البحرين في صدر الإسلام

الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم العاني

البحرين في صدر الإسلام

المؤلف:

الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم العاني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٨

إن احتمال الاختلاق في الرواية كبيرة طالما تترتب عليها أمجاد ومفاخرة ، ومع ذلك فإنها مهمة حيث تكشف لنا طريقة إسلام عبد القيس وارتباطهم بالرسول بدون قتال.

ويقول العيني «ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم تبايعوني على أنفسكم وقومكم فقال القوم نعم ، فقال الأشج يا رسول الله أنك لن تزايل الرجل عن شيء أشد عليه من دينه ، نبايعك على أنفسنا وترسل معنا من يدعوهم ، فمن اتبع كان منا ومن أبى قاتلناه (١) ، وبعد فتح مكة سنة ٨ ه‍ رجع الوفد إلى البحرين مع العلاء الحضرمي الذي بعثه الرسول برسالة إلى المنذر بن ساوى ، فحولوا البيعة مسجدا (٢).

وتختلف الروايات في عدد الوفد ، ففي رواية لابن سعد «فأسلم الأشج ... ثم خرج ... في سبعة عشر رجلا وفدا على النبي صلى الله عليه وسلم من أهل هجر ، وقال بعضهم كانوا اثنى عشر رجلا» (٣) ، وفي رواية أخرى له عن الواقدي أنهم كانوا عشرون شخصا رأسهم عبد الله بن عوف الأشج في بني عبيد ثلاثة نفر ، وفي بني غنم ثلاثة نفر ، ومن بني عبد القيس اثنا عشر رجلا معهم الجارود (٤) ، ويروى عن أبي خيرة الصباحي أنه قال «كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا أربعين راكبا» (٥) ، ويورد السهيلي أسماء ثمانية أشخاص ثم يقول «فهذا

__________________

(١) عمدة القاري شرح صحيح البخاري / ١ / ٣١٠ ، الزرقاني / ٤ / ١٦.

(٢) الإصابة / ٢ / ١٧١.

(٣) ابن سعدة / ٥ / ٤١١.

(٤) ابن سعد / ٥ / ٤٠٦ ، انظر ١ ق ٢ / ٥٤ ، ٤ ق ٢ / ٧٧ ، الإصابة / ٢ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، السيرة الحلبية / ٣ / ٢٥٠ ، دحلان / السيرة النبوية / ٢ / ١٧٠.

(٥) ابن عبد البر / الاستيعاب / ٤ / ١٦٤٣ ، انظر أسد الغابة / ٥ / ١٨٣ ، الإصابة / ٤ / ٥٥ ، فتح الباري / ١ / ١٣٩ ، عمدة القاري / ١ / ٣٠٩ ، إرشاد الساري / ٦ / ٣٤٩ ، السيرة الحلبية / ٢ / ١٧٠ ، دحلان / السيرة النبوية / ٢ / ١٧٠.

١٤١

ما بلغني من تسمية من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس» (١) ، ويذكر النووي أن الوفد كانوا أربعة عشر راكبا (٢) ، ويذكر ابن كثير أنهم كانوا ثلاثة عشر راكبا (٣) ، ويذكر ابن حجر أن الأشج خرج في ستة عشر رجلا من أهل هجر وفدا على الرسول (٤).

إن تعدد الروايات حول عدد وفد عبد القيس إلى الرسول يجعل تحديد العدد أمرا صعبا ، إضافة إلى احتمال التزوير والاختلاق طالما يترتب على الوفادة مجد ومفاخرة ، وأرى أن كون الوفد ٤٠ شخصا بعيد عن الصحة ، إذ كيف يتسع بيت واحد لهذا العدد الضخم ، كما أن ضيافته تكون عسيرة ، والراجح أن عدد الوفد يتراوح بين ١٣ ـ ٢٠ شخصا.

أسماء الوفد كما أوردهم ابن سعد : ـ

من بني عصر :

المنذر بن الحارث (٥) المعروف بالأشج (٦) ، وهو رئيس

__________________

(١) الروض الانف / ٢ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، وهم الأشج ، والزارع بن عامر ، ومطر بن هلال العنزي ، وابن أخي الزارع ، والجهم بن قثم ، وأبو خيرة الصباحي ، ومزيدة العصري ، وقيس بن النعمان.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي / ١ / ١٨١ ، انظر فتح الباري / ١ / ١٣٨ ـ ١٣٩ ، عمدة القاري / ١ / ٣٠٨ ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

(٣) البداية والنهاية / ٥ / ٤٨ ، انظر فتح الباري / ١ / ١٣٩ ، عمدة القاري / ١ / ٣٠٨ ، ١٨ / ٢٠ ، إرشاد الساري / ٦ / ٣٤٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٥ ، السيرة الحلبية / ٣ / ٢٥٠ ، دحلان / السيرة النبوية / ٢ / ١٧٠.

(٤) الإصابة ٢ / ١٧١.

(٥) في ابن أسعد ٧ ق ١ / ٦٠ وقد اختلف في اسمه ، يذكر الواقدي أن اسمه عبد الله بن عوف ، ويذكر هشام بن الكلبي أنه المنذر بن الحارث بن عمرو بن زياد بن عصر ، ويذكر المدائني أنه المنذر بن المنذر بن النعمان بن زياد بن عصر.

(٦) سماه رسول الله الأشج لضربة بوجهه. أحمد بن حنبل / المسند / ٣ / ٤٣٢ ، الكرماني / ١ / ٢١١ ، العيني / ١ / ٣٠٨.

١٤٢

الوفد (١) ، وعمرو بن المرجوم (٢) ، وشهاب بن المتروك (٣) ، وهمام بن ربيعة (٤) ، وخزيمة بن عبد عمرو (٥) ، وجارية بن جابر (٦) ، وعامر بن عبد قيس (٧) ، وعمرو بن عبد قيس (٨) ، وعمرو بن شعيث (٩). ومن بني صباح بن عبد القيس أبو خيرة (١٠) ، وعقبة بن جروة (١١) ، ومطر بن هلال العنزي وهو أخ لعقبة بن جروة من أمه وحليف لهم من

__________________

(١) ابن سعد / ١ ق ٢ / ٥٤ ، ٤ ق ٢ / ٧٧ ، ٥ / ٤٠٦ ، الإصابة / ٢ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، اليعقوبي / ٢ / ٨٥ ـ ٨٦ ، النووي / صحيح مسلم بشرح النووي / ١ / ١٨١ ، الكرماني / ١ / ٢١١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٨ ، عمدة القاري / ١ / ٣١٨ ، السيرة الحلبية / ٣ / ٢٥٠ ، الزرقاني / ٤ / ١٦ ، النويري / ١٨ / ٦٥.

