الأمصار ذوات الآثار

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

الأمصار ذوات الآثار

المؤلف:

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي


المحقق: قاسم علي سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار البشائر الإسلاميّة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٢

لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وغيره ، وكثر؟؟؟ بها العلم في زمن معاوية (١) ، ثم في زمن عبد الملك (٢) ، وأولاده (٣) ، وما زالت بها الفقهاء ، والمقرئون ، والمحدثون في زمن التابعين (٤) ، وتابعيهم ، ثم إلى أيام أبي مسهر (٥) ،

__________________

وقيل : أبو عمرو بلال بن رباح ، أعتقه أبو بكر الصديق ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها ، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مجاهدا ، وتوفي بالشام بداريا أو بحلب ، وذلك في سنة ٢٠ أو ٢١.

الإصابة ١ / ١٦٩ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٤٧.

(١) هو الصحابي الجليل ، أمير المؤمنين ، وملك الإسلام ، وكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحد الموصوفين بالدهاء ، والحلم ، الفقيه أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب القرشي الأموي ، أسلم هو وأبوه يوم الفتح ، وكان من المؤلّفة قلوبهم ، ثم حسن إسلامه ، وقيل : إنه أسلم وقت عمرة القضاء ، ولم يظهر إسلامه قبل يوم الفتح ، توفي سنة ٦٠ على الصحيح.

الإصابة ٣ / ٤١٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١١٩ ، تاريخ الخلفاء ١٣٠.

(٢) هو الخليفة ، الفقيه ، العالم أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي ، استخلف في سنة ٦٥ ، ولم يكن محمود السيرة بعد الخلافة. وتوفي في سنة ٨٦. تاريخ بغداد ١٠ / ٣٨٨ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٤٦ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٤٢٢ ، تاريخ الخلفاء ١٤٣.

(٣) أولاد عبد الملك هم :

الخليفة الفاتح أبو العباس الوليد ، استخلف بعد موت أبيه ، وتوفي سنة ٩٦ ، والخليفة العادل أبو أيوب سليمان ، استخلف بعد موت أخيه الوليد ، وتوفي سنة ٩٩ ، والخليفة أبو خالد يزيد ، استخلف بعد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وتوفي سنة ١٠٥ ، والخليفة أبو الوليد هشام ، استخلف بعد أخيه يزيد ، وتوفي سنة ١٢٥.

(٤) في المخطوط (الصحابة) ، والصواب ما أثبته عن (ق) و (ع).

(٥) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، الثبت ، الفاضل ، عبد الأعلى بن مسهر الغساني ، الدمشقي ، امتحن بمسألة خلق القرآن ، وتوفي في سجن المأمون سنة ٢١٨.

تاريخ بغداد ١١ / ٧٢ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٢٨ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٨١ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٩٨.

١٦١

ومروان بن محمد الطّاطري (١) ، وهشام (٢) ، ودحيم (٣) ، وسليمان بن بنت شرحبيل (٤) ، ثم أصحابهم ، وعصرهم.

وهي دار قرآن ، وحديث ، وفقه.

وتناقص العلم بها في المئة (٥) الرابعة ، والخامسة ، وكثر بعد ذلك

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، الثبت ، الخيّر ، أبو بكر ، ويقال : أبو حفص ، ويقال : أبو عبد الرحمن الدمشقي ، المتوفى سنة ٢١٠.

سير أعلام النبلاء ٩ / ٥١٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٤٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٩٥.

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، المقرىء ، المفتي ، البليغ ، أبو الوليد هشام بن عمار السّلمي ، خطيب دمشق وعالمها ، قال فيه ابن حجر : «صدوق ، كبر فصار يتلقن ، فحديثه القديم أصح» ، وقال فيه الذهبي : «صدوق ، مكثر له ما ينكر». وتوفي سنة ٢٤٥.

سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٢٠ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٥١ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٣٠٢ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٥١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٢٠.

(٣) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، الثبت ، المتقن ، محدث الشام ، أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي ، المعروف بدحيم ابن اليتيم ، ولي قضاء الأردن وفلسطين ، وكان ينتحل في الفقه مذهب الأوزاعي ، وله تصانيف منها كتاب الطبقات ، توفي بالرملة سنة ٢٤٥.

تاريخ بغداد ١٠ / ٢٦٥ ، سير أعلام النبلاء ١١ / ٥١٥ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٨٠ ، تهذيب التهذيب ٦ / ١٣١ ، تاريخ داريا ٤٤ و ٨٩ و ١٠٠.

(٤) هو الإمام ، الحافظ الكبير ، الثقة ، محدث الشام ، أبو أيوب بن عبد الرحمن بن عيسى الدمشقي ، ابن بنت شرحبيل ، وشرحبيل هو ابن مسلم الخولاني ، الحمصي ، التابعي ، المحدث. وتوفي سليمان سنة ٢٣٣.

سير أعلام النبلاء ١١ / ١٣٦ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣٨ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٢١٢ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٢٠٧.

(٥) كذا في المخطوط ، و (ع) ، والأصوب كما في (ق): (المئتين) ، ويبدو أن الذهبي أراد الأول ـ والله أعلم ـ.

١٦٢

ولا سيما في دولة نور الدين (١) ، وأيام محدثها ابن عساكر (٢) ، والمقادسة (٣)

__________________

(١) هو الملك العادل ، ليث الإسلام ، التقي ، العابد ، الورع ، المجاهد ، الشجاع ، الجواد ، الزاهد ، مظهر السنّة ، وقامع البدعة ، ومذل الرافضة ، نور الدين أبو القاسم محمود بن زنكي الشهيد ، صاحب الشام ، والموصل ، وديار الجزيرة ، ومصر ، واليمن ، والحجاز ، قال فيه ابن الأثير في التاريخ الباهر ص ١٦٣ : «طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا هذا ، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين ، وعمر بن عبد العزيز ملكا أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين». وكان قد تولى الملك سنة ٥٤١ ، وتوفي سنة ٥٦٩.

