تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ١

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٢

وصف البركة ، لكان أشعر الناس في زمانه. والذي بنى الإيوان على ما ذكر عبد الله ابن مسلم بن قتيبة : هو سابور بن هرمز المعروف بذي الأكتاف ؛ وقد بنى أيضا ببلاد فارس وخراسان مدنا كثيرة ، وله في كتب سير العجم أخبار عجيبة ؛ وذكر أن مدّة ملكه كانت اثنتين وسبعين سنة.

أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال : أنبأنا محمد بن عمران المرزباني قال : نبأنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمّد الحصيني (١) قال حدّثني أبو على أحمد بن إسماعيل قال : لما صارت الخلافة إلى المنصور همّ بنقض إيوان المدائن فاستشار جماعة من أصحابه وكلهم أشار بمثل ما هم به وكان معه كاتب من الفرس فاستشاره في ذلك فقال له : يا أمير المؤمنين ، أنت تعلم أن رسول لله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج من تلك القرية ـ يعني المدينة ـ وكان له مثل ذلك المنزل ، ولأصحابه مثل تلك الحجر ، فخرج أصحاب ذلك الرسول حتى جاءوا مع ضعفهم إلى صاحب هذا الإيوان مع عزّته وصعوبة أمره ، فغلبوه وأخذوه من يديه قسرا وقهرا ثم قتلوه ، فيجيء الجائي من أقاصي الأرض فينظر إلى تلك المدينة وإلى هذا الإيوان ، ويعلم أن صاحبها قهر صاحب هذا الإيوان ، فلا يشك أنه بأمر الله تعالى وإنه هو الذي أيّده وكان معه ومع أصحابه ، وفي تركه فخر لكم. فاستغشّه المنصور واتهمه لقرابته من القوم ، ثم بعث في نقض الإيوان فنقض منه الشيء اليسير ، ثم كتب إليه : هو ذا يغرم في نقضه أكثر مما يسترجع منه وإن هذا تلف الأموال وذهابها فدعا الكاتب واستشاره فيما كتب إليه. فقال : لقد كنت أشرت بشيء لم يقبل مني ، فأمّا الآن فإني آنف لكم أن يكون أولئك بنوا بناء تعجزون أنتم عن هدمه ، والصواب أن تبلغ به الماء ، ففكّر المنصور فعلم أنه قد صدق.ثم نظر فإذا هدمه يتلف الأموال فأمر بالإمساك عنه (٢).

أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسيّ قال نبأنا إسماعيل بن سعيد بن سويد قال نبأنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال نبأنا أبو العبّاس المبرّد قال أخبرني القاسم بن سهل النّوشجاني : أن ستر باب الإيوان أحرقه المسلمون لما افتتحوا المدائن ، فأخرجوا منه ألف ألف مثقال ذهبا ، فبيع المثقال بعشرة دراهم ، فبلغ ذلك عشرة آلاف ألف درهم (٣).

***

__________________

(١) في الأصل : «الخصيبي».

(٢) انظر الخبر في : المنتظم ٨ / ٧٣ ـ ٧٤.

(٣) إلى هنا تنتهي مطبوعة باريس التي طبعت في ٩٣ صفحة بإشراف جورج سالمون في سنة ١٩٠٤ م ـ ١٣٢١ ه‍ ـ. بمطبعة برطرند ـ في مدينة سالون.

١٤١

ذكر بشارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أصحابه أن الله يفتح المدائن على أمته

قال الخطيب : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ بأصبهان قال نبأنا محمّد ابن أحمد بن الحسن نبأنا إسحاق بن الحسن الحربيّ نبأنا هوذة بن خليفة قال نبأنا عوف عن ميمون قال حدّثني البراء بن عازب قال : لما كان حين أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحفر الخندق ، عرضت لنا في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة لا تأخذ فيها المعاول.قال : فاشتكينا ذلك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما رآها ألقى ثوبه ، وأخذ المعول فقال : «باسم الله» ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها. وقال : «الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة» ، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر. فقال : «الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس ، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض» ، ثم ضرب الثالثة وقال : «باسم الله» فقطع بقية الحجر. وقال : «الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة (١)».

أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان أنبأنا أحمد بن كامل القاضي قال حدّثني أبو داود بن محمّد بن أبي معشر قال نبأنا أبي قال نبأنا أبو معشر عن بعض المشيخة. قال كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع عبد الله بن حذافة إلى كسرى : من محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى كسرى عظيم فارس ، أن أسلم تسلم ، من شهد شهادتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فله ذمة الله وذمة رسوله». فلما قرأ الكتاب. قال : عجز صاحبكم أن يكتب إلى إلا في كراع. قال : فدعا بالجلمين فقطعه ، ثم دعا بالنار فأحرقه ، ثم ندم. فقال : لا بد أن أهدي له هدية ، قال : فكلمه عبد الله بن حذافة كلاما شديدا. قال فأدرج له شققا من ديباج وحرير فأهداها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال فبلغنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال : «مزق كسرى كتابي ليمزّقن الله ملكه [كل ممزق (٢)] ، ثم ليهلكن كسرى ثم لا يكون كسرى بعده ، وليهلكن قيصر ثم لا يكون قيصر بعده ، ولتنفقن كنوزهما في سبيل الله عزوجل (٣)».

__________________

(١) انظر الحديث في : تاريخ ابن عساكر ١ / ٨٨. والدر المنثور ٥ / ١٨٦. ومسند الإمام أحمد ٤ / ٣٠٣.

وفتح الباري ١ / ٤٣٩. والمصنف لابن أبى شيبة ١١ / ٢٤٣.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٣) انظر الحديث في : صحيح البخاري ، كتاب الجهاد ، نصب الراية ٤ / ٤٢١. ودلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٨٨. والبداية والنهاية ٤ / ٢٦٩. وتاريخ ابن عساكر ٧ / ٣٥٦.

١٤٢

أخبرنا على بن محمّد بن عبد الله المعدّل قال أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعيّ قال نبأنا أبو بكر بن عياش قال : لما خرج على بن أبي طالب إلى صفين ؛ مرّ بخراب المدائن فتمثل رجل من أصحابه فقال :

جرت الرياح على محل ديارهم

فكأنما كانوا على ميعاد

وإذا النعيم وكلّ ما يلهى به

يوما يصير إلى بلّى ونفاد

فقال على عليه‌السلام : لا تقل هكذا ؛ ولكن قل كما قال الله تعالى عزوجل : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ [الدخان ٢٥ : ٢٨]. إن هؤلاء القوم كانوا وارثين فأصبحوا موروثين ؛ وإن هؤلاء القوم استحلوا الحرم فحلت بهم النقم. وكان فتح المدائن في صفر من سنة ست عشرة للهجرة ؛ وهي السنة الرابعة من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي‌الله‌عنه ، وفتحت على يد سعد بن أبي وقاص ، وفي قصة فتحها أخبار كثيرة يطول شرحها ـ وهي مذكورة في كتب الفتوح ـ ولا حاجة بنا إلى إيرادها في هذا الموضع. وإنما غرضنا ذكر من سمي لنا من مشهوري الصحابة الذين وردوا المدائن دون غيرهم ، رحمة الله وبركاته عليهم.

فممن حفظ لنا أنه وردها من جلة أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

١ ـ أمير المؤمنين ، وابن عم خاتم النبيين : على بن أبي طالب ، واسم أبي طالب (١) : عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، يكني : أبا الحسن ، وأبا تراب :

وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي ، وعليّ أول من صدّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بني هاشم ، وشهد المشاهد معه ، وجاهد بين يديه ، ومناقبه أشهر من أن تذكر ، وفضائله أكثر من أن تحصر ، وكان ورود المدائن في طريقه لما قاتل الخوارج بالنهروان ؛ ولما خرج إلى صفين أيضا.

