شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

ابن حاجب

شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

المؤلف:

ابن حاجب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٤

وضمّها ـ ، (نحو : كسرات ، وحجرات) ، وخطوات ، اعتبارا للأصل ، والاسكان بعد اعتبار التحريك ـ على ما مرّ ـ من قاعدتهم في التفريع باسكان العين من نحو : ابل ، وعنق ، بخلاف مفتوح العين نحو : تمرات ، لخفة الفتحة ، فيرجّح فيه الفرق بين الاسم والصفة.

(والمضاعف ساكن) ـ عينا ـ (في الجميع) ، سواء كان مفتوح الفاء ، نحو : شدّة وشدّات ، أو مضمومه ، نحو : غدّة وغدّات ، أو مكسوره نحو : عدّة وعدّات ، لتأدية التحريك إلى فكّ الادغام مع لزومه لاجتماع المثلين. (١)

(وأمّا الصفات :) الثلاثية المقرونة بالتاء الساكنة العين (فبالاسكان) ، ـ في العين ـ إذا صحّحت على أي وزن كانت ، نحو : صعبة وصعبات ، وصفراة وصفرات ، وصلبة وصلبات ، فهذا هو القياس.

وقد خالفوه (وقالوا : لجبات) ـ بفتح اللّام والجيم معا ـ في قولهم : شاة لجبة ـ بسكون الجيم ـ إذا أتى عليها من نتاجها أربعة أشهر فخفّ لبنها ـ ، والفعل منه : لجبت الشاة ـ بضمّ الجيم ـ ، (وربعات) ـ بفتح الراء المهملة والموحّدة معا ـ في ربعة ، بسكون الموحدة ـ من قولهم : رجل ربعة وامرأة ربعة ـ بالتاء فيهما ـ إذا كان كل منهما مربوع الخلق ـ أي سالما عن القصر والطول ـ ، (للمح اسميّة أصليّة) ـ أي للنظر إليها ـ ، وذلك : انّهما اسمان في الأصل عندهم على ما قال الجوهري وغيره ، فوصف بهما فبقي التحريك في الجمع على الأصل ، كما وصف بالاسم في قولهم : امرأة كلبة ، فحرك جمعها للمح الأصل ، ويجوز في مثل ذلك التسكين على القياس ، للوصفية على ما في شرح المفصل ، ولو انعكس الأمر بأن صارت الصفة اسما جاز الوجهان ـ أيضا ـ على قياس ذلك.

__________________

(١) وكان يمكنه اختصار هذا مع ما بعده. بأن يقول : والمضاعف والصفات ساكنة لكن لما كان كل منهما قسما برأسه أفرده.

١٨١

[جمع المؤنث السماعي] :

(وحكم) المؤنث السماعي ـ الثلاثي ـ المجرّد عن التاء من الاسم والصفة(نحو : أرض ، وأهل) ـ لزوجة الرجل ـ ، (وعرس) ـ بضمّ الأوّل وسكون الثاني ، لطعام الوليمة ـ إذا روعي تأنيثه فانّه يذكر ويؤنث ، ويجمع على الأعراس ، والعرسات على ما في الصحاح ، (وعير) ـ بكسر الأوّل وسكون الثاني ـ للّتي تحمل الطعام المجلوب من مكان إلى آخر ابلا كانت أو غيرها ، ويقال : للقافلة أيضا ، ويجمع على : عيرات ـ بالتا ـ ، وعيران ـ بالنون ـ ، (كذلك) أي مثل ما يظهر فيه التاء في الوجوه المذكورة ، فيقال : ارضات ـ بفتح الوسط ـ كتمرات ، لكونها اسما ، واهلات ـ بالفتح والاسكان ـ ، لكونها وصفا في الأصل صارت اسما ، وعرسات ـ بالضم ـ اتباعا ، وـ الفتح ـ للخفة ، والاسكان في لغة تميم ، كحجرات ، وعيرات ـ بالاسكان والفتح ـ من غير جواز الاتباع لاعتلال العين ، وجمعت الأرض على : مثال الجمع المذكر السالم ، فيقال : ارضون ، وارضين ـ بفتح الرّاء ـ ، حملا على أرضات ، وعلى اروض كقلوس ، وآراض ـ بالمدّ في أوّله ـ أيضا ـ على ما قيل كفرح وافراخ ، وعلى الأراضي على خلاف القياس كاللّيالي والأهالي ـ في اللّيل والأهل ـ ، وجاء آهال ـ بالمدّ في أوّله ـ في الأهل ـ كافراخ في الشعر ، ولم نجعل ـ الغرس ـ بكسر الأوّل ، لمرأة الرجل ، ولبوة الأسد ـ ، ليشمل الكلام على أمثلة المفتوح والمضموم والمكسور.

(وباب : سنة) ، ممّا حذف لامه وفيه التاء(جاء فيه سنون) ، ـ بكسر السين ـ على الأكثر ، وضمّها ـ على قلّة ، على ما قيل في سنة ـ بفتحها ـ ، (وقلون) ـ بضمّ القاف وكسرها ـ ، في قلّة ـ بضمّها ـ ، وأصلها : قلو ـ بفتح القاف ـ على ما قال الفراء ، وانّما ضمت ليدل على الواو المحذوفة ، والمقلاة والقلّة : عودان يلعب بهما الصبيان ، والمقلاة : العود الّذي يضرب به ، والقلّة : الّتي تنصب في الأرض ، (وثبون) ـ بضمّ المثلثة وكسرها ـ في ثبة ـ بضمّها ، أيضا للجماعة من الناس ـ ، وأصلها : ثبي ـ بضمّ المثلثة ، وفي آخره الياء على ما قال الجوهري ، وقيل : أصلها الواو.

١٨٢

وزيادات جمع السلامة في أواخر هذه الجموع ونظائرها كأنّها عوض المحذوف ، وغيرت الأوائل من بعضها تنبيها على أنّ الأصل في جمعها التكسير وان تلك الزيادات ليست لجمع السلامة على الحقيقة.

(وجاء) في هذا الباب الجمع بالألف والتاء مع ردّ اللّام المحذوفة ، كما يقال : (سنوات) ـ بفتح السين والنون ـ ، (وعضوات) ـ بكسر العين وفتح الضاد المعجمة ـ في عضة ـ على زنة عدّة ، وأصلها : عضو فحذفت الواو ، وهي : الفرقة والقطعة والكذب ، ومنه قوله تعالى : (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(١) ، لأنّ المشركين فرقوا أقاويلهم فيه فجعلوه كذبا وشعرا وسحرا ، وقد يقال : في الجمع عضهات ، بناء على ان أصلها العضه ـ بالهاء ـ بدليل الجمع على عضاة أيضا ، فالعضه هو الكذب والبهتان ، ومنه : يعضه بعضهم بعضا ، ويقال للسحر أيضا ، يقال : عاضه ـ أي ساحر ـ. (٢)

(و) جاء بالألف والتاء من غير ردّ المحذوف أيضا ، كما يقال : (ثبات) ـ بضمّ المثلثة ـ ، وقلات ـ بضمّ القاف ـ في ثبة وقلة ، (وهنات) ـ في هنة ـ ، وأصلها : هنوة فحذفت الواو ، وجمعت الثبة على : الاثابي أيضا ، وكأنّه جمع اثبية على «افعلة».

