البحرين في صدر الإسلام

الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم العاني

البحرين في صدر الإسلام

المؤلف:

الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم العاني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٨

ومراعيها جيدة (١). وقد أكثر الشعراء من ذكر كاظمة ، ووصفوا مياهها ، ومراعيها وأسراب القطا فيها (٢) ، وفي عام ٦٩ ه‍ قاتل الخوارج أصحاب نجدة تميم بكاظمة لامتناعهم عن دفع الصدقات لهم (٣) ، ويظهر أن كاظمة بقيت عامرة إلى أواخر العصر العباسي ، ثم خربت بعد ذلك (٤).

وكاظمة اليوم تقع في الشمال الغربي من مدينة الكويت على رأس جون الكويت ، وهي مهملة متروكة ، وليس فيها سوى جماعة صغيرة من الصيادين (٥).

وتذكر المصادر قرى أخرى دون تحديد مواضعها ، لذلك جرى ترتيبها حسب سكانها ، ولو أنه ليس من الضروري أن تسكن القبيلة الواحدة أو العشيرة في منطقة واحدة أو في مناطق متقاربة.

أـ قرى بني عامر بن عبد القيس : ذكر ياقوت عدة قرى تسكن كلا منها عامر دون أن يحدد مواضعها منها : الصادر (٦) ، حران الكبرى وحران الصغرى (٧) ، .........................

__________________

(١) تقويم البلدان / ٨٥.

(٢) ديوان امرىء القيس : ١٢١ ، الاصمعي : الاصمعيات / ١٤٣ ، لسان العرب ١٢ / ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، صفة جزيرة العرب / ١٣٧ ، ياقوت ٤ / ٢٢٨.

(٣) انظر الفصل السابع : «الخوارج».

(٤) حسين خلف / تاريخ الكويت السياسي : ١ / ٢٤.

(٥) الفرحان : مختصر تاريخ الكويت / ٢٢ ، حسين خلف : تاريخ الكويت السياسي ١ / ٢٤ ، الدباغ : جزيرة العرب ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٦) ياقوت : ٣ / ٣٦٠ ، ولعلها صويدرة الموضع المعروف في شرقي الهفوف. تحفة المستفيد ١ / ١٧.

(٧) ياقوت : ٢ / ٢٣٢.

١٠١

الدبيرة (١) ، اوجار (٢) ، كنبوت (٣) ، الردم (٤) ، المزيرعة (٥) ، النقية (٦) ، نها (٧) ، المريداء (٨) ، الجار (٩) ، الرملة (١٠) ، الفرضة (١١) ، وسوار (١٢).

ب ـ قرى بني محارب بن عبد القيس : ذكر ابن الفقيه عدة قرى تسكن كلا منها محارب دون أن يحدد مواضعها منها : الرجراجة (١٣) ، المطلع (١٤) ، الطربال (١٥) ، المرزي (١٦) ، ذو النار (١٧) ، ..........

__________________

(١) ن. م : ٢ / ٥٤٨ ، انظر مراصد الاطلاع ١ / ٣٩٠.

(٢) ياقوت : ١ / ٣٩٧.

(٣) ن. م. / ٤ / ٣٠٨.

(٤) ن. م. / ٢ / ٧٧٤.

(٥) ن. م. / ٤ / ٥٢٢.

(٦) ن. م. / ٤ / ٨١٠.

(٧) نم. / ٤ / ٨٢٦ ـ ٨٢٧.

(٨) ن. م. / ٤ / ٥١٤ ، انظر مراصد الاطلاع / ٣ / ٨٧.

(٩) ياقوت : ٣ / ٧.

(١٠) ن. م. / ٢ / ٨١٨ ، المشترك : ٢١٠.

(١١) ياقوت : ٣ / ٨٧٦.

(١٢) ن. م. / ٣ / ١٨٠ ، انظر مراصد الاطلاع : ٢ / ٦٣ ـ ٦٤.

(١٣) ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان : ٣١ ، انظر ياقوت ٢ / ٧٥٤ ـ ٧٥٥ ، ويذكر الاحسائي أنها قريبة من الهفوف وبقيت عامرة حتى القرن العاشر الهجري ثم اندثرت. تحفة المستفيد ١ / ١٤.

(١٤) ابن الفقيه : البلدان : ٢١ ، انظر ياقوت ٤ / ٥٦٦ ، ويذكر ابن بليهد توجد ثنية تسمى مطلاع تسلكها السفار بين الكويت والعراق (بين الجهراء والزبير) فلعله موضع تلك القرية. صحيح الاخبار ٤ / ٢٤٦.

(١٥) ابن الفقيه : البلدان / ٣١ ، انظر ياقوت ١ / ٥٢٥.

(١٦) البلدان / ٣١ ، انظر ياقوت ٤ / ٤٩٦ ، مراصد الاطلاع ٣ / ٧٩ ، ووصفها ياقوت بأنها رملة يصلي فيها يوم العيد ٤ / ٤٩٦.

(١٧) ابن الفقيه : البلدان / ٣٠ ، انظر ياقوت ٤ / ٧٢٨.

١٠٢

العرجة (١) ، القرحاء (٢) ، الخرصان (٣) ، الكثيب الأكبر والكثيب الأصغر (٤) ، البحرة (٥) ، الذرائب (٦) ، المالحة ، الحوجر ، الوجير ، المنسلخ ، الحوسى (٧) ، وأرض نوح (٨) ، وذكر ياقوت منها النبطاء (٩).

وذكر ياقوت قرى أخرى لعبد القيس دون أن يحدد من منهم يسكن فيها وهي قمادي (١٠) ، ريمان (١١) ، ونجوة بني فياض (١٢).

