همع الهوامع - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٥

(ص) مسألة القبائل والبلاد والكلمة والهجاء يبنى على المعنى ، فإن كان أبا أو حيا أو مكانا أو لفظا أو حرفا صرف ، أو أما أو قبيلة أو بقعة أو سورة أو كلمة منع ، وقد يجب اعتبار أحدهما ، وقد تسمى قبيلة باسم أب أو حي باسم أم فيوصفان ببنت وابن ، ويؤنث الأب على حذف مضاف فلا يمنع.

(ش) صرف أسماء القبائل والبلاد والكلمة وحروف الهجاء ومنعها مبنيان على المعنى ، فإن أريد باسم القبيلة الأب كمعد وتميم ، أو الحي كقريش وثقيف صرف ، أو الأم كباهلة ، أو القبيلة كمجوس ويهود منع للتأنيث مع العلمية ، وكذا إن أريد باسم البلد المكان كبدر وثبير صرف ، أو البقعة كفارس وعمان منع ، أو بالكلمة اللفظ نحو : كتب زيد فأجاد ، أي : فأجاد هذا اللفظ صرف ، أو الكلمة نحو : فأجادها منع ، وكذلك الأفعال وحروف الهجاء والسور ، وقد يتعين اعتبار الحي أو القبيلة أو المكان أو البقعة فالأول ككلب والثاني كيهود ومجوس والثالث كبدر ونجد والرابع كدمشق وجلق والحجاز والشام واليمن والعراق.

وقد جاء بالوجهين في النوعين أسماء وذلك ثلاثة أقسام :

قسم يغلب فيه اعتبار التذكير كقريش وثقيف ومنى وهجر وواسط وحنين.

وقسم يغلب فيه اعتبار التأنيث كجذام وسدوس وفارس وعمان.

وقسم استوى فيه الأمران كثمود وسبأ وحراء وقباء وبغداد ، وقد تسمى القبيلة باسم الأب كتميم أو الحي باسم الأم كباهلة فيوصفان بابن وبنت فيقال : تميم بن مر أو بنت مر ، وباهلة بن أعصر أو بنت أعصر مراعاة للأصل أو المسمى ، وقد يؤنث اسم الأب على حذف مضاف مؤنث فلا يمنع الصرف كقوله :

٣٨ ـ سادوا البلاد وأصبحوا في آدم

بلغوا بها بيض الوجوه فحولا

أي : في قبائل آدم أو أولاد آدم فحذف المضاف ثم أنت آدم فأعاد الضمير إليه مؤنثا في قوله : بلغوا بها ، ولم يمنعه الصرف ؛ لأنه راعى المضاف المحذوف.

__________________

٣٨ ـ البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الكتاب ٣ / ٢٥٢ ، واللسان ٦ / ١٠ ، مادة (أنس) ، ١٢ / ١٢ ، مادة (أدم) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٦٠.

٨١

(ص) وما سمي من السور بذي أل صرف ، أو عار ولم تضف إليه سورة منع ، أو أضيف ولو تقديرا فلا حيث لا مانع ، أو بجملة فيها وصل قطع ، أو تاء قلبت هاء في الوقف وأعرب ممنوعا أو بحرف هجاء حكي ، أو أعرب ممنوعا ومصروفا أضيف إليه سورة أو لا ، أو موازن أعجمي كحاميم فأوجب ابن عصفور الحكاية ، وجوز الشلوبين إعرابه ممنوعا ، ويجريان في المركب كطا سين ميم غير مضاف إليه سورة مع البناء ، ومضافا إليه ولو تقديرا مع فتح النون وإعرابها مضافة ، وليس في كهيعص وحم عسق إلا الوقف ، خلافا ليونس.

(ش) أسماء السور أقسام :

أحدها : ما فيه ألف ولام وحكمه الصرف كالأنفال والأنعام والأعراف.

الثاني : العاري منها فإن لم يضف إليه سورة منع الصرف نحو : هذه هود وقرأت هود ، وإن أضيف إليه سورة لفظا أو تقديرا صرف نحو : قرأت سورة هود ما لم يكن فيه مانع فيمنع نحو : قرأت سورة يونس.

الثالث : الجملة نحو : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ) [الجن : ١] ، و (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] فتحكى ، فإن كان أولها همز وصل قطع ؛ لأن همز الوصل لا يكون في الأسماء إلا في ألفاظ معدودة تحفظ ولا يقاس عليها ، أو في آخرها تاء تأنيث قلبت هاء في الوقف ؛ لأن ذلك شأن التاء التي في الأسماء وتعرب لمصيرها أسماء ، ولا موجب للبناء ويمنع الصرف للعلمية والتأنيث نحو : قرأت إقتربت وفي الوقف إقتربه.

الرابع : حرف الهجاء ك : ص ون وق فتجوز فيه الحكاية ؛ لأنها حروف فتحكى كما هي ، والإعراب لجعلها أسماء لحروف الهجاء ، وعلى هذا يجوز فيها الصرف وعدمه بناء على تذكير الحرف وتأنيثه ، وسواء في ذلك أضيف إليه سورة أم لا نحو : قرأت صاد أو سورة صاد بالسكون ، والفتح منونا وغير منون.

الخامس : ما وازن الأعجمي كحاميم وطاسين وياسين ، فأوجب ابن عصفور فيه الحكاية ؛ لأنها حروف مقطعة ، وجوز الشلوبين فيه ذلك والإعراب غير مصروف ؛ لموازنته هابيل وقابيل ، وقد قرئ ياسين بنصب النون ، وسواء في جواز الأمرين أضيف إليه سورة أم لا.

٨٢

السادس : المركب كطاسين ميم فإن لم يضف إليه سورة ففيه رأي ابن عصفور والشلوبين فيما قبله ، ورأي ثالث وهو البناء للجزأين على الفتح كخمسة عشر ، وإن أضيف إليه سورة لفظا أو تقديرا ففيه الرأيان ، ويجوز على الإعراب فتح النون وإجراء الإعراب على الميم كبعلبك ، وإجراؤه على النون مضافا لما بعده ، وعلى هذا في ميم الصرف وعدمه بناء على تذكير الحرف وتأنيثه ، أما (كهيعص) [مريم : ١] ، (حم عسق) [الشورى : ١ ـ ٢] فلا يجوز فيهما إلا الحكاية سواء أضيف إليهما سورة أم لا ، ولا يجوز فيهما الإعراب ؛ لأنه لا نظير لهما في الأسماء المعربة ولا تركيب المزج ؛ لأنه لا يركبه أسماء كثيرة ، وأجاز يونس في كهيعص أن تكون كلمة مفتوحة والصاد مضمومة ووجهه أنه جعله اسما أعجميا وأعربه وإن لم يكن له نظير في الأسماء المعربة.

