خزانة التّواريخ النجديّة - ج ٧

عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام

خزانة التّواريخ النجديّة - ج ٧

المؤلف:

عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٦

عنيزة من العراق بعد غيبة طويلة ، فجاء عبد الله العبد الرحمن البسام قاصدا السلام عليه ، وكان عبد الله مكفوف البصر بصحبة عبد الرحمن الخطيب ، وكان طريقه على بيت عبد الله الزامل السليم ، فلما حاذى بيته خرج عبد الله وبيده مسدس مزند خراب من الطراز القديم فأخذ يطقطق فيه فلم ينطلق منه شيء لأنه خراب ، فلم يحس عبد الله العبد الرحمن بذلك ، ولكن الخطيب أخبره أن هذا عبد الله بيده مسدس يحاول قتلك ، وكان عبد الله الزامل معروف عند الخاص والعام بأنه مختل الشعور وتغلب عليه السوداء ، والذي بعثه إلى هذا العمل زعم أن آل البسام هم الذين قتلوا ولده بجدة ، وكان قد توفي هناك فأراد بزعمه أن ينتقم منهم. بلغ الخبر آل السليم الذين هناك فقصدوا عبد الله العبد الرحمن وأبدوا أسفهم على عمل عبد الله ، واعتذروا له ، وأقسموا الإيمان بأنهم لم يعلموا بذلك قبل وقوعه ولا رضوا به ، وقالوا : إن حالة عبد الله الزامل واختلال عقله ثابت عندكم قبل هذه المسألة ، فأجابهم عبد الله العبد الرحمن أنه ثابت عندي حالة عبد الله ، وأنه خارج عن حدود المؤاخذة ، وأعلم يقينا أن ليس لكم يد في الأمر ، ولكن أخشى أن تكون الفوائد أكبر من الحقيقة ، وكان الأمير يومئذ صالح اليحيى الصالح. ويقال : إنه قبض على عبد الله الزامل إثر الحادثة وضربه وحبسه ، وكتب إلى ابن رشيد بالخبر ، فأرسل سرية يرأسها حسين بن جراد فوصل عنيزة ، وقبض على أولاد زامل ، عبد الله ، ومحمد ، وعبد الرحمن ، وأولاد حمد البراهيم السليم : إبراهيم ، وسليمان ، وأرسلوهم إلى حايل وحبسوا هناك ، وهرب عليّ السليم ، وهو يومئذ شيخ كبير يتجاوز عمره ثمانين سنة ، خرج على رجليه ، وقصد عين ابن فهيد ، وتوفي هناك بعد أيام قليلة ، وهرب عبد الله العلي السليم وابنه سليمان إلى الكويت.

٣٠١

١٣١٤ ه

القبض على السليم وهدم بيوتهم وصادروا أملاكهم

وهدموا بيوت آل السليم ، واستولوا على ما كان لهم من الأملاك و؟؟؟

بيدهم من الأوقاف ، وأمروا بإجلاء عائلاتهم ، آل السليم الذين في الكوى؟؟؟

مقبل العيسى مولى عبد الرحمن الذكير آل عنيزة ، فوصل عنيزة ودخل خفية وترك جيشه خارج البلد ، وأخذ الأولاد الصغار الذين بقوا ، وهم إبراهيم الزامل ، وأولاد علي الزامل : عبد الله ، ومحمد ، فوصل الكويت ثم أرسل آل سليم إلى حرمهم فأتوهم واستقرّوا في الكويت ، فاجتمع آل السعود وآل السليم وآل مهنا كلهم في الكويت ، وهم الذين نجوا من الأسر.

حوادث سنة ١٣١٥ ه

بعد ما فشل يوسف بن إبراهيم في حملته على الكويت عقد أمله في مساعدة محمد بن رشيد وقاسم بن ثاني أمير قطر فكاتب الأول واستغاث به واستنجده فوعده خيرا وأرضاه بكلام ظن فيه الإجابة ، فاعتمد ذلك وسار من قطر ثم رحل إلى البحرين في شهر صفر من هذه السنة وأقام فيها ثلاثة أيام في بيت مقبل العبد الرحمن الذكير ، ثم سار إلى قطر قاصدا الأمير الشيخ قاسم لما بينهما من الروابط التجارية ، ولما يعلم من نقمته على مبارك وكراهته له ، فأقام عنده خمسة أيام ثم رجع إلى البحرين وأقام فيها عشرة أيام ، ورجع إلى قطر حيث استقبله الشيخ قاسم بالترحيب ، وأوعده النصرة والمساعدة ، وأخذ يتظاهر بنصرته ، وكتب إلى الأمير محمد بن رشيد يستنجده ويحسن له احتلال الكويت. وأشاع قاسم أن

