تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

بنت عبد الرحمن بن عوف الزهرى قال بعضهم إن هذا الخط كله يعرف ببنى زهرة.

ثم تمشى فى الطريق تجد قبرا دائرا قيل إنه قبر البالسى.

وبالحومة المذكورة تربة بها قبر رجل يعرف بابن الحمراء حضر مجلس شهاب الدين بن القرشى يوم ميعاده فلما سمع الذكر والوعظ استمع ومات ثم تستقبل الفبلة وأنت فى الطريق المسلوك تجد على يمينك قبور فقهاء بنى زهرة وقبور جماعة يقال لهم الجيزيون وقيل إن هنا قبر السيد الشريف المعروف بالنحوى والد أسعد النحوى النسابة وله كتب عديدة منها كتاب الرد على الرفض والمكر فيمن يكنى بأبى بكر وكتاب مزارات الأشراف وكتب فى علم النسب قال رشيد الدين العطار ما رأيت أبين من تصانيفه وله ذرية بمصر مات بعد الستمائة وفى طبقته السيد الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسين.

ثم تمشى خطوات يسيرة تجد قبر على بن محمود الحافظ وهو حوض من حجر عليه مجدول كدان مكتوب فيه اسمه ووفاته.

والمشهد اللطيف الذى مع حائط مشهد أم كلثوم به السيد الشريف أبو الحسن على المنتجب.

وبالتربة المذكورة جماعة من بنى المنتجب (وتحت) حائطها القبلى قبر الشيخ مجد الدين العسقلانى خادم المشاهد.

وإلى جانبه من القبلة قبر أبى العباس أحمد (١) محمد بن عبد الله

__________________

(١) هو السيد أحمد بن الامام محمد النفس الزكية وهذا النسب صحيح الا أننا نستبعد دخول السيد هنا فى مصر لعدم ذكره فى مصادر النسب.

٢٠١

ابن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه وقال بعض الزوار إنه أخو الشريف سعد الله الذى مشهده بالقاهرة ويحتمل أن يكون من أقاربه.

ثم تأنى إلى قبر القاضى قيس بن أبى العاص السهمى وهو أول من ولى القضاء على مصر فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وكان الأمير على مصر عمرو بن العاص ولما توفى قيس بن أبى العاص السهمى المذكور كتب عمرو بن العاص يخبر أمير المؤمنين بوفاته ويستشيره فيمن يوليه القضاء فكتب إليه أن ول كعب بن يسار فلما حضر كتاب أمير المؤمنين أرسل عمرو بن العاص إلى كعب يخبره فقال والله لا يكون ذلك لقد كنت حكما فى الجاهلية فلا أكون حكما فى الإسلام فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال عمر بن الخطاب صدق والله كعب فاستلخف عثمان بن قيس وقبراهما بالمشاهد معروفان.

مشهد الشريف هاشم بن الحسين :

(ذكر المشهد المعروف بالسيد الشريف هاشم بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن على بن محمد بن على بن اسماعيل بن الأعرج بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم المعروف فى طبقات الأشراف بالهاشمى) وهو امام جليل القدر وسيرته تغني عن الإطناب فى مناقبه وفى التربة المذكورة قبر ولده محمد الهاشمى وبحرى هذه التربة مشهد

__________________

ويقال أنه أخو الشريف سعد الله وهو قول ضعيف لأن الشريف سعد الله المذكور حسينى لا حسنى من ذرية الحسن الأفطس ابن على زين العابدين.

٢٠٢

السيدة زينب ابنة السيد هاشم المقدم ذكره فى الزقاق الضيق وقبرها معروف ونسبها مكتوب عليه وتاريخ وفاتها سنة خمس وأربعمائة.

وإلى جانب قبرها جماعة من ذرية أبى بكر رضى الله تعالى عنه (ويجاور قبرها) تربة لطيفة بها قبر عليه عمود رخام مكتوب فيه هذا قبر أبى الحسن على بن أبى بكر بن هانىء الخزرجى وتاريخ وفاته.

ومقابل السيدة زينب الهاشمية تربة بها قبر الشيخ موسى المقرىء بقبة الامام الشافعى.

وعلى الباب قبر السيد الشريف أبى عبد الله محمد (١) بن على بن عبد الله ابن محمد بن يحيى بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم وله ذرية عند باب السيد على الآتى ذكره (وأما مشهد السيد الشريف أحمد بن محمد بن عبد الله ابن الحسن السبط بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم فإنه خلف مشهد السيد هاشم المذكور.

