حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨١
الجزء ١ الجزء ٢

سنة سبعين (١). قال ابن الكرمانيّ في مختصر المسالك : وهو الّذي جعل للمماليك اللحم السّميط في وزارته ، ولم يكن يفرّق عليهم قبل ذلك إلا السليخ.

ووزر تاج الدين عبد الوهاب الملكيّ ، ويعرف بالنشو ، ثمّ صرف في رجب سنة ستّ وسبعين.

وأعيد ابن الغنّام ، ثمّ صرف من عامه.

وتعطّلت الوزارة إلى ربيع الأول سنة سبع وسبعين ، فأعيد التاج الملكيّ (٢) ، ثمّ صرف سنة ثمان وسبعين.

وأعيد ابن الغنّام ثم صرف.

وأعيد النّشو ثم صرف.

واستقرّ كريم الدين بن الرّويهب ، ثمّ عزل في شوال سنة تسع وسبعين.

ووزر صلاح الدين خلي بن عرّام (٣) ، ثمّ عزل في صفر سنة ثمانين.

ووزر كريم الدين بن مكانس (٤) ، ثمّ عزل في شوال من السنة.

وأعيد (٥) النّشو ، ثمّ عزل في ربيع سنة إحدى وثمانين.

ووزر شمس الدين (٦) بن أبر ، ثمّ عزل سنة خمس وثمانين.

ووزر شمس الدين إبراهيم كاتب أربان (٧) ، فأقام إلى أن مات سنة تسع وثمانين.

ووزر بعده علم الدين إبراهيم القبطيّ بن كاتب سيّدي ، ثمّ عزل في رمضان سنة تسع.

ووزر كريم الدين (٨) بن غنّام ، ثمّ وزر موفّق الدين (٩) أبو الفرج في صفر سنة اثنتين وتسعين.

__________________

(١) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٠٨ : سنة ٧٧٦ ه‍.

(٢) النجوم الزاهرة : ١١ / ١٢٢.

(٣) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٣٢. استقر صلاح الدين خليل بن عرّام وزيرا بالديار المصرية عوضا عن القاضي كريم الدين بن الرويهب الذي صودر.

(٤) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٣٤.

(٥) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٦٦ : في سنة ٧٨٢ توفي الوزير عبد الوهاب المكّي المعروف بالنّشو بعد أن ولي الوزارة أربع مرّات.

(٦) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٧٠ : الوزير شمس الدين المقسي. وفيه أيضا : ١١ / ١٨٧ : سن إبرة.

(٧) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٩١ : أرنان.

(٨) النجوم الزاهرة : ١١ / ٢٣٦.

(٩) النجوم الزاهرة : ١٢ / ٥.

٢٠١

ثم وزر سعد الدين (١) سعد الله بن البقريّ في ربيع الآخر من السنّة ، ثمّ عزل في رمضان سنة اثنتين وتسعين.

وأعيد أبو الفرج ، ثمّ عزل في صفر.

ووزر ركن الدين عمر بن قيماز ، ثمّ عزل في رجب.

ووزر تاج الدين بن أبي شاكر ، ثمّ عزل في المحرّم سنة خمس وتسعين.

وأعيد موفّق الدين ، ثمّ عزل سنة ستّ وتسعين.

ووزر الأمير ناصر الدين محمد بن رجب بن كلبك بن الحسام ، ولقّب وزير الوزراء إلى أن مات سنة ثمان وتسعين.

ووزر مبارك شاه ، ثمّ صرف في رجب.

وأعيد ابن البقريّ ، ثمّ عزل في ربيع الأوّل سنة تسع وتسعين.

ووزر بدر الدين محمد (٢) الطوخيّ ، ثمّ صرف في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانمائة.

ووزر تاج الدّين (٣) عبد الرزاق بن أبي الفرج ، ثمّ صرف في ذي القعدة من السنة.

ووزر الشهاب أحمد بن عمر بن قطنة (٤) ، ثمّ صرف في ذي الحجّة من السنة.

ووزر فخر الدين ماجد بن غراب ، ثمّ صرف في ربيع الآخر سنة اثنتين.

وأعيد بدر الدين الطوخيّ ، ثم عزل.

وأعيد ابن غراب ، ثمّ عزل في رجب سنة ثلاث.

ووزر علم الدين يحيى بن أسعد المعروف بأبو كمّ (٥) ، ثمّ صرف في ربيع الآخر سنة أربع.

ووزر الأمير مبارك شاه الحاجب ، ثمّ صرف.

ووزر تاج الدين البقريّ ، ثمّ صرف في المحرّم.

ووزر فخر الدين بن غراب ، ثمّ عزل سنة خمس.

__________________

(١) في النجوم الزاهرة : ١٢ / ٩ : سعد الدين نصر الله بن البقري.

(٢) في النجوم الزاهرة : ١٢ / ٥٦ : بدر الدين محمد بن محمد الطوخي.

(٣) النجوم الزاهرة : ١٢ / ٧٩.

(٤) في النجوم الزاهرة : ١٢ / ١٤١ : ابن قطينة.

(٥) في النجوم الزاهرة : ١٢ / ١٩٨ : المعروف بأبي كمّ.

٢٠٢

ووزر علاء الدين الأخمص ، ثمّ عزل في شوال.

ووزر مبارك شاه ، ثمّ صرف.

وولي تاج الدين بن البقريّ ، ثمّ توارى في المحرّم سنة ست وثمانمائة.

وأعيد علم الدين أبو كمّ ، ثمّ هرب بعد ثمانية أيام.

وأعيد ابن البقريّ ، ثمّ هرب في ربيع الأول.

وأعيد تاج الدين بن عبد الرزاق ، ثمّ هرب أيضا بعد أيّام.

وأعيد ابن البقريّ ، ثمّ صرف في ذي الحجّة سنة سبع.

وأعيد فخر الدين (١) ماجد بن غراب ، ثمّ صرف سنة تسع.

ووزر جمال الدين (٢) البيريّ الأستادار ، ثمّ صرف في سنة اثنتي عشرة.

ووزر سعد الدين (٣) إبراهيم بن البشيريّ ، ثم صرف في ربيع الأوّل سنة ستّ عشرة.

ووزر تاج الدين (٤) بن الهيصم.

ثم وزر تقيّ الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر في المحرّم سنة تسع عشرة ، فأقام إلى ذي القعدة من السنة ، ومات.

فوزر فخر الدين الأستادار في سنة عشرين.

ووزر أرغون شاه (٥) ع ثمّ صرف في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين.

ووزر بدر الدين (٦) بن محبّ الدين ، ثمّ صرف في ذي القعدة من عامه.

ووزر بدر الدين (٧) بن نصر الله ، ثمّ صرف في المحرّم سنة أربع وعشرين.

ووزر تاج الدين كاتب المناخات ، ثمّ صرف في ذي الحجة سنة خمس وعشرين.

