همع الهوامع - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

همع الهوامع - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٥

حاله فيقول : زيدان وزيدون ، قال أبو حيان : وهذا القول الثاني غريب جدا لم أقف عليه إلا في هذا الكتاب ، ويستثنى نحو : جماديين اسمي الشهر وعمايتين اسمي جبلين وأذرعات وعرفات ، فإن التثنية والجمع فيها لم تسلبه العلمية ، ولذا لم تدخل عليها الألف واللام ولم تضف قال :

٦٥ ـ حتى إذا رجب تولّى وانقضى

وجماديان وجاء شهر مقبل

وقال :

٦٦ ـ لو أن عصر عمايتين ويذبل

ومنع المازني تثنية العلم المعدول نحو : عمر وجمعه جمع سلامة أو تكسير ، وقال : أقول : جاءني رجلان كلاهما عمر ، ورجال كلهم عمر ، قال أبو حيان : ولا أعلم أحدا وافقه على المنع مع قول العرب : العمران فإذا ثني على سبيل التغليب فمع اتفاق اللفظ والمعنى أولى ، وإذا ثني ما فيه أل كالرجل فقيل : تبقى فيه أل ، وقيل : تحذف ويعوض منها مثلها حكاهما ، وتبعه أبو حيان من غير ترجيح.

ومما لا يثنى لتعريفه أجمع وجمعاء في التوكيد وأخواته خلافا للكوفيين.

الخامس : اتفاق اللفظ فلا يثنى ولا يجمع الأسماء الواقعة على ما لا ثاني له في الوجود كشمس وقمر والثريا إذا قصدت الحقيقة ، وهل يشترط اتفاق المعنى فيه؟ أقوال : أحدها : نعم ، وعليه أكثر المتأخرين ، فمنعوا تثنية المشترك والمجاز وجمعها ، ولحنوا المعري في قوله :

٦٧ ـ جاد بالعين حين أعمى هواه

عينه فانثنى بلا عينين

والثاني : لا ، وصححه ابن مالك تبعا لأبي بكر بن الأنباري قياسا على العطف ،

__________________

٦٥ ـ البيت من الكامل ، وهو لأبي العيال الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٤٣٤ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ١٧١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٢٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٨٠.

٦٦ ـ عجز البيت : (سمعت حديثك أنزلا الأوعالا) ، وهو لجرير في ديوانه ص ٥٠ ، ومعجم ما استعجم ص ٩٦٦ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥ / ٦٥ ، وأمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٦٠ ، وتذكرة النحاة ص ١٥٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٦٢ ، وشرح المفصل ١ / ٤٦ ، والمنصف ١ / ٢٤٢ ، ٣ / ٤١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٣٩.

٦٧ ـ البيت من الخفيف ، وهو للحريري ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٤٩.

١٠١

ولوروده في قوله تعالى : (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) [البقرة : ١٣٣] ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ، ويد المعطي ، ويد السائل السفلى» (١) ، وقول العرب : القلم أحد اللسانين ، وخفة الظهر أحد اليسارين ، والغربة أحد السباءين ، واللبن أحد اللحمين ، والحمية أحد الموتين ، ونحو ذلك.

والثالث : وعليه ابن عصفور الجواز إن اتفقا في المعنى الموجب للتسمية نحو : الأحمران للذهب والزعفران ، وإلا فالمنع.

السادس : أن لا يستغنى عن تثنيته وجمعه بتثنية غيره وجمعه ، فلا يثنى بعض للاستغناء عنه بتثنية جزء ولا سواء للاستغناء عنه بسيان تثنية سي ، ولا ضبعان اسم المذكر للاستغناء عنه بتثنية ضبع اسم المؤنث على أنه حكي سواءان وضبعانان ، ولا تثنى ولا تجمع أسماء العدد خلافا للأخفش غير مائة وألف للاستغناء عنها ؛ إذ يغني عن تثنية ثلاثة ستة ، وعن تثنية خمس عشرة ، وعن تثنية عشرة عشرون ، وعن جمعها تسعة ، وخمسة عشر ، وثلاثون ، ولما لم يكن لفظ يغني عن تثنية مائة وألف وجمعهما ثنيا وجمعا ، واستدل الأخفش على ما أجازه بقوله :

٦٨ ـ لها عند عال فوق سبعين دائم

وأجيب بأنه ضرورة.

ولا يثنى أجمع وجمعاء على رأي البصريين ؛ للاستغناء عنهما بكلا وكلتا ، ولم يجمع يسار استغناء عنه بجمع شمال ، قاله ابن جني في كتاب التمام.

السابع : أن يكون فيه فائدة فلا يثنى كل ولا يجمع ؛ لعدم الفائدة في تثنيته وجمعه وكذا الأسماء المختصة بالنفي كأحد وعريب لإفادتها العموم ، وكذا الشرط وإن كان معربا لإفادته ذلك.

الثامن : أن لا يشبه الفعل فلا يثنى ولا يجمع أفعل من ؛ لأنه جار مجرى التعجب ، ولا قائم من أقائم زيد كما سيأتي في أوائل المبتدأ ؛ لأنه شبيه بالفعل.

__________________

٦٨ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣١١ ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٦٨٥.

(١) أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الزكاة ، باب في الاستعفاف (١٦٤٩) ، وأحمد في مسنده (٤٢٤٩).

١٠٢

وبقي في المتن مسألتان :

إحداهما : أصل التثنية والجمع العطف وإنما عدل عنه للاختصار فلا يجوز الرجوع إليه ؛ لأن الرجوع إلى أصل مرفوض ممنوع إلا في ضرورة كقوله :

٦٩ ـ ليث وليث في مجال ضنك

وهو في الجمع أقبح منه في التثنية لكثرة ألفاظه ويسوغه في الاختيار فصل ظاهر نحو : مررت بزيد الكريم وزيد البخيل ، أو مقدر كقول الحجاج وقد نعي له ابنه وأخوه : إنا لله محمد ومحمد في يوم واحد محمد ابني ومحمد أخي.

الثانية : يستوي في التثنية المذكر والمؤنث فلا تحذف تاء التأنيث مما هي فيه إلا من ألية وخصية ، فإنهم قالوا : أليان وخصيان ، وكان القياس أليتين وخصيتين ولكنه سمع في المفرد ألي وخصي فأجروا التثنية عليه إيثارا للتخفيف مع عدم الإلباس ، وقد صرح ابن مالك بأنه مما استغني عن تثنيته بتثنية غيره.

(ص) ولا يتغير لكن تقلب ألف مقصور فوق ثلاثي أو يائي ، أو مقلوبة عن ألف إذن ياء وغيره واو ، وقيل : إلا في ثلاثي واوي مكسور الأول أو مضمومه وفي الأصلية والمجهولة ، ثالثها : الأصح إن أميلتا ياء وإلا واوا ، ورابعها : إن أميلت أو صارت ياء في حال ، وقلب همز مبدل من ألف التأنيث واوا أولى في الملحقة وتركه في المبدل من أصل ، خلافا للجزولي وورد تصحيح مبدلة من ألف وقلبها ، والتي من أصل ياء والأصلية واوا ، وحذف زائدة خامسة وألف وهمز قاصعاء ، ولا يقاس على الأصح ، وقيل : مذراوان وثنايان ؛ لعدم الإفراد ولا ترد فاء ثلاثي وعينه ولامه إن عوض الوصل ، وإلا فما عاد في إضافة لا غيره على الأجود ، ويقال : أبان وأخان ويديان ودميان ودموان وفميان وفموان بقلة ، ويجوز في ذات ذاتا وذواتا.