٣٠٢

الأمير محمد بن رشيد وعده بالمساعدة وأنه بالوقت الذي يمشي هو من قطر يخرج ابن رشيد من حايل ويكون الاتفاق بالقرب من الكويت ، ولكن ظواهر الأمور لا تدل على أن ابن رشيد أوعدهم بشيء لأنه لم يبدو عليه ما يدل على ذلك ، ولكن ابن ثاني ربما أراد بذلك استجلاب القبائل التي هو أرسل يستنجدها ومضى في خطته العدائية وهو يعلم أن ابن رشيد لا يمكن أن يسعده ذلك ، لأن الحكومة التركية أمرته بعدم التعرض للكويت وأطرافها ، لأنها تعلم أن أقل حركة تبدر على صاحب الكويت تفقدها مركزها فيه وهي لا يهمها أن يكون حاكم الكويت مباركا أو غيره ، وإنما يهمها أن يكون صاحب الكويت محافظ على تابعيته لها ، لهذا أصدرت أمرا حازما لابن رشيد تحذره من التعرض للكويت وأهله. وكان لابن رشيد من الأسباب ما يمنعه عن ذلك ، غير منع الدولة له ، ويعلم أن عند ابن صباح حكام نجد الشرعيين وأمراءها الذين شرّدهم من بلادهم واغتصب حقوقهم. فهو إذا أعلن عداءه لابن صباح فكأنما فتح على نفسه أبواب الفتنة التي قد تزعزع مركزه ، وربما تكون سببا للقضاء عليه ، فرأى أن الحكمة تقضي عليه بالسكون ، ويرضي يوسف وابن ثاني بأن الحكومة لا ترضى بذلك ، علم قاسم بسره : إنه لا يستطيع مهاجمة الكويت بدون مساعدة ابن رشيد من عدة وجوه. أوّلا : أن بينه وبين الكويت مفازة واسعة يسكنها قبائل قويم يضطر إلى إخضاعهم قبل أن يجتاز بلادهم ، وليس لديه القوة الكافية التي تمكّنه من ذلك ، وإذا فرضنا المستحيل وجعلنا اجتيازه هذه المفازات بما فيها من القبائل ممكنا ، فماذا يمكن أن يعمل إزاء بلد لا يقل سكانها عن خمسين ألفا متوفرة لديهم أسباب الحرب ، من أطعمة وأسلحة وذخيرة ، ولها جيش مسلح مرابط ، ويحوطها قبائل مخلصين

٣٠٣

لا يقل مقاتليهم عن ألفي مقاتل ، ألا يكفي هؤلاء فقط للقضاء عليه وعلى قوته. بلى إن في أقل منها ما يكفي ـ بقطع النظر عما يعترضه من الصعاب ، التي أهمها بعد المسافة بينه وبين بلاده ، وعدم المراكز التي يمون منها جنوده ، فالأحسا والقطيف مقفولة بوجهه ومتصرّفها من ألدّ أعدائهم ، نعم علم قاسم بكل هذا ـ ولكن لا يسعه النكوص عما تظاهر فيه إلا بعذر ظاهر.

السعي في الإصلاح بين الفريقين

كانت بين مقبل بن عبد الرحمن الذكير والشيخ يوسف بن إبراهيم روابط ودية قديمة يرجع عهدها إلى أكثر من خمسة عشر سنة ، قبل هذه الحوادث حينما كان يوسف يتعاطى تجارة اللؤلؤ ، وكان مركز إقامته أيام صيد اللؤلؤ في البحرين في بيت مقبل الذكير الذي يعتبره هو بيته ، ولم تزل هذه الروابط لم يطرأ عليها تغيير حتى فرق بينهما الموت ، وكان مقبل يهمه أمر يوسف ويشفق عليه من اندفاعه في أمور الصباح ، وكان دائما يراجعه في الموضوع ، وقد كتب له قبل أن يهاجم الكويت ببضعة أشهر يفاتحه في مسألة موضوع الصلح فجاءه الجواب التالي :

كتاب من الشيخ يوسف بن إبراهيم

مؤرّخ ٢٥ رمضان سنة ١٣١٤ ه‍ وهو بخط يده

يقول فيه بعد السلام : عرفت أن الأمور طالت من دون فائدة ، وأنتم ترون ما منها خلاص ، ومرادكم تداركون [الأرب] ، يا خي الصلح ما أحد من الأول وهو خير. ولكن الصلح مع من يقع. هذا فاجر ، ولأنا من منه ومن ما يقف على كلامه ولو أعطاه أخلفه. وحقيقة أن هذي مصيبة ابتلينا

٣٠٤

بها ونحن ما لنا إلا الصبر. وعمل الذي لنا منه راحة لنا وله. يا خي الصلح نحن من أول ممنونين فيه ، ولكن أجزم أنه يصير علينا أكبر وبال ، لأنه ولا نمسكه ، وأنتم آخر الأمر ما تقدرون تعملون شيء معه. ولكن بقاء الأمور منها ومنه على المحذر أوفق من الله. هذا الذي أرى ورأيكم فيه البركة. ولا تقول إني معاند ، حاشا وكلّا ، إن عندي هذا حيث تعلم أن الصباح بينهم ينجازون. ولكن الأعمال الذي عملتها أنا مع العيال ما هي خافيتكم. والشبيلي وسليمان الصالح (المصالح) ما هم أقرب بأفعالكم مع مبارك ، وولد سالم وابن بشر والسادة الرفاعية كلهم ما عدّيته. كيف يكون عمل هؤلاء ما منه خلاف.

وعملي مع العيال الذي رابين عندي وزابنين عندي يكون منه خلاف وهو بطريق حق لجنابك لتعلم عدم ملاحظتي في شيء ، غير أني لست أميّزه من هذا الرجل. وكلامي يلزمني وكلامه لا يلزمه والأمر منه ثم لكم.

