تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

وعند باب المقبرة عمود مكتوب عليه سعد بن معاذ الأوسى وبحرى هذه المقبرة قبر الفقهاء أولاد ابن الرفعة وبحريهم قبر الشيخ صبيح الأزهرى.

وقال بعض مشايخ الزيارة أن بالمقبرة قبر داود الطائى وليس بصحيح وقيل إن بمقبرة الحنفية أولاد داود الطائى.

قبر صاحب الشمعة :

وعلى يسارك وأنت قاصدا ابن الفارض قبر صاحب الشمعة وسبب شهرته بذلك أن الناس كانوا يرون على قبره فى الليالى المظلمة شمعة تضىء ومقابله على الطريق قبر الإمام العالم العلامة الشيخ مجد الدين أبى بكر الزنكلونى شرح التنبيه وصنف غيره وإلى جانبه قبر ولده محب الدين وأخيه.

ويلاصق تربة الحنفية تربة بها قبر المرأة الصالحة بريدة صاحبة الرواق بالقاهرة بخط الباطنية المقيم به الفقراء إلى وقتنا هذا.

قبر شرف الدين عمر بن الفارض ومناقبه :

ثم تأتى إلى قبر الامام العالم قدوة العارفين وسلطان المحبين الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض تلميذ الشيخ أبى الحسن على البقال صاحب الفتح اللدنى والعلم الوهبى نشأ فى عبادة ربه وكان مهابا من صغره.

قال الشيخ نور الدين بن الشيخ كمال الدين سبط الشيخ شرف الدين ، كان الشيخ معتدل القامة حسن الوجه مشربا بحمرة وإذا استمع وتواجد وغلب عليه الحال ازداد وجهه نورا وجمالا ويسيل العرق من سائر جسده حتى يسيل من تحت قدميه على الأرض.

٤٢١

وكان إذا حضر فى مجلس يظهر على ذلك المجلس سكينة وسكون ، ورأيت جماعة من المشايخ والفقراء وأكابر الدولة وسائر الناس يحضرون إلى قبره ويتبركون بزيارته.

قيل وكانوا فى حياته يزدحمون عليه ويلتمسون منه الدعاء ويقصدون تقبيل يده فيمنعهم من ذلك ويصافحهم ، وكانت ثيابه حسنة ورائحته طيبة.

وكان ينفق على من يرد عليه نفقة متسعة ويعطى من يده عطاء جزيلا ولم يحصل شيئا من الدنيا ولم يقبل من أحد شيا وبعث إليه السلطان الكامل بألف دينار فردها عليه ، قال سبط الشيخ المقدم ذكره سمعت جدى يقول :

كنت فى أول تجريدى أستأذن والدى وهو يومئذ خليفة الحكم الشريف بالقاهرة ومصر وأطلع إلى وادى المستضعفين بالجبل وآوى فيه ، وأقيم فى هذه السياحة أياما وليالى ثم أعود إلى والدى لأجل بركته ومراعاة قلبه فيجد سرورا برجوعى إليه ويلزمنى بالجلوس معه فى مجلس الحكم ثم أشتاق إلى التجريد فأستأذنه وأعود إلى السياحة ، وما برحت أفعل ذلك مرة بعد مرة إلى أن سئل والدى أن يكون قاضى القضاة فامتنع وترك الحكم واعتزل الناس وانقطع إلى الله تعالى فى الجامع الأزهر إلى أن توفى فعاودت التجريد والسياحة وسلوك طريق الحقيقة فلم يفتح على بشىء فحضرت يوما من السياحة إلى المدرسة السيوفية فوجدت شيخا بقالا على باب المدرسة يتوضأ وضوءا غير مرتب فقلت له يا شيخ أنت فى هذه السن فى دار الإسلام على باب هذه المدرسة بين الفقهاء وأنت تتوضأ وضوءا خارجا عن ترتيب الشرع فنظر إلى وقال : يا عمر أنت ما يفتح عليك بمصر وإنما يفتح عليك بمكة

٤٢٢

فاقصدها فقد آن لك وقت الفتح ، فعلمت أن الرجل من أولياء الله تعالى وأنه يتستر بالمعيشة وإظهار الجهل فجلست بين يديه.

وقلت يا سيدى وأين أنا وأين مكة ولا أجد ركبا ولا رفيقا فى غير الحج فنظر إلى وأشار بيده وقال : هذه مكة أمامك ، فالتفت إلى الجهة التى أشار اليها فنظرت مكة شرفها الله تعالى فتركته وطلبتها فلم تبرح أمامى حتى دخلتها فى ذلك الوقت وجاءنى الفتح حين دخلتها.