__________________

(١) ١ انظر : طبقات ابن سعد ٢ / ٣٣٧ ، ٣ / ١٩ ، ٦ / ١٢. وتاريخ الدوري ٢ / ٤١٨. وتاريخ الدارمي.

ترجمة ٢٣٣ ، ٥٦٨ ، ٨٢٨. وكلام ابن معين ، رواية ابن طهمان ت ٥٧ ، ٣٥٨. وطبقات خليفة بن خياط ٤ ، ١٢٦ ، ١٨٩. ومسند الإمام أحمد ١ / ٥٧. والعلل له ٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨٧ ، ٢٩٣ ، ٣٣٧. وفضائل ـ

١٤٣

أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنبأنا أحمد بن كامل القاضي قال نا أبو يحيى الناقد قال ثنا محمّد بن جعفر الفيدي قال نبأنا محمّد فضيل عن الأجلح قال نبأنا قيس بن مسلم وأبو كلثوم عن ربعي بن حراش قال : سمعت عليّا يقول وهو بالمدائن : جاء سهيل بن عمرو إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «إنه خرج إليك ناس من أرقائنا ليس بهم الدين تعيذا (١) فارددهم علينا». فقال له أبو بكر وعمر : صدق يا رسول الله. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لن تنتهوا يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه بالإيمان يضرب أعناقكم ؛ وأنتم مجفلون عنه إجفال النعم» فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله. قال : «لا». قال له عمر : أنا هو يا رسول الله. قال : «لا ، ولكنه خاصف النعل». قال : وفي كف على نعل يخصفها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢).

أخبرنا أبو الحسن على بن القاسم بن الحسن الشّاهد بالبصرة قال نبأنا أبو الحسن على بن إسحاق بن محمّد بن البختري المادرائي قال نبأنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال نبأنا على بن قادم قال نبأنا على بن عابس عن مسلم عن أنس قال : استنبئ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الاثنين ، وأسلم على يوم الثلاثاء.

أخبرنا محمّد بن على الصّلحي قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب الجرجرائي قال نبأنا أبو جعفر محمّد بن معاذ الهرويّ قال نبأنا أبو داود سليمان بن معبد السنجي قال نبأنا الهيثم بن عدي قال نبأنا جعفر بن محمّد عن أبيه قال : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليّ ابن سبع سنين.

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى النّيسابوريّ قال أنبأنا

__________________

 ـ الصحابة له ١ / ٥٢٨ ، ٢ / ٥٦٣. والتاريخ الكبير ٦ / ت ٢٣٤٣. والصغير أيضا. والكنى لمسلم ورقة ٢٢. والثقات للعجلي ورقة ٤٠. وسؤالات الآجرى ٤ / ورقة ١٣. والقضاة لوكيع.١ / ٨٤ ، ٢ / ١٩٤. والجرح ٦ / ت ١٠٥٥. ورجال صحيح مسلم لابن منجويه الورقة ١٢٣. وطبقات الصوفية ٢ ، ٨ ، ٣٩ ، ٤٢ ، ٧٩ ، ٢٤٩ ، ٢٩٢ ، ٣٣٦ ، ٣٧٠. والاستيعاب ٣ / ١٠٨٩. والمنتظم لابن الجوزي ٥ / ١٧٢. والتلقيح له ٦٣ ، ٧٦ ، ٨٤ ، ١١٠. وتهذيب الأسماء ١ / ٣٤٤. وأسد الغابة ٤ / ١٦.والكاشف ٢ / ت ٣٩٨٦. وتجريد أسماء الصحابة ١ / ت ٤٢٣٦. وتذكرة الحفاظ ١٠. وتذهيب التهذيب ٣ / ورقة ٦٤. وغاية النهاية ٥٤٦. ونهاية السئول ورقة ٢٥٣. وتهذيب التهذيب ٧ / ٣٣٤ ـ ٣٣٩. والإصابة ٢ / ت ٥٦٨٨. والتقريب ٢ / ٣٩. والخلاصة للخزرجي ٢ / ت ٥٠٠١. وشذرات الذهب ١ / ٩ ، ١٥ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٣٣ ، ٣٥ ، ٤٠ ، ٤٩ ، ٥١ ، ٥٧ ، ٦٢ ، ٦٤. وتهذيب الكمال ٤٠٨٩ (٢٠ / ٤٧٢ ـ ٤٩٠). وحلية الأولياء ١ / ٦١ ـ ٨٧.

(١) هكذا بالأصل ، ولعله تعوذا.

(٢) انظر الحديث في : كنز العمال ٣٦٣٧٣ ، ٣٦٣٥١. ومسند الإمام أحمد ٣ / ٨٢. والمصنف لابن أبي شيبة ١٢ / ٦٣ ، ٦٤. ومجمع الزوائد ٥ / ١٨٦ ، ٩ / ١٣٣.

١٤٤

محمّد بن إسحاق الثقفي قال نبأنا قتيبة قال نبأنا الليث عن أبي الأسود عمن حدّثه : أن على بن أبي طالب أسلم وهو ابن ثمان سنين.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان قال أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النّحويّ قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال سمعت سليمان بن حرب يقول : شهد على بدرا وهو ابن عشرين سنة ؛ وشهد الفتح وهو ابن ثمان وعشرين سنة.

أخبرنا على بن محمّد المعدّل قال أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعيّ قال نبأنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال أنبأنا محمّد بن عمر قال نبأنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال : سألت أبا جعفر بن على : كم كان سن على يوم قتل؟ قال : ثلاثا وستين سنة. قلت : ما كانت صفته؟ قال : رجل آدم شديد الأدمة ، ثقيل العينين عظيمهما ، ذو بطن ، أصلع ؛ هو إلى القصر أقرب. قلت : أين دفن؟ فقال : بالكوفة ليلا وقد غبّي عني دفنه.

أخبرنا أبو الحسن على بن أحمد بن عمر المقرئ قال أنبأنا على بن أحمد بن أبي قيس الرفاء قال أنبأنا أبو بكر بن أبي الدّنيا قال نبأنا عبّاس بن هشام عن أبيه قال : بويع على بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بالمدينة يوم الجمعة حين قتل عثمان ، لاثنتي عشرة ليلة بقين من ذي الحجة ؛ فاستقبل المحرم سنة ست وثلاثين. قال غير عبّاس : وكانت بيعته في دار عمرو بن محصن الأنصاريّ ، ثم أحد بني عمرو بن مبذول يوم الجمعة ، ثم بويع بيعته العامة من الغد يوم السبت في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا على بن محمّد القرشيّ قال نبأنا أبو عمر الزاهد محمّد بن عبد الواحد قال أخبرني السّيّاري قال أخبرني أبو العبّاس بن مسروق الطوسي قال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : كنت بين يدي أبي جالسا ذات يوم ؛ فجاءت طائفة من الكرخيين فذكروا خلافة أبي بكر وعمر بن الخطّاب وخلافة عثمان بن عفان فأكثروا ، وذكروا خلافة على بن أبي طالب وزادوا فأطالوا ، فرفع أبي رأسه إليهم ، فقال : يا هؤلاء! قد أكثرتم القول في على والخلافة والخلافة وعلى ، إن الخلافة لم تزيّن عليّا بل على زينها ، قال السّيّاري : فحدثت بهذا بعض الشيعة. فقال لي : قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض.

