حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨١
الجزء ١ الجزء ٢

قضب الزبرجد قد حملن عقائقا

أثمارهنّ قراضة العقيان

وكأنّ دمع القطر في أهدابه

دمع مرته فواتر الأجفان

محمد بن عبد الله بن طاهر :

مداهن من يواقيت مركبة

على الزّبرجد في أجوافها ذهب

كأنّه حين يبدو من مطالعه

صبّ يقبّل حبّا وهو يرتقب

خاف الملال إذا طالت إقامته

فظلّ يظهر أحيانا ويحتجب

أبو طالب الرّقّي :

ووردة من نبات معطار

حيّت بها في لطيف أسرار

كأنّها وجنة الحبيب وقد

نقّطها عاشق بدينار

العماد الأصبهاني (١) :

قلت للورد : ما لشوكك يدمي

كلّ ما قد سعرت منه جراحي

قال لي : هذه الرّياحين جندي

أنا سلطانها ، وشوكي سلاحي

في الورد الأصفر لبعضهم :

رعى الله وردا غدا أصفرا

بهيّا نضيرا يحاكي النّضارا

وأسقى غصونا به أثمرت

وحمّلن منه شموسا صغارا

المؤيّد الطغرائي :

شجرات ورد أصفر تخذت

في قلب كلّ متيّم طربا

سبكت يد الغيم اللّجين لها

فكسته صبغا مونقا عجبا

من ذا رأى من قبله شجرا

سقي اللّجين فأثمر الذهبا

وقال :

ألم تر أنّ جند الورد وافى

بصفر من مطارده وخضر

أتى مستلئما بالشّوك فيه

نصال زمرّد وتراس تبر

__________________

(١) في شذرات الذهب : ٤ / ٣٣٢ : هو العماد الكاتب الوزير أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني ، ولد سنة ٥١٩ ه‍ بأصبهان وتفقه ببغداد ، خدم بديوان الإنشاء بدمشق ـ صنّف خريدة القصر. توفي سنة ٥٩٧ ه‍.

٣٤١

في الورد الأزرق من وصف بستان لبعضهم :

وبه وارد من الورد قد أي

نع في رقّة الهواء اللطيف

شبّهوه بدمعة العاشق الآ

لف نالته جفوة من أليف

فهو يحكيه زرقة ومثال ال

قرص لونا في خدّ ظبي تريف (١)

ورق أزرق كزرق يواقي

ت تطلّعن من لجين مشوف (٢)

في الورد الأبيض للسريّ الرّفاء :

وروض كساه الغيث إذ جاد دمعه

مجاسد وشي من بهار ومنثور

بدا أبيض الورد الجنيّ كأنّما

تنسّم للناشىء بمسك وكافور

كأنّ اصفرارا منه تحت ابيضاضه

برادة تبر في مداهن بلّور

في الورد الأسود لأبي أحمد الطراريّ :

لله أسود ورد ظلّ يلحظنا

من الرّياض بأحداق اليعافير (٣)

كأنّها وجنات الزنج نقّطها

كفّ الإمام بأنصاف الدنانير

آخر :

وورد أسود خلناه لمّا

تنشّق نشره ملك الزمان

مداهن عنبر غضّ وفيها

بقايا من سحيق الزعفران

عليّ بن الروميّ (٤) يهجو الورد :

يا مادح الورد لا ينفكّ من غلطه

ألست تنظره في كفّ ملتقطه؟

كأنّه سرم (٥) بغل حين يبرزه

عند البراز ، وباقي الرّوث في وسطه

قال ابن المعتزّ يردّ عليه :

يا هاجي الورد لا حيّيت من رجل

غلطت ، والمرء قد يؤتى على غلطه

هل تنبت الأرض شيئا من أزاهرها

إذا تحلّت يحاكي الوشي من نمطه

__________________

(١) التريف : المترف.

(٢) المشوف : المجلوّ.

(٣) اليعافير : الظباء التي تكون بلون التراب.

(٤) في شذرات الذهب : ٢ / ١٨٨ : هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج المعروف بابن الرومي الشاعر ، مات مسموما من قبل وزير المعتضد ، توفي سنة ٢٨٣ ه‍ أو ٢٨٤ ه‍ وقيل : ٢٧٦ ه‍.

(٥) السرم : طرف المعي المستقيم والدبر ، والعامة تقولها : الصرم.

٣٤٢

أحلى وأشهر من ورد له أرج

كأنّما المسك مذرور على وسطه؟

عليّ بن الروميّ يفضل النرجس على الورد :

أيّها المحتجّ للور د بزور ومحال

ذهب النّرجس بالفضل فأنصف في المقال

لا تقاس الأعين النّجل بأسرام البغال

أبو هلال العسكريّ يردّ عليه :

أفضل الورد على النّرجس

لا أجعل الأنجم كالأشمس

ليس الذي يقعد في مجلس

مثل الّذي يمثل في مجلس

عليّ بن سعيد المؤرّخ :

