الإشارات إلى معرفة الزّيارات

أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي

الإشارات إلى معرفة الزّيارات

المؤلف:

أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي


المحقق: الدكتور علي عمر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-067-6
الصفحات: ١٤١

بالعراق بكوثى ربّا ، وسيأتى ذكره فى رحلة العراق إن شاء الله تعالى ، وقيل : مولده بقرية يقال لها : فدّان من أعمال حرّان ، وليس بصحيح ، والله أعلم.

عذراء : قرية من أعمالها بها حجر بن عدى والجماعة الذين قتلهم معاوية معه رضى الله عنهم.

مرج راهط : به زميل بن ربيعة ، وبه ربيعة بن عمرو الجرشى ، والله أعلم.

مرج الصّفّر : به خالد بن سعيد ، ولا تعرف قبور من بالمرج.

بيت لهيا : والصحيح بيت الآلهة ، وهى قرية من أعمالها ، ذكروا أن آزر كان ينحت الأصنام بها ويدفعها لإبراهيم عليه السلام ليبيعها ، فيأتى بها إلى حجر بالبلد فيكسرها عليه ، والحجر إلى الآن بدمشق فى مسجد فى درب يقال له : درب الحجر ، وقرأت فى التوراة فى السفر الأول والجزء الثانى أن آزر مات بحران لما سكن بها عند خروجه من العراق ، وآزر لم يدخل الشام.

المنيحة : قرية من أعمالها بها قبر سعد بن عبادة الأنصارى ، والصحيح أن سعدا مات بالمدينة.

رواية : قرية من أعمالها بها قبر أم كلثوم ، وقبر مدرك ، من الصحابة ، من غربيها ، وقبر كنّاز ، من الصحابة ، قريب من قرية تعرف بحلفبلتا وبيت رانس وهو بينهما ، وهذا كنّاز ، هو أبو مرثد بن الحصين ، وقيل : مات بالمدينة ، والله أعلم.

داريا : قرية بها قبر الشيخ أبى سليمان الدارانى ، من كبار الأولياء ، وشمالى داريا ، قبر أبى مسلم الخولانى ، وخولان قرية هناك باقية آثارها.

مشهد الأقدام : قبلى دمشق ، به آثار أقدام فى الصخر يقال : إنها أقدام الأنبياء عليهم السلام ، ويقال : إن القبر الذي به ، قبر موسى بن عمران ، وليس بصحيح ، والصحيح أن قبره لا يعرف ، والله أعلم.

ميدان الحصى : قبلى دمشق ، به قبر ذكروا أنه قبر أم عاتكة أخت عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وعنده قبر ذكروا أنه قبر صهيب الرومى وقبر أخيه ، والصحيح أن صهيبا بالمدينة وعاتكة أيضا.

٢١

وبها مشهد النارنج : وبه حجر مشقوق ، وله حكاية مع على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وقبلى الباب الصغير قبر بلال بن حمامة ، وقبر كعب الأحبار وثلاث من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر فضّة جارية فاطمة رضى الله عنهما ، وقبر أم الدرداء ، وقبر أبى الدرداء ، وقبر فضالة بن عبيد ، وقبر سهل بن الحنظلية ، وقبر واثلة بن الأسقع ، وقبر أوس بن أوس الثقفى ، وقبر أم الحسن ابنة حمزة بن جعفر الصادق ، وقبر على بن عبد الله بن العباس ، وقبر سليمان بن على بن عبد الله بن العباس ، وقبر زوجته أم الحسن ابنة جعفر بن الحسن بن الحسن بن فاطمة الزهراء رضى الله عنهم ، وقبر خديجة ابنة زين العابدين ، هؤلاء فى تربة واحدة ، وقبر سكينة ابنة الحسين رضى الله عنها ، وقبر محمد بن عمر بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم.

وبالجبانة قبر أويس القرنى ، وقد زرناه بالرقة ، وبثغر الإسكندرية وديار بكر ، والله أعلم ، والذي صح أنه بالرقة ، وسيأتى ذكره.

ومن شرقى البلد قبر عبد الله بن مسعود ، وأبى بن كعب ، والصحيح أن عبد الله بن مسعود وأبى بن كعب وكعب الأحبار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل : عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة وزينب ابنة جحش وصفية وأم أيمن ، وقيل : كانت أم أيمن حبشية واسمها بركة ، وفاطمة أخت عمر بن الخطاب رضى الله عنهم كلهم بالمدينة ، وسيأتى ذكرهم برحلة الحجاز إن شاء الله تعالى.

وبالجبانة التى بدمشق خلق كثير من المشايخ والصالحين اختصرناهم خوف التطويل ، ويقال : بها سبعون رجلا من الصحابة رضى الله عنهم ، والله أعلم بالصحيح ، وقيل : إن جبانة دمشق حرثت وزرعت مقدار مائة سنة فلذلك لا تعرف القبور ، والله أعلم.

باب الفراديس : به مشهد الحسين رضى الله عنه ، وظاهر البلد عند مشهد الخضر قبر محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، ورأيت على الضريح مكتوبا ما هذه صورته : رواه القاضى الخطيب أبو الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين ابن أحمد بن أبى الحديد والفقيه أبو الحسن على بن أحمد بن الحسين قالا : أخبرنا أبو الحسن بن ماسا ـ والشيخ أبو القاسم الحسين بن على بن حسن وغيرهما أخبروا عن الشيخ أبى الحسن بن ماسا العدل ـ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم شأمى القبة الخربة التى بها

٢٢

الشريف العابد وهو يقول : من أراد زيارتى ولم يستطع فليزر الضريح من ولدى محمد بن عبد الله المذكور.

وفى مدرسة مجاهد الدين قدم النبي صلى الله عليه وسلم فى صخرة سوداء ، أتوا بها من حوران ، والله أعلم.

وبدمشق عامود العسر فى العلبيّين مجرّب كما ذكروا ، وعامود آخر عند الباب الصغير فى مسجد يزار وينذر له.

وبالجامع من شرقيه : مسجد عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ومشهد على بن أبى طالب رضى الله عنه ، ومشهد الحسين وزين العابدين رضى الله عنهما.

وبالجامع مقصورة الصحابة رضى الله عنهم ، وزاوية الخضر عليه السلام ، وبالجامع رأس يحيى بن زكريا عليه السلام ، ومصحف عثمان بن عفان رضى الله عنه ، كما ذكروا أنه خطه بيده ، وقيل : إن قبر هود عليه السلام فى الحائط القبلى ، والصحيح أن قبر هود فى حضر موت شرقى عدن ، وسيأتى ذكره وذكر الأحقاف وبئر بلهوت وقصر غمدان فى رحلة اليمن ، وهى «البئر المعطلة» و «القصر المشيد» إن شاء الله تعالى.