(٢) اسم المرجوم عبد قيس بن عمرو بن شهاب بن عبد الله بن عصر بن عوف بن عمرو بن عبد القيس. ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، انظر الإصابة / ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ٢ / ١٧١ ، النووي / ١ / ١٨١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٨ ، العيني / ١ / ٣٠٨ ، القسطلاني / ٦ / ٣٤٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

(٣) اسم المتروك عباد بن عبيد بن شهاب بن عبد الله بن عصر. ابن سعد / ٥ / ٤١١ ، انظر الإصابة / ٢ / ١٧١.

(٤) ابن سعد / ٥ / ٤١١ ، انظر الإصابة / ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ٢ / ١٧١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٩.

(٥) ابن سعد / ٥ / ٤١٢ ، وفي الإصابة / ٢ / ١٧١ ، ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ جذيمة ، فتح الباري / ١ / ١٣٩.

(٦) ابن سعد / ٥ / ٤١٢ ، انظر الإصابة / ١ / ٢١٩ ، وفي ٢ / ١٧١ حارثة بن جابر ، فتح الباري / ١ / ١٣٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٧.

(٧) ابن سعد / ٥ / ٤١٢.

(٨) ن. م. / ٥ / ٤١١.

(٩) ن. م.

(١٠) ابن سعد / ٧ ق ١ / ٦٢ ، انظر خليفة / الطبقات / ٦٠ ، الاستيعاب / ٤ / ١٦٤٣ ، أسد الغابة / ٥ / ١٨٣ ، الإصابة / ٤ / ٥٤ ـ ٥٥ ، فتح الباري / ١ / ١٣٩.

(١١) ابن سعد / ٥ / ٤١٢ ، انظر الإصابة / ٢ / ١٧١ عقبة بن حدرة ، فتح الباري / ١ / ١٣٨ ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

١٤٣

عنزة (١) ، والزارع بن الوازع العبدي (٢) ، وقد نزل البصرة (٣).

ومن بني عائشة بن العوف بن الديل الحارث بن جندب (٤) ، ومن بني مرة بن ظفر بن الديل صحار بن العباس العبدي (٥) ، ومن بني عجل بن عمرو بن عبد القيس سفيان بن خولى من بني ظالم بن ذهل بن عجل (٦) ، ومنقذ بن حبان (٧) ، ومن بني محارب بن عبد القيس همام بن معاوية بن شبابة (٨) ، وحفيدة عبيدة بن مالك بن حطمة بن عمرو بن محارب (٩) ، ومحارب بن مزيدة بن مالك (١٠) وإبان المحاربي (١١) ، ومن بني ظفر بن ظفر بن محارب سفيان بن همام ،

__________________

(١) ابن سعد / ٥ / ٤١٢ ، انظر أسد الغابة / ٤ / ٣٧٢ ، الإصابة / ٣ / ٤٠٢ ، السهيلي / ٢ / ٣٣٣ ، وفي فتح الباري / ١ / ١٣٩ أخو الزارع.

(٢) في ابن خياط / الطبقات / ٦٠ الزارع بن عمرو ، وفي البخاري / التاريخ الكبير / ٢ ق ١ / ٤٠٨ ، الأدب المفرد / ٢٥٣ الزارع بن عامر.

(٣) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، ٧ ق ١ / ٦٢.

(٤) ابن سعد / ٥ / ٤١٢ ، وفي العيني / ١ / ٣٠٨ الحارث بن حبيب العائشي.

(٥) ابن سعد / ٥ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ ، انظر الإصابة / ٢ / ١٧١ ، النووي / صحيح مسلم بشرح النووي / ١ / ١٨١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٨ ، إرشاد الساري / ٦ / ٣٤٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

(٦) ابن سعد / ٥ / ٤١٠.

(٧) ن. م. / ١ ق ٢ / ٥٤ ، ٥ / ٤١٠ ، انظر الإصابة / ٢ / ١٧١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٨ ، عمدة القاري / ١ / ٣٠٨ ، القسطلاني / ٦ / ٣٤٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

(٨) ابن سعد / ٥ / ٤١٢ ، انظر الإصابة / ٣ / ٥٧٧.

(٩) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، وفي الإصابة / ٢ / ١٧١ ، والنووي / ١ / ١٨١ ، وفتح الباري / ١ / ١٣٨ ، والعيني / ١ / ٣٠٨ ، والقسطلاني / ٦ / ٣٤٩ ، والزرقاني / ٤ / ١٥ «عبيدة بن همام».

(١٠) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، انظر أسد الغابة / ٤ / ٣٠٤.

(١١) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، ٧ ق ١ / ٦٢ ، انظر أسد الغابة / ١ / ٣٧ ، الإصابة / ١ / ٢٥ ، وفي رواية أخرى هو غسان العبدي. ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، انظر أيضا البخاري / ـ ـ التاريخ الكبير / ٤ ق ١ / ١٠٦ ، الاستيعاب / ٣ / ١٢٥٥ ، أسد الغابة / ٤ / ١٧٠ ، الإصابة / ٣ / ١٨٣.

١٤٤

وعمرو بن سفيان (١) ، وذكر من أسماء الوفد أيضا جابر بن عبد الله بن جابر العبدي (٢).

وذكرت المصادر من الوفد عددا لم يذكرهم ابن سعد وهم الجهم بن قثم (٣) ، وقيس بن النعنمان العبدي (٤) ، والمنذر بن الأشوع العبدي (٥) وعامر بن الحارث من بني مرة (٦) ، وجابر بن الحارث (٧) ، وفضالة بن سعيد المحاربي وكان من إشرافهم (٨) ، والأشعث بن جودان (٩) ، وحسان بن أبي حسان العبدي (١٠) ، ومشمرخ (١١) بن خالد السعدي قدم على النبي في الوفد فكساه بردا وأقطعه ركيا بالبادية

__________________

(١) ابن سعد / ٥ / ٤١٢.

