رسالة في صلاة ابى بكر

السيّد علي الحسيني الميلاني

رسالة في صلاة ابى بكر

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٩

١ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدّثني أبي ، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، قال : « لما مرض صلى الله عليه [واله] وسلّم أمر أبابكر أن يصلي بالناس ، ثم وجد خفّةً ، فخرج ، فلما أحسّ به أبوبكر أراد أن ينكص ، فأومأ إليه النبي فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره ، واستفتح من الآية التي انتهى إليها أبوبكر » (١).

٢ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، قال : « لمّا مرض رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال : ادعوا لي علياً.

قالت عائشة : ندعو لك أبابكر؟ قال : ادعوه.

قالت حفصة : يا رسول الله ، ندعو لك عمر؟ قال : ادعوه.

قالت أُمّ الفضل : يا رسول الله ، ندعو لك العباس؟ قال : ادعوه.

فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم يرعلياً فسكت. فقال عمر : قوموا عن رسول الله. فجاء بلال يؤذنه بالصلاة .... (٢).

٣ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا عبدالله بن الوليد ، ثنا سفيان ، عن حميد عن أنس بن مالك ، قال : « كان اخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم عليه برد متوشّحاً به وهوقاعد » (٣).

٤ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا يزيد ، أنا سفيان ـ يعني ابن حسين ـ ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : « لما مرض رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم مرضه الذي توفي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال بعد مرتين : يا بلال ، قد بلغت ، فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع.

فرجع إليه بلال فقال : يا رسول الله ، بابي أنت وأمي ، من يصلي بالناس؟

__________________

(١) مسند أحمد ١ / ٢٣١.

(٢) مسند أحمد ١ / ٣٥٦.

(٣) مسند أحمد ٣ / ٢١٦.

٢١

قال : مرّ أبابكر فليصل بالناس.

فلما أن تقدم أبوبكر رفع عن رسول الله الستور قال : فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء عليه خميصة ، فذهب أبوبكر يتأخّر وظن أنه يريد الخروج إلى الصلاة ، فاشار رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى أبي بكر أن يقوم فيصلي ، فصلى أبوبكر بالناس ، فما رأيناه بعداً (١).

٥ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبدالملك ابن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى ، قال : « مرض رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم .... » (٢).

٦ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا عبدالأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيدالله بن عبدالله ، عن عائشة فقالت : « لما مرض رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرض في بيتي فأذن له ، فخرج رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم معتمداً على العباس وعلى رجل آخر ورجلاه تخطان في الأرض.

وقال عبيدالله : فقال ابن عباس : أتدري من ذلك الرجل؟ هو علي بن أبي طالب ، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً.

قال الزهري : فقال النبي ـ وهو في بيت ميمونة ـ لعبدالله بن زمعة : مر الناس فليصلوا.

فلقي عمر بن الخطاب فقال : يا عمر صل بالناس ، فصلى بهم ، فسمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم صوته فعرفه وكان جهيرالصوت ... » (٣).

٧ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود عن عائشة ، قالت : « لما مرض رسول الله ... فجاء النبي حتى جلس

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٢٠٢.

(٢) مسند أحمد ٤ / ٤١٢.

(٣) مسند أحمد ٦ / ٣٤.

٢٢

إلى جنب أبي بكر ، وكان أبوبكر يأتمّ بالنبي ، والناس يأتمون بابي بكر » (١).

٨ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : « ... فجاء النبي حتى جلس عن يسارأبي بكر ، وكان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يصلي بالناس قاعداً وأبوبكر قائماً ، يقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله ، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر » (٢).

٩ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا بكربن عيسى ، قال : سمعت شعبة بن الحجاج يحدث عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي وائل عن مسروق ، عن عائشة « أن أبابكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم في الصف » (٣).

١٠ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا شبابة بن سوار ، أبا شعبة ، عن نعيم بن ابي هند ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : « صلى رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم خلف أبي بكر قاعداً في مرضه الذي مات فيه » (٤).

١١ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا شبابة ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : « قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في مرضه الذي مات فيه : مروا أبابكر يصلي بالناس ... وصلى النبي خلفه قاعداً » (٥).

١٢ ـ عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث ، ثنا زائدة ، ثنا عبدالملك بن عمير ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : « مرض رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال : مروا أبابكر يصلي بالناس ، فقالت عائشة : يا رسول الله إن أبي رجل رقيق! فقال : مروا أبابكر يصلي بالناس فإنكن صواحبات يوسف.

