تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

على فحول الرجال ولم يزل كذلك ، وأخذ بطريق التصوف عن الشيخ الصالح القدوة العارف شبيب بن أبى الفتح الشرطى وأخذ الشيخ شبيب عن الشيخ ندا والشيخ ندا عن الشيخ عقيل المنبجى وهو صحب الشيخ سلمة السروجى ، وهو صحب الشيخ أبا سعيد الخراز وهو صحب الشيخ أبا على البلوطى وهو صحب الشيخ على بن خليل الرومى ، وهو صحب والده خليلا ووالده خليل صحب الشيخ عمار السعدى وهو صحب الشيخ أبا يوسف العنانى وهو صحب الشيخ محمد ابن يعقوب الشيبانى وهو صحب والده يعقوب الشيبانى وهو صحب أمير المؤمنين أبا حفص عمر بن الخطاب رضى الله تبارك وتعالى عنه.

وكان لا يراه أحد إلا عظم قدره وأجله وأثنى عليه ، وعمر حتى جاوز الثمانين سنة ، وكان يحفظ الحديث ويشارك فى علم الطب وغيره من العلوم وتوفى بالقاهرة يوم السبت رابع عشرى المحرم سنة سبع وثمانين وستمائة ، وحمل فى محفة إلى هذه الزاوية ودفن بها وله أولاد.

منهم الشيخ ناصر الدين أبو عبد الله محمد كان عالما ربانيا وكان يخطب بجامع القاهرة توفى فى رابع المحرم سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ودفن بالزاوية أيضا ولد بقلعة جعبر سنة خمسين وستمائة تقريبا.

ومنهم الشيخ ركن الدين كان له كلام كشطحات ودعاوى وكان يخطب بجامع الماردانى من غير معلوم ومات فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة ودفن بالزاوية وتوفى أيضا من أولاده النجباء الصلحاء العلماء الشيخ تقى الدين عبد اللطيف بن الشيخ صالح الأصيل ناصر الدين محمد بن الشيخ العارف تقى الدين أبى إسحق إبراهيم بن معضاد الجعبرى الأشعرى الجهنى القرشى الأصل كان من النساك المسلكين المتكلمين بالوعظ الصائر لقلوب الشائقين ،

٤١

قال بعض من أدركه : لم أدرك فى عصرنا أمثل منه فى الوعظ ، مات بدمشق فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة.

وممن نسب إلى جعبر الشيخ الصالح العارف العالم العلامة برهان الدين إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الربعى الجعبرى نزيل مقام الخليل عليه الصلاة والسلام كان إماما فى القرات والفقه والعربية شرح الشاطبية وصنف كتابا فى القراءات ، ولد بجعبر فى سنة أربعين وستمائة تقريبا وقرأ على ابن يونس صاحب التعجيز وتوفى بمدينة الخليل فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

وممن نسب أيضا إلى جعبر الشيخ الإمام العالم العلامة أقضى القضاة تاج الدين أبو محمد صاحب بن عامر بن حامد بن على الجعبرى الشافعى ، مولده فى سنة عشرين وستمائة وتوفى فى يوم الإثنين سادس عشر ربيع الأول سنة ست وسبعمائة بدمشق ، وله كتاب فى الفرائض.

مصلى الأموات :

ثم تقصد إلى مصلى الأموات ظاهر باب النصر وكانت المصلى المذكورة تعرف بمصلى العيد فلما دخل الملك الأفضل نجم الدين (١) بن شادى

__________________

(١) الملك نجم هو الملك الأفضل نجم الدين أبو سعيد أيوب بن شادى ابن يعقوب بن مروان الكردى والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أول ملوك دولة الأكراد الأيوبية وله مسجد بظاهر باب النصر. وقد ذكره المقريزى فى خططه وقال : هذا المسجد الذى قام بانشائه الملك نجم الدين وجعل الى جانبه حوض ماء للسبيل فى سنة ٥٦٦ وقد مات فى سنة ٥٦٨ وكان متدينا وخيرا محبا لأهل العلم والخير وقد رأى من أولاده عدة ملوك وصار يقال له أبو الملوك وترجم له المؤرخ ابن طولون قائلا : ركب فشب به فرسه بالقاهرة عند باب النصر سنة ٥٦٨ وحمل الى منزله وعاش ثمانية أيام ثم توفى فى يوم الثلاثاء السابع والعشرين من عام ٥٦٨ وكان والده غائبا عنه فى بلاد الكرك والشوبك فدفن الى جانب قبر أخيه بالدار السلطانية. ثم نقل بعد سنين الى المدينة النبوية. ـ

٤٢

ابن مروان والد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف إلى القاهرة ولست من رجب سنة خمس وستين وخمسمائة اتخذ فى جانب منها موضع مصلى للأموات وتوفى بالقاهرة المحروسة فى يوم الأربعاء سابع عشرى ذى الحجة سنة ثمان وستين وخمسمائة.

