شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

ابن حاجب

شرح شافية ابن حاجب المشهور بكمال

المؤلف:

ابن حاجب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٤

الالتباس به للمخالفة في المادّة والمعنى أولى بالرعاية من عدمه بين المصغر والمكبر اللّذين تخالفهما بالعارض.

(وتقلب) وجوبا ـ (الألف الأخيرة الثالثة) سواء كانت منقلبة عن أصليّ ـ كما هو الغالب ـ ، أو ما يجري مجراها من الأصلية الغير المنقلبة ـ كما في اسم الغير المتمكّن ـ ، ك ـ متى ، واذا ان سمّى بهما ، والعجمي الأصل مثل : فسا (١) ـ لموضع بخراسان ـ (و) الألف الأخيرة(الرابعة المنقلبة (٢)) عن الأصليّ وما في حكمها من الأصلية الغير المنقلبة ، ك ـ حتّى ، وكلّا ـ بالتشديد ـ اسمين ، (واوا) ، لامتناع الألف عن قبول الكسرة الملتزمة ، وقلبها ـ ياء ـ يؤدّي إلى اجتماع الياآت الثلاث والكسرة ، فأمّا ان يقلب همزة أو واوا ، واختيرت الواو ، لأنّها أخف مع ياء النسبة من الهمزة ، مع ان حروف العلّة بعضها أنسب ببعض من غيرها.

وذلك : في الثالثة المنقلبة عن الأصلي (كعصويّ) ـ في عصا ، في المنقلبة عن الواو ، (ورحويّ) ـ في رحى ، في المنقلبة عن الياء ، ونحو : متويّ ، واذويّ ، في الأصلية ، وفسويّ ، في العجمي ، (و) في الرابعة المنقلبة عن الأصلي نحو : (ملهويّ) ـ في ملهى لموضع اللهو ـ ، واعشويّ ـ في اعشى من العشاوة لسوء البصر باللّيل ـ في المنقلبة عن الواو ، (ومرمويّ) في مرمى ـ لموضع الرّمى ـ في المنقلبة عن الياء ، ونحو : كلويّ ، وحتّويّ ، في الأصلية.

(ويحذف غيرهما) من الألفات الأخيرة ، سواء كانت رابعة زائدة للتأنيث ، مع سكون العين ، (كحبليّ) ـ في حبلى ـ (و) مع تحرّكها ، مثل : (جمزيّ) ـ في جمزى ـ بالتحريك ، ـ لضرب من الحركة السريعة ـ ومنها الجمّازة ـ للناقة ـ ، أم للالحاق كمعزيّ في معزي أم فوق الرابعة سواء كانت منقلبة عن أصليّة(و) هذه كالخامسة المحذوفة في (مراميّ) ، والسادسة المحذوفة في ـ مسلنقيّ ـ في النسبة إلى مرامي ،

__________________

(١) وفي بعض النسخ : نسا بدل قوله : فسا. وفسا بلدة بفارس.

(٢) صفت الرابعة است بس نه صفت هريك از : الثالثة والرابعة.

١٤١

ومسلنقي ، اسمي مفعول من المراماة والاسلنقاء ، أم زائدة ـ للتأنيث ـ كالخامسة المحذوفة ـ في حباريّ ـ في النسبة إلى : حبارى ، أو للالحاق ، كالمحذوفة ـ في حبركيّ ـ في النسبة إلى الحبركي الملحق بسفرجل ـ للقراد ـ ، أو غيرهما(و) هذا كالسادسة المحذوفة المزيدة ، في (قبعثريّ) في النسبة إلى قبعثري.

فالحريّ بها في كلّ ذلك الحذف ، لتردّد أمرها ـ لامتناع قبولها عن الكسرة الملتزمة قبل ياء النسبة ـ بين الحذف والقلب إلى ما يقبلها ، والحذف أولى.

أمّا في الرابعة الزائدة ، فللفرق بينها وبين الأصليّة والمنقلبة عن الأصليّ الّتي يعتنى بحفظها ولو بما يبدل عنها أعني الواو ، وأمّا فيما فوقها ـ مطلقا ـ فللاستثقال بكثرة الحروف.

ثمّ ان ما ذكر من حكمها هو الأشهر ، (وقد جاء) في الرابعة المزيدة مع سكون الوسط(نحو : حبلى) ، ودنيا ، ومعزي ، (حبلويّ) ، ودنيويّ ، ومعزويّ ، بالقلب واوا ، حملا على الأصليّة والمنقلبة عن الأصليّ ، للتشابه في الصورة ، بل قيل : انّ القلب أولى بالّتي للالحاق من الحذف ، لكونها بحذاء الأصلي من الملحق به ، وقد يعكس ، فتحمل الأصليّة والمنقلبة على الزائدة في الحذف على قلّة ، نحو : ملهيّ ، ومرميّ ، وكلّيّ ، وحتّيّ.

(و) جاء ـ أيضا ـ في نحو ما ذكر من الزائدة(حبلاويّ) ، ودنياويّ ، ومعزاويّ ، بالألف قبل الواو ، تشبيها لها بالممدودة ، كحمراويّ ، وربّما جاء ذلك في الأصليّة ـ أيضا ـ نحو : كلّاويّ ، والمنقلبة ك ـ ملهاويّ ، ومرماويّ.

وجوّز المصنف في مثل هذا كون الواو منقلبة عن الألف الّتي كانت ، والألف زائدة قبلها ، وكون الألف هي الّتي كانت ، والواو مزيدة بعدها ، وان كان الأولى في بعض صوره ـ وهو ما إذا كانت مزيدة ـ للتأنيث ـ هو الأوّل ، ليقع علامة التأنيث في آخر الكلمة ، فتأمّل.

وجعل يونس : الخامسة المنقلبة عن الأصلي المسبوقة بحرف مشدّد نحو : المعلّى

١٤٢

ـ اسم مفعول ـ كالرابعة في جواز الابقاء والحذف.

وهذا الّذي ذكر في الرابعة مع سكون الوسط كائن (بخلاف) الرابعة مع تحركه ، (نحو : جمزيّ) ، وبخلاف ما فوق الرابعة كمراميّ ، لتعيّن الحذف فيهما للاستثقال فيما فوقها ، وتنزيلها ـ مع تحرّك الوسط ـ منزلة ما فوقها ، لتنزيل تلك الحركة منزلة الحرف كما نزلت منزلته في تحتّم تأثير المعنوي في منع الصرف ـ في نحو : سقر ، وقولهم : مصطفويّ ـ بقلب الخامسة واوا ـ شاذ ، أو خطاء كما قيل ، والوجه مصطفيّ بالياء للنسبة وحذف الألف.

