تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

الأمن بالقرب من قبر يونس بن عبد الأعلى وهى حومة متسعة ونسبوا إلى رجل يعرف بذلك وكلهم تابعيون ولهم خطة بمصر ذكر ذلك القضاعى فى خططه.

وفى قبليهم صحابى اسمه حاجل الصدفى معدود فيمن سكن مصر وله خطة بمصر ذكره ابن عبد البر ، قيل إنه كان فى هذه المقبرة رخامة مكتوب عليها عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن حاجل الصدفى وهذه الرخامة لا توجد الآن وقيل إنه الذى قرأ كتاب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضى الله تعالى عنه على النيل فجرى بإذن الله تعالى والحكاية مشهورة.

وبمصر قبر يسمونه ساعى البحر أعنى الذى جاء بكتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهذا ليس بصحيح وبهذه المقبرة أبو محمد الصدفى من أكابر التابعين لا يعرف له قبر ، وبها أيضا قبر عباس بن هلال الصدفى مشهور بالصلاح والعلم وهو من أكابر التابعين روى عن عمرو بن العاص وغيره.

قيل ولم ير أسرع جوايا منه إذا سئل بغير ترو ، وكان يتصدق بقوته ، وقبره فى القبور الداثرة لا يعرف.

وبها أيضا قبر عيسى بن هلال الصدفى من أكابر التابعين وأئمة المصريين وعلمائهم كان يقول إذا أحب الله العبد أشغله بنفسه.

وبها أيضا كثير الصدفى معدود من المحدثين والقراء من أكابر التابعين وبها أيضا أبو مرحوم عبد الرحمن بن ميمون الصدفى.

٢٢١

وبها أيضا قيس بن جابر الصدفى من أكابر مصر وعلمائها ، وبها أيضا سعيد بن هلال الصدفى.

وبها أبو عبد الله محمد الصدفى مذكور فى القضاة من أكابر العلماء.

وبها أيضا عبد الرحمن بن وهب من المحدثين.

وبها أيضا أبو الرحمن الصدفى ولم يكن بالقرافة من الصدفيين إلا هذه المقبرة وقيل إن فى شقة الجبل رجلا منهم اسمه عبد الرحمن بن على بن الحسن ابن عبد الله بن مروان الصدفى وقبره فى التربة المقابلة لقبر المرأة الصالحة المعووفة بعطارة الصالحين وسيأتى الكلام عليها.

وأما من عرف قبره من الصدفيين بجوار الليث فإنه ظهر رخامتان هناك مكتوب فى أحدهما هذا مشهد به أبو عسكر قرة بن عبد الله الصدفى توفى فى شهر رمضان سنة خمس ومائة وفى الأخرى هذا مشهد به إبراهيم ابن أبى مسكين الصدفى.

ثم إذا خرجت من باب المشهد الشرقى صاعدا إلى جهة الشرق بخطوات يسيرة تجد تربة رخام فى بناء القبة مكتوب فيها محمد بن المثنى الصدفى شيخ الإمام مسلم وهو عظيم الشأن جليل القدر من أكابر العلماء والمحدثين.

قال عبد الله بن سعد : ما رأيت أحفظ منه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أكثر زهدا منه ولقد كانت الأموال تحمل إليه فيعرض عنها كأنها ميتة.

٢٢٢

وبالقرب منه قتيبة بن سعيد الصدفى شيخ مسلم روى عن الليث بن سعد ولم يعرف له وفاة.

وبحرى الليث رخامة مكتوب فيها سليمان بن داود بن سعيد الصدفى (توفى) سنة أربع وتسعين ومائة.

وبالمقبرة قباب فيها جماعة من الصدفيين لا تعرف أسماؤهم.

وآخرهم العالم الزاهد الفقيه المشهور بالعلم والصلاح أبو موسى يونس ابن عبد الأعلى الصدفى صحب الشافعى والليث بن سعد ومالك بن أنس وابن وهب وهو من أقران قتيبة بن سعيد قيل إن الشافعى رحمه الله تعالى كان يدرس بالجامع فدخل يونس بن عبد الأعلى فقال الشافعى ما بمصر أعلم من هذا ولا أعبد.

وكان مسلم والبخارى من طلبته وكان يونس هدا وكيلا لليث بن سعد يتصدق على الفقرا ويجلس فى حلقة الليث إذا غاب.

قال أبو الطيب كفى أهلى مصر فخرا أن يكون فيهم يونس بن عبد الأعلى.

قيل وقبره الكبير المقابل الآن لتربة هبة الله بن صاعد الفائزى وعليه رخامة مكتوب عليها اسمه ووفاته فى سنة نيف وستين ومائتين ، وإلى جانبه موسى والده وزينب ابنته.

وقيل إن الرخامة سرقت والقبر دثر ولا يعرف الآن إلا القبة التى بجانبه وهذا آخر مقابر الصدفيين وكانت أربعمائة قبة والليث أوسطها وهذا آخرها.

