تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

الفاضل ثم نزل جماعة من القلعة من أرباب الدولة فى خامسه وابتدىء بالهدم فى القيسارية وما يجاورها فهدمت الدور التى كانت فى درب الصفيرة وهدمت خزانة شمائل.

وفى رابع جمادى الآخرة كان ابتداء حفر الأساس.

وفى خامس صفر سنة تسع عشرة وثمانمائة وقع الشروع فى البناء فاستمر العمل إلى يوم الخميس سابع عشر ربيع الأول.

(وأشهد) على الملك المؤيد أنه وقف هذا مسجدا لله تعالى ووقف عليه أوقافا بأرض مصر وبلاد الشام وتردد ركوب السلطان إلى هذه العمارة عدة مرات وفى شعبان طلب عمد الرخام لهذا الجامع فأخذت من الدور والمساجد وفى السابع والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة نقل باب مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاوون والتنور النحاس إلى هذه العمارة قيل إن جملة ما صرف إلى هذه العمارة إلى سلخ ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة ما يزيد على أربعين ألف دينار وصلى بالإيوان الذى كمل عمارته وهو الإيوان القبلى جمعة ثانى جمادى من السنة المذكورة وخطب به القاضى عز الدين ابن عبد السلام المقدسى أحد نواب الحكم العزيز الشافعى نيابة عن القاضى ناصر الدين البارزى كاتب السر الشريف وفى ثالث جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة استقر الشيخ شهاب الدين ابن حجر الشافعى فى مشيخة المؤيد لدرس السادة الشافعية واستقر نجم الدين يحيى بن محمد بن أحمد البجائى العجيسى المغربى المالكى فى تدريس السادة المالكية (والشيخ) عز الدين عبد العزيز بن العز البغدادى الحنبلى فى تدريس الحنابلة وفى سابع عشرة

٨١

استقر الشيخ بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى العينى فى تدريس الحديث النبوى (والشيخ) شمس الدين محمد بن يحيى فى تفسير القرآن العظيم وفى يوم الاثنين ثالث ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة كتب محضر جماعة من المهندسين أن المئدنة التى عمل باب زويلة مائلة فإنها مستحقة للهدم والإعادة وعرض ذلك على السلطان فرسم بهدمها (وابتدىء) بالهدم فى يوم الثلاثاء رابع عشرى ربيع الآخر ، وفى يوم الخميس سادس عشر منه سقط من المئذنة حجر على مكان تجاه باب زويلة فأخربه وهلك تحته إنسان اسمه على بن صديق المنير بباب الخرق وأغلق باب زويلة خوفا على المارة به ودام مغلقا مدة ثلاثين يوما.

تاريخ فتح باب زويلة :

(ثم) فى يوم السبت سابع عشر جمادى الأولى فتح باب زويلة وهذا لم يقع قط منذ بنى هذا الباب وفى يوم الجمعة نصف جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة توفى المقام إبراهيم ولد السلطان المؤيد شيخ ودفن بالمؤيدية وشهد السلطان جنازته وصلى هناك الجمعة وخطب القاضى ناصر الدين البارزى كاتب السر ، وفى يوم الاثنين ثامن المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة توفى السلطان الملك المؤيد شيخ المحمودى قبل أذان الظهر فارتج الناس بالقاهرة.

ثم حضر الخليفة المستعز بالله العباسى من القصر بالقلعة وحضر القضاة والعلماء وخرج بولى العهد أحمد بن السلطان الملك المؤيد على مضى خمس درج من نصف النهار.

ولقب بالسلطان الملك المظفر أبى السعادات (ونودى) بالأمان والترحم على السلطان ثم غسل ودفن وصلى عليه خارج القلعة وحمل إلى الجامع المؤيدى

٨٢

ودفن بالقبة قبل صلاة العصر (وتحت الإيوان الغربى من هذا الجامع من جهة دار التفاح (١) زاوية الشيخ عبد الحق) وهو مسجد قديم به صورة قبر يقول العامة أنه أبو الحسن النورى وليس بصحيح وإنما المسجد يسمى مسجد النور جدد بناؤه فى سنة أربع وخمسين وستمائة.

ثم إذا ظهرت من باب زويلة تجد ثلاث جهات يمنى ويسرى وتجاه الخارج من الباب.

فأما جهة اليمين فيسلك منها إلى تحت الربع ودار التفاح وباب الخرق إلى غير ذلك.

