تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

هذا الجامع الجهة تغربد أم العزيز ولد المغز الذى جاء من الغرب والذى كان عل بنائه الحسين بن عبد العزيز الفارسى المحتسب وذلك فى شهر رمضان سنة ست وستين وثلثمائة وهو على بناء الجامع الأزهر وقد أطنب السيد الشريف الأسعد بن النحوى فى ذكر الجامع وما كان فيمه من حسن الزخرفة وحسن الدهانات والأبواب والمعازل والبستان الذى إلى جانبه والصهريج المعظم وما كان به من الخدام وأرباب الوظائف وأهل الوعظ والقراء والمجاورين به والواردين عليه حتى شاع ذكره فى الآفاق من الخيرات التى فيه والصدقات والمعروف وما زال هذا الجامع ينام فيه الرؤساء والفقراء والواردون عليه وهو فى زيادة من الخير حتى حسده الشيطان فعمل مكيدة وهو أن الناس نائمون به فى ليلة من الليالى وإذا بشيخ يصيح وامالاه وامالاه فحضر إليه أرباب الوظائف والمؤذنون ومن كان قائما به وقالوا له ما الذى هالك وما أصابك وما الذى كان معك وفقد منك؟ فقال أنا رجل حاوى جئت من طرا ولى أيام فى الجبل دائرا حتى حصلت هذه الأفاعى والآن انفلتت منى الليلة فلما سمعوا منه هذا الكلام هاج الناس وازدحموا على المنبر والعواميد وتعلقوا على التنور الذى فى الجامع من كل جانب فلما أذن المؤذن انفلت الناس من الجامع حتى أرباب الوظائف والمجاورون وآل أمره إلى الخراب والحكم لله تعالى ما شاء يفعل وهذا على سبيل الاختصار

ذكر المساجد وعددها :

فائدة قال القضاعى فى خططه والمقريزى فى كتابه الذى سماه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار عند ذكر المساجد الجامعة : اعلم أن أرض مصر لما فتحت سنة عشرين من الهجرة واختط الصحابة رضى الله تعالى عنهم

١٦١

فسطاط مصر لم يكن بالفسطاط غير مسجد واحد تقام الصلاة فيه يوم الجمعة وهو الجامع الذى يقال له فى مدينة مصر الجامع العتيق ويعرف بجامع عمرو ابن العاص ويقال له أيضا تاج الجوامع وما برح على هذا إلى أن وفد عبد الله ابن على بن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهم من العراق فى طلب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية فى سنة ثلاث وثلاثين ومائة فنزل بعسكره فى شمال الفسطاط فسموا المكان المذكور بالعسكر وبنوا جامعا لأداء الجمعة فيه فصارت الجمعة تقام بجامع عمرو وبجامع العسكر إلى أن بني الأمير أحمد بن طولون جامعة على جبل يشكر فى سنة تسع وخمسين ومائتين وبنى القطائع فصارت الجمعة تقام فى الثلاثة جوامع إلى أن قدم القائد جوهر من بلاد القيروان بالمغرب ومعه عسكر مولاه المعز لدين الله أبى تميم معد وبنى القاهره فبنى الجامع المعروف الآن بالجامع الأزهر فى سنة ستين وثلثمائة وبنى بها جامع الأولياء فصارت الجمعة تقام فى هذه الجوامع ثم تجدد بعد ذلك جامع الحاكم وجامع راشدة وجامع المقس ثم كثرت المساجد إلى مالا نهاية له.

قال القضاعى أنه كان بمصر سنة تسع وثلاثين وخمسمائة من المساجد ستة وثلاثون ألف مسجد وثمانية آلاف شارع مسلوك وألف ومائة وسبعون حماما وغالب هذه المساجد كان بالقرافة الكبرى ومدينة مصر والكيمان والعسكر وأرض القطائع.

ومن جملة مساجد القرافة مسجد مطل على بركة الحبش يعرف بمسجد النارنج ويقال النارنجية وكان بناؤه فى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة وكانت تهرع الناس إليه للتنزه.

١٦٢

وبه قبر الشيخ عبد الكريم خادم آل البيت توفى يوم الثلاثاء ثانى عشر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة وكان متولى عمارة هذا المسجد السيد الشريف أبو طالب موسى بن عبد الله بن هاشم بن أشرف بن مسلم بن محمد اليمانى بن عبد الله بن الكاظم الحسينى الموسوى المعروف بابن أخى الملكين ابن أبى طالب الوراق.

وحول الجامع قبر المرأة الصالحة بريرة بنت ملك السودان (وتربة) كانت بها ألواح رخام تشهد أن بالقبور التى فيها أقارب الخلفاء الفاطميين وقد انتهت هذه الجهة بفضل الله وعونه.