وجامع دمشق ليس للإسلام هيكل للعبادة مثله ، بعد المسجد الأقصى بالبيت المقدس ، أعنى فى حسن عمارتهما ، وأما فى الاشتغال بالعلم والحديث فإلى جامع مدينة هراة وبلخ وسجستان المنتهى ، وأما قبة النسر التى بالفص المذهب فقد شاهدناه فى هياكل بلاد الروم ما يأتى ذكره إن شاء الله.

وبالجامع العمد الصغار التى تحت قبة النسر مجزّعة بحمرة قيل : إنهما كانا بعرش بلقيس ، كما ذكروا ، والله أعلم.

وبالجامع المنارة الغربية التى أقام بها الغزالى وابن تومرت الذي ملك بلاد المغرب ، يقال : إنها كانت هيكلا لعباد النار وكانت إذا طلعت ذؤابة النار سجد لها أهل حوران ، ولا تخلو من ولى لله تعالى يقيم بها ، والمنارة الشرقية قيل : إنها المنارة البيضاء التى ينزل عندها عيسى بن مريم عليه السلام ، وفيها حجر يقال : إنه قطعة من الحجر الذي ضربه موسى عليه السلام (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً). (سورة الأعراف : ١٦٠) والله أعلم ،

٢٣

وقيل : إن المنارة التى ينزل عندها المسيح هى المنارة التى عند كنيسة مريم بدمشق ، والله أعلم.

وبالجامع قبة بيت المال وهى القبة الغربية ، ذكروا أن تحتها قبر عائشة رضى الله عنها ، والصحيح أن قبرها بالبقيع ، والله أعلم بذلك ، وعلى باب الجامع الذي يقال له : باب الزيادة فيه قطعة رمح معلقة ذكروا أنها من رمح خالد بن الوليد ، والله أعلم.

وبدمشق قبر نور الدين محمود بن زنكى من الأولياء بمدرسته المعروفة به ، وبالجامع فى الكلاسة قبر العبد الصالح صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فاتح البيت المقدس والثغور والعواصم.

ذكر زيارات بلد حوران

قرن الحارة : قرية بها مولد إدريس عليه السلام.

دير أيوب : قرية بها كان أيوب عليه السلام ، وبها ابتلاه الله تعالى ، وبها قبره وبها العين التى ركضها برجله والصخرة التى كان عليها.

نوى : قرية بها قبر سام بن نوح عليه السلام.

المحجّة : قرية بها شهداء من الصحابة رضى الله عنهم ، وبها حجر ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس عليه ، والصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ما تعدّى بصرى وذكروا أن بجامعها سبعين نبيّا ، والله أعلم (١).

بسر : قرية بها قبر اليسع عليه السلام (٢) ، وقد زرناه فيما تقدم.

نجران : قرية بها أصحاب الأخدود.

بصرى : بلدة بها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذلك الموضع ، وشرقيها قرية تعرف بديبين بها قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صخرة سوداء ، كما ذكروا لى ، والله أعلم.

وقبلى بصرى دير يقال له : دير الباعقى كان به بحيرا الراهب ، وبه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم (٣).

__________________

(١) أورد ياقوت بنصه ج ٥ ص ٦٠.

(٢) أورده ياقوت بنصه ج ١ ص ٤٢٠.

(٣) أورد ياقوت بنصه ج ٢ ص ٤٩٩.

٢٤

صلخد : بلدة بها مشهد ذكروا أن موسى وهارون عليهما السلام كانا به لما خرجا من التيه ، وبه قدم هارون عليه السلام ، والله أعلم.

وتر : قرية بها مسجد ذكروا أن الزّبير بن العوام بناه.

إمتان : قرية بها مسجد ، ذكروا أن موسى بن عمران عليه السلام سكن فى ذلك الموضع ، وبه موضع عصاه فى الصخرة (١) ، والله أعلم.

جبل بنى هلال : تحته قرى مذكورة فى التوراة يقال لها : البثنيّة ، منها قرية تعرف بالمالكية بها قدح خشب ذكروا أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم (٢) ، والله أعلم.

الحميمة : قرية بها قبر محمد بن على بن عبد الله بن العباس ، أبى الإمام المنصور رضى الله عنهم.

غورنابلس : به قرية يقال لها : عمتا بها قبر أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه (٣) وقد زرناه بطبرية.

ريحا : قرية بها قبر ذكروا أنه لموسى بن عمران عليه السلام ، وورد أن ريحا مدينة الجبارين (٤) المذكورة فى القرآن.

السّواد : بلد بها قرية يقال لها : المهيد ، ذكروا أن إبراهيم عليه السلام ولد بها ، وقد ذكرنا مولده فيما تقدم.

البلقاء

بلد به الكهف والرقيم ، وعنده مدينة يقال لها : عمّان بها آثار قديمة (٥) ، ذكروا أنها مدينة دقيانوس ، وقيل : هى مدينة الجبارين أيضا ، والله أعلم ، وقد زرنا الكهف والرقيم فى بلاد الروم عند مدينة يقال لها : أبسس ، خرابة بها آثار عجيبة قريبة من أبلستين ، وقيل : هى

__________________

(١) ولدى ياقوت ج ٥ ص ٣٦٠ : الوتر : قرية بحوران من عمل دمشق بها مسجد ذكروا أن موسى بن عمران عليه السلام سكن ذلك الموضع ، وبه موضع عصاه فى الصخر.

(٢) أورده ياقوت بنصه ج ٢ ص ١٠٣.

(٣) أورده ياقوت بنصه ج ٤ ص ١٥٣.

(٤) ياقوت ج ٣ ص ١١١.

(٥) ياقوت ج ١ ص ٤٨٩.

٢٥

مدينة دقيانوس (١) ، وبالمغرب موضع يقال له : جنان الورد فى بر الأندلس ، به الكهف والرقيم وبه قوم موتى لا يبلون ، كما ذكر أهل الموضع ، وذكروا أن طليطلة هى مدينة دقيانوس ، والصحيح الذي بالروم ، وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى.

بلد مآب

به قرية يقال لها : شيحان ، بها قبر ينزل عليه النور ويراه الناس وهو على جبل ، ويزعمون أنه قبر موسى بن عمران ، عليه السلام ، والله أعلم.