ج ـ قرى بني عطارد بن تميم : وقد ذكر ياقوت منها السليت (١٣). وذكرت المصادر قرى أخرى في البحرين دون تحديد مواقعها أو سكانها منها :

__________________

(١) ابن الفقيه : البلدان / ٣١ ، انظر ياقوت ٣ / ٦٣٨.

(٢) ابن الفقيه : البلدان / ٢١ ، انظر ياقوت ٤ / ٥٣.

(٣) ابن الفقيه : البلدان / ٣٠ ، انظر ياقوت ٢ / ٤٢٣ ، مراصد الاطلاع ١ / ٣٤٨.

(٤) ابن الفقيه : البلدان / ٣١ ، انظر ياقوت ٤ / ٢٣٧ ، مراصد الاطلاع ٢ / ٤٧٩.

(٥) ابن الفقيه : البلدان / ٣١ ، انظر ياقوت ١ / ٥٠٦ ، مراصد الاطلاع ١ / ١٣٠ ، القاموس المحيط ١ / ٣٦٨ ، دائرة معارف البستاني ٥ / ٢١٥.

(٦) ابن الفقيه : البلدان / ٣٠ ، ويذكر ياقوت أنها موضع ٢ / ٧١٨.

(٧) ابن الفقيه : البلدان ٣٠ ـ ٢١ ، مراصد الاطلاع ١ / ٤٧.

(٨) ن. م. / ٣٠ ، انظر ياقوت ١ / ٢٠٨ ، مراصد الاطلاع ١ / ٤٧.

(٩) ياقوت ٤ / ٧٣٩ ، ويذكر الزبيدي أنها بلدة لعبد القيس. تاج العروس ٥ / ٢٢٩.

(١٠) ياقوت : ٤ / ١٧٣ ، انظر مراصد الاطلاع ٢ / ٤٤٧.

(١١) ياقوت : ٢ / ٨٨٩.

(١٢) ن. م. / ٤ / ٧٦٢.

(١٣) ن. م. / ٣ / ١٢٧ ، انظر مراصد الاطلاع ٢ / ٣٧ ، ويوجد في الإحساء موضع بنفس الاسم وحوله آثار قرية واسعة باسواقها ومدافنها. تحفة المستفيد : ١ / ١٦ فلعل تلك هي آثار القرية المذكورة.

١٠٣

الرافقة (١) ، ظلامة (٢) ، عنيزة (٣) ، دقوقا (٤) ، دخلة (٥) ، طاب (٦) ، برن (٧) ، الشنون (٨) ، والآرة (٩).

__________________

(١) ياقوت ٢ / ٧٣٥ ، ويعتقد البعض أن الرافقة هي منطقة الرقيقة المتصلة بجنوب الهفوف حيث يوجد بها رسوم مدينة كبيرة. تحفة المستفيد : ١ / ١٤.

(٢) ياقوت / ٣ / ٥٨٠.

(٣) ن. م. / ٣ / ٧٣٨.

(٤) ياقوت : المشترك / ١٨١.

(٥) ياقوت : ٢ / ٥٥٨ ، مراصد الاطلاع : ١ / ٣٩٥.

(٦) ياقوت : ٣ / ٤٨٥.

(٧) البكري : معجم ما استعجم / ٢٤٦.

(٨) ابن خرداذبة / المسالك والممالك / ١٥٢.

(٩) ن. م. ، وفي البلدان : ٣٠ أنها من البحرين ، وفي ياقوت : ١ / ٦٠ ، ومراصد الاطلاع : ١ / ٥ أنها بلد.

١٠٤

الفصل الرابع

الحياة الاقتصادية

الزراعة. الصناعة. التجارة. الصيد. المواصلات

الزراعة والمحاصيل الزراعية :

إن معظم أراضي البحرين صحراوية تنبت فيها الأعشاب والنباتات البرية كالأثل والغضا والطلح ، غير أن المياه الباطنية تتوفر في معظم أنحائها وهي قريبة من سطح الأرض لدرجة تكفي للزراعة والاستقرار ، هذا بالإضافة إلى المياه التي تتجمع في بطون الأودية ، وتكفي هذه المياه لزراعة بعض المحاصيل كالحنطة والشعير التي تكثر زراعتها خاصة في أوال (١) ، وكذلك القطن والحنا وهي على شطوط أنها رها بمنزلة السوس على ما يذكر البكري (٢) ، ويزرع القطن خاصة في هجر (٣) ، والراجح أنه كانت تعتمد عليه المنسوجات التي تصنع في البحرين.

__________________

(١) ابن حوفل / صورة الأرض / ٢٥.

(٢) البكري / المسالك والممالك. ورقة ٢١٧.

(٣) القزويني / آثار البلاد واخبار العباد / ٢٨٠.

١٠٥

ومن المحاصيل الزراعية الأخرى الموز والأترج والرمان والتين في هجر وأوال (١) ، ويعد التمر من المحاصيل التي اشتهرت بها البحرين وخاصة في هجر (٢) ، التي ضرب المثل في وفرة تمرها ورخصه فقالوا «كمستبضع التمر إلى هجر» (٣) ويذكر ناصري خسرو أنه قد يباع أكثر من ألف من بدينار واحد (٤) وكان يستعمل علفا للمواشي (٥) ، فضلا عن تموين العشائر العربية.

