البرنس في باريس

محمّد المقداد الورتتاني

البرنس في باريس

المؤلف:

محمّد المقداد الورتتاني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-605-5
الصفحات: ٣٩٥

والملاحظ أن الورتتاني غالبا ما يستدعي التاريخ العربي ومعالمه أثناء توقفه عند المنجزات الأوربية من طائرات ومكتبات ومستشفيات وغيرها. وهو كثيرا ما يستشهد بكلام ابن خلدون في تفسير الظواهر السياسية معتمدا نظريته في العمران البشري والعصبية (٧٤). كما أنه حلى رحلته بمتن شعري كبير تعود جملة معتبرة منه لصديقه الشاعر صالح سويسي المتوفى سنة ١٩٤١ م (٧٥). وورد لدى الزركلي أن ديوانه غير مطبوع (٧٦) ، في حين أنه مطبوع بتونس سنة ١٩١١ بعنوان «زفرات الضمير» (٧٧). هذا بالإضافة إلى شواهد شعرية من مختلف العصور يوردها الورتتاني كلما اعتبرها مناسبة للسياق ، فضلا عن أشعار له هو ، وإن كانت قليلة (٧٨).

وزيادة على وصف المدن والقرى التي حل بها وحال سكانها وعاداتهم (٧٩) والمقارنة بينهم أحيانا ، تطرق الورتتاني لوصف معالم كثيرا ما تكرر ورودها في رحلات العرب إلى فرنسا بصفة خاصة ، كمدينة باريس ومدرسة اللغات الشرقية (٨٠) التي وصف ماجريات امتحانا حضره بها ، والمكتبة الوطنية بباريس (٨١) ، ومتحف اللوفر (٨٢) ،

__________________

(٧٤) المصدر السابق : ١٨٦ و ١٩٥ و ٢٠٩ مثلا.

(٧٥) الأعلام : ٣ / ١٩١.

(٧٦) المرجع السابق.

(٧٧) الحركة الأدبية والفكرية في تونس : ٩٥.

(٧٨) البرنس في باريز : ٨٧ ـ ٨٨ ـ ١٢٨.

(٧٩) انظر مثلا : ص ٢٧٠.

(٨٠) البرنس في باريز : ١٥٥.

(٨١) المصدر السابق : ١٦٤.

(٨٢) المصدر السابق : ١٧٠.

٢١

والمسلة المصرية (٨٣) ، والتروكاديرو (٨٤) ، وكنيستي نوتردام ولا مادلين (٨٥) والأوبرا (٨٦) وغيرها. وقد استقصى تاريخ كل هذه المعالم ومكوناتها وطريقة عملها بتدقيق مثير.

وهو في أغلب المواضيع المطروقة مولع بإيراد الإحصاءات مما يبرر كثرة الجداول المتخللة للرحلة.

بعد إنهاء المقدمات ، يستهل الورتتاني رحلته بتبرير شدّه الرحال إلى أوربا مجوزا إياه ما دام الإنسان «آمنا على نفسه ودينه وماله» (٨٧) ، ويبدو بذلك داخلا في جدال فقهي يخص حليّة السفر ، إلى أو الإقامة ، في بلد الكفر باعتبارها دار حرب ، وضرورة هجر المسلم لها قياسا على هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مكة (٨٨) ، وعضد الورتتاني موقفه بالاستشهاد بسفر العلماء والسفراء إلى الممالك غير الإسلامية. بل أخذ على المتأخرين عدم فهمهم لما وصفه العلماء الأوائل بدار الحرب إذ تلقفوا كلامهم ، في نظره ، «بدون إمعان النظر فنزلوا المسألة على السفر لغير بلاد الإسلام مطلقا ، وغضوا النظر عن كلمة دار الحرب. فإن دار الحرب هي بلد القوم العدو الذين بيننا وبينهم القتال بحيث من ظفر منهم بواحد منا كان غير آمن على نفسه وماله» (٨٩).

وواضح أن تعامل الورتتاني مع الفرنسيين (٩٠) هو الذي أملى هذا الفهم عليه ، ومعلوم أن دار الحرب «هي بلاد المشركين الذين لا صلح بينهم وبين المسلمين» (٩١).

__________________

(٨٣) المصدر السابق : ١٨١.

