تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي

تحفة الأحباب وبغية الطّلاب

المؤلف:

نور الدين علي بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود السخاوي الحنفي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٧١

ابن ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ويقال إنه من بنى أمية يكنى أبا سعيد واختلف فى محل مولده فقيل بمصر وقيل بالبصرة فى سنة ست وثلاثين ومائة وتوفى بمصر فى ستة من المحرم سنة اثنتى عشرة ومائتين وكان ثقة وكان من عظماء فقهاء مصر.

وبها قبر الفقيه الإمام أبى عبد الله محمد بن على بن حفص الفرد.

وقبر جده حفص الفرد وهم معدودون من الفقهاه.

وبها قبر القاضى ابراهيم الشهير بالبكاء ولى القضاء من قبل جابر بن الأشعث الذى كان أميرا على مصر من قبل الخليفة الأمين ابن الخليفة الرشيد فى سنة خمس وتسعين ومائة وقال بعضهم إنه كان يعرف بالمبكى وأنه ولى القضاء شهرا واحدا من قبل الرشيد.

وبها قبر الفقيه الجليل نور الدين أبى الحسن على بن ابراهيم الفاوى حليف ابن خلف بن زهرة وهو لا يعرف.

قال الكندى وبها قبر الإمام الحافظ أبى الحسن على ابن خلف بن قديد وكان عالما زاهدا ورعا وهو من طبقة الحافظ عبد الرحمن بن ميسرة.

وبها قبر الحبر العالم يحيى بن الوزير أحد أئمة مصر وعلمائها كان له لسان فصيح ودعى إلى القضاء فأبى وكان أهل مصر يرجعون إلى قوله وله ترجمة واسعة جدا.

وبها قبر نعيم بن جاد العامرى وقيل التجيبى الصحابى وقيل إن قبره القبر الكبير الذى بالمقبرة.

١٤١

وبها قبر مسلمة بن خديج التجيبى من التابعين وقبره بالقرب من قبر ابن شاذ النحوى.

وبها قبر القاضى الأجل اسحاق بن الفرات أبى نعيم التجيبى صاحب الإمام مالك رحمة الله تعالى عليهم أجمعين قال الشافعى رحمه الله تعالى : ما رأيت بمصر من هو أعلم باختلاف الناس مثل إسحق بن الفرات تولى قاضيا على مصر من قبل معاوية بن خديج أمير مصر إلى أن عزل سنة خمس وثمانين ومائة روى عن حميد بن هانىء والليث بن سعد وغيرهما وتوفى بمصر سنة أربع ومائتين وقيل إنه مات قاضيا وهذا وهم والذى مات قاضيا فى هذه السنة إنما هو ابن لهيعة الحضرمى توفى فى ذى القعدة من السنة المذكورة.

وبها قبر القاضى ابراهيم بن اسحاق الفاوى والد على بن ابراهيم بن اسحاق قال الأزهرى إنه اسحاق القادرى وليس كذلك إنما هو الفاوى ولعل هذا سبق قلم توفى سنة خمس ومائتين بعد أن أقام قاضيا ستة أشهر.

وبها قبر الفقيه ابراهيم بن أبى محرز اللخمى من أهل قفصة ونزل مصر وبها توفى سنة تسع وتسعين ومائة سمع من محمد بن عبد الحكم ويونس ابن عبد الأعلى الصدفى وله فى الفقه كتاب مشهور فى اختصار المدونة روى عنه مؤمل بن يحيى وغيره.

وبها قبر النجيب الغزى قارىء المصحف بالجامع العتيق العمرى بمصر واسمه عبد الرحمن بن على بن هبة الله بن الحسين الأنصارى توفى سنة ثلاث وستمائة.

وغربى هذه التربة فى الجهة التى أولها تربة الأدفوى وآخرها تربة

١٤٢

الجرجانى الوزير تربة عظيمة البناء بالفص الحجر واسعة هى للسيد الشريف الفقيه الأجل أبى الطاهر اسماعيل بن طاهر بن حسن بن حسين العدل الشافعى المعروف بابن الماوردى عاقد الأنكحة الشرعية بمصر ذكره الحافظ عبد الغنى والمنذرى وصاحب المصباح وغيرهم كان عنده خشوع وكان يقول بلغنى أن العلم يقول يوم القيامة رب سل هذا لم أضاعنى وله ترجمة واسعة وتوفى فى ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وستمائة ودفن بتربة بقرب جامع الحطابة.

وبهذه التربة السيدة الشريفة أم محمد بنت أحمد الحسينية وهى جدته أم أبيه.

وإلى جانب هذه التربة تربة بني الذهبى وهى بحرى الجامع وفيه جماعة أشراف من ذرية الإمام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم (وإلى جانبهم) تربة كان بها ألواح رخام مكتوب عليها أقارب أمير المؤمنين الفاطمى بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدى وهو الذى تنسب إليه القاهرة المعزية التى اختطها جوهر القائد.

