همع الهوامع - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٥

(ش) فيه مسائل :

الأولى : تصحب هاء التنبيه المجرد من الكاف كثيرا نحو : هذا وهذي ، والمقترن بالكاف دون اللام قليلا كقوله :

٢٠٤ ـ ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد

وقوله :

٢٠٥ ـ قد احتملت ميّ فهاتيك دارها

ولا تدخل مع اللام بحال فلا يقال : هذالك ، وعلله ابن مالك بأن العرب كرهت كثرة الزوائد ، وقال غيره : الهاء تنبيه واللام تنبيه فلا يجتمعان ، وقال السهيلي : اللام تدل على بعد المشار إليه وأكثر ما يقال للغائب وما ليس بحضرة المخاطب ، وها تنبيه للمخاطب لينظر وإنما ينظر إلى ما بحضرته لا إلى ما غاب عن نظره ، فلذلك لم يجتمعا ، قال ابن مالك : ولا يدخل على المقرون بالكاف في المثنى والجمع ، فلا يقال : هذانك ، قال : لأن واحدهما ذاك وذلك فحمل على ذلك مثناه وجمعه ؛ لأنهما فرعاه وحمل عليهما مثنى ذلك وجمعه لتساويهما لفظا ومعنى.

قال أبو حيان : وهذا بناء على ما اختاره من أنه ليس للمشار إليه إلا مرتبتان وقد ورد السماع بخلاف ما قال في قوله :

٢٠٦ ـ من هؤليّائكنّ الضال والسّمر

وهو تصغير هؤلائكن ، وزعم ابن يسعون أن تي في المؤنث لا تستعمل إلا بهاء في أولها ، وبالكاف في آخرها.

__________________

٢٠٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٣١ ، وتخليص الشواهد ص ١٢٥ ، وجمهرة اللغة ص ٧٥٤ ، والجنى الداني ص ٣٤٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤١٠ ، واللسان ، مادة (غبر ، بني) ، والتاج ، مادة (غبر ، طرف) ، وأساس البلاغة ، مادة (غبر) ، وعمدة الحفاظ ، مادة (غبر) ، والمقاييس ١ / ٣٠٤ ، ٤ / ٤٠٩ ، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٢١٤ ، وشرح الأشموني ١ / ٦٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٥٤.

٢٠٥ ـ البيت من الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ٤٥٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٦٠٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٩٧.

٢٠٦ ـ تقدم برقم ٢٠١.

١٨١

الثانية : تفصل هاء التنبيه من اسم الإشارة بأنا وأخواته من ضمائر الرفع المنفصلة كثيرا نحو : ها أنا ذا وها نحن أولاء ، قال تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ) [آل عمران : ١١٩] ، وبغير الضمائر المذكورة قليلا كقوله :

٢٠٧ ـ تعلّمن ها لعمر الله ذا قسما

وقوله :

٢٠٨ ـ فقلت لهم : هذا لها ، ها وذا ليا

ففصل بالواو ، وقد تعاد ها بعد الفصل توكيدا ذكره ابن مالك ومثله بقوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) [آل عمران : ٦٦] ، قال أبو حيان : وهذا مخالف لظاهر كلام سيبويه ، فإنه جعل ها السابقة في الآية في منزلتها للتنبيه المجرد غير مصحوبة لاسم الإشارة ، لا أنها مقدمة على الضمير من الإشارة.

الثالثة : لا خلاف بين النحويين أن كاف الخطاب المصاحبة لأسماء الإشارة حرف يبين أحوال المخاطب من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث ، فيتصرّف كالاسمية بالفتح والكسر ولحوق الميم والألف والنون نحو : ذلك ذلك ذلكما ذلكم ذلكنّ وذاك ذاك ذاكما ذاكم ذاكنّ ، وقد يكتفى في خطاب الجمع المذكر بكاف الخطاب مفتوحة كما يخاطب المفرد المذكر قال تعالى : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ) [البقرة : ٨٥] ، و (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) [المجادلة : ١٢] ، وذكر ابن الباذش لإفراد الكاف إذا خوطب به جماعة تأويلين :

أحدهما : أن يقبل بالخطاب على واحد من الجماعة لجلالته والمراد له ولهم.

والثاني : أن يخاطب الكل ويقدر اسم مفرد من أسماء الجموع يقع على الجماعة تقديره ذلك يوعظ به يا فريق ويا جمع ونحو ذلك.

قال ابن مالك : وقد يستغنى عن الميم في الجمع بإشباع ضمة الكاف كقوله :

__________________

٢٠٧ ـ البيت من البسيط ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٨٢ ، والخزانة ٥ / ٤٥١ ، و ١٠ / ٤١ ، ٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٤٦ ، والكتاب ٣ / ٥٠٠ ، ٥١٠ ، واللسان والتاج ، مادة (سلك ، ها) ، وبلا نسبة في الخزانة ١ / ١٩٤ ، والمقتضب ٢ / ٣٢٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٢١.

٢٠٨ ـ البيت من الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص ٣٦٠ ، والخزانة ٥ / ٤٦١ ، وشرح المفصل ٨ / ١١٤ ، وبلا نسبة في الخزانة ١١ / ١٩٤ ، ١٩٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٤٤ ، والكتاب ٢ / ٣٥٤ ، والمقتضب ٢ / ٣٢٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٨٣.

١٨٢

٢٠٩ ـ وإنّما الهالك ثم التالك

ذو حيرة ضاقت به المسالك

كيف يكون النّوك إلّا ذلك

أراد ذلكم فحذف الميم ، واستغنى بإشباع ضمة الكاف ، وقال أبو حيان : لا دليل في البيت ؛ لأنه يتزن بالإسكان ، وإن صحت الرواية بالضمة فهو من تغيير الحركة لأجل القافية على حد قوله :

٢١٠ ـ سأترك منزلي لبني تميم

وألحق بالحجاز فأستريحا

فلا حجة فيه ، وفي الكاف لغة أخرى وهي الاقتصار عليها بكل حال من غير إلحاق علامة تثنية ولا جمع تركا لها على أصل الخطاب ، ثم منهم من يفتحها مع المذكر ، ويكسرها مع المؤنث ، ومنهم من يفتحها معهما.

الرابعة : تتصل هذه الكاف أعني الحرفية بأرأيت بمعنى أخبرني نحو : أرأيتك يا زيد عمرا ما صنع ، وأرأيتك يا هند وأرأيتكما وأرأيتكم وأرأيتكن ، فتبقى التاء مفردة دائما ، ويغني لحاق علامات الفروع بالكاف عن لحوقها بالتاء ، وفيها حينئذ مذاهب :

أحدها : أن الفاعل هو التاء والكاف حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب وعليه البصريون.

الثاني : أن التاء حرف خطاب وليست باسم وإلا لطابقت والكاف هي الفاعل للمطابقة وعليه الفراء ، ورد بأن الكاف يستغنى عنها بخلاف التاء فكانت أولى بالفاعلية ، وبأن التاء محكوم بفاعليتها في غير هذا الفعل بإجماع ولم يعهد ذلك في الكاف.