قال رحمه الله تعالى ثم أقمت بواد بينه وبين مكة عشرة أيام للراكب المجد وكنت آتى منه كل يوم أصلى فى الحرم الشريف الصلوات الخمس ومعى سبع عظيم الخلقة يصحبنى ويقول : يا سيدى اركب فما ركبت قط ، ثم لما مضى على خمس عشرة سنة سمعت الشيخ البقال ينادى يا عمر ائت إلى القاهرة احضر وفاتى فأتيته مسرعا فوجدته قد احتضر فسلمت عليه فناولنى دنانير ذهب وقال لى جهزنى بهذه وافعل كذا وكذا ، وأعط حملة نعشى إلى القرافة كل واحد دينارا وتركنى على الأرض فى هذه البقعة وأشار بيده إليها وهى تحت المسجد المعروف بالعارض بالقرب من مراكع موسى.

وقال لى انتظر قدوم رجل يهبط إليك من الجبل فصل أنت وإياه على انتظر ما يفعله الله تعالى فى أمرى ، قال فتوفى إلى رحمة الله تعالى فجهزته كما أشار وحملته إلى البقعة المباركة كما أمرنى به فهبط إلى رجل كما يهبط الريح المسرع فلم أره يمشى على الأرض فعرفته بشخصه وكنت أراه يصفع قفاة فى الأسواق.

فقال لى يا عمر تقدم فصل بنا على الشيخ فصليت إماما ورأيت طيورا

٤٢٣

بيضاء وخضرا بين السماء والأرض يصلون معنا ، ثم بعد انقضاء الصلاة جاء طير منهم أخضر عظيم الخلقة قد هبط عند رجليه وابتلعه وارتفع إلى الطيور وطاروا جميعا ولهم ضجيج بالتسبيح إلى أن غابوا عنا فقال الرجل الذى صلى معى على الشيخ يا عمر : أما سمعت أن أرواح الشهداء فى أجواف طيور خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت؟ وهؤلاء شهداء السيوف.

وأما شهداء المحبة فأجسادهم وأرواحهم فى جوف طيور خضر وهذا الرجل منهم ، وأنا أيضا كنت منهم ، وإنما وقعت منى هفوة فطردت عنهم ، فأنا أصفع قفاى فى الأسواق ندما وأدبا على تلك الهفوة ، قال ثم ارتفع الرجل إلى الجبل إلى أن غاب عن عينى وقال لى يا ولدى إنما حكيت لك هذه الحكاية لأرغبك فى سلوك طريق القوم.

وتوفى الشيخ شرف الدين بن الفارض رحمه الله تعالى بالجامع الأزهر بقاعة الخطابة فى الثانى من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ودفن بالقرافة بسفح المقطم عند مجرى السيل تحت المسجد المعروف بالعارض.

وكان مولده بالقاهره فى الرابع من ذى القعدة الحرام سنة سبع وسبعين وخمسمائة وصار قبر الشيخ بغير حاجز عليه مدة طويلة ، فلما كان فى أيام السلطان أينال العلائى الملقب بالأشرف انتدب رجل من الأتراك يقال له تمر الإبراهيمى عتيق السلطان الأشرف برسباى لزيارته هو وابنه برقوق الناصرى عتيق السلطان الظاهرى جقمق العلائى وجماعة من جهتهم وصارا يعملان الأوقاف عنده ويطعمان الطعام ويتصدقان على الفقراء عنده ثم فى سنة نيف وستين وثمانمائة وقف السيفى تمر على الشيخ

٤٢٤

حصصا من أقطاعه ابتاعها من بيت المال وأنشأ له مقاما مباركا وجعل له خادما وجعل له جامكية وجعل السيفى برقوق ناظرا على ذلك ثم توفى تمر المذكور بجزيرة قبرس قتيلا فى معركة الفرنج وصار السيفى برقوق يعمل هناك الأوقاف الجليلة يهذا المقام من إطعام الطعام وقراءة القرآن إلى أن ولى السلطنة قايتباى المحمودى فجعل برقوق نائب الشام فجعل شخصا عوضه فى ذلك إلى أن توفى بالشام فقام ولده مقامه فى النظر على ذلك إلى يومنا هذا ، وللشيخ شرف الدين بن الفارض مناقب عظيمة ، ولما حج مدح النبى صلى الله عليه وسلم بقصيدة شريفة وأنشدها وهو مكشوف الرأس عند الروضة الشريفة وهو باك بكاء شديدا والناس معه.

وكان رحمه الله تعالى إذا سمع من إنسان كلاما فيه موعظة تواجد وغاب عن الوجود وربما نزع ثيابه وألقاها وحكى عنه أنه كان يحب مشاهدة البحر.

وكان من أجل ذلك يتردد على المسجد المعروف بالمشتهى فى أيام النيل فلما كان فى بعض الأيام جالسا هناك سمع قصارا يقول : قطع قلبى هذا المقطع ما يصفو ويتقطع فما زال يصرخ ويبكى حتى ظن الحاضرون أنه مات وبالمعبد المبارك المعروف بمراكع موسى قبر الطواشى صندل خادم الحجرة النبوة.

