شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

ابن حاجب

شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

المؤلف:

ابن حاجب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٤

كلفة ، فتأمّل.

ولو أمكن اسناد التفرقة في النسبة بين القسمين إلى الاستقراء كان أحسن ، وهو على تقدير تماميّته قياس غالب ، وقد يعدل عنه إلى النسبة إلى الجزء الثاني عند خوف اللبس ، كأشهليّ ـ في عبد الأشهل ـ ، ومنافيّ في عبد مناف ـ ، وقد يصاغ من المجموع لفظ على «فعلل» كجعفر ، وينسب إليه ، وهو مقصور على السماع ، كعبدريّ ، وعبشميّ ، وعبقسيّ ـ في عبد الدار ، وعبد شمس ، وعبد قيس ، ومرقسيّ ـ في امراء القيس بن حجر الكندي ـ خاصّة ـ.

[النسبة إلى الجمع] :

واعلم انّ اللفظ الدال على المتعدّد ان كان مفرد اللفظ نسب إليه على لفظه ، سواء كان اسم جمع ، كقوميّ ، ورهطيّ أو اسم جنس كشجريّ ، وتمريّ ، وان كان جمعا فالمصحّح يحذف منه العلامة ، كما مرّ ، فيرجع إلى الواحد.

(والجمع) المكسر ـ أيضا ـ (يردّ إلى الواحد) الّذي اشتقّ منه ذلك الجمع ، لأنّ المقصود من النسبة إلى الجمع الدلالة على الملابسة بين المنسوب والّذي بنى منه ذلك الجمع ، وهذا يحصل بالنسبة إلى الواحد مع كونه أخف ، فيقع لفظ الجمع ضائعا مع ثقله ، كذا يقال فتأمّل فيه ، والعمدة الاستقراء ، (فيقال : في كتب ، وصحف ، ومساجد ، وفرائض) ، وأقوام ، (كتابيّ ، وصحفيّ ، ومسجديّ ، وفرضيّ) ـ بالردّ إلى الصحيفة والفريضة ـ والنسبة إليهما ، كحنفيّ ، ـ في حنيفة ـ ، وقوميّ وان لم يستعمل له واحد أصلا ، كعباديد ، فالأقوى عند سيبويه النسبة إليه على لفظه ، كعباديديّ ، وأمّا الردّ في التصغير إلى ـ عبديد ـ ونحوه فلتعذر بنائه بدونه ، (١) وان استعمل له مفرد غير قياسي كمحاسن فالأقوى عند أبي زيد النسبة على لفظه

__________________

(١) وفي نسخة : بدون الرد.

١٦١

ـ أيضا ـ كمحاسنيّ ، وقد يردّ إلى ذلك المفرد ، كحسنيّ ، وان كان المفرد منسوبا اكتفى بالردّ إليه ، كمهلبيّ ، وبغداديّ ـ في جمعهما ـ أعني : المهالبة ، والبغاددة ، وكذا فيما على لفظ المنسوب ، ككرسيّ ـ في الكراسيّ.

ثمّ انّ الردّ إلى الواحد انّما يكون في ما أريد به المعنى الجمعي ، (وامّا باب : مساجد ـ علما ـ) ونحوه ممّا نقل إلى العلمية بالغلبة أو ابتداء(فمساجديّ) ونحوه ، بالنسبة إليه على لفظه ، لأنّ الاعلام لا يتغيّر ، ويدل عليه ما سمع منهم في مثل ذلك (كأنصاريّ) ـ في الطائفة المخصومة من أصحاب النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لصيرورة أنصار علما لهم بالغلبة ، واعرابيّ ـ في اعراب ـ لأهل البدو ـ لأنّه علم فيهم بالغلبة ، وان كان في الأصل جمعا للعرب شاملا للبادي والحاضر ، ونحو : أبناويّ ـ لبني سعد بن زيد مناة ـ (١) وأنماريّ ـ في بني أنمار بن نزاد ، (وكلابيّ) ـ في كلاب ـ لقبائل ـ ، ومدائنيّ ـ في مدائن ـ لبلد ، لكون الجميع اعلاما على أحد الوجهين.

ويظهر من كلام بعض المحقّقين الاكتفاء في النسبة إلى الجمع على لفظه بكونه موازنا لمفرد في اللفظ ، نحو : كلاب ، ورباب ، ـ لقبائل ـ على زنة كتاب.

فهذه أحكام النسبة على القياس.

[شواذ النّسب] :

(وما جاء على غير ما ذكر فشاذّ) ، كالشواذ الّتي مرّت ، واليماني ـ بتخفيف الياء ـ في يمن ـ ، وأصله : يمنيّ ـ بتشديد الياء ـ فحذفت إحدى اليائين وعوّضت عنها الألف المتوسطة على خلاف القياس ، ثمّ تحذف الياء الاخرى الباقية ـ رفعا وجرّا ـ باعلال قاض ، وقد يقال : يمانيّ ـ بتشديد الياء ـ على الجمع بين العوض والمعوض عنه على خلاف القياس ، أو زيادة الألف ـ اشباعا ـ نحو : ينباع ـ في ينبع ـ ، ونحو :

__________________

(١) وفي نسخة : زيد بن مناة وهو الظاهر.

١٦٢

مروزيّ ـ بزيادة الزاء المعجمة ـ في مرو ـ ، فرقا فيه بين الانسان والثياب ، حيث يقال : مرويّ ، وأمّا رازيّ ـ بالزاء ـ في الّريّ ـ ، فقيل : انّه نسبة إلى ـ راز ـ على القياس لاشتراك اثنين في بنائه ، اسم أحدهما ـ راز ـ والآخر ـ ريّ ـ ، واشتراطهما ان يراعي في النسبة إليه اسم أحدهما وفي غيرها الآخر ، هندوانيّ ـ في السيف المنسوب إلى الهند ـ ، ودهريّ ـ بضمّ الدال ـ في الرجل المسنّ ـ ، فرقا بينه وبين ـ الدهريّ ـ الملحد ـ ، وبحرانيّ ـ بالألف ـ في البحرين ـ ، على ما قيل ، وازليّ ـ في لم يزل ـ ، اختصارا بحذف الجازم وقلب الياء همزة ، كأزنيّ ـ في الرمح المنسوب إلى ـ ذي يزن ـ (١) على ما يقال ، وقيل : انّه منسوب إلى ـ الأزل ـ بمعنى : القدم على القياس.

