تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

(وهذه) الخطة فيها جماعة كثيرة من الصالحين والشهداء والغرباء من دفتى البيمارستان.

ومن جملة المدفونين هناك الشيخ (طلحة) والشيخ (أبو النور) والشيخ (عرفات الأنصارى) كان من العارفين (وقبر) الشيخ الصالح العارف (محمد بن الحسن الأوسى) مشهور بصلاحه (والريدانية) منسوبة إلى ريدان الصقلى أحد خدام الخليفة العزيز بالله.

ومن هذا الخط تدخل خطة :

طائفة الأشراف الحسينيون :

الحسينية وهى حارة كبيرة جدا عرفت بطائفة من الإشراف يقال لهم (الحسينيون) قدموا من الحجاز فى أيام الكاملية فنزلوا خارج (باب النصر) واستوطنوها وبنوا بها مدابغ صنعوا بها الأديم المشبه بالطائفى ثم كانت بعد ذلك سكنا لأرباب الدولة وأعيان الأمراه والجند وهى الآن خراب وليس المقصود ذكر هذا وإنما المقصود ذكر الأولياء.

ذكر مقابر الأولياء بالريدانية :

ففى تلك الحومة زاوية الشيخ الصالح العارف (أبى الحسن على التركمانى) وغيره وبها قبر الشيخ الصالح المجذوب (عبد الغنى بن بدر القبانى) ببولاق كان توفى يوم الإثنين حادى عشر جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وثمانمائة وكان معتقدا.

وبها قبر الشيخ المعمر (على أبو الحسن الحداد) وبها جماعة أخر.

ثم تقصد السوق وتجد به دربا بداخله قبر الشيخ الصالح (ناصر الدين صدقة) عرف بسواد العين أشيع عنه أنه كان يصلى الخمس بمكة المشرفة ،

٢١

وممن أخبر عنه بذلك أمير مكة المشرفة الشريف رميثة ، ومات حين أخبر عنه بذلك ـ رحمه الله تبارك وتعالى : وهناك تربة بها قبر الشيخ أبى عبد الله محمد بن الأنجبى.

وهناك تربة بها قبر شيخ المشايخ صاحب القدر والمحل سلطان طريق الفتوة علاء الدين على بن الأمير ناصر الدين المؤنسى كان له أصحاب كثيرة وكلمة نافدة فى سائر البلاد الإسلامية وكان كتابه حيث حل مقبولا معمولا به ، وكان له رفعة عظيمة عند الخاص والعام حتى عند أمير المؤمنين.

سلطان طريق الفتوة وقصته مع الخليفة الناصر :

وكان ابتداء هذا الأمر.

أعنى الفتوة فى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وذلك أن ندماء الخليفة الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضىء بأمر الله أبى محمد بن الحسن ابن الإمام المستنجد بالله العباسى ببغداد ، حسنوا له أن يكون فتى وأحضروا له رجلا يعرف بعبد الجبار بن يوسف بن صالح له أتباع كثيرة ومعه ولده شمس الدين فقرر الاجتماع ببستان مقابل التاج.

ثم حضر عبد الجبار وابنه على ، وصهره يوسف العقاب وندمان الخليفة وألبس عبد الجبار الخليفة سراويل الفتوة وأخبره أنه لبسها من شيخ ثم وثم إلى على بن أبى طالب رضى الله تبارك وتعالى عنه.

وفاة الأمير علاء الدين المؤنسى :

وقد توفى الأمير علاء الدين المؤنسى فى يوم السبت سلخ ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة رحمه الله تبارك وتعالى ، وخلف درب الشيخ صدقة سواد العين وأنت طالب تربة سيدى حسين الجاكى تجد حوشا خرابا به قبر

٢٢

عليه عمود ، كذا به قبر الشيخ الصالح الورع الزاهد شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة الشيخ فخر الدين عثمان بن سعد العدوى الأربلى الكردى.

وفاة الشيخ فخر الدين عثمان :

وتوفى يوم الخميس عاشر ذى الحجة سنة سبع وثمانين وستمائة وتحت رجليه قبر ولده الشيخ سعد الدين سعيد وفخر الدين هكذا هو ابن سعد وسعد ابن الشيخ الصالح العارف نور الدين أبى القاسم.

ويقال : إن أبا القاصم المشار إليه هو أبو الحسن على ابن الشيخ الصالح المعارف القدوة المحقق سعد الدين الأربلى الكردى العدوى رحمة الله عليه.

شرف الدين ابراهيم :

ويقال : إن أبا القاسم المشار إليه رزق من الأولاد عثمان ومحمدا ، ومحمد المذكور ولد له الشيخ الصالح العارف القدوة أبو إسحاق شرف الدين إبراهيم المعتقد المشهور : كان من أعيان أهل زمانه وكانت غيبته أكثر من حضوره مع أنه كان جيد السيرة حسن العقيدة ، نافذ البصيرة ، مشكور الفعال ظاهر الكرامات كثير الأصحاب.

وكان الشيخ الصالح العارف بالله تعالى إبراهيم الجعبرى يعظمه ويجالسه.