***

هذا أول بحث جرى في هذه المسئلة ، مما يدل على أن مقبلا مهتم للسعي في المسئلة من أول الأمر. ولكن وقت الأمر هذه لمحمد ، لأن يوسفا سافر بعد هذا الكتاب بمدة وجيزة سفره المجهول ليسعى في تجهيز حملته التي حاول أن يهجم بها على الكويت. وبعد وصوله البحرين وسفره إلى قطر اهتم مبارك الصباح لأمره وأخذ يستعلم عن حركاته ، فكتب إلى مقبل الذكير يستفهم منه عن ذلك ، وإليك نص الكتاب :

كتاب من مبارك الصباح

مؤرّخ ٢٦ صفر سنة ١٣١٥ ه

يقول بعد المقدمة : ثانيا ـ لا بدّ بلغكم حركة السفيه الشقي يوسف

٣٠٥

إبراهيم ، فمن سوء أعمالهم البطالية الفاسدة زين لهم سوء أعمالهم. ولا شك هذي عقوبة أصابتهم الله رايد تلافهم في هالنوع ، ونحن وبعد الحمد والمنة هكذا مجنون ما ندير له بال. ولا هو قدّ ولا هو كفو ، لكن الجنون يا خي فنون. وبما أن الشقي يوسف المذكور الآن بالبصرة تقيد اسم رئيس الأشقياء والبلشتية ومطلوب حيّا ميتا ، كما أنه أيضا مطرود من جانب حاكم المحرة وحاكم شط فارس ، ولا له ملجأ بتلك الأطراف. والآن يذكر أنه أجنب إلى طرفكم ، لأجل أن تعرفونا إن كان أنتم علي صلى به ، حيث أن الشقي المذكور أينما توجه لا يأتي بجبر ، والشقاوة له قرين ، وبمنّ الله قاصد الشر معقور ومخذول.

***

شرحنا هذين الكتابين عن الأصل حرفيا لم نتصرف فيهما ، ومن شعاراتهما يتضح للقارىء رأي كل منهما بالآخر. وبهذا الأثنا وصل كتاب من الشيخ قاسم بن ثاني إلى مقبل الذكير يفيده أن الشيخ يوسف وصل قطر وأنه أنعم له بالمساعدة. فلما وصل هذان الكتابان من مبارك ومن قاسم جعلهما مقبل وسيلة لمفاوضة الطرفين بالصلح ، وهذا نص الكتاب الوارد من قاسم حرفيا عن الأصل.

كتاب قاسم بن ثاني بخط يده

مؤرّخ ٢٢ سفر سنة ١٣١٥ ه

قال بعد المقدمة : الشيخ يوسف وصلنا وحصل الاجتماع معه ، وهنا هو سابق معترفين الرخص على الممشا إلى الكويت بر ، وجميع العشاير والقبايل أهل البر والبحر مجيبيننا على ذلك ، وودهم حتى وإن جونا

٣٠٦

وعاهدونا ، وإذا أراد منه ومشانا ما بيبقى أحد إلا ويمشي ممشانا ، ونرجو أن الله ينصفنا منه وهو والله فيمن أمثاله الله بجعل تارهم على أيدينا ، وحنا إنشاء الله متوكلين على الله ، إلا أن يقضي الله فيه قبل حل ممشانا.

***

كتب مقبل إلى مبارك جواب كتابه يقول : إن يوسفا توجه إلى قطر لاستنجاد الشيخ قاسم ، والذي يظهر لنا أن المذكور سيسعى من وراء ذلك إلى فتن لا يعلم أحد مصيرها ، ويحصل الضرر. والمصلحة لا تعود عليكم ، ونحن كثير مكدرتنا هذه الأمور من أول ولا نود اتساعها ، فإن كان يقتضي نظركم وتوافقوننا أن نراجع الشيخ قاسم لعلنا ندرك بواسطته تلاقي الأمر على ما يوافق مصلحة الطرفين ، فنرجو إشعارنا بما ترون.

وكتب إلى الشيخ قاسم جواب كتابه ، يقول فيه : إن الواجب يقضي عليه إن كان يريد منفعة الشيخ يوسف والقيام بحقه وحفظ حقوق أن يقنعه بفائدة الصلح لا أن يشجعه على خطته التي يعود ضررها عليه أكثر مما هي على خصمه.

وكتب أيضا إلى الشيخ الجليل عبد الرحمن الفيصل وإلى عبد العزيز الدخيل بن صالح يستعين بهما على السعي لدى مبارك في هذه المسألة.

وكتب إلى الشيخ يوسف بن إبراهيم أيضا يقنعه بوجوب معالجة الأمور بالمفاوضات. وأخبره : إنه ساعي في هذا السبيل يساعده الشيخ عبد الرحمن الفيصل ، ويرجوه الموافقة على ذلك. ولم يقف مسعاه عند هذا الحد ، فقد استعان أيضا بالشيخ محمد بن عبد الوهاب قاضي أمير

٣٠٧

دارين ، فانضم إليه في مسعاه ، وإليك الأجوبة التي وردت إليه من الطرفين :

الجواب الوارد من الشيخ قاسم بن ثاني

مؤرّخ ٢٩ ربيع الأول سنة ١٣١٥ ه

من طرف مادة مبارك الصباح وسعواكم بالزين فالنفس ما هي قابلته ولا مقرته بالزين بموجب فعله ، وسبب ذلك أنه ساقه فعله القبيح كسف وآسف على ما مضى ، ومعروف في عيال أخوه وجماعته سبي حلالهم ، وقام يعطيه شياطين من الكبار إلى الصغار ، وحن (نحن) مستعينين عليه بالله إنشاء الله ، وراجين من الله أن يصرعه ببغيه. وأما من مثل ما قال. أرى الناس مذ كانوا عبيد الغاشم وخصما لمغلوب وجند لغالب.

