تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٢

أخبرنا ابن الفضل أنبأنا ابن درستويه نبأنا يعقوب بن سفيان نبأنا محمّد بن يسار نبأنا يحيى بن سعيد نبأنا سفيان عن الأعمش عن عمّار بن عمير عن حريث بن ظهير قال : لما جاء نعي عبد الله إلى أبي الدرداء قال : ما خلف بعده مثله.

٦ ـ وعمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم ابن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس ، وهو زيد بن مالك ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ويكنى أبا اليقظان (١) :

تقدم إسلامه ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة ، وهو معدود في السابقين والأولين من المهاجرين ، وممن عذب في الله بمكة. أسلم هو وأبوه وأمه سميّة مولاة أبي حذيفة بن المغيرة ، وهي أول شهيدة في الإسلام ، طعنها أبو جهل بحربة في قبلها فقتلها ، ومرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهم يعذبون. فقال : «اصبروا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة (٢)».

وشهد عمّار مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا وأحدا والخندق ومشاهده كلها ، ونزل فيه آيات من القرآن فمن ذلك أن المشركين أخذوه وعذبوه حتى سبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم جاءه وذكر ذلك له ، فأنزل الله تعالى فيه : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل ١٠٦] الآية. ويقال : إن عظماء قريش اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا له : لو أن ابن أخيك طرد موالينا وحلفاءنا كان أطوع في صدورنا ، وأشاروا إلى عمّار ،

__________________

(١) ٦ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٣ / ٢٤٦ ، ٦ / ١٤. وطبقات خليفة ٢١ ، ٧٥ ، ١٢٦ ، ١٣٤ ، ١٨٩.والعلل لابن المديني ٥٠ ، ٩٦. ومسند الإمام أحمد ٤ / ٦٢ ، ٣١٩. وكلام ابن معين لابن طهمان ٣٦٢. وفضائل الصحابة ٢ / ٨٥٧. والتاريخ الكبير ٧ / ت ١٠٧ ، والصغير ١ / ٧٩ ، ٨٤ ، ٨٥.والكنى لمسلم ورقة ١٢٦. والمعارف لابن قتيبة ٢٥٦ ، ٢٥٨. والجرح ٦ / ت ٢١٦٥. ورجال صحيح مسلم ، لابن منجويه ورقة ١٣٤. والاستيعاب ٣ / ١١٣٥. والجمهرة ٢٢٨ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٦ ، ٤٣٢. وإكمال ابن ماكولا ٦ / ٩١ ، ٣٥٣. والجمع لابن القيسراني ١ / ٣٩٩. وتلقيح الأثر ١٢٩. وأنساب القرشيين ١٥٧. وأسد الغابة ٤ / ٤٣. وسير النبلاء ١ / ٤٠٦. والعبر ١ / ٢٥ ، ٣٨ ، ٤٠. وتجريد أسماء الصحابة ١ / ت ٤٢٥٧. والكاشف ٢ / ت ٤٠٥٨. وتذهيب التهذيب ٣ / ورقة ٧٦. ونهاية السئول ورقة ٢٥٩. وتهذيب التهذيب ٧ / ٤٠٨ ـ ٤١٠. والإصابة ٢ / ت ٥٧٠٤. والتقريب ٢ / ٤٨. وخلاصة الخزرجي ٢ / ت ٥٠٩٣. وشذرات الذهب ١ / ٣٢ ، ٤٥ ، ٤٧. وتهذيب الكمال ٤١٧٤ (٢١ / ٢١٥ ـ ٢٢٧). والمنتظم ٥ / ١٤٦. وحلية الأولياء ١ / ١٣٩ ـ ١٤٣.

(٢) انظر الحديث في : طبقات ابن سعد ٤ / ١ / ١٠١. وكنز العمال ٣٣٥٦٨. والمنتظم ٥ / ١٤.

١٦١

وبلال ، وابن مسعود فأنزل الله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) [الأنعام ٥٢] في غير ذلك من الآيات.

ومناقبه مشهورة ، وسوابقه معروفة ، وورد المدائن غير مرة في خلافة عمر وبعدها ، وشهد مع على بن أبي طالب حروبه حتى قتل بين يديه بصفين ، وصلى عليه على ودفنه هناك.

أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ بالبصرة قال : نبأنا أبو على محمّد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي قال نبأنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال : نبأنا أحمد بن إبراهيم قال : نبأنا حجاج عن ابن جريج قال : أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابت الأنصاريّ قال : حدّثني رجل أنه كان مع عمّار بن ياسر بالمدائن ، فأقيمت الصلاة فتقدم عمّار وقام على دكان يصلى والناس أسفل ، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه فاتبعه عمّار حتى أنزله حذيفة ، فلما فرغ عمّار من صلاته. قال له حذيفة : ألم تسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إذا أمّ الرجل القوم فلا يقم في مقام أرفع من مقامهم ، أو نحو ذلك (١)» قال عمّار : لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي.

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري بنيسابور أنبأنا أبو جعفر محمّد ابن على بن دحيم الشّيباني بالكوفة نبأنا أحمد بن حازم قال : أنبأنا قبيصة عن سفيان عن أبي إسحاق عن هانئ عن على قال : استأذن عمّار النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرف صوته ، فقال : «مرحبا بالطّيّب المطيب (٢)».

أخبرنا القاضي أبو عمر الهاشميّ قال : نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال : نبأنا حاتم بن عبيد الله قال : نبأنا جرير بن حازم عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال : رجلان مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يحبهما : عبد الله بن مسعود ، وعمّار بن ياسر.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ قال : أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال : نبأنا جدي قال : نبأنا يزيد بن هارون قال : نبأنا العوام بن حوشب عن سلمة بن كهيل بن علقمة عن خالد بن الوليد قال : كان

__________________

(١) انظر الحديث في : سنن أبي داود ٥٩٨. والسنن الكبرى للبيهقي ٣ / ١٠٩.

(٢) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٣٧٩٨. وسنن ابن ماجة ١٤٦. والمعجم الصغير للطبراني ١ / ٨٧. والمستدرك ٣ / ٣٨٨. وفتح الباري ١٠ / ٥٦٢. وحلية الأولياء ٧ / ١٣٥. وكشف الخفا ٢ / ٤١٠. والمنتظم ٥ / ١٤٦.

١٦٢

بيني وبين عمّار شيء فانطلق عمّار يشكو خالدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجعل لا يزيده إلا غلظا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ساكت ، فبكى عمّار وقال : يا رسول الله ألا تراه؟ فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [رأسه (١)] فقال : «من أبغض عمّارا أبغضه الله ، ومن عادى عمّارا عاداه الله (٢)». قال خالد : فخرجت وليس شيء أحب إليّ من رضى عمّار فلقيته [فاسترضيته حتى رضي عني (٣)].

وأخبرنا ابن مهديّ قال : أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال : نبأنا جدي قال : حدثت عن الواقدي قال : نبأنا عبد الله بن أبي عبيدة عن أبيه عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمّار ، أنها وصفت لهم عمّارا فقالت : كان طويلا آدم طوالا مضطربا ، أشهل العينين ، بعيد ما بين المنكبين ، رجلا لا يغير شيبه (٤).

أخبرنا ابن الفضل قال : أنبأنا عبد الله بن جعفر قال : نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا يونس بن عبد الرّحيم قال نبأنا ضمرة عن يحيى بن زيد قال : شهد عمّار صفين وهو ابن تسعين سنة ، على رمكة حمائل سيفه نسعة.