(ش) إذا ثني الاسم لحقته العلامة من غير تغيير سواء كان صحيحا نحو : زيد ، أم معتلا جاريا مجراه وهو ما آخره ياء أو واو ساكن ما قبلهما مشددتان أو مخففتان نحو : مرميّ ومغزو وظبي ودلو ، أم منقوصا نحو : شج ، أم مهموزا غير ممدود نحو : رشأ وماء ووضوء ونبيء ، أم ممدودا همزته أصلية نحو : قراء ووضاء ، فجميع ذلك تلحقه الألف أو

__________________

٦٩ ـ الرجز لجحدر بن مالك الحنظلي في اللسان ١٠ / ٤٢٠ ، مادة (درك) ، ولواثلة بن الأسقع في الخزانة ٧ / ٤٦١ ، ٤٦٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٣.

١٠٣

الياء بلا تغيير إلا فتح ما قبل العلامة ، ورد ياء المنقوص ، وأما المقصور فتقلب ألفه ياء أن كانت زائدة على ثلاثة كملهى ومعطى ومستدعى ، أو ثالثة بدلا عن ياء كرحى ، أو أصلية أو مجهولة وأميلت فيهما كبلى ومتى علمين ، أو مقلوبة عن ألف إذن علما ، فيقال في التثنية :ملهيان ومعطيان ومستدعيان ورحيان وبليان ومتيان وإذيان ، وما عدا ذلك تقلب واوا وهي الثالثة المبدلة من واو كعصا وعصوان ، والأصلية غير الممالة كإذا علما وإذوان والمجهولة غير الممالة كددا وهو اللهو فإنه استعمل منقوصا كحديث : «لست من الدد ولا الدد مني» (١) ، ومتمما بالنون نحو : ددن ، وبالدال ددد ، ومقصورا ددا ، فلا يدرى هل ألفه عن ياء أو واو ؛ لأن الألف في الثلاثي لا بد أن تكون عن إحداهما.

وذهب بعض النحويين إلى أن تثنية الأصلية والمجهولة بالياء مطلقا سواء أميلت أم لم تمل ، قال ابن مالك : ومفهوم قول سيبويه عاضد لهذا الرأي ، وذهب آخر إلى أنهما بالواو مطلقا ، وذهب الأخفش إلى أنهما إن أميلتا أو انقلبتا إلى الياء في حال نحو : لدي وإلي قلبت ياء ، وإلا قلبت واوا ، فهذه أربعة أقوال حكاها أبو حيان.

وذهب الكسائي إلى تثنية الثالثة المبدلة من واو بالياء إذا كان أول الكلمة مكسورا كربا ورضى ، أو مضموما كضحى وعلا ، وأما الممدودة فإن كانت همزته مبدلة من ألف التأنيث نحو : حمراء قلبت واوا نحو : حمراوان ، وورد تصحيحها وقلبها ياء ، حكى أبو حاتم : حمراءان ، وحكى غيره : حمرايان ، فقاس على ذلك الكوفيون ومنعه غيرهم ، وإن كانت ملحقة نحو : علباء وحرباء جاز فيها القلب واوا وهو الأولى ، والتصحيح نحو : علباوان وعلباءان ، وإن كانت مبدلة من أصل نحو : كساء ورداء جاز فيها الوجهان ، والتصحيح أولى نحو : كساءان وكساوان هذا مذهب الجمهور ، وسوى الجزولي بينها وبين التي قبلها في أن الأولى إقرار الهمز ، وورد في هذه القلب ياء حكي كسايان فقاسه الكسائي وخالفه غيره منهم ابن مالك ، وإن كانت أصلية فتقدم أنها تصحح وقد ورد قلبها واوا سمع قراوان ووضاوان في تثنية قراء ووضاء ، فقاسه الفارسي وخطأه النحاة.

ورد أيضا حذف الزائدة وهي خامسة سمع جوزلان في جوزلا ، وحذف الألف والهمزة مما طال من الممدود سمع قاصعان وعاشوران وخنفسان وقرفصان وباقلان في قاصعاء وعاشوراء وخنفساء وقرفصاء وباقلاء ، فقاس الكوفيون على ذلك في المسألتين

__________________

(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠ / ٢١٧ (٢٠٧٥٤) ، والبخاري في الأدب المفرد ص ٢٧٤ (٧٨٥).

١٠٤

ومنعه غيرهم لقلة الوارد منه ، فقولي : «ولا يقاس على الأصح» عائد إلى ست مسائل : تصحيح المبدلة وما بعده ، وقد صحح العرب مذروين وثنايين ، وكان القياس مذريين وثناوين أو ثناءين ؛ لأن الألف الأولى رابعة ، والثاني مثل كساء إلا أن الكلمتين بنيتا على التثنية ولم يستعمل فيهما الإفراد كما تقدم فصحتا ، ولا يردّ في التثنية ما حذف من فاء وعين ولام إن عوض منه همز الوصل فيقال في اسم : اسمان ، وإن لم يعوض منه فإن رد في الإضافة رد هنا وإلا فلا ، هذا هو الأجود فمن الأول المنقوص كقاض وأب وأخ وحم فيقال : قاضيان وأبوان وأخوان وحموان ، ومن الثاني هن ويد ودم وفم وسنة وحر فيقال : هنان ويدان ودمان وفمان وسنتان وحران ، وشذ في الأول أبان وأخان ، وفي الثاني هنوان ويديان ودميان ودموان وفميان وفموان ، وقيل : ليس بشاذ وإنما أبان وأخان على لغة التزام النقص في الإفراد والإضافة ، ويديان وما بعده على لغة القصر فيها ، قال أبو حيان : وأما ذو مال فيقال فيها : ذوا مال.

فإن قلنا : المحذوف من ذو اللام ، فهي لم تردّ ، أو العين فكذلك ؛ لأن الواو الموجودة هي اللام ، وأما ذات فقالوا في تثنيتها : ذاتا على اللفظ بلا رد وهو القياس ، كما ثني ذو على لفظه قال :

٧٠ ـ يا دار سلمى بين ذاتي العوج

وذواتا على الأصل برد لام الكلمة وهي الياء ألفا ؛ لتحرك العين وهي الواو قبلها وهو الكثير في الاستعمال ، قال تعالى : (ذَواتا أَفْنانٍ) [الرحمن : ٤٨].

***

__________________

٧٠ ـ الرجز لرجل من بني سعد في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٣٣ ، واللسان ٢ / ٣٠٢ ، وانظر المعجم المفصل ٣ / ١١٣٠.