ذكر القرافة الكبرى :

والآن نشرع فى ذكر الجهة الثانية وهى مكملة البقعة الصغرى والقرافة الكبرى فأقول إذا خرج الإنسان من باب القرافة يجد أربع جهات فإذا أخذ الإنسان عن يمينه وجد ساباطا على الطريق الجادة وفى قبلته تربة بها شباك حجر بها قبر مسنم على هيئة الهرم به الفقيه المحدث الفاضل ناصر الدين أبو الفضل محمد بن عمر بن ظافر بن أبى سعد المصرى الحنبلى المعروف بناظر الهرم سمع على أبى الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز فخر أبى المعانى ابن الجبان السعدى صحيح الامام مسلم وحدث به سنة تسع وسبعمائة وروى أيضا عن الفقيه الامام القدوة فى الصلاح بهاء الدين أبى الحسن على بن هبة الله اللخمى الشافعى المعروف بابن الجميزى وغيره كانت وفاته فى ليلة الجمعة سابع صفر سنة إحدى عشرة وسبعمائة ودفن فى القبر المذكور قيل إنه بناه لنفسه على هيئة الهرم وقيل إنه قبر الشيخ ناصر الدين المعروف بصاحب الخانم والهرم والعكاز المؤذن فى مسجده الذى على باب الصاغة وقيل اسمه

١٦٣

ناصر الدين الحنبلى وليس بصحيح فإن قاضى القضاة عز الدين الحنبلى سئل عن ذلك فقال لم أعرف حنبليا اسمه ناصر الدين إلا ناصر الدين الحنبلى الذى مات بعد التسعين والسبعمائة وقبره خارج باب النصر.

وقيل إنه قبر أبى الحسن الصائغ وليس كذلك فإن الصائغ المذكور قبره شرقى تربة القاضى أبى كذاف القمنى.

وبحرى هذه التربة تحت حائط الساباط القبلية قبر به الشيخ جمال الدين عبد الله بن عبد الله الأسود المجذوب المفلوج المعتقد كان يقيم عند رأس حارة بهاء الدين من جهة باب الفتوح وكان يأكل الجين الحالوم كثيرا ويفرح إذا دفع إليه شىء من الفلوس الجدد الكبار وإذا كان منشرحا يقول محمدى محمدى فيحصل للسامع له انبساط وقد كان أقام عند صاحب هذا الساباط قبل موته إلى أن مات فى ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وثمانمائة.

وقبل تربة الحنبلى قبران فى حوش على طريق الجادة بحرى تربة المقر العالى المرحوم السيفى جانبك الظاهرى الدوادار الكبير كان وشاد جدة أحدهما فيه الشيخ خضر بن مرهف التفهنى الأعزب.

وإلى جانبه قبر الشيخ شهاب الدين أبى العباس أحمد بن عبد الله البطائحى الرفاعى(١).

__________________

(١) وهذه التربة بشارع القادرية على يمين السالك منه الى شارع الامام الشافعى وقد تخلفت منها بقية ليست لها أهمية وعليها آثار كتابات اسم جانى بك نائب جدة.

وقد وجدنا ترجمة له للسخاوى وابن اياس وله أثر آخر بمنشية المهرانى بشارع قصر العينى ولم يبق له أثر الآن.

١٦٤

تربة الفاضل أو رباط الأمير جانبك :

ثم تأتى إلى قبلى تربة الأمير جانبك المشار إليه تجد تربة تعرف قديما بتربة الفاضل والآن برباط الأمير جانبك بها قبر الفقيه المحدث مسند الديار المصرية محب الدين أبى الفرج عبد اللطيف بن على بن هبد المنعم بن على بن نصر بن منصور بن هبة الله النميرى الحرانى الحنبلى المعروف بابن الصقلى مولده بحران فى سنة سبع وثمانين وخمسمائة وسمع الكثير من جماعة من الشيوخ وحدث ببغداد ودمشق ومصر والقاهرة وغيرها وبقى حتى تفرد عن كثير من مشايخه وازدحم عليه أصحاب الحديت وتولى مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة وحدث بها مدة إلى حين وفاته وجرى عليه محن شارك فيها الصلحاء والأولياء وكانت وفاته فى مستهل صفر سنة اثنتين وسبيعن وستمائة بقلعة الجبل.

وإلى جانبه قبر أخيه عبد العزيز بن على بن نصر بن منصور بن هبة الله المعروف والده بابن الصقلى أبى العزيز بن محمد بن أبى الحسن الحرانى كان شيخا مسندا سمع ببغداد من أبى محمد بن الأخضر وأبى الفتوح بن كامل الخفاف وأبى على يحيى بن الربيع الواسطى وأبى المعالى أحمد بن يحيى بن الربيع وأبى على محمد بن الخريف وأبى القاسم سعيد بن الخريف وأبى القاسم سعيد بن محمد بن محمد بن عطاف وأبى نصر محمد بن سعد الله بن الدجاجى وجماعة غيرهم ومولده بحران سنة أربع وتسعين وخمسمائة وتوفى يوم الثلاثاء رابع عشر رجب سنة ست وثمانين وستمائة وصلى عليه بجامع عمرو بن العاص من الغد بعد طلوع الشمس وأصل من بنى هذا الرباط وما حول التربة وجدده ازدمر الصالحى ثم لما خرب الرباط وما حول