(وجاء) في ذلك الباب في ـ القلّة ـ «افعل» ، كما يقال : (آم) ـ بالمدّ في أوّله ـ في الأمة خلاف الحرّة ، كآكم ـ بالمدّ في أوّله ـ في الأكمة ، وأصل الامة : اموة محرّكة ، وآم في الأصل أءمو ـ بهمزتين ـ قلبت الثانية الساكنة ألفا ، والواو المتطرفة ياء وكسر ما قبلها ، ثمّ تحذف الياء ـ رفعا وجرّا ـ وتثبت ـ نصبا ـ كما في قاض ، وتجمع على : اماء ، وعلى اموان أيضا على «فعلان» بالكسر ـ.

[جمع الصفة من الثلاثي] :

(الصفة) الّتي كانت على ثلاثة أحرف يجمع في التكسير على أوازن مختلفة ،

__________________

(١) الآية : ٩١ الحجر.

(٢) ويمكن أن يكون غاضه بلفظ الماضي بمعنى : ساحركما أشار إليه بعض الشارحين.

١٨٣

وأعمّها «أفعال» ، لمجيئه لجميع أوزان الصفات.

والتفصيل : ان ما كان منها على «فعل» ـ بفتح الفاء وسكون العين ـ ، (نحو : صعب) يجمع (على) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ ، نحو : (صعاب غالبا) ، ان لم يكن من الأجوف اليائي.

(وباب : شيخ) ، وضيف من الأجوف اليائي يجمع ـ غالبا ـ (على) «أفعال» في القلّة والكثرة ، نحو : (اشياخ ،) وأضياف.

(وجاء) «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ في ذلك الأجوف وغيره ، كما يقال : (ضيفان) ـ في الضيف ـ ، (و) «فعلان» ـ بضمّ الفاء ـ كما يقال : (وغدان) في الوغد ـ بالغين المعجمة ، بمعنى الأحمق اللئيم ـ ، وجاء وغدان ـ بكسر الواو ـ أيضا ، (و) جاء في جمع هذه الزنة من الصفة «فعول» ـ بضمّ الفاء ـ مجيئا أقل من مجيئه في الاسم ، كما جاء(كهول) ، ـ في الكهل ـ إذا خالطه الشيب ـ ، (و) «فعلة» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ كما يقال : (رطلة) ، في جمع ـ رطل ـ للشاب الناعم الّذي لم يشتدّ عظامه ولم تستحكم قوته ـ ، (و) «فعلة» ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ ، كما جاء(شيخة) ، في جمع شيخ ، (و) جاء «فعل» ـ بضمّ الفاء وسكون العين ـ ، كما جاء(ورد) في ـ ورد ، للمتوسط الأشقر والكميت من الفرس ـ ، (و) «فعل» ـ بضمّتين ـ ، كما جاء(سحل) في ـ سحل ، للأبيض من الثوب من القطن ـ ، (و) جاء «فعلاء» ـ بضمّ الفاء وفتح العين وفي آخره المدّ ـ ، كما جاء(سمحاء) في ـ سمح ، أي جواد ـ.

(و) ما كان من الصفة على زنة «فعل» ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ ، (نحو : جلف) ـ بالجيم ، من الجلافة ـ يجمع (على) «افعال» ، نحو : (اجلاف كثيرا) ، (و) جمعه على «افعل» كما يقال : (اجلف نادر).

(ونحو : حرّ) من مضموم الفاء ساكن العين ـ يجمع (على) «افعال» ، نحو : (احرار).

(ونحو : بطل) ـ للشجاع ، كأنّه يبطل عنده دماء الاقران ـ ممّا كان مفتوح الفاء

١٨٤

والعين معا يجمع (على) «افعال» ، نحو : (ابطال) ، (و) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ وهو الغالب في جمع هذه الزنة من الصفات ، على ما قال سيبويه ، نحو : (حسان) ، في ـ الحسن ـ ، (و) «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ ، نحو : (اخوان) في ـ أخ ـ وأصله : اخو ـ بالتحريك ـ ، (و) بضمّها ، نحو : (ذكران) في ـ ذكر ـ بخلاف الانثى ، (و) «فعل» ـ بضمّ الفاء والعين كليهما ـ ، نحو : (نصف) ـ بضمّتين ـ في نصف ـ بفتحتين ، للمتوسط بين حداثة السن والكبر ـ ، ويطلق بدون التاء على المذكر والمؤنث ، وتجمع على أنصاف أيضا ، وحكي في جمع المذكر نصفون أيضا عن يعقوب.

(ونحو : نكد) ـ وهو العسر ـ ممّا كان مفتوح الفاء مكسور العين ، يجمع (على) نحو : (انكاد ، ووجاع) ـ بكسر الأوّل ، في الوجع ، بكسر الجيم ـ (وخشن) ـ بضمّتين ـ في الخشن ، من الخشونة ـ.

والغالب في جمع هذه الزنة هذه الثلاثة ، (وجاء) في جمعها «فعالى» بفتح الفاء والألف المقصورة ، كما جاء(وجاعى) ـ في الوجع ـ (وحباطى) في ـ حبط ، للمنتفخ البطن من الماشية من كثرة أكل الربيع ، أو من كثرة بقلّة (١) يقال لها الزرق ـ ، (وحذارى) في ـ حذر ، من الحذر ، وهو الحوف ـ ، وكأنّها حملت في هذا الجمع على «فعلان» بفتح الفاء ـ من الصفات ومؤنثه «فعلى» كسكارى في ـ سكران وسكرى ، لتشاركهما كثيرا في المجيء من «فعل ، يفعل» ـ بكسر العين في الماضي ، وفتحها في المضارع ـ ، يقال : رجل فرح وفرحان ، وعجل وعجلان ، وعطش وعطشان ، والأصل في جمع «فعلان» «فعالى» بفتح الفاء ـ لكن قد يضم ، كما في سكارى وكسالى ، فانّهما وردا بالضم والفتح كليهما ، ولم يرد الضم فيما حمل عليه إلّا اسارى ، فانّهم التزموا فيه الضم ، وقد يجمع وجع على وجعى أيضا كجرحى.

