تاريخ أهل عمان

المؤلف:


المحقق: دكتور سعيد عبد الفتاح عاشور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٨٩

البلد ، فسألهم عما كان يأخذ عليهم نبهان ، فقيل إنه كان يأخذ نصف غلة النخل وربع الزرع ، فاقتصر عليهم الأمير عمير بن حمير بعشر الزرع. وأما أموال السلطان [فهي](١) لمن أقام بالحصن ، وجعل [في الحصن](٢) عمر بن محمد بن أبي سعيد ، ورجع الأمير عمير بن حمير وسيف بن محمد إلى بهلا.

ثم إن نبهان بن فلاح أخذ جنودا من أخواله ـ آل الريس ـ ووصل بهم إلى الظاهرة ، ودخل فدى ، وأقام فيها مدة أيام ، ثم جاء أحد ممن كان له مصاحبا من أهل ينقل من قبل ، فقال له : «نحن ندخلك البلد ، ونثبت قدمك ، ونشد عضدك ، وننصرك [م ٣٤٠] على القوم ، ونستفتح لك الحصن» : فسار بقومه ، وأدخله ينقل ليله النصف من ربيع الآخر ، سنة ست وعشرين بعد الألف ، وحكم مقابض البلاد من أولها إلى آخرها ، إلا الحصن ، وكان فيه قبيلة من بنى علي ، فتحصنوا ، وأحدق بهم نبهان ، واستقام بينهم القتال. فخرج رجل من أهل الحصن ، ومضى [إلى](٣) الأمير قطن بن قطن.

وكان الأمير يومئذ ناصر بن ناصر ، فركب معه محمد بن محمد بن محمد بن جفير ، وعلي بن قطن بن قطن ، وقطن بن علي بن هلال ، وناصر بن ناصر بن قطن ، بما عندهم من القوم ، وكان مسكنهم ببادية الشمال ، فساروا حتى دخلوا ينقل ، فاستقام بينهم وبين نبهان بن الفلاح القتال ، واشتد الطعن والنزال ، وارتفع العجاج ، وارتجت الفجاج ، فانكسر عسكر [السلطان](٤) نبهان بن فلاح ، فمنهم من قتل ، ومنهم من طلب التسيار فسير ، ومنهم من مضى على وجهه.

__________________

(١ ، ٢) ما بين الحواصر إضافات لضبط المعنى

(٣) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى

(٤) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح

١٢١

وبلغ الخبر إلى سيف بن محمد الهنائى (١) أن نبهان بن فلاح دخل [م ٣٤١] ينقل ، فخرج بعساكره ليقاتل نبهان ، فلما كان ببعض الطريق ، بلغه ما وقع على السلطان نبهان بن فلاح من الأمر الكائن والقدرة الغالبة ، فرجع (٢) بعسكره إلى بهلا.

وأما الأمير عمير بن حمير ، فإنه كان يومئذ يجمع الجموع لينصر بهم السلطان مالك بن أبي العرب اليعربي على بني لمك ، فأمده بعساكر جمة ، وكانت الدائرة (٣) على بني لمك.

__________________

(١) في الأصل (الهناوى)

(٢) في الأصل (خرج)

(٣) في المتن (الدايرة)

١٢٢

أئمة القرن الحادي عشر

ولبث سيف بن محمد الهنائي (١) في بهلا ، وآل عمير في سمائل ، ومالك بن أبي العرب اليعربي في الرستاق ، والجبور في الظاهرة ، إلى أن ظهر الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ـ رحمه الله ـ واستفتح جميع عمان ، ودانت له كافة البلدان ، وطهرها من البغي والعدوان ، والكفر والطغيان ، وأظهر فيها من العدل والأمان ، وسار في أهلها بالحق والإحسان ، إلى أن توفاه الله إلى دار الرضوان ؛ ومن عليه وعلينا بالمغفرة والرضوان ، إنه كريم منان.

الإمام ناصر بن مرشد :

وسنشرح [م ٣٤٢] ظهوره بعد أن بغى أهل عمان بعضهم على بعض بلاغتصاب والنهب ، وصار بعضهم على بعض كالذئاب (٢) ، وانهمكوا في الهوان والعذاب ، لهم نفوس عالية ، وقلوب ضارية ؛ وهمم متطاولة منزوعو الرحمة ، ويطلبون لأنفسهم القمة ، وسلب الله منهم النعمة حتى أيدهم الله بالإمام المسدد ، والهمام الممجد ، ناصر بن مرشد.

وكان ظهوره [بعدما اشتدت الفتن](٣) بين أهل الرستاق ، [ووقعت](٤) إحن بينهم وشقاق ، وسلطانهم يومئذ مالك بن أبي العرب

__________________

(١) في الأصل (الهناوى)

(٢) في الأصل (كالذياب)

(٣) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال المعنى

(٤) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال المعنى.

١٢٣

اليعربي ، فاستشار أهل العلم ، [و](١) أهل الاستقامة في الدين ، أن ينصبوا لهم إماما يأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر ، فأمضوا نظرهم ؛ وأجالوا فكرهم ، من يكون أهلا لذلك ، والقدوة يومئذ الشيخ العالم خميس بن سعيد بن علي الشقصي الرستاقي.