ومن خلاف القياس : ما يكون بزيادة الألف والنون ، مثل : الربّانيّ ، والفوقانيّ ، والتحتانيّ ، والسّفلانيّ ، والرّوحانيّ ، بضمّ الراء ـ في النسبة إلى الربّ ، والفوق ، والتحت ، والسفل ، والرّوح ـ بضمّ الراء ـ بمعنى الملك ـ فانّه قد يطلق عليهم لاستتارهم ولطافتهم ، وزيادة الألف والنون ، للفرق بين النسبة إليهم وإلى روح الانسان.

ومنه (٢) الثلاثيّ ، والرّباعيّ فما فوقهما ، فانّ الظاهر على ما قيل أنّها منسوبة إلى ـ الثلاثة ، والأربعة فما فوقهما ـ لا إلى ـ ثلاث ، ورباع ـ وغيرهما من الاعداد المعدولة ، إذ الظاهر عدم التكرار المأخوذ في المعدول فيما هي منسوبة إليها ، فتأمّل.

[النسبة بغير الياء] :

(وكثر مجيء «فعّال») ـ بفتح الفاء وتشديد العين ـ للنسبة ، ويفسّر بذي الشيء الّذي يراد النسبة إليه ، لأن ذا الشيء منسوب إليه ، ولكونه في الأصل للمبالغة اختصّ

__________________

(١) وذي يزن : اسم ملك.

(٢) أي من خلاف القياس.

١٦٣

بصاحب شيء يلازمه ويزاوله ويحترف به ، وذلك : (في الحرف) ـ أي الصناعات ـ ، والمراد بها : ههنا ما يزاول مطلقا ، (١) وبالاحتراف : مطلق المزاولة سواء كانت في عمل المنسوب إليه الّذي اشتقّ منه الصيغة معنى كان ، كالنجّار ـ لذي النجارة ـ على ما قيل ، أو عينا يعمل عملا في حصول صورتها الصناعية ، (كبتّات) ـ لذي البت ـ ان أريد به من يعمله ، وقد يقال : لمن يبيعه ، وهو : ـ بالموحّدة والمثنّاة المشدّدة ـ الطّيلسان من خزّ ونحوه ، أو في بيعه ، (و) ذلك : مثل : (عوّاج وثوّاب) ـ لمن يبيع العاج والثوب ـ على ما قال سيبويه ، والعاج : عظم الفيل ـ ، أو في القيام بأمره ، (و) ذلك نحو : (جمّال) ، وبغّال ـ لمن يقوم بأمر الجمل والبغل ـ ، أو في استعماله ، وهذا شاذ عند بعضهم ، وذلك : كنبّال ، وسيّاف ـ لمن يزاول الرمي بالنبل ـ وهو السهم ، والضرب بالسيف ، كما قال امرأ القيس :

وليس بذي رمح فيطعنني به

وليس بذي سيف وليس بنبّال (٢)

ومجيء «فعّال» للنسبة على كثرته ليس قياسا ، فلا يقال : فكّاه ، ودقّاق ـ لصاحبي الفاكهة والدّقيق.

(وجاء «فاعل») مجيئا دون «فعّال» (بمعنى ذي كذا) ، من دون اعتبار الاحتراف والمزاولة ، ولذا عدل إليه عن صيغة المبالغة ، وهذا(كتامر ، ولابن ، ودارع) ، ـ لذي التمر واللّبن والدرع ـ وليس شيء منها بمعنى اسم الفاعل ، لعدم الاشتقاق من المصدر.

(ومنه : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ)) (٣) باسناد الراضية إلى مفعول الرضا ، وهو ضمير العيشة ، فانّها مرضيّة يقع عليها الرضاء ، فعدل إلى معنى ذات رضا بأن يرضاها صاحبها ،

__________________

(١) أي كسب أو غير كسب.

(٢) البيت من قصيدة مشهورة له. والضمائر في البيت راجعة إلى زوج المرأة الّتي ذكر فيما قبله انّه عشقها وعاشرها وكان زوجها شديد الغيظ عليه حريصا على قتله مع عدم تمكّنه من ذلك.

(٣) الآية : ٧ القارعة.

١٦٤

ليتأتي بناء اسم الفاعل على ما قال الخليل.

ومنه : [ماء دافق] ، فانّه مدفوق ، وقد يقال : مثل ذلك من اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول من غير ان يعتبر النسبة ، وجعله علماء المعاني : من المجازي العقلي باعتبار اسناد اسم الفاعل الباقي على معناه إلى ملابس غير ما هو له ، على ما فصّل في موضعه.

(و) منه : قولهم في مقام الذم فلان (طاعم ، وكاس) على ما قاله الخليل ، في قول الحطيئة يهجو الزبرقان :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فانّك أنت الطّاعم الكاسي (١)

فان مقام الذم قرينة على عدم إرادة صدور الأكل واللبس على وجه الحدوث ، كما هو معنى اسم الفاعل ، إذ لا مذمّة في مجرد ذلك ، مع ان ـ الكاسي ـ من يكسو غيره ، لأنّه من ـ كساه الثوب ـ وهو ليس بذم ، فذلك قرينة على إرادة النسبة بمعنى ذي الأكل والكسوة وانحصار أمره في الأكل واللبس كما يناسبه ضمير الفصل وتعريف الخبر باللّام ، وقد يقال : لعلهما بمعنى اسم الفاعل مسلوبا عنه معنى الحدوث ، واريد بالكاسي ـ من يكسو نفسه بقرينة مقام الذم ، وان كان على خلاف الغالب في الفعل المتعدّي من الوقوع على غير الفاعل مع جواز كونه بمعنى اسم المفعول ، وهو المكسوّ على ما قال الفراء ، واحتمال كونه من كسي كرضي ـ إذا التبس ـ. (٢)

ومن ذلك ما كان للمؤنث بدون التاء ، كحائض ، وحامل وطالق ، ـ بمعنى ذات حمل وحيض وطلاق ـ وإلّا لزمت علامة التأنيث على ما هو شأن الصفات ، وقال

__________________

(١) وذلك انّ الحطيئة ورد المدينة مع ابنة له يقال لها مليكة فانزلهما الزبرقان في بيته واسائت امرأته معهما خوفا من ان يرغب زوجها في تزويج مليكة فخرج مع ابنته من بيته وهجاه.

والبغية : الطلب. ولا ترحل : أي لا تذهب. الطاعم : من طعم إذا أكل.

(٢) وفي نسخة : إذا لبس.

