تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

تربة ابن رستم الضرير :

(ويلاصقه تربة خلف ابن رستم الضرير المعروف بمصلى التراويح) مات شهيدا قتله الحاكم بأمر الله الفاطمى وسبب ذلك أنه أمر بقطع الكروم من الجيزة وأن يترك بيع الفقاع وأن تجعل الأجراس فى أعنافى النصارى والقرامى (١) فى أعنافى اليهود وجعل لليهود والنصارى حمامات على حدة وأن لا يدخلوا حمامات المسلمين ومنع من أكل البادنجان والملوخية وأن يؤذن بحى على خير العمل ومنع من صلاة التراويح فلم يستطع أحد أن يصليها فدخل ابن رستم هذا فصلاها فقتل رحمة الله عليه.

ويلاصق قبره قبر ضواء الدين ابن بنت الشاطبى كان من أكابر العلماء وأجل الفقهاء. وقبره الآن قريب من تربة أبى الفضل بن الجوهرى الواعظ كان من أكابر مشايخ المصريين وهو من أهل العلم من بيت (٢) علم وعدالة كان يعظ الناس فى جامع مصر أقام على ذلك سنين وسمع الأحاديث الكثيرة توفى سنة ثمانين وأربعمائة.

وقبره بجانب قبر والده أبى عبد الله الحسين يقال إنه جاءة رجل مبتلى فقال له ادع الله لى فقال له أنا أدلك على من يدعو لك امض إلى بيت المقدس وانتظر حتى إذا فرغوا من الصلاة وخرجوا تعلق بالعاشر منهم وسله الدعاء فمضى إلى بيت المقدس وبات فيه ثم أمسك بالعاشر وسأله الدعاء فدعا له

__________________

(١) موجود فى المصباح : القرام مثل كتاب الستر الرقيق وبعضهم يزيد فيه رقم ونقوش.

(٢) هذا البيت منه سيدى بشر المدفون بالمبنى المعروف بمدينة الاسكندرية.

٢٦١

فبرىء من ساعته وقال له من دلك على؟ فقال أبو الفضل الجوهرى فقال والله هو الأول غمزة بغمزة.

وقيل إنه مع ولده فى قبره وكانت وفاته بأيلة منصرفا من الحج سنة ثمانين وثلثمائة وحمل إلى مصر وهو مع ولده.

ومعهما فى القبر ولده أبو البركات بن أبى الفضل الجوهرى مات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة وعاش بعد أبيه إحدى وخمسين سنة ، وبلغ فى الزهد درجة أبيه.

قبر أم أبى البركات :

وفى القبر أيضا أم أبى الفضل الجوهرى وإلى جانب القبر المذكور قبر أم أبى البركات زوجة الشيخ أبى الفضل قيل إن أمير مصر وقف على بابها حتى حميت الشمس عليه فلم تكلمه فلما انصرف قالت الحمد لله الذى لم يرنى وجه ظالم.

قبر الشيخ المناجى :

وبهذه التربة قبر الشيخ الصالح ابى العباس أحمد المعروف بالمناجى حكى عنه أنه كان يحتطب فى كل يوم حزمة حطب فيبيعها وينفق ثمنها على الفقراء وكانت له حالة عظيمة.

قيل إن إنسانا رمى صرة فيها نفقة بين يديه وقال له يا سيدى خذ هذه الصرة من تحت رجليك فقال والله يا ولدى اننى مستغن عنها ولا امسكها بيدى ، ان الله تعالى قد حمى عباده من الدنيا وقد اغنانى بهذه الحزمة الحطب التى على رأسى ، إن من عباد الله من يقول لهذه الحزمة الحطب صيرى

٢٦٢

ذهبا فتصير ذهبا فصارت فى الحال ذهبا ، ثم قال الشيخ إنما ضربت بك مثلا صيرى كما كنت فعادت كما كانت.

قبر الشيخ المدلى وكراماته :

وبالتربة ايضا قبر الشيخ ابى العباس احمد المعروف بالخياط ويعرف ايضا بالمدلى كان مقيما بمصر فى المسجد ثلاثين سنة وكان قوته وكسوته من خياطته ، ما طلب من أحد شربة ماء قط وكان زاهدا ولم ينقل عنه أنه اغتاب أحدا قط وكان سليم القلب كثير الاجتهاد فى طاعة الله تعالى مع ملازمته الصوم وكان لا يفتر لسانه عن تلاوة القرآن وكان فقيها على مذهب الشافعى وكان يلبس الخشن وربما وقع له مكاشفات اخبر عنها فى المستقبل وكان صادقا مقبولا عند الناس يستسقى به الغيث ويتبرك بدعائه.

حكى خادمه قال توليت خدمة الشيخ فى مرضه فقال لى حضرت الملائكة عندى وقالوا لى تموت ليلة الأحد فكان كما قال وذلك فى سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة.