وفى هذه الحومة قبور جماعة من السادة الأشراف.

ثم تعود إلى تربة أبى بكر الادفوى فإذا وصلت إلى الباب الغربى تجد هناك قبر الشيخ الصالح أحد فعلاء الخير عبد الحسيب بن سليمان المعروف يصاحب الجلبة أوقف جلبة للتعدية لمن يحج وجعل فيها الزاد والماء فأقامت على ذلك سنين لم تغب فى سنة قط.

ويجاوره قبر معقود وعدة مواضع خراب وكان على هذا القبر لوح رخام

١٤٣

مكتوب عليه هذا قبر أم محمد وولدها محمد بن أحمد بن هارون الأسوانى مات فى سنة ثلاث وثلثمائة (وغربى) هذا القبر تقول العامة أنه قبر الحمار وكان على البناء مكتوب هذا مسجد حمران والصحيح أنه قبر الإمام أبى أحمد جعفر بن محمد بن اسحق المصرى المعروف بابن الحمار.

روى عن الإمام يحيى بن بكير ويحيى بن بكير يروى عن الإمام مالك الموطأ ويروى عن الإمام الليث بن سعد وغيرهما من الأئمة وتوفى فى شوال سنة اثنتين وثمانين ومائتين وقيل هو قبر مروان بن الحكم الأموى الشهير بالحمار آخر خلفاء بنى أمية الذى قتل بأبى صير الذى بالجيزة وقاتله من جماعة بنى العباس.

قصة السبع قباب :

ثم تجد هناك السبع فباب قال القاضى ابن ميسر فى تاريخه إن بالقرافة الكبرى على الطريق قبابا شاهقة مبنية على قبور وانكشف بعض القبور فشوهد فيها أثرهم على الأسرة وثياب الحرير.

وقال ابن سعيد صاحب كتاب المغرب فى أخبار المغرب أن القباب السبع بآخر القرافة الكبرى مما يلى مدينة مصر وهى مشاهد على سبعة من بنى المغربى قتلهم الحاكم بعد فرار الوزير أبى القاسم الحسين بن على المغربى والسبب فى ذلك ما حكاه ابن حجلة بالسكردان قال إنه بالقرافة مكان يعرف بالسبع قباب بالقرب من الحفائر وهى فى الحقيقة ست قباب لا غير والأصل فيها أنه كان بين بنى المغربى الوزير وبين أبى نصر وزير الحاكم تنافس فسعى عليهم عند الحاكم فأمر بضرب أعناقهم فقتل ستة منهم وهم والد الوزير المغربى وأخواه وثلاثة من أهل بيته واستتر أبو القاسم

١٤٤

الوزير ابن المغربى وهرب إلى الرملة وحسن لصاحبها الخروج على الحاكم ونزع يده من طاعته وأحضروا أبا الفتوح الحسن بن الحسين من مكة وأقاموه خليفة وقبلوا الأرض بين يديه وبايعوه بالخلافة ولقبوه بالراشد بأمر الله فعند ذلك صعد الوزير ابن المغربى المنير وخطب خطبة بليغة وحرض فيها على قتال الحاكم وافتتح بقوله عز وجل (طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون إن فرعون علا فى الأرض) وجعل يشير بيديه إلى جهة مصر (وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم) الآيات فلما بلغ الحاكم ذلك أزعجه إزعاجا عظيما وسير إلى من أراد الخروج وبذل لهم المال الجزيل وخوفهم العاقبة فمالوا إليه بعد خطب طويل وكتب إلى المغربى الوزير واسترضاه وبنى على قتلاهم الذين قتلهم من أهله ست قباب فهى تعرف الآن بالسبع قباب والظاهر أنه كان إلى جانبها قبة أخرى فسميت بالسبع قباب بهذا الاعتبار وقيل أن القبة السابعة هى قبة الأطفيحى صاحب القناطر والسبيل وله معروف كثير وكان قريبا لبعض الأمراء والوزراء.

وهناك قبر خالص خادم الحافظ لدين الله.

قبر تميم أبى تراب جد بنى تراب :

وهناك قبور جماعة من ذرية الخلفاء ثم بالقرب من هذه البقعة قبة بها قبر مكتوب عليه هذا قبر تميم أبى تراب الحافظى جد بني تراب بلغ إلى منصب الوزارة فى أيام الحافظ لدين الله وهو الذى بنى مسجد السيدة رقية وبنى مساجد كثيرة وقد أمر الحافظ أن يدعى (بيمين الخلافة) لما كان له عنده من المنزلة ثم غضب عليه وألبسه جل دابة وأمر أن يطاف به

١٤٥

مصر ففعل به ذلك والسبب فى ذلك أنه بلغه عنه أنه قال إن أفضل الناس بعد النبى صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضى الله تعالى عنه وأنه لا بيعة إلا لبنى العباس وله معه قصة يطول ذكرها هنا.