١٦٥

الكوفيون : ان مثل ذلك بمعنى اسم الفاعل ، وترك التاء لعدم الحاجة لاختصاص المعنى بالمؤنث ، وان اتفق الحاقها في البعض ، كحاملة على الأصل ، حملا على غيرها من الصفات ، واورد عليهم تركها في بعض الصفات المشتركة ، كما حكاه الفراء من قولهم : امرأة محبّ لزوجها وعاشق ، وقولهم : رجل عانس وامرأة عانس ـ إذا طال مكثها في منزل أهله غير متزوجة ـ ، وقولهم : جمل شائل ، وناقة شائل ، والحمل على الشذوذ بعيد لكثرة مثله.

وجاء «فعل» بفتح الفاء وكسر العين ـ أيضا ـ للنسبة ، ك ـ نهر ـ بمعنى نهاريّ ـ لمن يعمل في النهار ، كما في قوله :

لست بليليّ ولكنّي نهر

لا ادلج اللّيل ولكن ابتكر (١)

ومنه : حرح ، وسته ـ بمعنى حريّ ، واستيّ ـ لمن يلازم ذلك الشغل.

وهذا ، و «فعّال» و «فاعل» كلّها مختصّة بالثلاثي المجرّد ، لعدم امكان بنائها من غيره ، فلا يتأتى افادة الاحتراز في غيره ، نعم قد يجيء اسم الفاعل منه للنسبة ، كمرضع ، ومنفطم ، ـ بمعنى ذات ارضاع وانفطام ـ ، ويمكن ادراجه في كلام المصنف بحمل الفاعل على اسم الفاعل وان بعد.

وممّا جاء للنسبة ما جرى على شيء للمبالغة نحو : عزّ عزيز ، وذلّ ذليل ، وهمّ ناصب ونحو ذلك على ما قال نجم الأئمّة رضي.

***

__________________

(١) أي لست منسوبا إلى اللّيل أي لست عاملا في اللّيل ، ولكنّي عامل في النهار منسوب إليه. وادلج : مضارع أدلج كاكرم أي سار أوّل اللّيل ، وأمّا السير آخر اللّيل فهو الادّلاج بتشديد الدال وهمزة الوصل. وابتكر : مضارع الابتكار وهو المبادرة إلى الشيء والاتيان بكرة.

١٦٦

أبنية جمع التكسير

(الجمع الثلاثي) ، قال نجم الأئمّة : لا اعراب لقوله : ـ الجمع ـ ولا لقوله : ـ الثلاثي ـ ، لعدم تركبهما مع الغير ، بل هما من قبيل دار ثوب ونحوهما من الأسماء المعدودة ، وجوّز ارتفاعهما على الخبرية لمحذوف أي هذا باب الجمع ، هذا باب الثلاثي ، أي باب انّ الثلاثي كيف يجمع.

ثمّ انّ الجمع أمّا : مصحح وقد مرّ حكمه في مقدّمة الاعراب ، وربّما انساق إليه الكلام ههنا بالمناسبة ، وامّا : مكسر وهو ما تغيّر فيه بناء الواحد بنقص كتخم وتخمة ، أو زيادة كصنو وصنوان ، أو تبديل صورة كاسد بضمّ الهمزة ـ في اسد ـ ، أو بالنقص والتبديل معا كرسل ـ في رسول ـ ، أو بالزيادة والتبديل كرجل ورجال ، أو بجميع ذلك كغلام وغلمان.

ويرتقى بنائه بالاستقراء إلى ـ أربعة وعشرين ـ أكثرها موقوف على السماع ، وقد يغلب بعضها غلبة تلحق بالقياس في بعض أوزان المفردات.

[جمع الثلاثي المذكّر ـ المجرّد ـ] :

ولنبدأ من جملته بما كان في الاسم الّذي ليس بصفة ، فنقول : (الغالب في) ما كان اسما من الثلاثي على «فعل» ـ بفتح الفاء وسكون العين من غير الأجوف ـ (نحو : فلس) ان يجمع (على) «أفعل» ـ بضمّ العين ـ في قلّة ، نحو : (افلس).

وقد يجيء على «أفعال» كزند وأزناد ، وفرخ وأفراخ ، وأنف وآناف ، وجوّز سيبويه : بنائه وان لم يسمع عند الاضطرار في الشعر ونحوه ، لكنّه قليل بالنسبة إلى «افعل» ، وزعم ابن جنّي : انّه ليس أصلا في «فعل» بسكون العين ـ ، بل لتشبيهه

١٦٧

«ب ـ فعل» ـ بفتحها ـ حيث لم يختلفا إلّا بالفتح والسكون ، وقد يحمل مثل ذلك على ما يناسبه ممّا يجمع كذلك ، فهذا يسمّي تداخلا في باب الجمع ، وذلك مثل : ان يحمل فرخ على طير وولد ، وزند على عود ، وانف على عضو ، ونحو ذلك ، وكل ذلك تكلّفات ركيكة مع الاستغناء.

(و) الغالب في ـ جمع الكثرة ـ فيه ان يكون على «فعول» ـ بضمّ الفاء ـ نحو : (فلوس).

(وباب) : الأجوف منه واويّا كان أو يائيّا ، نحو : (ثوب) ، وبيت ، الغالب فيه ان يجمع في ـ القلّة ـ (على) «افعال» نحو (اثواب) ، وابيات.

(وجاء) في ـ جمع الكثرة ـ من «فعل» ـ بالفتح والسكون ـ أوزان اخر ان اضطرّ إليها في شعر أو سجع جمع عليها ، وان لم يسمع على ما قال سيبويه ، وهي على ما ذكر ههنا خمسة ، وهي : «فعال» ـ بكسر الفاء ـ كما جاء(زناد) في جمع الزند ـ وهو العود الّذي يقدح به النّار ـ لكنّه انّما جاء(في غير باب) أجوف اليائي نحو : (سيل) ، على ما سيجيء ـ إنشاء الله تعالى ـ سواء كان صحيح العين كزناد ، أو أجوفا واويّا كحياض ، وثياب ، ـ في حوض ، وثوب ـ ، وتقلب الواو ـ ياء ـ لكسرة قبلها.

