا قبر مالك بن أنس بن عامر الأصحبى من بنى تميم ابن مرة من قريش ، عاش خمسا وثمانين سنة ، توفى سنة تسع وسبعين ومائة ، ودفن بالبقيع.

وبه أبى بن كعب ، وأسيد بن حضير ، وأوس بن خولى ، وقيل : أبو أمامة أول من دفن بالبقيع ، وقيل : عثمان بن مظعون ، وبه الأرقم ، والبراء بن معرور ، وجابر بن عبد الله الأنصارى ، وجبير بن مطعم ، وحكيم بن حزام عند بلاط الفاكهة ، وحاطب بن أبى بلتعة ، وزيد بن ثابت ، وزيد بن خالد الجهنى ، والمغيرة بن الأخنس بن شريق ، وعروة بن الزبير ، فى ضيعة قريبة من المدينة ، وصهيب الرومى ، والمقداد بن الأسود ، ومحمد بن مسلمة ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وعبد الرحمن بن الحارث ، وعبد الرحمن بن عوف الزهرى ، وسعد ابن أبى وقاص ، وسعيد بن زيد من العشرة رضى الله عنهم ، ومعاوية بن معاوية الليثى ، وسلمة بن الأكوع ، وعمير بن سعد ، ومحمد بن المنكدر ، وابن أم مكتوم ، وعتاب بن أسيد ، وقيل :

٨٠