وبالحومة تربة معروفة ببني الحباب ذات بابين المقابل لابن لهيعة بها القاضى فخر الدين وذريته ومقابلها فى الطريق المسلوك حوش صغير به قبر الشيخ عبد الله السائح وإلى جانبه من القبلة عبد الله بن لهيعة وقال القضاعى فى تاريخه أن بهذا القبر عبد الله بن لهيعة وقال القضاعى فى تاريخه أن بهذا

٤٢٥

القبر عبد الله بن وهب ولم يذكر هذا غيره ، وابن وهب الصحيح أنه بالنقعة وإذا أخذت من المراكع مستقبل القبلة قاصدا صاحب السحابة تجد على يمينك تربة فى الزقاق الرقيق بها قبر السيد الشريف موسى بن أبى القاسم الحسينى.

وقريب منها تربة الحكيم الانطاكى ، وقريب من ذلك تربة صاحب السحابة وبهذه الحومة جماعة من العلماء منهم الشيخ الإمام العالم عز الدين المحاملى من أكابر الفقهاء وأجلاء العلماء ومعه فى الحومة قبر القاضى أبى عبد الله محمد بن محمد الشيبانى المعروف بقاضى الحرمين.

ومعه فى الحومة قبر الشيخ عبد الكريم السحابى وقيل إنه صاحب الحكاية المشهورة التي ذكرها ابن الجوزى فيما جرى له مع الخليفة ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة إلى أن تأتى إلى تربة الأشراف وتأخذ من قبر ابن لهيعة وأنت مستقبل القبلة نجد على يمينك تربة الفقهاء بني يعمر بها جماعة منهم ويقابلها تربة بنى المنتجب بن على بن أحمد بن طاهر العلوى نائب الوزارة وهم أشرف من نسل محمد ابن الحنفية ابن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم وبهذه التربة قبة بها ناصر الدين عمارة الشاعر الشهير وله ديوان معروف وحوله جماعة من الحسينيين.

وأما تربة الأشراف الحسينيين فإنها يصعد إليها بدرج وتعرف بالزربية السالك إليها من عند صاحب السحابة بها قبر السيد السريف على بن طاهر ابن الحسن الحسينى كان أهل مصر يتبركون به وبزوجته التى هى عنده يقال أن اسمها ميمونة بنت شاقولة الواعظة ثم تمشى مستقبل القبلة قاصدا إلى

٤٢٦

طرخان الخامى تجد قبل وصولك إليه قبر الشيخ أبى عبد الله محمد شيخ ابن الطباخ ومعه بالحومة الفقيه ابن الطباخ وجماعة من الفقهاء وهم فى حوش مرتفع عن الأرض ومن قبليهم قبر الشاب التائب الفائزى ومن غربى طرخان قبر الطواشى محسن الخادم بحجرة النبى عليه الصلاة والسلام ومعه فى الحومة قبر الشيخ تمر الأستاذ بها وقبر الطواشى جوهر خادم الحجرة الشريفة وقبر الشيخ الفقيه ابن مجادلة الصوفى والشيخ أبى الوحوش أسد وقبلى طرحان حوش الفقهاء بنى نهار وعند باب تربتهم قبر الشيخ عابد بن عبد الله أحد مشايخ الزيارة قيل إنه أول من زار بالنهار يعنى نهار الأربعاء من باب المشهد النفيسى.

قبر أبى الحسن الردينى :

ثم تأتى إلى التربة المعروفة بالردينى وبهذه الحومة جماعة من العلماء منهم الشيخ الإمام أبو الحسن على بن مرزوق الردينى ذكره ابن عثمان فى تاريخه وعده ابن الحباس فى طبقة الفقهاء وكان رحمه الله تعالى يأوى بمسجد سعد الدولة وكانت كلمته مقبولة عند السلطان فمن دونه ، وكان يحفظ القرآن والحديث والفقه.

وفال القرشى فى تاريخه : إن هذه البقعة المباركة عرفت بإجابة الدعاء.

وأن من عليه دين فيقول اللهم بما بينك وبين صاحب هذا القبر عبدك الردينى إلا ما وفيت دينى إلا استجيب له. وهذا آخر الشقة الأولى من الجبل وأولها من زاوية عبور.

وأما من هو بالشقة الثاقية التي أولها المظفر قطز وآخرها تربة سماك

٤٢٧

ابن خرشة فبالقرب من الرديني وغربيه قبر جبريل الخطاب وقبر الشريف المعروف بأبى الدلالات واسمه أبو القاسم بن أحمد الحسينى من ذرية زين العابدين وقبره الآن عند تربة سراقة المحدث وهى تربة لطيفة قريبة من سماك المذكور بها قبر الشيخ محيي الدين بن سراقة المحدث وجماعة من ذريته.

وبالخط المعروف بالكيزانى تربة ابن الصائغ قيل إن بها أبا ربيعة الأنصارى وجمرة الأنصارى حامل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القرشى فى تاريخه وهذا ليس بصحيح وقد يكون من الصالحين وهذه التربة شرقى الكيزانى وبهذا الخط قبر إياس المقعد وقبره على سكة الطريق فى حوش صغير (ومعه فى الحومة) أولاد ابن مولاهم وداود السقطى وزين وسليمان السقطى وزين الفوانيسى وأبو بكر النحاس وهم بالقرب من ابن الفرات.