ووزر أرغون شاه (٨) ، ثمّ صرف في شوّال سنة ستّ وعشرين.

ووزر كريم الدين (٩) بن كاتب المناخات ، ثمّ صرف في رجب سنة سبع وثلاثين.

ووزر أمين الدين (١٠) بن الهيصم ، ثمّ صرف في سنة ثمان وثلاثين.

__________________

(١) النجوم الزاهرة : ١٢ / ٢٥٠.

(٢) النجوم الزاهرة : ١٣ / ٢٠.

(٣) النجوم الزاهرة : ١٣ / ٥٨.

(٤) النجوم الزاهرة : ١٣ / ١٧٠.

(٥) في النجوم الزاهرة : ١٣ / ٢١١ : أرغون شاه النوروزي الأعور.

(٦) النجوم الزاهرة : ١٣ / ٢١٥.

(٧) في النجوم الزاهرة : ١٣ / ٢٢٣ : بدر الدين حسن بن نصر الله الغوّي.

(٨) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٨٧.

(٩) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٢٨.

(١٠) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٣٢.

٢٠٣

ووزر سعد الدين (١) إبراهيم بن كاتب جكم.

ثم وزر أخوه جمال (٢) الدين يوسف في ربيع الأوّل من السنة ، ثمّ صرف في جمادى الآخرة من السنة.

ووزر تاج الدّين (٣) عبد الوهاب بن الخطير ، ثمّ صرف في رمضان سنة تسع وثلاثين.

ووزر الأمير خليل (٤) بن شاهي نائب الإسكندرية ، ثم صرف.

ووزر كريم الدين (٥) بن كاتب المناخ في ربيع الأوّل سنة أربعين.

ثمّ في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وزر عوضا عنه أمين الدين (٦) بن الهيصم ، ثم صرف.

ووزر (٧) سعد الدين فرج بن النجار ، ثمّ صرف في جمادى سنة ثمان وخمسين.

وأعيد أمين الدين (٨) بن الهيصم ، ثمّ صرف في ذي القعدة من السنة.

وأعيد سعد الدين.

ثم وزر عليّ بن محمد الأهناسيّ ، ثمّ صرف في صفر سنة أربع وستّين.

ووزر فارس المحمّدي يوما واحدا ، ثمّ صرف.

ووزر منصور الكاتب ثمّ صرف.

ووزر محمد الأهناسيّ والد عليّ المذكور عشرة أيام.

ثمّ وزر منصور الأسلميّ ثمّ صرف في ربيع الآخر.

وأعيد سعد الدين بن النجار ، ثمّ صرف في ربيع الأوّل سنة خمس وستّين.

وأعيد عليّ بن الأهناسيّ ، ثم صرف.

ووزر شمس الدين بن صنيعة ، ثمّ صرف في صفر سنة سبع وستين.

__________________

(١) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٣٨.

(٢) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٤٠.

(٣) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٤١.

(٤) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٥٩.

(٥) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٦٠.

(٦) النجوم الزاهرة : ١٥ / ١٣٢.

(٧) لم يذكر المؤلف وزارة تغري بردي التي انتهت سنة ٨٥٧. انظر النجوم الزاهرة : ١٦ / ١٢.

(٨) النجوم الزاهرة : ١٦ / ١١٣.

٢٠٤

وأعيد ابن الأهناسيّ (١) ، ثمّ صرف في شوال.

ووزر مجد الدين (٢) بن البقريّ ، ثمّ صرف في المحرّم سنة ثمان وستّين.

ووزر يونس بن عمر بن جربغا ، ثمّ صرف عن قرب.

وأعيد المجد بن البقريّ ، ثمّ صرف في ربيع الأول.

ووزر محمد البباويّ إلى أن غرق آخر ذي الحجة سنة تسع وستين.

وأعيد الشرف يحيى بن صنيعة ، ثمّ صرف في جمادى الآخرة.

ووزر قاسم (٣) القرافيّ ، ثمّ صرف.

ووزر الأمير يشبك الدّوادار ، ثمّ صرف.

ووزر الأمير خشقدم الطواشيّ ، ثمّ صرف.

ووزر ابن الزرازيريّ كاشف الصعيد ثمّ صرف عن قرب.

وأعيد قاسم ، ثمّ صرف.

ووزر الأمير أقبردي الدّوادار.

ثم ولي بعده الأمير كرتباي الأحمر يوم الخميس ، مستهلّ ذي الحجة سنة إحدى وتسعمائة.

ذكر كتاب السر

قال ابن الجوزي في التّلقيح : كان يكتب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت الأنصاري ومعاوية بن أبي سفيان وحنظلة بن الربيع الأسديّ وخالد بن سعيد بن القاضي وأبّان بن سعيد والعلّاء بن الحضرمي ؛ وكان المداوم له على الكتابة زيد ومعاوية.

وكان كاتب أبي بكر الصدّيق عثمان بن عفان ، وكاتب عمر زيد بن ثابت وكاتب عثمان مروان بن الحكم ، وكاتب عليّ عبد الله بن رافع وسعيد بن أبي نمر ، وكاتب

__________________

(١) النجوم الزاهرة : ١٦ / ٢٤٣.

(٢) النجوم الزاهرة : ١٦ / ٢٤٥.

(٣) في النجوم الزاهرة : ١٦ / ٢٦١ : قاسم صيرفي اللحم المعروف بجفيتة.

٢٠٥

الحسن كاتب أبيه ، وكاتب معاوية عبيد الله بن أوس الغسّانيّ. وكاتب يزيد عبيد الله بن أوس ، ثم عمر العذريّ ، وكاتب ابنه معاوية زمل بن عمر العذريّ ، وكاتب مروان عبيد الله بن أوس وشعبان الأحول ، وكاتب عبد الملك بن مروان روح بن زنباع الجذاميّ وقبيصة بن ذئيب ، وكاتب ابنه الوليد قبيصة بن ذؤيب وقرّة بن شريك والضحاك بن زمل ، وكاتب سليمان يزيد بن المهلّب وعبد العزيز بن الحارث ، وكاتب عمر بن عبد العزيز رجاء بن حيوة الكنديّ وليث بن أبي رقيّة ، وكاتب يزيد بن عبد الملك سعيد بن الوليد الأبرش ومحمد بن عبد الله بن حارثة الأنصاري ، وكاتب هشام هذان وسالم مولاه ، وكاتب الوليد العباس بن مسلم ، وكاتب يزيد بن الوليد ثابت بن سليمان ، وكاتب إبراهيم ابن الوليد ثابت هذا ، وكاتب مروان الحمار عبد الحميد بن يحيى مولى بني عامر.

