البلدان

أحمد بن أبي يعقوب اسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح [ اليعقوبي ]

البلدان

المؤلف:

أحمد بن أبي يعقوب اسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح [ اليعقوبي ]


المحقق: محمّد أمين الضنّاوي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3419-1
الصفحات: ٢٢٤

وافتتحت آذربيجان سنة اثنتين وعشرين ، افتتحها المغيرة بن شعبة الثقفي (١) في خلافة عثمان بن عفان (٢). وخراجها أربعة آلاف ألف درهم يزيد في سنة وينقص في أخرى.

__________________

ـ الحمّيّات العتيقة قلعها ، وإلى جانبه نهر الرّسّ ، وبها رمّان عجيب ليس في جميع الدنيا مثله ، وبهاتين عجيب ، وزبيبها يجفف في التنانير لأنه لا شمس عندهم لكثرة الضباب ، ولم تصح السماء عندهم قطّ ، وعندهم كبريت قليل يجدونه قطعا على الماء ، ويسمّن النساء إذا شربنه مع الفتيت. (معجم البلدان ج ١ / ص ٤٣٠).

(١) المغيرة بن شعبة الثقفي : هو أحد دهاة العرب وقادتهم وولاتهم ، صحابي ، يقال له : مغيرة الرأيّ ، ولد في الطائف سنة ٢٠ ق. ه / ٦٠٣ م ، وبرحها في الجاهلية مع جماعة من بني مالك فدخل الإسكندرية وافدا على المقوقس ، وعاد إلى الحجاز ، فلما ظهر الإسلام تردّد في قبوله إلى أن كانت سنة ٥ ه‍ فأسلم ، شهد الحديبية ، واليمامة ، وفتوح الشام ، وذهبت عينه باليرموك ، وشهد القادسية ، ونهاوند ، وهمذان ، وولّاه عمر بن الخطاب على البصرة ، ففتح بلادا عدّة ، وعزله ، ثم ولّاه الكوفة ، وأقرّه عثمان على الكوفة ، ثم عزله ، ولما حدثت الفتنة بين علي ومعاوية اعتزلنها المغيرة ، وحضر مع الحكمين ، ثم ولّاه معاوية الكوفة فلم يزل فيها إلى أن مات سنة ٥٠ ه‍ / ٦٧٠ م ، قال الشعبي : دهاة العرب أربعة : معاوية للأناة ، وعمرو بن العاص للمعضلات ، والمغيرة للبديهة ، وزياد بن أبيه للصغير والكبير ، وللمغيرة ١٣٦ حديثا ، وهو أول من وضع ديوان البصرة ، وأول من سلّم عليه بالإمرة في الإسلام.

(٢) عثمان بن عفّان : هو عثمان بن عفّان بن أبي العاص بن أمية ، من قريش ، أمير المؤمنين ، ذو النورين ، ثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشّرين ، من كبار الرجال الذين اعتزّ بهم الإسلام في عهد ظهوره ، ولد بمكة سنة ٤٧ ق. ه / ٥٧٧ م ، وأسلم بعد البعثة بقليل ، وكان غنيا شريفا في الجاهلية ، ومن أعظم أعماله في الإسلام تجهيزه نصف جيش العسرة بماله ، فبذل ثلاثمائة بعير بأقتابها وأحلاسها وتبرّع بألف دينار ، وصارت إليه الخلافة بعد وفاة عمر بن الخطّاب سنة ٢٣ ه‍ ، فافتتحت في أيامه أرمينية ، والقوقاز ، وخراسان ، وكرمان ، وسجستان ، وأفريقيا ، وقبرس ، وأتمّ جمع القرآن ، وكان أبو بكر قد جمعه وأبقى ما بأيدي الناس من الرقاع ، والقراطيس ، فلما ولي عثمان طلب مصحف أبي بكر فأمر بالنسخ عنه وأحرق كلّ ما عداه ، وهو أول من زاد في المسجد الحرام ، ومسجد الرسول ، وقدم الخطبة في العيد على الصلاة ، وأمر بالأذان الأول يوم الجمعة ، واتّخذ الشرطة وأمر بكل أرض جلا أهلها عنها أن يستعمرها العرب المسلمون وتكون لهم ، واتّخذ دارا للقضاء بين الناس ، وكان أبو بكر وعمر يجلسان للقضاء في المسجد وروى عن النبي ١٤٦ حديثا ، نقم عليه الناس اختصاصه أقاربه من بني أمية بالولايات والأعمال ، فجاءته الوفود من الكوفة والبصرة ومصر ، فطلبوا منه عزل أقاربه ، فامتنع فحصروه في داره يراودونه على أن يخلع نفسه ، فلم يفعل ، فحاصروه أربعين يوما ، وتسوّر عليه بعضهم الجدار فقتلوه صبيحة عيد الأضحى وهو يقرأ القرآن في بيته ، بالمدينة ، ولقّب بذي النورين لأنه تزوّج بنتي النبي صلّى الله عليه وسلّم : رقيّة ، ثم أم كلثوم.

٨١

همذان

ومن أراد من الدينور إلى مدينة همذان (١) خرج من مدينة الدينور إلى موضع يقال له : محمد أباذ (٢) مرحلتين ، ومن محمد أباذ إلى همذان مرحلتان.

وهمذان بلد واسع جليل القدر كثير الأقاليم والكور ، وافتتح سنة ثلاث وعشرين ، وخراجه ستة آلاف ألف درهم وهو الذي يسمى : ماه البصرة ، كان خراجه يحمل في أعطيات أهل البصرة.

وشرب أهلها من عيون وأودية تجري شتاء وصيفا وبعضها يجري إلى السوس (٣) من كور الأهواز ، ثم يمر إلى دجيل (٤) نهر الأهواز إلى مدينة الأهواز (٥).

__________________

(١) همذان : بالتحريك ، سمّيت بهذا الاسم نسبة إلى همذان بن الفلّوج بن سام بن نوح ، عليه السّلام ، وهمذان وأصبهان أخوان بنى كلّ واحد منهما بلدة ، ووجد في بعض كتب السريانيين في أخبار الملوك والبلدان أن الذي بنى همذان يقال له كرميس بن حليمون ، وذكر بعض علماء الفرس أن اسم همذان إنما كان «نادمه» ومعناه المحبوبة ، وروي عن شعبة أنه قال : الجبال عسكر ، وهمذان معمعتها ، وهي أعذبها ماء ، وأطيبها هواء ، وقال ربيعة بن عثمان : كان فتح همذان في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من مقتل عمر بن الخطّاب ، رضي الله عنه ، وكان الذي فتحها المغيرة بن شعبة سنة ٢٤ ه‍ ، وفي خبر آخر أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وجّه المغيرة بن شعبة وهو عامله على الكوفة بعد عزل عمار بن ياسر عنها وجرير بن عبد الله البجلي إلى همذان في سنة ٢٣ ه‍ ، فقاتله أهلها وأصيبت عينه بسهم ، لكنه غلب على أرضها قسرا. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٤٧١).

(٢) محمد أباذ : قرية على باب نيسابور بينهما فرسخ. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٧٧).

(٣) السوس : بضم أوله ، بلدة في خوزستان فيها قبر دانيال النبي عليه السّلام ، قال حمزة : السوس تعريب الشوش ، ومعناه الحسن ، والنزه ، والطيب ، واللطيف قال ابن المقفع : أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وتستر ولا يدرى من بنى سور السوس ، قال ابن الكلبي : السوس بن سام بن نوح ، عليه السّلام ، وقرأت في بعض كتبهم أن أول من بنى كور السوس وحفر نهرها أردشير بن بهمن القديم بن أسفنديار بن كشتاسف. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٣١٩).

(٤) دجيل : اسم نهر في موضعين أحدهما مخرجه من أعلى بغداد بين تكريت وبينها مقابل القادسية دون سامرّاء فيسقي كورة واسعة وبلادا كثيرة ، وقيل : هي قناة من دجلة كان أبو جعفر المنصور حين بنى بغداد أخرج من دجلة دجيلا ليسقي تلك القرى كلها ، حفرها في دجلة في عقود وثيقة من أسفلها محكمة بالصاروج والآجر من أعلاها معقودة وعليها عقد وثيق ، وسمّاها دجيلا. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٥٠٥).

(٥) الأهواز : جمع هوز : وأصله حوز ، فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرّتها حتى أذهبت ـ

٨٢

نهاوند

ومن همذان إلى نهاوند (١) مرحلتان ، ونهاوند مدينة جليلة كان فيها اجتماع الفرس لما لقيهم النعمان بن مقرن المزني سنة إحدى وعشرين (٢).