__________________

(١) مسند أحمد ٦ / ٢١٠.

(٢) مسند أحمد ٦ / ٢٢٤.

(٣) مسند أحمد ٦ / ١٥٩.

(٤) مسند أحمد ٦ / ١٥٩.

(٥) مسند أحمد ٦ / ١٥٩.

٢٣

فأمّ أبو بكر الناس ورسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم حي » (١).

* * *

__________________

(١) مسند أحمد٥ / ٣٦١.

٢٤

(٢)

نظرات في اسانيد الحديث

لقد نقلنا الحديث بأتمّ ألفاظه وأصح طرقه عن الصحاح ومسند أحمد ، وكما ذكرنا من قبل فإن معرفة حاله بالنظرإلى هذه الأسانيد والمتون تغنينا عن النظر فيما رووه في خارج الصحاح عن غير من ذكرناه من الصحابة ، ولربّما أشرنا إلى بعض ذلك في خلال البحث ...

لقد كانت الأحاديث المذكورة عن :

١ ـ عائشة بنت أبي بكر.

٢ ـ عبدالله بن مسعود.

٣ ـ عبدالله بن عباس.

٤ ـ عبدالله بن عمر.

٥ ـ عبدالله بن زمعة.

٦ ـ أبي موسى الأشعري.

٧ ـ بريدة الأسلمي.

٨ ـ أنس بن مالك.

٩ ـ سالم بن عبيد.

فنحن ذكرنا الحديث عن تسعة من الصحابة وإن لم يذكر الترمذي إلا ستّة ، حيث قال بعد إخراجه عن عائشة : « وفي الباب عن : عبدالله بن مسعود ، وأبي موسى ، وابن عباس ، وسالم بن عبيد ، وعبدالله بن زمعة » (١).

لكن العمدة حديث عائشة ... بل إن بعض ما جاء عن غيرها من الصحابة مرسل ، وإنها هي الواسطة ... كما سنرى ...

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥ / ٥٧٣.

٢٥

فلنبدأ أوّلاً بالنظر في أسانيد الحديث عن غيرها ممن ذكرناه :

* حديث أبي موسى الأشعري :

أمّا الحديث المذكور عن أبي موسى الأشعري ـ والذي اتفق عليه البخاري ومسلم ، وأخرجه أحمد ـ ففيه :

١ ـ إنه مرسل ، نص عليه ابن حجر وقال : « يحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة » (١).

٢ ـ إن الراوي عنه « أبو بردة » وهو ولده كما نصّ عليه ابن حجر (٢) وهذا الرجل فاسق أثيم ، له ضلع في قتل حجر بن عدي ، حيث شهد عليه ـ في جماعة شهادة زور أدت إلى شهادته (٣) ... وروي أيضاً أنه قال لأبي الغادية ـ قاتل عمار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه ـ : « أ أنت قتلت عمار بن ياسر؟ قال : نعم. قال : فناولني يدك. فقبلها وقال : لا تمسك النار أبداً! » (٤).

٣ ـ والراوي عنه : « عبد الملك بن عمير » :

وهو « مدلّس » و « مضطرب الحديث جداً » و « ضعيف جداً » و « كثير الغلط » :

قال أحمد : « مضطرب الحديث جداً مع قلة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث ، وقد غلط في كثيرمنها » (٥).

وقال إسحاق بن منصور : « ضعفه أحمد جداً » (٦).

وعن أحمد : « ضعيف يغلط » (٧).

__________________

(١) فتح الباري ٢ / ١٣٠.

(٢) فتح الباري ٢ / ١٣٠.

(٣) تاريخ الطبري ٤ / ١٩٩ ـ ٢٠٥.

(٤) شرح نهج البلاغة ٤ / ٩٩.

(٥) تهذيب التهذيب ٦ / ٤١١ وغيره.

(٦) تهذيب التهذيب ٦ / ٤١٢ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٦٦٠.

(٧) ميزان الاعتدال ٦ / ٦٦٠.

٢٦

وقال ابن معين : « مخلط » (١).

وقال أبو حاتم : « ليس بحافظ ، تغير حفظه » (٢). وعنه : « لم يوصف بالحفظ » (٣).

وقال ابن خراش : « كان شعبة لا يرضاه » (٤).

وقال الذهبي : « أمّا ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق » (٥).

وقال السمعاني : « كان مدلساً » (٦).