(ص) مسألة : ينون في غير النصب ممنوع آخره ياء تلو كسرة ما لم تقلب ألفا ، ولا تظهر الفتحة جرا ، خلافا لقوم مطلقا ، وليونس في العلم.

(ش) ينون جوازا في الرفع والجر من غير المنصرف ما آخره ياء تلي كسرة سواء كان جمعا نحو : هؤلاء جوار ، ومررت بجوار ، قال تعالى : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١] ، (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ) [الفجر : ١ ـ ٢] ، أم مصغرا كأعيم ، أم فعلا مسمى به كيغز ويرم ، وهذا التنوين عوض من الياء المحذوفة بحركتها تخفيفا كما سيأتي في مبحثه.

فإن قلبت الياء ألفا منع التنوين باتفاق كصحارى وعذرى بعد صحار وعذار ، ولا يجوز في هذا النوع ظهور الفتحة على الياء في حالة الجر كما لا يجوز إظهار الكسرة التي الفتحة نائبة عنها ، وقيل : يجوز كما يجوز إظهارها حالة النصب لخفتها ، وعليه قول الشاعر:

٣٩ ـ ولكنّ عبد الله مولى المواليا

وقيل : يجوز في العلم دون غيره ، وعليه يونس ، واستدل بقوله :

٤٠ ـ قد عجبت منّي ومن يعيليا

__________________

٣٩ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في إنباه الرواة ٢ / ١٠٥ ، وبغية الوعاة ٢ / ٤٢ ، والخزانة ١ / ٢٣٥ ، ٢٣٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣١١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٨٤.

٤٠ ـ الرجز للفرزدق في شرح التصريح ٢ / ٢٢٨ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٣٩ ، والخصائص ١ / ٦ ، وشرح الأشموني ٢ / ٥٤١ ، والكتاب ٣ / ٣١٥ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٩٨.

٨٣

وأجيب بأنه وما قبله ضرورة.

(ص) مسألة : ما منع صرفه دون علمية منع معها وبعدها إلا أفعل تفضيل مجردا من من ، وخالف الأخفش في أحمر ، وثالثها إن لم يكنه ، ورابعها يجوزان ، وفي فعلان وأخر ومعدول العدد وجمع متناه ومركب كحضرموت ، آخره وزن المتناهي ، أو ألف التأنيث ، وما منع معها صرف دونها وفاقا.

(ش) ما منع صرفه دون علمية وهو الذي ليس أحد علتيه العلمية خمسة أنواع ، فإذا سمي بشيء منها لم ينصرف أيضا ، وكذا إذا نكر بعد التسمية ، واستثنى من ذلك ما كان أفعل تفضيل مجردا من من ، فإنه إذا سمي به ثم نكر انصرف بإجماع ؛ لأنه لم يبق فيه شبه الوصف ؛ إذ لم يستعمل صفة إلا ب : من ظاهرة أو مقدرة ، فإن سمي به مع من ثم نكر منع قولا واحدا ، وخالف الأخفش في مسائل :

الأولى : باب أفعل الوصف كأحمر إذا سمي به ثم نكر فذهب إلى أنه يصرف ؛ لأنه ليس فيه إلا الوزن ومعنى الوصف قد ذهب بالتسمية ، وأجاب الجمهور بأنه شبيه بالوصف وشبه العلة في هذا الباب علة ، وفيه رأي ثالث أنه إن سمي به رجل أحمر لم ينصرف بعد التنكير ؛ لأنه سمي به بوصفه فجرى الاسم مجراه في ذلك المعنى ، وإن تسمى به أسود ونحوه صرف لخلوص الاسمية وذهاب معنى الوصفية ، وعلى هذا الفراء وابن الأنباري ، ورابع أنه يجوز فيه الصرف وتركه وعليه الفارسي راعى فيه الأصل والحال كأبطح.

الثانية : باب فعلان الوصف كسكران إذا سمي به ثم نكر ، ذهب الأخفش أيضا إلى أنه يصرف ، وسيبويه على المنع ، وتوجيههما ما تقدم في أحمر.

الثالثة : أخر إذا سمي به ثم نكر بعد التسمية ذهب الأخفش أيضا إلى صرفه ؛ لأن العدل قد زال ؛ لكونه مخصوصا بمحل الوصف فلا يؤثر في غيره ، والجمهور على المنع لشبهه بأصله.

الرابعة : معدول العدد إذا سمي به ثم نكر بعد التسمية ذهب الأخفش أيضا إلى صرفه لما تقدم في أخر وخالفه الجمهور.

الخامسة : الجمع المتناهي إذا سمي به ثم نكر ذهب الأخفش أيضا إلى صرفه وخالفه الجمهور.

٨٤

السادسة : المركب المزجي إذا ختم بمثل مفاعل ، أو بذي ألف التأنيث كمحاريب مساجد أو عبد بشرى أو عبد حمراء إذا ركبا وسمي به ، ثم نكر ذهب الأخفش أيضا إلى صرفه ؛ لأن المانع فيه حال التسمية التركيب مع العلمية لا الجمع والتأنيث وقد زالت العلمية بالتنكير ، والأصح عند ابن مالك وغيره المنع ؛ لأنه لم ير شيء من هذا النوع مصروفا في كلامهم ، وما لم يمنع إلا مع العلمية صرف منكرا بإجماع لزوال إحدى العلتين.

(ص) مسألة : يصرف الممنوع إذا صغر ، لا مؤنث وأعجمي إلا المرخم ومركب وشبه فعلى ومضارع قبله أو بعده ، ويمنع المصروف به إن أكمل موجبه.

(ش) إذا صغر ما لا ينصرف صرف لزوال سبب المنع بالتصغير كزوال العدل في عمير ، والألف المقصورة في عليق تصغير علقى ، والألف والنون في سريحين تصغير سرحان ، والوزن في شمير تصغير شمر ، وصيغة الجمع في جنيدل تصغير جنادل ، ويستثنى من ذلك المؤنث والعجمي والمركب المزجي وشبه فعلى وهو باب سكران ، وشبه الفعل المضارع كتغلب ويشكر فإنها تبقى على المنع بعد التصغير ؛ لبقاء السبب ، وقولي : «قبله أو بعده» أي : سواء كان شبهه للمضارع سابقا على التصغير كالمثالين المذكورين ، أو عارضا فيه كأجيدل تصغير أجادل ، فإنه بعد التصغير على وزن أبيطر بخلافه قبله ، واحترزنا بالمضارع عن الماضي فإن مشابهته تزول بالتصغير ، وقولي في الأعجمي : «إلا المرخم» أشرت به إلى أن تصغير الترخيم في الأعجمي يقتضي الصرف نحو بريه وسميع في إبراهيم وإسماعيل ؛ لكونه صار على ثلاثة أحرف غير ياء التصغير ، والعجمة لا تؤثر فيما كان كذلك ، نبه عليه أبو حيان.