١٦٥

التربة جدده الأمير جانبك نائب جدة المذكور وزخرفه وبيضه ونزل فيه فقراء وأجرى عليهم خبزا ، وجامكية ثم أنه جدد التربة وتتبع عمارتها وبيضها وجعل فيها حوشا ومقعدا واصطبلا ومطبخا وميضأة وبنى صهريجا وحوضا لسقى البهائم وجعل فوق السبيل كتابا وجدد بئر الساقية التى كانت قديمة بها وجعل بالتربة المذكورة شيخا وخمسين صوفيا ومقرئين يقرؤون فى الخمسة أوقات كل جوقة ثلاثة نفر فى وقت وجعل عليهم كاتب غيبة ومادحا وخدما للشيخ وإماما وفراشا وبوابا ومزملانيا وسواقا ورشاشا وأجرى على الكل الجوامك اللائقة بهم وكذا على الأيتام المنزلين بالكتاب وبالجملة فإن هذه الخطة عمرت بهذه التربة رحمه الله تعالى.

ثم الصاحب قاسم (١) أنشأ بحرى تربة الأمير جانبك مدرسة لطيفة وسبيلا يسقى فيه الماء من غير صهريج وجعل بها مدفنا وجعل بحرى هذه التربة حوضا صغيرا لسقى اليها ثم فإنه كان هناك بثر قديمة وقد جدد جماعة من أهل هذه الخطة تربتهم وأماكنهم وصارت هذه الخطة عامرة بعد أن كانت غامرة.

قال القاضى ابن ميسر فى تاريخه إن البئر الساقية التى جددها الأمير جانبك يجرى منها الماء للمدرسة الصلاحية التى أنشأها الملك الناصر

__________________

(١) هذه التربة الموجودة بشارع القادرية وهى لم تعرف الآن بهذا الاسم الآن والمعروف هناك من الترب تربة أبونا يوسف العدوى.

والسخاوى فاته ذكر بعض المزارات منها ضريح الشيخ محمد شمس الدين بن عبد الرزاق أحد علماء مصر الشافعية.

تم تربة الأمير حسين بك الشماشرجى.

١٦٦

صلاح الدين بن أيوب على ضريح الإمام الخبوشانى بتربة الإمام الشافعى والتربة التى إلى جانب الرباط المذكور بها قبر الشيخ الصالح العارف يوسف ابن عبد الله بن عبد الرحمن الكردى المعروف (بأبونا) كان صالحا خيرا مجتهدا فى خدمة الفقراء والقيام بوظائفهم والمبالغة فى إيصال الراحة إليهم مع كثرة العبادة والتخلى عن الدنيا وكان مقيما بهذه التربة ودفن بها من يومه وقد عاش نيفا وتسعين سنة وهو غلط (وإلى جانبه) قبر الشيخ الصالح العارف أبى الحسن على بن حسن بن عبد الله الفارقى خليفة الشيخ أبونا يوسف العدوى توفى يوم الجمعة سلخ رجب سنة ست وتسعين وستمائة.

وهناك قبر الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الشرابى الصوفى له كلام على طريقة القوم.

نبذة عن شيخ مشايخ الاسلام زين الدين أبى المحاسن :

وفى قبلى هذه التربة والرباط تربة (١) الشيخ الصالح العارف المحقق الربانى شيخ مشايخ الإسلام زين الدين أبى المحاسن يوسف ابن الشيخ شرف الدين محمد بن الحسن بن الشيخ أبى البركات بن صخر بن مسافر ابن إسماعيل بن موسى بن الحسن بن مروان بن الحسن بن مروان بن الحكم

__________________

(١) هذه التربة سماها المقريزى فى الخطط بالزاوية العدوية وسماها على مبارك باشا بجامع القادرية والعامة يسمونها بجامع سيدى على ولكن فى الأصل هى لسيدى عدى بخلاف ما يذكره بعض الناس من أنه نسبة الى علاء الدين يعنون به السيد علاء الدين القادرى على زعم أنه مدفون بهذه التربة وهذا غير صحيح وذلك لدفنه بتربة السيد عيسى الجيلانى المعروفة بحوش أبو رمانة.

١٦٧

ابن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشى الأموى نزيل الناهرة توفى سنة سبع وتسعين وستمائة وبناء هذه التربة والقبة التى على ضريحه من أعاجيب البناء ووافق الفراغ من العمارة فى ربيع الأول سنة خمس عشرة وسبعمائة (وقد حكى) الأزهرى أنه كان له بداية ونهاية وسياحة وتجريد وتحقيق وتدقيق ومعرفة تامة فى طريق القوم وكان من كبار الصالحين فى عصره وقيل إنه يعرف بصاحب الحورية أيضا وقد تقدم ذكر صاحب الحورية من أولاد السيد الشريف ابن طباطبا البصرى.