ذكر التربة المعروفة بالكيزانى :

وبها جماعة من الفقهاء والصلحاء (فأجل) من بها من نسبت إليه وهو الفقيه الإمام العالم الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبى الفرج بن إبراهيم بن ثابت المعروف بابن الكيزانى ، كان عظيم الشأن وله الديوان المشهور وله كتاب الرقائق وله الكتاب المعروف بمليك الخطب وقد منع فى زمانه القراء من القراءة فى الأسواق ومنع معلمى المكاتب من مسح الألواح إلا فى الآنية الجديدة وأن يجمع ذلك ويطرح فى البحر ، وكان كثير الايثار ، وكان له معمل برسم القزازة ويأكل من كسبه ويتصدق يالباقى ، وكان يأتيه الطالب ليقرأ عليه

٤٢٨

فيجده جيعان فيطعمه وعريان فيكسيه ويعطيه العمامة حتى يجد فى نعله شيئا مقطوعا فيخرزه بيده ، وجاء إليه ملك مصر ومعه رسول الخليفة يوما ليزوره فدخلا عليه وهو يدور على الدولاب بيده ففرش لهما فرشا من خوص فقعدا عليه وسألاه الدعاء فدعا لهما فأخرج له الملك ألف دينار فلم يقبلها فقال له الملك إن لم تأخذها لنفسك فتصدق بها على أصحابك وجيرانك ، فقال ما هم محتاجون إلى ذلك فإنى فى كل يوم أعمل بثلاثة دراهم ونصف فآكل بنصف درهم وأنفق على جيرانى وأصحابى الفاضل فخذها وانصرف فأخذها وانصرف.

وله مناقب مشهورة كثيرة وله شعر رائق قال ابن خلكان مات بعد الستين والخمسمائة ومشهده معروف بإجابة الدعاء.

وقيل إنه كان مدفونا بمشهد الإمام الشافعى فنقل منه وقت بناء القبة إلى هدا الكان.

الفقيه وثاب بن الميزانى

وبهذا المشهد أيضا الفقيه الامام الشيخ وثاب بن الميزانى معدود من أكابر العلماء وكان كثير الصدقة حكى عنه أنه رأى الامام أحمد بن حنبل فى النوم وناوله تفاحة فأكلها وقال نزه الله ما استطعت وكانت الحنابلة تقدم عليه من البلاد وهو صهر ابن الكيزانى.

وبهذه التربة قبر الفقيه الامام أبى القاسم عبد الرحمن بن عبد الواحد الخثعمى من بنى خثعم.

وبهذا المشهد قبر الفقيه أبى إسحق إبراهيم بن مرعيل من أكابر الحنابلة.

٤٢٩

كان يقول فى أكثر أوقاته أكثر الناس غنى من ترك الدنيا لأهلها وكان أمير الجيوش يأتى إليه ويزوره ويسأله الدعاء فجاءه يوما لزيارته فأبطأ عليه فى نزوله فلما نزل رأى عليه ثوب زوجته فقال ما هذا؟ فقال : إنى أغسل ثوبى فلذلك أبطأت عليك ، فبكى أمير الجيوش وقال فى نفسه مثل هذا الفقيه يكون على هذه الحالة!! فأخبر الخليفة فكتب له توقيعا بأربعين دينارا فى كل سنة. فأخذ أمير الجيوش التوقيع وجاء إليه فلم يخرج له وأوسل يقول له خذ التوقيع وانصرف ولا تعد إلينا فإنا لا حاجة لنا بمن ينفخنا عند الخلفاء.

وقيل إن أمير الجيوش اجتهد له فى عمارة المدرسة بمصر المعروفة ببنى مرسل وإلى جانبه قبر ولديه عبد الله ومحمد كانا من أخيار الفقهاء والصلحاء ومغهم فى التربة الشيخ داود المنوفى بن الجباس صاحب التاريخ وأبو المعالى بن الجباس والشيخ على الكبير والد المصنف والشيخ جمال الدين أبو دية والشيخ شهاب الدين بن جمال الدين والشيخ شهاب الدين بن الكتنانى والشيخ ابراهيم بن الفقاعى. ومقابله على الطريق قبر الشيخ جبريل المخبزى وهو بالتربة الصغيرة التى هى بالقرب من تربة أم ممدود وإلى جانبها قبر الشيخ يعقوب الناسخ وقبره داثر فى الحوش على اليمين وأنت قاصد إلى سماك ابن خرشة وبتربة سماك المذكورة قبران مكتوب عليهما معن بن زائدة وسماك بن خرشة وليس ذلك بصحيح لأنهما لم يدرك لهما وفاة بمصر.