فاجتمعت آراؤهم أن ينصبوا السيد الأجل [ناصر بن مرشد](٢) ، فمضوا إليه ، وطلبوا [م ٣٤٣] منه ذلك ، ورغبوه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجابهم إلى ذلك ، فعقدوا في عام أربع وثلاثين بعد الألف ، وكان مسكنه قصرى (٣) من بلد الرستاق ، فأظهر العدل ودمر الجهل.

وعضده رجال اليحمد بأنفسهم ، وأمدوه بأموالهم وذخائرهم (٤) وأجمع رأيهم أن يهجموا على القلعة ليلا (٥) وكان فيها بنو عمه ، بعد موت جده مالك ، فاستفتحها الإمام ثم توجه إلى قرية نخل ، وكان فيها عمه سلطان بن أبي العرب ، فحاصرها (٦) أياما ثم افتتحها. وكانت فرقة من أهلها غير تابعة للإمام ، فظاهرت عليه الأعداء ، فحصروه [في الحصن](٧) ثم أتاه رجال اليحمد ، فنصروه ، فبدد الله شمل أعدائه ، ورجع (٨) إلى الرستاق ، بعد أن جعل فيها واليا.

__________________

(١) ما بين حاصرتين إضافة المعنى

(٢) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح

(٣) في الأصل (قصر)

(٤) في الأصل (ذخايرهم)

(٥) يعني قلعة الرستاق

(٦) في الأصل (محاصره)

(٧) ما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ٤)

(٨) في الأصل (ومضى). والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ١ ، ص ٤)

١٢٤

ثم قدمت عليه رسل من نزوى يدعونه إلى ملكها ، فأجابهم إلى ذلك فسار إليه بجنده حتى نزل بشرجة صفد ، من سمد الكندي (١) ، وأقام بها ليلة ، فلم يفوا له بما وعدوه فرجع إلى الرستاق [م ٣٤٤]

فأتى إليه أحمد بن سليمان الرواحى (٢) ـ في جماعة من بني رواحة ورجال من قبل مانع بن سنان العميرى (٣) ، وأقاموا عنده مدة يدعونه إلى ملك سمائل ، ووادى بنى رواحة ، فأجابهم. وسار في رجال اليحمد ، حتى وصل سمائل ، فترك بعض قومه عند مانع بن سنان ، ومضى إلى وادى بنى رواحة.

واتفق الرأي منه ـ ومن مانع ، [أن يتوجها](٤) إلى نزوى.

وسار [الإمام](٥) إليها ، فصحبه القاضي خميس بن سعيد ، ونصرته عصبة من أهل أزكى بالمال والرجال ، فاحتوى على أزكى فسار قاصدا إلى نزوى ، فالتقاه أهلها بالكرامة ، ودخلها في حال السلامة.

وكان محله العقر (٦) ، فأقام فيها العدل والانصاف بعض الشهور. ثم اجتمعت آراء بنى بو سعيد (٧) ـ وهم رؤساء العقر ـ ان يخرجوا منها فلما كان يوم الجمعة ، خرج الإمام للصلاة بالجامع ، وخرجوا إلى الصلاة فأتى إلى الإمام من كان محبا ، فأخبره بما أضمروا.

__________________

(١) في تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ٤) «من سمد نزوى».

(٢) في الأصل (الرويحى).

(٣) جاء في تحفه الأعيان للسالمي أن مانع بن سنان العميري كان (ملك سمائل عندئذ).

(٤) ما بين حاصرتين إضافة.

(٥) ما بين حاصرتين إضافة.

(٦) أى أنه نزل العقر من نزوى

(٧) كذا في الأصل. وفي كتاب الفتح المبين لابن رزيق ـ ص ٢٦٥ ـ (بني أبي سعيد).

وفي تحفة الأعيان للسالمي ـ ج ٢ ، ص ٤ ـ (بنو أمبو سعيد).

١٢٥

فتحقق الإمام خبرهم وأمر بإجلائهم [م ٣٤٥] من البلد ، ونهى عن قتلهم والبطش بهم ، فأخرجوا منها كرها ، فتقرقوا في البلدان.

والتجأ جمهورهم إلى مانع بن سنان ، وكان مانع قد عاهد الإمام ، وحلف له على اتباع الحق ، فنقض العهد ، وفرقة التجأت (١) إلى [سيف بن محمد](٢) الهنائي ببهلا ، ووازرته على حرب الإمام فاستقام الحرب بين الإمام والهنائي.

وأمر الإمام بتأسيس حصن في عقر نزوى وكان قديما قد بناه الصلت بن مالك فأتم (٣) الإمام بنيانه.

وجاء إليه أهل منح يدعونه إلى إقامة العدل فيهم ، فتوجه إلى منح وافتتحها. فأظهر العدل فيها ، وظاهره أهلها بأموالهم وأنفسهم ، ثم رجع إلى نزوى.

ثم أتاه أهل سمد الشان ، وكان المالك لها (٤) علي بن قطن الهلالي فوجه الإمام لها جيشا يقدمهم الشيخ الفقيه مسعود بن رمضان ، فافتتحها.

ثم أتاه أهل ابرا (٥) ، وكان المالك لها محمد بن جيفر بن جبر ، فجيش عليها الإمام فافتتحها.