التاريخ الباهر ١٦١ ، الكامل في التاريخ ١١ / ٤٠٢ ، كتاب الروضتين ج ١ ق ٢ ص ٥٨٠ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٣١ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٧٧.

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، الجهبذ ، الحجة ، العابد ، القانت ، فريد عصره ، وقريع دهره ، محدث الشام ، ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي ، المعروف بابن عساكر ، وعساكر لقب وقيل : اسم لأحد أجداده.

صنف تاريخ دمشق وغيره من التصانيف المتقنة الحافلة. وتوفي سنة ٥٧١.

وفيات الأعيان ٣ / ٣٠٩ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٥٤ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨.

(٣) ومن أبرزهم :

ـ الإمام ، الحافظ ، الزاهد ، تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي الجمّاعيلي المقدسي ، ثم الدمشقي الصالحي ، صاحب كتاب الكمال في معرفة أسماء الرجال ، والمتوفى سنة ٦٠٠.

ـ والإمام ، الفقيه ، المقرىء ، المحدث ، القدوة ، الزاهد ، شيخ الإسلام أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجمّاعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي ، المتوفى سنة ٦٠٧.

ـ والإمام ، الحافظ ، الفقيه ، عز الدين أبو الفتح محمد ابن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ثم الدمشقي الصالحي ، المتوفى سنة ٦١٣.

١٦٣

النازلين (١)

__________________

والإمام ، الفقيه ، المحدث ، الزاهد ، العابد ، عماد الدين أبو إسحاق ، وأبو إسماعيل إبراهيم بن عبد الواحد بن علي المقدسي الجمّاعيلي ، ثم الدمشقي أخو الحافظ عبد الغني ، والمتوفى سنة ٦١٤.

ـ والإمام ، العلّامة ، المجتهد ، المحدث الكبير ، القدوة ، شيخ الإسلام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجمّاعيلي ، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي ، صاحب المغني ، وغيره من الكتب الحافلة. توفي سنة ٦٢٠.

ـ والإمام ، الحافظ ، الفقيه ، المفيد ، جمال الدين أبو موسى عبد الله ابن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد الجمّاعيلي المقدسي ، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي ، المتوفى سنة ٦٢٩.

ـ والإمام ، الحافظ ، المحقق ، الحجة ، القدوة ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الجمّاعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي ، صاحب التصانيف «كالمختارة» المتوفى سنة ٦٤٣.

ـ والإمام ، الحافظ ، المتقن ، الصالح سيف الدين أبو العباس أحمد ابن المحدث الفقيه مجد الدين عيسى ابن الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الصالحي الحنبلي ، المتوفى سنة ٦٤٣.

وغير هؤلاء الكثير مما لا أطيل بذكرهم ، ومن أراد الاطلاع على أسمائهم وتراجمهم فلينظر كتاب القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لمحمد بن طولون ، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ـ ابتداء من وفيات المئة السابعة ـ.

(١) في المخطوط (النازلون) ، والمثبت هو من (ق) و (ع).

وقد نزل جمع من المقادسة بسفح قاسيون من دمشق في منتصف القرن السادس ، وقصة ذلك : أن الصليبيين لما استولوا على بيت المقدس ونواحيها أخذوا يسومون الناس سوء العذاب ، فقتلوا ، وذبحوا ، ونهبوا ، وأفسدوا.

وكان الشيخ العالم الزاهد أحمد بن محمد بن قدامة الجمّاعيلي ، النابلسي ، المقدسي ، يثير نفوس المسلمين على تلك الفئة الظالمة العادية ، ويحذر الناس من موالاتهم ، فتحدث الصليبيون بقتله ، لما رأوا من ظهور أمره ، وسماع الناس لدعوته ؛ فخرج في سنة ٥٥١ من بلده خائفا يترقب ، وبصحبته

١٦٤

بسفحها (١) ، ثم كثر بعد ذلك بابن

__________________

والدا الحافظين تقي الدين عبد الغني ، وضياء الدين محمد ، والفقيه محمد بن أبي بكر وهو ابن أخيه ، قاصدين نحو دمشق ، فلما وصلوا إليها كتب الشيخ أحمد إلى ابنه أبي عمر ليهاجر إليه بجميع أهله ، فخرج بهم حتى وصلوا إلى دمشق ، وكانوا نحوا من أربعين نفسا بين ذكر وأنثى ، وصغير وكبير. فأنزلهم الشيخ أحمد بظاهر باب شرقي من دمشق ، في مسجد أبي صالح ـ وهذا المسجد ينسب إلى أحد الصوفية العابدين أبي صالح الحنبلي الذي كان يلزم هذا المسجد ، وقيل إنه هو الذي وقفه ـ ثم أخذت جموع من المقادسة تقدم على مهاجر الشيخ أحمد ، حتى ضاق عليهم المسجد ، وتفشت بهم الأمراض المهلكة ، وتعادوا ، فأشير على الشيخ أحمد بالانتقال إلى سفح قاسيون فانشرح صدره لذلك ، وأمر ببناء الدّير هناك ، ليكون سكنا لهؤلاء المهاجرة ، فتم بناؤه في عامين ، وكان يسمى بدير الحنابلة ، ودير الصالحين ، ودير المقادسة ، ثم انتقل الجميع إليه.

وأصبح السّفح يعرف بالصالحية نسبة إلى مسجد أبي صالح ، أو نسبة إلى صلاح المقادسة الذين هم فيه.