[النّسب لما آخره ياء] :

(وتقلب الياء الأخيرة الثالثة ـ المكسور ما قبلها ـ واوا) ، للاستثقال الكسرتين والياآت الثلاث ، ولم تحذف ، كراهة بقاء الاسم على حرفين ، (ويفتح ما قبلها) ، كما في نحو : نمريّ ، (كعمويّ ، وشجويّ) ـ في العمي والشجي ـ كلّاهما صفتان على زنة كتف ، من عمي البصر أو القلب ، وشجي ـ إذا حزن ـ ، وقيل : ان ما قبل الياء يفتح من أوّل الأمر ـ كما في نمر ـ ثمّ تقلب هي ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فيجري عليها حكم الألف الثالثة من القلب واوا.

(وتحذف) ـ وجوبا ـ أيضا الياء(الرابعة) المكسور ما قبلها ، أصليّة كانت أو منقلبة عن الواو ، (كقاضيّ) ، وراميّ ، وغازيّ ، ويرميّ ، ـ في القاضي ، والرامي ، والغازي ، ويرمي اسما منقولا عن المضارع ، (على الأفصح) الّذي اختاره خليل وسيبويه ، كراهة اجتماع الكسرتين والياآت الثلاث ان أبقيت على حالها ، ولزوم كثرة التغيير ان قلبت واوا ، وفتح ما قبلها ، استثقالا لكسرته مع كسرة الواو قبل ياء النسبة ، كما هو خلاف الأفصح الّذي صار إليه المبرّد ، وعليه ورد قوله :

وكيف لنا بالشّرب ان لم يكن لنا

دراهم عند الحانويّ ولا نقد (١)

__________________

(١) البيت نسبه تغلب إلى الفرزدق ، وقيل انّه لغيره ، وقيل ان قائله مجهول ، وزعم سيبويه

١٤٣

حيث نسب إلى الحانية ـ وهي الخمر ـ بعد حذف تاء التأنيث بالقلب واوا ، كقاضويّ ، وأراد بيّاع الخمر كالكسائيّ ـ لمن يبيع الكساء ـ ، وقيل : انّه مجهول وان نسب إلى الفرزدق.

(وتحذف ما سواهما) من الياآت المكسور ما قبلها الواقعة آخر الكلمة ، ـ اتفاقا ـ خامسة كانت أم فوقها ، (كمشتريّ) ، ومسلنقيّ ـ بياء النسبة وحذف الياء الأخيرة ـ من المشتري ، والمسلنقي ـ اسمي فاعل ـ ، استثقالا للزائدة على الرابعة ـ كما في الألف الزائدة عليها مع كونها أخف.

(وباب محيّ) وهو : ما كانت الياء الزائدة على أربعة فيه مسبوقة بياء مشدّدة ، فانّ المحيّي ـ اسم فاعل ـ من حيّي ، يحيّي ، تحيّة ، فالياء الأخيرة الخامسة منه المحذوفة في المتن في الجرّ باضافة باب إليه مسبوقة بمشدّدة هي العين مع التضعيف ، (جاء) بعد حذف الخامسة والحاق ياء النسبة ، (على : محويّ) ـ بحذف الاولى المدغمة من المشدّدة وقلب الثانية منها واوا ـ ، (ومحيّيّ) ـ باثبات المشدّدة بتمامها مع ياء النسبة ـ ، فالأوّل (كامويّ) ، (و) الثاني اميّيّ على ما مرّ ، لأنّه بعد حذف الخامسة مثل : اميّ في عدد الحروف والسكنات ، ووقوع الياء المشدّدة أخيرا مع فتح ما قبلها ، فيجري مجراها ، وليس في كلامهم (١) اسم متمكّن في آخره واو مكسور ما قبلها فلا يجري فيها هذه الأحكام.

نعم ، قد تقع أخيرة وما قبلها مضموم إمّا : ثالثة نحو : سروة ، أو رابعة كترقوة ، أو ما فوقها كقلنسوة ، فيفتح ما قبلها ـ تخفيفا ـ في الأوّل فيقال : سرويّ كعمويّ ،

__________________

ـ انّ الوجه الحانيّ لأنّه منسوب إلى الحانة وهي موضع بيت الخمر وانّما جاز له ان يقول الحانوي لأنّه بني واحده على فاعلة من حنا يحنو إذا عطف. وكيف : للتعجّب أو للانكار. وقوله بالشرب متعلّق بمحذوف أي كيف لنا التلذّذ بالشرب. وأراد بالنقد مقابل ما في الذمّة. أي إذا لم يكن لنا عنده دارهم أعطيناها إيّاه من قبل وتكون في ذمّته فناخذ بها الخمر ولم يكن لنا نقد نشتري بها فكيف لنا التلذّذ بشربها.

(١) وفي نسخة : في الكلام.

١٤٤

وتحذف في الأخيرين فيقال : ترقيّ كقاضيّ ، وقلنسيّ كمشتريّ ، فانّ الواو أثقل من الألف والياء وبالحذف والتخفيف أجدر ، وربّما جاء في الثاني : ترقويّ ـ بفتح القاف ـ مثلا كقاضويّ.

وقد يقال : يكسر ما قبلها في الأقسام الثلاثة وتقلب ياء ثمّ يجري عليها أحكام تلك الأقسام من الياء (١) فيحصل ما ذكرنا.

[النسب لما في آخره الياء والواو الساكن ما قبلهما] :

(و) المنقوص الثلاثي الّذي ثانيه صحيح ساكن وثالثه واو أو ياء ان كان مقرونا بتاء التأنيث ، (نحو : ظبية ، وقنية) ـ بكسر القاف ـ للاقتناء ـ وهو الاكتساب ـ ، ورقية ـ بضمّ الراء ـ ، للعوذة ، (وغزوة) ـ بفتح الأوّل ـ للجهاد ـ ، (وعروة) ـ بضمّ الأوّل ـ لمعان منها : مقبض الدلو والكوز ، (ورشوة) ـ بكسر الأوّل ـ ، ففي النسبة إليه خلاف ، وهي كائنة(على القياس) ، بمعنى انّه لا يغيّر عمّا هو عليه إلّا بحذف تاء التأنيث ، فيقال : ظبييّ ، وعرويّ مثلا ، (عند سيبويه) ، لأن حرف العلّة إذا سكن ما قبله فهو في حكم الصحيح ، فالنسبة إلى مثل ما ذكر كالنسبة إلى طلحة ، وغرفة ونحوهما.

(وزنويّ) ـ بكسر الزاي وفتح النون وقلب الياء واوا ـ في النسبة إلى زنية ـ بكسر المعجمة وسكون النون ـ لأبي حيّ من العرب ـ ، (وقرويّ) ـ بفتح الأوّلين والقلب واوا ـ في القرية(شاذ عنده) ، والقياس : زنييّ ، وقرييّ من غير تغيير.

(وقال يونس) : بفتح العين في الجميع واويّا كان أو يائيّا ، ومع ذلك يقلب الياء واوا في اليائيّ ، فيقال : (ظبويّ ، وعرويّ) في ظبية وعروة ـ بانفتاح الحرف الثاني منهما والقلب واوا في ظبية ، واحتج على ذلك بقولهم : زنويّ ، وقرويّ ، وباجتماع الياآت الثلاث في اليائي لو لم تقلب واوا ، واجيب عن الأوّل : بالندور والشذوذ ،

__________________

(١) وفي نسخة : من اليائيّ.