__________________

(١) في الأصل (التجت)

(٢) ما بين حاصرتين إضافة لاستبكمال الإسم ؛ وفي الأصل الهناوى

(٣) في الأصل (فأقام) والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمى (ج ٢ ، ص ٥)

(٤) في المتن (بها)

(٥) في الأصل (ابرى (والصيغة المثبتة من كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٦٦) وتحفة الأعيان للسالمى (ج ٢ ، ص ٥)

١٢٦

ودانت له [م ٣٤٦] سائر (١) الشرقية ماخلا صور (٢) وقريات ، فإنهما كانتا في أيدي النصارى.

ثم إن الإمام جهز جيشا ؛ وسار على الهنائي ببهلا ، فوصل إلى قاع المرخ ، فخان بعض جيشه فرأى الرجوع أصلح.

فرجع إلى نزوى ، فجعل يجمع الجيوش والعساكر ، فاجتمع له جمع كثير. فسار بهم قاصدا إلى الظاهرة ، وافتتح بهم وادي فدى ؛ وأمر ببناء حصنها. ونصره أهل العلاية من ضنك ، وكان مقدمهم خميس بن رويشد العالم ، ورجال الغياليين ، واستقام أمره بها على رغم القالين.

ثم خرج الإمام يطوف على البلدان التي ملكها ، حتى وصل إلى سمد الشان. ورجع إلى الرستاق ، ومعه بنو ريام إلى أن أقبل جند محمد بن جفير إلى قرية نخل (٣) ، فدخلوها واحتووا عليها ، ما خلا الحصن فنهض عليهم الإمام بجيش عرموم ، ونصره رجال المعاول ، فما لبث جند محمد بن جفير فيها ليلة أو ليلتين ، حتى ولى الأدبار.

ثم رجع الإمام إلى الرستاق ، فأقبل [م ٣٤٧] إليه الشيخ خميس بن رويشد يستنصره على الظاهرة ، فجهز الإمام جيشا ، وسار عنده حتى نزل بالصخبري ، ونصره أهل السر (٤) ورجال الضحاحكة بالمال والرجال.

__________________

(١) في الأصل (ساير)

(٢) صور بلد على ساحل عمان مقابل جعلان ، وقرى جعلان لها أعمال ، عمرت بعدما خربت قلهات ، عمرها آخر ملوك بنى نبهان (الشعاع الشائع باللمعان ، ص ٩٦).

(٣) يعني أن محمد بن جفير خرج على الإمام ، وهجم بجنده على قرية نخل ، فدخلوها (أنظر تحفة الأعيان للسالمي ج ٢ ، ص ٦ ؛ الفتح المبين لابن رزيق ، ص ٢٦٦)

(٤) في اتلأصل (أهل السرور) وهو تحريف

١٢٧

ومضى قاصدا حصن الغبي ؛ وفيه جمهور آل هلال ، ومعهم البدو والحضر ، فاستقام بينهم الحرب ، وكانت وقعة عظيمة ، قتل فيها أخو (١) الإمام جاعد بن مرشد.

ثم توجه [الإمام](٢) إلى عبري فافتتحها ، وأقام الإمام بها ليلتين ورجع [إلى](٣) الصخبري وحصر حصن الغبي حتى فتحه الله له ، فولى فيه خميس بن رويشد ، وجعل بقرية بات واليا من أهل الرستاق ، وجعل معه محمد بن سيف الحوقاني ، وأمرهما بفتح ما بقي من قرى الظاهرة ورجع الإمام إلى نزوى.

[فأذعنت للإمام قرى الظاهرة ، إلا بلدة ضنك فإنها ضنك فإنها قد استولى يومئذ عليها بنو هلال](٤) ، وكانوا بناحية الأفلاج من ناحية ضنك. فالتقاهم الواليان (٥) بالدير (٦) ، ففضّا جمعهم ، وأخذوا إبل قطن بن قطن لينتصروا بها عليهم ، وحاصروا حصن [م ٣٤٨] قطن بن قطن ، فركب قطن إلى الإمام ، ففدى (٧) إبله بتسليم حصنه (٨) فأنعم له الإمام برد الإبل ، وسلم الحصن ، فأقام له الإمام واليا.

__________________

(١) في الأصل (أخ الإمام).

(٢) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح.

(٣) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال المعنى.

(٤) العبارة مضطربة في الأصل ، نصها (ورجع الإمام إلى نزوى ، فغزا بها آل هلال ، وكانوا بناحية الأفلاج من ناحية ضنك) وما بين حاصرتين من كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٦٧).

(٥) يقصد بالواليين هنا الوالي الذي عينه الإمام على حصن بات ، والشيخ محمد بن يوسف الحوقاني الذي جعله الإمام مع الوالي المذكور ، كما سلف في النص.

(٦) اسم موضع سبق ذكره.

(٧) في الأصل (ففدا).

(٨) يعني حصن ضنك.

