البحرين في صدر الإسلام

الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم العاني

البحرين في صدر الإسلام

المؤلف:

الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم العاني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٨

العين سوى فوهتها التي تقع في شرق مسجد المدينة الذي يقع في وسط جواثا على مسافة ٢٢٠ خطوة ، وهي مليئة بالماء العذب ، يرده السكان ، ويظهر أن مجرى العين كان يتجه غربا ويسقي الأراضي الواقعة في الجهة الغربية من المدينة ، ففي تلك الجهات توجد آثار تدل على أنها قد زرعت وغرست فيها النخيل ، وقد بني قديما على عين جواثا قبة بقي منها الآن ما يشبه نصف الدائرة (١).

عين بني أبير : وتقع جنوب الاحساء (٢).

عين الزارة : وهي من العيون المشهورة ، وتقع في مدينة الزارة (٣) ، وكان يعتمد عليها السكان في شربهم ، وقد قام العلاء بن الحضرمي بسدها موقتا عام ١٣ ه‍ عندما حاضر الزارة ، فلما صالحوه أعاد فتحها (٤) ، وقد جفت فلم يعد لها أثر اليوم. وبالإضافة إلى نهري الصفا والسري اللذين ذكرناهما سابقا تذكر المصادر نهر العين ، وهو يجري بين الصفا والمشقر (٥).

الآبار والمناهل :

ذكرت المصادر في البحرين عددا من الآبار والمناهل منها (٦) :

__________________

(١) الإحسائي : تحفة المستفيد ١ / ١١ (هامش حمد الجاسر).

(٢) ياقوت : ١ / ١٠٩. مراصد الاطلاع : ١ / ٩. الزبيدي : تاج العروس ٣ / ٣.

(٣) ياقوت : ٢ / ٩٠٧. الزبيدي : تاج العروس ٣ / ٢٣٠.

(٤) خليفة بن خياط : التاريخ ١ / ٩٣. البلاذري : فتوح البلدان / ٨٥ ـ ٨٦.

(٥) ابن الفقيه الهمذاني : مختصر كتاب البلدان / ٣٠ (عن أبي عبيدة). ياقوت : ٤ / ٥٤١. ويذكر الهمذاني في صفة جزيرة العرب / ١٣٨ عين الجريب من أنهار البحرين فلعله هو نهر العين.

(٦) جرى ترتيبها حسب المواضع متجها من الجنوب نحو الشمال.

٤١

يجودة (١) : وهو منهل جنوب عريعرة ويسمى الآن جودة ، ويمر به درب الجودى (٢) ، وعريعرة (٣) ، وهي لا تزال معروفة الاسم قرب متالع والنجبية ، ويمر منها درب العرعري (٤).

مياه بطن غر : يقع شمال الأجواف (٥) ، بينه وبين هجر يومان (٦) ، وفيه بعض المياه منها ثباآت (٧) ، وكنهل (٨) ، وهي تسمى اليوم عوينة كنهر ، وتقع غرب ثاج ، ويمر بها درب الكنهري وهو طريق من الجبيل إلى نجد (٩).

مياه القاعة : وتسمى قاعة بني سعد (١٠) ، وتقع شمال وادي الستار (١١) ، وفيها مياه كثيرة منها حميض (١٢) ، والمشحرة (١٣).

العتيد : وهي تقع شمال القاعة (١٤) ، ويسمى الآن عتيق ويقع

__________________

(١) ياقوت : ٤ / ١٠١١.

(٢) ابن بليهد : صحيح الأخبار ٢ / ١٨٢. الإحسائي : تحفة المستفيد ١ / ٢١.

(٣) ياقوت : ٣ / ٦٦٢.

(٤) ابن بليهد : صحيح الأخبار ٤ / ٣١.

(٥) لغدة : بلاد العرب / ٣٤٤.

(٦) ياقوت : ٣ / ٧٨٤.

(٧) لغدة : بلاد العرب / ٣٤٤.

(٨) ياقوت : ٣ / ٧٨٤.

(٩) لغدة : بلاد العرب / ٤٤ ظ.

(١٠) ن. م. وفي معجم ما استعجم : ١١٣٦. وياقوت : ٤ / ٣١٣ أنه ماء.

(١١) لغدة : بلاد العرب / ٣٤٤ هامش.

(١٢) لغدة : بلاد العرب / ٣٠٠. البكري : معجم ما استعجم / ١٠٤٤.

(١٣) لغدة : بلاد العرب / ٣٤٧. ويذكر ياقوت : ٤ / ١٧ أنها قبل يبرين.

(١٤) لغدة : بلاد العرب / ٣٠٠ ـ ٣٠١. ياقوت : ٢ / ٣٤٢.

٤٢

شرق نطاع بطرف أرض تدعى مملحة نطاع ، وهو الآن قرية فيها نخل (١).

قبة (٢) : ولا تزال تحمل اسمها إلى الآن شمال الاحساء (٣).

قنور : وتقع بين طويلع والرمادة (٤) ، وهي معروفة اليوم جنوب قبة.

الطريفة : وصفها الأصمعي بأنها مائة ، وفيها حصن (٥) ، وهي اليوم في الشمال الشرقي من النعيرية شمال الاحساء.

مياه الشواجن (الشاجنة) : وهو يطلق على مياه القرعاء واللهابة ولصاف وثبرة والرمادة وطويلع (٦) ، وهي تقع في الشمال الشرقي من الصمان بينه وبين الدو (٧).

فأما اللهابة ، فهي خبراء بالشاجنة (٨) ، قرب طويلع (٩) ، وهي من

__________________

(١) ن. م : ٣٤٧ هامش.

(٢) ياقوت : ٤ / ٣٣.