(نحن) مقامنا أوّلا لله ، ثم نبيّه يبلغ عند السلطان وغيره ولا يزيدنا إنشاء الله إلّا عزّا وعلوّا. ومقامنا ما هو بقوة على الدولة بل حمية على هالمظلمة الشنعاء الذي حدثت على منصوبهم والسلام.

الجواب الوارد من الشيخ يوسف إبراهيم بقلم يده

مؤرخ ٢٧ ربيع الأول سنة ١٣١٥ ه

خصوصا مادة ابن صباح أخي عرفناك أننا نحن ما تعرضنا له طريق غير أننا ضفينا هالأولاد ولفّيناهم. وهو عمل معنا خسيس جزا عملنا ضفة عيال أخوه. أخي لو تطلع على مكاتبته وتقابلها بأفعاله وأعماله لكان تقنع ، أما قوله إنه ما أبقى من الزين ما عمله فهو كاذب ، خطوطه وأوراقه محفوظة عندي ، يكتب لي بالخط جواب ويحط بوسطه ورقة فيها جواب.

وحالاتهم. بالشكايات من عيال أخوه عليه وهو ما يتعرض منهم يجعل

٣٠٨

شكاياته علي. كل هذا وأنا تاركه لعلمي أنها ما بها ثمة. ولكن كله هباء.

ونحن الله المطلع ما لنا بمداخلتهم ، وأبرك الساعات البعد عنهم ، ولا نود لهم إلا الخير. لكن بلوا أنفسهم وعمّوا ولا بيدنا على الأمر الذي مضى شيء. والآن أنا عرفتك ما لي معه أدنا مدخل. بل هو هدم الصبية ونهب جميع. حتى هنا ناس مكسورين اسمهم عندنا بالدورة بعد الذي سلموا عليه ، نهب منهم ألف ومايتين قران وحبسهم ، ومع ذلك نحن تاركينه ولا نحب أن يقال : ثم تشبث بأمور هي من مقامه وينسبها لنا. كذلك ما عاملناه بمقابيل ، ونحن نعامله على قدرنا وهو يعاملنا على قدره. وهو الذي أحب قومتنا واستعنّا عليه بالله ، ولا بعد جاه منا شيء يذكر ، إنه يريد الزين نحن ما نصدق ولا نأمن من حيث هالرجال ما كان له كلمة ، عاهده أخوه الذي بمنزلة أبوه وقتله وهو شقيقه وأخوه الصغير ، فإذا كان الأمر كذلك ، أخي كيف يكون أمرك به. نحن نعرف أن مطلبه هذا حيلة منه حتى يماطل بالأمر ولا تأخذ جوابه بالقبول ، أما الشيخ عبد الرحمن الفيصل وعبد العزيز الدخيل معلوم أن مطلبهم الزين ، الآتي من زيادة على الذين غفلوا عن حالة رفيقهم الذي هو متركب عليها. فيا أخي أجزم والله إننا ما نكره الزين ، وأهل البلد ما نرضى عليهم بالمغشة عامة ما هو خاصة ولكن هالرجال ركبه الشيطان ، واستولوا عليه الأشرار الذي حاصروه ، هو والله يعرفهم بالسابق ويعترض عليهم ، لكن أعمى الله بصره وعاقبه باعتراضاته ، وإلّا ياخي نعرف نحن مالنا منهم مطامع ، ونشفق على هذا البيت أزيد من غيرنا ، بحسب القرابة من دون ملاحظة أمور دنيا وهو أشقاه بأفعاله وتصور له أننا لنا مطالب ، ما يدري ثناة أنفسنا هي تبعدنا عن المطامع. ونحن والله المطلع نحب لهم الزين وهم بعيدين ، فلو أنّه بأول الأمر ، قال : الأمر

٣٠٩

قضاه الله ، وحقوقهم يأخذونها وسنّ بها على يد أحد من جماعته أو من أهل البصرة كان ما جرى من هالأمور شيء ، لكن الطمع الذي حدّه على إخوانه حدّه علينا ، وحصل له أعوان سوء غرّوه وأغروه وحصلوا به الفرصة ولعبوا في عقله. الآن أخي ما دام هو ملازم المغوين ، فلا يمكن أخي صلح أبدا ، حتى أن يرجع ويعرف حاله ، وتبين له قصده إخوانه والراحة وإعلال (كذا) وصار ملعبه لكل عدو ومطمع لكل الهيبي ، كسليمان الطالح (الصالح) وأصحابه الذي هم على شاكلته ، والحذر أخي من الأمر الذي فيه ظهر هالأيتام واليوم واصل من هو مساعدهم بالحث وهو الوالد الشيخ قاسم لما جاء مبارك زاد نشاطه وقومته لله جهاد ولا عنده صدود إلّا إن كانت الحكومة قامت فعلى كل حال بعد هذا ما له مدخل وإلّا هو واعد عربانه وتابعه جميع من يكره الشقى ، وعليه إنشاء الله تدور الدوائر ، إلّا أن الله ما يريد أمره ، فذلك ما أحد يعطي عليه جواب ، وإنشاء الله يشوف عذاب الدنيا قبل الآخرة ، والسلام. انتهى.

