تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

عمود مشقوق نصفين مكتوب عليه اسمه ووفاته بالكوفى قيل إن هذه التربة خطها رسول الله صلى الله عليه وسلم للعمرى فى النوم.

وكان لا يقصده أحد فى شىء إلا أعطاه وهو معدود فى طبقة الفقهاء.

وإلى جانب قبر العمرى قبر الفقيه رشيد الدين أبى الخير سعيد بن يحيى ابن جعفر بن يحيى الأرمنى العاقد بمصر كان من أجل الفضلاء توفى سنة سبع وستين وستمائة وهو الآن لم يعرف.

قبر ذى النون :

ثم تمشى مغربا خطوات يسيرة تجد قبر ذى النون بن نجا العدل الأخميمى عابد مصر وهو غير ذى النون المصرى قال بعضهم إن ذا النون الأخميمى كان من العباد الزهاد كان يقتات فى الشهر بدرهم وكان قد نحل من العبادة.

وكان يقول رض نفسك بالجوع يظهر لك مقامات الكشف وقال أيضا رأيت راهبا فى بعض الصوامع وقد صار كالشن من كثرة عبادته فقلت فى نفسى هل هذه الخدمة وهو مشرك قال فرفع رأسه إلى وقال استغفر الله مما حدثت به نفسك فما عبدته حتى عرفني به ، فقلت فما هذه الأثواب؟ قال أثواب نتستر بها من الناس ، قال قلت ما تقول فى الإسلام؟ قال هو الاستسلام فعلمت أنه مسلم فقلت له ادع لى قال أرشدك الله إلى الطريق إليه قال فتركته وذهبت قال ذو النون الأخميمى لقيت أربعين وليا كلهم يقولون إنما وصلنا درجة الولاية بالعزلة.

وإلى جانبه بالحائط القبلى قبر الشيخ أبى الحسن على الصائغ وقد شاع

٢٤١

بين العامة أنه صائغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا غير صحيح لأنه لم يدخل من الصحابة فى فتح مصر من اسمه الصائغ.

وقيل أن هذا القبر قبر عبد الله بن عبد العزيز بن مروان صاحب المسجد بمصر والدعاء عنده مستجاب.

وإلى جانب قبر ذى النون العدل ، قبران من حجر متلاصقان قيل إنهما قبرا سماسرة الخير وهما أولاد القاسم وقيل من ذريته وقيل لم يكن فى القرافة من اسمه القاسم غير القاسم الطيب بن محمد المأمون فعلى هذا يكونان شريفين.

وببحريهما حوش لطيف به قبر رخام يقال إنه قبر الشيخ أبى عبد الله محمد العينى.

ثم تمشى مستقبل القبلة قليلا تجد قبر زهرة البكاءة قيل إنها كف بصرها من كثرة بكائها.

وإلى جانبها قبر أحمد بن محمد البكرى الواعظ.

وإلى جانبه قبر الفقيه عبد الله بن أحمد بن الحسن بن إسماعيل الفقيه الشافعى.

وقيل إن قبره فى تربة العمرى المقدم ذكرها والصحيح أنه هنا وأما تربة بنى المفضل فقيل إنها بين القضاعى واللخمى والمفضل بن المشرف قيل هو ولد جعفر الصادق يقال له ابن حركات.

وكان ناسكا ورعا زاهدا عابدا وأهل مصر يزورونه ويتبركون به.

٢٤٢

ثم تأتى إلى قبر البلخى الواعظ كان فقيها فاضلا كثير الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإلى جانبه قبر عليه عمود مكتوب عليه محمد بن الحسن الواسطى الواعظ مات سنة إحدى وخمسمائة وإلى جانبه قبر الشيخ العالم الفاضل أبى نصر البغدادى الفقيه وإلى جانبهم المشهد المعروف بصلة قيل هو صلة بن أشيم العدوى أحد زهاد الدنيا.

وقيل إنه صلة بن المؤمل أحد رجال الحديت ذكره جماعة من الحفاظ وكان زاهدا ورعا وقيل إنه صلة بن مؤمل البغدادى وهو الصحيح وأما صلة ابن أشيم فإنه قتل هو وولده بالعراق وقال لولده فى وقت القتال تقدم حتى احتسبك فتقدم فقاتل حتى قتل ثم تقدم صلة فقاتل حتى قتل رحمة الله عليهما.

وبهذا المشهد قبر الشيخ أبى الحسن على المعروف بابن قادوس وبه أيضا قبر الشيخ سيف الدين كريشن. وبه أيضا قبر الشيخ أبى الفتح يحيى بن عمر ابن محمد إمام الجامع ومعه ولده أبو الذكر محمد وعليهما رخامة.

وتحت محراب صلة قبر الجلال بن البرهان بن حسن رئيس المؤذنين بجامع مصر وعند باب المشهد قبر الشيخ إسماعيل الموله كان رجلا صالحا وبالمشهد جماعة لا تعرف أسماؤهم.