ثم تمشى من تربتهم تجد على يسارك قبر الشيخ على المقسنى أحد مشايخ الزيارة وبالحومة جماعة من خدام المشهد المذكور ثم تمشى فى الطريق المسلوك

٤٣٠

إلى تربة الردينى السالف ذكرها وهذه الشقة الثالثة وأولها هذه التربة وآخرها قبر عباس الكردى وحول هذه التربة جماعة من الأولياء منهم الشيخ جبريل الخطاب.

ومن شرقى تربة الردينى تربة ابن المخزومى بها قبر الفقيه المعروف بابن خليفة الشافعى المعروف بالناطق كان من أجلاء الفقهاء وأكابر العلماء ذكره ابن دحية وكان يزوره وقبره معروف فى هذه الخطة وإلى جانب هذه التربة جماعة من العسقلانيين.

وبهذه الخطة مقبرة ابن شيخ الشيوخ قريبة من سفح الجبل وليس بها بناء وبها قبر محبوب الخياط.

ثم تأتى مقبرة الديانبة وهم من أعيان الفقهاء والمحدثين وفى مقبرتهم أولاد السيد آدم وهم جماعة أفاضل وبالخط المذكور أولاد ابن مسكين وأولاد القيرانى.

وعلى يسارك قبر الشيخ يحيى الدجاجى ومن قبليه قبر الشيخ عباس المهتدى وقريب من هؤلاء قبر القاضى يونس الورع وعلى قبره مهابة وجلالة وهو فى مشهد لطيف قيل إنه بلغ من ورعه غايته وكان يقتات برغيف فى كل يوم غداء وعشاء وواظب على ذلك خمس عشرة سنة وقيل إنه كان من قمح يأتيه من الغرب يزرع له فى أرض ورثها من أبيه وكان لا يشرب إلا من بئر اشتراها وبالخط المذكور قبر الشيخ أبى الحسن المالكى لكن لا يعرف الآن قبره وبالحومة قبر الفقيه الإمام قاسم بن ركاب بن أبى القاسم العدل المعروف بابن القرقرى وهذا لا يعرف له الآن قبر.

٤٣١

قبر فاطمة صاحبة العالية

وبالحومة قبر المرأة الصالحة فاطمة صاحبة العالية وهو قبر لطيف وقيل إنما هى خيرانة المكاشفة وإلى جانبها مسطبة قديمة وفى وسطها قبر مبنى بالطوب الآجر قيل هو قبر عروس الصحراء والصحيح أنها أم الكرم بنت خيثمة أمير مصر وقبرها قريب من يونس الورع وهو معروف بإجابة الدعاء ثم تأتى إلى مقبرة الشهداء بها جماعة من العلماء منهم الفقيه الامام الزاهد أبو اسحق إبراهيم القرشى الهاشمى كان فقيها فاضلا يؤم الناس بمسجد الزبير بمصر وكان مجاب الدعوة كثير البركة جاء يوما إلى الحاكم يشهد عنده فى شهادة فأبى الحاكم أن يقبله فلما كان فى الليل رأى الحاكم رجلا قد ارتفعت له الحائط حتى دخل منها فقال له من أنت؟ فقال له خلق من خلق الله تعالى ، قال وكيف دخلت على من غير إذن؟ قال أمرت بذلك لم لا قبلت شهادة ابراهيم القرشى وهو عدل عند الله تعالى فقال له الحاكم إنه تليد ، قال فى غد يأتيك وهو ينطق بالحكمة فلما أصبح أتاه وهو يتكلم بالحكمة فقبل شهادته.

وبهذه المقبرة قبر الجزرى الكبير والشيخ أبى اسحق العراقى والفقيه ابن رامح والشيخ محمد بن سليمان والشيخ عبد الله بن عرفة.

وفى مقبرتهم الفقهاء أولاد صبح المالكية والشيخ أحمد النحاس والسيدة عائشة وأم الخير بنت الشيخ ابراهيم القرشى.

وبحرى هذه المقبرة قبر عليه عمود مكتوب عليه صاحب الكلوية ذكره ابن عثمان فى تاريخه وأشار إلى أنه من الصحابة ولم يذكره أحد من المؤرخين غيره ويحتمل أن يكون هذا من الصالحين.

٤٣٢

وغربى هذه المقبرة حوش لطيف بغير سقف يقال إن به سارية على اختلاف فيه.

قبر الفقيه الفاضل

ومعه بالحوش المذكور قبر الفقيه الفاضل الذى ضرب بعبادته فى زمنه المثل هو أبو النجاء صالح بن الحسين بن عبد الله المبتلى كان شافعى المذهب.

حكى عنه أنه جلس يوما بالجامع الأزهر للاقراء فرأى الطلبة يضحكون فقال لا إله إلا الله فسد الناس حتى أهل العلم!! لقد كنا ندخل حلق العلم فلا يقوم الرجل إلا خاشعا أو باكيا أو متفكرا ثم تأتى إلى الحلقة من الغد ونحن على ذلك وقام واعتزل الناس وانقطع فى جوسق ابن أصبغ يتعبد فبلغ من زهده أن كان يقتات بالبقل وكان مليح الوجه صحيح الجسم وكان النساء إذا مررن على الجوسق نظرن إليه فسأل الله تعالى أن يبتليه فكانت المرأة إذا دخلت عليه تعرض بوجهها فيقول هكذا قصدت.

