تاريخ عمان

سرحان بن سعيد الأزكوي العماني

تاريخ عمان

المؤلف:

سرحان بن سعيد الأزكوي العماني


المحقق: عبد المجيد الحسيب القيسي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: وزارة التراث والثقافة سلطنة عمان
الطبعة: ٤
الصفحات: ١٦٢

١
٢

مقدمة المحقق بقلم : عبد المجيد القيسي

يعد هذا الكتاب أول تاريخ جامع واف ، كتبه عن تاريخ عمان أحد أبنائها البررة وقد ظل منذ قرنين من الزمان المصدر الأول والأهم ـ إن لم يكن الأوحد ـ الذي عنه نقل الاخرون ومنه نهلوا ، فهو يعطي للقارئ العجلان صورة شاملة وافية عن تاريخ القوم بأمجاده وماسيه وهو يتيح للباحث المتعمق مادة أصلية لمزيد من الدرس والاستقصاء.

فالكتاب ظاهره كتاب تاريخ ، وهو يشمل تاريخ العرب منذ أيام الجاهلية حتى أواسط العصر العباسي ثم يعرج على تاريخ عمان فيخصص له فصولا من الكتاب ، وبهذا فهو يعتبر المصدر الرئيسي إن لم يكن الأول للتاريخ العماني وعنه نقل من جاء بعده من المؤرخين ، لكن الغرض الأهم الذي قصد إليه الكتاب هو البحث في نشوء العقائد الدينية ، وهو يعرضها من وجهة نظر خاصة لفرقة إسلامية كريمة ينتظم فيها أغلب أهل عمان وبعض من أهل المغرب وشمال أفريقيا وهي الفرقة الأباضية ، والواقع أن المؤلف أراد من وضع هذا الكتاب الدعوة إلى عقيدته الأباضية أو دفع الشبهات عنها وليس أدل على هذا من قوله في المقدمة «وصنفت هذا الكتاب ... وجعلت ظاهره في القصص والأخبار وباطنه في المذهب المختار ... عسى إنهم لأصول المذهب يعرفون ولأهل الحق بالحق يعترفون».

وتقتضينا أمانة البحث أن نسارع إلى القول إن ما ننشره اليوم هو الجزء الخاص بتاريخ عمان من هذا الكتاب فقط ، ولهذا اسميناه «المقتبس من كتاب كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة «وهو وإن يكن جزءا صغيرا منه إلا أنه من

٣

الوجهة التاريخية الصرفة أهم ما في الكتاب ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن هذا الجزء هو السبب في شهرة الكتاب وذيوع اسمه في عصرنا الحالي.

وإنما اخترنا هذا القسم وأسرعنا إلى نشره لشدة الحاجة إليه مصدرا مطبوعا بين أيدي الباحثين والمؤرخين ، راجين أن نكون في عملنا قد يسّرنا بعض سبل البحث وقربنا بعيدها وسهّلنا عسيرها ، على أننا لن نكتفي من الأمر بهذا القدر فقط وإنما سنسعى إلى إكمال تحقيق بقية أجزاء الكتاب ونشرها في مستقبل قريب نرجو ألا يطول انتظار القراء له. ومع هذا وفي سبيل إعطاء فكرة عامة عن منهج الكتاب ومحتوياته فقد اثرنا أن ننشر مقدمته وفهرست مواضيعه كما وضعها المؤلف نفسه.

ويبدو أن هناك نسخا كثيرة من مخطوطة هذا الكتاب في مكتبات العالم ، فهناك نسخ منها في مكتبة المتحف البريطاني وأخرى في المكتبة الوطنية في باريس وأخرى في المكتبة الظاهرية في دمشق وأخريات في كل من القاهرة وتونس وميلانو وبرلين والدمام.

لكن هذه النسخ على وفرتها لم تزدنا علما بمؤلف هذا الكتاب فجميعها خلو من اسمه إلا واحدة قيل إنها نسخة الدمام حملت اسما هو سرحان بن سعيد الأزكوي ، ولكن ورود هذا الاسم لم يحسم النزاع بين الباحثين حول صحة نسبة هذا الكتاب إلى المؤلف المذكور خاصة وأن مصادر الأخبار العمانية لا تذكر هذا الاسم ولا تشير إليه.

ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن هناك كتابين اخرين في تاريخ عمان يكادان أن يكونا صورة طبق الأصل من هذا الجزء الذي ننشره اليوم من كتاب «كشف الغمة» والكتاب الأول هو كتاب «قصص وأخبار جرت في عمان» من تأليف أبي سليمان محمد بن عامر بن راشد المعولي ، والكتاب الثاني هو «تاريخ

٤

عمان» لمؤلف مجهول ، وكل الفرق بين هذه الكتب الثلاثة هو أن «كشف الغمة» يقف في أخباره عند العام ١١٤٠ ه‍ / ١٧٢٨ م في حين يمضي كتاب القصص والأخبار إلى أبعد من هذا قليلا فيصل إلى عام ١١٥٩ ه‍ / ١٧٤٦ م ويستمر تاريخ المؤلف المجهول إلى أبعد من ذلك فيصل بأخباره حتى نهاية القرن الثامن عشر وإلى أيام السيد سلطان ابن الإمام أحمد بن سعيد أي إلى حوالي عام ١٢١٥ ه‍ / ١٨٠٠ م.

والمعولي مؤلف كتاب «قصص وأخبار» رجل معروف أرّخ له المؤرخون العمانيون وذكروا أنه كان عالما وشاعرا ومؤرخا وفقيها وعددوا له بعض المؤلفات في حين أن سرحان بن سعيد الأزكوي ، الذي ينسب إليه كتاب الكشف شخص مجهول لم يرد له ـ كما قلنا من قبل ـ ذكر في الأخبار ولهذا فلا نرى من المعقول أن يسطو شخص له مقام المعولي على كتاب لغيره ثم ينسبه إلى نفسه وفي استطاعته أن يكتب مثله وأحسن منه ، ولعل هذا أن يوحي لنا بأن المعولي نفسه هو مؤلف كشف الغمة. والله أعلم.

وقد تهيأت الشهرة لهذا الكتاب بسبب ترجمة القسم العماني منه إلى اللغة الإنجليزية ونشره فيها. وقد قام بهذه الترجمة المستر : إي سي. روس E.C.Ro وكان معتمدا بريطانيا في مسقط ، فعثر في مكتبة سلاطين الالبو سعيد على نسخة من هذا الكتاب فترجم القسم العماني منه إلى اللغة الإنجليزية ونشره في مجلة الجمعية الاسيوية في البنغال عام ١٨٧٤ بعنوان «أخبار عمان من أقدم العصور حتى عام ١٧٢٨» «Annals of Oman from old days until ١٧٢٨» وكان هذا ثاني كتاب يصدر في الإنجليزية عن عمان وكان الأول كتاب الفتح المبين للمؤرخ العماني إبن زريق والذي ترجمه إلى الإنجليزية المستر بادجرBadger ونشره بعنوان Sayyids And Imams in Oman.

٥

وقد قامت باحثة ألمانية تدعى هيدويج كلاين في عام ١٩٣٨ بتحقيق الفصل الرابع من كتاب كشف الغمة (وهو الفصل الأول من كتابنا هذا) وجعلته رسالتها للدكتوراه ، وقد اعتمدت الباحثة كلاين على نسخة خاصة كانت في برلين ولم يعد لها أثر الان.

أما كتابنا هذا فيقتصر من كتاب كشف الغمة على أبواب ستة هي الباب ٤ و ٣٣ و ٣٥ و ٣٦ و ٣٧ و ٣٨ وهي الأبواب المخصصة لتاريخ عمان في الكتاب.

وقد اعتمدنا في التحقيق على نسخة المكتبة الظاهرية في دمشق (برقم ت ٣٤٧) وتاريخ تمام نسخها عام ١٣١٢ ه‍ / ١٨٩٧ م وقابلناها على نسخة مكتبة المتحف البريطاني (برقم ٨٠٧٦) وتاريخ تمامها عام ١٢٩٠ ه‍ / ١٨٧٤ م.