(٢) ان سعد / ٧ ق ١ / ٦٢ ، ٥ / ٤١٠ ، انظر البخاري التاريخ الكبير / ٣ ق ١ / ٥٩ ، وفي الاستيعاب / ١ / ٢٢٣ ، وأسد الغابة / ١ / ٢٥٨ جابر بن عبيد العبدي ، الإصابة / ١ / ٢١٥.

(٣) السهيلي الروض الانف / ٣ / ٣٣٤ ، أسد اغابة / ١ / ٣١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٩ ، وفي العيني / ١ / ٣٠٨ الجهيم بن قثم.

(٤) الاستيعاب / ٣ / ١٣٠٢ ، أسد الغابة / ٤ / ٢١٨ ـ ٢٢٩ ، الإصابة / ٣ / ٢٥١ ، الروض الانف / ٢ / ٣٣٤ ، وفي فتح الباري / ١ / ١٣٩ «النعمان العبدي» ، العيني / ١ / ٣٠٨ ، إرشاد الساري / ٦ / ٣٤٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

(٥) الإصابة / ٢ / ٤٣٨.

(٦) ن. م. / ٢ / ١٧١.

(٧) ن. م. / ١ / ٢١٢ ، فتح الباري / ١ / ١٣٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٧.

(٨) الإصابة / ٣ / ٢٠١.

(٩) أسد الغابة / ١ / ٩٧.

(١٠) ن. م. / ٢ / ٧.

(١١) في الإصابة / ١ / ٤٠١ «مشمرج».

١٤٥

وكتب له كتابا (١) ، ورسيم الهجري (٢) ، ومن بني عصر الحارث بن شعيب (٣) ومزيدة (٤) ، وجويرة (٥) ، ومن بني صباح عيسى بن عبد الله (٦) ، وأبو سنان وهو مؤذن مسجد بني صباح (٧) ، والأعور بن مالك بن عمر بن عوف بن عامر بن ذبيان بن الديل (٨) ، والقائف ، وإياس ابني عيسى بن أمية بن ربيعة بن عارم بن ذبيان بن الديل وكانا من سادات بني صباح (٩) ، وذكر العيني من وفد عبد القيس شريك بن عبد الرحمن ، والحارث بن عيسى ، وعبد الله بن قيس ، وعيسى بن عبد الله ، وربيعة بن خراش ، ومحارب بن مرثد ، وعباد بن نوفل بن خداش ، وابنه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن ، والحكم ابني حيان ، وعبد الرحمن بن أرقم ، وفضالة بن سعد ، وحسان بن يزيد ، وعبد الله بن همام ، وسعد بن عمر ، وعبد الرحمن بن همام ، وحكيم بن عامر ،

__________________

(١) أسد الغابة / ٤ / ٨٩ ، الإصابة / ١ / ٤٠١ ، وفي أسد الغابة / ٤ / ٣٦٧ ـ ٣٨٦ كساه النبي صلى الله عليه وسلم بردا وأقطعه ركنا بالبادية وكتب له كتابا.

(٢) فتح الباري / ١ / ١٣٩ ، وفي العيني / ١ / ٣٠٨ «الرسيم العدوي» ، إرشاد الباري / ٦ / ٣٤٩ ، الزرقاني / ٤ / ١٦.

(٣) النووي شرح صحيح مسلم / ١ / ١٨١ ، فتح الباري / ١ / ١٣٨ ، العيني / ١ / ٣٠٩ ، إرشاد الساري / ٦ / ٣٤٩ ، وفي الزرقاني / ٤ / ١٥ «الحارث بن شبيب».

(٤) الروض الانف / ٢ / ٣٣٤ ، وفي أسد الغابة / ٣٠٤٤ ، والنووي / ١ / ١٨١ د «مزيد بن مالك المحاربي» ، وفي الإصابة / ٢ / ١٧١ «مرثدة بن مالك المحاربي» ، العيني / ١ / ٣٠٨ ، وفي إرشاد اساري / ٦ / ٣٤٩ «بريدة بن مالك» ، الزرقاني / ٤ / ١٥.

(٥) الاستيعاب / ١ / ٣٧٨ ، أسد الغابة / ١ / ٣١٣ ، الإصابة / ١ / ٢٥٨ ، فتح الباري / ١ / ١٣٩.

(٦) الإصابة / ٣ / ٥١ ـ ٥٢.

(٧) ن. م. / ٤ / ٩٧.

(٨) العيني / عمدة القاري / ١ / ٣٠٩.

(٩) ن. م. العيني / عمدة القاري / ١ / ٣٠٩ ولا يذكر عشائرهم.

١٤٦

وأبو عمر ، وابن شييم ، وكانوا من سادات عبد القيس وإشرافها وفرسانها (١).

إن هذا العدد الكبير الذي أوردته المصادر لوفد عبد القيس برئاسة الأشج لا يمكن أن يوثق به ، ولا بد أن يكون بعضهم قد حشر بين أسماء الوفد الحقيقيين سيما وأن الوفادة يترتب عليها مجد ومفاخرة ومكاسب ، ولكن من الصعب أن نميز أعضاء الوفد الحقيقيين ، والراجح ما ذكره ابن سعد ، وذلك لأنه أقرب إلى الفترة من غيره ، أما بقية المصادر المتأخرة فربما نقلت من مصادر متقدمة ولكن ربما يكون التزوير والوضع والتصحيف قد لعب دوره في النقل للأسباب المذكورة سابقا.

ليست لدينا تفصيلات عن مكانة أعضاء الوفد ودورهم بعد الإسلام وأثرهم إلا ما ذكرته بعض المصادر عن الأشج والبعض منهم ، فقد كان الأشج سيد قومه بني عصر (٢) ، وقد ذكر الوفد للرسول أنه سيدهم وقائدهم إلى الإسلام وابن ساداتهم (٣) ، ولكن مع ذلك يبدو أن مركزه كان ضعيفا وأنه لم يكن يتمتع بتأييد العشائر الكامل ، بدليل أنه لم يبايع الرسول على قومه حينما طلب منه ذلك وبايعه فقط على نفسه وتعهد بقتال من لم يتبع تعاليم مبعوثه صلى الله عليه وسلم إلى البحرين.