٢٢٣

وقبلى الليث قبر ابن الفرات البكرى مبنى على هيئة المصطبة عليه رخامة مكتوب عليها اسمه ومن ذريته جماعة بالقرب من الجبل.

قبر السيدة سكينة بنت زين العابدين :

وبالمقبرة أيضا قبر السيدة سكينة بنت زين العابدين بن الحسين بن على ابن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه وقد وهم من قال إنها صاحبة المشهد الذى بظاهر جامع أحمد بن طولون ، وإلى جانبها قبر رقية بنت عقبة المستجاب الدعوة وقبر أختها قيل إنه عند المزنى ذكرها بعضهم فى نساء التابعين إلا أن قبرها لا يعرف بالحومة قيل إنه مما يلى المصلى ، وبالقرب من قبر السيدة سكينة الذى هو على يسار السالك من بحرى المفضل بن فضالة قبر أربع قطع حجر فى محراب صغير مكتوب عليه هذا قبر الشيخ سليمان استمع ومات ، وبالقرب من قبر السيدة سكينة ويونس بن عبد الأعلى المذكور قبر الفقيه الإمام جمال الدين أبى العباس أحمد بن بدر الدين حسن بن أبى التقى صالح بن نباته ، توفى سنة أربع وسبعين وستمائة وقبره حوض حجر ، وإلى جانبه قبر الشيخ تقى الدين أبى عبد الله محمد بن أبى محمد عبد الوهاب بن عبد الكريم صمصام بواب الإمام الشافعى وهو تحت محراب الإمام الليث ، وفى الحومة تربة بها قبر أبى التقى صالح كاتب الليث وهى على الطريق المسلوك.

ثم تتوجه مستقبل القبلة تجد تربة بنى الرداد بالبقعة الكبرى ، وقبليها تربة الشيخ عوض البوشى ، وبالتربة أيضا قبر المرأة الصالحة المعروفة بزوجة المرجانى ، وعند بابها البحرى قبر حوض حجر عليه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ منصور النجار ، توفى فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، وبحريه قبر أبى عبد الله محمد بن شرارة المقرى فى حوش لطيف ، ثم تتوجه

٢٢٤

وأنت مستقبل القبلة قاصدا تربة الشيخ مسلم المسلمى تجد على يمينك قبر حوض حجر فى حوش صغير هو قبر الشيخ أبى العز عز القضاة الحجار المعروف بشيخ الزوار ، وإلى جانبه من القبلة قبر عليه عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ كمال الدين عبد المعطى بن القاضى المخلص ، وإلى جانبه قبر ولده شرف الدين أبى عبد الله محمد توفى سنة أربع وأربعين وستمائة ، وشرقيهم قبر الشيخ الصالح المحقق الصوفى محمد بن عبد القوى القرقوبى من أصحاب الشيخ شهاب الدين السهروردى ، ثم تتوجه فى الطريق المسلوك تجد أمامك محرابا تحته قبور دائرة وفيها قبر حجر يقال إنه قبر الشيخ العفيف العطار وقيل إنه قبر زينب بنت شعيب بن الليث ولعل هذا أقرب إلى الصحة.

تربة الشيخ مسلم :

وهى التى أنشأها الصاحب بهاء الدين محمد بن على المعروف بابن حنا.

حكى إن الصاحب بهاء الدين المذكور كان يحب الفقراء وأهل العلم وأهل الخير وأنشأ هذه التربة رغبة فى الفقراء وكان كل من توفى من الفقراء تولى الصاحب تجهيزه ودفنه بالمكان المذكور حتى جمع فيها مائة ولى من جملتهم أبو داود مسلم المسلمى ، وكانت وفاة الصاحب المذكور فى شعبان سنة ثمان وستين وستمائة ، ودفن إلى جانب الشيخ مسلم المشار إليه ، قيل أن الصاحب رؤى بعد موته فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال أوقفنى بين يديه وحاسبنى فوجبت لى النار وإذا برجل بدوى أقبل وقال الهى وسيدى ومولاى رحمتك وسعت كل شىء وشفع فى ، فقبلت شفاعته.

٢٢٥

مناقب الشيخ مسلم :

وأما الشيخ مسلم فإنه له مناقب مشهورة.

منها أنه كان فى زمنه رجل يقال له الشيخ خضر السلطانى كان يتردد إلى الملك الظاهر بيبرس وكان السلطان له به عناية وله فيه اعتقاد وكان الصاحب بهاء الدين له فى الشيخ مسلم اعتقاد زائد لما رأى من حاله فاتفق أن الصاحب بهاء الدين حضر يوما عند السلطان الملك الظاهر وكان عنده الشيخ خضر السلطانى فقال الصاحب للسلطان لو رأيت صاحبى زهدت هذا ، فقال له السلطان بل هذا أميز من صاحبك فقال له الصاحب إن شاء السلطان أحضرت صاحبى ، فأمر باحضاره فحضر هو وأصحابه وأراد السلطان امتحان الشيخ مسلم والشيخ خضر فأمر أن يجعل طعام من مال حلال طيب وطعام من مال حرام فصنعوا ذلك وقدموه إليهما وفقرائهما ومدوا الأسمطة فقام الخادم على عادته ليمد للفقراء فنهض الشيخ مسلم على قدميه وقال للخادم ما هذا يومك ، أنا اليوم أولى بخدمة الفقراء ثم جعل يلم أصحابه إلى جانب ويأخذ الحلال لهم ثم جعل الشيخ خضرا وأصحابه إلى جانب وجعل الحرام لهم ثم قال كلوا الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات فمن ذلك اليوم عرف السلطان مقام الشيخ مسلم وبركته ولم يعد يقرب الشيخ خضر.