ومخطوطة دمشق ـ ولعلها هي نفسها نسخة باريس ـ كتبت بخط جميل منسق واضح والعناية بها ظاهرة واضحة ، أما نسخة المتحف البريطاني فذات خط رديء وإملاء سقيم وقد غلب عليها إغفال تنقيط الحروف وكثر فيها السهو وسقوط الكلمات والأسطر بل وفي بعض الأحيان صفحات كاملات ، وبالإجمال ، فهي لوحدها لا تصلح أساسا للبحث والدرس.

وقد عدنا فطابقنا التحقيق ثانية وثالثة على مخطوطتي المعولي والتاريخ المجهول محاولين الإقتراب بها نحو الدقة والكمال قدر الإمكان. دون أن نثقل على القارئ بكثرة الهوامش والتعليقات.

ولأجل أن يتكون من هذا الفصول كتاب مستقل قائم بذاته يسهل الرجوع إليه فقد عمدنا إلى تقسيم الكتاب إلى أجزاء قصيرة متعددة ووضعنا لها عناوين خاصة ، ثم أضفنا إلى الكتاب فهرسا للأعلام.

٦

كما رأينا إتماما للفائدة أن نمضي بالقصة إلى أبعد مما وقف عنده مؤلف كشف الغمة فأضفنا إلى الكتاب ملحقا هو في الواقع الفصل الأخير من كتاب التاريخ المجهول وبهذا وصلنا بالقصة إلى بداية القرن التاسع عشر.

ونكتفي بهذا القدر من الكلام عن الكتاب وتاريخه على أن نعود إلى تفصيل ذلك عند نشر الكتاب كاملا في مستقبل قريب إن شاء الله كما وعدنا بذلك من قبل.

وبعد فنرجو أن نكون قد أسهمنا في جهدنا هذا في أداء قسط جليل من واجبنا في خدمة تاريخ هذه المنطقة كما سبق لنا أن أسهمنا في خدمة حاضرها. فإن يكن الله تعالى قد يسر لنا ذلك ووفقنا إليه فهي نعمة سابغة لا نملك تجاهها إلا الحمد والشكران للمولى المنان منه.

هذا ولله وحده الكمال ومنه تعالى الهداية والتوفيق.

عبد المجيد حسيب القيسي

٧

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدمة المؤلف

الحمد لله الذي رفع السموات بغير عمد وبناها ، وسطّح الأرض على وجه الماء ودحاها ، وجعل لها الجبال أوتادا فأرساها ، وخلق آدم عليه السلام من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين ، وأخرج ذريته أطوارا متتابعين ، فأمرهم ليمتثلوا أوامره طائعين ، ونهاهم ليزدجروا عن نهيه خائفين ، فكان أكثرهم لأمره تاركين ، ولم يكونوا لنهيه مجانبين ، فأرسل إليهم الأنبياء والمرسلين فبينوا لهم الحق المبين ، وأوضحوا لهم السبيل المستبين واتوهم بالحجج القاهرة والبراهين ، فمنهم من أطاع واهتدى ومنهم من ضل وغوى (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)(١) والصلاة والسلام على نبينا الأمين محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد : قد دعتنى الهمة إلى جمع هذا الكتاب وتأليفه وتخليص معانيه وتصنيفه فلبيتها أهلا وسهلا ، وإن لم أكن أنا للتأليف أهلا ، وذلك لما رأيت أكثر أهل زماننا قد غفلوا عن أصل مذهبهم الشريف ، وأقبلوا على أئمة مذهبهم بالتعنيف والتعسيف ، ومالوا إلى حب السادات ذوي التشريف ، قد رغبت أنفسهم عن قراءة الكتب التي خلفها السلف ليعرفوا المحق ممن هو على شفا جرف هار فانهار به إلى التلف ، وقد سمعت أحدا ممن يتحلى بالعلم وينتسب إلى ذوي المعرفة والفهم ، يقول عجل أهل النهر بخروجهم عن طاعة ذي الفخر ، وقد عرفت من كثير ممن ينتمي لهذا المذهب ، ويعزى إليه ويعرف به وينسب ، خلافا لأئمته الذين أسسوه ، وركونا إلى الذين آنفوا عنه ودنسوه فصنفت هذا الكتاب ، وبينت فيه عذر أولي

__________________

(١) ـ سورة النجم الآية ٣١.