ومن أعضاء الوفد البارزين عمرو بن المرجوم ، وكان والده من إشراف عبد القيس ورؤسائها في الجاهلية ، وكان ابنه عمرو شريفا في الإسلام (٤) ، وهمام بن ربيعة وكان من سادات عبد القيس

__________________

(١) ابن حنبل / المسند / ٣ / ٤٣٢ ، العيني / ١ / ٣٠٨ ، الاستيعاب / ١ / ١٤٠.

(٢) الاستيعاب / ٤ / ١٤٤٨ ـ ١٤٤٩ ، ابن خلدون / ٢ / ٦٢٢.

(٣) الإصابة / ٣ / ١٥ ، العيني / ١ / ٣٠٨.

(٤) الإصابة / ٣ / ٥٧٧.

١٤٧

وفرسانهم (١).

وبعد رجوع الأشج إلى البحرين من وفادته ذهب إلى البصرة حيث استقر فيها (٢) ، أما عمرو بن المرجوم فهو الذي أقدم عبد القيس البصرة (٣) ، وقد انحاز إلى جانب علي بن أبي طالب في حرب الجمل مع ٤ آلاف شخص (٤) ، وممن نزلوا البصرة من أعضاء الوفد الزارع بن الوازع العبدي (٥) وصحار بن العباس حيث مات فيها (٦) ، وكان ممن طالب بدم عثمان بن عفان (٧) ، وجابر بن عبد الله العبدي (٨).

يتبين مما مر عدم وجود معلومات عن دور رجال الوفد في البحرين بعد الإسلام ، وربما يعود ذلك إلى خروج أبرزهم من البحرين واستقرارهم في البصرة ، وإن عدم وجود معلومات عن دورهم بعد الإسلام يدل على ضعف مركزهم ونفوذهم قبل الإسلام ، وعدم تأييد العشائر لهم.

__________________

(١) ابن سعد / ٧ ق ١ / ٦٠ ، أسد الغابة / ٣ / ٢٤٠.

(٢) ابن سعد / ٥ / ٤١١.

(٣) الإصابة / ٣ / ١٥.

(٤) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، ٧ ق ١ / ٦٢.

(٥) الإصابة / ٢ / ١٧٠.

(٦) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، ٧ ق ١ / ٦٢ ، الإصابة / ٢ / ١٧١.

(٧) ابن سعد / ٥ / ٤١٠ ، ٧ ق / ٦٢.

(٨) اسمه بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى ، ولقب الجارود لأن أبله أصابها مرض فخرج بها إلى أخواله من بكر بن وائل فانتشر المرض في إبلهم فهلكت فقالت الناس «جردهم بشر» فسمي الجارود. ابن سعد / ٥ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ، ابن دريد / الاشتقاق / ٢ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، الميداني / مجمع الأمثال / ١ / ١٩٨ ، لسان العرب / ٣ / ١١٦ ، وفي رواية أخرى أنه أغار على أناس من بكر فجردهم. الروض الانف / ٢ / ٣٤٠ ، أسد الغابة / ١ / ٢٦١ ، الإصابة / ١ / ٢١٧ الذهبي / تاريخ الإسلام / ٢ / ٤٤ ، النجوم الزاهرة / ١ / ٧٢.

١٤٨

الوفادة الثانية : ـ

ثم قدم من عبد القيس وفد ثان سنة ٩ ه‍ على الرسول برئاسة الجارود (١) العبدي وهو من بني إنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس (٢).

ويذكر الحلبي أن عدد الوفد ستة عشر رجلا (٣) ، وهي رواية ضعيفة انفرد بها.

وكان الجارود شريفا في الجاهلية (٤) ، وسيد قومه ورئيسهم (٥) ، وكان نصرانيا فأسلم وأصحابه ، وقد بقي في المدينة فترة حتى فقه في الدين ، وكان حسن الإسلام ، صلبا على دينه ، وبعد وفاة الرسول عام

__________________

(١) سيرة ابن هشام / ٤ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، ٢٤٢ ، الروض الانف / ٢ / ٣٤٠ ، ابن سيد الناس / عيون الأثر / ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، زاد المعاد / ٣ / ٣٠ ، السيرة الحلبية / ٣ / ٢٣٩ ، ٢٤٩ ، تاريخ خليفة بن خياط / ١ / ٥٧ ، تاريخ اليعقوبي / ٢ / ٨٦ ، البداية والنهاية / ٥ / ٤٠ ، ٤٨ ، ابن خلدون / ٢ / ٦٢٢ ، ابن سعد / ٥ / ٤٠٧ ، ٧ ق ١ / ٦١ ، الاستيعاب / ١ / ٢٦٢ ، فتح الباري / ٩ / ١٤٧ ، الزرقاني / ٤ / ١٧ ، وفي رواية أخرى أن الوفد قدم عام ١٠ ه‍. الطبري / ١ ق ٤ / ١٧٣٦. انظر أيضا الذهبي / تاريخ الإسلام / ٢ / ٤٤ ، ابن خلدون / ٢ / ٨٣٣ ، النجوم الزاهرة / ١ / ٧٢ ، تاريخ الخسيس / ٢ / ١٩٤ ، الاستيعاب / ١ / ٢٦٢ ، أسد الغابة / ١ / ٢٦٠ ـ الإصابة / ١ / ٢١٨ ، دحلان / السيرة النبوية / ٢ / ١٦٩ ، وفي رواية ثالثة أن الجارود قدم مع الأشج عام ٨ ه‍ في الوفادة الأولى. ابن سعد / ١ ق ٣٢ / ٥٤ ، ٥ / ٤٠٦ النويري / ٢٨ / ٦٥.

(٢) الحلبي / السيرة الحلبية / ٣ / ٢٤٩.

(٣) ابن سعد / ٥ / ٤٠٨ ، ٧ ق ١ / ٦١.

(٤) الاستيعاب / ١ / ٢٦٢ ، أسد الغابة / ١ / ٢٦١ ، الإصابة / ١ / ٢١٧ ، الذهبي / تاريخ الإسلام / ٢ / ٤٤ ، ابن تغري بردي / النجوم الزاهرة / ١ / ٧٢.

(٥) سيرة ابن هشام / ٤ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ، عيون الأثر / ٢ / ٢٣٤ ، ابن سعد / ٥ / ٤٠٨ ، ٧ ق ١ / ٦١ ، فتوح البلدان / ٨٣ ، الطبري / ١ ق ٤ / ١٧٣٦ ، البداية والنهاية / ٥ / ٤٨ ، دحلان / الفتوحات الإسلامية / ١ / ٢١.