قبر الكحال وكراماته :

وإذا خرج الإنسان من هذا المشهد وقصد التوجه إلى سالم العفيف يجد قبر الشيخ أبى الحسن على بن صالح الأندلستى المعروف بالكحال ، قيل من كراماتة أن من أصابه رمد وجاء إلى قبره وقرأ شيئا من القرآن ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم

٢٤٣

ويحسن ظنه ويمسح على عينيه من تراب القبر فإنه ينفعه ذلك وقد جر به جماعة ووجدوا عليه الشفاء.

وقيل إنه كان لا يضع ميلا فى عين حتى يقرأ عليه ثلاث مرات سورة الاخلاص وأتاه رجل ذمى وقد عمى فقال له لو أسلمت رد الله عليك بصرك؟ قال والاسلام يرد نور الأبصار : قال نعم قال والله لأكذبنك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذهب وهو يبصر وعلى قبره مجدول كدان.

وإلى جانبه قبر رخام مكتوب عليه خزيمة بن عمار بن يزيد مات سنة خمسين ومائتين وبالحومة جماعة أشراف بالقبر الرخام الذى بلى هذا القبر من جهة الغرب وإلى جانبه من الجهة البحرية قبر الأمشاطى المؤذن بجامع مصر كان عالما بعلم الميقات.

ذكر تربة سالم العفيف وكراماته :

وهو بهذه التربة التى بها الأمشاطى يفرق بينهما حائط .. كان مشهورا بالخير والصلاح مجاب الدعوة.

حكى أن رجلا جاء إليه فى حياته وهو قلق فقال له الشيخ ما الذى بك؟ فقال ضاع لى دفتر حساب وأنا عند رجل ظالم وقد دلونى عليك أن تدعو لى عسى أن أجده ، فقال له الشيخ امض إلى سوق الحلاويين واشتر رطل حلوى حتى أدعو لك ، فمضى الرجل إلى الحلوانى وقال زن لى رطل حلوى فوزن له وأخد ورقة ولفها بها وناولها إياه ، فنظر الرجل إلى الورقة فوجدها من دفتره فقال للحلوانى من أين لك هذه الورقة؟ فقال من ساعة اشتريت دفترا فقال ائتني به فدفعه إليه فأعطاه الثمن الذى اشتراه به وأخذه

٢٤٤

وجاء به إلى الشيخ وقال له يا سيدى وجدت الدفتر وقص عليه القصة وناوله الحلوى فقال له الشيخ خذ حلاوتك لا حاجة لى بها إنما قصدت قضاء حاجتك.

وبالتربة أيضا عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ أبى الحسن على ابن فضائل الطحان ثم تخرج من هذه التربة قاصدا تربة القمنى تجد قبرا عليه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن محمد الدمشقى.

ذكر تربة الشيخ أبى بكر القمنى والدعاء المستجاب :

أحد قضاة مصر وهو بهذه التربة وقيل اسمه عبد الملك قيل إن العلماء والزوار قديما كانوا يقفون عند قبر القمنى ويجعلون صلة أمامهم وسالما العفيف عن يمينهم وأبا الحسن الصائغ عن شمالهم ويدعون فيستجاب لهم يقال إنه من السبعة الابدال.

وكان قد ولى القضاء فمر فى بعض الطرق فوجد قوما قد عملوا فرحا وهم يضحكون ومر بقوم آخرين قد مات عندهم ميت وهم يبكون فقال لأحكم بين هؤلاء أصحاب الجنازة وما رضوا بقضاء الله وأهل الفرح ما أمنوا مكر الله فمضى وتركهم ولزم بيته ولم يخرج منه عشرين سنة وهو خامس السبعة المختارة الذين أشار القضاعى بزيارتهم.

ثم تخرج من التربة قاصدا إلى تربة المفضل بن فضالة تجد حوشا بغير سقف عليه به قبر الشيخ أبى الحسن المعروف باللخمى قيل كان واعظا وقبل إن الوحوش كانت تأتى إلى قبره وتتبرك بترابه وهو من أكابر الصلحاء

٢٤٥

وقيل معه فى القبر ولده ومقابل تربته تربة المفضل بن فضالة وسيأتى الكلام عليه عند ذكر الشقة الثانية إن شاء الله تعالى ثم تمشى مستقبل القبلة بخطوات يسيرة تجد تربة قديمة لها قبة مكتوب عليها عبد الله بن تميم الدارى وهذا ليس بصحيح لأن تميما الدارى لم يعقب وإنما العقب لأخيه من أبيه أبى هند.

وقيل إن هذه التربة تعرف بالداريين والألواح بهذه التربة تدل على أنهم أشراف وهو الصحيح ، وبالقرافة جماعة من التميميين نذكرهم فى مواضعهم إن شاء الله سبحانه وتعالى وإلى جانب هذه التربة من الجهة البحرية قبب قديمة البناء قال بعضهم إنها من المعافر وليس كذلك وإنما هى من الدفن القديم ولم تعرف أسماؤهم.