وأما جهة اليسار فيسلك منها إلى البسطيين والدرب الأحمر والحطابة ، قال المقريزى اعلم أن لأهل مصر والقاهرة عدة مقابر فما كان فى سفح الجبل يقال له القرافة الصغرى وما كان منها فى مصر يقال له القرافة الكبرى ولم يكن لهم مقبرة سواها فلما قدم القائد جوهر من قبل المعز لدين الله من المغرب وبنى القاهرة وسكنها الخلفاء اتخذوا تربة بها عرفت بتربة الزعفران المقدم ذكرها إلى أن زادت الحارات فقبر سكانها موتاهم بباب زويلة مما يلى قلعة الجبل فيما بينها وبين جامع الصالح وكثرت المقابر بها عند حدوث الشدة العظمى أيام المستنصر ثم بعد ذلك حدث البناء على القبور من جامع

__________________

(١) دار التفاح وتعرف الآن بشارع القربية والرواسين. والمسجد الذى يذكره هو الكائن بشارع تحت الربع بأسفل الجامع المؤيدى. ويوجد بدار التفاح ضريح سيدى نجم وبشمس الدين عبد الباقى وفى الأصل هو للطبيب على بن نجم بن عبد الواحد بن محمد عميد كلية طب القاهرة كان فى عهد الملك الظاهر برقوق مات ٧٩٦ هجرية.

٨٣

الصالح إلى الباب المحروق إلى تلك البقاع (وبالحطابة) (١) وغيرها قبور حدثت شيئا بعد شىء لا صحة لها ونحن نشرع الآن فى طريق الشارع مما بلى جامع الصالح ، فأما جامع الصالح فإن الذى أنشأه الملك الصالح أبو الغارات طلائع بن رزيك فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وأنشأ مشهد الحسين المقدم ذكره وأوقف على السادة أشراف بلقس.

ذكر بعض المدارس :

وتجاه باب زويلة مدرسة (٢) تسمى الدهيشة أمر بإنشاء هذه المدرسة السلطان الملك الناصر فرج بن السلطان الملك الظاهر برقوق على يد الأمير جمال الدين الاستادار فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة ، ثم تقصد إلى المدرسة (٣) المحمودية بخط الموازينيين أنشأها الأمير جمال الدين محمود الاستادار فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة ورتب بها درسا للسادة الحنفية وللحديث النبوى وعمل بها خزانة كتب لم تحو خزانة مثل ما فيها من الكتب وهى كلها كتب قاضى القضاة إبراهيم بن جماعة ، وتوفى الأمير جمال الدين محمود فى خزانة شمائل ليلة الأحد تاسع رجب سنة تسع وسبعين وسبعمائة ، ومن هذه

__________________

(١) لعل المراد هنا هو مقام السيدة فاطمة النبوية رضى الله عنها وقد ظهر خلاف بين المؤرخين للمزاراظ فى صحة هذا المشهد ولكن الصحيح أن هذه النسبة صحيحة كما قال بها الأجهورى وذلك نقلا عن الشهاب الأوحدى صاحب الخطط وينسب هذا المشهد الى السيدة الشريفة فاطمة بنت الامام الحسين عليه السلام.

(٢) هذه المدرسة معروفة الآن بسبيل فرج بن برقوق وكانت من قبل محكمة لفصل الدعاوى.

(٣) المدرسة المحمودية وتعرف الآن بجامع الكردى بأول شارع الخيامية تجاه مقعد الأمير رضوان بك.

٨٤

المدرسة إلى مدرسة (١) إينال الأتابكى على الطريق وهى من حقوق حارة المنصورة أوصى بعمارتها الأمير الكبير سيف الدين إينال اليوسفى مملوك يلبغا الخاصكى فابتدأ عمارتها فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة. وكان وفاة إينال فى يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، ودفن خارج باب النصر حتى انتهت عمارتها ثم نقل إليها ، ثم تقصد حمام بيدر الأشرفى داخل درب ، هناك جماعة من الصالحين ، ومنها إلى مدرسة الأمير جانى بك الداودار الأشرفى أنشأها فى سنة ثلاثين وثمانمائة ، وبها خزانة كتب وبها خطبة وتدريس للسادة الحنفية وصوفية ، ومنها إلى مدرسة زوجة الأمير يونس السيفى إقباى الداودار الكبير كانت على زقاق البركة وفى الطريق الموصلة إلى بركة الفيل عند حمام خراب يعرف بحمام الكردى زاوية بها قبر الشيخ مجد الدين محمد بن أبى الحسن الغريانى كان له صحبة بالأستاذ أبى السعود ابن أبى العشائر الواسطى رحمة الله عليه ثم تقصد تربة القرافيين ، والقرافيون ثلاثة ، والثلاثة من أصحاب الأستاذ العارف سالم بن على الأنصارى المغربى المدفون بفوة والفرافيون قيل إنهم أربعون وليا ، ثم تقصد إلى رأس الهلالية والمنجبية وسوق الطيور فى أوله مسجد الشيخ يوسف بن سعد الكعكى وهناك على الطريق مسجد يعرف القبر الذى فيه بزرع النوى الصحابى وهذا لا حقيقة له ويقال إن به خضر الصحابى وهذا أيضا لا حقيقة له فإن المخرجين للأحاديث لم يذكر أحد منهم أن فى الصحابة من اسمه زرع النوى ولا خضر

__________________

(١) وهذه تعرف الآن بجامع الإبراهيمى وبجامع أينال فى مقابلة جامع الشيخ محمود السبكى بعطفة الجوخدار.