وقال ابن فضل الله : كانت كتابة الإنشاء في المشرق في خلافة بني العبّاس منوطة بالوزراء ، وربّما انفرد بها رجل ، واستقلّ بها كتّاب لم يبلغوا مبلغ الوزارة ، فكان يسمّى في المشرق كاتب الإنشاء. ثمّ لمّا كثر عددهم سمّي رئيسهم رئيس ديوان الإنشاء ، ثمّ بقي يطلق عليه تارة صاحب ديوان الإنشاء ، وتارة كاتب السرّ. قال : وهي عندي أنبه ، وعند النّاس أدلّ ، وكانت في دولة السلاجقية وملوك الشرق يسمّى ديوان الطغراوية ، والطغراء هي الطرّة بالفارسية. وأهل المغرب يسمّون صاحب ديوان الإنشاء صاحب القلم الأعلى. انتهى.

وقال غيره : إنّما حدثت وظيفة كتابة السرّ في أيّام قلاوون ، وكانت هذه الوظيفة قديما في ضمن الوزارة ، والوزير هو المتصرّف في الديوان ، وتحت يده جماعة من الكتّاب ، وفيهم رجل كبير يسمّى صاحب ديوان الإنشاء (١) ، وصاحب ديوان الرسائل ، فكان الكاتب للسفّاح عبد الجبار بن عديّ ثمّ كتب للمنصور ، وكتب له أيضا عبد الله بن المقفّع المشهور بالبلاغة وأبو أيوب (٢) الموريانيّ ، وكتب للمهديّ وزيره معاوية (٣) بن عبد الله والربيع بن يونس الحاجب ، وكتب للهادي عمرو بن بزيع ، فلمّا استخلف الرشيد ولّى يوسف (٤) بن القاسم بن صبيح كتابة الإنشاء ، فكان هو الذي قام خطيبا بين

__________________

(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٢٥ : ويجلس فيه كاتب السر وعنده موقّعو الدرج وموقّعو الدست في أيام المواكب طوال النهار ، ويحمل إليهم من المطبخ السلطاني في المطاعم ، وكانت الكتب الواردة وتعليق ما يكتب من الباب السلطاني موضوعة بهذه القاعة.

(٢) انظر تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٤٦٩.

(٣) في تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٤٧٢ : بن عبيد الله.

(٤) تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٤٧٠.

٢٠٦

يديه ، حتّى أخذت له البيعة ، وكتب للمأمون أحمد بن يوسف والقاسم بن صبيح الكاتب وأحمد بن الضّحاك الطبريّ ، وعمرو (١) بن مسعدة والمعلّى بن أيّوب وعمرو بن مهبول ، وكتب للمعتصم والواثق إبراهيم الموصليّ. وكتب للمتوكّل أحمد بن المدبّر وإبراهيم (٢) بن العبّاس الصوليّ. وكتب للطائع أبو القاسم عيسى بن الوزير عليّ بن عيسى بن الجراح. وكتب للقادر إبراهيم بن هلال الصابئ ، وكان على دين الصابئة إلى أن مات.

وكتب لجماعة من الخلفاء أبو سعيد العلاء بن الحسن بن وهب بن الموجلايا ، قال بعضهم : كتب في الإنشاء للخلفاء خمسا وستّين سنة ، وكان نصرانيا ، فأسلم على يد المقتدي.

وكتب للمقتدي سديد الدّولة أبو عبد الله بن إبراهيم بن عبد الكريم بن الأنباريّ. قال ابن كثير : كان كاتب الإنشاء ببغداد للخلفاء ، وانفرد بصناعة الإنشاء.

وكتب للنّاصر قوام الدين يحيى بن سعيد الواسطيّ المشهور بابن زيادة صاحب ديوان الإنشاء ببغداد ، ومن انتهيت إليه رئاسة الترسّل.

وكتب للمستعصم عزّ الدين عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد المدائنيّ الكاتب ومات سنة خمس وخمسين وستمائة ، وقتل الخليفة عقب موته. فهو آخر كتاب الإنشاء لخلفاء بغداد.

قلت : ومن الاتّفاق الغريب أنّ آخر خلفاء بني أميّة كتب له عبد الحميد (٣) الكاتب وآخر خلفاء بني العبّاس ببغداد كتب له من اسمه عبد الحميد.

وأما مصر فلم يكن بها ديوان إنشاء من حين فتحت إلى أيّام أحمد بن طولون ، فقوي أمرها ، وعظم ملكها ، فكتب عنده أبو جعفر محمد بن أحمد بن مودود (٤).

وكتب لولده خمارويه إسحاق بن نصر العباديّ.

__________________

(١) تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٤٨٠.

(٢) تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٣ / ٤٨٨.

(٣) تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ٢ / ٤٦٥.

(٤) في النجوم الزاهرة : ٣ / ١٣ : وكان له كاتب يعرف بابن دشومة.

٢٠٧

وتوالت دواوين الإنشاء بذلك إلى أن ملكها العبيدية ، فعظم ديوان الإنشاء بها ووقع الاعتناء به واختيار بلغاء الكتاب ما بين مسلم وذميّ ؛ فكتب للعزيز بن المعزّ وزيره ابن كلّس (١) ثم أبو عبد الله الموصليّ ، ثمّ أبو المنصور بن حورس النصرانيّ ، ثم كتب للحاكم ومات في أيامه.

وكتب للحاكم بعده القاضي أبو الطاهر الهوليّ ، ثمّ كتب لابن الحاكم الظاهر.

وكتب للمستنصر القاضي وليّ الدين بن خيران ووليّ الدولة موسى بن الحسن بعد انتقاله إلى الوزارة وأبو سعيد العبديّ.

وكتب للآمر والحافظ أبو الحسن عليّ بن أبي أسامة الحلبيّ ، إلى أن توفّي ، فكتب ولده أبو المكارم إلى أن توفّي ومعه أمين الدين تاج الرياسة أبو القاسم عليّ بن سليمان المعروف بابن الصيرفيّ والقاضي كافي الكفاة محمود بن الموفق بن قادوس وابن أبي الدم اليهوديّ. ثم كتب بعد ابن أبي المكارم القاضي موفّق الدين أبو الحجاج يوسف بن الخلّال بقية أيام الحافظ إلى آخر أيام العاضد ، وبه تخرّج القاضي القاضل.

ثم أشرك العاضد مع ابن الخلّال في ديوان الإنشاء القاضي جلال الدين محمود الأنصاريّ.

ثم كتب القاضي الفاضل عبد الرحيم (٢) البيسانيّ بين يدي ابن الخلّال في وزارة صلاح الدين ، فلمّا ملك صلاح الدين كتب له القاضي الفاضل. ثمّ أضيفت إليه الوزارة. ثمّ كتب بعده لابنه العزيز ثمّ لولده المنصور ومات.

وكتب للكامل أمين الدين سليمان المعروف بكاتب الدّرج إلى أن مات ، فكتب بعده أمين الدين عبد المحسن بن حمود الحلبيّ ، ثمّ كتب للصالح أيضا.