وقد يكون الاسم منصرفا فإذا صغر منع لحدوث سبب المنع فيه كتوسط مسمى به فإنه مصروف فإذا صغر على تويسط أشبه الفعل فيمنع ، وهند ونحوه إذا صغر دخلته التاء فيتعين فيه المنع بعد أن كان جائزا.

(ص) مسألة : يصرف لتناسب وضرورة ، واستثنى الكوفية أفعل من ، وقوم ذا ألف التأنيث ، قيل : ومطلقا في لغة.

(ش) يجوز صرف ما لا ينصرف لتناسب أو ضرورة ، فالأول نحو : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ) [النمل : ٢٢] ، (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً) [الإنسان : ٤] ، (وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) [نوح : ٢٣] ، والثاني كقوله :

٨٥

٤١ ـ تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن

واستثنى الكوفيون أفعل التفضيل فلم يجيزوا صرفه لذلك ، واحتجوا بأن حذف تنوينه إنما هو لأجل من فلا يجمع بينه وبينها كما لا يجمع بينه وبين الإضافة في الضرورة ، والبصريون بنوا الجواز على أنّ المانع له الوزن والصفة كأحمر ، لا من بدليل تنوين خير منك وشر منك ، لزوال الوزن واستثنى آخرون ما آخره ألف التأنيث فمنعوا صرفه للضرورة ، وعللوه بأنه لا فائدة فيه ؛ لأنه مستو في الرفع والنصب والجر ، ولأنه إذا زيد فيه التنوين سقطت الألف ؛ لالتقاء الساكنين فينقص بقدر ما زيد ، وأجيب بأنه قد تكون فيه فائدة بأن ينون فيلتقي بساكن فيكسر ويكون محتاجا إلى ذلك.

وزعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقا ـ أي : في الاختيار ـ لغة لبعض العرب حكاها الأخفش ، قال : وكأن هذه لغة الشعراء ؛ لأنهم قد اضطروا إليه فى الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام.

(ص) ومنع المصروف ، ثالثها : الصحيح يجوز ضرورة ، ورابعها : إن كان علما.

(ش) في منع المصروف أربعة مذاهب :

أحدها : الجواز مطلقا حتى في الاختيار وعلى ذلك أحمد بن يحيى فإنه أنشد :

٤٢ ـ أؤمّل أن أعيش وأنّ يومي

بأوّل أو بأهون أو جبار

أو التّالي دبار فإن أفته

فمؤنس أو عروبة أو شيار

فقيل له : هذا موضوع فإن مؤنسا ودبارا مصروفان وقد ترك صرفهما ، فقال : هذا جائز في الكلام فكيف في الشعر؟ قال أبو حيان : فدل هذا الجواب على إجازته اختيارا.

والثاني : المنع مطلقا حتى في الشعر وعلى ذلك أكثر البصريين وأبو موسى الحامض من الكوفيين ، قالوا : لأنه خروج عن الأصل ، بخلاف صرف الممنوع في الشعر فإنه رجوع إلى الأصل في الأسماء.

__________________

٤١ ـ البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٨٤ ، واللسان ١٥ / ٩٠ ، مادة (علا) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩١٣.

٤٢ ـ البيتان من الوافر ، وهما بلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٤٩٧ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١١ ، واللسان ١ / ٥٩٣ ، مادة (عرب) ، ٤ / ١١٧ ، مادة (جبر) ، ص ٢٧٥ ، مادة (دبر) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤١٦.

٨٦

والثالث : وهو الصحيح الجواز في الشعر والمنع في الاختيار ، وعليه أكثر الكوفيين والأخفش من البصريين ، واختاره ابن مالك وصححه أبو حيان قياسا على عكسه ، ولورود السماع بذلك كثيرا كقوله :

٤٣ ـ فما كان حصن ولا حابس

يفوقان مرداس فى مجمع

والرابع : يجوز في العلم خاصة.

(ص) ولا واسطة ، وزعمها ابن جني في ذي أل والمضاف والتثنية والجمع.

(ش) الاسم إما منصرف أو غيره ولا واسطة بينهما ، وأثبتها ابن جني في المعرف بأل والمضاف ، قال : فإنه لا يسمى منصرفا ؛ لعدم تنوينه ولا غير منصرف لعدم السبب ، قال : وكذلك التثنية والجمع على حدّها ليس شيء من ذلك منصرفا ولا غير منصرف ، معرفة كان أو نكرة ، ذكر ذلك في «الخصائص» وسبقه إليه شيخه أبو علي الفارسي.

***

__________________

٤٣ ـ البيت من المتقارب ، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص ٨٤ ، والأغاني ١٤ / ٢٩١ ، والإنصاف ص ٤٩٩ ، والخزانة ١ / ١٤٧ ، ١٤٨ ، ٢٥٣ ، والسمط ص ٣٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٥٣.

٨٧

الباب الثالث :

الأسماء الستة

(ص) الثالث ما أضيف لغير الياء مفردا مكبرا من أب وأخ وحم ، غير مماثل قرو وقرء وخطأ ، وفم بلا ميم ، وذي كصاحب ، وهن خلافا للفراء فبالواو رفعا ، والألف نصبا ، والياء جرا.

(ش) الباب الثالث من أبواب النيابة الأسماء الستة المذكورة فإنها ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء ، بشروط :

أن تكون مضافة فإن أفردت أعربت بالحركات الظاهرة نحو : (إِنَّ لَهُ أَباً) [يوسف :٧٨] ، (وَلَهُ أَخٌ) [النساء : ١٢].

وأن تكون إضافتها لغير ياء المتكلم فإن المضاف إليها يعرب بحركات مقدرة.

وأن تكون مفردة ، أي : غير مثناة ولا مجموعة ؛ لأنها إذ ذاك تعرب إعراب المثنى والمجموع.

وأن تكون مكبّرة فإن صغرت أعربت بالحركات نحو : أخي زيد.

ويختص الحم بشرط أن لا يماثل قرو وقرء وخطأ ، فإنه إن ماثل ذلك أعرب بالحركات الظاهرة نحو : هذا حموك وحمؤك وحمؤك.