١٤٥

وعن الثاني : بانجباره بسبق السكون.

(و) سيبويه ويونس (اتّفقا) على كون النسبة على القياس من غير تغيير كالصحيح ، (في باب ظبي ، وغزو) ممّا ليس فيه تاء التأنيث ، ولعلّ الفارق عند يونس بين ذي التاء والمجرّد عنها مع السماع أنّ التغيير عندهم قد يجري على التغيير ، فحيث انفتح باب التغيير في ذي التاء بحذفها سومح فيه بوقوع غيره ـ أيضا وهو كما ترى.

(وبدويّ) ـ بفتح الأوّلين ـ في النسبة إلى : بدو ـ بسكون الدال ـ للبادية ـ (شاذ) عندهما ، لتجرّده عن التاء ، والقياس : بدويّ ـ بسكون الدال ـ.

[النسبة لما آخر ياء من قبلها حرف علّة] :

(وباب : طيّ ، وحيّ) وهو : الثلاثي الّذي آخره ياء مشدّدة بعد حرف واحد ، (تردّ) فيه (الاولى) المدغمة(إلى أصلها) وهو الواو ان كانت منقلبة عنها ، (وتفتح) سواء اشتملت على الردّ أم لا ، وتقلب الأخيرة واوا ، والمقصود انّه يلزم جميع ما ذكر في النسبة إلى هذا الباب وان كان اعتبارها على عكس الترتيب المذكور ، فانّه يعتبر من أوّل الأمر قلب الأخيرة واوا ، كراهة اجتماع الياآت ، ثمّ لو أبقيت الاولى على السكون لزم قلب هذه الواو ياء والوقوع في المهروب عنه ، لمجامعتها الياء الساكنة المتقدّمة فحركت بالفتح لخفته ، فان كانت منقلبة عن الواو ردّت إليها ، لزوال سبب قلبها ياء وهو سكونها مع مجامعة الياء الّتي بعدها ، (فيقال : طوويّ) ـ في طيّ ـ لأنّه مصدر طوى يطوي ، وأصله : طوي ـ بالواو الساكنة ـ ، (وحيويّ) ـ في حيّ ـ لأنّه صفة من حيي يحيى ، وذلك : (بخلاف) ما آخره واو مشدّدة بعد حرف واحد ، نحو : (دويّ ، وكوّيّ) في النسبة إلى دوّ ـ للمفازة ـ وكوّة بفتح الكاف ـ لثقب البيت ـ ، فمثل ذلك يبقى على حاله ، لأن اجتماع الواو المشدّدة مع الياء المشدّدة الّتي للنسبة ليس كاجتماع اليائين المشدّدتين في الثقل ، لعدم التماثل ، ولا

١٤٦

فرق في هذين بين ذي التاء ، كطيّة ، وكوّة ، والمجرّد عنها كطيّ ودوّ.

(وما آخره ياء مشدّدة ـ بعد ثلاثة ـ) أحرف ان كانت في (نحو : مرميّ) ـ اسم مفعول ـ من الرّمي بأن يكون الثانية المدغمة فيها من تلك المشدّدة أصليّة ، (قيل) : في النسبة إليه (مرمويّ) بابقاء تلك الأصليّة ، محافظة عليها مع قلبها واوا ، لئلّا يجتمع ثلاث ياآت ، وحذف الاخرى المدغمة ، استثقالا لها مع الواو وياء النسبة ، وفتح ما قبل الواو ، استثقالا للكسرتين معهما ، كما فتح في قاضويّ ، (و) يقال : فيه (مرميّ) ـ بحذف تلك المشدّدة باسرها ـ أيضا كما تحذف الواحدة من القاضي ، ترجيحا للخفة على مراعاة الأصلي ، وهذا أفصح.

(وان كانت) تلك المشدّدة الواقعة بعد الثلاثة(زائدة) بتمامها(حذفت) ، استثقالا مع عدم اصالة شيء يحافظ عليه ، وذلك (ككرسيّ) ، وشافعيّ ، (وبخاتيّ) حالكونه (اسم رجل) ، فان كانت في مثل ذلك تاء التأنيث فالفرق بين حالتي النسبة وعدمها بحذف التاء في النسبة ، كاسكندريّ ، وقسطنطنيّ ـ في اسكندريّة وقسطنطنيّة ، وإلّا فلا فرق بين الحالتين إلّا بالقرائن ومنها : الانصراف في بخاتيّ لدلالته على النسبة باعتبار ان ياء النسبة ليست من بناء الكلمة حتّى يكون على صيغة الجمع الأقصى المقتضية لعدم الانصراف ، بخلاف ما إذا منع من الصرف ، فانّه يدل على اعتبار انّ الياء ليست للنسبة بل هي من بناء الكلمة ، ليكون على صيغة الجمع الأقصى الّذي نقلت منه إلى العلمية وبقيت على عدم الانصراف ، كحضاجر ـ علما لجنس الضبع ـ.

وان لم يكن اسم رجل ، بل أريد به المعنى الجمعي ردّ إلى مفرده ، وهو البختيّ ـ للابل الخراسانيّة ـ.

[النسبة لما آخره همزة قبلها ألف] :

(وما آخره همزة بعد ألف ان كانت) مزيدة(للتأنيث) في الأصل ـ وان عرض

١٤٧

تذكير المسمّى بأن سمّى به مذكّر ـ (قلبت واوا) ، (كحمراويّ) ، وبيضاويّ ، (وصحراويّ) في ـ حمراء ، وبيضاء ، وصحراء ، ومنه : ذكريّاويّ ـ في ذكريّاء ـ على تقدير المدّ على ما يقال ، وذلك لكراهة بقائها على صورتها وسطا في ما هو في حكم كلمة واحدة ، مع ان شأنها اللحوق بعد تمام الكلمة ، وقلبها ياء يؤدّي إلى اجتماع الثلاث فقلبت واوا ، ولم تحذف روما ، للفرق بينها وبين المقصورة ، فانّ الهمزة لو حذفت تبعتها الألف في الحذف كما في ترخيم المنادي ، لتنزيلهما في كلامهم منزلة حرف واحد ، ولهذا لا يقع الانفكاك بينهما ، فيحصل : حمريّ مثلا كحبليّ ، ولم يعكس ، لأنّ حذف حرف واحد ـ وهو المقصورة ـ أهون من حذف حرفين ، فما ذكر هو الأصل والقياس.