ثم ولي ديوان الإنشاء الصاحب بهاء الدين (٣) زهير الشاعر المشهور ، ثمّ صرف وولي بعده الصاحب فخر الدين إبراهيم (٤) بن لقمان الأسعرديّ ، فأقام إلى انقراض الدولة الأيّوبية ، وكتب بعدها للمعزّ أيبك ثمّ للمظفر قطز ، ثمّ للظاهر بيبرس ثمّ للمنصور قلاوون ، ثمّ نقله قلاوون من ديوان الإنشاء للوزارة.

وولي ديوان الإنشاء مكانه فتح الدين (٥) بن عبد الظاهر ، وهو أوّل من سمّي كاتب

__________________

(١) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٢٦.

(٢) شذرات الذهب : ٤ / ٣٢٤.

(٣) النجوم الزاهرة : ٦ / ٢٩٦.

(٤) النجوم الزاهرة : ٦ / ٢٩٧.

(٥) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٢٦.

٢٠٨

السرّ ، وسبب ذلك ما حكاه الصلاح الصّفديّ أنّ الملك الظاهر رفع إليه مرسوم أنكره ، فطلب محيي الدين بن عبد الظاهر وأنكر عليه ، فقال : يا خوند (١) ، هكذا قال لي الأمير سيف الدين بلبان الدّوادار (٢) ، فقال السلطان : ينبغي أن يكون للملك كاتب سرّ يتلقّى المرسوم منه شفاها ـ وكان قلاوون حاضرا من جملة الأمراء ـ فوقرت هذه الكلمة في صدره ، فلمّا تسلطن اتّخذ كاتب سرّ ، فكان فتح الدين هذا أوّل من شهر بهذا الاسم ؛ وكان هو والوزير لقمان بين يدي السلطان ، فحضر كتاب ، فأراد الوزير أن يقرأه ، فأخذ السلطان الكتاب منه ، ودفعه إلى فتح الدين ، وأمره بقراءته ، فعظم ذلك على ابن لقمان ؛ وكانت العادة إذ ذاك ألّا يقرأ أحد على السلطان كتابا بحضرة الوزير. واستمرّ فتح الدين في كتابة السرّ إلى أن توفّي أيّام الأشرف خليل.

فولي مكانه تاج الدين بن الأثير إلى أن توفّي.

وولي شرف الدين عبد الوهاب العمريّ ، ثمّ نقله الناصر في سنة إحدى عشرة وسبعمائة إلى كتابة السرّ بدمشق.

وولي مكانه علاء الدين بن تاج الدين بن الأثير إلى أن فلج.

وولي محيي الدين بن فضل الله ، وولده شهاب الدينا معينا له لكبر سنه ، ثمّ صرفا.

وولي شرف الدين بن الشهاب محمود ثمّ صرف ، وأعيد ابن فضل الله وولده شهاب الدين ثمّ صرفا إلى الشام.

وولي علاء الدين بن فضل الله أخو شهاب الدين ، فاستمرّ في الوظيفة نيّفا وثلاثين سنة إلى أن مات سنة تسع وستين وسبعمائة.

وولي ولده بدر الدين (٣) محمد إلى أن تسلطن برقوق فصرفه.

وولّى أوحد الدين (٤) عبد الواحد بن إسماعيل التركمانيّ ؛ إلى أن مات في ذي الحجة سنة ستّ وثمانين [وسبعمائة].

__________________

(١) في حواشي السلوك : ١ / ٢٢٤ : الخوند لفظ تركي أو فارسي ، ومعناه السيد أو الأمير.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٢٢ : والدوادار وعمله تبليغ الرسائل عن السلطان وعامة الأمور وتقديم البريد.

(٣) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٨٧ : خلع السلطان برقوق على القاضي بدر الدين بن فضل الله كاتب السر في سنة ٧٨٤ ه‍.

(٤) النجوم الزاهرة : ١١ / ١٨٧.

٢٠٩

وأعيد بدر الدين (١) إلى أن تسلطن برقوق الثّانية ، فصرفه.

وولي علاء الدين عليّ (٢) بن عيسى الكركيّ إلى أن مات سنة أربع وتسعين [وسبعمائة].

وأعيد بدر الدين إلى أن مات في شوال سنة ستّ وتسعين.

وولي بدر الدين محمود (٣) الكلستانيّ إلى أن مات في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانمائة.

وولي فتح الدين فتح الله بن مستعصم (٤) التّبريزيّ ، ثم صرفه الناصر فرج بسعد الدين بن غراب مدّة يسيرة ، ثمّ صرف ابن غراب ، وأعيد فتح الله ثمّ صرف ، وولي فخر الدين بن المزوّق ثمّ صرف ، وأعيد فتح الله إلى أن قبض عليه المؤيّد سنة ستّ عشرة وثمانمائة.

وولي ناصر الدين محمد بن البارزيّ إلى أن مات في سنة ثلاث وعشرين [وثمانمائة].

وولي ولده كمال الدين (٥) محمد ، ثمّ صرف.

وولي علم الدين داود بن الكويز إلى أن مات سنة ستّ وعشرين [وثمانمائة].

وولي جمال الدين (٦) يوسف بن الكركيّ ثمّ صرف.

وولي قاضي القضاة شمس الدين الهروي الشافعيّ ، ثمّ صرف.

وولي نجم الدين عمر بن حجّي ثمّ صرف.

وولي شمس الدين محمد بن مزهر إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين [وثمانمائة].

وولي ولده جلال الدين محمد (٧) ، ثمّ صرف.

__________________

(١) النجوم الزاهرة : ١١ / ١٩٨.

(٢) النجوم الزاهرة : ١٢ / ٧.

(٣) النجوم الزاهرة : ١٢ / ٣٦.

(٤) في النجوم الزاهرة : ١٢ / ٧٩ : بن معتصم.

(٥) النجوم الزاهرة : ١٣ / ١٧٢.

(٦) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٩١.

(٧) النجوم الزاهرة : ١٤ / ١٦٠.

٢١٠

وولي الشّريف شهاب الدين الدّمشقي إلى أن مات بالطاعون.

وولي شهاب الدين (١) أحمد بن السفّاح الحلبيّ إلى أن مات سنة خمس وثلاثين.

وولي الوزير كريم الدين (٢) عبد الكريم كاتب المناخ مضافا للوزارة ، ثمّ صرف بعد أشهر.

وأعيد الكمال بن البارزيّ ، ثمّ صرف في رجب سنة تسع وثلاثين [وثمانمائة].

وولي محبّ الدّين بن الأشقر ، ثمّ صرف.

وولي صلاح الدين (٣) محمد بن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله إلى أن مات بالطاعون سنة إحدى وأربعين.

وولي مكانه أبو الصاحب بدر الدين (٤) حسن ، ثمّ صرف في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين.

وأعيد ابن البارزيّ إلى أن مات في صفر سنة ستّ وخمسين.

وأعيد ابن الأشقر (٥) ، ثمّ صرف في ذي القعدة.

وولي محبّ الدين (٦) بن الشّحنة ثمّ صرف بعد ستة أشهر.