وكذا قال ابن حجر (٧).

وعبدالملك ـ هذا ـ هو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي ، وهو رسول الإمام الحسين عليه‌السلام إلى أهل الكوفة ، فانه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق أتاه عبدالملك بن عميرفذبحه ، فلما عيب ذلك عليه قال : « إنما أردت أن أريحه! » (٨).

٤ ـ ثم الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه ، فإنه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقد كان يوم الجمل يقعد باهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام علي عليه‌السلام ، وفي صفين هو الذي خلع الإمام عليه‌السلام عن الخلافة. وقد بلغ به الحال أن كان الإمام عليه‌السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه.

ثم إن أحمد روى هذا الحديث في فضائل أبي بكر بسنده عن زائدة ، عن

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٦٦٠ ، المغني ٢ / ٤٠٧ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٤١٢.

(٢) ميزان الاعتدال ٢ / ٦٦٠.

(٣) تهذيب التهذيب ٦ / ٤١٢.

(٤) ميزان الاعتدال ٢ / ٦٦٠.

(٥) ميزان الاعتدال ٢ / ٦٦٠.

(٦) الأنساب ١٠ / ٥٠ في « القبطي ».

(٧) تقريب التهذيب ١ / ٥٢١.

(٨) تلخيص الشافي ٣ / ٣٥ ، روضة الواعظين : ١٧٧ ، مقتل الحسين ـ للمقرّم ـ : ١٨٥.

٢٧

عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ... كذلك (١).

* حديث عبدالله بن عمر

وأما الحديث المذكور عن عبدالله بن عمر فالظاهر كونه عن عائشة كذلك ، كما رواه مسلم ، عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبدالله بن عمر ، عن عائشة ... لكن البخاري رواه بسنده عن الزهري ، عن حمزة ، عن أبيه ، قال : « لما اشتد برسول الله وجعه ... ».

وعلى كل حال فإن مدار الطريقين على :

محمد بن شهاب الزهري وهو رجل مجروح عند يحيى بن معين (٢) وعبدالحق الدهلوي ، وكان من أشهر المنحرفين عن أمير الؤمنين عليه‌السلام ، ومن الرواة عن عمر بن سعد اللعين :

قال ابن أبي الحديد : « وكان الزهري من المنحرفين عنه ، وروى جرير بن عبدالحميد عن محمد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة ابن الزبيرجالسان يذكران علياً فنالا منه. فبلغ ذلك علي بن الحسين فجاء حتى وقف عليهما فقال : أما أنت يا عروة ، فإن أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك ، وأما أنت يا زهري ، فلو كنت بمكة لأريتُك كير أبيك » (٣).

قال : « وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر علياً نال منه » (٤).

ويؤكد هذا سعيه وراء إنكار مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ كمنقبة سبقه

__________________

(١) فضائل الصحابة ١ / ١٠٦.

(٢) هو من شيوخ البخاري ومسلم ، ومن أئمة الجرح والتعديل ، اتفقوا على أنه اعلم أئمة الحديث بصحيحه وسقيمه. توفي سنة ٣٠٢ هـ. ترجم له في : تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٢٩ وغيرها.

(٣) شرح نهج البلاغة ٦ / ١٠٢.

(٤) شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠٢.

٢٨

إلى الإسلام ـ قال ابن عبدالبرّ : « وذكر معمر في معه عن الزهري قال : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبدالرزاق : وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري » (١).

وقال الذهبي بترجمة عمر بن سعد : « وأرسل عنه الزهري وقتادة. قال ابن معين : كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟! » (٢).

وقال العلامة الشيخ عبدالحق الدهلوي بترجمة الزهري من « رجال المشكاة » : « إنه قد ابتلي بصحبة الأمراء وبقلة الديانة ، وكان أقرانه من العلماء والزهاد ياخذون عليه وينكرون ذلك منه ، وكان يقول : أنا شريك في خيرهم دون شرهم! فيقولون : ألا ترى ما هم فيه وتسكت؟! ».

وقال ابن حجر بترجمة الأعمش : « حكى الحاكم عن ابن معين أنه قال : أجود الأسانيد : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبدالله. فقال له إنسان : الأعمش مثل الزهري؟! فقال : تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري؟! الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أمية؟ والأعمش فقير ، صبور ، مجانب للسلطان ، ورع ، عالم بالقرآن ، (٣).