ذكر الزاوية العدوية بالقرافة الصغرى :

وحكى الشيخ تقى الدين أبو جعفر أحمد المقريزى فى كتابه المواعظ والآثار فى باب ذكر الزوايا فقال الزاوية العدوية بالقرافة الصغرى تنسب إلى العارف بالله عدى بن مسافر الهكاوى العدوى المشهور فى الآفاق صحب عدة من المشايخ ثم انقطع فى جبل الهسكارية من أعمال الموصل وبنى له هناك زاوية فمال إليه أهل تلك النواحى وظهر له مناقب ومآثر هناك إلى أن كثر أصحابه وأولاد أخيه الشيخ العارف صخر بن مسافر فتوفى الشيخ عدى هناك فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة وتخلف من بعده أخوه صخر وتفرق أولاده فى البلاد.

الشيخ أبو البركات شيخ الأكراد :

وأقيل إليهم العباد فنزل منهم بالموصل الشيخ شمس الدين الحسن بن أبى المفاخر عدى بن أبى البركات بن صخر أخو عدى بن مسافر الملقب

١٦٨

بتاج العارفين أبى محمد شيخ الأكراد وجده هو أخو عدى بن مسافر كان من رجال العلم دهاء ورأيا وحزما وله فضل وأدب وله أتباع ومريدون يبالغون فيه توفى شهيدا فى سنة أربع وأربعين وستمائة وله من العمر ثلاث وخمسون سنة قتله صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ وقد نزل الشيخ أبو البركات ابن صخر أبو هذه الذرية عند عمه عدى بن مسافر بالمكان المعروف بلالش فى جبل الهيكارية من أعمال الموصل.

الشيخ زين الدين أبو المحاسن ومظاهر ترف ولده عز الدين :

وقدم الشيخ زين الدين أبو المحاسن يوسف إلى بلاد الشام فأكرم وأنعم عليه بأمرة ثم تركها وانقطع على هيئة الملوك من اقتناء الخيول المسومة والمماليك والجوارى والملابس والغلمان وعمل الأسمطة الفاخرة فخاف على نفسه فترك ولده الشيخ عز الدين هناك ودخل إلى القاهرة وأقام بها فأكرم بها ثم أن ولده عز الدين اتسعت عليه النعمة فافتتنت به بعض نساء الطائفة القيمرية وبالغت فى تعظيمه وبذلت له الأموال الكثيرة وصار جماعتها يلومونها فيه فلا تصغى إلى قولهم بل تزداد فيه اعتقادا.

فلما كان فى بعض الأيام أتاه الأمير الكبير علم الدين سنجر الدوادار ومعه الشهاب محمود فإذا هو كالملك فى قلعته للتجمل الظاهر والحشمة لزائدة والفرش الأطلس والآنية الذهب والفضة والصينى وغير ذلك من الأطعمة الملونة والأشربة المختلفة ولما دخل عليه الأمير سنجر المذكور قبل يده وهو جالس لم يعبأ به وصار قائما هو والشهاب محمود بين يديه يحدثانه إلى أن أذن لهما بالجلوس فجلسا على ركبهما متأدبين فلما أرادا الانصراف أنعم عليهما بما يقارب الخمسة عشر ألف درهم ثم بعد ذلك أنعم على الشيخ

١٦٩

عز الدين بأمرة بدمشق ثم اتتقل إلى إمرة بصفد ثم أعيد إلى دمشق وترك الإمرة وانقطع وتردد إليه جماعة من الأكراد من كل قطر وحملوا إليه الأموال ثم أنه أراد أن يخرج على السلطان بمن معه من الأكراد واشتروا العدد والسلاح والخيول ووعد رجاله بنيابات البلاد ونزل بأرض الجون فبلغ ذلك السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فكتب إلى الأمير تنكز نائب الشام فكشف أخبارهم وأمسك السلطان من بهذه الزاوية من الفقراء العدوية واختلفت الأخبار فى خروجهم فقيل يريدون سلطنة مصر وقيل يريدون اليمن وحصل للسلطان من ذلك قلق عظيم ثم جاءه الخبر بعد أيام بأن الأمير تنكز نائب الشام قبض على عز الدين المذكور وسجنه فى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة إلى أن مات.

تفرق الأكراد :

وتفرقت الأكراد وهذه الواقعة كانت بعد موت الشيخ زين الدين يوسف المدفون بهذه التربة بأربعين سنة فقد ظهر بهذه الحكاية أن الشيخ عدى بن مسافر لم يكن بمصر ولا بالقرافة بل هذه الذرية من أولاد أخيه صخر والشيخ عدى يعرف بالأعزب (وبهذه التربة) قبر بايوان شرقى باب القبة به الشيخ الصالح العارف بهاء الدين أبو الفتح محمد بن أحمد العدوى أحد خلفاء الشيخ الصالح زين الدين أبى المحاسن يوسف توفى فى ثالث عشرى ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

وبها قبور السادة الاشراف من أولاد علم الأولياء الشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلانى نفع الله تعالى ببركتهم.

وقبلى هذه التربة تربة بها قبر الشيخ الصالح حسن الصبان المالكى

١٧٠

الصوفى له صحبة وتجريد وسياحة مع الأولياء والصحيح أن اسمه داود بن عبد الله الصبان. وهناك قبر بالقرب من هذه التربة به الشيخ الصالح أبو بكر ابن عبد الله التركى المعتقد.