وله غير ذلك من المناقب لكن اختصرنا ذلك خوف الاطالة ، وتوفى رحمه الله تعالى فى يوم الجمعة ثالث المحرم سنة ستين وستمائة وقيل غير ذلك وله

٢٢٦

عقب باق إلى الآن (١) ومن أولاده من دفن بغير هذا المكان ، وإلى جانبه قبر الشيخ محمد بن يوسف الشاطى غير صاحب الشاطبية ، توفى فى سنة اثنتين وستين وستمائة ، وعلى باب المقصورة قبر خشب به السيذ الشريف على المعروف بالعريضى ينسب إلى العريضى بن جعفر الصادق ، وعريض قرية من قرى المدينة ، قال القرشى وكان هذا الشريف عابدا زاهدا وقيل إن المكتوب فى الطراز الخشب يوسف بن إبراهيم بن عبد الله الحسينى ، توفى سنة تسع وخمسين وستمائة ولعل أن يكونا فى هذا القبر.

وإلى جانب هذا الفبر قبر الشريف قاسم وإلى جانبه قبر الشريف أبى عبد الله محمد الكاتب الخياط كان رجلا صالحا مع شرفه ، وبالتربة أيضا الشريف الحبر العالم المحدث الصادق المعروف بقاضى العسكر (٢) روى عنه جماعة من المحدثين وإلى جانبه أحمد السلاوى وإلى جانبه عز الدين القاياتى ، وإلى جانبه الفقيه ابن رشيق و (عن يمين الداخل من التربة) مع الحائط

__________________

(١) مثل الشيخ مسلم المسلمى والشيخ محمد بن مسلم وكلاهما دفن بهذه التربة والشيخ أبى مسلم سليم المدفون بالصوة شرقى سفط الحناء من أعمال الزقازيق شرقية والشيخ أبى مسلم المدفون بعزبة السيد عمر مكرم بزمام كفر حمزة والحاج عليوة أبى مسلم ببلدة الأحراز مركز شبين القناطر قليوبية وأبى مسلم بزاوية أبى مسلم بالجيزة. والأسرة المسلمية بالشرقية.

(٢) هو نقيب أشراف مصر السيد الشريف محمد بن الحسين بن محمد ابن الحسين بن الحسن بن زيد بن الحسين بن مظفر بن على بن محمد ابن عبد الله بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الامام الحسين السبط عليه السلام.

وقد تولى قضاء العسكر فى بادىء الأمر وبهذا سمى بقاضى العسكر ثم أضيفت اليه نقابة الأشراف والتدريس.

٢٢٧

رخامة مكتوب فيها عبد الواحد بن موسى الصنهاجى ، و (غربيه) مع الحائط قبر الشيخ أبى العباس المصدر بالجامع العتيق ، توفى سنة أربع وستين وستمائة.

وإلى جانبه قبر الشيخ علم الدين بن طاهر وإلى جانبه قبر الشيخ عمر اليمنى. توفى سنة أربع وسبعين وستمائة و (إلى جانبه) قبر المرأة الصالحة أم جميل العسقلانية ، وقريبا منها قبر الشيخ طاهر بن عبد الحميد. توفى سنة سبع وسبعين وسبعمائة.

وبالقرب منه قبر الشيخ داود بن عبد الودود ، وبالتربة الشيخ يوسف المناوى ، وبها قبر ملهام الصدفى وبها أيضا قبر الشيخ يحيى المغربى ، و (بها) أيضا قبر الشيخ أبى العباس الطويل ، و (بها) أيضا قبر أبى العباس المدهش ، وبها أيضا قبر أبى العباس السملوطى.

وبها أيضا قبر المرأة الصالحة أم عبد الكريم ، وبالتربة أيضا قبر الشيخ صالح الفقيه أبى محمد عبد الله بن على بن موسى بن يوسف المعروف بابن الدهان المتصدر بالجامع العتيق وبها أيضا قبر الشيخ لؤلؤ العجمى وبها أيضا قبر الشيخ ريحان خادم الشيخ أبى العباس الحرا ، وبها أيضا قبر الشيخ أبى بكر خادم الشيخ أبى بكر الأدفوى و (بها) أيضا قبر الشيخ إبراهيم ابن محمد بن على المالكى الحاكم بثغر الإسكندرية توفى سنة خمس وتسعين وستمائة.