أخبرنا على بن القاسم البصريّ قال نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال نبأنا الصّاغانيّ محمّد بن إسحاق قال نبأنا إسماعيل بن أبان الورّاق قال حدّثنا أبو عبد الله

١٤٥

المحلمي عن سماك عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعليّ : «من أشقى الأولين؟» قال : عاقر الناقة. قال : «فمن أشقى الآخرين؟» قال : الله ورسوله أعلم. قال : «قاتلك (١)».

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق البزّاز قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال أنبأنا حنبل بن إسحاق قال حدّثني أبو عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ قال نا إسحاق بن عيسى عن أبي معشر. قال حنبل : نا عاصم بن على قال نا أبو معشر قال : وقتل على ابن أبي طالب في رمضان يوم الجمعة ؛ لسبع عشرة ليلة في رمضان سنة أربعين ، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

أخبرنا على بن أحمد بن عمر المقرئ قال أنبأنا على بن أحمد بن أبي قيس قال نبأنا عبد الله بن محمّد بن عبيد قال نبأنا الحسين بن على العجليّ قال نبأنا حسين الجعفي قال : سمعت سفيان بن عيينة يسأل جعفر بن محمّد : كم كان لعلي يوم قتل؟ قال : ثمان وخمسون سنة.

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نا ابن أبي الدّنيا قال نا محمّد ابن سعد قال أنبأنا محمّد بن عمر قال نا على بن عمر بن على بن حسين عن عبد الله بن محمّد بن عقيل قال : سمعت ابن الحنفية يقول سنة الجحاف حين دخلت إحدى وثمانون : هذه لي خمس وستون سنة قد جاوزت سنّ أبي. قلت : وكم كانت سنّه يوم قتل؟ قال : ثلاث وستون (٢). قال محمّد بن سعد : ودفن على بالكوفة عند مسجد الجامع في قصر الإمارة.

أخبرنا ابن رزق قال أنبأنا على بن عبد الرّحمن بن عيسى الكوفيّ قال نبأنا محمّد ابن منصور المرادي قال حدّثني أبو الطّاهر ـ يعني أحمد بن عيسى العلوي ـ قال حدّثني أبي عن أبيه عن جده عن الحسن بن على قال : دفنت أبي على بن أبي طالب في حجلة ، أو قال ـ في حجرة ـ من دور آل جعدة بن هبيرة.

أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر الدّقّاق قال أنبأنا الوليد بن بكر الأندلسي قال

__________________

(١) انظر الحديث في : طبقات ابن سعد ٣ / ١ / ٢٢. والمعجم الكبير للطبراني ٨ / ٤٥. والمطالب العالية ١ / ٤٥. وفتح الباري ٧ / ٧٤. والأحاديث الصحيحة ٣ / ٧٨. ومجمع الزوائد ٩ / ١٣٦. والبداية والنهاية ٧ / ٣٢٥ ، ٣٢٦. وكنز العمال ٣٦٥٦٣ ، ٣٦٥٧٧ ، ٣٦٥٧٨ ، ٣٦٥٨٧. والمنتظم لابن الجوزي ٥ / ١٧٤.

(٢) انظر الخبر في : طبقات بن سعد ٣ / ١ / ٢٥.

١٤٦

حدّثنا على بن أحمد بن زكريّا الهاشميّ قال نا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ قال حدّثني أبي قال : وعليّ بن أبي طالب قتل بالكوفة ، قتله عبد الرّحمن بن ملجم المرادي ، وقتل عبد الرّحمن الحسن بن على ، ودفن على بالكوفة فلا يعلم أين موضع قبره (١)؟.

أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان قال أنبأنا عبد الله بن إسحاق الخراساني قال نبأنا أبو زيد بن طريف قال نبأنا إسماعيل بن موسى قال نبأنا أبو المحيّاة عن عبد الملك بن عمير قال : لما حفر خالد بن عبد الله أساس دار يزيد ابنه ، استخرجوا شيخا مدفونا أبيض الرأس واللحية. فقال : أتحب أن أريك على بن أبي طالب؟ فكشف لي فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية ، كأنما دفن بالأمس طريّ ـ وزاد في الحديث إسماعيل بن بهرام ـ فقال : يا غلام على بحطب ونار. فقال : الهيثم بن العربان ، أصلح الله الأمير ليس يريد القوم منك هذا كله. فقال : يا غلام على بقباطي ، فلفه فيها وحنطه وتركه مكانه.

قال أبو زيد بن طريف : هذا الموضع بحذاء باب الورّاقين مما يلي قبلة المسجد بيت إسكاف ، وما يكاد يقر في ذلك الموضع أحد إلا انتقل عنه.

أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدّل قال نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي قال نا أبو قلابة.

(ح) وأخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنبأنا عبد الله بن إسحاق الحسن بن إبراهيم البغويّ قال نا عبد الملك بن محمّد ـ وهو أبو قلابة الرقاشي ـ قال نبأنا الحسن بن محمّد النّخعيّ قال : جاء رجل إلى شريك فقال : أين قبر على بن أبي طالب؟ فأعرض عنه ، حتى سأله ثلاث مرات. فقال له في الرابعة : نقله والله الحسن بن على إلى المدينة ـ هذا لفظ حديث البغويّ ـ قال : وقال عبد الملك : وكنت عند أبي نعيم فمرّ قوم على حمير. قلت : أين يذهب هؤلاء؟ قال : يأتون إلى قبر على بن أبي طالب ، فالتفت إليّ أبو نعيم. فقال : كذبوا ، نقله الحسن ابنه إلى المدينة.

أخبرنا محمّد بن على بن مخلد الورّاق قال أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمران قال نا إسماعيل الصّفّار قال نا المبرد عن محمّد بن حبيب قال : أول من حوّل من قبر إلى قبر أمير المؤمنين على بن أبي طالب ، حوله ابنه الحسن.

__________________

(١) انظر الخبر في : المنتظم لابن الجوزي ٥ / ١٧٧.

١٤٧

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال كتب إلى محمّد بن إبراهيم بن عمران الجوري من شيراز أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال نا أحمد بن يونس الضّبّيّ قال حدّثني أبو حسّان الزيادي قال : دفن على بالكوفة عند قصر الإمارة عند المسجد الجامع ليلا ، وعمّي موضع قبره. ويقال : دفن في موضع القصر. ويقال : في الرحبة التي تنسب إليه. ويقال في الكناسة(١).

وقال أبو حسّان : حدّثني النّخعيّ عن شريك : أن الحسن بن على حمله بعد صلح معاوية والحسن فدفنه بالمدينة. ويقال : حمله فدفنه بالثّويّة. ويقال : دفن بالبقيع مع فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليهما (٢).

أخبرني الحسن بن على الجوهريّ قال أنبأنا أبو حاتم محمّد بن عبد الواحد الرّازيّ قال أخبرني أبو الحسين محمّد بن عبد الله بن القاسم الأديب قال نا أبو الفيض صالح ابن أحمد النّحويّ قال نا صالح بن شعيب عن الحسن بن شعيب الفروي عن عيسى ابن داب قال : عمّي قبر على بن أبي طالب عليه‌السلام. قال : وحدّثني الحسن : أنه صيّر في صندوق وأكثر عليه من الكافور ، وحمل على بعير يريدون به المدينة ، فلما كان ببلاد طيئ أضلوا البعير ليلا فأخذته طيئ وهم يظنون أن بالصندوق مالا. فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا فدفنوا الصندوق بما فيه ، ونحروا البعير فأكلوه (٣).