الشيخ غنائم أبى السعود :

وكذلك الشيخ أبو الغنائم المشهور بغنائم أبى السعود ، قدم القاهرة مع أبيه وهو شاب فاجتمع هو ووالده بالشيخ العارف القدرة أبى السعود ، ابن أبى العشائر الواسطى وصحبوه واقتدوا به وبأقواله وطريقته وما كان عليه من الطريقة الجيدة وملازمته الذكر سرا وجهرا فى اليقظة والنوم

٢٣

والاشتغال بالعلم والعمل به مع قضاء حوانج الناس وتحمل البلاء عن أهله والصبر عليه. ولم يزل على ذلك حتى عرف به وشاع بين أصحابه وأعدائه من كراماته وفاته ثم لما توفى ، دفن فى زاوية أبيه إلى جانبه بالقرب من خان السبيل إلى جانب درب الجميزة. فى ليلة السبت تاسع عشر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وستمائة وكان له حال مع ربه عز وجل وهو آخر من مات من ذرية الشيخ المعمر شرف الدين موسى بن سعد الدين سعيد ابن الشيخ فخر الدين عثمان بن سعد.

وأما الزاوية المذكورة فإن بها جماعة من المعتقدين.

منهم : الشيخ الصالح المعتقد زين الدين أبو بكر الخطاط.

وفاة الشيخ الصالح زين الدين :

توفى يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الأولى سنة ثلاثين وثمانمائة وبها قبر الشيخ الصالح الزاهد المجذوب شرف الدين ريحان الأسود توفى يوم الخميس رابع جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثمانمائة وبها قبر السيد الشريف المعتقد المجذوب شمس الدين محمد بن السيد الشريف زين الدين أبى بكر القبانى العريان ، فى يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وثمانمائة وبها قبر الشيخ المعمر : (بدر الدين حسن بن على السعودى) عرف بابن شهيبة أحد مشايخ هذه الزاوية والذى جدد بها قراءة القرآن واستمر.

وكان جلوسه بعد موت الشيخ الصالح (عمر الغمرى السعودى) وذلك فى سنة عشر وثمانمائة فلم يزل بها إلى أن توفى يوم الاثنين رابع صفر سنة سبع وأربعين وثمانمائة.

٢٤

وبالقرب : من ضريح الشيخ الصالح قدوة العارفين مربى المريدين العالم العامل علم الدين أبى الربيع سليمان ابن الشيخ الصالح القدوة العارف ابن الشيخ الصالح القدوة يحيى بن الشيخ الصالح شيخ الشيوخ عامر ابن سيدنا وقدوتنا شيخ المشايخ وقدوة العارفين الحديدى.

توفى ليلة الأربعاء قبل نصف الليل التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وسبعمائة.

تربة الشيخ بدر الدين الكردى :

وبالقرب من هذه التربة تربة الشيخ الصالح العارف الواعظ المعتقد الخطيب (بدر الدين بن حسن إبراهيم بن حسين الجاكى الكردى) نزيل القاهرة كان نازلا فى زاوية كان يعمل فيها الميعاد عند سويقة الدريس ظاهر القاهرة وقد عرفت هذه الخطة به ثم أن أخاه بدر الدين محمد بن إبراهيم بن حصين الجاكى المهمندار أخذ مسجدا من مساجد الحكر يصلون فيه وقرو أخاه الشيخ حسينا يخطب فيه وذلك فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ولم يزل الشيخ يخطب فيه ويعمل الميعاد حتى توفى يوم الخميس العشرين من شوال سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ودفن من يومه إلى جانب شيخه الصالح العارف نجم الدين أيوب بن موسى بن أيوب الكردى ، وتوفى الشيخ نجم الدين المشار إليه فى ربيع الأول سنة ثمان وسبعمائة (١).

__________________

(١) بالنسبة لوفاة الشيخ نجم الدين أيوب بن موسى بن أيوب الكردى فلقد جاء فى المقريزى أنه توفى فى سنة ٥٦٨ وما ذكر هنا خطا. راجع المقريزى (ج ٤ ـ ص ٢٧٠).

٢٥

وكان الشيخ أيوب من أصحاب الشيخ العارف إبراهيم الجعبرى وإلى جانبه قبر خادمه الشيخ الصالح محمد السكباس الأصم صاحب الكرامات (ومن كلام) الشيخ حسين الجاكى.

شعر الشيخ حسين الجاكى :

خير الفصاحة كامن فى المعدن

والسر فى الأرواح لا فى الألسن

والجوهر الشفاف خير قنية

فلمقتنى الأصداف أن لا يقتنى

ماذا يفيد أخا لسان معرب

إن يلف ذا ذلق بقلب ألكن

فإذا نطقت بسر ما أضمرته

فقل الصحيح ولو يكن بالأرمنى

وفى التربة المذكورة قبر أخيه (بدر الدين محمد) توفى يوم الأحد ثالث شوال سنة اثنتين وسبعمائة.

وهناك على الطريق قبر الشيخ الصالح المعتقد (طه بن عبد الله الحمصانى) ظهر له كرامات وكان يبيع الحمص فى خط يين القصرين توفى يوم الخميس رابع عشرى شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة.