وفى غربى تربته تربة على الطريق تعرف بتربة محمد بن اسماعيل صاحب المصنع الذى هناك ثم منه إلى قبر الشريف الخطيب كان من أكابر مشايخ القراء وهو شيخ الشيخ أبى الجود فى القراءة وإلى جانبه قبر زوجته الشريفة أم هيطل العابدة.

وهناك جوسق الشريف الخطيب.

وهناك أيضا مسجد يعرف بمسجد الريح وقد دثر.

قبر الشريف المعصوم محمد بن الحسن :

وهناك تربة بها قبر منقذ أحد الفاطميين وبالتربة قبر السيد الشريف المعصوم بن محمد بن الحسن بن ابراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ابن محمد الباقرين على زين العابدين بن الحسين بن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه دخل إلى مصر فى أيام الصالح بن رزيك فلم يجسر الصالح أن يدخله على الخليفة فخرج من مصر ، فلما خرج منها قال الفائز لابن رزيك بلغنى أن المعصوم دخل مصر ، فقال له إنه رحل يريد أن يدخل بغداد فقال رده فرده من الشام فكانت له منزلة عند الفاطميين حتى أنهم كانوا يأتون إلى زيارته صباحا ومساء ، وكان يقول إنى أعجب من مذنب كيف تستقر قدماه على الأرض وهو الذى أوقف عليه بلقس الصالح بن رزيك وعلى ذريته من الأشراف ومعه فى التربة قبر السيد الشريف المنتجب بن على الحسينى وهذه أول تربة من ترب بنى المنتجب.

١٤٦

نبذة عن تربة القاضى يغمور :

وهناك تربة القاضى يغمور كان ورعا زاهدا وكان إذا رآه العاضد الفاطمى نزل له عن سريره وكان معظما فى الدولة وكان العدول فى زمنه اثني عشر عدلا خمسة بمصر وسبعة بالقاهرة وجاء رجل من البصرة له بهدايا فقال لما جئت بهذا؟ فقال هدية للقاضى وأريد أن أكون عدلا قال له خذ هديتك وإذا كان من الغد احضر بها فى المجلس فلما كان من الغد أتاه فى المجلس فوجد الاثنى عشر عدلا جلوسا فقال لهم أترضون أن يكون هذا عدلا معكم؟ فقال الجميع لا ، فقال القاضى لم يبق عندى من يزكيك.

وجاءه رجل بطبق من رطب قبل أن يلى القضاء فكافأه عليه ثم جاءه فى بعض الأيام ومعه خصم له فلما رآهما قال إنى لا أحكم بينكما فقيل له فى ذلك فقال إنه أهدى إلى طبقا من رطب من سبع سنين.

وجاء إلى بابه الواعظ ابن نجيبة الأنصارى الحنبلى فغلق الباب وقال رأيته يلمس الذهب بيده وهو يزعم أنه واعظ وجاء القراء إلى بابه فقرءوا القرآن فقال لهم أفيكم من يأتى إلى باب الخليفة فقالوا كلنا نقرأ له فى الحضرة فقال حفظتم القرآن إلا آية واحدة ، فقالوا وما هى؟ فقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) وكان له جارية تصنع له كل يوم خمسة أرغفة تقرأ على كل رغيف حزبا من القرآن.

فلما كان فى بعض الأيام قرأت على أربع وتركت رغيفا لم تقرأ عليه شيئا فوقع فى سهمه فلما أكل منه لقمة قال لها لم لم تقرئى على هذا الرغيف شبئا قالت يا سيدى ومن أعلمك قال إنى أجد منه ريح المسك والآن

١٤٧

لم أجد من تلك الرائحة شىء ، وجاءه رجل يشهد عنده بشهادة زور فأخذ لسانه فقال له تكلم فلم ينطق ولم يزل الرجل أخرس إلى أن مات وقيل انه أدرك جماعة من العلماء وكان شديدا فى الله سبحانه وتعالى قويا فى طاعته.

ثم تأخذ إلى ناحية الشرق تجد تربة عليها عقود فيها قبور على هيئة المساطب كلها لأمراء الفاطميين وفيها حظايا الأمراء وتلك التربة تعرف بداعى الدعاة ثم تجد بجوار تلك التربة قبر الشيخ أبى عبد الله بن يحيى القرشى المؤدب كان رجلا صالحا ذكره ابن عطايا.

قبر المطربة نفيسة :

ثم تجد بالقرب من قبور الحظايا قبر المطربة نفيسة طبالة المستنصر بالله الفاطمى واسمها نشب وكانت من المطربات وكانت تنشد

يا بني العباس ردوا

ملك معد لمعدو

ملككم ملك معار

والعوارى تسترد

وكان المستنصر قد أخرج لها أرضا وأقطعها إياها وهى التى تعرف بأرض الطبالة بالجنينة ظاهر باب الشعرية من القاهرة وكانت هذه التربة حسنة البناء.