١٢٨

ثم توجه الولاة (١) إلى حصن مقنيات ، فحاصروه. وكان به وزير من قبل الجبور (٢) ، فجيش الجبور بني هلال ـ من بدو وحضر ـ وأولاد الريس ، ونهضوا إلى مقنيات ، فظنوا أن لا طاقة لهم بها (٣) فقصدوا إلى بات ، فخاف الولاة عليه الغلبة [لقلة الماء](٤) ولأنه عليه المعتمد

فسار المسلمون من مقنيات ، ولم تشعر بهم الجبور ، فوقع القتال بينهم ثم رجعت الجبور إلى مقنيات ، فسار إليهم المسلمون ، فوقع بينهم القتال من صلاة الفجر إلى نصف النهار ، فشق ذلك على المسلمين وكثر القتل في البغاة حتى قيل إنهم عجزوا عن دفنهم. وكانوا السبعة والثمانية في خبة واحدة (٥) وثبت الله المسلمين.

فلما بلغ الخبر إلى الإمام ، جيش جيشا ، وأم به [م ٣٤٩] الهنائي (٦) ببهلا ، وكان دخوله بهلا ليلة عيد الحج ، فحاصرها شهرين إلا ثلاثة أيام ثم أقبلت الجبور لنصرة الهنائي (٧) ، فالتقتهم جحافل الإمام ، فاقتتلوا قتالا شديدا [وقتل](٨) من جيش [الجبور](٩) قاسم بن مذكور

__________________

(١) كذا في الأصل ، وفى كتاب الفتح المبين لابن رزيق (توجه الواليان) وهي الصيغة الأصوب.

(٢) في الأصل (فكان به وزير من قبل الوزير من قبل الجبور) وهو تحريف والجبور قبيلة.

(٣) في الأصل (بهم).

(٤) ما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢١ ، ص ٦).

(٥) الخب والخبيب : الخد في الأرض (لسان العرب).

(٦) في الأصل (الهناوى).

(٧) في الأصل (الهناوى).

(٨ ، ٩) ما بين حاصرتين تكملة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ٧).

١٢٩

الدهمشي ، وأناس كثير. فرجع الجبور وبقي الهنائي (١) ومن معه محصورين ، حتى سلم الحصن ، وخرج منه جميع رجاله ، وآلة حربه وماله ، وبقي الحصن خاليا ، فأقام الإمام به واليا ، ورجع إلى نزوى.

ثم توجه الإمام قاصدا إلى سمائل ، لمحاربة مانع بن سنان العميرى فلما سمع مانع بإقبال الإمام إليه ، لم يمتنع منه. وصالح الإمام على أن لا يخرجه من حصنه ، بل يكون تابعا للحق ، فتركه الإمام ، ثم عزم الإمام على بنيان حصن سمائل القديم ، فأسس بنيانه ، وشيد أركانه ، وجعل فيه واليا ، ورجع إلى نزوى.

ثم جهز [الإمام](٢) جيشا إلى مقنيات ، وسار إليها فلما وصلها وقعت بينهم الحروب ، فنصره الله [٣٥٠] عليهم ، [فما](٣) لبثوا في حصنهم [إلا](٤) دون ثلاثة أشهر ، وافتتح الإمام الحصن ، وجعل فيه محمد بن علي بن محمد واليا.

فلم يزل سعيد الخيالي وجماعته مسرين البغض للإمام ، يكاتبون الجبور حتى أدخلوهم قرية الصخبري ، وقتلوا رجلا من الضحاحكة وناسا من شراة الإمام وغيرهم ، وحصل فيها جيش الإمام في الحال ، فوقعت فيها وقائع (٥) كثيرة : منها بالعجيفة وهي وقعة شديدة ، ووقعة بالغابة ، ووقعة بالمطهرة ، ووقعة بالزيادة ، ووقائع (٦) شديدة حتى كاد ركن الإسلام يتضعضع.

__________________

(١) في الأصل (الهناوى)

(٢) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح

(٣) في الأصل (حتى)

(٤) ما بين حاصرتين إضافة

(٥) في الأصل (وقايع)

(٦) في الأصل (وقايع)

١٣٠

وكثير من القوم أدبر عن الوالي ، وما بقي عنده إلا قليلا ، وهو في حومة العدو ، والجموع مشتملة عليه ، حتى كاد يوهى عزمه من الخوف فبقى في حصن الغبّي محصورا ، والوالي فيه محمد بن سيف ، وتصحح الخبر عند الوالي محمد بن علي في مقنيات ، فجيّش الجيوش ، وقصد ناصرا لمحمد بن سيف بحصن الغبي ، فدخل البلد من غير علم الأضداد [م ٣٥١] وفرق شملهم في سائر (١) البلاد ، فمنهم من دخل الصخبري ، ومنهم من هرب في الفيافي ، ومنهم من قصد ينقل ، وهي ملك ناصر بن قطن بن جبر ، ونصر الله المسلمين.

ثم إن مانع بن سنان كاتب سيف بن محمد الهنائى (٢) بالكتمان ، ونكث العهد وخان ، وجيش الجيوش ، ودخلا نزوى ولم يخل أهلها من الخديعة والعصيان ، بل كان ذلك سرا بينهم ، وظاهرهم على ذلك بعض القبائل ، فدخلوا نزوى ، واحتووا على العقر ، وما بقي للإمام سوى الحصن ، وداروا به أشد مدار ، وكادوا لكثرتهم أن يهدموا عليه الجدار ، حتى جاءتهم النصرة من أزكى وبهلا ، ومعهم بنو ريام فدخلوا على الإمام ، فسر بقدومهم. فتفرقت عنه جيوش أعدائه ، وقتل منهم من قتل.