ولأجل كونه من عمال بني أمية ومشيدي سلطانهم كتب إليه الإمام السجاد عليه‌السلام كتاباً يعظه فيه ، جاء فيه : « إن ما كتمت ، وأخف ما احتملت ، أن آنست وحشة الظالم ، وسهلت له الطريق الغيّ ... جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسلماً إلى ضلالتهم ، داعيا إلى غيهم ، سالكاً سبيلهم ، احذر ، فقد نبئت ، وبادر فقد أجلت ... » (٤).

__________________

(١) الاستيعاب ، ترجمة زيد بن حارثة.

(٢) الكاشف ٢ / ٣١١.

(٣) تهذيب التهذيب ٤ / ١٩٥.

(٤) ذكر الكتاب في : تحف العقول عن آل الرسول : ١٩٨ ، للشيخ ابن شعبة الحرّاني ، من أعلام الإمامية في القرن الرابع ، وفي إحياء علوم الدين ٢ / ١٤٣ بعنوان : ولمّا خاط الزهري السلطان كتب أخ له في الدين اليه »! ، وفي بعض المصادر نسبته إلى أبي خازم.

٢٩

ثم الكلام في عبدالله بن عمر نفسه :

فإنه ممن امتنع عن بيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد عثمان ، وقعد عن نصرته ، وترك الخروج معه في حروبه ، ولكنه لما ولي الحجّاج بن يوسف الحجازمن قبل عبدالملك جاءه ليلاً ليبايعه فقال له : ما أعجلك؟! فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية!! فقال له : إنّ يدي مشغولة عنك ـ وكان يكتب ـ فدونك رجلي ، فمسح على رجله وخرج!!

* حديث عبدالله بن زمعة :

وأما حديث عبدالله بن زمعة ... فقد رواه أبو داود عنه بطريقين ، والمدار في كليهما على « الزهري » وقد عرفته.

* حديث عبدالله بن عباس :

وأما حديث عبدالله بن عبّاس ... الذي رواه ابن ماجة وأحمد ، الأول رواه عن : إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، والثاني رواه عن يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم ، عنه .... فمداره على :

أبي إسحاق ، عن الأرقم

وقد قال البخاري : « لا نذكر لأبي إسحاق سماعاً من الأرقم بن شرحبيل » (١).

وأبو إسحاق السبيعي : « قال بعض أهل العلم : كان قد اختلط ، وإنما

__________________

(١) ذكره في الزوائد بهامش سنن ابن ماجة ١ / ٣٩١.

٣٠

تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه » (١).

وكان مدلساً » (٢).

وكان يروى عن عمر بن سعد قاتل الحسين عليه‌السلام (٣).

وكان يروي عن شمر بن ذي الجوشن الملعون (٤).

وفي سند أحمد مضافاً إلى ذلك :

١ـ سماع « زكريا » من « أبي إسحاق » بعد اختلاطه كما ستعرف.

٢ ـ « زكريا بن أبي زائدة » قال أبو حاتم : « ليّن الحديث ، كان يدلّس » ورماه بالتدليس أيضاً أبو زرعة وأبوداود وابن حجر ... وعن أحمد : « إذا اختلف زكريا وإسرائيل فان زكريا أحبّ إليّ في أبي إسحاق ، ثم قال : ما أقربهما ، وحديثهما عن أبي إسحاق ليّن سمعا منه بآخره » (٥).

أقول : فالعجب من أحمد يقول هذا وهومع ذلك يروي الحديث عن زكريا عن أبي إسحاق في « المسند » كما عرفت وفي « الفضائل » (٦).

نعم ، رواه لا عن هذا الطريق لكنه عن ابن عباس عن العباس ، فقال مرة : « حدثنا يحيى بن آدم » وأخرى « حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم » عن قيس ابن الربيع ، عن عبدالله بن أبي السفر ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، عن العباس بن عبدالمطلب : « إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال في مرضه : « مروا أبابكر يصلي بالناس ، فخرج أبوبكر فكبر ووجد النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم راحته فخرج يهادي بين رجلين ، فلمّا رآه أبوبكر تاخر ، فاشار إليه النبي مكانك ، ثم جلس رسول الله إلى جنب أبي بكر فاقترأ من المكان الذي

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٢٧٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٨ : ٥٦.

(٣) الكاشف ، ميزان الاعتدال ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٩٦.

(٤) ميزان الاعتدال ٢ : ٧٢.