(و) «فعلان» ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ كما جاء(رئلان) ـ في رئل ـ لولد النعامة ـ ، (و) «فعلان» ـ بالضمّ والسكون ـ وهو أكثر من «فعلان» ـ بالكسر ـ على ما قال سيبويه ، كما جاء(بطنان) ـ في البطن ـ للمطمئن في الأرض ، وفي بطن الريش ـ ، (و) «فعلة» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ كما جاء(غردة) في ـ الغرد ـ بفتح الغين المعجمة ـ لضرب من الكمأة ، على ما قال الفراء ، وزعم الكسائي انّه جمع الغرد ـ بالكسر ـ كقرد وقردة.

(و) «فعل» ـ بضمّتين ـ كما جاء(سقف) ـ في سقف البيت ـ على ما قال الأخفش حاكما بشذوذه ، وقال الفراء : انّه جمع سقيف ـ بفتح السين وكسر القاف وزيادة الياء ـ مثل : كثيب وكثب ، وجمع السقف سقوف ، ومثله : رهن ـ بضمّتين ـ

١٦٨

عند أبي عمرو في الرهن ، وقال الأخفش : انّه جمع الرّهان جمع الرّهن مثل : كتب وكتاب ، فهو جمع الجمع.

(و) «أفعلة» ـ في جمع القلّة ـ من «فعل» بالفتح والسكون ـ كما ورد(أنجدة) ـ في نجد ـ للمرتفع من الأرض ـ (شاذ) ، وحمله الجوهري : على انّه جمع ـ نجود ـ جمع نجد ، تشبيها لفعول ـ بضمّ الفاء ـ في هذا الجمع بفعول ـ بالفتح ـ ، فهو جمع الجمع ، لأن هذا الجمع مخصوص بما يكون قبل آخره مدّة ، كحمار واحمرة ، وعمود واعمدة ، ورغيف وارغفة.

(و) الغالب في «فعل» ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ (نحو : حمل) ان يجمع في ـ القلّة ـ (على) «افعال» في الصحيح والأجوف وغيرهما ، وفي ـ الكثرة ـ على «فعول» نحو : (احمال ، وحمول) ، والحمل : ـ بكسر الحاء ـ ما يحمل على الظهر أو الرأس ، وـ بفتحها ـ ما كان في بطن أو شجر (١) ونحوه.

(وجاء) جمعه في ـ الكثرة ـ مجيئا أقلّ من «فعول» (على) نحو : (قداح) ـ بكسر القاف ـ في القدح ـ بكسرها ـ للسهم قبل ان يراش ويركب نصله ، ولقدح الميسر ، (و) ربّما جاء جمعه ـ في القلّة ـ على «افعل» نحو : (ارجل) في ـ الرّجل ـ ، (و) في ـ الكثرة ـ على «فعلان» أيضا ـ بكسر الفاء ـ نحو : (صنوان) في ـ الصنو ـ قال الجوهري : إذا خرج نخلتان أو ثلاث من أصل واحد فكل واحدة منها صنو ، والنون في الجمع يجري عليها الاعراب بالحركة.

(و) على «فعلان» ـ بالضم ـ كذئب ، و (ذؤبان) ، (و) «فعلة» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ نحو : (قردة) في ـ القرد ـ لما يقع على البعير.

(و) الغالب في «فعل» ـ بضمّ الفاء وسكون العين (نحو : قرء) ـ للحيض والطهر ـ ان يجمع (على) «أفعال» في ـ القلّة ـ في الأجوف وغيره ، و «فعول» في ـ الكثرة ـ

__________________

(١) وفي نسخة : أو على شجر.

١٦٩

نحو : (اقراء وقروء).

(وجاء) ـ في الكثرة ـ (على) «فعلة» بكسر الفاء وفتح العين ـ نحو : (قرطة) ـ في القرط الّذي يتعلّق في شحمة الاذن ـ ، (و) على «فعال» ـ بكسر الفاء ـ وهو كثير في المضاعف ، نحو : (خفاف) ـ في الخف الّذي يلبس في الرّجل دون الّذي هو للبعير ، كالحافر للفرس ، فانّه يجمع على ـ اخفاف ـ على ما يشعر به كلامهم ، (و) على وزن المفرد من غير تفاوت ، نحو : (فلك) ـ للسفينة ـ فانّه يأتي مفردا ، كما يقال : في قوله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)(١) ، وجمعا كما يقال في قوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)(٢) ، والتغيير الّذي يكون في الجمع المكسر فيه إعتباريّ ، كما قالوا : ان ضمّ الفاء وسكون العين فيه حال الافراد مثلهما في ـ قفل ـ ونحوه من المفردات ، وجمعا مثلهما في ـ اسد ـ جمع اسد ، فحمل «فعل» ـ بالضمّ والسكون ـ على «فعل» بفتحتين ـ في هذا الجمع ، لاشتراكهما في المجيء مصدرا بمعنى واحد ، كسقم وسقم ، واشتراكهما في الجمع على «أفعال» ، كقرء وأقراء ، وجمل وأجمال ، وشذ في جمع القلّة بهذه الزنة «افعل» كأركن ـ في الرّكن ـ.

(وباب : عود) ـ وهو ما كان أجوف ـ (٣) ولا يكون في هذا الوزن إلّا واويّ اللفظ ، إذ لا يكون ياء ساكنة ما قبلها مضموم ، يجمع في الكثرة(على) «فعلان» بكسر الفاء ـ ولذلك تنقلب واوه ياء ، نحو : (عيدان) ، وحيتات ـ في حوت ـ ، وأمّا في القلّة فعلي «افعال» كاعواد ، واقوات ـ في القوت ـ.

(و) الغالب في «فعل» ـ بفتح الفاء والعين معا ـ (نحو : جمل) ، وحجر ، ان يجمع في ـ القلّة ـ على «افعال» ، وفي الكثرة(على) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ ، وقد تلحقه التاء ، نحو : (اجمال ، وجمال) ، وحجارة.

__________________

(١) الآية : ٤١ من سورة يس.

(٢) الآية : ٢٢ يونس.

(٣) وفي نسخة : أجوفا.