أخبرنا ولاد بن على الكوفيّ قال : أنبأنا محمّد بن على بن دحيم الشّيباني قال أنبأنا أحمد بن حازم قال : نبأنا يحيى ـ يعني الحمّاني ـ قال : نبأنا خالد بن عبد الله الواسطيّ عن عطاء بن السائب عن أبي البختري وميسرة : أن عمّار بن ياسر يوم صفين أتى بلبن فشربه ثم قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لي : «هذه آخر شربة تشربها من الدّنيا (٥)». ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

أخبرنا ابن بشران قال : أنبأنا الحسين بن صفوان قال : نبأنا ابن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال : عمّار بن ياسر من عنس من اليمن ، حليف لبني مخزوم ـ يكنى أبا اليقظان ، قتل بصفين مع على بن أبي طالب سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ودفن هناك (٦).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) انظر الحديث في : مسند الإمام أحمد ٤ / ٨٩. والدر المنثور ٥ / ١٧٦. ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٩٣. والجامع الكبير للسيوطي ٢ / ٤٧٤ ، ٦٦١. وتفسير الطبري ٥ / ٩٤.

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٤) ـ انظر الخبر في : طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٤. وتهذيب الكمال ٢١ / ٢١٩.

(٥) ـ انظر الحديث في : حلية الأولياء ١ / ١٤١. والمنتظم ٥ / ١٤٨.

(٦) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٤٨.

١٦٣

وقال ابن سعد : أخبرنا محمّد بن عمر قال : نبأنا الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة : أنّ عليّا صلّى على عمّار ولم يغسله.

٧ ـ وأبو أيّوب الأنصاريّ الخزرجي ، واسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة ابن عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النّجّار ـ وهو تيم الله ـ بن ثعلبة بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة ابن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ (١) :

وأمه : هند بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر.

حضر أبو أيّوب العقبة ، ونزل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قدم المدينة في الهجرة ، وشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا والمشاهد كلها ، وكان مسكنه بالمدينة ، وحضر مع على بن أبي طالب حرب الخوارج بالنهروان ، وورد المدائن في صحبته (٢) ، وعاش بعد ذلك زمانا طويلا ، حتى مات ببلد الروم غازيا في خلافة معاوية بن أبي سفيان وقبره في أصل سور القسطنطينية.

أخبرنا أبو بكر البرقانيّ قال : أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن حميرويه الهرويّ قال : أنبأنا الحسين بن إدريس الأنصاريّ قال : نبأنا ابن عمّار ـ وهو محمّد بن عبد الله

__________________

(١) ٧ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٣ / ٤٨٤. وتاريخ ابن معين ٢ / ١٤٤. والعلل لابن المديني ٦٨. وتاريخ خليفة ٥٥ ، ٥٦ ، ٩٩ ، ١٩٦ ، ٢٠١ ، ٢١١. وطبقات خليفة ٨٩ ، ١٤٠ ، ١٩٠ ، ٣٠٣. وعلل الإمام أحمد ١ / ١٦٥ ، ـ ـ ٣٣٢. ومسنده ٥ / ١١٣ ، ٤١٢. والتاريخ الكبير ٣ / ت ٤٦٢.

والكنى لمسلم ورقة ٤. والمعارف لابن قتيبة ٢٧٤ ، ٢٧٥. والمعرفة ليعقوب ١ / ٣١٢ ، ٣٥٥ ، ٣٩٣ ، ٤١٦ ، ٤١٨ ، ٢ / ٢٧٥ ، ٣٩٨ ، ٦٨٥ ، ٧٣٤ ، ٣ / ٢١٠. وتاريخ أبي زرعة ١٦٣ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ٢٢٦ ، ٣٠٩ ، ٥٤٥ ، ٦٠٩. والكنى للدولابي ١ / ١٥. والجرح ٣ / ت ١٤٨٤. وثقات ابن حبان ٣ / ١٠٢. والمعجم الكبير للطبراني. ٤ / ت ٣٧٠. ووفيات ابن زبر ، ورقة ١٦.والمستدرك ٣ / ٤٥٧. ورجال صحيح مسلم ، لابن منجويه ورقة ٤٦. ورجال البخاري للباجي ورقة ٥٢. وحلية الأولياء ١ / ٣٦١. وجمهرة الأنساب ٤٣٨. والاستيعاب ٤ / ١٦٠٦. والجمع لابن القيسراني ١ / ١١٨. وتاريخ ابن عساكر ٥ / ٣٩ ـ ٤٧ (التهذيب). وتلقيح الأثر ١٣١.وأسد الغابة ٢ / ٨٠. وتذهيب التهذيب للذهبي ١ / ورقة ١٨٧. وسير النبلاء ٢ / ٤٠٢ ـ ٤١٣.وتاريخ الإسلام للذهبي ٢ / ٣٢٧. والعبر ١ / ٥٦. وتجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٠. والكاشف ١ / ٢٦٨. وإكمال مغلطاي ١ / ورقة ٣١١ ، ٣١٢. ونهاية السئول ورقة ٨٢. ومجمع الزوائد ٩ / ٣٢٩. والإصابة ١ / ٤٠٥. وتهذيب التهذيب ٣ / ٩٠ ، ٩١. وتهذيب الكمال ١٦١٢ (٨ / ٦٦ ـ ٧٠). والخلاصة للخزرجي ١ / ت ١٧٦٠. والمنتظم ٥ / ٢٤٩ ـ ٢٥١.

(٢) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ٢٤٩.

١٦٤

ابن عمّار الموصليّ ـ قال نبأنا إسماعيل عن شعبة قال : قلت للحكم بن عيينة : شهد أبو أيّوب مع على صفين؟ قال : لا ولكن شهد معه قتال أهل النهروان.

أخبرنا أبو بكر البرقانيّ قال أنبأنا الحسين بن هارون الضّبّيّ قال : أنبأنا أحمد بن محمّد بن سعيد الحافظ أن جعفر بن محمّد بن عمرو الخشّاب أخبر قراءة قال : حدّثني أبي قال : نبأنا زيدان بن عمر بن البختري قال : حدّثني غياث بن إبراهيم عن الأجلح بن عبد الله الكندي قال : سمعت زيد بن على ، وعبد الله بن الحسن ، وجعفر ابن محمّد ، ومحمّد بن عبد الله بن الحسن : يذكرون تسمية من شهد مع على بن أبي طالب من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كلهم ذكره عن آبائه. وعمن أدرك من أهله.وسمعته أيضا من غيرهم ، فذكر أسماء جماعة من الصحابة. ثم قال : وخالد بن زيد أبو أيّوب الأنصاريّ بدري ، وهو صاحب منزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، نزل عليه حين قدم المدينة ، حتى تبوأ مسجده [ومساكنه (١)]. وكان على مقدمة على يوم النهروان وعلى الرجالة يومئذ.

أخبرنا أبو حازم العبدوي قال : أنبأنا القاسم بن غانم المهلّبي قال : أنبأنا محمّد بن أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال : حدّثني أبي قال : نبأنا أبو طالب ـ يعني أحمد بن نصر ـ الحافظ قال : نبأنا أبو زرعة ـ وهو الدمشقي ـ قال : مات أبو أيّوب الأنصاريّ سنة خمس وخمسين بالقسطنطينية.

أخبرنا أبو القاسم على بن الفضل بن طاهر إمام الجامع بدمشق قال : أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي قال : نبأنا أحمد بن عمير بن يوسف قال : سمعت أبا الحسن محمود بن إبراهيم بن محمّد بن عيسى بن القاسم بن سميع يقول : وأبو أيّوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بدري ، من بني النجار ، قبره بالقسطنطينية.

أخبرنا ابن الفضل قال : أنبأنا عبد الله بن جعفر قال : نبأنا يعقوب بن سفيان قال نا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد قال : نا ابن جابر : أن أبا أيّوب لم يقعد عن الغزو في زمان عمر وعثمان ومعاوية ، وأنه توفي في غزاة يزيد بن معاوية بالقسطنطينية.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٦٥

قال الوليد : فحدّثني شيخ من أهل فلسطين أنه رأى بنية بيضاء دون حائط القسطنطينية فقالوا : هذا قبر أبي أيّوب الأنصاريّ صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأتيت تلك البنية ، فرأيت قبره في تلك البنيّة وعليه قنديل معلق بسلسلة (١).