وذكر القالي نخل هجر فقال (٦) :

حبسن بين رملة وقف

وبين نخل هجر الملتف

وتنتج البحرين أنواعا كثيرة من التمور منها : التبى ، وهو بالبحرين كالشهريز بالبصرة ، وهو الغالب على تمرهم (٧) ، وطاب الذي ينمو في قرية طاب (٨) ، والبرني (٩) ، وهو تمر ضخم كثير الحاء أحمر مشرب صفرة (١٠) ، والمكري والأزاد ، وقد وصفهما ابن الفقيه بأنهما

__________________

(١) البكري / المسالك والممالك. ورقة ٢١٧ ، المنجم / آكام المرجان / ١١ ، القزويني / آثار البلاد / ٢٨٠ ، ابن بطوطة / الرحلة / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.

(٢) الاصطخري / ١٩ ، ابن حوقل / ٣١ ، آثار البلاد / ٢٨٠ ، تقويم البلدان / ٩٩ ، النويري / ١ / ١٩٨ ، القلقشندي / نهاية الارب في معرفة انساب العرب / ١٨.

(٣) الميداني / مجمع الامثال / ٢ / ٩٨ ، الزمخشري / المستقصى في أمثال العرب / ٢ / ٢٣٣ ، انظر لسان العرب / ٤ / ٢٥٧.

(٤) ناصري خسرو / سفرنامة / ٩٤.

(٥) ن. م. ، رحلة ابن بطوطة / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، الزمخشري / الفائق في غريب الحديث / ١ / ٥٤٧ ـ ٥٤٨.

(٦) القالي / الآمالي / ٢ / ١٠٠.

(٧) الدينوري / النبات / ٥ / ٦٨ ، ابن سيدة / المخصص / ١١ / ١٣٤.

(٨) ياقوت / ٣ / ٤٨٥.

(٩) البكري / معجم ما استعجم / ٢٤٦.

(١٠) الزمخشري / الفائق في غريب الحديث (١ / ٥٤٨.

١٠٦

من أجود تمور البحرين (١) ، والتعضوض (٢) ، وهو تمر أسود شديد الحلاوة ، من جيد المر ، وينمو في هجر (٣) ، وتحمل التعضوضة ألف رطل بالعراقي (٤) ، وفي الحديث «واهدت لنا نوطا (٥) من التعضوض (٦)» ، وفي حديث عبد الملك بن عمير «والله لتعضوض كأنه أخفاف الرباع أطيب من هذا» (٧) ، والنايجي (٨) ، وهو نوع من التمر يستخرج منه النبيذ (٩) ، والصرفان ، وهو من أجود التمر وأوزنه (١٠) ، والخصاب ، وهو الدقل (١١) ، والعرف (١٢) ، والباهين التي وصفها ابن

__________________

(١) ابن الفقيه / البلدان / ٣٠.

(٢) سمي بهذا الاسم لأن فيه اساريع تحريز تشبه آثار العض. الفائق في غريب الحديث / ١ / ٥٤٨.

(٣) الدينوري / النبات / ٥ / ٦٨ ، ابن الفقيه / البلدان / ٣٠ ، الازهري / تهذيب اللغة / ١ / ٤٥٤ ، ابن سيدة / المخصص / ١١ / ١٣٤ ، لسان العرب / ٧ / ١٢٩ ، الفائق في غريب الحديث / ١ / ٥٤٨ ، ٢ / ٢٨٣.

(٤) الدينوري / النبات / ٥ / ٦٨ ، ابن سيدة / المخصص / ١١ / ١٣٤.

(٥) النوط : قفة كبيرة للتمر ، وتسمى ايضا الجلة. القاموس المحيط / ٣ / ٣٥٠.

(٦) ابن منظور / لسان العرب / ٧ / ١٢٩.

(٧) لسان العرب / ٧ / ١٢٩.

(٨) في البكري / المسالك والممالك. ورقة ١١٧ «المانجي».

(٩) الجاحظ / الحيوان / ٧ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ابن دريد / جمهرة اللغة / ٣ / ٣٠٦ ، الثعالبي / ثمار القلوب / ٥٥٢ ، ابن رستة / الاعلاق النفيسة / ٨٣ ، ابن خرداذبة / المسالك والممالك / ١١٨ ، البكري / المسالك والممالك. ورقة ٢١٧ ، القزويني / آثار البلاد / ٧٧ ـ ٧٨.

(١٠) الزمخشري / الفائق في غريب الحديث / ١ / ٥٤٨ ، ولم يكن يهدى للزباء شيء احب إليها من التمر الصرفان ، وقد قالت : أم صرفانا باردا شديدا. الفائق في غريب الحديث / ١ / ٥٤٨.

(١١) المخصص / ١١ / ١٣٣ ، الفائق في غريب الحديث / ١ / ٥٤٧ ـ ٥٤٨.

(١٢) المخصص / ١١ / ١٣٥.

١٠٧

سيدة بأنها نخلة بهجر لا يزال عليها السنة كلها إلا شهرا واحدا طلع جديد وكبائس مبسرة وأخرى مرطبة ومثمرة (١).

وتزرع في البحرين أيضا الكروم وخاصة في جزيرة تاروت التي تنتج أنواعا جيدة من العنب (٢) ، وربما زرعت فيها الخضر وغيرها من المحاصيل.

الصناعة :

لقد قامت في البحرين عدة صناعات ذكرت المصادر منها بصورة خاصة :

أـ صناعة المنسوجات :

ذكرت المصادر أنواعا متعددة من المنسوجات يسمى كل منها حسب القطر أو البلد ، أو الإقليم الذي ينسح فيه ، أي أن أصل الثوب الهجري من هجر ، والقطري من قطر ، ثم أصبحت التسمية علما بحيث أن التسمية على الثوب في العصور المتأخرة لم تعد تدل على مكان الصنع بل أصبحت تقوم على أساس الصفات المميزة للثوب ، فعندما يقال ثوب هجري يقصد به ثوب ذو ميزات خاصة به وهو مرتبط بهجر ، ونسبة نسيج إلى بلد تدل على أنه ذو ميزات خاصة معينة لا بمادة صنعه بل بطريقة نسجه أو تلوينه ، وهو بالتالي دليل على وجود تقاليد صناعية صلبة بطيئة التغير ، وهي سبب تمييز النسيج واحتفاظه بطابعه الخاص ، ومثل هذه التقاليد قد تدل على وجود معامل كبيرة وإن كنا لا نعلم تأريخها وكيفية تكونها ، أو ما يتعلق بها

__________________

(١) ن. م. / ١١ / ١٣٤.