٨

الألباب ، وجعلت ظاهره في القصص والأخبار ، وباطنه في المذهب المختار ، لأن الناس لقراءة الأثر لا يستمعون ولاستماع القصص عن اللغو يبتغون فملت إلى رغبتهم لكي يكونوا مستمعين. ولقراءته بصميم القلب مهطعين. عسى أنهم لأصول المذهب يعرفون ولأهل الحق بالحق يعترفون. وسميته :

«كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة» فمن وقف عليه ودخل فيه. فليمهد إلى العذر فيه. لأني ركيك الفهم قليل الحفظ والعلم وإن بان له خطأ في معانيه ، فليصلح بفضل منه مبانيه. وعلى الله أتوكل وهو حسبي ونعم الوكيل وأنا استغفر الله من مخالفة أهل الحق والتفضيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

٩

فهرست الأبواب لكتاب كشف الغمة

الباب الأول : في ذكر عبادة الأصنام واعتقادات أهل الشرك والضلال.

الباب الثاني : في اراء العرب في الجاهلية وما كانوا عليه.

الباب الثالث : في ذكر ملوك العجم والعرب وذكر شيء من أخبارهم.

البابان الرابع والخامس : في انتقال الأزد من اليمن إلى أرض عمان وإجلاء الفرس من عمان.

الباب السادس : في ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

الباب السابع : في ذكر المعراج وذكر طرف من وصف الجنة والنار.

الباب الثامن : في ذكر بيعة العقبة.

الباب التاسع : في ذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

الباب العاشر : في ذكر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

الباب الحادي عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة الثانية من الهجرة.

الباب الثاني عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة الثالثة من الهجرة.

الباب الثالث عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة الرابعة من الهجرة.

الباب الرابع عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة الخامسة من الهجرة.

الباب الخامس عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة السادسة من الهجرة.

الباب السادس عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة السابعة من الهجرة.

الباب السابع عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة الثامنة من الهجرة.

الباب الثامن عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة التاسعة من الهجرة.

الباب التاسع عشر : في ذكر الأمور الحادثة في السنة العاشرة من الهجرة.

الباب العشرون : في ذكر الأمور الحادثة في السنة الحادية عشر.

الباب الحادي والعشرون : في ذكر آداب النبي صلى الله عليه وسلم.

الباب الثاني والعشرون : في ذكر شيء من الأحاديث النبوية.

١٠

الباب الثالث والعشرون : في ذكر خلافة أبي بكر رضي الله عنه.

الباب الرابع والعشرون : في ذكر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

الباب الخامس والعشرون : في ذكر خلافة عثمان بن عفان وذكر أحداثه وقتله.

الباب السادس والعشرون : في ذكر خلافة علي بن أبي طالب وما جرى فيها.

الباب السابع والعشرون : في جواب عبد الله بن أباض لعبد الملك ابن مروان في أمر عثمان ومعاوية وعلي ابن أبي طالب وولده الحسن.

الباب الثامن والعشرون : في ذكر الفرق الإسلامية وهي ثلاث وسبعون فرقة وذكر اعتقاد كل فرقة منها وفيه أربعة فصول :

الفصل الأول : في أسماء فرق المعتزلة واعتقاد كل فرقة منهم وهم خمس عشرة فرقة.

الفصل الثاني : في الفرقة العثمانية وهي خمسة عشرة فرقة.

الفصل الثالث : في فرق الخوارج وهم ستة وعشرون فرقة.

الفصل الرابع : في فرق الشيع وهم ستة وعشرون فرقة.

الباب التاسع والعشرون : في اعتقاد الفرقة الوهابية الأباضية وهي الفرقة المحقة.

الباب الثلاثون : في ذكر الدولة الأموية والدولة العباسية.

الباب الحادي والثلاثون : في ذكر الأئمة الذين باعوا أنفسهم لله في إنكار المنكر.

الباب الثاني والثلاثون : في ذكر انتشار المذهب الأباضي بأرض المغرب وذكر أئمتهم وعلمائهم.