٨ ـ (٢) وعتبة بن غزوان المازني ، حليف بني نوفل ، وهو عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب ، ويقال : أهيب بن نسيب بن مالك بن عوف بن الحارث بن مازن بن منصور ابن عكرمة بن خصفة (٣) بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان:

ومن العلماء من قدّم نسيبا على وهيب في نسبه ، وزاد فيه : زيدا فجعله : ابن نسيب بن وهيب بن زيد بن مالك.

وكان عتبة من المهاجرين ، وشهد بدرا ويكنى أبا عبد الله ويقال : أبا غزوان ، وهو أول من اختط البصرة ونزلها من المدائن سار إليها ، وكانت وفاته بالمدينة ، ويقال : في الطريق بين المدينة والبصرة.

أخبرنا الأزهري قال : نا أحمد بن إبراهيم البزّار قال : نا جعفر بن أحمد بن محمّد المروزيّ قال : نا السري بن يحيى قال : نا شعيب بن إبراهيم قال : نا سيف بن عمر عن محمّد وطلحة والمهلّب وزياد وسعيد وعمرو قالوا : مصرّ المسلمون المدائن وأوطنوها ، حتى إذا فرغوا من جلولاء وتكريت ، وأخذوا الحصنين ، كتب عمر إلى سعد : أن ابعث عتبة بن غزوان إلى فرج الهند (٤) فليرتد منزلا يمصّره ، وابعث معه سبعين من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج عتبة بن غزوان في سبعمائة من المدائن فسار حتى نزل على شاطئ دجلة وتبوأ دار مقامه (٥). وذكر الحديث.

__________________

(١) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ٢٥١.

(٢) ٨ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٣ / ٩٨ ، ٧ / ٥. وتاريخ خليفة ٦١ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٢٩. ومسند الإمام أحمد ٤ / ١٧٤ ، ٥ / ٦١. والتاريخ الكبير ٦ / ت ٣١٨٤. والكنى لمسلم الورقة ٥٨. والمعارف لابن قتيبة ٢٧٥. والمعرفة ليعقوب ١ / ٣٣٩ ، ٣٠٥ ، ٣٤٠. والجرح ٦ / ت ٢٠٦٠. وثقات ابن حبان ٣ / ٢٩٦. ومعجم الطبراني الكبير ١٧ / ١١٣. ورجال صحيح مسلم لابن منجويه الورقة ٤٢. والاستيعاب ٣ / ١٠٢٦. وإكمال ابن ماكولا ٧ / ١٦. والجمع لابن القيسراني ١ / ٣٩٩.وتلقيح الأثر ١٢٥. والكامل لابن الأثير ٢ / ١١ ، ١١٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٤٨٨ ، ٣ / ٣٠١. وأسد الغابة ٣ / ٣٦٣. وتهذيب الأسماء ١ / ٣١٩. وسير النبلاء ١ / ٣٠٤. والعبر ١ / ١٧ ، ٢١.وتجريد أسماء الصحابة ١ / ت ٣٩٦٨. والكاشف ٢ / ت ٣٧١٩. وتذهيب التهذيب ٣ / ورقة ٢٧. ونهاية السئول ورقة ٢٣٥. وتهذيب التهذيب ٧ / ١٠٠. وتهذيب الكمال ٣٧٨١ (١٩ / ٣١٧ ـ ٣١٨). والإصابة ٢ / ت ٥٤١١. والتقريب ٢ / ٥. والخلاصة للخزرجي. وشذرات الذهب ١ / ٢٧. والمنتظم ٤ / ٢٤٤ ـ ٢٤٦. وحلية الأولياء ١ / ١٧١.

(٣) في المطبوعة ، والأصل : «حصفة» تصحيف.

(٤) فرج الهند : هو ثغره ، وكان يومئذ الأبلة بالقرب من البصرة.

(٥) انظر الخبر في : المنتظم ٤ / ٢٤٤.

١٦٦

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن حمّاد الواعظ مولى بني هاشم قال نا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الكاتب إملاء قال : نا أبو عتيبة أحمد بن الفرج الحمصي قال : نبأنا على بن عياش قال : نا عبد الرّحمن بن سليمان بن أبي الجون قال نبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن الحسن قال : قدم علينا عتبة بن غزوان أميرا ، بعثه عمر بن الخطّاب فقام فينا فقال : أيها الناس إن الدّنيا قد آذنت بصرم ، وولت حذاء فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وإنكم منتقلون من داركم هذه فانتقلوا بخير ما يحضركم ، وقد بلغني أن الحجر ليلقى في شفير جهنم فما يبلغ قعرها سبعين عاما ، فو الله لقد بلغني أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعين عاما ، ليأتين عليه يوم وله كظيظ من الزحام ، ولقد رأيتني سابع سبعة مع (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد تسلّقت أفواههم من أكل الشجر ، وما منا رجل إلا وقد أصبح أميرا على مصر ، ولقد رأيتنا أنا وسعد استبقنا بردة فاشتققناها فأخذت أنا نصفها وسعد نصفها ، ولقد بلغني أنه لم تكن نبوة إلا وستنسخ ملكا ، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما ، وفي أعين الناس حقيرا ، وستجرّبون الأمراء بعدي(٢).

أخبرنا ابن بشران قال : أنبأنا الحسين بن صفوان قال : نا ابن أبي الدّنيا قال : نا محمّد بن سعد قال أنبأنا محمد بن عمر [الواقدي (٣)] حدّثني جبير بن عبد الله وإبراهيم بن عبد الله من ولد عتبة بن غزوان قالا : قدم عتبة المدينة في الهجرة ، وهو ابن أربعين سنة ، وتوفي وهو ابن سبع وخمسين ، وكان طوالا جميلا ، يكنى أبا عبد الله ، ومات سنة سبع عشرة بطريق البصرة عاملا لعمر عليها (٤).

قال ابن سعد : أخبرني الهيثم بن عدي قال : كانت كنيته أبا غزوان (٥).

أخبرنا الفضل قال : أنبأنا عبد الله بن جعفر قال : نبأنا يعقوب بن سفيان قال ومات عتبة بن غزوان بالبصرة سنة سبع عشرة.

__________________

(١) في المطبوعة : «من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

(٢) انظر الخبر في : صحيح مسلم ، كتاب الزهد والرقائق ، الباب ١ ، حيث ١٩ ، ٢١ مختصرا. وسنن الترمذي ، كتاب صفة جهنم ، باب ٢ ، حديث ١. والشمائل باب ٥٣ حديث ١. وسنن النسائي (تحفة الأشراف ٧ / ٣٣٤). وسنن ابن ماجة ، كتاب الزهد باب ١٢ حديث ٢. والمنتظم ٤ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٤) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٤ / ٢٤٥.

(٥) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٤ / ٢٤٥.

١٦٧

أخبرنا على بن أحمد الرّزّاز قال أنبأنا أبو على بن الصّوّاف قال : نا بشر بن موسى قال : نا عمرو بن على قال : مات عتبة بن غزوان سنة سبع عشرة ، قدم المدينة في الهجرة وهو ابن أربعين سنة. فتوفى وهو ابن سبع وخمسين ، وكان يكنى بأبي عبد الله ، وهو رجل من بني سليم.

أخبرنا الأزهري قال : أنبأنا محمّد بن المظفر قال : نبأنا أحمد بن على بن الحسن المدائني قال : نبأنا أبو بكر بن البرقي قال : ومات عتبة بن غزوان بطريق البصرة سنة سبع عشرة. ويقال : سنة عشرين ، وهو الذي مصّر البصرة ، واختط بها المنازل ، وبني مسجدها بقصب ، وهو الذي افتتح الأبلّة ، وكانت ولايته البصرة ستة أشهر ، ولاه إيّاها عمر بن الخطّاب.

