شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

ابن حاجب

شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

المؤلف:

ابن حاجب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٤

التذكير فيه كما مرّ ، وانّما حكم بتماثلهما(لمجيء منجنين) لغة فيها ، وهي لا يمتاز عنها إلّا بالياء موقع الواو فيرجعان إلى أصل واحد ، ولا شبهة في كون منجنين كمنجنيق ؛ فهي أيضا مثلها فيما ذكر من الوجوه (إلّا في «منفعيل») وهو الوجه الأوّل المبني على الاعتداد بجنقونا ؛ لعدم ورود ما يدل على اصالة الجيم والنونين الأخيرتين ههنا حتّى يتحمّل لأجله زيادة الحرفين في الأوّل مع عدم الجريان على الفعل ، فان اعتبر أنها (١) تجمع على : مجانين بدون النون الاولى ؛ فهي زائدة ؛ لعدمها في هذا الجمع والميم أصليّة ؛ لئلّا يقع زيادتان في أوّل ما ليس بجار على الفعل ؛ فوزنهما (٢) «فنعليل ، وفنعلول» ؛ وزنة الجمع «فعاليل» ، وان لم يعتبر ذلك الجمع لكونه خلاف ما ورد عن عامّة العرب من جمعهما على ـ مناجين ـ بالنون بعد الميم ؛ فان اعتدّ ب ـ سلسبيل على الأكثر فوزنهما «فعلليل» و «فعللول» بثلاث لامات ، وإلّا فهما «فعلنيل» و «فعلنول» كما مرّ في منجنيق ؛ ومناجين على «فعاليل» كما لا يخفى.

وليعلم : انّ الخماسي اللّازم ههنا (٣) على الاعتداد بالأكثر في : سلسبيل انّما هو على وجه الالحاق وليس باصالة الحروف الخمسة ؛ لعدم تضعيف أصليين مع ثلاثة اصول ؛ فلا بدّ من اعتبار كون إحدى النونين الأخيرتين مزيدة للالحاق ، بخلاف ـ منجنيق ـ لعدم التضعيف فيها.

ولما كان «فعلليل» من المزيد الخماسي والملحق به في معرض الشك ؛ للخلاف فيه تطرق الشك في الحاق منجنيق به ويتبعها في ذلك منجنون ؛ لأنها مثلها كما مرّ.

(ولو لا منجنين لكان) منجنون ملحقا ؛ بتكرير النون ـ بالخماسي المزيد قطعا

__________________

(١) أي كل واحدة من ـ منجنون ، ومنجنين ـ.

(٢) أي المنجنون والمنجنين.

(٣) أي في منجنون.

٣٠١

فكان «فعللولا» (كعضرفوط) من الخماسي المزيد ـ المذكّر من العظاية ـ لكثرة «فعللول» والقطع بوجوده ؛ وعدم ما يورث ضعفه ، بخلاف الوجهين الأخيرين ؛ لضعف اعتبار ـ مجانين ـ مع كونه خلاف المسموع ؛ وعدم النظير «لفعلنول» ـ بالنون بعد اللّام الاولى.

(وخندريس (١) كمنجنين) في ما يمكن كونه مثله فيه وهو «فعلليل» بثلاث لا مات ـ و «فنعليل» بالنون بعد الفاء ـ دون «فعلنيل» ـ بالنون بعد اللّام الاولى ـ لعدم نون في موقعها في ـ خندريس ـ.

والكلام إلى ههنا كان فيما يوجد فيه الاشتقاق المحقق. (٢)

٢ ـ عدم النظير :

(فان فقد) الاشتقاق فيعرف الحرف الزائد بخروج الكلمة عن الاصول على تقدير اصالته ، وذلك هو عدم النظير ، والمراد بالاصول : الأوزان المعتبرة المشهورة سواء كانت للمجرّد أم للمزيد فيه ، والخروج عنها على ثلاثة أوجه :

الأوّل : أن يخرج الكلمة على تقدير أصالة حرف بحسب الزنة الّتي لوحظت الكلمة عليها من الوزن المعتبر المناسب لذلك التقدير.

والثاني : ان تخرج على تقدير اصالته بحسب الزنة الاخرى الواردة فيها في اللّغة عن الاصول.

والثالث : ان تخرج عنها على تقدير اصالة ذلك الحرف وزيادته معا.

والتفصيل : انّ الاشتقاق ان فقد في الكلمة :

١ ـ (فبخروجها) أي فيعرف الزائد بخروجها على تقدير اصالته (عن الاصول) ،

__________________

(١) الخندريس : القديم من الحنطة ومن الخمر.

(٢) ونعني بالاشتقاق المحقق : الظاهر القريب.

٣٠٢

وهذا هو الوجه الأوّل من الثلاثة ، وذلك (كتاء ـ تتفل) ـ بفوقانيتين والفاء ـ لولد الثعلب ـ ، (و) تاء(ترتب) ـ بفوقانيتين بينهما المهملة وفي آخره الموحدة ـ للشيء الثابت ـ على تقدير كونهما بسكون الحرف الثاني مع ضمّ الأوّل وفتح الثالث أو بالعكس ، والمراد بالتاء الاولى منهما ؛ فانّها لو كانت أصليّة مع اصالة باقي الحروف كانا من الرّباعي المجرّد مع خروجهما عن اصوله المعتبرة على التقديرين ؛ بناء على عدم اعتبار نحو : جخدب فيه ، وان قدرت اصالتها مع زيادة شيء فيهما يصلح للزيادة بأن يكون من حروف «سألتمونيها» كالتاء الثانية منهما واللّام في : تتفل كانا من الثلاثي المزيد مع الخروج عن اصوله على ما يظهر بالتأمّل في الموازنة والتصفح للاصول ، فحكم بزيادتها فيهما على انّهما على «تفعل» كهيئة المضارع المعلوم المضموم العين والمجهول.

وقد نوقش في ايراد الثاني فيما فقد فيه الاشتقاق ؛ لاشتقاقه من : رتب الشيء رتوبا ـ إذا ثبت ـ ، وامّا كون تتفل من : التّفل على زنة كتف ـ للوسخ المتغير الرائحة ـ لوساخة ولد الثعلب ، أو من : التّفل لرمي البصاق ؛ لصغره ولينه ؛ فبعيد ، بل لعلّ غايته شبه الاشتقاق كذا قيل ؛ فتأمّل.

(و) مثل (نون كنتأل) ـ بضمّ الكاف ، على ما في الصحاح ؛ وسكون النون وفتح الفوقانية وسكون الهمزة ـ للقصير ـ ، (و) نون (كنهبل) ـ بفتح الكاف والنون وسكون الهاء وضمّ الموحدة ـ لنوع من الشجرة ـ ؛ فانّها لو كانت أصليّة فيهما مع أصالة باقي الحروف كانا خماسيين مجردين مع الخروج عن اصوله ، فان فرضت أصالتها مع زيادة شيء يصلح للزيادة كانا من المزيد من غيره مع الخروج عن الأوزان المعتبرة في المزيد بالاستقراء.