الثالث : أن الكاف في موضع نصب وعليه الكسائي ، ورد بأنه يلزم عليه أن يكون المفعول الأول وما بعده هو الثاني في المعنى ، وأنت إذا قلت : أرأيتك زيدا ما فعل لم تكن الكاف بمعنى زيد ، فعلم أنه لا موضع لها من الإعراب ، وأن زيدا هو المفعول الأول وما بعده المفعول الثاني ، فإن قيل : لم لم يكن من قبيل ما يتعدى إلى ثلاثة فيكون الأول غير الثاني؟ أجاب أبو علي بأنها لم تتعد إلى ثلاثة في غير هذا الموضع ، ولو كانت من

__________________

٢٠٩ ـ لم يرد الرجز في المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٣.

٢١٠ ـ البيت من الوافر ، وهو للمغيرة بن حبناء في الخزانة ٨ / ٥٢٢ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٩٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٠ ، وبلا نسبة في الرد على النحاة ص ١٢٥ ، ورصف المباني ص ٣٧٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٦٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٦٢.

١٨٣

هذا الباب لتعدت إليها أما أرأيت العلمية وهمزتها للاستفهام ، فإن الكاف اللاحقة لها ضمير منصوب يطابق فيه التاء نحو : أرأيتك ذاهبا ، وأرأيتك ذاهبة ، وأرأيتماكما ذاهبين ، وأ رأيتموكم ذاهبين ، وأ رأيتنكن كن ذاهبات ؛ لأن ذلك جائز في أفعال القلوب.

الخامسة : تتصل الكاف الحرفية أيضا كثيرا بحيهل والنجاء ورويد وهي أسماء أفعال نحو : حيهلك ، أي : ائت ، والنجاك ، أي : أسرع ، ورويدك ، أي : مهل ، وقليلا ببلى وما ذكر بعده نحو : بلاك وكلاك وأبصرك زيدا تريد أبصر زيدا ولستك زيد قائما ، قال :

٢١١ ـ ألستك جاعلي كابني جعيل

ونعمك الرجل زيد ، وبئسك الرجل عمرو ، وحسبتك عمرا قائما ، قال :

٢١٢ ـ وحنت وما حسبتك أن تحينا

خرجه أبو علي عليه ؛ إذ لا يخبر بأن والفعل عن اسم عين.

السادسة : قد ينوب ذو البعد عن ذي القرب وذو القرب عن ذي البعد إما لرفعة المشار إليه والمشير نحو : (ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة : ٢] ، (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) [الشورى : ١٠] ، (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) [يوسف : ٣٢] ، (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي) [الإسراء : ٩] ، أوضعتهما نحو : ذلك اللعين فعل ، (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ) [الأنبياء : ٣٦] ، (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) [الماعون : ٢] ، أو نحو ذلك.

قال في «التسهيل» : كحكاية الحال نحو : (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ) [الإسراء : ٢٠] ، (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) [القصص : ١٥].

زاد أهل البيان : وكالتنبيه بعد ذكر المشار إليه بأوصاف قبله على أنه جدير بما يرد بعده من أجلها نحو : (أُولئِكَ عَلى هُدىً) [البقرة : ٥] الآية ، وقولي : «ويتعاقبان» هو مذهب الجرجاني ، وابن مالك وطائفة أن ذلك قد يشار بها للقريب بمعنى هذا ، وهذا قد يشار بها للبعيد بمعنى ذلك ، قال تعالى : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ) [آل عمران : ٥٨] ، ثم قال : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ) [آل عمران : ٦٢] ، وقال الشاعر:

__________________

٢١١ ـ الشطر من الوافر ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى.

٢١٢ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص ١٢٥ ، والجنى الداني ص ٩٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٥٠٦ ، ومغني اللبيب ١ / ١٨٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٨٠.

١٨٤

٢١٣ ـ تأمّل خفافا إنّني أنا ذلكا

أي : هذا ورده السهيلي ، قال : إن ذلك من النيابة السابقة لا التعاقب.

(ص) ويشار للمكان ب : هنا لازم الظرفية ، ويجر بمن وإلى ، وتلحقه لواحق ذا ، لكن لا تتصرف كافه ، وكهنالك ثم ، وقيل : تجيء مفعولا به وهنا وهنا ، وقد يصحبها الكاف وها ، ويقال : هنه وثمه وقفا وهنت ، وقد يشار بهناك وهنالك وهنا لزمان ، وقال المفضل : هناك للمكان ، وهنالك للزمان.

(ش) يشار للمكان القريب بهنا وهو لازم الظرفية فلا يقع فاعلا ولا مفعولا به ولا مبتدأ ، ويجر ببعض الحروف كما هو شأن لازم الظرفية ، فيجر بمن وإلى نحو : تعال من هنا إلى هنا ، وتلحقه لواحق ذا وهو الكاف وحدها في التوسط أو البعد على القولين ، والكاف مع اللام في البعد ، وتدخل هاء التنبيه في هنا بكثرة وهناك بقلة ، ولا تدخل في هنالك ، نعم تلزم كافه حالة واحدة ولا تتصرف تصرف كاف ذا ، ويشار للمكان البعيد فقط بثم مفتوحة الثاء المثلثة وهي كهنا في لزوم الظرفية والجر بمن وإلى ، وقيل : إنها تقع مفعولا به ، وخرج عليه قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ) [الإنسان : ٢٠] ، ورد بأن المفعول محذوف اختصارا ، أي : الموعود به ، أو اقتصارا ، أي : وقعت منك رؤية ، ويشار للبعيد أيضا بهنا بكسر الهاء وهنا بفتحها والنون مشددة فيهما قال :

٢١٤ ـ كأنّ ورسا خالط اليرنّا

خالطه من ههنا وهنّا

وقد تصحبها الكاف دون اللام ، فيقال : هناك وهناك وقد تصحبها هاء التنبيه ، فيقال : ههنا ، ويقال : في هنا المخففة هنة في الوقف ، قال :

٢١٥ ـ قد أقبلت من أمكنه

من ههنا ومن هنه

ويقال أيضا : في ثم في الوقف ثمه ، وقد يقال في هنا المشددة : هنت مشددا ساكن التاء ، قال :

__________________

٢١٣ ـ البيت من الطويل ، وهو لخفاف بن ندبة في ديوانه ص ٦٤ ، والاشتقاق ص ٣٠٩ ، والأغاني ٢ / ٢٩٠ ، ١٥ / ٧١ ، ١٨ / ٢٣ ، والإنصاف ٢ / ٧٢٠ ، والخزانة ٥ / ٤٣٨ ، ٤٤٠ ، والخصائص ٢ / ١٨٦ ، والمنصف ٣ / ٤١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦١٩.

٢١٤ ـ الرجز للأصمعي أو خلف في الحيوان ١ / ١٨٩.