وقد اهتم الملك العادل نور الدين محمود رحمة الله عليه بهؤلاء الناقلة ، فكان يكثر من زيارتهم ، والإحسان إليهم ، وبنى لهم مدرسة.

ولم تمض فترة وجيزة حتى ضاهت الصالحية مدينة دمشق في العلم ، فكثرت فيها المساجد ، والجوامع ، والمدارس. ومن أهمها :

المدرسة العمرية التي بناها الإمام ، الفقيه ، أبو عمر محمد ابن الشيخ أحمد ، وكان بها خزائن كتب نفيسة ، وقفها عدد من العلماء.

والمدرسة الضيائية (دار الحديث) التي بناها الحافظ الضياء ، ووقف بها خزانة كتب قيمة.

ودار الحديث الأشرفية التي بناها الملك الأشرف ابن الملك العادل.

وغيرها من دور الحديث والعلم ، حتى غدت الصالحية موئلا لأهل العلم ، ومقصدا لطلبته يرحلون إليها ، ويرتعون في رياضها.

القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية ـ من أماكن كثيرة منه ـ ، معجم البلدان ٣ / ٣٩ ، مراصد الاطلاع ٣ / ١٠٥٧.

(١) أي سفح جبلها قاسيون المشرف عليها.

١٦٥

تيمية (١) ، والمزّي (٢) ، وأصحابهما (٣) ، ولله الحمد.

__________________

(١) هو الإمام ، العلامة ، الحافظ ، الناقد ، المفسر ، الفقيه ، المجتهد ، الحجة ، بحر العلوم ، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني ، ثم الدمشقي ، صاحب التصانيف البارعة ، والمؤلفات الكثيرة النافعة ، قال فيه تلميذه الحافظ الذهبي : «كان من بحور العلم ، ومن الأذكياء المعدودين ، والزهاد الأفراد ، والشجعان الكبار ، والكرماء الأجواد». وتوفي سنة ٧٢٨.

المعجم الكبير ورقة ١٠ أ، المعجم المختص ورقة ٧ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٦ ، الوافي ٧ / ١٥ ، فوات الوفيات ١ / ٧٤ ، ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٣٨٧.

(٢) هو الإمام ، العلامة ، الحافظ ، الجهبذ ، المحقق ، المقرىء ، اللغوي ، الحجة ، محدث الشام ، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن زكي الدين عبد الرحمن القضاعي ، الحلبي الأصل ، المزّي الدمشقي ، صاحب تهذيب الكمال ، وتحفة الأشراف وغيرهما من التصانيف البديعة ، المتوفى سنة ٧٤٢.

المعجم الكبير ورقة ١٨٢ أ، المعجم المختص ورقة ٩٨ أ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٨ ، الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣.

ملاحظة : وقع في المخطوط (والمربي) بدل (والمزي) وهو تصحيف ، والصواب ما أثبته أعلاه كما في (ق) و (ع).

(٣) قال السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص ٦٦٢ عقب كلام الذهبي هذا ما نصه : «قلت : ثم تناقص شيئا فشيئا ، ولكن فيها الآن بحمد الله بقية يفهمون العلم ، ويتكلمون به».

١٦٦

مصر «* ١» :

افتتحها عمرو بن العاص (١) في زمن عمر (٢) رضي الله عنه ، وسكنها خلق من الصحابة ، وكثر العلم بها في زمن التابعين ، ثم ازداد في زمن

__________________

(* ١) وحدّ مصر كما في معجم البلدان ٥ / ١٣٧ : «طولها من الشجرتين اللتين كانتا بين رفح والعريش إلى أسوان ، وعرضها من برقة إلى أيلة».

وقد جمع تاريخ رجالها الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس المصري ، المعروف بابن يونس ، والمتوفى سنة ٣٤٧ وسماه «تاريخ المصريين» ، كما له كتاب «الغرباء» أي الواردين على مصر. ولابن الطحان أبي القاسم يحيى بن علي بن الطحان المتوفى سنة ٤١٦ ذيل على كتابي ابن يونس.

الإعلان بالتوبيخ ٦٤٥ ، وفيات الأعيان ٣ / ١٣٧.

وللحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر المصري السيوطي المتوفى سنة ٩١١ كتاب حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة.

(١) هو الصحابي الجليل ، أحد دهاة العرب ، وممن يضرب به المثل في حسن الرأي ، والدهاء ، والحزم ، والفطنة ، والبصر بالحروب ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو محمد عمرو بن العاص القرشي السهمي ، أسلم في أوائل سنة ثمان ، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إمرة بعض الجيوش والبلدان ، كما ولاه عمر بن الخطاب مثل ذلك ، وهو الذي افتتح مصر ، وولي إمرتها زمنا طويلا. وتوفي سنة ٤٣ على الصحيح.

الإصابة ٣ / ٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٥٤.

(٢) هو ثاني الخلفاء الراشدين ، وأحد الأئمة المهديين ، المشهود لهم بالجنة ، من كبار فقهاء الصحابة ، وعلمائهم ، وزهّادهم ، الفاروق أبو حفص عمر بن الخطاب القرشي ، العدوي ؛ أسلم في السنة السادسة من النبوة ، وكان إسلامه فتحا ، وفرجا على المسلمين ، وقد كثرت الفتوح في زمن خلافته ، وفضائله كثيرة وعظيمة. توفي رضي الله عنه سنة ٢٣.

الإصابة ٢ / ٥١١ ، تاريخ الخلفاء ٧٤.

١٦٧

عمرو بن الحارث (١) ، ويحيى بن أيوب (٢) ، وحيوة بن شريح (٣) ، والليث بن سعد (٤) ، وابن لهيعة (٥) ، وإلى زمن ابن وهب (٦) ، والإمام

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، الثبت ، أبو أمية الأنصاري ، المدني الأصل ، المصري ، عالم الديار المصرية ، ومفتيها ، المتوفى سنة ١٤٨.