سبب موت نجم الدين بن شادى :

وكا السبب فى موته أنه ركب يوما للسير على عادته فخرج من باب النصر فشب به فرسه فألقاه فى وسط الجب وذلك فى يوم الإثنين ثامن عشرى ذى الحجة سنة ثمان وستين وخمسمائة وكان دخول أخيه أسد الدين

__________________

ـ ونود أن نذكر هنا ما ذكره المقريزى عن مقابر باب النصر : أن المقابر التى هى الآن خارج باب النصر انما حدثت بعد سنة ٨٤٠ وأول تربة بنيت هناك تربة أمير الجيوش بدر الجمالى ولما مات دفن فيها وكان خطها يعرف برأس الطابية ويوجد بخارج باب النصر فى أوائل المقابر قبر زينب بنت أحمد ابن محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحنفية والناس يسمونه بمعبد الست زينب ثم تتابع دفن الناس موتاهم فى الجهة التى هى اليوم بحرى مصلى الأموات الى نحو الريدانية (العباسية) وكان ما فى شرقى هذه المقبرة الى الجبل براحا واسعا يعرف بميدان القبق وميدان العيد والميدان الأسود وهو ما بين قلعة الجبل الى قبة النصر تحت الجبل الأحمر فلما كان بعد سنة ٧٢٠ ترك الملك الناصر محمد بن قلاوون النزول الى هذا الميدان وهجره فأول من ابتدأ فيه بالعمارة الأمير شمس الدين قراسنقر فاختط تربته التى تجاور اليوم تربة الصوفية وبنى حوض ماء للسبيل وجعل فوقه مسجدا ثم بعده عمر نظام الدين آدم أخو الأمير سيف الدين سلار تجاه تربة قراسنقر مدفنا وحوض ماء للسبيل ومسجدا وتتابع الأمراء والأجناد وسكان الحسينية فى عمارة الترب هناك حتى أنسد طريق الميدان.

وأخذ صوفية الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء قطعة قدر فدانين وجعلوها مقبرة لمن يموت منهم.

ويوجد بجوار تربة الصوفية تربة الأمير مسعود بن خطير وكذلك مجد الدين السلامى وتربة الأمير سيف الدين كوكاى والأمير طاجاى الداوادار والأمير سيف الدين طشتمر الساقى وكذلك الطواشى محسن البهاء.

وقد استحدثت هناك الآن قبور أخرى منها قبر الشيخ عوض اليمنى الشاذلى وكان مشهورا بالصلاح وعلى مقربة منه قبر الشيخ الذهبى (الصالح سعد الدين الذهبى الشافعى توفى عام ١٩٢٦). ـ

٤٣

شيركوه إلى القاهرة قبله فى أوائل سنة أربع وستين وخمسمائة ومات

__________________

ـ وكذلك نجد هناك قبرين متقابلين لبعضهما أحدهما عن يمينه تجاه شارع نجم الدين والآخر عن يساره على ناصية الطريق حيث شارع القصاصين المسلوك منه الى الحسينية وباب الفتوح فالقبر الأول فيه الشيخ عبد الغنى السعدى أحد الفقراء السعدية والآخر نيه الامام ابن هشام جمال الدين عبد الله بن يوسف المصرى أحد أئمة النحو المشهورين وقد تركت الحكومة المصرية قبره وجعلت حوله ميدانا حينما أزالت بعض المقابر من حوله لاظهار باب النصر بصورة مشرفة اذ أظهر بعض الكرامات والذى نجد له فى كتاب ابن خلدون قوله :

ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه وقال السيوطى أيضا : مات فى ذى القعدة سنة ٧٦١ وليس هو ابن هشام صاحب السيرة كما يزعم بعضهم فقد ترجم لابن هشام هذا صاحب السيرة كثير من أرباب التواريخ وذكروا أن وفاته كانت بفسطاط مصر سنة ٢١٨ أى قبل بناء القاهرة بنحو ١٤٠ سنة وكانت هذه وما قبلها طريقا للقوافل يمرون بها عند مسيرتهم من الفسطاط الى عين شمس (المطرية) وفى هذه المنطقة توجد بئر العظمة ومسجد موسى عليه السلام وقد أزيلت البئر من عهد بعيد أما مسجد موسى عليه السلام فهو معروف وقائم بنفس المنطقة ونجد فى خطط المقريزى والخطط الجديدة يقول : كان قبر ابن هشام النحوى هذا دارسا فأظهره رجل معروف بالبر والاحسان كان ساكنا بالقرب من هذه المنطقة ثم تجاوز هذا الميدان الى اشارع المسلوك الى العباسية وهو شارع نجم الدين به هومة لأموات المسلمين.

ثم نسير فى الطريق فتجد حوش السادة الأكراد به قبر العلامة الأديب الحاج محمد حلبى بن الحاج عبد الله الأربلى والذى كانت له منظومات وقصائد رائعة والتى امتدح فيها آل البيت رضوان الله تعالى عليهم ونذكر بعضا منها يقول :

وقف القبول ببابكم يبسم

ونسيم أفياح الرضا يتنسم

أولوا محبا حائرا ناداكم

هل ثم باب للنبى سواكم

من غيركم فى ذا الورى ريحانته

يا من دهنت الحادثات تعددا

وصبحت من هم المعيشة مقعدا

أجعلت هجر بنى النبى تعمدا

تبا لطرف لا يشاهد مشهدا

يحوى لحسين ونستلمه سلامته

شمس (المطرية) وفى هذه المنطقة توجد بئر العظمة ومسجد موسى عليه الشارع المسلوك الى ميدان الجيش حاليا وهو شارع نجم الدين به حومة لأموات المسلمين.