(وصنعانيّ ، وبهرانيّ ، وروحانيّ) ـ بفتح الرّاء ـ كلّها بالنون بعد الألف ، في ـ صنعاء ـ للبلدة المعروفة باليمن ، ـ وبهراء ـ لقبيلة من قضاعة ، ـ وروحاء ـ لموضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة ، وآخر بالشام ، (وجلوليّ) في النسبة إلى جلولاء ـ لموضع ببغداد بخانقين (١) ـ وآخر بفارس على ما قيل ، (وحروريّ) ـ في حروراء ـ بالمدّ وقد يقصر ، ـ لموضع بالكوفة ـ ينسب إليه الحرورية من الخوارج ، لأن أوّل اجتماعهم كان فيه حين فارقوا أمير المؤمنين عليّا ـ رضي‌الله‌عنه ـ (شاذ) ، والقياس : صنعاويّ ، وبهراويّ ، وروحاويّ ، وجلولاويّ ، وحروراويّ.

(وان كانت) الهمزة الواقعة في الآخر بعد الألف (أصليّة) ، (تثبت ـ على الأكثر ـ) ، فرقا بينها وبين الّتي للتأنيث (٢) ، ويجوز ـ على قلّة ـ قلبها واوا تشبيها بها ، (كقرّائيّ) ، وقرّاويّ ، في النسبة الواقعة إلى : قرّاء ـ بضمّ القاف وتشديد الراء ـ

__________________

(١) والأظهر : لموضع ببغداد قرب خانقين.

(٢) وفي نسخة : للتأنيث على قلّة ويجوز على قلّة الخ والأنسب ما كتبناه.

١٤٨

كرمّان ، ـ للنّاسك المتعبد ـ من قرء إذا تنسّك ، (والّا) تكن للتأنيث ولا أصلية بل كانت منقلبة عن واو أو ياء أصليّة أو زيدت للالحاق (فالوجهان) وهما : اثباتها على حالها والقلب واوا جائزان من غير تفاوت في القلّة والكثرة ، (ككسائيّ) ، وكساويّ ـ في كساء ـ وهمزته منقلبة عن الواو الأصليّة ، لأنّه من ـ الكسوة ـ وأصله : كساو قلبت الواو همزة لوقوعها طرفا بعد الألف الزائدة ، (وعلباويّ) ، وعلبائيّ ، ـ في علباء ـ بتنوين الصرف ـ لعصب العنق ـ ، والهمزة فيه زيدت للالحاق بقرطاس فاثباتها للتشبيه بالأصليّة لانقلابها عن أصليّ في الأوّل وكونها كالأصلي في الثاني ، والقلب للتشبيه بالّتي للتأنيث.

ومثل ذلك لو جعل علما للمؤنث ـ كما إذا جعل كساء اسم امرأة ـ فالوجهان فيه ـ أيضا ـ على السواء ، لأنّ التأنيث للعلميّة للمؤنث لا للهمزة.

[النسبة لما آخره واو أو ياء قبلهما ألف] :

(وباب : سقاية) وهو : ما في آخره ياء بعد ألف زائدة ، ولم يقلب يائه همزة لعدم وقوعها طرفا بسبب تاء التأنيث اللّازمة الّتي وضع اللفظ معها ، (١) (سقائيّ) ـ يقلب ياء آخره همزة ـ عند النسبة ، لزوال تاء التأنيث المانعة عن تطرفها وانقلابها إليها ، ولم تقلب الهمزة واوا ، لئلّا يلزم كثرة التغيير ، والسقاية : مشربة يسقى بها.

(وباب : شقاوة) وهو : ما فيه واو لم تقلب همزة ، للزوم التاء بعدها ، (شقاويّ) ـ بالواو من غير القلب همزة بعد حذف التاء ـ ، فرقا بين اليائي والواويّ ، ولم يعكس ، لأن اجتماع الواو مع ياء النسبة أهون من اجتماع الياء معها.

(وباب : راي ، وراية) ، وآي ، وآية ، غاي ، وغاية ، ممّا وقعت الياء فيه بعد ألف منقلبة عن أصليّ ، سواء كان مجرّدا عن التاء ـ للجنس ـ أو مقرونا بها ـ للواحد ـ

__________________

(١) احتراز عمّا لم يوضع اللفظ معها بل قد تلحقه نحو كساء وكساوة فانّ الواو مثلا في مثلها تقلب همزة بعد الألف.

١٤٩

فيه ثلاثة أوجه : (رائيّ) ـ بقلب الياء همزة ـ تشبيها لها بالواقعة بعد الألف الزائدة ، كسقاية ، (وراويّ) ـ بقلبها واوا ـ استثقالا لها ، والياء الثالثة المتطرفة المستثقلة في النسبة تقلب واوا ، كعمويّ ، (وراييّ) ـ باثباتها من غير قلب ـ ، تشبيها لها بظبي وظبية ، والراي ، والراية العلم ـ بالتحريك ـ ، ويجمع الراية : على الرايات ـ أيضا ـ (١) ، وألفهما منقلبة عن الواو الأصليّة ، على ما صرّح به بعضهم ، وربّما أشعر كلام بعضهم بأن أصلها الياء.

ثمّ انّ المنسوب إليه : قد يكون على حرفين ، أمّا بالوضع أو بحذف شيء منه ، فما بالوضع ـ ان كان ثانية حرف علّة ـ فأمّا ألف فتزاد بعدها همزة في الأكثر ، وقد تزاد الواو ، فيقال : في ـ لا ـ مثلا لائيّ ، ولاويّ ، ومنه المائيّة ـ لذات الشيء ـ المنسوبة إلى لفظة ما المستفهمة عن الحقيقة ، وامّا : الماهيّة فمن قلب الهمزة هاء للتناسب في المخرج ، وأمّا واو أو ياء وحكمهما التضعيف ، فيرجع اليائيّ إلى باب : طيّ ، وحيّ فيقلب الثانية المدغمة فيها من المشدّدة واوا ، فيقال : في ـ كي ، وفي ـ اسمين ـ كيويّ ، وفيويّ ، وأصلهما : كيّيّ ، وفيّيّ ـ بيائين مشدّدتين ـ هما : المضعفة وعلامة النسبة ، وفي ـ لو ـ اسما ـ لوّيّ ، بالتشديد ـ كدوّيّ.

وان كان صحيحا جاز التضعيف وتركه ، فيقال : في كم كميّ بالتضعيف والتخفيف.

[النسبة إلى ما جاء على حرفين] :

(وما كان على حرفين) لحذف شيء منه ، فالضابط فيه : انّه (ان كان متحرّك الأوسط ـ أصلا ـ) ـ أي في أصله قبل أن يحذف منه شيء ـ (والمحذوف هو اللّام) سواء كانت حرف علّة أم لا ، (ولم يعوّض) عنها(همزة وصل) ، (أو كان المحذوف ـ فاءا ـ ، وهو معتل اللّام ، وجب ردّه) للمحذوف عند النسبة ، أمّا في الأوّل : فلئلّا يلزم الاجحاف بحذف اللّام وحذف حركة العين ، بطريان الكسرة الملتزمة

__________________

(١) وفي نسخة : على الرايات والرّوايا أيضا.