سير أعلام النبلاء ٦ / ٣٤٩ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٨٣ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١٤.

(٢) هو الإمام ، الفقيه ، أبو العباس الغافقي ، المصري ، وهو في الحديث : «صدوق ربمع أخطأ» كما قال ابن حجر. وقد توفي سنة ١٦٨.

سير أعلام النبلاء ٨ / ٥ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٢٧ ، تهذيب التهذيب ١١ / ١٨٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٤٣.

(٣) هو الإمام ، الفقيه ، الثبت ، الزاهد ، أبو زرعة التّجيبي ، المصري ، المتوفى سنة ١٥٨.

سير أعلام النبلاء ٦ / ٤٠٤ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٨٥ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٦٩.

(٤) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، الحجة ، الجواد ، عالم الديار المصرية ، أبو الحارث ، المتوفى سنة ١٧٥.

سير أعلام النبلاء ٨ / ١٣٦ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٢٤ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٥٩.

(٥) هو الإمام ، الحافظ ، أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة ، محدث الديار المصرية ، وعالمها ، قال فيه الذهبي : «العمل على تضعيف حديثه». وقد توفي سنة ١٧٤.

سير أعلام النبلاء ٨ / ١١ ، تذرة الحفاظ ١ / ٢٣٧ ، الكاشف ٢ / ١٢٢ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٧٣.

(٦) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، المجتهد ، الحجة ، العابد ، الزاهد ، أبو محمد عبد الله بن وهب المصري ، صاحب التصانيف كالموطأ والجامع. توفي سنة ١٩٧.

سير أعلام النبلاء ٩ / ٢٢٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٠٤ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٧١.

١٦٨

الشافعي (١) ، وابن القاسم (٢) ، وأصحابهم ، وما زال بها علم جمّ إلى أن ضعف ذلك باستيلاء العبيديين الرافضة عليها سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة ، وبنوا القاهرة ، وشاع التشيع بها ، وقل الحديث (٣) والسنّة إلى

__________________

(١) هو الإمام المجتهد ، حبر الأمة ، وفقيه الملة ، وتاج العلماء ، وناصر الحديث ، الحجة ، أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع المطّلبي ، الشافعي ، المكي ، صاحب التصانيف في الأصول والفروع. وقد توفي سنة ٢٠٤.

تاريخ بغداد ٢ / ٥٦ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٦١.

(٢) هو الإمام ، الفقيه ، الثقة ، المتقن ، الزاهد ، عالم الديار المصرية أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي مولاهم المصري ، صاحب الإمام مالك ، وأحد رواة الموطأ عنه ، وهو من أفقه وأعلم تلامذته ، توفي سنة ١٩١.

ترتيب المدارك ٣ / ٢٤٤ ، الديباج المذهب ١ / ٤٦٥ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ١٢٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٥٦ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٢٥٢.

(٣) لا ريب أن الذي يلعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين نقلوا أخباره صلى الله عليه وسلم إلينا هو ممن يبغض الحديث ، ويكره شيوعه ، وقد كان هذا حال الرافضة من مبدأ أمرهم وإلى يومنا هذا ، فقام حكامهم الظالمون بمحاربة علماء الآثار ، وقتلهم ، وإخراجهم من بلادهم ، وإحراق كتبهم ، وقد أشار الذهبي إلى هذا الفساد من تلك الشرذمة الضالة في كتابه «ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل» فبعد أن سرد أسماء مشاهير النقاد من الطبقة التاسعة الذين انقضت آجالهم قبل نهاية القرن الرابع قال : ـ وذلك في ص ١٩٥ ـ «ومن هذا الوقت تناقص الحفظ وقلّ الاعتناء بالآثار ، وركن العلماء إلى التقليد ، وكان التشيع والاعتزال والبدع ظاهرة بالعراق ، لاستيلاء آل بويه ثمّ ، وبمصر والشام والمغرب لاستيلاء بني عبيد الباطنية ، نسأل الله العافية».

وقال في هذه الرسالة أيضا ، عقب ذكر الطبقة العاشرة ص ١٩٦ ما نصه : «كانت السنة قائمة الدولة بالأندلس وبخراسان ، وقلّ أمرها ، وضعف بمصر ، والشام ، والمغرب وبالعراق ، وما ذاك إلا لظهور دولة الشيعة والعبيدية ، فلله الأمر جميعا».

١٦٩

أن وليها أمراء (١) السنّة النبوية ، وضعف الروافض ، والحمد لله (٢).

الإسكندرية «* ١» :

تبع لمصر ، ما زال بها الحديث قليلا حتى سكنها السّلفي (٣) ، فصارت

__________________

(١) زالت دولة الروافض من مصر والشام في سنة ٥٦٧ على يد السلطان المجاهد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب فاتح القدس وأحد أمراء الملك العادل نور الدين محمود في ذلك الوقت.

الكامل في التاريخ ١١ / ٣٦٨ ، التاريخ الباهر ١٥٦ ، كتاب الروضتين ج ١ ق ٢ ص ٥٠٩.

(٢) قال السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص ٦٦٢ عقب كلام الذهبي هذا ما نصه :

«وهي الآن أكثر البلاد عمارة بالفضلاء من سائر المذاهب والفنون». انتهى.

وقد كان عهد الأيوبيين والمماليك في مصر زاهرين بعلماء الآثار والشريعة.

(* ١) جمع تاريخ هذه المدينة الحافظ وجيه الدين أبو المظفر منصور بن سليم الإسكندراني الشافعي المتوفى سنة ٦٧٣. مقدمة الإحاطة ١ / ٨٢ ـ ٨٣ ، الإعلان بالتوبيخ ٦١٥.