أرسل هذا الكتاب وأتبعه بكتاب آخر مؤرخ سلخ ربيع الأول ، وإليك نص الكتاب الأخير.

الجواب الثاني من الشيخ يوسف بن إبراهيم بقلم يده

مؤرخ سلخ ربيع الأولى

أخي تقدم لكم منا كتاب ، وعرفناكم عن حالة ابن الصباح ، إن أفعاله كلها موحشة ، ولكن من حيث إن رأيكم اقتضى ذلك عرفناكم ، وأنا مالي مقصد إلّا مصلحة العيال ، إن كان هو يجي على المطلوب فالأمر لا يكون إلّا على يد الولد الشيخ قاسم ، ومن دون تداخله في الأمر أجزم

٣١٠

ما يصير شيء أبدا ومع ذلك الذي يجي يكون متوطي على جميع الشروط وبهذه الأيام بلغنا أفعاله الرديئة الذي عملها في حرم جراح وهذه من سوء تدبيره. فإن كان صار لرأيكم الأول محل كون على بصيرة. بموجب الخبر الوارد بهذه الدفعة من الأستانة أن الاتهامية التي ألقى علينا الشقي ما صار لها قبول والوالي أكد بقوله من طرفها إننا تحققنا ولا لقينا لها صحة ، وأنت لا تكون من طرفها في فكر ، وخطوطهم يقولون إن الوالي يتأمل الدراهم من كل أحد عن جواب رفقاء الشقي ، أما القرار الذي صدر بموجب أمر الداخلية أنه يجرى حجز على الأملاك ، والوالي موعد لكن ما هو خافيك كل بريد ، الوالي مع الشقي ورفقاءه بخلاف الأول أما أمر سوق العسكر «أي على الكويت» قد وصل ولكن المشير نايم عليه بموجب تعريف سليمان الصالح للشقي وصورة الورقة ، كان أرسلتها لكن ما أمكن ، أيضا موجب تمرينات من بغداد يفيدون أن الأمر لا بد يقع لكن بعده من قريه ما نعلم عنه وأهل البصرة يقربون ولكن الأحوال الماضية ما تدعينا نقبل شيئا إلّا بالعيان ، موعدين بعد هذا الجواب لأن القرار يكون يقضي أمره نهار السبت وإلّا هو القاضي أمضى عليه فقط يطلع من الإدارة على موجب قرار عام الماضي يكون الحاج محمود وكيل كما هو في العام الماضي ، وإذا حصل هذا كثير فيه الكفاية والسلام.

شرحنا الرسائل الواردة من قاسم بن ثاني ومن يوسف إبراهيم ، وها نحن نشرح الرسائل الواردة من الطرف الثاني ونبدأها بالكتاب الذي ورد من مبارك الصباح ، ونتبعه بالورق الذي داخل الكتاب المذكور ثم نتبعهما الكتب الواردة من الشيخ عبد الرحمن الفيصل وعبد العزيز الدخيل.

٣١١

الجواب الوارد من الشيخ مبارك الصباح

مؤرخ ربيع الثاني سنة ١٣١٥ ه

وردنا كتابكم الشريف المؤرخ ربيع الأول ، وكذلك كتاب الأخ محمد بن عبد الوهاب أطلعنا على مضمونهم أيضا مكتوبكم إلى عبد الرحمن الفيصل ، وعرفتو عن مجيئكم لطرفنا فالله يحييكم إذا وصلتوا ورئيتوا الذي عندنا ظاهر وباطن إنشاء الله يرضيكم.

مضمون الورقة الذي ضمن هذا الكتاب

ذكركم أنكم متكدرين من هذه الحركات فلا شك أنت وغيرك لأنه جابها فسق ، وأنا ماني متكدر بل إني مستر إنشاء الله ، لأن الإحسان قتال ، هذا المغرور أول أرسلت له أعز جماعتي ومكاتيب تحت المهر ، وثم لما جاء أخوي حمود من الحج أرسلته كذلك ، أرسلت إلى إخوانه الذي في بومبي أولا يوسف بن خميس ، وبعده عبد العزيز الصميط ، أرسلته وقت غلاق البحر ، مصدر من ذلك أداء واجبات الرجال لأنهم محسوبين من الجماعة وعلاوة على ذلك الله المطلع بحقيقة أمري ونيتي. إني مع كل وهم غيرهم سليم النية ، فلهذا والله الحمد كل أمورهم صارت عكس عليهم من أولها إلى آخرها وزيادة على ما أتلفوا من الفلوس مثقال خواطرهم لأنهم مشوا في أمر ما يعنيهم وكحملها في هذه الحركة الذي سوّاها ضربة وأسرني ولله الحمد ، وتذكر أن [...] إلى قطر يثير فتن فنحن يا خي من توفيق الله إنشاء الله قطعا ما له أهمية عندنا في كل مكان يكون. فأما هذا المكان هو الآن فيه راعية الشيخ عيسى عنه : إنه هالشقى جاء إلى بلدكم ، فالعاقل يعتبر ويشوف الدلائل يوم أنه في البصرة ويعطي