١٤٩

١١ ه‍ ارتدت عبد القيس مع من ارتد في البحرين ، ولكن بجهود الجارود تراجعت عبد القيس عن موقفها وتمسكت بالإسلام (١) ، كما قاد الجارود عبد القيس لمساعدة العلاء الحضرمي في قتال المرتدين في هجر (٢) ، وبعد حوادث الردة سكن البصرة (٣).

إن دخول الجارود وغيره من نصارى عبد القيس في الإسلام ربما يدعو للاعتقاد بأن النصرانية قد مهدت لدخول البحرين في الإسلام ، أما موقف عبد القيس في الردة ودفاعهم عن الإسلام فربما يعود لتقوية مركزهم وتحقيق مصالحهم.

المراسلات بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل البحرين (٤) : ـ

وقد أرسلت الكتب بعد عام ٨ ه‍ ، وأكثر ما وصلنا منها بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المنذر بن ساوى وسيبخت ، أما الرؤساء أمثال هلال فيندر ورود اسمهم مما قد يدل على أنه لا نفوذ لهم على أقوامهم بدرجة تؤثر فيهم ، ومن المحتمل أنهم كانوا يوفدون بعض الهيئات لتلقي التعليمات من الرسول (٥). ويرى كايتاني أن عدم اهتمام هلال بأوامر النبي جعله من رؤساء الدرجة الثانية ، وأنه كان من العرب المشركين إلا أنه يميل إلى الإيرانيين وخاصة المرزبان سيبخت ، أو أنه كان إيرانيا واستعرب ، وإن كتاب الرسول إليه لا يحتوي على غير النصائح والأخلاق ، أما كتاب الرسول إلى سيبخت ففيه وقائع هامة وموثوقة ، وقد كتبه الرسول بعد وصول سفراءه إلى البحرين ، وبعد أن

__________________

(١) الطبري / ١ ق ٤ / ١٩٦٧ ، وما بعدها ، الكامل / ٢ / ٣٧٠ ، الأغاني / ١٤ / ٤٥.

(٢) ابن سعد / ٧ ق ١ / ٦١ ، الاستيعاب / ١ / ٢٦٣ ، أسد الغابة / ١ / ٢٦١.

(٣) انظر نصوص الكتب في الملحق الأول.

(٤) كايتاني / إسلام تاريخي / ٦ / ١٠٦.

(٥) ن. م. / ٦ / ١٠٤ ، ١٠٥.

١٥٠

كتب سيبخت رسالة جوابية إلى النبي مع أحد سفراءه ، ومن المحتمل أنه قد أخبره فيها باهتداء بعض أفراد قومه ، والإشارة الموجودة في الرسالة إلى تنصيب وال غامضة لأن هذا يتعلق بأحد الموضوعات التي وردت في رسالة سيبخت ، ومن المحتمل أنها تتعلق بتعيين نائب لسيبخت أثناء سفره المتوقع إلى المدينة ، ولكن تلك الزيارة لم تتم ، وبالإضافة إلى ذلك فإن الرسالة تخبرنا بأن الإسلام قد واجه بعض المشاكل في تطبيق أحكامه الاجتماعية والاقتصادية أو أن تلك الأحكام عارضتها بعض الطوائف من شعب البحرين (١) ، أما رسالة الرسول إلى أهل هجر ففيها ذكر لسفارة عبد القيس ، كما أن فيها شيء من الجدل والمناقشة مما يدل على أن ممثلي النبي كانوا يلاقون عنتا منهم ، وأن معظم السكان كانوا يعارضون الدين الإسلامي الذي لم تقبله إلا الأقلية ، ومما تجدر الإشارة إليه أن الرسالة لم تذكر القضايا التي ذكرت في كتب الرسول إلى المنذر وسيبخت وهلال ولا حتى أسمائهم ، مما يدل على أن التفصيلات فيها مفتعلة (٢).

أما كتاب الرسول إلى الأكبر بن عبد القيس فإن محتواه غامض جدا ولا يعرف الغرض من إرساله ، وأن معاني بعض الجمل غير واضحة ، كما أن الوثيقة قديمة جدا وهي تتعلق بالتسوية التي أخطر إليها الرسول لأجل هداية تلك القبائل (٣).

ولأجل تأمين دخول أهل البحرين في الإسلام كان يرغبهم ويساعدهم كل على حدة (٤).

__________________

(١) كايتاني / ٦ / ١٠٥.

(٢) كايتاني / ٦ / ١٠٩.

(٣) ن. م. / ٦ / ١١٢ ـ ١١٤.

(٤) ن. م. / ٦ / ١٠٩.

١٥١

إن إرسال الرسول عدة كتب كل منها إلى مجموعة معينة في البحرين يعكس لنا مدى الانقسامات بين أهل البحرين عند ظهور الإسلام ، وأنهم لم يكونوا كتلة واحدة منسجمة بسبب العصبية القبلية وضعف السلطة المركزية.

١٥٢

الفصل السادس

إدارة البحرين

كانت البحرين عند ظهور الإسلام تابعة للدولة الساسانية (١) ، ومن المعلوم أن الدولة الكبيرة التي كانت تقف بوجه الساسانيين وتهددهم ، هي الدولة البيزنطية التي كانت فضلا عن أملاكها في شمال افريقية وأوروبا ، تحكم آسيا الصغرى وبلاد الشام ، أي في الأطراف الشمالية الغربية من الدولة الساسانية ، كما كان من مصادر تهديد الساسانيين الأقوام الساكنة في أواسط آسيا ، ولذلك وجه الساسانيون اهتمامهم إلى تقوية جيوشهم في المناطق الشمالية الغربية المواجهة لدولة الروم ، وفي خراسان لمواجهة أخطار قبائل الترك ، أما منطقة الخليج العربي فيما أنها لم تكن معرضة إلى أخطار مهددة ، لذلك لم يضع الساسانيون فيها قوات عسكرية كبيرة ، وخاصة قبيل ظهور الإسلام عندما بدأ يظهر مفعول العوامل المضعفة والتفكك في الدولة الساسانية في السنوات المضطربة التي تلت موت كسرى ابرويز عام ٦ ه‍ ، وقد كثرت محاولات اغتصاب العرش من قواد لم يكونوا من

__________________

(١) البلاذري / فتوح / ٧٨ ، انظر أيضا ابن الأثير / الكامل / ٢ / ٢١٥ ، ابن خلدون / ٢ / ٦٢٢ ، ياقوت / ١ / ٥٠٨.