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال : حدّثني أبي قال : نبأنا الحسين بن القاسم قال : نبأنا على بن داود وأحمد بن أبي مريم عن سعيد بن عفير قال : وفي سنة سبع عشرة مات عتبة بن غزوان.

أخبرنا الأزهري قال : أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال : نبأنا إبراهيم بن محمّد الكندي قال : نبأنا أبو موسى محمّد بن المثنى قال : ومات أبو قحافة سنة أربع عشرة ، وفيها مات عتبة بن غزوان (١).

أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه الأصبهانيّ قال : أنبأنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : نبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال : نبأنا خليفة بن خياط قال : وعتبة بن غزوان ولاه عمر البصرة ، وله بناحيتها فتوح. ومات بالمدينة سنة أربع عشرة. ويقال : مات حين شخص من المدينة ويكنى أبا عبد الله.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إليّ محمّد بن إبراهيم الجوري من شيراز يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال : نبأنا أحمد بن يونس الضّبّيّ قال : حدّثني أبو حسّان الزيادي قال : سنة خمس عشرة فيها مات عتبة بن غزوان المازني وهو والي عمر بن الخطّاب على البصرة ، مات بالطريق راجعا إلى البصرة. وكان قد استعفى عمر فأبى أن يعفيه ، وكان من دعائه : اللهم لا تردني إلى البصرة واليا لعمر.فمات قبل أن يصل إليها ، وهو ابن تسع وخمسين سنة ، وكان يكنى أبا عبد الله. قال :

__________________

(١) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٤ / ٢٤٦.

١٦٨

وقصت به ناقته فسقط عنها فمات. ويقال : كان ذلك في سنة سبع عشرة. ويقال : سنة عشرين. قال أبو حسّان : والأول أثبت (١).

قال الشيخ أبو بكر : والأشبه بالصواب أن عتبة مات سنة سبع عشرة ، لأن المدائن فتحت سنة ست عشرة ، ثم مصّرت البصرة بعد ذلك ، ونزلها المسلمون على ما شرحناه فيما تقدم ، وعتبة أول من اختطها وسكنها ، فالله أعلم.

٩ ـ وأبو مسعود البدريّ من الأنصار ، واسمه عقبة بن عمر بن ثعلبة بن أسيرة. وقيل : أسير. وقيل : يسيرة بالياء. وقيل : نسيرة بالنون ، ابن عسرة بن عطيّة بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ، وأمه : سلمى بنت عارب. وقيل سلمى بنت عامر بن عوف بن عبد الله بن قضاعة (٢) :

ذكر بعض العلماء : أن أبا مسعود شهد بدرا ، والصحيح أنه لم يشهدها ، وإنما قيل له البدري لأنه كان يسكن ماء بدر ، لكنه قد شهد العقبة مع الأنصار ، وكان أصغر من شهدها ، وسكن الكوفة وحفظ عنه الحديث بها ، وذكر وروده المدائن في حديث.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال : أنبأنا على بن عاصم قال : نبأنا حصين بن عبد الرّحمن عن أبي وائل عن خالد بن ربيع العبسي قال : فأتيناه في بعض الليل. فقال : أيّ الليل ساعة هذه؟ قلنا : بعض الليل أو جوف الليل. قال : هل جئتم بأكفاني؟ قلنا : نعم قال : فلا تغالوا بكفني فإن يكن لصاحبكم عند الله خير يبدّل خيرا من كسوتكم ، وإلا يسلب سلبا سريعا. قال : ثم ذكر عثمان فقال : اللهم لم أشهد ولم أقل ولم أرض.

__________________

(١) ـ انظر الأقوال في : المنتظم ٤ / ٢٤٦.

(٢) ٩ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٦ / ٩. وتاريخ الدوري ٢ / ٤١٠. وطبقات خليفة ٩٦ ، ١٣٦. وتاريخ خليفة ٢٠٢. والعلل لابن المديني ٤٩ ، ٦١. ومسند الإمام أحمد ٤ / ١١٨ ، ٥ / ٢٧٢. والعلل له ٩٤. والتاريخ الكبير ٦ / ت ٢٨٨٤. والصغير ١ / ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١٤. والمعرفة ليعقوب ١ / ٢٢٠ ، ٢٢٤ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٥٣٩. والجرح ٦ ت ١٧٤٠. ، معجم الطبراني الكبير ١٧ / ١٩٤.ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ، ورقة ١٣٨. والاستيعاب ٣ / ١٠٧٤ ، ٤ / ١٧٥٦. والجمع لابن القيسراني ١ / ٣٨٠. والأنساب للسمعاني ٢ / ١٠٥. وأسد الغابة ٣ / ٣١٩. وسير النبلاء ٢ / ٤٩٣. والعبر ١ / ٤٦. والكاشف ٢ / ت ٣٨٩٩. وتجريد أسماء الصحابة ١ / ت ٤١٥٦.وتذهيب التهذيب ٣ / ورقة ٤٦. ونهاية السئول ، ورقة ٢٤٦. وتهذيب التهذيب ٧ / ٢٤٧ ـ ٢٤٩. وتهذيب الكمال ٣٩٨٤ (٢٠ / ٢١٥ ـ ٢١٨) والإصابة ٢ / ت ٥٦٠٦. والتقريب ٢ / ٢٧. والخلاصة للخزرجي ٢ / ت ٤٩٠٣. والمنتظم ٥ / ١٦١.

١٦٩

أخبرنا أبو سعيد محمّد بن موسى الصّيرفيّ بنيسابور قال : سمعت أبا العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم يقول : سمعت العبّاس بن محمّد الدوري يقول : قيل ليحيى ابن معين : أبو مسعود الأنصاريّ شهد بدرا؟ قال : لم يشهد بدرا وشهد العقبة (١).

أخبرنا ابن بشران قال : أنبأنا الحسين بن صفوان قال : نا محمّد بن سعد قال أبو مسعود الأنصاريّ ، اسمه عقبة بن عمرو ، وهو من بني جدارة بن عوف بن الحارث ابن الخزرج ، ابتنى بالكوفة دارا في سوق المراضيع.

قال محمّد بن عمر والهيثم بن عدي : توفي في آخر خلافة معاوية بالمدينة ، وانقرض عقبه.

وقال ابن سعد في موضع آخر : توفي في أول خلافة معاوية.

قال : وقال الواقدي : شهد العقبة ولم يشهد بدرا.

أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه الأصبهانيّ قال : أنبأنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : نبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال : نبأنا خليفة بن خياط قال : أبو مسعود البدري من ساكني الكوفة. مات قبل الأربعين.

أخبرنا الأزهري قال : أنبأنا محمد بن العبّاس قال : أنبأنا إبراهيم بن محمّد الكندي قال : نبأنا أبو موسى محمّد بن المثنى قال : ومات أبو مسعود قبل على ، وقتل على سنة أربعين.

أخبرنا على بن محمّد بن الحسن السّمسار قال : أنبأنا عبد الله بن عثمان الصّفّار قال : نبأنا عبد الباقي بن قانع : إن أبا مسعود توفي في سنة تسع وثلاثين (٢).

١٠ ـ وأبو قتادة الأنصاريّ ، أحد بني سلمة بن سعد بن الخزرج ، واسمه : الحارث بن ربعي (٣) :

هكذا أسماه غير واحد من العلماء. وقال الواقدي : اسمه النّعمان بن ربعي ، وقال الهيثم بن عدي : اسمه : عمرو بن ربعي ، وكان من أفاضل الصحابة لم يشهد بدرا ،

__________________

(١) انظر الخبر في : ٥ / ١٦١.

(٢) انظر الخبر في : ٥ / ١٦١.

(٣) ١٠ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٦ / ٨. وسير النبلاء ٢ / ٤٤٩ ـ ٤٥٦. وتهذيب الكمال ٧٥٧٤ (٣٤ / ١٩٤ ـ ١٩٦). والمنتظم ٥ / ٢٦٨. والإصابة ٤ / ١٥٨. والاستيعاب ٤ / ١٦١. والعبر ١ / ٤١ ، ٦٠. والأعلام ٢ / ١٥٤.