٤٤

شيركوه أيضا قبله بالقاهرة فى يوم السبت ثالث عشر جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمسمائة ثم نقلوهما إلى المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.

(وذلك) بوصية منهما إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف ودفنا بقرب الحجرة الشريفة ومات الملك الناصر هذا بدمشق فى صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة ودفن بتربة الكلاسة رحمة الله عليه فإنه كان ملكا جليلا ملك بسيفه من اليمن إلى الموصل ومن طرابلس الغرب إلى النوبة وقاتل الأفرنج وفتح الفتوحات الجليلة (قيل) إن الذى أخذه من يد الإفرنج من الحصون والمدن مائة وسبعون وكان مدة مملكته أربعا وعشرين سنة.

مآثر الملك الناصر صلاح الدين :

وكان ملكا كريما حليما حسن الأخلاق متواضعا غير متكبر.

وكان يجل أهل العلم والقضاة ، والعلماء والفقراء ويسمع الحديث النبوى كثيرا حتى سمعه فى رمضان فى القتال وأسمعه ، وعمر البيمارستان العتيق بالقاهرة ، وأخذ دار سعيد السعداء وعمرها خانقاه ، وأخذ حبس المعونة بمصر وجعله مدرسة وعمر بجامع عمرو بن العاص بمصر زاويتين إحداهما للشافعية والأخرى للمالكية وتعرف الآن بالخشابية.

وأنشأ بالقرب من الإمام الشافعى مدرسة وبالقدس مدرسة.

وأنشأ قلعة الجبل وأنشأ السور الدائر على القاهرة بالحجر.

وأنشأ أربعين قنطرة بالجيزة بالجسر الذى يتوصل منه إلى الأهرام وغير ذلك وكتب ربعة بخطه وأوقفها بالخانقاه المعروفة بسعيد السعداء ،

٤٥

واستخلص القدس من يد الأفرنج وخلف من الأولاد تسعة عشر ذكرا وهم الأفضل والعزيز وعثمان والظاهر غازى والمفضل ومظفر الدين موسى والظافر خضر والأعز يعقوب والمؤيد مسعود والمعز إسحق والجواد أيوب والأشرف محمد والمنصور أبو بكر ، والصالح إسمعيل والغالب فروخ شاه وناصر الدين إبراهيم ، وعماد الدين شادى والزاهد داود ، والحسن وأحمد وابنة واحدة تزوجها الملك الكامل ابن أخيه العادل أبو بكر.

(ولقد) بسطنا القول فى ذكر نسبه وحوادث سنيه فى تاريخ من ولى الديار المصرية ولسنا الآن بصدد ذلك وإنما ذكرناه استطرادا.

وبالقرب من المصلى المتقدم ذكرها تربة الشيخ الصالح العارف القدوة المحدث المشهور فى الآفاق بالخير والصلاح برهان الدين إبراهيم بن محمد بن بهادر ابن أحمد بن عبد الله النوفلى العزقى الشهير بابن زقاعة بضم الزاى وتشديد القاف وعين مهملة ومنهم من يجعل الزاى سينا مهملة ولد أول شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وسبعمائة وسمع صحيح البخارى من القاضى علاء الدين ابن خليف ومن السيد نور الدين الفوى وغيرهما وعانى صنعة الخياطة فى مبتدأ أمره ثم اشتغل بالقرآن وأخذ الفقه من الشيخ بدر الدين القونوى وأخذ التصوف عن :

الشيخ عمر حفيد الشيخ العارف عبد القادر واشتغل بالأدب ونظم الشعر ونظر فى النجوم وفى علم الحرف وبرع فى معرفة منافع النبات ، وفاق فى ذلك وساح فى الأرض لطلب ذلك والوقوف على حقائقه ، وتجرد وتزهد وتعلق أيضا بعلم الحساب وشاع ذكره فى بلاد غزة وعرف بالخير والصلاح فرغب

٤٦

الملك الظاهر برقوق فى لقائه واستدعاه إليه فقدم فى أوائل سلطنته ، وبالغ فى تعظيمه فهرع الناس إليه وإلى زيارته وقد أكثروا مدحه والثناء عليه ، وعف عن تناول مال السلطان فقويت الرغبة فى اعتقاده وعاد إلى غزة.

وكان السلطان يستدعيه فى كل سنة لحضوره المولد النبوى فى شهر ربيع الأول بقلعة الجبل فيحضر ويداوى المرضى احتسابا.