(و) ما كان على «فعل» ـ بفتح الفاء وضمّ العين ـ (نحو : يقظ) ـ من اليقظة ضدّ

__________________

(١) وفي نسخة : أو من أكل بقلّة ، وفي أخرى : أو من كثرة أكل بقلّة.

١٨٥

النوم ـ يجمع (على) «أفعال» ، نحو : (ايقاظ) ، (و) هذا الوزن من الصفات (بابه التصحيح) بأن يجمع جمعا صحيحا ، نحو : يقظون ، والتكسير فيه قليل حتّى ذكر بعضهم انّه لم يسمع منه إلّا ايقاظ ، في يقظ ، وانجاد في نجد ـ للشجاع ـ ، وحكى في جمع ـ يقظ ـ يقاظ كسبع وسباع ، وقيل : انّه جمع يقظان ، كعطاش في عطشان.

(ونحو : جنب) ـ بضمّتين ـ وهو قليل في الصفات ، يجمع (على اجناب) ، وحكى فيه جناب ، ولم يسمع قط تكسير لما كان من الصفات موازنا لصرد كحطم ـ أي ظالم على الماشية ـ ، أو موازنا لعنب ك ـ زيم ـ أي متفرّق ـ ، أو لإبل كأبد ـ أي ولود ـ ، وهذه الأوزان في غاية القلّة من الصفات ، وكأنّهم لذلك لم يعتنوا بالتصرّف فيها ولم ترد صفة على «فعل» ـ بضمّ الفاء وكسر العين ـ.

[الصفات تجمع جمع التصحيح] :

(ويجمع الجميع) من الأوزان المذكورة في الصفات المذكّرة الثلاثية الّتي تقترن بالتاء للمؤنث ، (جمع السّلامة للعقلاء الذكور) ، نحو : صعبون ، وحسنون ، وغيرهما. (١)

(وامّا مؤنثه : فبالألف والتاء ـ لا غير ـ) ، أي يجمع مؤنث الجميع جمعا مصححا بالألف والتاء ، (نحو : عبلات) ـ في عبلة ، بفتح المهملة وسكون الموحدة ، للضخمة ـ ، (وحذرات ، ويقظات) ، والحاصل : انّ المؤنث المقرون بالتاء من تلك الصفات يجمع جمع التصحيح لا غير ـ أي لا يجوز تكسير شيء منها ـ ، (إلّا) ما كان مفتوح الفاء ساكن العين ، (نحو : عبلة ، وكمشة) ، ـ بالمعجمة ، للسريعة الماضية في الامور من النّساء ، وللصغيرة الضرع من النوق ـ ، (فانّه) لكثرته تصرّفوا فيه ، ولذلك ، (جاء) تكسره (على) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ ، نحو : (عبال ، وكماش).

__________________

(١) فهذا حكم مذكر الصفات.

١٨٦

(وقالوا) : أيضا(علج) ـ بكسر المهملة وفتح الوسط ـ (في جمع علجة) ـ بكسر المهملة وسكون الوسط ـ فجمعوها جمع تكسير بحذف التاء وفتح الأوسط ، لجرية مجرى الأسماء ، نحو : لقحة ولقح ، والعلجة : العظيمة من الأتن الوحشية ، والكافرة من العجم.

قال سيبويه : لا يجمع على «فعال» من المؤنث إلّا ما جمع مذكره عليه ، فيقال : حسنة وحسان ، كما يقال : حسن وحسان ، وهذا يدل على عدم انحصار تكسير المقترن بالتاء فيما ذكره المصنف ، وان سمي بصفة ، أو فعل فجمعه على قياس جمع الأسماء.

فهذا حكم ما كان على ثلاثة أحرف من الأسماء والصفات (١) ، وما فوقها قد يكون حروفه ـ كلّها ـ اصولا ، وقد يشتمل على الزيادة سواء كانت مدّة أم غيرها ، ولكلّ منها حكم.

[جمع المزيد منه] :

(وما زيادته مدّة ثالثة) يختلف حكمه في الاسم والصفة ، (والاسم) (٢) من ذلك (نحو : زمان) ، من ـ مفتوح الفاء الّذي مدّته الثالثة الزائدة ألف ـ يجمع (على) «أفعلة» ، نحو : (ازمنة ـ غالبا ـ) ، وهذا الجمع قد يستعمل في القلّة والكثرة كليهما.

(وجاء) في جمعه «فعل» ـ بضمّتين ـ كما يقال : (قذل) في ـ القذال ـ بالقاف والذال المعجمة ، لمؤخر الرأس ـ ، وقيل : هو ما بين نقرة القفا إلى الاذن ، وهما قذالان عن يمين وشمال ، ويجمع على ـ اقذلة ـ أيضا ، (و) جاء في جمعه «فعلان» ـ بكسر الفاء أيضا ـ ، كما جاء(غزلان) في ـ الغزال ـ لولد الظبية ـ ، (و)

__________________

(١) وبعبارة اخرى : ـ كما قال النظام ـ فهذه تفاصيل جموع الثلاثي المجرّد اسما ، أو صفة ، مذكرا أو مؤنثا.

(٢) أي والاسم مذكرا.

١٨٧

«فعول» ـ بالضم ـ كما يقال : (عنوق) ، ـ بضمّ الأوّل ، في العناق ، لأنثى من ولد المعز ـ ، وفي المثل : العنوق بعد النوق ، للّذي يفتقر بعد الغني ، وليس هذا موضعه ، لأنّ العناق مؤنث كذا قال نجم الأئمّة رضي.

(ونحو : حمار) ممّا كان مكسور الفاء يجمع في القلّة(على) «افعلة» ، نحو : (احمرة) ، (و) في الكثرة على «فعل» بضمّتين ـ نحو : (حمر ـ غالبا ـ) ، وقد يستغني بجمع الكثرة عن القلّة ، كما يقال : أربعة كتب ، وثلاثة جدر ، في ـ كتاب ، وجدار ـ.

(وجاء) في نحو حمار «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ كما يقال : (صيران) ـ في الصوار ، للقطيع من بقر الوحش ـ ، والياء منقلبة عن الواو ، (و) «فعائل» ، كما جاء شمائل في ـ الشمال ، لخلاف اليمين ـ ، وقال نجم الأئمّة رضي : حمل الشمال المؤنث المجرّد عن التاء على ذي التاء ، نحو رسالة ، فقيل : شمائل كرسائل ، قال : وحمل أيضا على «فعال» المذكر ، فقيل : شمل ـ بضمّتين ـ كحمر ، والناقص الواوي واليائي من «فعال» ـ بفتح الفاء وكسرها ـ يكون على «افعلة» في القلّة والكثرة ، كسماء وأسمية ، ودواء وأدوية ، وخباء ـ بكسر الخاء ، للخيمة ، وأخبية.