وأعيد ابن الأشقر ، ثمّ صرف في جمادى الأولى سنة ثلاث وستين [وثمانمائة].

وأعيد ابن الشّحنة ثمّ صرف في شوال سنة ستّ وستّين.

وولي القاضي برهان الدين (٧) بن الديري ، ثم صرف بعد نصف شهر.

وولي القاضي تقيّ الدين أبو بكر بن كاتب السرّ بدر الدين بن مزهر ، فاستمر إلى الآن عامله الله بألطافه ، وختم لنا وله بخير. آمين.

ثم توفّي في سادس رمضان سنة ثلاث وتسعين [وثمانمائة] ، وولي ولده القاضي بدر الدين أعزّه الله تعالى!

__________________

(١) النجوم الزاهرة : ١٤ / ١٧٩.

(٢) النجوم الزاهرة : ١٤ / ١٩٣.

(٣) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٦٥.

(٤) النجوم الزاهرة : ١٤ / ٢٨٣.

(٥) النجوم الزاهرة : ١٥ / ١٨٣.

(٦) النجوم الزاهرة : ١٦ / ١٠٤.

(٧) النجوم الزاهرة : ١٦ / ٢٤٠.

٢١١

ذكر جوامع مصر

اعلم أنه من حين فتحت مصر لم يكن بها مسجد تقام فيه الجمعة سوى جامع عمرو بن العاص إلى أن قدم عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عباس من العراق في طلب مروان الحمار سنة ثلاث وثلاثين ومائة ، فنزل عسكره في شماليّ الفسطاط وبنوا هنالك الأبنية ، فسمّي ذلك الموضع بالعسكر ، وأقيمت هناك الجمعة في مسجد فصارت الجمعة تقام بجامع عمرو وبجامع العسكر (١) إلى أن بنى السلطان أحمد بن طولون جامعه حين بنى القطائع (٢) ، فأبطلت الخطبة من جامع العسكر ، وصارت الجمعة تقام بجامع عمرو وبجامع ابن طولون إلى أن قدم جوهر القائد ، واختطّ القاهرة ، وبنى الجامع الأزهر في سنة ستّين (٣) وثلاثمائة ، فصارت الجمعة تقام بثلاثة جوامع.

ثمّ إنّ العزيز بالله بنى في ظاهر القاهرة من جهة باب الفتوح الذي يعرف اليوم بجامع الحاكم سنة ثمانين وثلاثمائة ، وأكمله ابنه الحاكم (٤) ، ثمّ بنى جامع المقس وجامع (٥) راشدة ، فكانت الجمعة تقام في هذه الجوامع الستّة إلى أن انقضت دولة العبيديين في سنة سبع وستّين وخمسمائة ، فبطلت الجمعة من الجامع الأزهر ، وبقيت فيما عداه.

فلمّا كانت الدولة التركيّة أحدثت عدّة جوامع ، فبني في زمن الظّاهر بيبرس جامع الحسينية (٦) في سنة تسع وستّين ؛ ثمّ بنى النّاصر بن قلاوون الجامع الجديد (٧) بمصر في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ، وبنى أمراؤه وكتّابه في أيامه نحو ثلاثين جامعا ، وكثرت في هذا القرن وما بعده إلى الآن ؛ فلعلّها الآن في مصر والقاهرة أكثر من مائتي جامع.

قال هشام بن عمّار : حدّثنا المغيرة بن المغيرة ، حدّثنا عثمان بن عطاء الخراسانيّ عن أبيه ، قال : لمّا افتتح عمر البلدان كتب إلى أبي موسى وهو على البصرة يأمره أن يتّخذ مسجدا للجماعة ، ويتّخذ للقبائل مساجد ، فإذا كان يوم الجمعة انضمّوا إلى مسجد الجماعة ، وكتب إلى سعد بن أبي وقّاص وهو على الكوفة بمثل ذلك ، وكتب إلى عمرو ابن العاص وهو على مصر بمثل ذلك ، وكتب إلى أمراء أجناد الشام ألّا ينبذوا إلى القرى وأن ينزلوا المدائن ، وأن يتّخذوا في كلّ مدينة مسجدا واحدا ، ولا تتّخذ القبائل مساجد ؛ وكان الناس متمسّكين بأمر عمر وعهده.

__________________

(١) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٤.

(٢) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٥.

(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٧٣ : شرع في بنائه سنة ٣٥٩ ه‍ وكمل سنة ٣٦١ ه‍.

(٤) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٧٧.

(٥) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣.

(٦) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٩٩.

(٧) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٣٠٤.

٢١٢

وقال القضاعيّ : لم تكن الجمعة تقام في زمن عمرو بن العاص بشيء من أرض مصر إلا بجامع الفسطاط.

قال ابن يونس : جاء نفر من غافق إلى عمرو بن العاص ، فقالوا : إنّا نكون في الريف ، فنجتمع في العيدين الفطر والأضحى ، ويؤمّنا رجل منّا ، قال : نعم ، قالوا : فالجمعة؟ قال : لا ، ولا يصلّي الجمعة بالناس إلّا من أقام الحدود ، وأخذ بالذنوب ، وأعطى الحقوق.

جامع عمرو

قال ابن المتوّج في إيقاظ المتغفّل وإيعاظ المتؤمّل : هو الجامع العتيق المشهور بتاج الجوامع (١) ، قال اللّيث بن سعد : ليس لأهل الراية مسجد غيره ؛ وكان الذي حاز موضعه ابن كلثوم التّجيبيّ (٢) ، ويكنى أبا عبد الرحمن ، ونزله في حصارهم الحصن ، فلمّا رجعوا من الإسكندرية سأل عمرو قيسبة في منزله هذا ، تجعله مسجدا؟ فقال قيسبة : فإنّي أتصدّق به على المسلمين ، فسلّمه إليهم ؛ فبني في سنة إحدى وعشرين ، وكان طوله خمسين ذراعا في عرض ثلاثين. ويقال إنّه وقف على إقامة قبلته ثمانون رجلا من الصحابة ، منهم الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصّامت وأبو الدرداء وأبو ذرّ وأبو بصرة ومحمية (٣) بن جزء الزّبيديّ ونبيه بن صواب وفضالة بن عبيد وعقبة بن عامر ورافع بن مالك وغيرهم.

ويقال إنّها كانت مشرفة جدّا ، وأنّ قرّة بن شريك لما هدم المسجد وبناه في زمن الوليد تيامن (٤) قليلا.

وذكر أنّ الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة كانا يتيامنان إذا صلّيا فيه ؛ ولم يكن للمسجد الذي بناه عمرو محراب مجوّف ، وإنّما قرّة بن شريك جعل المحراب المجوّف.

وأوّل من أحدث ذلك عمر بن عبد العزيز ، وهو يومئذ عامل الوليد على المدينة حين هدم المسجد النبويّ ، وزاد فيه.

__________________

(١) انظر الخطط المقريزية : ـ ٢ / ٢٤٦.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٦ : قيسبة بن كلثوم التجيبي.