وبالحومة قبر الياسميني وهو قريب من قبر أبى عمر الكندى قيل كان من الصالحين وسمى بالياسميني لأنهم كانوا يجدون الياسمين على قبره فى بعض الأحيان.

وإلى جانبه من الجهة القبلية حوش به قبر رخام لم يكن بالجبانة أحسن منه هو قبر أبى القاسم إسماعيل المعروف بالأهوازى أصله من الأهواز قدم على الفاطميين فظنوا أنه عين لبنى العباس فسجنوه سبع عشرة سنة ثم أخرجوه فأقام ثلاثة أيام ومات فأوصى أن يدفن مع محمد بن الحسين ابن الحسن المكى فأنزلوه عليه.

محمد المكى ومناقبه :

وكان محمد بن الحسين المكى عالما عابدا زاهدا صاحب دعوة مستجابة بعث إليه كافور خلعة الإمارة ومعها مائة فارس فخرج إليهم وعليه عباة

٢٤٦

وقال اذهبوا إلى شأنكم فانى أشتريت هذه من الله بأربعين ألف دينار ثم غلق الباب ودخل إلى منزله فبعث إليه من الغد بمثل ذلك مرتين فخرج وأراهم الجنون وجعل يرجمهم بالحجارة فذهبوا وتركوه وكانت وفاته سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة قيل إنه كان ملك الأهواز.

وكان من القراء قرأ عليه جماعة من أهل مصر ويلاصق تربته من الجهة القبلية تربة بها حجر كبير لم يكن بالجبانة أكبر منه مكتوب عليه هذا قبر فاطمة العابدة الموصلية وبعض الناس يزعم أنها بنت فتح الموصلى وليس كذلك ويقال إن من أراد الحج وطاف حول قبرها سبع مرات ينوى بذلك الحج فانه يحج من عامه ذلك ، وهذا ليس بصحيح بل فعله مكروه.

ثم تأخذ مشرقا خطوات يسيرة تجد قبر أم أحمد المعروفة بحادمة رباط الخواص وكان هذا الرباط بالقرافة يجتمع فيه الأولياء.

وقيل وإلى جانبها السيدة أم عبد العزيز مقدمة رباط الخواص وقيل إن معهم فى الحومة قبر الربيع بن سليمان المؤدب المعروف بالمرادى وهو خادم الامام الشافعى وأقدم أصحابه صحبة وأشدهم محبة وقال الامام الشافعى أنت أنفعهم لى بعدى وكانت وفاة الربيع المذكور سنة تسعين ومائتين قال القضاعى إن قبره غربى الخندق فى حجرة هناك مما يلى القضاعى.

وقيل إنه عند الأدفوى وقيل إنه دفن فى مقبرة الشافعى ولعل هذا أقرب الأقاويل والى جانب هذه التربة تربة كبيرة مبنية بالحجر ولم يبق منها غير الحائط القبلى بها السيد الشريف أبو عبد الله الحسين بن أبى القاسم عم نقيب النقباء بمصر المعروف بالزبيدى من ولد الحسين بن على بن أبى طالب

٢٤٧

رضى الله تعالى عنهم والقبر المذكور تجاه المحراب ولم يبق لهذا الشريف بمصر عقب.

وإلى جانبها تربة الشريف أبى عبد الله بن الحسين بن مسلم من ولد الحسين ابن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم.

كان من أهل الصلاح والورع ويعرف بالخشاب وقبره تحت القبة المبنية باللبن شرقى تربة الربيدى المذكور يفصل بينهما الطريق لا غير.

وفى القبة معه مريم بنت حرب البراج واسمه ناصر بن المحسن بن عبد الله ابن طاهر من ولد الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم وهى ترجع إلى الخشاب من قبل أمها فاطمة.

وفى حائطها القبلى محراب وعنده عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ عبد الجبار بن محمد المعروف بالنحاس توفى سنة أربع وخمسين وخمسمائة والى جانبه عمود مكتوب عليه الشيخ أبو اسحق ابراهيم بن نصر الكاتب توفى سنة ثلاث وستمائة والى جانبه من الحائط الغربى رخامة فى بناء الحائط مكتوب فيها المرأة المباركة بنت أبى الكرم.

وبالحومة جماعة من الصالحين وهى معروفة باجابة الدعاء.

وبها تربة الشيخ الإمام العالم الفقيه أبى عبد الله محمد بن القاسم بن عبد المعطى توفى سنة ثمان وخمسمائة وقيل اسمه عبد القوى بن عبد المعطى ومعه فى التربة قبور جماعة من ذريته منها قبر مكتوب عليه عبد الرحمن بن عبد المعطى وشهرته تغنى عن الإطناب فى مناقبه.