من فضّل النرجس فهو الذي

يرضى بحكم الورد إذ يرأس

أما ترى الورد غدا قاعدا

وقام في خدمته النّرجس؟

والناس يشبّهون عدم دوام الورد بقلّة بقاء الودّ ، ولهذا كتب أبو دلف (١) إلى عبد الله بن طاهر يعاتبه :

أرى حبّكم كالورد ليس بدائم

ولا خير فيمن لا يدوم له عهد

وودّي لكم كالآس حسنا ونضرة

له زهرة تبقى إذا فني الورد

فأجابه عبد الله بن طاهر :

وشبّهت ودّي الورد وهو شبيهه

وهل زهرة إلّا وسيّدها الورد؟

وودّك كالآس المرير مذاقه

وليس له في القلب قبل ولا بعد

واعتذر ديك الجن (٢) عن قلّة لبث الورد فقال :

للورد حسن وإشراق إذا نظرت

إليه عين محبّ هاجه الطّرب

__________________

(١) في شذرات الذهب : ٢ / ٥٧ : هو أبو دلف قاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرخ وأحد الشعراء المجيدين ، ولي إمرة دمشق للمعتصم. توفي سنة ٢٢٥ ه‍.

(٢) في تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٣٢٤ : هو عبد السلام بن رغبان اشتهر بلقب ديك الجن ، ولد بحمص سنة ١٦١ ه‍ ، أروع أشعاره ما نظمه في بكاء صاحبته. توفي سنة ٢٣٥ ه‍.

٣٤٣

خاف الملال إذا دامت إقامته

فصار يظهر حينا ثمّ يحتجب

ما ورد في النرجس

روي فيه حديث موضوع ، أخرجه الديلميّ في مسند الفردوس ، وابن الجوزيّ في الموضوعات بسند مسلسل بالقضاة عن عليّ مرفوعا : «شمّوا النّرجس ولو في اليوم مرّة ، ولو في الشهر مرّة ، ولو في السنة مرّة ، ولو في الدهر مرّة ، فإنّ في القلب حبّة من الجنون والجذام البرص لا يقطعها إلّا شمّ النرجس».

قال بقراط : كلّ شيء يغذو الجسم والنّرجس يغذو العقل.

وقال جالينوس : من كان له رغيف فليجعل نصفه في النرجس ، فإنه راعي الدماغ ، والدماغ راعي العقل.

وقال الحسن بن سهل : من أدمن شمّ النّرجس في الشتاء أمن البرسام في الصيف.

وقال بعض الأدباء : النرجس نزهة الطّرف ، وطرف الظرف ، وغذاء الروح ، ومادة الروح. وكان كسرى أنوشروان مغرما بالنّرجس ، ويقول : هو ياقوت أصفر بين درّ أبيض على زمرّد أخضر.

وقال : إني لأستحي أن أباضع (١) في مجلس فيه النّرجس لأنّه أشبه شيء بالعيون الناظره.

وقال الشاعر :

فإذا قضيت لنا بعين مراقب

في الحبّ فليك من عيون النّرجس

أبو نواس (٢) :

لدى نرجس غضّ القطاف كأنّه

إذا ما منحناه العيون عيون

مخالفة في شكلهنّ فصفرة

مكان سواد والبياض جفون

__________________

(١) أبضع الكلام : بيّنه.

(٢) في تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٢٢٠ : هو الشاعر أبو نواس الحسن بن هانىء ، فارسي الأب والأم ، اختلف في وفاته : ١٩٥ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ه‍.

٣٤٤

ابن المعتزّ (١) :

كأنّ عيون النرجس الغضّ بيننا

مداهن تبر حشوهنّ عقيق

إذا بلّهنّ القطر خلت دموعها

بكاء جفون كحلهنّ خلوق

كشاجم :

كأنّما نرجسنا

وقد تبدّى من كثب

أنامل من فضّة

يحملن كأسا من ذهب

الصّنوبريّ (٢) :

أضعف قلبي النرجس المضعف

ولا عجيب إن صبا مدنف

كأنّه بين رياحيننا

أعشار آي ضمّها مصحف

ابن مكنسة :

ونرجس إلى حدا

ثق الرّبا محدّق

كأنّما صفرته

على بياض يقق (٣)

أعشار جزء أذهبت

في ورق من ورق

أبو بكر بن حازم :

ونرجس ككؤوس التّبر لائحة

من الزّبرجد قد قامت بها ساق

كأنّها من عيون هدبها ورق

لهنّ من خالص العقيان أحداق

آخر :

وأحسن ما في الوجوه العيو

ن وأشبه شيء بها النّرجس

يظلّ يلاحظ وجه النّدي

م فردا وحيدا فيستأنس

__________________

(١) في شذرات الذهب : ٢ / ٢٢٢ : هو أبو العباس عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد. أخذ الأدب عن المبرد وثعلب. كان أديبا بليغا شاعرا مقتدرا ، بويع بالخلافة يوما وليلة ، ثم قتل أو خنق ... ولادته سنة ٢٤٦ ه‍ أو ٢٤٧ ه‍ ، وتوفي سنة ٢٩٦ ه‍ ، له : كتاب الزهر والرياض ، والبديع ، الجوارح والصيد ...