صرفة : قرية بها قبر يزعمون أنه قبر يوشع بن نون عليه السلام ، وقد زرناه فيما تقدم ، وهذا هو الصحيح.

الطور ومؤتة : قرى بها قبر جعفر الطيار بن أبى طالب (٢) رضى الله عنه وقبر زيد بن حارثة رضى الله عنه ، وعبد الله بن رواحة ، والحارث بن نعمان ، وحنيف بن رياب ، وزيد بن الخطاب ، وعبد الله بن سهل ، وسعد بن عامر بن النعمان القيسى ، وأبى دجانة سماك ، وجماعة من الصحابة رضى الله عنهم قتلوا هناك ، منهم من لا يعرف قبره ، والله أعلم.

مدينة طبرية وأعمالها

من شرقى بحيرتها قبر سليمان بن داود عليه السلام ، والصحيح أن سليمان دفن إلى جانب أبيه داود فى بيت لحم وهما فى المغارة التى بها مولد عيسى (٣) عليه السلام ، ومن شرقى بحيرة طبرية قبر لقمان الحكيم وابنه ، وقبره أيضا باليمن بجبل يقال له : لاعة عدن ، وسيأتى ذكره ، وبطبرية قبر أبى عبيدة بن الجراح وزوجته ، وقد زرناه فيما تقدم ، والله أعلم بالصحيح ، وقيل : قبره بالأردن ، وقيل : قبره فى بيسان ومات فى طاعون عمواس ، والله أعلم.

وفى لحف جبل طبرية قبر أبى هريرة رضى الله عنه وقيل : دفن بالبقيع ، وقيل : بالعقيق ، والله أعلم.

وفى طبرية عين من الماء تنسب إلى عيسى بن مريم عليه السلام ، وكنيسة الشجرة ،

__________________

(١) ياقوت ج ١ ص ٧٣.

(٢) ياقوت ج ٥ ص ٢١٩.

(٣) ياقوت ج ٤ ص ١٩.

٢٦

ولهذا الموضع حكاية عجيبة جرت لعيسى بن مريم عليه السلام مع الصباغ ذكرت فى الإنجيل ، وهى أول معجزة ظهرت منه ، وبظاهر طبرية مشهد به قبر سكينة ابنة الحسين (١) عليه السلام ، وقد زرناها فيما تقدم ، وبه قبر يقال : إنه قبر عبد الله بن العباس بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم.

دير فاخور : موضع تعمّد [فيه] المسيح من يوحنا المعمدانى على الأردن ، كما ذكروا ، وبه قبر كعب بن مرة البهزى ، ومعاذ بن جبل ، وسيأتى ذكره (٢) فى رحلة اليمن وديار بكر أيضا.

[أربد] ومن أعمال طبرية قرية يقال لها : أربد ، بها قبر أم موسى بن عمران عليه السلام عن يمين الطريق ، وبها أربعة من أولاد يعقوب وهم : دان وإيساخار وزبولون وكاد عليهم السلام (٣).

وفى الطريق إلى بانياس قصر يعقوب وبيت الأحزان وجب يوسف ، عليه السلام ، فأما جب يوسف عليه السلام فالصحيح أنه فى طريق القدس عند بلد يقال له : سنجيل (٤) وسيأتى ذكره ، إن شاء الله تعالى.

حطين : ويقال : حطيم قرية بها قبر شعيب (٥) وقبر زوجته على الجبل ، وقيل : قبر شعيب بمكة ، والله أعلم ، وبهذه القرية كانت وقعة حطين المشهورة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وأسرت ملوك الفرنج وفتح القدس والساحل والعواصم.

الشجرة : قرية بها قبر صديق بن صالح عليه السلام ، وقبر دحية الكلبى فى مغارة ، وقد تقدم ذكره ، ويقال : إن هذه المغارة فيها ثمانون شهيدا (٦) ، والله أعلم.

__________________

(١) لدى ياقوت ج ٤ ص ١٩ : «وفى ظاهر طبرية قبر يرون أنه قبر سكينة ، والحق أن قبرها بالمدينة».

(٢) أورده ياقوت بنصه ج ٢ ص وما بين حاصرتين منه.

(٣) أورده ياقوت بنصه ج ١ ص ١٣٦.

(٤) ياقوت ج ٣ ص ٢٦٤.

(٥) ياقوت ج ٢ ص ٢٧٣.

(٦) أورده ياقوت بنصه ج ٣ ص ٣٢٥.

٢٧

كفر كنة (١) : قرية بها مقام يونس وقبر ابنه والله أعلم.

رومة : قرية من أعمال طبرية بها قبر يهوذا بن يعقوب عليه السلام ، وسيأتى ذكره فى رحلة مصر ، والله أعلم.

حمام (٢) طبرية : التى يقال : إنها من عجائب الدنيا ، وإنما التى من عجائب الدنيا ليست هذه التى على باب طبرية على جانب بحيرتها ، فإن مثل هذه كثير رأينا فى الدنيا ، فهو موضع من أعمال طبرية شرقى قرية يقال لها : الحسينية فى واد ، وهو عمارة قديمة قيل : عمّرها سليمان بن داود عليه السلام ، وهو هيكل يخرج الماء من صدره ، وقد كان يخرج من اثنى عشر موضعا ، وكل عين مخصوصة بمرض من الأمراض ، إذا اغتسل منها صاحب ذلك المرض يبرأ بإذن الله تعالى ، والماء أشد حرارة يكون وأصفى ما يكون وأعذب وأطيب رائحة ، وهذا الموضع يقصده أصحاب الأمراض والعاهات والزمنى والرياح فيغتسلون فيه وعيونه تصب فى موضع كبير حسن يسبح الناس فيه ، ومنفعته ظاهرة وما رأينا ما يشاكله إلا الثيرما (٣) الذي فى حد تخوم القسطنطانية (٤) ، وسيأتى ذكره فى رحلة الروم إن شاء الله تعالى.

مدينة بيسان : قيل : بها جامع ينسب إلى عمر بن الخطاب ، وبها عين الفلوس ، قيل : هى من جملة العيون الأربعة.

عدنا إلى ذكر زيارات نواحى طبرية

[كفر مندة] : وأيضا من طريق طبرية إلى مدينة عكّة قرية يقال لها : كفر مندة قيل : إنها مدين ، والله أعلم ، وقد زرنا مدين شرقى طور سينا ، وسيأتى ذكرها إن شاء الله تعالى.