قبر الشيخ السائح :

وبالتربة أيضا قبر الشيخ أبى الفضل السائح قيل إنه لقى رجلا قاطع طريق على فرس فقال له اقلع القماش فقلع ثيابه وبقى السراويل فقال له اقلع السراويل قال فخلعه ورمى به وقال خذه وامض فى اليم فأخذه فهرب الفرس حتى ادخله فى اليم وخاف على نفسه الهلاك وقال فى نفسه ما أوتيت هذا الا من قبل الذى اخذت قماشه فعقد مع الله تعالى توبة خالصة فرجع الفرس وطلع سالما فجاء الى القرافة وطلب الشيخ فوجده فلما رآه الشيخ قال له اترك القماش وامض إلى حال سبيلك فقد دعونا لك بالتوبة.

٢٦٣

وبالتربة أيضا قبر الشيخ الفقيه الإمام العالم فخر الدين على بن القفصى المدرس كان عالما فاضلا ولما قربت وفاته أوصى أن يدفن بهذه التربة لتناله بركة الشيخ أبى الفضل بن الجوهرى.

وبالتربة أيضا قبور تعرف بقبور أبى سابور وبالتربة أيضا حوش العامريين وهو الحوش الغربى من قبر أبى الشيخ الجوهرى وأجلهم بشير بن أبى أرطأة العامرى شهد فتح مصر واختط بها ، وخطته بها معروفة.

قال القضاعى وإلى بابه كانت تهرع المساكين بمصر وكان كثير الصدقة وخطته بها معروفة وبالحوش المذكور رجل من التابعين اسمه عبد الرحمن ابن جبير العامرى مولى نافع بن عبد الله بن عمرو القرشى العامرى وكان بالتربة المذكورة ألواح رخام لكن فقدت ولم يبق لها أثر.

وبالمقبرة أبو عبد الرحمن العامرى كان من أكابر التابعين بمصر وكان كثير الزهد وروى الحديث.

وعلى باب هذه التربة قبر أبى البركات البزار وبالقرب منه قبر ضياء الدين ابن بنت الشاطبى وقد سلف ذكره ثم تخرج من باب هذه التربة وتمشى مستقبل القبلة تجد على يسارك حوش أولاد ابن خروبة وهو ما بين مصلى التراويح وحوش ابن غلبون وهو غربى قبر النيسابورى.

قبة عبد الله بن الزبير :

ثم تجد على يمينك قبة مخروقة السقف يقال ان بها عبد الله بن الزبير وقيل محمد بن أحمد بن أخت الزبير بن العوام وقيل عروة بن الزبير وهذا كله ليس بصحيح فان عبد الله بن الزبير قتله الحجاج وصلبه بمكة ودفن بها ولم ينقل عن أحد من أهل التاريخ أن أحدا من ذرية الزبير بن العوام مات

٢٦٤

بمصر مع أن الزبير بن العوام دخل إلى مصر واختط بها دارا قيل ان داره التى كان بها السلم الذى تسلق عليه الصحابة يوم فتح مصر ودخل قصر الشمع وقتل فى وقعة الجمل.

وقال على رضى الله تبارك وتعالى عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «بشروا قاتل الزبير بالنار» وقيل انه ابن بنت الزبير وهذا القول ضعيف ، وقيل من ذريته وقيل إن هذا قبر أحد العبادلة السبعة.

وقال بعضهم : بمصر مزار كتب عليه العوام أولاد طلحة والزبير وليس بصحيح ولكن هذا القبر يزار بحسن النية وإن لم يعرف له اسم.

وبحرى السيدة سكينة بمقبرة الصدفيين مجدول مكتوب عليه عبد الله ابن الزبير وهذا غلط.

وعلى باب هذه القبة قبر المرأة الصالحة أم محمد بنت الحسين بن عبد الكريم الماشطة.

الفقيه ابن غلبون :

وإلى جانب هذه القبة من الجهة القبلية حوش ابن غلبون به الشيخ الإمام الفقيه أبو الطيب ابن غلبون من أكابر المحدثين روى بسنده قال لما أمر لواليد ببناء مسجد دمشق وجدوا فى الحائط القبلى لوحا من حجر فيه كتابة نقش فأتى به إلى الوليد فبعث به إلى الروم وسألهم ما فيه فلم يعرفوا. فدل على وهب بن منبه فبعث إليه فلما قدم أحضر إليه اللوح فإذا هو من بناء هود النبى عليه السلام فلما نظر إليه وهب حرك رأسه وقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم ابن آدم لو رأيت ما بقى من أجلك ، لزهدت ما ترجو من