١٠٥

الباب الخامس :

جمع المذكر السالم

(ص) الخامس جمع المذكر السالم فبالواو والياء إن كان لعاقل أو شبهه خاليا من تاء التأنيث علما أو مصغرا أو صفة تقبل التاء إن قصد أو أفعل تفضيل ، وجوزه الكوفية في ذي التاء ، وصفة لا تقبلها ، وحكمه كالتثنية ، لكن يحذف آخر المنقوص ويضم ويكسر ، والمقصور يفتح ، وقيل : كمنقوص ، وقيل : إن كان أعجميا أو ذا ألف زائدة.

(ش) الباب الخامس من أبواب النيابة جمع المذكر السالم فإنه يرفع بالواو وينصب ويجر بالياء ، ثم هذا الجمع موافق للتثنية في شروطها كما تقدم ، ويزيد بشروط :

أحدها : أن يكون لعاقل كالزيدين أو مشبه به نحو : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) [يوسف : ٤] ، (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] ، جمع صفة الكواكب والسماء والأرض لما أثبت لها ما هو من شأن العقلاء من السجود والخطاب ، فإن خلا من ذلك لم يجمع بالواو والنون كواشق علم كلب وسابق صفة فرس.

الثاني : أن يكون خاليا من تاء التأنيث سواء لم يوضع لمؤنث أصلا كأحمد وعمر ، أم وضع لمؤنث ثم سمي به مذكر ، قال أبو حيان : فلو سميت رجلا زينب أو سلمى جمع بالواو والنون بإجماع اعتبارا بمسمياتها الآن ، فإن لم يخل منها لم يجمع بها كأخت وطلحة ومسلمات أعلام رجال قاله أبو حيان ، ولذلك عبر بتاء التأنيث دون هائه ؛ ليشمل ما ذكر ، ثم العلة لما ذكر أنه لا يخلو إما أن تحذف له التاء أو لا ، ويلزم على الثاني الجمع بين علامتين متضادتين ، وعلى الأول الإخلال ؛ لأنها حرف معنى فقد صارت بالعلمية لازمة للكلمة ؛ لأن العلمية تسجل الاسم وتحصره من أن يزاد فيه أو ينقص.

وخالف الكوفيون في هذا الشرط فجوزوا جمع ذي التاء بالواو والنون مطلقا ، فقالوا في طلحة وحمزة وهبيرة : طلحون وحمزون وهبيرون ، واحتجوا بالسماع والقياس ، أما

١٠٦

السماع فقولهم في علانية للرجل المشهور علانون وفي ربعة للمعتدل القامة ربعون ، وأما القياس فعلى ما ورد من جمعه جمع تكسير وإن أدى أيضا إلى حذف التاء قال :

٧١ ـ وعقبة الأعقاب في الشّهر الأصمّ

وأجيب عن السماع بشذوذه وعن القياس بأن جمع التكسير يعقب تأنيثه التاء المحذوفة ، ولا تأنيث في جمع السلامة يعقبها على أن جمعه تكسيرا غير مسلم ؛ لأنه لم يرد منه سوى هذا البيت فلا يقاس عليه مع إمكان تأويله بجعل الأعقاب جمع عقبة بمعنى الاعتقاب لا العلم.

الشرط الثالث : أن يكون علما كزيد وعمرو ، أو مصغرا وإن لم يكن علما كرجيل وغليم وأحيمر وسكيران ، أو صفة تقبل تاء التأنيث إن قصد معناه كضارب ومؤمن وأرمل ، فلا يجمع هذا الجمع ما ليس واحدا من الثلاثة كرجل وفتى وغلام ، ولا صفة لا تقبل تاء التأنيث كأحمر وسكران وعانس وصبور وجريح وقتيل ، ولا صفة تقبلها لا لمعنى التأنيث كملول وملولة وفروق وفروقة فإن التاء في نحو : ذلك للمبالغة لا للتأنيث ، قال أبو حيان : نعم بقي صفة لا تقبل التاء وتجمع كذلك بلا خلاف وهو ما كان خاصا بالمذكر كمخصي ، وأفعل التفضيل المعرف باللام ، والمضاف إلى نكرة نحو : الأفضلون وأفضلو بني فلان فإن تأنيثه بالألف ، وجوز الكوفيون جمع صفة لا تقبل التاء كقوله :

٧٢ ـ منّا الذي هو ما إن طرّ شاربه

والعانسون ومنّا المرد والشّيب

وقوله :

٧٣ ـ فما وجدت نساء بني نزار

حلائل أسودين وأحمرينا

__________________

٧١ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان ١٤ / ٤٧٢ ، مادة (صوي) ، والإنصاف ص ٤٠ ، والخزانة ٨ / ١٠ ، ١٢ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٤٩.

٧٢ ـ البيت من البسيط ، وهو لأبي قيس بن رفاعة في إصلاح المنطق ص ٣٤١ ، واللسان ٦ / ١٤٩ ، مادة (عنس) ، وله أو لأبي قيس بن الأسلت في شرح شواهد المغني ص ٧١٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٦٧ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٩٧ ، وأمالي القالي ص ٧١٦ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٢٣٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٦٨٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٣٥ ، ومغني اللبيب ص ٣٠٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٩١.

٧٣ ـ البيت من الوافر ، وهو للكميت بن زيد في ديوانه ٢ / ١١٦ ، والمقرب ٢ / ٥٠ ، وللحكيم الأعور بن عياش الكلبي في الخزانة ١ / ١٧٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٤٣ ، وبلا نسبة في الخزانة ٨ / ١٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٨٢.

١٠٧

وذلك عند البصريين من النادر الذي لا يقاس عليه ، قال صاحب الإفصاح : عادة الكوفيين إذا سمعوا لفظا في شعر أو نادر كلام جعلوه بابا أو فصلا ، وليس بالجيد. قال الأصحاب : وإنما افترق الصفتان ؛ لأن القابلة للتاء شبيهة بالفعل ، فإنه يقبل التاء عند قصد التأنيث نحو : قامت ويعرى منها عند التذكير نحو : قام ، وإنما يجمع هذا الجمع ما أشبه الفعل إلحاقا به في أنه إذا وصف به المذكر العاقل لحقه بعد سلامته لفظة الواو كقاموا ويقومون ، ولذا لم يجمع الاسم الجامد وإنما جمع الأفضل لالتزام التعريف فيه وهو فرع التنكير فأشبه الفعل في الفرعية فحمل عليه ، ولهذه العلة نفسها جمع الجامد إذا كان علما ؛ لأن تعريف العلمية فرع فأشبه الفعل ، والتنكير أصل فلم يشبهه.

وإنما جمع المصغر دون مكبره لتعذر تكسيره ؛ لأنه يؤدي إلى حذف حرف التصغير فيذهب المعنى الذي جيء به لأجله.

وأما اشتراط خلوه من التركيب فهو شرط لمطلق الجمع لا لهذا بخصوصه ، بل وللتثنية أيضا ، وقد تقدم بيانه هناك ، ثم إذا جمع الاسم فحكمه كما إذا ثنى من لحوق العلامة من غير تغيير إن كان صحيحا أو معتلا جاريا مجراه ، أو مهموزا أو ممدودا همزته أصل كزيدون وظبيون وقراءون ونبيئون ، وقلب الهمزة المبدلة من ألف التأنيث نحو : حمراؤون في حمراء علم مذكر.