زاوية ابن الفضل :

ثم تجد قبة أيضا تخرج من جانبها إلى زاوية الصالح العارف القدوة أبى الحسن على بن القاسم بن غزى بن عبد الله عرف بابن فضل أحد المشاهير فى عصره بالكرامات روى عنه الحافظ المنذرى حكايات وله رباط بالقرافة التى هو مدفون بها ولد فى مصر سنة ست وخمسين وخمسمائة وتوفى

١٤٨

فى رابع عشرى ذى القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة وهو مشهور بإجابة الدعاء عند قبره ولما أخذ الفرنج دمياط أسروه وكانوا يعظمونه ولا يمتهنونه وكان سمته حسنا ، وصحبه جماعة من أكابر المشايخ العارف أبو مروان عبد الملك بن قفل وهذا مات بدمياط.

وقال الشيخ العارف أبو عبد الله بن النعمان كان الشيخ أبو الحسن إذا تكلم أخذ بمجامع القلب وكانت له فراسة صادقة ومكاشفات وحكى عنه أصحابه أنواعا من الحكايات والكرامات رحمة الله عليه وبظاهر الزاوية تربة بها قبر ولدى ولده الشيخ جمال الدين والشيخ شهاب الدين وهو المشهد الذى يقابل باب الزاوية وكان رباط سيدى أبى الحسن هذا مسجدا قديما يعرف بمسجد مكنون الكتامى.

وغربى هذه الزاوية تربة الشيخ الصالح العارف الورع الزاهد أبى القاسم ابن أحمد بن عبد الرحمن بن نجم بن طولون المشهور بالمراغى توفى ليلة الجمعة الثانية والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وثمانين وستمائة ودفن بزاويته هذه.

زاوية أبى الحسن الصباغ :

وكان من أكابر الصلحاء الأخيار وكان من أصحاب الشيخ العارف أبى الحسن الصباغ وكان جليل القدر عظيم الشأن وقال الشيخ أبو القاسم قال لى شيخى أبو الحسن الصباغ يوما يا أبا القاسم العين تحجبك فقلت يا سيدى ما معنى هذا الكلام؟ فقال إذا لحظتك أعين الناس تسقط من عين الله وكان كثير التودد للناس وله كلام فى التصوف وأبو الحسن الصباغ أخذ التصوف عن السيد القدوة الشريف أبى محمد عبد الرحيم

١٤٩

ابن أحمد بن حجون الترغى المغربى الشهير بالفناوى والسيد عبد الرحيم أخذ طريقة التصوف عن الأستاذ القدوة أبى النجا سالم بن على الأنصارى الجابرى المغربى المدفون بفوة من الوجه البحرى وقد عمر عمرا طويلا وخلف ذرية صالحة كان آخرهم موتا الشيخ صالح أبو القاسم الملقب بوفاء الدين بن أحمد بن الشيخ صالح عبد الرحيم بن نجم بن طولون المراغى ، ذكره قاضى القضاة حافظ العصر أبى الفضل أحمد بن على بن أحمد بن حجر الكنانى العسقلانى الشافعى فى كتابه المعجم فى ذكر مشايخه وأثنى عليه الثناء الحسن وقال عنه أنه كان أحد فضلاء المصريين وكان له معرفة بالفقه والفرائض والتاريخ والعربية مع المعرفة التامة بأمور الدين وكان يذكر أنه سمع من الحافظ سيد الناس وطبقته وتوفى فى سابع عشر ذى الحجة سنة إحدى عشرة وثمانمائة وخلف كتبا كثيرة وهو منسوب إلى المراغة من أعمال أخميم وكان مالكى المذهب.

تربة العارف العلامة أبى عبد الله النعمان :

وفى قبلى زاوية ابن قفل تربة الشيخ الصالح العارف القدوة المحدث العلامة أبى عبد الله محمد بن موسى ابن النعمان المزالى الفاسى المغربى المالكى نزيل مصر صاحب التصانيف الحسنة وقد أنشأ ببلاد الإسلام مائة وعشرين زاوية وجدد جوامع ومساجد كثيرة وله هيبة فى الناس حتى قال محمد بن سعيد : ما رأيت أبا عبد الله النعمان إلا هبته لما كان فيه من السر ، وكان له معرفة تامة بأوصاف الرياضة وأحوال الطريق وقد صحب العارف بالله أبا الحسن بن قفل بطريقه المقدم ذكرها وتوفى الشيخ أبو عبد الله ابن النعمان يوم السبت ثامن شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة وعنده قبر ولده الشيخ الصالح العارف فتح الدين أبى الفتح عمر

١٥٠

أبى الذرية توفى فى يوم الأربعاء خامس عشر شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وبها جماعة من أولاده وأولاد أولاده وقبر الشيخ العارف السيد الشريف شهاب الدين أحمد النعمانى توفى بمصر فى يوم الاثنين ثانى ذى الحجة الحرام سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ودفن بهذه الزاوية.