قبور الصالحين بسوق الاسماعيلية :

ثم تقصد سوق الإسماعيلية (١) هناك قبور جماعة من الصالحين كثيرة.

__________________

(١) سوق الاسماعيلية وهو المعروف الآن بجامع الكردى وقد ترجم الجبرتى لبعض الصالحين منهم السيد أحمد سبط ابن الوفا الذى ساهر الأسرة الوفائية الذين يقال انهم من أدارسة المغرب.

ومن بعض الصالحين أيضا الشيخ حسن درويش الموصلى المترجم فى تاريخ الجبرتى والشيخ ناصر الدين الطويل ومنهم الجد الأعلى للفرقة الوفائية الناصرية وهذه من فرق الأشراف المصرية التى هاجرت من الهند الى مصر وكان لهذه الأسرة أثر قائم بشارع الباطنية بالأزهر.

٢٦

منهم قبر الشيخ (حمزة) فى حوش على الطريق مقابل مصلى الأموات أنشأه الأمير بلبان المنصورى فى ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وستمائة. (١)

وفى حومة هذا المصلى جماعة من الصالحين لم أطلع على أسمائهم (وهناك) مسجد على الطريق بالقرب من زقاق المرأة به قبور السادة الأشراف الحسينيين (٢) التى عرفت بهم الحارة (وخلف) الجامع الأنور قبور يقال إنهم الأنور والأزهر والأقمر ولعل هذا ضعيف.

وهناك قبر الفقيه الصالح (شرف الدين المحدث ابن خليفة بن عبد الرحمن المليجى الشافعى) بالمدرسة الفخرية توفى ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة سنة أربع وعسرين وسبعمائة.

وفيه أيضا قبر الشيخ (عيسى) وقبر (الشيخ محمد الرستانى).

ذكر بعض المناظر العظيمة :

(ومنه) إلى خان السبيل بناه الأمير بهاء الدين قراقوش الرومى فى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة (ومنه) إلى خط بستان ابن صيرم

__________________

(١) لم يتطرق السخاوى فى ذكر المزارات سوى ما ذكره ولكن سنذكر المزارات التى فاته ذكرها فيوجد بها جامع الشيخ على البيومى المترجم فى تاريخ الجبرتى وكذلك الشيخ حسن القويسنى شيخ الجامع الأزهر وابنه المدعو الشيخ حسن الصغير ، ويوجد جامع جمال الدين الصوابى بشارع الصوابى وجامع الشيخ على الخواص شيخ العارف الشعرانى ويوجد بحوض الصارم أو (حارة الخواص).

ونؤكد أن هذه المزارات (الترب) قد محا أكثرها الزمن.

(٢) خط بستان ابن صيرم وهو فى حدود شارع المنسى بجوار جامع الظاهر.

٢٧

إنشاء مختار الصقلى زمام القصر» (١).

وكان به منظرة عظيمة فلما زالت الدولة الفاطمية استولى عليه الأمير جمال الدين سوغ بن صيرم أحد أمراء الملك الكامل فعرف به.

وكان فى ظاهر باب الفتوح منظرة من مناظر الخلافة تجاه البستانين الكبيرين أولهما من زقاق الكحل وآخرهما منية مطر المعروفة الآن بالمطرية ومن غربى هذه المنظرة بجانب الخليج الغربى منظرة البعل فيما بين أرض الطبالة والخندق الذى كان خارج الحسينية.

مناظر الخمسة وجوه :

وبالقرب منها مناظر الخمسة وجوه التاج ذات البساتين الأنيقة المنصوبة لنزهة الخليفة.

(قال) الشيخ تقى الدين المقريزى رحمه الله تبارك وتعالى أنه كان لهذه البساتين المتصلة من زقاق الكحل إلى المطرية ثمانمائة ثور برسم السواقى وفيها جميع المزارع منقولة من عدة أقاليم فلم يبق منها شىء الآن.

وهناك جامع الظاهر (٢) وبه قبة تقرب من قبة الإمام الشافعى رضى الله تبارك وتعالى عنه.

__________________

(١) زمام القصر والمراد هنا مختار الصقلى أى الذى يمسك بالقصر لأنه كان يشغل وظيفة أحد الأمناء فى القصر الملكى الكاملى.

(٢) جامع الظاهر نجد له فى الخطط للمقريزى (ج ٤ ص ٩٢) كانت لهذا الجامع قبة تشبه قبة مشهد الامام الشافعى ولكن عوامل الهدم أحالت جزءا كبيرا الى أنقاض وسقطت هذه القبة ففقد بهذا جماله ورونقه.

الى أن جاءت الحملة الفرنسية فاتخذوا منه قلعة وصنعوا من منارته أبراجا وبداخلها المدافع وعسكروا به وبنوا داخله عدة مساكن؟؟؟

أما الجبرتى فيقول (ج ٣ ص ٣٤) وكان هذا الجامع معطل الشعائر من مدة طويلة وباع نظاره منه أنقاضا وعمدا كثيرة وبعد خروج الحملة الفرنسية حصل به ترميم لجوانبه وأسواره من عهد محمد على باشا ثم استعمل معملا لصنع الصابون ... ـ

٢٨

وكان ابتداء بناء هذا الجامع فى سنة خمس وستين وستمائة وفرغ من عمارته فى سنة خمس وستين وستمائة.