ويختص الفم بشرط أن تزال منه الميم فإن لم تزل أعرب بالحركات نحو : «خلوف فم الصائم».

ويختص ذو بشرط أن يكون بمعنى صاحب فإن كانت للإشارة أو موصولة فإنها مبنية ، وقصر الفراء الإعراب بالحروف على الخمسة الأول ومنع ذلك في هن ، وتابعه قوم ، ورد بنقل سيبويه عن العرب إجراءه مجراها ، وهو كناية عما لا يعرف اسمه أو يكره التصريح باسمه ، والحم أقارب الزوج وقد يطلق على أقارب الزوجة.

٨٨

(ص) وهل بها أو بمقدرة أو بما قبلها والحروف إشباع أو منقولة أو لا أو بهما ، أو بالانقلاب نصبا وجرا ، والبقاء رفعا ، أو فو وذو بمقدرة ، والباقي بها أو عكسه أو الحروف دلائل ، أو الرفع بالنقل والنصب بالبدل والجر بهما ، أقوال أشهرها الأول ، وأصحها الثاني.

(ش) في إعراب الأسماء الستة مذاهب :

أحدها : وهو المشهور أن هذه الأحرف نفسها هي الإعراب وأنها نابت عن الحركات وهذا مذهب قطرب والزيادي والزجاجي من البصريين وهشام من الكوفيين ، وأيد بأن الإعراب إنما جيء به لبيان مقتضى العامل ، ولا فائدة في جعل مقدر متنازع فيه دليلا وإلغاء ظاهر واف بالدلالة المطلوبة ، ورد بثبوت الواو قبل العامل ، وبأن الإعراب زائد على الكلمة فيؤدى إلى بقاء فيك وذي مال على حرف واحد وصلا وابتداء وهما معربان ، وذلك لا يوجد إلا شذوذا.

الثاني : وهو مذهب سيبويه والفارسي وجمهور البصريين وصححه ابن مالك وأبو حيان وابن هشام وغيرهم من المتأخرين أنها معربة بحركات مقدرة في الحروف ، وأنها أتبع فيها ما قبل الآخر للآخر ، فإذا قلت : قام أبوك فأصله أبوك فأتبعت حركة الباء لحركة الواو فقيل أبوك ثم استثقلت الضمة على الواو فحذفت ، وإذا قلت : رأيت أباك فأصله أبوك تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، وإذا قلت : مررت بأبيك فأصله بأبوك ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار بأبوك فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت فسكنت وقبلها كسرة فانقلبت ياء ، واستدل لهذا القول بأن أصل الإعراب أن يكون بحركات ظاهرة أو مقدرة فإذا أمكن التقدير مع وجود النظير لم يعدل عنه.

المذهب الثالث : أنها معربة بالحركات التي قبل الحروف ، والحروف إشباع وعليه المازني والزجاج ، ورد بأن الإشباع بابه الشعر وببقاء فيك وذي مال على حرف واحد.

الرابع : أنها معربة بالحركات التي قبل الحروف وهي منقولة من الحروف وعليه الربعي ، ورد بأن شرط النقل الوقف وصحة المنقول إليه وسكونه وصحة المنقول منه ، وبأنه يلزم جعل حرف الإعراب غير آخر مع بقاء الآخر.

الخامس : أنها معربة بالحركات التي قبل الحروف وليست منقولة ، بل هي الحركات التي كانت فيها قبل أن تضاف فثبتت الواو في الرفع لأجل الضمة وانقلبت ياء لأجل

٨٩

الكسرة وألفا لأجل الفتحة ، وعليه الأعلم وابن أبي العافية ، ورد بأن هذه الحروف إن كانت زائدة فهو المذهب الثالث ، وقد تبين فساده وإن كانت لامات لزم جعل الإعراب في العين مع وجود اللام.

السادس : أنها معربة من مكانين بالحركات والحروف معا وعليه الكسائي والفراء ، ورد بأنه لا نظير له.

السابع : أنها معربة بالتغير والانقلاب حالة النصب والجر وبعدم ذلك حالة الرفع وعليه الجرمي ، ورد بأنه لا نظير له وبأن عامل الرفع لا يكون مؤثرا شيئا ، وبأن العدم لا يكون علامة.

الثامن : أن فاك وذا مال معربان بحركات مقدرة في الحروف ، وأن أباك وأخاك وحماك وهناك معربة بالحروف ، وعليه السهيلي والرندي.

التاسع : عكسه.

العاشر : أن الحروف دلائل إعراب قاله الأخفش ، واختلف في معناه فقال الزجاج والسيرافي : المعنى أنها معربة بحركات مقدرة في الحروف التي قبل حروف العلة ومنع من ظهورها كون حروف العلة تطلب حركات من جنسها ، وقال ابن السراج : معناه أنها حروف إعراب والإعراب فيها لا ظاهر ولا مقدر ، فهي دلائل إعراب بهذا التقدير ، وقد عد هذان القولان مذهبين فتصير أحد عشر.

الثاني عشر : أنها معربة في الرفع بالنقل وفي النصب بالبدل ، وفي الجر بالنقل والبدل معا فالأصل في جاء أخوك جاء أخوك فنقلت حركة الواو إلى الخاء ، والأصل في رأيت أخاك رأيت أخوك فأبدلت الواو ألفا ، والأصل في مررت بأخيك بأخوك نقلت حركة الواو إلى الخاء فانقلبت الواو ياء ؛ لانكسار ما قبلها حكاه ابن أبي الربيع وغيره ، وهو موافق للمذهب الرابع إلا في النصب.

(ص) وليس كذلك من في حكاية النكرة وقفا ، خلافا للجوهري ، ونقص هن أعرف وأب وأخ وحم دون قصرها وفوق تشديد هن وأب وأخ وجعل أخ كدلو وفتح فاء فم منقوصا كيد ودم لا يمنع قصرهما وتشديد دم مشهور ، ويضم ويكسر ويثلث مقصورا ومضعفا ، ويتبع الآخر في الحركات كفاء مرء ، وعيني امرئ وابنم على الأشهر فيها ، وقابلا إضافة سائغ نصبا ، وكذا إثبات ميمه مضافا ، وقيل : ضرورة ، والأصح أن وزنها فعل إلا فاه ففعل ، وأن لام حم واو ، وذي ياء ، وأنها المحذوفة.

٩٠

(ش) فيه مسائل :

الأولى : زعم الجوهري صاحب «الصحاح» في كتاب له في النحو أن من في حكاية النكرة في الوقف معربة بالحروف كالأسماء الستة ، فإنك تقول لمن قال : جاءني رجل : منو ، ولمن قال : رأيت رجلا : منا ، ولمن قال : مررت برجل : مني.