وبها أيضا قبر الفقيه محمد بن على بن عيسى الشافعى المدرس توفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة. وبها أيضا قبر الشيخ الفقيه المعروف بإمام المسجد حامل راية النبى صلى الله عليه وسلم.

٢٢٨

وبها أيضا قبر محمد بن عبد الحميد توفى سنة ستين وسبعمائة.

وبالتربة أيضا قبر الصاحب علاء الدين على والد الصاحب بهاء الدين المقدم ذكره مكتوب على قبره وفاته سنة سبع وسبعين وستمائة ، وبها قبر الشيخ شمس الدين أبى عبد الله محمد بن سليمان بن هبة الله ، وإلى جانبه قبر القاضى الأمين العدل أبى القاسم هبة الله. وإلى جانبه قبر الصاحب أحمد بن الصاحب أخى الصاحب بهاء الدين المقدم ذكره ، توفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة.

وبها أيضا قبر القاضى جمال الدين محمد بن صفى الدين مظفر ، وإلى جانبه قبر والده مظفر المذكور ، وبها أيضا قبر الشيخ عطاء خادم مسلم ، وبها قبر الشيخ الإمام العالم الفقيه المحقق الصوفى بدر الدين بن الصاحب المذكور وقبره إلى جانب قبر جده.

وبها جماعة من الخدام ، وقد دثر أكثر قبور هذه التربة ولم يصر لها الآن شواهد وقد تغيرت معالم المكان.

ومن وراء جانبها الغربى قبر فخر الدين التوريزى ، وإلى جانبه قبر عبد الله الكرمانى ، وإلى جانبه قبر فخر الدين الهكارى ، وهذه القبور كلها دائرة وهذه الطريق تسلك بها إلى تربة ابن زنبور من تحت عقد المصنع ، وقبل وصولك إلى تربة فخر الدين الفارسى تجد تربة بغير دائر عليها بها قبر الشيخ الفقيه الإمام العالم أبى حنيفة الأصبهانى ، ومعه بالتربة قبر الشيخ الفقيه الإمام العالم أبى بكر الأصفهانى والقبر مبنى بالطوب الآجر.

٢٢٩

ذكر تربة الشيخ الامام العالم المحدث الصوفى

المحقق فخر الدين الفارسى وسبب بناء المسجد بها

قيل كان السبب فى بناء هذا المسجد أن الشيخ فخر الدين الفارسى المشار إليه رأى فى المنام كأنه واقف على قبر الشيخ أبى الخير التيناتى وهو ينظر إلى الصحراء فإذا هى مملوءة رجالا وعليهم ثياب بيض وفيهم النبى صلى الله عليه وسلم فقبل يده فقال له لم لا تبنى هذا المسجد فقال يا رسول الله ما بيدى شىء ، فقال قل للمسلمين يبنونه ثم مشى إلى أن أتى إلى قبر ذى النون المصرى فوقف على شفير القبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام عليك يا ذا النون وإذا بالقبر شق وقام منه رجل فقال وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم عدنا إلى قبر الشيخ التيناتى فقال يا فخر ابن هذا مسجدا فإنه من توضأ ثم صلى فيه ركعتين يقرأ فى الأولى فاتحة الكتاب وسورة تبارك وفى الثانية فاتحة الكتاب وهل أتى على الإنسان ، ثم يسلم ثم يخرج من المسجد ووجهه إلى القبر إلى أن يأتى إلى قبر الشيخ أبى الخير التيناتى ويسأل الله حاجته إلا أعطاه الله إياها فانتبه فتذكر الإمام فتكلم به عند جماعة فسمعه رجل من الحاضرين وكان يملك دارا فباعها وبنى بثمنها هذا المسجد وهذه التربة معروفة بإجابة الدعاء.

وبهذه التربة قبر الشيخ الفقيه الامام المحدث فخر الدين أبى عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد بن طاهر بن محمد بن طاهر بن أبى الفوارس الخبرى الفارسى يعد فى طبقات المحدثين والصوفية والعباد له مناقب مشهورة صحب جماعة من القوم منهم نور بهار الكازرونى الفارسى.

وروى أحاديث كثيرة ومن غريب ما اتفق للشيخ فخر الدين أن رجلا

٢٣٠

من الصالحين توفى إلى رحمة الله تعالى بالقرافة ودفن بها فاجتمع أصحابه وعملوا له وقتا واستدعوا الشيخ فخر الدين ليحضر عندهم بزاوية مسعود الغرابلى وأحضروا شخصا يقال له الفصيح مشهورا بالغناء منفردا به فى زمانه فاجتمع غالب الناس لأجل سماعه فبينما الناس مجتمعون لذلك إذ حضر الشيخ وكانت له حرمة عظيمة ومعه أصحابه بين يديه وكان الفصيح شابا حسن الصورة فأحدق الناس بالشيخ فخر الدين يتأملون ماذا يصدر منه فأشار الشيخ بإبطال الفصيح وأنسكر صورة الاجتماع من أجله فسمع الفصيح ذلك فهرب خوفا من الشيخ فزهقت أنفس الناس لفوتهم الأمر الذى اجتمعوا لأجله فعلم الشيخ منهم ذلك فتكلم كلاما كثيرا ثم قال لفقير مزمزم يقال له على بن زرزور قم فطيب القوم فقام وأنشد :