موضع هذا الجامع كان ميدانا لقراقوش برسم سباق الخيل.

مناقب الشيخ خضر العدوى :

فأشار عليه الشيخ الصالح المعتقد خضر بن أبى بكر بن موسى بن عبد الله المهرانى العدوى أن يبنى هناك جامعا فأجابه لذلك.

وكان الشيخ له أحوال وتصرف وكشف وكلمة عالية ومدد ، بحيث أنه بشر الظاهر أنه يملك السلطنة قبل أن يليها.

وكان السلطان ينزل إلى زيارته فى الشهر مرات ويحادثه ويصحبه معه فى أسفاره.

وكان يسأله متى الفتح فيعين له اليوم فيوافق وكذا وقع له فى فتح الكرك ونهاه عن التوجه إلى الكرك فخالفه فوقع فانكسرت رجله وبشره أيضا بفتح حصن الأكراد فى أربعين يوما فكان كما قال.

__________________

ـ ويقول أيضا الجبرتى (ج ٤ ص ٢٥٦) وأمر أيضا محمد على باشا ببناء جامع الظاهر بيبرس خارج الحسينية وأن يعمل مصبنة لصناعة الصابون وطبخه مثل الذى يصنع ببلاد الشام وتوكل بذلك السيد أحمد بن يوسف فخر الدين وعمل به أحواضا كبيرة للزيت والقلى ثم اتخذته الحكومة المصرية لنفسها وشيدت به أفرانا ليصنع بها الخبر للجيش المصرى وعقب احتلال الانجليز لمصر تخيروه مجزرا لذبائحهم تابعا للجيش.

وقد أطلق عليه العامة وما زالوا مذبح الانجليز وقد ظل كذلك الى ما قبل الحرب فأرادت لجنة الآثار المصرية أن تتخذه كأثر تحتفظ به لهذا الملك الذى لم يكن له من الآثار سواه يذكر بالقاهرة ، فطلبت من السلطة اخلاءه وبعد تبادل الآراء تم لها ذلك فأخذت فى تجديد ما اندرس من جوانبه ثم أصدر فؤاد الأول عام ١٩٢٨ أمره باعادته مسجدا للصلاة فأقامت وزارة الأوقاف الجزء الشرقى منه وسقفته وجعلته كذلك وفتحت له بابا خاصا الى الجهة الشرقية وهو على ذلك للآن.

٢٩

وكان كثير الشطح والأحوال فى المآل وكان السلطان أنعم عليه بمال ونسبت إليه أمور كثيرة فصاح يوما وقال : يا سلطان أجلى قريب من أجلك ، فوجم به السلطان فحبسه وكان يتحفه بالأطعمة وبقى بالحبس أربع سنين ، وأخبرهم بنويبة البلستين وهو محبوس ، وأن السلطان يظفر ويموت بعدى بأيام.

وتوفى الشيخ خضر (١) فى شهر الله المحرم سنة ست وسبعين وستمائة بالقلعة ودفن فى زاويته التى عمرها له الملك الظاهر هناك وعاش الملك الظاهر بعده نحو العشرين يوما ومات ودفن بدمشق.

مآثر الشيخ نجم الدين أبى الغنائم :

وفى آخر أرض الميدان زاوية مشهورة هناك بها قبر الشيخ الصالح العارف الناسك الفقيه المقرى المحدث المعتقد السالك نجم الدين أبو الغنائم محمد بن الشيخ الصالح العاف زين الدين أبى بكر بن جمال الدين عبد الله المطوعى الرياضى الشافعى المشهور بغنائم السعودى مولده بقرية من قرى (فارس كور) وهى (شر باص) بالوجه البحرى ونشأ بها على خير ظاهر ومعروف متواتر حتى مات والده وكان والده من مشايخ فقراء الشيخ الصالح منصور الباز الأشهب فلما مات

__________________

(١) الشيخ خضر وله زاوية سماها المقريزى بزاوية الشيخ خضر وترجم لها (ج ٤ ص ٢٩٩) وكانت معروفة بجامع العدوى ويوجد بالمسجد ضريح يزار وتقام الشعائر أيضا بالمسجد .. وفى هذه الزاوية (أو الجامع) رفات السرى زكى الدين الخروبى صاحب القنطرة.

والخروبى هذا هو أحد سراة مصر وأعيان تجارها وهو ينحدر من أسرة مصرية عرفت (بالخراربة) والسخاوى ذكر هذه الأسرة وترجم لها فى الضوء اللامع ويوجد لأحد هذه الأسرة أثر ظاهر بالقرافة يعرف بحوش الخروبى ومعروف الآن بتربة الحافظ ابن حجر العسقلانى.