٣١٢

فلوس أهلها وغير أهلها بالبصرة والأستانة لله الحمد ما ثمر شيء ، فالآن من لطف الله هو صار شقي مطلوب عند الحكومة وقطر وأطراقها معلوم عند الحكومة الذي يحببها تزيد شقاوته ، فنحن من فضل الله العرب ما نيالي ، ولا لأحد علينا دليل ، والذي يجيها من عيله الله يكفينا إياه وينعثر إنشاء الله وأما من حركة هالشقي الذي سواها يا خي سرّتني وضرّته ، لأنها صقلت أهل الكويت ، وتبينت عند العالم ، عاد هذا شي الله مريده عليهم فالفلوس الذي مجتمعة السود والاغتشاش ، تروح في مثل هذا النوع ، أما ذكركم باقي أننا تنظر والمصلحة لغيرها ، باقي الدنيا لها مدبر الله سبحانه وتعالى والمظره والنقص على المسبب الباقي العايل وأما أنا من الأول إلى الآخر معتدل إنشاء الله ولا وفي بدني وإني أحمد الله وأثني عليه على ذلك ، ولا بد يبلغك منطوقي من الأول إلى الآخر وإني أود الزين لكن الذي أثنى عليه له حد محدود وإلّا أنا ما شحيت لا بالاحترام ولا بالأمنية ولا بالمال. لكن هالشقي بقي له درب ما هو قادر عليه لا اليوم ولا ما دامت الأيام والليالي إنشاء الله ، لأن يا خي من تردى برداء ما نراه أبيه يأتيه زمان الموت فيه ، ومع هذا والله يا خي ما خليت قصور وإني إلى اليوم ولله الحمد لي عفة ولي مروءة وشوفة بعيدة ما يشوفها هذا ولا هي من حاجة لهم لكن هكذا شأن الرجال وإلّا في الحاجة لله والسلام.

الجواب الوارد من الشييخ عبد الرحمن الفيصل

مؤرخ ٤ ربيع الثاني سنة ٢٣١٥ ه

كتابكم وصل في خصوص اجتهاد جنابك في إصلاح الأحوال هذا هو الواجب على كل من به حمية دين ودينا ، وأنتم إن شاء الله من أهل

٣١٣

ذلك ومضانة. وأما أخي ما أشرت إليه من أموال الدولة والعربان ، فليس خافي على جنابك الحركات من جهة البحر ، فالدولة مجبورة على اعتراض من أجرى ذلك ومنعه ، وإن كان من جهة البحر فلا يمكن إلّا بواسطة العشائر المنسوبة إلى متصرف الحسا وقطعا إنه لا بد يعاكس من سعى بذلك. وابن صباح في دبرته ولا حدث منه حتى يصير عليه اعتراض ومعلوم جنابك أن الاعتراض يصير على من أحدث الحركات. وأما العربان فلا ناس من عانتهم يتصدون طمع أو شبهه. فجميع عربان ديرة بني خالد مالهم درب يخالف درب الشيخ مبارك.

تابع كتاب الشيخ عبد الرحمن الفيصل

ولا هو قصدهم طمع ، ولكن المتحقق بأذهانهم أن استقامة الشيخ مبارك وعزّة عزّ لهم وحنا مطلعين على أكثر غاياتهم ومطير كذلك في هذه الأيام سلطان الدويش ملفي على الشيخ مبارك وموافقة على جميع ما أراد والكويت وتوابعها من العشائر ما هي خافية على جنابكم إنها بيد الشيخ مبارك ، ولا يظن جنابكم أن هنا أحدا بيخلف الشوف ويظهر عن الإرادة وكذلك يا خي كل أهل وطن ما يرضون ولا تسمح أنفسهم أن أحدا يستذلهم وهذه الأمور لا تخفى على شريف عملكم بقي سلمك الله ما نرى لهذه الأمور إلّا الزين والسعي فيه ، والذي غيره تراه مسدود. أما عن الشيخ مبارك فالذي يعلم منه ومتحقق عندنا أن نفسه سامحة بجميع حقوق أبناء أخيه ويقول لنا ولغيرنا والله إن أبخس من حق نفسي لهم ، وهو ما يكره قدومكم إليه والاجتماع بكم. وكتابه يصل لجنابك وبه كفاية ، والذي أنا أشوف عدم الغفلة عن هذا الأمر والمبادرة فيه وأن تجعلون ذلك من

٣١٤

جميل مناقبكم المحمودة ، لأنه واجب على كل مسلم الاجتهاد في هذا الأمر نرجو أن الله يجعلنا مفاتيح للخير ويحسن العاقبة للجميع والسلام.

الجواب الوارد من عبد العزيز الدخيل بن صالح

مؤرخ ٤ ربيع الثاني سنة ١٣١٥ ه

كتابكم وصل اليوم ، واجتمعنا مع الشيخ عبد الرحمن الفيصل والشيخ مبارك وأشرفنا على خطوطكم ، فقط نحن لم يحضر أحد والشيخ من صارت هذه الحركات وهو كلامه ما تبدل إلى اليوم والله يا خي إنه مرضينا كلنا ونفسه قوية وعزيزة ما هو ضعيف نفس ، ولا يتبدل عن كلام يمضي منا ، ومنا كثير مرضينا كلامه وإذا جيتوا إنشاء الله ترضون مثلما منا راضيين واجزموا إنشاء الله على كل علم غانم يحصلونه من الشيخ مبارك.