كررت فى المذهب والعشق زمان

حتى ظهرت أدلة العشق وبان

ما زلت أوحد الذى أعبده

حتى ارتحل الشرك عن القلب وبان

فقام الشيخ فخر الدين ووضع عمامته على الأرض وحجل بهيبته وحرمته بوجد واستغراق فلم يبق فى المجلس إلا من طاب وكشف الخلائق رؤوسهم وصاروا صارخين متعجبين من صنع الله تعالى وكيف عوضهم الله أفضل مما فاتهم وقصته مع الملك الكامل وما اتفق من شأن الراهب مشهورة.

وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين وستمائة وإلى جانبه قبر ولده عز الدين على وفى ظاهر المقصورة قبر الشيخ جمال الدين عنبر خليفة الشيخ فخر الدين الفارسى.

٢٣١

ذكر زربية الشيخ فخر الدين الفارسى المذكور

بها قبر الشيخ حسن دروشان خادم الشيخ فخر الدين توفى سنة خمس وستين وستمائة وعليه مجدول كدان فى جدار الحائط قريبا منه.

وتحت الشباك قبر الطواشى محسن الصالحى كان من أهل الخير والمعروف وإلى جانبه مع الحائط مجدول كدان مكتوب عليه هذا قبر الشيخ بلال عتيق الشيخ فخر الدين الفارسى توفى سنة إحدى وثلاثين وستمائة وإلى جانبه قبر حسن العسقلانى وإلى جانبه مع الحائط قبر محمد بن دروشان وبالمقبرة قبر السيد الشريف زين الدين.

وبالمقبرة أيضا عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ كريم الدين العجمى شيخ خانقاه سعيد السعداء وإلى جانبه من الجهة البحرية عمود مكتوب عليه هذا قبر الشيخ ضياء الدين محمد المعتمدى وبالزربية جماعة من أصحاب الشيخ فخر الدين الفارسى (وفى آخر المقبرة) قبر على مسطبة هو قبر الشيخ زامل خادم الفخر الفارسى متأخر الوفاة.

ذكر تربة الشيخ أبى الخير التيناتى

وهى مقابلة لتربة فخر الدين الفارسى (بها) قبر الشيخ الصالح أبى الخير التيناتى الأقطع (١) ذكره القشيرى فى رسالته وأثنى عليه وأصله من المغرب سكن التينات (٢) ، وله كرامات مشهورة.

__________________

(١) هذه التربة كانت قد دثرت وعادت لا تعرف ولكنها تجددت وعرفت حاليا بصحراء الفارسى.

(٢) وتينات كما هو مذكور فى معجم البلدان فرضة على بحر الشام قرب المصيصة ينسب اليها أبو الخير عباد بن عبد الله الديلمى المعروف بالأقطع ويرجع أصله الى المغرب وقد توفى ودفن بمصر بجانب منارة الديلمبة بالقرافة الصغرى.

٢٣٢

قال بعض مشايخ الزوار أن الهوام والسباع كانت تأنس به فسئل عن ذلك فقال الكلاب يأنس بعضها إلى بعض.

قال الحسين زرت أبا الخير التيناتى فلما ودعته خرج معى إلى باب المسجد وقال أنا أعلم أنك لا تحمل معك معلوما ولكن خذ هاتين التفاحتين فأخذتهما ووضعتهما فى جيبى وسرت ثلاثة أيام فلم يفتح لى بشىء فوضعت يدى فى جيبى وأخرجت تفاحة فأكلتها ثم أردت أن أخرج الثانية فوجدتهما اثنتين فلم أزل آكل واحدة وأضع يدى فأجد ثنتين إلى أن دخلت أبواب الموصلى فقلت فى نفسى هاتان تفسدان على حالى فأخرجتهما ونظرت إليهما فإذا فقير ملفوف فى عباءة وهو يقول أشتهى تفاحة فناولته إياهما فلما بعدت عنه وقع فى نفسى أن الشيخ إنما بعثهما لهذا الفقير فطلبت الفقير فلم أجده.

وقال حمزة بن عبد الله العلوى دخلت على أبى الخير لأسلم عليه وكنت قد ألزمت نفسى أن لا آكل شيئا عنده فسلمت عليه وخرجت من عنده وإذا به خلفى يحمل طبقا عليه طعام وقال لى يا فتى كل فقد خرجت الآن من عندى.