٣٠

والده عكف هو على العبادة وحفظ القرآن. ولازم على الاشتغال بالعلم ثم بمعرفة الطريقة ، والانقطاع عن شواغل الدنيا ، وشهوات النفوس ، بل يستعد الموت ويفر من الناس ، كالفرار من الأسد فلما دام على ذلك اشتهر بالإخلاص لإقباله على الأوراد والموارد ، وإرشاد الشارد فقصده المطيع والمعاند ، وانتفع به المعتقد ، وخاب المنتقد ، فشاع ذكره فى الوجه البحرى فأقبل عليه الخاص والعام ، فخاف الفتنة للظهور الشهرة فعزم على الرحيل من بلده وتركها وقصد القاهرة فمر على طريق (تفهنة).

لقاء أبى الغنائم بالشيخ التفهنى :

فرأى الشيخ الصالح القدوة شمس الدين داود بن مرهف التفهنى الشهير بالأعزب فمال إلى الشيخ داود وصحبه وأخذ عنه وألبسه خرقة القطب العارف أبى السعود بن أبى العشائر الواسطى كما لبسها هو منه وأقام عنده حتى أذن له بالمسير إلى القاهرة فدخل إليها ونزل بزاويته المعروفة به ظاهر باب الفتوح فأقام مختفيا من الناس ، ثم واظب على الزيارة بالقرافة وأكثر من التردد إليها فى غالب الأوقات ، وقد اجتمع عليه جماعة وصحبوه وأحبوه فظهر حاله بالقاهرة وأقبل عليه الفقراء والأمراء وأرباب المناصب والقضاة والأغنياء وهو يظهر الغنى لهم.

كرامات الشيخ أبى الغنائم :

وكان يحب الغنم حبا شديدا فاتفق أنه اشترى شاة كبيرة عالية واقفة القرون وطويلة جدا وسماها مباركة فكانت تخرج من عند الشيخ فى أول النهار فتذهب إلى المرعى من غير راع فترعى فى الأماكن المباحة ثم ترجع فى آخر النهار فتنتفع الفقراء والأضياف والجيران بلبنها ، وكثرت أولادها

٣١

ونمت حتى صار الجار والمار والوارد والمقيم يأكل من لبنها ، فلما كان فى بعض الأيام ورد على الشيخ ضيف من الفقراء أرباب الحالات وأصحاب المقامات ، فأراد أن يمتحن الشيخ فلما رآه دخل عليه صاح الشيخ للشاة الكبيرة يا مباركة هذا ، فجاءت مسرعة له فحلب منها وقدم اللبن إلى الضيف الوارد عليه وقال له يا فقير بسم الله كل ، فأكل الفقير من اللبن ثم رفع يده وقال يا سيد أنا أشتهى أن يكون هذا اللبن عليه عسلا لعل أن يعتدل فالتفت الشيخ إلى الغنم وصاح بامها أيضا وقال يا مباركة ، فجاءت إليه فأخذ الشيخ ثديها فى يده وحلب منها فى الإناء فإذا هو عسل كما اشتهى الضيف فقدمه للضيف فأكل منه وأراد أن يقوم فقام وهو مسلوب من السر الذى كان معه وهو يبكى ولم يره أحد بعد ذلك اليوم. فلما ظهرت هذه الكرامة للشيخ تعالى الناس فى محبته والاقبال عليه والزيارة له وسموه من ذلك الوقت بغانم وبأبى الغنائم.

ثم إن الشيخ اشتغل بالفقه على مذهب الإمام للشافعى على جماعة من المشايخ بالقاهرة.

مشايخ تتلمذ على أيديهم :

ومنهم الشيخ قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن على المصرى الشهير بابن القسطلانى ، واشتغل على غيره مع القراءات على الشيخ الصالح كمال الدين أبى الحسن على بن شجاع بن سالم الهاشمى العباسى الضرير.

توفى بزاويته ودفن بها فى سابع عشر شعبان سنة ثلاث وثمانين وستمائة ودفن معه أحد خدامه الشيخ على بن خلف القويسنى (وله) مناقب كثيرة تركناها خشية الإطالة (وإلى) جانبه قبر خادمه الشيخ إبراهيم السعودى

٣٢

عرف بابن المشوادة توفى يوم الخميس سابع عشر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وثمانمائة.

ثم ترجع إلى مصل بلبان المنصورى المذكور فاقصد إلى حوض الأمير الكشكشى هناك فى حومته قبور جماعة من الصالحين والعلماء.

منهم الشيخ الصالح محمد العدوى ثم تقدم إلى حومة فيها قبر الشيخ الصالح الفقيه المحدث الإمام زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك بن حماد بن تركى المغربى الأصل البزار أبو الفرج المعروف بابن الشيخة مولده سنة خمس عشرة وسبعمائة.

وتوفى فى تاسع عشر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وسبعمائة وقد سمع الحديث وغيره وفضله مشهور.

سويقة الدريس :

ثم تقصد إلى سويقة الدريس (١) نجد زاوية الشيخ سابق الدين إقبال القادرى (٢) وقد وقف هو هذه الزاوية على خادمه وذريته وذلك فى سنة إحدى وتسعين وستمائة وقد جدد هذه الزاوية الشيخ الصالح العارف شهاب الدين أبو العباس أحمد بن سليمان القارى القادرى المعروف بابن الزاهد.