والناس فيه فريقان فريق على أنه ولى ويحكى عنه خوارق وفريق يزعمون أنه مشعبذ ثم انحل عنه السلطان لما تحول من غزة إلى القاهرة وسكن بمصر على شاطىء النيل ثم لما توفى الملك الظاهر برقوق تقدم عند ولده الملك الناصر فرج حتى إنه كان لا يخرج إلى الأسفار إلا بعد أن يأخذ له الطالع فلما توفى الملك الناصر وتولى السلطنة المؤيد شيخ نقم عليه وأهانه فى أوائل دولته ثم أعرض عنه فتوجه من القاهرة.

ثم جاور بمكة مدة ثم توفى رحمه الله تعالى فى ثانى عشر ذى الحجة الحرام سنة ست عشر وثمانمائة.

ترب بعض الصالحين :

وبالقرب منه تربة بها قبور قديمة وفيها قبر مكتوب عليه هذا قبر الشريفة زينب بنت أحمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم وهو محمد ابن الحنفية وهذا غير صحيح لأنه لم يعلم دخولها إلى مصر.

وبالقرب منه تربة حافظ العصر الامام العالم العلامة الزاهد الناقد خادم السنة شرف الدين أبى محمد عبد المؤمن البوتى الدمياطى المنشأ ، الشافعى

٤٧

المذهب ، مولده فى سنة ثلاث عشرة وستمائة وتوفى فى يوم الأحد النصف من ذى القعدة سنة خمس وسبعمائة.

وهناك تربة الشيخ الصالح العالم الزاهد العارف شرف الدين يعقوب ابن الشيخ الصالح أبى الحسن عسكر المعروف بالزجاج توفى ليلة السبت ثانى جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وليس هو صاحب التفسير.

ومعه فى التربة قبر والده الشيخ نور الدين أبو الحسن على بن عسكر ابن الشيخ محيى الدين عبد الحى الزجاج ، توفى ليلة الثلاثاء العشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وخمسمائة.

وهناك قبر مقرىء الديار المصرية الشيخ الإمام الصالح نور الدين أبى الحسن على بن ظهير بن شهاب الكفنى شيخ القراء بالجامع الأزهر قرأ على مشايخ عدة وأخذ القراءة عن الخطيب أبى المجد عيسى بن أبى الحرم وعبد القوى بن المغربل وأبى إسحق بن وثيق وحدث عن أصحاب السلفى روى عنه الإمام حافظ العصر أبو حيان والشيخ الحافظ البرزلى الدمشقى والحافظ سيد الناس اليعمرى وغيرهم وتوفى سنة تسع وثمانين وستمائة.

وفى غربى قبر الشيخ نور الدين الكفنى قبر داخل تربة جديدة تحت الكوم به الشيخ الصالح العارف العلامة أبو الحسن على بن زهرة بن الحسن ابن زهرة بن على بن محمد الإسكافى ، مولده بأرض الخليل عليه الصلاة والسلام فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.

وهناك تربة الشيخ الصالح العارف الحسيب النسيب الشريف بدر الدين حسن الأسمر فراش حضرة القطب القدوة أبى السعود بن أبى العشائر توفى سنة خمس وستين وستمائة.

٤٨

وإلى جانبه قبر تلميذه الشيخ الصالح العارف أبى الحسن على بن حديد ابن عبد العزيز المقانعى توفى سنة سبع وأربعين وسبعمائة.

وهناك تربة الشيخ الصالح العالم العلامة عبد الله المتوفى كان من عباد الله الزهاد ، وله كرامات وكان ممن اشتهر بالعلم والعمل بالخير توفى فى يوم السبت سابع رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة وقيل إن الذى حضر جنازة الشيخ قريب من ثلاثين ألفا وسبب ذلك أن الناس فى يوم وفاته خرجوا للاستسقاء والدعاء بسبب كثرة الفناء وقد أفرد له تلميذه الشيخ خليل كتابا فيه ترجمته وكراماته.

ومعه فى هذه التربة قبر الشيخ الصالح العارف العامل العلامة أبو القاسم خليل بن إسحق الجندى المالكى شارح ابن الحاجب القرعى وله الكتاب المشهور بالمختصر فى الفقه توفى فى يوم الخميس وقت أذان العصر ثانى عشر ذى القعدة سنة تسع وسبعين وسبعمائة ومعه جماعة.

وهذه التربة من جملة المزارات المقصودة بالدعاء فيها لما جرب من بركة الشيخ عبد الله المتوفى رحمة الله عليه.

وقد أنشأ الناس بهذه التربة ـ أعنى تربة باب النصر ـ تربا وزوايا ومساجد ومعابد لا تحصى والذى بها الآن من المساجد الجامعة سبع خطب وهذا لا يكون إلا فى بلد كبير (١) ثم تدخل من باب النصر تجد جامع الحاكم

__________________

(١) ومما هو جدير بالذكر هنا قبر المستشرق لويس بوركهارت السويسرى الذى أسلم وحسن أسلامه وسمى نفسه ابراهيم المهدى ويوجد على قبره مذكرة تاريخية تقول :

هو الباقى. هذا قبر المرحوم الى رحمة الله تعالى الشيخ الحاج ابراهيم المهدى بن عبد الله بركهرت اللوزانى تاريخ ولادته ١٠ محرم ـ

٤٩

هذا الجامع أحد المعابد بالقاهرة وكان هذا الجامع خارج القاهرة ولم يكن بالقاهرة جامع غير الجامع الأزهر.