(٢) ابو الفدا / تقويم البلدان / ٨٣.

١٠٨

من مشكلات مالية أو اقتصادية أو اجتماعية ، كتوفير رأس المال ، والمواد الأولية ، والعمل وادارته (١) ، أما أهم أنسجة البحرين فهي :

معقد البحرين : وهو ضرب من برود هجر (٢) ، ويروى ابن سعد أن عمرو بن سلمة الجرمي كان يؤم قومه في الصلاة ، فكسوه قميصا من معقدة البحرين ، وقد فرح بها فرحا شديدا (٣) ، وقد روى عن ابن سيرين أن أبا موسى كما في كفارة اليمين ثوبين من معقد البحرين (٤).

الهجرية : تردد ذكر المنسوجات الهجرية كثيرا ، فيذكر ابن سعد أن هوذة بن علي الحنفي كما سليطا بن عمرو العامري أثوابا من نسج هجر (٥) ، ويذكر ابن سلام الجمحي أن بغيضا وأخويه علقمة وهوذة أولاد عامر بن عوف أهدوا الحطيئة حللا من بز هجر (٦) ، وكانت المنسوجات الهجرية تصدر عند ظهور الإسلام إلى مكة ، فيروى عبد الله بن معاذ أن سويد بن قيس جلب هو ومخرمة العبدي بزا من هجر إلى مكة فاشترى الرسول منها سراويل (٧).

القطرية : وهي أكثر منسوجات البحرين ذكرا ، وقد ذكر

__________________

(١) الانسجة في القرنين الاول والثاني للدكتور صالح احمد العلي في مجلة الابحاث / ج ٤ / ٥٥٥ ـ ٥٥٦ لسنة ١٩٦١.

(٢) ابن الاثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ١١٣ ، لسان العرب / ٤ / ٢٩٢.

(٣) ابن سعد / الطبقات / ١ ق ٢ / ٧٠.

(٤) الطبري / تفسير الطبري / ٧ / ٢٥ ، وفي ابن الاثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ١١٣ ، ولسان العرب / ٦ / ٢٠٢ أنه كسا ثوبين ظهرانيا ومعقدا.

(٥) ابن سعد / الطبقات / ١ ق ٢ / ١٨.

(٦) الجمحي / طبقات فحول الشعراء / ٩٧.

(٧) ابو داود / السنن / ٢ / ٢٢٠ ، انظر ابن ماجة / السنن / ٢ / ٧٤٧ ـ ٧٤٨ ، النسائي / السنن / ٧ / ٢٨٤ ، الترمذي / السنن / ٣ / ٥٩٨ ، الدارمي / السنن / ٢ / ٢٦٠ ، النووي / رياض الصالحين / ٥٢٨.

١٠٩

استعمالها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده ، في الحجاز وفي العراق ، ووصفت بأنها ثياب (١) ، وازر (٢) ، وبرود (٣) ، واردية (٤) ، ولا نعلم هل كان مصدر هذا التنوع عدم دقة الرواة في الوصف أو أنها كانت متعددة الأنواع ، أو أنها كانت أقمشة يمكن أن يصنع منها عدة ثياب ، ومع هذا فإن لها صفات خاصة مميزة.

وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥) ، وعائشة (٦) ، وعمر بن الخطاب (٧) ، وعلي بن أبي طالب (٨) ، وعبد الله بن عمرو بن العاص (٩) ، قد لبسوا منها.

وقد أهدى أبو العتاهية المأمون هدايا كثيرة منها أردية قطرية (١٠) ، مما يدل على أنها ظلت مزدهرة حتى العصر العباسي.

ويقول الشافعي : «وأحب ما يلبس إليّ البياض ، فإن جاوزه بعصب اليمن والقطري وما أشبهه مما يصبغ غزله ولا يصبغ بعد ما

__________________

(١) ابن حنبل / المسند / ٦ / ١٤٧.

(٢) ابن سعد / ٣ / ق ١ / ٢٣٧.

(٣) ن. م. / ٣ ق ١ / ٢٣٤.

(٤) الجامظ / البيان والتبيين / ٣ / ١٢١.

(٥) ابن حنبل / المسند / ٥ / ٢٤ ، ٦ / ١٤٧ ، الترمذي / السنن / ٣ / ٥١٨ ، ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ٢٦٢ ، لسان العرب / ٥ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٦) ابن الاثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، لسان العرب / ٥ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٧) ابن سعد / ٣ ث ١ / ٢٣٤ ، ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، الطبري / ١ ق ٥ / ٢٧٢٩ ، ٢٧٧٤.

(٨) ابن سعد / ٣ ق : / ١٦ ـ ١٧ ، ١٨ ، البلاذري / انساب الاشراف. ج ٢. ورقة ١٢٣.

(٩) ابن سعد / ٤ ق ٢ / ١٢.

(١٠) الجاحظ / البيان والتبين / ٣ / ١٢١.