__________________

(١) سويقة الدريس وهى المعروفة الآن بالخراطين وباب الشعرية وعرفت سابقا بخط المقس أو المقسم الصغير وبه الزاوية التى تسمى بجامع الزاهد وقد ترجم له المقريزى فى الخطط.

(٢) القادرى وذلك نسبة الى الطريقة القادرية وقد ترجم له السخاوى فى الضوء اللامع وترجم لأولاده مع ذكر دفنهم فى هذا الجامع وقيام أولاده بشئون المسجد بعد أبيهم والسخاوى لم يذكر هذا فى هذا الكتاب.

٣٣

وهذا الرجل قد أنشأ مساجد وخطب بالقاهرة وغيرها وكان يعمل الميعاد فى مواضع بالقاهرة.

وكان قد أقامه الله تعالى فى اصطناع المعروف ومعظم الخطب التى أنشأها خطب بها بالجامع الذى بالمقس الذى أنشأه فى سنة ثمان وثمانمائة وصلى فيه شهر رمضان من السنة المذكورة ولا زال ينفع الناس إلى أن توفى فى سنة تسع عشرة وثمانمائة ودفن بالجامع المذكور الذى أنشأه بالمقس.

ومعه فيه جماعة من أهل الصلاح منهم الشيخ جمال الدين عبد الله ابن عبد الرحمن الغمرى الواعظ توفى يوم الأحد العشرين من صفر سنة ست وخمسين وثمانمائة.

وبالجامع المذكور أيضا قبر محمد الطواشى وعلى باب الجامع قبة صغيرة فيها قبر الشيخ عبد الله الأسود النوبى الليمونى المعروف بشراب الدهن ، توفى يوم الاثنين رابع صفر سنة سبع وأربعين وثمانمائة وبرأس سوق الدريس أيضا قبور جماعة من الصالحين والعلماء.

منهم قبر الشيخ محمد العراقى وهناك داخل الدرب زاوية الخدام أنشأها الطواشى بلال الفراجى وجعلها وقفا على الخدام الحبش الأخيار فى سنة سبع وأربعين وستمائة.

وفى قبلى الجامع أنشأ الصاحب علاء الدين زاوية (١) على بن الابناسى

__________________

(١) زاوية على الأبناسى والمعروفة بالأهناسية ، وقد جاء خطأ عند المقريزى فقد سماها بزاوية الأبناسى ولكن الصواب كما ذكرنا هى الأهناسى كما جاء فى الضوء اللامع للسخاوى .. فالذى أنشأ هذه الزاوية هو العلاء الأهناسى ولم يدفن بها ولكن المدفون بها هو الوزير محمد بن أبى بكر ـ

٣٤

ثم تقصد تربة الشيخ الصالح العارف الإمام الزاهد المقرى الربانى أبو الفتح نصر بن سليمان المنبجى التيمى نزل القاهرة حدث فى زاويته هذه عن إبراهيم ابن خليل.

الامام المقرى :

وكان فقيها معتزلا عن الناس (وكان) السلطان الملك المنصور بيبرس الجاشنكير له فيه اعتقاد كبير ولما ولى سلطنة مصر رفع قدره وأكرم محله فهرع الناس إليه وتوسلوا به فى حوائجهم.

__________________

ـ الأهناسى المترجم فى الضوء اللامع ٧ ـ ١٩٣ ولكن السخاوى فات عليه ذكر بعض المزارات منها زاوية الشيخ الركراكى بأول شارع باب البحر وزاوية القصرى والمعروفة بجامع سيدى محمد البحر (المقريزى ٤ ـ ٢٠٣ ، ٣٠٤) وزاوية المغربل وزاوية مسعود العياط المعروفة بسيدى مسعود.

ونجد فى كتاب ابن اياس (٢ ـ ١٣٤) ذكر لجامع سيدى مدين بحارة سيدى سيدى وكان فى البداية زاوية صغيرة للشيخ مدين المدفون به ، وهذه الزاوية قامت بانشائه جامعا خوند مغل بنت البارزى زوجة الملك الظاهر جقمق وكذلك نجد ذكرا لهذا الجامع فى الضوء اللامع (١٢ ـ ١٢٦) ونؤكد أن الجامع منسوب الى الشيخ مدين بن أحمد الأشمونى الذى ينتهى نسبه الى الحسين شعيب التلمسانى المعروف بأبى مدين وهو مدفون بالمسجد مع ابنه أبو السعود وصاحبيه محمد الشويمى وأحمد الحلفاوى وابن أخته الشيخ مدين الأشمونى المعروف بابن عبد الدائم المالكى وكذلك يوجد والد سيدى مدين مدفون بأشمون وعند مطالعتنا (للكواكب السائرة) للنجم الغزى وشذرات الذهب لابن العماد والضوء اللامع وطبقات الشعرانى والمناوى وكثير غيرهم نجد أنهم ترجموا لهذه الأسرة. وفى مقابلة مسجد سيدى مدين توجد زاوية المناوى وبها ضريح الشيخ عبد الرؤوف المناوى صاحب طبقات الصوفية العالم الشافعى وأبوه وولده وهذه الزاوية تنفرد بقبتها الأثرية التى تعتبر ثالث قبة من هذا النوع بمصر.