ويستثنى شيئان المنقوص والمقصور فإنهما يحذف آخرهما وهو الياء والألف ؛ لالتقائه ساكنا مع الواو والياء ثم يضم ما قبل آخر المنقوص في الرفع نحو : قاضون ، ويكسر في غيره نحو : قاضين مناسبة للحرف ، ويفتح ما قبل آخر المقصور دلالة على الألف المحذوفة ولئلا يلتبس بالمنقوص نحو : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) [آل عمران : ١٣٩] ، (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ) [ص : ٤٧] ، وجوز الكوفيون إجراءه كالمنقوص فضموا ما قبل الواو وكسروا ما قبل الياء حملا له على السالم ، وحكاه ابن ولاد لغة عن بعض العرب ، قال أبو حيان : وكأنهم نقلوا إليهما الحركة المقدرة على حرف الإعراب ، وهذا النقل عن الكوفيين مطلقا وهو الذي حكاه عنهم الأصحاب فيما قال أبو حيان ، ونقل ابن مالك عنهم تفصيلا وهو إجراء ذلك في الأعجمي كموسى ، وما فيه ألف زائدة كأرطى وحبلى علمي مذكر ، بخلاف ما ألفه عن أصل وقد حكيت القولين معا.

(ص) وألحق به سماعا كنحن الوارثون ، وعشرون إلى تسعين ، وأهلون وأرضون وعالمون ، وقيل : جمع ، وقيل : مبني على الفتح ، وبنون وأبون وأخون وهنون وذوو ، وألحق

١٠٨

ثعلب فمون ، وابن مالك حمون قياسا ، وأولو وسنون ، وكل ثلاثي لم يكسر وعوض من لامه ، قال أبو حيان : أو فائه الهاء ، وكسر الفاء مكسورة ومفتوحة أشهر من ضمها ، وشاعا في المضمومة ، وقد يعرب هذا النوع في النون لازم الياء منونا أو لا ، ويلزم الواو وفتح النون ، أو يعرب عليها ، وهي لغة في المثنى والجمع ، وأجاز ابن مالك الأول في عشرين ، وقد يقال : شياطون.

(ش) ألحق بالجمع في إعرابه ألفاظ ليست على شرطه سمعت فاقتصر فيها على مورد السماع ولم يتعد ، منها صفات للباري تعالى وهي قوله : (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) [الحجر : ٢٣] ، و [القادرون] [المرسلات : ٢٣] ، و (الْماهِدُونَ) [الذاريات : ٤٨] ، (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات : ٤٧] ، فلا يقاس عليه الرحيمون ولا الحكيمون ؛ لأن إطلاق الأسماء عليه توقيفي ، ومنها عشرون والعقود بعده إلى تسعين وهي أسماء مفردة.

وزعم بعضهم أنها جموع ، ورد بأنها خاصة بمقدار معين ولا يعهد ذلك في الجموع ذكره ابن مالك ، وبأنه لو كان عشرون جمع عشرة وثلاثون جمع ثلاثة لزم إطلاق الثاني على تسعة ، وألا يطلق الأول إلا على ثلاثين ؛ لأن أقل الجمع ثلاثة ذكره الرضي ، ومنها أهلون وهو جمع أهل وأهل ليس بعلم ولا صفة ، إلا أنه أجري مجرى مستحق ؛ لأنه يستعمل بمعناه في قولهم : هو أهل لذا ، قال تعالى : (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) [الفتح : ١١] ، (ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) [المائدة : ٨٩].

ومنها أرضون بفتح الراء جمع أرض بسكونها وهي مؤنثة واسم جنس لا يعقل ففاته أربعة شروط ، قال الشاعر :

٧٤ ـ لقد ضجّت الأرضون إذ قام من بني

هداد خطيب فوق أعواد منبر

وقال :

٧٥ ـ وأيّة بلدة إلّا أتينا

من الأرضين تعلمه نزار

ومنها عالمون وهي اسم جمع لا جمع ؛ لأن العالم علم لما سوى الله ، والعالمين خاص بالعقلاء وليس من شأن الجمع أن يكون أقل دلالة من مفرده ، ولذلك أبى سيبويه أن

__________________

٧٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لكعب بن معدان في المحتسب ١ / ٢١٨ ، وبلا نسبة في شرح التصريح ١ / ١٢ ، ٧٣ ، وشرح شذور الذهب ص ٧٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤١٩.

٧٥ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٣٣٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٤٨.

١٠٩

يجعل الأعراب جمع عرب ؛ لأن العرب يعم الحاضرين والبادين ، والأعراب خاص بالبادين ، وذهب قوم إلى أنه جمع عالم قيل : إنه جمع عالم مرادا به العقلاء خاصة ، وقيل : إنه جمع مراد به العموم للعقلاء وغيرهم ، وعليهما فوجه شذوذه أن عالما اسم جنس لا علم ، وقيل : إن عالمون مبني على فتح النون لا معرب ؛ لأنه لم يقع إلا ملازم الياء ، ورد بقوله :

٧٦ ـ تنصّفه البريّة وهو سام

وتلفى العالمون له عيالا

ومنها بنون وأبون وأخون وهنون وذوو ، ووجه شذوذها أنها غير أعلام ولا مشتقات ، قال ابن مالك : ولو قيل في حم : حمون ، لم يمتنع لكن لا أعلم أنه سمع ، وقال أبو حيان : ينبغي أن يمتنع ؛ لأن القياس يأباه ، وجمع أب وإخوته كذلك شاذ فلا يقاس عليه.

وعن ثعلب أنه يقال في فم : فمون وفمين ، قال أبو حيان : وهو في غاية الغرابة ، ثم إن ذوو أجريت على حد التثنية من رد الفاء إلى حركتها الأصلية حذرا من الاستثقال ، أما الباقي فخالفت التثنية حيث حذفت لاماتها ولم ترد لالتقائها ساكنة مع حرف الإعراب ، وكذا ابن حيث حذف همزه المعوض من اللام لرد اللام حينئذ ، ثم حذفها لما ذكر وعادت فتحة الياء التي هي الأصل ، ومنها أولو وهو وصف لا واحد له من لفظه قال تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) [النور : ٢٢].

ومنها سنون ووجه شذوذه كأرضين وبابه كل ثلاثي حذفت لامه وعوض عنها هاء التأنيث ولم يجمع جمع تكسير ك : ثبة وثبين ، بخلاف الرباعي وثلاثي لم يحذف منه شيء كتمرة أو حذف منه غير اللام ، نعم ألحق أبو حيان بذلك ما حذف فاؤه وعوض منها الهاء كعدة فإنه يقال : عدون ، وبخلاف ما لم يعوض من لامه شيء كيد ودم ، أو عوض منها همزة الوصل كاسم وابن ، أو التاء لا الهاء كأخت وبنت ، أو كسر كشفة وشفاه فلا يجمع شيء من ذلك هذا الجمع.