(٢) في تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٤ / ٣٤٧ : هو أحمد بن محمد بن الحسن الضبي الصنوبري ـ من أهل أنطاكية نشأ في حلب ، مدح الولاة وبعض الهاشميين ـ تعرف على الأخفش الصغير وكشاجم ـ توفي سنة ٣٣٤ ه‍.

(٣) اليقق : الشديد البياض.

٣٤٥

الصّنوبريّ :

وعندنا نرجس أنيق

تحيا بأنفاسه النفوس

كأنّ أجفانه بدور

كأنّ أحداقه شموس

وقال :

أرأيت أحسن من عيون النرجس

أو من تلاحظهنّ وسط المجلس

درّ تشقّق عن يواقيت على

قضب الزبرجد فوق بسط السندس

ابن الروميّ :

ونرجس كالثغور مبتسم

له دموع المحدق الشاكي

أبكاه قطر الندى وأضحكه

فهو مع القطر ضاحك باكي

وقال :

انظر إلى نرجس في روضة أنف

غنّاء قد جمعت شتّى من الزّهر

كأنّ ياقوتة صفراء قد طبعت

في غصنها حولها ستّ من الدرر

آخر :

أبصرت باقة نرجس

في كفّ من أهواه غضّه

فكأنّها قضب الزّبر

جد قمّعت ذهبا وفضّه

ومن رسالة لضياء الدين الأثير يصف منتزها : جاء فيها في وصف النرجس : فمن جاني نرجس يقول : هذا صاحب القدّ المائس ، والذي عينه عين متيقّظ وجيده جيد ناعس ، وهو بكر الربيع والبكر أكرم الأولاد على الوالد ، وقد جعل ذا لونين اثنين ؛ إذ لم يحظ غيره إلا بلون واحد.

ما ورد في البنفسج

فيه أحاديث ذكرها ابن الجوزيّ في الموضوعات ، منها حديث أبي سعيد مرفوعا : «فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان ، كفضلي على سائر الخلق ، بارد في الصيف حارّ في الشتاء». أخرجه ابن حبّان في تاريخ الضغفاء والحاكم في تاريخ نيسابور والديلميّ في مسند الفردوس. وورد أيضا بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة وأنس أخرجهما الخطيب البغداديّ ، ومن حديث عليّ أخرجه ابن الجوزيّ وقال في الأربعة : إنّها موضوعة.

٣٤٦

وأخرج أبو نعيم في الحلية من حديث الحسين بن عليّ مرفوعا : «فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان ، كفضل ولد عبد المطلب على سائر قريش ، وفضل البنفسج كفضل الإسلام على سائر الأديان». قال أبو نعيم : هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد ، لم نكتبه إلا بهذا الإسناد عن هذا الشيخ ، أفادنا إيّاه الدارقطني ، وأخرجه ابن الجوزيّ في الموضوعات أيضا.

قال ابن وحشيّة : البنفسج نوعان : جبليّ وبستانيّ ، والجبليّ دقيق الورق ، أزرق اللون ، والبستانيّ عريض الورق حائك اللون ، ويوجد فيه الأبيض على لون الشمع ، ولا يوجد إلّا بمصر ، ويسمّى الكوفيّ. ومن عجيب أمره أنّ الإنسان إذا تغوّط في مجاري الماء إليه مات وذبل ، وكذا إن خرج منه ريح في مزرعته ، وأنّه إذا دام عليه الضباب يوما أو نحوه ضعف ، ومتى توالى نقصت زهرته ، وصغر ورقه ، وتغيّرت رائحته ؛ ومن الأشياء المضادّة له القصب ، فإنّه لا يكاد يفلح بقربه ولا ينمى ، وإن وقعت صاعقة على أربعمائة ذراع منه فأقل هلك سريعا. ويفسده أيضا البرد والرّعد الشديد المتتابع والسموم وريح الشمال الباردة والمطر الكثير وماء الآبار والدخان وتراب المقبرة.

ومن رسالة لأبي العلاء عطارد بن يعقوب الخوارزميّ يصف بنفسجة : سماويّة اللباس ، مسكيّة الأنفاس ، واضعة رأسها على ركبتها كعاشق مهجور ، تنطوي على قلب مسجور ، كبقايا النقش في بنان الكاعب ، أو النّقس (١) في أصابع الكاتب ، أو الكحل في الألحاظ الملاح ، المراض الصحاح ، الفاترات الفاتنات ، المحييات القاتلات ، لازوردية (٢) أربت بزرقتها على زرق اليواقيت ، كأوائل النار في أطراف كبريت ، أو أثر القرص في خدود العذارى.

أو عذار خلعت فيه العذارا

أبو القاسم بن هذيل الأندلسيّ :

بنفسج جمعت أوراقه فحكت

كحلا تشرّب دمعا يوم تشتيت

أو لازورديّة أوفت بزرقتها

وسط الرياض على زرق اليواقيت

كأنّه وضعاف القضب تحمله

أوائل النار في أطراف كبريت

__________________

(١) النقس : المداد الذي يكتب به.

(٢) اللازوردي : ما كان بلون اللازورد الذي هو معدن مشهور في جبال أرمينية وفارس ، وأجوده الشفاف الأزرق الضارب إلى حمرة وخضرة.