(٣) ويذكر ابن بليهد أنها منهل ترده الأعراب وموقعها شرقي العروق المتصلة برمال عالج. صحيح الأخبار : ٣ / ٢٢٣.

(٤) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٤. ويقول الأزهري : «رأيت في البادية ملاحة تسمى قنور ... وملحها من أجود الملح». معجم البلدان : ٤ / ١٩٤.

(٥) لغدة : بلاد العرب / ٣٤٧.

(٦) أبو عبيدة : النقائض ١ / ٢١٤. الأزهري : تهذيب اللغة ١٠ / ٥٣٩. لسان العرب ١٣ / ٢٣٤. لغدة : بلاد العرب / ٣٣٥. ياقوت : ٣ / ٣٣١.

(٧) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٥. ياقوت : ٣ / ٣٣١. وفي رواية أخرى (الشاجنة بناحية الصمان) ، معجم ما استعجم : ٣ / ٧٧٥.

(٨) النقائض : ١ / ٢١٤. انظر البكري : ٤ / ١١٦٣. ياقوت : ٤ / ٣٧٢.

(٩) لغدة : بلاد العرب / ٢٥٢.

٤٣

أشهر مناهل شرقي نجد ، ولا تزال معروفة (١).

وأما القرعاء فهي ماءة شمال الصمان بينه وبين الدو (٢) ، وهي منهل لا يزال معروفا يقع جنوب اللصافة فيما بينها وبين اللهابة ، غربي وادي الشيط (٣).

وأما الصاف فتقع شمال القرعاء (٤) ، وتسمى اليوم اللصافة (٥) وهي من النحائت الحجرية القديمة ، ويبلغ طولها ٣٥ باعا تقريبا (٦).

ثبرة (٧) : ماء ملحة قريبة من الشيطين (٨) ، ومن طويلع (٩). شرقي لصاف (١٠) ، وهي تعرف اليوم باسم وبرة ، وتقع في الطرف الجنوبي من الشيط العطشان وهو الشرقي على طريق المبيحيص الذي تسلكه القوافل من الكويت وقد هجر (١١).

الرمادة : وهي من مياه الشاجنة (١٢) ، وصفها الأصمعي بأنها مائه

__________________

(١) ن. م. : ٢٥٢ هامش.

(٢) ن. م. : ٣٥١.

(٣) ن. م. : ٣٥١ هامش. ابن بليهد : صحيح الأخبار ٢ / ١٧٦.

(٤) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٢. وفي ياقوت : ٤ / ٣٥٦ لصاف ماء بالدو.

(٥) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٢ هامش.

(٦) بن بليهد : صحيح الأخبار ٢ / ٤٠.

(٧) أصل الثبرة النقرة في الحجارة المتراصة تشبه الصهريج. معجم ما استعجم : ٣٣٤.

(٨) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٤.

(٩) ياقوت : ١ / ٩١٧. وفي رواية أخرى «أن ثبرة ماء في وسط وادي الشواجن» ياقوت / ١ / ٩١٦ و٤ / ٣٥٦. مراصد الاطلاع : ٢٢٥ لسان العرب : ٩ / ٣١٦.

(١٠) البكري : معجم ما استعجم / ٣٣٤ ـ ٣٣٥.

(١١) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٢ هامش. ابن بليهد : صحيح الأخبار ٢ / ٤٠.

(١٢) أبو عبيدة : النقائض ١ / ٢١٤. معجم ما استعجم : ٦٧٢ ، ١١٦٣. ويقول ياقوت فيها «موضع .. ولعلها في طريق البصرة» ، ٢ / ٨١٣.

٤٤

عظيمة في الدو (١) ، وهي تحتفظ اليوم باسمها ، وهي وادي بين اللصافة وقرية (طويلع) ، وقد حفرت فيه عدة آبار لاستخراج المياه (٢).

طويلع : من مياه الشاجنة ، يقع شمال شرق الصمان بينه وبين الدو (٣) ، شمال غرب المعا في منتصف الطريق بين حجر والبصرة (٤) ، وهو قرب اللهابة (٥) ، بينه وبين الوريعة ليلة (٦) ، وقد وصفه الأصمعي بأنه «ماء عليه قباب مبنية» .. وهذا الماء له أفواه كثيرة .. وفيه تجار ، وهو قرية وقباب مبنية ، وفيه شجرات من اثل ونخلات وحصن ، وربما تحصنوا فيه من الأعداء» (٧). ووصفه نصر بأنه واد في طريق البصرة إلى اليمامة بين الدو والصمان (٨) ، وهو يسمى اليوم «رية» وبها مركز حكومي» (٩).

الجرباء : وتقع قرب طويلع (١٠).

__________________

(١) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٤.

(٢) ابن بليهد : صحيح الأخبار ٤ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

(٣) لغدة : بلاد العرب / ٢٩٦. البكري : معجم ما استعجم ١ / ٣٢٦ ، ٣ / ٧٧٥ ، ٨٩٩.

ياقوت : ٣ / ٥٦٣ (عن نصر) ويذكر عن الحفصي أنه بالصمان.

(٤) لغدة : بلاد العرب / ٣١٤.

(٥) ن. م. : ٢٥٢.

(٦) ن. م. : ٣١٧.

(٧) لغدة : بلاد العرب / ٣١٤ ، وفي ٢٩٦ ـ ٢٩٧ يذكر أن في طويلع عدة ركايا ، ويصفه البكري أنه ماء. معجم ما استعجم / ٣٢٦ ، ٧٧٥ ، ١٨٩٩ ويذكر ياقوت عن الأزهري أنه ركية عادية عذبة الماء قليلة العمق ، وعن الحفصي أنه منهل : ٣ / ٥٦٣.