وهناك أيضا قبر الشاب التائب عبد الله السرسى.

نبذة عن شيخ الاسلام أبو محمد الأقفهسى :

وعلى الطريق تربة قاضى القضاة وشيخ الاسلام ومجتهد الأمة حبر الأئمة أبو محمد جمال الدين عبد الله بن مقداد بن إسماعيل بن عبد الله الأقفهسى المالكى توفي يوم الثلاثاء رابع عشرى جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة وكانت ولايته هذه خمس سنين وثمانية أشهر ويومين.

وولى قبل ذلك من الملك الناصر فرج بن الظاهر برقوق بعد موت نور الدين على بن يوسف بن الجلال الدميرى فى يوم الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة فأقام أربعة أشهر وعشرة أيام ، وعرف فى ثالث عشر رمضان بقاضى القضاة ولى الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون أخذ الفقه عن الشيخ الصالح أبى اسحاق خليل صاحب المختصر وغيره واستنابه قاضى القضاة علم الدين سليمان البساطى فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة واستمر على ذلك سنين ودرس بالبرقية والقمحية بمصر وصار شيخ المالكية والمعول على فناويه ومات عن نحو ثمانين سنة.

ومعه فى تربته قبر الشيخ الصالح الورع الزاهد الناسك العابد أبى إسحاق إبراهيم بن الشيخ الصالح العارف زين الدين أبى النجا سالم بن عبد الله.

١٧١

وإلى جانبه قبر الفقيه المحدث شمس الدين محمد بن عبد الله الشهير بابن سمنة قارىء الحديث النبوى توفى فى المحرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة.

وفى تربة قاضى القضاة قبر الأعز بن إبراهيم بن شرف الدين عيسى بن زين الدين سالم أبى النجا وفيها قبر الشيخ الصالح الفقيه أبى العطاء عبد العزيز ابن يوسف بن عبد الله المالكى.

وشرقى هذه التربة على طريق الجادة إلى الإمام الشافعى تربة بها قبر الشيخ الصالح العارف جمال الدين أبى إبراهيم شعيب بن إبراهيم بن فضائل الرفاعى وأخذ طريقة سيدنا الشيخ الصالح العارف أبى العباس أحمد الرفاعى نفع الله تعالى ببركته عن الشيخ الصالح جمال الدين عبد الله الرستانى وهو أخذ هذه الطريقة عن السيد الشريف أبى الفوارس عبد العزيز المنوفى وهو أخذها عن الشيخ العارف (١) بالله تعالى أبى الفتح الواسطى وهو أخذها عن الشيخ الأستاذ العارف أبى العباس أحمد بن الرفاعى فلما مات شيخه الشيخ جمال الدين عبد الله الرستانى فى سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وسبعمائة وأقام بها إلى أن توفى فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ودفن بها وله من العمر ثمان وسبعون سنة.

وهناك قبور جماعة من الصحابة وهناك قبر الشريف الخطيب وقبر

__________________

(١) الشيخ العارف (أبو الفتح الواسطى) هو السيد الشريف عبد الحافظ بن محمد سرور الواسطى الحسينى وتوفى بالاسكندرية عام ٦٨٦ ه‍ ودفن بالزاوية الخاصة به بالفراهدة بشارع جامع الواسطى.

١٧٢

الشيخ أحمد خوش والصحيح أن قبر الشيخ أحمد خوش فى تربة أبونا يوسف العدوى ثم تمشى يسيرا تجد تربة الشيخ الصالح العارف بالله تعالى أقضى القضاة أبى المكرمات حسان ابن الشيخ الفاضل العالم سراج الدين أبى القاسم عبد الرحمن ابن الشيخ جمال الدين أبى الفضائل حسان الأنصارى الأوسى الشافعى.

نبذة عن المجذوب جلال الدين الأقصرى الشافعى :

قال صاحب كتاب الأنوار وفتوح الأسرار فى ترجمة الشيخ الصالح العارف أقضى القضاة المجذوب جلال الدين أبى جمال الدين حسان الأنصارى الأقصرى الشافعى أنه كان عالما قاضيا حاكما بين المسلمين فركب يوما هو ونوابه وخرج إلى بعض البساتين يتنزه فبينما هو فيه من الهناء إذ سمع قائلا بقول يا حسان اترك ما أنت عليه واشتغل بعبادتنا فنزل من ساعته مسرعا وإلى ما قد قيل له ممتثلا مطيعا فجاء إلى الإسطبل وأخذ منه عباءة ولبسها عليه وترك ما كان محتاجا إليه ثم تفكر فى نفسه فى شىء يكسر به نفسه فصار يحتطب الحطب ويبيعه فى السوق ، فأقام على ذلك مدة طويلة يحتطب الحطب ويحمل الحزمة على رأسه ويجىء بها إلى السوق فيبيعها بثمانية دراهم فلوسا ويأخذ بهن خبزا يفطر منه على شىء ويتصدق بالباقى فلما كان فى بعض الأيام سمع الناس يقولون أخذنا حطب الشيخ وجعلناه فى أموالنا فزادت ففرحت نفسه بذلك فترك بيع الحطب وساح على التوكل فأقام أياما فى الضيق يفطر كل ليلة على نبقة وكان يسيح فى الجبل وغيره فجاء فى بعض الليالى تحت الجبل وغرز عكازة فى الأرض وفوض أمره إلى الله سبحانه وتعالى وتوضأ ووقف يصلى إذ قالت له نفسه هذا مكان وحش تشتغل فيه