٢١٥ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج ، مادة (هنا ـ ما) ، ورصف المباني ص ١٦٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٦٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٨٧٦ ، ٤ / ٣٣٤ ، وشرح الشافية ص ٤٧٦ ، وشرح المفصل ٣ / ١٣٨ ، ٤ / ٦ ، ٩ / ٨١ ، ١٠ / ٤٢ ، ٤٣.

١٨٥

٢١٦ ـ وذكرها هنّت ولات هنّت

وقد يشار بهناك وهنالك وهنا المشددة للزمان كقوله تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) [الأحزاب : ١١] ، أي : في ذلك الزمان ؛ لقوله قبل : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) [الأحزاب : ١٠] ، وقوله : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) [يونس : ٣٠] ، وقول الأفوه :

٢١٧ ـ وإذا الأمور تعاظمت وتشابهت

فهناك يعترفون أين المفزع

وقول الآخر :

٢١٨ ـ حنّت نوار ولات هنّا حنّت

أي : ولا حان في هذا الوقت ، وذهب المفضل إلى أن هناك للمكان ، وهنالك للزمان.

أداة التعريف

(ص) أداة التعريف قال الخليل وابن كيسان وابن مالك : أل فالهمزة قطع ، وقيل : وصل ، وعليه سيبويه. قال أبو حيان وجميع النحاة : اللام ، وتخلفها أم ، وقيل : فيما لا يدغم فيه.

(ش) النكتة التي لأجلها قدمت هذا الباب على الموصول تأتي ختم المقدمات بالخاتمة المشتملة على معاني من وما وأي الخارجة عن الموصولية ، فإن ذكرها عقب الموصول على سبيل التذييل مناسب وكونها مفردة بخاتمة أنسب ، وفيه توفية بعادتي في هذا الكتاب ، وهو ختم كل كتاب من الكتب السبعة بخاتمة ، كما صنع ابن السبكي في «جمع الجوامع» الأصلي ، إلى أن ختمت الكتاب السابع بخاتمة في الخط ، كما ختم هو الكتاب السابع بخاتمة في التصوف ، وانضم إلى ما صنعته هنا مناسبتان :

__________________

٢١٦ ـ الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٤٢٣ ، واللسان ، مادة (هنأ ، هنا) ، والتهذيب ٥ / ٣٧٦ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٢٧.

٢١٧ ـ البيت من الكامل ، وهو للأفوه الأودي في ديوانه ص ١٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٢٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٢٦.

٢١٨ ـ البيت من الكامل ، وهو لشبيب بن جعيل في شرح المغني ص ٩١٩ ، والمؤتلف والمختلف ص ٨٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤١٨ ، ولحجل بن نضلة في شرح المفصل ٣ / ١٥ ، ١٧ ، والشعر والشعراء ص ١٠٢ ، ولهما معا في الخزانة ٤ / ١٩٥ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٣٠ ، تذكرة النحاة ص ٧٣٤ ، والجنى الداني ص ٤٨٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٥٠.

١٨٦

الأولى : أن هذا الباب مختصر وباب الموصول يستدعي أحكاما طويلة ، ومن عادة المصنفين تقديم ما هو الأخصر ، وتأخير ما يستدعي فروعا واستطرادات.

الثانية : أنه قد تقدم حكاية قول أن تعريف الموصول بأل ونيتها ، فكانت لذلك كالأصل له فناسب تقديم ذكرها عليه ، وقد قدم ابن مالك في «التسهيل» باب الموصول على باب الإشارة مع أنه عنده مؤخر عنه في الرتبة ، وليس لما صنعه وجه من المناسبة.

اعلم أن في أداة التعريف مذهبين :

أحدهما : أنها أل بجملتها وعليه الخليل وابن كيسان وصححه ابن مالك فهي حرف ثنائي الوضع بمنزلة قد وهل ، قال ابن جني : وكان الخليل يسميها أل ، ولم يكن يسميها الألف واللام ، كما لا يقال في قد القاف والدال ، ثم اختلف على هذا هل الهمزة قطع أو وصل على قولين.

والمذهب الثاني : أنها اللام فقط والهمزة وصل اجتلبت للابتداء بالساكن ، وفتحت على خلاف سائر همزات الوصل تخفيفا لكثرة دورها ، وعليه سيبويه ونقله أبو حيان عن جميع النحويين إلا ابن كيسان ، وعزاه صاحب «البسيط» إلى المحققين ، والفرق بين المذهبين على القول الأول بأن الهمزة وصل أن الموضوع للتعريف على هذا اللام وحدها ، ثم اجتلبت همزة الوصل ليمكن النطق بالساكن ، وعلى ذاك هي معتد بها في الوضع كهمزة استمع ونحوه.

وثمرة الخلاف تظهر في قولك : قام القوم فعلى الأولى حذفت الهمزة لتحرك ما قبلها ، وعلى الثاني لم يكن ثم همزة ألبتة ولم يؤت بها لعدم الحاجة إليها ، ورجح مذهب الخليل لسلامته من وجوه كثيرة مخالفة للأصل ، وموجبة لعدم النظير ، منها : وضع كلمة مستحقة للتصدير على حرف واحد ساكن ، وافتتاح حرف بهمزة وصل ولا نظير لهما ، وبأن العرب تقف عليها تقول : ألي ، ثم تتذكر فتقول : الرجل كما تقول : قدي ، ثم تقول : قد فعل ، وقال الشاعر :

٢١٩ ـ دع ذا وعجّل ذا وألحق ذا بذا ال

بالشحم إنّا قد مللناه بجل

__________________

٢١٩ ـ الرجز لغيلان بن حريث في الكتاب ٤ / ١٤٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥١٠ ، ولحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٩ ، وبلا نسبة في اللسان ، مادة (طرا) ، ورصف المباني ص ٤١ ، ٧٠ ، ١٥٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٨٣ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٦.

١٨٧

ولا يوقف إلا على ما كان على حرفين ، واستدل للمذهب الثاني بحذف الهمزة وصلا ، وأجيب بأنها وصلت تخفيفا ، وبأن العامل يتخطاها ، ولو كانت في الأصل كقد كانت في تقدير الانفصال ولم يتخطها ، وأجيب بأن تقدير الانفصال لا يترتب على كثرة الحروف ، بل على إفادة معنى زائد على معنى المصحوب ، ولو كان المشعر به حرفا واحدا كهمزة الاستفهام.

وعدم الانفصال يرتب على إفادة معنى ممازج لمعنى المصحوب كسوف ، وبأن التنكير مدلول عليه بحرف واحد وهو التنوين ، فوجب كون التعريف كذلك ؛ لأن الشيء يحمل على ضده كما يحمل على نظيره ، وأجيب بأنه غير لازم ، بل الاختلاف بها أولى ، وإن سلم فشرطه تعذر الحمل على النظير.

قال أبو حيان : وهذا الخلاف لا يجدي شيئا ، ولا ينبغي أن يتشاغل به.