ثم تمشى مستقبل القبلة قاصدا مشهد السيد على تجد قبر رجل من أولاد إسماعيل بن جعفر الصادق ذكره القرشى فى طبقات الأشراف.

قبر السيد على بن عبد الله ومناقبه :

ثم تأتى إلى قبر السيد على بن عبد الله بن القاسم الطيب بن محمد بن جعفر الصادق وهو من أهل الصلاح والدين ومشهده جليل القدر أمر ببنائه الظافر

__________________

(١) السيد محمد الادريسى دخل القاهرة وافدا على العزيز بالله الفاطمى فى صحبة الحسن كنون وجمع من الأدارسة فبالغ العزيز فى اكرامهم وأمرهم بالعودة الى بلادهم.

٢٠٣

الفاطمى وكان يحمل إليه شيئا كثيرا من النذور وكان الفاطميون يأتون هذه المشاهد ويتصدقون عندها بالأموال الجزيلة ويجعلون عليها الستور قيل وفاته كانت فى سنة خمس وعشرين وثلثمائة وهو الذى شفع لعفان بن سليمان عند سلطان مصر حين أراد أن يأخذ ماله وسبب ذلك أن عفان المذكور كان يتصدق فى المواسم والأعياد بالأموال الكثيرة فبلغ ذلك تكين سلطان مصر فأرسل خلفه وطلب منه مالا فحضر إليه السيد على المذكور وقال مالك ولرجل جعل ماله وقفا لله تعالى فكف عنه فبلغ ذلك عفان المذكور فبعث إليه مائة دينار فى الليل فردها إليه وقال للذى جاء إليه بالمبلغ قل له إن الله تعالى يقول من يشفع شفاعة حسنة يكن له نسيب منها فكيف أبيع نصيبى بمائه دينار؟ قال ابن الأنبارى ثلاثة استحضرهم تكين فى يوم واحد بنان الحمال وأبو الحسن بن الصائغ وعلى بن عبد الله بن القاسم.

فأما بنان الحمال فإنه ألقاه إلى السبع فلم يضره وأما ابن الصائغ فإنه خرج من مصر.

وأما على بن عبد الله بن القاسم فإنه نظر إليه نظرة فحم لوقته.

وكان لعبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق المذكور عقب بمصر يقال لهم بنو الطيارة انقرضوا أجمعين (قال الأسعد بن النسابة) إن كل من ادعى نسبا إلى هؤلاء فقد كذب ، وهذا المشهد معروف قبل مشهد هاشم بحرى الحسن والمحسن.

ذكر الأشراف حول المشهد :

حوله مشهد به قبر السيدة زينب بنت محمد بن على عبد الله بن محمد ابن يحيى بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن

٢٠٤

على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم وعلى باب التربة قبر مبني مع جدار الحائط هو قبر السيد الشريف حيدرة ، ومقابل هذه تربة بها جماعة من الاشراف يعرفون باولاد ابن زيد البار.

وبالحومة قبر السيدة أم القاسم بنت عبد الله بن على بن القاسم الحسنية (ومن هذه الطبقة) السيدة الطاهرة مريم ابنة عبد الله بن على بن عبد الله الحسنية.

قال فى المزارات هو القبر الرخام الذى برأس مشهد إسماعيل.

مشهد اسماعيل :

قال ابن الزيات فى الكواكب السيارة مشهد إسماعيل لم يعرف بين المشاهد ولم يذكر هذا أحد من علماء التاريخ ولم يكن بالمشاهد مشهد عند بابه مشهد امرأة شريفة إلا هذا المشهد ثم قال والقبر المشار إليه هو قبر الست شريفة من ذرية إدريس الأكبر بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم.

وإلى جانبها تربة السيد الشريف إبراهيم بن محمد من ذرية أبى المخلع كان أماما فى علم اللغة والتربة معروفة بين المشهدين وبها أيضا قبر السيد الشريف أبى العباس المخلع وفى طبقة هؤلاء السيد الشريف الزاهد العابد المحدث والد الشريف عز الدين نقيب الأشراف كان معتكفا فى بيته حتى مات قيل وهذا لم يعرف له قبر بالمشاهد.