٨٥

وقال الحافظ المقريزى إن كان هناك قبر فهو قبر أمير الأمراء أبو عبد الله الحسين ابن طاهر الوزان.

زاوية الشيخ الحداد :

وهناك زاوية الشيخ الصالح العارف المعتقد شهاب الدين الشهير بالحداد. أخذ طريق الأستاذ العارف بالله تعالى أبى السعود بن أبى العشائر الواسطى عن الشيخ الصالح العارف سراج الدين عمر بن الشيخ الصالح شرف الدين يعقوب بن أحمد بن عبد الله الأنصارى الشافعى القرافى ، والشيخ عمر هذا أخذ عن الشيخ الصالح أبى السعود ، والشيخ شهاب الدين هذا أخذ عن جماعة من المشايخ الأكابر منهم الشيخ الصالح شمس الدين بن الشيخ الصالح بدر الدين محمد الكنانى المعروف بين الأخوان بالشيخ محمد اللبان السعودى وأخذ عن الشيخ الصالح برهان الدين إبراهيم البرلسى المعروف بالمجاور بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير من ذكر ولم يزل بزاويته إلى أن توفى فى شهر رجب سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، وهذا الخط يعرف بالباب الجديد ويعرف بباب القوس. ومنه إلى جامع قوصون الذى حصر وقتل فى الاسكندرية سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة ، ويقابل باب الجامع المذكور مصلى الأموات قديما والآن صار مكانها جامعا (١) جديدا أنشأه الجناب السيفى جانم أحد الأمراء العشروات وهو قريب المقر السيفى يشبك بن مهدى الدوادار والسكبير

__________________

(١) هذا الجامع يعرف بسيدى جانم ولكن السخاوى لم يذكر من الآثار والمزارات الكثير فمنها مزار الشيخ على الفيومى الاجانى نسبة لأجا من أعمال الدقهلية ، وقبة الأمير محمد الناصرى وأخواته المعروفة بقبة أولاد الأسياد ثم مدرسة قائم المشهدى وجامع الأمير قمارى الحموى وزاوية عباس باشا الأول.

٨٦

ويعرف الآن بالجانمية أنشأها فى سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة ، ثم تقصد إلى زقاق حلب وحمام الدود هناك حوض بالشارع يعرف بحوض ابن هنس وإلى جانب الحوض مسجد معلق ومسجد أرضى له شباك على الطريق به قبر ابن هنس.

قبر ابن هنس :

قال الشيخ تقى الدين المقريزى فى تاريخه كان هنس أمير جندار السلطان الملك العزيز عثمان بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وتوفى هنس المذكور فى سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وتوفى ولده سعد الدين مسعود صاحب الحوض يوم السبت عاشر شوال سنة سبع وأربعين وستمائة وجدد هذا الحوض الأمير ماماى رأس نوبة المؤيدى فى سنة احدى وعشرين وثمانمائة. وقد أخبر الشيخ مجد الدين بن الشيخ شمس الدين بن المطار الشافعى النظاهر على المكان المذكور أنه اطلع على كتاب وقف ورأى أن وقفه منسوب إلى سعد الدين مسعود أحد حجاب الدولة الصالحية النجمية وأن ثبوته متصل بالشيخ الامام العالم الفاضل شمس الدين قاضى القضاة جمال الحكام مفتى المسلمين أبى العباس أحمد بن الشيخ الامام العالم العلامة شهاب الدين أبى العباس أحمد بن الشيخ الامام العالم العلامة شهاب الدين أبى عبد الله محمد بن ابراهيم بن خلكان الشافعى خليفة الحكم العزيز بالقاهرة المحروسة.

جامع الماس وغيره :

ومنه تقصد إلى جامع الماس هذا الجامع أنشأه الأمير سيف الدين الماس

٨٧

الحاجب أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون قتل خنقا بحبسه فى ثانى عشر صفر سنة أربع وثلاثين وسبعمائه وحمل من القلعة إلى جامعه ودفن به وبالقرب من هذا الجامع بيت الأمير (١) قزدم الحسنى الذى هو الآن يعرف بالأمير قرقماس أتابك العساكر المنصورة كان وإلى جانبه مسجد مرتفع عن الأرض يقال إن فيه قبر الشيخ خلف داخل الحيط.

وله هناك شهرة زائدة ولم أطلع له على خبر ولا ترجمة ومنه إلى تربة الأمير ضغج وصاحبها مدفون بها وهو من مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون قتل فى سادس عشر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وستمائة ومنها إلى مدفن على رأس حدرة البقر يقال إن فيه رأس سنجر وتجاه الحدرة مدرسة أنشأها الأمير حزمان الأبو بكرى المؤيدى بها قبره وبها قبر الشيخ أسد وبها خطبة ، ثم منها إلى مدرسة المرحوم سنقر السعدى وتحت شباكها حوض صغير ولها شهرة هناك بالسعدية.