وبكفر مندة قبر صفوراء زوجة موسى ، وبها الجب الذي قلع الصخرة من عليه وسقى

__________________

(١) لدى ياقوت : «كفركنّا» ولديه : «وقبر أبيه».

(٢) لدى ياقوت ج ٤ ص ١٧ ، وهو ينقل عن الهروى : «حمامات طبرية».

(٣) لدى ياقوت ج ٤ ص ١٨ وهو ينقل عن الهروى : «الشرميا».

(٤) أورده ياقوت بنصه ج ٤ ص ١٧ ـ ١٨ نقلا عن الهروى.

٢٨

لهما ، والصخرة باقية هناك إلى الآن ، وبها اثنان من أولاد يعقوب ، وقيل : هما أشهر (١) ونفتالى (٢) ، والله أعلم.

وعند هذه الأماكن جبل يقال له : الطور ، قيل : إن موسى عليه السلام من هذا الجبل رأى النار وعليه كان الخطاب ، ومن هذا الموضع أرسله الله تعالى إلى فرعون ، والله أعلم.

كابول : قرية بها اثنان من أولاد يعقوب وهما : روبين وشمعون ، وسيأتى ذكر شمعون ويهوذا فى موضع آخر ، إن شاء الله تعالى ، وجميع هذه القرى قريبة بعضها من بعض.

الناصرة : مدينة بها دار مريم ابنة عمران ، ومنها كانت ، ولهذا يقال : نصارى (٣) ، وجبل ساعير قريب منها ، والإشارة فى التوراة فى حق موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام قوله تعالى : «جاء الله من سيناء» يريد مناجاته لموسى على طور سيناء ، وقوله : «وأشرق من ساعير» إشارة إلى ظهور عيسى عليه السلام من الناصرة ، وقوله : «واستعلن من جبل فاران» إشارة إلى نبوة محمد عليه السلام إذ عندهم فى التوراة جبال فاران ، وهى جبال الحجاز والنبي صلى الله عليه وسلم ظهر منها ، هذا لفظ التوراة فى الجزء العاشر فى السفر الخامس (٤).

لدّ : بلد به كان المسيح عليه السلام ، وبه بيت مريم ، وللفرنج فيه اعتقاد عظيم.

مدينة عكّة : كان حقها أن تذكر مع زيارات الساحل وإنما ذكرناها لقربها من هذا الموضع.

بها عين البقر ، ذكروا أن البقر خرجت عنها لآدم فحرث عليها ، وعلى هذه العين مشهد ينسب إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه (٥) وذلك أن الفرنج عملته كنيسة وقعد بها قيّم برسم عمارتها وخدمتها فلما أصبح قال : رأيت شخصا يقول لى : «أنا على بن أبى طالب ، قل لهم يعيدوا هذا الموضع مسجدا وإلا من أقام به يهلك» فلم يقبلوا كلامه وأقاموا غيره ، فلما أصبح وجدوه ميتا فتركتها الفرنج مسجدا إلى الآن ، والله أعلم.

__________________

(١) لدى ياقوت : أشير».

(٢) أورده ياقوت ج ٤ ص ٤٧١.

(٣) ياقوت ج ٥ ص ٢٥١.

(٤) أورده ياقوت بنصه ج ٣ ص ١٧١.

(٥) أورده ياقوت بنصه ج ٤ ص ١٧٦.

٢٩

ويقال : إن قبر صالح عليه السلام فى قبلة الجامع ، والصحيح أن قبر صالح ما ذكرناه أولا ، والله أعلم ، وقيل : قبر صالح بمكة ، ويقولون : بها قبر عك الذي نسبت إليه ، ويزعمون أن عك نبى.

وبمرج عكة خلق كثير استشهدوا فى الوقائع والحروب المشهورة عليها من سنة خمس وثمانين إلى سنة سبع وثمانين لم تبطل الحروب والرباط ليلا ونهارا فى هذه المدة.

بيروت : بها قبر الأوزاعى ، رحمه الله.

مدينة جبلة : بها قبر إبراهيم بن أدهم على البحر.

عدنا إلى طريق نابلس

به قرية يقال لها : اللجون ، بها مقام إبراهيم الخليل ، عليه السلام (١).

لاوى : قرية بها قبر لاوى بن يعقوب عليه السلام (٢).

ظهر الحمار : قرية بها [قبر] بنيامين أخو يوسف الصديق ، عليه السلام (٣).

سبسطين : وهى فلسطين ، بها بدن يحيى بن زكرياء عليه السلام وقبر أمه ، وقبر اليسع ، وقد زرنا قبر اليسع فى موضع آخر ، والله أعلم ، وبها قبر شداد بن أوس ، وبها آثار قديمة.

مدينة نابلس : ظاهرها مسجد ذكروا أن آدم عليه السلام سجد فى ذلك الموضع (٤).

وبها الجبل الذي يعتقد اليهود أن الذبيح (٥) كان عليه ، وعندهم أن الذبيح إسحاق ، وهذا الجبل لليهود فيه اعتقاد عظيم واسمه كريزم (٦) وهو مذكور فى التوراة ، والسامرة تصلى إليه ، وبها عين تحت كهف يعتقدون فيها ويزورونها ، والسامرة بهذه المدينة كثيرة (٧).

بلاطة (٨) : قرية من أعمال نابلس يزعمون أن النمرود رمى إبراهيم عليه السلام فى النار بهذه القرية ، وبها عين الخضر ، وبها حقل يوسف الصديق وقبر يوسف بهذا الموضع عند

__________________

(١) ياقوت ج ٥ ص ١٣.

(٢) أورده ياقوت بنصه ج ٥ ص ٩.

(٣) ياقوت ج ٤ ص ٦٣ وما بين حاصرتين منه.

(٤) أورده ياقوت ج ٥ ص ٢٤٨.

(٥) لدى ياقوت : «الذبح».

(٦) لدى ياقوت : «كزيرم».

(٧) أورده ياقوت ج ٥ ص ٢٤٨.

(٨) قيدها ياقوت بضم الباء.

٣٠

الشجرة ، وهو الأصح ، وأما النمرود فالصحيح أنه كان بالعراق ، والموضع الذي رمى فيه إبراهيم هناك ، وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى (١).

عورتا : قرية فى طريق القدس من نابلس بها مغارة فيها قبر يوشع بن نون ، ومفضل بن عمّ هارون ، ويقال بها سبعون نبيا والله أعلم (٢).