وإلى جانب مشهد السيد على المقدم ذكره مقبرة القرشيين بها عمود على طريق السالك مكتوب عليه هذا قبر الفقيه الإمام المحدث بهاء الدين

٢٠٥

أبى عبد الله محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن القرشى كان رحمه الله تعالى مدرسا بالناصرية وكانت وفاته فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وهذا المشهد معروف بإجابة الدعاء.

مشهد السيدة آمنة ومناقب والدها ومناقبها :

ذكر المشهد المعروف بالسيدة آمنة ابنة موسى الكاظم بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم.

ذكرها الأسعد بن النسابة وغيره وذكر من مناقب والدها موسى الكاظم أن أبا سفيان قال حججت سنة من السنين فلما أتيت الكثيب الأحمر رأيت رجلا يأخذ الرمل ويجعله فى إناء ويصب عليه الماء ويشرب فقلت له اسقني فسقانى فوجدته سويقا وسكرا فسألت عنه فقيل لى إنه موسى الكاظم.

وأما مناقب السيدة آمنة فكثيرة منها ما حكى خادمها أنه كان يسمع عندها قراءة القرآن بالليل وقيل أن رجلا جاء إلى الخادم بعشرين رطلا من زبت وعاهد الخادم أن يوقد ذلك فى ليلة واحدة فصبه الخادم فى القناديل وأشعل القناديل فلم يوقد منه شىء فتعجب الخادم من ذلك فرآها فى المنام وهى تقول يا فقيه رد عليه زيته فإنا لا نقبل إلا الطيب وسله من أين اكتسبه فلما أصبح جاء إلى صاحب الزيت فقال له خذ زيتك قال ولم؟ قال إنه لم يوقد منه شىء ، ورأيت السيدة فى المنام وقالت إنا لا نقبل إلا الطيب قال له صدقت السيدة إنى رجل مكاس فتاوله ومضى.

٢٠٦

ذكر ما حوله من الصالحين : قال بعض مشايخ الزوار وعند باب هذه التربة قبر الرجل الصالح المعروف بالقماح وكان من أهل الخير والصلاح والدين معدودا من طبقة أرباب الأسباب وهو القبر المقابل لباب المشهد تحت جدار الحائط.

وعند باب هذا المشهد من الجهة الغربية حوش لطيف به قبران من الدفن القديم يقال إنهما مسعر وست الناس من موالى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه.

وبالقرب من مشهد السيدة آمنة على جانب الطريق قبر السيدة زينب الكلثمية يعنى من ذرية القاسم بن محمد وذريته يعرفون بالكلثميين ويعرفون أيضا بالطيارة.

وبالحومة قبر الفقيه الإمام العالم عبد الله بن وقيع قال بعض مشايخ الزوار إنه القبر الكبير المعروف بالمشاهد الملاصق لمشهد السيدة آمنة ، وكان عليه قبة وهو الآن كوم تراب ملاصق لقبة المشهد.

وقبره معروف بإجابة الدعاء.

وهناك قبة ليس لها سقف بها قبر يعرف بمصرفة قاضى الصحابة ولعل هذا لا صحة له فإنه لم يعرف فى القضاة من اسمه مصرفة (ويحتمل) أن يكون رجلا من الصالحين اسمه مصرفة ، وحول هذا المشهد جماعة من الأشراف ولم يكن من اسمه آمنة سوى هذه.

وذكر بعض المشايخ آمنة بنت عبد الله بن الحسن بن عبد الله من أولاد القاسم القرشى والذى يظهر أنها فى حوش طباطبا.

٢٠٧

وقال بعضهم إنها بالمشاهد وليس بواضح ثم تمشى خطوات يسيرة مشرقا إلى مشهد الحسن والمحسن.

وقال بعض مشايخ الزوار إنهما ابنا القاسم الطيب بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه وهو مشهد جليل القدر معروف بإجابة الدعاء.

ثم تخرج من هذا المشهد وتمشى مستقبل القبلة تجد على يمينك مشهدا لطيفا به قبر مبنى على هيئة مسطبة هو قبر السيد الشريف أبى عبد الله محمد ابن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم.

مشهد السيدة أسماء ابنة عبد العزيز بن مروان :

ثم تأتى إلى مشهد السيدة أسماء ابنة عبد العزيز بن مروان المعروفة بصاحبة المصحف بالجامع العتيق.

وقال بعضهم إن اسمها هند وليس بواضح والقول الأول أظهر.