١٧٣

بالصلاة فيجىء الوحش فيؤذيك ولا تجد سبيلا وكان بالقرب منه شجرة وزعم فى نفسه أنه إذا صلى تحت تلك الشجرة ثم جاءه شىء يؤذيه يصعد إلى الشجرة فلما أحرم للصلاة جاء أسد عظيم حتى وقف بين يديه فنظر الشيخ إليه فتوسوس وأبطل صلاته وقال فى نفسه أنت الجانى على نفسك فإنك جعلت تكالك على هذه الشجرة أذلك الله ثم قال فى نفسه والله ما أصلى إلا فى مكانى الذى صليت فيه أولا فأخذ العكاز والابريق وجاء إلى ذلك المكان ووقف وأحرم للصلاة وإذا بالأسد حرك ذنبه وسار فصلى ما قدر الله أن يصلى وأقام فى سياحته اثنتى عشرة سنة على قدم التوكل فى المجاهدة إلى أن أذن له فى الجلوس فبلغ رحمه الله تعالى بالمجاهدة مقام المشاهدة وله ترجمة واسعة فى أحواله وأقواله وفى سياحته إلى صعيد مصر وإلى ثغر دمياط وغير ذلك تركنا ذلك خوف الاطالة وكانت وفاته فى يوم الثلاثاء فى عشر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ووجد بخط والده أن مولده فى يوم السبت الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وستمائة فعلى هذا فقد بلغ من العمر ستا وسبعين سنة وأحدا وعشرين يوما.

ذكره فى كتاب الزهر الفائح :

وقد حكى عنه صاحب كتاب الزهر الفاتح فى وصف من تنزه عن الذنوب والقبائح عن بعض الصالحين أنه رأى الشيخ حسان وهو يبكى خلف جنازة فقال يا أخى ما هذه منك؟ قال له زوجتى فقال كم لها فى صحبتك؟ فقال مدة طويلة فقال له فما كان السبب فى زواجك لها ، قال كنت أصلى فى مسجد يحيى بن نعيم فلما كان فى بعض الأيام خرجت من المسجد وإذا أنا

١٧٤

قد لمحتها فوقعت فى نفسى ووقعت فى نفسها فلم أزل حتى تزوجتها فلما حصلت معى قلت لها ما جزاء من جمع بيننا قالت نقوم له الليلة فقمنا إلى الصباح فلما أصبحنا قالت لى ما جزاء من من علينا بالاجتماع على ما يرضيه وسنة النبى صلى الله عليه وسلم؟ فقلت الصوم اليوم شكرا لله تعالى فلم نزل على ذلك حتى وقع الفراق ، قال له حق لك أن تبكى ، وقد رزق منها أولادا فضلاء نجباء.

أولاده :

منهم سيدى أبو عبد الله محمد وبه كان يكنى وسيدى جمال الدين وسيدى بدر الدين حسين وسيدى شرف الدين موسى وسيدى زين الدين عبد اللطيف وسيدى مجير الدين وسيدى حسان وزوجته وأولاده فى قبر واحد.

وعنده قبر الشيخ عطية المشهدى وبها قبر الشيخ الصالح المجذوب أبى بكر بن عبد الله ويعرف (بموسى غطى يدك) وإنما سمى بذلك لأنه كان إذا مر فى الطريق ورأى امرأة يقول لها غطى يدك فاشتهر بذلك وفى حومته قبور جماعة.

وفى قبلى هذا القبر تربة مسدودة الباب على شفير الخندق لها شباك من جهة البقعة بها قبر الشيخ الصالح أبى محمد عبد الله بن عبد الرحمن السائح كان معتقدا عند أهل القاهرة وفى حومته جماعة لم تعرف.

القاضى الزاهد عبد الوهاب البغدادى وأعماله :

وغربى هذه التربة على الطريق حوش به قبران (القبلى منهما هو قبر القاضى (١) الفقيه الأجل العالم الزاهد عبد الوهاب بن على بن نصر بن أحمد

__________________

(١) وهى معروفة الآن بالقرافة على يمين السالك من شارع السيدة نفيسة الى الامام الشافعى تجاه حوش الشيخ ابراهيم بصايلة داخل حوش يعرف بحوش أوده باشى بمصر.