(٥) تهذيب التهذيب ٣ / ٢٨٥ ، الجرح والتعديل ١ : ٢ / ٥٩٣.

(٦) فضائل الصحابة ١ / ١٠٦.

٣١

بلغ أبوبكرمن السورة » (١).

لكن مداره على « قيس بن الربيع ، الذي أورده البخاري فى الضعفاء (٢).

وكذا النسائي (٣) وابن حبّان في المجروحين (٤) وضعفه غير واحد ، بل عن أحمد أنه تركه الناس ، بل عن يحيى بن معين تكذيبه (٥).

* حديث عبدالله بن مسعود :

وأما الحديث المذكور عن ابن مسعود فاخرجه النسائي ، ورواه الهيثمي أيضاً وقال : « رواه أحمد وأبو يعلى ».

وفي سنده عند الجميع « عاصم بن أبي النجود » قال الهيثمي : « وفيه ضعف »(٦).

قلت : وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن سعد : « كان كثير الخطأ في حديثه » وعن يعقوب بن سفيان : « في حديثه اضطراب » وعن أبي حاتم : « ليس محله أن يقال هوثقة ولم يكن بالحافظ » وقد تكلّم فيه ابن علية فقال : « كل من اسمه عاصم سيئ الحفظ » وعن ابن خراش : « في حديثه نكرة » وعن العقيلي : « لم يكن فيه إلا سوء الحفظ » والدار قطني : « في حفظه شيء » والبزار : « لم يكن بالحافظ ، وحماد بن سلمة : « خلط في آخر عمره » وقال العجلي : « كان عثمانيا » (٧).

__________________

(١) فضائل الصحابة ١ / ١٠٨ ، ١٠٩.

(٢) الضعفاء ـ للبخاري ـ : ٢٧٣.

(٣) الضعفاء ـ للنسائي : ٤٠١.

(٤) كتاب المجروحين ٢ / ٢١٦.

(٥) تهذيب التهذيب ٨ / ٣٥٠ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣٩٣ ، لسان الميزان ٤ / ٤٧٧.

(٦) مجمع الزوائد ٥ / ١٨٣.

(٧) تهذيب التهذيب ٥ / ٣٥.

٣٢

* حديث بريدة الأسلمي :

وأمّا حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أحمد بسنده عن ابن بريدة عن أبيه ، فمع غضّ النظر عما قيل في رواية ابن بريدة ـ سواء كان « عبدالله » أو « سليمان » ـ عن أبيه (١) فيه :

« عبدالملك بن عمير » وقد عرفته.

* حديث سالم بن عبيد :

وأما حديث سالم بن عبيد الذي أخرجه ابن ماجة :

١ ـ فقد قال فيه ابن ماجة : « هذا حديث غريب ».

٢ ـ وفي سنده نظر ... فإن « نعيم بن أبي هند » تركه مالك ولم يسمع منه؟ لأنه « كان يتناول علياً رضي الله عنه (٢).

و « سلمة بن نبيط » لم يرو عنه البخاري ومسلم ، قال البخاري : « اختلط بآخره » (٣).

٣ ـ ثمّ إن « سالم بن عبيد » لم يرو عنه في الصحاح ، وما روى له من أصحاب السنن غيرحديثين ، وفي إسناد حديثه اختلاف!

قال ابن حجر : « سالم بن عبيد الأشجعي ، من أهل الصفة ، ثم نزل الكوفة وروى له من أصحاب السنن حديثين بإسناده صحيح في العطاس. وله رواية عن عمر فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وكلام أبي بكر في ذلك. أخرجه يونس بن بكير في زياداته.

____________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ١٣٨.

(٢) تهذيب التهذيب ١٠ / ٤١٨.

(٣) تهذيب التهذيب ٤ / ١٤٠.

٣٣

روى عنه هلال بن يساف ونبيط بن شريط وخالد بن عرفطة » (١).

وقال أيضاً : « الأربعة ـ سالم بن عبيد الأشجعي له صحبة ، وكان من أهل الصُفّة ، يعد في الكوفيين. روى عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم في تشميت العاطس ، وعن عمر بن الخطاب. روى عنه. خالد بن عرفجة ـ ويقال ابن عرفطة ـ وهلال بن يساف ونبيط بن شريط. وفي إسناد حديثه اختلاف » (٢).