سيلون : قرية بها مسجد السكينة ، وبها حجر المائدة أيضا ، والصحيح أن المائدة نزلت بكنيسة صهيون ، وسيأتى ذكرها ، وبلغنى أن يعقوب عليه السلام كان ساكنا فى سيلون ، وأن يوسف منها خرج مع إخوته ، والجبّ الذي رمى فيه بين سنجيل ونابلس والجبّ عن يمين الطريق ، وهذا أصح ما روى والله أعلم ، وسنجيل : بلد عنده جب يوسف عليه السلام (٣).

زيارات القدس الشريف وما حوله

به قبة الصخرة : وهو موضع عرج بالنبى صلى الله عليه وسلم وبه الصخرة التى عرج به من عليها وقدمه فيها (٤) ، وهذه الصخرة رأيتها فى زمان الفرنج شمالى هذه القبة ودائرها درابزين من الحديد كالبيت وهى الآن من الجانب القبلى وتحتها دكة وهى عليها مبنية ، والصخرة شبر واف وعلوّها مقدار ذراعين ودائرها يزيد على أربعة أذرع ، وتحت قبة الصخرة مغارة الأرواح ، ذكروا أن أرواح المؤمنين يجمعها الله بها ، وينزل إلى هذه المغارة فى أربع عشرة درجة ، ويقال : إن قبر زكرياء عليه السلام بهذه المغارة ، والله أعلم ، وقرأت كتابة فى سقف هذه القبة ما هذا صورتها : بسم الله الرحمن الرحيم (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...) الآية (سورة البقرة : ٢٥٥) والكتابة بالفصّ المذهب.

وهذه القبة لها أربعة أبواب ودخلتها فى زمان الفرنج سنة تسع وستين وخمسمائة ، وكان قبالة الباب الذي إلى مغارة الأرواح صورة سليمان بن داود عليه السلام عند التأزير الحديد وغربيّه باب من الرصاص عليه صورة المسيح ذهبا وهو مرصع بالجوهر ، الباب الشرقى إلى جانب قبة السلسلة وعليه عقد عليه مكتوب اسم القائم بأمر الله أمير المؤمنين وسورة الإخلاص وتحميد وتمجيد ، وعلى سائر الأبواب كذلك لم تغيره الفرنج ، وإلى

__________________

(١) أورده ياقوت ج ١ ص ٤٧٨.

(٢) أورده ياقوت ج ٤ ص ١٦٧.

(٣) أورده ياقوت ج ٣ ص ٢٦٤ ، ٢٩٩.

(٤) ياقوت ج ٥ ص ١٦٨.

٣١

جانب هذه القبة من الشرق قبة السلسلة التى كان يحكم بها سليمان بن داود ، عليه السلام ، وشمالى هذه القبة دار القسوس بها من العمد وعجائب الصنعة ما أذكره عند ذكر الأبنية والآثار إن شاء الله تعالى.

المسجد الأقصى : به محراب عمر بن الخطاب رضى الله عنه ولم تغيره الفرنج ، وقرأت فى سقف قبة الأقصى ما هذه صورته : بسم الله الرحمن الرحيم (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) (سورة الإسراء : ١) نصر من الله لعبد الله ووليه أبى الحسن على الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين ، أمر بعمل هذه القبة وإذهابها سيدنا الوزير الأجل صفى أمير المؤمنين وخالصته أبو القاسم على بن أحمد أيده الله ونصره وكمل جميع ذلك إلى سلخ ذى القعدة سنة ست وعشرين وأربعمائة ، صنعة عبد الله بن الحسن المصرى المزوق» وجميع الكتابة والأوراق بالفص المذهب ، وجميع ما على الأبواب من آيات القرآن العزيز وأسامى الخلفاء لم تغيره الفرنج ، وقرأت على صخرة مكتوبا ما هذه صورته : «طول المسجد الأقصى سبعمائة ذراع بذراع الملك ، وعرضه أربعمائة وخمس وخمسون ذراعا بذراع الملك» وهذه الصخرة باقية مبنية فى حائط شمالى الأقصى.

ورواق قبة الصخرة مبنى على ست عشرة أسطوانة من الرخام وعلى ثمانية أركان ، والقبة التى داخله مبنية على أربعة أركان واثنى عشر عامودا ودائرها ستة عشر شباكا ، والقبة دائرها مائة وستون ذراعا ، ودائر البنية العظمى التى تحوى الجميع ثلاثمائة وأربعة وثمانون ذراعا ، ودائر الجميع مع قبة السلسلة مع ما يلائمه من العمارة أربعمائة واثنتان وثمانون ذراعا ، وعلو الدرابزين الحديد الذي يحوى هذه الصخرة قامتان ، وأبواب قبة الصخرة أربعة من الحديد ، باب منها إلى باب الرحمة ، وباب منها إلى باب جبرئيل ، وباب إلى القبلة ، وباب إلى قبة السلسلة ، ودائر قبة السلسلة ستون خطوة ، ومغارة الأرواح ارتفاعها قامة وبسطة ، وسعتها إحدى عشرة خطوة من الشرق إلى الغرب ، ومن الشمال إلى القبلة ثلاث عشرة خطوة ، ودرجها أربع عشرة درجة ، وفى سقفها روزنة من ناحية الشرق سعتها ذراع ونصف ، ودائر المغارة خمسون ذراعا ، سعة الرواق خمس عشرة خطوة ، طوله من القبلى إلى الشمالى أربع وتسعون خطوة ، علو قبة الأقصى ستون ذراعا ، دائرها ستة

٣٢

وتسعون ذراعا ، دائر أسفلها مربعا مائة وستون ذراعا ، طول الأقصى من القبلة إلى الشمال مائة وثمانية وأربعون ذراعا.

وتحت الأقصى إصطبل كان لدواب سليمان بن داود ، كما ذكروا ، به حجارة هائلة ومعالف الدواب إلى الآن ، وهناك مغارة يقال : بها مهد عيسى بن مريم عليه السلام ، وشمالى الأقصى بركة بنى إسرائيل يقال : إن بختنصر ملأها من رءوسهم.

وبالقدس كنيسة اليعاقبة : بها بئر يقال : إن المسيح اغتسل منها وآمنت السامرية على يده عندها ويزورونها ويعتقدون بها ، وبالقدس برج داود عليه السلام ، ومحرابه المذكور فى القرآن العزيز.

وبظاهر القدس من الزيارات عين سلوان : ماؤها مثل ماء زمزم ، وهى تخرج من تحت قبة الصخرة وتظهر بالوادى قبلى البلد ، وكنيسة السليق يقال : إن المسيح عليه السلام منها رفع إلى السماء ، وكنيسة صهيون يقال : إن المائدة نزلت على عيسى بن مريم والحواريين بها.