حكى لنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر الطلحي يذكر أن أبا جعفر الحضرمي ـ مطينا ـ كان ينكر أن يكون القبر المزور بظاهر الكوفة قبر على ابن أبي طالب عليه‌السلام. وكان يقول : لو علمت الرافضة قبر من هذا لرجمته بالحجارة ؛ هذا قبر المغيرة بن شعبة (٤). وقال مطين : لو كان هذا قبر على بن أبي طالب ، لجعلت منزلي ومقيلي عنده أبدا.

٢ ـ سيدا شباب أهل الجنة : الحسن ، والحسين عليهما‌السلام ، أبناء على بن أبي طالب وأمهما فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم:

ذكر هلال بن خباب أن عليّا لما قتل توجه الحسن والحسين إلى المدائن فلحقهما

__________________

(١) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٧٧.

(٢) على هامش الأصل : «لم يسمع هذا الحديث إلا من سيدنا الشريف وحده» ، انظر الخبر في :٥ / ١٧٧.

(٣) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٤) ـ انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ١٧٨.

(٥) ٢ ـ انظر : نسب قريش ٤٦. وتاريخ ابن معين ٢ / ١١٥. وطبقات خليفة ٥ ، ١٢٦ ، ١٨٩ ، ٢٣٠. ومسند

١٤٨

الناس بساباط ، فحمل على الحسن رجل فطعنه في خاصرته فسبقهم حتى دخل قصر المدائن ، فأقام به نحوا من أربعين ليلة ، ثم وجه إلى معاوية فصالحه.

أخبرنا ابن الفضل القطّان قال أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا سعيد بن منصور قال نبأنا عون بن موسى. قال : سمعت هلال بن خباب يقول : قال فلان : جمع الحسن بن على.

(ح) وأخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح قال نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا أحمد بن معروف الخشّاب قال نبأنا الحسين بن فهم قال نبأنا محمّد بن سعد قال أنبأنا موسى بن إسماعيل قال نبأنا عون بن موسى قال سمعت هلال بن خباب يقول : جمع الحسن بن على رءوس أصحابه في قصر المدائن فقال : يا أهل العراق ، لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت : بقتلكم أبي ، ومطعنكم بغلتي ، وانتهابكم ثقلي ـ أو قال : ردائي ـ عن عاتقي ، وإنكم قد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت ، وتحاربوا من حاربت ، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا. قال : ثم نزل فدخل القصر. واللفظ لحديث موسى بن إسماعيل.

وكنية الحسن بن على : أبو محمّد ، وكان يشبّه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا على بن القاسم الشّاهد قال نا على بن إسحاق المادرائي قال أنبأنا عيسى ابن جعفر ومحمّد بن عبيد الله بن المنادي ـ واللفظ لعيسى ـ قال نا قبيصة قال نبأنا سفيان عن عمر بن سعيد بن أبي حسين ، عن ابن مليكة عن عقبة بن الحارث قال : رأيت أبا بكر يحمل الحسن بن على على عاتقه وهو يقول : بأبي شبيه بالنبي ، ليس شبيها بعليّ ، وعليّ معه يتبسم.

__________________

الإمام أحمد ١ / ١٩٩ ، والفضائل له ٢٥. والعلل له ١ / ٤٥ ، ١٠٤ ، ٢٥٨ ، ٤١٢. والتاريخ الكبير ٢ / ت ٢٤٩١. والصغير ١ / ٧٥ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٩٦ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٣ ، ١٠٩ ، ١١١. والكنى لمسلم ورقة ٩٤. وثقات العجلى ورقة ١٠. وتاريخ أبي زرعة ٢٦٣ ، ٥٨٧ ، ٥٨٨. وتاريخ واسط ١٢٤ ، ١٢٨ ، ١٣٧ ، ٢٨٥. والكنى للدولابي ٢ / ٥٢. والولاة والقضاة ٢٠٣. وثقات ابن حبان ورقة ٩٠.ومشاهير الأمصار ٦. والمعجم الكبير للطبراني ٣ / ٥. وحلية الأولياء ٢ / ٣٥. والاستيعاب ١ / ٢٨٣.وتاريخ دمشق. وتلقيح الأثر ١٨٤. وأسد الغابة ٢ / ٩ ـ ١٥. وتهذيب الأسماء ١ / ١٥٨ ـ ١٦٠.ووفيات الأعيان ٢ / ٦٥ ـ ٦٩. وتذهيب التهذيب ١ / ورقة ١٤٠ ـ ١٤٢. والكاشف ١ / ٢٢٤.وسير أعلام النبلاء ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٧٩. والوافي ١٢ / ١٠٧ ـ ١١٠. وبغية الأريب ورقة ٩٠. والعقد الثمين ٤ / ١٥٧. ونهاية السئول ورقة ٦٥. وتذهيب التهذيب ٢ / ٢٩٥ ـ ٣٠١. وتهذيب الكمال ١٢٤٨ (٦ / ٢٢٠ ـ ٢٥٧) والإصابة ت ١٧١٩. والخلاصة للخزرجي ١ / ت ١٣٦١.

١٤٩

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ البزّار قال نا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفيّ الحافظ قال نبأنا محمّد بن إسماعيل الرّاشدي قال نا على بن ثابت العطّار قال نا عبد الله بن ميسرة وأبو مريم الأنصاريّ عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حامل الحسن بن على وهو يقول : «اللهم إني أحبه فأحبه (١)».

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق قال نا عبد الصّمد بن على بن محمّد قال نا الحسين بن سعيد بن أزهر السلمي قال حدّثني قاسم بن يحيى بن الحسن بن زيد بن على قال : نبأنا أبو حفص الأعشى عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر عن على بن الحسين عن الحسين بن على عن على قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما (٢)».

أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا محمّد بن المظفر الحافظ قال نبأنا أبو على أحمد بن على بن الحسن بن شعيب المدائني بمصر قال نبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله ابن عبد الرّحيم البرقي قال : الحسن بن على بن أبي طالب يقال إنه ولد في النصف من شهر رمضان في سنة ثلاث من الهجرة.

أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال حدّثني أبي قال حدّثنا الحسين بن القاسم قال حدّثنا على بن داود وأحمد بن مريم عن سعيد بن كثير بن عفير قال : وفي سنة تسع وأربعين مات الحسن بن على بن أبي طالب.

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نبأنا ابن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال : وتوفي الحسن بن على بن أبي طالب في ربيع الأول من سنة تسع وأربعين ، وهو ابن سبع وأربعين سنة ، وصلى عليه سعيد بن العاص بالمدينة ، ودفن بالبقيع (٣).

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٥ / ٣٣ ، ٧ / ٢٠٥. وصحيح مسلم ١٨٨٢. وسنن الترمذي ٣٧٨٣. وسنن ابن ماجة ١٤٢. ومسند الإمام أحمد ٢ / ٢٤٩ ، ٣٣١ ، ٥٣٢ ، ٤ / ٢٩٢. والمستدرك ٣ / ١٦٩ ، ١٧٧. والسنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٣٣. والمطالب العالية ٣٩٨٨. والمصنف لابن أبى شيبة ١٢ / ١٠١. وفتح الباري ٧ / ٩٤ ، ١٠ / ٣٣٢. ومشكاة المصابيح ٦١٣٣.

(٢) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٣٧٦٨. وسنن بن ماجة ١١٨. والمستدرك ٣ / ١٦٦ ، ١٦٧. ومسند لإمام أحمد ٣ / ٣ ، ٦٢ ، ٦٤ ، ٨٢. وصحيح بن حيان ٢٢٢٨. والمطالب العالية ٢٠١ ، ٣٩٩٣. والمصنف لابن أبى شيبة ١٢ / ٩٦ ، ٩٧. وأمالي الشجري ١ / ٤٤ ، ٢ / ٢٣٥. وكشف الخفا ١ / ٤٢٩. والدر المنتثرة ٧١. وشرح السنة ١٤ / ١٣٨.