تربة الشيخ صفى الدين الأزدى :

وهناك تربة الشيخ الصالح العارف القدوة صفى الدين أبى الحسن بن أبى المنصور ظافر الأزدى مولده فى النصف من ذى القعدة فى سنة خمس وتسعين وخمسمائة بمصر وتوفى فى يوم الجمعة بعد أذان العصر ثانى ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وستمائة بمصر وكان ابتداء أمره فى طريقة القوم على يد الأستاذ العارف بالله تعالى أبى العباس أحمد بن أبى بكر التجيبى الحراز الأشبيلى العدل وما زال فى خدمته إلى أن توفى ثم اجتمع بجماعة من الأولياء والعارفين مثل الشيخ العارف بالله تعالى القطب أبى السعود بن أبى العشائر الواسطى رحمة الله تعالى عليه ورحل إلى غالب البلاد الإسلامية وعمل رسالة ذكر فيها من اجتمع به من الأولياء والعلماء والمحدثين وأهل الجذب وأجاد وأفاد فى ذكرهم وله كتاب فك الأزرار عن عنق الأنوار وهتك الأستار عن معانى الأسرار ، وله كتاب سماه (العطايا الوهبية فى المراتب القطبية) تكلم فيه عن مقام الأقطاب والأولياء وله كتاب المفوضات العرفانية مع الصورة الشيطانية فى الرد على كتاب أبى الفرج بن الجوزى الذى سماه تلبيس إبليس ومعه فى تربته جماعة من أولاده وخدامه (منهم) الشيخ الفقيه الأجل شهاب الدين أحمد بن محمد بن على بن الشيخ العارف صفى الدين بن على بن ظافر الأزدى سمع من جد أبيه الشيخ صفى الدين بن أبى المنصور وكان ممن يتبرك به

١٥١

ويقصد فى المجتمعات فيحضر ومعه جماعة من الفقراء الذين يذكرون ذكرا رتبه شيخهم صفى الدين يقال لهم الصوفية وكان الشيخ شهاب الدين هذا كثير التواضع لين الكلمة ظاهر البشر حسن الملتقى توفى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة (وبها) قبر الشيخ الصالح تقى الدين أبى بكر بن أبى الجود الأنصارى خادم الشيخ صفى الدين بن أبى المنصور توفى فى رابع شهر الله المحرم سنة عشرين وسبعمائة.

مسجد الأقدام والدعاء المستجاب عنده :

وعند الخروج من هذه الزاوية نجد مسجدا يعرف بمسجد الأقدام ذكر جماعة من المصريين أن الدعاء به مستجاب وهذا أحد المساجد السبعة الذين بالقرافة المجاب عندهم الدعاء وهو مرتفع عن الأرض تصعد إليه من درج واسع الفناء حسن البناء والعوام من أهل مصر يزعمون أنه قبر آسية امرأة فرعون ويسمون الموضع بها وليس بنابت قيل إنما سمى بمسجد الأقدام لأن مروان ابن الحكم لما دخل إلى مصر وصالح أهلها بايعوه إلا جماعة من المعافر وغيرهم وقالوا لا تترك بيعة ابن الزبير فأمر مروان بقطع أيدى المعافريين وأرجلهم وقتلهم على بئر المعافر فى الموضع المعروف بمسجد الأقدام وكانوا ثمانين رجلا فسمى المسجد بهم لأنه بنى على آثارهم ولم يزل هذا المسجد عامرا والناس يأتون إلى زيارته من الآفاق حتى أنشأ السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ مدرسة داخل باب زويلة من القاهرة حسنوا له خراب هدا المسجد وقالوا له هذا فى وسط الخراب فصار الآن كوما من جملة الكيمان التي هناك.

قبر الشريفة الخضراء :

وبجاوره قبر السيدة الشريفة الخضراء كذا قيل وإنما الشريفة الخضراء

١٥٢

فى تربة لطيفة على شرعة الطريق ومعها فى التربة قبر الشيخ الصالح (على الفانى) وبالخط تربة بها قبر الشيخ الصالح (خليفة التكرورى) بلغ من العمر مائة وعشرين سنة وتوفى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة وهناك قبر ابن بنت الجميزى الرجل الصالح المشهور جده لأمه الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن إسماعيل الجميزى المصرى المقدم ذكره وقبره عند تربة القاضى بكار.