ولها عدة أقاليم ، يسكنها أخلاط من العرب والعجم. وخراجها سوى مال الضياع ألفا ألف درهم.

الكرج

ومن نهاوند إلى مدينة الكرج (٣) مرحلتان ، والكرج منازل عيسى بن إدريس بن معقل بن شيخ بن عمير العجلي أبي دلف.

ولم تكن في أيام الأعاجم مدينة مشهورة وإنما كانت في عدد القرى العظام من رستاق يسمى (قائقا) من كورة أصبهان ، منها إلى مدينة أصبهان ستون فرسخا فنزلها العجليون (٤) فبنوا الحصون والقصور ، فقصورها تنسب إلى أبي دلف وأخوته وأهل

__________________

ـ أصلها جملة ، لأن في كلام الفرس حاء مهملة ، وإذا تكلّموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاء ، فقالوا في حسن هسن ، وفي محمّد مهمّد ، ثم تلقّفها منهم العرب فقلبت بحكم الكثرة في الاستعمال ، وعلى هذا يكون الأهواز اسما عربيا سمّي به في الإسلام ، وكان اسمها في أيام الفرس خوزستان ، وفي خوزستان مواضع يقال لكل واحد منها خوز. وهي إنما اسم لسوق الأهواز. (معجم البلدان ، ج ١ / ص ٣٣٨).

(١) نهاوند : بفتح النون الأولى وكسرها ، والواو مفتوحة ، هي مدينة عظيمة في قبلة همذان بينهما ثلاثة أيام ، قال أبو المنذر هشام : سمّيت نهاوند لأنهم وجدوها كما هي ، ويقال إنها من بناء نوح ، عليه السّلام ، أي نوح وضعها إنما اسمها نوح أوند فخفّضت وقيل نهاوند ، وقال حمزة : أصلها بنو هاوند فاختصروا منها ، ومعناه الخير المضاعف. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٣٦١).

(٢) كان فتحها في هذه السنة على يد النعمان بن مقرن المزني وذلك في أيام الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(٣) الكرج : بفتح أوله وثانيه ، وهي فارسية وأهلها يسمّونها كره ، وهي رستاق يقال له فاتق ، وفاتق عرّب به هفته ، فأما مجازه في العربية فالكرج من قولهم : تكرّج الخبز إذا أصابه الكرج وهو الفساد ، وهي مدينة بين همذان وأصبهان في نصف الطريق ، وإلى همذان أقرب. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٥٠٦).

(٤) العجليّون : نسبه إلى عيسى بن إدريس بن معقل بن شيخ بن عمير العجلي أبي الدلف.

٨٣

بيته ، وأضيف إليها أربعة رساتيق ، فأحدها يقال له : الفائقين ، وجابلق ، وبرقروذ.

والكرج بين أربعة جبال عامرة بالضياع والمزارع والقرى وأنهار مطردة وعيون جارية.

وأهلها قوم من العجم إلا من كان من آل عيسى بن إدريس العجلي ومن انضوى إليهم من سائر العرب.

وكان خراج الكرج ثلاثة آلاف ألف وأربعمائة ألف مقاطعة ، فيها من الرساتيق ألف ألف درهم ، ومن الأشربة أربعمائة ألف ثم انتقص ذلك في أيام الواثق فبلغ ثلاثة آلاف ألف وثلاثمائة ألف درهم.

قمّ وما يضاف إليها

ومن أراد إلى قمّ (١) خرج من مدينة همذان كالمشرق فسار في رساتيق همذان ، ومن مدينة همذان إلى مدينة قمّ خمس مراحل.

ومدينة قمّ الكبرى يقال : لها منيجان وهي جليلة القدر ، يقال إنّ فيها ألف درب ، وداخل المدينة حصن قديم للعجم ، وإلى جانبها مدينة يقال لها : كمندان (٢) ، ولها وادي يجري فيه الماء بين المدينتين عليه قناطر معقودة بحجارة يعبر عليها من مدينة منيجان إلى مدينة كمندان.

وأهلها الغالبون عليها قوم من مذحج (٣) ، ثم من الأشعريين (٤) ، وبها عجم قدم

__________________

(١) قمّ : بالضم وتشديد الميم ، وهي كلمة فارسية تذكر مع قاشان ، وهي مدينة إسلامية مستحدثة لا أثر للأعاجم فيها ، وأوّل من مصّرها طلحة بن الأحوص الأشعري ، وبها آبار ليس في الأرض مثلها عذوبة وبردا ، ويقال : إن الثلج ربما خرج منها في الصيف ، وأبنيتها بالآجر ، وفيها سراديب في نهاية الطيب ، ومنها إلى الرّيّ مفازة سبخة فيها رباطات ، ومناظر ، ومسالح ، وفي وسط هذه المفازة حصن عظيم عادي يقال له : دير كردشير. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٥٠).

(٢) كمندان : هو اسم قمّ في أيام الفرس ، فلما فتحها المسلمون اختصروا اسمها قمّا. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٥٤٥).

(٣) مذحج : هم قبيلة مذحج بن كهلان بن سبأ من العرب العاربة ، وهم عرب اليمن. (صبح الأعشى ج ٤ / ص ٢٢١).

(٤) الأشعريّون : من بني الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ، قال ـ

٨٤

وقوم من الموالي يذكرون أنهم موال لعبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، ولها نهران أحدهما في أعلى المدينة يعرف برأس المور ، والآخر في أسفل المدينة يعرف بفوروز وهما من عيون تجري في قنوات محفورة وهي في مرج واسع مقدار عشرة فراسخ ثم تصير إلى جبالها فمنها جبل يعرف برستاق سرداب وجبل يعرف بالملاحة ، ولها اثنا عشر رستاقا (١) : رستاق ستارة ، ورستاق كرزمان ، ورستاق الفراهان (٢) ، ورستاق وره (٣) ، ورستاق طيرس ، ورستاق كوردر ، ورستاق وردراه ، ورستاق سرداب ، ورستاق برآوستان (٤) ، ورستاق براحة ، ورستاق قارص ، ورستاق هندجان.

وأكثر شرب أهل المدينة في الصيف من الآبار ، والطرق تتشعب منها إلى الرّيّ وإلى أصبهان وإلى الكرج وإلى همذان ، وخراجها أربعة آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم.

أصبهان

ومن قمّ إلى أصبهان ستون فرسخا تكون ست مراحل ، ولأصبهان مدينتان يقال لإحداهما : جي (٥) ، والمدينة الأخرى يقال لها : اليهودية (٦) ، وأهلها أخلاط من الناس

__________________

ـ وسمّي الأشعر لأن أمه ولدته وهو أشعر ، وهم رهط أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

(١) رستاق : هو الرّزداق بالضمّ : السواد والقرى ، فارسية الأصل معرّبة. الرّستا ، والرّزدق هو الصف من الناس والسطر من النخل. (القاموس المحيط ، مادة : الرّزداق).

(٢) الفراهان : من رساتيق همذان على المياه ، وفيها ملّاحة. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٢٧٩).

(٣) وره : بلدة بنواحي طالقان. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٤٣١).

(٤) برآوستان : من قرى قمّ ، منها الوزير مجد الملك أبو الفضل أسعد بن محمد البراوستاني ، وزير السلطان بركيارق بن ملكشاه. (معجم البلدان ج ١ / ص ٤٣٧).

(٥) جيّ : اسم مدينة ناحية أصبهان القديمة ، وتسمى عند العجم شهرستان ، وعند المحدثين المدينة. هي على شاطىء نهر زندروذ. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٢٣٥).

(٦) اليهودية : نسبة إلى اليهود في موضعين : أحدهما بجرجان والآخر بأصبهان ، قال أهل السير : لما أخرجت اليهود من البيت المقدّس في أيام بخت نصر سيقوا إلى العراق فحملوا معهم من تراب البيت المقدس ومن مائه ، فكانوا لا ينزلون منزلا ولا يدخلون مدينة إلّا وزنوا ماءها وترابها فما زالوا كذلك حتى دخلوا أصبهان ، فنزلوا بموضع منها يقال له بنجار ، وهي كلمة عبرانية معناها انزلوا فنزلوا ووزنوا الماء والطين الذي في ذلك الموضع ، فكان مثل الذي معهم من تراب البيت المقدّس ومائه فعنده اطمأنوا وأخذوا في العمارات والأبنية وتوالدوا ـ

٨٥

وعربها قليل ، وأكثر أهلها عجم من أشراف الدهاقين وبها قوم من العرب انتقلوا إليها من الكوفة والبصرة من ثقيف (١) ، وتميم (٢) ، وبني ضبة (٣) ، وخزاعة (٤) ، وبني حنيفة (٥) ، ومن بني عبد القيس (٦) وغيرهم.