(نحو : غراب) من ـ مضموم الفاء ـ يجمع (على) «افعلة» في القلّة ـ غالبا ـ ، نحو : (أغربة).

(وجاء) في الكثرة منه «فعل» ـ بضمّتين ـ على ندرة ، و «فعلان» ـ بكسر الفاء وبضمّها ـ ، كما جاء : (قرد) ـ بضمّتين ، في القراد ، لدويبة تقع على البعير ـ ، (وغربان) ـ بكسر الأوّل ، في الغراب ـ ، (وزقّان) ـ بضمّ الأوّل وتشديد القاف ، في الزقاق ، للطريقة المنسدة ـ ، (و) «فعلة» ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ كما يقال : (غلمة) في ـ الغلام ـ (قليل) ، (و) «فعل» بضمّ الفاء وسكون العين كما يقال : (ذبّ) ـ بتشديد الموحدة ـ في الذباب ـ (نادر) ، وقيل : ان أصله : ذبب بضمّتين نحو سرر بفك الادغام ، والادغام إنّما هو على لغة تميم في اسكان العين من مثله ، وجاء لفظان على «فواعل» ، وهما : دواخن ، وعواثن ، في الدخان والعثان ـ بمعناه ـ.

١٨٨

(وجاء) «افعل» (في) جمع القلّة لما كان بدون التاء للمؤنث من هذه الأوزان الثلاثة (١) الّتي هي : «فعال» بالحركات الثلاث في الفاء ، وهو المراد من (مؤنث الثلاثة) في هذا المقام ، كما جاء : (اعنق) في عناق على «فعال» بفتح الفاء ـ ، (واذرع) في ذراع ، ليد ـ على «فعال» ـ بالكسر ـ قال الجوهري : يذكر ويؤنث ، وقال سيبويه : انّها مؤنثة وجمعها اذرع ـ لا غير ـ ، (واعقب) في عقاب ـ بضمّ الأوّل ـ لطائر ، هي مؤنثة ، وتجمع في الكثرة على عقبان.

وامّا المقرون بالتاء من الأوزان ـ الثلاثة ـ ، كحمامة ـ للطائر ـ ، ورسالة ، وذؤابة ـ للشعر ـ ، فليس له جمع مكسر في القلّة أصلا ، بل يجمع بالألف والتاء ، وفي الكثرة يطرد فيه «فعائل» بقلب مدّة المفرد همزة بعد ألف الجمع ، كحمائم ، ورسائل ، وذوائب ، والواو في الذوائب منقلبة عن الهمزة الأصليّة ، كراهة وقوع ألف الجمع بين الهمزتين.

وقد يجمع على «فعل» ـ بضمّتين ـ ، كحمل ، وحمالة ، ـ بفتح الحاء المهملة ، للدية التي يحملها قوم عن قوم ـ.

(و) «افعل» في القلّة للمذكر من تلك الأوزان خلاف القياس بشهادة الاستقراء ، ولذلك قالوا : (امكن) جمع مكان ـ للموضع ـ (شاذ) ، فانّه على «مفعل» من الكون ، ولمّا كثر لزوم الميم توهمت أصليّة ، وتوهمت الألف زائدة ، ومن ثمّه بنى منه : تمكن ونحوه من المشتقات ، وصار كأنّه على «فعال» فجمعوه على ـ أمكن وأمكنة ، واماكن ، كأنّها «افعل ، وافعلة ، وأفاعل» ، والأوّل خلاف القياس المناسب ل ـ فعال ، ولو كان له تكسير بالنظر إلى زيادة الميم كان مكائن كمساجد على «مفاعل» ، وزعم صاحب القاموس : انّ المكان ـ للموضع ـ جاء من الكون ومكن بأصالة الميم كليهما ، وذكر في كلّا الوجهين جمعه على : أمكنة ، وأماكن.

(ونحو : رغيف) من الاسم الّذي مدّته الثالثة الزائدة هي الياء ، وتنحصر في

__________________

(١) أي «فعال ، وفعال ، وفعال».

١٨٩

مفتوح الفاء ، لعدم «فعيل» ـ بضمّ الفاء وكسرها في لغتهم ـ يجمع في القلّة(على) «افعلة» و «أفعل» أيضا قليلا ، وفي الكثرة على «فعل» ـ بضمّتين ـ و «فعلان» ـ بالضم ـ ، نحو : (ارغفة) ، وأجبن ، في الجبين ـ لما فوق الصدغ ـ ، (ورغف ، ورغفان ـ غالبا ـ).

(وجاء : أنصباء) في النصيب ـ على «أفعلاء» بالمدّ ، (وفصال) ـ في الفصيل ، لولد الناقة إذا فصل من امّه ـ على «فعال» ـ بالكسر ـ ، (وأفائل) على «فعائل» ، في الافيل ـ بالفاء ، للصغير من الابل ـ ، (و) امّا «فعلان» ـ بالكسر ـ كما يقال : (ظلمان) في ـ الظليم ، بالظاء المعجمة ، لذكر النعامة ـ ، على ما حكاه أحمد بن يحيى ، فهو (قليل) ، ويحكي فيه الضم أيضا ، وكذا يحكي عرضان ـ بالضاد المعجمة ، في العريض ، لولد المعز الّذي أتى عليه سنة ـ على الوجهين.

(و) هذا الوزن (ربّما جاء مضاعفه) في الجمع على «فعل» ـ بضمّتين ـ كغير المضاعف منه ، وذلك كما جاء سرير(على سرر) ، وذليل ـ بالمعجمة ـ وذلل بفك الادغام ، والأصل عدم هذا الجمع في المضاعف مطلقا ، استثقالا بفك الادغام ، ولو ادغم التبس «ب ـ فعل» بالسكون ، وليس في الناقص «فعل» بضمّتين ـ مطلقا ، لعدم ما آخره حرف علّة قبلها ضمّة في لغتهم ، وحكى أبو عبيدة وأبو زيد : سررا ونحوه ـ بفتح العين ـ كصرد عن قوم.

(ونحو : عمود) ممّا مدته الثالثة هي الواو ، وتنحصر أيضا في مفتوح الفاء ، لعدم المكسور في كلامهم ، وكون المضموم من أوزان الجمع دون الواحد في غير المصدر الّذي هو خارج عن المقصد ، كقعود ، وركوب ، إلّا ما شذ من نحو : سدوس ـ بضمّ الأوّل ـ عند غير الأصمعي ، ـ للطيلسان الأخضر ، وأبي قبيلة من طيّ ـ على ما قال ابن الكلبي ، وبالفتح عنده ، وبالجملة : فنحو : عمود يجمع غير الناقص الواوي منه في القلّة(على) «أفعلة» ، وفي الكثرة على «فعل» بضمّتين ـ نحو : (اعمدة ،

١٩٠

وعمد) ، وبه قرأ حمزة والكسائي في قوله تعالى : (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ)(١) ، وجاء «فعل» بفتحتين في جمعه أيضا ، وهو قراءة غيرهما من السبعة : في عمد ممددة.