وكان بناء الجامع الأزهر فى سنة تسع وخمسين وثلثمائة.

الجامع الأزهر الشريف أول بيت بالقاهرة :

(قيل) وهو أول بيت وضع للناس بالقاهرة وأقيمت فيه الجمعة فدام على ذلك إلى أن أمر العزيز بالله ببناء هذا الجامع المعروف بالحاكم وسبب تسميته بالحاكم أن الحاكم أتمه بعد موت والده العزيز بالله.

ولما أقيمت الجمعة بجامع الحاكم بطلت الجمعة بالجامع الأزهر وتشقق تشققا فاحشا.

فلما أنشأ الأمير عز الدين الحلى داره بجوار الجامع رممه وأصلحه وأراد إقامة الجمعة به فامتنع من ذلك قاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب المعروف بابن بنت الأعز الشافعى.

وكان أمر الديار المصرية له لا غير فى زمن السلطان بيبرس الملقب بالظاهر فسألوه أن يأذن لأحد من أهل بقية المذاهب الأربعة فى إقامة الجمعة فامتنع من ذلك فأشار الأمير عز الدين المذكور والعزيز على الملك الظاهر بتولية قضاة من المذاهب الثلاثة للمصلحة فجدد ذلك فى آخر سنة ثلاث وستين وستمائة.

__________________

ـ سنة ١٢٩٠ وتاريخ وفاته الى رحمة الله بمصر المحروسة فى ١٦ ذى الحجة سنة ١٣٣٢.

وننوه هنا الى أن السخاوى لم يذكر هذه المعلومات فى كتابه. ولعل السخاوى لم يستمر فى السير الى آخر الصحراء لعدم وجود الكثير من المزارات فى عهده أما الآن فقد كثرت المزارات منها قرافة العفيفى وبجانب قبر البكرى توجد مقبرة السيد عمر المعلاوى وقبر السيد مصطفى أبو السعود.

٥٠

وهم : قاضى القضاة القاضى سليمان صدر الدين الحنفى :

وشرف الدين السبكى المالكى.

وشمس الدين الحنبلى :

واستمر من هنا القضاة الأربعة فأذن بعضهم بإقامة الجمعة بالجامع الأزهر فأقيمت الجمعة فى ثامن عشرى ربيع الآخر سنة خمس وستين وستمائة.

ثم تقصد من بحرى جامع الحاكم إلى حارة (١) بهاء الدين وهى إحدى الحارات السبع بالقاهرة وهى حارة برجوان وحارة زويلة وحارة كتامة.

الحارات السبع بالقاهرة :

أما حارة بهاء الدين المذكورة فإن فيها مدرسة شيخ الإسلام سراج الدين أبى حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن عبد الخالق البلقيني ثم المصرى الأصل البلقينى المولد.

نبذة عن شيخ الاسلام سراج الدين أبى حفص البلقينى :

ولد فى ليلة الجمعة ثانى عشر شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة الكنانى حفظ القرآن ببلده وهو ابن سبع سنين وحفظ الشاطبية والمحرر للامام الرافعى والكافية الشافية لابن مالك ومختصر ابن الحاجب الأصولى ثم قدم إلى القاهرة فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة واجتمع على الشيخ تقى الدين السبكى والقاضى جلال الدين القزوينى وأثنى كل منهما عليه مع صغر سنه ثم رجع إلى بلده ثم قدم القاهرة أيضا سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة واستوطنها وحج فى الموسم مع والده فى سنة أربعين وسبعمائة.

واشتغل بالفقه على الشيخ نجم الدين الأسوانى والفقيه ابن عدلان.

__________________

(١) حارة بهاء الدين هى شارع بين السارج الآن داخل باب الفتوح عرفت ببهاء الدين قراقوش الوزير المشهور وهى احدى الحارات القديمة بالقاهرة.

٥١

واشتغل بالأصول على الشمس الأصفهانى وأجازه بالإفتاء وأخذ النحو عن الشيخ جمال الدين بن إبراهيم بن شاهد الجيش.

وسمع صحيح مسلم من العلامة شمس الدين بن القماح.

وسمع بقية الكتب الستة وغيرها من المسانيد من جماعة ولزم الاشتغال واشتهر اسمه وعلا ذكره وظهرت فضائله وتبينت فوائده ثم انتصب للاشتغال فاجتمعت الطلبة إليه بكرة وعشيا وشيوخه متوافرون ثم حج بعد ذلك فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة ورحل إلى القدس واجتمع فيها بالشيخ صلاح الدين وقال له أنت الذى يقال لك البلقيني وعامله بما يليق به.

ثم صاهره قاضى القضاة الشيخ بهاء الدين فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة وخطبه لابنته وناب عنه فى القضاء المدة اليسيرة التى ولى فيها الشيخ بهاء الدين القضاء وهى قريب من ثمانين يوما.