٢٦٥

طول أملك. وإنما يلقاك ندمك لو قد زلت بك قدمك ، وأسلمك أهلك وحشمك ، وانصرف عنك الحبيب ، وودعك القريب ، وصرت تدعى فلا تجيب ، فلا أنت إلى أهلك عائد ، ولا إلى علمك زائد فاعمل لنفسك قبل القيامة ، وقبل الحسرة والندامة ، وقبل أن يحضر أجلك ، وينزع ملك الموت منك روحك ، فلا ينفعك مال جمعته ، ولا ولد ولدته ، ولا أخ تركته وتصير إلى منزل مضيق ولا تجد أخا ، ولا صديق ، فاغتنم الحياة قبل الموت والزاد قبل الفوت ، والقوة قبل الضعف والصحة قبل السقم قبل أن تؤخذ بالزلل ، ويحال بينك وبين العمل. وكتب هذا فى زمن سليمان بن داود عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وكان أبو الطيب يقول من خلا بالله أظهره الله لعيون الناس ومن خلاله أخفاه عن عيون الناس وكانت وفاة أبى الطيب بن غلبون سنة سبع وثمانين وثلثمائة.

تربة أبو الحسن بن غلبون :

وبالتربة أيضا أبو الحسن بن طاهر بن غلبون صاحب التذكرة والتكملة والقراءة انتهت إليه الرياسة فى زمنه.

وحكى عنه أنه كان لا يجيز من قرأ عليه فى أول عمره فجاءه رجل من الغرب يقال له جعفر بن حميد المكناسى وقرأ عليه القرآن وجمع بالسبع فسأله أن يكتب له إجازة فأبى فقال له إنى لم أقدم من الغرب إلا لأقرأ عليك فلم لا تجيزنى؟ فقال يا بنى إنى أخاف أن يقع منك غلطة فى كتاب الله تعالى أو سهوة فذهب وتركه فلما كان تلك الليلة رأى فى منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له : أجزه ثم أجز من قرأ عليك ، فلما أصبح أرسل خلفه

٢٦٦

وقال له بالله عليك ما الذى تعمل من العمل؟ فقال له أقرأ فى كل ليلة ختمة وأجعل ثوابها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه الشيخ.

قال الشاطبي لم يكن فى زمن ابن غلبون أعلم منه بكتاب الله تعالى.

قبر عروسة الصحراء :

وإلى جانبه قبر أخيه وقبر ابنته المعروفة بعروسة الصحراء وقبرها رخام عليه أربع رمامين ماتت بكرا فى ليلة عرسها والسبب فى ذلك أن ابن عمها تزوج بها وزنت إليه فلما دخل عليها وكشف الغطاء عن وجهها رأت ابن عمها ولم تره ولا غيره من الرجال قبل ذلك غير أبيها فاستحت منه حياء عظيما فعمت فى ذلك الوقت بالعرق ثم قالت اللهم لا تهتكنى على يد أحد فاستجاب الله تعالى دعاءها وماتت من ساعتها فأظهر هذا السر على قبرها حتى أن الإنسان إذا وضع يده على الرمامين فى زمن الشتاء يجدها عرقانه والتربة معروفة بإجابة الدعاء.

وتمشى على الطريق مستقبل القبلة تجد على يمينك قبرا داثرا يقال إنه قبر أخى المقوقس الذى أسلم على يد عمرو بن العاص وهو الذى هندس معهم الجامع العتيق وأمرهم أن يتخذوا كنيستهم العظمى جامعا.

وإلى جانبه تربة لطيفة بها قبر أحمد بن محمد مهندس المقياس وإلى جانبه قبر أبى جعفر النيسابورى وإلى جانبهم قبر مبشر الخير ومعهم فى الحومة قبر المؤذن بالجامع العتيق.

قبور الشماعين :

ومن شرقيهم قبور الشماعين قيل إنهم كانوا إذا مشوا فى الظلام

٢٦٧

يرى بين أيديهم شمع موقد لا يعرف من أين يأتى فإذا وصلوا إلى مواضعهم لا يوجد الشمع (وإلى جانبهم قبور مكتوب عليها رقائين الضروس) قيل ان الانسان كان إذا وجعه ضرسه يرقونه فيسكن الوجع بإذن الله تعالى.

وإلى جانبهم قبر ابن الامام قيل اسمه أبو بكر بن فورك وقيل اسمه على بن الامام.

قيل إنه كان من أكابر العلماء وطلب للقضاء فاختفى سنين.

وإلى جانبه قبر ابن كهمس الجوهرى ذكره القضاعى فى كتاب الخطط وهو الآن معروف بقارىء سورة يس.

ابن كهمس قارىء سورة يس :

قيل إنه كان يكثر من قراءة سورة يس ليلا ونهارا حتى كان آخر قراءته منها عند موته (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) ولما مات رآه ولده فى المنام وهو يقول يا بني أكثر من قراءة سورة يس فان لها لسانا تشفع به عند الله.