ويقال : إن سلمان الفارسي (٧) رحمة الله عليه كان من أهل أصبهان ، ومن قرية

__________________

ـ وتناسلوا وسمّي المكان بعد ذلك اليهودية ، وهو موضع إلى جنب جيّ. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٥١٨).

(١) ثقيف : هم رهط الحجاج بن يوسف والي العراق في عهد بني أمية ، وهم بطن من هوازن ، وهم بنوا قسيّ بن منبه بن بكر بن هوازن ، ويقال : إنهم من إياد بن نزار ، وعن بعض النّسابة أن ثقيفا من بقايا ثمود ، كان الحجاج بن يوسف ينكر ويقول كذبوا. قال في العبر : وثقيف بطن واسع ، وكانت منازلهم بالطائف. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٣٩٧).

(٢) تميم : قبيلة من العدنانية ، لغتها العربية حجّة بين لغات القبائل ، أنجبت أعظم شعراء الجاهلية ، ومنهم جرير والفرزدق وهم بنو تميم بن مرّ بن مراد بن طابخة ، قال في العبر : وكانت منازلهم بأرض نجد دائرة من هنالك على البصرة واليمامة ، وامتدت إلى العذيب من أرض الكوفة ، ثم تفرّقوا بعد ذلك في الحواضر. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٤٠١).

(٣) بنو ضبّة : من قبائل طابخة ، قال في العبر : وكانت ديارهم بالناحية الشمالية من نجد بجوار بني تميم ، ثم انتقلوا في الإسلام إلى العراق ، وهم الذين قتلوا المتنبي. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٤٠١).

(٤) خزاعة : قبيلة عربية من الأزد ارتحلت إلى الشمال إثر تصدّع سدّ مأرب ، كانت لهم سدانة الكعبة بمكة إلى أن انتزعها منهم قصيّ. (المنجد في اللغة والأعلام).

(٥) بنو حنيفة : وهم بطن من بكر بن وائل ، رهط مسيلمة الكذّاب الذي تنبّأ في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، قتل مسيلمة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وهم بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٣٩٤).

(٦) بنو عبد القيس : وهم بطن من جديلة ، وهم بنو عبد القيس بن أقصى بن دعميّ بن جديلة ، قال في العبر : وكانت ديارهم بتهامة حتى خرجوا إلى البحرين وزاحموا من بها من بكر بن وائل وتميم ، وقاسموهم المواطن ، والنسبة إليهم عبديّ ، ومنهم من ينسب إليهم عبديّ قيسي وبعضهم يقول : عبقسي ، ومن عبد القيس هؤلاء : الأشجّ. الذي قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : «إن فيك لخصلتين يحبّهما الله : الحلم والأناة».

(٧) سلمان الفارسي : صحابي من مقدميهم ، كان يسمّي نفسه سلمان الإسلام ، أصله من مجوس أصبهان ، عاش عمرا طويلا ، واختلفوا في ما كان يسمّى به في بلاده ، وقالوا : نشأ في قرية جيان ، ورحل إلى الشام ، فالموصل ، فنصيبين ، فعمورية ، وقرأ كتب الفرس ، والروم ، واليهود ، وقصد بلاد العرب ، فلقيه ركب من بني كلب فاستخدموه ، ثم استعبدوه فباعوه ، فاشتراه رجل في قريظة فجاء به إلى المدينة ، وعلم سلمان بخبر الإسلام ، فقصد النبي صلّى الله عليه وسلّم بقباء وسمع كلامه ، ولازمه أياما ، وأبى أن يتحرّر بالإسلام ، فأعانه المسلمون على شراء نفسه ـ

٨٦

يقال لها جيان (١) فيما يقول أهل أصبهان إدارة. ولأهل أصبهان مياه كثيرة من أودية وعيون تجري إلى الأهواز من أصبهان إلى تستر (٢) ، ثم إلى مناذر (٣) الكبرى ، ثم إلى مدينة الأهواز.

وافتتحت أصبهان سنة ثلاث وعشرين ومبلغ خراجها عشرة آلاف درهم ، ولها من الرساتيق : رستاق جي وفيه المدينة ، ورستاق برآن (٤) ، وأهلها دهاقين لا يخالطهم غيرهم ، ورستاق برخار (٥) فيه قوم من الدهاقين أيضا ، ورستاق رويدشت (٦) وهو الحد بين أصبهان وبين كورة من كور فارس يقال لها : يزد (٧) ،

__________________

ـ من صاحبه ، فأظهر إسلامه ، وكان قوي الجسم ، صحيح الرأي ، عالما بالشرائع وغيرها ، وهو الذي دلّ المسلمين على حفر الخندق ، في غزوة الأحزاب ، حتى اختلف عليه المهاجرون والأنصار ، كلاهما يقول : سلمان منا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : «سلمان منا أهل البيت» ، وسئل علي فقال : امرؤ منا وإلينا أهل البيت! من لكم بمثل لقمان الحكيم ، علم العلم الأول والكتاب الآخر ، وكان بحرا ، وجعل أميرا على المدائن ، فأقام فيها إلى أن توفي سنة ٣٦ ه‍ / ٦٥٦ م وكان إذا خرج عطاؤه تصدّق به ، ينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده ، له في كتب الحديث ٦٠ حديثا.

(١) جيان : مدينة لها كورة واسعة بالأندلس تتّصل بكورة ألبيرة بينها وبين قرطبة سبعة عشر فرسخا ، وهي كورة كبيرة تجمع قرى كثيرة وبلدانا. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٢٢٦).

(٢) تستر : أعظم مدينة بخوزستان اليوم ، وهو تعريب شوشتر ، وقال الزجاجي : سميت بذلك لأن رجلا من بني عجل يقال له تستر بن نون افتتحها فسمّيت به وليس بشيء ، والصحيح ما ذكره حمزة الأصبهاني قال : الشوشتر مدينة بخوزستان ، تعريب شوش بإعجام الشينين ، ومعناه النزه والحسن والطيّب واللطيف. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٣٤).

(٣) مناذر : إن كان عربيا فهو جمع منذر ، وهو من أنذرته بالأمر أي أعلمته به ، والأصح أنه أعجمي ، قال الأزهري : اسم قرية واسم رجل ، هو محمد بن مناذر الشاعر ، والمناذر بلدتان في نواحي خوزستان ، مناذر الكبرى ومناذر الصغرى أول من كوره وحفر نهره أردشير بن بهمن الأكبر بن أسفنديار بن كشتاسب ، وهي كورة من كور الأهواز. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٢٣٠).

(٤) برآن : قرية من نواحي أصبهان ، منها أبو بكر ذاكر بن محمد بن عمر بن سهل الجاري البرآني. (معجم البلدان ج ١ / ص ٤٣١).

(٥) برخار : أو برخوار من نواحي أصبهان تشتمل على قرى عدّة. (معجم البلدان ج ١ / ص ٤٤٦).

(٦) رويدشت : قلعة حصينة من أعمال أذربيجان قرب تبريز. (معجم البلدان ج ٣ / ص ١١٩).

(٧) يزد : مدينة متوسّطة بين نيسابور ، وشيراز ، وأصبهان ، معدودة في أعمال فارس ، ثم من كورة إصطخر ، بينها وبين شيراز سبعون فرسخا ، يصنع فيها الحرير السندس في غاية الحسن ـ

٨٧

ورستاق البران (١) ، ورستاق ميرين ، ورستاق القامدان وفيه الأكراد وأخلاط من العجم ليسوا من الشرف كغيرهم ، ومنه خرجت الخرمية (٢) وهو الحد بين عمل أصبهان وعمل الأهواز ، ورستاق فهمان وفيه الأكراد أيضا والخرمية ، ورستاق فريدين ، وبه العجم السفلة الذين يسمّيهم أشراف عجم أصبهان الليية ، ورستاق الرادميلة ، ورستاقا سردقاسان وجرمقاسان فيهما أشراف من الدهاقين ، وقوم من العرب من أهل اليمن من همدان وهما الحد بين عمل أصبهان ، وقمّ ، ورستاق أردستان (٣) به جلة من الدهاقين.

ويقال : إن بهذا الموضع ولد كسرى أنوشروان ، ورستاقا التيمري وهما رستاقان يسكنهما قوم من العرب من بني هلال (٤) وغيرهم من بطون قيس وهو الحد بين عمل أصبهان والكرج.

__________________

ـ والصفاقة ، يحمل منها إلى سائر البلاد. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٤٩٨).