والحرايب تراهي ما تكلفه ولا يخسر فيها شيء أنتم مطلعين سبب إني أشوف البدو والحضر ألسنتهم معه ومنا الله ما مقصدنا إلّا رفيقنا «يعني يوسف» يتكلف والسبب أنه ضارب له درب ليل ما به مسري. ولا والله لي قصد إلّا أبي راحة بدنه عن الشي الذي ما به صالح للجميع وأنت يا ولد عبد الرحمن إنشاء الله من مفاتيح الخير ولا بد تشرفون على خطوط الشيخ عبد الرحمن ، والشيخ مبارك ، وأبو فيصل الله يسلمه إنشاء الله فيه البركة والسلام.

هذي هي الأجوبة الأولية من الطرفين ، وقد استمرت هذه المراجعات إلى شهر جمادى ، ولدينا كثير من رسائلهم في هذا الموضوع تركنا شرحها خوفا التطويل بما لا فائدة منه ، إذ أن المراجعات مع الأسف لم تتقدم ، والأجوبة كلها على وتيرة واحدة لا يختلف معناه عنه رسائلهم

٣١٥

التي شرحنا ، خصوصا من جانب ابن ثاني وابن إبراهيم أما يوسف فهو لم يزل سابح في أحلام الآمال ، ولم يقطع أمله من مساعدة الدولة وابن رشيد ، بالرغم أنه يعلم أن الدولة قد حذرت ابن رشيد من التعرض إلى الكويت وأطرافها ويعترف بكتبه بذلك ، ولكن يقول في أحد كتبه إن الأمير محمد بن رشيد لا بد يخدر بأول البراد وإن الدولة بالغها الأمر ولا زالت تكتب له لا يكون يقرب الكويت ولكن الأمير ما له عن الذي بخاطره وإن كان ما يرضي الدولة هذا ما يقوله يوسف ويعتقده ، وعلى هذا الأمل اتخذ خطة سلبية أثناء المفاوضات أما الشيخ قاسم فهو في حيرة من أمره وقد تجسمت أمام عينيه الصعوبات ولكن لا يسعه النكوص عن أمر قد تظاهر فيه بأكثر من الوعد والوعيد إلّا بعذر واضح يعذر فيه ، فأخذ يسوف ويؤجل المسير من وقت لآخر وهو يرجو أن يحدث من الأمور ما يجعل لنكوصه مبرر ليحفظ هيبته في البادية على الأقل ، فكتب إلى متصرف الأحسا يخبره بعزمه على المسير لغزو الكويت انتصارا لأبناء محمد الصباح كما يقول وكان المتصرف سعيد باشا منحرفا عنه وناقما عليه كما قلنا وأسباب هذا الانحراف أن يوسف ابن إبراهيم لما علم بصداقة سعيد باشا لمبارك الصباح أو عز إلى عبد الرحمن بن سلامة من أهل الأحسا أن يثير عليه القبائل وأمده بالمال فلما حبط سعيه أمره أن يستكتب مضبطة من أهل الحسا يندرون فيها بأعمال سعيد باشا وسوء إدارته الذي أوجدت عدم الأمنية بالبلاد ، ولكن مبارك اقتنصها قبل أن تصل إلى المراجع العليا وأرسلها إلى سعيد باشا ، فاكتسب بذلك عطف سعيد باشا ، وشكره على عمله لما وصله الكتاب فاستمر أن الحركة هي ضد مباركا كتب إلى ولاية البصرة ، يخبرها بما عزم عليه ابن ثاني من إثارة الفتن وتحريك القبائل

٣١٦

على الكويت اضطرت الحكومة أن ترسل السيد رجب النقيب ومعه محمد علي مدير أوقاف السنية في مركب زحاف ، فوصلوا قاسما باسم الدولة ، وأن الحكومة إذا لم يقلع عن عزمه تعتبر عمله خروجا منه عن الطاعة ، فكان لهذا الإنذار ولعل هذا ما كان يتمناه فقد أخلد في الباطن وعلم يوسف أنه حبط مسعاه من هذه الناحية ، ولكنهما أخذا من ناحية المفاوضات لعلهما يدركان شيء مما فاتهما ، فلانت عريكتهما وأجابا بقبول المفاوضات في كتبهما بعد ما أبديا من التعنت الشي الكثير ولما رأى مقبل وابن عبد الوهاب قبولهما رأيا أن يتوجها إلى مقرهما لمفاوضتهما فسار وجرت المذاكرة بين الجميع ولم نقف على ما دار بينهم ، فرجعا إلى البحرين وتوجها إلى الكويت ، ونزلا بضيافة الشيخ مبارك وكان الوفد أطلع مبارك على سفر السيد رجب باشا ومهمته إزاء قاسم بن ثاني ومنعه فاطمأن ، والظاهر أنه قد تغير فكره نحو هذه ، ولكن لم يبد منه شيء ، فأخذ مقبل وابن عبد الوهاب يتراجعان في الأمور تمهيدا لمفاتحة مبارك بهذه المسئلة وبينما هم في ذلك إذ أرسل إليهما عبد الرحمن الفيصل ، فلما حضروا قال مبارك لعبد الرحمن : إن قدوم الجماعة إلينا كله بركة ، نبشركم أن محمدا بن رشيد قد مات ، وهذا الرسول الذي قدم إلينا بهذا الخبر ، وهكذا خدم الحظ مباركا مرة أخرى ، ولما خرجوا قال عبد الرحمن الفيصل لجماعة إن وجه القضية سيتغير ، فكان الأمر كما قال ، لأنه أخذ بعد ذلك ينحى باللائمة على يوسف ، ويصفه بالمتطفل وقال إن هذا المغرور يظن أنه سيملي علينا إرادته ويرغمني على قبولها ، ولو لا حركات هذا السفيه الذي أخذتها بالعيال أكثر مما لفتتهم فلمت الأمور بأول سنة على أسهل الأمور. علم الوفد أنه لم يبقى فائدة من

٣١٧

بقائهما ، فرجعا دون نتيجة ، وأبلغا بفشل مسعاهما بسبب وفاة الأمير ، فركنا إلى السكون وسافر يوسف من قطر إلى الهند وسنلتقي به في الميدان بعد بضع شهور.