١٧٠

(وباب : تاج) وهو : الأجوف الّذي على الزنة المذكورة وانقلب حرف العلّة منه ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، يجمع في ـ القلّة ـ (على) «افعال» أيضا ، كاتواج ، واقواع ـ في القاع ـ للمستوى من الأرض ـ ، وفي الكثرة على «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ كثيرا شائعا ، فتنقلب الواو ياء نحو : (تيجان) ، وجيران ، وقيعان ، ـ في الجار والقاع ـ ، (وجاء) جمع هذه الزنة في ـ الكثرة ـ على «فعول» وعلى «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ من غير الأجوف على قلّة ، و «فعلان» ـ بالضمّ فالسكون ـ و «فعلي» ـ بالكسر فالسكون والالف المقصورة ـ ، وفي ـ القلّة ـ (على) «افعل» و «فعلة» ـ بالكسر فالسكون ـ ، نحو : (ذكور) ـ في الذكر ـ لبعض أصناف الحديد وهو أجودها ـ ، وامّا الذكر خلاف الانثى فهو ـ وان جمع كذلك كما جمع على ذكران ـ لكنّه صفة فليس ممّا فيه الكلام ، وأمّا جمعه : إذا كان بمعنى العضو فالمذاكير على خلاف القياس ، وزعم الأخفش : انّه جمع بلا واحد كعباديد ، كذا قال الجوهري ، ويمكن ان يكون جمعا لمذكار ـ لآلة الذكورية ـ وان هجر هذا المفرد ، وقيل : انّ الذكر بمعنى العضو يجمع على ذكور ـ أيضا ـ.

(وحربان) بكسر الخاء المعجمة ـ في الخرب ـ لذكر الحباري ـ ، (وحملان) ـ بضمّ الحاء المهملة ـ في الحمل لولد الضأن ، (وازمن) ـ في الزمن ـ بمعنى الزمان ، وقيل : يجوز ان يكون ـ أزمن ـ جمعا للزمان كمكان وأمكن ، (وجيرة) ـ في الجار ـ وقيعة ـ في القاع ـ ، (وحجلى) ـ بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم ـ في الحجل وهو الذكر من القبج ، وقيل : انّه اسم جمع ولا نظير له سوى ـ ظربى ـ ، وقال الأصمعي : انّه لغة في الحجل ، وقال نجم الأئمّة : لم يأت في ـ قلّة المضاعف ولا كثرته من هذه الزنة إلّا «افعال» كافنان ـ في الفنن ـ لغصن الشجر ـ.

(و) الغالب في جمع «فعل» ـ بفتح الفاء وكسر العين ـ (نحو : فخذ) ان يكون (على) «افعال» نحو : (أفخاذ فيهما) ـ أي في القلّة والكثرة ـ ، والتعويل على القرائن ، (وجاء) في ـ الكثرة ـ على «فعول» و «فعل» ـ بضمّ الفاء والعين ـ ، وكأنّه

١٧١

مخفف الأوّل بحذف الواو ، كما جاء جمع ـ نمر ـ للسبع المعروف من السباع ـ (على نمور ونمر).

(و) الغالب في «فعل» ـ بفتح الفاء وضمّ العين ـ (نحو : عجز) ان يجمع (على) «أفعال» ، نحو : (اعجاز فيهما) ـ أي في القلّة والكثرة ـ ، (وجاء) في الكثرة «فعال» بكسر الفاء ، كما يقال : (سباع) ـ في السّبع ـ.

(وليس رجلة) ـ بفتح الرّاء وسكون الجيم ـ (بتكسير) فيهما ، يعني : انّه ليس جمعا مكسّرا ـ للرجل ـ في القلّة والكثرة ، لأن هذه الزنة ليست من أوزان الجمع ، بل هو اسم جمع له ، خلافا لابن السراج حيث جعله جمعا له معدوم النظير ، ثمّ انّ الظاهر من التعرّض له في أثناء الكلام على الأسماء انّه من الرجل ـ خلاف المرأة ـ ، وقيل : هو اسم جمع للرجل الّذي هو صفة ، كندس ـ بضمّ العين ـ من رجل يرجل ، كفرح يفرح ـ إذا لم يكن له ما يركبه ـ كما في قوله :

اما اقاتل عن ديني على فرسي

او هكذا رجلا إلّا بأصحابي (١)

ولعلّ من يصغره (٢) على رويجل حمله على راجل ، لأنّه بمعناه ، والمشهور في جمع ـ رجل ـ خلاف المرأة رجال ، وجاء رجالات واراجل كأكالب.

(و) الغالب في «فعل» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ ان يجمع في ـ القلّة والكثرة ـ على «أفعال» ، (نحو : عنب على : اعناب) فيهما.

(وجاء) : ـ في قلّته ـ «افعل» ، وفي كثرته «فعول» كما جاء(اضلع ، وضلوع) ـ في ضلع ـ بكسر الضاد المعجمة وفتح اللّام ـ وهو : لغة ـ في ضلع ـ بسكون اللّام ـ واحد الأضلاع ، واروم في ـ ارم ـ كعنب ، وهو حجارة تنصب ـ علما ـ في المفازة ،

__________________

(١) حاصل مراده : التمدح بالمقاتلة منفردا راجلا وفارسا والهمزة للانكار وما نافية.

والشاهد : في رجلا حيث وقع حالا بمعنى الراجل. ولم أقف على نسبته إلى قائل.

(٢) وفي نسخة : من صغره بلفظ الماضي.

١٧٢

ويمكن ان يكون الأضلع جمع الضلع ـ بالسكون ـ كرجل وارجل.

(و) الغالب في «فعل» ـ بكسرتين ـ (نحو : إبل) ان يجمع (على) «أفعال» (نحو : آبال فيهما) ـ أي في القلّة والكثرة ـ.

(و) في «فعل» ـ بضمّ الفاء وفتح العين ـ (نحو : صرد) أن يكون (على) «فعلان» ـ بكسر الفاء ـ نحو : (صردان فيهما) وهذا هو الجمع الشائع لهذه الزنة.

(و) ربّما(جاء) : في قلّته «أفعال» ، كما جاء(أرطاب) ، في ـ الرّطب ـ (و) في كثرته «فعال» ـ بكسر الفاء ـ كما جاء(رباع) في ـ الرّبع ـ بضمّ الراء وفتح الموحدة ـ ، وهو : الفصيل الّذي ينتج في الربيع ، وهو أوّل النتاج ، وقد حكم بعض المحققين بشذوذ هذين الجمعين في هذه الزنة.

(و) الغالب في «فعل» ـ بضمّتين ـ (نحو : عنق) إذا أريد بناء جمع القلّة أو الكثرة منه أن يجمع (على) «أفعال» مثل : (اعناق ـ فيهما ـ).

وتلخيص القول : ان كلّ بناء من الأبنية يكون أكثر دورانا «كفعل» ـ بفتح الفاء وسكون العين ـ فالتوسيعة في أبنية الجمع فيه أكثر ، لكثرة الاحتياج إليها في الاستعمالات على وجوه متفاوتة يضطر إليها في الأشعار والاسجاع وغيرهما.