ثم إذا جمع الثلاثي المستوفي الشروط فإن كانت فاؤه مكسورة سلمت غالبا كمائة ومئين وعضة وعضين ورئة ورئين وعزة وعزين ، وقد تضم بقلة حكى الصغاني : عزين بالضم ، وإن كانت مفتوحة كسرت كسنة وسنين ، وقد تضم ، حكى ابن مالك : سنون بالضم ، وإن كانت مضمومة جاز الضم والكسر كثبة وكرة وقلة ، ثم إعراب هذا النوع

__________________

٧٦ ـ البيت من الوافر ، وهو في شرح الأشموني ١ / ٨٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٤٦.

١١٠

إعراب الجمع لغة الحجاز وعلياء قيس ، وأما بعض بني تميم وبني عامر فيجعل الإعراب في النون ويلزم الياء قال :

٧٧ ـ أرى مرّ السّنين أخذن منّي

ثم الأولون يتركونه بلا تنوين ، والآخرون ينونونه فيقولون في المنكر : أقمت عنده سنينا بالتنوين ، قال :

٧٨ ـ متى تنج حبوا من سنين ملحّة

وقال :

٧٩ ـ ألم نسق الحجيج سلي معدّا

سنينا ما تعدّ لنا حسابا

قال ابن مالك : ولو عومل بهذه المعاملة عشرون وأخواته لكان حسنا ؛ لأنها ليست جموعا فكان لها حق في الإعراب بالحركات كسنين ، وأباه أبو حيان قال : لأن إعرابها إعراب الجمع على جهة الشذوذ فلا نضم إليه شذوذا آخر ، ومن العرب من يلزمه الواو وفتح النون ، ومن العرب من يلزمه الواو ويعربه على النون كزيتون ، قال في البسيط : وهو بعيد من جهة القياس ، ومن العرب من يجعل الإعراب في المثنى والجمع على النون إجراء له مجرى المفرد ، حكى الشيباني : هذان خليلان ، وعليه خرج :

٨٠ ـ لا يزالون ضاربين القباب

وقد يقال : شياطون تشبيها لزيادتي التكسير فيه بزيادتي الجمع السالم فنقل من الإعراب بالحركات إلى الإعراب بالحروف ، قال أبو حيان : وهو من التشبيه البعيد الذي يقع نحوه منهم على جهة التوهم ، وهو شبيه بهمز معائش ومصائب ، ومن هذا قراءة الحسن : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) [الشعراء : ٢١٠].

(ص) وليس الإعراب في المثنى والجمع بمقدرة قبلها ، أو فيها ، أو دلائل ، أو بالبقاء والانقلاب ، خلافا لزاعميها.

__________________

٧٧ ـ البيت من الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ص ٥٤٦ ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ١ / ١٥٣ ، والمخصص ١٧ / ١٠٣ ، واللسان ٨ / ٧٣ ، مادة (خضع) ، والمقتضب ٤ / ٢٠٠ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٥٣.

٧٨ ـ البيت من الطويل ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى غير «الدرر والهمع» ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٩٧.

٧٩ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٧١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣١.

٨٠ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٥٩ ، وتخليص الشواهد ص ٧٥ ، والخزانة ٨ / ٦١ ، وشرح الأشموني ١ / ٨٧ ، وشرح التصريح ١ / ٧٧ ، ومغني اللبيب ص ٦٤٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٩٩.

١١١

(ش) الجمهور من المتأخرين منهم ابن مالك ونسبه أبو حيان للكوفيين وقطرب والزجاج والزجاجي على أن إعراب المثنى والجمع بالحروف المذكورة ، وقيل : بحركات مقدرة فيما قبلها وهي الدال من الزيدان والزيدون والزيدين مثلا وهو رأي الأخفش ، ورد بأنه تقدير في غير الآخر والإعراب لا يكون إلا آخرا ، وبأنه لم يكن يحتاج إلى تغييرها كما لم يحتج إلى تغيير بعد الإعراب المقدر قبل ياء المتكلم ، وقيل : بحركات مقدرة في الألف والواو والياء وهو رأي الخليل وسيبويه ، واختاره الأعلم والسهيلي كالمقصور ونحوه ، ورده ابن مالك بلزوم ظهور النصب في الياء وبلزوم تثنية المنصوب والمجرور بالألف ؛ لتحرك الياء وانفتاح ما قبلها.

وأجاب أبو حيان عن الأول بأنهم لما حملوا حالة النصب على حالة الجر أجروا الحكم على الياء حكما واحدا ، فكما قدروا الكسرة قدروا الفتحة تحقيقا للحمل ، وعن الثاني بأن الموجب للقلب الفرق وإن كان القياس ما ذكر ، ولذلك لاحظه من العرب من يجري المثنى بالألف مطلقا ، وقيل : الحروف دلائل إعراب بمعنى أنك إذا رأيتها فكأنك رأيت الإعراب وبه فسر أبو علي مذهب الأخفش ، وقيل : الإعراب ببقاء الألف والواو رفعا وانقلابها نصبا وجرا ، وعليه الجرمي والمازني وابن عصفور ، وهذا بناء على أن الإعراب معنوي لا لفظي ، قال ابن عصفور : كان الأصل قبل دخول العامل زيدان وزيدون كاثنان وثلاثون ، فلما دخل العامل لم يحدث شيئا وكان ترك العلامة يقوم مقام العلامة فلما دخل عليها عامل النصب والجر قلب الألف والواو ياء فكان التغيير والانقلاب وعدمه هو الإعراب ، ولا إعراب ظاهر ولا مقدر ورده ابن مالك باستلزامه مخالفة النظائر ؛ إذ ليس في المعربات ما ترك العلامة له علامة ، وأجاب أبو حيان بأن الأسماء الستة كذلك عند الجرمي ، وقد ثبت وجود الواو فيها قبل العامل في قولهم : أبو جاد.

(ص) وتليها نون تكسر في المثنى وقد تضم مع الألف وتفتح في الجمع والعكس لغة ، وقيل : ضرورة في الجمع ، وقيل : يختص بالياء فيهما ، والمختار وفاقا لابن مالك أنها لرفع توهم الإضافة أو الإفراد لا عوض من حركة أو تنوين ، أو هما مطلقا ، أو إن كانا وإلا فأحدهما ، وإلا فغير عوض ، أو فارقة بين رفع المثنى ونصب المفرد ، وحمل الباقي ، ولا هي التنوين خلافا لزاعميها ، وتسقط لإضافة ولو تقديرا وشبهها ، وتقصير صلة ، وخصه المبرد باللذا واللتا ، وغيره ضرورة ، وجوزه الكسائي في النثر ، وزعمه الأخفش في ضارباك للطافة الضمير ، وتشدد في موصول وإشارة مطلقا على الأرجح.

١١٢

(ش) زيد بعد الألف والياء في المثنى ، وبعد الواو والياء في الجمع نون ، واختلف في أنها زيدت لماذا على مذاهب :

أحدها : وهو رأي ابن مالك أنها لرفع توهم الإضافة في نحو : رأيت بنين كرماء وناصرين باغين ، والإفراد في الإشارة والمقصور والمنقوص نحو : هذان الخوزلان ومررت بالمهتدين ، فلو لا النون لالتبس حال الإضافة بعدمها والمفرد بالمثنى فيما ذكر.