وكان هناك مسجد بحكر الخازن أنشأه سنقر السعدى المذكور بالقرب من بركة الفيل هدمه الطواشى سعد الدين بشير الجمدار الناصرى وأنشأه مدرسة فى سنة احدى وستين وسبعمائة وجعل بها خزانة كتب وبالقرب من المدرسة السعدية المدرسة المعروفة بالبندقدارية وهذا الخط يعرف بخط بستان سيف الإسلام ومن هنا إلى مدرسة الأمير ركن الدين

__________________

(١) بيت الأمير هو مجموعة كتلة المبانى التى تجاور مسجد الماس المذكور وضريح الشيخ خلف بن أبى الغنائم ـ ثم تربة الأمير طفج المعروفة بزاوية الشيخ عبد الله وضريح الست الملكة وهى لطفج صاحب هذه المدرسة وزوجته.

٨٨

بيبرس الفارقانى صاحب الحمام التى تجاه المدرسة البندقدارية وتجاه الوزيرية مدرسة تعرف بالفارقانية ، تقصد إلى صليبة ابن طولون ، هذه الأرض كانت من أرض القطائع طولا وعرضا ثم تأخذ عن يمينك تجد مدرسة الأمير تغرى بردى البلكشى الدوادار الكبير كان المعروف بالمؤذى ثم منها إلى مدرسة الأمير صرغتمس الناصرى رأس نوبة النوب وكان وضع أساسها فى الخامس من شهر رمضان سنة ست وخمسين وسبعمائة وكملت عمارتها فى شهر جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وسبعمائة وقرر فيها مدرسا الشيخ قوام الدين الايقانى ثم منها إلى مدرسة الجاولية بجوار الكبش جددها الأمير علم الدين سنحر الجاولى فى سنجر الجاولى فى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.

مدرسة الجاولية ونسبها الى الأمير الجاولى ومآثره :

كان من جملة مماليك الجاولى أحد أمراء الملك الظاهر بيبرس البندقدارى توفى فى منزله بالكبش يوم الخميس تاسع شهر رمضان سنة خمس وأربعين وسبعمائة ودفن بالمدرسة (١) المذكورة وكان قد سمع الحديث وصنف شرحا كبيرا على مسند الإمام الشافعى وأفتى فى آخر عمره على مذهب الإمام الشافعى وله آثار باقية إلى الآن.

منها هذه المدرسة وجامع بمدينة غزة وحمام بها ومدرسة للفقهاء شافعية وخان السبيل.

__________________

(١) وهذه المدرسة تعرف بجامع الجاولى بشارع مرسينا وهى من منشآت أوائل القرن الثامن الهجرى والتى أنشأها الأمير سيف الدين سلار الناصرى.

٨٩

وبنى بها مارستانا وعمر بها أيضا الميدان والقصر.

وبني ببلد الخليل عليه الصلاة والسلام جامعا سقفه حجر نقر (وعمر) الخان العظيم بقاقون.

والخان بقرية الكثيب والقناطو بغابة أرسوف وخان رسلان فى حمراء بيسان (ودارا) بالقرب من باب النصر داخل القاهرة (وحماها) هناك (وعمر) دارا بجوار مدرسته (ومنها) إلى قناطر السباع بها مدرسة (١) الأمير برديك الأشرفى الدودار الثانى فى زمن أستاذه السلطان إينال العلائى ولها شبابيك مطلات على الخليج الحاكمى (وأما) الجهة التى تجاه الآتى من الشارع فمنها إلى الجامع الطولونى وقبل الوصول إليه تجد قبورا بأسماء لا صحة لها وهناك مساجد لم أطلع على من أنشأها وأما الجهة القبلية من الصليبة فهناك جامع المقر المرحوم شيخو العمرى وتجاهه مدرسة وكان الفراغ من الجامع والصلاة فيه فى شهر رمضان سنة سبع وستين وسبعمائة وعمارة الخانقاه التى له والحمامات وسائر عمائره وعمل مهما عظيما وما رؤى مثله وقرر فيها شيخا للسادة الحنفية الشيخ كمال الدين الرومى الحنفى وأقام بها إلى حين توفى سنة ست وثمانين وسبعمائة.

وقرر شيخا للشافعية بها الشيخ شهاب الدين السبكى وقرر للسادة المالكية شيخا بها الشيخ خليلا الجندى وجعل شيخا للسادة الحنابلة قاضى القضاة

__________________

(١) وهذه معروفة بجامع المحكمة والسخاوى حينما وصل الى هذه المنطقة «قناطر السباع» كان ينبغى له أن يذكر المشهد الزينبى رضى الله عنها وقد كان معروفا لديه وله الشهرة التامة.

٩٠

موفق الدين وكانت وفاة شيخو العمرى فى يوم الجمعة سادس عشرى ذى القعدة سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ودفن بمدرسته وكان كثير الخير والصدقات والمعروف وأنشأ الجامع الأحصر ببولاق والحوض تجاه قلعة الجبل إلى غير ذلك من المعروف وله سيرة عجيبة وهو أول من سمى بالأمير الكبير.