(وامتنعوا) في جمع القلّة(من «افعل» في) اسم (المعتل العين) واويا كان أو يائيا ، على أيّ وزن كان ، لاستثقال الضمّة على الواو والياء.

(وأقوس ، واثوب) ـ في «فعل» بسكون العين من الواوي ـ ، (وأعين) فيه من اليائي ـ ، وكذا اسيف ـ في السّيف ـ كقوله :

كأنّهم أسيف بيض يمانية

عضب مضاربها باق بها الأثر (١)

__________________

(١) البيت لم أقف على نسبته إلى قائل معين. العضب : القاطع. ومضرب السيف : نحو شبر من طرفه. والأثر : بضمّ الهمزة والمثلثة الجرح. وكأنّه أراد به الآثار الباقية فيها من كثرة القراع والضرب.

١٧٣

(وأنيب) في الناب من اليائي المتحرك العين ، وأصوع ، وأدور في ـ الصاع والدار ـ من الواوي المتحرك العين ، (شاذ) مخالف للقياس ، وان كان بعضها فصيحا مطردا في السماع ، كأعين ، والقياس «أفعال» في كلّها.

(وامتنعوا من «فعال») ـ أيضا ـ بكسر الفاء ـ في الكثرة في المعتل العين ، لكن (في الياء) ، لاستثقال الكسرة على ما قبل الياء المتحركة.

وشذّ ضياف ـ في ضيف ـ ان ثبت وروده ، (دون الواو) ، كحياض ـ في حوض ـ ، لتأديته إلى قلب الواو ـ ياء ـ فتحصل الخفة ، فلذلك لم يبالوا بثقل الكسرة قبل الياء مع انّ الطواري قد يتسامح فيها بما لا يتسامح به في الأصليّة ، وهو في اليائي «كفعول» ـ بضمّ الفاء ـ (في الواو) ، فانّهم امتنعوا منه فيه ، استثقالا للضمة على ما قبل الواو المتحرّكة المضمومة الّتي بعدها واو ، (دون الياء) ، ولذلك كثر فيها ذلك ، كنيوب في ناب ـ ، وعيون ، وسيوف ، ونحوها ، بخلاف الواوي ، (وفؤوج) ـ في الفوج ـ بالفاء والجيم ، وهو واويّ ساكن الوسط ـ بمعنى الجماعة من الناس ـ (وسؤوق) ـ في ساق ـ وهو واويّ متحرك الوسط ، (شاذ) ، وتقلب الواو الأصلية همزة ، لثقل الضمّة ، فيقال : سؤق ـ بالهمزة ـ كما قلبها بعض العرب همزة في نحو : أثؤب ، وأدؤور ، وأسؤق ، ممّا هو على «أفعل».

وكلّ واو مضمومة ضمّة غير اعرابيّة ولم يهرب بها عن التقاء الساكنين يجوز قلبها همزة ، والتزمت في نحو : سؤق (١) للاستثقال ، وقد يجمع فوج على أفواج ، وفي جمع الجمع : على أفاوج ، وأفاويج ، على ما في الصحاح ، وقد يجمع دار على : دور ، وساق على سوق ، ـ بضمّ السين ـ كاسد ، واسوق ، وسيقان (٢).

__________________

(١) وفي نسخة : سؤوق. وقوله : لم يهرب بها عن التقاء الساكنين كقولك : احشو الله ونحو : لا تخشونّ ، واخشونّ.

(٢) والأبنية الّتي مرّت جموعها هي : فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، وللمؤنث ـ أيضا ـ نفس الأبنية المذكورة باضافة التاء إليها.

١٧٤

وإذ قد وقع الفراغ عن الاسم الثلاثي المجرّد إذا كان مذكرا مجرّدا عن التاء ، فنقول :

[جمع الثلاثي المؤنث] :

(المؤنث) المقرون بها ، (نحو : قصعة) ، ممّا كان على «فعلة» ـ بفتح الفاء وسكون العين ـ يجمع في ـ الكثرة ـ غالبا(على) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ ، وقد يجمع على «فعول» ـ بضمّها ـ نحو : (قصاع ، وبدور) ـ في البدرة ـ وهي : جلد السخلة ، وكيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم ، أو سبعة آلاف دينار ، (و) على «فعل» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ ، وقيل : انّه مقصور «فعال» بحذف الألف ، وذلك نحو : (بدر) ، وحلق ، من ـ الصحيح ـ وخيم ، وضيع ، من ـ الأجوف ـ في البدرة ، والحلقة ، والخيمة ، والضّيعة ، وهي ـ العقار ـ.

وجمعت الحلقة على : حلق ـ بفتح الحاء واللّام كليهما ـ ، كالبكرة ـ بفتح الموحدة ـ للمحالة الّتي يستسقي عليها في البئر ـ على بكر ـ بفتحتين ـ ، وهذه الزنة في جمع هذا البناء في غاية القلّة ، وحكى يونس : حلقة ـ بالتحريك ـ في الواحد ، والحلقات في جمعها.

وجمعت الضّيعة على : ضياع ، والخيمة على : الخيمات ، وامّا الخيام : فقال الجوهري : انّه جمع الخيم بدون التاء ، ـ بمعنى الخيمة ـ كفرخ وفراخ.

(و) يجمع الأجوف الواوي من «فعلة» بالفتح والسكون ـ على «فعل» ـ بضمّ الفاء وفتح العين ـ (نحو : نوبة على نوب) ، وجوبة ـ بالجيم والموحدة ـ للمنكشف من الأرض ذات الحجارة ـ على جوب.

ويجمع الناقص من هذا الباب على هذه الزنة ـ أيضا ـ على قلّة ، نحو : قرية على قري ، وبروة ـ بالموحدة والراء المهملة ـ وهي أصل البرة على ما قال أبو علي ، للحلقة من الصّفر أو من الشعر في أنف البعير ـ على بري.

١٧٥

(و) «فعلة» ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ صحيحا كانت (نحو : لقحة) ـ للناقة الّتي تحلب ـ ، أو معتلة ، كلحية ، ورشوة(على) «فعل» بكسر الفاء وفتح العين ـ في القلّة والكثرة ، نحو : (لقح) ، ولحي ، ورشا ، (غالبا).