وبحرى هذه التربة قبر الشيخ على المعروف بيقدر وحكايته معروفة (ومعه) فى الحومة قبر القاضى شعيب.

٢٤٨

وقبلى هذه التربة خلف الحائط مقبرة أولاد بنت أبى سعيد الأنصارى بها رخامة مكتوب فيها هذا قبر الشيخ الفقيه الأمام العالم أوحد الفقهاء أجل العلماء شرف الدين أبى عبد الله محمد بن أبى الحسن على ، توفى فى شهر الله المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة.

والى جانب هذه المقبرة قبر على الطريق المسلوك مبنى على هيئة المسطبة عند رأسه بناء على هيئة العمود قيل إنه قبر عبد المعطى وهو معروف باجابة الدعاء.

ذكر الحومة التى بها قبر الشيخ عبد المعطى :

وهى حومة كثيرة الأعمدة وأولها من قبره وآخرها قبر الزعفرانى بها عمود إلى جانب الشيخ عبد المعطى مكتوب عليه الشيخ الفقيه الإمام عبد الله ابن فارس المعروف باللخمى أخو الشيخ أبى الجود غياث بن فارس اللخمى وهو بشقة الجبل وهم مشايخ القراءة وهى بحرى عبد المعطى.

وبها تربة فيها عمودان مكتوب على أحدهما أبو المجد عبد الله بن أبى القاسم الشهيد وعلى الآخر أبو القاسم المتصدر فى مسجد الزبير وعلى باب التربة عمود مكتوب عليه أبو الحسن الهادى.

وبالحومة أيضا عمود مكتوب عليه الفقيه أبو محمد عبد الباقى وبالحومة أيضا عمود مكتوب عليه الشيخ أبو عبد الله محمد بن عروة وهو قريب من المرأة الصالحة بنت أبى الحسن المقدم ذكرها وبالحومة أيضا عمود مكتوب عليه الشيخ أبو الحسن على بن خليفة الرزار وبالحومة أيضا تربة بنى كهمس بها قبر الشيخ الامام القاضى عبد الرحمن المعروف بابن كهمست وعنده جماعة من ذريته.

٢٤٩

وبالتربة أيضا قبر السيدة العابدة الزاهدة فاطمة بنت الشيخ أبى العباس الطنجى ووالدها مدفون بجبانة مصر وكان هذا الشيخ مشهورا بالعلم والصلاح وعلى باب هذه التربة قبر الشيخ الامام العالم أبى عبد الله محمد بن الحسين المعروف بالزعفرانى صاحب الإمام الشافعى قيل إنه وقف على قصاب فتركه ومضى فلما ولى انقطعت يده ولم يعد يقطع بها شيئا فعلم القصاب إن هذا ببركة الشيخ فسعى إلى الشيخ وقال يا سيدى لا تؤاخذنى بما وقع مني فانى تائب إلى الله سبحانه وتعالى وادع الله أن يعافينى فدعا الله تعالى له فعادت يده كما كانت.

وإلى جانبه قبر ولده وإلى جانبهم من الجهة البحرية الشيخ الصالح المهمهم الجيزى كان من عباد الله الصالحين وله مناقب معروفة وقبلى تربة الشيخ عبد المعطى قبر رجل من المباركين يعرف بالعريان.

ذكر ابتداء الشقة الثانية :

أولها تربة المفضل بن فضالة وانتهاؤها قبر الشيخ أبى العباس الحرار وبهذه التربة (١) قبر الشيخ الإمام العالم المحدث أبى معاذ المفضل بن فضالة حدث عن أبيه فضالة عن جده وأثنى عليه أحمد بن حنبل وهو معدود

__________________

(١) هذه التربة باقية للآن وتعتبر من مزارات المنطقة وهى بالجهة البحرية الشرقية لجامع القرافة.

ونجد على القبر ما نصه : هذا قبر العالم العلامة سيدى فضل ابن الفضيل نفعنا الله به وبعلومه جدده الشيخ حسن محمد خادم السيدة نفيسة سنة ١٢٩٠ ه‍.

٢٥٠

من أكابر التابعين بمصر قيل إن الجن كانوا يأتون إلى زيارته ويتبركون به.

وكان إذا أصاب أحدا جنون أقسموا عليه به فيندفع عنهم وينصرف توفى سنة إحدى وثمانين ومائة.

وكان يصوم الدهر غير الأيام المنهية وأيام التشريق وكان ملبسه الصوف على جسده وأعلاه القطن والكتان.

قال بعضهم كان يقضى بالنهار بين الإنس وأما الجن فيقضى بينهم بالليل وكان الجن يكلمونه فى الطريق قيل إن هذا قبر المفضل بن فضالة وأبيه وجده ووالدته وأخيه وابنته وقيل يكنى بأبى معاوية.