وقيل كانت وفاته عند قوله تعالى : (إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فلما مات تأسف عليه ولده وقال والله ما أعهد أبى ألا يقرأ القرآن ويفعل الخير والصدقة ولا أدرى كيف وقف عند هذا الوقف ، فرآه تلك الليلة على هيئة حسنة فقال له يا أبت ما فعل الله بك؟ قال يا بنى لما وضعتمونى فى القبر وانصرفتم عنى جاءنى ملكان فأقعدانى وسألانى وقالا لى من ربك؟

فما شعرت بنفسى إلا وأنا أتلو : (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).

٢٦٨

وإلى جانبه من الجهة القبلية قبر قال بعضهم هو صاحب البردة يعنى بردة النبى صلى الله عليه وسلم.

وحكى أن قوما شكوا فى ذلك وأنهم حفروا قبره فوجدوه ملفوفا فى بردة لم يأكلها التراب فردوا عليه الدفن وزعموا أنها بردة النبى صلى الله عليه وسلم وهذا غير صحيح لأن بردة النبي صلى الله عليه وسلم فى أيدى بنى العباس إلى الآن ولم ينقل عن أحد من أهل التاريخ أنه ذكر صاحب البردة لا من الصحابة ولا من التابعين وآثاره صلّى الله عليه وسلم معروفة بمصر ويحتمل أن تكون هذه البردة بردة رجل من الصالحين.

وإلى جانبهم قبر القاضى أبى سعيد كان حسن السيرة فى قضائه بمصر وإلى جانبه قبر داثر به مقبل الحبشى كان رجلا صالحا قيل إنه مات فى مجلس أبى الفضل الجوهرى.

وبالقرب منهم من الجهة القبلية قبة بها قبر عبد العزيز بن مروان أمير مصر قيل لم يدخل إلى مصر أمير من الأمراء أكرم منه وهو معدود فى طبقة التابعين.

وعند باب القبة قبر الرجل الصالح أبى الفضل محمد العصافيرى وسبب شهرته بذلك أنه لما حمل على النعش أتت عصافير خضر إلى النعش وصارت ترفرف عليه إلى قبره.

وقيل انه كان يعمل بثلاثة دراهم فيتصدق بدرهمين منها ويشترى بالدرهم الآخر عصافير ويعتقها حتى قيل إنه أعتق عصفورا ثلاثين مرة.

وقيل أن عصفورا نزل معه إلى قبره فرآه ميتا فى اللحد.

٢٦٩

وقيل إن العصفور لما نزل معه فى القبر غاب ساعة ثم صعد من القبر وإذا قائل يقول قد أعتقناه ، والموضع معروف بمسجد العصافير.

قبر يوسف الامام :

(وعند باب التربة قبر عليه عمود مكتوب عليه أبو الحجاج يوسف الإمام) قيل إن الغاسل أراد أن يكفنه فى كفن فرأى من نزعه منه ثم جىء إليه بكفن آخر فكفن فيه وهو بين العصافيرى وصاحب الوديعة.

وأما التربة المعروفة بابن حليمة السعدية فإنها غربى قبة عبد العزيز بن مروان وهو قبر حجر عليه رخامة مكتوب عليها ابن حليمة السعدية أخو النبى صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وهذا لا يصح فإن رضيع النبى صلى الله عليه وسلم ليس هو بمصر أصلا بل ولا دخل مصر وبالتربة أيضا قبر كبير على هيئة المسطبة قيل إن به أولاد أبى بكر الصديق وقيل إنهم من البكريين.

وقيل إن محمد بن أبى بكر خلف ولدا بمصر اسمه عبد الله وقبره بالنقعة ولعل هذا هو الصحيح ، ومقابل هذه التربة قبر رخام به أسامة الملاح يقال إنه من أصحاب الشيخ شهاب الدين السهروردى.

وبالحومة قبر صاحب العشارى وبحرى هذه التربة قبور عليها مجاديل كدان يقال أنها قبور بنى أسامة الملاحين والملاح فى لغة أهل العراق النوتى.

ثم تمشى فى الطريق المسلوك مستقبل القبلة خطوات يسيرة تجد مسجد الأنبارى تحت حائطه من الجهة البحرية.

٢٧٠

قبر الشيخ صاحب الوديعة :

قبر الشيخ الصالح أبى عبد الله محمد بن إبراهيم المعروف بصاحب الوديعة) وسبب اشتهاره بذلك أن رجلا أودع عنده مالا ثم جاءه آخر ليأخذ المال عنده وديعة فقال له أعندك مال وديعة؟ قال نعم ، قال لم لا أتيت به إلى؟ قال لو أراد صاحب المال أن يودع عندك شيئا ما أودعه عندى ، قال صدقت امض إلى حال سبيلك.

وبين قبر صاحب الوديعة؟ وقبر العصافيرى قبور مشايخ القصارين وقبور جماعة من رؤساء البحر الملح وقبر الشيخ الصالح أبى الحسن المعروف بالجلاد قيل إنه اشترى سوطا وأعطاه لأمة وقال لها إذا أنا نمت أضربينى وقال لو علم النائم ما يفوته بالليل من حلاوة العتاب وطيب المناجاة لبكى الدم إذا اصبح ويلى.