فحينئذ اشتد عزم الإمام ، وقوى سلطانه. فأشاروا على الإمام ذوو الرأي بهدم حصن مانع بن سنان ، فعلم مانع بتجهيز الجيش [م ٣٥٢] إليه ، فانهزم من حصنه إلى فنجا (٣). وجاء الجيش ، فهدم الحصن ، وقصد مانع بن سنان إلى مسكد ثم سار إلى لوى [عند](٤) محمد بن جفير.

__________________

(١) في الأصل (ساير)

(٢) في الأصل (الهناوى)

(٣) بلدة في وادي سمائل

(٤) في الأصل (مع)

١٣١

ثم وجه الإمام الجيش إلى بلاد سيت (١) وذلك أن سيف بن محمد الهنائي (٢) ، لما خرج من بهلا ، بنى (٣) حصنا ببلاد سيت ، وكان قائد (٤) الجيش عبد الله بن محمد بن غسان ، مؤلف كتاب «خزانة الأخيار في بيع الخيار». فلما نزل الجيش إلى بلاد سيت ، خرج الهنائي (٥) من الحصن هاربا ، فأمر الوالى بهدم حصنه فهدم. ثم أتى الهنائي (٦) إلى الإمام يطلب منه العفو والغفران ودانت للإمام جميع القبائل من عمان.

ثم جهز الإمام جيشا عظيما ، وسار فيه بنفسه ـ و [قاضيه](٧) الشيخ خميس ابن سعيد الرستاقي ـ قاصدا ناصر بن قطن في (٨) ينقل ، فحصرها أياما وافتتحها ، وجعل فيها واليا ، ورجع إلى الرستاق.

ثم جهز جيشا قويا ، وأمر عليه الشيخ عبد الله بن محمد بن غسان النزوي. وأمره أن [م ٣٥٣] يقصد الجو ، وصحب الجيش الشيخ خميس بن رويشد الضنكى ، وحافظ بن جمعه الهنوي ، ومحمد بن علي الرستاقي ، ومحمد بن سيف [الحوقاني](٩) واليا ثم قصد بالجنود متوجها إلى قرية لوى.

وذلك أن الجبور اختلفوا فيما بينهم ، وقتل محمد بن جفير ، ووقعت بينهم العدواة فنزل عبد الله بالجامع منها ، ودارت عساكره بالحصن.

__________________

(١) دارسيت

(٢) في الأصل (الهناوى)

(٣) في الأصل (بنا)

(٤) في الأصل (قايد) يعنى قائد جيش الإمام

(٥) في الأصل (الهناوى)

(٦) في الأصل (الهناوى)

(٧) ما بين حاصرتين إضافة

(٨) في الأصل (إلى)

(٩) ما بين حاصرتين اضافة من تحفة الأعيان للسالمى ج ٢ ص ٩

١٣٢

وكان مالكه سيف بن محمد بن جفير الهلالى ، وأما إخوته ووزراؤه ، فالتجؤوا إلى النصارى بصحار وكان مانع بن سنان العميري يومئذ بها (١) وكانوا (٢) يغزون جيش الإمام المحاصرين لحصن لوى بالليل ، ويمدون جماعتهم بالطعام وآلة الحرب.

ثم كاتب أبناء محمد بن جفير يسعون في أنواع الصلح. فعلم الوالي أنها خديعة ، فجهز لهم جيشا ، فأمر عليه محمد بن علي ، فسار محمد بمن معه ، فهجم عليهم قبل الفجر : وهم بالموضع المسمى المنقل ، مما يلى الجنوب من الحصن ، على ساحل البحر. فدارت بينهم رحى الحرب [م ٣٥٤] ، واشتد بينهم الطعن والحرب.

ثم رجع محمد [بن علي](٣) بمن معه إلى حصن لوى ، فلم يزالوا محاصرين الحصن ، حتى أرسل إليهم سيف بن محمد يريد الأمان ليخرج من الحصن. فأعطاه الوالي الأمان ، فخرج بمن معه ، ودخل الوالي الحصن ، وقد ساعد الوالي على حصر الحصن ناصر بن قطن (٤) ، ورجال العمور (٥) وجعل عبد الله [بن محمد](٦) في الحصن [محمد بن علي](٧) واليا من جانبه (٨) ، ورجع هو إلى الإمام.

__________________

(١) يقصد بلوى ـ في حصنه ـ مع سيف بن محمد بن جفير

(٢) الضمير عائد على إخوة سيف بن محمد بن جفير ووزرائه الذين التجؤوا إلى النصارى في صحار

(٣) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال الاسم

(٤) انظر كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٧١) ، وتحفة الأعيان للسالمى ٢ ص ٩

(٥) في الأصل (الجبور) والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمي ج ٢ ، ص ٩

(٦) ما بين حاصرتين إضافة من كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٧١)

(٧) ما بين حاصرتين إضافة من كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٧١)

(٨) في الأصل (من جنابه)

١٣٣

ثم جهز الإمام جيشا ، وأمر عليه الشيخ مسعود بن رمضان ، وأمره أن يقصد بهم مسكد فسار حتى نزل طوي الرولة من المطرح (١) ، فدارت رحى المنون بين [المسلمين](٢) والمشركين ؛ فنصر الله ، المسلمين فهدوا من مسكد بروجا باذخة شامخة ، وقتل من المشركين خلق كثير ثم إنهم طلبوا الصلح ، فصالحهم الوالي على فك ما بأيديهم من الأموال التي للعمور والشيعة من صحار فأذعنوا بالطاعة ، فأمنهم على ذلك ، وأخذ منهم العهود على الوفاء [م ٣٥٥] ورجع إلى الإمام.

