جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨١
ثمّ الصّلاة بعد هذا كلّه |
|
على أجلّ خلقه ورسله |
محمّد خير بني عدنان |
|
ومن أتاه الوحي بالتّبيان |
دامت عليه صلوات ربّه |
|
ثمّ على عترته وصحبه |
يا سائلي عن أمراء مصر |
|
منذ حباها عمر لعمرو |
خذ من جوابي ما يزيل اللّبسا |
|
واحفظه حفظ ذاكر لا ينسى |
أوّل من كان إليه الأمر |
|
مفوّضا بعد الفتوح عمرو |
وابن أبي سرح تولّى أمرها |
|
وقيس ساس نفعها وضرّها |
ثمّ تولّى النّخعيّ الأشتر |
|
وابن أبي بكر كما قد ذكروا |
ثمّ أعيدت بعده لعمرو |
|
ثانية وعتبة في الإثر |
وعقبة ثمّ الأمير مسلمه |
|
وابن يزيد وهو نجل علقمه |
ثمّ تولّى الأمر عبد الرّحمن |
|
وبعده تأمّر ابن مروان |
إذ كان ولّاها له أبوه |
|
وهو بمصر حوله ذووه |
ثمّ لعبد الله تعزى الإمره |
|
وبعده نجل شريك قرّه |
ثمّ تولى بعده عبد الملك |
|
نقلا صحيحا غير نقل مؤتفك |
وابن شرحبيل الأمير أيّوب |
|
وبشر فالأمر إليه منسوب |
ثمّ أخو بشر الأمير حنظلة |
|
ثم غدا محمد والأمر له |
والحرّ نجل يوسف وحفص |
|
من بعده جاء بذاك النّصّ |
ثمّ فتى رفاعة عبد الملك |
|
ثمّ الوليد صنوه كلّ ملك |
ثم ابن خالد بعد تاليه |
|
ثمّ ابن صفوان تولّى ثانيه |
وحفص قد عاد إليها واليا |
|
وقام حسّان الأمير تاليا |
ثمّ تولّى حفص وهي الثالثه |
|
وابن سهيل جاء فيها وارثه |
وابن عبيد واسمه المغيره |
|
دبّر إقليما غدا أميره |
ثمّ ابن مروان وليّ لخم |
|
وكان للدولة أيّ ختم |
وصالح أوّل من تولّى |
|
ثمّ ابن عون وهو نعم المولى |
ثمّ أبو عون لها أعيدا |
|
ثانية وأدرك المقصودا |
وجاء موسى بعده ابن كعب |
|
محكّما في سلما والحرب |
ثمّ أتى محمد بن الأشعث |
|
فاسمع لما حدثته وحدّث |
ثمّ حميد وهو ابن قحطبه |
|
ثمّ يزيد نال أيضا منصبه |
وقام عبد الله فيها يحمد |
|
ثمّ أخوه بعده محمّد |
ثمّ غدا الأمير موسى بن علي |
|
وبعد عيسى بن لقمان ولي |
وواضح وكان مولى المنصور |
|
وبعد ذاك ابن يزيد منصور |
وجاء يحيى بعده ابن ممدود |
|
وسالم في الأمراء معدود |
وبعده ابراهيم نجل صالح |
|
ولم يزل ينظر في المصالح |
وجاء موسى وهو نجل مصعب |
|
وبعده أسامة بها حبي |
والفضل نجل صالح أيضا ولي |
|
وبعده نجل سليمان علي |
ثمّ حوى موسى بن عيسى حرمه |
|
ثمّ تولّاها ابن يحيى مسلمه |
وابن زهير واسمه محمّد |
|
وجاء داود وهذا مسند |
وجاء موسى نجل عيسى ثانيه |
|
ونال في إمرتها أمانيه |
كذاك إبراهيم أيضا ولّي |
|
فيها كما قد قيل بعد العزل |
وحاز عبد الله منها الآفاق |
|
وابن سليمان المسمّى إسحاق |
ثمّ أتى هرثمة وهو الملك |
|
وبعده ابن صالح عبد الملك |
ثمّ عبيد الله نجل المهدي |
|
وكان ربّ حلّها والعقد |
وبعده موسى بن عيسى ثالثه |
|
حتّى رأى من دهره حوادثه |
ثمّ عبيد الله نجل المهدي |
|