١٧٥

ابن الحسين بن هرون بن مالك بن طوق البغدادى) كان من الأئمة الأكابر ألف كتبا شتى فمن ذلك كتاب سماه (النصرة لمذهب امام دار الهجرة) وكتاب سماه (المعونة لمذهب عالم المدينة) والأدلة فى مسائل الخلاف وشرح رسالة ابن أبى زيد و (الممهد فى شرح مختصر أبى محمد) شرح نصفه وشرح المدونة وكتاب التلقين وشرحه ولم يتممه والإفادة فى أصول الفقه والتلخيص فى أصول الفقه وعيون المسائل فى الفقه وكتاب أوائل الأدلة فى مسائل الخلاف والإشراف على مسائل الخلاف والفروق فى مسائل الفقه وغير ذلك وقيل إن له كتابا سماه (الواضحة فى تفسير الفاتحة) ولم يكن فى زمنه أشهر منه فى مذهب الامام مالك وكانت الفتاوى تأتى إليه من بلاد الغرب قال القاضى عياض : ما رأينا أحفظ من عبد الوهاب البغدادى فى زمنه قيل إن رجلا قال لعبد الوهاب لو كتبت رقعة للخليفة لأعطاك ما لا تستغنى به فقال والله تلك علامة شقاء ، العالم يقف بباب السلطان!!! لا يرانى الله كذلك أبدا وجلس بعض حلفاء الفاطميين مع أصحابه فقال لهم أفيكم من يعلم علم كذا قال الناس لا يفتى ومالك بالمدينة؟ قالوا لا فقال رجل منهم لا شك أن علم هذه عند عبد الوهاب بن نصر البغدادى فإنه يخبرك بها فقال الخليفة من يقوم الساعة فيسأله من غير أن يعلم مكانى ، فخرجوا حتى أتوا إليه فقالوا له أيها الشيخ هل عندك علم بما يقول الناس : لا يفتى ومالك بالمدينة ، قال نعم بلغنا أن مالكا رضى الله تعالى عنه كان وهو شاب يقرأ على ربيعة فاتفق أن امرأة غاسلة غسلت ميتة فضربتها على فخذها وقالت ما أزناك فأمسكت يدها على الفخذ فاختلف علماء المدينة هل تقطع يد الغاسلة أو فخذ الميتة حتى لم يبق غير مالك فأتوه فأفتاهم بأن تضرب الغاسلة حد القذف فضربت ثمانين جلدة فرفعت يدها فقالوا عند ذلك لا يفتى ومالك بالمدينة.

١٧٦

سبب انتقاله من بغداد الى مصر :

وكانت وفاته فى سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة واختلف فى سبب انتقاله من بغداد إلى مصر فقيل أن رزقه تقتر عليه من الحلال وقيل إنه كان له أخ بسوق البزارين بمصر فنذر لله إن جاء أخوه إلى مصر ليعطين لمن يبشره بمجيئه مائة دينار فبلغ عبد الوهاب ذلك فتجهز وخرج من بغداد يريد مصر فلما وصل إلى مصر مشى بسوق القرافة فوجد رجلا يضفر الخوص فجلس إلى جانبه ثم قال له بكم تعمل كل يوم فقل له بنصف درهم وثمن درهم ، فقال هل لك عائلة قال نعم فقال له القاضى عبد الوهاب هل لك أن أدلك على غناك قل الخواص وأنى لى بذلك ، قال له امض إلى سوق البزارين واسئل عن رجل اسمه فلان فإذا اجتمعت به قل له أخوك عبد الوهاب وصل وهو الآن عندى ، فمضى وسأل عنه فدلوه عليه فلما أخبره أخرج له المائة دينار النذر وقال له خذها فقال يا سيدى أوصلها إليه فقال له هذه لك ببشارة أخى فأخذها واستغنى بها وجمع بينه وبين أخيه ودفنا فى مكان واحد.

المصافحة عند قبره :

وعند قبر الفاضى عبد الوهاب يتصافح الزوّار والسبب فى ذلك أنه رؤى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لى ولكل من تصافح عند قبرى (وإلى جانبه) الشيخ الامام الفقيه أبو القاسم عتيق بن بكار كان فقيها من أكابر العلماء وكان يقول ما أذن أذان إلا وأنا على وضوء.

وهناك قبر الواسطى الواعظ توفى ليلة الاثنين الثانى والعشرين من ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة.

١٧٧

وعنده قبور أصحاب الحانوت كان لهم معروف بمصر وكانوا فقهاء علماء (وعنده أيضا) قبر قاضى القضاة سرى الدين أبى الواليد إسماعيل بن الفقيه بدر الدين أبى عبد الله محمد بن هانىء اللخمى الأندلسى الغرناطى المالكى النحوى نزيل حماة والحاكم بها أقام بحماة مدة تصديا لإيضاح ما عنده من البديع والبيان وباشر القضاء بها ثم بدمشق ثم عاد إليها متوليا أمر النقص والإبرام إلى أن دخل إلى مصر لشغل عرض له فأدركه الموت وحال بينه وبين حاجات يقضيها فكان وفاته بالقاهرة فى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ودفن عند القاضى عبد الوهاب.