(٨) ياقوت : ٣ / ٥٦٣.

(٩) ابن بليهد صحيح الأخبار ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٧.

(١٠) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٤. ويذكر ياقوت أنها ماء بين البصرة واليمامة ٢ / ٤٦.

٤٥

النقير : وهو بئر (١) ، يقع بين الاحساء والبصرة (٢) ، ويجتمع عليه كثير من العرب لسقي جمالهم (٣).

النقيرة : وهي بئر معروفة ماؤها رواء بين ثاج وكاظمة (٤) ، والنقير والنقيرة باقيات إلى هذا العهد بهذا الاسم في شمال الاحساء (٥).

مياه الصعاب (٦) : وتقع الصعاب في شمال السيدان (٧) ، ومن المياه التي ذكرت فيها مسلحة (٨) ، وهي بئر كانت مياهها مالحة ثم عذبت (٩) ، والوفراء (١٠) ، وهي لا تزال معروفة في منطقة رأس الخفجي في حدود السعودية المتاخمة للكويت ، وهنالك حقل نفط يعرف بحقل الوفراء (١١).

غمازة : وهي بئر معروفة بين البحرين والبصرة (١٢).

__________________

(١) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ١٦٣. ويذكر البكري : ١٣٢٣ (أنه موضع).

ياقوت : ٤ / ٨٠٧.

(٢) البكري : معجم ما استعجم / ١٣٢٣. ويذكر ياقوت : ٤ / ٨٠٧ (أنه بين هجر والبصرة).

(٣) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ١٦٣.

(٤) الأزهري : تهذيب اللغة ٩ / ١٠١. وانظر ياقوت : ٤ / ٨٠٧.

(٥) ابن بليهد : صحيح الأخبار ٣ / ٧١. الإحسائي : تحفة المستفيد ١ / ٢٩.

(٦) يقول ياقوت في الصعاب «اسم جبل بين اليمامة والبحرين ، وقيل الصعاب رمال بين البصرة واليمامة صعبة المسالك» : ٣ / ٣٨٧.

(٧) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٠.

(٨) ن. م. ويذكر البكري أنه ماء بتياس. معجم ما استعجم : ١٢٢٧.

(٩) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ١٦٨.

(١٠) لغدة : بلاد العرب / ٣٥١ ، ويذكر البكري أنها أرض معروفة : ٤ / ١٣٨١. ويذكر ياقوت أنها موضع ٤ / ٩٣٤.

(١١) لغدة : بلاد العرب / ٣٥١ هامش.

(١٢) البكري : معجم ما استعجم / ١٠٠٢. ياقوت : ٣ / ٨١٠. وفي رواية أخرى أنها عين شمال هجر. معجم ما استعجم : ١٠٠٢.

٤٦

وقد ذكرت المصادر مياها أخرى لم تعين مواقعها ، وهي غير موجودة الآن ، ومما ذكرته قدام (١) ، وعباعب (٢).

البحيرات :

لا تذكر المصادر إلا بحيرة واحدة في البحرين هي الاحساء ، وقد وصفها الأزهري بأنها «على باب الاحساء وقرى هجر ، بينها وبين البحر الأخضر عشرة فراسخ ، وقدرت البحيرة ثلاثة أميال في مثلها ، ولا يفيض ماؤها (٣) ، وماؤها راكد زعاق» (٤) ، وقد ذكرت في شعر الفرزدق (٥) :

كأن ديارا بين أسنمة النقا

وبين هذا ليل البحيرة مصحف

وتسمى الآن الأصفر في آخر قرى الاحساء الشرقية (٦) ، في الشمال الشرقي من الهفوف على بعد ١٢ ميلا (٧).

وعلى هذه البحيرة بئر شفية ، وهي عذبة الماء (٨) ، ولا تزال معروفة بنفس الاسم (٩).

إن عددا كبيرا من العيون والأنهار والآبار التي ذكرتها المصادر

__________________

(١) ياقوت : ٤ / ٣٨. مراصد الاطلاع : ٢ / ٣٩٠.

(٢) ياقوت : ٣ / ٦٠١. ويذكر البكري أنها موضع. معجم ما استعجم / ٩١٦.

(٣) يغيض : ينقص. لسان العرب : ١٠ / ١٤١.

(٤) الأزهري : تهذيب اللغة ٥ / ٤٠. انظر ياقوت معجم البلدان ١ / ٥٠٧ ـ ٥٠٨.

مراصد الاطلاع : ١ / ١٣٣.

(٥) الأزهري : تهذيب اللغة ٥ / ٤٠.

(٦) الإحسائي : تحفة المستفيد ١ / ٣.

(٧) Handbook of Arabia ,Vol ,I ,٤٠٣ وقد ورد اسمها «بركة الأصفر».

(٨) الأزهري : تهذيب اللغة ١١ / ٤٢٤. ياقوت : ٣ / ٣٠٥. مراصد الاطلاع : ٢ / ١١٧.

(٩) ابن بليهد : صحيح الأخبار ٤ / ٢٦٨.

٤٧

الإسلامية غير موجودة الآن ، ويرجع ذلك إلى أن بعض معلومات تلك المصادر غير دقيقة في هذا المجال أو مبالغ فيها ، يضاف إلى ذلك إهمال أعمار المنطقة بسبب الثورات والاضطرابات التي حدثت فيها والتي أدت إلى تدمير وحرق بعض المدن كما حدث للزارة (١) ، وخراب بعض العيون والأنهار والآبار.

__________________

(١) انظر الزارة في الفصل الثالث.