وادى جهنّم : به قبر مريم أم عيسى عليه السلام ، ينزل إليه فى ست وثلاثين درجة ، وبه من العمد المانع والرخام تحت القبة ستة عشر عامودا من الرخام ، ثمانية حمر وثمانية خضر ، وله أربعة أبواب ، على كل باب ستة عمد من الرخام المانع ، وبها كنيسة ، وهى الآن مشهد لإبراهيم الخليل عليه السلام ، وبها من الآثار والعمد شىء كثير وصنعة عجيبة.

وبالجبل مقام رابعة العدوية وقبرها ، والصحيح أن قبر رابعة العدوية فى البصرة ، وسيأتى ذكرها فى رحلة العراق ، وإنما هذه رابعة التى بالجبل هى زوجة أحمد بن أبى الحوارى ، وبه مواضع مباركة وقبور بعض الصالحين والتابعين رضى الله عنهم إلا أنها لا تعرف لاستيلاء الفرنج على البلاد ، وخلف السور من الشرق قبر شداد بن أوس الخزرجى وذى الأصابع التميمى ، وقيل : قبر شداد بفلسطين ، والله أعلم.

وأما زيارات الملة المسيحية فأعظمها كنيسة قمامة وعمارتها من العجائب المذكورة ولا بد عند ذكر الآثار صفة هيكلها وجميع ما فيها ، ولهم فيها المقبرة التى يسمونها القيامة وذلك أنهم يعتقدون أن المسيح قامت قيامته فى ذلك الموضع ، والصحيح أن

٣٣

الموضع كان اسمه قمامة لأنه كان مزبلة للبلد وكان ظاهر البلد تقطع به أيدى المفسدين وتصلب به اللصوص ، هذا ذكر فى الإنجيل ، والله أعلم.

ولهم فيها الصخرة التى يزعمون أنها انشقت وقام آدم من تحتها لأنها كانت تحت الصلبوت بزعمهم ، ولهم فيها بستان يوسف الصديق عليه السلام يزورونه ، وأما نزول النور فإننى أقمت بالقدس زمانا على عهد الفرنج إلى أن عرفت كيفية عمله.

الطريق من القدس إلى مدينة الخليل عليه السلام

قبر راحيل أم يوسف الصديق عليه السلام عن يمين الطريق.

بيت لحم : بلدة بها مولد عيسى عليه السلام ويقال : إن داود وسليمان عليهما السلام قبورهما فيه ، وبهذه الكنيسة آثار وعمارة عجيبة من الرخام والفص المذهب والعمد ، وتأريخ عمارتها يزيد على ألف ومائتى سنة ، منقور فى الخشب لم يتغير إلى زماننا هذا ، وبه موضع النخلة المذكورة فى القرآن العزيز (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ...) (سورة مريم : ٢٥) ، وبه محراب عمر بن الخطاب رضى الله عنه لم تغيره الفرنج إلى الآن (١).

حلحول : قرية بها قبر يونس عليه السلام (٢) ، وقد زرناه فى موضع آخر ، وسيأتى ذكره.

رامة : قرية بها مقام إبراهيم الخليل عليه السلام (٣).

كفر بريك : قرية بها قبر لوط ، عليه السلام ، وقبر إبراهيم بن أدهم ، والصحيح أن إبراهيم بجبلة على ساحل البحر.

ياقين : قرية بها مقام لوط عليه السلام ، وبها كان يسكن بعد رحيله من زغر ، وسميت ياقين لأنه لما سار بأهله ورأى العذاب قد نزل بقومه سجد فى هذا الموضع وقال : «أيقنت أن وعد الله حق» (٤) ، والموضع الذي خسف هو اليوم البحيرة المنتنة ، وقيل : إن الحجر الذي ضربه موسى عليه السلام (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) (سورة البقرة : ٦٠) بزغر والله أعلم.

__________________

(١) ياقوت ج ١ ص ٥٢١.

(٢) ياقوت ج ٢ ص ٢٩٠.

(٣) أورده ياقوت بنصه ج ٣ ص ١٨.

(٤) أورده ياقوت بنصه ج ٥ ص ٤٢٦.

٣٤

مدينة الخليل عليه السلام

بها مغارة فيها قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب وسارة عليهم السلام وقيل إن قبر آدم ونوح وسام فى هذه المغارة والمغارة تحت هذه المغارة التى تزار الآن.

وسمعت على الشيخ أبى طاهر أحمد بن محمد السلفى الحافظ بثغر الإسكندرية سنة سبعين وخمسمائة جزءا يرفعه إلى فلان الآدمى شذ عنى اسمه فإن كتبى أخذتها الفرنج نوبة الوقعة بخويلفة لما قصدهم الانكتار ملك الفرنج ثم أنفذ إلى رسوله ووعدنى بإعادة ما أخذه ويضاعفه وطلب الاجتماع بى فلم أمض إليه وذلك سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

وأما الجزء فإنه يذكر فيه أن الآدمى قصد زيارة الخليل عليه السلام وصادق القيم بالموضع ، وكان القيم رجلا روميّا وتقرب إليه بهدية وطلب النزول إلى المغارة فوعده عند انقطاع الزوار فى زمان الثلج ، فلما انقطع الناس أتى به بلاطة فقلعها وأخذ ما يستضيء به ونزلا فى درج مقدار سبعين درجة وانتهيا إلى مغارة واسعة كبيرة والهواء يخترق فيها وبها دكة عليها إبراهيم الخليل عليه السلام ملقى وعليه ثوب أخضر وشيبته يلعب الهواء بها وإلى جانبه إسحاق ويعقوب عليهما السلام ، ثم أتى به إلى حائط فى المغارة فقال له : «إن سارة خلف هذا الحائط» فهمّ الرجل أن ينظر ما وراء الحائط وإذا بصوت يقول : «إياك والحريم» فعاد من حيث نزلا ، والله أعلم ، وقرأت فى التوراة أن ضيعة الخليل هذه المغارة ابتاعها إبراهيم عليه السلام من عفرون بن صوحار الحتّى بأربعمائة درهم فضة ، ودفن سارة فيها ، هذا لفظ التوراة فى السفر الأول فى الجزء الخامس ، والله أعلم ، وبالخليل قبر يوسف الصديق عليه السلام خارج المغارة والصحيح الذي ذكرناه أولا.

