همع الهوامع - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٥

١٠٤ ـ إذا كان قلبانا بنا يجفان

١٠٥ ـ ظهراهما مثل ظهور الترسين

١٠٦ ـ هما نفثا في في من فمويهما

١٠٧ ـ فتخالسا نفسيهما بنوافذ

فإن فرق متضمناهما كقوله تعالى : (عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) [المائدة : ٧٨] فقال ابن مالك أيضا بقياس الجمع والإفراد ، وخالفه أبو حيان ؛ لأن الجمع إنما قيس هناك كراهة اجتماع تثنيتين وقد زالت بتفريق المتضمنين ، قال : فالذي يقتضيه النظر الاقتصار على التثنية وإن ورد جمع أو إفراد اقتصر فيه على مورد السماع ، قال : وأما الآية فليس المراد فيها باللسان الجارحة ، بل الكلام أو الرسالة فليس جزءا من داود ولا من عيسى.

***

__________________

١٠٤ ـ البيت من الطويل ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى ٢ / ١٠١٤.

١٠٥ ـ تقدم الشاهد برقم ٥٧.

١٠٦ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢١٥ ، وتذكرة النحاة ص ١٤٣ ، وجواهر الأدب ص ٩٥ ، والخزانة ٤ / ٤٦٠ ـ ٤٦٤ ، ٧ / ٤٧٦ ، ٥٤٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤١٧ ، ٢ / ٤٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١١٥ ، والكتاب ٣ / ٣٦٥ ، ٦٢٢ ، واللسان ١٢ / ٤٥٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٩٦.

١٠٧ ـ البيت من الكامل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٤٠ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٧٢٦ ، واللسان والتاج ، مادة (خلس ، عبط) ، والأساس ، مادة (عبط) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٣٤.

١٢١

الباب السادس :

الأفعال الخمسة

(ص) السادس المضارع المتصل به ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة فبالنون رفعا وحذفها نصبا وجزما ، وحذفت رفعا نثرا ونظما وعليه «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا» ، وقد تفتح وتضم مع الألف ، وإذا اجتمعت مع الوقاية جاز الفك والإدغام والحذف والأصح أنها المحذوفة ، وقيل : الإعراب بالواو والألف والياء ، وقيل : النون دليل ، وقيل : الإعراب فيها.

(ش) إن الإعراب بالألف والواو والياء كما أنها في المثنى والجمع السالم كذلك ، ورده صاحب البسيط بأنه لو كان كذلك لثبتت النون في الأحوال الثلاثة ، وقيل : الإعراب بحركات مقدرة قبل الثلاثة والنون دليل عليها وعليه الأخفش والسهيلي ، ورده ابن مالك بعدم الحاجة إلى ذلك مع صلاحية النون له ، وقيل : إنها معربة ولا حرف إعراب فيها ، وعليه الفارسي قال : لأنه لا جائز أن يكون حرف الإعراب النون لسقوطها للعامل وهي حرف صحيح ، ولا الضمير ؛ لأنه الفاعل ، ولأنه ليس في آخر الكلمة ولا ما قبله من اللامات لملازمتها لحركة ما بعدها من الضمائر من ضم وفتح وكسر وحرف الإعراب لا يلزم الحركة ، فلم يبق إلا أن تكون معربة ولا حرف إعراب فيها ، قال أبو حيان : وبين هذا القول وقول الأخفش مناسبة إلا أن الأخفش يقول : إن الإعراب فيها مقدر فهو أشبه.

وورد حذف هذه النون حالة الرفع في النثر والنظم قرئ : (سِحْرانِ تَظاهَرا)

١٢٢

[القصص : ٤٨] ، وفي الصحيح : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» (١) ، وقال الشاعر :

١٠٨ ـ أبيت أسري وتبيتي تدلكي

وجهك بالعنبر والمسك الذّكي

ولا يقاس على شيء من ذلك في الاختيار ، والأصل في هذه النون السكون ، وإنما حركت لالتقاء الساكنين فكسرت بعد الألف على أصله وفتحت بعد الواو والياء طلبا للخفة ؛ لاستثقال الكسر بعدها ، وقيل : تشبيها للأول بالمثنى ، والثاني بالجمع ، وقد تفتح بعد الألف أيضا قرئ : (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) [الأحقاف : ١٧] بفتح النون ، وقد تضم معها أيضا ذكره ابن فلاح في مغنيه ، واستدل بما قرئ شاذا : (طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) [يوسف : ٣٧] بضم النون ، وإذا اجتمعت مع نون الوقاية جاز الفك نحو : (أَتَعِدانِنِي) [الأحقاف : ١٧] ، والإدغام ، والحذف ، وقرئ بهما : (أَتُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠].

واختلف في المحذوف حينئذ فمذهب سيبويه أنها نون الرفع ، ورجحه ابن مالك ؛ لأنها قد تحذف بلا سبب ولم يعهد ذلك في نون الوقاية ، وحذف ما عهد حذفه أولى ، ولأنها نائبة عن الضمة وقد عهد حذفها تخفيفا في نحو : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) [البقرة : ٦٧] ، (وَما يُشْعِرُكُمْ) [الأنعام : ١٠٩] في قراءة من يسكن ، ولأنها جزء كلمة ونون الوقاية كلمة ، وحذف الجزء أسهل ، ولأنه لا يحتاج إلى حذف آخر للجازم والناصب ، ولا تغيير ثان بكسرها بعد الواو والياء ، ولو كان المحذوف نون الوقاية لاحتيج إلى الأمرين.

وذهب أكثر المتأخرين إلى أن المحذوف نون الوقاية وعليه الأخفش الأوسط والصغير والمبرد وأبو علي وابن جني ؛ لأنها لا تدل على إعراب فكانت أولى بالحذف ، ولأنها إنما جيء بها لتقي الفعل من الكسر وقد أمكن ذلك بنون الرفع فكان حذفها أولى ، ولأنها دخلت لغير عامل ونون الرفع دخلت لعامل ، فلو كانت المحذوفة لزم وجود مؤثر بلا أثر مع إمكانه المقدر كالموجود.

__________________

١٠٨ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان ، مادة (دلك ـ ردم) ، والأشباه والنظائر ١ / ٨٢ ، ٣ / ٩٥ ، والخزانة ٨ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٤٢٥ ، والخصائص ١ / ٣٨٨ ، ورصف المباني ص ٣٦١ ، وشرح التصريح ١ / ١١١ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٤.

(١) أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (٥٤) ، والترمذي ، كتاب الاستئذان والآداب ، باب ما جاء في إفشاء السلام (٢٦٨٨) ، وأبو داود ، كتاب الأدب ، باب في إفشاء السلام (٥١٩٣) ، وابن ماجه ، كتاب المقدمة ، باب في الإيمان (٦٨).