وقد تخلفها أم في لغة عزيت لطيّء وحمير ، قال ابن مالك : لما كانت اللام تدغم في أربعة عشر حرفا ، فيصير المعرف بها كأنه من المضاعف العين الذي فاؤه همزة جعل أهل اليمن ومن داناهم بدلها ميما ؛ لأن الميم لا تدغم إلا في ميم ، قال بعضهم : إن هذه اللغة مختصة بالأسماء التي لا تدغم لام التعريف في أولها نحو : غلام وكتاب بخلاف رجل وناس.

قال ابن هشام : ولعل ذلك لغة لبعضهم لا لجميعهم بدليل دخولها على النوعين في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس من امبر امصيام في امسفر» (١) أخرجه أحمد ، وقول الشاعر :

٢٢٠ ـ يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

(ص) فإن عهد مصحوبها بحضور حسي أو علمي فعهدية ، ويعرض فيها الغلبة واللمح ، وإلا فجنسية ، فإن لم يخلفها كل فلتعريف الماهية ، أو خلفها حقيقة فللشمول ،

__________________

٢٢٠ ـ البيت من المنسرح ، وهو لبجير بن غنمة في شرح شواهد الشافية ص ٤٥١ ، ٤٥٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٥٩ ، واللسان ، مادة (خندم ، سلم ، ذو) ، والمؤتلف والمختلف ص ٥٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٦٤ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٤٣ ، والجنى الداني ص ١٤٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٧٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٢١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٣٢.

(١) أخرجه أحمد في مسنده (٢٣١٦٧).

١٨٨

فيستثنى من مدخولها ، وقد ينعت بالجمع ، ويضاف إليه أفعل ، أو مجازا فلشمول خصائصه مبالغة ، قيل : ويعرض فيها الحضور ، قيل : وتختص الحضورية بتلو إذا الفجائية والإشارة وأي والزمن الحاضر ، وقيل : للحقيقة فيها ، وزعم ابن معزوز اختصاص اللام بالعهدية ، وابن بابشاذ العهدية بالأعيان ، والجنسية بالأذهان.

(ش) أل نوعان : عهدية ، وجنسية.

فالأولى : ما عهد مدلول مصحوبها بحضور حسي بأن تقدم ذكره لفظا ، فأعيد مصحوبا بأل نحو : (أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٥ ـ ١٦] ، أو كان مشاهدا كقولك : القرطاس لمن سدد سهما ، أو علمي بأن لم يتقدم له ذكر ولم يكن مشاهدا حال الخطاب نحو : (إِذْ هُما فِي الْغارِ) [التوبة : ٤٠] ، (إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح : ١٨] ، (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) [النازعات : ١٦].

قال أبو حيان : وذكر أصحابنا أنه يعرض في العهدية الغلبة ، ولمح الصفة فالتي للغلبة كالبيت للكعبة والنجم للثريا دخلت لتعريف العهد ، ثم حدثت الغلبة بعد ذلك والتي للمح لم تدخل أولا على الاسم للتعريف ؛ لأن الاسم علم في الأصل ، لكن لمح فيه معنى الوصف فسقط تعريف العلمية فيه ، وإنما أنت تريد شخصا معلوما ، فلم يكن بد من إدخال أل العهدية عليه لذلك.

والثانية : إما لتعريف الماهية وهي التي لا يخلفها كل لا حقيقة ولا مجازا نحو : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [الأنبياء : ٣٠] ، وقولك : والله لا أتزوج النساء ، ولا ألبس الثياب ، وإما لاستغراق الأفراد وهي التي تخلفها كل حقيقة نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ، وعلامتها أن يصح الاستثناء من مدخولها نحو : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [العصر ٢ ـ ٣] ، وصحة نعته بالجمع وإضافة أفعل إليه اعتبارا لمعناه نحو : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) [النور : ٣١] ، وقولهم : أهلك الناس الدينار الحمر ، والدرهم البيض ، وإما لاستغراق خصائص الأفراد مبالغة في المدح أو الذم وهي التي تخلفها كل مجازا نحو : زيد الرجل علما ، أي : الكامل في هذه الصفة ، ومنه : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢].

قال الجزولي وغيره : ويعرض في الجنسية الحضور نحو : خرجت فإذا الأسد ؛ إذ ليس بينك وبين مخاطبك عهد في أسد مخصوص ، وإنما أردت خرجت فإذا هذه الحقيقة فدخلت أل لتعريف الحقيقة ؛ لأن حقيقة الأسد معروفة عند الناس ، وقال ابن عصفور : لا

١٨٩

تقع الحضورية إلا بعد اسم الإشارة نحو : جاءني هذا الرجل ، وأي في النداء نحو : يا أيها الرجل ، وإذا الفجائية نحو : خرجت فإذا الأسد ، أو في اسم الزمان الحاضر نحو : الآن والساعة ، وما في معناهما ، وما عدا ذلك لا تكون فيه للحضور إلا أن يقوم دليل على ذلك ، وقال ابن هشام : فيما ذكره ابن عصفور نظر ؛ لأنك تقول : لشاتم رجل بحضرتك لا تشتم الرجل ، فهذه للحضور في غير ما ذكر ، ولأن التي بعد إذا ليست لتعريف شيء حاضر حالة التكلم فلا تشبه ما الكلام فيه ، ولأن الصحيح في الداخلة على الآن أنها زائدة لا معرفة ، وما ذكر من تقسيم أل إلى عهدية وجنسية هو مذهب الجمهور.

وخالف أبو الحجاج يوسف بن معزوز ، فذكر أن أل لا تكون إلا عهدية ، فإذا قلت :الدينار خير من الدرهم فمعناه هذا الذي عهدته بقلبي على شكل كذا خير من الذي عهدته على شكل كذا ، فاللام للعهد أبدا لا تفارقه ، وقال ابن عصفور : لا يبعد عندي أن تسمى الألف واللام اللتان لتعريف الجنس عهديتين ؛ لأن الأجناس عند العقلاء معلومة مذ فهموها ، والعهد تقدم المعرفة ، وقال ابن بابشاذ : العهدية بالأعيان ، والجنسية بالأذهان.

(ص) والمختار وفاقا للكوفية نيابتها عن الضمير ، قال ابن مالك : لا في الصلة.

(ش) اختلف في نيابة أل عن الضمير المضاف إليه فمنعه أكثر البصريين ، وجوزه الكوفية وبعض البصريين وكثير من المتأخرين ، وخرجوا عليه : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٤١] ، ومررت برجل حسن الوجه ، والمانعون قدروا له ومنه ، وقيد ابن مالك الجواز بغير الصلة ، وقال الزمخشري في (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) [البقرة : ٣١] : إن الأصل أسماء المسميات ، فجوز إنابتها عن الظاهر ، وقال أبو شامة في قوله : بدأت ببسم الله في النظم : إن الأصل في نظمي ، فجوز إنابتها عن ضمير المتكلم ، قال ابن هشام : والمعروف من كلامهم إنما هو التمثيل بضمير الغائب.