١١٠

ينسج فحسن» (١) ، ويروى عن عائشة أنها قالت : «كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان عمانيان أو قطريان فقالت له عائشة أن هذين ثوبان غليظان» (٢) ، ويذكر الجوهري أن القطرية ضرب من البرود (٣) ، ويذكر ابن الأثير أن الثوب القطري ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة ، وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين (٤).

يتبين مما مر :

١ ـ إن القطرية يصبغ غزلها قبل أن تنسج.

٢ ـ إنها ثياب غليظة فيها بعض الخشونة.

٣ ـ إنها من البرود والثياب والأزر وقد تجعل قميصا.

٤ ـ لونها أحمر.

الملاحف : ومما كان ينسج بالبحرين الملاحف ، وقد ذكر تصديرها إلى الحجاز في زمن الرسول (٥) ، غير أنه ليست لدينا معلومات عن مراكز نسجها.

الفوط : وكانت تنسج بالاحساء (٦) ، وهي ثياب قصيرة غليظة ، ومخططة ، يؤتزر بها ، ويستعملها الخدم والجمالون (٧).

__________________

(١) الشافعي / آلام / ١ / ١٧٤.

(٢) ابن حنبل : المسند / ٥ / ٢٤ و٦ / ١٤٧.

(٣) الجوهري / الصحاح / ٢ / ٧٩٦ ، انظر ابن سيدة / المخصص / ٤ / ٧٢.

(٤) ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ٢٦٢ ، انظر ياقوت / ٤ / ١٣٥ ، لسان العرب / ٥ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٥) انظر التجارة.

(٦) سفرنامة / ٩٣.

(٧) ابن منظور / لسان العرب / ٧ / ٣٧٣ «مادة فوط» ويذكر أنها تجلب من السند ، وقيل الفوطة ثوب من صدف.

١١١

وكانت دارين مركزا للنسيج ، قال جرير (١) :

فتؤخذ من عند البعيث ضريبة

ويترك نساجا بدارين مسلما

ولكن النصوص لا تذكر أنواع أنسجتها.

ب ـ الرماح :

كانت البحرين تجهز العرب قبل الإسلام ببعض الأسلحة ومنها الرماح ، وأشهرها الخطية التي تنسب إلى الخط ، التي يجلب قناها من الهند بحرا ثم تقوّم فيها ، ثم تباع في بقية أنحاء الجزيرة (٢).

وهي مشهورة عند العرب ويضرب بها المثل (٣) ، ومنها الرماح السمهرية وهي الصلبة الجيدة ، وتباع في الخط (٤) ، والردينية وتباع أيضا بالخط (٥) ، ويقال أن السمهرية والردينية سميتا باسم

__________________

(١) النقائض / ١ / ٦٤.

(٢) ثعلب / شرح ديوان زهير بن أبي سلمى / ١١٥ ، ديوان الحطيئة / ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، ديوان الهذليين / ٢ / ٦٦ ، ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، المبرد / الكامل في اللغة (١ / ١٤١ ، ابن دريد / جمهرة اللغة / ١ / ٦٧ ، الاغاني / ٩ / ١٤٦ ، ١٣ / ٨٩ ، تهذيب اللغة / ١ / ٥٥٧ ، الجوهري / الصحاح / ٣ / ١١٢٣ ، المرزوزقي / شرح ديوان الحماسة / ١ / ٥٦ ، ٤٦٨ ، ٤ / ١٧٨٦ ، ابن رشيق / العمدة / ٢ / ٢٢١ ، المخصص / ٥ / ٣٤ ، لسان العرب / ٧ / ٢٩٠. صبح الاعشى / تاج العروس / ٥ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، الدينوي / النبات / ١ / ٣١٤ ـ ٣١٥ ، تاج العروس / ٥ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، الدينوي / النبات / ٥ / ١٦٦ ، صفة جزيرة العرب / ١٧٩ ، معجم ما استعجم / ٥٠٣ ـ ٥٠٤ ، الزمخشري / الجبال والأمكنة والمياة / ٥١ ، ياقوت / ٢ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، نخبة الدهر / ٩٢٠ ، مراصد الاطلاع ١ / ٣٥٨ ، ابن حزم / جمهرة أنساب العرب / ٨١.

(٣) ثمار القلوب / ٥٣٤.

(٤) ابن الانباري / شرح القصائد السبع / ٥٦٨ ، تهذيب اللغة / ٦ / ٥٢٢ ، الصحاح / ٢ / ٦٨٩ ، الزوزني / شرح المعلقات السبع / ٢١٢ ، لسان العرب / ٤ / ٣٨١ ، تاج العروس / ٣ / ٣٨٠.

(٥) الجوهري / الصحاح / ٥ / ٢١٢٢ ، لسان العرب / ١٣ / ١٧٨ / ، تاج العروس / ٩ / ٢١٤.

١١٢

صانعيهما (١) ، والخرصان وتباع في قرية الخرصان (٢).

ج ـ السفن :

ومما ساعد على قيام صناعة السفن وقوع البحرين على الخليج العربي حيث تمر فيها أهم طرق المواصلات بين الشرق والغرب ، ويحتك سكانها بشعوب عرفت الملاحة والبحار كالهنود والصينيين ، وقد جاء في معلقة طرفة بن العبد ذكر سفن ابن يامن (٣) :

عدولية أو من سفين ابن يامن

يجور بها الملاح طورا ويهتدي

وابن يامن يهودي من أهل هجر كان يمتلك عددا من السفن التي تبحر في الخليج العربي (٤).