ثانية في حلّها والعقد |
وجاء إسماعيل نجل صالح |
|
يأمر في الغادي بها والرّائح |
وبعده سميّه ابن عيسى |
|
تحدو إليه القاصدون العيسا |
ثمّ تولّى الليث نجل الفضل |
|
وأحمد من بعده ذو الفضل |
وجاء عبد الله يقفو جنده |
|
ثمّ الحسين بن جميل بعده |
ثمّ تولّى مالك ثمّ الحسن |
|
كلاهما أوضح في العدل السّنن |
ثمّ غدا الأمير فيها حاتم |
|
وجابر بالأمر فيها قائم |
ثمّ لعبّاد غدت تنتسب |
|
وبعده أميرها المطّلب |
ثمّ تولّى أمرها العبّاس |
|
وفوّض الأمر إليه الناس |
ثمّ أعيد الأمر للمطّلب |
|
ثانية ثمّ السّريّ فاعجب |
ثمّ سليمان له الأمر حصل |
|
ثمّ السريّ بعد ما كان انفصل |
ثمّ تولّى ابن السريّ الأمرا |
|
وطالما ساء بها وسرّا |
ثمّ عبيد الله وهو ابن السّري |
|
وبعده ابن طاهر فحرّر |
وبعده عيسى فتى يزيد |
|
ثمّ عمير من بني الوليد |
قد كان ولّاها له لمّا قدم |
|
على البلاد ابن الرشيد المعتصم |
وعاد عيسى وهو فيها والي |
|
وعبدويه ذو المحلّ العالي |
وقد تولّى بعده ابن منصور |
|
عيسى وهذا الأمر أمر مشهور |
وعند ذاك قدم المأمون |
|
لمصر والدّنيا له تدين |
في سنة تعدّ سبع عشرة |
|
ومائتين بعد عام الهجره |
ثمّ تولّى ابن أبي العبّاس |
|
موسى بلا شكّ ولا التباس |
ومالك بن كيدر ثمّ علي |
|
وبعده عيسى بن منصور ولي |
وبعده هرثمة بن النّضر |
|
وحاكم وكان ربّ الأمر |
ثمّ عليّ نجل يحيى ثانيه |
|
وحاء إسحاق بن يحيى تاليه |
وبعده الأمير عبد الواحد |
|
وهو ابن يحيى فارض بالفوائد |
وبعده عنبسة بن اسحاق |
|
ثم يزيد حاز منها الآفاق |
ثمّ تولّى أمرها مزاحم |
|
ثمّ ابنه أحمد فيها القائم |
ونال أرجوز بها ما يقصد |
|
ثمّ ابن طولون الأمير أحمد |
ثمّ أبو الجيش ابنه من بعده |
|
ثمّ أتى جيش وليّ عهده |
ثمّ تولّى بعده هارون |
|
وبعده من جدّه طولون |
وبعده عيسى فتى محمّد |
|
ثم تكين صار ربّ السّؤدد |
ثمّ تولّاها ذكا الأعور |
|
ثمّ تكين وهو وقت آخر |
ثمّ هلال وهو ابن بدر |
|
أصبح فيها وهو ربّ الأمر |
ثمّ تولّى أحمد بن كيغلغ |
|
ثمّ تكين إذ له الأمر بلغ |
ثمّ أتى محمّد بن طغج |
|
وأحمد ثانيه في النّهج |
ثمّ تولّاها ابن طغج ثانيه |
|
ثمّ أبو القاسم جاء تاليه |
ثمّ أتى الإخشيد من بعد علي |
|
وبعد ذاك الأمر كافور ولي |
وبعد كافور تولّى أحمد |
|
ثمّ أتى جوهر وهو أيد |
ثمّ تولّاها المعزّ إذ أتى |
|
ثمّ العزيز نجله خير فتى |
ثمّ ابنه الحاكم ثم الظّاهر |
|
وكلّهم في المأثرات باهر |
ثمّ تولى أمرها المستنصر |
|
وهو لعمري يقظ مستبصر |
ثمّ تولّى أمرها المستعلي |
|
وكان ربّ عقدها والحل |
وبعد ذاك قد حواها الآمر |
|
ولم تكد تعصى له أوامر |
ثمّ تولّاها الإمام الحافظ |
|
وهو على تدبيرها محافظ |
وجاء إسماعيل وهو الظافر |
|
ثمّ ابنه الفائز وهو الآخر |
أعني بمن قلت الإمام العاضدا |
|
محرّرا فاغتنم الفوائدا |