(ص) وزيدت لازما في اليسع ، وقيل : للمح ، والذي ، قيل : والآن ، ونادرا في علم وحال وتمييز ومضافة ، قال الأخفش : ومررت بالرجل مثلك ، وخير منك ، والخليل : ما بعده نعت لنيتها ، وابن مالك : بدل ، وابن هشام ك : (اللَّيْلُ نَسْلَخُ) [يس : ٣٧].

(ش) تقع أل زائدة وهي نوعان لازمة وهي التي في الموصولات بناء على أن تعريفها بالصلة والتي في اليسع ، وقيل : إنها للمح والتي في الآن على أحد القولين فيه ، وغير لازمة وهي نادرة كالداخلة على بعض الأعلام في قوله :

١٩٠

٢٢١ ـ باعد أمّ العمر من أسيرها

والأحوال كقولهم : ادخلوا الأول فالأول ، أي : أولا فأولا ، وقوله :

٢٢٢ ـ دمت الحميد فما تنفكّ منتصرا

أي : حميدا ، والتمييز في قوله :

٢٢٣ ـ وطبت النّفس يا قيس عن عمرو

أي : نفسا ، والمضاف إليه التمييز في قوله :

٢٢٤ ـ إلى ردح من الشّيزى ملاء

لباب البرّ يلبك بالشّهاد

واختلف في نحو : مررت بالرجل مثلك وخير منك مما أتبع فيه المقرون ب : أل بهما ، فقال الأخفش : إنه نكرة وأل فيه زائدة ليصح إتباعه بهما ؛ إذ ليسا بمعرفتين ، وقال الخليل : بل النعت والمنعوت معرفتان على نية أل في النعت وإن كان موضعا لا تدخله كما نصب الجماء الغفير على نية إلغاء أل ، وقال ابن مالك : عندي أن أسهل مما ذهبا إليه الحكم بالبدلية وتقرير المتبوع والتابع على ظاهرهما ، فيكون بدل نكرة من معرفة ، ورده أبو حيان بأن البدل بالمشتقات ضعيف ، وذلك الذي حمل الأخفش والخليل على ما ذهبا إليه ، وقال ابن هشام : ك : (اللَّيْلُ نَسْلَخُ) [يس : ٣٧].

الموصول

(ص) الموصول : منه حرفي ، وهو ما أول مع صلته بمصدر ، وهو أن وتوصل

__________________

٢٢١ ـ الرجز لأبي النجم في ديوانه ص ١١٠ ، وشرح المفصل ١ / ٤٤ ، والمخصص ١٣ / ٢١٥ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٨٩ ، والإنصاف ١ / ٣١٧ ، والجني الداني ص ١٩٨ ، ورصف المباني ص ٧٧ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٦٦ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٧٢.

٢٢٢ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٦٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٢٦.

٢٢٣ ـ البيت من الطويل لرشيد بن شهاب في شرح اختيارات المفصل ص ١٣٢٥ ، والمفضليات ص ٣١٠ ، وشرح التصريح ١ / ١٥١ ، ٣٩٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٠٢ ، ٣ / ٢٢٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٨١ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٨ ، والجنى الداني ص ١٩٨ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٤٤.

٢٢٤ ـ البيت من الوافر ، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٢٧ ، واللسان ، مادة (رجح ، ردح ، شهد ، لبك ، رذم) ، والتاج ، مادة (ردح ، جدع ، شهد ، لبك ، رذم) ، وأساس البلاغة ، مادة (ردح) ، والمقاييس ٢ / ٣١٢ ، ٣ / ٢٢٢ ، وجمهرة اللغة ص ٥٠٢ ، والسمط ص ٣٦٣ ، والمعاني الكبير ١ / ٣٨٠ ، ولأبي الصلت في المستقصى ١ / ٢٨١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٤٢.

١٩١

بفعل متصرف ، وقال أبو حيان : إلا الأمر ، وكي ، وتوصل بمضارع مقرونة بلام التعليل لفظا أو تقديرا ، وأنّ وتوصل بمبتدأ وخبر ، ولو التالية غالبا مفهم تمنّ أثبت مصدريتها الفراء والفارسي والتبريزي وأبو البقاء وابن مالك ، ومنعه الجمهور ، وما وزعمها قوم اسما ، ويوصلان بمتصرف غير أمر ، والأكثر بماض ، وجوز قوم وصل ما بجملة اسمية ، وثالثها إن نابت عن الظرف ، وشرط قوم صحة الذي محلها ، والسهيلي : كون وصلها غير خاص ، وتنوب عن زمان ، قيل : وتشاركها أن.

(ش) الموصول قسمان : حرفي واسمي ، والثاني هو المقصود بالباب ؛ لأنه المعرفة ، وذكر الأول استطرادا ، وبدئ به ؛ لأن الكلام فيه أخصر وذاك يستتبع أحكاما وفروعا كثيرة.

وضابط الموصول الحرفي : أن يؤول مع صلته بمصدر ، وهو خمسة أحرف :

أحدها : أن بالفتح والسكون : وهي الناصبة للمضارع ، وتوصل بالفعل المتصرف ماضيا كان أم مضارعا أم أمرا نحو : أعجبني أن قمت وأريد أن تقوم وكتبت إليه بأن قم ، ونص سيبويه على وصلها بالأمر ، والدليل على أنها مصدرية دخول حرف الجر عليها ، وقال أبو حيان : «جميع ما استدلوا به على وصلها بفعل الأمر يحتمل أن تكون التفسيرية ، ولا يقوى عندي وصلها به لأمرين :

أحدهما : أنها إذا سبكت والفعل بمصدر فات معنى الأمر المطلوب.

والثاني : أنه لا يوجد في كلامهم يعجبني أن قم ، ولا أحببت أن قم ولا يجوز ذلك ، ولو كانت توصل به لجاز ذلك كالماضي والمضارع» انتهى.

أما الجامد : كعسى وهب وتعلم فلا توصل به اتفاقا.

الثاني : كي وتوصل بالمضارع ولكونها بمعنى التعليل لزم اقترانها باللام ظاهرة أو مقدرة نحو : جئت لكي تكرمني أو كي تكرمني.

الثالث : أنّ بالفتح والتشديد إحدى أخوات إن ، وتوصل باسمها وخبرها نحو : يعجبني أن زيدا قائم ، وهذه الثلاثة متفق عليها.

الرابع : لو التالية غالبا مفهم تمن ، واختلف فيها فالجمهور أنها لا تكون مصدرية ، بل تلازم التعليق ويؤيد ذلك أنه لم يسمع دخول حرف جر عليها ، وذهب الفراء والفارسي والتبريزي وأبو البقاء وابن مالك إلى أنها قد تكون مصدرية فلا تحتاج إلى جواب ،

١٩٢

وخرجوا على ذلك : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) [البقرة : ٩٦] ، (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) [القلم : ٩] ، ومفهم تمن يشمل ود ويود وأحب وأتمنى وأختار ، والمسموع ود ويود ، ومن استعمالها دون مفهم تمن نادرا :

٢٢٥ ـ ما كان ضرّك لو مننت

وإنما توصل بفعل متصرف غير أمر.