١٥٠

قبل ياء النسبة من غير ضرورة ، لكون اللّام محلا للتغيير صالحا للردّ والحذف ، وأمّا في الثاني : فلعدم اسم معرب على حرفين ثانيهما حرف علّة في كلامهم ، لكونها كالعدم وفي معرض السقوط بالتقاء الساكنين ـ رفعا ، وجرّا ـ كما في قاض ، فيبقى على حرف واحد ، فلذلك التزم التعويض في مثله بتاء التأنيث واجراء الاعراب عليها ، وهي تحذف عند النسبة ، فلو لم تردّ الفاء المحذوفة التحق المنسوب إليه بمعدوم النظير فالأوّل فيما لامه المحذوفة حرف علّة(كأبويّ ، وأخويّ) ـ في أب ، وأخ ـ وأصلهما : أبو ، وأخو ـ بفتح العين ـ ، وذوويّ ـ بواوين ـ كأبويّ ، ـ في ذو ـ ، وذا ، وذي ، بمعنى صاحب.

والأصل : ذوي ـ بالتحريك ـ ولامه المحذوفة ياء ، عند سيبويه والأخفش ، حملا على ما هو الغالب في اللفيف المقرون من كون عينه واوا ولامه ياء ، نحو : طويت ، وقد ردّت في النسبة وقلبت واوا ، لئلّا يجتمع الثلاث من غير سبق السكون ، وعادت العين في ـ ذا ، وذي ـ إلى أصلها وهو الواو ، كراهة اعلال العين واللّام معا في النسبة الّتي شأنها تكميل الحروف.

وكذا ـ ذات ـ بمعنى صاحبة ـ للمؤنث ، لرجوعها بعذ حذف تاء التأنيث في النسبة ـ وجوبا ـ إلى المذكر ، وليس في أصل اللّغة المشهورة لفظ ـ ذات ـ سوى هذه ، على ما صرّح به جماعة ، فمن ثمّ كانت ذات الشيء ـ بمعنى حقيقته ـ منقولة عنها عرفا ، فالحق في النسبة إليها : ذوويّ ، على ما صرّح به جماعة منهم ابن هشام حاكما بأن قول المتكلمين : ذاتيّ في النسبة إليها لحن ، وكأنّه مبني على توهّم اصالة التاء ، وقد اعتذر بعضهم : بأنّهم لم يريدوا به النسبة اللّغوية حتّى يراعي أحكامها ، بل كأنّهم اصطلحوا على جعل لفظ ـ الذاتيّ ـ مع الياء اسما لما ليس بخارج عن الشيء ، ومن ثمه يطلقونه على نفس الذات مع انّ الشيء لا ينسب إلى نفسه ، والتحقيق في ذلك له موضع آخر.

(و) الأوّل فيما لامه المحذوفة حرف صحيح ، نحو (ستهيّ ـ في ست ـ) ، وأصله :

١٥١

سته ، وشاهيّ ـ في شاة ـ للغنم ـ ، وأصله : شوهة ـ بسكون الواو ـ بدليل الجمع على شياه ، ثمّ حركت لتقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، لزيادة التخفيف ، ولعلّ المراد : بتحريك الأوسط ما يشمل هذا ، وحذفت لامه وهي الهاء ، فتردّ في النسبة وتحذف تاء التأنيث.

وليعلم انّ الضابط ـ عند جماعة ـ في وجوب ردّ اللّام المحذوفة أحد الأمرين ، الأوّل : اعتلال العين نحو : شاة ، من غير ان يبدل من العين المعتلة قبل النسبة حرف صحيح ، كالميم المبدلة عن الواو قبل النسبة في ـ فم ـ وأصله : فوه ، لعدم ردّ اللّام في مثله عندهم ، فلا يقال : فوهيّ ، بل فميّ مثلا ، الأمر الثاني : ردّ اللّام في موضع من المواضع ، كما في المثنى ، كأبوان ، أو في جمع التصحيح ، نحو : سنوات ، واستضعفه المصنف بأنّه ردّ إلى الجهالة ، لعدم ضابطة معتمدة عنده يعرف بها ما يردّ اللّام في مثناه أو جمعه ، ولذا عدل إلى جعل الضابط ما ذكره من تحرّك الأوسط مع عدم التعويض بالهمزة ، وأورد عليه انّ الجهالة لازمة فيه ـ أيضا ـ لجهالة حال الأوسط من الحركة والسكون في أكثر ما كان على نحو : ثبة ، ومائة ، وسنة ، على ما ذكره بعض النحاة.

وان تردّدت اللّام المحذوفة بين حرفين ردّت على الوجهين ، كتردّدها بين الهاء والواو في ـ سنة ـ لمجيء جمعها على سنهات ـ في لغة الحجازيين ـ على ما قيل ، وسنوات ـ فيما عداها ـ ، فيقال : سنهيّ ، وسنويّ.

(و) الثاني : أعني المحذوف الفاء المعتل اللّام ـ نحو : (وشويّ) ـ بكسر الواو مع فتح الشين المعجمة ـ (في شية) بكسرها ، ـ لكل لون في الشيء يخالف معظم لونه ـ ، وأصلها : وشية ـ بكسر الواو وسكون الشين ـ فحذفت الواو الّتي هي الفاء بعد نقل كسرتها إلى ما بعدها على قاعدة الاعلال في مثلها ، فاعيدت الواو المكسورة في النسبة ، ولو اعيد سكون الشين لزم بقاء الواو مع موجب حذفها ففتحت ، لخفة الفتحة ، فلزم قلب الياء الّتي هي اللّام واوا ، لئلّا يجتمع الثلاث من غير سبق

١٥٢

سكون ، هذا عند سيبويه من تبعه.

(وقال الأخفش : وشييّ على الأصل) ـ بكسر الواو مع سكون الشين وابقاء الياء ـ لسبق السكون ، وزعم : اغتفار اثبات هذه الواو ـ مع موجب حذفها ـ لعروض موجب الحذف في النسبة الّتي هي في معرض الزوال.

وكما يجب ردّ الفاء المحذوفة مع اعتلال ـ اللّام ـ يجب ردّ العين المحذوفة مع اعتلال ـ اللّام ـ ، نحو : يرى مضارع ـ رأى ـ إذا جعل اسما ـ وان لم يكن ممّا نحن فيه وهو ما على حرفين ، وأصله : يرأى ، فحذفت عينه ـ وهي الهمزة ـ ، فتردّ عند النسبة ويبقى حركة الراء بعد الردّ ، ـ عند سيبويه ـ ، فتحذف الألف الرابعة ـ وجوبا ـ وان كانت منقلبة عن أصليّة ، لتحرّك الأوسط : نحو : جمزي ، فيقال : يرأيّ ـ بفتح الأوّلين وكسر الهمزة ـ ، والأخفش : يسكن الراء ، للردّ إلى أصلها ، فيجوز حذف تلك الألف ، وقلبها واوا ، لسكون الوسط ، كيرئيّ ، ويرأويّ ، كمرميّ ، ومرمويّ.