أقول : يظهر من عبارة ابن حجر في كتابيه ، ومن مراجعة الرواية عند الهيثمي (٣) أن حديث سالم بن عبيد حول صلاة أبي بكر هو الحديث الذي عن عمر« فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ... لكن ابن ماجة ذكر بعضه ـ كما نص عليه الهيثمي ـ ، وظاهر عبارة ابن حجر في « الإصابة » عدم صحة إسناده ، ولعله المقصود من قوله في « تهذيب التهذيب » : « وفي إسناد حديثه اختلاف » إذ القدر المتيقن منه ما يرويه نبيط بن شريط عنه ، وهذا الحديث من ذاك!

* حديث أنس بن مالك :

أما حديث أنس بن مالك ، فمنه ما عن الزهري عنه ، وقد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد.

والزهري من قد عرفته.

مضافاً إلى أن الراوي عنه عند البخاري هو شعيب ، وهو : شعيب بن حمزة ، وهو كاتب الزهري وراويته (٤).

ويروي عن شعيب : أبو اليمان ، وهو : الحكم بن نافع.

__________________

(١) الإصابة ٢ / ٥.

(٢) تهذيب التهذيب ٣ / ٣٨١.

(٣) مجمع الزوائد ٥ / ١٨٢.

(٤) تهذيب التهذيب ٤ / ٣٠٧.

٣٤

وقد تكلم العلماء في رواية أبي اليمان عن شعيب ، حتى قيل : لم يسمع منه ولاكلمة (١).

والراوي عن « الزهري » عند أحمد : سفيان بن حسين ، وقد اتفقوا على عدم الاعتماد على رواياته عن الزهري ، فقد ذكر ذلك ابن حجر عن : ابن معين وأحمد والنسائي وابن عدي وابن حبّان ...

وعن يعقوب بن شيبة : « في حديثه ضعف » وعن عثمان بن أبي شيبة : « كان مضطرباً في الحديث قليلاً » وعن ابن خراش : « كان لين الحديث » وعن أبي حاتم : « لايحتج به » وعن ابن سعد : « يخطئ في حديثه كثيراً » (٢).

هذا ، وقد روى الهيثمي هذا الحديث فقال : « رواه أحمد وفيه : سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري ، وهذا من حديثه عنه » (٣).

ومنه ما عن حميد عن أنس ، وقد أخرجه النسائي وأحمد ، وحميد هو : حميد ابن أبي حميد الطويل ، وقد نصوا على أنه كان « مدلساً » وعلى « أن أحاديثه عن أنس مدلسة » (٤) وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

مضافاً إلى أن الراوي عنه ـ عند أحمد ـ هو سفيان بن حسين ، وقد عرفته.

هذا ، وسواء صحت الطرق عن أنس أو لم تصح فالكلام في أنس نفسه :

فأوّل ما فيه كذبه ، وذلك في قضية حديث الطائر المشوي ، حيث كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قد دعا الله سبحانه أن ياتي بعلي عليه‌السلام ، وكان يترقب حضوره ، فكان كلما يجيء علي عليه‌السلام ليدخل على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم قال أنس : « إن رسول الله على حاجة » حتى غضب رسول الله وقال له : « يا أنس ، ما حملك على رده؟! » (٥).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٨٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٤ / ٩٦.

(٣) مجمع الزوائد ٥ / ١٨١.

(٤) تهذيب التهذيب ٣ / ٣٤.

(٥) أخرجه غير واحد من الأئمة في كتبهم ، راجع منها المستدرك ٣ / ١٣٠.

٣٥

ثم كتمه الشهادة بالحق ، وذلك في قضية مناشدة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام الناس عن حديث الغدير وطلبه الشهادة منهم به ، فشهد قوم وأبى آخرون ـ ومنهم أنس ـ فدعى عليهم فأصابتهم دعوته ... (١).

ومن المعلوم أن الكاذب لا يقبل خبره ، وكتم الشهادة إثم كبير قادح في العدالة كذلك.

* حديث عائشة :

وأما حديث عائشة ... فقد ذكرنا أنه هو العمدة في هذه المسألة :

لكونها صاحبة القصة.

ولإن حديث غيرها إما ينتهي إليها ، وأما هو حكاية عما قالته وفعلته.

ولأن روايتها أكثر طرقاً من رواية غيرها ، وأصح إسناداً من سائر الأسانيد ، وأتم لفظاً وتفضلاً للقصة ...

وقد أوردنا الأهم من تلك الطرق ن والأتم من تلك الألفاظ ... فأما البحث حول ألفاظ ومتون الحديث ـ عنها ـ فسيأتي في الفصل اللاحق مع النظر في ألفاظ حديث غيرها.