وكانت وفاتها سنة ستين ومائة وكان أهل مصر إذا نزل بهم أمر فتحوا مصحفها بالنهار وكان فى مكانه مصحف عثمان بن عفان لما بعث بالمصاحف فى الأمصار.

وذكر الكندى خبرها فى كتاب الأمراء عند ذكر عبد العزيز بن مروان (قيل) إن المكان الذى ولد فيه عمر بن عبد العزيز بمصر عند قيسارية ابن مرة (ومن نساء التابعين) فى طبقتها رقية بنت عقبة بن نافع المستجاب الدعا عند قبرها (وقبرها) مما يلى المصلى إلى جانب سكينة بنت زين العابدين

٢٠٨

ابن الحسين بن على بن أبى طالب (وسيأتى) الكلام على بيان قبرها عند ذكر شقتها.

وفى طبقتها أم يزيد بن حبيبة وسيأتى ذكرها فى مقبرة بنى يزيد (ومقبرة) بنى يزيد فى البقعة الكبرى خلف مسجد الفتح وفى طبقتها أم عبد الله القرشية توفيت فى سنة ست وعشرين ومائة وقبرها لا يعرف الآن وفى طبقتها أم ربيعة بنت شرحبيل بن حسنة قديمة الوفاة بمصر ولم يعرف لها قبر.

ثم إلى جانب المشهد المقدم ذكره تربة قديمة بها قبر الشيخ أبى الخير سلامة بن إسماعيل بن جماعة المقدسى الشافعى المعروف بالضرير كان فقيها عالما محدثا ، وله مصنفات فى الفقه وسمع أكثر الحديث.

وروى عن عبد العزيز بن محمد النصيبينى الأنصارى وروى عن أبى الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسى وجماعة من الثقات وروى عنه جماعة من الثقات وروى عنه جماعة من المحدثين وهو معدود فى طبقات القراء والمحدثين والفقهاء (وبالتربة) جماعة من المقادسة.

ومقابلها تربة متسعة بها قبر السيد الشريف أبى الحسن أخى السيد الشريف طباطبا وبها قبر السيد الشريف إبراهيم الجو وبها جماعة طباطبيون.

ويلاصقها من الجهة القبلية تربة بنى الرضا بها قبر السيد الشريف أمين الدين رضا المصلى (وبها) قبر نفيسة بنت أمين الدين المصلى ولهم تربة برباط أم العادل المجاور لمشهد السيدة نفيسة وقد تقدم الكلام عليهم (ثم تخرج)

٢٠٩

من التربة مستقبل القبلة تجد على يمينك حوشا به جماعة من الاشراف (ثم) تأتى إلى الدرب المستجد المحيط بمشهد السيد يحيى الشبيه فعند باب هذا الدرب حوش لطيف ملاصق للحوض به جماعة من الأشراف وقيل به الشريف التاجورى والصحيح أن الشريف التاجورى والرضى الخشاب بشقة أبى الربيع بالقرب من ابى محمد المقترح كان إماما وهو فى طبقة عبد القوى التاجورى (وقبلى) المذكور جماعة من الأنصار من ذرية أسامة وكانت وفاة التاجورى (وقبلى) المذكور جماعة من الأنصار من ذرية أسامة وكانت وفاة التاجورى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة (ثم تمشى مغربا خطوات يسيرة تجد قبرين متلاصقين يعرفان بالطراز الغاسل والذهب الغاسل ، ولم يعلم هما شريفان أم لا (وقبلى ذلك) حوش به الفقهاء المعروفون ببنى كامل.

ذكر مشهد يحيى بن القاسم وشبهه

برسول الله عليه الصلاة والسلام

هو يحيى بن القاسم الطيب بن محمد المأمون بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم قيل كان شبيها برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له خاثم بين كتفيه كخاتم النبوة وكان الناس إذا شاهدوه عند دخوله الحمام أكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابن طولون أقدمه من الحجاز ولما سمع أهل مصر بقدومه خرجوا إلى ظاهر مصر يتلقونه وكان يوم قدومه يوما مشهودا.

وبالمشهد المذكور قبر عبد الله بن القاسم الطيب وقبره فى وسط القبة

٢١٠

وعند وسطه لوح رخام فيه نسبه وكانت وفاته يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلون من شهر رمضان سنة إحدى وستين ومائتين وكان تلو أخيه فى العبادة والخير والعفة والصلاح وهم بيت عظيم معروفون بإجابة الدعاء.