قال ابن هشام : وليس بشيء ؛ لأن هذا ليس بإعراب بدليل أنه لا يثبت في الوصل ، ولأن وضعها وضع الحرف فلا تستحق إعرابا ، ولأن الإعراب إنما يكون بعامل يدخل على الكلمة في الكلام الذي هي فيه.

الثانية : جرت عادة النحاة أن يذكروا لغات هذه الأسماء ففي هن النقص وهو الإعراب بالحركات ، وهو فيه أشهر من الإعراب بالحروف كحديث «فأعضوه بهن أبيه» (١) ، ودونهما التشديد كقوله :

٤٤ ـ ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

وهنّي ...

وفي أب النقص كقوله :

٤٥ ـ بأبه اقتدى عديّ في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

والقصر كقوله :

٤٦ ـ إن أباها وأبا أباها

والتشديد نحو : هذا أبك ، وأفصحها القصر ، ثم النقص ، ثم التشديد ، وفي أخ

__________________

٤٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لسحيم في الأشباه والنظائر ١ / ٢٩٤ ، وبلا نسبة في اللسان ١٥ / ٣٦٧ ، مادة (هنا) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٧٨.

٤٥ ـ الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٨٢ ، وشرح التصريح ١ / ٦٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٢٩ ، والأمثال لابن سلام ص ١٤٥ ، ٢٦٠ ، وجمهرة الأمثال ٢ / ٢٥٥ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٥٠.

٤٦ ـ الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٦٨ ، ولأبي النجم العجلي في ديوانه ص ٢٢٧ ، ولهما معا في شرح التصريح ١ / ٦٥ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٢٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٣٣ ، ٣ / ٦٣٦ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٨٨.

(١) أخرجه أحمد في مسنده (٢٠٧٢٨).

٩١

الثلاثة ، سمع في القصر : مكره أخاك لا بطل ، وحكى أبو زيد : جاءني أخك ، وفيه أخو بسكون الخاء بوزن دلو ، قال رجل من طيئ :

٤٧ ـ ما المرء أخوك إن لم تلفه وزرا

عند الكريهة معوانا على النّوب

وفي حم النقص والقصر ، وفي فم عشر لغات : النقص والقصر وتشديد الميم ، مع فتح الفاء وضمها وكسرها فهذه تسع لغات ، والعاشرة إتباع الفاء حركة الميم ، مع فتح الفاء وضمها وكسرها فهذه تسع لغات ، والعاشرة إتباع الفاء حركة الميم في الإعراب ، ومما ورد في القصر :

٤٨ ـ يا حبّذا عينا سليمى والفما

وفي التشديد :

٤٩ ـ يا ليتها قد خرجت من فمّه

ويشاركه في القصر يد ودم قال :

٥٠ ـ يا ربّ سار بات ما توسّدا

إلا ذراع العيس أو كفّ اليدا

وقال :

٥١ ـ غفلت ثم أتت تطلبه

فإذا هي بعظام ودما

وفي التضعيف دم قال :

__________________

٤٧ ـ البيت من البسيط ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٣٠.

٤٨ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان ١٣ / ٥٢٧ ، مادة (فوه) ، ١٤ / ٢٣٣ ، مادة (خظا) ، وجواهر الأدب ص ٢٩٠ ، والخزانة ٤ / ٤٦٢ ، والخصائص ١ / ١٧٠ ، ورصف المباني ص ٣٤٣ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٥٦.

٤٩ ـ الرجز لمحمد بن ذؤيب الفقيمي في اللسان ١٢ / ٤٥٩ ، مادة (فمم) ، والتاج مادة (فمم) ، وله أو لجرير في اللسان ١٢ / ٣٦٣ ، مادة (طسم) ، والتاج مادة (طسم) ، ولجرير في ديوانه ص ١٠٣٨ ، وللعجاج في ملحق ديوانه ٢ / ٢٣٧ ، والخزانة ٤ / ٤٩٣ ، ٤٩٦ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٦٥.

٥٠ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان ١٤ / ١٠ ، مادة (أبي) ، ١٥ / ٤٢١ ، مادة (يدي) ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧ ، والجني الداني ص ٣٥٦ ، وجواهر الأدب ص ٢٨٩ ، والخزانة ٧ / ٤٧٧ ، ٤٩٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٠٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٤٥.

٥١ ـ البيت من الرمل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥ / ٩٧ ، وأمالي الشجري ٢ / ٣٤ ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧ ، والخزانة ٧ / ٤٩١ ، ٤٩٣ ، والخصائص ٢ / ٣٨ ، ورصف المباني ص ١٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٧٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٢٤ ، ويروى الشطر الأول بلفظ فقدته فأتت تطلبه ...

٩٢

٥٢ ـ أهان دمّك فرغا بعد عزّته

يا عمرو بغيك إصرارا على الحسد

ويشاركه في الإتباع فاء مرء ، وعينا امرئ وابنم ، تقول : جاء المرء ورأيت المرأ ومررت بالمرئ بإتباع الميم الهمزة ، وقال تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) [النساء : ١٧٦] ، (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) [مريم : ٢٨] ، (لِكُلِّ امْرِئٍ) [عبس : ٣٧] ، بإتباع الراء الهمزة ، ومثله ابنم ، وقيل : إنهما معربان من مكانين فإن الحركة في الراء والنون حركة إعراب لا إتباع ، وفيهما لغة أخرى فتح الراء والنون في الأحوال الثلاثة ، وفي امرئ ثالثة ضم الراء على كل حال ، وفي مرء فتح الميم مطلقا ، وبها جاء القرآن ، وثالثة كسرها مطلقا ، ورابعة ضمها مطلقا ، وقرئ بهما : (بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال : ٢٤].

الثالثة : يجوز إفراد أب وأخ وحم وهن من الإضافة لا ذو كما سيأتي في باب الإضافة ، وأما فوك فلا يفرد إلا ويصير بتلك اللغات ، وقال العجاج :

٥٣ ـ خالط من سلمى خياشيم وفا

فأفرده لفظا حالة النصب ، فخصه البصريون بالضرورة ، وجوزه الأخفش والكوفيون ، وتابعهم ابن مالك في الاختيار تخريجا على أنه حذف المضاف إليه ، ونوى ثبوته فأبقى المضاف على حاله ، أي : خياشيمها وفاها ، وأما عكس ذلك وهو إبقاء ميمه حال الإضافة فمنعه الفارسي إلا في الشعر ، وتابعه ابن عصفور وغيره من المغاربة ، والصحيح كما قال ابن مالك وأبو حيان وغيرهما جوازه في الاختيار ففي الحديث : «لخلوف فم الصائم» (١).