(١) برّان : من قرى بخارى ، ويقال لها فوران على خمسة فراسخ من بخارى. (معجم البلدان ج ١ / ص ٤٣٧).

(٢) الخرميّة : هي الطائفة التي تدعى المسلميّة القائلة بدعوة أبي مسلم الخراساني وإمامته ، وبابك الخرميّ أحد الثوار على المأمون ، وكان خرج من بلاد أذربيجان ، والران ، والبيلقان ، في سنة إحدى ومائتين ، والخرمية قوم من أعداء المسلمين يدينون بالوثنيّة ورئيسهم بابك ، قتلوا من المسلمين آلاف عدّة.

قال الفضل بن مروان : إن أبا مسلم داعي بني العباس وبابك الخرمي قتلا ثلاثة آلاف ألف وخمسمائة ألف إنسان ، وإن ذلك مثبت في الجرائد باسم قرية قرية وناحية ناحية ووقعة وقعة. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٤١٤).

(٣) أردستان : مدينة بين قاشان وأصبهان ، وهي على طرف مفازة كركسكوه ، وبناؤها آزاج ، ولها دور وبساتين نزهات كبار ، وهي مدينة عليها سور ، ولها سور في كل محلّة ، وفي وسط حصن منها بيت نار ، يقال إن أنو شروان ولد بها ، أهلها كلهم أصحاب رأي ، ولهم رساتيق كثيرة كبار ، ترفع منها الثياب الحسنة وتحمل إلى الآفاق ، وينسب إليها طائفة كثيرة من أهل العلم في كلّ فن. (معجم البلدان ج ١ / ص ١٧٥).

(٤) بنو هلال : هم من بني عامر بن صعصعة ، قال الحمداني : كان لهم بلاد صعيد مصر كلها.

وذكرهم ابن سعيد : في عرب برقة ، وقال منازلهم فيما بين مصر وأفريقيا ، قال في العبر : وكانت رياستهم أيام الحاكم العبيدي ، وهو الحاكم بأمر الله الفاطمي ، لماضي بن مقرب ، ولما بايعوا لأبي ركوة بالمغرب وقتله الحاكم ، سلّط عليهم الجيوش والعرب فأفناهم وانتقل من بقي منهم إلى المغرب الأقصى فهم من بني جشم هناك. وذكر الحمداني أن بحلب طائفة منهم ، ثم صارت لهم بلاد أسوان وما تحتها. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٣٩٤).

٨٨

الرّيّ

ومن كان قصده إلى الرّيّ (١) خرج من مدينة الدينور إلى قزوين ثم سار من قزوين ثلاث مراحل على جادة الطريق والرّيّ على جادة طريق خراسان (٢).

واسم مدينة الرّيّ المحمّدية ، وإنما سمّيت بهذا الاسم لأن المهدي نزلها في خلافة المنصور لما توجّه إلى خراسان لمحاربة عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي وبناها ، وبها ولد الرشيد لأن المهدي أقام بها عدة سنين ، وبنى بها بناء عجيبا ، وأرضع نساء الوجوه من أهلها الرشيد ، وأهل الرّيّ أخلاط من العجم وعربها قليل.

افتتح الرّيّ قرظة بن كعب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب سنة ثلاث

__________________

(١) الرّيّ : مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن ، كثيرة الفواكه والخيرات ، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال ، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ، ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ، ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا. وفي بعض كتب التاريخ الفارسي أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخّر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ، ثم ألقته فوقع في بحر جرجان ، فلما قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل ، فلما وصل إلى موضع الرّيّ قال الناس : بريّ آمد كيخسرو ، واسم العجلة بالفارسية ريّ ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسمّيت الرّيّ بذلك ، وقال العمراني : الرّيّ بلد بناه فيروز بن يزدجرد وسمّاه رام فيروز ، ثم ذكر الرّيّ المشهورة بعدها وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمّق ، المحكم ، الملمّع بالزرقة ، مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض ، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء ، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها. (معجم البلدان ج ٣ / ص ١٣٢).

(٢) خراسان : بلاد واسعة ، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين ، وبيهق وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان ، وسجستان ، وكرمان ، وتشتمل على أمهات من البلاد منها نيسابور ، وهراة ، ومرو ، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة ، ومنها صلحا. وقد اختلف في تسميتها بذلك ، فقال دغفل النّسابة : خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح ، عليهما السّلام ، لما تبلبلت الألسن ببابل ، فنزل كل واحد منهم في البلد المنسوب إليه ، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة ، وهو ما وراء نهر جيحون ، ونزل خراسان في البلاد التي ذكرت في بداية الحديث عن خراسان في هذا الهامش ، فسميت كلّ بقعة بالذي نزلها ، وقيل : خر ، اسم للشمس بالفارسية الدّريّة ، وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه. وقيل : معناه كل سهلا ، لأن معنى خر : كل ومعنى أسان : سهل ، والله أعلم. وأما بالنسبة إليها ففيها لغات : الخرسي ، الخراساني وتجمع على خراسين. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٤٠١).

٨٩

وعشرين. وشرب أهلها من عيون كثيرة وأودية عظام.

وبها واد عظيم يأتي من بلاد الديلم يقال له نهر موسى ولكثرة مياه البلد كثرت ثماره ، وأجنّته ، وأشجاره.

وله رساتيق ، وأقاليم ، وبه ضياع إسحاق بن يحيى بن معاذ ، وضياع ابن أبي عباد ثابت بن يحيى كاتب المأمون وهما جميعا من أهل الرّيّ. ومبلغ خراجه عشرة آلاف ألف درهم.

قومس

من الرّيّ إلى قومس (١) على جادة الطريق والخط الأعظم اثنتا عشرة مرحلة بعضها في عمارة ، وبعضها في مفاوز ، وقومس بلد واسع جليل القدر واسم المدينة الدامغان (٢) ، وهي أول مدن خراسان.

افتتحه عبد الله بن عامر بن كريز (٣) في خلافة عثمان بن عفان سنة ثلاثين ، وأهلها

__________________

(١) قومس : هي كورة كبيرة واسعة تشتمل على مدن ، وقرى ، ومزارع وهي في ذيل جبال طبرستان ، وقصبتها المشهورة دامغان ، وهي بين الرّيّ ونيسابور ، ومن مدنها المشهورة بسطام ، وبيار. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٧٠).

(٢) الدامغان : بلد كبير بين الرّيّ ونيسابور ، وهو قصبة قومس ، قال مسعر بن مهلهل : الدامغان مدينة كثيرة الفواكه ، وفاكهتها نهاية في الطيب ، والرياح لا تنقطع بها ليلا ولا نهارا ، وبها مقسم للماء كسروي عجيب ، يخرج ماؤه من مغارة في الجبل ، ثم ينقسم إذا انحدر عنه على مائة وعشرين قسما ، وعشرين رستاقا لا يزيد قسم على صاحبه. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٤٩٣).

(٣) عبد الله بن عامر بن كريز الأموي ، أبو عبد الرحمن ، أمير ، فاتح. ولد بمكة سنة ٤ ه‍ / ٦٢٥ م وولي البصرة في أيام عثمان بن عفان سنة ٢٩ ه‍ ، فوجّه جيشا إلى سجستان فافتتحها صلحا ، وافتتح الداور ، وبلادا من دار أبجرد وهاجم مرو الروذ فافتتحها ، وبلغ سرخس فانقادت له ، وفتح أبرشهر عنوة ، وطوس ، وطخارستان ، ونيسابور ، وأبيورد ، وبلخ ، والطالقان ، والفارياب. وافتتحت له رساتيق هراة ، وآمل ، وبست ، وكابل. وقتل عثمان وهو على البصرة ، وشهد وقعة الجمل مع عائشة ، ولم يحضر وقعة صفين ، وولاه معاوية البصرة ثلاث سنين بعد اجتماع الناس على خلافته ، ثم صرفه عنها ، فأقام بالمدينة ومات بمكة سنة ٥٩ ه‍ / ٦٧٩ م ، ودفن بعرفات ، كان شجاعا سخيا وصولا لقومه ، رحيما ، محبا للعمران ، اشترى كثيرا من دور البصرة وهدمها فجعلها شارعا ، وهو أول من اتّخذ الحياض بعرفة في الحجاز ، وأجرى إليها العين ، وسقى الناس الماء ، قال الإمام علي رضي الله عنه : ابن عامر سيّد ـ

٩٠

قوم عجم وأحذق قوم يعملون أكسية الصوف القومسية الرفيعة. وخراجه يبلغ ألف ألف وخمسمائة ألف درهم ، إلا أنه يدخل في خراج خراسان.