(٣) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ٢٢٦.

١٥٠

أنبأنا ابن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال نبأنا حنبل بن إسحاق قال سمعت عبيد الله بن محمّد بن عائشة يقول : مات الحسن بن على سنة إحدى وخمسين ، ويقال سنة خمسين.

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال حدّثني أبي قال حدّثني يحيى بن محمّد ـ يعني القصباني ـ قال أنبأنا محمّد بن موسى ـ هو البربري ـ عن ابن أبي السرى عن هشام بن الكلبي قال : وفي سنة خمسين مات الحسن بن على بالمدينة.

وأخبرنا عبيد الله بن عمر قال حدّثني أبي قال نبأنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال نبأنا جعفر بن محمّد بن عمرو الخشّاب قال حدّثني أبي قال نبأنا زيدان بن عمر بن البختري قال سمعت يحيى بن عبد الله بن الحسن يقول : توفي الحسن بن على سنة خمسين ، وهو ابن سبع وأربعين سنة.

٣ ـ وكنية الحسين بن على : أبو عبد الله ، وكان أصغر من الحسن بسنة (١) :

أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا محمّد بن المظفر قال نبأنا أحمد بن على بن شعيب المدائني قال نبأنا أبو بكر بن البرقي. قال : ولد الحسين بن على بن أبي طالب في ليال خلون من شعبان ، سنة أربع من الهجرة.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن مهدي قال أنبأنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الحافظ قال نبأنا يحيى بن زكريّا بن شيبان قال نا أرطأة بن حبيب قال نا أيّوب بن واقد عن يونس بن خباب عن أبي حازم عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني (٢)».

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا دعلج بن أحمد المعدل قال نا موسى بن هارون قال نا أبو الربيع قال نا حمّاد بن زيد قال نا يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين قال حدّثني الحسين بن على قال : أتيت على عمر بن الخطّاب وهو على

__________________

(١) ٣ ـ انظر : تاريخ ابن معين ٢ / ١١٨. ومسند الإمام أحمد ١ / ٢٠١ ، والعلل له ١ / ١٤٣ ، ٢٣٤ ، ٣١٩.والتاريخ الكبير ٢ / ت ٢٨٤٦. وثقات العجلي ورقة ١٠. والجرح ٣ / ت ٢٤٩. والمراسيل ٢٧.وثقات ابن حبان ٣ / ٦٨. ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ورقة ٣٢. ورجال البخاري للباجي ورقة ٤٣. وتهذيب الكمال ١٣٢٣ (٦ / ٣٩٦ ـ ٤٤٩) والمنتظم ٥ / ٣٤٨.

(٢) انظر الحديث في : سنن ابن ماجة ١٤٣. والمعجم الكبير للطبراني ٣ / ٤٠ ، ٤١ ، ٦ / ٢٩٦. وكنز العمال ٣٤٢٦٨ ، ٣٤٢٩١.

١٥١

المنبر ، فصعدت إليه فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر : لم يكن لأبي منبر ، وأخذني وأجلسني معه ، فجعلت أقلب خنصر يدي (١). فلما نزل انطلق بي إلى منزله. فقال لي : من علّمك؟ فقلت : والله ما علمنيه أحد. قال : يا بني ، لو جعلت تغشانا. قال : فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر ورجعت معه ، فلقيني بعد. فقال : لم أرك؟ فقلت : يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر ورجعت معه. فقال : أنت أحق بالإذن من ابن عمر ، وإنما أنبت ما ترى في رءوسنا الله ، ثم أنتم.

أخبرنا أحمد بن عثمان بن مياح السكري قال نا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ قال نا محمّد بن شدّاد المسمعي قال نا أبو نعيم قال نا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : أوحى الله تعالى إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إني قد قتلت بيحيى بن زكريّا سبعين ألفا ، وإنى قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا ، وسبعين ألفا.

أخبرنا ابن رزق قال نا أبو بكر محمّد بن عمر الحافظ نا الفضل بن الحباب بالبصرة نا محمّد بن عبد الله الخزاعيّ قال نا حمّاد بن سلمة عن عمّار بن أبي عمّار عن ابن عبّاس قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يرى النائم نصف النهار ، أشعث أغبر ، بيده قارورة. فقلت : ما هذه القارورة؟ قال : دم الحسين وأصحابه ما زلت ألتقطه منذ اليوم. فنظرنا فإذا هو في ذلك اليوم قتل

. أخبرنا محمّد بن الحسين الأزرق قال أنبأنا جعفر بن محمّد الخلدي قال نا محمّد ابن عبد الله بن سليمان قال نا أحمد بن يحيى بن زكريّا قال نا إسماعيل بن أبان قال أخبرني حبّان بن على عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يقتل الحسين على رأس ستين من مهاجري (٢)».

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال حدّثني أبي قال نا عبد الله محمّد قال حدّثني هارون بن عبد الله قال : سمعت أبا نعيم يقول : قتل الحسين بن على سنة ستين ، يوم السبت يوم عاشوراء ، وقتل وهو ابن خمس وستين. أو ست وستين.

__________________

(١) في الأصل : «فجعلت أقلب حصى بيده».

(٢) انظر الحديث في : اللآلئ المصنوعة للسيوطي ١ / ٢٠٣. والموضوعات لابن الجوزي ١ / ٤٠٨.وتذكرة الموضوعات للفتني ٩٨. وكنز العمال ٣ / ١١٠.

١٥٢

أخبرنا عبيد الله بن عمر قال قال لي أبي : وهذه الرواية لأبي نعيم وهم من جهتين في القتل والمولد ؛ فأما مولد الحسين : فإنه كان بينه وبين أخيه الحسن طهر ، وولد الحسن للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، وأما الوهم في تاريخ موته : فأجمع أكثر أهل التاريخ أنه قتل في المحرم ؛ سنة إحدى وستين ؛ إلّا هشام بن الكلبي فإنه قال : سنة اثنتين وستين ؛ وهو وهم أيضا.

أخبرنا عبيد الله قال حدّثني أبي قال نا يحيى بن محمّد قال نا محمّد بن موسى ابن حمّاد عن ابن أبي السري عن هشام بن الكلبي قال : وفي سنة اثنتين وستين قتل الحسين بن على يوم عاشوراء.

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نا بن أبي الدّنيا قال نا محمّد ابن سعد قال : الحسين بن على بن أبي طالب قتل بنهري كربلاء يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين وهو ابن ست وخمسين سنة.

أخبرنا ابن الفضل قال أنبأنا عبد الله بن جعفر قال نا يعقوب بن سفيان قال نبأنا سلمة عن أحمد ـ يعني ابن حنبل ـ عن إسحاق بن عيسى. وأخبرنا ابن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد قال نبأنا حنبل قال حدّثني أبو عبد الله عن إسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال حنبل : وحدّثنا عاصم بن على قال نبأنا أبو معشر قال : وقتل الحسين بن على لعشر ليال خلون من المحرم ، سنة إحدى وستين ـ واللفظ لحديث سلمة.

أخبرنا على بن أحمد الرّزّاز قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصّوّاف قال نبأنا بشر بن موسى قال نبأنا عمرو بن على قال : وقتل الحسين بن على ، وكان يكنى بأبي عبد الله سنة إحدى وستين ، وهو يومئذ ابن ست وخمسين سنة ، في المحرم يوم عاشوراء.