وقال إبراهيم الرقى : زرت أبا الخير التيناتى مرة ومعى رجل من أصحابى فقيه فحضرت الصلاة فقدم الشيخ وصلى المغرب فلم يحسن الفاتحة فقال الفقيه ضاعت والله سفرتنا فنمت أنا ورفيقى تلك الليلة عند الشيخ فحصل لى احتلام فلما أصبح الصبح قال لى رفيقى الفقيه : قد أصابنى جنابة فقلت أنا والله كذلك ، فخرجنا إلى مكان نغتسل فيه فلم نجد إلا بركه فخلعنا أثوابنا واغتسلنا فى تلك البركة وكان فى أيام الشتاء فلم نشعر إلا وقد جاء سبع

٢٣٣

وجلس على أثوابنا فحصل بذلك مشقة عظيمة فبينما نحن على تلك الحالة وإذا بالشيخ قد أقبل وصاح على الأسد فهرب وهو يبصبص بذنبه ثم قال ألم أقل لك لا تتعرض لأضيافى؟ فخرجنا من الماء ولبسنا أثوابنا واستغفرنا الله تعالى مما وقع منا فقال لنا الشيخ أنتم يا فقهاء اشتغلتم بتقويم الظاهر فخفتم من الأسد ، واشتغلنا بتقويم الباطن فخافنا الأسد.

وقال بعض أصحابه : لم يكن لى علم بقطع يده إلى أن تهجمت عليه وسألته عن سبب قطع يده فقال يد جنت فقطعت فظننت أنه كان له صبوة فى ابتدائه كقطع طريق وغيره ثم اجتمعت به بعد ذلك بمدة مع جماعة من الشيوخ فتذا كروا مواهب الله تعالى لأوليائه وأكثروا من كرامة الله تعالى لهم إلى أن ذكروا طى المسافات وغيرها من الكرامات فقال الشيخ عند ذلك تكثرون من هذا الكلام أنا أعرف عبدا لله تعالى حبشيا كان جالسا فى جامع طرابلس ورأسه فى جيب مرقعته فخطر له طيبة والبيت الحرام فأخرج رأسه من مرقعته فإذا هو بالحرم ثم أمسك عن الكلام فلم يشك أحد من الجماعة أن الشيخ يعنى نفسه ثم قام واحد من الجماعة فقال يا سيدى ما كان سبب قطع يدك؟ فقال يد جنت فقطعت ، فقالوا قد سمعنا هذا منك مرارا أخبرنا كيف كان السبب ، قال أنتم تعلمون أنى رجل من أهل المغرب فوقعت فى مطالبة السفر فسرت حتى بلغت الاسكندرية فأقمت بها اثنتى عشرة سنة وكان فى الناس خير ثم سرت منها إلى أن صرت بين الشطا (١)

__________________

(١) وهذه يقال لها شطا ظاهر مدينة دمياط بن اليهاموك محافظها فى عهد المقوقس قيرس فى أيام الفتح الاسلامى لمصر وقد جاء به المسلمون واستولوا على المدينة فأسلم بعد كفر ومات ، له مزار مشهور بسيدى شطا.

٢٣٤

ودمياط لا زرع ولا ضرع فأقمت اثنتى عشرة سنة وكان فى الناس خير وكان يخرج من مصر خلق كثير يرابطون بدمياط وكنت قد بنيت كوخا على شاطىء البحر وكنت أجىء فى الليل من تحت السور إذا أفطر المرابطون ورموا مما فى سفرهم أزاحم الكلاب على اللباب فآخذ كفايتى وكان هذا قوتى فى الصيف ، قالوا وفى الشتاء قال كنت بنيت كوخا من البردى آكل أسفله وأعمل فى الكوخ أعلاه فكان هذا قوتى إلى أن نوديت فى سرى يا أبا الخير نزعم أنك لا تشارك الخلق فى أقواتهم وتشير إلى التوكل وأنت فى وسط العالم جالس!! فقلت إلهى وسيدى ومولاى وعزتك لا مددت يدى إلى شىء أنبتته الأرض حتى تكون أنت الموصل إلى رزقى من حيث لا أكون أتولاه فأقمت اثني عشر يوما أصلى جالسا ثم عجزت عن الجلوس فرأيت أن أطرح نفسى لما ذهب من قوتى ، فقلت إلهى وسيدى فرضت على فرضا تسألنى عنه وضمنت لى رزقا تسوقه لى فتفضل على برزقى ولا تؤاخذنى بما عقدته معك وإذا بين يدى قرصتان وبينهما شىء ولم يذكر لنا ما كان ذلك الشىء ولم يسأله أحد من الجماعة ، قال : وكنت آخذه وقت حاجتى إليه من الليل إلى الليل ثم طولبت بالسفر إلى الثغر فدخلت إليه وكان يوم الجمعة فوجدت فى صحن الجامع قاصا يقص على الناس وحوله جماعة فوقفت بينهم أسمع ما يقول فذكر قصة زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام والمنشار وما كان من خطاب الله تعالى له حين هرب منهم فنادته شجرة إلى يا زكريا قانفرجت ودخلها وانطبقت عليه ولحقه العدو فناداهم إبليس إلى فهذا زكريا ثم امر عليه المنشار فنشرت الشجرة حتى بلغ المنشار إلى رأس زكريا فأن أنة فأوحى الله تعالى إليه يا زكريا إن أنيت ثانية لأمحونك من ديوان الأنبياء فمضى زكريا حتى نشر نصفين فقلت الهى وسيدى إن ابتليتنى لأصبرن وسرت