الخامس : ما خلافا لقوم منهم المبرد والمازني والسهيلي وابن السراج والأخفش في قولهم : إنها اسم مفتقرة إلى ضمير ، وإنك إذا قلت : يعجبني ما قمت فتقديره القيام الذي قمته ، وعلى رأي الجمهور إنما توصل بفعل متصرف غير أمر ، والأكثر كونه ماضيا نحو : (بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ٢٥] ، ومن المضارع : (لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ) [النحل : ١١٦] ، أي : الوصف ، وجوز قوم منهم السيرافي والأعلم وابن خروف وصلها بجملة اسمية كقوله :

٢٢٦ ـ كما دماؤكم تشفي من الكلب

والجمهور منعوا ذلك وقالوا : هي في البيت كافة ، وقيل : يجوز في حال ينابتها عن ظرف الزمان وسيأتي ، وذكر في «البسيط». أنها لا تكون سابكة إلا حيث يصح حلول الموصول محلها ؛ لأن الموصولة سابكة في المعنى ؛ لأنك تسبك بها الجملة إلى الوصف بالمفرد قال أبو حيان : ويرده قوله :

٢٢٧ ـ يسرّ المرء ما ذهب اللّيالي

أي : ذهاب الليالي ، ولا يصح فيه الموصول ، وقال السهيلي : إن صلة ما لا بد أن يكون فعلا غير خاص ، بل مبهما يحتمل التنويع نحو : ما صنعت ، ولا تقول : ما جلست،

__________________

٢٢٥ ـ البيت من الكامل ، وهو لقتيلة بنت النضر في الجنى الداني ص ٢٨٨ ، والخزانة ١١ / ٢٣٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٩٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٥٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٨ ، واللسان ، مادة (غيظ ، حنق) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٧١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٢٢٣ ، وتذكرة النحاة ص ٣٨ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٦٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٩٥.

٢٢٦ ـ البيت من البسيط ، وهو للكميت بن زيد في ديوانه ١ / ٨١ ، واللسان والتاج ، مادة (كلب) ، والحيوان ٥ / ٣٤٣ ، ورواية عجزه (كما دماؤكم يشفى بها الكلب) ، والبيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٥١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٢٥.

٢٢٧ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٣٧ ، والجنى الداني ص ٣٣١ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٨ ، وشرح قطر الندى ص ٤١ ، وشرح المفصل ٨ / ١٤٢ ، ١٤٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٦.

١٩٣

ولا ما تجلس ؛ لأن الجلوس نوع خاص ليس مبهما ، فكأنك قلت : يعجبني الجلوس الذي جلست ، فيكون آخر الكلام مفسرا لأوله رافعا للإبهام ، فلا معنى حينئذ لها ، ورد بالبيت السابق.

وتختص ما بنيابتها عن ظرف زمان نحو : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [هود : ١٠٨] ، لا أصحبهم ما ذرّ شارق ، أي : مدة دوامها ، ومدة ذرور شارق ، ومنه قوله :

٢٢٨ ـ ولن يلبث الجهّال أن يتهضّموا

أخا الحلم ما لم يستعن بجهول

وقوله :

٢٢٩ ـ أطوّف ما أطوّف ثم آوي

وتسمى ظرفية ووقتية ، وذهب الزمخشري إلى أنّ أن تشاركها في ذلك ، وخرج عليه : (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) [البقرة : ٢٥٨] ، (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) [النساء : ٩٢] ، أي : وقت أن آتاه ، وحين أن يصدقوا.

قال أبو حيان : وأكثر النحاة لا يعرفون ذلك ، ولا حجة فيما ذكره لاحتمال كونها للتعليل ، ولم يقم دليل على كون أن ظرفية مثل ما.

(ص) وإسمي وهو الذي لذكر فرد عالم وغيره ، وزعم يونس والفراء وابن مالك وقوعها مصدرية ، والتي لأنثاه والأصل لذي ولتي بوزن فعل ، والكوفية الذال فقط ساكنة ، والفراء ذا وتي إشارة ، والسهيلي ذو صاحب ، قيل : وقد تعرب ياؤهما ، قيل : وتكسر وتشديدها كسرا وضما ، وحذفها ساكنا ما قبلها أو مكسورا لغات ، وقيل : ضرورة واللذان ، واللذين ، واللتان ، واللتين للمثنى ، والذين جمع ذكر عالم أو شبهه وإعرابه لغة ، ويغني عنه الذي مضمنا معنى الجزاء ودونه قليل ، وقيل : هي كمن ، وكالذين الألى ، وقد تقع لمؤنث وغير عالم ، وتمد واللآء واللائين ، وإعرابه لغة ، وجمع التي اللاتي واللائي واللواتي ، وبلا ياءات كسرا وسكونا ، واللا واللواء واللاءات مكسورا

__________________

٢٢٨ ـ البيت من الطويل ، بلا نسبة في شرح التسهيل ١ / ٢٢٦ ، وشفاء العليل ص ٢٤٥.

٢٢٩ ـ البيت من الوافر ، وهو للحطيئة في ديوانه ص ١٥٦ ، والخزانة ٢ / ٤٠٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٠ ، وشرح المفصل ٤ / ٥٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٧٣ ، ٤ / ٢٢٩ ، ولأبي الغريب النصري في اللسان ، مادة (لكع) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٤٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤٩.

١٩٤

ومعربا ، وذوات مضموما أو معربا ، وقيل : اللائي لمذكر ومؤنث ، وقيل : التي في جمع غير عالم أكثر من اللاتي ولذي ولتي ولذان ولذين ولاتي لغة ، وأنكره أبو حيان.

(ش) الموصول الاسمي محصور بالعد ، فلم يحتج إلى حد ، فمنه الذي للمفرد المذكر عاقلا كان أو غيره ، والتي للمفرد المؤنث كذلك ، وأصلهما لذي ولتي بوزن فعل كعمي زيدت عليهما أل زيادة لازمة أو عرفا بها على القولين ، وقال الكوفيون : الاسم الذال فقط من الذي ساكنة لسقوط الياء في التثنية ، وفي الشعر ، ولو كانت أصلا لم تسقط ، واللام زيدت ليمكن النطق بالذال ساكنة ، ورد بأنه ليس من الأسماء الظاهرة ما هو على حرف واحد.

وقال الفراء : أصل الذي ذا المشار به ، وكذا أصل التي تي المشار بها ، وقال السهيلي : أصل الذي ذو بمعنى صاحب وقدر تقديرات حتى صارت الذي في غاية التعسف والاضمحلال.