١٥٣

الأسرة الحاكمة ، كما تسلط عدد من حكام الولايات وأخذوا يديرون ولاياتهم بصورة شبه مستقلة عن السلطة المركزية (١).

ومن المعروف في النظام الساساني أن المرزبان كان حاكما على المناطق الواقعة على الحدود ، وتحت أمرته قوة عسكرية كبيرة ، وهو يمارس السلطتين المدنية والعسكرية (٢) ، غير أن أحوال البحرين والدولة الساسانية التي أشرنا إليها آنفا أدت إلى أن تكون القوة العسكرية التي تسند مرزبان البحرين ضعيفة ، وتجعل سلطاته واسعة على الجالية الفارسية في البحرين ، فهو يشرف على ما يتعلق بمصالح الدولة الفارسية ويتصل بها ، أما سلطته على العرب فقد كانت ضعيفة محدودة.

وقد ذكرت المصادر الإسلامية أن مرزبان البحرين عند ظهور الإسلام هو سيبخت (٣) ومركزه في هجر ، فقد كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم عند ما كتب إلى المنذر بن ساوى يدعوه إلى الإسلام أو الجزية (٤) ، ويذكر البلاذري أنه أسلم على أثر ذلك (٥) ، غير أن الراجح أنه لم

__________________

(١) انظر كريستنسن / إيران في عهد الساسانيين / ٤٨١ ترجمة يحيى الخشاب وعبد الوهاب عزام ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ١٩٥٧.

(٢) اليعقوبي / التاريخ / ١ / ٢٠٣ ، المسعودي / التنبيه والإشراف / ١٠٤ ، مروج الذهب / ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، ابن خلكان / وفيات الأعيان / ٢ / ٤٤٣ ، الجواليقي / المعرب / ٣١٧ ، لسان العرب / ٤ / ٣١٤ ، كريستنسن / إيران في عهد الساسانيين / ٨٨ ، ١٢٦ ، ١٢٨ ، محمد موسى هنداوي / المعجم في اللغة الفارسية / ٢٩٨.

(٣) في ابن سعد / ١ ق ٢ / ٧ أسيبخت ، وفي الإصابة / ٢ / ١١٥ أسيحب مرزبان البحرين.

(٤) فتوح / ٧٨ ، انظر أيضا ياقوت / ١ / ٥٠٨ ، الإصابة / ٢ / ١١٥ ، ويورد ابن سعد كتابا يظهر من نصوصه أنه ليس الكتاب الأول. الطبقات / ١ ق ٢ / ٢٧ ، انظر أيضا الملحق الأول.

(٥) فتوح / ٧٨ ، انظر أيضا ياقوت / ١ / ٥٠٨.

١٥٤

يسلم ، بدليل عدم إشارة المصادر الإسلامية إلى دور قام فيه في الدفاع عن الإسلام ضد المرتدين الذين نشطوا على أثر وفاة الرسول وحاصروا المسلمين (١) ، غير أنه في نفس الوقت لم يقم بعمل فعال ضد الإسلام ، وليس في المصادر إشارة إلى سيبخت غير مراسلة الرسول له مما يدل على أن الفرس لم يرضوا عن موقفه من الإسلام وعزلوه. وتذكر المصادر أيضا أن المكعبر (٢) فيروز بن جشيش (٣) وهو قائد للقوات الساسانية في البحرين (٤) ، كان مرزبانا على البحرين ، ومن الصعب القول بأن الساسانيين عينوا مرزبانين على البحرين في وقت واحد ، لذا نرجح أن فيروز أصبح مرزبانا على البحرين بعد عزل سيبخت ، ولعل عزله تم بسبب لين موقفه من الإسلام ، وقد جعل فيروز مركزه الزارة (٥) ، ولعل ذلك راجع إلى أن الزارة تقع على

__________________

(١) كايتاني / ٦ / ١٢٢.

(٢) سمته العرب بالمكعبر لأنه كان يقطع الأيدي والأرجل. الطبري / ١ ق ٢ / ٩٨٥.

(٣) في الطبري / ١ ق ٢ / ٩٨٥ آزاد فروز بن جشنس ، وفي حمزة الأصفهاني / تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء / ١١٦ ، ١١٩ داد فروز حشنشفان ، وفي الكامل / ١ / ٤٦٨ آزاد فيروز بن جشيش ، وفي الأغاني / ١٦ / ٧٥ كزارجر ، وفي الميداني / مجمع الأمثال / ١ / ٩٥ مردان به.

(٤) فتوح / ٨٥ ، حمزة الأصفهاني / ١١٦ ، ياقوت / ١ / ٥١١ ، حمد الجاسر / أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع / ٢٣٢ ، ووصفه الطبري بأنه عامل كسرى على البحرين. الطبري / ١ ق ٢ / ٩٨٥ ، انظر أيضا الكامل / ١ / ٤٦٨ ، ابن خلدون / ٢ / ٣٦٠ ، الميداني / مجمع الأمثال / ١ / ١٩٥ ، الزمخشري / المستقصي في أمثال العرب / ١ / ٤٩ ، آثار البلاد / ١١٠ ـ ١١١ ، ووصفه ابن رشيق بأنه عامل كسرى على هجر. العمدة / ٢ / ٢٠٦ ، انظر أيضا يوم المشقر في الفصل الثالث.

(٥) أبو عبيد / الأموال / ٣١٠ ، خليفة بن خياط / التاريخ / ١ / ٩٣ ، فتوح / ٨٥ ـ ٨٦ ، الخطيب البغدادي / تاريخ بغداد / ١١ / ٤٣٥ ، الجاحظ / كتاب البغال / رسائل الجاحظ / ١٦ / ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، الحربي / المناسك ٦٢١ ، ياقوت / ١ / ٥١١ ، ٢ / ٩٠٧ ، الاستيعاب / ٣ / ١٠٨٦.