وبالتربة أيضا قبر السيدة أم الذرية زوجة القاسم الطيب وهى تحت القبة إلى جانب قبر ولدها كانت من الزاهدات العابدات وهى مذكورة فى طبقات الإشراف.

وبالتربة أيضا قبر السيد يحيى بن الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب وهو أخو السيدة الطاهرة نفيسة قال القرشى وليس بمصر من أخوتها سواه ولا عقب له ، وهذا المشهد معروف بإجابة الدعاء.

ولما يخرج الزائر من عند قبر السيد يحيى يجد حوشا على اليسار مقابل الصهريج به جماعة من الاشراف وقيل إن به البنات الابكار وغيرهن (وعند حائط) الدرب القبلى قبر ابن خلكان وهو غير صاحب التاريخ.

ثم تخرج من الدرب تجد على اليسار حوشا به جعفر الجمال من ولد موسى الكاظم بن جعفر الصادق.

واختلف فى قبر الشريف جعفر المذكور فقال بعضهم إنه مع القاسم ومنهم من قال إنه بهذا الحوش قيل إنه حج ثمانين حجة وكان له جمال كثيرة تكرى وتحمل إلى الحجاز وكان نقيب مكة وجعفر الجمال هو شيخ الميمون (وفى قبره) طائفة من ولده وولد ولده والكل يزارون ويقصدون ، وعلى قبره مشاهد وآثار على باب هذا الحوش قبر علو مسطبة هو قبر الشيخ

٢١١

عمر بن الزريعة أحد مشايخ الزيارة فى الليل والنهار وصلاحيته وخيريته معروفة وشهرته تغنى عن الأطناب فى مناقبه.

ذكر المشهد المعروف بالقاسم :

هو السيد الشريف الامام العالم القاسم الطيب بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم.

قال ابن النحوى كان القاسم هذا من أحفظ الناس لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كتب عنه أربعمائة مخرجة قيل إن أولاده يعرفون بالكلثميين وبالطيارة تال أبو عمر رأيت القاسم بمكة يدعو الله تعالى وقد اقشعر جسده فقلت له ما هذا يا ابن بنت رسول الله؟ فقال لأنى أستحى أن أدعوه بلسان ما أديت به حق شكره ومناقبه كثيرة وهذا نهاية الشقة الثانية

الشقة الثالثة :

(وأما الشقة الثالثة) فابتداؤها من مشهد السيدة كلثم وانتهاؤها حوش الشيخ مسلم.

ذكر مشهد السيدة كلثم (١) :

ابنة القاسم الطيب بن محمد المأمون بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم ومشهدها معروف بإجابة الدعاء وقيل إنها تزوجت وجات بأولاد وانقرضت ذريتها وهم معها فى قبرها وقيل لم يكن بالمشهد غيرها وشهرتها تغنى عن ذكر

__________________

(١) وهو يعرف بالسيدة أم كلثوم والصحيح ما ذكر هنا لأن السيدة أم كلثوم بنت محمد بن جعفر الصادق مدفونة بالمشهد الآخر المعروف بالسيدة العيناء وكلاهما بالقرافة بطريق الامام الليث بن سعد.

٢١٢

مناقبها (وبجوار هذا المشهد) مشهد (١) السيد الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب وقيل إنه من ولد إبراهيم الغمر وقيل إن إبراهيم الغمر لم يمت بمصر.

وبالتربة المذكورة جماعة من الأشراف ومقابل مشهد السيدة كلثم بالطريق المسلوكة على خادم المشهد.

ثم تتقدم من المشهد المذكور إلى قبر الشيخ محمد الشرائحى أحد مشايخ الزيارة تلميذ الشيخ عمر بن الزريعة متأخر الوفاة وإلى جانبه الأشراف أولاد ابن جميل وعند بابه حوش به الشريف شكر والشريف مطر وجماعة أشراف.

ثم تمشى مقبلا تجد حوض حجر بمجدول كدان قد خفيت الكتابة التى عليه هو قبر أمين الدين الضرير الحنفى (ومقابله) تربة جماعة عساقلة (وبالحومة) حوش متسع وبه جماعة أشراف عباسيون به شريف ابن عين الغزال.

وظهر بمشهد السيدة كلثم قبر حجر عليه عمود رخام مكتوب عليه الشريف حجر المعترف بذنبه له حكايات معروفة.