١٢٣

الباب السابع :

الفعل المضارع المعتل الآخر

(ص) السابع المضارع المعتل وهو ما آخره ألف أو واو أو ياء ، فيحذف آخره جزما ، والحذف بالجازم ، وقال أبو حيان : التحقيق عنده ، وتسكين ما قبله ضرورة ، وكذا بقاؤه ، وقيل : سائغ كحذفه دونه ، وإذا بقي فالمحذوف الحركات الظاهرة ، وقيل : المقدرة ، وقيل : الباقي إشباع ، ويسهل ما آخره همزة ، وإبداله لينا محضا ضعيف ، ولا يجوز حذفه خلافا لابن عصفور.

(ش) الباب السابع من أبواب النيابة الفعل المضارع المعتل وهو ما آخره ألف كيخشى أو واو كيغزو أو ياء كيرمي فإنه يجزم بحذف حرف العلة نيابة عن السكون ، قال ابن مالك : وإنما حذف الجازم هذه الحروف ؛ لأنها عاقبت الضمة فأجريت في الحذف مجرى ما عاقبته ، وقال أبو حيان : التحقيق أن هذه الحروف انحذفت عند الجازم لا بالجازم ؛ لأن الجازم لا يحذف إلا ما كان علامة للرفع وهذه الحروف ليست علامة ، بل العلامة ضمة مقدرة ، ولأن الإعراب زائد على ماهية الكلمة وهذه الحروف منها ؛ لأنها أصلية أو منقلبة عن أصل والجازم لا يحذف الأصلي ولا المنقلب عنه ، فالقياس أن الجازم حذف الضمة المقدرة ، ثم حذفت الحروف لئلا يلتبس المجزوم بالمرفوع لو بقيت ؛ لاتحاد الصورة ويجوز في الشعر تسكين ما قبل هذه الحروف بعد حذفها تشبيها بما لم يحذف منه شيء كقوله :

١٠٩ ـ ومن يتّق فإنّ الله معه

وورد إبقاء هذه الحروف مع الجازم ، كقوله :

__________________

١٠٩ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الخصائص ١ / ٣٠٦ ، ٢ / ٣١٧ ، ٣٣٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٩٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٨ ، والصاحبي ص ٤٨ ، والمحتسب ١ / ٣٦١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٣٨.

١٢٤

١١٠ ـ ولا ترضّاها ولا تملّق

١١١ ـ لم تهجو ولم تدع

١١٢ ـ ألم يأتيك والأنباء تنمى

فالجمهور على أنه مختص بالضرورة ، وقال بعضهم : إنه يجوز في سعة الكلام وإنه لغة لبعض العرب ، وخرج عليه قراءة لا تخف دركا ولا تخشى [طه : ٧٧] ، (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ) [يوسف : ٩٠] ، ثم اختلف حينئذ ما الذي حذفه الجازم؟ فقيل : الضمة الظاهرة لورودها كما سيأتي ، وقيل : حذف المقدرة ، قال أبو حيان : وفائدة الخلاف تظهر في الألف ، فمن قال : حذف الظاهرة لم يجز إقرار الألف ؛ لأنه لا ضمة فيها ظاهرة ، ومن قال : المقدرة أجاز إقرارها ، ويشهد له ولا ترضاها ، والأول تأوله على الحال أو الاستئناف ، وذهب آخرون إلى أن الجازم حذف الحروف التي هي لامات ، وأن الحروف الموجودة ليست لامات الكلمة ، بل حروف إشباع تولدت عن الحركات التي قبلها ، ويجوز في الضرورة أيضا حذف الحروف لغير جازم ، والمهموز من الأفعال كيقرأ ويقرئ ويوضؤ يجوز تسهيل همزه.

ونص سيبويه وغيره كالفارسي وابن جني على أنه لا يجوز إبداله لينا محضا إلا في الضرورة ، قال الخضراوي : وما حكى الأخفش من قريت وتوضيت ورفوت لغة ضعيفة ، فإذا دخل الجازم على المضارع في هذه اللغة لم يجز حذف الآخر له ؛ لأن حكمه حكم الصحيح ويقدر حذف الجازم الضمة من الهمزة ، قال :

١١٣ ـ عجبت من ليلاك وانتيابها

من حيث زارتني ولم أورا بها

__________________

١١٠ ـ الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٩ ، والخزانة ٨ / ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٣٦ ، وبلا نسبة في اللسان ، مادة (رضي) ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٢٩ ، والإنصاف ص ٢٦ ، والخصائص ١ / ٣٠٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٧٨ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢١٦.

١١١ ـ البيت من البسيط ، وهو لزبّان بن العلاء في معجم الأدباء ١١ / ١٥٨ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الشجري ١ / ٨٥ ، والتاج ، مادة (زبب ، زبن) ، والإنصاف ١ / ٢٤ ، والخزانة ٨ / ٣٥٩ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٣٠ ، وشرح التصريح ١ / ٨٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ١٨٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٥٠.

١١٢ ـ البيت من الوافر ، وهو لقيس بن زهير في الأغاني ١٧ / ١٣١ ، والخزانة ٨ / ٣٥٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٤٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٠٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٣٢٨ ، ٨٠٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٣٠ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٠٣ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٢٨٠ ، والإنصاف ١ / ٣٠ ، وأوضح المسالك ١ / ٧٦ ، والجني الداني ص ٥٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٤٦.

١١٣ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان ١ / ١٩٤ ، مادة (ورأ) ، والكتاب ٣ / ٥٤٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١١٥.

١٢٥

أي : ولم أورأ ، أي : لم أشعر بها ورائي ، وأجاز ابن عصفور حذفه إعطاء له حكم المعتل الأصلي كقوله :

١١٤ ـ وإلّا يبد بالظّلم يظلم

وأجيب بأنه ضرورة أو على لغة بدا يبدا كبقى يبقى.

خاتمة في الإعراب المقدر :

(ص) خاتمة : تقدر الحركات في المضاف للياء ، وقيل : لا تقدر الكسرة والحرف المدغم والمحكي على الأصح والمقصور ، فإن لم ينصرف لم تقدر الكسرة خلافا لابن فلاح وفي نحو : يخشى.