وقد يقال : انّ الأمثلة الأربعة خارجة عن الاصول المعتبرة في الاسم على تقديري أصالة التاء والنون وزيادتهما كما يظهر بالتدبّر ؛ فهي من الوجه الثالث ، فكأنه تسامح في إيرادها في الوجه الأوّل ؛ بناء على اعتبار الخروج على تقدير الأصالة مع قطع

٣٠٣

النظر عن الحال على تقدير الزيادة.

والظاهر في ترتب ، وتتفل : ان يكونا منقولين من المضارع ، فتأمّل (١).

ثمّ ان ما ذكر في النون من الأخيرين كائن (بخلاف) نون (كنهور) ـ للعظيم من السحاب ـ إذ لا يلزم من فرض اصالتها الخروج عن الاصول ؛ لكونه على هيئة ـ سفرجل ـ وما يلحق به ؛ ولذلك زعم بعض اللّغويين أصالتها.

(و) مثل : (نون خنفساء) ـ بضمّ الخاء وسكون النون وفتح الفاء ـ على لغة فيه ، (و) نون (قنفخر) ـ بضمّ القاف وسكون النون وفتح الفاء وسكون الخاء المعجمة ، لعظيم الجثة ـ ؛ فانّها لو كانت أصليّة فيهما كانا خارجين عن الاصول ؛ لعدم «فعللاء» ـ بفتح اللّام الاولى ـ و «فعللّ» ـ بثلاث لامات وفتح الاولى المخفّفة ـ.

وفي ايراد ـ قنفخر ـ فيما فقد فيه الاشتقاق تأمل ؛ لمجيء ـ قفاخر ـ بحروفه على الترتيب ومعناه ؛ كعلابط ؛ مجردا عن النون ، وهذا يدل على رجوعهما إلى أصل واحد مجرّد عنها وقد مرت له نظائر.

٢ ـ (و) يعرف ـ أيضا ـ الزائد عند فقد الاشتقاق في الكلمة(بخروج زنة اخرى لها) غير الزنة الملحوظة عن الاصول على تقدير اصالته ؛ وان لم يخرج عنها بحسب الزنة الملحوظة ، وذلك لاتفاق المعنى والحروف والترتيب في الزنتين ؛ فلا وجه لأصالة بعض الحروف على إحدى الزنتين الواردتين فيها وزيادته على الاخرى ؛ فالزيادة المعلومة في إحديهما لئلّا يخرج عن الاصول تدل على الزيادة في الاخرى أيضا ، وهذا هو الوجه الثاني من الثلاثة ، وذلك : (كتاء ـ تتفل ، وترتب) (٢) إذا لوحظا على لغة ضمّ الأوّل والثالث كليهما ؛ وهي لغة ثالثة فيهما ؛

__________________

(١) أمر بالتأمّل لتعلم انّهما على تقدير كونهما منقولين من المضارع يعرف الزائد فيهما بالاشتقاق لا بعدم النظير.

(٢) والظاهر : ان متن الشافية قد سقط منه هنا في هذا الشرح أو حذف منه الشارح قصدا ،

٣٠٤

فانّهما ليسا بخارجين عن الاصول على تقدير اصالتها في هذه الزنة ؛ لمجيء «فعلل» كبرثن ، وقنفذ ، لكنّهما خارجان عنها على تقدير اصالتها بحسب الزنتين الاخريين المتقدمتين كما مرّ.

(و) مثل : (نون قنفخر) على لغة كونه ـ بكسر القاف ـ كقرطعب ؛ فانّه ليس بخارج عن الاصول على فرض اصالتها في هذه لكنّه خارج عنها على ذلك الفرض في الزنة الاخرى السابقة.

(و) نون (خنفساء) عند كونه بضمّ المعجمة والفاء كليهما ؛ فانّه لا يخرج عن الاصول عند فرض اصالتها في هذه الزنة ، لوجود مثله : كفرفصاء ـ لضرب من القعود ـ وبخلاف الزنة المتقدّمة كما مرّ.

وكذلك نون ـ كنتأل على لغة كونه كقرطعب ؛ كما ذكره بعض اللّغويين ، ونون ـ كنهبل ـ على لغة فتح الموحدة كسفرجل ، بخلاف الزنة المتقدّمة فيهما.

(و) مثل : (همزة ألنجج) ـ بجيمين بعد النون الكائنة بعد اللّام والهمزة ؛ لعود يتبخر به ـ (مع ألنجوج) ـ بالواو ـ بمعناه ؛ فانّ الهمزة فيه لو كانت أصليّة في هذه الزنة لم يخرج عن الاصول ؛ سواء كانت النون أصليّة على ان يكون كسفرجل ، أو مزيدة للالحاق كشرنبت ـ للغليظ ـ لكنّه خارج عنها على تقدير اصالتها في ـ النجوج ـ بالواو ، سواء اعتبرت اصالة النون ، أو زيادتها ، لعدم «فعلّول» ـ بتشديد اللّام الاولى ـ و «فعنلول» ـ بالنون بعد العين ـ فحكموا بزيادتها ، وحكموا أيضا بزيادة النون لغلبة زيادتها ساكنة ثالثة في الكلمة ، فوزنه : «أفنعل» مثل : ألندد ، وذكر نجم الأئمّة : انّ الواو في ـ النجوج ـ زائدة من غير تردّد ، فهو من أبنية المزيد فيه ، وعندهم : ان عدم النظير على تقديرين في المزيد فيه ليس مرجّحا ؛ فلا تعرف زيادة الهمزة فيه بعدم النظير ، بل بالغلبة ، وشبهة الاشتقاق ؛ إذ فيه ثلاث

__________________

ـ أنّه كان ظانا ان هذه الألفاظ المحذوفة ليست من المتن ، والمتن في غيره ، «مع تتفل ، وترتب» وحذف منه أيضا : مع قنفخر وخنفساء.

٣٠٥

غوالب : الهمزة ، والنون ، والتضعيف ، ويمتنع زيادة الجميع ؛ لتأديته إلى بقاء الكلمة على أصليين فقط ، فحكم بزيادة الهمزة والنون ، واصالة التضعيف ؛ لشبهة الاشتقاق من : لجّ لجاجة ، كأنه ذو لجاجة في نشر الرائحة.