وإلى جانبه من الجهة القبلية تربة ببابين على جانب الخندق بها قبر السيد الشريف محمد بن محمد بن أبى القاسم بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن الفضل بن العباس العباسى الهاشمى توفى سنة خمس وتسعين وستمائة.

__________________

(١) ابراهيم الغمر قبض عليه أبو جعفر المنصور مع أخيه وتوفى فى حبسه سنة ١٤٥ هجرية وقبره يزار بالكوفة.

٢١٣

وبالتربة جماعة من أقاربه كلهم أشراف وبالتربة جماعة من العباسيين منهم محمد بن إسماعيل العباسى المحدث توفى سنة أربع وستين وأربعمائة وهو معدود من المحدثين.

ثم تخرج من التربة تجد حوشا به عمود مكتوب عليه هذا قبر السيد الشريف فتح الدين حسن بن تاج الدين على بن أبى عبد الله محمد بن على ابن تاج الملك أبى الحسن على بن هبة الله بن الحسن بن محمد بن على بن محمد ابن عمر بن حسن بن على الأصغر بن على زين العابدين بن الإمام الحسين ابن على بن أبى طالب.

توفى سنة خمس وتسعين وستمائة وبالتربة جماعة أشراف وعند باب التربة المذكورة قبر الشيخ على صيدح.

توفى سنة أربع وأربعين وسبعمائة.

وبالحومة جماعة أشراف لا تعرف أسماؤهم بالحومة تبر السيدة زينب بنت المهذب وهو قبر حوض حجر بالقرب من صيدح هكذا أخبر الشيخ محمد الطيار.

ثم تمشى مستقبل القبلة تجد مع الحائط قبر الشيخ حسام بن على المعروف بالقطاع عليه مجدول مكتوب عليه اسمه ووفاته وهو على هيئة المسطبة مبنى فى جدار الحائط.

خادم الآثار النبوية :

وإلى جانبه تربة بها جماعة من الاشراف وهى على جانب الخندق ثم تأخذ مغربا إلى حوش الفاسى خادم الآثار النبوية به عمود مكتوب عليه تاج الدين البلينائى خادم الآثار النبوية.

٢١٤

توفى سابع شعبان سنة ثلاث وستمائة وعلى باب التربة قبر الشيخ الصالح سليمان الحجاجى.

وإلى جانب التربة من الجهة الشرقية قبر القاضى كمال الدين الحاكم بمدينة قوص توفى فى شهر صفر سنة أربع وخمسين وستمائة كذا مكتوب على عمودة ومن بركته أن العمود سرق ثم جىء به إلى مكانه. (ثم) تمشى منحرفا تجد فى الطريق المسلوك قبرا مبنيا على هيئة المسطبة يقال إنه المعروف بنفسه ويقال إنه من الدرعية ويقال إنه لا يعرف.

وإلى جانبه مع الحائط قبر الشيخ عثمان المراوحى وهو حجر ثم تمشى إلى تربة ابن سناء الملك بها جماعة من أولاده ومقابل هذه التربة توربة بها قبر الشيخ فخر الدين بن زرزور الفارسى ثم تمشى فى الطريق المسلوك تجد تربة القاضى أفضل الدين الخوبخى.

مشهد عامر الكندى :

وإلى جانبه جماعة من ذريته ثم تأتى إلى مشهد عامر بن مطيع الكندى كان خراج مصر فى زمن مسلمة بن مخلد الأنصارى يحمل إليه ، وكانت له صدقة يتصدق بها طول العام من بستان له.

قال بعض المؤرخين كان لعامر بن مطيع بستان عظيم الشأن فغار ماء بئره فخرج يوما إليه فوجد الأشجار قد أشرفت على الموت وهى مصفرة فتأسف حزنا على ما فاته من أجرها ثم بسط يده ودعا ونام وإذا قائل يقول لا تسق جنتك بعد اليوم فنحن نسقيها فوجد الأشجار مخضرة وقد أينعت الثمار منها وكانت إذا عطشت الأشجار يأتيها المطر فتروى منه بإذن الله سبحانه

٢١٥

وتعالى ، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة وهو من التابعين وفى طبقته يزيد ابن حبيب وفى طبقته بن أبى عشاقة كان أعيان المصريين روى عن عقبة ابن عامر الجهني.

وبظاهر المشهد قبر عليه رخامة بخط كوفى داخل حوش لطيف بباب صغير قيل هو قبر الفقيه ابن سماك بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن كان من أكابر العلماء.