(٨٤) المصدر السابق : ١٨٤.

(٨٥) المصدر السابق : ١٨٥.

(٨٦) المصدر السابق : ١٩٨.

(٨٧) المصدر السابق : ٥٢.

(٨٨) يرى المازري مثلا حرمة إقامة المرأة ببلد الكفر لأنها تخشى على دينها ونفسها : شرح الزرقاني ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط ١ ، ١٤١١ ه‍. ٤ / ٥٠٣.

(٨٩) البرنس في باريز : ٥٢.

(٩٠) انظر مثلا الصفحات : ٣ و ١٤ و ٢٣ و ٦٣ من البرنس في باريز.

(٩١) لسان العرب : حرب.

٢٢

إلا إذا اعتبر المؤلف معاهدة ١٨٨١ صلحا ، وقد ساق مجموعة من آراء الفقهاء منها كراهة السفر إلى بلد الكفر إذا لحقت المسافر مذلة (٩٢).

ونسجل توقا من المؤلف طيلة الرحلة إلى التواصل مع أوربا واعيا بتخلف بني جلدته. بل هو يتمنى ، وهي أمنية لها سمة رمزية دالة ، لو صار البحر المتوسط «كله يبسا أو جعل له نفق تحت الأرض بين إفريقيا وأوربا ... لتسريح أمم القارات من ويلاته وأرباب الأسفار من نكباته ... وتتعارف الأمم المفرق ما بينها بحد سيفه ... ويرى كل فريق صاحبه عيانا ويتعرف لغته وخلقه وعوائده وتنقشع سبل الوهم من بعض أفكار قوم في احتقار قوم آخرين» (٩٣).

ويسجل الورتتاني انتشار الحضارة في كل أنحاء أوربا إذ «لا يخلو بلد من آثار مع مكتب للتعليم ومعبد ديني ومستشفى صحي ومحل للتمثيل ونزل للمسافرين» (٩٤).

وقد لخص مجالات إعجابه بأوربا في :

١. عمران الأرض وخضرتها (٩٥) إلى حد اعتبار فرنسا كلها بستانا واحدا (٩٦) ، وهو أمر مألوف في رحلات العرب إلى أوربا متكرر الورود فيها مما لا يحتاج معه إلى التمثيل.

٢. انتشار المعرفة وتعميمها (٩٧).

٣. الانكباب على العمل المتواصل.

__________________

(٩٢) البرنس في باريز : ٥٢. وقال الماوردي إن المسلم إذا قدر على إظهار الدين في بلد الكفر فقد صارت به دار إسلام : فتح الباري ، ابن حجر العسقلاني ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، محب الدين الخطيب ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٣٧٩ ه‍ : ٧ / ٢٢٩.

(٩٣) البرنس في باريز : ٦٠ ـ ٦١.

(٩٤) المصدر السابق : ١٧٦.

(٩٥) المصدر السابق : ٣٠٨.

(٩٦) المصدر السابق : ١٠٣.

(٩٧) المصدر السابق.

٢٣

٤. حسن معاملة الغريب (٩٨).

٥. وقد خص باريز بأكبر إشادة إذ أعجب بحركتها الدائبة وكثرة سكانها وغناهم ، وبوسائل النقل وسريان النظام بها (٩٩) ، وذوق أهلها في المنازل والملابس (١٠٠).

كما أبدى إعجابه بجنيف ونظافة سويسرا بصفة عامة (١٠١). على أن أهم ما يستوقفنا من مواقف الورتتاني من حضارة البلاد المزورة ومعالمها :

ـ موقفه الإيجابي من المسرح واعتباره مجديا خاصة للناشئة (١٠٢) ، بخلاف كثير من سابقيه ومعاصريه من الرحالة من شمال غرب إفريقيا ، يقول : «التمثيل يصور التاريخ وينشر الأدب ويحيي اللغة ، واستحضار الصورة الغريبة له تأثير في ذوق اللسان العربي ، وترتاح له النفوس وتوده» (١٠٣).