ثم ولى تدريس الزاوية بعد وفاة ابن عقيل فى سنة تسع وستين وسبعمائة واستمرت بيده ستا وثلاثين سنة وقبل هذه ولى تدريس الحجازية فإن صاحبتها بنتها لأجله وولى قضاء الشام فى سنة تسع وستين فباشره مدة يسيرة وعاد إلى القاهرة.

ثم تدريس الملكية وتدريس جامع ابن طولون.

وولى قضاء العسكر بعد وفاة أبى حامد السبكى.

وولى إفتاء دار العدل قبل هذا من يلبغا الخاصكى مدبر المملكة وتدريس الصلاحية بجوار الإمام الشافعى.

وولى الظاهرية الجديدة فى التفسير وعمل بها ميعادا بعد صلاة الجمعة وليها من واقفها السلطان الملك الظاهر برقوق الجركسى ودرس أيضا

٥٢

بالبدرية والبيرسية والأشرفية ونزل بعد ذلك عن وظائفه لولديه بدر الدين وجلال الدين وصار فى يده الظاهرية الجديدة والزاوية إلى حين وفاتة وصار هو المشار إليه والمعول فى المشكلات والفتاوى عليه.

وكان معظما فى مشايخ زمانه كابن جماعة وغيره وصنف تصانيف حسنة.

وتوفى رحمه الله تبارك وتعالى فى يوم الجمعة عاشر ذى القعدة سنة خمس وثمانمائة وله من العمر أحد وثمانون سنة وثلاثة شهور وعظم به المصاب وأخرج يوم السبت وحضره الجم الغفير وكان يوما مشهودا وصلى عليه إماما ولده قاضى القضاة جلال الدين ودفن بمدرسته المذكورة التى أنشأها هناك.

وإلى جانبه فى قبره ولده العالم العلامة الشيخ بدر الدين محمد ويكنى أبا اليمن ولد فى صفر سنة ست وخمسين وسبعمائة وهو ماهر فى العلم ومات فى شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وتوفى قبله.

شيخ الاسلام جلال الدين بن البلقينى :

وإلى جانبه قبر ولده قاضى القضاة وشيخ الإسلام جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن كان مولده فى شهر رمضان سنة ثلاث وستين وسبعمائة أخذ عن والده وغيره وتفقه فى أنواع العلوم وسمع الكثير وأفتى ودرس وناظر واشتهر اسمه وصيته وكان والده يعظمه كثيرا ويحترمه ويصغى إلى أبحاثه ويصوب ما يقول.

ثم ولى قاضى القضاة بالديار المصرية فى جمادى الآخرة سنة أربع وثمانمائة فى حياة والده فباشره نحو سنة وأربعة أشهر ثم عزل بابن الصالحى ثم أعيد

٥٣

ثانيا وثالثا ورابعا وانعزل بالهروى وأعيد أيضا واستمر إلى أن توفى بالقاهرة بعد عوده من الشام فى يوم الخميس حادى عشر شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة وكان عالما متبحرا فصيح اللسان قوى النفس والجنان.

شيخ الاسلام سراج الدين البلقينى :

وإلى جانبه أيضا معه فى القبر ولده قاضى القضاة الإمام العالم العلامة علم الدين صالح شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى الشافعى مولده فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة أخذ عن والده وعن الشيخ برهان الشامى وعن الشيخ زين الدين عبد الرحيم بن العراقى وعن الشيخ جمال الدين عبد الله المحلاوى وكان فقيها عالما فى فنون من العلم فاق أقرانه من علماء عصره وولى قضاء الديار المصرية فى يوم السبت سادس ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة عوضا عن قاضى القضاة شيخ الإسلام الحافظ المحدث ولى الدين أبى زرعة أحمد بن الحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقى الشافعى ثم استمر على ذلك إلى أن عزل بقاضى القضاة وشيخ الاسلام الشيخ شهاب الدين أحمد أبى الفضل بن حجر الشافعى العسقلانى ثم عاد إليها مرارا بعد جماعة ممن ولى وظيفة القضاء وهو الشيخ شرف الدين بن يحيى المناوى ومات وهو متولى القضاء فى أول نهار الأربعاء خامس رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة وصلى عليه إماما بجامع الحاكم قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفى وكان يوما مشهودا.

وبهذه الخطة أيضا (١) المدرسة التي أنشأها قاضى القضاة شيخ الاسلام شهاب الدين بن حجر المشار إليه.

__________________

(١) وهى المدرسة المعروفة الآن بزاوية ابن حجر نسبة للحافظ ابن ـ

٥٤

سوق أمير الجيوش :

ثم تقصد من هذا الخط إلى خط سوق أمير الجيوش هذا الخط قديم المبانى كان فيه من الدور والقصور ما لا يحصى فلم يبق به إلا الاسم وأما الرسم فقد محى لطول الزمان والآن به (١) مدرسة الأمير سيف الدين يزكوج الأسدى مملوك أسد الدين شيركوه أحد أمراء السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب جعلها وقفا على الفقهاء الحنفية فقط فى سنة اثنين وتسعين وخمسمائة.