وقال الشاعر :

٥٤ ـ يصبح ظمآن وفي البحر فمه

__________________

٥٢ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٢٩٥ ، وعمدة الحفاظ ٢ / ٢٤ ، مادة (دمدم) ٣ / ٢٢١ ، مادة (فرغ) ، وشفاء العليل ص ١٢١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٥٨.

٥٣ ـ الرجز للعجاج في ديوانه ٢ / ٢٢٥ ، واللسان ١٢ / ٤٥٩ ، مادة (فمم) ، ١٥ / ٣٤٥ ، مادة (نهي) ، ص ٤٥٦ ، مادة (ذو) ، والمفصل ٦ / ٩٨ ، والمخصص ١ / ١٣٨ ، ١٤ / ٩٦ ، ١٥ / ٧٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٥٢ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٠٥.

٥٤ ـ الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٥٩ ، والحيوان ٤ / ٢٦٥ ، والخزانة ٤ / ٤٥١ ، ٤٥٤ ، ٤٦٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٦٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٣٩ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٣١ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٦٢.

(١) أخرجه البخاري ، كتاب الصيام ، باب فضل الصوم (١٨٩٤) ، ومسلم ، كتاب الصيام ، باب فضل الصيام (١١٥١).

٩٣

الرابعة : الأصح وعليه البصريون أن وزن أن هذه الأسماء فعل بفتح الفاء والعين بدليل جمعها على أفعال إلا فوك فوزنه فعل بفتح الفاء وسكون العين ، وذهب الفراء إلى أن وزنها فعل بالفتح والإسكان ، وفوك فعل بضم الفاء والإسكان ، وذهب الخليل إلى أن وزن ذو فعل بالفتح والإسكان ، وأن أصله ذوو فلامها واو ، وعلى الأول أصله ذوي فلامها ياء ، وقال ابن كيسان : يحتمل الوزنين ، قال أبو حيان : والمحذوف من ذو هو اللام في قول أهل الأندلس ، والعين في قول أهل قرطبة ، قال : والظاهر الأول ، واختلف في حم أيضا هل لامه واو أو ياء على قولين أصحهما الأول كأب وأخ ؛ لقولهم في التثنية : حموان ، وقيل : إنها ياء من الحماية ؛ لأن أحماء المرأة يحمونها.

***

٩٤

الباب الرابع

المثنى

(ص) الرابع المثنى فبالألف والياء ، ولزوم الألف لغة ، وعليه : «لا وتران في ليلة» (١) ، وألحق به مفيد كثرة ككرتين ، وقد يغني عنه عطف أو تكرار ، وجمع معنى كأخويكم ونحو : كلبتي الحداد ، وحوالينا ، وكلا وكلتا مضافين لمضمر ، ومطلقا في لغة ، وليسا مثنيي اللفظ ، وأصلهما كل ، خلافا للكوفية ، بل ألف كلا والتاء عن الواو ، وقيل : ياء ، وألف كلتا تأنيث ، وقيل : إلحاق ، وقيل : أصل ، وقيل : تاؤها زائدة لا لإلحاق ، وقيل : له ولك في ضميرهما وجهان ، واثنان واثنتان وبلا همزة لغة ، مفردا ومضافا ومركبا ، وقيل : الأصل اثن ، وثنايان ومدراوان ، وما غلب لشرف كأبوين أو تذكير كقمرين أو خفة كعمرين ، وقيل : في فرد محض.

(ش) الباب الرابع من أبواب المثنى وهو ما دل على اثنين بزيادة في آخره صالح للتجريد عنها وعطف مثله عليه فإنه يرفع بالألف وينصب ويجر بالياء نحو : (قالَ رَجُلانِ) [المائدة : ٢٣] ، ولزوم الألف في الأحوال الثلاثة لغة معروفة عزيت لكنانة وبني الحارث بن كعب وبني العنبر وبني الهجيم وبطون من ربيعة وبكر بن وائل وزبيد وخثعم وهمدان وفزارة وعذرة ، وخرج عليها قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا وتران في ليلة» ، وأنشد عليها قوله :

٥٥ ـ تزوّد منّا بين أذناه طعنة

__________________

٥٥ ـ تقدم برقم ٤٦.

(١) أخرجه الترمذي ، كتاب الصلاة ، باب ما جاء لا وتران في ليلة (٤٧٠) ، والنسائي ، كتاب قيام الليل وتطوع النهار ، باب نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الوتر (١٦٧٩) ، وأبو داود ، كتاب الصلاة ، باب في نقض الوتر (١٤٣٩).

٩٥

وقوله :

٥٦ ـ قد بلغا في المجد غايتاها

وألحق بالمثنى في الإعراب ألفاظ تشبهه وليست بمثناة حقيقة ؛ لفقد شرط التثنية ، منها ما يراد به التكثير نحو : (ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك : ٤] ؛ لأن المعنى كرات ؛ إذ البصر لا ينقلب خاسئا وهو حسير من كرتين ، بل كرات ، ومثله قولهم : سبحان الله وحنانيه ، وقوله :

٥٧ ـ ومهمهين قذفين مرّتين

أي : مهمه بعد مهمه ، وهذا النوع يجوز فيه التجريد من الزيادة والعطف كقوله :

٥٨ ـ تخدي بنا نجب أفنى عرائكها

خمس وخمس وتأويب وتأويب

وقد يغني التكرير عن العطف كقوله تعالى : (صَفًّا صَفًّا) [الفجر : ٢٢] ، و (دَكًّا دَكًّا) [الفجر : ٢١] ، أي : صفا بعد صف ، ودكا بعد دك ، ومنها ما هو في المعنى جمع كقوله تعالى : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات : ١٠] ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «البيعان بالخيار» (١) ، كذا ذكره وما قبله ابن مالك ، ونوزع فيهما بإمكان كونهما مثنيين حقيقة ، ومنها ما لا يصلح للتجريد فمن ذلك ما هو اسم جنس كالكلبتين لآلة الحداد ، وما هو علم كالبحرين والدونكين والحصنين ، ومنه اثنان واثنتان وثنتان في لغة تميم سواء أفردا نحو : (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) [الأنعام : ١٤٤] ، أم أضيفا نحو : جاء اثناك ، أم ركبا نحو : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة : ٦٠] ، (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢] ، وقيل : إنهما مثنيان حقيقة ، والأصل اثن ومن ذلك ثنايان لطرفي العقال ، ومذاروان لطرفي الألية والقوس

__________________

٥٦ ـ البيت من الطويل ، وهو لهوبر الحارثي في اللسان ٨ / ١٩٧ ، مادة (صرع) ، ١٤ / ٤٣٤ مادة (شظى) ، ١٥ / ٣٥١ مادة (هبا) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٧٠٧ ، والخزانة ٧ / ٤٥٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٦١.