وأما البلد الذي يلي بحر الديلم من خراسان فمن الرّيّ إلى طبرستان ، ومدينة طبرستان سارية من الرّيّ إليها سبع مراحل.

طبرستان

وإلى مدينة طبرستان (١) الثانية وهي التي يقال لها آمل مرحلتان ، ومدينة آمل على بحر الديلم.

وطبرستان بلد منفرد له مملكة جليلة ولم يزل ملكه يسمى : الأصبهبذ (٢) ، وهي بلد المازيار الذي كان يكتب إلى الخلفاء إلى المأمون وإلى المعتصم : من جيل جيلان أصبهبذ خراسان المازيار محمد بن قارن موالي أمير المؤمنين لا يقول مولى أمير المؤمنين.

وهو بلد كثير الحصون منيع بالأودية ، وأهله أشراف العجم أبناء ملوكهم ، وهم أحسن قوم وجوها.

يقال : إن كسرى يزدجر خلف بن جواريه فحسنت وجوه أهله من قبل أولئك الجواري لأن أهل طبرستان أولادهن.

وخراج البلد أربعة آلاف ألف درهم يعمل به الفرش الطبري والأكسية الطبرية.

__________________

ـ فتيان قريش. ولما بلغ معاوية نبأ وفاته ، قال : يرحم الله أبا عبد الرحمن ، بمن نفاخر ونباهي.

(١) طبرستان : طبر لفظة فارسية ، وهو الذي تشقّق به الأحطاب وما شاكله ، واستان : الموضع أو الناحية ، كأنه يقول : ناحية الطبر ، وهي بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم.

خرج من نواحيها من لا يحصى كثرة من أهل العلم والأدب والفقه ، والغالب على هذه النواحي الجبال.

من أعيان بلدانها دهستان ، وجرجان ، واسترآباذ ، وآمل ، وهي قصبتها ، وسارية ، وهي مثلها ، وشالوس ، وهي مقاربة لها. (معجم البلدان ج ٤ / ص ١٤).

(٢) الأصبهبذ : والأصبهبذان في أصل كلام الفرس : لغة لكل من ملك طبرستان ، كما نعت ملك الفرس بكسرى ، وملك الروم بخاقان ، وملك الروم بقيصر. (معجم البلدان ج ١ / ص ٢٤٩).

٩١

جرجان

ومن الرّيّ إلى جرجان (١) سبع مراحل ، ومدينة جرجان على نهر الديلم. أفتتح بلد جرجان سعيد بن عثمان في ولاية معاوية ، ثم انغلقت وارتدّ أهلها عن الإسلام حتى افتتحها يزيد بن المهلّب (٢) في ولاية سليمان بن عبد الملك بن مروان (٣).

وخراج البلد عشرة آلاف ألف درهم ، وفيه يعمل جيد الخشب من الخلنج (٤)

__________________

(١) جرجان : مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان ، وخراسان ، قيل : إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة ، وقد خرج منها خلق من الأدباء والفقهاء والعلماء والمحدّثين ، وهي أقل ندى ومطرا من طبرستان ، وأهلها أحسن وقارا ويسارا من كبرائهم.(معجم البلدان ج ٢ / ص ١٣٩).

(٢) يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة الأزدي ، أبو خالد ، المولود سنة ٥٣ ه‍ / ٦٧٣ م ، أمير من القادة الشجعان الأجواد ، ولي خراسان بعد وفاة أبيه سنة ٨٣ ه‍ ، وعزله عبد الملك بن مروان برأي الحجاج ، وكان الحجاج يخشى بأسه ، فلما تمّ عزله حبسه ، فهرب يزيد إلى الشام ، ولما أفضت الخلافة إلى سليمان بن عبد الملك ، ولاه العراق ثم خراسان ، فعاد إليها ، وافتتح جرجان وطبرستان ، ثم نقل إلى إمارة البصرة ، فأمام فيها إلى أن استخلف عمر بن عبد العزيز ، فعزله ، وطلبه ، فجيء به إلى الشام ، فحبسه بحلب ، ولما توفي عمر بن عبد العزيز وثب غلمان يزيد فأخرجوه من السجن. وسار إلى البصرة فدخلها وغلب عليها سنة ١٠١ ه‍ ، ثم نشبت حروب بينه وبين أمير العراقين مسلمة بن عبد الملك ، انتهت بمقتل يزيد سنة ١٠٢ ه‍ / ٧٢٠ م ، في مكان يسمّى «العقر» بين واسط وبغداد. قال ابن ظفر : وكان من أمره أن برز للحروب وله ثماني عشرة سنة ، واتخذ ذراعا من حديد مجوّفة ، فكان يدخل فيها يده اليسرى فإذا استجرت الرماح في صدره وجللته السيوف وضع يده اليسرى على رأسه ثم حمل ، وولي خراسان وتغلّب على البصرة ، فكان من عاقبة أمره أن نابذ بني أمية الخلافة ، فقتل بعد حروب كثيرة مشهورة.

(٣) سليمان بن عبد الملك بن مروان ، أبو أيوب ، الخليفة الأموي ، ولد في دمشق سنة ٥٤ ه‍ / ٦٧٤ م ، ولي الخلافة يوم وفاة أخيه الوليد سنة ٩٦ ه‍ ، وكان بالرملة ، فلم يتخلّف عن مبايعة أحد ، فأطلق الأسرى ، وأخلى السجون ، وعفا عن المجرمين ، وأحسن إلى الناس ، وكان عاقلا فصيحا طموحا إلى الفتح ، جهز جيشا كبيرا وسيّره في السفن بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك ، لحصار القسطنطينية ، وفي عهده فتحت جرجان وطبرستان ، وكانتا في أيدي الترك ، توفي في دابق سنة ٩٩ ه‍ / ٧١٧ م ، من أرض قنسرين بين حلب ومعرة النعمان وكانت عاصمته دمشق ، ومدة خلافته سنتان وثمانية أشهر إلا أياما.

(٤) الخلنج : جنيبة من فصيلة الخلجنيّات ، خشبية ، لها أزهار كثيرة غالبا ما تكون ورديّة اللون ، وأوراقها دقيقة ، تزرع للتزيين. (المنجد في اللغة والأعلام ، مادة : خلن).

٩٢

وغيره وأصناف ثياب الحرير ، وبه الإبل البخاتي (١) العظام. وبأرض جرجان النخل الكثير.

طوس

ويتصل بهذه البلدان مما يلي بحر الديلم من كور نيسابور وما والاها طوس (٢) ، وهي من نيسابور على مرحلتين.

وبطوس قوم من العرب من طيّىء (٣) وغيرهم ، وأكثر أهلها عجم ، وبها قبر الرشيد أمير المؤمنين ، وبها توفي الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السّلام (٤) ، ومدينة طوس العظمى يقال لها : نوقان ، وخراج البلد مع خراج نيسابور.

__________________

(١) البخاتي : بالضم ، الإبل الخراسانية. (القاموس المحيط ، المادة : البخت).

(٢) طوس : مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ تشتمل على بلدتين يقال لإحداهما الطابران وللأخرى نوقان ، ولهما أكثر من ألف قرية فتحت في أيام عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، وبها قبر علي بن موسى الرضا ، وبها أيضا قبر هارون الرشيد ، قال مسعر بن المهلهل : وطوس أربع مدن منها اثنتان كبيرتان ، واثنتان صغيرتان ، وبها آثار أبنية إسلامية جليلة. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٥٥).

(٣) طيّىء : من كهلان ، وهي الإيغال في المرعى ، وهم بنو طيّىء بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ، والنسبة إليهم طائي ، وإليهم ينسب حاتم الطائي المشهور بالكرم ، وأبو تمّام الطائي الشاعر المشهور. قال في العبر : وكانت منازلهم في اليمن ، فخرجوا منها على إثر خروج الأزد عند تفرّقهم بسيل العرم ، فنزلوا بنجد والحجاز على القرب من بني أسد ، ثم غلبوا بني أسد على جبلي أجأ وسلمى من بلاد نجد ، فنزلوهما فعرفا بجبلي طيّىء ، ثم افترقوا في أول الإسلام زمن الفتوحات في الأقطار ، ولهم بطون كثيرة. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٣٧٢).