(ش) ذكرت في هذه الخاتمة الإعراب المقدر وذلك أربعة أنواع :

الأول : ما يقدر فيه الحركات كلها ، وذلك خمسة أشياء :

الأول : المضاف لياء المتكلم فتقدر فيه الضمة والفتحة على الحرف الذي يليه الياء ، وأما الكسرة فقيل : لا تقدر والكسرة الموجودة قبل الياء هي حركة الإعراب اكتفي بها في المناسبة ، وقيل : تقدر أيضا وهذه حركة المناسبة لوجودها في سائر الأحوال واستحقاق الاسم لها قبل التركيب.

الثاني : الحرف المسكن للإدغام نحو : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) [البقرة : ٢٥] ، (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) [الحج : ٢] ، (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) [العاديات : ١] ذكره أبو حيان في شرح «التسهيل».

الثالث : المحكي في نحو : من زيدا لمن قال : ضربت زيدا ، ومن زيد لمن قال : قام زيد ، ومن زيد لمن قال : مررت بزيد على رأي البصريين وعلى الأصح عندهم في حالة الرفع أنها حركة حكاية الإعراب.

الرابع : الاسم المقصور ، وسيأتي في بابه لتعذر تحريك الألف ، فإن كان غير

__________________

١١٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٤ ، والخزانة ٣ / ١٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٣٧٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٨٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٤٣.

١٢٦

منصرف قدر في حالة الجر الفتحة على بابه ، وقال ابن فلاح اليمني : تقدر الكسرة ؛ لأنها إنما امتنعت في غير المنصرف للثقل ولا ثقل مع التقدير.

الخامس : المضارع الذي آخره ألف كيخشى لما ذكر في المقصور.

(ص) والضمة والكسرة في المنقوص وهو ما آخره ياء خفيفة لازمة تلو كسرة ، وتقدير فتحة ضرورة خلافا لأبي حاتم في غير المنون إلا معدي كرب على الأجود ، وكذا ظهورهما وتقدر في ياء جوار المحذوفة.

(ش) النوع الثاني : ما يقدر فيه حركتان فقط الضمة والكسرة : وذلك المنقوص وهو ما آخره ياء خفيفة لازمة تلو كسرة كالقاضي والداعي بخلاف نحو : كرسي لتشديدها ، وما جره أو نصبه بالياء ؛ لعدم لزومها ، وظبي ورمي لسكون ما قبلها ، وعلة التقدير الاستثقال ، ولذا ظهرت الفتحة لخفتها على الياء ، وقد تقدر أيضا ولكن في الضرورة ، كقوله :

١١٥ ـ وكسوت عاري لحمه فتركته

وقوله :

١١٦ ـ ولو أن واش باليمامة داره

وقوله :

١١٧ ـ كأن أيديهنّ بالقاع القرق

وأجازه أبو حاتم السجستاني في الاختيار وقال : إنه لغة فصيحة ، وخرج عليه قراءة من أوسط ما تطعمون أهاليكم [المائدة : ٨٩] بسكون الياء ، نعم ما أعرب من مركب إعراب متضايفين وآخر أولهما ياء نحو : رأيت معدي كرب ، ونزلت قالي قلا ، فإنه يقدر في آخر الأول الفتحة حالة النصب بلا خلاف استصحابا لحكمها حالة البناء وحالة منع

__________________

١١٥ ـ البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الممتع في التصريف ٢ / ٥٥٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١١.

١١٦ ـ البيت من الطويل ، وهو للمجنون في ديوانه ص ٢٣٣ ، والخزانة ١٠ / ٤٨٤ ، وشرح شواهد الشافية ص ٧١ ، ٤٠٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٩٨ ، وبلا نسبة في بغية الوعاة ١ / ٢٨٩ ، وشرح الأشموني ١ / ٤٤ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٨٢.

١١٧ ـ الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٩ ، والخزانة ٨ / ٣٤٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٠٥ ، والتاج ، مادة (زهق ، قرق) ، واللسان ، مادة (زهق) ، وبلا نسبة في اللسان ، مادة (قرق ، ثمن) ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٦٩ ، والخصائص ١ / ٣٠٦ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢١٠.

١٢٧

الصرف ، وقولي : «على الأجود» ، أي : إذا أجري على الأجود ، أي : من أحواله الثلاثة وهي حالة الإضافة ومقابلها البناء ، ومنع الصرف وليس راجعا للتقدير ، ومن الضرورة أيضا ظهور الضمة والكسرة في ياء المنقوص ، كقوله :

١١٨ ـ خبيث الثّرى كابي الأزند

وقوله :

١١٩ ـ تدلى بهن دوالي الزّراع

وقوله :

١٢٠ ـ لا بارك الله في الغواني هل

وقوله :

١٢١ ـ ولم يختضب سمر العوالي بالدّم

(ص) والضمة في نحو : يغزو ويرمي ، وظهورها وتقدير الفتحة ضرورة أو شاذ ، وأجاز الفراء في نحو : يحيي نقل حركة الياء وإدغامها فتظهر.

(ش) النوع الثالث : ما يقدر فيه حركة واحدة وهي الضمة وذلك المضارع الذي آخره واو أو ياء لثقلها عليهما ، ولخفة الفتحة عليهما ظهرت ، وخلاف ذلك ضرورة أو شاذ لا يقاس عليه كقوله في ظهور الضمة :

١٢٢ ـ تساوي عنزي غير خمس دراهم

__________________

١١٨ ـ البيت من المتقارب ، وهو لجرير في ديوانه ص ٨٤٣ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٧٥.

١١٩ ـ صدر البيت : (وكأنّ بين الخيل في حافاته) ، وقد استدركه المؤلف في نهاية هذا الجزء ص ٢١٤ ، من المطبوع. والبيت من الكامل ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٤٧.

١٢٠ ـ البيت من المنسرح ، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص ٣ ، والأزهية ص ٢٠٩ ، والدرر ١ / ١٦٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٩ ، وشرح شواهد المغني ص ٦٢ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٠١ ، والمفصل ص ٣٨٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٧٤.

١٢١ ـ لم أعثر عليه ولا على قائله فيما بين لدي من المصادر.

١٢٢ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الخزانة ٨ / ٢٨٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٤٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٤٧.

١٢٨

وقوله :

١٢٣ ـ إذا قلت : علّ القلب يسلو قيّضت

وقوله في تقدير الفتحة :

١٢٤ ـ كي لتقضيني رقيّة ما

وعدتني غير مختلس

وقوله :

١٢٥ ـ إذا شئت أن تلهو ببعض حديثها

وقوله :

١٢٦ ـ أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وخرج عليه قراءة (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ) [البقرة : ٢٣٧] بالسكون ، وذهب الفراء في نحو : يعيي ويحيي إلى جواز نقل حركة الياء الأولى إلى الساكن قبلها وتدغم فتظهر علامة الرفع فيها ، وأنشد :

١٢٧ ـ وكأنّها بين النّساء سبيكة

تمشي بسدّة بيتها فتعي

والجمهور على منع ذلك. قال أبو حيان : الصحيح أنه لا يقال : يعي ، بل إنه يقال :يعيي ، هكذا السماع وقياس التصريف ؛ لأن المعتل العين واللام تجري عينه مجرى الصحيح فلا تعل ، قال : والبيت الذي أنشده لا يعرف قائله فلعله مصنوع أو شاذ لا يعتد به.