١٧٠

وشهد ما بعدها. وعاش إلى خلافة على بن أبي طالب ، وحضر معه قتال الخوارج بالنهروان ، وورد المدائن في صحبته ، ومات في خلافته (١) ، وقيل : بل بقي بعده زمانا طويلا.

أخبرنا أبو سعيد بن حسنويه قال : أنبأنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : أنبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال : نبأنا خليفة بن خياط قال : أبو قتادة ، اسمه : النّعمان ابن ربعي بن بلدمة بن خناس بن منان (٢) بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن على بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأكبر بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس.

وأخبرنا الأزهري قال : أنبأنا محمّد بن المظفر قال : نبأنا أحمد بن علي بن شعيب المدائني قال نبأنا أبو بكر بن البرقي قال : أبو قتادة الحارث بن ربعي ، ويقال : النعمان ابن ربعي بن بلدمة ، ثم ساق نسبه كما قال خليفة سواء. وقالا : جميعا : أم أبي قتادة كبشة بنت مطهر بن حرام بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة.

أخبرنا على بن يحيى بن جعفر الإمام بأصبهان قال : أنبأنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الرّيّان المصري بالبصرة قال : نبأنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط الأشجعي بمصر قال : حدّثني أبي عن أبيه عن جده قال : لما فرغ على بن أبي طالب من قتال أهل النهروان قفل أبو قتادة الأنصاريّ ومعه ستون أو سبعون من الأنصار. قال : فبدأ بعائشة ، قال أبو قتادة : فلما دخلت عليها قالت : ما وراءك؟ فأخبرتها أنه لما تفرّقت المحكّمة من عسكر أمير المؤمنين لحقناهم فقتلناهم. فقالت : ما كان معك من الوفد غيرك؟ قلت : بلى ستون أو سبعون. قالت : أفكلهم يقول مثل الذي تقول؟ قلت : نعم. قالت : قصّ على القصة. فقلت : يا أم المؤمنين تفرقت الفرقة وهم نحو من اثنى عشر ألفا ينادون لا حكم إلا حكم الله. فقال على : كلمة حق يراد بها باطل. فقاتلناهم بعد أن ناشدناهم الله وكتابه. فقالوا كفر عثمان وعلي وعائشة ومعاوية. فلم نزل نحاربهم وهم يتلون القرآن فقاتلناهم وقاتلونا وولى منهم من ولى.فقال [على (٣)] لا تتبعوا موليا. فأقمنا ندور على القتلى حتى وقفت بغلة رسول الله

__________________

(١) انظر : المنتظم ٥ / ٢٦٨.

(٢) في تهذيب الكمال : «بن سنان».

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٧١

صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليّ راكبها. قال : اقلبوا القتلى ، فأتيناه وهو على نهر فيه القتلى فقلبناهم ، حتى خرج في آخرهم رجل أسود على كتفه مثل حلمة الثدي. فقال علي الله أكبر والله ما كذبت ولا كذبت ، كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد قسّم فيئا فجاء هذا فقال يا محمّد اعدل فو الله ما عدلت منذ اليوم. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثكلتك أمك ، ومن يعدل عليك إذا لم أعدل؟» فقال عمر بن الخطّاب : يا رسول الله ألا أقتله؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا دعه فإن له من يقتله» وقال : صدق الله ورسوله. فقالت عائشة : ما يمنعني ما بيني وبين على أن أقول الحق ، سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : تفرقت أمتي على فرقتين تمرق بينهما فرقة محلّقون رءوسهم محفون شواربهم ؛ أزرهم إلى أنصاف سوقهم ، يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم ، يقتلهم أحبّهم إليّ وأحبهم إلى الله تعالى (١)» قال : فقلت : يا أم المؤمنين ، أنت تعلمين هذا ، فلم الذي كان منك؟ قالت : يا أبا قتادة ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ، وللقدر أسباب ، وذكر بقية الحديث.

أخبرنا ابن رزق أنبأنا عثمان بن أحمد نا حنبل بن إسحاق قال : وبلغني ، توفي أبو قتادة الحارث بن ربعي سنة ثمان وثلاثين في خلافة على وصلى عليه بالكوفة.

أخبرنا ابن الفضل نبأنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان نا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن أبي خالد عن موسى بن عبد الله بن يزيد : أن عليّا صلى على أبي قتادة ، فكبّر عليه سبعا وكان بدريّا.

قال الشيخ أبو بكر : قوله وكان بدريا خطأ لا شبهة فيه ، لأن أبا قتادة لم يشهد بدرا ، ولا نعلم أهل المغازي اختلفوا في ذلك.

أخبرنا ابن بشران أنبأنا ابن صفوان نبأنا ابن أبي الدّنيا نبأنا محمّد بن سعد نبأنا محمّد بن عمر نبأنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة قال : توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين ، وهو ابن سبعين سنة (٢).

قال ابن سعد : وأنبأنا الهيثم بن عدي قال : توفي أبو قتادة بالكوفة وعليّ بها ، وهو صلى عليه.

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ حدّثني أبي نبأنا الحسين بن القاسم قال : نبأنا على ابن داود عن سعيد بن عفير قال : وفيها ـ يعني سنة أربع وخمسين ـ مات أبو قتادة الحارث بن ربعي. ويقال : النعمان بن ربعي ، وهو ابن سبعين بالمدينة.

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٥ / ٣١٦.

(٢) انظر الخبر في : المنتظم / ٢٦٨.

١٧٢

أخبرنا ابن الفضل قال : أنبأنا ابن درستويه قال : نبأنا يعقوب قال : قال الليث : قال ابن بكير : وفيها ـ يعني سنة أربع وخمسين ـ مات أبو قتادة الحارث بن ربعي بن النعمان الأنصاريّ.

١١ ـ وحذيفة بن اليمان العبسيّ ، حليف بني عبد الأشهل ، واليمان لقب ، واسمه حسل ، ويقال : حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن ، وقيل : اليمان ابن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن عمرو بن ربيعة بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن ، وقيل : اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس ابن بغيض بن ريث بن غطفان (١) :

يكنى حذيفة أبا عبد الله ، وأمه من بني عبد الأشهل ، تسمى الرباب ، لم يشهد حذيفة بدرا وشهد أحدا وقتل أبوه يومئذ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحضر ما بعد أحد من الوقائع ، وكان صاحب سر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقربه منه ، وثقته به وعلو منزلته عنده وولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب المدائن ، فأقام بها إلى حين وفاته (٢).