٣ ـ (فان خرجتا) ـ أي الزنتان الحاصلتان للكلمة في الهيئة الملحوظة على تقدير اصالة حرف وزيادته ـ (معا) عن الاصول (فزائد) أي فهو زائد(أيضا) ، كما في الصورتين الأخيرتين ، لكثرة الزيادة المقتضية لاعتبارها عند التردّد ، وهذا هو الوجه الثالث من الثلاثة ، وذلك : (كنون : نرجس) ، وهو اسم جنس من الأسماء الأعجمية المعرّبة الّتي تصرف فيها العرب بالتثنية ؛ والجمع ؛ والتصغير ؛ وغير ذلك ، فانّ الزنة الحاصلة على تقدير اصالة النون «فعلل» ـ بكسر اللّام الاولى ـ والحاصلة على تقدير زيادتها «نفعل» كنضرب ؛ وكلّاهما خارجان عن الاصول في الأسماء ؛ فحكم عليها بالزيادة ، ولذلك منع من الصرف عند جعله ـ علما ـ ؛ بناء على اعتبار الزيادة في أوّله كالزيادة في أوّل الفعل ، وزيادتها في هذه الزنة يدل على زيادتها فيما ورد فيه من : نرجس على هيئة زبرج ، كما في نحو : قنفخر.

وامّا حكم الأخفش باصالة النون في : جالينوس وان خرج عن الاصول على تقدير الاصالة والزيادة معا فلكونه ـ علما ـ في لغة العجم ويتسامح في الاعلام بما لا يتسامح في غيرها ، كذا قيل.

(و) مثل : نون (حنطأو) ـ بكسر الحاء المهملة وسكون النون وفتح الطاء المهملة وسكون الهمزة بعدها الواو ، لعظيم البطن ـ ، فانّها لو كانت فيه أصليّة فهو «فعللو» وان كانت زائدة كانت على «فنعلو» بالنون ـ وكلّاهما خارجان عن الاصول ؛ فرجح سيبويه الثاني وحكم بالزيادة ، واعتبرت زيادة الواو على التقديرين ؛ لئلّا يلزم ما ليس في لغتهم من اعتلال اللّام في الخماسي على الأوّل ؛ وفي الرباعي على الثاني ، وقد يمنع خروجه على التقديرين ، امّا على تقدير الاصالة : فلكونه كقرطعب ، وجردحل باصالة جميع حروفه ، على انّ الواو مبدلة عن حرف صحيح ؛

٣٠٦

كما قال السيرافي ؛ لئلّا يلزم اعتلال لام الخماسي ، وفيه تكلف ، وامّا على تقدير الزيادة : فلكونه مثل : كنثأو ـ بالنون والمثلثة ، لعظيم اللحية ـ من : كثأت لحيته نبتت ، وعنزهو ـ بالمهملة والنون والزاي المعجمة ، لمن يكسره اللهو والنّساء ؛ أو اللئيم المظهر لعداوة صاحبه ـ وبمعناه : العزه ككتف ؛ وعزهاة ، وعزهى ـ منونا ـ ، فانّ الحكم بالزيادة في : حنطأو للحمل على نحو هذين ممّا علم حاله بالاشتقاق لم يكن ممّا نحن فيه ؛ لأنّ الحكم بالزيادة حينئذ ليس لخروج الزنتين عن الاصول.

وما زعمه بعضهم من انّه خارج ممّا فقد فيه الاشتقاق ؛ لكونه من : حطأت به الأرض حطأ ـ صرعته ـ بعيد ، لبعد المناسبة ؛ بل غايته شبهة الاشتقاق.

وفيه احتمال آخر ، وهو ان يكون على «فنعأل» بالهمزة الساكنة قبل اللّام ـ من :الحطو ـ بمعنى تحريك الشيء مزعزعا ـ كأنه لعظم بطنه يضطرب في مشيه ويتحرك إلى الجوانب ، كسندأو ـ للخفيف ، والجريء على الأقدام ، والعظيم الرأس ـ وغير ذلك من المعاني ؛ على رأي من جعله من : السّدو زاعما انّه يقال : سدا البعير ؛ من الناقص الواوي ـ إذا مدّ يديه ـ وكأنه وزن نادر جدّا ، والسندأو أيضا «فنعلو» عند جماعة ، فتأمّل.

(و) مثل : (نون جندب) ـ بضمّ الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة ـ لضرب من الجراد ـ ، فانّه يحكم عليها بالزيادة ؛ للخروج عن الاصول على تقديري زيادتها واصالتها ؛ لعدم «فنعل» و «فعلل» ، (إذا لم يثبت جخدب) ونحوه على «فعلل» في الاصول ، وقد يقال : انّها زائدة وان ثبت هذه الزنة ؛ للاشتقاق ؛ لمناسبته للجدب ـ بمعنى القحط ـ لصيرورته سببا له كما سمّى جرادا لأنّه يجرد وجه الأرض ، والجواب عنه : بأنّه من شبه الاشتقاق تعسف ؛ لاعتبارهم مثل هذه المناسبة في الاشتقاق المحقق على ما يظهر للمتصفح.

ثمّ ان ما ذكر من الحكم على زيادة بعض حروف الكلمة في مثل ما ذكر ثابت على كل حال (إلّا ان تشذّ الزيادة) في موضع وقوعه منها ، فانّه يحكم باصالته وان

٣٠٧

خرجت الكلمة ـ باصالته ـ عن الاصول ، تحرزا عن اعتبار الشاذ ، وذلك : (كميم مرزنجوش) معرّب ـ مرده كوش ـ وهو دواء نافع لعسر البول ، ولسعة العقرب ـ ويقال : له بالعربية ـ السمسق ـ ، (دون نونها) وذلك (إذا لم تزد الميم أوّلا) أي في أوّل الكلمة الّتي ليست جارية على الفعل حالكونها(خامسة) لاصولها ـ أي واحدة من خمسة اصول ـ ، إذا جعلت أصلا أي بأن يكون بعدها أربعة اصول ؛ فان زيادتها على هذا كما هو المشهور في أوّل مرزنجوش تكون شاذّة ؛ فيحكم عليها بالاصالة ؛ لوقوع أربعة اصول بعدها فيه ، وهي حروف زرجش ؛ لعدم كونها من حروف الزيادة ، فهي مع الميم خمسة اصول ، وزيادة النون في موقعها منه ليست شاذّة ، فيحكم عليها بالزيادة كالواو ، لأنّ الاصول لا تزيد على الخمسة فهو من الخماسي ، فوزنه «فعلنلول».

وان قلنا : بجواز زيادة الميم على الوجه المذكور أمكن ان تكون زائدة وتكون النون أصليّة ، ووزنه : «مفعلّول» ـ بتشديد اللّام قبل الواو ـ.

(و) مثل : (نون برناساء) ـ بمعنى الناس ـ ؛ يقال : لا أدري أي برناساء ، واي برناساء هو ، يعني : أيّ الناس هو ـ فانّها لو كانت أصليّة فهو على «فعلالاء» ، وان كانت زائدة فهو على «فعنالاء» ، وهما مشتركان في الغرابة ، لكن ترجح الأوّل بشذوذ زيادتها ـ ثالثة ـ متحرّكة.