سبب التسمية بالخضراء :

وإنما سميت هذه الشريفة بالخضراء لأنها من الجزيرة الخضراء التى بالأندلس من المغرب ثم تأتى إلى تربة الأمير الأجل الأوحد المظفر تاج الملوك بن أبى الهيجاء توفى يوم الأربعاء خامس رجب سنة تسعين وخمسمائة وقد اعتنى بعمارة هذا القبر الأمير جمال الدين على والأمير علاء الدين بن شاه وكانت هذه التربة مجمع المصريين لا سيما فى المواسم والأعياد وكان تاج الملوك من الأمراء ويقابل تربته تربة القاضى الأجل أبى حنيفة النعمان بن أبى عبد الله منصور بن أحمد بن حيوة المالكى أحد الأئمة الفضلاء المشار إليهم وكان مالكى المذهب ثم انتقل إلى مذهب الإمامية وصنف كتابا فى ابتداء الدعوة للعبيديين وكتاب الأخبار فى الفقه وكتاب دعائم الإسلام قال ابن زولاق فى أخبار مصر عنه إنه كان فى غاية الفضل من أهل القرآن عالما بمعانيه وبوجوه الفقه واختلاف الفقهاء واللغة والشعر والمعرفة بأيام الناس وله كتاب الرد على الإمام أبى حنيفة والإمام مالك والشافعى واختلاف الفقهاء ينتصر فيه لأهل البيت وكان يلازم صحبة المعز لدين الله معد بن المنصور وكان وصل معه من إفريقية إلى مصر وتوفى بها وصلى عليه المعز

١٥٣

فى سنة ثلاث وستين وثلثمائة وكان عند المعز بمنزلة عظيمة (ومعه) فيها قبر ولده القاضى أبى الحسن على بن النعمان بن محمد تولى القضاء بعد موت أبيه من المعز لدين الله فى ثانى صفر سنة ست وستين وثلثمائة وتوفى فى سادس رجب سنة أربع وسبعين وثلثمائة ثم تولى بعده ولده القاضى أبو عبد الله محمد بن على ابن النعمان وذلك فى سادس عشر رمضان سنة أربع وتسعين وثلثمائة وكلهم فى هذه التربة شرقى الجامع مقبلا.

وهناك مسجد القاضى أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد.

قبر الشريف أبى الدلالات النسابة :

وعند باب هذا المسجد قبر السيد الشريف أبى الدلالات النسابة كان حافظا لعلوم الأنساب عارفا بها.

وحكى أنه حج فى سنة من السنين ثم عاد إلى المدينة الشريفة لأجل الزيارة فنام فى الحرم فرأى رجلا يبشر كل رجل بالجنة حتى أتاه فأعرض عنه فقال له لم لا تبشرنى كما بشرت أصحابى؟ قال له أنت تحضر مكان الرافضة ، فقال له تبت قال إذا أنت من أهل الجنة قال فاستيقظ من نومه فجاء إليه صاحب له وقال له رأيت مناما أريد أن أقصه عليك ، قال قل فأخبره بمنامه مثل ما رأى فى منامه فكان أبو الدلالات لا يحضر مكانا فيه رافضى ويتحذر منه.

مسجد النباش :

وهناك مسجد يعرف بمسجد النباش أبى عبد الله سمى بالنباش لنبشه فى العلم قال ابن النحوى رأيت فى جزء بخط بعض العلماء أن النباش زوج الفا ومائتى يتيمة وختن الفين ومائتى يتيم وكفن ألفين وستمائة طريح وحج

١٥٤

اثنتين وثلاثين حجة وكان يحضر فى حلقة الفقيه النعمان ويجود بماله على طلبة العلم ومن العجب أن قبره غير معروف قال ابن النحوى سمع رجل من أهل بغداد به فأتى إلى القاهرة فوجده مات فأتى إلى قبره وبكى عنده ثم نام فرآه فى نومه وهو يقول لو جئت إلينا ونحن أحياء أعطيناك مما أعطانا الله اذهب إلى المختار وقل له إن فلانا يسلم عليك ويسألك خمسين دينارا مصروفة ، فلما انتبه من نومه توجه إلى المختار فلما رآه قال له ادن منى فإنى منتظرك فأعطاه الخمسين دينارا مصروفة فأخذها منه وانطلق إلى بلده ، وقيل إن قبره بقرب مسجده فى داخل دار هناك ومسجده معروف بإجابة الدعاء وهو أحد المساجد السبعة وهو بقرب تربة تاج الملوك بن أبى الهيجاء الكردى المروانى.

وشرقى المسجد قبر فى بركة واطئة على صفة مصطبة به أبو القاسم حكيم بن عبد الله السكرى المقرى صاحب مسجد الفراش بالقرافة.

رباط بنت الخواص :

وهناك كان رباط بنت الخواص والرباطات مبنية على هيئة ما كانت عليه بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لأجل الأرامل والعجائز ومجالس الوعظ والمقامات المشهودات ومواقف الزهد على مذهب أهل الطريقة وسالكى منهاج الحقيقة بناه الرجل الصالح المعروف بالخواص وكان بيد ابنته من بعده المرأة الصالحة ولهذا كان يعرف برباط بنت الخواص وكانت من الفضلاء وزاهدة تلبس المرقعة الصوف.