١٥٥

الساحل حيث يرسو الأسطول الساساني والقوات التي تسنده ، وبذلك تكون مؤخرته أمينة ، في حين أن هجر كانت قد سيطر عليها المسلمون ، فلم تعد قاعدة أمينة للساسانيين ، فضلا عن أن موقعها داخلي يعرض الحاكم الساساني إلى خطر التطويق ، وكان يرتبط العاصمة الساسانية بالبرد (١) ، وأنه قاوم الإسلام وقتل عام ١٣ ه‍ (٢).

ومن المعلوم أن الساسانيين اعتمدوا في تأمين حدودهم الغربية وضبط القبائل العربية على العرب أنفسهم ، ففي أطراف العراق ساندوا دولة المناذرة التي اتخذت مركزها في الحيرة (٣) ، واستطاعت أن تبسط سلطانها على معظم القبائل الواقعة في شرقي الجزيرة ، وامتد نفوذها إلى أطراف البحرين (٤). أما في البحرين فقد اتبعوا سياسة مشابهة ، فعوضوا عن ضعف قواتهم العسكرية فيها ، بالاستفادة من العرب في الإدارة ، وكان العرب في البحرين يسيرون تبعا للتنظيمات القبلية ، فكان لهم رؤساؤهم وشيوخهم الذين يشغلون مراكزهم عن طريق اختيار أبناء القبيلة لهم ومن دون فرض من الفرس ، وقد ساعد ضعف سلطة الساسانيين والروح القبلية على حدوث انقسامات وخلافات بين القبائل ، غير أن وجود المدن في البحرين ، وازدهار التجارة فيها ، كان يتطلب إيجاد تنظيمات إدارية خاصة تيسر سير الأمور ، ومع أن هذه التنظيمات لا بد أن تختلف عن التنظيمات التي عند القبائل ، إلا أن

__________________

(١) الجاحظ / كتاب البغال / رسائل الجاحظ / ١٦ / ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٢) انظر الزارة في الفصل الثالث.

(٣) عن دولة الحيرة انظر غنيمة / الحيرة المدينة والمملكة العربية ، مطبعة دنكور الحديثة ، بغداد ١٩٣٦ ، العلي / محاضرات في تاريخ العرب / ١ / ٦٤ وما بعدها.

(٤) الطبري / ١ ق ٢ / ٨٩٨ ، ٩٨٥ ، الكامل / ١ / ٤٣٧ ـ ٤٣٩ ، ويبدو أن كلا من الطبري وابن الأثير قد أخطأ في اسم المنذر بن النعمان ، والصواب هو المنذر بن امرىء القيس الثالث المعروف بالمنذر بن ماء السماء وهو المنذر الثالث.

١٥٦

الفرس اعتمدوا في هذه الإدارة على العرب أيضا ، فكان والي البحرين عند ظهور الإسلام المنذر بن ساوى من بني تميم ، فيذكر ابن حبيب أن سوق المشقر بهجر «كان ملوكها من بني تميم بن عبد الله بن زيد رهط المنذر بن ساوى ، وكانت ملوك الفرس تستعملهم عليها كما يستعملون بني نصر على الحيرة وبني المستكبر على عمان ، وكانوا يصنعون فيها ويسيرون فيها بسيرة الملوك في دومة الجندل ، وكانوا يعشرونهم» (١) ، ويقول البلاذري «وكانت أرض البحرين من مملكة الفرس ... وكان على العرب بها من قبل الفرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن ساوى أحد بني عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة ، وعبد الله بن زيد هذا هو الاسبذي» (٢) ، ويذكر الطبري أنه صاحب البحرين (٣) ، ويذكر ابن حزم أنه صاحب هجر (٤) ، ويذكر ابن هشام أنه ملك البحرين (٥) ، ويذكر ابن حجر أنه عامل البحرين (٦) ، وكان يرتبط بالعاصمة الساسانية ...........

__________________

(١) المحبر / ٢٦٥ ، انظر أيضا المرزوقي / الأزمنة والأمكنة / ٢ / ١٦٢ ـ ١٦٣ ، ياقوت / ١ / ٥٠٨ ، الكامل / ٢ / ٢١٥ ، أبو الفدا / المختصر في أخبار البشر / ١ / ٤٦ ، ابن الوردي / التاريخ / ١ / ١٢٨ ، صبح الأعشى / ٦ / ٣٦٧.

(٢) فتوح / ٧٨ ، انظر ياقوت / ١ / ٥٠٨.

(٣) الطبري / ١ ق ٣ / ١٥٦١ / ، انظر المطهر المقدسي / البدء والتاريخ / ٤ / ٢٢٩ ، ٥ / ١٠٢ ، ابن خلدون / ٢ / ٧٨٨ ، أسد الغابة / ٤ / ٤١٧.

(٤) جمهرة أنساب العرب / ٢٣٢ ، انظر ياقوت / ١ / ٢٣٧ (عن الهيثم بن عدي) ، القلقشندي / نهاية الارب في معرفة أنساب العرب / ٢٥١ ـ ٢٥٢.

(٥) سيرة ابن هشام / ٤ / ٧٩ ، انظر ابن سيد الناس / عيون الأثر / ٢ / ٢٥٩ ، ابن قيم الجوزية / زاد المعاد / ١ / ٣١ ، الاستيعاب / ٣ / ١٠٨٦ ، الإصابة / ٣ / ٤٣٩ ، النويري / نهاية الإرب / ١٨ / ١٦٦ ، صبح الأعشى / ١ / ٤١١ ، تاريخ الخميس / ٢ / ١١٦ ، ١٨٣.

(٦) الإصابة / ٣ / ٤٣٩.

١٥٧

بالبرد (١) ، والراجح أن للمنذر تبعية اسمية للساسانيين وأن سلطته كانت واسعة على أهل المدن ، أما على القبائل فقد كانت سلطته محدودة ضيقة ، كما أن نفوذه لم يمتد إلى جميع أجزاء البحرين ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل عدة كتب (٢) كل منها إلى مجموعة معينة في البحرين وإلى عدد من كبار رجالها (٣).

الإدارة الإسلامية في القرن الأول الهجري : ـ

بعد انتشار الإسلام في البحرين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم بقي المنذر ورؤساء القبائل ، وبعد القضاء على الردة واستقرار دولة الإسلام وهيمنتها على كل جزيرة العرب وأصبحت البحرين جزءا من دولة الإسلام ، جعلت تابعة في إدارتها للحجاز (٤) ، وفي زمن الخليفة عثمان بن عفان ألحقت البحرين بالبصرة (٥) ، عند ما أصبحت الأخيرة قاعدة لفتوح فارس وجنوب إيران (٦) ، فصار ولاتها تابعون لأمير البصرة (٧) ، وقد عزز هذا صلة البصرة بالبحرين ووثقها ، وكان من

__________________

(١) الجاحظ / كتاب البغال / رسائل الجاحظ / ١٦ / ٢ / ٢٩٢.