ـ إشادته بفوائد الرسم أو الصور الدهنية ، كما سماها ، فبها في نظره «يحفظ التاريخ وتظهر مقدرة الخيال» (١٠٤). بل إنه حاول تقديم تفسيره الخاص لا بتسامة الموناليزا (١٠٥). وكانت هذه اللوحة قد تعرضت للسرقة ذلك العام ووجد «الحديث على ضياعها من متحف اللوفر مستفيضا» (١٠٦). وومما قاله الشاعر صالح سويسي في شأنها ضمن قصيدة بعثها للورتتاني أثناء رحلته :

جوكندا تبا لسارق رسمها

رسم على ملك الجمال تقدما

__________________

(٩٨) المصدر السابق.

(٩٩) المصدر السابق : ١٥٥.

(١٠٠) انظر المصدر السابق : ١٣٨ ـ ١٣٩. و ٢٦٠. مثلا.

(١٠١) المصدر السابق : ١٢.

(١٠٢) المصدر السابق : ١٦٣ و ١٩٧.

(١٠٣) المصدر السابق : ١٩٧.

(١٠٤) المصدر السابق : ٢١٨.

(١٠٥) المصدر السابق : ١٧٣ ـ ١٧٤.

(١٠٦) المصدر السابق : ١٧٢. وقد قرأ والرحلة تهيأ للطبع أنه عثر عليها بإيطاليا : المصدر السابق : ١٧٥.

٢٤

يا متحفا مالي أرى بك وحشة

وأرى فؤادك بالفراق تكلما

«فمحمد» يبدي إليك توجعا

وتصبرا عند الزيارة مثلما (١٠٧)

غير أنه يعود في مواضع أخرى من الرحلة فيحد من غلواء هذين الحكمين العامين فلا يحبذ من الرسم إلا ما وافق الواقع (١٠٨). ومن الطريف أنه لما أنكر وجود تمثال من الرخام ، في متحف مدينة تولوز ، مكشوف السوأتين (١٠٩) أضاف قائلا : «مع أن ثيابه منحازة إلى جانب منه ، فلم أدر لما ذا أبعدت عنه (١١٠). فكأن النحات أعجزه أمر تحريك هذه الثياب لتغطية سوأتي التمثال في هذا العمل الفني!

وعلى الرغم من طابع الانفتاح والإعجاب بالحضارة الغربية الذي طبع لقاء الورتتاني بأوربا ، فإن خطابه لم يخل من تلك النفحة الدينية الصوفية المألوفة لدى أغلب الرحالة المسلمين إلى أوروبا الحديثة ، تلكم النفحة التي تعتبر كل المعالم الحضارية المدهشة للمطّلع عليها مجرد قشور «لا تساوي جناح بعوضة أو قيمة خردلة من نعيم الآخرة» (١١١). فمع كل الإعجاب الذي كاله لمضيفيه ، نجده ينبه في مقطع صغير متفرد إلى افتقارهم إلى الاطمئنان الروحي فيقول : «ولو تتبعت أحوال هؤلاء واطلعت على باطن أعمالهم لوجدتهم في عناء وأفئدتهم تردد لا راحة في الدنيا» (١١٢).

__________________

(١٠٧) المصدر السابق : ١٧٤ ـ ١٧٥.

(١٠٨) المصدر السابق : ٢١٨.

(١٠٩) المصدر السابق : ٢٤١.

(١١٠) المصدر السابق.

(١١١) البرنس في باريز : ١٢٨.

(١١٢) المصدر السابق.

٢٥

ـ وصفه الدقيق لحركات الراقصين وسكناتهم بأحد العروض التي حضرها (١١٣) وصفا موضوعيا خاليا من الانتقاد.

ـ إعجابه بمشاركة المرأة في الحياة العملية (١١٤) ، وقد لخص مكانتها قائلا : «والمرأة في فرانسا هي كل شيء ولها كل شيء ، فالجوهر والحرير والزينة ، وإن شئت قلت المال للمرأة ، والتقدم للمرأة والفؤاد للمرأة ، والمنزل للمرأة ونفوذ الكلمة للمرأة ، والحرية للمرأة» (١١٥).