__________________

(١) ١١ ـ انظر طبقات ابن سعد ٥ / ٥٢٧ ، ٦ / ١ ، ٧ / ٣١٧. وتاريخ ابن معين ٢ / ١٠٤. وتاريخ ابن معين برواية الدارمي ٥٦٧. والعلل لابن المديني ٥٠ ، ٦٥. وطبقات خليفة ٤٨ ، ١٣٠. ومسند أحمد ٥ / ٣٨٢. والمحبر ٨٧٣. والتاريخ الكبير ٣ / ت ٣٣٢. والصغير ١ / ٥٤ ، ٥٦ ، ٧٢ ، ٨٠ ، ١٠٧ ، ١١٤ ، والبرصان والعرجان للجاحظ ٢٨٣. والكنى لمسلم ، ورقة ٥٨. وثقات العجلي ، ورقة ٩. وأخبار القضاة ١ / ٣٩ ، ٤٠ ، ٢ / ١٨٦ ، ٢٨٥ ، ٣ / ٤١ ، ٤٢ ، ٤٥ ، ٦٦.والجرح ٣ / ت ١١٤٠. وثقات ابن حبان ، ورقة ٨٣. ومشاهير الأمصار ، ترجمة ٢٦٧. ومعجم الطبراني الكبير ٣ / ١٨٥. ومعجم الصحابة ، لابن قانع ، ورقة ٣٦. والمستدرك ٣ / ٣٧٩ ـ ٣٨١. والاستبصار ٢٣٣ ـ ٢٣٥. ورجال البخاري للباجي ، ورقة ٥١. والاستيعاب / ٣٢٤.والجمع لابن القيسراني ١ / ت ٤١٤. وتاريخ دمشق ٤ / ٩٦ (التهذيب). وتلقيح الأثر ١٤١.ومعجم البلدان ١ / ١٠٥ ، ١٧٣ ، ٢٨٣ ، ٥١٨ ، ٨٤٩ ، ٣ / ١٣٧. وأسد الغابة ١ / ٣٩٠ ـ ٣٩٢. والكامل لابن الأثير ٢ / ١٦٢ ، ١٧٩ ، ١٨٤ ، ٣ / ٩ ـ ١٤ ، ١٧ ، ١٨ ، ٢١ ، ٨٣ ، ١٠٩ ـ ١١١ ، ١٣٣ ، ١٥٠ ، ٢٨٧ ، ٣١٠. وتذهيب التهذيب ١ / ورقة ١٢٥. والكاشف ١ / ٢١٠ ، وسير النبلاء ٢ / ٣٦١ ، وتاريخ الإسلام ٢ / ١٥٢ ، والعبر ١ / ٢٦ ، ٣٧. وتجريد أسماء الصحابة ترجمة ١٢٨٦. وإكمال مغلطاي ٢ / ورقة ١٤٠. والوافي بالوفيات ١١ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨. وبغية الأريب ورقة ٨٣. وغاية النهاية ١ / ٢٠٣. ونهاية السئول ، ورقة ٥٩. وتهذيب الأسماء ١ / ١٥٣ ـ ١٥٥. وتهذيب التهذيب ٢ / ٢١٩ ـ ٢٢٠. والإصابة ترجمة ١٦٤٧. ونهاية الغاية ورقة ٣٨٠.وخلاصة الخزرجي ١ / ١٢٦٧. وتهذيب الكمال ١١٤٧ (٥ / ٤٩٥ ـ ٥١٠). وشذرات الذهب ١ / ٣٢ ، ٤٤. والمنتظم ٥ / ١٠٤ ـ ١٠٧.

(٢) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٠٤ ـ ١٠٥.

١٧٣

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق قال : أنبأنا مكرم بن أحمد القاضي قال : نبأنا محمّد بن الحسن صاحب النرسي قال : سمعت على بن المديني يقول : حذيفة بن اليمان ، هو حذيفة بن حسل ، وحسل كان يقال له اليمان ، وهو رجل من عبس حليف للأنصار.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : أنبأنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال نبأنا يونس بن حبيب قال نبأنا داود قال نبأنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم ، سمع علقمة قال : قدمت الشام ، فقلت : اللهم وفق لي جليسا صالحا. قال : فجلست إلى رجل فإذا هو أبو الدرداء. فقال لي : ممن أنت؟ فقلت : من أهل الكوفة. فقال : أليس فيكم صاحب الوساد والسواك؟ ـ يعني ابن مسعود ـ ثم قال : أليس فيكم صاحب السر الذي لم يكن يعلمه غيره؟ ـ يعني حذيفة ـ وذكر الحديث.

أخبرنا على بن محمّد بن عبد الله المعدّل قال : نبأنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار قال : نا أحمد بن منصور الرمادي قال : نا عبد الرّزّاق قال : أنبأنا معمر عن أيّوب عن ابن سيرين قال : كان عمر بن الخطّاب إذا بعث أميرا كتب إليهم : «إني قد بعثت إليكم فلانا وأمرته بكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا» فلما بعث حذيفة إلى المدائن كتب إليهم : «إني قد بعثت إليكم فلانا فأطيعوه». فقالوا : هذا رجل له شأن فركبوا ليلتقوه ، فلقوه على بغل تحته إكاف وهو معترض عليه رجلان من جانب واحد ، فلم يعرفوه فأجازوه فلقيهم الناس فقالوا لهم : أين أمير المؤمنين؟ فقالوا : هو الذي لقيتم ، قالوا : فركضوا في فأثره فأدركوه وفي يده رغيف وفي الأخرى عرق وهو يأكل ، فسلموا عليه فنظر إلى عظيم منهم فناوله العرق والرغيف. قال : فلما غفل ألقاه أو أعطاه خادمه (١).

أخبرنا ابن بشران قال : نا الحسين بن صفوان قال : نا ابن أبي الدّنيا قال : نا محمّد ابن سعد قال : حذيفة بن اليمان حسل. ويقال : حسيل بن جابر العبسي ، حليف بني عبد الأشهل ، وابن أختهم الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل ، ويكنى أبا عبد الله ، وشهد أحدا وقتل أبوه يومئذ ، وجاء نعي عثمان وهو بالمدائن ، ومات بها سنة ست وثلاثين. اجتمع على ذلك محمّد بن عمر ـ يعني الواقدي ـ والهيثم بن عدي (٢).

__________________

(١) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٠٥.

(٢) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٠٧.

١٧٤

أخبرنا ابن الفضل قال : أنبأنا ابن درستويه قال : نبأنا عبيد الله بن موسى قال : أنبأنا سعيد بن أوس عن بلال بن يحيى قال : عاش حذيفة بعد قتل عثمان أربعين ليلة (١).

أخبرنا على بن أحمد البزّاز قال : أنبأنا أبو على بن الصّوّاف قال : نبأنا بشر بن موسى قال : أنبأنا عمرو بن على.

وأخبرنا الأزهريّ قال أنبأنا محمّد بن العبّاس قال : نبأنا إبراهيم بن محمّد الكندي قال : أنبأنا أبو موسى محمّد بن المثنّى قالا : ومات حذيفة بن اليمان ويكنى بأبي عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين قبل قتل عثمان بأربعين ليلة ، لفظهما سواء ، وقولهما قبل قتل عثمان خطأ ، لأن عثمان قتل في آخر سنة خمس وثلاثين.

١٢ ـ وسلمان الفارسيّ ، يكنى أبا عبد الله (٢) :

من أهل مدينة أصبهان ، ويقال من رامهرمز أسلم في السنة الأولى من الهجرة ، وأول مشهد شهده مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الخندق ، وإنما منعه عن حضور ما قبل ذلك أنه كان مسترقا لقوم من اليهود وكاتبهم ، وأدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتابته وعتق ، ولم يزل بالمدينة حتى غزا المسلمون العراق فخرج معهم ، وحضر فتح المدائن ونزلها حتى مات بها ، وقبره الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى عليه بناء ، وهناك خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه ، وقد رأيت الموضع وزرته غير مرة.

__________________

(١) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٠٧.