وكان له صاحب يخرج كل يوم إلى البركة فيجمع له ما سقط من غسل البقولات فيدقه بالملح ويقتات به فجاءه يوما وليس معه شىء فقال له ما لك جئت بغير شىء؟ فقال له يا سيدى رأيت السودان يحاربون فقال هذه العصا خدها وامض إليهم فإنك تأمن منهم فأخذها وانصرف إليهم فولوا كلهم ولم يقف أحد منهم وكان الشيخ عظيم الشأن ، ويقال إنه عاش طويلا وتوفى بعد الأربعين والخمسمائة.

وحول هذه التربة جماعة من الفضلاء منهم الشيخ صبيح الجنيد والشيخ

٤٣٣

مجاهد العجمى وبالقرب من هؤلاء قبر الفقيه أبى القاسم عبد الرحمن ابن أبى الحسن بن يحيى الدمنهورى الشافعى كان عاقدا بمدرسة الصالحية مات سنة ست وأربعين وستمائة وقبر فى القبور الدوارس وبسفح الجبل أيضا قبر الفقيه الامام العدل المقرى المحدث الأصولى الشافعى أبى محمد عبد المنعم ابن محمد بن يوسف الأنصارى اليمنى ، كان متواضعا مع علمه رحمه الله تعالى مات سنة أربع وأربعين وستمائة وبالحومة قبر الشيخ سالم الصالح المعروف بالمواقيت والفقيه مياس وقبلى مقبرة الشهداء قبر الشيخ عباس الكردى كان من الصالحين وعلى قبره عمود مكتوب عليه اسمه ووفاته وهذا آخر الشقة القبلية ، وقد تقدم ذكرنا الجهة الشرقية التي تلى شقة الجبل وذكرنا أيضا الجهة الغربية التى تلى سارية ومعاذ بن جبل لكن لم يثبت وفاة معاذ بن جبل بمصر ولا سارية بمصر ويحتمل أن يكون هذان المدفونان من أولادهما والذى صح أن معاذ بن جبل مات بعمواس عام الطاعون وله من العمر ثلاث وثلاثون سنة وأنه لم يكن له عقب ، وقيل إن صاحب القبر من التابعين وحول تربته جماعة من الصلحاء منهم أبو محمد القصى وهو بباب التربة وقبر الفقيه أحمد الزعفرانى وقبر الشيخ فتيان العسقلانى وولده محمد وهذا القبر مع جدار الحائط الغربى ، وعليه مجدول كدان.

قبر الفقيه أبى السمراء

ثم تمشى فى الطريق المسلوك تجد على يمينك حوشا لطيفا بإزاء تربة حسان به قبر الفقيه الامام العالم أبى السمراء الضرير كان من أجلاء الفقهاء ، عاش مائة وعشرين سنة ، وله دعوة مجابة.

٤٣٤

وكان إذا لقن مائة سطر يحفظها. قال ابن دحية وقف الكامل عند قبر أبى السمراء. وقال ههنا الدعاء مستجاب ، ولقد دعوت الله هنا مرارا فاستجيب لى.

ومن وراء حائطه الشرقى قبر المرأة الصالحة أم نعيم وعندها قبر الرجل الصالح المؤذن البكرى.

وبحريهم حوش الفقهاء أولاد درباس ويد ذكرنا تربتهم الأولى التى بخط الأزهار (ثم تمشى) وأنت مستقبل القبلة إلى حوش بنى عثمان به جماعة من العلماء ذكرهم ابن الجباس فى تاريخه والدعاء عندهم مستجاب ونسبة من بهذا الحوش إلى موفق الدين عثمان بن تاج الدين أبى العباس بن شرف الدين محمد بن جمال الدين عثمان بن أبى الحزم مكى بن عثمان شافعى زمانه ، نسبه متصل بنسب سعد بن عبادة الأنصارى ، وقال بعضهم إن بتربتهم الفقيه الامام أبا الحزم مكيا وولده عثمان المشار إليه وأخاه الفقيه العلامة أبا القاسم عبد المنعم ويقال أبو البركات ولهؤلاء ذرية باقية إلى الآن وحول هذه التربة جماعة من العساقلة ، وقبر الشيخ أبى المعروف صدقة المشارعى وبحريه قبر الفتى عبد المنعم وقبر الشاب التائب والشيخ رشيد الدين الملأ وقبره فى حوش إلى جانب الطريق المسلوك وبالقرب منه قبر الشيخ أبى محمد الهورانى وعبد الله المنذرى ويليهم من القبلة قبر العمرشى معدود فى طبقة القراء ، وبالحومة جماعة قد دثرت قبورهم.