ونجد فى الكواكب الدرية للمناوى ذكرا لزاوية عبد الرحمن بكتمر السند بسطى ـ وكذلك زاوية الشيخ رستم التى أقام بها الشيخ ابراهيم المتبولى دفين اسدود من أعمال فلسطين وقد قدم لمصر واستقر بدمياط.

٣٥

وكان يتغالى فى محبة الشيخ محيى الدين محمد بن عربى الصوفى.

وكان بينه وبين شيخ الاسلام أحمد بن تيمية بسبب ذلك مساءلة وأشياء كثيرة ، ومات عن بضع وثمانين سنة فى ليلة التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة ودفن بها.

ومعه فى التربة قبر الشيخ الإمام الحافظ المقرى العلامة عبد الكريم ابن منير الحلبى شارح كتاب صحيح البخارى وغيره.

وكنيته أبو على ولد فى سنة ثلاث وستين وستمائة واعتنى بالعلم بواسطة خاله الشيخ نصر المنبجى وسمع بمصر والشام والحجاز وأكثر عن الحورايى والفخر بن النجارى وطبقتهما وقرأ بالروايات على الشيخ إسماعيل المليجى صاحب أبى الجود وعلى الصفى المراغى وعلى خاله نصر وتقدم نصر فى علم الأثر ، وصنف التصانيف النافعة منها شرح البخارى فى عشرين مجلدا ولم يصنف مثله وشرح السيرة ودرس بجامع الحاكم فى الحديث وغيره ، وتوفى فى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.

ومعه فيها قبر ولده الشيخ شمس الدين ابن الشيخ الحافظ قطب الدين عبد الكريم ابن الشيخ شمس الدين ابن الشيخ الحافظ قطب الدين الحلبى.

وهناك قبر السيدة رقية بنت الشيخ شرف الدين محمد بن المسند أبى الحسن على بن محمد بن هارون الثعلبى الدمشقى المعروف والدها وجدها بابن القارى ، وعمها هو مسند القاهرة واسمه عبد الرحمن ، وهى زوجة قطب الدين عبد الكريم بن محمد ابن الحافظ قطب الدين الحلبى.

٣٦

تربة أمير الجيوش :

وبها جماعة أخر وإلى جانب هذه الزاوية والتربة تربة الأفضل أمير الجيوش بدر الجمالى وهى أول تربة بنيت هناك (١) وكانت الخطة تعرف برأس الكامل ثم تتابع دفن الناس موتاهم من الجهة الشرقية من مصلى الأموات وبحريها إلى الريدانية.

وكان فى هذه المقبرة إلى الجبل براح واسع يعرف بميدان القبق وميدان العيد والميدان الأسود وهو ما بين قلعة الجبل وقبة النصر تحت الجبل الأحمر فلما كان بعد سنة عشرين وسبعمائة ترك الملك الناصر محمد بن قلاوون النزول إلى الميدان وهجره خشية على قبور المسلمين من أن توطأ ثم أخذ الناس فى العمارة.

الأمير شمس أول من ابتدأ بالعمارة :

وأول من ابتدأ بالعمارة هناك الأمير شمس قرا سنقر فاختط تربته التى هى الآن مجاورة لتربه الصوفية.

وبنى حوض السبيل وجعل فوقه مسجدا ثم عمر بعده نظام الدين أخو

__________________

(١) هذه التربة كانت فيما مضى تعرف بقبة قرقماش وهى معروفة بضريح الشيخ يونس السعدى الشيبانى حفيد الشيخ سعد الدين الجباوى والتى تنسب اليه الزاوية اليونسية وقد ذكرها المقريزى فى خططه والشيخ يونس بن يونس بن مساعد القرشى الشيبانى ويرجع نسبه الى شيبة بن عثمان بن طلحة جده السابع قصى جد النبى عليه الصلاة والسلام. وقد دفن الشيخ يونس بهذه التربة فى عام ٩١٩ ويوجد بهذه التربة قبور لجماعة من شيوخ الطريقة منها ضريح الشيخ أحمد حموده الخضرى ولم يكن فى هذه المنطقة من أماكن الزيارة الا مسجد سيدى نجم الدين أيوب بن موسى ابن أيوب الكردى.