مقبرة الصالحين ومنهم ابن عرب ومآثر ولده :

وبهذه المدرسة مقبرة بها جماعة من الأولياء والعلماء والفقهاء منهم الشيخ الصالح شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد اليمنى المعروف بابن عرب ، توفى ليلة الأربعاء ودفن فى يوم الأربعاء ثانى ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة وحمل من الخانقاه إلى مصلى المؤمنى تحت القلعة ونزل السلطان الملك الأشرف برسباى وصلى عليه وكان الإمام فى الصلاة عليه قاضى لقضاة محمود العينى الحنفى ثم أعيد إلى الخانقاه ودفن بها ووجد له مبلغ ألفين وسبعمائة درهم فلوس وكان أبوه من أهل اليمن فتوجه إلى بلاد الروم ونزل بمدينة برصا وتزوج بأمة فولدت له أحمد هذا وغيره ونشأ أحمد ببلاد الروم وقدم القاهرة شابا فنزل بهذه الخانقاه وقرأ على خير الدين خليل بن سليمان بن عبد الله أيام الخميس بالخانقاه وكان فقيرا ينسخ بالأجرة ثم بعد مدة نزل من جملة صوفيتها وانقطع فى بيت بالخانقاه وترك الاجتماع بالناس أصلا وأعرض عن محادثة كل أحد واقتصر على ملبس خشن حقير إلى الغاية ويقنع بيسير من القوت وصار لا ينزل من بيته إلا ليلا لشراء قوته فإذا حباه أحد من الباعة فيما يريده من القوت تركه وما حباه فيه فلما عرف بذلك ترك الباعة محاباته وصاروا لا يتجاوزون ما يريده.

٩١

ثم صار لا ينزل إلا كل ثلاث ليال مرة يشترى قوته ويعود إلى منزله ولا يقبل من أحد شيئا ومن دس هليه شيئا بغير علمه رماه له إذا علم به.

وكان يغتسل للجمعة دائما بالخانقاه ويتوجه إلى الجمعة بكرة النهار مع محبة الناس له صانه الله منهم فكان إذا مر إلى الجمعة أو لشراء حاجته فلا يجسر أحد على الدنو منه وإذا دنا منه أحد وكلمه لا يجيبه أقام على ذلك نحو ثلاثين سنة وفى أثناء ذلك ترك النسخ واقتصر على الثلاثين درهما فى كل شهر وكانت تمر به الأعوام الكثيرة لا يتلفظ بكلمة سوى القراءة أو الذكر وفى كل شهر يحمل إليه خادم الخانقاه الثلاثين درهما فلا يأخذها إلا بالعدد حسابا عن كل درهم أربعة وعشرون فلسا كما كان الأمر قبل الحوادث وبالجملة فلا نعلم من يدانيه فى زمانه رحمة الله عليه (١).

جامع أحمد بن طولون والمشاهد الحاكمية :

(وأما جامع أحمد بن طولون) فإنه على جبل يشكر ويشكر بن جديلة من لخم. وقال اللبدى : جديلة وقال الحافظ المقريزى إن هذه الخطة من جبل يشكر إلى مشهد السيدة آسية من الخطط الصحابية تسمى خطة غافق وهو غافق بن الحرث بن عك بن عدنان بن عبد الله بن بلى إلى لخم فظهر أن الخط قديم.

__________________

(١) وقد ترك السخاوى هنا مزارا مهما وهو مزار جوهر المدنى كما يعرف الآن وهو الطواشى جوهر الناصرى باش آغا القصر الملكى الناصرى ورئيس أغوات الحرم المدنى الشريف.

٩٢

وكان بناء أحمد بن طولون للقطائع والجامع وقصره الذى نزل فيه فى سنة ست وخمسين ومائتين وقيل سنة تسع وخمسين وكان المنفق على بنائه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار.

ولهذا الجامع ترجمة واسعة ذكرناها فى تاريخنا المنبه عليه فى هذا الكتاب.

ومنها أنه بنى إلى جانبه البيمارستان وأنفق على بنائه ستين ألف دينار ولم يكن بمصر قبل ذلك بيمارستانا.

وبنى أيضا إلى جانبه الميدان ثم لما كان فى دولة الحاكم بأمر الله أخبر الحاكم بأن بالقرب من الجامع الطولونى قبور جماعة من السادات الأشراف فأمر ببناء مساجد ثلاثة فى هذا الخط فسميت هناك بالمشاهد الحاكمية وذلك فى شهر رمضان سنة اثنتين وأربعمائة (١).