ولم يزل مانع بن سنان كامن العداوة الإمام ، قادحا في ملكه [و](٣) في فساد الدولة ، فاستأذن مداد بن هلوان الإمام في قتل مانع بالخديعة ، فأذن له ، فكاتبه مدام ليدخله حصن لوى ، وطمعه فيه بلطف كلامه.

وكان في لوى حافظ بن سيف [واليا](٤) ولم يزل مداد يكاتب [مانع بن سنان](٥) العميري بالمودة والنصيحة ، ويحلف له بالأيمان الصحيحة لئلا يدخل في قلبه الظنون القبيحة.

ففرح بذلك مانع ، واستبد برأيه ، وكان مسكنه قرية دبا (٦) فركب منها إلى صحار ، فأقام بها أياما ينتظر [العون](٧) من مداد فجدد له مداد العهود على ما وعده ، فركب [مانع](٨) إلى لوى ؛ ونزل بها بعدما ضمن له مداد بدخول الحصن ووعده على ليلة معلومة فلما كانت (٩).

__________________

(١) طوى الرولة ، مزرعة شجر الرولة ، والمطرح مدينة غربي مسقط.

(٢) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى وكانت مسقط (مسكد) عندئذ بيد النصارى من البرتغاليين.

(٣) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى.

(٤) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح.

(٥) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح.

(٦) قرية على الساحل.

(٧) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال المعنى.

(٨) ما بين حاصرتين إضافة للتوضيح.

(٩) في الأصل (كان).

١٣٤

تلك الليلة فرق الوالى العسكر يدورون في البلاد ـ كأنهم يسيرون ـ وتعاهدوا أن يلتقوا على مانع من اليمين والشمال ، فلم يدر مانع إلا وقد [م ٣٥٦] أحاطت به الرجال من يمين وشمال ، فأخذ حينئذ قهرا ، وقتل صبرا وتفرقت جنوده ، وقتل من بقى معه.

ثم إن الإمام جهز جيشا وجعل عليه علي بن أحمد ، وعضده ببنى عمه من آل يعرب وأمره بالمسير إلى قرية جلفار ـ وهى الصير ـ وكان المالك لها يومئذ ناصر الدين العجمي ، وعنده عساكر من العجم فحصرهم علي بن أحمد بحصن الصير ، فنصبوا له الحرب ، وقوي بينهم الطعن والضرب وظاهرتهم فرقة من أهل الصير على جيش الإمام.

وكان بحصن الصير برج معتزل له جدار متصل بالحصن ، وفيه قوم تقاتل بالليل والنهار ، وكانت غربان (١) النصارى في البحر تدفع بمدافعها المسلمين عن الحصن فعزم المسلمون على الهجوم على البرج ، فهجموا عليه ليلا وأخذوه قهرا ومالوا على الحصن فافتتحوه ، وجعل فيه قائد (٢) الجيش واليا.

ثم أقبل بعض الجيش ، وفيهم الدهامش وخميس بن مخزوم [فزحفوا بجلفار](٣). وكان فيها حصن على [م ٣٥٧] الساحل للأفرنج ، فدخل الجيش [تلك الجهة](٤) نهارا ، واحتووا عليها ، وحصروا من كان في الحصن ، وبنوا فيها حصنا فذلت دولة المشركين ، وطلبوا الصلح ، فصالحهم الوالي ، فهبطوا من الحصن فجعل الوالى فيه واليا ، وترك معه بعض العسكر.

__________________

(١) الغربان ومفردها غراب ، نوع من السفن الحربية تركب فيها المقاتلة والرماة (ابن مماتى : قوانين الدواوين ص ٣٣٩ ـ ٣٤٠)

(٢) في الأصل (قايد)

(٣) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح (الفتح المبين لابن رزيق ، ص ٢٤٧)

(٤) في الأصل (فدخلها الجيش نهارا) وما بين حاصرتين إضافة للتوضيح

١٣٥

ورجع علي بن أحمد بمن معه من العسكر إلى نزوى ، فاستبشر الإمام بقدومه وبفتح الصير.

ثم إن الإمام [اتفق](١) ووالي لوى ـ وهو حافظ بن سيف ـ ، وكان معه رجال من العمور شراة ، أن يصير إلى صحار ، ويبني فيها حصنا فأرسل الوالي إلى من بقربه من القرى من بني خالد وبني لام والعمور ، فاجتمعت عنده عساكر كثيرة وكان رجال من صحار يدعونه إلى ملكها ، فمضى بجيشه ، وبات بقرية عمق ، وصبح للبلد ضحى ولم يعلم به أحد من الأعداء وذلك آخر يوم من المحرم سنة ثلاثة وأربعين بعد الألف. فأناخ بمكان يسمى البدعة من صحار.