د ـ الخمور :

عرفت البحرين بانتاج النبيذ (٥) ، الذي يصنع من التمور ، وقد اشتهر منها بصورة خاصة تمر النابجي (٦) ، وكانت قطر من أشهر مناطق

__________________

(١) ابن الانباري / شرح القصائد السبع / ٥٦٨ ، تهذيب اللغة / ٦ / ٥٢٢ ، الجوهري / الصحاح / ٢ / ٦٨٩ ، ٥ / ٢١٢٢ ، الزوزني / شرح المعلقات السبع / ٢١٢ ، لسان العرب / ٤ / ٣٨١ ، ١٣ / ١٧٨ ، تاج العروس / ٣ / ٣٨٠ ، ٩ / ٢١٤.

(٢) ياقوت / ٢ / ٤٢٣ ، مراصد الاطلاع / ١ / ٣٤٨.

(٣) ابن الانباري / شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات / ١٣٧. الزوزني / شرح المعلقات السبع / ٨٣ ، التبريزي / شرح القصائد العشر / ٣٠ ـ ٣١.

(٤) عن ابن يامن انظر الفصل الثاني «السكان والعقائد ـ اليهودية».

(٥) ديوان الهذليين / ٢ / ١١٤.

(٦) الجاحظ / الحيوان / ٧ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، الاعلاق النفيسة / ٨٣ ، ابن خرداذبة / المسالك والممالك / ١١٨ ، القالي / ذيل الامالي والنوادر / ٣٩ ، البكري / المسالك والممالك. ورقة ٢١٧ ، الثعالبي / ثمار القلوب / ٥٥٢ ، آثار البلاد / ٧٧ ـ ٧٨.

١١٣

البحرين انتاجا للخمور (١) ، كما كانت هجر مركزا مهما لانتاجه ، وكانت خمور هجر تباع في بقية أنحاء البحرين (٢) ، وقد اشتهرت في هجر حانة ريمان (٣) ، ويروى مسلم أن وفد عبد القيس سأل النبي عن النبيذ فنهاهم أن ينتبذوا في الدباء والنقير والمزفت والمقير (٤) ، وقد خصمت هذه الأواني بالنهي لأن نبيذها يصبح بعد فترة وجيزة مسكرا (٥).

التجارة :

أـ التجارة الداخلية :

ذكرت المصادر وجود عدد من الأسواق التجارية التي يعود ظهورها إلى عدة عوامل منها توفر المنتوجات الزراعية والصناعية (٦) ، ووجود المستهلكين من أهل العشائر والمدن والقرى (٧) ، وتيسر المواصلات (٨). وللأسواق الكبيرة العامة أهمية لتجارة البحرين حيث

__________________

(١) البكري / معجم ما استعجم / ١٠٨٣.

(٢) الأغاني / ٦ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

(٣) العمري / مالك الابصار / ١ / ٣٨٨ ، ويذكران الراعي النميري وصفها في قصيدة منها :

وصهباء من حانوت ريمان قد غدا

علّي ولم ينظر بها الشرق صابح

تبصر عنها اليوم كأس روية

ويرد العشايا والقبان الصوادح

(٤) مسلم / صحيح مسلم / ٣ / ١٥٧٩ ، وفي رواية أخرى نهاهم عن الدباء والختم والنقير والمقير ، والدباء : القرع اليابس ، والحنتم : جرار خضر ، والنقير : جذع ينقر في وسطه ، والمزفت : المطلي بالقار. النووي / شرح النووي لصحيح مسلم / ١ / ١٨٥.

(٥) النووي / شرح النووي لصحيح مسلم / ١ / ١٨٥.

(٦) انظر الزراعة والصناعة.

(٧) انظر الفصل الثاني «السكان».

(٨) انظر المواصلات.

١١٤

تبيع الفائض من منتوجاتها الزراعية والصناعية ، وتحصل على احتياجاتها بواسطة هذه الأسواق ، وقد ذكرت المصادر عددا من الأسواق الكبيرة العامة وهي :

١ ـ سوق هجر : وهي إحدى أسواق العرب السنوية قبل الإسلام (١) وكانت تقام في شهر ربيع الآخر من كل سنة (٢) ، وكان يعشرهم فيها المنذر بن ساوى ملك البحرين (٣) ، وتؤم السوق القبائل العربية ومنها بنو محارب بن عبد القيس (٤).

٢ ـ سوق المشقر : وكانت في المشقر قبل الإسلام ، وهي سوق سنوية تعقد طوال شهر جمادى الآخرة (٥) ، تؤمها القبائل العربية وبعض الفرس ، وكان يعشرهم المنذر بن ساوى أيضا (٦) ، ومن القبائل المجاورة للسوق عبد القيس وتميم (٧).

__________________

(١) الهمداني / صفة جزيرة العرب / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، انظر القلقشندي / صبح الاعشى / ١ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، نهاية الارب في معرفة انساب العرب / ٤٣٥ ، الآلوسي / بلوغ الارب في معرفة احوال العرب / ١ / ٢٦٥ ، الافغاني / اسواق العرب في الجاهلية / ٢٥١.

(٢) القلقشندي / صبح الاعشى / ١ / ٤١٠ ـ ١١٤ ، انظر نهاية الارب في معرفة انساب العرب / ٤٣٥ ، الآلوسي / بلوغ الارب / ١ / ٢٦٥ ، الافغاني / أسواق العرب في الجاهلية / ٢٥١.

(٣) الهمداني / صفة جزيرة العرب / ١٣٦.

(٤) الهمداني / صفة جزيرة العرب / ١٣٦.

(٥) في اليعقوبي / التاريخ / ١ / ٣١٣ يعقد في شهر ربيع الاول ، وفي التوحيدي / الامتاح والمؤانسة / ١ / ٨٤ يعقد في شهر ربيع الآخر.