وكان واقف هذه المدرسة رأس الأمراء الأسدية بديار مصر فى أيام صلاح الدين وفى أيام ولده العزيز عثمان ولم يزل على ذلك إلى أن مات فى يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

ودفن بسفح المقطم بالقرب من رباط الأمير فخر الدين بن قزل وكان الشيخ الإمام الحافظ أمين الدين الغمرى الحنفى نازلا بها مقيما إلى حين وفاته فنسبت إليه وعند باب هذه المدرسة قبر نازل فى الأرض به عتبة يقال له قبر السيد الشريف الامام جعفر الصادق بن محمد الباقرين على زين العابد ابن الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله وجهه وهذا لا أصل له فإن جعفر

__________________

ـ حجر العسقلانى مدرس الحديث وتوجد أيضا مزارات لم يذكرها السخاوى مثل زاوية سمر وبها ضريح الشيخ أحمد بن محمد شهاب الدين الأنصارى الدهروطى أحد عدول القاهرة ـ وكذلك الزاوية التى بها مقام عبد الله الصبان الخلوتى وأخوه الشيخ محمد الصبان ـ وبأول الشارع توجد زاوية الجركسى بها ضريح الشيخ حسن الجركسى وأخوه الشيخ محمد وهما من أصحاب الشيخ دمرداش المحمدى.

(١) هذه المدرسة التى يذكرها هنا هى الجامع المعروف بجامع الغمرى بآخر شارع أمير الجيوش الجوانى.

٥٥

الصادق مات بالمدينة الشريفة فى سنة ثمان وأربعين ومائة ودفن بالبقيع بقبر فيه أبوه محمد وجده على زين العابدين وعم جده الحسن بن على بن أبى طالب.

وكان مولد جعفر الصادق فى سنة ثمانين من الهجرة فيكون عمره ثمانيا وستين سنة (وله) من الأولاد الذكور ستة وهم موسى الكاظم وإسمعيل ومحمد وعلى وعبد الله وإسحق المؤتمن زوج السيدة نفيسة بنت حسن الأنور وبنت واحدة وقيل أكثر من ذلك.

ثم تقصد من هذا الخط إلى خط الأستاذ أبى الفتوح برجوان العزيزى من خدام العزيز بالله صاحب مصر ومدبر دولته.

وكان مطاعا نظر فى أيام الحاكم فى ديار مصر والحجاز والشام والغرب وأعمال القصر ومات فى سنة تسعين وثلثمائة شهيدا قتله الحاكم.

وهذه الحارة هى إحدى الحارات السبع المذكورة.

ومنها إلى رحبة أبى تراب وهذه الرحبة فيما بين الخرنفش وخان برجوان.

وسبب نسبتها إلى أبى تراب أن هناك مسجدا من مساجد الفاطميين تزعم العامة ومن لا معرفة له أن به قبر أبى تراب النخشبى وهذا زعم لا أصل له فإن أبا تراب المذكور اسمه عسكر بن حصين النخشبى من أصحاب العارف بالله تعالى حاتم الأصم وغيره وهو من مشايخ الرسالة ومات بالبادية ونهشته السباع فى طريق مكة فى سنة خمس وأربعين ومائتين والنخشبى نسبة إلى نخشب بلد فيما وراء النهر وهو من جملة مشايخ خرسان وكان موته قبل بناء القاهرة بنحو مائة وثلاثين سنة.

وقيل السبب فى التسمية بأبى تراب أن هذه الحارة كانت كيمانا فأراد

٥٦

إنسان أن يبنى هناك بناء فحفر قليلا فظهر له شرفات مبنية فاتبعها بالحفر إلى أن ظهر هذا المسجد فقال الناس أبو تراب وما برح محفوفا بالأتربة والناس ينزلون إليه بنحو عشر درج إلى سنة ثمانية وسبعمائة فنقلت الكيمان التى هناك حوله وعمر مكانها ما كان هناك من دور وعمل عليها دروب وأبواب بعد التسعين وسبعمائة وصار المسجد على حاله.

وكان مكتوبا على بابه فى رخامة منقوشة بالقلم الكوفى عدة أسطر تتضمن أن هذا قبر أبى تراب حيدرة ابن الخليفة المستنصر بالله أحد الخلفاء الفاطميين وتاريخ ذلك بعد الأربعمائة.

ثم قيل إن بعض العوام لما تهدم هذا المسجد هدمه وردمه بالأتربة مقدار سبعة أذرع حتى ساوى به الحارة التى هو فيها وجى له من الناس مبلعا وبناه على ما هو عليه الآن.

وقيل أن الرخامة التى كانت على الباب جعلوها على شكل قبر أحدثوه فى هذا المكان.

ثم تقصد من هذا إلى خط بين القصرين.

اعلم أن هذا الخط من معالم القصر الكبير الذى أوله بجامع الأقمر.

وهذا الجامع أمر بإنشائه الخليفة الآمر بأحكام الله بن المستعلى بالله سنة سبع عشرة وخمسمائة.