وقيل : انّها معطوفة على قوله : نونها ـ أي ودون نون برناساء ، فانّها محكوم عليها بالزيادة ؛ لعدم شذوذ زيادتها والوجه الأوّل.

(وأمّا : كنابيل) ـ بضمّ الكاف ، وهو علم لأرض باليمن فيها صلابة ـ ممنوع من الصرف ، (فمثل خزعبيل) ـ للباطل ـ في عدم كون الحكم باصالة شيء من اصوله منوطا بشذوذ زيادتها ، كما يوهمه شذوذ زيادة النون ـ ثانية ـ كالثالثة المتحركة في : برناساء ـ لثبوت اصالة اصوله بالاشتقاق المحقق من : كنبل كبرثن ـ أي صلب ـ كخزعبيل من : خزعبل بمعناه ؛ على هيئة قذعمل وان تخالفا من غير هذه الجهة ،

٣٠٨

فان خزعبيلا خماسيّ مزيد فيه ؛ وكنابيل ليس خماسيا بل هو على «فعاليل» ـ بالألف ـ من الرباعي المزيد فيه على ما في المفصل وغيره كما ذكره بعض المحقّقين ، وعلى هذا ليس ملحقا عند المصنف ـ بنحو : خزعبيل ؛ لعدم زيادة الألف ـ حشوا ـ للالحاق عنده ، نعم ان ثبت مجيئه بالهمزة موقع الألف على ما يقال احتمل كونه ملحقا به ؛ لأنّ الهمزة تزاد للالحاق ، فتأمّل.

والاولى ترك هذه العبارة كما لا يخفى.

٣ ـ غلبة الزيادة :

(فان) كانت الكلمة مع فقد الاشتقاق فيها بحيث (لم تخرج) عن الاصول على تقدير اصالة حرف فيها فلم تكن معدوم النظير على ذلك التقدير(فبالغلبة) ، أي بأن يكون الغالب بالاستقراء الزيادة يعرف كونه زائدا ، ثمّ انّ الكلام وان كان في الزيادة الّتي هي لغير الالحاق والتضعيف ؛ وان انتهى ههنا إلى صورة فقد الاشتقاق مع وجود النظير ، لكنّه قصد الاشارة إلى صور غلبة الزيادة مطلقا ، تكثيرا للفائدة وان خرج بعضها عمّا فيه الكلام ، (كالتضعيف في موضع) واحد من الكلمة(أو موضعين) منها(مع ـ ثلاثة اصول ـ للالحاق ، وغيره) ، فانّ الغالب في كل ذلك هو الزيادة ، وذلك : (كقردد) ـ بزيادة الدال ـ للالحاق بجعفر ، والتضعيف في موضع واحد ، (ومرمريس) ـ بميمين ورائين مهملتين وسين مهملة بعد الياء ، للداهية ـ من : المراسة ـ بمعنى الشدّة ـ على ما قال محمّد بن السري ، وقيل : من الممارسة ؛ لأنها تمارس الرجال ، والتضعيف فيه في موضعين ـ الفاء والعين ـ للالحاق بسلسبيل ، ووزنه «فعفعيل» ـ بفائين بعد كل منهما عين ـ ، (و) مثل : (عصبصب) ـ بعين مهملة وصادين بعد كل منهما موحدة ، للشديد ـ من : العصب بمعنى : الطيّ الشديد ـ ، ووزنه «فعلعل» بالتضعيف في موضعين ـ العين واللام ـ ، وهو ملحق بسفرجل ، (و) مثل : (همّرش) ـ بفتح الهاء وتشديد الميم المفتوحة وكسر الراء المهملة بعدها الشين المعجمة ـ للعجوز الكبيرة ، والناقة الغريزة ـ على «فعّلل» ـ

٣٠٩

بكسر اللّام الاولى وتشديد العين المفتوحة ، وتضعيفها ـ على انّه رباعي مزيد فيه عند الخليل وسيبويه واتباعهما ، وتصغيره عندهم : ـ هميرش ـ بحذف الميم الزائدة ـ.

(وعند الأخفش : أصله : هنمرش) ـ بالنون قبل الميم ـ وقال : انّه خماسي (كجحمرش) ، على «فعلل» ـ بثلاث لامات ـ وليس برباعي بتضعيف العين كما زعمه اولئك ، لعدم النظير له ؛ (لعدم «فعّلل») ـ بتضعيف العين وكسر اللّام الاولى ـ في اللّغة ، ثمّ (قال : ولذلك) الّذي ذكر من عدم «فعّلل» بالتضعيف ، (لم يظهروا) النون من ـ هنمرش ـ ، بل ادغموها في الميم المتقارب في الغنّة ، واظهرت في المصغر للفصل بياء التصغير ، وهو عنده : هنيمر ـ بحذف الخامس ـ ، ولو كان «فعّلل» بالتضعيف موجودا كان الادغام مظنة الالتباس به فكان الاظهار لازما ، للزومه في المتقاربين في كلمة واحدة عند اللبس في الادغام.

واتفقوا في : همّقع ـ بالميم المشدّدة والقاف المفتوحتين ـ للأحمق ـ انّه بتضعيف العين للمبالغة ، وليس خماسيا على ان يكون أصله : هنمقع ـ بالنون ـ ، لعدم «فعلل» بفتح اللّام الاولى والثانية معا وسكون العين ـ في الخماسي.

[تعيين الزائد في التضعيف] :

(والزائد في نحو : كرّم) تكريما ، من المشتمل على التضعيف مع جهالة الزائد على التعيين بالنظر إلى نفس لفظه هو (الثاني) من المثلين من جهة الامارات والقياس ، لتعيّن ثاني المثلين للزيادة بالاتفاق فيما علم حاله من لفظه ، كقردد ، فان مقابل اللّام الاولى من الملحق به كجعفر موجود في لفظه ؛ فالزيادة انّما هي في مقابل الثانية ، فليحمل عليه ما جهل أمره ؛ مع اولويّة الآخر وما يقرب منه بالزيادة ، (وقال الخليل) : هو (الأوّل) منهما ؛ لاولويته بالزيادة ؛ لسكونه تقليلا للزائد مع كثرة الزيادة في موقعه من غير المثل ؛ كحوقل ، وبيطر ، فحمل المثل عليه أولى عند التردّد ، وعورض هذا بكثرة الزيادة في موقع الثاني أيضا من نحو ذلك ؛ كجدول ، وعثير ،

٣١٠

ولعل أكثرية الأوّل ممنوعة.