(٢) عن كتب الرسول انظر الملحق الأول.

(٣) انظر كايتاني / ٦ / ١٢٥.

(٤) ابن عبد ربه / العقد الفريد / ٥ / ٨ ، أبو نعيم الأصبهاني / تاريخ أصبهان / ١ / ٢٩.

(٥) خليفة بن خياط / التاريخ / ١ / ١٣٦ ، أنساب الأشراف ج ٨ ورقة ١٦ أ، الطبري / ١ ق ٥ / ٢٨٣٢ ، الكامل / ٣ / ١٠٠ ، الذهبي / تاريخ الإسلام / ٢ / ٨١ ـ ٨٢ ، ابن خلدون / ٢ / ١٠٠٩.

(٦) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري / ٤٢ ، ١٤١ (ط ٢).

(٧) خليفة بن خياط / التاريخ / ١ / ١٣٦ ، أنساب الأشراف ج ٨ ورقة ١٦ أ، الطبري / ١ ق ٥ / ٢٨٣٢ ، الكامل / ٣ / ١٠٠ ، الذهبي / تاريخ الإسلام / ٢ / ٨١ ـ ٨٢ ، ابن خلدون / ٢ / ١٠٠٩.

١٥٨

عوامل هجرة عبد القيس والأزد إلى البصرة (١).

وقد ظلت البحرين مرتبطة في العصر الأموي بالبصرة التي كان أميرها يشرف أيضا على إدارة العراق والمشرق بما في ذلك خراسان وكافة الأقاليم الواقعة على الخليج العربي (٢) ، ومع ذلك فكان للبحرين وآل خاص ، وقد ذكرت قائمة بأسماء ولاة البحرين (٣) ، ولا بد أن عملهم كان يشبه عمل معظم الولاة في العهود الأولى ، حيث كان للوالي السلطة العليا في إدارة ولايته ، وكان من أهم واجباته الإشراف على جباية الأموال (٤) ، والقيام بحفظ الأمن والنظام ، وقد أشارت المصادر إلى وجود الشرطة في البحرين ، حيث يذكر المدائني أن أبا البهاء كان على شرطة القطيف في عام ٨٠ ه‍ (٥) ، ولا بد أن للأماكن الأخرى شرطة غير أن المصادر لا تذكرها. وللوالي أيضا حق النظر والحكم في القضايا والخلافات التي تظهر بين الناس ، وقيادة الجيوش التي في ولايته ، كما أنه هو الذي يعين الولاة على المراكز الصغرى الداخلة ضمن ولايته.

فالوالي هو صاحب السلطة الذي يمثل الخليفة ، وهو المرجع الأولى في أمور الإدارة غير أن سعة البلاد وتباين الأحوال فيها كانت

__________________

(١) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في القرن الأول الهجري / ٤٢ ، ١٤١ (ط ٢).

(٢) الطبري / ٢ ق ١ / ٧٣ ، ياقوت / ١ / ٥٠٧.

(٣) انظر قائمة الولاة في الملحق الثاني.

(٤) ابن سعد / ١ ق ٢ / ١٩ ، ٢٧ ـ ٢٨ ، الإصابة / ٣ / ٤٣٩ ، مسند ابن حنبل / ٥ / ٥٢ ، الزيلعي / نصب الراية / ٤ / ٤٢٠ ، فتوح / ٧٩ ، تاريخ الخميس / ٢ / ١١٦ ، ياقوت / ١ / ٥٠٩ ، النويري / نهاية الإرب في فنون الأدب / ١٨ / ١٦٧.

(٥) أنساب الأشراف ج ٦ ورقة ٤١ أ.

١٥٩

تقضي إيجاد تقسيمات إدارية فرعية ، وقد ذكر بعض جغرافيي القرنين الثالث والرابع الهجري تقسيمات البحرين الإدارية ، ولا شك أن كلامهم ينطبق على أحوال الزمن الذي عاشوا فيه ، وأنهم استمدوا معلوماتهم من الدواوين وسجلاتها في بغداد ومما سمعوه عن أحوال البحرين ، ومن الراجح أن هذه التقسيمات ، أو معظمها يرجع تأريخها إلى القرن الأول الهجري ، إن لم يكن إلى ما قبل ذلك ، وفي كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبة قائمة بأقسام البحرين الإدارية ، وهي أقدم وأوسع قائمة وصلتنا ، وهي الأساس الذي اعتمد عليه بقية الجغرافيين حيث نقلوها ، مع بعض الحذف أو الإضافة ، فيذكر ابن خرداذبة أن قرى البحرين هي «الخط والقطيف والارة وهجر والفروق وبينونة ... والمشقر والزارة وجواثا ... وسابور ودارين والغابة والشنون» (١) ، وقد نقلها ابن الفقيه ولكنه حذف الفروق والشنون وأضاف الصفا والشبعان (٢) ، كما نقلها قدامة بن جعفر ولكنه حذف الارة وهجر والفروق وبينونة والزارة والشنون وأضاف الرميلة والسوم (٣) ، أما الهمداني فلم يذكر من قرى البحرين إلا هجر والقطيف وأضاف العقير والإحساء (٤) ، أما ابن حوقل فقد أضاف إلى قائمة الهمداني أوال (٥) ، وذكر المقدسي السابون (٦) والعقير والاحساء

__________________

(١) المسالك والممالك / ١٥٢.

(٢) مختصر كتاب البلدان / ٣٠ (عن أبي عبيدة) ونقل ياقوت ما ذكره ابن الفقيه بنفس السند ولكنه حذف الشبعان. ياقوت ١ / ٥٠٧.

(٣) الخراج / ٢٤٩.

(٤) صفة جزيرة العرب / ١٦٨.

(٥) صورة الأرض / ٢٥ ، ويضيف إلى قائمته بيشة وانجرح أما خطأ أو تشير إلى تطور متأخر.

(٦) في ابن خرداذبة / ١٥٢ «السابور».

١٦٠