(وجاء :) في الكثرة على «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ أيضا كقولهم : (قعدان) في ـ قعود ، للبكر من الابل حين يصلح للركوب ـ وقال أبو عبيدة : هو الّذي يقتعده الراعي في كل حاجة ، ويجمع على اقعد ، وقعد ، وقعائد ، أيضا ، وجاء في الناقص الواوي منه «فعول» قليلا ، و «أفعال» كثيرا حتّى قيل انّه بابه كما جاء في فلوّ ـ بفتح الفاء وتشديد الواو ، للمفطوم من ولدي الحمار والفرس ـ فليّ ـ باللّام المكسورة وتشديد الياء ـ وأصله : فلوّ ـ بالواو المشدّدة ـ على «فعول» فقلبت الواو الأخيرة ياء على ما هو القياس في جمع الناقص الواوي الكائن على «فعول» ، كما يجيء في باب الاعلال ـ إنشاء الله تعالى ـ ، فحصل فلوي ثمّ اعل الاعلال المعروف.

(وافلاء) ، بقلب الواو المتطرفة بعد الألف الزائدة همزة ، وجاء في ذلك الناقص وغيره «فعائل» للمؤنث ، كما جاء : في ذنوب ـ بفتح الذال المعجمة ، للمتلئة من الماء من الدلو ـ في القلّة ، (و) في الكثرة(ذنائب) ، وفي قلوّة فلاوى مثل خطايا ، فانّه في الأصل : «فعائل» على ما قال الجوهري ، فأصله : فلائو فقدمت الواو لئلّا يكون في معرض الحذف كجوار ، وفتحت لثقل الكسرة ، وقلبت الهمزة ألفا.

(الصفة) الّتي زيادتها مدّة ثالثة يجري فيها الأوزان المذكورة في الاسم.

فما مدّتها ألف وهي مفتوحة الفاء على «فعال» (نحو : جبان) ـ لخلاف الشجاع ـ يجمع في القلّة والكثرة(على) «فعلاء» بالضمّ ـ و «فعل» بضمّتين ـ واسكان العين في الأجوف ، و «فعال» بالكسر ، (نحو : جبناء ، وصنع) ـ بضمّتين ـ في صناع للمرأة الماهرة الحاذقة بعمل اليدين ـ ويقال : للرجل بهذا المعنى صنيع على «فعيل» ، وصنع ـ بكسر الصاد وسكون النون ـ ، (وجياد) بكسر الجيم وقلب الواو ياء ،

__________________

(١) الآية : ٩ من سورة الهمزة.

١٩١

لانكسار ما قبلها ، في جواد للفرس ، وامّا الجواد للسخيّ والسخيّة من الناس فيجمع على اجواد ، وجود ـ بالضم ـ كقذل في قذال ، واجاود ، وعون على «فعل» ـ بضمّ الفاء وسكون العين ـ في عوان ، للمتوسطة في سنها من كلّ شيء.

ومن قال : جبانة ـ بالتاء ـ للمؤنث أجاز فيه جمع السلامة للمذكر والمؤنث ، وليعلم ان «فعلاء» ـ بالضم والمد ـ كثير في باب «فعيل ، وفاعل» وفي غيرهما قليل حتّى قيل : انّه شاذ ، وأكثر مجيئه في أي باب كان انّما هو في الغرائز وما يجري مجراها ، كالجبن ، والعقل ، والجهل ، والكرم ، والشعر ، والسماحة والصلاح.

(و) ما هي مكسورة الفاء(نحو : كناز) ـ للمكتنز اللحم ، أي المجتمع اللحم ـ ، (وهجان) ـ للأبيض من الإبل ـ ويستوي فيهما المذكر والمؤنث ، يجمع (على) «فعل» ـ بضمّتين ـ ، نحو : (كنز) ، (و) على زنة المفرد ، بعينها نحو : (هجان) ، فالكسرة فيه جمعا مثلها في كرام ، ومفردا مثلها في كناز كما مرّ في الفلك ، وجاء فيه : هجائن على «فعائل» ، وهذا يجوز ان يكون جمعا لهجان مفردا وجمعا.

(و) ما هي مضمومة الفاء ، (نحو : شجاع) ، يجمع (على) «فعلاء» ـ بالضم والمد ـ ، و «فعلان» ـ بكسر الفاء وضمّها ـ ، نحو : (شجعاء ، وشجعان) على الوجهين.

(و) الّتي مدتها الثالثة هي الياء ، وتنحصر في مفتوحة الفاء ، كما مرّ ، (نحو : كريم) يجمع (على) «فعلاء» ـ بالضم والمد ـ مع سلامة اللّام عن التضعيف والاعتلال ، وشذّ نقواء في نقيّ ـ بالنون والياء المشدّدة ـ من النقاوة ، وعلى «فعال» بالكسر والتخفيف ـ وهو القياس في الأجوف ، و «فعل» ـ بضمّتين ـ ، وقد يسكن العين في المضاعف للادغام ، وعلى «فعلان» ـ بضمّ الفاء وبكسرها ـ ، وعلى «افعال ، وافعلاء» ـ بالمد ـ وهو قليل في الصحيح كثير في المضاعف والناقص ، وعلى «افعلة» في المضاعف ، وربّما جمع على «فعول» ـ بالضم ـ ، نحو : (كرماء ، وكرام) في كريم ، وطوال في طويل ، ونقاء في نقيّ ـ بالنون ـ ، (ونذر) في نذير ، وجدد ، ولذذ

١٩٢

في جديد ولذيذ ـ بمعجمتين ، من اللذّة ، وقد يقال : لذّ ـ بالادغام ـ ، ولذاذ ، (وثنيان) ـ بضمّ المثلثة وسكون النون ـ في ثنيّ ـ بتشديد الياء ، للّذي يلقي ثنيّته ، وذلك في الابل عند الدخول في السادسة ، وفي الفرس عند الدخول في الرابعة ، والثنيّة : واحدة الثنايا وهي الاضراس الأربعة الّتي تلى مقدّم الفم ، (وخصيان) ـ بكسر الخاء المعجمة ـ في الخصيّ ـ ، (واشراف) في ـ شريف ـ ، (واصدقاء) ، واقوياء ، واتقياء ، في صديق ، وقويّ ، وتقيّ ـ بالفوقانية المثناة ـ ، واشحّاء كاصدقاء ، (واشحّة) في الشحيح ، للبخيل ، ويجمع على شحاح ككرام ، (وظروف) في ظريف ـ بالظاء المعجمة ـ من الظرافة على ما قال الجرميّ ، ويجمع على ظرفاء ، وظراف ، مثل كرماء ، وكرام ، وقال الخليل : ان ظروفا على «فعول» جمع ظرف بدون الياء بمعنى الظريف وان لم يستعمل بمعناه ، كما انّ المذاكير جمع المذكار بمعنى الذكر وان لم يستعمل.