٤٨

الفصل الثاني السكان

العرب :

كانت البحرين عند ظهور الإسلام مأهولة بالسكان ، بدليل كثرة ما فيها من القرى والعشائر ، ويرجع ذلك إلى توفر المياه فيها ، وخصوبة أرضها ، ووقوعها على البحر ، وكانت في البحرين عند ظهور الإسلام كل قبائل عبد القيس ، وعشائر من تميم ومن بكر بن وائل ومن الأزد ، هذا بالإضافة إلى عناصر غير عربية كانت تقطن فيها وأهمهم الفرس ، والزط ، والسيابجة.

عبد القيس :

يذكر النسابون أن عبد القيس جاءت إلى البحرين من تهامة (١) ، وتغلبت على من كان قد سكن قبلها بها من أياد والأزد (٢) ، وأجلت

__________________

(١) الجاحظ : البيان والتبيين : ١ / ٩٦ ـ ٩٧ ، ابن حزم : جمهرة أنساب العرب : ٢٩٩ ، ابن عبد البر : الأنباه على قبائل الرواة : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، البكري : معجم ما استعجم : ١٨ ، ٧٦ ، ٧٩ ـ ٨٠.

(٢) البكري : معجم ما استعجم : ٨٠ ـ ٨١ ، انظر الميداني ، مجمع الأمثال : ١ / ٤٨٢ ، وفي رواية أخرى أنهم وجدوا بها بكر بن وائل وتميم فزاحموهم في ديارهم وقاسموهم الموطن. ابن خلدون : ٢ / ٦٢٢ ، صبح الأعشى ١ / ٣٣٧.

٤٩

أيادا عنها (١) ، فنزلت جذيمة بن عوف الخط وافناءها ، ونزلت شن بن أقصى طرقها وأدناها إلى العراق ، ونزلت نكرة بن لكيز بن أقصى بن عبد القيس وسط القطيف وما حوله ، والشفّار ، والظهران إلى الرمل ، وما بين هجر إلى قطر وبينونة ، ونزلت عامر بن الحارث والعمور ـ وهم بنو الديل ومحارب وعجل أبناء عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصى بن عبد القيس ومعهم عميرة بن أسد بن ربيعة حلفاء لهم ـ الجوف والعيون والاحساء حذاء طرف الدهناء ، وخالطوا أهل هجر في دارهم (٢) ، أي أنهم انتشروا في أكثر أجزاء البحرين وخاصة المناطق الساحلية منها ، ونزلوا أهم مدنها.

وقد احتفظت عبد القيس بهذه المواضع حتى ظهور الإسلام (٣). وقد ذكرت مناطق أخرى لعبد القيس دون أن يحدد أي عشائر يسكنها ، منها المشقر والصفا (٤) وجواثا (٥) ، وسماهيج (٦) ، ومحلم (٧) ، وقبة (٨) ، وعدد آخر من القرى (٩) ، كما ذكرت المصادر أيضا عددا من

__________________

(١) البكري : معجم ما استعجم / ٨١ ، ياقوت : ٤ / ٥٤١.

(٢) البكري : معجم ما استعجم : ٨١ ـ ٨٢ وفي ديوان الفرزدق ١ / ٥١ ـ ٥٢ «طبعة دمشق» هجر والخط لعبد القيس خاصة ، وفي النووى : صحيح مسلم بشرح النووى ١ / ١٨١ «وقال صاحب التحرير : ووفد عبد القيس ... وكانوا ينزلون البحرين ، الخط وأعنابها ، وسرة القطيف والسفار والظهران إلى الرمل إلى الأجرع ، ما بين هجر إلى قطر وبينونة ثم الجوف والعيون والإحساء إلى حد أطراف الدهناء وسائر بلادها».

(٣) البكري / معجم ما استعجم / ٨٩.

(٤) ياقوت : ٤ / ٥٤١ ، مراصد الاطلاع ٣ / ١٠٥.

(٥) الزمخشري : الجبال والأمكنة والمياه : ٣٦ ، ياقوت ٢ / ١٣٦.

(٦) البكري : معجم ما استعجم : ١٢٨٢.

(٧) ياقوت : ٤ / ٤٢٨.

(٨) ن. م. / ٤ / ٣٣.

(٩) انظرها في الفصل الثاني «المدن والقرى».

٥٠

القرى لنبي عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصى (١) ، وذكر ابن الفقيه أنها أضعاف قرى بني محارب (٢) ، كما ذكر من منازلهم قطر (٣) ، وجبلة (٤).

وذكرت المصادر لبني محارب عددا كبيرا من القرى (٥) ، والمدن منها هجر (٦) ، والعقير (٧). أما جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصى بن عبد القيس فمن منازلها البيضاء وتسمى باسمهم (٨) ، وإحساء خرشاف (٩) ، وقرية أأفار لجماعة من كلب بن جذيمة (١٠) ، وصلاصل لنبي عامر بن جذيمة (١١) ، وأوال لنبي مسمار بن جذيمة (١٢).

وقد حدث بعض التبدل في مواطن القبائل بعد الإسلام ، فقد أصبحت القطيف من منازل جذيمة بن عبد القيس ، وكانت رئاستهم في بني مسمار (١٣) ، وشفار لبني عامر بن الحارث بن

__________________

(١) انظر قرى بني عامر في الفصل الثاني.

(٢) ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان / ٣.

(٣) البكري : معجم ما استعجم / ٨٨.

(٤) الحربي : المناسك / ٦٢٠ ، ياقوت ٢ / ٢٧ ، مراصد الاطلاع ١ / ٢٣٩.

(٥) انظر قرى بني محارب في الفصل الثالث «المدن والقرى».

(٦) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ١٣٦.

(٧) ن. م.