وذكر بعض النحاة جمع هذا البناء على «فعل» بضمّ الفاء ـ أيضا ـ نحو : لحي ـ بضمّ اللّام ـ ، (وجاء) جمعه (على) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ وهو في غاية القلّة ، نحو : (لقاح) ، وقد يقال : انّه جمع لقوح ، كقلاص وقلوص ، (و) على «افعل» ، نحو:(انعم) ـ في النعمة ـ بكسر النون ـ على ما ذكره سيبويه ، وقيل : انّه جمع النّعم ـ بضمّ النون وسكون العين بدون التاء ـ لخلاف البؤس ـ.

(و) «فعلة» ـ بضمّ الفاء وسكون العين ، (نحو : برقة) ـ للأرض الغليظ فيها حجارة ورمل وطين ـ (على) «فعل» ـ بضمّ الفاء وفتح العين ـ نحو : (برق ـ غالبا ـ) ، ومنه : رشا ـ بضمّ الراء ـ في الرشوة ـ بضمّها ـ ، ويجوز عند بعضهم كونه جمعا للرشوة ـ بكسرها ـ ، وهذا الجمع يستعمل في القلّة بهذه الزنة ـ أيضا ـ ، نحو : ثلاث غرف ، والاولى ثلاث غرفات.

(و) ربّما(جاء) جمعها(على) «فعول» ، نحو : (حجوز) في ـ الحجزة ـ ، (و) «فعال» ـ بالكسر ـ ، نحو : (برام) ـ في البرمة ـ وهي القدر من الحجر.

(ونحو : رقبة) ممّا كان على «فعلة» ـ بفتح الفاء والعين ـ يجمع (على) «فعال» ـ بكسر الفاء ـ غالبا ، نحو : (رقاب).

(وجاء على) : «أفعل» ـ في الصحيح ـ ، كآكم ـ بالمد ـ وأصله : بهمزتين قلبت الثانية الساكنة المفتوح ما قبلها ألفا ، ـ في اكمة ـ للتلّ من الحجارة ـ ، وفي الأجوف نحو : (أينق) ـ في الناقة ـ وأصلها : نوقة محركة ، فجمعت على انوق فقدمت الواو استثقالا للضمّة عليها فحصل اونق ، ثمّ قلبت ـ حيث انفتح باب التغيير ـ ياء ، لأنّها أخف فحصل اينق ، ووزنه «اعفل» ، وقيل : حذفت الواو وزيدت الياء قبل النون ، فوزنه ايفل.

١٧٦

(و) جاء : جمع هذه الزنة على «فعل» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ ، نحو : (تير) ـ بكسر المثناة الفوقانية وفتح التحتانية ـ في جمع تارة ، ـ بمعنى المرّة ـ وألفها منقلبة عن الياء ، وقيل : عن الواو ، فالياء في ـ تير ـ أيضا منقلبة عنها ، لانكسار ما قبلها ، ويجمع على ـ تارات ـ أيضا ، كما قال : تقوم تارات وتمشى تيرا ، وهذان كالقيم والقامات ـ في القامة ـ بمعنى البكرة بأداتها ـ.

(و) جاء : جمع تلك الزنة على «فعل» ـ بضمّ الفا وسكون العين ـ ، نحو : (بدن) ـ في البدنة ـ متحرّكة ، لما ينحر بمكّة ـ زادها الله شرفا ـ ، ناقة كانت أو بقرة ، من البدن ـ بمعنى السمن ـ ، لأنّهم كانوا يسمّنونها ، وقد يجمع على ـ بدن ـ بضمّتين ـ ، وقرأ به بعضهم قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)(١).

(و) «فعلة» ـ بفتح الفاء وكسر العين ـ (نحو : معدة) ـ بفتح الميم وكسر العين ـ على ما حكى عن ابن السكيت ، وهي موضع الطعام قبل انحدارها إلى الأمعاء ، ونقمة ـ بفتح النون وكسر القاف ـ يجمع (على) وزن المفرد من غير تغيير سوى حذف التاء ، نحو : (معد) ، ونقم ، على زنة كتف ، وقيل : على زنة «فعل» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ ، وقال السيرافي : انّه في جمع هذه الزنة قليل ، والشائع كونه على مثال كتف كما قلنا ، وامّا المعد والنقم (٢) ـ بكسر أولهما وفتح ثانيهما ـ فكأنّهما جمعان لما ورد في لغة الكلّ ـ أعني المعدة والنقمة ـ بكسر الأوّل وسكون الثاني ـ ، وأمّا غيرهما ممّا كان على «فعلة» ـ بفتح الفاء وكسر العين ـ ، نحو كلمة ، وخلفة ـ للناقة الحامل ـ فجمعه على نحو : كتف فقط ، إلّا في لغة تميم بناء على ما ورد في لغتهم من نقل كسرة العين إلى الفاء على قاعدتهم في التفريع ، فالجمع على «فعل» ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ على لغتهم كأنّه بعد اعتبار التفريع وحصول «فعلة» بكسر الفاء

__________________

(١) الآية : ٣٦ الحج.

(٢) وقوله : امّا المعدو النقم ، ردّ على القليل. والظاهر من كلام الرضي ان هذا من تمام قول السيرافي وليس بردّ كما قال الكردي.

١٧٧

وسكون العين ـ نحو : لقحة ولقح.

(ونحو : تخمة) (١) من مضمون الفاء ومفتوح العين ـ يجمع (على) زنة المفرد ، أيضا من غير تغيير إلّا حذف التاء ، نحو : (تخم) ، والتخمة داء يصيب الانسان من طعام استوخمه أي لم يعدّه مرئيا ، وأصلها : الوخمة ـ بالواو ـ قلبت تاء لثقل الضمة ، كما في تراث ، ويجمع على تخمات ـ أيضا ـ ، وقد يتوهّم اصالة التاء ويبني الفعل معها ، فيقال : اتخمت من الطعام.

فهذا بيان جمع التكسير في تلك الأبنية (٢) ، ولمّا كان لجمعها الصحيح بالألف والتاء أحكام لم يتبيّن في مقدّمة الاعراب ـ لرجوعها إلى أبنية الكلم دون الاعراب ـ كان المناسب ان يتعرّض لها ههنا.

[بعض أحكام المؤنث] :

(و) التفصيل انّه (إذا صحّ (٣) باب : تمرة) من الاسم الثلاثي المؤنث المفتوح الفاء الساكن العين ، أي جمع جمعا صحيحا ، (قيل : تمرات بالفتح) ـ في العين ـ ، فرقا بين الاسم والصفة ، ولم يعكس ، لأنّ الاسم أولى بالتغيير ، لخفته وثقل الصفة باقتضائها الموصوف والمشابهة للفعل ، ولذلك كانت من علل منع الصرف.