(٣) هو الإمام ، العلّامة ، الحافظ ، الجهبذ ، الثبت ، المتقن ، المحقق ، المقرىء ، الفقيه ، المفتي ، النّحوي ، اللغوي ، الرّحلة ، الرّحلة ، المعمّر ، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي الأصبهاني ، صاحب المعاجم ، والتصانيف الفائقة ، والذي انتهى إليه علو الإسناد في زمنه.

والسّلفي نسبة إلى سلفه لقب أحد أجداد أبي طاهر ، وهي كلمة عجمية معناها : ثلاث شفاه لأن الملقب بها كانت إحدى شفتيه مشقوقة ، فصارت مثل شفتين ، وذكر الذهبي أن معناها : الغليظ الشفة.

وقد دخل السّلفي الإسكندرية سنة ٥١١ ، وسكنها حتى مات رحمه الله.

وتوفي سنة ٥٧٦ وكان قد جاوز المئة.

التقييد لابن نقطة ورقة ٦٤ ، وفيات الأعيان ١ / ١٠٥ ، سير أعلام النبلاء ٢١ / ٥ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٩٨ ، الوافي ٧ / ٣٥١.

١٧٠

مرحولا إليها في الحديث والقراآت (١) ، ثم نقص بعد ذلك (٢).

بغداد «* ١» :

بنيت في آخر (٣) أيام التابعين ، وأول من بثّ فيها الحديث هشام بن عروة (٤) ،

__________________

(١) في المخطوط : (والقرات) وهذا سهو قلم.

(٢) قال السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص ٦٦٢ عقب كلام الذهبي هذا ما نصه :

«قلت : الآن عدم إلا من بعض الغرباء ، وغالبهم مالكيون».

(* ١) جمع تاريخها وتاريخ رجالها الحافظ المؤرخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفى سنة ٤٦٣ ، وكتابه مشهور باسم تاريخ بغداد ، وقد ذيل عليه الحافظ أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني المتوفى سنة ٥٦٢ ، وذيل على هذا الذيل الحافظ أبو عبد الله محمد بن سعيد الدّبيثي المتوفى سنة ٦٣٧ واستدرك عليه. وللحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود البغدادي المعروف بابن النجار والمتوفى سنة ٦٤٣ ذيل على تاريخ الخطيب جمع فيه بين كتابي ابن السمعاني وابن الدّبيثي وزاد عليهما ، وهو أحفل الذيول. كما ذيل على كتاب الخطيب عدد آخر من العلماء.

هذا ، وللحافظ أبي بكر محمد بن عمر ، المعروف بابن الجعابي ، المتوفى سنة ٣٥٥ كتاب أسماء محدثي بغداد.

تاريخ بغداد ١ / ٩٠ ، الإعلان بالتوبيخ ٦٢٢ ـ ٦٢٣ ، مقدمة الوافي ١ / ٤٧ ، مقدمة الإحاطة ١ / ٨٢.

(٣) وقد بناها ثاني خلفاء بني العباس أبو جعفر المنصور (عبد الله بن محمد) المتوفى سنة ١٥٨.

تاريخ بغداد ١ / ٦٦ ، تاريخ الخلفاء ١٧٣ ـ ١٧٤ ، تاريخ الإسلام للذهبي ٦ / ٢٠.

(٤) هو الإمام ، الفقيه ، الحافظ ، الحجة ، أبو المنذر بن عروة بن الزبير بن العوّام القرشي المدني ، نزيل بغداد ، والمتوفى بها سنة ١٤٦.

تاريخ بغداد ١٤ / ٣٧ ، سير أعلام النبلاء ٦ / ٣٤ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٤٤ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٤٨.

١٧١

وبعده شعبة (١) ، وهشيم (٢) ، وكثر بها هذا الشأن ، فلم تزل معمورة بالأثر ، والخبر إلى زمن الإمام أحمد بن حنبل (٣) ، ثم أصحابه ، وهي دار الإسناد العالي ، والحفظ ، إلى أن استؤصلت في كائنة (٤) التتار الكفرة ، فبقيت على نحو الرّبع (٥).

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، الجهبذ ، الحجة ، أمير المؤمنين في الحديث أبو بسطام شعبة بن الحجاج الواسطي المنشأ والمولد ، والبصري الدار والموطن. قدم إلى بغداد مرتين وحدث فيها. وهو أول من وسع الكلام في الرجال ، وتصدى لهذا الأمر من بعده يحيى بن سعيد القطان ، وقد توفي شعبة سنة ١٦٠.

تاريخ بغداد ٩ / ٢٥٥ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ٢٠٢ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٩٣ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٣٣٨.

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، الثبت ، أبو معاوية هشيم بن بشير الواسطي ، نزيل بغداد ، ومحدثها ، المتوفى سنة ١٨٣.

تاريخ بغداد ، ١٤ / ٨٥ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ٢٨٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٤٨ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٥٩.

(٣) هو الإمام المجتهد ، الحافظ ، الجهبذ ، الفقيه ، الحجة ، الزاهد ، الصابر ، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ، ثم البغدادي ، صاحب التصانيف الكثيرة. توفي سنة ٢٤١.

تاريخ بغداد ٤ / ٤١٢ ، سير أعلام النبلاء ١١ / ١٧٧ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣١ ، تهذيب التهذيب ١ / ٧٢.

(٤) وقعت هذه الكائنة ، القاصمة ، الحالقة في مستهل سنة ٦٥٦.

البداية والنهاية ١٣ / ٢٠٠ ، تتمة المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٨٢.