(ذكر ما هنا من المشاهد)

فمن ذلك قبرية السيدة الجليلة نفيسة بنت الحسن ومشهد السيدة فاطمة بنت محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ومشهد به السيدة رقية بنت على بن أبى طالب ومشهد به آسية ابنة مزاحم امرأة فرعون (وبجوار) جامع ابن طولون على يسار سالك الطريق إلى مصر باب مكتوب على أسكفته

__________________

(١) لا يعرف من مشاهد الأشراف بهذه المنطقة الا مشهد السيد محمد الأصغر ومعروف بالأنور بن زيد الجواد بن الحسن بن على بن أبى طالب وهو ابن أخى السيدة نفيسة بنت الحسن لا عمها كما يزعم الناس ومشهد السيدة سكينة بنت الامام الحسين عليه السلام.

٩٣

ههنا جماعة من أهل البيت وشرقى جامع ابن طولون مشهد به جماعة من ذرية على الأصغر بن زين العابدين ومنه إلى مشهد محمد الأصغر وهو مشهد حسن البناء ولم يذكر أحد من علماء النسب أن زين العابدين خلف ولدا اسمه محمد الأصغر سوى صاحب كتاب المصباح فى المزارات وإنما خلف محمد الباقر وزيد الأزياد وعمرا وعليا الأصغر وحسينا وقال العبيدلى النسابة هذا المشهد من مشاهد الرؤيا.

وعند الانصراف منه تجد المشهد المعروف بمشهد (سكينة) بنت زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب قيل إنها أول علوية (١) قدمت إلى مصر وسبب قدومها إلى مصر أن الأصبغ بن عبد العزيز أمير مصر خطبها من أخيها وبعث مهرها إلى المدينة فحملها أخوها إلى مصر فقالت لأخيها والله لا كان لى بعلا فلما وصل بها إلى أبواب مصر مات الأصبغ فى تلك الليلة فماتت بكرا بمصر وهى أقدم وفاة من السيدة نفيسة.

وعلى باب هذا المشهد قبر السيد الشريف (٢) حيدرة وبه جماعة من الأشراف وبهذا المشهد قبر السيد الشريف إبراهيم بن يحيى بن بللوه النسابة

__________________

(١) ابن الزيات فى الكواكب السيارة نقل عن المؤرخ المصرى الحسن بن ابراهيم بن زولاق أن أول من دخل مصر من ولد على كرم الله وجهه سكينة بنت الحسين بن على رضى الله عنهما وذلك أنها حملت الى الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ليدخل بها فوجدته قد بغى فرجعت الى المدينة.

(٢) هو الشريف الطاهر الفاطمى حيدرة بن ناصر بن حمزة أبى الحسن ابن سليمان المثنى بن سليمان الأول بن الحسن الأصغر بن على زين العابدين ابن الامام الحسين عليه السلام وهو من الأشراف الفواطم. (السليمانيون بنو الحسين).

٩٤

وبه قبر الشريفة زينب بنت حسن بن إبراهيم بن بللوه النسابة توفيت سابع عشرى شوال سنة ست وأربعين وستمائة ، وعند الخراطين بالجامع الطولونى قبر الشيخ عبد الرحمن الطولونى وهذ اسم على غير مسماه وإنما هذا المسجد أحد المساجد الثلائة الحاكمية المقدم ذكرها وأقرب شىء أن يكون عليا الأصغر ومن بعده إلى المسجد الثانى الذى به قبر محمد الأصغر ، وقال القرشى وصاحب المصباح إن فى هذا المشهد ألواح رخام مكتوبا على أحدها محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد بن إسماعيل بن القاسم الرسى بن طباطبا والآخر مكتوب عليه كذلك وهذا لا صحة له ولعل هذه الألواح منقولة لأن طباطبا فى تربة معروفة فيها أسماء كثيرة من الذرية.

تاريخ وفاة سكينة بنت الحسين.

وقيل الصحيح أن سكينة بنت الحسين ماتت بالمدينة ودفنت هناك بلا شك وأنها تزوجت جماعة معروفين.

وقيل إنها توفيت بالشام والله أعلم وكانت وفاتها يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة ومائة وكانت من سادات الناس.

الملكة شجرة الدر ومناقبها :

ثم تقصد إلى دار الملكة عصمة الدين شجرة الدر أم خليل ومدرستها وحمامها ، أما الدار فتعرف الآن بدار الخلافة والمدرسة معروفة بشجرة الدر والحمام بحمام الست.

وشجرة الدر هذه كانت تركية الجنس وقيل أرمنية اشتراها الملك

٩٥

الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن العادل أبى بكر ابن أيوب.