(٨) الأزهري : تهذيب اللغة ١٢ / ٨٨ ، لسان العرب ١١ / ١٢٩.

(٩) ياقوت ٢ / ٤٢٢.

(١٠) ن. م. / ١ / ٦٤ ، مراصد الاطلاع ١ / ٧.

(١١) ياقوت ٣ / ٤١١.

(١٢) المسعودي : مروج الذهب ١ / ١١٠ ، البكري : المسالك والممالك. ورقة ٠٥.

(١٣) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ١٣٦ ، ياقوت ٤ / ١٤٣ ، وبنو مسمار : هم بنو أبي الحسن علي بن مسمار بن مسلم بن مدحور بن صعصعة بن مالك بن عمرو بن

٥١

عبد القيس (١) ، وصفوان لبني حفص بن عبد القيس ، وكانوا بها عندما دخلها القرامطة عام ٢٨٧ ه‍ (٢) ، والظهران لبني سعد بن تميم ، وكانوا بها عندما فتحها أبو سعيد الجنابي عام ٢٨٧ ه‍ (٣) ، ولعل ذلك راجع إلى وقوع الحرب بينهم فاضطروا إلى ترك منازلهم الأصلية إلى مناطق أخرى ، وإلى هجراتهم بعد الإسلام إلى البصرة والكوفة والموصل.

لقد استحوذت عبد القيس على معظم البحرين ولذلك عدها بعضهم لعبد القيس (٤) ، وقال الأخنس بن شهاب التغلبي (٥) :

لكل أناس من معد عمارة

عروض يلجأون إليها وجانب

لكيز لها البحران والسيف كله

وأن يأتها بأس من الهند كارب

إن كثرة مدن وقرى عبد القيس التي ذكرنا المصادر تظهر مدى انتشارهم ودورهم في البحرين.

ومن زعمائهم المشهورين عند ظهور الإسلام الأشج العصري الذي تزعم وفد عبد القيس الأول إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، والجارود العبدي الذي رأسهم في الوفادة الثانية (٦) ، ومن بطونهم

__________________

مخاشن بن معدي بن كليب بن عامر بن سعد بن ثعلبة بن جذيمة. شرح ديوان ابن مقرب نقلا عن الإحسائي : تحفة المستفيد ١ / ٢٥٦.

(١) ياقوت ٣ / ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، مراصد الاطلاع ٢ / ١١٦ ، ١١٨.

(٢) المسعودي : التنبيه والاشراف / ٣٩٢ ، والنسابون لا يذكرون بنو حفص بن عبد القيس انظر جدول قبائل عبد القيس.

(٣) المسعودي : التنبيه والاشراف / ٣٩٢.

(٤) ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان / ٢٨.

(٥) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ٢٠٤.

(٦) عن وفادة عبد القيس انظر الفصل الخامس.

٥٢

المشهورة نكرة ، وقد وصفهم ابن قتيبة بأنهم أهل البحرين وفيهم العدد والشرف (١).

بكر بن وائل :

استوطن بكر بن وائل البحرين قبيل الإسلام ، وخاصة بعد يوم قضة وهو آخر أيام حرب البسوس ، وقد امتدت مساكن بكر إلى اليمامة وكذلك إلى أطراف العراق الغربية (٢). ومن بطون بكر التي استوطنت البحرين بنو قيس بن ثعلبة بن عصابة (٣) ، وذكرت المصادر من منازلهم هجر (٤) ، والسيدان (٥) ، والشيطان (٦) ، وثاج (٧) ، وعباعب (٨) ، وهم لم ينفردوا في سكن هذه الأماكن ، وقد حدث تبدل طفيف في مواطن قيس بن ثعلبة بعد الإسلام ، فقد أصبحت ثاج من منازل بني سعد بن زيد مناة بن تميم التي انتزعوها منهم (٩).

__________________

(١) المعارف : ٩٣ ، انظر المطهر القدسي : البدء والتاريخ : ٤ / ١٢٤.

(٢) البكري : معجم ما استعجم : ٨٥ ـ ٨٦ ، وذكر الهمداني ديار بكر من اليمامة إلى البحرين إلى سيف كاظمة إلى البحر فأطراف سواد العراق فالابلة فهيت. صفة جزيرة العرب / ١٦٩ ، وقضة : عقبة في عارض اليمامة. معجم ما استعجم / ٨٥ ، وعنخ حرب البسوس انظر ابن الأثير : الكامل / ١ / ٥٢٣ وما بعدها.

(٣) البلاذري : فتوح البلدان / ٨٣ ، الطبري : ١ ق ٤ / ١٩٦١.

(٤) ديوان طرف بن العبد : ١٥ (نشر علي الجندي).

(٥) أبو عبيدة : نقائض جرير والفرزدق : ١ / ٤٨٢.

(٦) ن. م. / ٢ / ١٠٢٠ ـ ١٠٢٣ ، صفة جزيرة العرب : ١٢٣ ، معجم ما استعجم ١١٥٦.

(٧) أبو عبيدة : النقائض : ١ / ١٣٠ ، انظر ياقوت ٢ / ٨١١.

(٨) معجم ما استعجم : ٩١٦ ، ياقوت ٣ / ٦٠١.

(٩) ياقوت ٢ / ٨١١.

٥٣

ولم تساهم عشائر بكر المستوطنة في البحرين في التجارة أو الصناعة ، ويبدو إنها كانت بدوية.

ولم تنظم بكر إلى الإسلام في زمن الرسول ، ولم توفد له وفودا ، وقد سعى شريح بن ضبيعة الملقب بالحطم إلى السيطرة السياسية وتطلب منه ذلك أن يحارب العشائر التي انضمت إلى الإسلام ، فكان موقفه بذلك معاديا للإسلام واعتبر من المرتدين (١).