٢٣٥

حتى دخلت إنطاكية فرآنى بعض اخوانى وعلم أنى أريد الثغر وكنت يومئذ أحتشم من الله أن آوى إلى وراء سور فدفع لى سيفا وترسا وحربة للسبيل فدخلت الثغر خيفة من العدو فجعلت مقامى فى غابة أكون فيها بالنهار وأخرج إلى شاطىء البحر بالليل فأغرز الحربة على الساحل وأسند الترس إليها محرابا وأتقلد بسيفى وأصلى إلى الغداة فإذا صليت الفجر عدت إلى الغابة فكنت فيها نهارى فنظرت فى بعض الأيام إلى شجرة بطم قد بلغ بعضها وقد وقع على بعضه الندى وهو يبرق فاستحسنته ونسيت عهدى مع الله تعالى وقسمى أن لا أمد يدى إلى شىء تنبته الأرض فمددت يدى إلى الشجرة فقطعت منها عنقودا وجعلت بعضه فى فمى ثم تذكرت العهد ورميت ما كان فى يدى ولفظت ما كان فى فمى ولكن بعد ما جاءت المحنة فرميت الحربة والترس وجلست فى موضعى ويدى على رأسى فما استقر بى الجلوس حتى دار بى فارسان ورجال كثيرة وقالوا لى قم وساقونى إلى الساحل فإذا أمير وحوله عسكر وجماعة من السودان بين يديه كانوا يقطعون الطريق فى ذلك المكان وقد أمسكهم ولما مرت الخيل بالموضع الذى كنت فيه فوجدونى أسود ومعى سيف وترس وحربة فحسبونى من السودان فقالوا لى من أنت؟ فقلت عبد من عبيد الله فقالوا للسودان تعرفون هذا؟ قالوا لا ، فقال الأمير وكان تركيا بل هو رئيسكم وأنتم تفدونه بأنفسكم فقدموهم وجعلوا يقطعون أيديهم وأرجلهم حتى لم يبق إلا أنا فقدمونى ثم قالوا مد يدك فمددتها فقطعت ثم أرادوا أن يقطعوا رجلى فرفعت رأسى إلى السماء وقلت إلهى يدى جنت فما بال رجلى! وإذا بفارس وقف على الحلقة ونظر إلى وألقى نفسه على وصاح ، فقيل له فى ذلك فقال هذا أبو الخير المناجى ، فصاح الأمير ومن حوله ورمى الأمير بنفسه على يدى

٢٣٦

وقبلها وبكى ثم قال بالله عليك يا سيدى اجعلنى فى حل ، فقلت له أنت فى حل قبل أن تقطع يدى ومناقبه غير محصورة.

وكانت وفاته سنة نيف وأربعين وثلثمائة وبالتربة أيضا قبر الشيخ عبد الجليل الزيات وبالتربة أيضا قبر الشيخ العفيف المعروف بالعطار وقيل إنه قبر زينب بنت شعيب بن الليث والأصح أنه ليس بهذا المكان وهذا ما بالجهة الشرقية من تربه الشيخ مسلم وأما الجهة الغربية الملاصقة لتربة الشيخ مسلم فبها حوش الزعفرانى وبهذا الحوش قبر السيد الشريف المعروف بالخطيب شرف الدين أبى العباس أحمد بن جعفر بن حيدرة بن إسماعيل بن حمزة بن على بن عمر بن يحيى بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن على الأصغر بن على زين العابدين ابن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم وهو قبر حجر مكتوب عليه اسمه ووفاته.

وإلى جانبه ابنته السيدة فاطمة وبالتربة أيضا قبر الشيخ الإمام العالم الفقيه أبى عبد الله محمد المعروف بالزعفرانى وإلى جانبه السيدة فاطمة ابنة الشيخ عبد الله الزعفرانى وكانت وفاة الشيخ محمد الزعفرانى سنة ست وخمسين وستمائة ووفاة فاطمة سنة خمس وتسعين وستمائة.

وفى الحوش جماعة من أصحاب الشيخ فخر الدين المعروف بالموصلى من أصحاب الفخر الفارسى وبالحومة جماعة من أصحاب الفخر الفارسى.

ثم تمشى خطوات يسيرة إلى قبر يونس بن عبد الأعلى الصدفى المقدم ذكره.

ثم تمشى وأنت مستقبل القبلة إلى مسجد الأمن تجد من الجهة البحرية

٢٣٧

حوشا لطيفا وعنده لوح رخام مكتوب عليه بالقلم الكوفى هذا قبر يوسف ابن محمد بن حسان ووفاته قديمة وهذا المسجد مبارك معروف بإجابة الدعاء وهو مسجد تحته مسجد ثم تمشى مستقبل القبلة تجد حوشا بين الأحواش به قبر عليه أربع قطع حجر مكتوب عليه الشيخ المعروف بابن وجيه المحدث توفى فى المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة.