وفي الذي والتي لغات إثبات الياء ساكنة وهي الأصل ، وتشديدها مكسورة قال :

٢٣٠ ـ وليس المال فاعلمه بمال

وإن أغناك إلا للّذيّ

ينال به العلاء ويصطفيه

لأقرب أقربيه وللقصيّ

وقال أبو حيان : لم يحفظ التشديد في التي وإنما ذكره ابن مالك تبعا للجزولي ، وأكثر أصحابنا.

وتشديدها مضمومة قال :

٢٣١ ـ أغض ما اسطعت فالكريم الّذيّ

يألف الحلم إن جفاه بذيّ

قال أبو حيان : وظاهر كلام ابن مالك أن الكسر والضم مع التشديد بناء ، وبه صرح بعض أصحابنا ، وصرح أيضا مع البناء بجواز الجري بوجوه الإعراب ، وعليه اقتصر الجزولي.

__________________

٢٣٠ ـ البيتان من الوافر ، وهما بلا نسبة في الأزهية ص ٢٩٣ ، والإنصاف ص ٦٧٥ ، والخزانة ٥ / ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، ورصف المباني ص ٧٦ ، واللسان والتاج ، مادة (ضمن ، لذا) ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٩٢.

٢٣١ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في شفاء العليل ص ٢٢٠.

١٩٥

وحذف الياء وإسكان ما قبلها قال :

٢٣٢ ـ فلم أر بيتا كان أحسن بهجة

من اللّذ به من آل عزّة عامر

وقال :

٢٣٣ ـ فقل للّت تلومك : إنّ نفسي

وحذفها وكسر ما قبلها قال :

٢٣٤ ـ والّذ لو شاء لكانت برّا

وقال :

٢٣٥ ـ شغفت بك اللّت تيّمتك فمثل ما

بك ما بها من لوعة وغرام

قال أبو حيان : ومن ذهب إلى أن ما ذكر من التشديد والحذف بوجهين خاص بالشعر فمذهبه فاسد ؛ لأن أئمة العربية نقلوها على أنها لغات جارية في السعة ، وذهب يونس والفراء وابن مالك إلى أن الذي قد يقع موصولا حرفيا فيؤول بالمصدر ، وخرجوا عليه :(وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) [التوبة : ٦٩] ، أي : كخوضهم ، والجمهور منعوا ذلك وأولوا الآية ، أي : كالجمع الذي خاضوا.

ومن الموصولات الاسمية اللذان للمثنى المذكر رفعا ، واللذين له جرا ونصبا ، واللتان واللتين للمثنى المؤنث ، والذين لجمع المذكر بالياء في الأحوال كلها ، ويختص بالعاقل نحو : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) [المؤمنون : ٢] ، وما نزل منزلته نحو : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ) [الأعراف : ١٩٤] نزل الأصنام لما عبدوها منزلة من يعقل ، ولذا عاد عليها ضمير العقلاء في قوله بعد : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) [الأعراف : ١٩٥].

وإعرابه لغة طيئ وهذيل وعقيل ، فيقال في الرفع : اللذون بالواو ، قال :

__________________

٢٣٢ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الإنصاف ص ٦٧١ ، وجمهرة اللغة ص ٨٥٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٧٦.

٢٣٣ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الأزهية ص ٣٠٣ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٨ ، والخزانة ٦ / ٦ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٥٣.

٢٣٤ ـ الرجز بلا نسبة في الأزهية ص ٢٩٢ ، والإنصاف ص ٦٧٦ ، والخزانة ٥ / ٥٠٥ ، ورصف المباني ص ٧٦ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٥ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٦٠.

٢٣٥ ـ البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في شفاء العليل ص ٢٣٢.

١٩٦

٢٣٦ ـ نحن اللّذون صبحوا الصّباحا

ويقع الذي بمعنى الذين مضمنا معنى الجزاء بكثرة نحو : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) [الزمر : ٣٣] ، ودونه بقلة نحو : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) [البقرة : ١٧] بدليل (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) ، وقيل : إن الذي ك : من يكون للواحد والمثنى والجمع بلفظ واحد ، وعليه الأخفش قال :

٢٣٧ ـ أولئك أشياخي الذي تعرفونهم

قال أبو حيان : ولم يسمع ذلك في المثنى.

ومنها الألى بوزن العلى ، والمشهور وقوعها بمعنى الذين فتكون للعقلاء المذكرين ، قال:

٢٣٨ ـ رأيت بني عمّي الألى يخذلونني

وقال :

٢٣٩ ـ من الألى يحشرهم في زمرته

وقد يقع للمؤنث وما لا يعقل قال :

٢٤٠ ـ وتبلي الألى يستلئمون على الألى

تراهنّ يوم الرّوع كالحدأ القبل

وقد تمد قال :

٢٤١ ـ أبى الله للشّمّ الألاء كأنّهم

__________________

٢٣٦ ـ تقدم الرجز مع تخريجه برقم ١٤٣.

٢٣٧ ـ عجز البيت : (ليوث سعوا يوم النبي بفيلق) ، وهو من الطويل ، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٨ ، وانظر المعجم المفصل ٢ / ٦١٣.

٢٣٨ ـ البيت من الطويل ، وهو لعمرو بن أسد الفقعسي في الحماسة البصرية ١ / ٧٥ ، ولبعض بني فقعس في الخزانة ٣ / ٣٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ، انظر المعجم المفصل ١ / ٧٤.

٢٣٩ ـ لم يرد الرجز فى المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٢٦.

٢٤٠ ـ البيت من الطويل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٩٢ ، وتخليص الشواهد ص ١٣٩ ، والخزانة ١١ / ٢٤٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٧٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٥٥ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٦٨ ، ١ / ١٤٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٦١.

٢٤١ ـ البيت من الطويل ، وهو لكثير عزة في ديوانه ص ٨٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٥٩ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٢ ، وشرح شذوذ الذهب ص ١٥٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٤٠.

١٩٧

ومنها اللاء كالذين ، قرأ ابن مسعود : واللاء آلوا من نسائهم [البقرة : ٢٢٦] ، وقال :

٢٤٢ ـ فما آباؤنا بأمنّ منه

علينا اللاء قد مهدوا الحجورا

واللائين قال :

٢٤٣ ـ وإنّا من اللّائين إن قدروا عفوا

وتعرب في لغة كالذين ، قال :

٢٤٤ ـ هم اللّاؤن فكّوا الغلّ عنّي

ومنها لجمع المؤنث اللاتي واللائي واللواتي وبلا ياءات مع كسر ما قبلها وسكونه ، واللا واللوا بقصرهما ، واللاءات بالبناء على الكسر وبالإعراب كجمع المؤنث السالم ، وذوات بالبناء على الضم في لغة طيئ وبالإعراب كجمع المؤنث السالم في لغة حكاها البهاء ابن النحاس ، ومن شواهدها قوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) [النساء : ١٥] ، (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ) [الطلاق : ٤] ، وقرئ : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) [الطلاق : ٤] بالياء ، وقال الشاعر :

٢٤٥ ـ وكانت من اللّا لا يعيّرها ابنها

وقال :

٢٤٦ ـ من اللّوا شربن بالصّرار

وقال :

٢٤٧ ـ وأخدانك اللاءات زيّنّ بالكتم

__________________

٢٤٢ ـ البيت من الوافر ، وهو لرجل من بني سليم في تخليص الشواهد ص ١٣٧ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٣ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢٩ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٣٠١ ، وأوضح المسالك ١ / ١٤٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٢٨.