الباب الثالث والثلاثون : في ذكر أخبار أهل عمان من أول إسلامهم إلى اختلاف كلمتهم.

١١

الباب الرابع والثلاثون : في ذكر اختلاف أهل الدعوة في ولاية أهل الحرب الواقع بعمان أيام الصلت بن بمالك.

الباب الخامس والثلاثون : في ذكر الإمامين سعيد بن عبد الله وراشد بن الوليد ومن بعدهما من الأئمة إلى عمر بن قاسم.

الباب السادس والثلاثون : في ذكر الملوك المتأخرين من النباهنة وغيرهم إلى ظهور الإمام ناصر بن مرشد.

الباب السابع والثلاثون : في ذكر ظهور الإمام ناصر بن مرشد رحمه الله وذكر الأئمة من بعده إلى وقوع الفتنة بين اليعاربة.

الباب الثامن والثلاثون : في ذكر وقوع الفتنة بعمان بين اليعاربة وما آلت إليه تلك الأمور.

الباب التاسع والثلاثون : في ذكر تواريخ بعض الصحابة وذكر علماء الأباضية من عمان وغيرها.

الباب الأربعون : وهو خاتم الكتاب في ذكر عذاب القبر وفي الرد على من قال بالرؤية في الاخرة وفي ذكر الشفاعة والميزان والصراط وفي الرد على من قال بالعفو والخروج من النار لأهل الكبار من ذوي الإقرار.

تمت الأبواب بعون الملك الوهاب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد واله وصحبه الأخيار وسلم.

***

١٢

فهرست الكتاب

مقدمة المحقق............................................................ ٣

مقدمة المؤلف........................................................... ٨

فهرست كتاب كشف الغمة............................................ ١٠

فهرست الكتاب....................................................... ١٣

الفصل الأول

في انتقال الأزد إلى عمان وإجلاء الفرس عنها

١ ـ دخول الأزد إلى عمان بقيادة مالك بن فهم وطرد الفرس منها............ ١٧

٢ ـ إنتقال العرب إلى عمان............................................. ٢٤

٣ ـ أخبار مالك بن فهم................................................ ٢٥

٤ ـ وفاة مالك بن فهم................................................. ٢٦

٥ ـ أخبار سليمة بن مالك.............................................. ٢٨

٦ ـ سليمة بن مالك يحكم بلاد كرمان.................................... ٢٨

٧ ـ عودة الفرس إلى عمان.............................................. ٣١

الفصل الثاني

في أخبار أهل عمان من ظهور الإسلام حتى اختلاف كلمتهم

٨ ـ إسلام أهل عمان.................................................. ٣٣

٩ ـ عمرو بن العاص في عمان وانتشار الإسلام فيها........................ ٣٥

١٠ ـ إخراج الفرس من عمان............................................ ٣٦

١١ ـ عودة بن العاص إلى المدينة......................................... ٣٧

١٢ ـ جيوش الحجاج في عمان........................................... ٣٩

١٣

١٣ ـ عمال بني أمية في عمان........................................... ٤١

١٤ ـ إمامة الجلندى بن مسعود.......................................... ٤١

١٥ ـ أمر عمان بعد الجلندى............................................ ٤٣

١٦ ـ الإمام محمد بن أبي عفان.......................................... ٤٤

١٧ ـ إمامة الوارث بن كعب............................................ ٤٤

١٨ ـ إمامة غسان بن عبد الله........................................... ٤٦

١٩ ـ إمامة عبد الملك بن حميد.......................................... ٤٧

٢٠ ـ إمامة المهنا بن جيفر.............................................. ٤٨

٢١ ـ إمامة الصلت بن مالك........................................... ٥١

٢٢ ـ إمامة الراشد بن النضر............................................ ٥١

٢٣ ـ إمامة عزان الخروصي.............................................. ٥٢

٢٤ ـ جيوش الخلافة العباسية في عمان................................... ٥٤

٢٥ ـ أحوال عمان في عهد محمد بن نور.................................. ٥٦

٢٦ ـ الأئمة المنصوبون في هذه الفترة..................................... ٥٨

الفصل الثالث في ذكر الإمامين سعيد بن عبد الله وراشد بن الوليد ومن بعدهما من الأئمة