واما البحث حول سند حديثها ، فيكون تارة بالكلام على رجال الأسانيد ، وأخرى بالكلام على عائشة نفسها.

أما رجال الأسانيد ... فإن طرق الأحاديث المذكورة عنها تنتهي إلى :

١ـ الأسود بن يزيد النعيم.

٢ ـ عروة بن الزبيربن العوام.

٣ ـ عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود.

٤ ـ مسروق بن الأجدع.

__________________

(١) لاحظ : الغدير ١ / ١٩٢.

٣٦

ولا شيء من هذه الطرق بخال عن الطعن والقدح المسقط عن الاعتبار والاحتجاج :

أما الحديث عن الأسود عن عائشة :

فان « الأسود » من المنحرفين عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام (١).

والراوي عنه في جميع الأسانيد المذكورة هوإبراهيم بن يزيد النخعي ، وهو من أعلام المدلّسين ... قال أبوعبدالله الحاكم ـ في الجنس الرابع من المدلسين : قوم دلسوا أحاديث رووها عن المجروحين فغيروا أساميهم وكناهم كي لا يعرفوا ـ قال : « أخبرني عبدالله بن محمد بن حمويه الدقيقي ، قال : حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، قال : حدثني خلف بن سالم ، قال : سمعت عدة من مشايخ أصحابنا تذاكروا كثرة التدليس والمدلسين ، فاخذنا في تمييز أخبارهم ، فاشتبه علينا تدليس الحسن بن أبي الحسن ، أبراهيم بن يزيد النخعي ، لأن الحسن كثيراً ما يدخل بينه وبين الصحابة أقواما مجهولين ، وربما دلس عن مثل عتي بن ضمرة وحنيف بن المنتجب ودغفل بن حنظلة وأمثالهم ؛ وأبراهيم أيضاً يدخل بينه وبين أصحاب عبدالله مثل هني بن نويرة وسهم بن منجاب وخزامة الطائي وربّما دلس عنهم » (٢).

والراوي عن إبراهيم هو : « سليمان بن مهران الأعمش ». و « الأعمش » معروف بالتدليس (٣) ، ذلك التدليس القبيح القادح في العدالة ، قال السيوطي ـ في بيان تدليس التسوية ـ : « قال الخطيب : وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا. قال العلائي : فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقاً وشرها. قال العراقي : وهوقادح فيمن تعقد فعله. وقال شيخ الإسلام : لا شك أنّه جرح ،

__________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٩٧.

(٢) معرفة علوم الحديث : ١٠٨.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ٢٣١.

٣٧

وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار ... (١).

قال الخطيب : « التدليس للحديث مكروه عند أهل العلم ، وقد عظّم بعضهم الشان في ذمه ، وتبجّج بعضهم بالبراءة منه » (٢).

ثم روى عن شعبة بن الحجاج قوله : « التدليس أخو الكذب ».

وعنه : « التدليس في الحديث أشد من الزنا ».

وعنه : « لإن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس ».

وعن أبي أسامة : (خرّب الله بيوت المدلسين ، ما هم عندي إلا كذابون ».

وعن ابن المبارك : « لأن نخرّ من السماء أحب إلي من أن ندلس حديثا! ».

وعن وكيع : « نحن لا نستحل التدليس في الثياب فكيف في الحديث! ».

فإذن : يسقط هذا الحديث ، بهذا السند ، الذي اتفقوا في الرواية به ، فلا حاجة إلى النظر في حال من قبل الأعمش من الرواة.

لكن مع ذلك نلاحظ أن الراوي عن الأعمش عند البخاري وأحمد ـ في إحدى طرقهما ـ وعند مسلم والنسائي هو « أبو معاوية ، وهذا الرجل أيضاً من المدلسين :

قال السيوطي : « فائدة : أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما :

وهم : إبراهيم بن طهمان ، أيوب بن عائذ الطائي ، ذرّ بن عبدالله المرهبي ، شبابة بن سوار ، عبدالحميد بن عبدالرحمن ... محمد بن حازم أبومعاوية الضرير ورقاء بن عمر اليشكري ... هؤلاء رموا بالأرجاء ، وهوتاخيرالقول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار ... » (٣).

__________________

(١) تدريب الراوي ١ : ٢٢٦.

(٢) الكفاية في علم الرواية ١ / ١٨٨.