وحكى صاحب مصباح الدياجى أنه كان للشيخ جار يهودى يكثر من سبة فى الليل والشيخ يسمعه من كوة فى منزله فقالت له ابنته أيسبك هذا اليهودى وأنت تسمعه؟ فقال لها إنى سمعته من أول الليل فأردت أن أكلمه فى ذلك فلما نمت رأيت أن القيامة قد قامت واذا هو يسابقنى الى الجنة قال فلم يمت اليهودى حتى أسلم.

وكان الناس يأتون إليه ويسألونه الدعاء وإلى جانبه قبر القاضى عون ابن سليمان وقد دثرت قبورهم وملاصق محرابه قبر القاضى أبى محمد الزهرى قيل إنه لما مرض أوصى أن يدفن إلى جانب القاضى المفضل لتشمله بركته ويقال إنه القبر الحجر الذى هو خلف الحائط القبلى ملاصقا لها.

وإلى جانبه قبر أم عبد الرحمن زوجة القاضى المفضل وهو الآن داثر لا يعرف وبالتربة رخامة مكتوب عليها المفضل (وبالتربة أيضا) قبر

٢٥١

محمد بن إسماعيل المعروف بصاحب الدار وهو القبر البحرى من المفضل بن فضالة وليس عليه سقف.

وحكى عنه أنه بنى دارا حسنة وأتقن بناءها فلما فرغ جلس على بابها فدخل عليه ذو النون فقال له أيها المغرور اللاهى عن دار البقاء والسرور كيف لا تعمر دار مولاك فى دار الأمان دار لا يضيق فيها المكان ولا ينتزع منها السكان ولا يزعجها حوادث الزمان ولا تحتاج إلى بناء وطيان ويجتمع لهذه الدار حدود أربعة الحد الأول ينتهى إلى منازل الراجين والحد الثانى ينتهى إلى منازل الخائفين المحزونين والحد الثالث ينتهى إلى منازل المحبين والحد الرابع ينتهى إلى منازل الصابرين وبشرع إلى هذه الدار شارع إلى خيام مضروبة وقباب منصوبة على شاطىء أنهار الجنة فى ميادين قد شرفت وغرف قد زخرفت فيها سرر قد نصبت على فرش قد نضدت فيها أنهار وكثبان من المسك والزعفران قد عانقوا خيرات حسان وترجمة كتابتها هذا ما اشترى العبد المحزون من الرب الغفور اشترى منه هذه الدار بالتفكر من ذل المعصية إلى عز الطاعة فما على المشترى فيما اشترى من درك سوى نقض العهود والغفلة عن المعبود وشهد على ذلك البنيان وما نطق فى محكم القرآن قال الملك الديان (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فلما سمع هذا الكلام أثر ذلك فى قلبه وباع هذه الدار وتصدق بثمنها على الفقراء والمحتاجين طلبا للدار التي وصفها له ذو النون وكتب كتابا وأوصى أن يجعل على صدره فى لحده ففعلوا ذلك ثم بعد مدة فتحوا قبره فوجدوا مكتوبا فى الكتاب قد وفينا ما ضمن عبدنا ذو النون.

٢٥٢

وإلى جانب قبره جماعة من مشايخ القصارين ومن ظاهر التربة من الجهة الغربية تحت الشباك قبران داثران فالأول منهما قبر الشيخ يحيى بن على ابن الحسن المعروف بالخشاب أحد مشايخ القراآت كان فاضلا فى علم القراآت بمصر وجمع إلى ذلك الحديث وحدث عن جماعة من العلماء وقرأ عليه جماعة من الأعيان وانتفعوا به.

وحكى عنه أنه كان إذا قرأ القرآن تضطرب كل شعرة فى جسده من شدة خوفه ، وكانت وفاته سنة أربع وخمسمائة ومعه فى القبر زوجته.

وأما القبر الثانى فهو قبر الشيخ الصالح سفيان النيدى حكى عنه أنه كان يصنع قدرتى نيدة فى كل يوم فكان يتصدق بإحداهما ويبيع الأخرى فيقتات منها ويجعل الله له فى ذلك البركة حين يبيعها فهو من أرباب الأسباب.

وبالحومة رجل من بنى بكر المصرى ثم تمشى مستقبل القبلة خطوات يسيرة إلى تربة الشيخ أبى محمد عبد العزيز بن أحمد بن جعفر الخوارزمى ، كان الأفضل أمير الجيوش يأتى إلى زيارته ماشيا والدعاء عنده مستجاب ، وجرب تراب قبره لرد اللوقة ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعمائة.

ومعه فى التربة ـ قبر الشيخ الإمام العالم حرملة صاحب التاريخ وقيل إنه حرملة بن يحيى بن سعيد التجيبى صاحب الإمام الشافعى.

ثم تخرج من التربة وتستقبل القبلة تجد قبرا عليه لوح رخام قيل هو صاحب القنديل يعنى الذى كان يرى على قبره فى الليالى المظلمة قنديل وقيل هو محمد الدرعى وقيل هو أبو العباس أحمد العباسى وهو الصواب.