الثاني : أنها عوض من حركة المفرد ، ونسبه أبو حيان للزجاج ، ورده ابن مالك بأن الحروف نائبة عنها فلا حاجة إلى التعويض بالنون ، قال أبو حيان : وهذا بناء على رأيه أن الحروف إعراب.

الثالث : أنها عوض من تنوين المفرد وعليه ابن كيسان ، ووجهه بأن الحركة عوض منها الحرف ولم يعوض من التنوين شيء فكانت النون عوضا عنه ، ولذلك حذفت في الإضافة كما يحذف التنوين ، ورد بثبوتها مع الألف واللام وفيما لا تنوين فيه نحو : يا زيدان ولا رجلين فيها ، وغير المنصرف إذا ثني ، وبأن التنوين إنما دخل ليفرق بين الاسم الباقي على أصالته وبين المشابه للفعل ولا حاجة إليه هنا ؛ لأن التثنية والجمع إبعاد عن الفعل فلم يحتج إلى فارق ، وإنما حذفت في الإضافة ؛ لأنها زيادة والمضاف إليه زيادة في المضاف ، فكرهوا زيادتين في آخر الاسم.

الرابع : أنها عوض من الحركة والتنوين معا وعليه ابن ولاد أبو علي وابن طاهر والجزولي ، ورد بما سبق في المذهبين قبله وبثبوتها في الوقف والحركة والتنوين لا يثبتان في الوقف.

الخامس : أنها عوض من الحركة والتنوين فيما وجدا في مفرده ، ومن الحركة فقط فيما لا تنوين في مفرده كمثنى ما لا ينصرف ، ومن التنوين فقط فيما لا حركة في مفرده كعصا وقاض ، وغير عوض فيما خلا عنهما كمثنى حبلى وهذا والذي ، وعليه ابن جني.

السادس : أنها فارقة بين رفع المثنى ونصب المفرد ؛ لأنك إذا قلت : زيدا يلتبس بالمفرد المنصوب حال الوقف ، ثم حمل سائر التثنية والجمع على ذلك وعليه الفراء.

السابع : أنها التنوين نفسه ؛ لأن الأصل بعد تحقق العلامة للتثنية والجمع أن تنتقل إليه الحركة والتنوين ، فامتنعت الحركة للإعلال ولم يمتنع التنوين ، ولكنه لزم تحريكه ؛ لأجل الساكنين فثبت نونا ، نقله ابن هشام الخضراوي وأبو حيان ، قال : ولا يرد أنه لا

١١٣

تنوين في تثنية ما لا ينصرف والمبني ؛ لأنا نقول : لما ثني زال شبه الفعل والحرف فرجعا إلى الأصل فعاد التنوين.

ثم الشائع في هذه النون الكسر في المثنى والفتح في الجمع وإنما حركت لالتقاء الساكنين وخولف بينهما للفرق وخص كل بما فيه لخفة المثنى وثقل الكسر وثقل الجمع وخفة الفتح فعودل بينهما ، وورد العكس وهو فتحها مع المثنى وكسرها مع الجمع ، فقيل : هو لغة ، وقيل : فتح نون المثنى لغة وكسر نون الجمع ضرورة ، وقيل : ذلك خاص بحالة الياء فيهما بخلاف حالة الرفع وعليه أبو حيان ، ومن أمثلة ذلك قوله :

٨١ ـ على أحوذيّين استقلّت عشيّة

وقوله :

٨٢ ـ أعرف منها الأنف والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا

وقوله :

٨٣ ـ وأنكرنا زعانف آخرين

وقوله :

٨٤ ـ وقد جاوزت حدّ الأربعين

__________________

٨١ ـ البيت من الطويل ، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص ٥٥ ، والخزانة ٧ / ٤٥٨ ، وشرح المفصل ٤ / ١٤١ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٧٧ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٦٣ ، وتخليص الشواهد ص ٧٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٩٤.

٨٢ ـ الرجز لرؤبة بن ملحق ديوانه ص ١٨٧ ، وله أو لرجل من ضبة في المقاصد النحوية ١ / ١٨٤ ، وبلا نسبة في نوادر أبي زيد ص ١٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٦٤ ، وتخليص الشواهد ص ٨٠ ، والخزانة ٧ / ٤٥٢ ، ٤٥٣ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧ ، ورصف المباني ص ٢٤ ، وسر صناعة الإعراب ص ٤٨٩ ، ٧٠٥ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٧٣.

٨٣ ـ البيت من الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ص ٤٢٩ ، والاشتقاق ص ٥٣٨ ، وتخليص الشواهد ص ٧٢ ، وتذكرة النحاة ص ٤٨٠ ، والخزانة ٨ / ٩٥٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٨٧ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٦٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤١.

٨٤ ـ البيت من الوافر ، وهو لسحيم بن وثيل في الأصمعيات ص ١٧ ، وإصلاح المنطق ص ١٥٦ ، وتخليص الشواهد ص ٧٤ ، وتذكرة النحاة ص ٤٨٠ ، والخزانة ٨ / ٦١ ، ٦٢ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٦٨ ، وحماسة البحتري ص ١٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٢٧ ، وشرح التصريح ١ / ٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١ ، وشرح المفصل ٥ / ١١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤٣.

١١٤

وقوله :

٨٥ ـ إلا الخلائف من بعد النّبيّين

قال ابن جني : ومن العرب من يضم النون في المثنى وهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه ، وقال الشيباني : ضم النون التثنية لغة ، قال أبو حيان : يعني مع الألف لا مع الياء ؛ لأنها شبهت بألف غضبان وعثمان ، أنشد المطرز في «اليواقيت» :

٨٦ ـ يا أبتا أرّقني القذّان

فالنّوم لا تطعمه العينان

ولم يسمع تشديد هذه النون سوى في تثنية اسم الإشارة والموصول عوضا من الحرف المحذوف منهما وهو الألف في الإشارة والياء في الموصول ؛ إذ كان حقهما الإثبات كألف المقصور وياء المنقوص ، ثم مذهب البصريين اختصاص التشديد بحالة الرفع ، ومذهب الكوفيين وصححه ابن مالك جوازه مع الألف والياء ، وقد قرئ بالتشديد قوله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ) [القصص : ٣٢] ، (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها) [النساء : ١٦] ، (إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ) [القصص : ٢٧] ، و (أَرِنَا الَّذَيْنِ) [فصلت : ٢٩].

وتحذف هذه النون للإضافة إما ظاهرة نحو : (بَلْ يَداهُ) [المائدة : ٦٤] ، (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) [الحج : ٣٥] ، (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) [المائدة : ١] ، أو مقدرة كقوله :

٨٧ ـ هما خطّتا إما إسار ومنّة

وإمّا دم والموت بالحر أجدر

ولشبه الإضافة ذكره أبو حيان ومثله باثني عشر واثنتي عشرة ونحو : لا غلامي لك

__________________

٨٥ ـ صدر البيت : (ما سدّ حيّ ولا ميت مسدّهما) ، وهو من البسيط ، وهو للفرزدق في تخليص الشواهد ص ٧٥ ، والخزانة ٨ / ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٨ ، وشرح المفصل ٥ / ١٤ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٢ / ٦٢٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤٩.