(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧ ؛ محمئة.

(٤) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧.

٢١٣

وأوّل من زاد في جامع عمرو مسلمة (١) بن مخلد ، وهو أمير مصر سنة ثلاث وخمسين ، شكا الناس إليه ضيق المسجد ، فكتب إلى معاوية ، فكتب معاوية إليه يأمره بالزيادة فيه ، فزاد فيه من بحرية (٢) ، وجعل له رحبة من البحريّ وبيّضه وزخرفه ، ولم يغيّر البناء القديم ، ولا أحدث في قبلته ولا غربيّه شيئا.

وكان عمرو قد اتّخذ منبرا ، فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه يعزم عليه في كسره : أما يحسبك أن تقوم قائما ، والمسلمون جلوس تحت عقبيك! فكسره (٣).

وذكر أنّه زاد من شرقيّه حتّى ضاق الطريق بينه وبين دار عمرو بن العاص وفرشه بالحصر وكان مفروشا بالحصباء.

وقال في كتاب الجند العربيّ : إنّ مسلمة نقض جميع ما كان عمرو بن العاص بناه ، وزاد فيه من شرقيّه ، وبنى فيه أربع صوامع (٤) ، في أركانه الأربع برسم الأذان ، ثمّ هدمه عبد العزيز بن مروان أيّام إمرته بمصر في سنة تسع وسبعين ، وزاد فيه من ناحية الغرب ، وأدخل فيه الرّحبة التي كانت بحريّه (٥).

ثم في سنة تسع وثمانين أمر الوليد نائبه بمصر برفع سقفه وكان مطأطئا ، ثمّ هدمه قرّه بن شريك بأمر الوليد سنة اثنتين وتسعين وبناه ، فكانوا يجمعون في قيساريّة العسل حتى فرغ من بنائه في رمضان سنة ثلاث وتسعين ، ونصب فيه المنبر الجديد في سنة أربع وتسعين ، وعمل فيه المحراب المجوّف ، وعمل للجامع أربعة أبواب ، ولم يكن له قبل إلا بابان ، وبنى فيه بيت المال بناه أسامة بن زيد التنّوخيّ متولّي الخراج بمصر سنة تسع وتسعين ؛ فكان مال المسلمين فيه ، ثمّ زاد فيه صالح بن عليّ بن عبد الله بن عباس ، وهو يومئذ أمير من قبل السّفاح ، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائة ، فأدخل فيه دار الزبير بن العوام ، وأحدث له بابا خامسا (٦).

ثمّ زاد فيه موسى بن عيسى الهاشميّ ، وهو يومئذ أمير مصر من قبل الرشيد في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة.

ثمّ زاد عبد الله بن طاهر بن الحسين ـ وهو أمير مصر من قبل المأمون ـ في

__________________

(١) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧ : فزاد فيه من شرقيّه وبحريّه.

(٣) انظر المصدر السابق.

(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧ : بأمر معاوية.

(٥) في المصدر السابق : التي كانت في بحريّه.

(٦) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٩.

٢١٤

جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة ومائتين ؛ فتكامل ذرع الجامع مائتين (١) وتسعين ذراعا بذراع العمل طولا في مائة وخمسين عرضا. ويقال إن ذرع جامع ابن طولون مثل ذلك سوى الأزقّة المحيطة بجوانبه الثلاثة. ونصب عبد الله بن طاهر اللّوح الأخضر ، فلما احترق الجامع احترق ذلك اللوح ، فجعل أحمد بن محمد العجيفيّ هذا اللوح مكانه ، وهو الباقي إلى اليوم.

ولما تولّى الحارث بن مسكين القضاء من قبل المتوكّل سنة ثلاث (٢) وثلاثين ومائتين ، أمر ببناء هذه الرحبة لينتفع الناس بها ، وبلّط زيادة بن طاهر ، وأصلح السّقف.

ثمّ زاد فيه أبو أيّوب أحمد بن محمد بن شجاع صاحب الخراج في أيام المستعصم (٣) في سنة ثمان وخمسين ومائتين.

ثمّ وقع في مؤخّر الجامع حريق في ليلة الجمعة لتسع خلون من صفر سنة خمس وسبعين ومائتين ، فأمر خمارويه بن أحمد بن طولون بعمارته على يد العجيفيّ ، فأعيد على ما كان ، وأنفق فيه ستّة آلاف وأربعمائة دينار ، وكتب اسم خمارويه في دائرة الرّواق الذي عليه اللوح الأخضر.

وزاد فيه أبو حفص العباسيّ أيّام نظره في قضاء مصر خلافة لأخيه الغرفة التي يؤذّن فيها المؤذّنون في السطح ؛ وذلك في سنة ستّ وثلاثين وثلثمائة.

ثمّ زاد فيه أبو بكر محمد بن عبد الله بن الخازن رواقا مقداره تسعة أذرع ، وذلك في رجب سنة سبع وخمسين وثلثمائة ، ومات قبل إتمامه فأتّمه ابنه عليّ ، وفرغ في رمضان سنة ثمان وخمسين [وثلاثمائة](٤) ، ثم بنى فيه الوزير أبو الفرج يعقوب (٥) بن كلّس بأمر العزيز بالله الفوّارة التي تحت قبّة بيت المال ، وهو أوّل من عمل فيه فوّارة.

وفي سنة سبع وثمانين وثلثمائة بيّض المسجد ، ونقشت ألواحه ، وذهّب على يد برجوان الخادم ، وعمل فيه تنّور يوقد كلّ ليلة جمعة.

وفي سنة ثلاث وأربعمائة أنزل إليه من القصر بألف ومائتين (٦) وتسعين مصحفا في ربعات ، فيها ما هو مكتوب بالذهب كلّه ، ومكّن الناس من القراءة فيها ، وأنزل إليه تنّور

__________________

(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٩ : مائة.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : سبع.

(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : المعتصم.

(٤) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠.

(٥) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : ابن يوسف بن كلّس.

(٦) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : وثمانية وتسعين مصحفا.

٢١٥

من فضّة ، استعمله الحاكم بأمر الله برسم الجامع فيه مائة ألف درهم فضّة ، فاجتمع الناس ، وعلّق بالجامع بعد أن قلعت عتبتا الجامع (١) حتّى أدخل به.

ثمّ في أيّام المستنصر في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة زيد في المقصورة في شرقيّها وغربيّها ، وعملت منطقة فضّة في صدر المحراب الكبير ، أثبت عليها اسم أمير المؤمنين ، وجعل لعمودي المحراب أطواقا من فضّة ، فلم يزل ذلك إلى أن استبدّ السلطان صلاح الدين بن أيوب فأزاله (٢).

وفي ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، عمل مقصورة خشب ومحراب ساج منقوش بعمودي صندل برسم الخليفة (٣) ، تنصب له في زمن الصيف ، وتقلع في زمن الشتاء إذا صلّى الإمام في المقصورة الكبيرة.