(٢) ١٢ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٦ / ١٦ ، ٧ / ٣١٨. والمصنف لابن أبي شيبة ١٣ / رقم ١٥٧٨٢.وطبقات خليفة ١٤٠ ، ١٨٩. وتاريخه ١٩١. ومسند أحمد ٥ / ٤٣٧. وعلل أحمد ١ / ٢٤٠ ، ٢٨٥ ، ٣١٢ ، ٣٦٤ ، ٣٨٦ ، ٣٩٣ ، ٤١٣. والتاريخ الكبير ٤ / ت ٢٢٣٥. والصغير ١ / ٧١ ـ ٧٤. والكنى لمسلم ، ورقة ٥٨. والمعارف لابن قتيبة ٢٧٠. والمعرفة ليعقوب ١ / ٣٢٠ ، ٢ / ٢٥٢.وتاريخ أبي زرعة ١٢٢ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٤٠٣ ، ٤٥٨ ، ٦٤٨ ، ٦٤٩. والجرح ٤ / ت ١٢٨٩.وثقات ابن حبان ١ / ورقة ١٦٨. ومشاهير الأمصار ، ترجمة ٢٧٤. ورجال مسلم ، لابن منجويه ، ورقة ٦٧. وحلية الأولياء ١ / ١٨٥ ـ ٢٠٨. وأخبار أصبهان ١ / ٤٨. ورجال البخاري للباجي ، ورقة ١٦٦. وتاريخ ابن عساكر ٧ / ورقة ٩٤ (التهذيب ٦ / ١٩٠). والاستيعاب ٢ / ٦٣٤.والجمع لابن القيسراني ١ / ١٩٣. وتلقيح الأثر ١٣٨. وأسد الغابة ٢ / ٣٢٨. وتهذيب الأسماء ١ / ٢٢٦. وسير النبلاء ١ / ٥٠٥ ـ ٥٥٨. والتجريد ١ / ت ٢٤٠٠. والكاشف ١ / ت ٢٠٣٩. والعبر ١ / ١١٩. وتذهيب التهذيب ٢ / ورقة ٣٩. وإكمال مغلطاي ٢ / ورقة ١١٦.ونهاية السئول ، ورقة ١٢٣. وتهذيب التهذيب ٤ / ١٣٧. وتهذيب الكمال ٢٤٣٨ (١١ / ٢٤٥ ـ ٢٥٦). والإصابة ٢ / ت ٣٣٥٧. والخلاصة للخزرجي / ت ٢٦١٧. وشذرات الذهب ١ / ٤٤.والمنتظم ٥ / ٢٠ ـ ٢٩.

١٧٥

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : نا محمّد بن أحمد بن القاسم العبدي بجرجان قال : نا المنيعي ـ يعني عبد الله بن محمّد البغويّ ـ قال نا ابن زنجويه قال : نا الفريابي عن سفيان عن عوف عن أبي عثمان قال : سمعت سلمان الفارسيّ يقول : أنا من أهل (١) رامهرمز.

أخبرنا ابن بشران قال : أنبأنا الحسين بن صفوان قال : نبأنا ابن أبي الدّنيا قال : نبأنا محمّد بن سعد قال : سلمان الفارسيّ يكنى أبا عبد الله ، أسلم عند قدوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، وكان قبل ذلك يقرأ الكتب ويطلب الدين. وكان عبدا لقوم من بني قريظة فكاتبهم ، فأدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتابته وعتق ، فهو إلى بني هاشم ، وأول مشاهده الخندق ، وتوفي في خلافة عثمان بالمدائن.

أخبرني الأزهري قال : نبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال : نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال : نبأنا جدي قال : قد كان سلمان الفارسيّ نزل الكوفة في خلافة عثمان ، وتوفي بالمدائن ، وقبره هناك.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : نبأنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : سمعت جعفر ابن أحمد بن فارس قال : سمعت العبّاس بن يزيد يقول لمحمّد بن النعمان ، يقول أهل العلم : عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة ، فأما [إلى (٢)] مائتين وخمسين فلا يشكّون فيه وكان من المعمرين ، قيل إنه : أدرك وصي عيسى بن مريم وأعطي علم الأول والآخر وقرأ الكتابين.

أخبرنا أبو بكر البرقانيّ قال : قرأت على إسحاق النعالي أخبركم الحسن بن محمّد ابن شعبة قال : أنبأنا أبو الخطّاب زياد بن يحيى قال : نا المعتمر.

وأخبرنا أبو نعيم الحافظ ـ واللفظ له ـ قال : نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن حمزة قال : نا أبو القاسم الجصاص قال : نا إسحاق بن إبراهيم قال : نا معتمر قال : سمعت أبي قال : نا أبو عثمان عن سلمان قال : تناولني بضع عشرة من ربّ إلى ربّ.

خبر سلمان الفارسيّ وابتداء أمره وشرح ما لقى في طول عمره :

أخبرنا القاضي أبو بكر بن أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي قال : نبأنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم قال : نبأنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبّار العطاردي قال : نبأنا يونس بن بكير عن محمّد بن إسحاق.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٧٦

وأخبرنا أحمد بن عثمان بن مياح السكري وعليّ بن محمّد بن على الإياديّ. قال أحمد أخبرنا. وقال على : حدّثنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن هارون بن أبي عيسى قال : نا أبي عن محمّد بن إسحاق.

وأخبرني على بن محمّد الإياديّ أيضا قال : أنبأنا أبو بكر الشّافعيّ إملاء قال : نبأنا إسماعيل بن محمّد بن أبي كثير القاضي الفارسي قال : نبأنا شهاب بن معمر البلخيّ قال : نبأنا أبو يحيى بكر بن محمّد بن سليمان الأسواري عن ابن إسحاق.

وأخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق البزّاز قال : أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال : أنبأنا محمّد بن أحمد البراء.

وأخبرني على بن محمّد المالكيّ قال : ثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم قال أنبأنا محمّد بن محمّد الشطوي أو أحمد قالا : نبأنا الفضل. زاد الشطوي : ابن غانم وقال نبأنا سلمة. قال الشطوي : وقال ابن الفضل حدّثني محمّد بن إسحاق ـ ولفظ الحديث وسياقه ليونس بن بكير عن ابن إسحاق ـ قال : حدّثني عاصم بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عبّاس قال : حدّثني سلمان الفارسيّ (١) قال : كنت رجلا من أهل فارس من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ ، وكان أبي دهقان قريته ، وكان يحبني حبا شديدا لم يحبه شيئا من ماله ولا ولده ، فما زال به حبّه إياي حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية ، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار التي يوقدها فلا يتركها تخبو ساعة ، وكنت كذلك لا أعلم من أمر الناس شيئا إلا ما أنا فيه ، حتى بني أبي بنيانا له وكانت له ضيعة فيها بعض العمل. فدعاني فقال : أي بني ، إنه قد شغلني ما ترى من بنياني [هذا (٢)] عن ضيعتي هذه ، ولا بد لي من اطلاعها ، فانطلق إليهم فمرهم بكذا وكذا ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني شغلتني عن كل شيء ، فخرجت أريد ضيعته. فمررت بكنيسة النصارى فسمعت أصواتهم فيها.فقلت : ما هذا؟ فقالوا : هؤلاء النصارى يصلون. فدخلت أنظر فأعجبني ما رأيت من حالهم ، فو الله ما زلت جالسا عندهم حتى غربت الشمس ، وبعث أبي في كل وجه حتى جئته حين أمسيت ، ولم أذهب إلى ضيعته. فقال أبي : أين كنت؟ ألم أكن قلت لك؟ فقلت : يا أبتاه مررت بناس يقال لهم : النصارى ، فأعجبني صلاتهم ودعاؤهم

__________________

(١) هذا الخبر أخرجه ابن عساكر بطوله ، وقال الذهبي : هذا الحديث شبه موضوع ، وأبو معاذ مجهول ، وموسى. انظر سير أعلام النبلاء ١ / ٥٢١. والمنتظم ٥ / ٢٠ ـ ٢٥.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٧٧

فجلست أنظر كيف يفعلون. فقال : أي بني ، دينك ودين آبائك خير من دينهم.فقلت : لا والله ما هو خير من دينهم. هؤلاء قوم يعبدون الله ويدعونه ويصلون له ، ونحن نعبد نارا نوقدها بأيدينا إذا تركناها ماتت.

فخافني فجعل في رجلي حديدا وحبسني في بيت عنده ، فبعثت إلى النصارى فقلت لهم : أين أصل هذا الدين الذي أراكم عليه؟ فقالوا : بالشام. فقلت لهم : إذا قدم عليكم من هناك ناس فآذنوني. قالوا : نفعل فقدم عليهم ناس من تجارهم فبعثوا إليّ إنه قد قدم علينا تجار من تجارنا ، فبعثت إليهم إذا قضوا حاجة من حوائجهم وأرادوا الخروج فآذنوني بهم. فقالوا : نفعل فلما قضوا حوائجهم وأرادوا الرحيل بعثوا إلي بذلك ، فطرحت الحديد الذي في رجلي ولحقت بهم ، فانطلقت معهم حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا : الأسقف صاحب الكنيسة ، فجئته فقلت له : إني قد أحببت أن أكون معك في كنيستك ، وأعبد الله فيها معك ، وأتعلم منك الخير. قال : فكن معي.