قبر الفاضل البيسانى

ثم تمشى فى الطريق المسلوك خطوات يسيرة تجد أمامك تربة عظيمة بها جماعة من العلماء الأكابر وأجل من بها صاحبها الفاضل أبو على عبد الرحيم

٤٣٥

ابن على بن الحسين أبى أحمد البيسانى وزير مصر والشام وغير ذلك مولده بثغر عسقلان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وتوفى ليلة الأربعاء سابع ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة وقبره ظاهر يزار ويتبرك به ، كان رحمه الله تعالى وزيرا صالحا مجتهدا عالما عاملا لم ينطق قلمه قط إلا بإيصال رزق أو خير أو تجديد نعمة ، وأما صدقاته وبره وخيره وعلومه فإنها أشهر من أن تذكر وهو الذى جدد عمارة العين التى تجرى من ظاهر مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهلها ، ولهم بها المعونة العظيمة والنفع التام ، وله فكاك الأسرى من يد الكفار ، ولم يترك بابا من أبواب الخير إلا أخذ منه بأوفى نصيب رحمة الله تعالى عليه.

تربة أبى القاسم الشاطبى الرعينى :

وبتربته أيضا الفقيه الإمام العالم الشيخ أبو القاسم الشاطبى الرعينى كان رجلا صالحا عاملا انتهت إليه الرياسة فى وقته فى قراءة كتاب الله العزيز ومعرفة وجوه قراءاته وتقريره وعلم الحديث والنحو واللغة وغير ذلك مما انفرد به واعترف له به أهل وقته ومن بعدهم (وكان) متصدرا بالمدرسة التى أنشأها القاضى الفاضل وهى قريبة من داره وقرأ عليه جماعة فانتفعوا به وصنف فى علم القراءات ومرسوم خط المصحف وغير ذلك وهو مجلد ينتفع به ويشتغل بحفظه.

وكانت وفاته فى جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة رحمة الله عليه وعند باب تربته مما يلى الشرق قبر الفقيه العالم الشيخ أبى المعالى مجلى صاحب كتاب الذخائر المخزومى ويدعى بابن الأنصفوى روى عن أبى الحسن على الخلعى وغيره واختلف فى وفاته قيل توفى فى ذى القعدة سنة خمس وستين

٤٣٦

وخمسمائة وقيل سنة خمس وخمسين وبإزاء تربة الفاضل قبر الفقيه الدلاصى ومن شرقى أبى المعالى قبر الشيخ عابدين عبد الله المصلى وهو فى حوش لطيف ومن قبليه فى الطريق المسلوك مقبرة الفقهاء التائبين وهم جماعة من أهل الخير والصلاح منهم القاضى النجيب الدمشقى وبها أبو الحسن على بن مهيب القيسى البصرى وقبره مبني بالطوب الآجر على هيئة المسطبة.

وإلى جانبه من القبلة حوش العساقلة ومن شرقى هذه القبور على سكة الطريق قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن الطيب الفراء ومعه فى التربة قبر ولده المجد وأخيه سليمان وهذه التربة قريبة من حوش الشيخ رسلان.

وبالقرب منها تربة أولاد الحلال وهم مشايخ الزيارة بالليل وبالقرب منهم قبر سيد الأهل بن يوسف القماح الكماحى.

تربة الشيخ أبى عبد الرحمن رسلان

وتربة الشيخ العالم الصالح أبى عبد الرحمن رسلان المشار إليه بها جماعة من العلماء والصلحاء وأجل من بها الشيخ رسلان كان إماما ذكره القرشى فى طبقة الفقهاء.

وحكى أنه كانت إمامته بالشارع فى المسجد المعروف به الآن بالأنسية وكانت له دعوة مجابة وحكى عنه أيضا أن رجلا جاء إليه ومعه جرة لبن فقال له يا سيدى أنا من الريف وقد جئت إليك بهذه هدية فأخذها وأكل منها وأطعم أصحابه فلما أصبح الرجل جاء إلى الشيخ وودعه وأراد السفر فملأ الشيخ الجرة ماء وقال له خذ هذه الجرة إلى أهلك ولا تفتحها إلا عندهم فأخذها وانصرف ، فلما وصل إلى أهله فتحها فوجدها مملوءة عسلا ، وله بركة ومناقب جليلة ، مات رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

٤٣٧

قبر أبى عبد الله بن رسلان

وإلى جانبه قبر ولده الفقيه أبى عبد الله محمد بن رسلان ، وكان خياطا حكى عنه أنه كان يخيط الثوب بدرهم ، فإن أعطاه صاحب الثوب درهما جيدا وجد الثوب مفتوح الطوق وإن أعطاه درهما مغشوشا وجد الثوب مسدود الطوق فيعود إليه فيقول له خذ درهمك فيأخذه ويعطيه غيره فيجد الطوق مفتوحا ، وبعث إليه ملك مصر خمسين أردبا من القمح فجاءوا بها إليه فقال للتراسين من أين أتيتم بها؟ قالوا من شونة صاحب مصر ، قال كم أخذتم أجرتها؟ قالوا خمسين درهما فأعطاهم خمسين درهما وقال لهم ردوها إلى موضعها مات سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وإلى جانبه قبر ولده أبى القاسم عبد الرحمن كان فقيها عالما محدثا ، بنى المسجد المعروف بهم فلما كمل قال أصحابه بقى يعوز بئرا ولم يبق معنا شىء فلما صلى الصبح وفرغ وجد تحت سجادته صرة فيها خمسة وعشرون دينارا مكتوب عليها برسم عمارة بئر يعمرها ولم يعلم من أين حصلت من الجن أم من الإنس.