أخبرنا ابن رزق قال أنبأنا محمّد بن عمر الحافظ قال نبأنا هشيم بن خلف قال نبأنا ابن زنجويه قال نبأنا أبو الأسود قال : قتل الحسين سنة ستين. وقال محمّد بن عمر نبأنا محمّد بن القاسم نبأنا عبّاد نبأنا عيسى بن عبد الله. قال : قتل الحسين بن على سنة ستين.

قال الشيخ أبو بكر الخطيب : وقول من قال : سنة إحدى وستين أصح.

١٥٣

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نبأنا ابن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال : أخبرت عن ابن عيينة قال سمعت الهذلي يسأل جعفر بن محمّد فقال : قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.

أخبرنا أبو بكر البرقانيّ قال حدّثني أبو عمر محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا مكرم بن أحمد قال نبأنا أحمد بن سعيد الحمال قال : سألت أبا نعيم عن زيارة قبر الحسين فكأنه أنكر أن يعلم أين قبره؟.

٤ ـ وسعد بن أبي وقّاص ، واسم أبي وقّاص : مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب ، يكنى : أبا إسحاق. وأمه : حمنة بنت أبي سفيان بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف (١) :

وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجنة ، وأحد الستة من أهل الشورى ، ومن المهاجرين الأولين ، تقدم إسلامه وحضر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مشاهده ، وجاهد بين يديه ، وفدّاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأبويه. فقال له : «فداك أبي وأمي (٢)». ودعا له فقال : «اللهم سدّد رميته ، وأجب دعوته (٣)» فكان مجاب الدعوة ، ولما وجه أمير

__________________

(١) ٤ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٣ / ١٧٣ ، ٦ / ١٢. وتاريخ ابن معين ٢ / ١٣٩. ونسب قريش ٩٤ ، ٢٥١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٩ ، ٣٩٣ ، ٤٢١. وطبقات خليفة ١٥ ، ١٢٦. وتاريخ خليفة ٢٢٣. ومسند الإمام أحمد ١ / ١٦٨. وفضائل الصحابة له ٢ / ٧٤٨. والتاريخ الكبير ٤ / ت ١٩٠٨. والصغير ١ / ٢٦ ، ٥١ ، ٦٩ ، ٧٢ ، ٨٣ ، ٩١ ، ١٠٠ ـ ١٠١ ، ١٠٤ ، ١٠٨ ، ١١٤. والكنى لمسلم ورقة ١. وثقات العجلي ورقة ١٨. والمعارف لابن قتيبة ٥٥٠. والكنى للدولابي ١ / ٦٣. والجرح ٤ / ت ٤٠٥. وثقات ابن حبان ١ / ورقة ١٥٤. ومشاهير الأمصار له ترجمة ١٠. ووفيات بن زبر ورقة ١٧. وحلية الأولياء ١ / ٩٢. وجمهرة الأنساب ٧٩ ، ١٢٩ ، ١٦٧ ، ٢٧٣ ، ٣٦٥. والاستيعاب ٢ / ٦٠٦. ورجال البخاري للباجي ورقة ١٥٩. والجمع لابن القيسراني ١ / ١٥٧. وتاريخ ابن عساكر ٧ / ورقة ٦٦. وتهذيب تاريخ ابن عساكر ٦ / ٩٥. وتلقيح الأثر ٤٨ ، ١١٨. والتبيين ١٢٧ ، ١٥٨ ، ١٨٢ ، ٢٠٢ ، ٢٢٣ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، ٢٨٣ ، ٣٤٨ ، ٣٩٧ ، ٤٥٢ ، ٤٥٩. وأسد الغابة ٢ / ٢٩٠. وتهذيب الأسماء ١ / ٢١٣. وتاريخ الإسلام للذهبي ٢ / ٢٨١. والعبر ١ / ٦٠. وتذهيب التهذيب ٢ / ورقة ١١.والكاشف ١ / ت ١٨٦٤. والتجريد ١ / ت ٢٢٧٢. وتذكرة الحفاظ ١ / ٢٢. وسير النبلاء ١ / ٩٢.وإكمال مغلطاي ٢ / ورقة ٧٥. ونكت الهميان ١٥٥. والعقد الثمين ٤ / ٥٣٧. وغاية النهاية ١ / ٣٠٤. ونهاية السئول ورقة ١١٢. وتهذيب التهذيب ٣ / ٤٨٣. والإصابة ٢ / ت ٣١٩٤.والخلاصة للخزرجي ١ / ت ٢٤٠٣. وتهذيب الكمال ٢٢٢٩ (١٠ / ٣٠٩ ـ ٣١٤). والمنتظم ٥ / ٢٨١.

(٢) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٢٧ ، ٨ / ٥٢. وصحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ٤١ ، ٤٢ ، ٤٩. وفتح الباري ٧ / ٨٠. والمنتظم ٥ / ٢٨٢.

(٣) انظر الحديث في : المستدرك ٣ / ٥٠٠ والمصنف لعبد الرّزّاق ٢٠٤٢٣. وحلية الأولياء ١ / ٩٣.١٠ / ٣٢٥. والبداية والنهاية ٨ / ٧٦. وتاريخ ابن عساكر ٦ / ٩٩. والمنتظم ٥ / ٢٨٢.

١٥٤

المؤمنين عمر بن الخطّاب جيوش المسلمين إلى العراق ، أمّر سعدا عليهم ، ففتح الله على يده المدائن وغيرها من بلاد الفرس ، ثم ولاه عمر أيضا الكوفة لما مصرت.

وله أخبار كثيرة ، ومناقب غير يسيرة ، وروى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث حدّث بها عنه : عبد الله بن عبّاس ، وجابر بن سمرة ، والسائب بن يزيد ، وعائشة أم المؤمنين ، وجماعة من التابعين.

أخبرنا على بن القاسم البصريّ قال نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال حدّثنا أحمد بن خالد قال نبأنا داود بن سليمان ـ أبو المطرف ـ قال نبأنا سفيان عن على ابن زيد عن سعيد بن المسيّب عن سعد قال قلت : يا رسول الله ، من أنا ، قال : «أنت سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة ، من قال غير ذلك فعليه لعنة الله (١)».

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نبأنا ابن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال أنبأنا محمّد بن عمر قال حدّثني سلمة بن بخت عن عائشة بنت سعد قالت سمعت أبي يقول : أسلمت وأنا ابن تسع عشرة سنة.

أخبرنا على بن محمّد المعدّل قال أنبأنا عثمان بن أحمد السماك قال نبأنا محمد بن عبيد الله بن المنادي قال نبأنا أبو بدر ـ شجاع بن الوليد ـ قال نبأنا هاشم بن هاشم ابن سعيد بن المسيّب أن سعدا قال : ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه ، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام.

أخبرنا على بن القاسم قال نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال أنبأنا محمّد بن عبيد الله المنادي قال نبأنا عاصم بن على قال نبأنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال : شكا أهل الكوفة سعد بن مالك إلى عمر. فقالوا : لا يحسن أن يصلي. فقال سعد : أمّا أنا فكنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاتي العشىّ أركد في الأولتين ، وأحذف في الآخرتين فقال عمر : ذاك الظن بك يا أبا إسحاق ، وبعث رجالا يسألون عنه في مساجد الكوفة ، فلا يأتون مسجدا من مساجد الكوفة إلا أثنوا عليه خيرا. وقالوا معروفا ، حتى أتوا مسجدا من مساجد بني عبس. فقال رجل يقال له أبو سعدة : اللهم فإنه كان لا يعدل في القضية ، ولا يقسم بالسوية. فقال لهم : إن

__________________

(١) انظر الحديث في : المستدرك ٣ / ٢٩٥. والكنى للدولابي ١ / ١١. والمعجم الكبير للطبراني ١ / ٩٨. وطبقات ابن سعد ٣ / ١ / ٩٧. وتاريخ ابن عساكر ٦ / ٩٨.