تميم :

تميم من أكبر القبائل العربية ، وقد انتشرت في هضبة نجد من الحجاز إلى الأطراف الشرقية للجزيرة ، واستوطنت بعض عشائرهم البحرين مع القبائل العربية الأخرى (٢) ، ومن بطونهم التي استوطنت البحرين بنو سعد بن زيد مناة بن تميم ، وامتدت منازلهم في الجنوب إلى يبرين ، وفي الشمال إلى سفوان (٣) ، ففي يبرين نزل بنو عوف بن سعد ، وبعض بني عوف بن كعب ، وأخلاط سعد (٤) ، أما الاحساء فقد نزلنا أخلاطهم (٥) ، وتسمى احساء بني سعد (٦) ، والأجواف (٧) ، وبطن

__________________

(١) فتوح : ٨٣ ، الطبري : ١ ق ٤ / ١٩٦١ ، ولقب بالحطم لقوله «قد لفها الليل بسواق حطم». فتوح / ٨٣.

(٢) ثعلب : مجالس ثعلب : ١ / ٣٥٢ ، الاصطخري : مسالك الممالك : ٢٢ ـ ٢٣ ، الأقاليم : ١٢ ـ ١٣ ، البكري : معجم ما استعجم : ٨٧ ـ ٨٨.

(٣) لغدة : بلاد العرب : ٣٥١.

(٤) ن. م. / ٣٤٣ ، ديوان الحطيئة : ١٢٨ ـ ١٢٩.

(٥) لغدة : بلاد العرب / ٣٤٣ ، الهمداني : صفة جزيرة العرب / ١٣٧ ، المسعودي التنبيه والاشراف / ٣٩٢.

(٦) الأزهري : تهذيب اللغة ٥ / ١٦٨ ، انظر لسان العرب : ١٤ / ١٧٧ ، القاموس المحيط : ٤ / ٣١٧ ، ياقوت ١ / ١٤٨ ، شيخ الربوة : نخبة الدهر / ٢٢٠ ، تقويم البلدان : ٩٩ ، مراصد الاطلاع ١ / ٣٠.

(٧) لغدة : بلاد العرب : ٣٤٤ ، انظر ياقوت ٢ / ١٥٧.

٥٤

عز ومياهه ثباآت وكنهل (١) ، ووادي الستار بما فيه من قرى ومياه ، لإفناء سعد ولامرىء القيس بن زيد (٢) ، والقاعة ، وتسمى قاعة بني سعد (٣) ، والعتيد ، والطريفة لبني مالك بن سعد التي انتزعوها من بني عوف بن كعب (٤) ، وقريتا ثيتل والنباج لبني مالك بن سعد (٥) ، والسيدان (٦) ، ومياهه الحمانية لبني جمان (٧) ، والربيعية لبني ربيع بن الحارث (٨) ، ويشتركون مع بني الحرماز بن مالك في مياه كثيرة منها مسلحة ، والوفراء ، وكاظمة (٩) ، وذكرت المصادر من منازل بني سعد بن زيد مناة أيضا المقر (١٠) ، والفروق (١١) ، والقليعة (١٢) ، وشفية (١٣) ،

__________________

(١) لغدة : بلاد العرب : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، انظر ياقوت ٤ / ٣١٣ ، وفي معجم ما استعجم : ١١٣٦ كنهل ماء لبني عوف بن عاصم بن ثعلبة بن يربوع.

(٢) لغدة : بلاد العرب : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، الهمداني : صفة جزيرة العرب : ١٣٦ ، ياقوت ٣ / ٣٨ ، الأزهري : تهذيب اللغة ١٢ / ٣٨٢.

(٣) الغدة : بلاد العرب : ٣٤٧ ، انظر معجم ما استعجم : ١٠٤٤ ، ياقوت ٤ / ١٧.

(٤) لغدة : بلاد العرب : ٣٤٧.

(٥) أبو عبيدة : النقائض : ١ / ٢٠٥ ، لغدة : بلاد العرب : ٣٤٨ ، الهمداني صفة جزيرة العرب : ١٣٧ ، معجم ما استعجم : ١٢٩١ ـ ١٢٩٢.

(٦) النقائض ١ / ٤٨٢ ، معجم ما استعجم : ٧٧١ ، ياقوت ٣ / ٢١١.

(٧) لغدة : بلاد العرب : ٣٥٠ ، وحمان هو حمان بن عبد العزى بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ابن الكلبي : جمهرة النسب : ٧٥.

(٨) لغدة بلاد العرب : ٣٥٠ ، وربيع هو ربيع بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ابن الكلبي : جمهرة النسب / ٧٦.

(٩) لغدة : بلاد العرب : ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، انظر معجم ما استعجم : ١٢٢٨ ، الأزهري : تهذيب اللغة ١٠ / ١٦١.

(١٠) النقائض : ٢ / ١٠١٧.

(١١) الأزهري : تهذيب اللغة : ٩ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(١٢) الحربي : المناسك / ٦٢١.

(١٣) الأزهري : تهذيب اللغة : ١١ / ٤٢٤.

٥٥

والرمانتان (١) ، ودارا (٢) ، وحمض (٣) ، ورهبى (٤) ، والسليت لبني عطارد (٥).

ومن بطونهم الأخرى بنو دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ، ومن منازلهم الصمان لعبد الله ونهشل ابني دارم ، مختلطين بضبّة ، وكعب بن العنبر (٦) ، ولبني عبد الله بن دارم أيضا مصنعة الخمة (٧) ، والقرعاء (٨) ، ولبني مناف بن دارم الرمادة التي يشاركهم فيها بنو فقيم بن جرير بن دارم (٩) ، وماء قنور (١٠) ، وثبرة (١١) ، وركية في طويلع (١٢).