٣٧

الأمير سيف الدين سلار تجاه تربة قراسنقر مدفنا وحوضا وسبيلا ومسجدا معلقا وتتابع الأمراء والأجناد وسكان الحسينية فى عمارة الترب هناك حتى سدت طريق الميدان وعمروا بجوانبه أيضا وأخذ صوفية الخانقاه الصلاحية لسعيد السعداء قطعة قدر فدانين وأداروا عليها سورا من حجر وجعل مقبرة لمن يموت منهم ثم أضافوا إليها قطعة أخرى من تربة قراسنقر عام تسعين وسبعمائة وما برح الناس يقصدون تربة الصوفية هذه لزيارة من فيها من الأموات ويرغبون فى الدفن فيها إلى أن ولى مشيخة الخانقاه الشيخ شمس الدين محمد البلالى فسمح لكل أحد أن يقبر ميته بها على مال يؤخذ منه فقبر بها كثير من أعوان الظلمة ومن لم تشكر طريقته فصارت مجمعا للنسوان ومحلا للعب ، ولم يكن فى هذه الصحراء تربة مثلها بما جمع فيها من العلماء والمحدثين والأولياء ، وإنما لم نعدهم خوف الإطالة.

وبالقرب من هذه الخطة زاوية وتربة بها خطبة أنشأها الشيخ الصالح العارف المعتقد فخر الدين عثمان بن على بن إبراهيم بن سعيد بن مقاتل ابن حوشب بن معلى بن سام بن محمد بن سعيد بن عمر بن شر حبيل بن سعيد ابن سعد بن عبادة الأنصارى الخزرجى المعروف بابن حوشب السعودى من أصحاب سيدى داود الأعزب أحد أصحاب الشيخ العارف الصالح أبى السعود رحمة الله تعالى عليه وذلك فى سنة خمس وسبعمائة.

سبب انشاء زاوية الشيخ ابن حوشب :

وسبب إنشاء ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أشار عليه بذلك فى المنام وصار ذلك الخط الآن يعرف بتربة ابن حوشب وتوفى الشيخ ودفن بالزاوية المذكورة فى سنة سبع وسبعمائة.

٣٨

وكان بناء تربة الأفضل أمير الجيوش بدر الجمالى وزير المستنصر فى سنة ثمانين وأربعمائة وتوفى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بها ولم يعرف له قبر لطول الزمان.

وبالقرب من هذه التربة زاوية الخلاطى مات فى النصف من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

تربة زين الدين الخزرجى ومآثره :

وهناك تربة كبيرة بها قبر الشيخ الصالح العارف العامل الزاهد زين الدين عبادة بن على بن صالح بن عبد المنعم بن سراج بن نجم بن فضل ابن فهر بن عمر الأنصارى الخزرجى الجرزائى المالكى ولد بجرزا قرية بالصعيد من أعمال القاهرة فى سنة ثمانين وسبعمائة وهو من أعيان السادة المالكية بالديار المصرية كان يقرىء الناس بالجامع الأزهر وبمدرسة السلطان برسباى الأشرف بالقاهرة.

ولما توفى قاضى القضاة شمس الدين البساطى طلبه الملك الظاهر جقمق العلائى للقضاء فاختفى وقيل سافر من القاهرة إلى أن بلغه أن السلطان ولى للقضاء الشيخ بدر الدين بن التنسى فظهر وكان له اعتقاد فى الفقراء ومحبة زائدة بهم ولم يكن فيه تكبر مع شهرته فى العلم بل كان منطرح النفس فإنه كان يشترى السلعة من السوق ويحملها بنفسه ويحمل طبق الخبز إلى الفرن ولا يدع أحدا يحمل عنه توفى رحمه الله تعالى فى يوم الجمعة السابع من شوال سنة ست وأربعين وثمانمائة.

ذكر لبعض زوايا المشايخ العارفين بالله :

ثم تقصد زاوية الشيخ الصالح الجعبرى العارف القدوة الواعظ المقرىء

٣٩

أبو اسحق ابراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد بن مالك بن جزى بن كلب الجهنى الجعبرى كان من المشايخ الداعين إلى الله تبارك وتعالى بالحق ، العاملين بعلمهم يتكلم على رؤوس الناس بكلام يقدح فى قلوبهم ، صحبه جماعة وانتفعوا به وبكلامه وطريقته.

منهم الشيخ الصالح العارف أيوب بن موسى بن أيوب الكردى شيخ الشيخ حسين الجاكى.

والحافظ المسند أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن أبى بكر الفارقى الشافعى.

والشيخ الصالح العارف الفقيه كمال الدين على بن محمد بن جعفر الهاشمى الجعبرى الشهير بابن عبد الظاهر القوصى وغير هؤلاء.

وكان حسن الصورة نافذ البصيرة قوالا بالحق لا يخاف فى الله لومة لائم ، له مجالس فى الوعظ تطرب السامعين ، وله أحوال غريبة ومكاشفات عجيبة وقد أخبر بموته عند وفاته وكان ينظر إلى قبره الذى حفره في حال حياته ، ويقول : يا قبير جاءك دبير.

ولد رحمه الله تعالى بقرية جعبر فى يوم مبارك والناس فى صلاة الجمعة سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان فى ابتداء أمره قرأ القرآن بالروايات على الشيخ الصالح علم الدين أبى الحسن على بن عبد الصمد السخاوى وسمع الحديث أيضا منه ومن غيره.

وكان يأمر بالمعروف كثير التعظيم لأصحابه ، وله نظم وسجع وتصرف وشطح. وله نظم رائق تركنا ذكره خوف الإطالة (وقد فتح) الله على يديه

٤٠