قبر ابن معاوية القرشى :

هذا القبر من الجهة الغربية من تربة الأنبارى وعلى باب هذه التربة قبر كان عليه مجدول رخام مكتوب عليه بالقلم الكوفى أبو العباس بن معاوية القرشى قال بعضهم هو ابن معاوية صالح فقيه مصر وعالمها وأكثر أهلها ورعا وعلما.

كان يحيى الليل فإذا أصبح جلس بين أصحابه فى الحلقة.

وقال قاتلوا النعاس لقد غلبنا النعاس البارحة وهو معدود فى طبقة عبد الرحمن ابن القاسم.

قبر الشيخ الأنبارى :

وأما حوش الأنبارى فإنه به قبر الشيخ الإمام العالم الزاهد أبى بكر

٢٧١

الأنبارى صاحب كتاب الوقف والابتدا فى القرآن قيل إنه حفظ أربعة وعشرين صندوقا من العلم.

وكان يعد من القراء والمحدثين.

وقال له الخليفة يوما أتحسن تعبير الرؤيا؟ قال نعم ، فذهب من ليلته وحفظ كتاب القيروانى (وكانت) الفتوى تأتيه من المغرب والعراق ، ومن غريب ما اتفق له أنه جلس يوما على باب مسجده فجاءه رجل من أهل الشرطة فقال له يا سيدى أجرنى ، قال له ادخل فدخل فجاء القوم فقالوا له أين ذهب الرجل قال لهم دخل المسجد فلما سمع الرجل ذلك خاف فنظر وإذا بالحائط قد انشق نصفين فخرج منه ودخلوا فلم يجدوا أحدا فخرجوا وذهبوا إلى حال سبيلهم وجاء الرجل إلى الشيخ فقال له الشيخ ما كان الله ليضيع من استجار بأبى بكر الانبارى.

قيل إنه وجد عنده ما يزيد على حمل من الأقلام المبرية وحمل ليف أبيض ويقال إنه حفظ فى ليلة ألف سطر وانه حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وقرأ العلم فى سنة والنحو فى شهر وعلم الفلك فى سبعة أيام وعلم الرؤيا فى ليلة وهذا لكثرة ذكائه وجودة قريحته وسبب ذلك انه لم يأكل مالحا قط.

وقيل له ما الذى يذهب حلاوة العلم؟ قال أكل مال الملوك وقال للسلطان حين قال له كيف أنت وكيف حالك؟ قال أقول كما قال بعضهم لمعاوية كيف تسأل عمن سقطت ثمرته وذبلت بشرته وابيض شعره وانحنى ظهره وكبر سنه وذهب لهوه وكثر سهوه وقرب بعضه من بعضه.

وكان رحمه الله تعالى زاهدا ورعا كثير العلم وقبره بالنقعة معروف يزار.

٢٧٢

وحول قبره الخمسة الابدال ودينار العابد وبالتربة أيضا عبد الله المحاملى الشافعى كان من أجلاء العلماء وأكابر الزهاد يقال إن من وقف بين قبر المحاملى والأنبارى ودعا بما شاء استجيب له.

قبر المحاملى الشافعى ومناقبه :

وكان المحاملى رحمه الله تعالى من الحفاظ وله تصانيف فى الفقه حكى أنه كان بجواره رجل من الأغنياء بمصر وهو يومئذ يشتغل بالعلم فى ابتداء امره فكان جاره الرجل الغنى يقول لولده إنى يعجبنى هذا الشاب فانى لا أراه إلا وهو يتلو القرآن ويقرأ العلم ويرى ما هو عليه من الفقر وكان يرسل إليه دراهم فيأخذها المحاملى ينفقها على نفسه وكان يسأل الله تعالى ان يسهل له ما يتجر به ثم خرج يوما وأتى جبانة مصر ودعا عند مقابر الصالحين حتى أتى الى قبر عبد الله بن طباطبا فقرأ عنده وبكى فأخذته سنة من النوم فرآه فى المنام وهو يقول له : اذهب قضيت حاجتك ، قال فى الدنيا قال له فى الدنيا ، قال والآخرة ، قال والآخرة ، فنزل من الجبانة وجاء إلى منزله وكان شعثا فدخله فما استقر فى الجلوس إلا وعلى الباب من يناديه فظنه بعض الطلبة فقال اذهب فليس لى بك حاجة فقال له افتح فأنا حاجتك ، ففتح الباب فإذا هو جاره الغنى معه ألف دينار فى كيس فأعطاه بقجة ثياب وقال له اذهب إلى الحمام والبس الثياب فإذا خرجت من الحمام خذ الكيس وائت به الى بيتى فإذا دخلت على فتحدث معى ساعة ثم قل بعد ذلك قد جئتك خاطبا لا بنتك فإذا سكت فقل هذه ألف دينار مهرها ثم خرج الرجل وجاء إلى منزله ففعل المحاملى ما أمره به ثم جاء إليه وطرق الباب عليه ، فقال الرجل لغلمانه انظروا من بالباب ، فقالوا رجل حسن الزى ، قال مروه