(وجوز سيبويه الأمرين) ، لتعارض الامارات عنده ، ثمّ انّهم اتفقوا على جواز وجود الأصلي المماثل للفاء في الكلمة وان لم يوجد مثل العين فيها ، وذلك مع الفصل بالأصلي كثير كقرقف ـ للخمر ـ ، وبدونه قليل ، سواء فصل بالزائد مثل : كوكب أم لا ـ كيين ـ بتحتانيتين ـ لمكان ، والأخير نادر جدّا.

[موارد جواز التضعيف وعدمه] :

(ولا يضاعف الفاء) بزيادة مثلها(وحدها) ؛ بدون تضعيف العين بالزيادة عند جمهور البصريين ، ومنهم سيبويه ؛ لزعمهم عدم وجدان ذلك في اللّغة بالاستقراء ، لا مع الاتصال كضضرب في : ضرب ، ولا مع الفصل كضرضب ، وامّا مع تضعيف العين : فقد يضعف الفاء مع الفصل ، كمرمريس.

(ونحو : زلزل) ، ودمدم ، (وصيصية) ـ بمهملتين مكسورتين بعد كل منهما ياء ، للحصن ـ وجمعها الصياصي ، (وقوقيت) ـ بقافين ـ ، (وضوضيت) ـ بمعجمتين ـ كلّاهما بالياء المنقلبة عند المصنف وجماعة عن الواو الرابعة المتطرفة الساكنة مع الضمير ، كأغزيت ، وأعطيت ، لكونهما من : القوقاة ـ لصياح الديك ـ والضوضاة ـ لصياح الناس ـ بالألف المنقلبة فيهما عن الواو ، حملا على الغالب في الألفات الرابعة المنقلبة ، (رباعيّ) عندهم ، على «فعلل ، وفعللة» (١) ـ بلامين ـ باصالة جميع المماثلات ، (وليس) نحو ما ذكر من المزيد الثلاثي على ان يكون الاصول ـ ثلاثة ـ ويكون حصول الأربعة بتكرير بعضها ، وذلك لأنه ليس (بتكرير لفاء) بزيادة مثلها ؛ بأن يكون على «فعفل» مثلا ـ بفائين بينهما العين ـ كما زعمه الكوفيون ، حتّى ينتقض به الحكم المذكور ، (ولا) تكرير(لعين) بزيادة المثل على «فعلع» ـ بعينين ـ ، (للفصل) المعهود عندهم بين كل متماثلين فيها ، وهو الفصل بالأصلي ؛ فانّ الفصل

__________________

(١) و «فعللت». «نظام».

٣١١

بين الفاء ومثلها لو كان زائدا كان ذلك المثل عينا وما بعده لاما ؛ لامتناع كون الكلمة المتصرفة بلا ـ عين ـ أو بلا ـ لام ـ ، وحينئذ فيتماثل الفاء والعين ، كما في : كوكب ، وهو قليل لا يصار إليه عند التردّد فذلك الفصل أصلي على انّه عين ، فعلى القاعدة الاستقرائيّة وهي : انّ المتفاصلين بالحرف الأصلي كلّاهما أصليان يكون مثل الفاء ـ أيضا ـ أصليّا على انّه لام ، وهو الفصل بين العين ومثلها فمثلها أيضا أصليّ على انّه لام اخرى ؛ ويتم بناء الرباعي ؛ مع ان اصالة عدم الزيادة أيضا يقوي اصالة الجميع.

وهذا بخلاف ـ مرمريس ـ ، فانّه من : مارس أو مرس للاشتقاق ، فالفصل بين الرائين فيه بالميم الزائدة وبين الميمين وان كان بالراء الأصليّة الّتي هي العين لكن هان الاعتناء باصالتها بزيادة المثل والتكرير من غير حاجة فكأنها ليست أصليّة ، كذا قيل.

ولا شيء ممّا يشتمل ـ من نحو ما ذكر ـ على حرفي لين بذي زيادة لكليهما ، لتأدية ذلك إلى بقاء الكلمة المتصرفة فيها على أصليين فقط ، (ولا بذي (١) زيادة لأحد حرفي اللين) ، وان سلمنا عدم جريان دليل الفصل في نحو : قوقيت من نحو ذلك ، بناء على تسليم اصالة الياء وعدم انقلابها عن الواو ؛ فلا يكونان من المتماثلين المتفاصلين بالأصلي ، وذلك (لدفع التحكم) اللّازم من الحكم بزيادة أحدهما دون الآخر ، لعدم الاولويّة ؛ فان ما يناسب توهّم الزيادة ـ وهو غلبة الزيادة فيهما في مثل موقعهما من نحو ذلك ـ مشترك بينهما ، مع انّ الزيادة في كل منهما تؤدي إلى قليل الإيصار إليه عند التردّد ، لتأدية زيادة الأوّل إلى تماثل الفاء والعين ؛ والثاني إلى تماثل الفاء واللّام الواحدة كسلس ، ولعلّه لاشتراكهما في مطلق تلك التأدية المقتضية للعدول عن الزيادة لم يعبأ بما يمكن ان يقال : من اولويّة الآخر بالزيادة ، فتأمّل.

__________________

(١) عطف على قوله : وليس بتكرير الفاء.

٣١٢

(و) كما ان ما ذكر رباعي (كذلك ـ سلسبيل ـ خماسي) على «فعلليل» ـ بثلاث لامات مع زيادة الياء ـ (على الأكثر) للفصل بالأصلي بالتقريب المتقدم ؛ واصالة الاصالة ، خلافا لمن زعم : انّه من المزيد الرباعي بتكرير الفاء على «فعفليل».

(وقال الكوفيون) ، والزجاج من البصريين : ان ذا الأربعة الحاصل بتكرير حرفين ان وجد في اللّغة ذو ثلاثة يناسبه في المعنى ويشتمل على ما عدا الثالث من حروفه على الترتيب فهو مزيد ثلاثي مأخوذ من ذي الثلاثة المذكور بالزيادة على وجه التكرير ، فقالوا : (زلزل) مأخوذ(من زلّ) بالتشديد ، (وصرصر) بمعنى صوّت (من صرّ) القلم والباب صريرا ، بذلك المعنى ، (ودمدم) الله فلانا ، ودمدم عليه ـ إذا أهلكه ـ (من دمّ) فلان القوم ـ طحنهم وأهلكهم ـ ، وقيل : من دمّ اليربوع جحره ـ إذا غطّاه وسوّاه ـ ، وذلك (لاتفاق المعنى) والحروف على الترتيب في ذي الأربعة وذي الثلاثة المذكورين على ما هو شأن الاشتقاق الّذي هو أقوى ما يعرف به الزائد عن الأصلي ، ولا يعتني معه باصالة الاصالة ، ولا بالفصل بالأصلي ان سلمت تلك القاعدة ، ومن ثمّ اعترف الخصم في : مرمريس بالزيادة مع الفصل بالأصلي ، والتفرقة (١) دعوى مجردة عن الدليل.