(٤) علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، الملقّب بالرضا ، ثامن الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، ومن أجلّاء سادة أهل البيت وفضلائهم ، ولد في المدينة سنة ١٥٣ ه‍ / ٧٧٠ م ، وكان أسود اللون أمه حبشية ، أحبّه المأمون العباسي ، فعهد إليه بالخلافة من بعده ، وزوّجه ابنته ، وضرب اسمه على الدينار والدرهم ، وغيّر من أجله الزي العباسي الذي هو السواد فجعله أخضر ، وكان هذا شعار أهل البيت ، فاضطرب العراق ، وثار أهل بغداد ، فخلعوا المأمون وهو في طوس ، وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي ، فقصدهم المأمون بجيشه ، فاختبأ إبراهيم ثم استسلم وعفا عنه المأمون ، ومات علي الرضا في حياة المأمون بطوس ، فدفنه إلى جانب أبيه الرشيد ، سنة ٢٠٣ ه‍ / ٨١٨ م ، ولم تتم له الخلافة ، وعاد المأمون إلى السواد ، فاستألف القلوب ورضي عنه الناس.

٩٣

ومن طوس إلى نسا (١) من كورة نيسابور مرحلتان ، ومن نسا إلى باورد (٢) مرحلتان ، ومن نسا إلى خوارزم (٣) لمن أخذ مشرقا ثماني مراحل.

وخوارزم على آخر نهر بلخ في الموضع الذي يخرج ماء نهر بلخ منه إلى بحر الديلم ، وهو بلد واسع افتتحه سلم بن زياد بن أبيه (٤) في أيام يزيد بن معاوية (٥) ، وبه

__________________

(١) نسا : بلد أعجمي ، قال أبو سعد في سبب تسميتها بهذا الاسم : إن المسلمين لما وردوا خراسان قصدوها ، فبلغ أهلها ، فهربوا ولم يتخلّف بها غير النساء ، فلما أتاها المسلمون لم يروا بها رجلا ، فقالوا هؤلاء نساء ، والنساء لا يقاتلن فننسأ أمرها الآن إلى أن يعود رجالهن ، فتركوا ومضوا وسمّوا بذلك نساء والنسبة الصحيحة إليها نسائي ، وكان الواجب كسر النون ، وهي مدينة بخراسان ، وهي مدينة وبئة جدا ، يكثر بها خروج العرق المديني ، حتى إن الصيف قلّ من ينجو منه من أهلها. خرج منها جماعة من أعيان العلماء منهم أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان النّسائي القاضي الحافظ صاحب كتاب السنن. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٣٢٥).

(٢) باورد : وهي أبيورد وسيرد ذكرها لا حقا.

(٣) خوارزم : ليس اسما لمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها ، وقد ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن أحد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ ، فلم يجدوا على هذه الصفة سوى موضع مدينة كاث ، فجاؤوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا ، فلما كان بعد مدّة جرى ذكرهم على بال الملك ، فأمر قوما بكشف خبرهم ، فجاؤوا فوجدوهم قد بنوا أكواخا ، ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتقوّتون ، وإذا حولهم الحطب كثير ، فقالوا لهم : كيف حالكم؟ فقالوا : عندنا اللحم ، وأشاروا إلى السمك ، وعندنا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوّت به ، فرجعوا إلى الملك وأخبروه بذلك فسمّى ذلك الموضع خوارزم ، لأن اللحمة بلغة الخوارزمية : خوار ، والحطب : رزم ، فصار خوارزم فخفّف ، وقيل : خوارزم استثقالا لتكرير الراء. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٤٥٢).

(٤) سلم بن زياد بن أبيه ، أمير من آل زياد ، كنيته أبو حرب ، كانت إقامته في البصرة ، ولاه يزيد بن معاوية خراسان سنة ٦١ ه‍ ، فذهب إليها ، وغزا سمرقند ، وكان جوادا ، أحبه الناس ومدحه الشعراء ، ولما مات يزيد بن معاوية ، وابنه معاوية بن يزيد ، دعا سلم أعيان خراسان إليه ، وعرض عليهم أن يبايعوه على الرضا ، إلى أن يستقيم أمر الناس على خليفة فبايعوه سنة ٦٤ ه‍ ، ثم نكثوا بعد شهرين ، فاستخلف عليهم المهلب بن أبي صفرة ، ورحل إلى سرخس ، ومنها إلى سابور ، واجتمع بعبد الله بن خازم فأرسله إلى خراسان وعزل المهلّب ، وقامت فيها الفتنة على عبد الله بن خازم ، وهو بعيد عنها ، توفي في البصرة سنة ٧٣ ه‍ / ٦٩٢ م.

(٥) يزيد بن معاوية بن بي سفيان الأموي ، ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام ، ولد بالماطرون سنة ٢٥ ه‍ / ٦٤٥ م ، ونشأ بدمشق ، ولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٦٠ ه‍ ، وأبي البيعة له عبد الله بن الزبير والحسين بن علي ، فانصرف الأول إلى مكة والثاني إلى الكوفة ، وفي أيام ـ

٩٤

تعمل الفراء ، وسائر الوبر من السمور ، والفنك ، والقافم ، والوشق ، والسنجاب.

فهذه الكور التي دون نهر بلخ من أرض خراسان ، ونهر بلخ يخرج من عيون بين جبال ، وبين فوهته وبين مدينة بلخ عشر مراحل.

نيسابور

ومن قومس على جادة الطريق الأعظم إلى مدينة نيسابور (١) تسع مراحل ، ونيسابور بلد واسع كثير الكور ، فمن كور نيسابور : الطبسين (٢) ، وقوهستان (٣) ، ونسا ،

__________________

ـ يزيد كانت الفاجعة بالسبط الشهيد الحسين بن علي سنة ٦١ ه‍ ، خلع أهل المدينة طاعته سنة ٦٣ ه‍ ، فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري ، وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيام وأن يبايع أهلها على أنهم خول وعبيد ليزيد ، ففعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة ، وقتل فيها كثيرا من الصحابة وأبنائهم وخيار التابعين.

وفي زمن يزيد فتح المغرب الأقصى على يد عقبة بن نافع وفتح سلم بن زياد بخارى وخوارزم ، ويقال : إن يزيد أول من خدم الكعبة وكساها الديباج الخسرواني ، مدته في الخلافة ثلاث سنين وتسعة أشهر إلّا أياما ، توفي بحوارين من أرض حمص ، وكان نزوعا إلى اللهو ، يروى له شعر رقيق ، وإليه ينسب نهر يزيد في دمشق ، وكان نهرا صغيرا يسقي ضيعتين ، فوسعه فنسب إليه ، قال مكحول : كان يزيد مهندسا ، وكان نقش خاتمه يزيد بن معاوية.

(١) نيسابور : مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ، ومنبع العلماء ، اختلف في تسميتها بهذا الاسم فقال بعضهم : إنما سميت بذلك لأن سابور مرّ بها وفيها قصب كثير ، فقال : يصلح أن يكون ههنا مدينة ، فقيل لها نيسابور ، وقيل في تسمية نيسابور وسابور خواست وجنديسابور إن سابور لما فقدوه حين خرج من مملكته لقول المنجّمين ، خرج أصحابه يطلبونه فلم يجدوه فقالوا : ليست نيسابور أي ليس سابور ، فرجعوا حتى وقعوا إلى سابور خواست ، فقيل لهم : ما تريدون؟ فقالوا : سابور خواست ، معناه سابور نطلب ، ثم وقعوا إلى جنديسابور ، فقالوا : وندسابور أي وجد سابور ومن أسماء نيسابور أبرشهر.(معجم البلدان ج ٥ / ص ٣٨٢).

(٢) الطبسين : هي عجمية فارسية ، وفي العربية الطبس الأسود من كل شيء ، قصبة ناحية نيسابور وأصبهان. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٢٢).

(٣) قوهستان : هو تعريب كوهستان ، ومعناه موضع الجبال لأن كوه هو الجبل بالفارسية ، وربما خفف مع النسبة فقيل : القهستاني ، أكثر بلاد العجم لا يخلو عن موضع يقال له : قوهستان ، أما المشهور بهذا الاسم فأحد أطرافها متّصل بنواحي هراة ، ثم يمتد في الجبال طولا حتى يصل بقرب نهاوند ، وهمدان ، وبروجرد. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٧٢).

٩٥

وأبيورد (١) ، وأبرشهر (٢) ، وجام ، وباخرز (٣) ، وطوس ، ومدينة طوس العظمى يقال لها : نوقان ، وزوزن (٤) ، وأسفرايين (٥) على جادة طريق جرجان.

افتتح البلد عبد الله بن عامر بن كريز في خلافة عثمان سنة ثلاثين ، وأهلها أخلاط من العرب والعجم وشربها من العيون والأودية ، وخراجها يبلغ أربعة آلاف ألف درهم.

وهو داخل في خراج خراسان وبها يعمل في جميع.

نزل عبد الله بن طاهر (٦) مدينة نيسابور ولم يتعدّها إلى مرو على حسب ما كانت الولاة تفعل وبنى بها بناء عجيبا (الشاذياخ) (٧) ثم بنى المنار.