(ص) والسكون فيما كسر لساكنين ومهموز أبدل لينا ، ولم يلد إذا سكن اللام ، أو وصل بضمير وفتح أو كسر.

__________________

١٢٣ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية ١ / ٢٥٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٥٠.

١٢٤ ـ البيت من المديد ، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص ١٦٠ ، والخزانة ٨ / ٤٨٨ ، ٤٩٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٧٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٧٢.

١٢٥ ـ البيت من الطويل ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٠٢.

١٢٦ ـ البيت من البسيط ، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص ٩ ، والخزانة ١١ / ٣١١ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٤٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٦٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٣٢.

١٢٧ ـ البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٨٩٣ ، ٤ / ٣٤٩ ، والمحتسب ٢ / ٢٦٩ ، والممتع في التصريف ٢ / ٥٨٥ ، والمنصف ٢ / ٢٠٦ ، واللسان ، مادة (عيا) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٩٢.

١٢٩

(ش) النوع الرابع : ما يقدر فيه السكون وهو ثلاثة أشياء :

أحدها : ما كسر لالتقاء الساكنين نحو : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [البينة : ١].

الثاني : المهموز إذا أبدل لينا محضا على اللغة الضعيفة كما تقدم.

الثالث : لم يلد مضارع ولد إذا سكن لامه وفتحت الدال لالتقاء الساكنين ، أو وصل بضمير وفتحت الدال أو كسرت كقوله :

١٢٨ ـ وذي ولد لم يلده أبوان

(ص) ولا توجد واو قبلها ضمة إلا في فعل أو مبني أو أعجمي أو عرض تطرفها أو لا يلزم.

(ش) لا توجد كلمة آخرها واو قبلها ضمة إلا في الأفعال كيدعو ، أو المبنيات كهو وذو الطائية ، أو الكلام الأعجمي كهند ، ورأيت بخط ابن هشام السمندو ، أو عرض تطرفها نحو : يا ثمو مرخم ثمود ، أو لا يلزم كالأسماء الستة حالة الرفع.

(ص) وحذف حركة الظاهر ، ثالثها يجوز في الشعر فقط.

(ش) اختلف في جواز حذف الحركة الظاهرة من الأسماء والأفعال الصحيحة على أقوال :

أحدها : الجواز مطلقا وعليه ابن مالك ، وقال : إن أبا عمرو حكاه عن لغة تميم ، وخرج عليه قراءة : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُ) [البقرة : ٢٢٨] بسكون التاء ، و (رُسُلُنا) [المائدة : ٣٢] بسكون اللام ، (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) [البقرة : ٥٤] ، (الْمَكْرُ السَّيِّئُ) [فاطر : ٤٣] ، (وَما يُشْعِرُكُمْ) [الأنعام : ١٠٩] ، و (يَأْمُرُكُمْ) [البقرة : ٦٧] بسكون أواخرها ، وقول الشاعر :

١٢٩ ـ وقد بدا هنك من المئرز

__________________

١٢٨ ـ صدر البيت : «ألا ربّ مولود وليس له أبّ» وهو من الطويل ، وينسب لرجل من أزد السراة في شرح التصريح ٢ / ١٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢ ، والكتاب ٢ / ٢٢٦ ، ٤ / ١١٥ ، وله أو لعمرو الجنبي في الخزانة ٢ / ٣٨١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٩٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٥٤ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٢٢.

١٢٩ ـ البيت من السريع ، وهو للأقيشر الأسدي في ديوانه ص ٤٣ ، والخزانة ٤ / ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٨ / ٣٥١ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٩١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥١٦ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٦٣ ، والخصائص ١ / ٧٤ ، ٣ / ٩٥ ، ٣١٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٢٧.

١٣٠

وقوله :

١٣٠ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب

والثاني : المنع مطلقا في الشعر وغيره ، وعليه المبرد ، وقال : الرواية في البيتين : وقد بدا ذاك ، واليوم أسقى.

والثالث : الجواز في الشعر والمنع في الاختيار وعليه الجمهور ، قال أبو حيان : وإذا ثبت نقل أبي عمرو أن ذلك لغة تميم كان حجة على المذهبين.

النكرة والمعرفة :

(ص) النكرة والمعرفة ، قال ابن مالك : حد النكرة عسر ، فهي ما عدا المعرفة.

(ش) لما كان كثير من الأحكام الآتية تبنى على التعريف والتنكير وكانا كثيري الدور في أبواب العربية صدر النحاة كتب النحو بذكرهما بعد الإعراب والبناء ، وقد أكثر الناس في حدودهما وليس منها حد سالم ، قال ابن مالك : من تعرض لحدهما عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه ؛ لأن من الأسماء ما هو معرفة معنى نكرة لفظا نحو : كان ذلك عاما أول وأول من أمس ، فمدلولهما معين لا شياع فيه بوجه ولم يستعملا إلا نكرتين ، وما هو نكرة معنى معرفة لفظا كأسامة هو في اللفظ كحمزة في منع الصرف والإضافة ، ودخول أل ، ووصفه بالمعرفة دون النكرة ، ومجيئه مبتدأ وصاحب حال ، وهو في الشياع كأسد ، وما هو في استعمالهم على وجهين كواحد أمه وعبد بطنه ، فأكثر العرب هما عنده معرفة بالإضافة ، وبعضهم يجعلهما نكرة وينصبهما على الحال ، ومثلها ذو اللام الجنسية فمن قبل اللفظ معرفة ، ومن قبل المعنى لشياعه نكرة ، ولذلك يوصف بالمعرفة اعتبارا بلفظه ، وبالنكرة اعتبارا بمعناه ، وإذا كان الأمر كذلك فأحسن ما يتبين به المعرفة ذكر أقسامها مستقصاة ، ثم يقال : وما سوى ذلك نكرة ، قال : وذلك أجود من غيرها بدخول رب أو اللام ؛ لأن من المعارف ما يدخل عليه اللام كالفضل والعباس ، ومن النكرات ما لا يدخل عليه رب ولا اللام كأين ومتى وكيف وعريب وديار.