وأمّا ذو الأربعة : المذكور الّذي لم يوجد في اللّغة ذو ثلاثة يناسبه كذلك حتّى يعتبر اشتقاقه منه كسمسم فهو رباعي باصالة الجميع ، لاعتبار اصالة الاصالة ، أو الفصل ، حيث لم يعارضهما الاشتقاق الّذي هو أقوى.

وقد يحكي عنهم وعن الخليل : القول بالزيادة في القسمين من غير فرق ؛ اجراء لهما على وتيرة واحدة ، ثمّ انّ المحكي عنهم : انّ الزائد من أوّل الأمر هو صورة العين ، لكنّها أبدلت إلى صورة الفاء الموجودة في الكلمة ، لئلّا يجتمع ثلاثة أمثال ، والزجاج : جعل الزائد من أوّل الأمر صورة الفاء ، ولعل هذا أظهر.

__________________

(١) أي بين مرمريس وبين ذي الأربعة المذكور.

٣١٣

وقد توجد المناسبة الاشتقاقيّة بين ذي الأربعة وذي الثلاثة المجرّد عن رابعها ، كقوقيت ، وقاقت الدجاجة ـ إذا صاحت ـ من مادّة القوق ، وصيصية ، والصّيص ـ للحصن ـ ، فمن المحتمل أن يعتبر الاشتقاق فيه ـ أيضا ـ بزيادة في الآخر للالحاق ، كالياء في : صيصية ، والألف في : قوقى ، ويقال : انّها قلبت مع الضمير ياء ، كما قلسي ، واسلنقي ، فتأمّل.

ولنرجع إلى المقصود ، فنقول : ان معرفة الزائد بالغلبة كالتضعيف على الوجه المتقدّم ، (وكالهمزة) الواقعة(أوّلا) في الكلمة(مع ثلاثة اصول فقط) معلومة الاصالة بعدم كونها من حروف الزيادة ، أو بدليل ، فانّ الغالب في تلك الهمزة فيما علم حاله هو الزيادة كما في : أحمر ، وأبيض ، وأعلم ، فيحكم عليها بالزيادة عند الجهالة ، حملا على الغالب.

وعلى هذا(فأفكل) ـ بفتح الهمزة ـ كأحمر ـ للرعدة ـ يقال : أخذه أفكل ـ إذا ارتعد من برد أو خوف ـ «أفعل» بزيادة الهمزة ، لكونها فيه أوّلا مع ثلاثة اصول ، ولا يبني منه فعل على ما قال الجوهري ، (و) بعض القدماء(المخالف) في ذلك ، ذاهبا إلى انّه رباعي على «فعلل» (مخطئ) ، لتنزيله اللفظ على خلاف الغالب من زيادة الهمزة في نحوه مع كونه خلاف مقتضي الاستعمال الثابت فيه ، وهو منعه من الصرف عند العلمية كأحمر ـ علما ـ على ما قال سيبويه ، للعلمية ووزن الفعل ، ولو كان «فعللا» صرف كجعفر ، وكذلك : ابريق «إفعيل» بزيادة الهمزة الواقعة أوّلا مع ثلاثة اصول ، لكون الياء زائدة.

واحترز بالأوّل عن غيره ، لقلّة الزيادة فيه ، ومن ثمّ حكم باصالتها في : برأل ـ الديك ، برألة ، بالموحدة والمهملة على «فعلل ، فعللة» ـ إذا أنفش برائله ـ وهو كعلابط ؛ الريش المستدير في عنقه ، وفي : تكرفاء السّحاب على «تفعلل» ـ أي تراكم مرتفعا ـ ، وبالكون مع الثلاثة : عمّا لو كانت مع أقل ، كالإرب ، والأبد ، لعدم غلبة الزيادة حينئذ مع أنها تؤدّي إلى البقاء على أصليين فقط ، والتقييد بقولنا : فقط لعدم

٣١٤

غلبة الزيادة مع الأكثر من ثلاثة ، فيرجع إلى اصالة الاصالة إلّا بدليل ، (و) من ثمّ قالوا : (إصطبل) ـ لمربط الدواب ـ خماسي ؛ (كقرطعب) باصالة جميع الحروف. (١)

(والميم كذلك) في غلبة الزيادة مع ثلاثة اصول فقط في الأوّل ، كما في : منبج ـ بفتح الميم وكسر الموحدة بينهما النون ؛ لموضع ـ فانّ الموحدة والجيم أصليان ؛ لعدم كونهما من حروف الزيادة ، والأصل في النون الثانية الاصالة ؛ فيحكم باصالتها وزيادة الميم ؛ لغلبة زيادتها في مثل موقعها منه ، وعدم النظير «لفعلل» ـ بكسر اللّام الاولى ـ في الرباعي أيضا يدل على زيادتها ، فهو كمجلس ونحوه.

وذلك بخلافها مع أقل من ثلاثة ؛ كملك ، أو مع الأكثر منها ، كمرزنجوش ، أو في غير الأوّل كضرغام ، لعدم غلبة الزيادة في شيء من ذلك.

ثمّ انّ الهمزة تزاد في الاسم ، والفعل ، والميم لا تزاد إلّا في الاسم ، ونحو : تمسكن ، وتمندل ، لتوهم اصالة الميم ، (و) زيادة كل منهما(مطّردة) مع ثلاثة فصاعدا(في) الاسم (الجاري على الفعل) ، والمراد به ههنا : المتصل بالفعل وان لم يوافقه في عدد الحروف والحركات والسكنات ، وذلك : كالمصادر ، وأسماء الفاعلين والمفعول ، والزمان والمكان ، ونحو ذلك ، كالاكرام ، والاستخراج ، والاحرنجام ، ومكرم ، ومستخرج ، ومدحرج ، ـ بكسر الرّاء وفتحها ـ ، ومقام.

(والياء) أصليّة مع أصليين فقط ، كاليسر ، والبيت ، والظّبي ، وزيادتها غالبة(مع ثلاثة اصول فصاعدا) في الأوّل ، كيلمع على زنة يعلم ـ للسّراب ـ ، ويعفور ـ لولد البقرة الوحشيّة ـ ، والوسط ، كضيغم ، وفيلق ، وسلسبيل ، والآخر كاللّيالي ، والحاصل : انّ زيادتها غالبة في أي موضع كان من كل اسم (إلّا في أوّل) الاسم (الرباعي) ، فانّها لا تزاد فيه (إلّا في) الاسم الرباعي (الجاري على الفعل) ، فانّها تزاد في أوّله ، والمراد بالجاري عليه هذا المنقول منه ، كيدحرج إذا سمّى به ، لعدم وجدان الياء في

__________________

(١) والمتن في غير هذا الشرح هكذا : وإصطبل فعللّ كقرطعب.