(و) الكائن على حرفين لحذف شيء(ان كانت لامه صحيحة والمحذوف غيرها) فاء كان أو عينا(لم يردّ) المحذوف ، وان بقى الاسم على حرفين ، لأنّ الحرف الثاني ليس حرف علّة ، وله نظير في اللّغة في الأسماء المعربة المحذوفة الاعجاز من غير تعويض التاء ، كيد ، ودم ، مع انّ المحذوف ليس ما هو محل التغيير ـ أعني اللّام ـ ولا ضرورة اخرى إلى الردّ ، وذلك : (كعديّ ، وزنيّ) ـ في عدة ، وزنة ـ ، وأصلهما : وعدة ، ووزنة ، والمحذوف منهما ـ الفاء ـ ، (وسهيّ في ـ سه ـ) ، والمحذوف منه ـ العين ـ ، وقال عبد القاهر : ليس اسم ثنائي محذوف العين في كلامهم غير سه ، ومذ ـ في منذ ـ الاسميّة.

(وجاء :) في مثل عدة في كلام بعض العرب (عدويّ) ـ بالواو ـ قبل علامة النسبة ، قال المصنف : في شرح المفصل كأنّهم لما تعذر عليهم الردّ في موضع الحذف ـ إذ ليس موضع التغيير ـ قلبوا إلى موضع التغيير ، أو زادوا في موضع التغيير ،

١٥٣

انتهى ، والاحتمال الأوّل : اشارة إلى ما اختاره الفراء من جعل الفاء المحذوفة من الصحيح اللّام ومعتلها إلى الآخر الّذي هو موضع التغيير ، ليصح ردّها ، كعدويّ ، وشيويّ ، والوزن علفيّ ، والثاني : اشارة إلى ما يقال : من الواو مزيدة ـ عوضا ـ.

والظاهر ان قوله : ههنا(وليس) ذلك (بردّ) إختيار للزيادة ، لما في اعتبار القلب والردّ من التكلّف ، ومعناه : ان ذلك ليس بردّ للواو المحذوفة ، بل هي زائدة ـ عوضا ـ كما قال بعض الشارحين ، والوزن علويّ ، وقد يقال : ان مختاره ان هذه الواو هي المحذوفة ، وكأنّه لانقباض العقل عن رفض ما كانت في جوهر الكلمة وزيادة غيرها من جنسها ، ومراده : انّه ليس بردّ ، لأن الردّ يكون في موضع الحذف ، بل هو قلب مكانيّ ، فكأنّه مجرّد اعتبار لفظي وهو أنّه لا يسمّى ردّا ، وهو بعد تسليمه قليل الجدوى.

وقد علم إلى ههنا أمران هما : الواجب الردّ وهو كلّ من الصورتين الاوليين ، والممتنع الردّ وهو الصورة الأخيرة.

(وما سواهما) ـ وهو صورتان ـ محذوف اللّام من غير تعويض الهمزة لكن مع سكون الوسط ، ومحذوفها مع التعويض كيف ما كان الوسط(يجوز فيه الأمران) الردّ ، رعاية للأصل وحملا على ما يرد فيه ، وتركه ، لعدم الاجحاف اللّازم فيما تقدم ، لوجود العوض عند اللّام المحذوفة ههنا في صورة التعويض ، وعدم حذف حركة العين في صورة سكونها ، لعدم الحركة ، ويجب حذف العوض مع ردّ اللّام المعوّضة ، لئلّا يجتمعا ، ويلزم التعويض مع عدم ردّها ، لتحققه قبل النسبة فالتزم بعدها ، لأنّها أولى بذلك ، إذ شأنها الغالب اكمال الحروف ومراعاة المحذوفات.

وذلك : (نحو : غديّ) ، ودميّ ، ـ بالحذف ـ (وغدويّ) ، ودمويّ ، بالردّ ـ في غد ـ لليوم الّذي بعد يومك ـ ، وأصله : غدو ـ بسكون الوسط ـ ، ودم وأصله : دمي ـ بالياء مع سكون الأوسط ـ عند سيبويه والأخفش ، ويؤيّده الجمع على ـ دماء ، ودميّ ، كظباء وظبيّ ، ودلاء ودليّ ـ في ظبي ، ودلو ـ ، وأمّا دميان ـ بالتحريك ـ في

١٥٤

المثنى فشاذ ، لا يثبت به ما تمسّك المبرد به من كونه على «فعل» بتحريك العين ، ولانفتاح الوسط في النسبة ـ عند سيبويه ـ كما يجيء ـ إنشاء الله تعالى ـ قلبت الياء واوا ، كراهة اجتماع الثلاث من غير سبق السكون ، (و) نحو : (ابنيّ) ، واسميّ ، واستيّ ـ بالهمزة المعوضة عن اللّام ـ ، (وبنويّ) ، وسمويّ ـ بالحركات الثلاث في السين ـ على ما قال نجم الأئمّة رضي ، وفتح الميم ، وستهيّ ، كلّها بالردّ وحذف الهمزة ، وأصلهما : بنو ، وستة ، بالتحريك فيهما ، وسمو ـ بسكون الوسط ، ولم يعتنوا بتعويض الميم ـ في ابنم ـ فلم يتكلموا قط بابنميّ ـ بالهمزة والميم معا ـ بل يقال فيه : أيضا ابنيّ ـ بالهمزة فقط وبنويّ بالردّ.

(و) نحو : (حريّ ، وحرحيّ) بالحذف والردّ ، وشفهيّ ، وشفيّ ـ بالوجهين ـ ، في حر ـ وأصله : حرح ـ بكسر الحاء المهملة وسكون الراء ـ لفرج المرأة ـ ، وشفة وأصلها : شفهة ـ بسكون الوسط ـ للجمع على شفاة ، وربّما يقال : شفويّ ـ بالواو ـ لورود شفوات في الجمع والأشفى كأروى ـ لمن لا تنضم شفتاه ـ ، وقال الجوهريّ : لا دليل على صحّته ، والمشافهة وتصاريفها يؤيّد الأوّل.

ثمّ انّهم اتفقوا على تسكين العين عند ردّ اللّام المحذوفة في المضاعف ، لما يؤدّي إليه تحريكها من فك الادغام والثقل ، وذلك : كربّيّ ـ بتشديد الموحدة ـ في ربّ ـ مخفف ربّ ـ بالتشديد ـ من الحروف الجارة ، إذا سميّ به ، واختلفوا في غيره ، فسيبويه : يفتحها نظرا إلى انّها بعد حذف اللّام صارت معرضا للحركات الاعرابية ، وان طرأ مانع في البعض مثل : تاء التأنيث فيما لحقته ، فالمناسب عدم خلوها عن الحركة فحركت بالفتح الأخف ، فيقال : عليه عدويّ ، وحرحيّ ، ودمويّ ، ونحوها بفتح الأوسط.

(وأبو الحسن) الأخفش (يسكّن ما أصله السكون) ، ردّا إلى الأصل ، (فيقول : غدويّ ، وحرحيّ) ، ودمييّ ـ بالسكون وابقاء الياء المردودّة ـ في دم ـ.