١٥٥

كان كاذبا فاعم بصره ، وأطل فقره ، وعرضه للفتن. قال عبد الملك : فأنا رأيته يتعرض للإماء في السكك. فإذا قيل له : أبا سعدة؟ يقول : مفتون أصابتني دعوة سعد.

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نبأنا ابن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال نبأنا محمّد بن عمر قال نبأنا بكير بن مسمار عن عائشة بنت سعد قالت : مات أبي في قصره بالعقيق على عشرة أميال ، فحمل إلى المدينة على رقاب الرجال ، وكان قصيرا دحداحا ، غليظا ذا هامة ، شثن الأصابع أشعر (١).

أخبرنا ابن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد قال نبأنا حنبل قال حدّثني أبو عبد الله قال نبأنا نوح المعلم قال قال إبراهيم بن سعد : توفي سعد بن أبي وقاص في زمن معاوية بعد حجته الأولى ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.

أخبرنا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نبأنا بن أبي الدّنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال أخبرني الهيثم بن عدي قال : توفي سعد بالمدينة سنة خمسين.

أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي بنيسابور قال أنبأنا أبو محمّد القاسم بن غانم بن حمويه المهلّبي قال أنبأنا محمّد بن إبراهيم البوشنجي قال سمعت ابن بكير يقول : مات سعد بن أبي وقاص سنة أربع وخمسين قال : هو آخر المهاجرين وفاة (٢).

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال حدّثني أبي قال نا الحسين بن القاسم قال نبأنا على بن داود عن سعيد بن عفير قال : وفي سنة خمس وخمسين توفي سعد بن أبي وقاص.

أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمّد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيّان قال نبأنا عمر بن أحمد بن إسحاق الأهوازيّ.

وأخبرنا محمّد بن أبي على الأصبهانيّ قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق الشّاهد بالأهواز قال نا عمر بن أحمد قال نا خليفة بن خياط قال : وسعد بن أبي وقاص ولاه عمر وعثمان الكوفة ، ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين (٣).

__________________

(١) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ٢٨٣.

(٢) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ٢٨٢ ، ٢٨٣.

(٣) انظر الخبر في : طبقات خليفة ١٥.

١٥٦

أخبرنا على بن أحمد الرّزّاز قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن الصّوّاف قال نبأنا بشر ابن موسى قال نبأنا عمر بن على قال : ومات سعد بن أبي وقاص ؛ سنة خمس وخمسين وصلى عليه مروان ؛ ومات وهو ابن أربع وسبعين.

أخبرنا على بن القاسم قال نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال أنبأنا أحمد بن زهير قراءة عليه عن المدائني قال : مات سعد بن أبي وقاص بالعقيق ، على عشرة أميال من المدينة ، سنة خمس وخمسين ، فحمل على أعناق الرجال إلى المدينة ، وصلى عليه مروان. وكان يقول : أنا يوم بدر ابن تسع عشرة سنة. ويقال : ابن أربع وعشرين سنة.

أخبرنا على بن القاسم نبأنا على بن إسحاق نبأنا محمّد بن إسماعيل الترمذي نبأنا أبو نعيم.

(ح) وأخبرنا أبو الفضل أنبأنا عبد الله بن جعفر قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال قال أبو نعيم : مات سعد بن أبي وقاص سنة ثمان وخمسين.

٥ ـ وعبد الله بن مسعود بن غافل ، وقيل : عاقل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، أبو عبد الرّحمن ، حليف بني زهرة بن كلاب (١) :

ذكر نسبه هكذا محمّد بن سعد كاتب الواقدي ، وخليفة بن خياط العصفري ،

__________________

(١) ٥ ـ انظر : طبقات ابن سعد ٢ / ٣٤٢ ، ٣ / ١٥٠ ، ٦ / ١٣. والمصنف لابن أبي شيبة ١٣ / ١٥٧٢٧ ، ١٥٧٨١ ، ١٥٧٩٣. وتاريخ الدوري ٢ / ٣٣٠. وتاريخ الدارمي ٥١٣ ، ٥١٤ ، ٥١٥. وتاريخ خليفة ١٠١ ، ١٢٢ ، ١٤٩ ، ١٦٦ ، ٢٦٤. وطبقات خليفة ١٦ ، ١٢٦ ، ١٢٨. وفضائل الصحابة ٢ / ٨٣٧. ومسند الإمام أحمد ١ / ٣٧٤. والتاريخ الكبير ٥ / ت ٣. والصغير ١ / ٦٠ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤. والكنى لمسلم ورقة ٦٦. والمعارف لابن قتيبة ٢٤٩ ، ٢٥١. والقضاة لوكيع ٢ / ١٨٨.والجرح ٥ / ت ٦٨٦. وثقات ابن حبان ٣ / ٢٠٨. والمعجم الكبير للطبراني ٩ / ٦٤. ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ورقة ٨٢. وتاريخ بغداد ١ / ١٤٧. والاستيعاب ٣ / ٩٨٧. وإكمال ابن ماكولا ٧ / ٥٣. والجمع لابن القيسراني ١ / ٢٣٨. وتلقيح الأثر ١٢٦. وأنساب القرشيين ٢٢٣ ، ٢٥٣ ، ٤٦٣. ومعجم البلدان ٢ / ٥٩٦ ، ٤ / ٤٦٥. والكامل لابن الأثير ١ / ١٧ ، ١٨ ، ٢١ ، ٢٤ ، ٣١ ، ١٠٩. وأسد الغابة ٣ / ٢٥٦. وتهذيب الأسماء ١ / ٢٨٨. وسير النبلاء ١ / ٤٦١. وتجريد أسماء الصحابة ١ / ت ٣٥٤١. والكاشف ٢ / ت ٣٠١٤. وطبقات القراء ١ / ٤. وتذكرة الحفاظ ١ / ١٣. وتذهيب التهذيب ٢ ورقة ١٨٧. وإكمال مغلطاي ٢ / ورقة ٣٢٥. وغاية النهاية ١ / ٤٥٨. ونهاية السئول ورقة ١٨٧. وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٧ ، ٢٨.وتهذيب الكمال ٣٥٦٤ (١٦ / ١٢١ ـ ١٢٧). والإصابة ٢ / ت ٤٩٥٤. والتقريب ١ / ٤٥٠.والخلاصة للخزرجي ٢ / ت ٣٨٤١. وشذرات الذهب ١ / ٣٢ ، ٣٨ ، ٦٢ ، ٦٣. وحلية الأولياء ١ / ١٢٤ ـ ١٣٩. والمنتظم ٥ / ٢٩.

١٥٧

غير أن ابن سعد سمى جده ـ غافلا ـ بالغين المعجمة وبالفاء ، وسماه خليفة ـ عاقلا ـ بالعين المهملة وبالقاف ، وقال خليفة أيضا : ابن حبيب بن فار بن شمخ بن مخزوم (١).

ونسبه محمّد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي فقال : عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم ، ولم يذكر ما تخلل ذلك من الأسماء التي ذكرناها ، وكذلك نسبه أبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الرّحيم البرقي.

وأم عبد الله بن مسعود ، أم عبد بنت عبد الله بن الحارث بن زهرة ، ويقال : إنها من القارة. وقيل : بل هي من بني صاهلة بن كاهل.