(ونحو : صبور) ، ورسول ، ممّا مدّته الثالثة هي الواو ، وتنحصر ـ أيضا ـ في مفتوح الفاء كما مرّ ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ، وفي كليهما يجمع (على) «فعل» ـ بضمّتين ـ نحو : (صبر) ، ورسل (ـ غالبا ـ) ، وجاء في مضاعفه ذلك أيضا ، نحو : ذلل في ـ ذلول ـ ، (وعلى) «فعلاء» ـ بالضم والمد ـ على قلّة حتّى قيل : انّه شاذ ، وذلك نحو : (ودداء) ، في ودود من المودّة ، وفيه شذوذ آخر وهو ندور هذه الزنة في جمع المضاعف ، وعلى «أفعلاء» نحو : اعداء ، في عدوّ ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ، وقد يقال : عدوّة حملا على ضدّه وهو صديقة ، وقد يجمع العدوّ على لفظ المفرد ، قال الله تعالى : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي)(١) ، وقال (هُمُ الْعَدُوُّ)(٢) وقد يجمع على عدى ـ بكسر الأوّل وفتح الثاني وقلب الواو ألفا ـ ، وقال ابن السكيت : لم يأت على هذا الوزن في الصفات جمع سوى هذا.

__________________

(١) الآية : ٧٧ من سورة الشعراء.

(٢) الآية : ٤ من سورة المنافقون.

١٩٣

وما ذكر إلى الآن حكم «فعيل ، وفعول» إذا كانا بمعنى الفاعل.

(و «فعيل» بمعنى «مفعول» بابه «فعلى») ـ بفتح الفاء وسكون العين والألف المقصورة ـ ، وهذا ان خلا عن التاء للنقل إلى الاسميّة وكان من الآفات والمكاره ، (كجرحى ، واسرى ، وقتلى) ، في ـ جريح ، وأسير ، وقتيل ، بمعنى : مجروح ، ومأسور ، ومقتول ـ بخلاف ما ليس من الآفات والمكاره ، كحميد ـ بمعنى محمود ـ ، وما دخلته التاء للنقل ، كذبيحة ، فلا يقال : حمدي ، وذبحى ، وحكى سيبويه : شاة ذبيح وغنم ذبحى ، في الوصف بدون النقل.

(وجاء) فيه «فعالى» ـ بضمّ الفاء والألف المقصورة ـ ، نحو : (اسارى) ، وكأنّه حمل الأسير على عطشان ، لمناسبتهما في حرارة الجوف الحاصلة للأسير بالحزن ، فجمع على هذا كما جمع عطشان على عطاشى ، فانّ الأصل في هذا الجمع «فعلان» ومؤنثه «فعلى» ، (وشذ) فيه «فعلاء» ـ بالضمّ والمد ـ ، نحو : (قتلاء ، وأسراء) ، (ولا يجمع) «فعيل» بمعنى «مفعول» (جمع التصحيح) بالواو والنون ، ولا بالألف والتاء ، (فلا يقال : جريحون) ، (ولا جريحأت ، ليتميّز عن «فعيل» الأصل) ، وهو ما كان بمعنى الفاعل ، فانّه الأصل لكون المفعول فرع الفاعل ، ويجمع جمع التصحيح ، نحو : رحيمون ، ورحيمات ، وكريمون ، وكريمات ، فلم يجمع الّذي بمعنى المفعول كذلك ، فرقا بينهما ، ولم يعكس ، لأنّ الأصل أحق بالصحيح.

واعلم ان «فعلى» من الجموع انّما بالاصالة «لفعيل» بمعنى «المفعول» على الوجه المتقدّم ، (ونحو : مرضي) ، في مريض ، وهو «فعيل» بمعنى «الفاعل» ليس واردا على الأصل ، بل هو (محمول على) ما يناسبه ممّا هو بمعنى المفعول ، نحو : (جرحى) ، لمناسبة المرض والجراحة في الألم ، (و) يتقوى ذلك بأنّهم (إذا حملوا عليه) ـ أي على جرحى ـ نحو : (هلكي) ـ في الهالك ـ ، (وموتي) في الميّت ، على «فيعل» ، (وجربي) في الأجرب ، وعجفي في الأعجف ، وحمقى في الأحمق ، وزمني في الزّمن ، بمجرّد المناسبة في المعنى مع تخالف المفردات في الوزن ، (فهذا) ـ أي المرضي ـ

١٩٤

(اجدر) بالحمل عليه ، لتوافق المفردين في الزنة ـ أيضا ـ وكذا حملوا عليه سكرى في سكران.

والحاصل ان حمل بعض الأبنية على بعض في الجمع للمناسبة واقع في كلامهم ، وان تخالفا في الزنة فمع التوافق أولى ، وذلك : (كما حملوا : أيامي) وهو جمع ـ ايّم ـ بتشديد الياء ـ مثل : سيّد على «فيعل» ـ لمن لا زوج له من الرجال والنّساء ـ من أيم يأيم أيما ، وأيمة ، وأيومة ، (ويتامى) وهو جمع يتيم مثل كريم ـ لفاقد الأب من الانسان ، وفاقد الام من الحيوانات ، وفاقد الاخت من الدرّة ـ ، (على وجاعى ، وحباطى) ، في وجع ، وحبط كلّاهما على زنة كتف ، لما يقارن الايومة واليتم من الحزن والوجع مع تقارب أوزان المفردات وان تخالفت ، وزعم الزمخشري : ان أصلهما أيائم ، ويتائم ، على «فعائل» فقلبت الهمزة إلى موضع اللّام وقلبت ألفا ، وفاقا للجوهري في الايامى ، ويخدشه شدوذ «فعائل» في جمع «فعيل» من المذكر من الصفة ، كنظير ونظائر ، وكريه ـ بمعنى مكروه ـ وكرائه على ما يقال.

(المؤنث) ممّا مدته الثالثة هي الياء يجمع على «فعال». كالمذكر ، (نحو : صبيحة) من الصّباحة وهي : الجمال ، (على صباح) ، كصبيح وصباح ، (و) على «فعائل» ، نحو : (صبائح) ، وذبائح ، في ذبيحة بمعنى مذبوحة ـ ، (و) قال بعضهم : (جاء) في جمع هذه الزنة «فعلاء» ، كقولهم : (خلفاء) في خليفة ، لكنّه غير ثابت ، (وجعله جمع ـ خليف ـ) كما وقع في قوله :

إنّ من القوم موجودا خليفته

وما خليف أبي موسى بموجود (١)

(أولى) ، لشيوع هذه الزنة في جمع المذكر وندرتها في المؤنث حتّى قيل : لم يأت إلّا قولهم : نسوة فقراء وسفهاء ، وقيل : انّ الخليفة لما لم يطلق إلّا على المذكر جمعوه

__________________

(١) هذا البيت لأوس بن حجر ، وحاصل كلامه ان من القوم من هو موجود خليفته ولا خليفة لأبي موسى ، والاستشهاد في البيت على انّه قد ورد عنهم خليف بغير التاء بمعنى خليفة.