مآثر الصالح بن رزيك :

وقد بنى أحمد بن طولون المصنع الواصل من بركة الحبش إلى داخل

١٥٥

القرافة يعم بخيره القرافة بكمالها الغنى والفقير وصرف عليه المال الجزيل فلما جاء خلفاء الفاطميين إلى الديار المصرية ونزلوا بها واختطوا القاهرة اتخذوا القرافة الكبرى سكنا وبنوا فيها المساجد والقصور والآثار والصهاريج ونزل غالبهم بها ، وضاقت بهم فأصابها عين الحاسد بحريق مصر والجامع العتيق وجامع الأولياء ثم حصل فى الدولة المستنصرية بمصر الغلاء العظيم فخرب غالب المعمور بها ثم جاء الفناء فخرب الباقى والأمر لله ما شاء يفعل فى البلاد والعباد وانقطع المعروف الواصل لها من الناس ثم انتدب السيد الشريف النعمان المصرى إلى إدارة الماء فى المصنع إلى القرافة وعلى الزوايا والصهاريج التى بها فحصل لأهل القرافة راحة عظيمة وثم هذا المعروف مستمرا بها مدة حياته إلى أن توفى فى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة فبطل هذا المعروف منها.

قبر أبى على التكرورى :

وفى هذه الخطة قبر عبد أسود يقال له الشيخ مبارك المعروف بأبى على التكرورى وكانت حرفته عجانا فى الأفران وكان غالب إقامته فى فرن بباب اللوق يعرف بالمعلم محمد المحلى الطحان فلما عجز وكبر سنه سكن بالقرافة فرأى فى قبلى الجامع كوما كبيرا ورحابا فاجتهد فى إزالة الكوم شيئا بعد شىء وشرع فى إنشاء قبور وصار يمشى هناك طولا وعرضا كلما وجد لوحا من رخام وضعه على قبر من القبور التى أقامها.

قبر الشريفة فاطمة الصغرى والكبرى :

وكان فى بحرى تربة الشيخ الأستاذ العارف أبى بكر الأدفوى قبة مرتفعة البناء بها قبر السيدة الشريفة فاطمة الكبرى والسيدة فاطمة الصغرى ومعهما جماعة من الاشراف فأخر بها المفسدون فأخذ مبارك هذا اللوح الرخام

١٥٦

الذى كان موضوعا عل قبرهما فوضعه على قبر من القبور التى أنشأها وسماه قبر فاطمة الصغرى ثم أنه نقش على أحجار أسماء اخترعها ووضعها على تلك القبور وكان أول اسم اخترعه (شكرا) وعمل عليه سترا ولما عملوا الستر حملوه من باب البيمارستان المنصورى بالقاهرة إلى القرافة الكبرى وكان يوما مشهودا فى دولة الأشرف برسباى ثم أنه سماه شكرا ثم انتدب إلى عمارة هذا المكان والبناء عليه وفعل الخيرات به الحاج عيسى (١) سلاخورى الأمير جقمق العلائى أمير أخوركان الذى ولى السلطنة وساعد الحاج مباركا على ذلك هو وزوجته وانتصروا له ثم إن شخصا يسمى خليلا الطحان من باب القرافة كان يقرأ سيرة عنتر وسيرة ذات الهمة (٢) فاخترع لهم أسماء فى كراس وأعطى الكراس للشيخ بدر الذين بن الشربدار وجعلوا له جعلا ليقرأ ذلك فقرأ شيئا منه ولم يمكن من قراته كله والذين ذكروا فى هذه الكرامة منهم عمرو بن العاص وجماعة من الصحابة والحال أنه لم يذكر أحد من أهل الزيارات ذلك ولم يشتهر ولو كان لهذا صحة لعرف واشتهر مع أن من دفن فى القرافة من الأشراف والأولياء والعلماء معروف فإنها كانت منازل الخلفاء والملوك والأمراء وأرباب المناصب لأجل القصور المشيدة والجواسق والمناظر والمساجد والمعابد والرباطات والزوايا قديما وحديثا ولم يزل الناس يترددون إلى زيارة أبى

__________________

(١) الصواب السراخور وهذه وظيفة من وظائف الحكومة المصرية وهو ما يعرف برئيس مخازن الاصطبلات الملكية. وهذه الكلمة مكونة من لفظين فارسيين أحدهما (سرا) ومعناه الكبير والثانى (أخور) ومعناه العلف والمراد كبير الجماعة.

(٢) من المطبوعة (دلهما والبطال) بدل ذات الهمة.

١٥٧

على مبارك التكرورى المذكور إلى أن توفى وكانت وفاته فى يوم الجمعة النصف من رجب سنة إحدى وسبعين وثمانمائة ودفن فى هذه المقبرة بعد أن عمر عمرا طويلا وهذه التربة شرقى مسجد النباش ويجاور مسجد النباش مسجد الزقليط شرقى دار النعمان.

وبالحومة تربة بها السيد عبد الله العلوى قتل بمصر شهيدا (وبجوار) مسجد الزقليط قبور جماعة من الأشراف منهم السيدان الشريفان محمد ومسلم السندى من ولد الحسين رضى الله تعالى عنه.