__________________

١٣٠ ـ البيت من السريع ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١٢٢ ، والأصمعيات ص ١٣٠ ، والخزانة ٤ / ١٠٦ ، ٨ / ٣٥٠ ـ ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ورصف المباني ص ٣٢٧ ، وشرح التصريح ١ / ٨٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٧٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٦ ، وشرح المفصل ١ / ٤٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٨٣.

١٣١

(ص) وهي الأصل خلافا للكوفية ، والجمهور أن المعارف متفاوتة ، فأرفعها ضمير متكلم ، فمخاطب ، فعلم ، فغائب ، فإشارة ، ومنادى ، والأصح أن تعريفه بالقصد لا بأل منوية ، وأنه إن كان علما باق فموصول فذو أل ، وثالثها هما سواء وما أضيف إلى أحدها في مرتبته مطلقا أو إلا المضمر أو دونه مطلقا أو إلا ذا أل مذاهب ، وقيل : العلم بعد الغائب ، وقيل : بعد الإشارة ، وقيل : هو أرفعها ، وقيل : الإشارة ، وقيل : ذو أل ، ويستثنى اسم الله تعالى ، والأصح أن تعريف الموصول بعهد الصلة لا بأل ونيتها ، وأن من وما الاستفهاميتين نكرتان ، وأن ضمير النكرة معرفة ، وثالثها إن لم يجب تنكيرها ، وأرفع الأعلام الأماكن ثم الأناسي ثم الأجناس ، والإشارة القريب ثم المتوسط ، وذي أل الحضوري ثم عهد الشخص ثم الجنس ، ولا واسطة خلافا لزاعمها في الخالي من التنوين واللام.

(ش) فيه مسائل :

الأولى : مذهب سيبويه والجمهور أن النكرة أصل والمعرفة فرع ، وخالف الكوفيون وابن الطراوة قالوا : لأن من الأسماء ما لزم التعريف كالمضمرات ، وما التعريف فيه قبل التنكير كمررت بزيد وزيد آخر ، وقال الشلوبين : لم يثبت هنا سيبويه إلا حال الوجود لا ما تخيله هؤلاء ، وإذا نظرت إلى حال الوجود كان التنكير قبل التعريف ؛ لأن الأجناس هي الأول ، ثم الأنواع ، ووضعها على التنكير ؛ إذ كان الجنس لا يختلط بالجنس ، والأشخاص هي التي حدث فيها التعريف ؛ لاختلاط بعضها ببعض ، قيل : ومما يدل على أصالة النكرة أنك لا تجد معرفة إلا وله اسم نكرة ، وتجد كثيرا من المنكرات لا معرفة لها ، ألا ترى أن الغلام وغلامي أصله غلام ، والمضمر اختصار تكرير المظهر ، والمشار نائب مناب المظهر ، فهذا يستغنى به عن زيد الحاضر.

الثانية : المعارف سبعة وقد ذكرتها في طي ترتيبها في الأعرفية ، وهي : المضمر والعلم والإشارة والموصول والمعرف بأل والمضاف إلى واحد منها والمنادى ، وأغفل أكثرهم ذكر المنادى ، والمراد به النكرة المقبل عليها نحو : يا رجل فتعريفه بالقصد كما صححه ابن مالك.

وذهب قوم إلى أن تعريفه بأل محذوفة وناب حرف النداء منابها ، قال أبو حيان : وهو الذي صححه أصحابنا ، ولا خلاف في النكرة غير المقصودة نحو : يا رجلا خذ بيدي أنه باق على تنكيره ، وأما العلم نحو : يا زيد فذهب قوم إلى أنه تعرف بالنداء بعد إزالة تعريف

١٣٢

العلمية والأصح أنه باق على تعريف العلمية ، وإنما ازداد بالنداء وضوحا ، وأما الموصول فتعريفه بالعهد الذي في صلته هذا مذهب الفارسي ، وذهب الأخفش إلى أن ما فيه أل من الموصولات تعرف بها ، وما ليست فيه نحو : من وما فتعرف ؛ لأنه في معنى ما هي فيه إلا أيا الموصولة فتعرفت بالإضافة.

وعد ابن كيسان من المعارف من وما الاستفهاميتين واستدل بتعريف جوابهما نحو : من عندك؟ فيقال : زيد ، وما دعاك إلى كذا؟ فيقال : لقاؤك ، والجواب يطابق السؤال ، والجمهور على أنهما نكرتان ؛ لأن الأصل التنكير ما لم تقم حجة واضحة ، ولأنهما قائمتان مقام أي إنسان وأي شيء ، وهما نكرتان فوجب تنكير ما قام مقامهما ، وما قاله من تعريف الجواب غير لازم ؛ إذ يصح أن يقال في الأول رجل من بني فلان ، وفي الثاني أمر مهم.

الثالثة : مذهب أئمة النحو المتقدمين والمتأخرين أن المعارف متفاوتة وذهب ابن حزم إلى أنها كلها متساوية ؛ لأن المعرفة لا تتفاضل ؛ إذ لا يصح أن يقال : عرفت هذا أكثر من هذا ، وأجيب بأن مرادهم بأن هذا أعرف من هذا أن تطرق الاحتمال إليه أقل من تطرقه إلى الآخر ، وعلى التفاوت اختلف في أعرف المعارف ، فمذهب سيبويه والجمهور إلى أن المضمر أعرفها.

وقيل : العلم أعرفها وعليه الصيمري وعزي للكوفيين ونسب لسيبويه ، واختاره أبو حيان ، قال : لأنه جزئي وضعا واستعمالا ، وباقي المعارف كليات وضعا جزئيات استعمالا.

وقيل : أعرفها اسم الإشارة ونسب لابن السراج ، وقيل : ذو أل ؛ لأنه وضع لتعريفه أداة ، وغيره لم توضع له أداة ، ولم يذهب أحد إلى أن المضاف أعرفها ؛ إذ لا يمكن أن يكون أعرف من المضاف إليه ، وبه تعرف ، ومحل الخلاف في غير اسم الله تعالى ، فإنه أعرف المعارف بالإجماع ، وقال ابن مالك : أعرف المعارف ضمير المتكلم ؛ لأنه يدل على المراد بنفسه ، وبمشاهدة مدلوله ، وبعدم صلاحيته لغيره ، وبتميز صورته ، ثم ضمير المخاطب ؛ لأنه يدل على المراد بنفسه ، وبمواجهة مدلوله ، ثم العلم ؛ لأنه يدل على المراد حاضرا وغائبا على سبيل الاختصاص ، ثم ضمير الغائب السالم عن إبهام نحو : زيد رأيته ، فلو تقدم اسمان أو أكثر نحو : قام زيد وعمرو كلمته ، تطرق إليه الإبهام ، ونقص تمكنه في التعريف ، ثم المشار به والمنادى كلاهما في مرتبة واحدة ؛ لأن كلا منهما تعريفه بالقصد ، ثم الموصول ، ثم ذو أل.