وصار المشركون على المسلمين ، واشتد بينهم الطعن والضرب [وزحف المسلمون على المشركين حتى وصلوا إلى حصن ابن الأحمر](٢) وكانت [م ٣٥٨] النصارى تضرب بمدافعها من الحصن ثم انتقل الوالي من مكان إلى مكان آخر ، ولم تزل الحرب بينهم وضرب المدافع وجاءت ضربة مدفع فأخترقت القوم حتى وصلت مجلس الوالي ، وأصابت راشد بن عباد ، فمات شهيدا (٣) ، رحمه الله فعزم الوالي على بناء حصن ، فأمر بتأسيسه في الحال ، حتى تم بنيانه ، فترل به الوالى ولم تزل الحرب بينهم قائمة الليل والنهار.

__________________

(١) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى

(٢) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال المعنى ، من تحفة الأعيان للسالمى (ج ٢ ، ص ١٢)

(٣) لا يصح أن يقال فلان شهيد بعينه إلا من نزل الوحي بتعيينة شهيدا كعثمان بن عفان رضي الله عنه.

١٣٦

ثم إن القاضي خميس بن سعيد الرستاقي سار بمن معه قاصدا قرية بوشر ، فأرسلت إليه النصارى بالصلح ، فأعطاهم الصلح ثم بعث رسله إلى مسكد تم ركب حتى أناخ بالمطرح ، وجاءت وجوه النصارى إليه ، فاصطلحوا وأمر الشيخ خميس بفك المقابض عنهم ، ورخص للناس في السفر إليهم ، وكف الأيدي عن القتال.

ثم إن الإمام جهز جيشا إلى صور ، فحاصرها الجيش حتى فتحوها وسار بعض الجيش إلى قريات ، وكان بها حصن للنصارى ، [م ٣٥٩] فبنى المسلمون فيها حصنا ، وفتحوا حصن النصارى ، واحتوى [الإمام](١) على جميع إقليم عمان ، ما خلا صحار ومسكد [ففيهما النصارى على الصلح السابق تحت الطاعة](٢).

ولم يزل ناصر بن قطن يغزو [بادية](٣) عمان بمن معه من الأحساء [التى هرب إليها بعد خروجه من ينقل](٤) ، ويأخذ من بواديها المواشي ويكسب وينهب في كل سنة ، ويرجع إلى الأحساء فكتب الإمام إلى واليه محمد بن سيف الحوقاني أن تجسس عن قدوم ناصر ، فإذا علم به التقاه بالجيش دون عمان فجمع الوالي دونه العساكر من البدو والحضر فلما علم بقدوم ناصر تلقاه.

فلما علم ناصر بجيش الإمام قصد الظفرة ، ودخل حصنها وتعصب له بنو ياس (٥) ووجه ناصر رسله إلى الوالي يطلب الصلح وكان قد قلّ على الوالي الزاد ، وتعذرت عليهم البلاد فصالحهم على رد ما نهبوه وغرم ما أتلفوه مما كسبوه ورجع الوالي بمن معه.

__________________

(١) ما بين حاصرتين إضافة للإيضاح.

(٢) ما بين حاصرتين إضافة لإيضاح المعنى.

(٣) في الأصل (يغزوا عمان) والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمي ٢ ، ص ١٢.

(٤) ما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ص ١٢).

(٥) قبيلة من عدنان.

١٣٧

وأما ناصر ، فإنه جمع البدو من الظفرة ، وعزم على الهجوم على حصن الجو ، وكان فيه أحمد بن خلف في ذلك اليوم [م ٣٦٠] واليا ، وتابع ناصرا كافة أهل الجو ، وأعانوه على الوالي وداروا بالحصن ، فعلم به الولاة من الباطنة والظاهرة فأتوا أحمد بن خلف فخرجت جيوش الأعداء منها.

ثم أقبل الوالي الأكبر [عبد الله بن محمد](١) من نزوى بجيشه ، فأمر بهدم حصون الجو كافة ، ما خلا حصن الإمام وتفرقت الأعداء وأما عمير بن محمد ، [فقد](٢) مضى مع النصارى بصحار والباقون قصدوا العقبة من جلفار ، فكانوا يقطعون الطرق ، ويغزون البلدان فسارت عليهم الولاة ، فقتل من قتل منهم ، وانهزم من انهزم وأخذ الوالي إبلهم ورجع إلى عمان.

وأما ناصر بن قطن ـ ومن معه ـ فمضى إلى الباطنة ، فهجم على بلدان بني خالد وبني لام ، فأخذوا وسلبوا ما على النساء من الحلى والحلل ورجعوا بما أخذوا إلى الأحساء.

ثم إن ناصر بن قطن أتى إلى عمان ثانية ، وقصد الباطنة للنهب والسلب فجهز له الإمام جيشا ، وأمر عليه علي بن أحمد ، وعضده بمحمد بن الصلت الريامي ، وعلي بن محمد العبري ، وأحمد بن بلحسن البوشري. فمضوا إلى قرية لوى.