وهما مدفونان فى دارهما تحت القبة التى إلى جانب الزقليط شرقى دار النعمان وهذه الخطة مباركة بها بقاع شريفة ومعابد وآثار قديمة.

ويقال إن بالحومة قبر الفقيه الإمام أبى المكارم عبد الله بن الحسين ابن أبى الفتح منصور بن أبى عبد الله بن أبى بكر السعدى المقدسى الدمياطى الشافعى مات بالقرافة ودفن بها فى سنة ست وأربعين وستمائة قرأ القرآن على أبى الجود وتفقه على الحافظ أبى الفضل الطوسى.

ثم تأخذ من هناك قاصدا إلى مسجد الريح وهو الآن داثر ويعرف الآن بمسجد الصناديقى وهو الفقيه عبد الرحمن الصناديقى توفى يوم الأحد لست بقين من ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وثلثمائة وقبره على باب المسجد.

ثم تأخذ منه إلى قبر الشيخ الصالح هلال الأنصارى وعند الكوم قبة من غربيه بها أبو عبد الرحمن أحد قضاة مصر.

وفى شرقيه تربة ضيعة الملك وله درب وكان يعرف بضيعة الدولة.

١٥٨

وإلى جانبه تربة الملك الصالح أبى الغارات طلائع بن رزيك الأرمنى ثم المصرى وزير الديار المصرية أيام الفائز والعاضد الفاطميين وهو الذى بنى جامع الصالح ظاهر باب زويلة وبني مشهد الحسين الذى بالقاهرة فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وأوقف بلقس بالقليوبية وبركة الحبش على السادة الأشراف واتصل ثبوتها على يد قاضى القضاة بدر الدين أبى الحجاج يوسف ابن الحسن النجارى الشافعى فى ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة فى أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب وكذلك اتصل ثبوتها يقاضى القضاة عز الدين بن عبد السلام ونفذها قاضى القضاة وجيه الدين المهلبي فى شعبان سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.

مآثر الصالح بن رزيك :

ومن غريب ما اتفق للصالح بن رزيك المذكور أنه كان جالسا مع أصحابه فى بعض الليالى فقال لأصحابه فى مثل هذه الليلة قتل أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه ثم أنه اغتسل وصلى عليه على رأى الإمامية مائة ركعة وعشرين ركعة أحيا بها ليلته وخرج وركب فعثر جواده وسقطت عمامته عن رأسه فتشوش من ذلك وقعد فى دهليز داره وأمر بإحضار ابن الضيف وكان يتعمم للخلفاء فلما أحضر وأحذ فى إصلاح العمامة قال له رجل يعيذ الله مولانا ويكفيه من الذى جرى بما يتطير منه فإن رأى مولانا أن يؤخر الركوب ويفعل فقال له الطيرة من الشيطان ليس إلى تأخر الركوب سبيل فركب فضربه إنسان وعاد محمولا فمات شهيدا فى سنة ست وخمسين وفى هذه التربة معه ولده الملك العادل رزيك بن طلائع الوزير أيضا ومات شهيدا أيضا وبها جماعة أخرى.

١٥٩

وبحرى هذه التربة الصالحية قبر مقابل بابها به الشيخ الصالح العارف أبو العباس أحمد بن محمد بن حسن بن على بن تامتيت اللوانى الفاسى مولده فى المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة قدم من المغرب إلى مصر وسكن القرافة الكبرى حول جامعها وحدث عن أبى الوقت عبد الأول بن عيسى السجزى بالإجازة العامة وعن غيره سماعا وإجازة خاصة وله عدة تصانيف وكان مشهورا بالعلم والزهد والصلاح والحديث يقصد بالزيارة والتبرك بدعائه وتوفى رابع المحرم سنة سبع وخمسين وستمائة ودفن من الغد بهذا القبر وله من العمر مائة سنة وتسع سنين.

وشرقى هذا القبر قبر الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن عبد الله القرافى المصرى خادم جامع الأولياء وخادم تربة الشيخ العارف الأستاذ أبى بكر الأدفوى المعروف بالمغربل توفى فى يوم السبت سابع عشرى ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وثمانمائة.

وغربى قبر ابن تامتيت عند هلال الأنصارى الشيخ الإمام المحدث أبو محمد نجم الدين بن عثمان بن على بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الواحد ابن الحسين بن محمد القرشى الأسيدى المعروف بابن خطيب القرافة الناسخ حدث عن الحافظ أبى طاهر محمد بن محمد السلفى الأصبهانى إجازة لكتاب السنن لأبى عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائى وتوفى فى ثالث ربيع الآخر سنة ست وخمسين وستمائة وله من العمر أربع وثلاثون سنة.

مسجد القبة :

وإلى جانب تربة الصالح بن رزيك جامع القرافة الكبرى الذى له المنبر والخطبة يعرف بمسجد القبة. وكان القراء يحضرون فيه والتي بنت

١٦٠