١٣٣

وقيل : ذو أل قبل الموصول ، وعليه ابن كيسان ؛ لوقوعه صفة له في قوله تعالى : (مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى) [الأنعام : ٩١] والصفة لا تكون أعرف من الموصوف ، وأجيب بأنه بدل أو مقطوع أو الكتاب علم بالغلبة للتوراة ، وقيل : هما في مرتبة واحدة بناء على أن تعريف الموصول بأل ، وقيل : لأن كلا منهما تعريفه بالعهد.

وقال أبو حيان : لا أعلم أحدا ذهب إلى التفصيل في المضمر فجعل العلم أعرف من ضمير الغائب إلا ابن مالك ، والذين ذكروا أن أعرف المعارف المضمر قالوه على الإطلاق ، ثم يليه العلم ، وذهب الكوفيون إلى أن مرتبة الإشارة قبل العلم ونسب لابن السراج واحتجوا بأن الإشارة ملازمة التعريف بخلاف العلم وتعريفها حسي وعقلي وتعريفه عقلي فقط ، وبأنها تقدم عليه عند الاجتماع نحو : هذا زيد ، ولا حجة في ذلك ؛ لأن المعتبر إنما هو زيادة الوضوح والعلم أزيد وضوحا لا سيما علم لا تعرض له شركة كإسرافيل وطالوت.

قال أبو حيان : قال أصحابنا : أعرف الأعلام أسماء الأماكن ثم أسماء الأناسي ثم أسماء الأجناس ، وأعرف الإشارات ما كان للقريب ثم للوسط ثم للبعيد ، وأعرف ذي الأداة ما كانت فيه للحضور ثم للعهد في شخصي ثم الجنس.

واختلف في المعرف بالإضافة على مذاهب :

أحدها : أنه في مرتبة ما أضيف إليه مطلقا حتى المضمر ؛ لأنه اكتسب التعريف منه فصار مثله ، وعليه ابن طاهر وابن خروف وجزم به في «التسهيل».

الثاني : أنه في مرتبته إلا المضاف إلى المضمر فإنه دونه في رتبة العلم وعليه الأندلسيون ؛ لئلا ينقض القول بأن المضمر أعرف المعارف ويكون أعرفها شيئين المضمر والمضاف إليه وعزي لسيبويه.

الثالث : أنه دونه مطلقا حتى المضاف لذي أل ، وعليه المبرد كما أن المضاف إلى المضمر دونه.

الرابع : أنه دونه إلا المضاف لذي أل حكاه في «الإفصاح».

وعبرت في المتن بأرفع ، بخلاف تعبير النحويين بأعرف ؛ لأن أفعل التفضيل لا ينبغى من مادة التعريف.

١٣٤

الرابعة : الجمهور على أن الضمير العائد إلى النكرة معرفة كسائر الضمائر وذهب بعضهم إلى أنه نكرة ؛ لأنه لا يخص من عاد إليه من بين أمته ، ولذا دخلت عليه رب في نحو : ربه رجلا ، ورد بأنه يخصصه من حيث هو مذكور ، وذهب آخرون إلى أن العائد على واجب التنكير نكرة كالحال والتمييز ، بخلاف غيره كالفاعل والمفعول.

الخامسة : الجمهور على أنه لا واسطة بين النكرة والمعرفة ، وقال بها بعضهم في الخالي من التنوين واللام نحو : ما ومن وأين ومتى وكيف.

المضمر

(ص) المضمر ويسمى الكناية ، قسمان : متصل لا يقع أولا ، ولا تلو إلا في غير ضرورة في الأصح ، وهو تاء تضم لمتكلم ، وتفتح لمخاطب ، وتكسر لمخاطبة ، ونون الإناث ، وواو ، وألف لغير متكلم ، وياء لمخاطبة ، وهي مرفوعة ، وقيل : الأربعة علامات ضمير مستكن ، ونا لمعظم أو مشارك لرفع ونصب وجر ، وكاف لخطاب ، وهاء لغائب ، وياء لمتكلم منصوبة ومجرورة.

(ش) هذا مبحث المضمر والتعبير به وبالضمير للبصريين ، والكوفيون يقولون الكناية والمكني ، ولكونه ألفاظا محصورة بالعد استغنينا عن حده كما هو اللائق بكل معدود كحروف الجر ، فنقول : هو قسمان : متصل ومنفصل ، فالأول تسعة ألفاظ : منها ما لا يقع إلا مرفوعا ، وهو خمسة ألفاظ :

أحدها : التاء المفردة وهي مضمومة للمتكلم ، مفتوحة للمخاطب ، مكسورة للمخاطبة ، وفعل ذلك للفرق ، وخص المتكلم بالضم ؛ لأنه أول عن المخاطب فكان حظه من الحركات الحركة الأولى ، وقيل : لأنه إذا أخبر لا يكون إلا واحدا وإذا خاطب فقد يخاطب أكثر من واحد ، فألزم الحركة الثقيلة مع اسمه والخفيفة مع الخطاب ؛ لأنه أكثر ، ويعطف بعضه على بعض ، وكسروا المؤنث ؛ لأن الكسرة من علامة التأنيث ، وقيل : لأنه لم يبق حركة غيرها.

قال أبو حيان : وهذه التعاليل لا يحتاج إليها ؛ لأنها تعليل وضعيات ، والوضعيات لا تعلل.

الثاني : النون المفردة وهي لجمع الإناث مخاطبات أو غائبات نحو : اذهبن يا هندات ، والهندات ذهبن ، وهي مفتوحة أبدا.

١٣٥

الثالث : الواو لجمع الذكور مخاطبين أو غائبين كاضربوا وضربوا ويضربون وتضربون.

الرابع : الألف للمثنى مذكرا كان أو مؤنثا ، مخاطبا أو غائبا كاضربا وضربا ويضربان وتضربان ، فقولي : لغير متكلم يشمل المخاطب والغائب ، وهو عائد للثلاثة.

الخامس : الياء وهي للمخاطبة نحو : اضربي وأنت تضربين.