٣٤٧

آخر :

بنفسج بذكيّ الريح مخصوص

ما في زمانك إذ وافاك تنغيص

كأنّما شعل الكبريت منظره

أو خدّ أغيد بالتخميش مقروص

آخر :

ماس البنفسج في أغصانه فحكى

زرق الفصوص على بيض القراطيس

كأنّه وهبوب الريح تعطفه

بين الحدائق أعراف الطواويس

آخر في البنفسج الأبيض :

كأنّ البنفسج فيما حكى

لطائف أخلاقك المونقه

يلوح ومن تحت طاقاته

فصوص من الفضّة المحرقه

الأمير عبد الله الميكاليّ :

يا مهديا لي بنفسجا أرجا

يرتاح صدري له وينشرح

بشّرني عاجلا مصحّفه

بأنّ ضيق الأمور ينفسح

مجير الدين بن تميم الحموي :

عاينت ورد الرّوض يلطم خدّه

ويقول وهو على البنفسج محنق

لا تقربوه وإن تضوّع نشره

ما بينكم فهو العدوّ الأزرق

آخر :

بنفسج الرّوض تاه عجبا

وقال طيبي للجوّ ضمّخ

فأقبل الزهر في احتفال

والبان من غيظه تنفّخ

ما قيل في النّيلوفر

قال ابن التلميذ : النيلوفر اسم فارسيّ معناه النيليّ الأجنحة والنيليّ الأرياش.

وقال ابن وحشيّة : الفرس تسمّيه نينوفر والعرب نيلوفر والهند نيلوفك والنّبط نيلوفريا.

قال ابن التلميذ : ومن عاداته أن يحوّل وجهه إلى الشمس إذا طلعت ، فيزيد انفتاحه بزيادة علوّ الشمس ، فإذا أخذت في الهبوط ابتدأ ينضمّ على ذلك الترتيب ، حتّى ينضمّ انضماما كاملا عند الغروب ، ويبقى مضموما الليل كلّه ، فإذا طلعت أخذ في

٣٤٨

انفتاح ، وهذا دأبه أبدا. قال : وهو نبات قمريّ يزيد بزيادة القمر ، وينقص بنقصانه.

أبو بكر الزبيدي الأندلسيّ :

وبركة تزهو بنيلوفر

نسيمها يشبه ريح الحبيب

حتّى إذا الليل دنا وقته

ومالت الشمس لوقت المغيب

أطبق جفنيه على جيبه

وغاص في البركة خوف الرقيب

آخر :

وبركة أحيا بها ماؤها

من زهرها كلّ نبات عجيب

كأنّ نيلوفرها عاشق

نهاره يرقب وجه الحبيب

حتّى إذا اللّيل بدا نجمه

وانصرف المحبوب خوف الرقيب

أطبق جفنيه عسى في الكرى

يبصر من فارقه من قريب

آخر :

يا حبّذا بركة نيلوفر

قد جمعت من كلّ فنّ عجيب

أزرق في أحمر في أبيض

كقرصة في صحن خدّ الحبيب

كأنّه يعشق شمس الضحى

فانظره في الصبح وعند المغيب

إذا تجلّت يتجلّى لها

حتّى إذا غاب سناها يغيب

آخر :

كلّنا باسط اليد

نحو نيلوفر ندي

كدبابيس عسجد (١)

قضبها من زبرجد

آخر :

انظر إلى بركة نيلوفر

محمّرة الأوراق خضراء

كأنّما أزهارها أخرجت

ألسنة النّار من الماء

آخر :

ونيلوفر صافحته الريا

ح وعانقها الماء صفوا ورنقا

وتحمل أوراقه في الغدي

ر ألسنة النّار حمرا وزرقا

__________________

(١) العسجد : الذهب أو الجوهر.

٣٤٩

آخر :

صفر المداري تضمّها شرف

مفتضح عند نشرها العطر

تحملها خيزرانة ذبلت

ذبول صبّ أذابه الهجر

كأنّها إذ رأيت ألسنة

أنطقها للمهيمن الشكر

خناجر من حناجر نزعت

فهي على الماء من دم حمر

الطّغرائي (١) :

ونيلوفر أعناقه أبدا صفر

كأنّ به سكرا وليس به سكر

إذا انفتحت أوراقه فكأنّها

وقد ظهرت ألوانها البيض والصفر

أنامل صبّاغ صبغن بنيلة

وراحتها بيضاء في وسطها تبر

ابن الروميّ :

يرتاح للنّيلوفر القلب الّذي

لا يستفيق من الغرام وجهده

والورد أصبح في الروايح عبده

والنّرجس المسكيّ خادم عبده

يا حسنه في بركة قد أصبحت

محشوّة مسكا يشاب بندّه

مهجور حبّ ظلّ يرفع رأسه

كالمستجير بربّه من صدّه

وكأنّه إذ غاب عند مسائه

في الماء فانحجبت نضارة قدّه

صبّ تهدّده الحبيب بهجره

ظلما فغرّق نفسه من وجده

الوجيه بن الذرويّ يهجو النيلوفر :