٣١٥

أوّل غيره من الجاري عليه ، (ولذلك) الّذي علم من عدم زيادتها في الرباعي الغير الجاري على الفعل ، وجواز زيادتها في غير الأوّل منه (كان يستعور) ـ بالتحتانية في أوّله فالسين المهملة فالفوقانية فالعين والراء المهملتين بينهما الواو ، للباطل ، وللداهية ، ولشجر يستاك بعوده ، ولموضع قرب المدينة ، ولكساء يجعل على عجز البعير ـ خماسيا مزيدا فيه على «فعللول» (كعضرفوط) ، فالياء أصليّة وليست زائدة ، كالواو ، بأن يكون من الرباعي المزيد فيه ، لئلّا يلزم زيادتها في أوّل ما ليس جاريا على الفعل من الرباعي ، كذا قال المبرد ، ولو جعلت السين أو الفوقانية زائدة أيضا على انّه من الثلاثي المزيد فيه لم يلزم ذلك ، لكن لم يذهب إليه ، (و) كانت (سلحفية) ـ لدويبة ـ «فعلّية» ـ بضمّ الفاء وفتح العين وكسر اللّام المشدّدة ، وزيادة الياء ـ للالحاق بقذعملة وان كانت رباعية الاصول ؛ لعدم وقوعها في الأوّل.

(والواو ، والألف) أصليتان مع أصليين فقط ، كوعد ، وسوط ، ودلو ، وغزا ، بالألف المنقلبة عن الأصلي ، وهما : (زيدتا مع ثلاثة) اصول (فصاعدا) نحو : كوثر ، وجدول ، وعصفور ، وقرطبوس ، وضارب ، وسرداح ، وقبعثرى ، وبالجملة فيجوز زيادتهما في كل موضع من الكلمة(إلّا في الأوّل) ، فانّهما لا تزاد فيه ، اتفاقا في الألف ؛ لتعذر الابتداء بها ، وعلى الأصح عند جماعة في الواو ؛ إذ من شأنها في الأوّل ان يتطرّق إليها الانقلاب إلى الهمزة إذا كانت مضمومة ، كاجوه في : وجوه ، أو مكسورة كإشاح في : وشاح ، والمفتوحة تضم في التصغير ؛ فيجوز قلبها همزة فيه أيضا ؛ فكرهوا زيادتها مع كونها في معرض التغيير والجهالة ، (ولذلك) الّذي ذكر من عدم زيادتهما في الأوّل (كان ورنتل) ـ بالواو والمهملة والنون والفوقانية واللّام ، للنسر من الطيور ، والداهية ـ «فعنللا» باصالة الواو فزيادة النون ، (كجحنفل) ـ بتقديم الجيم على المهملة والنون والفاء ، لغليظ الشفة ـ ، فهو من الرباعي المزيد فيه المعتل الفاء.

٣١٦

وقال قوم زعموا : جواز زيادة الواو في الأوّل انّها فيه زائدة ، وقيل : انّه خماسي الاصول ، كسفرجل ، وقد يشترط في زيادة الواو ، والياء ان لا يكون الكلمة من ذي الأربعة الحاصل بتكرير حرفين ، كيؤيؤ على زنة برثن ـ بيائين تحتانيتين بعد كل منهما همزة ، لطائر يشبه الباشق ـ ، والوعوعة ـ بواوين ومهملتين ـ مصدر : وعوع السبع ـ إذا صاح ـ ، فانّهما في نحو ذلك أصليان.

(والنون كثرت) مع وصف الزيادة(بعد الألف) المسبوقة بأكثر من أصليين حالكونها جزء(آخرا) في الكلمة ، كسلمان ، ونومان ، وسكران ، وزعفران ، وعبوثران ـ لنبت طيّب الرائحة ـ ، فيحكم عليها بالزيادة في مثل هذا الموضع ؛ إلّا بدليل على الاصالة كالاشتقاق في : فينان على انّه من الفنن كما مرّ.

بخلافها بعد الألف المسبوقة بأصليتين فقط ، كأمان ، وسنان ، فانّها حينئذ أصليّة.

(و) كثرت النون أيضا زائدة مع توسطها بين أجزاء الكلمة ؛ حالكونها(ثالثة) في الكلمة(ساكنة) نحو : قرنفل ، ـ لعطر معروف ـ ، وعقنقل ـ لكثيب الرمل العظيم ـ و (نحو : شرنبث) لغليظ الكفين والرجلين ، وقد يوصف به الأسد ، (و) نحو : (عرند) ـ بالمهملات بضمّ الفاء والعين وسكون النون بعدهما ـ على ما حكاه سيبويه على «فعنل» ـ أي صلب ـ ، والاشتقاق فيهما أيضا يدل على الزيادة ؛ لمجيء : شرابث كعلابط ؛ وعرد نحو : كتف بمعناهما ،

وقد يخص غلبة الزيادة في : الثالثة الساكنة بما إذا كان بعدها حرفان فصاعدا ؛ كشرنبث ، وقلنسوة ، وذكر بعضهم مع ذلك شرطا آخر ؛ وهو ان لا تكون مدغمة ، كما في عجنّس ـ بفتح المهملة والجيم والنون المشدّدة وفي آخره المهملة ـ للبعير الضخم الشديد ـ ، فانّها يحكم عليها بالاصالة ، وعلى المدغم فيها بالزيادة ؛ لأن زيادتها أكثر من المدغمة ، خلافا لأبي حيان ، حيث حكم بزيادة النونين معا ،

٣١٧

وزيادتها في غير ما ذكر ليست من الغوالب ، وذلك : كالثانية نحو : عنبر ، والثالثة المتحركة كغرنوق ـ بالمعجمة فالمهملة ـ على زنة عصفور ، ـ لطير من طيور الماء ـ ، فيرجع فيها إلى اصالة الاصالة إلّا أن يعرف زيادتها بدليل آخر ؛ كزيادة الثانية في : حنظل ، وسنبل بالاشتقاق ، لقولهم : حظلت الإبل على «فعل» ـ بكسر العين ـ أي أذاها أكل الحنظل ـ ، وأسبل الزرع ـ خرج سنبله ـ.

(واطردت) زيادة النون (في المضارع) إذا كان لجماعة المتكلمين ، نحو : نفعل ، وقيل : انّ حروف المضارعة حروف معنى ، كنوني التثنية والجمع ، والتنوين ؛ وليست من الزوائد ، (و) اطردت زيادة النون أيضا في (المطاوع) ، وقد مرّ معناه بنحو : «إنفعل ، وإفعنلل» وفروعهما من المضارع والأمر والنهي والمصدر وغير ذلك.

(والتاء) كثرت زيادتها(في) المصادر ، كما في «التّفعيل» ونحوه) ؛ كالتّفعل ، والتّفاعل ، والتفعلل ، والافتعال ، والاستفعال» وفروعهن.