٢٥٣

قبر الزفتاوى :

ثم تمشى مستقبل القبلة تجد قبر السكرى المعروف بالزفتاوى يقال إنه من أهل الكرم وفعل الخير وقد اشتهر عنه ذلك ومما اتفق له أن السلطان طرح سكرا على السكريين فلم يجدوا ثمنه فأخذه على ذمته وأعطى ثمنه وجعل فى الحواصل فاتفق أن السكر طلب فبيع جميع ما كان عنده من السكر وجمع المال وأحضر السكريين ثم قال لهم : اعلموا أن هذا المال الذى وزنته فى ثمن السكر اقترضته لكم ، وهاقد فتح الله بهذا المال فأخذ رأس المال ثم قسم الربح بينهم بالسوية ، وقيل إنه كان يصدق فى كل جمعة بطرحة سكر يعملها بنفسه وكانت الطرحة التي يصنعها لأجل الصدقة تزيد على غيرها فيتعجب الصناح من ذلك وكان على قبره لوح رخام مكتوب عليه إبراهيم بن محمد بن الحسين الزفتاوى المعروف بالسمسار وهذا أحد سماسرة الخير وقبره معروف فى طرف مقبرة القضاعى.

ذكر مقبرة القضاعى :

هى مقبرة قديمة بهذه المقبرة قبر الفقيه الشيخ الإمام العالم العلامة أبى عبد الله محمد بن جابار الصوفى كان من أكابر الفقهاء وأجل العلماء وشيخ الفقهاء والصوفية وكان يقول ليس الصوفى بصوفى حتى يتقن العلم.

وكان يقول التصوف والجهل لا يجتمعان ، وكان كل من فى حلقته يفتي ويقرأ العلم حتى الرجل الذى كان على باب زاويته إذا جاء أحد بفتوى إلى الشيخ يأخذها الخادم منه. ويدخل بها فإن وجد الشيخ كتب وإن لم يجده كتب هو على الفتوى ، قال المسيحى لما مات ابن جابار تبعته الصوفية والعلماء وحملوه على أعناقهم ثم صلوا عليه بمصلى خولان وكان

٢٥٤

لجنازته يوم مشهود ودفن بالنقعة وقبره بها مشهور تحت مسجد القضاعى وكانت وفاته سنة اثنتين وستين وثلثمائة.

وإلى جانب قبره قبر الشيخ أبى القاسم بن الحسن الناسخ المعروف بالحنفى توفى سنة أربع عشرة وثلثمائة وإلى جانب قبر الإمام العالم الفقيه المؤرخ أبى عمر الكندى ومقبرة بنى كندة بالنقعة ولم يخرج عن المقبرة غيره.

قبر التكرورى وكراماته :

وإلى جانبه من الجهة الغربية قبر الشيخ أبى عبد الله محمد التكرورى المالكى كان يصحب ابن جابار.

وكان يتكلم فى أصول الفقه على مذهبه ومذهب الشافعى وكان فقيها فصيحا وكان أمير مصر يسعى إليه ويسأله الدعاء وكان قد أصيبت عينه فسأل الله تعالى أن يردها اليه فعاد اليه بصره كما كان ، وأرسل اليه كافور الأخشيدى مائة دينار فأظهر لرسوله الجنون فعاد الرسول إلى كافور وقال أترسلنى إلى رجل مجنون فقال كافور ليس هو مجنونا انما هو رجل يقوم الليل ويصوم النهار ، ثم أخذ كافور الرسول وطاف به فى الليل على جماعة من الصالحين ثم أتى به الى ابن جابار وطلبا التكرورى فلم يجداه ، فخرجا واذا رجل يصلى فنظرا اليه فاذا هو التكرورى فتبعاه حتى أتيا إلى درب فوجداه مغلقا فقال له كافور ما هذه عادتى منك تغلق فى وجهى الباب؟! وإذا بالباب فتح ، وخرج الشيخ وخرجنا خلفه حتى أتينا المقبرة ثم قام يصلى ثم انصرف فاذا وحش قد جاء وتمرغ فى موضع ضلاته ، قيل هو التكرورى الذى تنسب اليه بولاق وقيل شيخه ، واسم

٢٥٥

البولاقى (١) محمد بن يوسف.