وحظيت عنده بحيث إنه كان لا يفارقها سفرا ولا حضرا وولدت له ولدا اسمه خليل ومات صغيرا فاتفق من الأمور الغريبة أن الفرنج خذلهم الله تعالى جاءوا إلى دمياط فقاتلهم نائبها وجندها فانكسروا منهم فبلغ السلطان ذلك فانحصر لذلك فخرج هو وجماعة من العسكر إلى المنصورة فأقام بها مدة ثم إن السلطان مرض مرضا شديدا فصارت شجرة الدر تدبر أمور السلطنة خوفا على المسلمين وترسل تقول للجند والأمراء السلطان يقول لكم كذا ويأمركم بكذا حتى مات السلطان ولم يعلم بموته أحد من العسكر حتى نصر الله سبحانه وتعالى المسلمين ثم إنها غسلته وكفنته ووضعته فى تابوت وحملته فى النيل إلى القلعة التى أنشأها بالروضة بمصر وجهزت القصاد من المنصورة لإحضار الملك المعظم غياث الدين تغران شاه من حصن كيفا فقدم من الحصن إلى مدينة بلبيس كل ذلك ولم يعلم أحد بموت السلطان إلا الأمير فخر الدين يوسف ابن شيخ الشيوخ وهو عظيم الدولة يومئذ والطواشى جمال الدين محسن فقط فاتفقا معها على تدبير أمور المملكة إلى أن يحضر المعظم من حصن كيفا وأوهمت العسكر بأن السلطان قد رسم بأن يحلفوا له ولولده الملك المعظم على أن يكون سلطانا بعده وأن يكون الأمير فخر الدين يوسف أتابكا ومدبر المملكة فقالوا كلهم سمعا وطاعة ظنا منهم على أن السلطان حى وحلفوا بأجمعهم وكتبت على لسان السلطان إلى الأمير حسام الدين نائب السلطنة بالقاهرة أن يحلف أمراء الدولة وأكابرها وأعيان الناس والأجناد المقيمين بالقاهرة فأحضر الجميع إلى دار

٩٦

الوزارة وحلفهم وقام الأمير فخر الدين شيخ الشيوخ بتدبير المملكة وأقطع البلاد بمناشير وكانت شجرة الدر تخرج إلى الناس الكتب والمناشير والمراسيم عليها علامة السلطان بخط خادم يسمى سعيدا فلا يشك من رآه أنه خط السلطان فمشى هذا حتى على الأمير حسام الدين نائب السلطنة وكان السماط فى كل يوم يمد وتحضر الأمراء للخدمة على العادة إلى أن قدم الملك المعظم توران شاه بعد خمسة وسبعين يوما من موت السلطان وتسلطن وقام مدة قليلة وقتل فاجتمع سائر الأمراء والمماليك البحرية وأعيان الدلة وأهل المشورة واتفقوا على إقامة شجرة الدر فى مملكة مصر وأن تكون العلامات السلطانية على المناشير وغيرها من قبلها وأن يكون أتابك العساكر الأمير عز الدين أيبك التركمانى الصالحى أحد الأمراء البحرية وحلفوا على ذلك فى عاشر صفر وخرج عز الدين الرومى من العسكر إلى قلعة الجبل وأخبر شجرة الدر بما وقع عليه الاتفاق فأعجبها ذلك ثم سلطنوها وخطب لها على المنابر بمصر والقاهرة ونقش اسمها على الدراهم والدنانير ما مثاله الجهة الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل وكانت الخطباء يقولون فى الدعاء اللهم أدم الستر الرفيع والحجاب المنيع ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل وبعضهم يقول فى دعائه بعد الخليفة واحفظ اللهم الجهة الصالحية ملكة المسلمين عصمة الدنيا والدين أم خليل المعظمة صاحبة الملك الصالح.

ثم تزوج الأمير عز الدين أيبك التركمانى شجرة الدر فى تاسع عشرى ربيع الآخر بعد أن خلعت نفسها من المملكة وفوضت إليه أمور المملكة وتسلطن وكانت مدة مملكتها ثمانين يوما ثم انها دبرت على قتله فى ليلة الأربعاء خامس عشرى ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة وقيل سنة

٩٧

أربع وخمسين فقتل فى الليلة المذكورة وسبب ذلك أنه أشيع بأنه يريد أن يتزوج عليها أو يتسرى ثم قبض عليها فى يوم الجمعة سابع عشرى ربيع الأول وضربها السرارى بالقباقيب إلى أن ماتت فى يوم السبت وألقوها من سور القلعة من جهة القرافة فى الخندق وحملت ودفنت فى مدرستها فى هذه القبة.

مشهد السيدة رقية بنت الامام على :

ثم تقصد إلى مشهد (١) يقال إن به السيدة رقية بنت الإمام على بن أبى طالب رضى الله تبارك وتعالى عنه وهذا لا حقيقة له عند أهل التاريخ وعلماء النسب ويقال ان رقية هذه من الصالحات وعلى بابها قبر لخادم مكتوب عليه أحد خدام الخلفاء العبيدية وبالقرب من هذا المشهد قبور مجهولة الأسماء وبالقرب من هذا المشهد داخل الدرب المسدود زاوية على طريق المار بها الشيخ العارف الصالح القدوة شيخ مشايخ السادة الصوفية شرف الدين بن الشيخ محمد بن صدقة بن الأمير ركن الدين عمر العادلى القادرى الشافعى كان من علماء مشايخ الطريق وصنف كتابا سماه منهاج الطريق وسراج التحقيق جمع فيه أسماء المشايخ الذين أخذ عنهم وهم أربعون شيخا من مشاهير مشايخ الأولياء وبين طرائقهم فيه وكيف الوصول إليهم خلفا عن سلف وأكثر عن قاضى القضاة عز الدين بن جماعة وكان بزى الجندى ثم تزيا بزى الفقراء وصحب القادرية مات فى سنة ثمان وثمانين