يقول مؤلف هذا الكتاب على بن أبى بكر الهروى ـ غفر الله له ولجميع المسلمين ـ دخلت القدس سنة تسع وستين وخمسمائة واجتمعت فيه وفى مدينة الخليل عليه السلام بمشائخ حدثونى أنه لما كان فى زمان الملك بردويل انخسف الموضع فى هذه المغارة ، فدخل جماعة من الفرنج إليها بإذن الملك ، فوجدوا فيها إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام قد بليت أكفانهم وهم مستندون إلى حائط وعلى رءوسهم مناديل ورءوسهم

٣٥

مكشوفة فجدد الملك أكفانهم ثم سد الموضع ، وذلك سنة ثلاث عشرة وخمسمائة هجرية (١).

وحدثنى الفارس بيرن كان مقيما قى بيت لحم معروفا عند الفرنج لرحلته وكبر سنه أنه دخل مع أبيه إلى هذه المغارة ورأى إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب ورءوسهم مكشوفة فقلت : «كم كان عمرك» فقال : «ثلاث عشرة سنة» وقال لى : «إن الفارس جفرى بن جرج كان ممن تقدم الملك إليه ليجدد أكفانهم ويعمر ما انخسف من المغارة وهو فى الحياة» فسألت عنه فقيل : «مات منذ أيام».

يقول مؤلف هذا الكتاب : «إن صح ذلك رأيت من رأى إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام يقظة لا مناما».

ذكر الطريق من القدس إلى عسقلان

بيت جبرين : قيل : هو البلد الذي ذكره الله عز وجل فى سورة المائدة فى قصة موسى عليه السلام (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) (سورة المائدة : ٢١ ، ٢٢) وقيل : مدينة الجبارين التى أنزل فيها ذلك مدينة ريحا ، وقيل : مدينة عمّان ، وهو الأصح ، وبهذه المدينة آثار قديمة ، وفى طريقها إلى عسقلان وادى النمل ، وقيل : به خاطبت النملة لسليمان بن داود عليه السلام (٢).

ثغر عسقلان : موضع شريف وثغر قليل مثله فى البلاد فى حسنه وحصانته ، وقد ورد فيه والرباط به أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبه بئر إبراهيم الخليل عليه السلام ، قيل حفرها بيده ، والله أعلم ، وبه مشهد الحسين رضى الله عنه كان به رأسه فلما أخذتها الفرنج نقلته المسلمون إلى مدينة القاهرة ، وذلك سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

يقول مؤلف هذا الكتاب على بن أبى بكر الهروى : دخلت ثغر عسقلان سنة سبعين وخمسمائة وبتّ فى مشهد إبراهيم عليه السلام ، ورأيت فى ذلك الموضع رسول الله فى

__________________

(١) الخبر بنصه لدى ياقوت ج ٢ ص ٣٨٧ نقلا عن الهروى ، وابن إياس ج ١ ق ١ ص ٢٤٤.

(٢) ياقوت ج ١ ص ٥١٩.

٣٦

المنام وهو بين جماعة ، فسلمت عليه وقبّلت يده وقلت : «يا رسول الله ، ما أحسن هذا الثغر لو أنه للإسلام» فقال : «سيصير للإسلام ويبقى عبرة للأنام» فاستيقظت وكتبت صورة ما رأيته على حائط المشهد من جانبه القبلى وأرخته وفتح القدس وعسقلان سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، وهذا الخط قد شاهده خلق من التجار والأجناد وتأريخه سنة سبعين وخمسمائة ، والله أعلم. وبجبانة عسقلان خلق من الأولياء والتابعين لا تعرف قبورهم ، وكذلك بغزة وعكة وصور صيدا وجميع بلاد الساحل.

غزة : ثغر شريف بها ولد الإمام الشافعى رضى الله عنه وهو : محمد بن إدريس ، وبها قبر هاشم ابن عبد مناف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه عمر ، وبها أسر عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وهى مدينة قديمة مذكورة فى التوراة والداروم أيضا ، والله أعلم.

مدينة قيسارية الساحل : موضع شريف ورد فيه وفى عسقلان والرباط بها أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يبنى : بلد بين يافا وعسقلان ، بها قبر أبى هريرة رضى الله عنه (١) وزرناه فيما تقدم ، والله أعلم.

مدينة الرملة : بها قبر عبادة بن الصامت.

عمواس : بها خلق كثير من الصحابة والتابعين رضى الله عنهم ماتوا بالطاعون فى هذا الموضع ، من جملتهم : عبد الرحمن بن معاذ بن جبل وأولاده ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وجماعة لا تعرف قبورهم ، وكذلك باليرموك خلق كثير قتلوا هناك من الصحابة رضى الله عنهم مثل الطفيل بن عمرو وعكرمة بن أبى جهل لا تعرف قبورهم ، وكذلك بأجنادين أيضا.

عدنا إلى طريق عسقلان ومصر

الفرما : بها قبر جالينوس الحكيم ، وبجزيرة إسقليّة موضع يقال له : منزل الأمير به قبر يقولون : إنه قبر جالينوس أيضا ، وسيأتى ذكره ، إن شاء الله تعالى.

حوف بليس : به قرية يقال لها : صفت ، فيها قبة بها بيعت البقرة التى أمر الله عز وجل بنى إسرائيل بذبحها وتعرف بقبة البقرة إلى الآن (٢) ، والله أعلم.

__________________

(١) أورده ياقوت ج ٥ ص ٤٢٨.

(٢) أورد ياقوت بنصه ج ٣ ص ٤١٢ نقلا عن الهروى.

٣٧

بحطيط : قرية بها القبة التى ذبحوا بها هذه البقرة وتعرف بها ، والله أعلم.

غيفا : قرية عند مدينة بلبيس بها مشهد يقال : به عرف صاع العزيز.

المطرية : قرية عندها البستان الذي يستخرج من شجره دهن البلسان ، ويقال : البلسم وخاصيته فى البئر التى به ، يقال : إن المسيح اغتسل منها.

عين شمس : قرية بها آثار عجيبة هائلة وصور السباع ، وبها عمد يقال لها : مسالّ فرعون من الحجر المانع يذكر طولها وعرضها فى كتاب العجائب والآثار والأصنام ، إن شاء الله.

الطريق إلى القاهرة

مشهد زنبور ومشهد التبر : موضعان مباركان ، يقال : إن رأس الحسين رضى الله عنه لما نقل من عسقلان إلى القاهرة حط فى هذا الموضع ، وبالقصر مشهد به رأس الحسين فى صندوق مقفل عليه ، وخلف القصر الركن المخلق ينذر له ، وظاهر القاهرة مشهد به صخرة موسى بن عمران عليه السلام ، وبه أصابع يقولون : إنها أصابعه ، وبهذا الموضع اختبأ من فرعون لما خافه.