__________________

(١) أبيورد : مدينة بخراسان بين سرخس ونسا ، وبئة ، رديئة الماء ، يكثر فيها خروج العرق. (معجم البلدان ج ١ / ص ١١٠).

(٢) أبرشهر : هو تعريب ، والأصل الإعجام ، لأن شهر بالفارسية هو البلد ، وأبر الغيم ، وأرادو بها الأرض الخصبة. (معجم البلدان ج ١ / ص ٨٦).

(٣) باخرز : كورة ذات قرى كبيرة ، وأصلها بادهرزه لأنها مهب الرياح ، وهي باللغة البهلوية.(معجم البلدان ج ١ / ص ٣٧٦).

(٤) زوزن : كورة حسنة بين جبال أرمينية ، وبين أخلاط أذربيجان ، وديار بكر ، والموصل ، وأهلها أرمن وفيها طوائف من الأكراد. (معجم البلدان ج ٣ / ص ١٧٧).

(٥) أسفرايين : بليدة حصينة من نواحي نيسابور على منتصف الطريق من جرجان ، واسمها القديم مهرجان ، سماها بذلك بعض الملوك لخضرتها ونضارتها. (معجم البلدان ج ١ / ص ٢١١).

(٦) عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الخزاعي ، بالولاء ، أبو العباس ، ولد سنة ١٨٢ ه‍ / ٧٩٨ م أمير خراسان ، ومن أشهر الولاة في العصر العباسي ، أصله من باذغيس بخراسان ، وكان جدّه الأعلى زريق من موالي طلحة بن عبد الله المعروف بطلحة الطلحات ، وولي إمرة الشام مدّة ، ونقل إلى مصر سنة ٢١١ ه‍ ، فأقام سنة ، ونقل إلى الدينور ، ثم ولاه المأمون خراسان ، فظهرت كفاءته فكانت له طبرستان ، وكرمان ، وخراسان ، والرّيّ ، والسواد وما يتّصل بتلك الأطراف ، واستمر إلى أن توفي بنيسابور سنة ٢٣٠ ه‍ / ٨٤٤ م ، وقيل بمرو ، وللمؤرخين إعجاب بأعماله ، وثنا عليه. قال ابن الأثير : كان عبد الله من أكثر الناس بذلا للمال ، مع علم ومعرفة ، وتجربة ، وللشعراء فيه مرات كثيرة. وقال ابن خلّكان ، كان عبد الله سيدا نبيلا عالي الهمّة شهما ، وكان المأمون كثير الاعتماد عليه ، وقال الذهبي في دول الإسلام : كان عبد الله من كبار الملوك ، وقال الشابشتي : كان المأمون تبنّاه وربّاه.

(٧) الشاذياخ : مدينة نيسابور ، وكانت قديما بستانا لعبد الله بن طاهر بن الحسين ملاصق مدينة نيسابور ، فذكر الحاكم أبو عبد الله بن البيّع في آخر كتابه في تاريخ نيسابور : أن عبد الله بن طاهر لما قدم نيسابور واليا على خراسان ونزول بها ضاقت مساكنها من جنده ، فنزلوا على الناس في دورهم غصبا ، فلقي الناس منهم شدّة فاتفق أن بعض أجناده نزل في دار رجل ، ولصاحب الدار زوجة حسنة ، وكان غيورا ، فلزم البيت لا يفارقه غيرة على زوجته ، فقال له ـ

٩٦

أعلمني بعض أهل طاهر أن من نيسابور إلى مرو عشر مراحل ، ومن نيسابور إلى هراة (١) عشر مراحل ، ومن نيسابور إلى جرجان عشر مراحل ، ومن نيسابور إلى الدامغان عشر مراحل ، ومن نيسابور على جادة الطريق والخط الأعظم إلى سرخس (٢) ست مراحل.

أول المراحل قصر الرّيح (٣) يقال له بالفارسية : دزباد ، ثم خاكسار ، ثم مزدوران ، ولها عقبة طين.

وسرخس بلد جليل ومدينتها عظيمة وهي في برية في رمال ، فيها أخلاط من الناس.

افتتحها عبد الله بن خازم السلمي (٤) ، وهو يومئذ من قبل عبد الله بن عامر بن

__________________

ـ الجندي يوما : اذهب واسق فرسي ماء ، فلم يجسر على خلافه ، ولا استطاع مفارقة أهله ، فقال لزوجته : اذهبي أنت واسقي فرسه لأحفظ أنا أمتعتنا في المنزل ، فمضت المرأة وكانت وضيئة حسنة ، واتفق ركوب عبد الله بن طاهر فرأى المرأة فاستحسنها وعجب من تبذّلها فاستدعى بها ، وقال لها : صورتك وهيئتك لا يليق بهما أن تقودي فرسا تسقيه فما خبرك؟ فقالت : هذا فعل عبد الله بن طاهر بنا قاتله الله! ثم أخبرته الخبر ، فغضب وحوقل ، وقال لقد لقي منك يا عبد الله أهل نيسابور شرا ، ثم أمر العرفاء أن ينادوا في عسكره من بات بنيسابور حلّ ماله ودمه ، وسار إلى الشاذياخ وبنى بها دارا له وأمر الجند ببناء الدور حوله ، فعمّرت وصار محلّة كبيرة واتصلت بالمدينة فصارت في جملة محالّها ، ثم بنى أهلها بها دورا وقصورا. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٣٤٦).

(١) هراة : مدينة عظيمة مشهورة من أمهات المدن في خراسان قال ياقوت : لم أر بخراسان عند كوني بها سنة ٦٠٧ ه‍ ، مدينة أجلّ ، ولا أعظم ، ولا أفخم ، ولا أحسن ، ولا أكثر أهلا منها ، فيها بساتين كثيرة ، ومياه غزيرة ، وخيرات كثيرة ، محشوّة بالعلماء ، ومملوءة بأهل الفضل والثراء. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٤٥٦).

(٢) سرخس : مدينة قديمة من نواحي خراسان كبيرة واسعة ، وهي بين نيسابور ومرو في وسط الطريق ، سميت باسم رجل من الذّعار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمّره ثم تمّم عمارته وأحكم مدينته ذو القرنين الإسكندر. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٢٣٥).

(٣) قصر الريح : قرية بنواحي نيسابور. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٠٦).

(٤) عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت السلمي البصري ، أبو صالح ، أمير خراسان ، له صحبة ، كان من أشجع الناس ، أسود اللون كثير الشعر ، يتعمّم بعمامة خزّ سوداء ، يلبسها في الجمع والأعياد والحرب ، ويقول : كسانيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال البغدادي : هو أحد غربان العرب في الإسلام ، له فتوحات وغزوات ، ولي إمرة خراسان لبني أمية ، واستمر عشر سنين ، وفي أيامه كانت فتنة ابن الزبير ، فكتب إليه ابن خازم بطاعته ، فأقرّه على خراسان ، فبعث إليه ـ

٩٧

كريز في خلافة عثمان وشرب أهلها من الآبار ، ليس لها نهر ولا عين وبها قوم من [...](١) ومبلغ خراجها ألف ألف درهم وهو داخل في خراج خراسان.

مرو

ومن سرخس على الخط الأعظم إلى مرو (٢) ست مراحل ، أولها اشتر مغاك ثم تلستانه ثم الدندانقان (٣) ثم كنوكرد ، وهي ضياع آل علي بن هشام بن فرخسرو ، وهذه المنازل في مفازة برية وكل منزل منها فيه حصن يتحصّن أهله فيه من الترك لأنهم ربما طرقوا بعض هذه المنازل ، ثم مرو وهي أجلّ كور خراسان.

افتتحها حاتم بن النعمان الباهلي وهو من قبل عبد الله بن عامر في خلافة عثمان.

ويقال : إن الأحنف بن قيس (٤) حضر فتحها وذلك في سنة إحدى وثلاثين ،

__________________

ـ عبد الملك بن مروان يدعوه إلى طاعته ، فأبى ، فلما قتل مصعب بن الزبير بعث إليه عبد الملك برأسه ، فغسله وصلّى عليه ، ثم انتقض عليه أهل خراسان ، فقتلوه سنة ٧٤ ه‍ / ٦٩١ م وأرسلوا رأسه إلى عبد الملك.

(١) بياض في الأصل.