٢٧٣

فليدخل فقام له ورحب به وأجلسه إلى جانبه فتحدث معه ساعة ثم قال له إنى جئتك خاطبا لابنتك فأراه الغضب وقال له ما معك مهرها؟ قال ألف ثم رمى الكيس بين يديه فقام لأمها وقال لها إنا لا نجد مثل هذا فقالت زوجها له ، فزوجه إياها من ساعته وأدخله عليها من الغد ، وعند موته أوصى له بثلث ماله وكانت هذه الزوجة موافقة له.

وكان المحاملى من العلماء المشهورين بالعلم قال إبراهيم بن سعيد الحوفى كنت أرى أكابر العلماء يزورون قبره ويتبركون بالدعاء عنده.

قبر الشيخ دبير :

وبالقرب منه قبر الرجل الصالح على بن محمد المهلبى المعروف بدبير وسبب شهرته بذلك أنه قال خرجت يوما فلقيت قوما بيض الوجوه فعجبت من نور وجوههم فاخترت مرافقتهم فصحبتهم يومين متواليين فلم أر أحدا منهم يأكل شيئا فتشوشت فى نفسى لعدم الأكل والشرب فقالوا لى ما لك يا غلام؟ قلت جائع وعطشان ، فقالوا إنك لا نصلح لمرافقتنا ثم قالوا لرجل منهم رده فأخذ بيدى فإذا أنا قائم على باب منزلى وفاتتنى صحبتهم فلأجل هذا سميت نفسى بهذا الاسم وقيل عنه أنه حفر قبره بيده وكان يأتى إليه وينزل فيه ويتمرغ ويقول يا قبير جاءك دبير.

ومعهم فى التربة سبعة من الأبدال كان يشار إليهم فى زمنهم بالخير والدين والصلاح وهم أحمد وإبراهيم وإسماعيل ومحمد وعبد الله ويحيى وموسى.

تربة السبتى بن هارون الرشيد :

وبهذه التربة قبر الرجل الصالح المعروف بالسدار ـ وقيل بها الخمسة الأشياخ.

٢٧٤

وبالتربة أيضا رخامة قديمة مكتوب عليها قبر السبتى بن هرون الرشيد وهذا غير صحيح فان بعض المؤرخين نقل أن السبتى ببغداد ثم تخرج من باب هذه التربة الغربى تجد قبرا مبنيا على هيئة المسطبة وعنده محراب قيل هو قبر الفران قال بعضهم اسمه هلال كما هو مكتوب على قبره (وقيل) اسمه أبو الحسن على وهو الصواب.

قبر الفران :

حكى عنه أن امرأة أنته ومعها رغيفا عجين تريد أن تخبزهما فخبزهما لها فلما أخرجهما من الفرن تنهدت وبكت ، فقال ما يبكيك؟ فقالت إن ولدى فلانا بالحجاز وقد وددت أن يأكل من هذا الخبز ، وكانت ليلة الوقفة فقال لها لفيهما فى المنديل واتركيهما فتركتهما ومضت فلما جاء الحاج جاء ولدها ومعه المنديل فقالت لا إله إلا الله متى جاءك هذا المنديل فقال ليلة الوقفة وفيه رغيفان ساخنان فشاع ذلك واشتهر وقد كان الحجاج يأتون من الحج ويقولون ان فلانا الفران كان معنا فى هذه السنة مع أنه لم يذهب من مكانه والناس يرونه فى كل يوم وهذا مما لا ينكر من أرباب الطى ، وقد تقدم لنا حكاية عن أبى الخير التيناتى مثل هذه فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

وإلى جانب هدا القبر قبر زوجته كانت من الصالحات وبحريهما بخطوات يسيرة قبر سيد الأهل بن حسن المعروف بالقماح مبنى بالطوب على هيئة مسطبة قيل انه كفل خمسمائة بيت فى الغلا فى دولة المستنصر.

وكان له صدقة ومعروفا وغربيه تربة بني شداد العماثم وهى الآن داثرة

٢٧٥

لا تعرف وإلى جانب قبر الفران تربة تعرف بالذهبى واسمه عمر كان إماما بمسجد الهيثم والمسجد العتيق بمصر.

وكان فقيها محدثا عالما من أكابر الفضلاء وأجلاء العلماء وقبره بحومة الفتح.

قبر الفقيه حميد المالكى :

ومعه فى التربة قبر الفقيه حميد المالكى حكى عنه أنه ناظر بعض المالكية فى مسئلة فقال له رجل أخطأت يا فقيه ، فقال له كذا قال مالك ، فقال لم يقله مالك ولا غيره ، فلما كان الليل رأى الرجل فى منامه مالكا وهو يقول والله لقد قلته وقاله غيرى ، فلما أصبح الرجل جاء إلى الشيخ فلما رآه قال يا بنى صدقنا فصدقونا.