(٥) قال السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص ٦٦٣ عقب كلام الذهبي هذا ، ما نصّه : «ثم تزايد خرابها حتى لم يبق فيها من يعرف شيئا من العلم ، والأمر لله».

١٧٢

حمص «* ١» :

نزلها خلق من الصحابة ، وانتشر بها الحديث في زمن التابعين ، وإلى أيام حريز بن عثمان (١) ، وشعيب (٢) بن أبي حمزة (٣) ، ثم إسماعيل بن عيّاش (٤) ، وبقيّة (٥) ، وأبي المغيرة (٦) ، وأبي

__________________

(* ١) صنف في تاريخ رجالها أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي ، المتوفى سنة ٢٥٧ ، وسمى كتابه «تاريخ الحمصيين». وللقاضي الحافظ أبي القاسم عبد الصمد بن سعيد الكندي ، المتوفى سنة ٣٢٤ كتاب : «تاريخ من نزل حمص من الصحابة ، ومن دخلها ، ومن ارتحل عنها ، ومن أعقب ولم يعقب ، وحدث ولم يحدث». تاريخ بغداد ٥ / ٦٣ ، مقدمة الإحاطة ١ / ٨٢.

(١) هو الحافظ ، المتقن ، الثبت أبو عثمان الرّحبي الحمصي ، وقد رمي بالنصب ، وتوفي سنة ١٦٣.

تاريخ بغداد ٨ / ٢٦٥ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ٧٩ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٧٦ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٣٧.

(٢) في المخطوط (وسعيد) وهو وهم بيّن ، والمثبت هو الصواب كما في (ق) و (ع).

(٣) هو الإمام ، الحافظ ، المتقن ، الحجة ، أبو بشر بن أبي حمزة دينار الحمصي ، المتوفى سنة ١٦٣ ، وقيل : ١٦٢.

سير أعلام النبلاء ٧ / ١٨٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٢١ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٣٥١.

(٤) هو الإمام ، الحافظ ، محدث الشام ، أبو عتبة الحمصي ، «صدوق في روايته عن أهل بلده ، مخلّط في غيرهم» كما قال ابن حجر. توفي سنة ١٨٢.

سير أعلام النبلاء ٨ / ٣١٢ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٥٣ ، تهذيب التهذيب ١ / ٣٢١ ، تقريب التهذيب ١ / ٧٣.

(٥) هو الإمام ، الحافظ ، أبو يحمد بن الوليد الكلاعي الحمصي ، «صدوق كثير التدليس عن الضعفاء» كما قال ابن حجر. توفي سنة ١٩٧.

سير أعلام النبلاء ٨ / ٥١٨ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٨٩ ، تهذيب التهذيب ١ / ٤٧٣ ، تقريب التهذيب ١ / ١٠٥.

(٦) هو الإمام ، الثقة ، التقي ، محدث الشام ، ومسند حمص ، عبد القدوس بن الحجاج الخولاني ، الحمصي ، المتوفى سنة ٢١٢.

سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٢٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٨٦ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٣٦٩.

١٧٣

اليمان (١) ، ثم أصحابهم ، ثم تناقص ذلك في المئة الرابعة ، وتلاشى (٢).

الكوفة :

نزلها جماعة من الصحابة كابن مسعود (٣) ، وعمّار بن ياسر (٤) ، وعلي بن أبي طالب (٥) رضي الله عنهم ، وخلق من الصحابة ، «ثم كان بها من

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، الحجة ، الحكم بن نافع البهراني ، الحمصي ، المتوفى سنة ٢٢١ ، وقيل : ٢٢٢.

سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣١٩ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٤١٢ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٤٤١.

(٢) قال السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص ٦٦٣ عقب كلام الذهبي هذا ما نصّه : «ثم عدم بالكلية».

(٣) هو أحد أحبار الصحابة ، وعلمائهم ، ومقرئيهم ، وفقهائهم ، وأئمتهم ، وقانتيهم أبو عبد الرحمن عبد الله الهذلي ، أسلم قديما ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا والمشاهد كلها ، ومن ثمّ فتوح الشام ، وكان مختصا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وصاحب سره ، وفراشه ، وسواكه ، ونعليه ، وطهوره في السفر ، بعثه عمر رضي الله عنه إلى الكوفة معلما ، وكان يشبّه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ، وسمته. وتوفي بالمدينة سنة ٣٢.

الإصابة ٢ / ٣٦٠ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤٦١.

(٤) هو أحد أئمة الصحابة ، أبو اليقظان العنسي ، المكي ، مولى بني مخزوم ، كان من السابقين الأولين ، شهد بدرا والمشاهد كلها ، وولاه عمر رضي الله عنه على الكوفة ، وقتل بصفين سنة ٣٧ ، ومناقبه كثيرة.

الإصابة ٢ / ٥٠٥ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤٠٦.

(٥) رابع الخلفاء الراشدين ، وأحد الأئمة المهديين المشهود لهم بالجنة ، من فقهاء الصحابة ، وعلمائهم أبو الحسن ، وأبو تراب علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، أول الناس إسلاما على قول الكثيرين ، شهد بدرا والمشاهد كلها إلا تبوك فقد خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينها على المدينة المشرفة ، وكان أحد الفرسان الشجعان ، ومناقبه كثيرة. توفي سنة ٤٠.

الإصابة ٢ / ٥٠١ ، تاريخ الخلفاء ١١٢.

١٧٤

التابعين» (١) ، كعلقمة (٢) ومسروق (٣) ، وعبيدة (٤) ، والأسود (٥) ، ثم الشعبي (٦) ،

__________________

(١) كذا في المخطوط ، وفي (ق) و (ع): (ثم كان بها أئمة التابعين).