ثم تمشى أيا مستقبل القبلة تجد قبرا دائرا فى علو الأرض يقال إنه قبر أبى القاسم المريقى المعروف بصاحب الركوة. وإلى جانبه من جهة الشرق حوش به جماعة من أولاد الشبلى كان عليهم أعمدة مكتوب فيها أسماؤهم وقد أزيلت ثم أعيدت على حالها.

ذكر الشقة الكبرى

وقد جعلها بعضهم ثلاث شقق (الأولى) من مسجد الأمن إلى تربة عبد المعطى.

(الثانية) وهى الرسطى من تربة المفضل بن فضالة إلى تربة العباس الحرار.

(الثالثة) من تربة الأدفوى إلى مسجد الفتح وجعل القرافة الكبرى شقة واحدة أما الشقة الأولى من الشقة الكبرى فقد ذكرنا منها ما بين مسجد الأمن إلى مقبرة القضاعيين فإنها معدودة من مدافن الوسطى لكن نذكرها الآن لقربها.

فأول ذلك قبر الشيخ الإمام العالم العلامة أبى عبد الله بن سلامة بن جعفر القضاعى قاضى مصر كان أماما عالما زاهدا رحل إلى البلاد فى طلب العلم ووصل فى رحلته إلى القسطنطينية وسمع الحديث بمكة وألف الكتب وكان الفاطميون يعظمونه وكان يبعث أولاده بالليل إلى بيوت الأرامل

٢٣٨

فيطوف عليهم بالصدقة وكان إذا صنع طعاما وأعجبه تصدق به وشهرته تغنى عن الإطناب فى مناقبه.

وكانت وفاته فى سنة أربع وخمسين وأربعمائة.

نبذة عن عبد الله القضاعى صاحب الخطط :

وبالمقبرة أيضا أبو سلامة على بن عبد الله القضاعى صاحب الخطط كان معدودا من علماء المصريين قيل إنه كان يكتب العلم عن المزنى.

وكان يكتب فى اليوم مائة سطر فلا ينام حتى يحفظها ولما أعيا أحمد بن طولون الرؤيا التى رآها أحضر العلماء وقص عليهم الرؤيا فقال رأيت أول الليل رؤيا وآخر الليل رؤيا فأما رؤيا أول الليل فإنى رأيت نورا سطع حتى ملأ حول هذا الجامع وهو مظلم ورأيت آخر الليل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له أين أموت وأين أدفن فأشار بيده هكذا وأشار بأصابعه الخمسة فأول كل واحد من الحاضرين ما عنده فقال أحمد بن طولون ما بقى أحد من العلماء قالوا رجل من قضاعة فى مسجد من مساجدهم بمصر ، فقال على به فجاءوا إليه فوجدوه شيخا كبيرا فأخبروه بالرؤيا وبما قال كل إنسان.

فقال عندى تأويل هذا. قالوا وما عندك منه قال عندى فى ذلك أن جميع ما حول هذا الجامع يخرب حتى لا يبقى سواه قال له أحمد بن طولون فما دليل ذلك ، قال قوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فكل ما علاه النور يصير كالجبل دكا وأما إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال لك : هذه خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض

٢٣٩

تموت إن الله عليم خبير فأعجب أحمد بن طولون ذلك وأمر له بمائة دينار فأبى وقال فقر وغنى لا يجتمعان وهو جد جماعة من القضاعيين بمصر قال سلامة القضاعى قلت لأبى أوصنى قال عليك بحسن الخلق والحفظ وأتيت يوما إليه محلوق الرأس فغضب وقال ما هذه المثلة فقلت له أمثلة هذه؟ قال نعم ، قال عمر بن عبد العزيز إياكم والمثلة فى الصورة فقيل وما المثلة؟ قال حاق الرأس واللحية.

وكانت وفاته سنة تسع وتسعين وثلثمائة وله من الأولاد أبو محمد سلامة بن على القضاعى صاحب علم ورياسة بمصر.

ومن عقبه بالتربة أيضا الإمام العالم القاضى أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى قاضى مصر له مصنفات كثيرة فى العلم والحديث والتفسير ، فمن مصنفاته كتاب الفاحم فى تفسير القرآن العظيم عشرين مجلدا وكتاب الشهاب فى المواعظ والأمثال وكتاب منثور الحكم من كتاب على كرم الله تعالى وجهه وكتاب الإعداد وكتاب أنباء الأنبياء وتاريخ الخلفاء وكتاب المعجم فى أسماء أشياخه ووصل فى رحلته إلى الحجاز والشام والقسطنطينية عفا الله تعالى عنه.

وبها أيضا قبر زوجته وإنما سموا بالقضاعيين قبيلتهم وهم بنو قضاعة وإلى جانب تربتهم التربة المطلة على الخندق بها شهاب الدين عبد الله بن عبد الوهاب بن محمود العمرى نسبة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله تبارك وتعالى عنه توفى سنة تسع وعشرين وستمائة.

وكانت له دعوة مجابة وبها قبر الفقيه العالم ابن عبد السلام المالكى عليه

٢٤٠