ونيلوفر أبدى لنا باطنا له

مع الظاهر المخضرّ حمرة عندم (٢)

فشبّهته لمّا قصدت هجاءه

بكاسات حجّام بها لوثة الدم

البشنين

قال في مباهج العبر : وإذ مرّ النيل بمصر ينبت في أماكن منخفضة ، قد وقف فيها الماء نباتا يشبه النّيلوفر ، ليست له رائحة ذكية ، يسمّى البشنين ، يتّخذ منه دهن وهو

__________________

(١) في شذرات الذهب : ٤ / ٤١ : الطغرائي الوزير مؤيد الدين أبو اسماعيل الحسين بن علي الأصبهاني صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملكشاه ، له ديوان شعر جيد. قتل سنة ٥١٤ ه‍ أو ٥١٨ ه‍. وسميّ الطغرائي نسبة إلى من يكتب الطغراء وهي الطرّة.

(٢) العندم : خشب نبات يصبغ به ، ويقال له أيضا : دم الأخوين أو البقم.

٣٥٠

نوعان نوع يسمّى الخريريّ ، يشبه الرّمان ، وتسمّيه أهل مصر الجلجلان ؛ والآخر يسمّونه الغزيّ ، وله أصل يسمّى البيارون.

ما ورد في الآس

أخرج ابن السنّيّ وأبو نعيم ، كلاهما في الطبّ النبويّ عن ابن عباس ، قال : أهبط آدم من الجنة بثلاثة أشياء : بالآسة ، وهي سيّدة ريحان الدنيا ، وبالسّنبلة وهي سيّدة طعام الدنيا ، وبالعجوة وهي سيدة ثمار الدنيا.

وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره وابن السّنيّ عن ابن عبّاس قال : أوّل شيء غرس نوح حين خرج من السفينة الآس.

وأخرج ابن السكن عن عائشة ، قالت : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يستاك بعود الآس وعود الرّمان ، فإنّهما يحرّكان عرق الجذام.

وأخرج ابن السّنّيّ عن الأوزاعيّ ، يرفع الحديث إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن التخلّل بالآس ، وقال : إنّه يسقي عرق الجذام.

قال في مباهج العبر : اليونان تسمّي الآس مرسينا ، وتسمّيه العامّة المرسين.

وقال ابن وحشية : الآس سيّد الرياحين ويعظم حتّى إنّه يشجر ويثمر ثمرا قدر الحمّص ، وهو ثلاثة أنواع : أخضر وهو المشهور ، وأصفر وهو ما فسد من ورق الأوّل ، وأزرق ويسمّى الخسروانيّ ، وهو أن يخلط في أصوله عند الزرع ورق النيل ، قال الأخيطل الأهوازيّ :

للآس فضل بقائه ووفائه

ودوام منظره على الأوقات

قامت على أغصانه ورقاته

كنصول نبل جئن مؤتلفات

آخر :

ومشمومة مخضرّة اللون غضّة

حوت منظرا للناظرين أنيقا

إذا شمّها المعشوق خلت اخضرارها

ووجنته فيروزجا وعقيقا

ابن وكيع (١) :

__________________

(١) في المنجد في الإعلام : ابن وكيع الحسن بن علي توفي سنة (١٠٠٣ م) ولد في تنيس مصر وتوفي فيها ، شاعر بغدادي الأصل. له ديوان ، وكتاب المنصف ، بيّن فيه سرقات المتنبّي.

٣٥١

خليليّ ما للآس يعبق نشره

إذا هبّ أنفاس الرياح العواطر

حكى لونه أصداغ ريم معذّر

وصورته آذان خيل نوافر

ما ورد في الريحان ، وهو الحبق

روي فيه أحاديث موضوعة ، منها حديث ابن عبّاس مرفوعا : «نعم الريحان ينبت تحت العرش ، وماؤه شفاء للعين» أخرجه العقيليّ ، وقال : باطل لا أصل له ، وابن الجوزيّ في الموضوعات. وورد نحوه من حديث أنس أخرجه الخطيب البغداديّ ، وقال : موضوع ، وابن الجوزي أيضا.

وأخرج الخطيب في تالي التّلخيص من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا : «المرزنجوش مزروع حول العرش ، فإذا كان في دار لم يدخلها الشيطان» ، قال الخطيب : باطل.

قال ابن الجوزيّ : وروي بسند مجهول من حديث أنس مرفوعا : «إنّ في الجنّة بيتا سقفه من مرزنجوش».

قال في مباهج العبر : العرب تطلق اسم الرّيحان على كلّ نبت له ريح طيبة.

والحبق أنواع : منه الريحان النّبطيّ ، وهو عريض الورق ، ويسمى الباذروج ، وهو المعروف عند الناس المتّخذ في البساتين.

وحبق ترجانيّ ، وله رائحة كرائحة الأترجّ ، ويسمّى الباذرنجبويه والباذرنبويه ، واسمه بالفارسية مرماخوز ، بالزاي المعجمة ، وهو دقيق الورق.

وحبق قرنفليّ ، وله رائحة كرائحة القرنفل ، ويسمّى الفرنحمشك بالفارسية.