(٦) ابن حبيب / المحبر / ١ / ٢٦٥ ، انظر اليعقوبي / التاريخ / ١ / ٣١٣ ، التوحيدي / الامتاح والمؤانسة / ١ / ٨٣ ـ ٨٥ ، المرزوقي / الازمنة والأمكنة / ٢ / ١٦١ ـ ١٦٣ البيروني / الآثار الباقية عنالقرون الخالية / ٣٢٨ ، الآلوسي / بلوغ الارب / ١ / ٢٦٥ ، الأفغاني / اسواق العرب في الجاهلية / ٢٤١ ـ ٢٤٤.

(٧) ابن حبيب / المحبر / ٢٦٥ ، المرزوقي / الازمنة والأمكنة / ٢ / ١٦٢.

١١٥

وفي البحرين كذلك عدد من الأسواق المحلية الصغيرة لسكان المدينة أو لأفراد العشيرة ، وذكرت المصادر منها سوق الاحساء ، وكانت على كثيب الجرعاء (١) ، تتبايع عليه العرب (٢).

وقد عرفت بعض الأسواق في بيع سلع معينة ، منها دارين التي اشتهرت بالمسك (٣) ، وكذلك الخط التي اشتهرت بالرماح الخطية (٤) ، وقرية الخرصان برماح الخرصان (٥).

ب ـ التجارة الخارجية :

إن ازدهار التجارة الخارجية في البحرين يعود إلى :

١ ـ الموقع وسهولة المواصلات : تقع البحرين على الساحل الغربي من الخليج العربي ، وقد أدى ذلك إلى اتصالها بالعالم بالطرق البحرية إضافة إلى الطرق البرية التي تربطها بالجزيرة العربية ، وقد ساعد هذا الموقع على جعلها مركزا تجاريا مزدهرا قبل الإسلام وبعده.

٢ ـ وفرة المنتوجات المحلية : فالبحرين تنتج محاصيل زراعية

__________________

(١) يذكر ابن حوقل أن الجرعاء قبلة الاحساء ، وكان من رسوم القرامطة ركوب مشايخهم وأولادهم فرادي فيجتمعون بالجرعاء ويلعب احداثهم بالرماح على خيولهم. صورة الارض / ١ / ٣٤ ، وفي ديوان ابن مقرب العيوني / ٢٦ هامش «في هامش ه» الجرعاء محلة بالاحساء ، والراجح أن كثيب الجرعاء هو بقايا المدينة التجارية القديمة جرها ، وانظر جرها في «التجارة البحرية».

(٢) الهمداني / صفة جزيرة العرب / ١٣٧.

(٣) عن دارين والمسك الداري انظر «التجارة الخارجية».

(٤) انظر الخط.

(٥) ياقوت / ٢ / ٤٢٣ ، مراصد الاطلاع / ١ / ٣٤٨.

١١٦

متنوعة وخاصة التمور التي اشتهرت بها هجر ، كما توجد فيها مراكز صناعية تنتج أنسجة مختلفة ، وقد أدت وفرة المنتوجات الزراعية والصناعية إلى تشجيع التجارة الخارجية وتصدير تلك السلع إلى الأقطار الأخرى ، كما أنها كانت تستورد من تلك الأقطار بعض البضائع التي تحتاجها.

يضاف إلى ذلك أن البحرين كانت تستورد بعض البضائع الهندية كالمسك والقنلثم تصدره إلى بقية أنحاء الجزيرة العربية فتباع هناك.

ولعل أقدم ما كونته البحرين من علاقات تجارية هي التي كانت مع الجزيرة العربية التي ترتبط بها بصلات جغرافية وأسرية ، وإدارية بعد الفتح.

التجارة مع الحجاز : كانت علاقة البحرين التجارية بالحجاز وثيقة قبل الإسلام وبعده ، فقد أشارت المصادر إلى تصدير البحرين التمور إلى مكة عند ظهور الإسلام (١) ، كما ذكرت صلاتها التجارية بيثرب في الجاهلية وفي صدر الإسلام ، فقد صدرت إليها الملاحف والتمر من هجر (٢) ، وكانت عبد القيس تقوم بالتجارة (٣) ، وقد ظلت هذه التجارة قائمة بعد الإسلام بين البحرين والحجاز ، ويبدو أن حجمها كان ملحوظا ، ولما تأزم الموقف بين نجدة بن عامر الخارجي وعبد الله بن الزبير عمد نجدة إلى قطع الميرة عن أهل الحرمين من

__________________

(١) ابن سعد / ٥ / ٤١١ ، انظلا الاصابة / ٢ / ١٧١.

(٢) النووي / صحيح مسلم يشرح النووي / ١ / ١٨١ ، انظر الكرماني / صحيح البخاري بشرح الكرماني / ١ / ٢١١ ، إصابة / ٢ / ١٧١ ، العيني / عمدة القاري / ١ / ٣٠٩ ، الزرقاني / شرح الزرقاني على المواهب اللدنية / ٤ / ١٥.

(٣) ابن كثير / البداية والنهاية / ٥ / ٤٧ ـ ٤٨ ، انظر الزرقاني / ٤ / ١٥.

١١٧

اليمامة والبحرين ، فكتب إليه ابن عباس فتركها لهم (١).

وبالإضافة إلى تصدير المواد الغذائية وخاصة التمور ، أشارت المصادر إلى تصدير البحرين المنسوجات ، ومنها بزهجر ، إلى مكة (٢) ، والبرود القطرية إلى مكة والمدينة عند ظهور الإسلام وبعده (٣).

ولا تذكر المصادر واردات البحرين من الحجاز ، وربما كانت تستورد منها النقود.