٢٧ ـ الإمام سعيد بن عبد الله........................................... ٦١

٢٨ ـ الإمام راشد بن الوليد............................................. ٦٣

٢٩ ـ ذكر الأئمة المعقود لهم في عمان.................................... ٦٨

٣٠ ـ خروج أهل شيراز وهرمز على عمان................................. ٦٩

٣١ ـ الإمام أبو الحسن بن خميس........................................ ٧١

٣٢ ـ الإمام محمد بن إسماعيل وولده بركات............................... ٧٣

١٤

٣٣ ـ مآخذ على أعمال محمد ابن إسماعيل وولده بركات.................... ٧٤

الفصل الرابع

ذكر الملوك المتأخرين من النباهنة وغيرهم

٣٤ ـ الملوك النبهانيون المتأخرون......................................... ٨١

الفصل الخامس

من ظهور الإمام ناصر بن مرشد حتى وقوع الفتنة بين اليعاربة

٣٥ ـ ظهور الإمام ناصر بن مرشد....................................... ٩٤

٣٦ ـ الإمام سلطان بن سيف......................................... ١٠٨

٣٧ ـ الإمام بلعرب بن سلطان......................................... ١٠٩

٣٨ ـ إمامة سيف بن سلطان.......................................... ١١٠

٣٩ ـ إمامة سلطان بن سيف بن سلطان................................ ١١١

٤٠ ـ إمامة مهنا بن سلطان........................................... ١١٢

الفصل السادس

في ذكر وقوع الفتنة في عمان وما آلت إليه تلك الأمور

٤١ ـ إمامة يعرب بن بلعرب........................................... ١١٤

٤٢ ـ خروج بلعرب بن ناصر على الإمام................................ ١١٥

٤٣ ـ إمامة سيف بن سلطان وخروج محمد بن ناصر...................... ١١٨

٤٤ ـ الحرب الأهلية أو الهناوية والغافرية................................. ١٢٢

٤٥ ـ مبايعة محمد بن ناصر بالإمامة.................................... ١٣٠

٤٦ ـ نهاية زعيمي الفتنة.............................................. ١٣٥

١٥

الفصل السابع

في ذكر نهاية اليعاربة

٤٧ ـ إمامة سيف بن سلطان وبلعرب بن حمي......................... ر ١٣٧

٤٨ ـ الإستعانة بالفرس............................................... ١٣٨

٤٩ ـ تغلب سيف بن سلطان على الأمر................................ ١٤٠

٥٠ ـ إمامة سلطان بن مرشد.......................................... ١٤١

٥١ ـ عودة الفرس إلى عمان........................................... ١٤٣

٥٢ ـ العجم يغزون مطرح............................................. ١٤٥

٥٣ ـ منازلة الجيش الفارسي حول صحار................................ ١٤٦

٥٤ ـ إمامة السيد بلعرب بن حمير...................................... ١٤٨

الفصل الثامن

في ظهور الإمام أحمد بن سعيد الألبوسعيدي

٥٥ ـ مبايعة السيد أحمد بن سعيد بالإمامة.............................. ١٥٣

٥٦ ـ حملات فارسية جديدة ونصرة البصرة.............................. ١٥٦

٥٧ ـ تمرد أولاد الإمام على أبيهم...................................... ١٥٨

٥٨ ـ وفاة الإمام..................................................... ١٥٩

٥٩ ـ إمامة سعيد بن الإمام أحمد....................................... ١٦٠

٦٠ ـ تغلب السيد سلطان بن الإمام على الأمر في عمان.................. ١٦٠

١٦

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الفصل الأول في انتقال الأزد إلى عمان وإجلاء الفرس عنها

١ ـ دخول الأزد إلى عمان بقيادة مالك بن فهم وطرد الفرس منها :

قال الكلبي : أن أول من لحق بعمان من الأزد مالك بن فهم بن غانم بن دوس ابن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد الأزدي ثم الدوسي ، وكان سبب خروجه إلى عمان أنه كان له جار وكان لجاره كلبه وكان بنو أخيه عمرو بن فهم يسرحون ويروحون فيمرون على بيت ذلك الرجل وكانت الكلبة تنبحهم وتفرق أغنامهم فرمى بها رجل منهم بسهم فقتلها فشكا إليه جاره فغضب مالك وقال لا أقيم ببلد ينال عليه هذا من جاري فخرج مراغما لأخيه.