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، المقرىء ، الثبت ، أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النّخعي الكوفي ، لازم ابن مسعود رضي الله عنه وتفقه به ، وتصدى بعده للفتيا والصحابة حينئذ متوافرون ، ولد في أيام الرسالة النبوية ، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم. وتوفي سنة ٦٢ وقيل غير ذلك.

تاريخ بغداد ١٢ / ٢٩٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٤٨ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٧٦.

(٣) هو الإمام ، الفقيه ، الثبت ، العابد أبو عائشة بن الأجدع الهمداني الكوفي ، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه. ويقال : إنه سرق وهو صغير ثم وجد فسمي مسروقا. توفي سنة ٦٣ وقيل : ٦٢.

تاريخ بغداد ١٣ / ٢٣٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٦٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٤٩ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٠٩.

(٤) هو الإمام ، الفقيه ، الثبت ، أبو عمرو بن عمرو السّلماني ، المرادي ، الكوفي ، أسلم عام الفتح بأرض اليمن ، ولا صحبة له ، توفي سنة ٧٢ وقيل : قبل السبعين وقد صحح الأول الذهبي ، والثاني ابن حجر.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٥٠ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٨٤ ، تقريب التهذيب ١ / ٥٤٧.

(٥) هو الإمام ، الفقيه ، الثبت ، العابد ، أبو عمرو ، وقيل : أبو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النّخعي الكوفي ، ابن أخي علقمة ، وخال إبراهيم النّخعي. وكان الأسود مخضرما أدرك الجاهلية والإسلام. وتوفي سنة ٧٥.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٥٠ ، تهذيب التهذيب ١ / ٣٤٢.

(٦) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، الثبت ، علامة التابعين ، أبو عمرو عامر بن شراحيل الهمداني ، الكوفي ، ويعتبر هو ومحمد بن سيرين أول من فتّش عن الأسانيد والرجال بعد الصحابة. وتوفي سنة ١٠٤ ، وقيل غير ذلك.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٩٤ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٧٩ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٦٥ ، المحدث الفاصل ٢٠٨.

١٧٥

والنّخعي (١) ، والحكم بن عتيبة (٢) ، وحمّاد (٣) وأبي إسحاق (٤) ، ومنصور (٥) ، والأعمش (٦) ، وأصحابهم ، وما زال العلم

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، الثقة ، فقيه العراق أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس الكوفي ، المتوفى سنة ٩٦ أو آخر سنة ٩٥.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٢٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٧٣ ، تهذيب التهذيب ١ / ١٧٧.

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، الفقيه ، الثبت ، أبو محمد ـ وقيل في كنيته غير ذلك ـ الكوفي ، المتوفى سنة ١١٥.

سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٠٨ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١١٧ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٤٣٢.

(٣) هو الإمام المجتهد ، فقيه العراق ، الثقة ، أبو إسماعيل بن أبي سليمان مسلم الكوفي ، توفي سنة ١٢٠ وقيل : ١١٩.

سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٣١ ، الكاشف ١ / ٢٥٢ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٦.

(٤) هو الإمام ، الحافظ ، الثقة ، عمرو بن عبد الله السّبيعي ، الهمداني ، الكوفي ، المتوفى سنة ١٢٧.

سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٩٢ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١١٤ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٦٣.

(٥) هو الإمام ، الحافظ ، الحجة ، أبو عتّاب بن المعتمر السّلمي ، الكوفي ، المتوفى سنة ١٣٢.

سير أعلام النبلاء ٥ / ٤٠٢ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٤٢ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣١٢.

(٦) هو الإمام ، الحافظ ، المقرىء ، الثبت ، العابد ، أبو محمد سليمان بن مهران الكوفي ، الملقب بالأعمش. توفي سنة ١٤٨.

تاريخ بغداد ٩ / ٣ ، سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٢٦ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٥٤ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٢٢٢.

١٧٦

بها متوفّرا إلى زمن ابن عقدة (١) ، ثم تناقص شيئا فشيئا ، وتلاشى ، وهي الآن دار الروافض (٢).

البصرة :

نزلها أبو موسى الأشعري (٣) ، وعمران بن الحصين (٤) ،

__________________

(١) هو الحافظ الكبير ، أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الشيعي ، المعروف بابن عقدة ، ـ وعقدة لقب أبيه وذلك لبراعته في التصريف والنحو ـ صاحب التصانيف ، كان نادرة في الحفظ ، قال الذهبي في الميزان «ضعفه غير واحد وقواه آخرون». توفي سنة ٣٣٢.

تاريخ بغداد ٥ / ١٤ ، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٤٠ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٩ ، ميزان الاعتدال ١ / ١٣٦.

(٢) قال؟؟؟ الذهبي في تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤٠ : «الكوفة تغلي بالتشيع ، وتفور ، والسّني فيها طرفة».

(٣) هو أحد أئمة الصحابة ، وأحبارهم ، ومقرئيهم ، وفقهائهم ، وقضاتهم ، ومجاهديهم ، وزهادهم ، وعبادهم ، عبد الله بن قيس ، أسلم قديما لكنه هاجر ، وقدم المدينة بعد فتح خيبر ، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أعمال اليمن ، وولاه عمر وعثمان رضي الله عنهما على البصرة والكوفة ، وقد شهد فتوح الشام ، وفتح الأهواز وأصبهان وغيرهما ، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن ، توفي سنة ٤٢ وقيل : ٤٤ وقيل غير ذلك.

الإصابة ٢ / ٣٥١ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٨٠.

(٤) هو أحد أئمة الصحابة ، وعلمائهم ، وفقهائهم ، وفضلائهم ، أبو نجيد الخزاعي ، أسلم عام خيبر ، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ، وبعثه عمر إلى البصرة معلما ، وتوفي سنة ٥٢ ، وقيل : ٥٣.

الإصابة ٣ / ٢٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٠٨.