وحبق صعتريّ ، له رائحة كرائحة الصعتر.

وحبق كرمانيّ ، ويسمّى بالفارسية الشّاهسفرم ومعناه ملك الرياحين ، والعرب تسمّيه الضّيمران والضّومران ، وهو دقيق الورق جدّا ، يكاد أن يكون دون السداب.

وحبق الفتى وهو المرزنجوش ، والعرب تسميه العبقر ، ويقال إنّه الثّمام.

وريحان الكافور ، ويسمى بالفارسية سوسن ، وشكله شكل المنثور وزهره وورقه يؤدّيان رائحة الكافور.

قال السري الرّفاء يصف حوض ريحان :

وبساط ريحان كماء زبرجد

عبثت به أيدي النّسيم فأرعدا

٣٥٢

يشتاقه القوم الكرام فكلّما

مرض النسيم سعوا إليه عوّدا

أبو الفضل الميكاليّ :

أعددت محتفلا ليوم فراغي

روضا غدا إنسان عين الباغ

روض يروض هموم قلبي حسنه

فيه ليوم اللهو أيّ مساغ

وإذا انثنت قضبان ريحان به

حيّت بمثل سلاسل الأصداغ

أبو القاسم الصّقليّ :

أنا بالريحان مفت

ون ، ولا مثل الحماحم

فتأمّله تجد عذ

را لصبّ القلب هائم

غلمة الجند بخضر ال

قمص في حمر العمائم

الطغرائيّ :

مراضيع من الريحان تسقى

سقيط الطلّ أو درّ العهاد (١)

ملابسهنّ خضر مسبغات

بأشكال تميل إلى السواد

إذا ذرّت عليها المسك ريح

وجاد بفيضهنّ يد الغوادي

تخلّلها الرياح فسرحتها

صنيع المشط في اللّمم الجعاد

ابن أفلح :

وحماحم كأسنّة

في كلّ معترك قديم

أو أنجم بزغت لتح

رق كلّ شيطان رجيم

أو مثل أعراف الديو

ك لدى مبارزة الخصوم

أو كالشقيق تحرّشت

بفروعه أيدي النّسيم

أو ثاكل صبغت ثيابا

من دم الخدّ اللطيم

ابن وكيع :

هذا الحماحم (٢) زهر

فيه حياة النفوس

كأنّه حين يبدو

برادة الآبنوس

آخر :

__________________

(١) العهاد : أول مطر الربيع.

(٢) الحماحم : الحبق البستاني العريض الورق.

٣٥٣

أما ترى الريحان أهدى لنا

حماحما منه فأحيانا

تحسبه في طلّه والندى

مزرّدا يحمل مرجانا

ابن وكي في الصعتريّ :

صعتريّ من أرجل النم

ل ، وأذكى من نفحة الزعفران

كسطور كسين نقطا وشكلا

من يدي كاتب ظريف البنان

صاعد الأندلسيّ في الريحان الترنجيّ :

لم أدر قبل ترنجان مررت به

أنّ الزمرّد أغصان وأوراق

من طيبه سرق الأترجّ نكهته

يا قوم ، حتّى من الأشجار سرّاق؟!

آخر :

ذكيّ العرف مشكور الأيادي

كريم عرفه يسلي الحزينا

أغار على التّرنج وقد حكاه

وزاد على اسمه ألفا ونونا

ما قيل في المنثور ، وهو الخيريّ

ابن وكيع :

انظر إلى المنثور في ميدانه

يدنو إلى النّاظر من حيث نظر

كجوهر مختلف لونه

أسلمه سلك نظام فانتثر

آخر :

انظر إلى المنثور ما بيننا

وقد كساه الطّلّ قمصانا

كأنّما صاغته أيدي الحيا

من أحمر الياقوت مرجانا

ومن خواصّه أنه لا تعبق له رائحة إلّا ليلا ، وفيه يقول الشاعر :

ينمّ مع الإظلام طيب نسيمه

ويخفي مع الإصباح كالمتستّر

كعاطرة ليلا لوعد محبّها

وكاتمة صبحا نسيم التّعطّر

ما قيل في الياسمين

كتب ناصر الدين التّنيسيّ إلى النصير الحماميّ ملغزا فيه :

يا من يحلّ اللغز في ساعة

كلمحة من طرفة العين

ما اسم إذا أنقصت من عده

في الخطّ حرفا صار اسمين؟

٣٥٤

فأجابه نصير :

لعرض مولانا وأنفاسه

ألغزت لي حقّا بلامين

اسم سداسيّ لطيف به

نحافة تظهر للعين

لكنّه يغدو سمينا إذا

أسقطت من أولاه حرفين

أبو إسحاق الحصريّ يصف الياسمين قبل انفتاحه :

خليليّ هبّا وانفضا عنكما الكرى

وقوما إلى روض ونشر عبيق

فقد راح رأس الياسمين منوّرا

كأقراط درّ قمّعت بعقيق

يميل على ضعفي الغصون كأنّما

له حالتا ذي غشية ومفيق

إذا الرّيح أدنته إلى الأرض خلته

نسيم جنوب ضمّخت بخلوق (١)