__________________

(١) هذا المشهد معروف بنسبته الى السيدة رقية بنت الامام على بن أبى طالب رضى الله عنهما وهذه الشهرة قديمة يثبتها النص المسطور بالقلم الكوفى الفاطمى الموجود بين الكتابات الأخرى التى على وجه المحراب الخشى الذى كان لهذا المشهد ونقل الى دار الآثار العربية.

٩٨

وسبعمائة والزاوية الآن تعرف بزاوية تاج الدين العادلى وهناك قبر الشيخ هلال البرهانى وقبر الشيخ محمد النحات وقبر الشيخ محمد السلاوى وبالقرب منهم زاوية فيها قبر الشيخ الصالح العارف ناهض الدين أبى حفص عمر ابن ابراهيم بن على الكردى نفعنا الله تعالى به كان من أهل السلوك والمجاهدات توفى رحمه الله تعالى يوم الاثنين بعد الزوال الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة قال الحافظ شرف الدين العادلى أنه أخذ عنه وأخذ العهد عليه بزاويته هذه التي دفن بها والشيخ عمر هذا صحب الشيخ الصالح أبا عبد الله محمد عرف بابن الحاج الفاسى وهو صحب الشيخ العارف بالله تعالى محمدا الزيات وقيل أبا الحسن الزيات.

ثم ترجع إلى مشهد السيدة رقية قال السيد الشريف النسابة فى كتابه مرشد الزوار إلى معرفة قبور الصحابة وأهل البيت الأبرار أن عبد الله ابن عمرو بن عثمان كان له أولاد ثلاثة محمد الديباج والقاسم ورقية فلعلها أن تكون هذه والله أعلم ثم تقصد قبر الشيخ عبد الله البلاسى (١) وبالقرب منه قبر الشيخ محمد الليمونى.

سوق المراغة وبعض المقابر :

ثم تقصد سوق المراغة تجد فى وسط الطريق قبورا مبيضة يقال انها قبور سادة أشراف (وظاهر الحال) أن هذه الرحاب وما حولها كانت مقبرة وحدث هناك هذا البناء الذى حولها ومجرى هذه القبور جامع القماح به قبر

__________________

(١) هذا الضريح معروف الآن بسيدى محمد بن سيرين بأول حارة البلاسى المذكور أصله من البلاس شرقية وكان من مشايخ الطريقة الرفاعية التى أخذها عن الشيخ صالح البلاسى البطائحى المدفون بالبلاس.

٩٩

قال بعضهم إنه قبر سيدى أحمد المخبر عن نفسه وكان قبرا دارسا فرآه رجل فأخبره أنه فلان فبناه وهو الآن يعرف فى الخط بسيدى أبى بكر المعرف.

وبحرى هذا الجامع تربة قديمة وبها قبر إلى جانب قبر السفارينى قال بعضهم إنه كان على البناء خشبة مكتوب عليها أم محمد بن محمد بن الهيثم قال المنبجى تزوجها عبد الله بن جعفر وهذه التربة معروفة هناك بالسادة البنات البكر وهذا الاسم ليس له أصل.

وتجاه التربة على الطريق مدرسة بها قبر الشيخ العارف الصالح الفقيه المعتقد زين الدين أبى بكر بن عبد الله الدهر وطى السليمانى توفى آخر شوال سنة خمس وسبعين وسبعمائة ودفن بزاويته وهى مشهورة.

ونقل عنه شيخ الاسلام سراج الدين بن الملقن الشافعى فى كتاب حلية الأولياء عنه أنه كان يحفظ جملة من كتاب الشامل لابن الصباغ الشافعى وكان يخبر أن عمره مائة وعشرون سنة.

ثم تعود إلى القبور التى فى وسط المراغة قبلها زقاق فيه تربة كبيرة وقبة وقبور كثيرة تعرف الآن هناك بتربة السادة الشهداء وأن عندهم قبر السيدة نفيسة وهذا قول لا اعتماد عليه ولا صحة له ولم يذكر هذا الموضع أحد من علماء الزيارة وأهل الأنساب وقال صاحب المصباح ثم تجد المشهد المعروف بمشهد القاسم وفى هذا المشهد قبة كبيرة كتب عليها العامة القاسم بن الحسين ابن على بن أبى طالب وذلك غير صحيح لأن الحسين رضى الله عنه لما قتل لم يبق بعده إلا زين العابدين ويحتمل أن يكون من ذرية الحسين انتهى.

وبهذه التربة قبور أخر لا تعرف.

١٠٠