وكان إماما عالما وقد أفرد له ابن أسعد الجوانى جزءا من مناقبه منها أن امرأة خرجت بولدها إلى البحر فجاء السودان فى مركب وأخذوا الصبى وجعلوه فى المركب ومضوا به فى البحر فتعلقت المرأة بالشيخ وهو خارج من معبده وأخبرت أن السودان أخذوا ولدها وأنهم فى تلك السفينة فقصد الشيخ إلى جهة البحر ثم قال ياريح اسكن ، فسكن بقدرة الله سبحانه وتعالى ثم نادى أصحاب السفينة ردوا الصبى إلى أمه ، فأبوا ومضوا فقال يا سفينة قفى ، فوقفت ثم مشى على الماء وأخذ الصبى من السفينة وأحضره إلى أمه. قيل وكان رجلا دباغا فجاء اليه عفص فبعث الخليفة فأخذه فدخل عليه خادمه وقال قد أخذوا العفص فهل تأذن لى أن اذهب إلى القائد فقال له اجلس فهم يردونه عليك ، فلما أخذوه وجدوه حجارة فعلموا أن هذا من بركة الشيخ فردوه إليه فإذا هو عفص.

قبر الشيخ أبى الحسن بن القضاعى وصحبته للشيخ الدينورى :

وهناك قبر الشيخ الزاهد العالم أبى الحسن بن القضاعى كان من أكابر مشايخ مصر صحب الشيخ أبا الحسن الدينورى وغيره ، كان يقول والله ما أدبنى أبواى قط وما احتجت إلى تأديبهم وإنما أنا مؤدب من الله.

وقال رحمه الله تعالى قال لى الشيخ أبو الحسن الدينورى ذات يوم

__________________

(١) هذا القبر كان معروفا بقبر التكرورى وموجود ببولاق التكرور وفى داخل حديقة وزارة الأشغال وعليه قبة ومذكرة تاريخية وهو تلميذ التكرورى المذكور صاحب ابن جابار ـ وكان هذا الحى يعرف سابقا بمنية بولاق ثم عرف به لاقامته وقد أدرك العزيز بن المعز الفاطمى.

٢٥٦

امض معى إلى الحمام فقلت حتى أستأذن والدتى فمضيت إليها واستأذنتها فقالت امض مع الشيخ وقم فى خدمته فدخلت معه الحمام فلم أزل قائما على قدمى حتى قال لى الشيخ اجلس ، فقلت إن أمى لم تأمرنى بالجلوس فما جلست حتى خرج من الحمام.

وقال رأيت ليلة من الليالى كأن القبور مفتحة ورجل موكل بها فقلت له كيف حال هؤلاء فى قبورهم؟ فقال نادمين أيديهم على خدودهم وجعل يده تحت خده.

وقال أيضا كنا بكهف السودان عشية عرفة وقد اجتمعنا للدعاء وقد طابت النفوس وخشعت القلوب وإذا بشاب حسن الثياب والوجه على فرس حسن الشكل فجعل يلعب تحت المكان فلما رآه الجماعة شغلوا به عن الدعاء والذكر والخشوع فقلت لأصحابه إنى أخاف أن يكون هذا إبليس جاءكم ليقطع عليكم عبادة الله ، فو الله ما استتممت كلامى حتى غاص فى الأرض بفرسه ، ولما تخلف بعد الدينورى ظهرت له كرامات كثيرة (من جملتها) أن بعض المظلومين دخل عليه وهو يصلى فقال له أجرنى من صاحب الشرطة فانه خلفى فسلم الشيخ والتفت من ورائه إلى الباب وأشار اليه بيده فصار سورا واحدا فلما أنى صاحب الشرطة فلم ير بابا فرجع فلما ذهب أشار الشيخ بيده فعاد كما كان الباب فخرج الرجل ومضى إلى حال سبيله.

وإلى جانب قبره قبر الرجل الصالح المعروف بالرملى وإلى جانبه قبر مكتوب عليه عتبة بن العلام (وقيل) انه قبر عتبة الواعظ بجامع مصر كان قبل ان يدخل المعز الديار المصرية واسمه محمد بن عبد الله بن مسعود وهو الذى غسل القضاعى.

٢٥٧

وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة والى جانب قبره قبر الرجل الصالح المعروف بميمون الخامى كان ينسج الخام بيده فاذا انقطع خيط علم عليه نقطة حمراء فاذا ذهب به الى السوق قال للسمسار ناد تحت كل نقطة عيب وهو معدود من طبقات أرباب الأسباب.

قبر دينار العابد :

والى جانب قبره دينار العابد الذى ذكره صاحب الحلية والصفوة وغيرهما ، وهذا كان من أكبر العباد والزهاد وقد اشتهر عنه أنه كان اذا قدم إليه طعام فيه شبهة فيرى فيه ثعبانا يكاد أن ينهشه فيتركه ولم يأكل منه شيئا وهذه الجهة الشرقية من هذه المقبرة.

واما الجهة البحرية فان بها قبر الشيخ الفقيه العالم أبى عبد الله المعروف بابن الوشا كان حسن الهيئة كثير الحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بتربة بالنقعة عند دينار العابد والتربة تعرف بتربة أولاد الوشا والدعاء عندهم مجاب ولم يعرف من هذه المقبرة أحد فانها قديمة وليس لها شاهد.