ذكر المشاهد التى عند جامع ابن طولون : مشهد به قبر نفيسة ابنة الحسين بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، ومشهد به قبر فاطمة ابنة محمد بن إسماعيل ابن جعفر الصادق ، وقبر آمنة ابنة الإمام محمد الباقر ، ومشهد به قبر رقية ابنة على بن أبى طالب ، ومشهد به قبر آسية زوجة فرعون.

ذكر زيارات القرافة

وهى جبانة فى جبل المقطم ، وهذا الجبل قيل : إنه من طور سيناء الذي كلم الله عز وجل موسى عليه السلام عليه وهو متصل به ، وبها مشهد به قبر الإمام محمد بن إدريس الشافعى رضى الله عنه وهو ابن الشافع بن السائب ، ولد بغزة سنة خمس ومائة توفى يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين وله أربع وخمسون سنة ، ورأيت فى مشهده مكتوبا على الحائط شعرا.

أعجوبة من عجب الدهر

إطباق لوحين على بحر

٣٨

وقيل لما مات رئى تحت رأسه رقعة فيها مكتوب بخطه :

أليس عجبا بأن امرءا

مليح الخلال دقيق الحكم

يموت وما حصّلت كفّه

سوى علمه أنه ما علم

وعنده فى المشهد قبر على بن الحسين بن على زين العابدين رضى الله عنه ، وقبر الشيخ أبى عبد الله بن الكيرانى ، وعنده قبور أولاد الحكم طلبة الشافعى.

وإلى جانبه مشاهد أهل البيت ، منهم مشهد به قبر على بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، ومشهد به قبر آمنة ابنة موسى الكاظم ، ومشهد به قبر يحيى بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ، وبه قبر أم عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، وبه قبر يحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، وبه قبر عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، وبه قبر عيسى بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، ومشهد به قبر القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، ومشهد به كلثم ابنة القاسم بن محمد بن جعفر الصادق.

وعلى باب الكوريين بمصر : مشهد به قبر فيه رأس زيد بن على زين العابدين ، وذلك أنه قتل بالكوفة وصلب وأحرق وبعث برأسه إلى مصر ، وعلى باب درب معانى : قبر حمزة ابن شعلة القرشى ، وعلى درب الشعارين المسجد الذي باعوا يوسف عليه السلام فيه بذلك المكان.

وبالقرافة من الصحابة والتابعين والصالحين خلق كثير منهم : يحيى بن عثمان الأنصارى ، وقبر عبد الرحمن بن عوف الزهرى ، والصحيح أن عبد الرحمن بالمدينة ، وقبر صاحب الكلوتة من الجيش ، وقبر عقبة بن عامر الجهنى ، والصحيح أن عقبة بالبصرة ، وقبر عبد الله بن حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبر عبد الله ، مولى عائشة رضى الله عنها ، وقبر عروة وأولاده ، وقبر دحية الكلبى ، وقد تقدم ذكره ، وقبر عبد الله بن سعد الأنصارى ، وقبر سارية وأصحابه ، وقبر معاذ بن جبل ، والصحيح أن معاذ بناحية الأردن ، وقد تقدم ذكره ، وسيأتى ذكره فى رحلة ديار بكر ، وفى رحلة اليمن ، إن شاء الله تعالى.

٣٩

وبالقرافة قبر معن بن زائدة ، والصحيح أنه بسجستان ، وسيأتى ذكره ، وقبور أولاد أبى هريرة اثنان لا تعرف أسماؤهما.

وبالقرافة قبر روبين بن يعقوب ، وقبر اليسع ، وقد زرناه فيما تقدم ، وسيأتى ذكره فى رحلة ديار بكر إن شاء الله تعالى ، وقبر يهوذا بن يعقوب ، وقد ذكرناه فيما تقدم ، وقبر ذى النون المصرى ، وقبر خال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخى حليمة السعدية ، وقبور اثنين من أولاد أبى بكر الصديق رضى الله عنه لم أعرف أسماءهما ، وقبر أبى مسلم الخولانى ، والصحيح أنه بغباغب ، قرية من أعمال دمشق ، وقيل : بخولان عند داريا ، وقد تقدم ذكره ، وقبر عبد الله ابن عبد الرحمن بن عوف الزهرى.

وبالقرافة من الصالحين : قبر أشهب ، وقبر عبد الرحمن بن القاسم ، وقبر ورش ، صاحب نافع ، وقبر الفقيه أبى الثريا ، وقبر عبد الكريم من الجيش ، ومقام ذى النون ، وقبر شقران شيخ ذى النون ، وقبر الكنز ، وقبر أحمد الروذبارى ، وقبر الزيدى ، وقبر العيناء ولها حكاية ، وقبر أبى الحسن على السقطى ، وقبر الناطق والصامت ، وقبر عبد الرحمن بن زغارة ، وقبر الوراد ، وقبور اليخموريين ، وقبر الشيخ بكار والأبار ، وقبر الشيخ أبى الحسن الدينورى ، وقبر الجميزى ، وقبر ابن طباطبا ، وقبر ابن العجوز ولها حكاية ، ومشهد الفتح والأندلس ، وقبر الأنبارى ، ومشهد محمد بن أبى بكر الصديق ، وبه قبره ، وقيل : إنه أحرق ظاهر البلد ودفن باطنه.

وبمصر تربة عفان ، وليس عفان أبا عثمان رضى الله عنه ، وإنما هذا عفان له حكايات عجيبة مشهورة بالديار المصرية ، وقبره يزار من نواحى البلاد وينذر له ، وبمصر فى دار الأنماط مسجد يقال : عمرته الصحابة رضى الله عنهم ، وبها من الصحابة عمرو بن العاص لا يعرف قبره ، وبها قبر أبى نضرة الغفارى فى بركة رميس ، وقبر عبد الله بن الحارث بن جزء بقرية تعرف بقرنفيل ، وبالقرافة مشهد موسى بن عمران ، عليه السلام ، وموضع قدمه ، والله أعلم.

وقبالة مصر المقياس الذي تعرف به زيادة النيل ونقصانه وعمارته عجيبة وتأريخ عمارته سنة سبع ومائتين ، وقيل : بناه الإمام المأمون وجدده المتوكل.

الجيزة : غربى مصر بها قبر ابن كعب الأحبار وابن أبى هريرة وهما فى مشهد لم أعرف

٤٠