٨٦ ـ الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٦ ، والخزانة ١ / ٩٢ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٣٩ ، ١ / ٩١ ، وشرح التصريح ١ / ٧٨ ، والتاج ٩ / ٤٥٦ ، مادة (قذذ) ، والمقاصد النحوية ١ / ١٨٣ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٨٠.

٨٧ ـ البيت من الطويل ، وهو لتأبط شرا في ديوانه ص ٨٩ ، وجواهر الأدب ص ١٥٤ ، والخزانة ٧ / ٤٩٩ ، ٥٠٠ ، ٥٠٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٧٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٧٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٨٦ ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٠٥ ، ورصف المباني ص ٣٤٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٣٥٥.

١١٥

ولبيك وسعديك ودواليك وهذاذيك ، على أن الكاف فيها حرف خطاب لا ضمير ، وهو رأي الأعلم.

ولتقصير الصلة ، وسواء عند سيبويه والفراء صلة الألف واللام وما ثني أو جمع من الموصول كقوله :

٨٨ ـ خليليّ ما إن أنتما الصّادقا هوى

إذا خفتما فيه عذولا وواشيا

وقوله :

٨٩ ـ أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا

قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا

وقوله :

٩٠ ـ هما اللّتا لو ولدت تميم ...

قال الفراء : صارت الصلة عوضا عن النون ، وهم يحذفون مما طال في كلامهم ، وذهب المبرد إلى أن ذلك خاص باللذان واللتان لطول الاسم ، ولأنه لم يحفظ حذف النون في صلة الألف واللام من لسان العرب في المثنى ، والبيت المصدر به يحتمل أن يكون الحذف فيه للإضافة ، قال أبو حيان : لكنه قد سمع في الجمع ، وقياس المثنى على الجمع قياس جلي قال :

٩١ ـ الحافظو عورة العشيرة لا

__________________

٨٨ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شفاء العليل ص ١٣٧ ، وشرح التسهيل ١ / ٦٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٧٧.

٨٩ ـ البيت من الكامل ، وهو للأخطل في ديوانه ص ٣٨٧ ، والأزهية ٢٩٦ ، والاشتقاق ص ٣٣٨ ، والخزانة ٣ / ١٨٥ ، ٦ / ٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٦ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٢ ، وشرح المفصل ٣ / ١٥٤ ، ١٥٥ ، والكتاب ١ / ١٨٦ ، واللسان ، مادة (فلج ، حظا ، لذي) ، والمقتضب ٤ / ١٤٦ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٤٢.

٩٠ ـ الرجز للأخطل في الخزانة ٦ / ١٤ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢٥ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٣٠٣ ، وأوضح المسالك ١ / ١٤١ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٦٢.

٩١ ـ البيت من المنسرح ، وهو لعمرو بن امرىء القيس في الخزانة ٤ / ٢٧٢ ، ٢٧٤ ، ٢٧٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٢٧ ، وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه ص ١١٥ ، ٢٣٨ ، ولعمرو بن امرىء القيس أو لقيس بن الخطيم في اللسان ، مادة (وكف) ، ولشريح بن عمران أو لمالك بن العجلان في شرح أبيات سيبويه ١ / ٢٠٥ ، ولرجل من الأنصار في الخزانة ٦ / ٦ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٧٣.

١١٦

وقال :

٩٢ ـ وخير الطّالبي التّرة الغشوم

بنصب عورة والترة ، وخرج عليه : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) [الحج : ٣٥] بالنصب ، ومثل ابن مالك لحذفها من جمع الذي بقوله :

٩٣ ـ إن الذّي حانت بفلج دماؤهم

هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد

أي : الذين ، وقدح فيه باحتمال أنه أراد الجمع على حد قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ) [البقرة : ١٧] إلى أن قال : (بِنُورِهِمْ) ، وحذفها فيما عدا ذلك ضرورة كقوله :

٩٤ ـ أقول لصاحبي لمّا بدا لي

معالم منهما وهما نجيّا

أي : نجيّان ، وقوله :

٩٥ ـ لو كنتم منجدي حين استعنتكم

وجوزه الكسائي في السعة فيجوز عنده قام الزيدا بغير نون ، قال أبو حيان : ويشهد له ما سمع بيضك ثنتا وبيضي مائتا ، أي : ثنتان ومائتان ، قال : وينبغي أن يقيد مذهبه بأن لا يؤدي إلى الإلباس في المفرد كما في هذان وهاتان ، ومما تخرج على رأي الكسائي في الجمع قراءة : (غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) [التوبة : ٣] ، و (لَذائِقُوا الْعَذابِ) [الصافات : ٣٨] بالنصب ، وذهب الأخفش وهشام إلى أنها تحذف للطافة الضمير في نحو : ضارباك وأنه منصوب المحل ؛ لأن موجب النصب المفعولية وهي محققة ، وموجب الجر الإضافة وهي غير محققة ؛ إذ لا دليل عليها إلا حذف النون ولحذفها سبب آخر غير الإضافة وهو صون

__________________

٩٢ ـ البيت من الوافر ، وهو للوليد بن عقبة في حماسة البحتري ص ٣٠ ، واللسان ١٢ / ١٤٧ ، مادة (حلم) ، ص ٤٣٨ ، مادة (غشم) ، والمحتسب ٢ / ٨٠ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨٧٧.

٩٣ ـ البيت من الوافر ، وهو للأشهب بن رميلة في الخزانة ٦ / ٧ ، ص ٢٥ ، ٢٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥١٧ ، والكتاب ١ / ١٨٧ ، واللسان ، مادة (فلج ، لذا) والمؤتلف ص ٣٣ ، والمحتسب ١ / ١٨٥ ، ومعجم ما استعجم ص ١٠٢٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٨٢ ، والمقتضب ٤ / ١٤٦ ، والمنصف ١ / ٦٧ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٩٩ ، والخزانة ٢ / ٣١٥ ، ٦ / ١٣٣ ، ٨ / ٢١٠ ، ورصف المباني ٣٤٢ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٦٧.

٩٤ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في اللسان ١٥ / ٣٠٩ ، مادة (نجا) ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٦٩.

٩٥ ـ البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شفاء العليل ص ١٤٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٩٩.

١١٧

الضمير المتصل عن وقوعه منفصلا ، والذي قاله سيبويه والمحققون : إنه في محل جر بالإضافة.

(ص) وما سمي به من مثنى وجمع على حاله كالبحرين وعليين ، وقد يجرى المثنى كسلمان ، والجمع كغسلين أو هارون ، أو يلزم الواو وفتح النون ما لم يجاوزا سبعة.