وشيركوه مدّة يسيره |
|
تناهز الشهرين منه السّيره |
ثم تولاها الصلاح يوسف |
|
ثم العزيز وابنه مستضعف |
[ذكر من قام بمصر من الخلفاء العباسيين] كان لانقراض الخلافة ببغداد وما جرى على المسلمين بتلك البلاد مقدّمات نبّه عليها العلماء : منها ، أنّه في يوم الثلاثاء ثامن عشر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستّمائة هبّت ريح عاصفة شديدة بمكّة ، فألقت ستارة الكعبة المشرّفة ، فما سكنت الريح إلّا والكعبة عريانة ، قد زال عنها شعار السواد ، ومكثت إحدى وعشرين يوما ليس عليها كسوة. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير : وكان هذا فألا على زوال دولة بني العبّاس ؛ ومنذرا بما سيقع بعد هذا من كائنة التّتار ، لعنهم الله. ومنها ، قال ابن كثير في حوادث سنة سبع وأربعين : طغى الماء ببغداد ، حتّى أتلف شيئا كثيرا من المحالّ والدّور الشهيرة ، وتعذّرت إقامة الجمعة بسبب ذلك. وفي هذه السنة هجمت الفرنج على دمياط (١) ؛ فاستحوذوا عليها وقتلوا خلقا من المسلمين. وفي سنة خمسين وقع حريق بحلب احترق بسببه ستّمائة دار ؛ فيقال : إنّ الفرنج لعنهم الله ألقوه فيها قصدا. وفي سنة اثنتين وخمسين ، قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان : وردت الأخبار من مكّة شرّفها الله ، بأنّ نارا ظهرت في أرض عدن (٢) في بعض جبالها ، بحيث أنه يطير شررها إلى البحر في الليل ، ويصعد منها دخان عظيم في أثناء النهار ، فتاب الناس وأقلعوا عمّا كانوا عليه من المظالم والفساد ، وشرعوا في أفعال الخير والصّدقات. وفي سنة أربع وخمسين زادت دجلة زيادة مهولة ، فغرق خلق كثير من أهل __________________ (١) في شذرات الذهب : ٥ / ٢٣٧ : في ربيع أول سنة سبع وأربعين وستمائة نازلت الفرنج دمياط برا وبحرا فهرب العسكر وملكها الفرنج بلا ضربة ولا طعنة ، فشنق السلطان ستين نفسا من أعيان أهلها. (٢) شذرات الذهب : ٥ / ٢٥٥. |
ألا سلّما عنّي على خير مرسل |
|
ومن فضله كالسّيل ينحطّ من عل |
وأشرف من شدّت إليه رحالنا |
|
لتورد هيم الشّوق أعذب منهل |
تحمّلن منّا كلّ أشعث أغبر |
|
فيا عجبا من رحلها المتحمّل! |
إلى سيّد جاءت بعالي محلّه |
|
ومعجزه آي الكتاب المنزّل |
نبيّ هدانا للهدى بأدلّة |
|
فهمنا معانيها بحسن التأوّل |
محمّد المبعوث ، والغيّ مظلم |
|
فأصبح وجه الرّشد مثل السّجنجل (٣) |
وقولا له : إنّي إليك لشيّق |
|
عسى الله يدني من محلّك محملي |
__________________
(١) شذرات الذهب : ٥ / ٢٦٣.
(٢) هو سيف الدين بن المشد سلطان الشعراء صاحب الديوان المشهور الأمير أبو الحسن علي بن عمر بن قزل التركماني ، ولد سنة ٦٠٢ ه بمصر ، وكان فاضلا كثير الخير والصدقات ذا مروءة ، توفي في تاسع المحرم سنة ٦٥٦ ه بدمشق ودفن بقاسيون. [شذرات الذهب : ٥ / ٢٨٠].
(٣) السجنجل : المرآة. (يونانية).