ورغم ملاحظة الورتتاني جمال النساء وحسن ذواتهن ، على حد تعبيره ، ونعومة أجسامهن وبياض بشرتهن وغير ذلك من الأوصاف (١١٦) ، فإنه مع ذلك ظل متمسكا بعفته حريصا على إعلانها ، فهو يحمد الله لأنه لم يجر «طلقا مع الهوى» (١١٧) ، بل إنه كاد ينساق لإغراءات باريز لو لا أنه استرجع ، يقول : «ثم راجعت نفسي وقرأت (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) ، وكففت نفسي عن الإغراق في إدامة النظر إلى فتنة الحياة الدنيا» (١١٨).

وقد دخل الورتتاني في حوار مع بعض النساء الفرنسيات في مواضيع تعدد الزوجات ، وعدم رؤية المرأة قبل الزواج وتليم المرأة ورفع الحجاب عنها في المجتمعات الشرقية (١١٩).

بيد أن نساء مدينة تولوز خلفن في نفسه انطباعا سلبيا ، فقد سجل قيامهن بالأعمال المبتذلة ومعاناتهن من التعاسة (١٢٠) ، ووقف على أحوال منهن غريبة

__________________

(١١٣) المصدر السابق : ٢٠١.

(١١٤) المصدر السابق : ٢٠٥.

(١١٥) المصدر السابق : ١٩٩.

(١١٦) المصدر السابق : ٢٦١.

(١١٧) المصدر السابق : ٢١٩. وانظر أيضا : ٢٦٠ ـ ٢٦١.

(١١٨) المصدر السابق : ١٣٨.

(١١٩) المصدر السابق : ١٣٤ ـ ١٣٥ و ٢٩٠.

(١٢٠) المصدر السابق : ٢٣٦.

٢٦

يلخصها قوله : «وشأن المرأة غريب في طولوز ، إن نساء طولوز ممتلئات الأجسام لحما وثيابا ... ويظهر العرج فيهن كثيرا فتراهن ظالعات ضليعات ، ولهن شوارب كالرجال ولحى يختلفن فيها كثرة وقلة.» (١٢١) ولذلك شبههن بالسعالي (١٢٢).

ومما تميز به الورتتاني وصفه رياضة مصارعة الثيران بدقة وإسهاب ذاكرا الأسماء التي تطلق على المشاركين فيها ، إلا أنه اتخذ منها موقفا سلبيا منتقدا تعذيب الحيوان ، معرّضا بجمعية الرفق بالحيوان التي لا تعمل على مناهضة هذه الرياضة ، مشبها إياها ، بسخرية ، بمحكمة العدل الدولية (١٢٣) التي لا تمنع الحروب ولا تعدّ ملجأ للهروب (١٢٤).

ورغم ثقافة الورتتاني الفرنسية ، فإنه وقف عاجزا عن فهم عمل البورصة وكيفية كسب الناس الأموال من خلالها ، فشبهها بالكيمياء التي «لها أسرار ... لكن لا يعرفها إلا أربابها» (١٢٥) ، ولم ير فيها سوى اختلاط للناس «وغوغاء بدون انتظام ولا فهم كلام» (١٢٦).

كما حضر جلسة مجلس النواب بباريز يوم ٢٣ جوان ١٩١٣ مدعوا من وزارة الخارجية وبعض النواب ، وقد وصف المجلس ومكوناته وهيئة الجلوس ومدة انتخاب النواب. وكان موضوع الجلسة مناقشة تمديد الخدمة العسكرية من سنتين إلى ثلاث في ظروف مواجهة التهديد الألماني الذي سبق اندلاع الحرب العالمية الأولى (١٢٧).

__________________

(١٢١) المصدر السابق.

(١٢٢) المصدر السابق.

(١٢٣) والتي كانت حديثة عهد بالافتتاح ١٩١٣ ، انظر إشارته إلى إسهام الدول في تأثيث مقرها : المصدر السابق : ١٥٢ ـ ١٥٣.

(١٢٤) المصدر السابق : ٢٥١ ـ ٢٥٦.

(١٢٥) المصدر السابق : ٢٠٨.

(١٢٦) المصدر السابق : ٢٥١ ـ ٢٥٦.

(١٢٧) وصادف الورتتاني قبل ذلك مظاهرات ضد هذا القانون : المصدر السابق : ١٠٦.