(ش) إذا سمي بالمثنى والجمع فهو باق على ما كان عليه قبل التسمية من الإعراب بالألف والواو والياء كالبحرين أصله تثنية بحر ثم جعل علما لبلد ونحو : ورنكتين وكتابين علم موضع ، وعليين أصله جمع علي ثم سمي به أعلى الجنة ، قال تعالى : (لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) [المطففين : ١٨ ـ ١٩] ، وكذا صريفون وصفون ونصيبون وقنسرون وبيرون ودارون وفلسطون كلها أعلام أماكن منقولة من الجمع فترفع بالواو وتنصب وتجر بالياء ، قال زيد بن عدي :

٩٦ ـ تركنا أخا بكر ينوء بصدره

بصفّين مخضوب الجيوب من الدّم

وفي الأثر : «شهدت صفين ، وبئست صفون» (١) ، هذه اللغة الفصحى فيهما ، وفي المثنى لغة أخرى وهي إجراؤه كعمران وسلمان في التزام الألف وإعرابه على النون إعراب ما لا ينصرف ، وفي الجمع لغات أخرى :

أحدها : أن يجعل كغسلين في التزام الياء ، وجعل الإعراب في النون مصروفا.

الثانية : أن يجعل كهارون في التزام الواو وجعل الإعراب على النون غير مصروف للعلمية وشبه العجمة.

الثالثة : التزام الواو وفتح النون مطلقا.

وجعل المثنى كسلمان والجمع كغسلين أو هارون مشروط بأن لا يجاوزا سبعة أحرف ، فإن جاوزاها لم يعربا بالحركات.

__________________

٩٦ ـ البيت من الطويل ، وهو لزياد بن عدي بن حاتم في شرح التسهيل ١ / ٨١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٢٠.

(١) أخرجه البخاري ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس (٧٣٠٨).

١١٨

(ص) مسألة : قد يوضع كل من المفرد والمثنى والجمع موضع الآخر ، وقاسه الكوفيون وابن مالك بلا لبس ، والجمهور الجمع في نحو : رؤوس الكبشين بشرط إضافته إلى مثنى لفظا أو نية ، فإن فرق متضمناهما فخلاف.

(ش) الأصل في كلام العرب دلالة كل لفظ على ما وضع له فيدل المفرد على المفرد ، والمثنى على اثنين ، والجمع على جمع ، وقد يخرج عن هذا الأصل وذلك قسمان : مسموع ومقيس.

فالأول ما ليس جزءا مما أضيف إليه ، سمع : ضع رحالهما يريدون اثنين ، وديناركم مختلفة ، أي : دنانيركم ، وعيناه حسنة ، أي : حسنتان ، وقال امرؤ القيس :

٩٧ ـ بها العينان تنهلّ

أي : تنهلان ، وقال الآخر :

٩٨ ـ إذا ذكرت عيني الزّمان الذي مضى

بصحراء فلج ظلتّا تكفان

أي : عيناي ، وقال :

٩٩ ـ كلوا في بعض بطنكم تعفّوا

أي : بطونكم ، وقال :

١٠٠ ـ لأطعمت العراق ورافديه

__________________

٩٧ ـ البيت من الهزج ، وهو لامرىء القيس في ملحق ديوانه ص ٤٧٣ ، والخزانة ٧ / ٥٥٦ ، واللسان ١١ / ٢٦ ، مادة (ألل) ، وجمهرة اللغة ص ٥٩ ، وبلا نسبة في أمالي القالي ١ / ٤٢ ، والخزانة ٥ / ١٩٧ ، ٧ / ٥٥٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧١١.

٩٨ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٥٧٣ ، والصاحبي في فقه اللغة ٢٥٣ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٢٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠١٤.

٩٩ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٢٣ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٣١١ ، ٢ / ٢٥ ، ٣٨ ، وتخليص الشواهد ص ١٥٧ ، والخزانة ٧ / ٥٣٧ ، ٥٥٩ ، ٥٦٠ ، ٥٦٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٧٤ ، وشرح المفصل ٥ / ٨ ، ٦ / ٢١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٧٩.

١٠٠ ـ البيت من الوافر ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٣٨٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٩٠ ، واللسان والتاج وأساس البلاغة ، مادة (رفد ، حذذ) ، والسمط ص ٨٦٢ ، والحيوان ٥ / ١٩٧ ، والمقاييس ٢ / ٤٢١ ، وبلا نسبة في الحيوان ٦ / ٥١٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٨٠.

١١٩

أي : رافده ؛ لأن العراق ليس له إلا رافد واحد ، ومنه لبيك وإخوته فإنه لفظ مثنى وضع موضع الجمع ، قالوا : شابت مفارقه ، وليس له إلا مفرق واحد ، وعظيم المناكب وغليظ الحواجب والوجنات والمرافق وعظيمة الأوراك ، فكل هذا مسموع لا يقاس عليه ، وقاسه الكوفيون وابن مالك إذا أمن اللبس ، وهو ماش على قاعدة الكوفيين من القياس على الشاذ والنادر ، قال أبو حيان : ولو قيس شيء من هذا لالتبست الدلالات واختلطت الموضوعات.

والثاني ما أضيف إلى متضمنه وهو مثنى لفظا نحو : قطعت رؤوس الكبشين ، أي : رأسيهما ، أو معنى نحو :

١٠١ ـ كفاغري الافواه عند عرين

 ...

أي : كأسدين فاغرين أفواهما عند عرينهما ، فإن مثل ذلك ورد فيه الجمع والإفراد والتثنية ، فمن الأول قوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] ، وقرأ ابن مسعود : والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما [المائدة : ٣٨] ، ومن الإفراد قراءة الحسن : بدت لهما سواتهما [الأعراف : ٢٢] ، ومن التثنية قراءة الجمهور : سوءاتهما ، فطرد ابن مالك قياس الجمع والإفراد أيضا لفهم المعنى ، وخص الجمهور القياس بالجمع ، وقصروا الإفراد على ما ورد ، وإنما وافق الجمهور على قياس الجمع كراهة اجتماع تثنيتين مع فهم المعنى ، ولذلك شرط ألا يكون لكل واحد من المضاف إليه إلا شيء واحد ؛ لأنه إن كان له أكثر التبس فلا يجوز في قطعت أذني الزيدين الإتيان بالجمع ولا الإفراد للإلباس ، ومن أمثلة ذلك :

١٠٢ ـ حمامة بطن الواديين ترنّمي

أي : بطني.

١٠٣ ـ بما في فؤادينا من الهمّ والهوى

__________________

١٠١ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في حاشية ياسين ٢ / ١٢٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤٢.

١٠٢ ـ البيت من الطويل ، وهو للشماخ في ديوانه ص ٤٣٨ ، ٤٤٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٨٦ ، وللمجنون في ديوانه ص ١١٣ ، ولتوبة بن الحمير في الأغاني ١١ / ١٩٨ ، وأمالي القالي ١ / ٨٨ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٠٣ ، والمقرب ٢ / ١٢٩ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٩٧.

١٠٣ ـ البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٥ ، وجمهرة أشعار العرب ص ٨٧٨ ، والكتاب ٣ / ٦٢٣ ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ١٥٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٧٣.

١٢٠