فتخمد أشواقي وتسكن لوعتي |
|
وأصبح عن كلّ الغرام بمعزل |
ولمّا نفى عنّي الكرى خبر التي |
|
أضاءت بإذن ثمّ رضوى ويذبل |
ولاح سناها من جبال قريظة |
|
لسكان تيما فاللّوى فالعقنقل |
وأخبرت عنها في زمانك منذرا |
|
بيوم عبوس قمطرير مطوّل |
فقلت كلاما لا يدين لقائل |
|
سواك ولا يسطيعه ربّ مقول : |
ستظهر نار بالحجاز مضيئة |
|
كأعناق عيس نحو بصرى لمخيّل |
فكانت كما قد قلت حقّا بلا مرى |
|
صدقت وكم كذبت كلّ معطّل |
لها شرر كالبرق لكن شهيقها |
|
فكالرّعد عند السامع المتأمّل |
وأصبح وجه الشمس كالليل كاسفا |
|
وبدر الدّجى في ظلمة ليس تنجلي |
وغابت نجوم الجوّ قبل غروبها |
|
وكدّرها دور الدخان المسلسل |
وهبّت سموم كالحميم فأذبلت |
|
من الباسقات الشّمّ كلّ مذلّل |
وأبدت من الآيات كلّ عجيبة |
|
وزلزلت الأرضون أيّ تزلزل |
وأيقن كلّ النّاس أنّ عذابهم |
|
تعجّل في الدّنيا بغير تمهّل |
وأعولت الأطفال مع أمّهاتها |
|
فيا نفس جودي ، يا مدامعي اهملي |
جزعت فقام النّاس حولي وأقبلوا |
|
يقولون : لا تهلك أسى وتجمّل |
لعلّ إله الخلق يرحم ضعفهم |
|
وما أظهروه من عظيم التذلّل |
وتاب الورى واستغفروا لذنوبهم |
|
ولاذوا بمنوال الكريم المبجّل |
شفعت لهم عند الإله فأصبحوا |
|
من النار في أمن وبر معجّل |
أغاثهم الرحمن منك بنفحة |
|
ألذّ وأشهى من جنى ومعسّل |
طفى النار نور من ضريحك ساطع |
|
فعادت سلاما لا تضرّ بمصطلي |
وعاش رجاء الناس بعد مماتهم |
|
فيا لك من يوم أغرّ محجّل! |
فيا راحلا عن طيبة إنّ طيبة |
|
هي الغاية القصوى لكلّ مؤمّل |
قفا نبك ذكراها فإنّ الذي بها |
|
أجلّ حبيب وهي أشرف منزل |
دخلت إليها محرما وملبّيا |
|
وأضربت عن سقط الدّخول فحومل |
مواقف أمّا تربها فهي عنبر |
|
وأمّا كلاها فهو نبت القرنفل |
يفوح شذاها ثمّ يعقب نشرها |
|
لما راوحتها من جنوب وشمأل |
فيا خير مبعوث وأكرم شافع |
|
وأنجح مأمول وأفضل موئل |
عليك سلام الله بعد صلاته |
|
كما شفع المسك العبيق بمندل (١) |
__________________
(١) المندل : العود الطيب الرائحة.
يا كاشف الضرّ صفحا عن جرائمنا |
|
لقد أحاطت بنا يا ربّ بأساء |
نشكو إليك خطوبا لا نطيق لها |
|
حملا ونحن بها حقّا أحقّاء |
زلازلا تخشع الصّمّ الصّلاب لها |
|
وكيف يقوى على الزلزال شمّاء |
أقام سبعا ترجّ الأرض فانصدعت |
|
عن منظر منه عين الشمس عشواء |
بحر من النار تجري فوقه سفن |
|
من الهضاب لها في الأرض إرساء |
كأنّما فوقه الأجبال طافية |
|
موج عليه لفرط الهيج وعثاء (١) |
ترى لها شررا كالقصر طائشة |
|
كأنّها ديمة تنصبّ هطلاء (٢) |
تنشقّ منها قلوب الصخر إن زفرت |
|
رعبا ، وترعد مثل السّعف أضواء |
منها تكاثف في الجوّ الدّخان إلى |
|
أن عادت الشمس منه وهي دهماء |
قد أثّرت سفعة في البدر لفحتها |
|
فليلة التّمّ بعد النّور ليلاء (٣) |
وقال آخر في هذه النار ، وغرق بغداد :
سبحان من أصبحت مشيئته |
|
جارية في الورى بمقدار |
أغرق بغداد بالمياه كما |
|
أحرق أرض الحجاز بالنار |
قال أبو شامة : والصواب أن يقال :
في سنة أغرق العراق وقد |
|
أحرق أرض الحجاز بالنّار |
وذكر ابن الساعي أنّ النجاب لمّا جاء إلى بغداد بخبر هذه النار ، قال له الوزير : إلى أيّ الجهات ترمي شررها؟ قال : إلى جهة الشرق.