وقيل ان راعيا كان في طريق بيته كلب عقور لغلام من دوس فشد الكلب على الراعي فرماه بسهم فقتله فعرض صاحب الكلب للراعي فخرج مالك من السراة بمن أطاعه من قومه فسمي ذلك النجد «نجد الكلبة» فلما توسط مالك الطريق حنت إبله إلى مراعيها وجعلت تتلفت إلى السراة وتردد الحنين فقال مالك :

تحن إلى أوطانها إبل مالك

ومن دونها عرض افلا والدكادك

وفي كل أرض للفتى متقلب

وليست بدار الذل يوما برامك

ستغنيك عن أرض الحجاز مشارب

رحاب النواحي واضحات المسالك

__________________

(*) وهو الباب الرابع من كتاب كشف الغمة.

١٧

وقال أيضا :

تحن إلى أوطانها بزل مالك

ومن دون ما تهوى المزار المقارف

وسيح أبي فيه منع لضائم

وفتيان أنجاد كرام غطارف

فحني رويدا واستريحي وبلغي

فهيهات منك اليوم تلك المالف

ثم سار يريد عمان فكان لا يمر بحي من أحياء العرب من معد أو عدنان إلا سالموه ووادعوه لمنعته وكثرة عساكره وسار حتى نزل برهوت وهو بلد بحضرموت. فلبث فيه حتى راح واستراح وبلغه أن بعمان الفرس وهم ساكنوها فعبأ عساكره وعرضها ويقال إنهم كانوا ستة آلاف فارس وراجل فاستعد قاصدا لعمان وجعل على مقدمته ابنه هناءة ويقال فراهيد في ألفي فارس من صناديد قومه. فلما وصل الشحر تخلف مهرة بن حميدان بن الحاف بن قضاعة ابن مالك بن حمير ، فنزل الشحر ، وسار مالك حتى دخل عمان بعسكره في الخيل والعدة فوجد بها الفرس من جهة الملك دارا بن دارا بن بهمن بن اسفيديار وهم يومئذ أهلها وسكانها والمتقدم عليهم المرزبان عامل الملك (١).

فعند ذلك اعتزل مالك بمن معه إلى جانب قلهات من شط عمان ليكون أمنع لهم وترك العيال والأثقال وترك معهم من يمنعهم من العسكر وسار ببقية العسكر. وجعل على المقدمة ابنه هناءة في ألفي فارس وسار حتى نزل بناحية الجوف (٢) فعسكر عسكره وضرب مضاربه بالصحراء وأرسل إلى الفرس يطلب إليهم النزول في قطر من أقطار عمان وأن يمكنوه ويفسحوا له في الماء والكلأ ليقيم معهم.

__________________

(١) كان الفرس يحتلون سواحل عمان ، وصحار خاصة ولم يكونوا قط أهل البلاد وساكنيها كما يوحى بذلك نص الخبر.

(٢) الجوف أرض فسيحة بداخلية عمان من ناحية نزوى.

١٨

فلما وصلت رسله إلى المرزبان وأصحابه ائتمروا فيما بينهم وتشاوروا حتى طال ترديد الكلام والتشاور بينهم ثم أجمع رأيهم على صرفه وقالوا ما نحب هذا العربي ينزل معنا فيضيّق علينا أرضنا وبلادنا فلا حاجة لنا إلى قربه وجواره. فلما وصل جوابهم إلى مالك أرسل إليهم : «أنه لا بد لي من النزول في قطر من عمان وأن تواسوني (١) في الماء والكلأ والمراعي فإن تركتموني طوعا نزلت في البلاد وحمدتكم ، وإن أبيتم أقمت على كرهكم فإن قاتلتموني قاتلتكم. فإن ظهرت عليكم قتلت المقاتلة وسبيت الذرية ولم أترك أحدا منكم ينزل بعمان أبدا». فأبوا أن يتركوه طوعا وجعلوا يستعدون لحربه وقتاله وأقام مالك بناحية الجوف حتى أراح واستراح وتأهب لحرب الفرس وقتالهم.