(و) كثرت أيضا(في نحو : رغبوت) ـ أي ذو رغبة ـ ، ورحموت ، وجبروت ، وملكوت ، وعفريت ، ونحوها ممّا فيه التاء بعد الواو والياء الزائدتين المسبوقتين بأكثر من أصليين ؛ فيعرف زيادتها بذلك وان عرف بوجه آخر أيضا كالاشتقاق وعدم النظير ، ومنع سيبويه : كونها من الغوالب في نحو هذا ؛ وقال : انّما يعرف زيادتها بوجه آخر كالاشتقاق من : الرغبة والرحمة ، وغير ذلك.

(والسين : اطردت في : «استفعل») وفروعه ، (وشذّت في : أسطاع) ـ بفتح الهمزة وقطعها ـ ، واختلفوا في توجيهه : (قال سيبويه) ، والأخفش : (هو أطاع) في الأصل ؛ فزادوا السين شذوذا كأنها عوض عن تحرك العين ؛ حيث تحولت حركته إلى الفاء ، فان أصله : أطوع فنقلت حركة الواو الّتي هي العين إلى الطاء ؛ وعلى هذا(فمضارعه : يسطيع ـ بالضم ـ) في حرف المضارعة ، كما هو القياس من باب الأفعال.

٣١٨

(وقال الفرّاء) : أصله : إستطاع كاستقام ؛ على انّه من باب الاستفعال ؛ وزيادة السين قياس وانّما(الشاذ فتح الهمزة) ؛ وجعلها همزة قطع ؛ حملا على همزة باب الافعال ؛ (وحذف التاء ، فمضارعه بالفتح) على ما هو القياس في باب الاستفعال ، كما انّ المضارع بالفتح في اللّغة المشهورة فيه ؛ وهي إسطاع ـ بكسر الهمزة الوصلية ـ على أنها مخففة من : استطاع بحذف التاء ، كما يقال.

واعلم ان بكرا يلحقون الكاف الّتي هي لخطاب المؤنث سينا مهملة ساكنة في الوقف ، وبني تميم يلحقونها شينا معجمة ساكنة فيه ؛ ابقاء لكسرة الفارقة بين المذكر والمؤنث باجراء السكون الّذي يقتضيه الوقف على أحدهما (١) ، وكلّاهما غير فصيح ، وذلك : نحو : اكرمتكس ، ومررت بكس ، ـ بالمهملة ـ في بكر ، والمعجمة في تميم ، ويسمّى المهملة البكرية سين الكسكسة ، بكافين بعد كل منهما مهملة ـ ، والمعجمة التميمية شين الكشكشة ـ بكافين ومعجمتين كذلك (٢) ـ ، لتكرر الكاف مع أحدهما في كلامهم بتكرير الكلمات الّتي يستعملونها ، واختاروا الحرفين ؛ لخفائهما ؛ لما فيهما من الهمس فيناسبان الوقف الّذي هو محل التخفيف والرّامة.

والمختار في ضبط الكسكسة والكشكشة انّهما بفتح الكافين وسكون ما بعد الاولى على زنة «فعللة» كدحرجة ؛ على انّهما مصدران بمعنى : الاتيان بأحد الحرفين ؛ كالبسملة للاتيان ببسم الله ، وقد يضبطان بكسر الكافين على الحكاية ؛ لأنّهما انّما يكونان في الكاف الّتي لخطاب المؤنث وهي مكسورة.

(وعدّ سين ـ الكسكسة) المهملة البكرية من حروف الزيادة ـ كما وقع من الزمخشري في المفصل ـ (غلط ؛ لأستلزامه) عدّ(شين الكشكشة) المعجمة التميمية أيضا منها ؛ لعدم التفاوت بينهما في المقصود والسبب أصلا ، فلو وجد في المهملة ههنا ما هو المناط للعدّ من حروف الزيادة في اصطلاحهم وهو الامتزاج ببعض

__________________

(١) أي السين والشين.

(٢) أي بعد كل منهما معجمة.

٣١٩

الكلمات لغير الالحاق والتضعيف على وجه يدخل في بنيتها كانت المعجمة أيضا كذلك ، فكان عليهم ان يعدّوها منها ؛ واجماعهم على عدم كونها منها يدل ـ كما قال في شرح المفصل ـ على ان شيئا من الحرفين ههنا ليست كالزوائد في الامتزاج ببناء الكلمة ؛ بل كل منهما حرف مستقل برأسه جيء به للوقف بعد تمام الكلمة ؛ كهاء السكت ، فتأمّل.

(وأمّا اللّام : فقليلة) من حيث الوقوع زائدة ، ولم يظفر بزيادتها في الحشو والأوّل وانّما وردت في الآخر على قلّة ، وقد يقال : باختصاص زيادتها بأواخر الأعلام (كزيدل ، وعبدل) في : زيد ، وعبد ، وبالجملة زيادتها في غاية القلّة ، (حتّى قال بعضهم) : ـ وهو الجرمي ـ انّها ليست من حروف الزيادة ؛ وحكم باصالتها في بعض أسماء الأجناس الّتي يدل الاشتقاق فيها على زيادتها ؛ فقال : (في ـ فيشلة) ـ بالفاء والمعجمة بينهما التحتانية ، لرأس الذكر ـ انّها «فيعلة» ـ بفتح الفاء والعين بينهما التحتانية الساكنة ـ على انّ اللّام أصليّة ، (مع) مجيء(فيشة) بدون اللّام بمعناها وحروفها على الترتيب ، وهذا يناسب كون فيشلة مشتقة منها بزيادة اللّام ؛ كما مرّ نظائرها(و) كذلك قال باصالتها(في : هيقل) ـ بفتح الهاء والقاف وسكون التحتانية بينهما ، للذكر من النعام ـ ، (مع) مجيء(هيق) بدون اللّام بحروفه ومعناه ، (وفي : طيسل) ـ بفتح المهملتين وسكون التحتانية بينهما ـ (للكثير) من الرمل والماء وغيرهما ، (مع) مجيء(طيس) بمعناه وحروفه ، (و) كذا(في : فحجل) ـ بالفاء وتقديم المهملة على الجيم ـ (كجعفر) ـ للّذي تتدانى صدور قدميه وتتباعد عقباه ـ ، (مع) مجيء(افحج) كأعرج بمعناه ، ويقال : فحج الرجل وتفحج ـ إذا مشى مشية الفحجل ـ ؛ فحكم في الجميع باصالتها كما قالوا : باصالة الراء في : دمثر مع مجيء دمث على ما سيجيء ـ إنشاء الله تعالى ـ.

لكن الظاهر في تلك الأسماء هو زيادة اللّام كما قيل للاشتقاق الّذي هو أقوى الدلائل ؛ مع ثبوت زيادتها في الجملة على الظاهر في نحو : زيدل.

٣٢٠