٥٧ ـ الرجز لخطام المجاشعي في الخزانة ٢ / ٣١٤ ، وشرح المفصل ٤ / ١٥٦ ، والكتاب ٢ / ٤٨ ، واللسان ٢ / ٨٩ ، مادة (مرت) ، وله أو لهميان في الكتاب ٣ / ٦٢٢ ، والتنبيه والإيضاح ١ / ١٧٣ ، وبلا نسبة في الخزانة ٤ / ٣٠٢ ، ٧ / ٥٣٩ ، ٥٧٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٤٠٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٧٢.

٥٨ ـ البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ص ٣٥٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٩٦.

(١) أخرجه البخاري ، كتاب البيوع ، باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع (٢٠٨٢) ، ومسلم ، كتاب البيوع ، باب الصدق في البيع والبيان (١٥٣٢).

٩٦

وجانبي الرأس ، وقيل : طرفا كل شيء ، ومنها ما يصلح للتجريد ولا يختلف معناه كحوالينا قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم حوالينا ولا علينا» (١) ، وقال الشاعر في التجريد :

٥٩ ـ وأنا أمشي الدّألى حواليكا

ومثله حوله قال تعالى في التجريد : (فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) [البقرة : ١٧] ، وقال الشاعر في التثنية :

ومنها ما لا يصلح لعطف مثله عليه وذلك ما كان على سبيل التغليب كالأبوين للأب والأم ، والقمرين للشمس والقمر ، والعمرين لأبي بكر وعمر ، وهذا النوع مسموع يحفظ ولا يقاس عليه ، ثم تارة يغلب الأشرف كالمثال الأول ، قال الله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) [يوسف : ١٠٠] ، وتارة المذكر كالثاني ، وتارة الأخف كالثالث ، وتارة الأعظم نحو : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الرحمن : ١٩] ، (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) [فاطر : ١٢].

مبحث كلا وكلتا :

ومنها ما لا زيادة فيه وهو كلا وكلتا بشرط أن يضافا إلى مضمر نحو : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) [الإسراء : ٢٣] ، وتقول : رأيت كليهما وكلتيهما ، فإن أضيفا إلى مظهر أجريا بالألف في الأحوال كلها هذه اللغة المشهورة وبعض العرب يجريهما مع الظاهر مجراهما مع المضمر في الإعراب بالحرفين ، وعزاها الفراء إلى كنانة ، وبعضهم يجريهما معهما بالألف مطلقا ، وما ذكرناه من أنهما بمعنى المثنى ولفظهما مفرد هو مذهب البصريين ، وعلى هذا فألف كلا منقلبة عن واو ، وقيل : عن ياء ووزنها فعل ك : معى ووزن كلتا فعلى كذكرى وألفها للتأنيث والتاء بدل عن لام الكلمة ، وهي إما واو وهو اختيار ابن جني وأصلها كلوى أو ياء وهو اختيار أبي علي ، وإنما قلبت تاء لتأكيد التأنيث ؛ إذ الألف تصير تاء في بعض الأحوال فتخرج عن علم التأنيث ، وذهب بعضهم إلى أن التاء زائدة

__________________

٥٩ ـ الرجز على لسان ضب في الحيوان ٦ / ١٢٨ ، وبلا نسبة في اللسان ٢ / ١٤ ، مادة (بيت) ، ١١ / ١٨٧ ، مادة (حول) ص ٢٣٣ ، مادة (دأل) ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٢ ، والكتاب ١ / ٣٥١ ، والمعاني الكبير ص ٦٥٠ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢١.

(١) أخرجه البخاري ، كتاب الجمعة ، باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة (٩٣٣) ، ومسلم ، كتاب صلاة الاستسقاء باب الدعاء في الاستسقاء (٨٩٧).

٩٧

للتأنيث بدليل حذفها في النسب ، وقولهم : كلوي ، كما يقال في أخت : أخوي ، ورد بأن تاء التأنيث لا تقع حشوا ولا بعد ساكن غير ألف ، وذهب آخر إلى أنها زائدة للإلحاق والألف لام الكلمة وعليه الجرمي ، وفي قول الألف للإلحاق ، وفي قول أصل ، وذهب الكوفيون إلى أن لفظهما مثنى وأصلهما كل بدليل سماع مفرد كلتا في قوله :

٦٠ ـ في كلت رجليها سلامى واحده

وأجيب بأنه حذف الألف للضرورة وعلى الأول يجوز في ضميرها مراعاة اللفظ والمعنى قال تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ) [الكهف : ٣٣] ، وقال الشاعر :

٦١ ـ كلاهما حين جدّ الجري بينهما

قد أقلعا وكلا أنفيهما رابى

قال ابن مالك : وندر هذا الاستعمال ، أي : الإعراب كالمثنى في متمحض الإفراد كقوله :

٦٢ ـ على جرداء يقطع أبهراها

حزام السّرج فى خيل سراع

ثنى الأبهر وهو عرق مجازا.

تنبيه : قال ابن مالك : هذه الكلمات يعني الملحقة بالمثنى لا تسمى مثناة ، فإن أطلق عليها ذلك فبمقتضى اللغة لا الاصطلاح كما يقال لاسم الجمع : جمع انتهى. فأفاد أنها يقال لها : أسماء تثنية كما يقال : أسماء جمع.

(ص) مسألة : لا يثنى ولا يجمع غالبا جمع واسمه واسم جنس إلا إن أطلق على بعضه ، وجوزها ابن مالك في اسم جمع ومكسر لا متناه ، ولا ما لا ثاني له ، وكل وبعض ، ونحو : فلان ، وأفعل من ، واسم فعل ، ومحكي من جملة ، ومختص بالنفي ، وشرط ومبني إلا ذان وتان واللذان واللتان على الأصح ، ولا ثواني الكنى ، وأجمع

__________________

٦٠ ـ الرجز لأبي الدهماء في كتاب الجيم ٣ / ١٥٠ ، وبلا نسبة في اللسان ١٥ / ٢٢٩ ، مادة (كلا) ، وأسرار العربية ص ٢٨٨ ، والإنصاف ٢ / ٤٣٩ ، والخزانة ١ / ١٢٩ ، ١٣٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٣٢ ، واللمع في العربية ص ١٧٢ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٤١.