وفى ظهر هذه التربة قبر مع الحائط على جانب الطريق المسلوك معروف عند مشايخ الزيارة بواعظ المقبرة ومقابل هذه التربة تربة لطيفة بها قبر الرئيس يوسف بن جناح والرئيس حسن بن جناح وهم جماعة معروفون بالرؤساء المجاهدين ثم تمشى فى الطريق المسلوك وأنت مستقبل القبلة تجد قبرا مبنيا بالطوب الآجر وعليه محراب قيل هو الشيخ أبو الحسن المعروف بتعبير الرؤيا.

مشهد الليث بن سعد فقيه مصر ونبذة عنه :

ثم إلى مشهد الليث بن سعد بن عبد الرحمن فقيه مصر وعالمها أثنى عليه الإمام مالك بن أنس قال يونس بن عبد الأعلى كان يدخل لليث فى كل سنة مائة ألف دينار ما وجبت عليها زكاة قط وقال محمد بن عبد الحكم أيضا كان يدخل لليث فى كل سنة أكثر من ثمانين ألف دينار وما جبت عليها زكاة قط ، لأن الحول كان لا ينقضى عنه حتى ينفقها ويتصدق بها وكانت له قرية بمصر يقال لها «الفرما» مهما حمل إليه من خراجها يجعله صرارا ويجلس على باب داره ويعطى لمن مر به من المحتاجين من ذلك صرة صرة

٢١٦

حتى لا يدع إلا اليسير من ذلك وحمل من مصر إلى بغداد لأجل إفتاء الرشيد فى زوجته زبيدة وأمر له بخمسة آلاف دينار فردها عليه وقال له ادفعها لمن هو أحوج منى إليها.

قال يحيى بن بكير كانوا يزدحمون على باب الليث بن سعد وهو يتصدق عليهم حتى لا يبقى أحد منهم من غير شىء وتصدق وأنا معه على سبعين بيتا من الأرامل ثم انصرف فبعث غلاما له بدرهم فاشترى به خبزا وزيتا ثم جئت إلى بابه فرأيت عنده أربعين من الأضياف فاخرج إليهم اللحم والحلوى فلما أصبح قلت لغلامه بالله عليك لمن الخبز والزيت؟ قال لسيدى فتعجبت من ذلك كونه يطعم أضيافه اللحم والحلوى ويأكل هو الخبز والزيت!!!

وحكى من مناقبه أن رجلا من أهل مصر صودر فى أيام الليث بن سعد ونودى على داره فبلغت إربعمائة درهم فاشتراها الإمام فبعث يونس بن عبد الأعلى الصدفى يأخذ المفاتيح فوجد فى الدار أيتاما وعائلة ، فقالوا بالله عليك اتركنا إلى الليل حتى ننظر خربة نذهب إليها فتركهم وجاء إلى الليث بن سعد وأخبره بالفصة فبكى وقال له عد إليهم وقل لهم الدار لكم ولكم ما يقوم بكم فى كل يوم.

وقال الحسن بن سعد خرجنا مع الليث بن سعد إلى الاسكندرية ومعه ثلاث سفن ، سفينة فيها مطبخه وسفينة فيها عياله وسفينة فيها هو وأصحابه فقلنا له يا سيدى نسمع منك أحاديث ما هى فى كتبك قال لو كان كل ما فى صدرى موضوعا فى كتبى ما وسعته هذه السفينة.

٢١٧

وروى الفتح بن محمود عن أبيه أنه قال بنى الإمام الليث داره فهدمها ابن رفاعة عنادا له فى الليل ثم بناها ثانيا فهدمها أيضا فلما كان الليلة الثالثة أتاه آت فى منامه وقال اسمع يا أبا الحارث. «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض» فلما أصبح فاذا ابن رفاعة قد لحقه الفالج ومات بعد ذلك.