٢٤٣ ـ البيت من الطويل ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٧٢.

٢٤٤ ـ البيت من الوافر ، وهو للهذلي في الأزهية ص ٣٠٠ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٨ ، وبلا نسبة في اللسان ١٥ / ٤٥٤ ، (تصغير ذا وتا وجمعهما) ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٨٣.

٢٤٥ ـ البيت من الطويل ، وهو للكميت في ديوانه ١ / ٢١٧ ، والأزهية ص ٣٠٥ ، واللسان مادة (لتا ، لوى) وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٣٢.

٢٤٦ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج ، مادة (شرف ، لتا ، لوى).

٢٤٧ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في اللسان ، مادة (خلل ، لتا).

١٩٨

وقال :

٢٤٨ ـ جمعتها من أينق سوابق

ذوات ينهضن بغير سائق

وحذف أل من الذي والتي واللذان واللذين واللاتي لغة ، حكاها ابن مالك وقرئ : صراط لذين أنعمت [الفاتحة : ٧] ، قال أبو حيان : ولم يورد ابن مالك شاهدا سوى هذه القراءة وجوز الباقي قياسا لا سماعا ، وهي من الشذوذ بحيث لا يقاس عليها.

(ص) وبمعنى الذي وفروعه من وما وذو الطائية وذات لمؤنث ، وحكي إعرابهما وتثنيتهما وجمعهما ، وذا غير ملغاة بعد استفهام بما ، وكذا من خلافا لابن الأنباري ومطلقا ، وجميع الإشارات عند الكوفية ، وماذا مجردا من الاستفهام خلافا لابن عصفور ، وأل وزعمها المازني حرفا ، والأخفش معرفة ، وأي خلافا لثعلب مضافا إلى معرفة ، قيل : ونكرة لفظا أو نية ، وإلحاقها علامة الفروع لغة ، وأوجب الكوفية تقديم عاملها واستقباله ، وثالثها إن كان فعلا ، وجعلوا من الموصول كل معرف بأل وإضافة.

(ش) من الموصولات الاسمية ما يستعمل للواحد والمثنى والجمع مذكرا ومؤنثا بلفظ واحد ، وهو ألفاظ : من وما وسيأتي اعتبار ما يستعملان فيه ، وذو في لغة طيئ لا يستعملها موصولا غيرهم ، وهي مبنية على الواو ، وقد تعرب قال :

٢٤٩ ـ فإن الماء ماء أبي وجدي

وبئري ذو حفرت وذو طويت

وقال :

٢٥٠ ـ فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا

ويروى من ذي بالإعراب ، وذات عندهم أيضا هي خاصة بالمؤنث مبنية على الضم ،

__________________

٢٤٨ ـ الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٠ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٢٩٥ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٦ ، وأوضح المسالك ١ / ١٥٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٤٤ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٤٤ ، والتاج ، مادة (ذو) ، واللسان ، مادة (ذوا ، ذوي) ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٨ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢١٤.

٢٤٩ ـ البيت من الوافر ، وهو لسنان بن الفحل في الإنصاف ص ٣٨٤ ، والخزانة ٦ / ٣٤ ، ٣٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٩١ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٣٦ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٢٩٥ ، وأوضح المسالك ١ / ١٥٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٤٠.

٢٥٠ ـ البيت من الطويل ، وهو لمنظور بن سحيم الفقعسي في شرح التصريح ١ / ٦٣ ، ١٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٥٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٠ ، وشرح المفصل ٣ / ١٤٨ ، والمقرب ١ / ٥٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٢٧ ، وللطائي في مغني اللبيب ٢ / ٤١٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٧٢ ، ١٥٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٠ ، ٨٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٨٧.

١٩٩

حكي : بالفضل ذو فضّلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله به ، وحكي إعرابها كجمع المؤنث السالم ، وحكي تثنية ذو وذات وجمعهما ، فيقال في الرفع ذوا وذواتا وذوو وذوات ، وفي النصب والجر ذوي وذواتي وذوي ، ومنها ذا بشرطين : أن تكون غير ملغاة ، والمراد بالإلغاء أن تركب مع ما فتصير اسما واحدا ، وأن تكون بعد استفهام بما أو من كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) [البقرة : ٢١٥] ، أي : ما الذي ينفقونه؟ وقول الشاعر:

٢٥١ ـ ...

قد قلتها ليقال : من ذا قالها؟

وأصل ذا الموصولة هي المشار بها جرد من معنى الإشارة واستعمل موصولا بالشرطين المذكورين ، قال أبو حيان : ولا خلاف في جعلها موصولة بعد ما ، وأما بعد من فخالف قوم ؛ لأن من تخص من يعقل فليس فيها إبهام كما في ما وإنما صارت بالرد إلى الاستفهام في غاية الإبهام ، فأخرجت ذا من التخصيص إلى الإبهام وجذبتها إلى معناها ولا كذلك من لتخصيصها ، وأجاز الكوفيون وقوع ذا موصولة وإن لم يتقدم عليها استفهام كقوله :

٢٥٢ ـ نجوت وهذا تحملين طليق

وأجيب بأن تحملين حال أو خبر ، وطليق خبر ثان ، وعن الكوفيين أن أسماء الإشارة كلها يجوز أن تستعمل موصولات وخرجوا عليه : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) [طه : ١٧] ، وأجيب بأن يمينك حال من الإشارة ، وخرجوا عليه أيضا : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ) [آل عمران : ٦٦] ، أي : الذين حاججتم ، أما إذا ركبت ما مع ذا فصارا اسما واحدا فله معنيان :

أحدهما : وهو الأشهر أن يكون المجموع اسم استفهام كقوله :

٢٥٣ ـ يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم

لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا

__________________

٢٥١ ـ البيت من الكامل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٧٧ ، والخزانة ٤ / ٢٥٩ ، واللسان والتاج ، مادة (حكم) ، والعين ١ / ٢٦٩ ، وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص ١٠٤ ، وأساس البلاغة ، مادة (حكم) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٣٩.

٢٥٢ ـ البيت من الطويل ، وهو ليزيد بن المفرغ في ديوانه ص ١٧٠ ، والإنصاف ص ٧١٧ ، وتخليص الشواهد ص ١٥٠ ، وتذكرة النحاة ص ٢٠ ، والخزانة ٦ / ٤١ ، ٤٨ ، وجمهرة اللغة ص ٦٤٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٩ ، ٣٨١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٥٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٧٩ ، واللسان ، مادة (حدس ، عدس) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٤٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٠٠.

٢٥٣ ـ البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ص ١٦٧ ، والجنى الداني ص ٢٤٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٨١ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٦٩.

٢٠٠