واعلم انّ النسبة في المؤنث الثلاثي المحذوف اللّام المعوض عنها الهمزة كالنسبة

١٥٥

في المذكر بالاتفاق ، فيقال : في ابنة ، ابنيّ ، وبنويّ ، كما في ابن ، (و) كذلك (اخت ، وبنت) وما يجري مجراهما من المؤنث الثلاثي الّذي عوّضت التاء عن لامه المحذوفة ، اشعارا بالتأنيث ، حكمها كالمذكر ـ أيضا ـ ، (كأخ ، وابن ، عند سيبويه) ، وفاقا للخليل ، لأنّ التاء ـ وان كانت عوضا ولذا تكتب مطولة ويوقف على لفظها من غير القلب ـ هاء ـ ولم يفتح الحرف الصحيح الواقع قبلها بل سكن ، ولم تؤثر في منع الصرف عند جعل ما هي فيه علما ، وغيّرت صورة المذكر كضمّ الهمزة ـ من اخت ـ وكسر الباء ـ في بنت ـ ، اشعارا بأنّها على خلاف قياس المتمحضة للتأنيث في جميع ذلك ـ لكن فيها رائحة التأنيث ، بدليل الاختصاص بالمؤنث ، فيستكره ابقائها في النسبة فيجب حذفها وردّ اللّام ، كما وجب ردّها في ـ بنويّ ـ عند حذف العوض ، ويزول التغييرات التابعة للتعويض بها ويرجع إلى صورة المذكر ، فيجري عليه حكمه ، فيقال : اخويّ ، وبنويّ ، كما في أخ وابن.

(و) وجب عنده بناء(عليه) ان يقال : في كلّتا للمؤنث ـ (كلويّ) ، ـ بكسر الكاف وفتح اللّام وياء النسبة ـ كما في ـ كلّا ـ للمذكر ، فان أصله : عنده كلوى ـ بالألف المقصورة ـ على «فعلي» بكسر الفاء وسكون العين ، كذكرى ، فحذفت الواو وعوض عنها التاء فلم يتمحض للتأنيث ، ولذا لم يكن فيه جميع بين العلامتين ، واختير تعويضها ، اشعارا بالتأنيث ، ولم يكتف بالألف ، لانقلابها ياء ـ جرّا ونصبا ـ فيخرج عن صورة العلامة ، فالتاء فيه مثلها في اخت ، ويلزم ردّ ـ الواو ـ المحذوفة ، كما في ـ بنويّ ـ وبعد ردّها يفتح الأوسط على مذهبه ، فيلزم حذف الألف ، ويمتنع قلبها واوا لوقوعها رابعة مع تحرّك الأوسط ، كما في ـ جمزى ـ مع كراهة اجتماع الواوين لو قلبت ههنا ، فيقال : كلويّ كما ـ في كلا ـ.

(وقال يونس) : في اخت ، وبنت ، (اختيّ ، وبنتيّ) ـ بالتاء ـ على سبيل التجويز ، كما وقع في كلام بعض المحقّقين ، لا الوجوب كما يقال ، وانّما جوّز ذلك لمنع وجوب حذفها بمجرّد رائحة التأنيث ، وتجويزه اقامتها فيهما مقام ما هي عوض له لعدم

١٥٦

غلبة جهة التأنيث فيها في اللّغة ، بدليل وقوع ساكن صحيح قبلها واثباتها وقفا ، بخلاف ما غلبت فيه جهة التأنيث ، نحو : هنة ، حيث التزم ابدالها فيها ـ هاء ـ عند الوقف في كلامهم ، كما في المتمحضة للتأنيث ، فلذلك : تعين فيه هنويّ ، فلا يرد الاعتراض بها عليه ، وقد يعترض عليه بأنّه لو صحّ ما ذكره في ـ اخت وبنت ـ لجاز تصغيرهما على ـ اخيت ، وبنيت ، على زنة كعيت ـ للطائر ـ من غير ردّ المحذوف ، لقيام التاء مقامه ، لعدم اعتبار رائحة التأنيث ، كما قامت في النسبة مع اعترافه بعدم جواز ذلك ، وبأنّه يتعيّن اخيّة وبنيّة بالردّ وادغام ياء التصغير ، اللهمّ إلّا ان يخص تجويز الاقامة مقام المعوض عنه بما إذا لم يطرد السماع على خلافه ، كالتصغير ان أمكن الفرق بين التصغير والنسبة فيهما بحسب السماع ، ولم ينقل عنه في ـ كلّتا ـ شيء.

(و) لكن ان صحّ ما ذكره جاز قياسا(عليه) ان يقال : (كلتيّ) على الأفصح ، (وكلتويّ وكلتاويّ) على غيره ، لأنّ التاء فيه عوض ، كما في ـ اخت ـ فيجوز اقامتها مقام المعوض عنه ، كما جاز ، والف التأنيث المقصورة رابعة في اسم ساكن الوسط فتأتي فيه تلك الوجوه ، كحبليّ ، وحبلويّ ، وحبلاويّ.

وذهب الجرمي : إلى انّ الألف فيه أصليّة وهي لامه ، والتاء متمحضة للتأنيث ووزنه «فعتل» وجعلت وسطا ، لئلّا يعرب بالحركات فيزيد على المذكر المعرب بالاعراب الحرفي الفرعي ، وهو ضعيف ، لعدم «فعتل» في كلامهم أصلا ، لكن عليه ان يقال : كلتويّ على الأفصح ، وكلتيّ وكلتاويّ على غيره ، لأصالة الألف ، كملهويّ ، وملهيّ ، وملهاويّ.

وزعم الأخفش : ـ في اخت ، وبنت ـ انّ النسبة إليهما بحذف التاء وردّ المحذوف وابقائهما وزنهما ، فيقال : أخويّ ـ بضمّ الهمزة وسكون الخاء ـ ، وبنويّ ـ بكسر الباء وسكون النون ـ.

١٥٧

[النسبة للمركّب] :

(والمركّب) : الّذي يقصد النسبة إليه (ينسب) ـ أي يوقع النسبة ـ (إلى صدره) ، لاستثقال النسبة إلى كلمتين ، فيحذف الجزء الثاني الّذي حصل الثقل عنده الواقع موقع ما يحذف في النسبة ، كعلامة التأنيث ، والمثنى والجمع ، وهذا بخلاف الكلمة الواحدة المستثقلة بكثرة الحروف ، كقرعبلانة ، لعدم مفصل يجري بسببه بعضها مجرى العلامات.