وقال محمد بن وهب سمعت الإمام الليث يقول إنى لأعرف رجلا يقول لم يأت الله بمحرم قط ، قال فعلمنا أنه يعنى نفسه بذلك : لأن هذا لا يعلم من أحد وقال أيضا جالست الليث وشاهدت جنازته مع أبى فما رأيت جنازة أعظم منها ولا أكثر خلقا منها ورأيت الناس كلهم عليهم الحزن ويعزون بعضهم بعضا فقلت لأبى كل من هؤلاء الناس صاحب الجنازة؟ قال لا يا بنى ولكن كان عالما كريما حسن العقل كثير لأفضال لا يرى مثله أبدا ولما قدم الشافعى مصر أتى قبر الليث وزاره وقال ما فاتنى شىء أشد على من ابن أبى ذئب والليث بن سعد ، ويروى عن الشافعى رحمه الله تعالى أنه وقف على قبر الإمام الليث بن سعد وقال لله درك يا إمام لقد حزت أربع خصال لم يكملهن عالم ، العلم والعمل والزهد والكرم ، وهو أحد مشايخ البخارى ومسلم ومناقبه أكثر من أن تحصى ولو استوعبنا ذلك لضاق عن هذا المختصر ومولده فى سنة أربع وتسعين ومات سنة خمس وتسعين ومائة ودفن فى مقابر الصدف وكان قبره مسطبة ثم بنى عليه هذا المسجد بعد سنى الأربعين والستمائة وقيل إن الذى بناه ابن التاجر وهو مكان مبارك معروف باجابة الدعاء وزاره جماعة من العلماء رضى الله تعالى عنهم أجمعين.

٢١٨

الفقيه شعيب بن الليث :

وبالمشهد أيضا قبر الفقيه المحدث شعيب بن الليث ابن سعد كان من أجلاء العلماء المعدودين من المحدثين قال ابن أبى الدنيا حج شعيب بن الليث سنة من السنين فتصدق بمال عظيم فمر عليه رجل من العلماء فسأل عنه فقيل له هذا العالم الكريم ابن الكريم. ولما دخل إلى دمشق جاءه رجل وقال له أنا عبد أبيك معى لأبيك تجارة ألف دينار وأنا الآن فى الرق فخذ مال أبيك وأعتقنى أن شئت وألا فبعنى فأعتقه وأعطاه المال ، قال الخطابى فلا أدرى أيهما أحسن ، العبد فى إقراره بالمال والرق أم السيد حين أعتقه وأعطاه المال؟

وحكى عنه أنه جاءه إنسان وقال له يا سيدى كان والدك يعطينى فى كل مرة أو فى كل شهر مائة دينار فأعطاه مائة دينار إلا دينارا فقال له يا سيدى أعجزت عن الدينار فقال لا ولكن فعلت ذلك تأدبا مع والدى.

ومات رحمه الله تعالى بعد أبيه وقبره بالمشهد وعليه باب يغلق وليس بالمكان قبر سواه.

بعض قبور الصالحين بالمشهد :

ومعه فى القبر أخوه لأمه محمد بن هارون الصدفى.

وبالمشهد أيضا قبر الشيخ جمال الدين وهو القبر الخشب الذى على باب المشهد كان مشهورا بالصلاح وكان الناس يتبركون به ويرون منه أحولا شتى وكان الغالب منه الجذب.

٢١٩

وبالتربة أيضا جماعة من القراء والخدام.

وعند خروج الزائر من الباب الشرقى يجد قبر حجر تحت نقب السلم الذى يصعد منه إلى السطح قيل إنه قبر سعد بن عبد الرحمن والد الإمام الليث بن سعد.

عده القرشى فى طبقات التابعين من طبقة بشر بن أبى بكر جد القاضى بكار والأصح أنه لا يعرف له قبر.

وإلى جانب المشهد المذكور من الجهة الشرقية تربة بها قبر الشيخ أبى بكر الهادى وعز الدين البلقاوى.

وإلى جانبهم حوش به قبر الطوسى.

وإلى جانبه قبر الشيخ عز الدين عاقد الأنكحة وهما تحت جدار الحائط دائرين.

وإلى جانبهم تربة الشيخ محمد المصرى المعروف بالحليق (وعنده) جماعة من الصالحين (وعند) شباك مشهد الإمام الليث قبر شبل الدولة العسقلانى هكذا مكتوب على عموده على القبر المذكور وأنه توفى سنة تسع وعشرين وستمائة. وقريبا منه قبر الشيخ على بن عمر المؤذن بمسجد شمس الدين العلائى هكذا مكتوب على العمود الذى على قبره.

وبالحومة أيضا قبر ابن طاب الزمان وهو معروف ـ وبالحومة ـ جماعة من خدام الليث وغيرهم.

مقابر الصدفيين :

فأول مقابرهم فيه أحمد بن يونس بن عبد الأعلى وآخرها مسجد

٢٢٠