١٩٥

على هذه الزنة على اعتبار اسقاط الهاء ، ويجمع الخليفة على خلائف ـ أيضا ـ.

(و) المؤنث الّذي مدّته الثالثة هي الواو ولا تدخله تاء التأنيث ، وذلك (نحو : عجوز) ـ وعجوزة بالتاء من كلام العوام ـ ، ونحو : قلوص ، يجمع (على) «فعائل» غالبا نحو (عجائز) ، وقلائص ، وجاء على «فعّل» بضمّ الفاء وفتح العين المشدّدة ، نحو : قلّص ، كما قال :

متى تقول القلّص الرّواسما

يحملن أمّ قاسم وقاسما. (١)

[جمع فاعل الاسم] : (٢)

(وفاعل الاسم) ـ أي الّذي على زنة «فاعل» ومعناه الاسم دون الصفة ـ ان كان مجردا عن التاء(نحو : كاهل) ـ لما بين الكتفين ـ يجمع (على) «فواعل» ، (نحو : كواهل) قياسا مطردا ، وقد يزاد الياء ، لاشباع كسرة العين كخواتيم ـ في الخاتم ـ بكسر التاء ، ودوانيق ـ في الدانق ـ لسدس الدرهم ، وقد يقال : انّهما جمعان للداناق والخاتام ، كما في قوله : أخذت خاتامي بغير حقّ (٣).

(وجاء) في جمعه «فعلان» ـ بالضم ـ كما جاء(حجران) في الحاجر ، ـ بالمهملتين بينهما الجيم ، للموضع الّذي يمسك ماء المطر من شفة الوادي ـ ، وحوران ـ في الحائر ، بالمهملتين ، لمجتمع الماء ـ ، وركبان في راكب ، وقد صار بالغلبة اسما لراكب البعير ، (و) «فعلان» ـ بالكسر ـ وهو أقل من «فعلان» ـ بالضم ـ وذلك كما جاء(جنّان) ـ بكسر الجيم وتشديد النون بعدها ـ في الجانّ ـ بتشديد النون ، لأبي الجنّ ،

__________________

(١) هذا البيت لم أقف على قائله ، قيل : ان قوله : تقول من القول بمعنى الظن ومفعول الأوّل القلص. وقوله : يحملن في محل النصب على انّه مفعول ثان له. والرسم : ضرب من سير الابل ومنه الرواسم جمع الراسمة.

(٢) لمّا فرغ ممّا مدّته زيادة ثالثة شرع فيما زيادته مدّة ثانية هي ألف «فاعل».

(٣) هذا بيت من الرجز المشطور وقبله : ياميّ ذات الجورب المنشقّ.

١٩٦

وعظيم الجثّة ـ ، وحيطان في الحائط ـ للجدار ـ ، وحيران في الحائر ـ لمجتمع الماء أيضا ـ.

(والمؤنث :) المقرون بالتاء علي زنة «فاعلة» من الاسم ، (نحو : كاثبة) ـ بالمثلثة والموحدة ، وهي من الفرس حيث يقع عليه مقدم السرج ، ويقع عليه يد الراكب ، يجمع (على) «فواعل» أيضا ، مثل : (كواثب). (١)

(وقد نزّلوا «فاعلاء») ـ بالمدّ ـ (منزلته) ـ أي منزلة المؤنث بالتاء ـ تنزيلا لألف التأنيث الممدودة فيه منزلة التاء ، (فقالوا : قواصع ، ونوافق ، ودوامّ) ، ـ بتشديد الميم ـ ، (وسواب) في القاصعاء ، ـ لحجر من حجرة اليربوع ، وهو الّذي يقصع ـ أي يدخل ـ فيه ـ ، والنّافقاء ـ بالنون والفاء والقاف ، وهي اخرى من حجرته يكتمها ويظهر غيرها ، وهي موضع يرققه ، فاذا أتى من جانب القاصعاء ضرب الناققاء برأسه فانتفق ، أي خرج كذا في الصحاح ـ ، والدامّاء ـ بالدال المهملة وتشديد الميم ، وهي اخرى من حجرته يخرج منها التراب ـ ، والسابياء ـ بالسين المهملة والموحدة والتحتانية ، وهي المشيمة الّتي تخرج مع الولد ـ.

وأصل : دوامّ دوامم ـ بميمين ـ فادّغمت ، وسواب أصله : السوابي فاعلّ اعلال قاض كجوار.

[جمع فاعل الصفة] :

(الصفة) : ممّا كان على زنة «فاعل» مجرّدا عن التاء ، (نحو : جاهل على) «فعّل» و «فعّال» ، كلّاهما ـ بضمّ الفاء وتشديد العين ـ نحو : (جهّل ، وجهّال ـ غالبا ـ) ، وذلك في صحيح اللّام ، ويندر الوزنان مع اعتلال اللّام ، كغزي وغزاء في ـ الغازي ـ ، (و) على «فعلة» ـ بفتحتين ـ في صحيح اللّام ، لذوي العقول ، نحو : (فسقة) في ـ

__________________

(١) بالكردية : يالى اسپ.

١٩٧

الفاسق ـ (كثيرا).

(وعلى) «فعلة» ـ بضمّ الفاء وفتح العين ـ ، نحو : (قضاة) ـ في القاضي ـ (في المعتل اللّام) لذوي العقول ، وينقلب اللّام ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، (وعلى) «فعل» ـ بضمّتين واسكان العين ـ عند تميم ، نحو : (بزل) ـ بالموحدة والزاي المعجمة ، في البازل ، للمنشق الناب من الابل ذكرا كان أو أنثى ، وذلك في السنة التاسعة ـ ، (و) على «فعلاء ، وفعلان» ـ بالضم ـ نحو : (شعراء ، وصحبان) في شاعر وصاحب ، وشبّان ـ بالتشديد ـ في شابّ ، ورعيان في راع ، (و) على «فعال» ـ بكسر الفاء وتخفيف العين ـ نحو : (تجار) ـ بالفوقية والجيم ـ في التاجر ، من التجارة ـ ، ورعآء في راع ، (و) على «فعول» ـ بالضم ـ نحو : (قعود) في القاعد.