٢٧

وكان جان جوريس ، الزعيم اليساري المشهور ، خطيب الحزب الاشتراكي (١٢٨) ، وجدير بالذكر أن جوريس من أبرز السياسيين الفرنسسين الذين كانوا يواجهون سياسة فرنسا الاستعمارية في المغرب (١٢٩).

ومن المؤكد أن تقديم هذه الرحلة الزاخرة بالمعلومات والمواقف لا يغني عن الاطلاع عليها ، ولعل مسك الختام أن يكون تعليق محمد الفاضل ابن عاشور على هذا الكتاب النفيس ، إذ اعتبره «مظهرا جليلا لسمو فن التحرير في تسجيل الرحلات الفردية الخاصة في أوربا» (١٣٠) و «أكمل صورة قلمية لنظر العربي الناهض إلى أوربا لوصف المسالك والمشاهد والتأثرات النفسية والمناظر الطبيعية والحياة الاجتماعية ، مع إثارة المقارنات التفصيلية بين الماضي الإسلامي والحاضر الأوربي في كل ناحية من نواحي الحضارة ... ولو لا ما شحنت به من الاستطرادات البعيدة لذكر أمور شؤون الحياة العادية بتونس لكان مثالا كاملا لفن الرحلة ، على أن هذا لم ينزل بهذا الكتاب عن كونه أرقى مثال وأمثل صورة في كل ما كتب من الرحلات التونسية» (١٣١). في القرن العشرين (١٣٢).

وجدير بالذكر أن هذه الرحلة تتضمن معلومات ومواقف تستحق التصحيح

__________________

(١٢٨) وصادف الورتتاني قبل ذلك مظاهرات ضد هذا القانون : المصدر السابق : ١٠٦.

(١٢٩) انظر في هذا الشأن مثلا : اليسار الفرنسي والحركة الوطنية المغربية ١٩٠٥ ـ ١٩٥٥ ، جورج أوفيد ، ترجمة محمد الشركي ومحمد بنيس ، دار توبقال للنشر ، ط ١ ، ١٩٨٧.

(١٣٠) الحركة الأدبية والفكرية في تونس : ١٢٤.

(١٣١) المرجع السابق : ١٢٤ ـ ١٢٥.

(١٣٢) المرجع السابق : ١٢٥.

وفي رواية : «مثل العالم مثل الحمة تأتيها البعداء وتتركها ...»

واضح أن المدة لا تصل إلى ستة قرون.

انظر دائرة أسماء الرياح في ملحق الصور.

يعني بذلك الجمرك.

٢٨

والتعليق ، غير أن خطتنا القاضية بإخراج الكتاب بأمانة ، كما ارتضاه صاحبه ، جعلنا لا نتوقف عند ذلك مما قد يزيد هذا المطبوع تضخما ، والكتاب أصلا ضخم ، معتمدين في الانتباه لكل ذلك على حصافة القارئ.

٢٩

٣٠

٣١

٣٢

مسار الرحلة

تبدأ رحلة الورتتاني يوم ٦ جوان / يونيه ١٩١٣ م ، الساعة الثانية بعد الزوال ، أما نهايتها فكانت بعد شهر من ذلك أي يوم ٧ جويليه / يوليوز من السنة نفسها. وقد كان نصيب باريس من هذه المدة ثلثها ، أي ١٢ يوما.

تبدأ الرحلة من القيروان ، بلد الرحالة ، ثم حلق الوادي ، قرية بضاحية تونس. ويتحدد مسارها في أوروبا في دولتين هما سويسرا وفرنسا ، وزار فيهما ١٨ مدينة :

ـ مرسيليا ، (Marseille).

ـ كرونوبل ، (Grenoble)

ـ أرياج ليبا (ليبان) ، (Uriage ـ les ـ Bains).

ـ جبال شارطروز ، (Les montagnes de la chartreuze)

+ قرية صان لورون دوبون ، (St.Laurent ـ du Pont)

+ قرية صان بيايير ، (St.Pierre).

ـ إيكس ليبا (إيكس ليبان) ، (Aix ـ les ـ Bains)

ـ جنيف ، (Gene ? ve).

٣٣

ـ فيفي ، (Vevey).

ـ منترو ، (Montreux).

ـ جنيف.

ـ بولكارد (الحدود السويسرية الفرنسية) ، (Bellegarde).

ـ شامبري ، (Chambe ? ry).