وكان هناك حتى استعدت الفرس لحربه وقتاله. ثم إن المرزبان أمر أن ينفخ في البوق وتضرب الطبول وركب من صحار في جنوده وعساكره في عسكر جم يقال إنه في زهاء أربعين ألفا ويقال ثلاثين ألفا ومعه فيلة وسار يريد لقاء الجوف مالك. ونزل بصحراء سلوت قريبا من نزوى فبلغ ذلك مالك بن فهم فركب في ستة الاف حتى أتى صحراء سلوت ، فعسكر فيها بإزاء عسكر المرزبان فمكثوا يومهم ذلك لم يكن بينهم حرب. ثم إن مالك بن فهم بات ليلته يعبيء عساكره يمنة ويسرة وقلبا ويكتب الكتائب ويوقف فرسان الأزد مواقفهم فولى الميمنة ابنه هناءة وولى الميسرة ابنه فراهيد ، ووقف هو في القلب في أهل النجدة والشدة.

وبات المرزبان يكتب كتائبه ويوقف أصحابه مواقفهم واستعد كلا الفريقين وركب مالك فرسا له أبلق ولبس درعين ولبس عليهما غلالة حمراء وتكمم على رأسه بكمة حديد ، وتعمم عليها بعمامة صفراء. وركب معه ولده وفرسان الأزد على تلك التعبئة وقد تقنعوا بالدروع والبيض والجواشن ولم يظهر غير الحدق.

__________________

(٣) بمعنى تساووني وإياكم.

١٩

فلما تواقفوا للحرب جعل مالك يدور على أصحابه راية راية وكتيبة كتيبة.

ويقول «أيا معشر الأزد يا أهل النجدة والحفاظ حاموا عن أحسابكم وذبوا عن أبنائكم قاتلوا وناصحوا ملككم وسلطانكم. فإنكم إن انهزمتم تبعتكم الفرس بجنودها فاختطفوكم واصطادوكم بين كل حجر ومدر ، وباد عنكم ملككم وسلطانكم فوطنوا أنفسكم على الحرب وعليكم بالصبر والحفاظ فإن هذا اليوم له ما بعده». وجعل يحرضهم ويأمرهم بالصبر والحفاظ.

ثم أن المرزبان زحف بجميع عساكره وقواده وجعل الفيلة أمامه ، وأقبل نحو مالك وأصحابه ونادى مالك بالحملة عليهم وقال يا معشر الأزد اعملوا معي فداكم أبي وأمي على هذه الفيلة فاكتنفوها بأسيافكم وأسنتكم.

ثم حمل وحملوا معه على الفيلة بالرماح والسيوف ورشقوها بالسهام فولت الفيلة راجعة على عسكر المرزبان فوطئت منهم خلقا كثيرا وحمل مالك وكافة أصحابه على المرزبان فانتفضت صفوف العجم وجالوا جولة ثم تزاحفت العجم بعضها إلى بعض وأقبلت في حدها وحديدها. وصاح المرزبان بأصحابه وأمرهم بالحملة فالتقى الجمعان واختلف الطعن والضرب والطعان واشتد القتال وعظم النزال ولم يسمع إلا صليل الحديد ووقع السيوف فاقتتلوا يومهم ذلك إلى أن حال بينهم الليل وانصرف بعضهم عن بعض. وقد كثر القتل والجراح في الجميع.

ثم ابتكروا من الغد فاقتتلوا قتالا شديدا وقتل من الفرس خلق كثير وثبتت لهم الأزد إلى أن حال بينهم الليل.

فلما أصبحوا في اليوم الثالث زحف الفريقان بعضهم إلى بعض فوقفوا مواقفهم تحت راياتهم وأقبل أربعة نفر من المرازبة والأساورة ممن كان يعد الواحد منهم بألف رجل حتى دنوا من مالك فقالوا هلم إلينا لننصفك من أنفسنا

٢٠