وفي سنة أربع وستّين وخمسمائة تمكّن الفرنج من ديار مصر ، وحكموا في القاهرة حكما جائرا ، فتشعّث الجامع ، فلما استبدّ السلطان صلاح الدين جدّده في سنة ثمان وستين وخمسمائة ، ورخّمه ورسم عليه اسمه ، وعمّر المنظرة التي تحت المئذنة الكبيرة ، وجعل لها سقاية.

ولمّا تولى تاج الدين بن بنت الأعزّ قضاء الديار المصرية أصلح ما مال منه ، وهدم ما به من الغرف المحدثة ، وجمع أرباب الخبرة ، واتّفق الرأي على إبطال جواز الماء (٤) إلى الفسقيّة ، وكان الماء يصل إليها من بحر النيل ، فأمر بإبطاله لما كان فيه من الضرر على جدار الجامع.

وجدّ السلطان بيبرس في عمارة ما تهدّم من الجامع ، فرسم بعمارته ، وكتب اسم الظاهر بيبرس على اللوح الأخضر ، وجليت العمد كلّها ، وبيّض الجامع بأسره ، وذلك في رجب سنة ستّ وستّين وستّمائة. ثم جدّد في أيّام المنصور قلاوونسنة سبع وثمانين وسبعمائة (٥).

ولما حدثت الزلزلة في سنة اثنتين وسبعمائة تشعّث الجامع فجدّده سلار نائب السلطنة.

__________________

(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : الباب.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥١ : فقلع مناطق الفضة.

(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥١ : عملت لموقف الإمام.

(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٢ : جريان.

(٥) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٢ : وستمائة.

٢١٦

ثمّ تشعّث في أيّام الظاهر برقوق ، فعمره الرئيس برهان الدين إبراهيم بن عمر المحلّي رئيس التّجار ، وأزال اللوح الأخضر ، وجدّد لوحا آخر بدله وهو الموجود الآن ، وانتهت عمارته في سنة أربع وثمانمائة.

وقال ابن المتوّج : ذرع هذا الجامع اثنان وأربعون ألف ذراع بذراع البزّ المصريّ القديم ، وهو ذراع الحصر المستمرّ الآن ، وذرعه بذراع العمل ثمانية وعشرون ألف ذراع ، وعدد أبوابه ثلاثة عشر بابا (١).

وممّن تولّى إمامة هذا الجامع أبو رجب العلاء بن عاصم الخولانيّ ، وهو أوّل من سلّم في الصلاة تسليمتين بهذا الجامع ، بكتاب ورد عليه من المأمون يأمره بذلك ؛ وصلّى خلفه الإمام الشافعيّ حين قدم مصر ، فقال : هكذا تكون الصلاة ، ما صلّيت خلف أحد أتمّ صلاة من أبي رجب ولا أحسن.

ولما تولّى القصص حسن بن الربيع بن سليمان في زمن المتوكّل سنة أربعين ومائتين ، أمر بترك قراءة «بسم الله الرحمن الرحيم» في الصّلاة ، وأمر أن تصلّى التراويح (٢) ، وكانت تصلّى قبل ذلك ستّ تراويح.

قال القضاعيّ : ولم يكن النّاس يصلّون بالجامع صلاة العيد ، حتّى كانت سنة ستّ وثلثمائة (٣) صلّى فيه رجل يعرف بعليّ بن أحمد بن عبد الملك الفهميّ صلاة الفطر ، ويقال إنّه خطب من دفتر نظرا ، وحفظ عنه أنه قال : «اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلّا وأنتم مشركون» ، فقال بعض الشعراء :

قام في العيد لنا خطيبا (٤)

فحرّض النّاس على الكفر

وذكر بعضهم أنه كان يوقد في الجامع العتيق كلّ ليلة ثمانية عشر ألف فتيلة وأنّ المطلق برسمه خاصة لوقود كلّ ليلة أحد عشر قنطارا (٥) زيتا طيّبا.

وقال المقريزيّ : أخبرني شهاب الدين أحمد بن عبد الله الأوحديّ ، أخبرني المؤرّخ ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن الفرات ، أخبرنا العلامة شمس الدين

__________________

(١) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٣.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٤ : خمس تراويح.

(٣) أضاف المقريزي في ٢ / ٢٥٥ : ويقال سنة ثمان وثمانمائة.

(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٥ : خاطب.

(٥) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٦ : ونصف.

٢١٧

محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنفيّ ، أنّه أدرك بجامع عمرو قبل الوباء الكائن في سنة تسع وأربعين وسبعمائة بضعا وأربعين حلقة لإقراء العلم لا تكاد تبرح منه (١).

جامع أحمد بن طولون

هذا الجامع موضعه يعرف بجبل يشكر ، قال ابن عبد الظاهر : وهو مكان مشهور بإجابة الدعاء ، وقيل : إنّ موسى عليه الصلاة والسلام ناجى ربّه عليه بكلمات.

وابتدأ في بناء هذا الجامع (٢) الأمير أبو العباس أحمد بن طولون بعد بنائه القطائع ، وهي مدينة بناها ما بين سفح الجبل حيث القلعة الآن ، وبين الكبارة وما بين كوم الجارح وقناطر السباع ؛ فهذه كانت القطائع.

وكان ابتداء بنائه في سنة ثلاث وستّين ومائتين ، وفرغ منه سنة ست (٣) وستين [ومائتين] ، وبلغت النفقة عليه في بنائه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار. وقيل : إنه قال : أريد أن أبني بناء إن احترقت مصر بقي ، وإن غرقت بقي ، فقيل : يبنى بالجير والرّماد والآجرّ الأحمر ، ولا تجعل فيه أساطين رخام ، فإنّه لا صبر له على النّار ؛ فبنى هذا البناء ، فلمّا كمل بناؤه أمر بأن يعمل دائرة منطقه عنبر معجون ليفوح ريحها على المصلّين ، وأشعر الناس بالصلاة فيه ، فلم يجتمع فيه أحد ، وظنّوا أنّه بناه من مال حرام ، فخطب فيه ، وحلف أنّه ما بنى هذا المسجد بشيء من ماله ، وإنّما بناه بكنز ظفر به ، وإنّ العشار الذي نصبه على منارته وجده في الكنز.

فصلّ الناس فيه ، وسألوه أن يوسّع قبلته ، فذكر أنّ المهندسين اختلفوا في تحرير قبلته ، فرأى في المنام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو يقول : يا أحمد ، ابن قبلة هذا الجامع على هذا الموضع ؛ وخطّ له في الأرض صورة ما يعمل. فلمّا كان الفجر مضى مسرعا إلى ذلك الموضع ؛ فوجد صورة القبلة في الأرض مصوّرة ، فبنى المحراب عليها ، ولا يسعه أن يوسّع فيه لأجل ذلك ، فعظم شأن الجامع ، وسألوه أن يزيد فيه زيادة ، فزاد فيه.