فأقبل ناصر بن قطن بقومه ، فوقع بينهم الحرب ثم ركب ناصر إلى مجيس ، فاتبعه الوالي بمن معه ثم ركب ناصر قاصدا إلى أرض الشمال

__________________

(١) ما بين حاصرتين إضافة لتوضيح المعنى ، من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ١٣)

(٢) ما بين حاصرتين إضافة لتوضيح المعنى

١٣٨

فركب الوالي في طلبه ، فكان أول من لحقه أحمد بن بلحسن البوشري ، ومراد ، وراشد بن حسام ، وبعض الشراة ، بموضع يقال له الخروس فوقع القتل في المسلمين قبل أن يتكامل جيش الإمام فقتل المقدمون جميعا ولله الدوام.

فلما وصل الجيش ، رأوا أصحابهم صرعى ، ولم يروا أحدا من جيش ناصر. ثم إن ابن حميد ـ وهو محمد بن عثمان [الخالدي ، وكان من أصحاب ناصر بن قطن](١) غزا بلاد السر وكان الوالي فيها محمد بن سيف (٢) الحوقانى ، وكان بها يومئذ سعيد بن خلفان فطلب سعيد من ابن حميد المواجهة (٣) [للمشافهة](٤) ، فتواجها بمسجد الشريعة من الغبى فسأله أن يرد ما كسبه ونهبه ، فأبى وازداد عتوا ونفورا ، فأمر سعيد [م ٣٦١] بأسره ، وقيد في حصن الغبي.

ومضى سعيد إلى الرستاق ، فأخبر الإمام أن محمدا بن عثمان في حصن الغبي فأمر الإمام بإتيانه إلى الرستاق فأتي به مقيدا ، فأقام في الحبس سبعة أشهر وتوفي.

ثم إن الإمام جهز جيشا ، وأمر عليه سعيد بن خلفان ، وعضده بعمير بن محمد بن جفير ، فساروا قاصدين إلى أخذ إبل ناصر بن قطن الهلالي فالتقتهم بنو ياس دون الإبل ، بموضع يقال له الشعب (٥) ، قريبا من

__________________

(١) ما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ١٤) جاء في الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان لابن رزيق (ص ٢٢٣) أن محمد بن عثمان (يسمى حميد بن عثمان).

(٢) في الأصل (محمد يوسف الحوقاني) وهو تحريف.

(٣) في الأصل الواجهة.

(٤) ما بين حاصرتين إضافة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ١٤).

(٥) في الأصل (الشقب) والصيغة المثبتة من كتاب الشعاع الشائع (ص ٢٢٤).

وكتاب الفتح المبين لابن رزيق (٢٧٨) وفي كتاب تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ١٤) الشعيبة.

١٣٩

الظفرة. فوقع بينهم الحرب وكان مقدم بني ياس سقير (١) بن عيسى ، فقتل هو وأخوه محمد وجماعة من قومه ، فطلب القوم العفو من الوالي ، فعفا (٢) عنهم ، ورجع الجيش ، فأمرهم الإمام أن يمضوا إليه.

[وفي أثناء سيرهم بحثوا عن إبل ناصر بن قطن](٣) ، فوجدوها سائمة ، فأخذوها ، وجعلوها أمانة مع عمير بن محمد بن جفير ، كان له أخ يسمى عليا ، فأشار عليه بعض خدامه أن يدخل بها على ناصر بن قطن. فمضى بها إليه فلم يزالوا يغزون عمان حتى خافت منهم البدو [م ٣٦٣] والحضر ، والتجأت (٤) البادية إلى البلدان.

ثم أقبل ناصر غازيا ، وأناخ بجيشه ناحية الجنوب ، ووجه أصحابه لقطع الدروب ، فوجه إليه الإمام جيشا ، وأمر عليه سيف بن مالك ، وسيف بن أبي العرب وحزاما [بن عبد الله](٥). فبادرت أول زمرة من جيش ناصر بن قطن ، فقتلوا [البغاة](٦) جميعا مع قلتهم وكثرة عدوهم (٧) وسار ناصر بن قطن إلى الأحساء ، ورجع الجيش (٨).

__________________

(١) كذا في الأصل وكذلك في كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٧٨) وفي تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ، ص ١٤) صقر بن عيسى

(٢) في الأصل (فعفى)

(٣) ما بين حاصرتين إضافة لاستكمال المعنى

(٤) في الأصل (والتجت)

(٥) ما بين حاصرتين إضافة من كتاب الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٧٩) وجاء الاسم في صورة (حزام بن قمقام) في الشعاع الشائع (ص ٢٢٦)

(٦) ما بين حاصرتين إضافة من الفتح المبين لابن رزيق (ص ٢٧٩)

(٧) في الأصل (فقتلوا جميعا لقلتهم وكثرة عدوهم) والصيغة المثبتة من كتاب الفتح المبين (ص ٢٧٨)

(٨) هذا المعنى الذى أكده ابن رزيق من انتصار جيش الإمام ، يخالف الرواية التي جاءت في تحفة الأعيان للسالمى (ج ٢ ، ص ١٥) والتي يفهم منها انكسار مقدمة جيش الإمام : (فبادرهم العدو قبل أن يتكاملوا ، فقتلوا عن آخرهم ... ورجع الجيش وقد أصيبوا بإخوانهم ..)

١٤٠