وكان مشهورا بالخير والصلاح وفى حائط هذه التربة حوش لطيف به قبور قيل إنها قبور أولاد النجيب المقرى بالجامع العتيق وليس بصحيح.

ومن وراء حائط الأنبارى قبور جماعة من الصالحين قد دثرت قبورهم.

قبر الشيخ المهمهم الجيزى :

فإذا خرجت من حوش الأنبارى وأخذت مقبلا تجد على يسارك قبر الشيخ المعروف بالمهمهم الجيزى أحد مشايخ الزيارة حكى عنه أنه كان يمشى ويهمهم بشفتيه فتبعه إنسان فى الليل فرآه فلما وصل إلى باب الجامع رآه مغلقا فانفتح له الباب فدخل وصلى ثم خرج وأغلق الباب فقال له الذى تبعه بالله يا سيدى ماذا تقول فقال الشيخ اسكت أما يكفيك سكوت الكلاب وفتح الأبواب؟

٢٧٦

قبر القصار :

وإلى جانبه قبر القصار حكى عنه أنه كان إذا سمع المؤذن ألقى القطعة من يده وبادر إلى الصلاة.

وقيل أنه كان يعرف وقت الصلاة بغير أذان وحوله جماعة من القصارين وقد تقدم ذكرهم.

وشرقيهم قبر الزعفرانى الذى سلف ذكره وإلى جانبه قبر ولده اسماعيل ابن حسين الزعفرانى صاحب الإمام الشافعى.

ثم تمشى فى الطريق المسلوك وأنت مستقبل القبلة قبل أن تأتى إلى تربة الشيخ أبى العباس أحمد المعروف بالحرار وقبل وصولك إلى هذه التربة تجد قبرا داثرا عليه عمود قديم قيل ان به عامر المعافرى وليس هذا بصحيح فان المعافريين فى مقبرة واحدة وعامر هذا هو أول من دفن بالقرافة وهذا لا يعرف قبره الآن إلا أنه بمقبرة المعافريين وبجوار قبره مقبرة بنى كندة وهى مقبرة عظيمة بها جماعة من الصحابة والتابعين اولها قبر الشيخ أبى العباس وآخرها قبر الزعفرانى المذكور وشرقيها ابن عبد المعطى وغربيها الفتح.

وبهذه المقبرة قبر عدى بن عدى وبها أيضا عمران بن عبد الله الكندى وقيل إن فى مقبرتهم رجلا من الأنصار يقال له الأبوصيرى من بنى عمران شهد فتح مصر.

عدى الكندى وقبره :

وبها أيضا قبر عدى الكندى دخل مصر وشهد فتحها مع عمرو بن العاص ذكر تربة الشيخ أبى العباس أحمد بن أبى بكر التجيبى الأصل

٢٧٧

الأشبيلى المنشأ ، من عرب الأندلس ، وكان ينسج الحرير السقلاطونى فسمى بالحرار وصحب يأشبيلية رجلا يقال له ابن العاص كان إماما محدثا فخدمه واجتهد فى ذلك وانتفع به وبخدمة غيره من الفقراء إلى أن سمع بسيدى جعفر الأندلسى فهاجر هو وجماعة معه إليه كلهم من أشبيلية وكان كل منهم له دعوة فلما وصلوا إلى الأندلس قال قوم نزور ابن المرأة وكان هذا ادعى النبوة فقال الحرار أنا ما هاجرت إلا لأجل أبى أحمد جعفر فوافقه الجماعة ودخلوا معه إلى أبى أحمد فوجدوا عنده خلقا عظيما وجمعا لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى ونقبا كل نقيب مكفل بوظيفة فأحضروا بين يديه وصفوهم صفا فنظر إليهم الشيخ ثم قال إذا جاء الصبى إلى المعلم ولوحه ممسوح كتب له المعلم ، وإذا جاء ولوحه مكتوب فأين يكتب له المعلم فالذى جاء يرجع ثم نظر نظرة أخرى وقال من شرب من ماء واحد سلم مزاجه من التغير ومن شرب من مياه مختلفة لا يخلو مزاجه من التغير ، وكان ذلك إشارة للجماعة إذ أشركوا فى زيارته غيره.