(والاسكان) ـ في العين ـ الوارد في مثل قوله :

وحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها

وما لي بزفرات العشيّ يدان (٤)

__________________

(١) ولمّا فرغ من مفتوح الفاء ذكر مضمومها ولم يذكر منه إلّا ما كان عينه مفتوحا.

(٢) أي المذكورة بالتاء وبدونها.

(٣) وفي جميع نسخ هذا الشارح : وإذا صحّح ـ بحائين ـ وكذا في المتن الشافية المطبوعة بدون الشرح ، والّذي كتبناه هو متن شرح الرضي وهو مرجوح أو ساقط ، والظاهر : بحائين وهو الراجح والصحيح.

(٤) البيت لاعرابي من بني عذرة ، وقوله : فاطقتها من الاطاقة بالقاف. وحمّلت : ماض

١٧٨

(ضرورة) ، لانكسار الوزن بالحركة ، والزّفرة : من زفر ، يزفر ـ إذا خرج نفسه بأنين ـ ، والمعتل اللّام من هذه الزنة أيضا ـ بالفتح ـ كالصحيح ، نحو : ظبيات ـ في ظبية ـ ، وركوات ـ في ركوة الماء ـ بالراء المهملة وسكون الكاف ـ ، وركوات ـ بالسكون ـ.

(والمعتل العين : ساكن) ـ عينا ـ في الجمع كما في المفرد ، كجوزات ، وبيضات ، وعورات ، لاستثقال الحركة على الواو والياء المفتوح ما قبلهما ، ومن ثمّ تقلب ألفا.

(وهذيل) : من القبائل (تسوّي) بين الأجوف وغيره ، فيفتح العين في الجميع ، ترجيحا للفرق المذكور على مراعات ذلك الثقل القليل ، لخفة الفتحة ، ولا تقلب الواو والياء ـ ألفا ـ ، لعروض الحركة عليهما ، وعلى لغتهم : قرء في الشواذ (ثَلاثُ عَوْراتٍ) ـ بفتح الواو ـ (١).

(و) ما كان مكسور الفاء ساكن العين (نحو : كسرة) ـ للقطعة من الشيء المكسور ـ تحرك عينه في الجمع ، فرقا بين الاسم والصفة ، فيجمع (على كسرات ـ بالفتح ـ) ـ في العين ـ ، للخفة وهو الشائع ، (والكسر) ـ أيضا ـ إتباعا ، لكنّه قليل جدّا ، والفراء : منعه لتأديته إلى كون المفرد الحاصل في ضمن الجمع ، كابل ـ بكسرتين ـ وهو بناء نادر ، فكأنّهم كرهوه.

(والمعتل العين) من هذا الباب ، ولا تكون حرف العلّة فيه إلّا الياء وان كانت منقلبة عن الواو ، لعدم واو ساكنة ما قبلها مكسور ، (والمعتل اللّام بالواو) يمتنع فيهما كسر العين ـ اتباعا ـ بالاتفاق ، لثقل الكسرة على الياء المكسور ما قبلها في الأجوف ، واستثقالا للكسرتين في الناقص الواوي قبل الواو ان ابقيت ، والالتباس لو قلبت ياء ، وإذا تعذّر الاتباع الّذي هو الأصل الغالب في موارد تحريك العين

__________________

ـ مجهول من التحميل وهو التكليف. ويدان : تثنية اليد والمراد بها القدرة. وأراد انّه لا يقدر ان يتحمّل شدائد العشق في العشي لأنّها يتضاعف في اللّيالي وما قرب منها.

(١) الآية : ٥٨ من سورة النور.

١٧٩

الساكنة من الألفاظ فكلّ منهما : (يسكن) عينا ـ اتفاقا على الأصل ، (ويفتح) أيضا ، عند الجمهور ، للفرق المذكور وخفة الفتحة ، فيقال : في ـ بيعة ـ لمعبد النصارى ـ من الأجوف اليائي ، وديمة من الواوي ، منقلبة واوه ياء عند بعضهم ، ـ للمطر الخالي عن الرعد والبرق ، أو المطر الدائم قدرا من الزمان ـ ، ورشوة على تقدير كسر فائها من الناقص الواويّ ، بيعات ، وديمات ، ورشوات ، ـ بالفتح والسكون ـ.

وأمّا الناقص اليائي : فيجوز فيه كسر العين ـ اتباعا ـ ، كما يقال : جزيات ـ بكسرتين ـ في جزية ـ على ما ذكره السيرافي ، خلافا لمن منع ذلك وجعله كالواوي من غير فرق.

(ونحو : حجرة) ـ ممّا كان مضمون الفاء ساكن العين ـ يحرك عينه ، للفرق المذكور ، فيجمع (على) نحو : (حجرات) (بالفتح) في العين ، للخفة ـ اتفاقا ـ ، (والضم) فيها على الاتباع ، والاتباع ههنا أكثر منه في مكسور الفاء عند من جوّزه ، لأن مثل : عنق أكثر من نحو : ابل.

(والمعتل العين) ـ من هذا الباب ـ ولا يكون حرف العلّة في لفظه إلّا الواو ، لعدم ياء ساكنة مضمون ما قبلها ، نحو : دولة ـ بضمّ الدال ـ وهي : اسم لما يتداول ، كالدّولة ـ بفتحها ـ من غير فرق ، وقال أبو عمرو : وهي في المال ، والمفتوحة في الحرب ، (والمعتل اللّام ـ بالياء ـ) ، نحو : رقية ـ للعوذة ـ ، ودمية ـ للصورة المنقّشة من الرّخام ، أو أيّة صورة كانت ـ ، (يسكن) كلّ منهما ـ عينا ـ على الأصل بالاتفاق ، (ويفتح) للخفة ، ويمتنع فيهما الضم ـ اتباعا ـ بالاتفاق ، لثقل الضمة على الواو المضموم ما قبلها في الأجوف ، وثقل الضمّتين في الناقص اليائي قبل الياء لو أبقيت ، وحصول الالتباس لو قلبت واوا ، وأمّا الواوي : نحو : خطوات وعروات ـ في الخطوة والعروة ـ فكالصحيح في جواز الفتح ـ اتفاقا ـ والضم عند غير الفراء.

(وقد يسكن) ـ العين ـ (في) ـ لغة(تميم) في جمع «فعلة» ـ بكسر الفاء

١٨٠