(٣) تدريب الراوي ١ / ٢٧٨ ، وفي طبعة ١ / ٣٢٨.

٣٨

وذكر ابن حجر عن غير واحد أنه كان مرجئاً خبيثاً ، وأنه كان يدعو إليه (١).

والراوي عن « الأعمش » عند ابن ماجة وأحمد في طريقه الأخرى هو : وكيع ابن الجراح ، وفيه : أنه كان يشرب المسكروكان ملازماً له (٢).

ثم إن الراوي عن أبي معاوية في إحدى طرق البخاري هو : حفص بن غياث ، وهو أيضاً من المدلسين (٣).

مضافاً إلى أنه كان قاضي الكوفة من قبل هارون ، وقد ذكروا عن أحمد أنه : « كان وكيع صديقاً لحفص بن غياث فلما ولّي القضاء هجره » (٤).

وأما الحديث عن عروة بن الزبير :

فإن عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر ، فالحديث مرسل ، ولابدّ أنه يرويه عن عائشة.

وكان عروة من المشهورين بالبغض والعداء لأميرالمؤمنين عليه‌السلام ـ كما عرفت من خبره مع الزهري ، والخبرعن ابنه ـ وحتى حضر يوم الجمل على صغر سنه (٥) ، وقد كان هو والزهري يضعان الحديث في تنقيص الإمام والزهراء الطاهرة عليهما‌السلام ، فقد روى الهيثمي عنه حديثا ـ وصححه ـ في فضل زينب بنت رسول الله جاء فيه أنه كان يقول : « هي خيربناتي » قال : « فبلغ ذلك علي بن حسين ، فانطلق إليه فقال : ما حديث بلغني عنك أنك تحدثه تنقص حق فاطمة؟! فقال : لا أحدث به أبداً » (٦).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٩ / ١٢١.

(٢) تذكرة الحفاظ ١ : ٣٠٨ ، ميزان الاعتدال ١١ : ٣٣٦.

(٣) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٥٨.

(٤) تهذيب التهذيب ١١ / ١١١.

(٥) تهذيب التهذيب ٧ / ١٦٦.

(٦) مجمع الزوائد ٩ / ٢١٣.

٣٩

والراوي عنه ولده « هشام » في رواية البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة ... وهوأيضاً من المدلسين ، فقد قالوا : « كان ينسب إلى أبيه ما كان يسمعه من غيره ، وقد ذكروا أن مالكاً كان لا يرضاه ، قال ابن خراش : بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق ، قدم الكوفة ثلاث مرات ، قدمة كان يقول : حدّثني أبي ، قال : سمعت عائشة. وقدم الثانية فكان يقول : أخبرني أبي ، عن عائشة. وقدم الثالثة فكان يقول : أبي ، عن عائشة » (١) وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

وأما الحديث عن عبيدالله بن عبدالله عن عائشة :

فإن الراوي عن « عبيدالله » عند البخاري ومسلم والنسائي هو « موسى بن أبي عائشة « وقد قال ابن أبي حاتم سمعت أبي (٢) يقول : « تريبني رواية موسى بن أبي عائشة حديث عبيدالله بن عبدالله في مرض النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم » (٣).

وعند أبي داود وأحمد هو : الزهري ـ لكن عند الأول يرويه عن عبيدالله ، عن عبدالله بن زمعة ـ والزهري من قد عرفته سابقاً.

هذا مضافاً إلى ما في عبيدالله بن عبدالله نفسه ... فقد روى ابن سعد ، عن مالك بن أنس ، قال : « جاء علي بن حسين بن علي بن أبي طالب إلى عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة بن مسعود يسأله عن بعض الشيء! وأصحابه عنده وهو يصلي ، فجلس حتى فرغ من صلاته ثم أقبل عليه عبيدالله.

فقال أصحابه : أمتع الله بك ، جاءك هذا الرجل وهو ابن ابنة رسول الله

__________________

(١) تهذبب التهذيب ١١ / ٤٤.

(٢) هو : محمد بن إدريس الرازي ، أحد كبار الأئمة الحفاظ المعتمدين في الجرح والتعديل. توفي سنة ٢٠٧ هـ تقريباً. توجد ترجمته في : تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٦٧ ، تاريخ بغداد ٣ / ٧٣ وغيرهما من المصادر الرجالية.

(٣) تهذيب التهذيب ١٠ / ٣١٤.

٤٠