تقدم إسلام عبد الله بمكة وهاجر إلى المدينة ، وشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مشاهده ، وكان أحد حفّاظ القرآن ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من سرّه أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد (٢)».

وكان أيضا من فقهاء الصحابة ذكره عمر بن الخطّاب رضي‌الله‌عنه فقال : كنيف مليء علما (٣). وبعثه إلى أهل الكوفة ليقرئهم القرآن ، ويعلمهم الشرائع والأحكام ، فبث عبد الله فيهم علما كثيرا ، وفقّه منهم جمّا غفيرا.

وحدّث عنه الأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس وزيد بن وهب ، والحارث بن قيس ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وزر بن حبيش ، وعبد الرّحمن بن يزيد ، وأبو معمر عبد الله بن سخبرة ، وأبو عمرو الشّيباني ، وأبو الأحوص الجشمي ، وغيرهم. وورد المدائن ثم عاد إلى مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأقام بها إلى حين وفاته.

حدّثني أبو الفتح نصر بن إبراهيم النابلسي ببيت المقدس أنبأنا على بن طاهر القرشيّ أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس نا محمّد بن إبراهيم الديبلي نا عبد الحميد بن صبيح نا عمرو بن عبد الغفار الفقيمي نا الأعمش بن إبراهيم النّخعيّ عن علقمة قال : خرجت مع عبد الله بن مسعود من المدائن ، فصحبنا مجوسي فلما كنا

__________________

(١) انظر المنتظم ٥ / ٢٩ / ٣٠.

(٢) انظر الحديث في : المستدرك ٢ / ٢٢٧ ، ٢٢٨. ومسند الإمام أحمد ١ / ٧ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٤٥٤.والسنن الكبرى للبيهقي ١ / ٤٥٢ ، ٢ / ١٥٣. والمعجم الكبير للطبراني ٩ / ٦١ ، ٦٢ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٧٩. وطبقات ابن سعد ٢ / ٢ / ١٠٤. والمصنف لابن أبي شيبة ١٠ / ٥٢٠. وصحيح ابن خزيمة ١١٥٦. ومجمع الزوائد ٩ / ٢٨٧. وحلية الأولياء ١ / ١٢٤. وعمل اليوم والليلة لابن السني ٤٠٩. والمنتظم ٥ / ٣١.

(٣) انظر الخبر في : المنتظم ٥ / ٣١.

١٥٨

ببعض الطريق تخلف عبد الله لحاجته ، ولحقنا وقد عرض للمجوسي طريق فأخذ فيه فأتبعه السّلام. وقال : إن للصحبة حقّا.

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن حمّاد الواعظ نبأنا أبو الحسن على بن محمّد بن عبيد الحافظ إملاء في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة نا أحمد بن حازم الغفاري أنبأنا عمرو بن حمّاد بن طلحة نا حسين بن عيسى بن زيد عن أبيه عن الأعمش عن عبد الرّحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشميّ.وعن عمرو بن مرة الجملي عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى وغيرهم قالوا : قال عبد الله ابن مسعود : أنا صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر ويوم أحد وبيعة الرضوان ، في حديث طويل.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن محمّد الأزرق نا أبو بكر أحمد بن سليمان بن الحسن النّجّاد قال قرئ على أبي قلابة الرقاشي قال : نا أبو عتاب الدلال نا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن ابن مسعود كان يجني لهم نخلة ، فهبت الريح فكشفت عن ساقيه ، قال : فضحكوا من دقة ساقيه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أتضحكون من دقة ساقيه؟ والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد (١)».

أخبرني أبو الحسين أحمد بن عمر بن على القاضي بدرزيجان أنبأنا محمّد بن المظفر الحافظ نبأنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي حدّثني أبو الحسن عبد السّلام بن عبد الحميد الإمام نا زهير بن معاوية الجعفي أبو خيثمة عن منصور بن المعتمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن على قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم : «لو كنت مؤمرا أحدا من أمتي عن غير مشورة منهم ، لأمّرت عليهم ابن أم عبد (٢)».

أخبرني أبو بكر محمّد بن الحسين بن إبراهيم الخفاف نا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصريّ نا حجاج بن المنهال نا مهديّ بن ميمون عن واصل الأحد عن أبي وائل عن حذيفة قال : لقد علم المحفوظون من أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله وسيلة.

__________________

(١) انظر الحديث في : مسند الإمام أحمد ١ / ٤٢٠ ، ٤٢١. وطبقات ابن سعد ٣ / ١ / ١١٠.وكنز العمال ٢ / ٣٧٢. وتفسير ابن كثير ٣ / ٣٨٥.

(٢) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٣٨٠٨ ، ٣٨٠٩. ومسند الإمام أحمد ١ / ٧٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨.وطبقات ابن سعد ٣ / ١ / ١٠٩. وكنز العمال ٣٣٤٥٥.

١٥٩

أخبرنا ابن بشران أنبأنا الحسين بن صفوان نبأنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا نبأنا محمّد بن سعد أنبأنا محمّد بن عمرو نبأنا عبد الله بن جعفر الزّهريّ عن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد القاري عن عبيد الله بن عتبة قال : مات عبد الله بن مسعود بالمدينة ، ودفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين ، وكان رجلا نحيفا شديد الأدمة.

أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان أنبأنا جعفر بن محمّد بن عبد الله بن نمير يقول : مات عبد الله بن مسعود سنة اثنتين وثلاثين.

أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمّد بن عبد الله حسنويه الأصبهانيّ أنبأنا عبد الله بن محمّد بن جعفر نبأنا عمر بن أحمد الأهوازي نبأنا خليفة بن خياط قال : ومات عبد الله بالمدينة ، وصلى عليه الزبير بن العوام سنة اثنتين وثلاثين.

أخبرنا على بن أحمد بن محمّد الرّزّاز أنبأنا أبو على محمّد بن أحمد بن الحسن الصّوّاف نبأنا بشر بن موسى قال : قال أبو حفص عمرو بن على : ومات ابن مسعود بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، ودفن بالبقيع ، وكان نحيفا خفيف الجسم ، آدم شديد الأدمة ، ومات ابن نيف وستين سنة.

أخبرنا ابن بشران نبأنا الحسين بن صفوان نبأنا ابن أبي الدّنيا أنبأنا محمّد بن سعد أنبأنا محمّد بن عمر نبأنا عبد الحميد بن عمران العجليّ عن عون بن عبد الله بن عتبة قال : توفي عبد الله بن مسعود ، وهو ابن بضع وستين سنة. قال محمّد بن عمر : وسمعت من يقول : صلى عليه عمّار بن ياسر ، وقال قائل : صلى عليه عثمان بن عفان وهو أثبت عندنا.

أخبرنا ابن الفضل القطّان أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه نبأنا يعقوب بن سفيان قال : سنة اثنتين وثلاثين فيها مات عبد الله بن مسعود بالمدينة ، وهو ابن بضع وستين سنة ، قبل قتل عثمان رضي‌الله‌عنهما.

أخبرنا أبو حازم العبودي أنبأنا أبو محمّد القاسم بن غانم بن حمويه المهلّبي أنبأنا محمّد بن إبراهيم البوشنجي قال سمعت ابن بكير يقول : مات ابن مسعود سنة ثلاث وثلاثين.

أخبرني الحسين بن على الطّناجيريّ أنبأنا محمّد بن زيد بن على بن مروان الكوفيّ أنبأنا محمّد بن محمّد بن عقبة الشّيباني نبأنا هارون بن حاتم البزّاز قال : قال يحيى بن أبي غنيّة : ومات عبد الله بن مسعود سنة ثلاث وثلاثين ، وله ثلاث وستون.

١٦٠