قال : فكنت معه ، وكان رجل سوء ، كان يأمرهم بالصّدقة ويرغّبهم فيها. فإذا جمعوها إليه اكتنزها ولم يعط المساكين منها شيئا ، فأبغضته بغضا شديدا لما رأيت من حاله ، فلم ينشب أن مات ، فلما جاءوا ليدفنوه قلت لهم : إن هذا رجل سوء ، كان يأمركم بالصّدقة ويرغبكم فيها ؛ حتى إذا جمعتموها إليه اكتنزها إليه ولم يعطها المساكين. فقالوا : وما علامة ذلك؟ فقلت : أنا أخرج إليكم كنزه. فقالوا : فهاته ؛ فأخرجت لهم سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ؛ فلما رأوا ذلك قالوا : والله لا يدفن أبدا ، فصلبوه على خشبة ورموه بالحجارة ، وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه ؛ فلا والله يا ابن العبّاس ما رأيت رجلا قط يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه ؛ ولا أشد اجتهادا ؛ ولا أزهد في الدّنيا ؛ ولا أدأب ليلا ونهارا منه. ما أعلمني أحببت شيئا قط قبل حبه ، فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة. فقلت : يا فلان قد حضرك ما ترى من أمر الله وإني والله ما أحببت شيئا قط حبي لك فما ذا تأمرني؟ وإلى من توصيني؟ فقال لي : أي بني والله ما أعلمه إلا رجلا بالموصل فأته فإنك ستجده على مثل حالي ؛ فلما مات وغيّب لحقت بالموصل.

فأتيت صاحبها ، فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهادة في الدّنيا. فقلت له إن فلانا أوصاني إليك أن آتيك وأكون معك. فقال : فأقم أي بني ، فأقمت عنده على

١٧٨

مثل أمر صاحبه حتى حضرته الوفاة. فقلت له : إن فلانا أوصاني إليك وقد حضرك من أمر الله ما ترى ، فإلى من توصي بي (١)؟ فقال : والله ما أعلمه أي بني إلا رجلا بنصيبين وهو على مثل ما نحن عليه فالحق به. فلما دفناه لحقت بالآخر. فقلت له يا فلان إن فلانا قد أوصى بي إلى فلان ، وفلان أوصى بي إليك. قال : فأقم أي بني.

قال : فأقمت عندهم على مثل حالهم حتى حضرته الوفاة. فقلت له : يا فلان إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى ، وقد كان فلان أوصى بي إلى فلان ، وأوصى بي فلان إليك. فإلى من؟ قال : أي بني والله ما أعلم أحدا على مثل ما كنا عليه ؛ إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فأته فإنك ستجده على مثل ما كنا عليه.

فلما واريته خرجت حتى قدمت على صاحب عمورية فوجدته على مثل حالهم فأقمت عنده واكتسبت حتى كانت لي غنيمة وبقرات ؛ ثم حضرته الوفاة فقلت : يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان وفلان إلى فلان وفلان إليك ، وقد حضرك ما ترى من أمر الله عزوجل فإلى من توصيني. قال : أي بني والله ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه ؛ ولكنه قد أظلّك زمان نبي يبعث من الحرم ، مهاجره بين حرتين إلى أرض سبخة ذات نخل ، وإن فيه علامات لا تخفى ، بين كتفيه خاتم النبوة ، يأكل الهدية ولا يأكل الصّدقة. فإن استطعت أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل ؛ فإنه قد أظلك زمانه.

فلما واريناه أقمت حتى مر رجال من تجار العرب من كلب. فقلت لهم : تحملوني معكم حتى تقدموا بي إلى أرض العرب ، وأعطيكم غنيمتي هذه وبقراتي. قالوا : نعم فأعطيتهم إياها وحملوني حتى إذا جاءوا بي وادي القرى ، ظلموني فباعوني عبدا من رجل من يهود بوادي القرى. فو الله لقد رأيت النخل وطمعت أن تكون البلد الذي نعت لي صاحبي ، وما حقت عندي حتى قدم رجل من بني قريظة من يهود وادي القرى ، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده ، فخرج بي حتى قدم بي المدينة؟ فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفت نعته.

فأقمت في رقي مع صاحبي وبعث الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرق. حتى قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قباء وأنا أعمل في نخلة له ، فو الله إني لفيها إذ جاء ابن عم له. فقال : يا فلان قاتل الله بني قيلة ، والله إنهم الآن لفي قباء

__________________

(١) «توصي بي» ساقطة من الأصل.

١٧٩

مجتمعون على رجل جاء من مكة يزعمون أنه نبي ، فو الله ما هو إلا أن سمعتها فأخذتني العرواء (١) يقول : الرعدة ـ حتى ظننت لأسقطن على صاحبي ونزلت أقول ما هذا الخبر؟ ما هو؟ فرفع مولاي يده فلكمني لكمة شديدة. وقال : مالك وهذا ، أقبل على عملك. فقلت : لأي شيء إنما سمعت خبرا فأحببت أن أعلمه. قال : فلما أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته وذهبت إلى رسول الله وهو بقباء ، فقلت : إنه بلغني أنك رجل صالح وأن معك أصحابا لك غرباء ، وقد كان عندي شيء للصّدقة فرأيتكم أحقّ من بهذه البلاد ، فها هو فكل منه. فأمسك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده وقال لأصحابه : كلوا. ولم يأكل. فقلت في نفسي : هذه خلة مما وصف لي صاحبي ، ثم رجعت وتحول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، فجمعت شيئا كان عندي ثم جئته به. فقلت : إني رأيتك لا تأكل الصّدقة وهذه هدية وكرامة ليست بالصّدقة ، فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأكل أصحابه. فقلت : هاتان خلتان. ثم جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يتبع جنازة وعلى شملتان لي وهو في أصحابه ، فاستدرت به لأنظر إلى الخاتم في ظهره ، فلما رآني رسول الله استدبرته عرف أني أستثبت شيئا قد وصف لي ، فرفع رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبله وأبكي. فقال : «تحول يا سلمان هكذا» فتحولت فجلست بين يديه وأحبّ أن يسمع أصحابه حديثي عنه ، فحدّثته يا ابن العبّاس كما حدّثتك.

فلما فرغت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كاتب يا سلمان» ، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها وأربعين أوقية ، فأعانني أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالنخل ثلاثين وديّة ، وعشرين وديّة ، وعشرا ، كل رجل منهم على قدر ما عنده. فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فقّر لها فإذا فرغت فآذني ، حتى أكون أنا الذي أضعها بيدي». ففقّرتها وأعانني أصحابي. يقول : حفرت لها حيث توضع ـ حتى فرغنا منها ؛ فخرج معي حتى جاءها فكنا نحمل إليه الودي فيضعه بيده ويسوي عليها ؛ فو الذي بعثه بالحق ما ماتت منها ودية واحدة ، وبقيت علىّ الدراهم. فأتاه رجل من بعض المعادن بمثل البيضة من الذهب. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أين الفارسيّ المسلم المكاتب؟» فدعيت له. فقال : «خذ هذه يا سلمان فأدّ بها ما عليك». فقلت : يا رسول الله ، وأين تقع هذه مما على؟ قال : «فإنّ الله سيؤدي بها عنك». فو الذي نفس سلمان بيده لوزنت لهم منها أربعين أوقية فأديتها إليهم. وعتق سلمان.

__________________

(١) في الأصل والمطبوعة : «العزوي».

١٨٠