ولبني فقيم بن جرير بن دارم نصف ماء طويلع (١٣) ،

__________________

(١) ياقوت : معجم البلدان : ٢ / ٨١٤.

(٢) ياقوت : المشترك / ١١٤.

(٣) ياقوت : معجم البلدان : ٢ / ٣٣٩.

(٤) البكري / معجم ما استعجم : ٦٧٩ ، ياقوت : ٢ / ٨٧٨.

(٥) ياقوت : ٣ / ١٢٧ ، وعطارد : هو عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ابن الكلبي : جمهرة النسب : ٧٧.

(٦) لغدة : بلاد العرب / ٢٩٦.

(٧) ن. م. ، ياقوت ٢ / ٤٧٢.

(٨) لغدة : بلاد العرب : ٣٥١.

(٩) أبو عبيدة : النقائض : ١ / ٢١٤ ، ٢ / ٧٨٠ ، لغدة : بلاد العرب / ٢٥٤ ، انظر ياقوت : ٢ / ٨١٣.

(١٠) لغدة : بلاد العرب : ٣٥٤.

(١١) ن. م. انظر البكري : معجم ما استعجم : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، ياقوت ١ / ٩١٧.

(١٢) لغدة : بلاد العرب / ٢٩٧.

(١٣) أبو عبيدة : النقائض : ١ / ٢١٤ ، لغدة : بلاد العرب : ٢٩٦ ، وفي معجم ما استعجم : ٣٢٦ ، ٧٧٥ ـ ٧٩٩ طويلع لبني أسيد بن عمرو بن تميم ، وفي ياقوت ٣ / ٥٦٣ طويلع لبني يربوع من تميم.

٥٦

والجرباء (١) ، ولبني ربيعة بن مالك بن دارم ركيتان في طويلع (٢) ، واللهابة (٣) ، ولبني نهشل بن دارم لصاف (٤) ، أما بنو العنبر بن عمرو بن تميم فلهم وادي الخدادة بالصمان (٥) ، ولبني الحرماز بن مالك ثمد الفارسي (٦) ، وذكرت المصادر البيضة بالصمان لبني دارم (٧) ، وأخاشب الصمان لبني تميم (٨) دون أن تحدد من منهم يسكنها.

وقد حدث بعض التبدل في مواطن تميم بعد الإسلام ، فمياه الشاجنة وهي اللهابة ، والقرعاء ، ولصاف ، والرمادة ، وطويلع ، كانت لبني مالك بن حنظلة ، فحدث نزاع عليها بين بني فقيم بن جرير بن دارم بن مالك بن حنظلة وكعب بن العنبر ، ورفع النزاع إلى مروان بن الحكم عامل المدينة ، فطلب من أحد الفريقين المتنازعين ترك المياه ، فتركها بنو فقيم بن جرير بن دارم لبني كعب (٩).

وكانت عشائر تميم المستوطنة في البحرين بدوية فيما يظهر ، فلم يرد من الأخبار ما يدل على مساهمتها في التجارة أو الصناعة ، أو

__________________

(١) لغدة : بلاد العرب / ٣٥٤ ، وفي ياقوت : ٢ / ٤٦ الجرباء لبني سعد بن زيد مناة.

(٢) لغدة : بلاد العرب / ٢٩٧.

(٣) النقائض ١ / ٢١٤ ، وفي لغدة : بلاد العرب / ٢٥٢ أنها لبني كعب بن العنبر ، وفي البكري : ١١٦٣ أنها لعبد شمس بن تميم وأخرجتهم منها بنو كعب بن العنبر.

(٤) النقائض : ١ / ٢١٤ ، لغدة : بلاد العرب : ٣٥٥ ، ديوان الفرزدق : ١ / ٦٩ ، ٧٢ ، «طبعة دمشق» وفي معجم ما استعجم / ١١٦٣ ، ياقوت : ٤ / ٣٥٦ أنها لبني يربوع.

(٥) ديوان الفرزدق : ١ / ٢٨ «طبعة دمشق».

(٦) الحرماز : هو الحارث بن مالك بن عمرو بن تميم. النويري : نهاية الارب ٢ / ٣٤٥.

(٧) بلاد : بلاد العرب / ٣١٩.

(٨) النقائض ١ / ١٦٨.

(٩) البكري : معجم ما استعجم / ١٢٤.

٥٧

تنظيمات حضارية ، ويبدو مما ذكرته المصادر أنه لم تكن لهم مدن ، وأن غالبيتهم كانوا يقيمون في البادية.

وكان بنو تميم يؤمون هجر في المواسم للميرة واللقاط (١) ، ولم يخضعوا لسلطة الفرس في البحرين ، بل كانوا يغيرون على قوافل كسرى التي تمر عبر بلادهم ، مما حمل الفرس على الانتقام منهم والإيقاع بهم في يوم المشقر المشهور (٢).

الأزد :

من القبائل العربية التي استوطنت البحرين منذ قبل الإسلام ، ولا نعلم بالضبط زمن ذلك ، فاليعقوبي يذكر أن الأزد خرجت من اليمن بعد هدم سد مأرب حتى وصلت السراة ، فخرج بعض بطونهم منهم الربيعة وعمران بنو عمرو بن عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر وهم بارق وغالب ويشكر بن قيس بن صعب بن دهمان وقوم من عامر وحوالة نحو عمان ، فلما صالوا بها انتشروا بالبحرين وهجر (٣) ، ويقول الهمداني أن الأزد أقاموا بتهامة ثم وقعت الفرقة بينهم «فصار كل فخذ منهم إلى بلد ... ومنهم من رمى قصد عمان واليمامة والبحرين» (٤) ، ويقول ابن شبه «فارتحلت عبد القيس وشن بن أقصى ، وبعثوا بالرواد مرتادين فاختاروا البحرين وهجر وضاموا من بها من أياد والأزد» (٥).