ـ كرونوبل.

ـ ليون ، (Lyon).

ـ باريز ، (Paris).

ـ كليرمون أنركون ، (Clermont en Argonne).

ـ فاراين أنركون. (Varennes en Argonne).

ـ ليون.

ـ صان كايزر ، (Saincaize).

ـ إيسودان ، (Issoudun).

ـ فيشي ، (Vichy).

ـ ليموج ، (Limoges).

ـ طولوز ، (Toulouse).

ـ مونبليي. (Montpellier).

ـ نيم ، (NIME).

ـ أرل ، (Arles).

ـ مرسيليا.

ـ حلق الوادي.

٣٤

ديباجة المؤلف

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الذي أمر بالسير في الأرض. وأثاب على المباح بحسن النية ثواب المندوب والفرض. نحمده أن جعلنا شعوبا وقبائل. لتعارف الأواخر والأوائل. فمنهم الراقي والمنحط ، والمفرط والمفرّط والوسط. اختلفوا لاختلاف الوظائف والطوائف والنحل والأجناس ، في شارات الأكسية وحلل اللباس. ولاختلاف حرارة وبرودة الطقس ، على حسب البعد والقرب من خطوط الأرض المسامتة لسير الشمس. فأوجبت الأقطار الباردة على أبنائها الانكباب على العمل ، ودعت الجهات الحارة سكانها إلى التمتع بنظر الكواكب والإخلاد غالبا إلى الراحة التي يعقبها الكسل. كما اختلفوا لهذا الشأن ، في النباهة والغفلة والسمات والألوان. واختلاف الألوان واللغات ، له سبحانه وتعالى من أعظم الآيات. ونشكره أن جعل ما في الأرض من ماء ومرعى ، لسكانها متاعا ونفعا. ونشهد أن لا إله إلّا الله الواحد الذي خلق لنا ما في الأرض جميعا ، وتفضل بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم رسولا وشفيعا. وعلى آله الأخيار ، وأصحابه المنساحين في الأقطار ، والتابعين وتابع التابعين حفظة الآثار. وبعد فيقول كاتبه محمد المقداد ابن الناصر بن عمار الورتتاني إن النفوس البشرية تواقة إلى الأخبار. وتجشم

٣٥

أخطار الأسفار ، ولو إلى ما وراء البحار. علما بأنها هبطت من المحل الأرفع ، إلى هذا الفضاء الأوسع. وتلقت بالجسد الغير المجانس لها على كره منها لتنال العلوم بواسطته ولتستفيد بالتلبس به وتعود عالمة بما لم تعلم. فهبوطها لا شك ضربة لازب لتكون سامعة لما لم تسمع ، وتعود عالمة بكل خفية في العالمين فخرقها لم يرقع. غير أن المعلوم بواسطة المشاهدة أصح من المعلوم بواسطة السمع فقط ، والفرق يتبين من التأمل في حالة وصول المعلوم إلى الذهن بواسطة الحواس مباشرة كما في الأول وبواسطة المخبر في بعض المعلومات كما في الثاني. وآفات الأخبار كثيرة. فالاقتصار على السماع لا يفيد الثمرة المقصودة والمأمور بتحصيلها بالسير في الأرض (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها). فالحقيقة تتجلى باستعمال العاملين النافعين وهما السمع والبصر كالعلم بالشيء وتصحيحه وتطبيقه ، وكم من معلومات لا يصدق فيها الخبر الخبر ، وكم من أوهام خبرية تزيلها معلومات المشاهدة والسفر. ما دامت الاستفسارات ناقصة والقياسات في الغالب مخطئة ، فتعارف الأمم ببعضها واستطلاع الحقائق والوقوف على بواطن الأمر مما يقرب التوادد ويزيل الشحناء ويذهب بما يلصق في فكر إحدى الأمتين مما يعده ذنبا أو عيبا أو نقصا أو توحشا في جانب الأمة الأخرى. والفوائد لا تحصل والاقتباس لا يتم إلّا بالتعارف والبحث. وما اكتساب التجارب وصحة الأبدان وتهذيب النفوس ونيل المعارف إلّا بالأسفار واتساع المدارك. لذلك كله كلما خلوت ونفسي إلّا وناجتني في هذا الغرض وأفضت لي بذات صدرها وأفاضت في شرح فعلها ومصدرها ، والجسد طوع يمين النفس شأن السلطة من المدبر الحكيم والنور على الظلمة والعالم على الجاهل والدائم على الفاني والقوي على الضعيف :