فهذه الأوزان كثير الوقوع في جمع «فاعل» من الصفة المجرّدة عن التاء ، (وامّا) «فواعل» ، فقد صرّح به سيبويه بعدمه ـ قياسا ـ في «فاعل» من صفات العقلاء إذا لم يكن مقرونا بالتاء ، ولا مختصا بالمؤنث ، وامّا قولهم : رجال (فوارس فشاذ) على ما ذكره ، وكأنّهم نزلوا الفارس من ـ الصفة ـ منزلة «فاعل» من الاسم ، لبعده عن الصفة حيث اختصّ في استعمالاتهم بالمذكر ، فلم يتّفق اقترانه بالتاء فيها مع ان شأن الصفة ـ مع عدم اختصاص أصل المعنى بالمؤنث ـ ان توجد مقرونة بها في الاستعمال ، وقالوا : على الشذوذ في المثل هالك من الهوالك ، إذ الأمثال كثيرا ما تخرج عن القياس.

وجاء نواكس ـ في الناكس ، للمطأطأ رأسه ـ في الشعر للضرورة ، كما في قول الفرزدق :

واذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم

خضع الرّقاب نواكس الأبصار (١)

__________________

(١) البيت من كلمة رائية للفرزدق يمدح بها آل المهلب بن أبي صفرة وبخاصّة يزيد بن المهلب. والاستشهاد بالبيت هنا في قوله : نواكس حيث جمع ناكسا ـ وهو وصف لمذكر عاقل ـ على فواعل وذلك شاذ لم يرد إلّا في حروف قليلة.

١٩٨

وقد يقال : انّهما جمعان لهالكة وناكسة باعتبار الجماعة والطائفة ونحوهما ، كما قالوا ذلك في الخوارج.

و (المؤنث) المقرون بالتاء من الصفات ، (نحو : نائمة) يجمع (على) «فواعل» من غير شدوذ ، وعلى «فعّل» ـ بضمّ الفاء وتشديد العين المفتوحة ـ ، نحو : (نوائم ، ونوّم) (وكذلك) المختص بالمؤنث المجرّد عن التاء ، كما يقال : (حوائض وحيّض) ، وجاء «فواعل» في «فاعل» للمذكر من غير العاقل ، كجمال بوازل ، وايّام مواض ، وان سمّى بالصفة للعاقل جاز جمعه على «فواعل» ، كعوالم في عالم ـ اسما ـ.

[جمع ما آخره ألف التأنيث] :

و (المؤنث بالألف) من الاسم حال كون ألفه (رابعة) ان كانت ألفه مقصورة ، (نحو : أنثى) يجمع (على) «فعال» نحو : (اناث) ، وقد جاء انث ـ بضمّتين ـ وكأنّه جمع اناث ، نحو : كتب في كتاب على ما قيل.

(و) ان كانت ممدودة ، (نحو : صحراء) جمع (على) «فعالى» ـ بالفتح وآخره الألف المقصورة ـ ، نحو : (صحارى) في الأكثر ، بيان ذلك : ان علامة التأنيث في الممدودة هي الألف المتطرفة على ما ذكره سيبويه ، فزيدت قبلها ألف لتكثير أبنية المؤنث باشتمالها على المقصورة والممدودة للتوسع وتمايز صيغ التأنيث ، فاجتمعت الفان يتعلّق بكل منهما غرض يهتم به فلم يحذف شيء منهما بالتقاء الساكنين ، وقلبت الأخيرة همزة ، لوقوعها بعد الألف كما يجيء في اعلال نحو كساء ـ إنشاء الله تعالى ـ ، واجريت عليها الحركات.

وإذا بني الجمع الأقصى من نحو ذلك انقلبت الألف إلى الياء الساكنة ، لوقوعها بعد كسرة ما بعد ألف الجمع كما في مصابيح ، وعادت الهمزة إلى أصلها ، وهو الألف ، لذهاب سبب القلب إليها وهو الوقوع بعد الألف ، والتقى ساكنان فيقلب الألف إلى ما يقبل الحركة كما في المفرد ، ليتطابقا في عدم الحذف بالتقاء الساكنين ،

١٩٩

لكنّها يقلب في الجمع ياء وتدغم فيها الياء الاولى ، لأن انقلاب بعض حروف العلّة إلى بعضها أولى ، مع عدم سبب القلب همزة وهو الوقوع بعد الألف فيه ، فيحصل ما هو على زنة «فعاليّ» ـ بالتشديد ـ ، ثمّ انّهم استثقلوا الياء المشدّدة في الجمع الأقصى مع عدمها في المفرد ، فحذفت المدغمة المنقلبة عن الزائدة ، وحوفظ على المنقلبة عن العلامة ، فحصل ما يوازن «الفعالى» ـ بتخفيف الياء ـ كالصحارى ، كما هو لغة بعض العرب ، رعاية لحفظ كسرة ما بعد ألف الجمع ، ويحذف الياء ـ رفعا وجرّا ـ عند التنوين كما في باب جوار ، والأكثر : يردّونها إلى الألف لتسلم عن الحذف ، ترجيحا لحفظ العلامة ، وينفتح ما قبلها ، فيحصل «الفعالى» ـ بالألف ـ.

وجاء «فعاليّ» بالتشديد ـ على قلّة في الشعر ، كقوله :

لقد اغدوا على اشق

ر يغتال الصّحاريّا. (١)

ويتعيّن «الفعالي» ـ بالياء مشدّدة ومخفّفة ـ فيما كانت الألف الممدودة فيه للالحاق ، كالعلابيّ في العلباء ، لأنّها ليست في استحقاق المحافظة كالّتي هي للتأنيث حتّى يردّ إليها لحفظها.

و «الفعاليّ» ـ بالتشديد ـ مطرد في جمع ما كان ثلاثيا ساكن الوسط مزيدا في آخره ياء مشدّدة خالية عن معنى النسبة ، كبختيّ ، وكرسيّ ، وكذا مهريّ ، لصيرورته بالغلبة اسما لنوع من الابل وان كان في الأصل لنسبة ذلك النوع إلى مهرة ابن حيدان.

وجاء : في البخاتيّ والمهاريّ ـ بخصوصهما ـ الأوجه الثلاثة الواردة في الصحارى ، ويطرد «الفعالي» ـ بتخفيف الياء ـ في جمع «فعلاة» كسعلاة ـ لا خبث الغول ـ ،

__________________

(١) هذا البيت للوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ، وأراد بالأشقر : الفرس الّذي لونه الشقرة ، وهي حمرة صافية بخلاف الشقرة في الانسان ، فانّها فيه حمرة يعلوها بياض. ويغتال : يهلك ، واستعاره لقطع المسافة بسرعة شديدة. وفي جميع نسخ «الكمال» يجتاب بدل قوله يغتال ، ومعناه : يقطع.

٢٠٠