قال أبو شامة : وفي ليلة الجمعة مستهلّ رمضان من هذه السنة ، احترق المسجد الشريف النبويّ ، ابتدأ حريقه من زاويته الغربيّة من الشّمال ، وكان دخل أحد القومة (٤) إلى خزانة ثمّ ، ومعه نار فعلقت في الآلات ، واتّصلت بالسقف بسرعة ، ثمّ دبّت في السقوف ، فأعجلت النار عن قطعها ، فما كان إلّا ساعة حتّى احترقت سقوف المسجد أجمع ، ووقعت بعض أساطينه ، وذاب رصاصها ، وكلّ ذلك قبل أن ينام الناس ، واحترق سقف الحجرة النبويّة الشريفة (٥) ، واحترق المنبر الذي كان النبي صلىاللهعليهوسلم يخطب عليه.
__________________
(١) الوعثاء : المشقة والتعب.
(٢) الديمة : مطر يدوم في سكون بلا رعد ولا برق.
(٣) السفعة : ما يغشى وجه الشمس من البقع السوداء.
(٤) أبو بكر المراغي. الشذرات : ٥ / ٢٦٣.
(٥) شذرات الذهب : ٥ / ٢٦٣.
نار أرض الحجاز مع حرق الم |
|
سجد مع تغريق دار السلام |
بعد ستّ من المئين وخمسي |
|
ن لدى أربع جرى في العام |
ثمّ أخذ التتار بغداد في أوّ |
|
ل عام من بعد ذاك وعام |
لم يعن أهلها ، وللكفر أعوا |
|
ن عليهم يا ضيعة الإسلام! |
وانقضت دولة الخلافة منها |
|
صار مستعصم بغير اعتصام |
فحنانا على الحجاز ومصر |
|
وسلاما على بلاد الشّآم |
وفي تاريخ ابن كثير عن الشيخ عفيف الدّين يوسف بن البقّال أحد الزهاد ، قال : كنت بمصر ، فبلغني ما وقع ببغداد (١) من القتل الذريع ، فأنكرته بقلبي ، وقلت : يا ربّ كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟! فرأيت في المنام رجلا وفي يده كتاب فأخذته فإذا فيه :
دع الاعتراض فما الأمر لك |
|
ولا الحكم في حركات الفلك |
ولا تسأل الله عن فعله |
|
فن خاض لجّة بحر هلك |
قلت أجرى الله تعالى عادته أنّ العامة إذا زاد فسادها وانتهكوا حرمات الله ، ولم تقم عليهم الحدود أرسل الله عليهم بية في إثر بية ، فإن لم ينجح ذلك فيهم أتاهم بعذاب من عنده ، وسلّط عليهم من لا يستطيعون له دفاعا ؛ وقد وقع في هذه السنين ما يشبه الآيات الواقعة في مقدّمات واقعة التّتار ، وأنا خائف من عقبى ذلك ، فاللهم سلّم سلّم! فأوّل ما وقع في سنة ثلاث وثمانين حصول قحط عظيم بأرض الحجاز.
وفي سنة خمس وثمانين لم يزد النّيل القدر الذي يحصل به الرّيّ ، ولا ثبت المدّة التي يحتاج إلى ثبوته فيها ، فأعقب ذلك غلاء الأسعار في كلّ شيء.
وفي سنة ستّ وثمانين في سابع عشر المحرم زلزلت مصر زلزلة منكرة لها دويّ شديد ، وقع بسببها قطعة من المدرسة الصالحية على قاضي الحنفيّة شمس الدين بن عيد ، وكان من خيار عباد الله فقتلته.
وفي ليلة ثالث عشر رمضان من هذه السنة ، نزلت صاعقة من السماء على
__________________
(١) شذرات الذهب : ٥ / ٢٦٤.
في عام ستّ أتى المدينة في ال |
|
مسجد نارا أفنته بالحرق |
وعام سبع أتى لمكّة في ال |
|
مسجد سيل قد عمّ بالغرق |
وقبلها القحط بالحجاز فشا |
|
ومصر قد زلزلت من الفرق |
وانهبط النيل غير منتفع |
|
به وضاقت معايش الفرق |
فهذه جملة أتت نذرا |
|
مستوجبات للخوف والقلق |
فليحذر الناس أن يحلّ بهم |
|
ما حلّ بالأوّلين من حنق |
ولما أخذ التتار بغداد ، وقتل الخليفة (١) ، وجرى ما جارى ، أقامت الدّنيا بلا خليفة ثلاث سنين ونصف سنة ؛ وذلك من يوم الأربعاء رابع عشر صفر سنة ستّ وخمسين ، وهو يوم قتل الخليفة المستعصم رحمهالله إلى أثناء سنة تسع وخمسمائة ؛
__________________
(١) الخليفة المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله ، آخر الخلفاء العراقيين. [شذرات الذهب : ٥ / ٢٧٠].