قبر العابدة الناسكة أم الفضل :

وقبلى هذه التربة تربة صغيرة على صفة مسطبة عند باب التربة بها المرأة الصالحة العابدة الناسكة أم الفضل فاطمة بنت الحسين بن على بن الأشعث ابن محمد البصرى بن الأشعث بن قيس الكندى كانت من العابدات الصالحات السائحات الناسكات المعروفات بقضاء الحاجات وإجابة الدعوات وإغاثة الملهوف والشهرة فى قومها بالصلاح والبركة وترك الدنيا والاقبال على الآخرة وقيام الليل وصيام النهار وتلاوة القرآن.

قبر الفقيه أبى جعفر الطحاوى :

وفى شرقى هذه التربة تربة (١) دائرة متصلة بالأرض بها قبر الإمام العالم

__________________

(١) وهى تربة أبى جعفر الطحاوى وهى تعرف بالقرافة بشارع الامام الليث وأصل هذه التربة لبنى الأشعث وهم من التابعين ممن شهدوا فتح مصر ويوجد بالمقابل من التربة مقبرة أخرى تعرف بمقبرة بنى كندة والى جانبها تربة لأبى الفضل الجوهرى وذريته. ويوجد بمكان تربة بنى كندة حوش أسرة ماهر والمدفون بها امرأة السيد أبى الهدى الصاوى العالم المشهور.

١٧٨

الفقيه أبى جعفر محمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك الأزدى الطحاوى الفقيه الحنفى انتهت اليه رياسة أصحاب أبى حنيفة رحمة الله تعالى عليه بمصر وكان أولا شافعى المذهب قرأ على الامام المزنى فقال له يوما والله لا جاء منك شىء فغضب أبو جعفر من ذلك وانتقل إلى ابن أبى عمران الحنفى واشتغل عليه فلما صنف مختصره قال رحم الله أبا ابراهيم يعنى المزنى لو كان حيا لكفر عن يمينه.

وذكر أبو على الخليل فى الإرشاد فى ترجمة المزنى أن الطحاوى المذكور كان ابن أخت المزنى وإن أحمد بن محمد السروجى قال قلت للامام الطحاوى لم خالفت خالك واخترت مذهب الامام أبى حنيفة قال لأنى دريت خالى يديم النظر إلى كتب الإمام أبى حنيفة فلذلك انتقلت اليه (وصنف) كتبا مفيدة منها أحكام القرآن واختلاف العلماء ومعانى الآثار والشروط والتاريخ الكبير وعقيدة فى أصول الدين وكانت ولادته ليلة الاحد لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين ومائتين ووفاته فى ليلة الخميس مستهل ذى القعدة سنة إحدى وعشرين وثلثمائة بمصر ودفن بهذه التربة وهى تعرف ببنى الأشعث.

مآثر الطحاوى :

قال الكندى : للطحاوى دعوة مجابة ، وكان يقول من طهر قلبة من الحرام فتحت لدعوته أبواب السماء وقيل إن أمير مصر أبا المنصور تكين الجزرى الشهير بالجبار دخل عليه يوما فلما رآه داخله الرعب فأكرمه وأحسن اليه ثم قال له يا سيدى أريد أن أزوجك ابنتي قال له لا أفعل ذلك ، فقال له ألك حاجة لمال قال له : لا ، قال : فهل أقطع لك أرضا قال له لا ، قال له : فاسألني

١٧٩

ما شئت قال له وتسمع؟ قال نعم قال احفظ دينك لئلا بنفلت واعمل فى فكاك نفسك قبل الموت ، وإياك ومظالم العباد ثم تركه ومضى فيقال إنه رجع عن ظلمه لأهل مصر.

وبهذه التربة قبر مع القبلة به الشيخ الصالح الأصيل أبو عبد الله الحسينى ابن على بن الاشعث بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندى البصرى له فضيلة وترجمة واسعة توفى فى شهر رمضان سنة ست وتسعين ومائتين وإلى جانبه قبر ولده جمال الدين عبد الله وإلى جانبه أيضا قبر ولده سراج الدين عمر (وإلى جانبه) الشيخ برهان الدين ابراهيم بن عبد الله بن الحسين بن الاشعث توفى سنة عشر وثلثمائة وإلى جانبهم قبر الفقيه العارف أبى بكر محمد بن محمد ابن عبد الله بن الاشعث توفى يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين ومعهم فى التربة المذكورة قبر الفقيه أبى العباس يحيى بن الحسين بن على بن الاشعث البصرى أحد شهود قاضى مصر أبى محمد عبد الله بن احمد بن زين توفى سنة خمس وثلاثين وثلثمائة يعرف عند البصريين بصاحب الدار وهو غير صاحب الدار الذى عند المفضل بن فضالة كان له دار ينزل فيها القضاة الواردون على مصر وغيرهم.

قبور الصالحين من بنى الأشعث :

قال القضاعى كان أهل هذه التربة من أكابر العلماء الأخيار والدعاء هناك مجاب مجرب وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن معين بن على المصرى الشهير بالادمى أن على باب بنى الاشعث القبلى قبر الشيخ الصالح جمال الدين عبد الله بن يحيى بن اسماعيل بن محمد الاشعث بن قيس الكندى البصرى توفى سنة ستين ومائتين وبنو الأشعث لهم قبور بالقرافة وبالبصرة

١٨٠