ترجمة حياة الأمير محمد العبد الله الرشيد

تولى الإمارة في حايل وانفرد بها بعد أن ثار على بندر ابن أخيه وقتله ، وألحق به أخوته سنة ١٢٨٨ ه‍ ، كما قدمنا ، ولم يزل أمره يعلو حتى استولى على نجد بأسرها بعد وقعة المليدا بينه وبين أهل القصيم ، ووقعة حريملا بينه وبين عبد الرحمن الفيصل وصفى له الحكم حق توفى في الثالث من شهر رجب من هذه السنة ، وكان مرضه بذات الجنب ، وكان واسطة عقد آل الرشيد ، وكان بعيد النظر شديد الرمي حكيما حليما عادلا ، مبرزا في سياسة محمود السيرة ، شديد الوطأة على البادية ، عطوفا على رعاياه من الحضر ، محافظا على حقوقهم عفيفا عن أموال رعيته ، وكانت حكومته حكومة بدوية لا تحتاج إلى شيء كثير من المال ، لهذا لم يفتح عينه لشيء من الضرائب والمكوس ولا غيرها ، فكانت مواردة مقتصرة على زكواة الثمار وسوام الإبل والغنم ، وما عدا ذلك فكل حر في تصرفات التجارة تأتي القوافل من الكويت ، والعراق والشام ، والحجاز مثقلة في الأموال ، لا يسئل صاحبها من أين أتى بها ولا يعترض من آمر ولا مأمور ، فلهذا كنت تجد في نجد من بضائع الهند وأوروبا ما لا تجده في الشام والحجاز ، وتجد فيها من بضائع الشام ومصر والحجاز ما لا تجده في العراق والكويت ، وكانت نجد تصدر أكثر مما تستهلك واتّسع نطاق التجارة ، وتأسست الروابط التجاربة بين أهل نجد والأقطار المجاورة ،

٣١٨

وعلى الأخص بينهم وبين أهل سورية ، وبينهم وبين أهل الكويت بصورة قوية جدّا لم يسبق لها مثيل في تاريخ نجد ، فتوفر لأهل نجد أسباب الرزق وتوسعوا في أمورهم ، وكانت حاصلات نجد متوفرة جدّا لتتابع الحقيقة وهذه السنوات السبع ، وصارت نجد تصدر من محصولاتها الشيء الكثير فكانت زراعة البلاد تكفي حاجات أهله من الحاضرة البادية ولا يحتاجون إلى استيراد شيء من الخارج إلّا اليسير جدّا. وكان يصدر من السمن إلى سورية والحجاز والكويت والبحرين ما يكفي لسد حاجتهم ، ومن أهم ما يصدر إلى سوريا الإبل ، والغنم فقد قدر ما يصدر من الإبل عشرين ألف متوسط قيمة ما يباع فيه الرأس الواحد عشر ليرات عثمانية ، فيكون مصلحة نجد نحو مائتي ألف ليرة عثمانية ، ما يصدر من الغنم ، والسمن ، والصوف وغيره إلى الأقطار المجاورة الأخرى. وبالإجمال فإن محمد بن رشيد أفضل ما كان الرشيد ، أما سياسته تجاه الحضر فيغلب عليها المرونة ، وله طريقة طبيعية تشبه سياسة الأول استولى على الكثير من نجد بهذه الطريقة فإذا أراد جهة من الجهات أي البلدان وأراد الاستيلاء عليها أوجد الخلاف الزيقين حتى يبلغ قصده وأما سياسته البادية فالغالب عليها الشدة ، لأنه يعلم طبيعة ، يراول من أسس روابطه مع حكومة الترك ، فاتصل بالسلطان عبد الحميد المشهور وتقرب من رضا السلطان ، وكان يرسل في كل سنة عددا كبيرا من الخيل للجياد فحظي عند السلطان حظوة لم يبلغها أحد من أمراء العرب عندا تامّا فانتفع خلفه بهذه الخطوة واستغلها في حربه مع ابن سعود ، حيث أمدته بالجنود والعتاد ، شمر ونجدا عدد من سياح الإفرنج مثل البارون نوله ، وبلونت ، وهوبر ، وأوتنغ وغيرهم.

٣١٩

الساقط من الحوادث

١٢٠٢ ه‍ : ... من عنيزة.

١٢٠٢ ه‍ : الرشيد مع حجيلات وقتله الدجان الرشيد.

١٢٠٣ ه‍ : سطوة حجيلات وسعود في عنيزة.

١٢٧٦ ه‍ : قتل آل أبو عليان وأسباب إمارة مهنا.

١٣٢٤ ه‍ : شيلة صالح الحسن لمهنا من بريدة وأسبابها.

***

٣٢٠