ويبدو أن استقرار الأزد في البحرين تم قبل مجيء عبد القيس

__________________

(١) الطبري : ١ ق ٢ / ٩٨٥ ، انظر ابن الأثير : الكامل : ١ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩ ، الأصفهاني : الأغاني : ١٦ / ٧٦ ـ ٧٧ ، القزويني : آثار البلاد ١١٠ ـ ١١١.

(٢) عن يوم المشقر أنظر الفصل الثالث «المدن والقرى ـ المشقر».

(٣) اليعقوبي : التاريخ ١ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

(٤) الهمداني : صفة جزيرة العرب / ٢٠٩.

(٥) البكري : معجم ما استعجم : ٨٠ ـ ٨١ ، انظر الميداني : مجمع الأمثال ١ / ٤٨٢.

٥٨

إليها ، كما أن بعضهم جاء إليها بعد الإسلام وبعد هجرة عبد القيس إلى البصرة (١).

وقد ذكرت المصادر من مناطق سكناهم أوال إذ كان فيها بنو معن (٢) ، والقطيف مع عبد القيس (٣).

وفي عام ٦٧ ه‍ سار نجدة بن عامر الحنفي بجموعة من الخوارج نحو البحرين لفتحها ، وقد رحبت به الأزد في القطيف ، وعزموا على مسالمته (٤) ، وعندما فتح أبو سعيد الجنابي القرمطي الزارة عام ٢٨٦ ه‍ كان رئيسها الحسن بن العوام من الأزد (٥) ، مما يدل على أهمية دورهم في البحرين في تلك الفترة.

الجاليات الأعجمية في البحرين :

كان في البحرين قبيل الإسلام جالية فارسية ، وهي تشمل القوات العسكرية التي أوطنها الساسانيون هذه المنطقة لتأمين سيطرتهم على البحرين ، فيروى الأصمعي أن جيلان قوم اتخذهم كسرى عمالا بجانب البحرين ليصرموا (٦) له النخل (٧) ، قال امرؤ القيس (٨) :

__________________

(١) عن هجرة عبد القيس إلى البصرة بعد الإسلام انظر العلي : التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري : ٤٢ ، ١٤١ (الطبعة الثانية).

(٢) المسعودي : مروج الذهب : ١ / ١١٠ ، البكري : المسالك والممالك ورقة ١٠٥ وبنو معن : من الأزد بطن من دوس بن عدثان. ابن حزم : جمهرة أنساب العرب : ٤٧٣.

(٣) ديوان الفرزدق : ١ / ٥٤ (طبعة دمشق لسنة ١٩٦٥).

(٤) تاريخ مصنف مجهول : ١١ / ١٣١ «انظر التفصيلات في الفصل السابع».

(٥) المسعودي : التنبيه والاشراف ٣٩٢.

(٦) الصرم : قطع ثمر النخل واجتناؤه. لسان العرب : ١٢ / ٣٣٤.

(٧) ديوان امرىء القيس : ٥٨.

(٨) ن. م.

٥٩

أطافت به جيلان عند قطاعه

تردد فيه العين حتى تحيرا

ويقول ابن دريد : «وجيلان قوم من الفرس رتبهم كسرى في البحرين شبيه بالأكره» (١) ، ويروى الأزهري عن عمرو بن بحر أن جيلان فعلة الملوك ، وكانوا من أهل الجيل (٢) ، ويروى ياقوت عن محمد بن المعلى الأزدي أن جيلان قوم من أبناء فارس انتقلوا من نواحي اصطخر فنزلوا بطرف من البحرين فغرسوا وزرعوا وحفروا وأقاموا هناك ، فنزل عليهم قوم من بني عجل فدخلوا فيهم (٣) ، قال تميم بن أبي مقبل (٤) :

ثم احتملن أنيا بعد تضحية

مثل المخاريف من جيلان أو هجر

طافت به الفرس حتى بذنا هضها

عم لقحن لقاحا غير مبتسر

ويروى ابن منظور أنهم قوم رتبهم كسرى بالبحرين لخرص (٥) النخل أو لمهنة ما (٦). جيلان إيرانيون ويدل اسمهم على أنهم كانوا في الأصل من جنوب بحر قزوين ، وقد اسكنهم كسرى في البحرين ، وكانوا زراعا يعملون في خدمته.

وكانت في البحرين بالإضافة إلى جيلان جماعات أخرى من

__________________

(١) ابن دريد : جميرة اللغة : ٣ / ٢٢٧ ، انظر لسان العرب ١١ / ١٣٤ ، والاكره : الزراع. لسان العرب ٥ / ٨٥ «طبعة مصورة عن بولاق».

(٢) للازهري : تهذيب اللغة ١١ / ١٩١ ، انظر لسان العرب ١١ / ١٣٤ ، وجيلان : تقع في جنوب بحر قزوين غربي طبرستان. ياقوت ٢ / ١٧٩.

(٣) ياقوت : ٢ / ١٧٩ ، انظر مراصد الاطلاع ١ / ٢٧٩.

(٤) ديوان تميم بن مقبل / ٩٢.

(٥) الخرص : التقدير (التخمين). لسان الرعب ٧ / ٢١.

(٦) لسان العرب ١١ / ١٣٤ ، انظر القاموس المحيط ٣ / ٣٥٣ ، الزبيدي : تاج العروس ٧ / ٢٦٩.

٦٠