وذلك مطرّد في كلّ مركب سواء كان ـ مزجيّا ـ غير متضمّن لحرف ، (كبعليّ) ـ في بعلبكّ ـ ، ومعديّ ، ومعدويّ ـ بحذف الياء أو قلبها واوا ـ لوقوعها بعد الكسرة ، كقاضيّ ، وقاضويّ ، ـ في معدي كرب ـ ، أو اسناديّا ، (و) ذلك نحو : (تأبّطيّ) ـ في تأبّط شرّا ـ أي وضع تحت إبطه ـ أي باطن منكبه ـ لقب جابر بن ثابت الفهميّ ، لزعمهم انّه قتل الغول وتأبطها وأتى أصحابه فألقاها بينهم ، وقيل : لأنّه تأبّط سكينا أو سهاما وأتى قوما وضربهم بها ، أو مزجيّا ـ متضمنا لحرف في الأصل (و) ذلك نحو : (خمسيّ ، في خمسة عشر) حالكونه (علما) وهو في الأصل متضمن للواو ، لأنّه بمعنى خمسة وعشر ، ونحو : إثنيّ ، وثنويّ ، كابنيّ وبنويّ ـ في اثنى عشر ـ علما ـ ، لأن أصله : ثنو ، والهمزة الوصلية في أوّله عوض عن اللّام المحذوفة ، ـ كما في ابن ـ والف آخره يحذف في النسبة ، كعلامة التثنية (١) ، وذلك لبطلان معنى الجزئين بالعلمية فلا يفوت بحذف جزء منه شيء من المعنى.

(و) مثل هذا(لا ينسب إليه) حالكونه (عددا) ، عند الجمهور لتعلّق القصد بمعنى كل من الجزئين ، فعند الالتباس بالنسبة إلى العدد المفرد ، كخمسة ، واثنين يفوت المقصود الأصلي ، وأمّا الالتباس في حال العلمية بالمنسوب إلى ما سمّي بالجزء الأوّل فلم يبالو به ، لندرته ، بخلاف المعنى العددي الكثير الشائع على ما

__________________

(١) وفي نسخة : كعلامة التأنيث.

١٥٨

شرح المفصل.

وجوز الجرمي : النسبة إلى كل من الجزئين بانفراده ، كبعليّ أو بكيّ ، وأبو حاتم والسيرافي وجماعة : النسبة إليهما معا في حالة واحدة ، مثل : بعليّ بكيّ ، وهؤلاء جوزوا النسبة إلى مجموع جزئي العدد المركب مع تسكين الشين من ـ العشرة ـ في المؤنث وفتحها في المذكر ، وجاء على قلّة النسبة إلى مجموع المزجي مع قلّة حروفه ، كبعلبكيّ ، تشبيها له بالمفرد ، وإلى مجموع الاسنادي الّذي أريد به نفس لفظه ، لانسلاخ المعنى التركيبي ، كقوله :

فاصبحت كنتيّا واصبحت عاجنا

وشرّ خصال المرأ كنت وعاجن (١)

والكنتى : الشيخ العاجز الّذي يقول كنت في شبابي كذا وكذا ، كأنّه منسوب إلى هذا القول ، كذا قاله الجوهري.

وقال الجرمي : انّما جاز ذلك لأنّ تاء الضمير كالجزء من الفعل ، وكسر تاء الضمير لعلامة النسبة ، وربّما يحافظ على ضمّه بنون الوقاية ، فيقال : كنتنيّ ، والقياس في النسبة إلى صدره كانيّ ، لأنّه أصله ، وانّما تغيّر لملاقات الضمير ، كما في ـ قلت ، وسدت ، فعند حذفه يرجع إلى أصله ، وعاجنا : ـ أي معتمدا على الأرض عند القيام للضعف ـ.

[النسبة إلى المركّب الاضافي] :

(و) المركب الاضافي الّذي يقاله له (المضاف) بمعنى المشتمل على الاضافة ، (ان كان) الجزء(الثاني) منه (مقصودا أصلا) ـ أي في أصل الوضع الّذي هو مناط

__________________

(١) لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معيّن ، ويروي صدره :

وما انا كنتيّ وما انا عاجن. والعاجن : الّذي لا يقدر على النهوض من الكبر إلّا بعد ان يعتمد على يديه اعتمادا تاما كأنّه يعجن. والاستشهاد : في قوله : كنتيّا حيث نسب إلى المركب الاسنادي على لفظه.

١٥٩

لاطلاق ذلك المركب على المنسوب إليه ، وان طرء زوال ذلك ثانيا ، وذلك : (كابن الزّبير ، وأبي عمرو) ، وامّ كلثوم ، فانّ الجزء الثاني مقصود ـ في الأصل حتّى في الوضع العلمي الّذي هو مناط الاطلاق ـ فيما يكون كنية من ذلك ، ليعرف به الجزء الّذي أضيف إليه ويميّز به ، فاذا نسب إليه (قيل : زبيريّ ، وعمريّ) ، وكلثوميّ ، بالنسبة إلى الجزء الثاني ، إذ لو نسب إلى الأوّل بأن يقال : ابنيّ ، وابويّ ، مثلا لفات ذلك المقصود وكثر الالتباس بحيث لا يتسامح به ، لعدم التعيين بوجه ، ولو طرء في نحو ذلك الغلبة في شيء ممّا يشتمله في الوضع الاضافي الّذي هو مناط الاطلاق بحيث ينصرف إليه ـ وان لم يخطر المعنى الاضافي بالبال كابن الزّبير في عبد الله ـ على ما قال المصنف ، كانت النسبة إلى الثاني ـ أيضا ـ لاعتبار مقتضى الأصل في وضعه وعدم الالتفات إلى هذه الحالة العارضة ، وكذا كنية من لم يولد له ولد أصلا ، إذ الأصل في وضع الكنى ما ذكر من التعريف والتميز ، وهذا المعنى كأنّه ملحوظ في مثل ما ذكرا ادّعاء على سبيل التفأل بأن يعيش ويولد له من يتميّز به ، فاعتبر فيه ـ أيضا ـ مقتضى الأصل.

(وان كان كعبد مناف ، وامرأ القيس) بأن لا يكون الجزء الثاني كمناف ـ لصنم ـ وقيس ـ لأبي قبيلة ـ أو صنم مقصودا أصلا لعدم ملاحظة المعنى التركيبي في الوضع العلمي ، (قيل : عبديّ وامرئيّ) ـ بكسر الهمزتين والراء أيضا اتباعا للثانية الّتي بعدها ، وسكون الميم ـ ، وهذا شاذ عند سيبويه ، والمطرد عنده مرئيّ ـ بفتح الميم والراء كليهما وحذف الهمزة الاولى الوصلية ـ فالنسبة في مثل ذلك على الأصل في المركب من كونها إلى الجزء الأوّل ، لعدم المانع عنه ، وقد يعترض عليه بجريان ما ذكر سابقا ههنا ، إذ لعل التسمية في مثله يقصد بها : العبوديّة لمناف مثلا ، ولو تعنتا (١) كما في جدّ النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند الشيعة ، والمرئية ـ أي الرياسة لقيس ـ ان أريد به القبيلة ، ولا ريب في احتمال التفأل المذكور ـ ثمّة ـ ههنا من غير

__________________

(١) وفي نسخة : ولو تقيّة.

١٦٠