وفى طريق هذه المقبرة قبر مكتوب عليه الحسن بن عبد الله الرياشى أحد علماء مصر وقيل إن اسمه أحمد بن على بن أحمد الرياشى وتلك المقبرة تعرف بمقبرة الرياشيين وبها جماعة من أولاد اللواز وهى الآن داثرة لكن الدعاء بها مجاب.

وغربى مسجد القضاعى قبر الشيخ أبى منصور إمام المسجد المذكور وقيل أبو الحسن وبالجهة القبلية خلف الحائط القبلى قبة حسنة البناء بها قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن يحيى الخولانى وقيل إنه قبر الوزير الفائز وليس بصحيح وأنما هو رجل من بنى خولان.

٢٥٨

قبر البزاز وكراماته :

والى جانبه قبر على مسطبة وهو قبر محمد بن عبد الله بن الحسين البزاز كان من أكابر الصلحاء.

وكان اذا فتح حانوته فاذا اشترى منه أحد وجاء له آخر بعده ليشترى منه يقول له اشتر من جارى وله دار بمصر.

ومن كراماته أن رجلا قال كنت فقيرا لا أملك شيئا فجئت إلى قبر هذا الرجل فزرته ثم قلت يا صاحب هذا القبر إنك لم تسم بزازا سيدى ، وأنا أشتهى عليك ما ألبسه فانى فقير ولا شىء لى وقد تعريت ثم عدت إلى بيتى ، فلما كان الغد جاءتنى والدتى ومعها قميص وسراويل وقالت مضيت إلى أصحاب لى فقالوا ألك ولد؟ قلت نعم ، قالوا فادفعى هذا له فقلت لها صدق الله ورسوله ثم قلت : فى نفسى كساء أرقد فيه ، فلما أصبحت مضيت الى قبره وزرته وحدثته حديث والدتى وقلت يا شيخ جزاك الله عنى خيرا ، بقيت أشتهى كساء أرقد فيه ثم دعوت الله عنده ثم رجعت فبينما أنا فى الطريق وإذا بانسان ناولنى كساء فأخذته وحمدت الله تعالى وشكرته ولم أنقطع عن زيارته.

وقيل إنه البزاز الذى ذكره الشيخ أبو الفرج بن الجوزى قال : كان رجل بزاز مرت به امرأة فأعجبته فقال لها ألك زوج؟ فقالت لا فقال هل لك أن أتزوجك ولا آتيك إلا نهارا؟ قالت نعم ، فتزوجها ولم يعلم زوجته فاقامت معه سنة فقالت زوجتة لجاريتها إن سيدى كان يأتينا نهارا وله مدة لم يفعل ذلك فاذهبى اليه وانظرى اذا قام من الحانوت أين يذهب. فذهبت الجارية وجلست فى مكان لا يراها سيدها فلما قام تبعته الى أن أتى الى دار

٢٥٩

ودخلها فاستخبرت الجارية من الجيران ، فقالوا لها انها داره وله بها امرأة فعادت الى سيدتها فأخبرتها ، فأقامت معه سنين ولم تقل له تزوجت قط ، فلما توفى وأخذت ما خصها من ميراثه قسمنه نصفين وقالت للجارية اذهبى بهذا المال إلى بيت سيدك وقولى لها أحسن الله عزاك فى بعلك فانه مات ، فأتت الجارية إلى المرأة وطرقت الباب فخرجت المرأة اليها وقالت من أنت؟ فقصت عليها القصة فقالت لها خذى المال واذهبي الى سيدتك فان الرجل طلقنى ولم أستحق من ميراثه شيئا ، فأخذت الجارية المال وعادت إلى سيدتها فأخبرتها بما قالت وهذه الحكاية من أغرب الحكايات.

وغربى هذا القبر لوح رخام فى حوش صغير مكتوب عليه عاتكة بنت كهمس والى جانبها من الجهة البحرية حوش مبنى بالحجر الفص فيه أبو طعمة من كبار التابعين قيل إنه أول من أقرأ أهل مصر القرآن وهذه التربة قد دثرت ولا تعرف الآن والى جانب قبر البزاز قبر أبى الحسن على القرافى كان شيخ وقته فى التصوف وكان مذهبه الزهد فى الدنيا ، أدرك جماعة من العلماء والمحدثين وحدث عنهم وأدرك أبا الحسن الدينورى.

والى جانب قبره قبر الفقيه العالم أبى العباس أحمد ابن بنت الشافعى يعرف بأبى الطيب صحب أبا بكر الزقاق وغيره من مشايخ القوم وكان يقول الصلاة تبلغك صدق المحبة والطريق والصوم يبلغك باب الملك.

وقيل إنه سأل الله تعالى أن تصيبه الحمى لما فيها من الأجر ، توفى سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة وصلى عليه صاحبه ابن الحداد والى جانبه من الشرق مسطبة بها قبر الفقيه ابن مهيب كان فقيها على مذهب الشافعى.

٢٦٠