قال الخطيب : ركب أحمد بن طولون يوما يتصيّد بمصر ، فغاصت قوائم فرسه (٤) في الرمل ، فأمر بكشف ذلك الموضع ، فظهر له كنز فيه ألف ألف دينار ، فأنفقها في

__________________

(١) انظر المرجع السابق.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٥ : سنة ثلاث وستين ومائتين.

(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٦ : خمس وستين ومائتين.

(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٧ : ساخت في الأرض يد فرس بعض غلمانه وهو رمل فسقط الغلام في الرمل.

٢١٨

أبواب البرّ والصّدقات ، وبنى منها الجامع ، وأنفق عليه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار ، وبنى المارستان ، وأنفق عليه ستّين ألف دينار.

وقال صاحب مرآة الزمان : قرأت في تاريخ مصر أن ابن طولون كان لا يعبث قطّ ، وأنّه أخذ يوما درجا من الكاغد (١) ، وجعل يعبث به ، وبقي بعضه في يده ، فعجب الحاضرون فقال : اصنعوا منارة الجامع على هذا المثال ، وهي قائمة اليوم على ذلك. قال : ولما تمّ بناء الجامع رأى ابن طولون في منامه كأنّ الله تجلّى للقصور التي حول الجامع ولم يتجلّ للجامع ، فسأل المعبّرين ، فقالوا : يخرب ما حوله ، ويبقى الجامع قائما وحده. قال : ومن أين لكم هذا؟ قالوا : من قوله تعالى : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف : ١٤٣] ، وقوله عليه الصلاة والسلام : «إذا تجلّى الله لشيء خضع له» ، فكان كما قالوا.

وفي الخطط للمقريزيّ : بنى أحمد بن طولون جامعه على بناء جامع سامرّاء ، وكذلك المنارة ، وبيّضه وحلّقه وفرشه بالحصر العبدانيّة ، وعلّق فيه القناديل المحكمة بالسلاسل النحاس المفرّغة الحسان الطوال ، وحمل إليه صناديق المصاحف ، وكان في وسط صحنه قبّة مشبكة من جميع جوانبها ، وهي مذهّبة على عشرة عمد رخام مفروشة كلّها بالرخام ، وتحت القبّة قصعة رخام سعتها أربعة أذرع ، وسطها فوّارة تفور بالماء ، وكانت على السطح علامات للزوال والسطح بدرابزين ساج ، فاحترق هذا كلّه في ساعة واحدة في ليلة الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة ، فلما كان في محرّم سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ؛ أمر العزيز بالله بن المعزّ ببناء فوّارة عوضا عن التي احترقت (٢).

قال المقريزيّ : ولما كمل بناء جامع بن طولون صلّى فيه القاضي بكّار (٣) إماما ، وخطب فيه أبو يعقوب البلخيّ ، وأملى فيه الحديث الربيع بن سليمان تلميذ الإمام الشافعيّ ، ودفع إليه أحمد بن طولون في ذلك اليوم كيسا فيه ألف دينار (٤). وعمل الربيع كتابا فيما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنّة» ، ودسّ أحمد بن طولون عيونا لسماع ما يقوله النّاس من العيوب في الجامع ، فقال رجل : محرابه صغير ، وقال آخر : ما فيه عمود ، وقال آخر : ليس له ميضأة ، فجمع الناس وقال : أمّا المحراب فإنّي رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد

__________________

(١) الكاغد : القرطاس. (فارسية).

(٢) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٨.

(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٥ : بكار بن قتيبة القاضي.

(٤) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٦.

٢١٩

خطّه لي (١) ، وأما العمد فإنّي بنيت هذا الجامع من مال حلال وهو الكنز ، وما كنت لأشوبه بغيره ، وهذه العمد إمّا أن تكون من مسجد أو كنيسة ، فنزّهته عنهما ؛ وأمّا الميضأة ، فها أنا أبنيها خلفه. ثمّ عمل في مؤخّره ميضأة وخزانة شراب فيها ، جمع الأشربة والأدوية ، وعليها خدم ، وفيها طبيب جالس يوم الجمعة لحادث يحدث من الحاضرين للصلاة ، وأوقف على الجامع أوقافا كثيرة سوى الرّباع ونحوها ، ولم يتعرّض إلى شيء من أراضي مصر البتّة.

ثم لمّا وقع الغلاء في زمن المستنصر خربت القطائع بأسرها ، وعدم السكن هنالك ، وصار ما حول الجامع خرابا.

وتوالت الأيام على ذلك ، فتشعّث الجامع ، وخرب أكثره ، وصارات المغاربة تنزل فيه بإبلها ومتاعها عندما تقدم الحجّ ، وتمادى الأمر على ذلك.

ثمّ إنّ لاجين لمّا قتل الأشرف خليل بن قلاوون هرب ، فاختفى بمنارة هذا الجامع فنذر إن نجّاه الله من هذه الفتنة ليعمرنّه ، فنجّاه الله ، وتسلطن ، فأمر بتجديده ، وفوّض أموره إلى الأمير علم الدين سنجر الزينيّ (٢) ، فعمره ووقف عليه وقفا ، ورتّب فيه دروس التفسير والحديث والفقه على المذاهب الأربعة والقراءات والطبّ والميقات حتّى جعل من جملة ذلك وقفا على الدّيكة تكون في سطح الجامع في مكان مخصوص بها لأنّها تعين المؤقّتين وتوقظهم في السحر. فلما قرىء كتاب الوقف على السلطان أعجبه كلّ ما فيه إلّا أمر الدّيكة ، فقال : أبطلوا هذا لا تضحكوا النّاس علينا ، فأبطل.

وأوّل من ولي نظره بعد تجديده الأمير علم الدين سنجر العادليّ ، وهو إذا ذاك دوادار السلطان لاجين.

ثمّ ولي نظره قاضي القضاة بدر الدين (٣) بن جماعة ، ثمّ وليه أمير مجلس في أيّام الناصر محمد بن قلاوون ؛ فلما مات وليه قاضي القضاة عزّ الدين بن جماعة. ثمّ ولّاه الناصر للقاضي كريم الدين (٤) ، فجدّد فيه مئذنتين ، فلمّا نكبه السلطان عاد نظره للقاضي الشافعيّ إلى أيام السلطان حسن ، فتولّاه الأمير صرغتمش ؛ وتوفّر في مدّة نظره من مال الوقف مائة ألف درهم فضّة ، وقبض عليه وهي حاصلة ، فباشره قاضي القضاة إلى أيام الأشرف شعبان ، ففوّض نظره إلى الأمير الجاي اليوسفيّ إلى أن غرق ، فتحدّث فيه

__________________

(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٧ : فأصبحت فرأيت النمل قد أطافت بالمكان الذي خطّه لي.

(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٨ : الدواداري.

(٣) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٦٩.

(٤) في الخطط المقريزية : كريم الدين الكبير.

٢٢٠