آخر :

وروضة نورها يرفّ

مثل عروس إذا تزفّ

كأنّما الياسمين فيها

أنامل ما لها أكفّ

أبو بكر بن القوطيّة (٢) :

وأبيض ناصع صافي الأديم

يطلع فوق مخضرّ بهيم

كأنّ نوّاره المجنيّ منه

سماء قد تحلّت بالنجوم

آخر :

كأنّ الياسمين الغضّ لمّا

أدرت عليه وسط الرّوض عيني

سماء للزبرجد قد تبدّت

لنا فيها نجوم من لجين

المعتمد بن عبّاد :

كأنما ياسميننا الغضّ

كواكب في السماء تبيضّ

والطّرق الحمر في بواطنه

كخدّ عذراء مسّه عضّ

ابن عبد الظاهر :

__________________

(١) الخلوق : ضرب من الطيب أعظم أجزائه الزعفران.

(٢) في شذرات الذهب : ٣ / ٦٢ : هو محمد بن عمر بن عبد العزيز بن ابراهيم بن عيسى بن مزاحم الأندلسي الإشبيلي الأصل القرطبي المولد. توفي سنة ٣٦٧ ه‍.

٣٥٥

وياسمين قد بدت

أزهاره لمن يصف

كمثل ثوب أخضر

عليه قطن قد ندف

آخر :

وياسمين عبق النشر

يزري بريح العنبر الشّحري (١)

يلوح من فوق غصون له

كمثل أقراط من الدرّ

ابن الحداد الأندلسيّ :

بعثت بالياسمين الغضّ مبتسما

وحسنه فاتن للنفس والعين

بعثته منبئا عن صدق معتقدي

فانظر تجد لفظه يأسا من المين (٢)

وقال آخر :

لا مرحبا بالياسم

ين وإن غدا في الرّوض زينا

صحّفته فوجدته

متقابلا يأسا ومينا

آخر :

وياسمين إنّ تأمّلته

حقيقة أبصرته شينا (٣)

لأنه يأس ومين ومن

أحبّ قطّ اليأس والمينا؟!

ما قيل في النّسرين

قال ابن وحشيّة : الياسمين والنّسرين متقاربان حتّى كأنّهما أخوان ، وكلّ واحد منهما نوعان : أبيض وأصفر ، ولهما شقيق آخر ورده أكبر من وردهما ، يسمّى جلّنسرين ، قال عبد الرزاق بن عليّ النحويّ :

زان حسن الحدائق النّسرين

فالحجى (٤) في رياضه مفتون

قد جرى فوقه اللّجين وإلّا

فهو من ماء فضة مدهون

أشبهته طلى الحسان بياضا

وحوته شبه القدود غصون

آخر :

أكرم بنسرين تذيع الصّبا

من نشره مسكا وكافورا

__________________

(١) الشحري : لعلّه نسبة إلى شحر عمان.

(٢) المين : الكذب.

(٣) الشين : العيب.

(٤) الحجى : العقل.

٣٥٦

ما إن رأينا قطّ من قبله

زبرجدا يثمر بلّورا

آخر :

انظر لنسرين يلو

ح على قضيب أملد

كمداهن من فضة

فيها برادة عسجد

حيّتك من أيدي الغصو

ن بها أكفّ زبرجد

ما قيل في الأقحوان (١)

مجير الدين محمد بن تميم :

لا تمش في روض وفيه شقائق

أو أقحوان غبّ كلّ غمام

إنّ اللّواحظ والخدود أجلّها

عن وطئها في الرّوض بالأقدام

آخر :

كأنّ نور الأقاحي

إذ لاح غبّ القطر

أنامل من لجين

أكفّها من تبر

عليّ بن عباد الإسكندرانيّ :

والأقحوانة حكي وهي ضاحكة

عن واضح غير ذي ظلم (٢) ولا شنب

كأنّها شمسة من فضّة حرست

خوف الوقوع بمسمار من الذهب

ظافر الحدّاد (٣) :

والأقحوانة تحكي ثغر غانية

تبسّمت فيه من عجب ومن عجب

في القدّ والبرد والرّيض الشهيّ وطي

ب الرّيح واللّون والتّفليج والشّنب (٤)

كشمسة من لجين في زبرجدة

قد شرّفت حول مسمار من الذهب

الجمال عليّ بن ظافر المصريّ :

__________________

(١) الأقحوان : نبات له زهر أبيض ، وأوراق زهره مفلّجة صغيرة يشبّهون بها الأسنان ، وهو ما نسمّيه البابونج.

(٢) الظّلم : وضع الشيء في غير موضعه.

(٣) في شذرات الذهب : ٤ / ٩١ : هو ظافر بن القاسم بن منصور بن عبد الله ...

الجذامي الاسكندري المعروف بالحداد الشاعر ، من الشعراء المجيدين وله ديوان شعر. توفي سنة ٥٢٩ ه‍.

(٤) الشنب هنا بمعنى البياض.