١٧٧

وابن عباس (١) ، وعدة من الصحابة ، فكان خاتمتهم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصويحبه أنس بن مالك (٢) ، ثم الحسن البصري (٣) ، ومحمد بن سيرين (٤) ، وأبو العالية (٥) ،

__________________

(١) هو الحبر ، البحر ، فقيه الأمة ، وإمام التفسير ، أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة ، وقد ولي البصرة لعلي بن أبي طالب ، وفقّه أهلها ، توفي بالطائف سنة ٦٨.

الإصابة ٢ / ٣٢٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٣١.

(٢) هو أحد أئمة الصحابة ، ومفتيهم ، ومقرئيهم ، ومحدثيهم ، أبو حمزة الأنصاري ، الخزرجي ، النجاري ، المدني ، خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ، إلى وفاته صلى الله عليه وسلم ، ولازمه أكمل ملازمة ، وغزا معه غير مرة ، وبايع تحت الشجرة ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة المال والولد ، شهد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الفتوح ، ثم سكن البصرة ، وكان آخر الصحابة موتا بها ، توفي سنة ٩٣ على الأصح وله من العمر ١٠٣ سنين.

الإصابة ١ / ٨٤ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٩٥.

(٣) هو الإمام ، العلم ، الحافظ ، الحجة ، أبو سعيد بن أبي الحسن يسار البصري ، المتوفى سنة ١١٠.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٦٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٧١ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٣.

(٤) هو الإمام ، العلم ، الحافظ ، الحجة ، أبو بكر البصري ، ويعتبر هو والشعبي أول من فتش عن الأسانيد والرجال بعد الصحابة. توفي سنة ١١٠.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٦٠٦ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٧٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢١٤ ، شرح علل الترمذي ١ / ٥٢.

(٥) هو الإمام ، الحافظ ، المقرىء ، المفسّر ، الثقة ، رفيع بن مهران الرّياحي البصري ، المتوفى سنة ٩٣ ، وقيل : ٩٠.

سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٠٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٦١ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٢٨٤.

١٧٨

ثم قتادة (١) ، وأيوب (٢) ، وثابت البناني (٣) ، ويونس (٤) ، وابن عون (٥) ،

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، المفسّر ، النسّابة ، الحجة ، أبو الخطاب بن دعامة السّدوسي البصري ، توفي بواسط سنة ١١٧ ، أو ١١٨.

سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٦٩ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٢٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٥١.

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، الجهبذ ، الحجة ، المتقن ، أبو بكر بن أبي تميمة كيسان السّختياني ، البصري ، المتوفى سنة ١٣١.

سير أعلام النبلاء ٦ / ١٥ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٣٠ ، تهذيب التهذيب ١ / ٣٩٧.

(٣) هو الإمام ، الحافظ ، الحجة ، العابد ، أبو محمد بن أسلم البصري ، المتوفى سنة ١٢٣ ، وقيل : ١٢٧.

سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٢٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٢٥ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢.

(٤) هو الإمام ، الحافظ ، الحجة ، الورع ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو عبيد بن عبيد البصري ، المتوفى سنة ١٣٩.

سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٨٨ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٤٥ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٤٤٢.

(٥) هو الإمام ، الحافظ ، الجهبذ ، الحجة ، العابد ، أبو عون عبد الله بن عون بن أرطبان البصري ، المتوفى سنة ١٥١ ، وقيل : ١٥٠ وقد صحح الأول الذهبي ، والثاني ابن حجر.

سير أعلام النبلاء ٦ / ٣٦٤ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٥٦ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٤٦ ، تقريب التهذيب ١ / ٤٣٩.

١٧٩

ثم حمّاد بن سلمة (١) ، وحمّاد (٢) بن زيد (٣) ، وأصحابهما ، وما زال بها هذا (٤) الشأن وافرا إلى رأس المئة الثالثة ، وتناقص جدا ، وتلاشى.

__________________

(١) هو الإمام ، الحافظ ، الثقة ، النّحوي ، العابد ، أبو سلمة بن سلمة بن دينار البصري ، تغير حفظه بأخرة ، وتوفي سنة ١٦٧.

سير أعلام النبلاء ٧ / ٤٤٤ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٠٢ ، تهذيب التهذيب ٣ / ١١ ، تقريب التهذيب ١ / ١٩٧.

(٢) هو الإمام ، الحافظ ، الحجة ، أبو إسماعيل بن زيد بن درهم الأزدي ، البصري ، المتوفى سنة ١٧٩.

مقدمة الجرح والتعديل ١٧٦ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ٤٥٦ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٢٨ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٩.

(٣) إذا قيل : «الحمّادان» ، فالمراد بهما ابن سلمة وابن زيد ، وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الحمادين فقال : «حماد بن سلمة بن دينار ، وحماد بن زيد بن درهم ، الفضل بينهما كفضل الدينار على الدرهم». كذا في ميزان الاعتدال ١ / ٥٩٢ ، ويوجد في تهذيب التهذيب ٣ / ١١ ما نصّه : «قال عبد الله بن معاوية الجمحي : حدثنا حماد بن سلمة بن دينار ، وحماد بن زيد بن درهم ، وفضل ابن سلمة على ابن زيد كفضل الدينار على الدرهم». انتهى.

وهذه المفاضلة لا تستقيم إلا إذا قصد بها ناحية الصلاح والدين ، لذا قال ابن حبان في كتاب الثقات : «وقد وهم من زعم أن بينهما كما بين الدينار والدرهم ، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في الفضل ، والدين ، لأن حماد بن سلمة كان أفضل ، وأدين ، وأورع من حماد بن زيد». انتهى نقلا عن تهذيب التهذيب ٣ / ١١.

(٤) في المخطوط (بهذا) ، والصواب ما أثبته كما في (ق) و (ع).

١٨٠