وقيل : الأربعة النون والألف والواو والياء حروف علامات كتاء التأنيث في قامت ، لا ضمائر والفاعل ضمير مستكن في الفعل وعليه المازني ، ووافقه الأخفش في الياء ، وشبهة المازني أن الضمير لما استكن في فعل وفعلت استكن في التثنية والجمع ، وجيء بالعلامات للفرق كما جيء بالتاء في فعلت للفرق ، وشبهة الأخفش أن فاعل المضارع المفرد لا يبرز ، بل يفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء أول الفعل في الغيبة ، ولما كان الخطاب بالتاء في الحالتين احتيج إلى الفرق فجعلت الياء علامة للمؤنث ، ورد بأنها لو كانت حروفا لسكنت النون ولم يسكن آخر الفعل لها ، ولثبتت الياء في التثنية كتاء التأنيث ، وبأن علامة التأنيث لم تلحق آخر المضارع في موضع.

ومنها ما يقع منصوبا ومجرورا وهو ثلاثة ألفاظ : الكاف لخطاب المذكر مفتوحة والمؤنث مكسورة نحو : ضربك ومر بك ، والهاء للغائب المذكر نحو : ضربني ومر به ، والياء للمتكلم نحو : ضربني ومر بي.

ومنها ما يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، وهو نا للمتكلم ومن معه أو المعظم نفسه نحو : قمنا وضربنا ومر بنا ، ثم حكم هذا القسم أعني الضمير المتصل أنه لا يبتدأ به ولا يقع بعد إلا إلا في الضرورة كقوله :

١٣١ ـ أن لا يجاورنا إلّاك ديّار

وأجاز جماعة وقوعه بعد إلا في الاختيار منهم ابن الأنباري.

__________________

١٣١ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٩ ، وأمالي ابن الحاجب ص ٣٨٥ ، وأوضح المسالك ١ / ٨٣ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٠ ، والخزانة ٥ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٣٢٥ ، والخصائص ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٥ ، وشرح الأشموني ١ / ٤٨ ، ١ / ١٠٩ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٤٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٧٤.

١٣٦

(ص) ويسكن آخر مسند إلى التاء والنون ونا ، ويحذف آخر معتل قبله وتنقل حركته لفاء ماض ثلاثي ، وتبدل الفتحة بمجانس ، ويحذف آخر معتل مسند إلى الواو والياء ، ويحرك الباقي بمجانس لا محذوف الألف ، والأصح أن فتحة فعلا هي الأصلية.

(ش) إذا أسند الفعل إلى التاء والنون ونا سكن آخره كضربت وضربن ويضربن واضربن وضربنا ، وعلة الإسكان عند الأكثر كراهة توالي أربعة حركات فيما هو كالكلمة الواحدة ؛ لأن الفاعل كجزء من فعله ، وحمل المضارع على الماضي ، وأما الأمر فيسكن استصحابا ، وضعف ابن مالك هذه العلة بأنها قاصرة ؛ إذ لا يوجد التوالي إلا في الثلاثي الصحيح ، وبعض الخماسي نحو : انطلق ، والكثير لا يتوالى فيه فمراعاته أولى ، وبأن تواليها لم يهمل بدليل علبط وعرتن وجندل ولو كان مقصود الإهمال وضعا لم يتعرضوا له دون ضرورة ولسدوا باب التأنيث بالتاء نحو : شجرة.

قال : وإنما سببه تمييز الفاعل من المفعول في نحو : أكرمنا وأكرمنا ، ثم حملت التاء والنون على نا للمساواة في الرفع والاتصال وعدم الاعتلال. قال أبو حيان : والأولى الإضراب عن هذه التعاليل ؛ لأنها تخرّص على العرب في موضوعات كلامها ، والتعبير بآخر مسند أولى من لامه ؛ لأنه قد يكون حرفا زائدا للإلحاق نحو : اغرنديت قاله أبو حيان ، فإن كان ما قبل آخر المسند معتلا حذف لالتقاء الساكنين نحو : خفت ولا تخفن وخفن ، وتنقل حركة ذلك الحرف المحذوف المعتل التي كانت له قبل اعتلاله إلى فاء الماضي الثلاثي نحو : خفت وطلت ؛ إذ الأصل خوف وطول مراعاة لبيان البنية ، ولا تنقل في المضارع ولا في الأمر ، بل يقتصر فيهما على الحذف ، هذا إذا كانت حركة المعتل ضمة أو كسرة فإن كانت فتحة لم تنقل ؛ لأن ذلك لا يدل على البنية ؛ لأن أول الفعل مفتوح قبل النقل ، بل تبدل حركة تجانس الحرف المحذوف ، وتنقل إلى الفاء ، فإن كان واوا أبدلت ضمة كقلت ، أو ياء أبدلت كسرة كبعت ، وإذا أسند إلى الواو والياء فمعلوم أن حركة آخر الفعل مجانسة للضمير كيضربون وتضربين ، فإن كان معتلا حذف لالتقاء الساكنين وهما حرف العلة والضمير ، ثم له صور :

الأولى : أن يكون آخر المسند إلى الواو واوا كتدعون يا قوم ، فقبل الضمير ضمة وهي حركة مجانسة ، وهي أصلية لا مجتلبة.

١٣٧

الثانية : أن يكون آخره ياء ويسند إلى الياء كترمين يا هند ، فقبل الضمير كسرة وهي مجانسة أصلية.

الثالثة والرابعة : أن يسند إلى الواو وآخره ياء أو عكسه فتجتلب لما قبل المحذوف حركة تجانس الضمير كترمون يا قوم وتدعين يا هند ، وقد شمل الصور الأربع قولي : «ويحرك الباقي بمجانس».

الخامسة : أن يكون الآخر ألفا نحو : يخشون وتخشين فالحركة الأصلية باقية بحالها ولا تجتلب حركة مجانسة للضمير ، وهو معنى قولي : «لا محذوف الألف».

وإذا أسند الماضي إلى الألف كضربا فالفتحة في آخره هي فتحة الماضي الأصلية ، هذا مذهب البصريين ، وقال الفراء : ذهبت تلك واجتلبت هذه لأجل الألف.

(ص) وتوصل التاء والكاف والهاء بميم وألف في المثنى ، وميم فقط في الجمع ، وسكونها أحسن ، فإن وليها ضمير متصل فضمها ممدودة واجب ، وقال سيبويه ويونس : راجح ، ونون مشددة للإناث ، وألف للغائبة ، وقيل : مجموعها ضمير ، وأجاز قوم حذفها وقفا.