قال أبو العباس فشكرت الله أن عافانى من ذلك ثم أشار بيده إلى الخدام فقاموا بين يديه ثم أمر أصحابى بالانصراف وأفردونى إلى مكان فيه جماعة من أصحاب الشيخ بإشارته فرأيت دارا فيها أربعمائة شاب كلهم فى سن خمس عشرة سنة فلما أتيت إليهم قالوا يا أبا أحمد من حين خرجتم من بلدكم أطلعنا الله تعالى على أحوالكم وعرفنا كل واحد منكم بأى وصف جاء ، فلما كان اليوم الثانى أراد جماعة منهم أن يتخصصوا موضعا ويجعلوا فيه سماعا فأخذونى صحبتهم فلما اجتمعنا فى المكان أحضروا شيئا للأكل ثم قرأ إنسان شيئا من كتاب الله تعالى ، ثم شرعوا فى السماع فبينما نحن

٢٧٨

كذلك إذا دخل رجلان فى المكان المذكور وأخذا واحدا من الجماعة وخرجا ثم أخذا واحدا آخر ثم أخذانى وأخرجانى إلى الباب وإذا بمتولى المدينة واقف على الباب كتفه فى خد الباب الواحد وحربته فى الخد الثانى وزبانيته بين يديه وكلما خرج واحد يتسلمونه ويذهبون به إلى المسجد فلما خرجت بقيت واقفا قدام المتولى لا هو ينظرنى ولا زبانيته ، فبينا أنا على ذلك وإذا بالحائط الذى خلفه انشق وخرج رجل عليه ثياب خضر فأخذنى وأخرجنى من الحائط وقال لى انج بنفسك وما عليك من هؤلاء فذهبت إلى جامع البلد وإذا البلد قد ارتجت لأخذ الفقراء.

وكان السبب فى ذلك أن الشيخ كان يأمر أصحابه أن لا يجتمعوا على تلك الصورة فحصل لهم ذلك لمخالفتهم الشيخ ثم إنى استحييت من الجماعة الذين كنت معهم بسبب أنى نجوت دونهم فبينما أنا كذلك وإذا بخادم الشيخ قد جاءنى وأدخلنى على الشيخ فوجدت الجماعة الذين كنت معهم حاضرين فجلست بين يدى الشيخ فقال الشيخ للجماعة ما منكم إلا من يمشى على الماء ويطير فى الهواء لما لا عملتم مثل ما عمل هذا حين دخلوا عليه.

قال أبو العباس فشكرت الله إذ مدحنى الشيخ بهذا ثم انصرفنا ، فلما كان اليوم الثانى جاءنى الخادم فحضرت معه إلى الشيخ فلما جلست نظر إلى الشيخ وأمدنى بما أمدنى ثم قال لى انصرف إلى بلدك فقد استغنيت فانصرفت وسافرت إلى أشبيلية فمنذ خرجت من بين يدى الشيخ انكشف لى العالم العلوى كشفا لا يحتجب عنى منه شىء وكنت أمشى على الأرض كالرغوة على وجه الماء فكان أهلى وأصحابى يختلفون فى فمنهم من يقول ما هو أحمد وكنت أدخل المسجد فأخلع نفسى مع نعلى وأشهد لمن أصلى ومع

٢٧٩

من أصلى وقال رحمة الله تعالى عليه لما سافرت مع العرب إلى ديار مصر عبرت على المهدية فوجدت فيها الشيخ أبا يوسف الدهمانى فبت معه تلك الليلة فى رباطه على البحر ثم سافرت فلما دخلت إلى مصر وجدت بها الشيخ أبا عبد الله القرشى فكنت أتردد إلى ميعاده أياما ولا أكلمه من ظاهر ثم ذهب سيدى أبو يوسف من الغرب ونزل حمى القرشى وفرح به كثيرا فاتفق انى وجدت أبا يوسف يوما وهو يحمل حاجته لنفسه فغرت عليه من ذلك وجئت إلى منزله وقلت له يا سيدى أتأذن لى أن أخدمك مادمت بمصر على أن تتركنى على حالتى التى أنا عليها فقال نعم فخدمته وكنت لا أتناول له شيئا وكانت حالتى التى كنت عليها أننى كنت فى مخزن فى فندق عند مسجد الفتح سقفه من قشر القصب وفيه ابريق وكنت اكب زنار حرير بدرهم وأجعله عند الزيات فآخذ منه فى عشية كل يوم رغيفا اقتات به فإذا فرغ الدرهم أكب زنارا آخر وأفعل به كذلك لا أهوى غير هذه الحالة ولم أزل فى خدمة الشيخ وأنا على هذه الحالة حتى قيل لى إن لم تتركه أعميناك.

وإلى جانب قبر الحرار قبر الامام محمد الانبارى الفقيه وشرقية قبر الامام السكندرى.

الشقة الثالثة فى النقعة :

وأما الشقة الثالثة من النقعة فإن ابتداءها من جوسق الماردانيين وابتداؤها مسجد الفتح قال صاحب مصباح الدياجى فى تاريخه بنى هذا الجوسق على هيئة الكعبة.

وكان أهل الرياسات يجتمعون عنده فى الأعياد ويوقدون فيه الشموع الكثيرة ويجتمع فيه القراء ويتلون القرآن ويفرقون الجوائز فى ذلك اليوم

٢٨٠