ثم أمر السلطان الظاهر برقوق بتجديده والذى قام بذلك يلبغا السالمى الخاصكى فى شهر رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة.

وله بئر قديمة كانت داخل دير وكنيسة تسمى بئر العظام وتدخل فى هذا القصر وما يجاوره دار الوزارة ودار سعيد السعداء بخط رحبة باب العيد

٥٧

ودار الوزارة التى أنشأها أمير الجيوش بدر الجمالى وكانت تقابل سعيد السعداء.

وكان يسكنها فى الدولة الفاطمية الوزراء وما زال الأمر على ذلك إلى أن آل الأمر إلى بنى أيوب فاستمر الملك الكامل بقلعة الجبل وأسكنها السلطان إلى ولده الملك الصالح.

ثم صارت لمن يرد من الملوك ورسل الخليفة.

وفى سنة تسع وستين وخمسمائة أمر السلطان الملك الناصر صلاح الدين أن تكون هذه الدار برسم الفقراء الصوفية الواردين من البلاد ، ويجاورها الركن المخلق وهو من معالم القصر أيضا.

صخرة موسى بن عمران عليه السلام :

وبه مسجد يقال أن به صخرة موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام وبهذا الموضع اجتباه الله والله أعلم وقيل إن فى شهر ذى الحجة سنة ستين وستمائة ظهر بين القصرين عند الركن المخلق حجر مكتوب عليه هذا مسجد (١) موسى عليه الصلاة والسلام فخلق ذلك المكان وعرف بذلك (وتقصد بعد (٢) ذلك إلى مسجد الفجل).

__________________

(١) هذا المسجد وجدنا له ترجمة فى الخطط للمقريزى (٤ ـ ٢٩٦)

(٢) هو الزاوية التى بأول درب قرمز ودار البيسرية كانت بجوار حمام البيسرية التى كانت موجودة بشارع بين القسرين وفى اتجاه الحمام المذكور بقايا قصر الأمير بشتاك الناصرى وسبيل عبد الرحمن كتخدا.

٥٨

مسجد الفجل :

هذا المسجد بخط بين القصرين تجاه باب البيرسية أصله من مساجد الخلفاء الفاطميين أنشأه على ما هو عليه الآن الأمير بشتاك الناصرى عند ما أخذ قصر أمير سلاح ودار أقطوان الساقى قيل أن بشتاك أدخل فى عمارته لهذا البيت دار أقطوان المذكورة وأحد عشر مسجدا وأربعة معابد كانت من عمارة الخلفاء الفاطميين ولم يترك من المساجد سوى هذا المسجد فقط.

وتزعم العامة أن النيل الأعظم كان يمر بهذا المكان وأن الفجل كان يغسل موضع هذا المسجد فعرف بذلك وهذا الكلام لا أصل له.

وقيل إن خادم هذا المسجد كان اسمه فجل فعرف به.

وقيل إن الفجل كان عنده دائما فعرف بمسجد الفجل والله أعلم.

ثم تقصد إلى المدرسة الكاملية إنشاء الملك الكامل أبى المعالى محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب بن شادى بن مروان سلطان الديار المصرية فى سنة اثنتين وعشرين وستمائة.

وهذه ثانى دار بنيت للحديث فان أول من بنى دارا للحديث الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى المعروف بالشهيد بدمشق.

وقيل نور الدين الشهيد أول من بنى دارا وسماها دار العدل وهى قلعة دمشق.

ومات نور الدين الشهيد فى سنة تسع وستين وخمسمائة وله ترجمة عظيمة ذكرناها فى تاريخنا الذى قدمنا ذكره.

٥٩

وأول من ولى تدريس المدرسة الكاملية هذه الحافظ أبو الخطاب عمر ابن الحسن بن على بن دحية الكلبي السبتى المالكى ثم أخوه الحافظ المنذرى ثم الرشيد العطار.

وهذه الأئمة لهم تراجم يأتى ذكرها عند ذكر قبورهم بالقرافة إن شاء الله تعالى.

وإلى جانبها المدرسة الظاهرية إنشاء السلطان الملك الظاهر برقوق ابن أنص الجركسى فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة.

وإلى جانب الظاهرية مدرسة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وانتهت عمارتها فى سنة ثلاث وسبعمائة وهى من أجل مبانى القاهرة وجعل بها أربعة مدرسين من المداهب الأربعة.

فأول من ترتب من الفقهاء الحنفية قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن السروجى.

ومن المالكية قاضى القضاة زين الدين على بن مخلوف.

ومن الشافعية الشيخ صدر الدين محمد ابن المرحل المعروف بابن الوكيل.

ومن الحنابلة قاضى القضاة شرف الدين عبد الغنى الحرانى.

وإلى جانب هذه المدرسة من الجهة الغربية البيمارستان المنصورى الكبير كان قاعة العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله بن تميم ثم بعده لولده الحاكم بأمر الله.

ثم عرفت بدار الأمير فخر الدين جهاركس الناصرى صاحب القيسارية بالقاهرة بعد زوال الدولة الفاطمية.

٦٠