ومن قبل تربة الفاضل قبر المرأة الصالحة المعروفة بعطارة الصالحين وقبرها على طريق السالك بالقرب من زاوية الشيخ أبى طالب وبالقرب منها قبر الفقيه أبى الحسن على بن محمد المعروف بابن الامهادى وقبره قريب من زاوية أبى طالب وإلى جانبها تربة بها رخامة مكتوب فيها عبد الرحمن ابن على بن الحسن بن عبد الله بن مروان الصدفى ، وهذه الرخامة نقلت.

وأما تربة أبى طالب أخى الشيخ أبى السعود فإن بها جماعة من العلماء

٤٣٨

وكذا حولها فعند باب هذه التربة قبر الشيخ الإمام العالم أبى العباس الفراء ذكره الشيخ صفى الدين ابن أبى المنصور فى رسالته وأثنى عليه. وحوله جماعة على طريقته وكانت إقامته بالزاوية التى بباب القنطرة بالقاهرة المعروفة الآن براوية القطب الغوث الفرد الجامع الشيخ أبى السعود وإلى جانب الشيخ أبى العباس قبر الفقيه العالم الزاهد الناسك وجيه الدين إمام المدرسة الشريفة كان كبير القدر عظيم الشأن وكان كثير التودد للاخوان وربما أقام بمكة سنين ثم جاء من مكة وانقطع بالقرافة سنين ومات بها وصلى عليه تجاة شباك الإمام الشافعى فى عشرة التسعين والستمائة وقبره على باب تربة الشيخ أبى طالب وهى قديمة.

ومن قبليه مقبرة الفقهاء أولاد ابن قريش وبحومتهم قبر أبى الحسن على بن محمود العسقلانى هكذا مكتوب على عموده.

ثم تأخذ يمينا قاصدا تربة الشيخ أبى العباس البصير تجد قبل وصولك إليه قبر الشاب التائب الشهيد بمسجد يحيى بن بكر قال ابن الجباس فى تاريخه وبهذه الخطة قبر أحمد بن الحسن بن أحمد بن صالح وقبره على يمين السالك إلى تربة الأشراف وهو فى الطريق المسلوك إلى تربة أبى العباس بقرب تربة يحيى بن آدم بن سعيد والقبر داثر وكان جده أحمد بن صالح من أكبر علماء مصر.

وبالقرب منها تربة يحيى بن سعيد وذريته يزيدون على مائة شخص وهذه التربة مقابلة لزاوية الشيخ أبى العباس البصير وهى واسعة البناء ذات زقاق طويل يسلك منها إلى قبر الشيخ أبى عبد الله محمد الواسطى

٤٣٩

المعروف بالواعظ وقبره من وراء حائطها القبلية عليه عمود وبالقرب منه تربة قديمة بها لوح رخام مكتوب فيه الشيخ شرف الدين أبو الحسن المقدسى وبالتربة عمود مكتوب عليه الفقيه العالم القاضى عبد الوهاب السبتى ثم ترجع إلى تربة أبى العباس وهى تربة بها جماعة من العلماء والصلحاء والأولياء.

كرامات الشيخ القطب ابن غزالة :

وأجل من بها الشيخ الإمام العالم العلامة القدوة مربى المريدين شيخ الطريقة ومعدن الجود والحقيقة قطب وقته وغوث زمانه الشيخ أبو العباس أحمد الأندلسى الخزرجى المكنى بالبصير ويعرف أيضا بابن غزالة كان أبوه ملكا ببلاد المغرب ذكره الشيخ صفى الدين بن أبى المنصور فى رسالته وأثنى عليه وقال إنه نشأ فى العبادة فى حال صغره وهو مكفوف من بطن أمه وهو تلميذ الأستاذ أبى أحمد جعفر الأندلسى تلميذ أبى مدين شعيب وقد أفرد بعضهم له كتابا فى مناقبه سماه «الكوكب المنير فى مناقب أبى العباس البصير».

تسميته بابن غزالة وكراماته

وحكى عنه فى سبب شهرته بالغزالة أن أمه لما وضعته وجدته أكمه فقالت فى نفسها إن الملك إذا نظر إليه لم يعجبه ويزدريه فأخذته وخرجت به إلى البرية فألقته فيها ورجعت فأرسل الله غزالة ترضعه فلما جاء الملك من السفر الذى كان فيه قالت له زوجته إنى وضعت غلاما وقد مات فقال لها لعل الله تعالى أن يعوضنا خيرا منه فخرج من عندها للصيد فضرب حلقة

٤٤٠