(٢) مرو : أشهر مدن خراسان وقصبتها ، والنسبة إليها مروزيّ على غير القياس ، والثوب مروي على القياس ، أما لفظ مرو فهو بالعربية الحجارة البيض التي يقتدح بها ، قال ياقوت : إلّا أن هذا عربي ، ومرو عجمية ، ثم لم أر بها من هذه الحجارة شيئا البتة ، وقد روي عن بريدة بن الحصيب ، أحد الصحابة ، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «يا بريدة إنه سيبعث من بعدي بعوث فإذا بعثت فكن في بعث المشرق ، ثم كن في بعث خراسان ، ثم كن في بعث أرض يقال لها مرو إذا أتيتها فانزل مدينتها فإنه بناها ذو القرنين وصلّى فيها عزير أنهارها تجري بالبركة ، على كل نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهلها السوء إلى يوم القيامة». فقدمها بريدة وأقام بها إلى أن مات وقبره بها. (معجم البلدان ج ٥ / ص ١٣٢).

(٣) الدندانقان : بلدة من نواحي مرو ، وهي بين سرخس ومرو ، وهي خراب خرّبها الأتراك ، فقتلوا بعض أهلها وتفرّق الباقون ، لأن عسكر خراسان دخلها وتحصّن بها. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٥٤٣).

(٤) الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين المري السعدي المنقري التميمي ، أبو بحر ، سيد تميم ، وأحد العظماء الدهاة الفصحاء الشجعان الفاتحين ، يضرب به المثل في الحلم ، ولد في البصرة وأدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يره ، وفد على عمر بن الخطاب حين آلت الخلافة إليه في المدينة فأستبقاه عمر ، فمكث عاما ، وأذن له فعاد إلى البصرة ، فكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري : أما بعد ، فادن الأحنف وشاوره واسمع منه ... إلخ ، وشهد الفتوح في خراسان واعتزل الفتنة يوم الجمل ، ثم شهد صفّين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولما انتظم ـ

٩٨

وأهلها أشراف من دهاقين العجم ، وبها قوم من العرب من الأزد (١) وتميم وغيرهم.

وهي كانت منازل ولاة خراسان فكان أول من نزلها المأمون ثم من ولي خراسان بعد ، حتى نزل عبد الله بن طاهر نيسابور.

وشرب أهل مرو من عيون تجري وأودية ، وخراجها داخل في خراج خراسان ، وبها جيد الثياب الموصوفة من ثياب خراسان ، ولها من الكور كورة زرق (٢) ، وأرم كيلبق ، وسوسقان (٣) ، وجرارة (٤).

ومن مرو إلى آمل (٥) ست مراحل أولها كشماهن (٦) منها الزبيب الكشمهاني وسائر المراحل في برية وحصون.

فهذا ما على الخط الأعظم من كور خراسان ، وشرب أهل آمل من آبار إلا ما كان

__________________

ـ الأمر لمعاوية عاتبه ، فأغلظ له الأحنف في الجواب ، فسئل معاوية عن صبره عليه ، فقال : هذا الذي إذا غضب غضب له مائة ألف لا يدرون فيم غضب ، وولي خراسان ، وكان صديقا لمصعب بن الزبير (أمير العراق) ، فوفد عليه بالكوفة فتوفي فيها وهو عنده ، أخباره كثيرة جدا في كتب التاريخ والأدب والبلدان ، قال رجل ليحيى البرمكي : أنت والله أحلم من الأحنف بن قيس ، فقال يحيى : ما يقرّب إلينا من أعطانا فوق حقّنا!.

(١) الأزد : قال أبو عبيد : ويقال بالسين بدل الزاي ، قال الجوهري : بالزاي أفصح ، وهم بنو الأزد بن يغوث بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان ، وهم من أعظم الأحياء وأكثرهم بطونا.(صبح الأعشى ج ١ / ص ٣٧٠).

(٢) زرق : قرية من قرى مرو ، بها قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس ، قال ابن عبد المنعم الحميري : وهو الذي حاربه المسلمون وخرّبوا ملكه ، وكان آخر أمره أنه فرّ إلى مرو ونزل بهذه القرية عند طحّان هناك متنكّرا ، فقتله الطحّان ، أو دلّ عليه ، وكان ذلك في أول سنة إحدى وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه. (معجم البلدان ج ٣ / ص ١٥٤).

(٣) سوسقان : على أربعة فراسخ من مرو عند الرحل على طرف البرية. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٣٢٠).

(٤) جرّارة : ناحية من نواحي البطيحة ، قريبة من البرّ توصف بكثرة السمك. (معجم البلدان ج ٢ / ص ١٣٦).

(٥) آمل : اسم أكبر مدينة بطبرستان في السهل ، لأن طبرستان سهل وجبل ، وبآمل تعمل السجادات الطبرية ، والبسط الحسان ، وكان بها أول إسلام أهلها مسلحة من ألفي رجل.(معجم البلدان ج ١ / ص ٧٧).

(٦) كشماهن : وفي معجم البلدان كشميهن بالياء ، قرية عظيمة من قرى مرو ، وعلى طرف البرية آخر عمل مرو لمن يريد قصد آمل جيحون. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٥٢٦).

٩٩

يقرب منها من جيحون (١) ، وهو نهر بلخ (٢) ، فأما ما عن يمين الخط الأعظم مما يلي بحر الهند (٣) فهو من نيسابور إلى هراة ذات اليمين للمشرق عشر مراحل.

وهراة من أكثر بلاد خراسان عمارة وأحسنه وجوه أهل. افتتحها الأحنف بن قيس في خلافة عثمان ، وأهلها أشراف من العجم وبها قوم من العرب وشربها من العيون والأودية ، وخراجها داخل في خراج خراسان.

بوشنج

ومن هراة إلى بوشنج (٤) مرحلة ، وبوشنج بلد طاهر بن الحسين بن مصعب (٥).

__________________

(١) جيحون : اسم أعجمي ، نهر سمي بذلك لاجتياحه الأرضين ، قال حمزة : أصل اسم جيحون بالفارسية هارون ، ويقال له : نهر بلخ. وهو اسم وادي خراسان على وسط مدينة يقال لها : جيهان ، فنسبه الناس إليها وقالوا : جيحون ، على عادتهم في قلب الألفاظ ، قال ابن الفقيه : يجيء جيحون من موضع يقال له : ريو ساران ، وهو جبل يتصل بناحية السند ، والهند ، وكابل. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٢٢٨).

(٢) بلخ : مدينة مشهورة بخراسان من أجلّ مدنها ، وأكثرها خيرا ، وأوسعها غلّة ، تحمل غلّتها إلى جميع خراسان وإلى خوارزم ، قيل : إن أول من بناها لهراسف الملك لما خرّب صاحبه بخت نصر بيت المقدس. (معجم البلدان ج ١ / ص ٥٦٨).

(٣) بحر الهند : هو أعظم البحار ، وأوسعها ، وأكثرها جزائر ، وأبسطها على سواحله مدنا ، وهو يمرّ بجبل ساتدما ، ولا يأتي يوم من الدهر إلا سفك على هذا الجبل دم. (معجم البلدان ج ١ / ص ٤١٠).

(٤) بوشنج : بليدة نزهة خصيبة في واد مشجّر من نواحي هراة ، وينسب إلى بوشنج خلق كثير من أهل العلم. (معجم البلدان ج ١ / ص ٦٠٢).

(٥) طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي ، أبو الطيّب ، وأبو طلحة ، من كبار الوزراء والقواد ، أدبا وحكمة وشجاعة ، وهو الذي وطّد الملك للمأمون العباسي ، ولد في بوشنج سنة ١٥٩ ه‍ / ٧٧٥ م ، وسكن بغداد ، فاتصل بالمأمون في صباه ، وكانت لأبيه منزلة عند الرشيد ، ولما مات الرشيد وولي الأمين كان المأمون في مرو ، فانتدب طاهر للزحف إلى بغداد فهاجمها وظفر بالأمين وقتله سنة ١٩٨ ه‍ ، وعقد البيعة للمأمون ، فولّاه شرطة بغداد ، ثم ولّاه الموصل ، وبلاد الجزيرة ، والشام ، والمغرب ، في السنة نفسها سنة ١٩٨ ه‍ ، وخراسان سنة ٢٠٥ ه‍ ، وكان في نفس المأمون شيء عليه لقتله أخاه الأمين بغير مشورته ، ولعله شعر بذلك ، فلما استقر في خراسان قطع خطبة المأمون ، يوم جمعة ، فقتله أحد غلمانه في تلك الليلة ، بمرو ، وقيل : مات مسموما ، ولقب بذي اليمينين لأنه ضرب رجلا بشماله فقدّه نصفين ، أو لأنه ولي العراق وخراسان ، لقّبه بذلك المأمون ، كانت وفاته سنة ٢٠٧ ه‍ / ٨٢٢ م.

١٠٠