(ش) الضمائر السابقة أصول وهذه فروعها ، فإذا أريد المثنى في الخطاب أو الغيبة زيد على التاء في الرفع ، والكاف والهاء في النصب والجر ميم وألف نحو : ضربتما للمذكر والمؤنث ، وضمت التاء فيهما إجراء للميم مجرى الواو لقربهما مخرجا ، وضربتكما ومر بكما وضربهما ومر بهما ، وإذا أريد الجمع المذكر في المذكورات زيد ميم فقط ، نحو : ضربتم ضربكم مر بكم ضربهم مر بهم ، وفي هذه الميم أربع لغات أحسنها السكون ويقابلها الضم بإشباع وباختلاس ، والضم قبل همزة القطع ، والسكون قبل غيرها ، فإن وليها ضمير متصل فالضم واجب عند ابن مالك ، راجح مع جواز السكون عند سيبويه ويونس نحو : ضربتموه.

ومنه : (أَنُلْزِمُكُمُوها) [هود : ٢٨] ، وقرئ أنلزمكمها بالسكون ، ووجه الضم أن الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها غالبا ، والأصل في ضمير الجمع الإشباع بالواو كما أشبع ضمير التثنية بالألف ، وإنما ترك للتخفيف وإذا أريد في المذكورات جمع الإناث زيد نون مشددة نحو : ضربتن وضربكن مر بكن ضربهن ومر بهن ، وإذا أريد في الغيبة الأنثى زيد

١٣٨

على الهاء ألف نحو : ضربها ومر بها هذا هو الصحيح ، كما قال أبو حيان : إذ الألف زائدة تقوية لحركة الهاء لما تحركت بالفتح للفرق بين المذكر والمؤنث ، وقال قوم : إن الضمير مجموع الهاء والألف ، وبه جزم ابن مالك ، وادعى السيرافي أنه لا خلاف فيه للزوم الألف سواء اتصلت بضمير نحو : أعطيتها أم لا ، وقد أجاز قوم حذفها في الوقف وحملوا عليه والكرامة ذات أكرمكم الله به.

١٣٢ ـ ونهنهت نفسي بعدما كدت أفعله

أي : بها ، وأفعلها.

(ص) وقد تحذف الواو مع الماضي وتبقى الضمة ، وتكسر الهاء بعد كسرة ، أو ياء ما لم تتصل بضمير ، وقل إن فصل ساكن ، ولغة الحجاز الضم مطلقا ، والأفصح اختلاسها بعد ساكن ولو غير لين على المختار ، وإشباعها بعد حركة ، وقيل : هي والواو الناشئة ضمير ، وقلّ إسكانها وإن حذف الساكن جاز الثلاثة ، وكسر هاء التثنية والجمع كالمفرد ، وقد تكسر كافهما بعد كسر أو ياء ساكنة وكسر ميمه حينئذ أقيس ، وضمها قبل ساكن ، وسكونها قبل حركة أشهر ، وقد تكسر قبله مطلقا.

(ش) فيه مسائل :

الأولى : قد تحذف الواو ضمير الجمع مع الماضي ويكتفى بإبقاء الضمة كقوله :

١٣٣ ـ فلو أن الأطبّا كان حولي

وقوله :

١٣٤ ـ هلع إذا ما الناس جاع وأجدبوا

__________________

١٣٢ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ملحق ديوانه ص ٤٧١ ، وله أو لعمرو بن جؤين في اللسان ٦ / ٦٢ ، مادة (خبس) ، ولعامر بن جؤين في الأغاني ٩ / ٩٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٣٧ ، والكتاب ١ / ٣٠٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠١ ، وله أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني ٢ / ٩٣١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٥٣.

١٣٣ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ١٩ ، والإنصاف ص ٣٨٥ ، والحيوان ٥ / ٢٩٧ ، والخزانة ٥ / ٢٢٩ ، ٢٣١ ، وشرح المفصل ٧ / ٥ ، ٩ / ٨٠ ، ومجالس ثعلب ص ١٠٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥١ ، وسيعاد الشاهد عرضا مع الشاهد رقم ١٧٩٩ ، انظر المعجم المفصل.

١٣٤ ـ البيت من الكامل ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى بهذه الرواية ، انظر المعجم المفصل ٥ / ٦١.

١٣٩

وقوله :

١٣٥ ـ إذا ما شاء ضرّوا من أرادوا

قال بعضهم : من العرب من يقول في الجميع الزيدون قام ولم يسمع ذلك مع المضارع ولا الأمر.

الثانية : هاء الغائب أصلها الضم كضربه وله وعنده ، وتكسر بعد الكسرة نحو : مر به ولم يعطه وأعطه ، وبعد الياء الساكنة نحو : فيه وعليه ويرميه إتباعا ما لم تتصل بضمير آخر فإنها تضم نحو : يعطيهموه ولم يعطهموه ، فإن فصل بين الهاء والكسر ساكن قل كسرها.

ومنه : قراءة ابن ذكوان : أرجئه وأخاه [الأعراف : ١١١] ، ثم كسرها في الصورتين المذكورتين لغة غير الحجازيين ، أما الحجازيون فلغتهم ضم هاء الغائب مطلقا ، وبها قرأ حفص : (وَما أَنْسانِيهُ) [الكهف : ٦٣] ، (بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) [الفتح : ١٠] ، وقراءة حمزة : (لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) [طه : ١٠].

الثالثة : إذا وقعت الهاء بعد ساكن فالأفصح اختلاسها سواء كان صحيحا نحو : منه وعنه وأكرمه ، أو حرف علة نحو : فيه وعليه ، هذا رأى المبرد وصححه ابن مالك ، وخص سيبويه ذلك بحرف العلة ، وقال : الأفصح بعد غيره الإشباع ، واختاره أبو حيان ، أما بعد الحركة فالأفصح الإشباع إجماعا ، ومن غير الأفصح قوله :

١٣٦ ـ له زجل كأنّه صوت حاد

الرابعة : الجمهور على أن الضمير الهاء وحدها والواو الحاصلة بالإشباع زائدة تقوية للحركة ، وزعم الزجاج أن الضمير مجموعهما.

الخامسة : إسكان هذه الهاء لغة قليلة قرئ بها (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [العاديات : ٦] ، ومنها قوله :

__________________

١٣٥ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الإنصاف ص ٣٨٦ ، والخزانة ٥ / ٢٣١ ، ٢٣٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩٧ ، ومغني اللبيب ٢ / ٥٥٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٠٣.

١٣٦ ـ البيت من الوافر ، وهو للشماخ في ديوانه ص ١٥٥ ، والخصائص ١ / ٣٧١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٧ ، والكتاب ١ / ٣٠ ، واللسان ١٥ / ٤٧٧ ، مادة (ها) ، وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٦١ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٧٩ ، والخزانة ٢ / ٣٨٨ ، ٥ / ٢٧٠ ، واللسان ، مادة (زجل) ، والمقتضب ١ / ٢٦٧ ، والخصائص ١ / ١٢٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٩٩.

١٤٠