التجارة مع اليمامة :

كانت البحرين تصدر إلى اليمامة المنسوجات وخاصة الهجرية ، فيروى ابن سعد أن هوذة بن علي الحنفي كما سليط بن عمرو العامري أثوابا من نسج هجر (٤) ، كما كان تجار اليمامة يشترون الأديم من فلج ، التي كان يجلب إليها من اليمن ، ويحملونه إلى الحسا حيث يباع هناك (٥) ، ويذكر أبو الفدا أن أهل الاحساء والقطيف يجلبون التمر إلى الخرج ـ وادي اليمامة ـ ويشترون بكل راحلتين من التمر راحلة من الحنطة (٦) ، ويرجع ذلك إلى أن البحرين تنتج كميات كبيرة من التمور ،

__________________

(١) انظر الفصل السابع «الخوارج».

(٢) ابو داود / السنن / ٢ / ٢٢٠ ، انظر ابن ماجة / السنن / ٢ / ٧٤٧ ـ ٧٤٨ ، النسائي / السنن / ٧ / ٢٨٤ ، الترمذي / السنن / ٣ / ٥٩٨ ، الدارمي / السنن / ٢ / ٢٦٠ ، النووي / رياض الصالحين / ٥٢٨.

(٣) ابن سعد / ظ ق ١ / ١٦ ـ ١٧ ، ١٨ ، ٢٣٤ ، ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، ابن حنبل / المسند / ٥ / ٢٤ ، ٦ / ١٤٧ ، الترمذي / السنن / ٣ / ٥١٨ ، الطبري / ١ ق ٥ / ٢٧٢٩ ، ٢٧٧٤ ، ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، لسان العرب / ٥ / ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٤) ابن سعد / ١ ق ٢ / ١٨.

(٥) سفرنامة / ٩١.

(٦) تقويم البلدان / ٩٩.

١١٨

أما اليمامة فكانت تنتج من الحنطة ما يفيض على حاجتها ، أما طريقة البيع والشراء فهي «المقايضة» وربما كان ذلك بسبب قلة النقود عند السكان.

التجارة مع البصرة :

كانت الأبلة ميناء العراق الرئيسي ، وفيه ترسو السفن البحرية الآتية من البحرين (١) ، غير أنه بعد انشاء مدينة البصرة أصبحت الأخيرة مركز التجارة ، وصارت الأبلة مجرد ميناء للتجار البصريين (٢) وكان التجار الداريون يفدون على البصرة للمتاجرة (٣) ، بالمسك الداري (٤) ، وكانت البصرة تستورد من الخط الرماح الخطية (٥) ، ومعقدة البحرين التي روى ابن سيرين أن أبا موسى كسا منها ثوبين لبعض الناس (٦) ، كما ذكرت البرود القطرية في بعض أخبار البصرة وخاصة في عهودها الأولى (٧) ، وعل بعض من استوطن البصرة كانت ثيابهم من منسوجات البحرين ، كما كانت الاحساء تصدر الفوط إلى البصرة (٨).

__________________

(١) البلاذري / فتوح / ٣٤١ ، الدينوري / الأخبار الطوال / ١٢٣.

(٢) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري / ٢٥٩ «الطبعة الثانية».

(٣) ابن حنبل / السند / ٥ / ٥٢.

(٤) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري / ٢٣١ (الطبعة الأولى).

(٥) ن. م. / ٢٤٥ ، ٢٤٧ (الطبعة الثانية).

(٦) الطبري / التفسير / ٧ / ٢٥ ، انظر ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث / ٣ / ١١٣.

(٧) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري / ٢٥٠ (ط ٢).

(٨) سفرنامة / ٩٣.

١١٩

التجارة مع فارس : ـ

يذكر البكري أن البحرين تجلب الميرة من فارس ، وتصدر إليها التمر والدبس (١) ، وكانت الخط تستورد الحديد من فارس (٢) ، كما كان التجار الفرس يأتون إلى البحرين بتجاراتهم ويشتركون في سوق المشقر (٣).

التجارة مع الهند : ـ

ترجع العلاقات التجارية بين الهند والبحرين إلى أقدم الأزمنة ، وفيها عدة موانىء ترسو فيها السفن التي تتاجر مع الهند.

وكانت التجارة الهندية تأتي عن طريقين أولهما (٤) : طريق الخليج العربي ، فكانت السفن تفرغ بضائعها عند البحرين في ميناء جرها (٥) Gerrha وتنقل منه برا عبر الصحراء العربية إلى العراق أو سوريا

__________________

(١) البكري / المسالك والممالك. ورقة ٢١٨ ، والمبرة : جلب الطعام للبيع وهم يمتارون لأنفسهم ويميرون غيرهم ميرا. لسان العرب / ٥ / ١٨٨ ، وأرى أن المقصود بالميرة هنا الحنطة حيث إن إنتاجها قليل في البحرين.

(٢) العلي / التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري / ٢٤٧ (الطبعة الثانية بيروت).

(٣) انظر سوق المشقر.

(٤) أما الطريق الثاني فكان يأتي من البحر العربي فالبحر الأحمر ومنها إلى الموانىء المصرية الواقعة على ساحل البحر الأحمر الغربي ، أو إلى ميناء العقبة حيث تنقل منها إلى سوريا وموانىء البحر المتوسط. العلي / محاضرات في تاريخ العرب / ١ / ٣٧.

(٥) يرى فليب حتى أنها السقير /. تأريخ سوريا ولبنان / ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، ويرى جواد علي أنها على مقربة من القعير. المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام / ١ / ١٧٥ ، وعن جرها وأهميتها التجارية انظر حتى / تاريخ سوريا ولبنان / ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، جواد علي / المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام / ١ / ١٧٥ ، جاكلين بيرين / اكتشاف جزيرة العرب / ٣١.

١٢٠