٦١ ـ البيت من البسيط ، وهو للفرزدق في أسرار العربية ص ٢٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ٦٦ ، والخصائص ٣ / ٣١٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغني ص ٥٥٢ ، ونوادر أبي زيد ص ١٦٢ ، وليس في ديوانه ، وهو للفرزدق أو لجرير في اللسان ٩ / ١٥٦ ، مادة (سكف) ، وبلا نسبة في الإنصاف ص ٤٤٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٠١.

٦٢ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في شرح التسهيل ١ / ٦٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤٧.

٩٨

وجمعاء وإخوته خلافا للكوفية فيهما ، والمختار جواز المزج ، وذي ويه ، ثم في حذف عجزه قولان ، دون أسماء العدد غير مائة وألف ، وفي مختلفي المعنى ، ثالثها يجوز إن اتفقا في المعنى الموجب للتسمية ، وينكر العلم ، والأجود أن يحكى إلا نحو : جماديين وعمايتين وأذرعات ، ومنع المازني المعدول ، وما فيه أل قيل : يبقى ، وقيل : يعوض ، ولا يغني غالبا عطف إلا بفصل ولو مقدرا ، ويوتى بالمحكي بذوا وذوو ، وكذا المزج إن منع ، واستغنوا بسيان وضبعان عن سواءان وضبعانان ، وحكيا ، ويستوي في التثنية مذكر وغيره ، ولا تحذف التاء إلا في ألية وخصية.

شروط التثنية والجمع :

(ش) جمعت ما لا يثنى ولا يجمع من الألفاظ جمعا لا تظفر به في غير هذا الكتاب ، وأنا أشرحه على طريقة أخرى فأقول : للتثنية والجمع شروط :

أحدها : الإفراد فلا يجوز تثنية المثنى والجمع السالم ولا المكسر المتناهي ولا جمع ذلك اتفاقا ، ولا غيره من جموع التكسير ، ولا اسم الجمع ولا اسم الجنس ، إلا إن تجوز به فأطلق على بعضه نحو : لبنين وماءين ، أي : ضربين منهما ، وندر في الجمع قولهم : لقاحان وسوداوان ، وقوله :

٦٣ ـ عند التّفرّق في الهيجا جمالين

وفي اسمه قوله :

٦٤ ـ قوما هما أخوان

وجوز ابن مالك تثنية اسم الجمع والجمع المكسر ، فقال : مقتضى الدليل أن لا يثنى ما دل على جمع ؛ لأن الجمع يتضمن التثنية إلا أن الحاجة داعية إلى عطف واحد على واحد ، فاستغنى عن العطف بالتثنية ما لم يمنع من ذلك عدم شبه الواحد كما منع في نحو : مساجد ومصابيح ، وفي المثنى والمجموع على حده مانع آخر وهو استلزام تثنيتهما اجتماع إعرابين في كلمة واحدة ، قال : ولما كان شبه الواحد شرطا في صحة

__________________

٦٣ ـ سقط الشطر من نسخة ، وهو من البسيط ، وصدره : (الأصبح القوم أو بادا لم يجدّوا) ، وهو لعمرو بن العداء في الخزانة ٧ / ٥٧٩ ، ٥٨٠ ، واللسان مادة (وبد ، عقل) ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ١٥٣ ، ومجالس ثعلب ١ / ١٧١ ، والأشباه والنظائر ٤ / ٢٠٣ ، والمقرب ٢ / ٤٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤٥.

٦٤ ـ سقط من نسخة ، وانظر تمامه برقم ١٣٥٤.

٩٩

ذلك كان ما هو أشبه بالواحد أولى به ، فلذلك كانت تثنية اسم الجمع أكثر من تثنية الجمع ، قال : ومن تثنية اسم الجمع : (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ) [آل عمران : ١٣] ، (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) [الأنفال : ٤١] اه.

الثاني : الإعراب فلا يثنى ولا يجمع المبني ، ومنه أسماء الشرط والاستفهام وأسماء الأفعال ، وأما نحو : يا زيدان ولا رجلين فإنه ثني قبل البناء ، وأما ذان وتان واللذان واللتان فقيل : إنها صيغ وضعت للمثنى ، وليست من المثنى الحقيقي ، ونسب للمحققين وعليه ابن الحاجب وأبو حيان.

وقيل : إنها مثناة حقيقة ، وإنها لما ثنيت أعربت وهو رأي ابن مالك ، وأما الذين فصيغة وضعت للجمع اتفاقا ، فلا يجمع.

الثالث : عدم التركيب فلا يثنى المركب تركيب إسناد ولا يجمع اتفاقا نحو : تأبط شرا ، وهو المراد بقولي : «محكي من جملة» ، وأما تركيب المزج كبعلبك وسيبويه فالأكثر على منعه ؛ لعدم السماع ولشبهه بالمحكي ، وجوز الكوفيون تثنية نحو : بعلبك وجمعه ، واختاره ابن هشام الخضراوي وأبو الحسين ابن أبي الربيع ، وبعضهم تثنية ما ختم ب : ويه وجمعه وهو اختياري ، قال خطاب في «الترشيح» : فإن ثنيت على من جعل الإعراب في الآخر قلت : معدي كربان ومعدي كربين وحضرموتان وحضرموتين ، أو على من أعرب إعراب المتضايفين قلت : حضراموت وحضري موت ، وقال في المختوم ب : ويه تلحقه العلامة بلا حذف نحو : سيبويهان وسيبويهون ، وذهب بعضهم إلى أنه يحذف عجزه فيقال : سيبان وسيبون ، ويتوصل إلى تثنية المركب إسنادا بذوا وإلى جمعه بذوو فيقال : جاءني ذوا تأبط شرا وذوو تأبط شرا ، أي : صاحبا هذا الاسم وأصحاب هذا الاسم ، وكذا المزج عند من منع تثنيته وجمعه ، وأما الأعلام المضافة نحو : أبي بكر فيستغني فيها بتثنية المضاف وجمعه عن تثنية المضاف إليه وجمعه ، وجوز الكوفيون تثنيتهما وجمعهما فتقول : أبوا البكرين وآباء البكرين.

الرابع : التنكير فلا يثنى العلم ولا يجمع باقيا على علميته ، بل إذا أريد تثنيته وجمعه قدر تنكيره ، وكذا لا تثنى الكنايات عن الأعلام نحو : فلان وفلانة ولا تجمع ؛ لأنها لا تقبل التنكير ، والأجود إذا ثني العلم أو جمع أن يحلى بالألف واللام عوضا عما سلب من تعريف العلمية ومقابل الأجود ما حكاه في البديع أن منهم من لا يدخلها عليه ، ويبقيه على

١٠٠