٣٥٧

انظر فقد أبدى الأقاح مباسما

ضحكت تهلّل في قدود زبرجد

كفصوص درّ لطّفت أجرامها

قد نظمت من حول شمسة عسجد

آخر :

ظفرت يدي للأقحوان بزهرة

تاهت بها في الروضة الأزهار

أبدت ذراع زبرجد وأناملا

من فضّة في كفّها دينار

ما قيل في البان

شمس الدين بن محمد التّلمسانيّ :

تبسّم زهر البان عن طيب نشره

وأقبل في حسن يجلّ عن الوصف

هلمّوا إليه بين قصف (١) ولذّة

فإنّ غصون البان تصلح للقصف

الشهاب محمود على لسان البان :

إذا دغدغتني أيدي النّسيم

فملت وعندي بعض الكسل

فسل كيف حال قدود الملاح

وعن حال سمر القنا لا تسل

أبو جلنك (٢) الشاعر يهجو القاضي شمس الدين بن خلّكان :

لله بستان حللنا دوحه

في جنّة قد فتّحت أبوابها

والبان تحسبه سنانيرا (٣) رأت

قاضي القضاة فنفّشت أذنابها

تاج الدين بن شقير :

قد أقبل الصّيف وولّى الشّتا

وعن قريب نشتكي الحرّا

أما ترى البان بأغصانه

قد أقلب الفرو إلى برّا

ما قيل في الشقيق

ابن الروميّ :

__________________

(١) القصف : الإقامة في الأكل والشرب واللهو ، صوت المعازف.

(٢) في شذرات الذهب : ٥ / ٤٥٦ : أبو جلنك أحمد الحلبي الشاعر المشهور ، أسره التتار فسألوه عن معسكر المسلمين فعظّمهم وكثّرهم فقتلوه سنة ٧٠٠ ه‍.

(٣) السنّور : الهرّ.

٣٥٨

يصوغ لنا كفّ الربيع حدائقا

كعقد عقيق بين سمط لآل

وفيهنّ نوّار الشقائق قد حكى

خدود غوان نقّطت بغوال (١)

كشاجم (٢) :

فرّج القلب غاية التفريج

ابتهاجي ما بين روض بهيج

فكأنّ الشقيق فيه أكال

يل عقيق على رؤوس زنوج

أبو العلاء السّرويّ :

جام تكوّن من عقيق أحمر

ملئت قرارته بمسك أذفر (٣)

خرط الربيع مثاله فأقامه

بين الرياض على قضيب أخضر

أبو بكر الصنوبريّ :

وكأن محمرّ الشقي

ق إذا تصوّب أو تصعّد

أعلام ياقوت نشر

ن على رماح من زبرجد

الخيار البلديّ :

انظر إلى مقل الشقي

ق تضمّنت حدق السبج (٤)

من فوق أغصان حسنّ

وما سمجن (٥) من العوج

آخر :

شقيقة شقص على الورد ما

قد لبست من كثرة الصّبغ

كأنّها في حسنها وجنة

يلوح فيها طرف الصّدغ

في زهر النارنج

للقاضي الفاضل :

__________________

(١) الغوالي : مفردها الغالية وهي أخلاط من الطيب.

(٢) كشاجم : في شذرات الذهب : ٣ / ٣٧ : هو أحد فحول الشعراء واسمه محمود بن حسين ، وقيل أن لقبه منحوت من عدّة علوم يتقنها : فالكاف للكتابة ، والشين من الشعراء ، والألف من الإنشاء ، والجيم من الجدل ، والميم من المنطق ... وكان من شعراء والد سيف الدولة الحمداني : توفي سنة ٣٦٠ ه‍.

(٣) الأذفر : الطيب الرائحة.

(٤) السبج : الخرز الأسود.

(٥) سمج : قبح.

٣٥٩

نديميّ هيّا قد قضى النجم نحبه

وهبّ نسيم ناعم يوقظ الفجرا

وقد أزهر النارنج أزرار فضّة

تزرّ على الأشجار أوراقها الخضرا

في الخشخاش (١)

ابن وكيع :

وخشخاش كأنّا منه نفري

قميص زبرجد عن جسم درّ

كأقداح من البلّور صينت

بأغشية من الديباج خضر

في نور الكتان

ابن وكيع :

ذوائب كتّان تمايل في الضّحى

على خضر أغصان من الرّيّ ميّد

كأنّ اصفرار الزّهر فوق اخضرارها

مداهن تبر ركّبت في زبرجد

آخر :

كأنّه حين يبدو

مداهن اللّازورد

إذا السماء رأته

تقول : هذا فرندي (٢)

ابن الروميّ :

وحلس (٣) من الكتّان أخضر ناعم

سقى نبته داني الرّباب (٤) مطير

إذا درجت فيه الشمال تتابعت

ذوائبه حتّى يقال غدير

__________________

(١) الخشخاش نوعان : الأول منوّم مخدّر ، والثاني وهو المقصود نبات عشبي عريض الأوراق تؤكل ثماره مطبوخة يزرع في المناطق الحارة مثل مصر. (المنجد).

(٢) الفرند : السيف.

(٣) الحلس : ما يبسط على الأرض في البيت تحت حرّ الثياب والمتاع.

(٤) الرباب : السحاب الأبيض.

٣٦٠