لو لا حجاب أمام النفس يمنعها

عن الحقيقة فيما كان في الأزل

لأدركت كل شيء عز مطلبه

حتى الحقيقة في المعلول والعلل

وبعد مزاولتي علمي التاريخ والجغرافيا باعتناء بالمدرسة الخلدونية ازدادت حاجة

٣٦

النفس إلى السفر والترقي إلى الخبر من الخبر وتقوت بسلاح معلوماتها على الجسد الضعيف. أما الانكباب على مطالعة هذين العلمين «والكتب حصون العقلاء إليها يلجئون ، وبساتينهم بها يتنزهون» ، وذلك بعد زمن التعليم على أستاذي المدرسة المذكورة : النابغة سيدي البشير صفر والبارع سيدي محمد بن الخوجة وهما بالمنزلة المعلومة في سعة الاطلاع وإصابة المرمى في التقرير وبلاغة التحرير. فقد زادني شوقا على شوق إلى مشاهدة أحوال الممالك وطبائع سكان الأرض وأخلاقهم ومعارفهم ، وموازنة حاضرهم بغابرهم وقياس درجة رقيهم وانحطاطهم بالنسبة لغيرهم. وهذا الأمر كما سيتبين بعد هذا أحد موجبات الأسفار والنزوح عن الديار. وعقدت النية على السفر إلى أروبا أمّ القارات ومعلمة الأمم ومدبرة الممالك ومالكة البحار. وجعلت مقدمة ذلك مملكة فرنسا لما يبلغنا عنها من ملاءمة أخلاق سكانها وغزارة المعارف بها ، واستبحار العمران بعواصمها وانتشار الحرية والثروة في أمتها ، سيما وهاته الدولة العظيمة والأمة النبيهة هي حامية الحمى ومدبرة القطر ومعلمة أبنائه. فيهم التونسي أن يدرس ويتعرف مملكتها وحضارتها ويسافر إلى وطنها ويستطلع عوائدها ويرى نواياها وآمالها في السير بهذه المملكة في طرق الحضارة والأمن ويشاهد منزلة سكانها الأدبية والمادية من علم ومال ، وكل ذلك مما يعود بالفائدة المتعددة في عالم الاجتماع «والإنسان مدني بالطبع». وقد سهلت لنا أروبا امتطاء البحار والانتفاع بالبخار ، والتطلع إلى العلوم والأخبار ، والميل إلى مشاهدات نتائج هذا العصر والبحث عن الآثار ، سيما والتونسي في فرانسا ، وبالأحرى في باريز ، محترم وعزيز ، وسيأتي ذكر ذلك في الحديث على أخلاق تلك الأمة النبيلة ، وعاصمتها الجميلة. ثم مملكة سويسرة لما يقال عن جمال مناظر الجبال والبحيرات بها وأمن قاصدها وراحة بال زائرها ، وإنجازا لوعد البعض ممن دعانا لمشاهدة تلك الممالك ممن عرفناه من سكان هاتين المملكتين. وإجابة دعوة الأودّاء إلى الأقطار النائية وزيارة المتعارفين عادة قديمة في البشر ، وسيأتي ذكرها من بين دواعي السفر. فشاهدت في رحلة قصيرة لم تتجاوز أيامها في تراب العدوة الشمالية من البحر الأبيض شهرا واحد ثمانية عشر مدينة بفرنسا وسويسرة. وهي (١) مرسيليا و (٢) كرونوبل و (٣) شامبري و (٤) إيكس ليبا و (٥) جنيف و (٦) فيفي و (٧) منترو و (٨) باريس و (٩) وكليرمو أنركون

٣٧

و (١٠) فرين أنركون و (١١) فرساي و (١٢) إيسودان و (١٣) فيشي و (١٤) ليموج و (١٥) طولوز و (١٦) مونبيلي و (١٧) نيم و (١٨) أرل. وعقب الرجوع أشار البعض من أرباب الفضل بإلقاء مسامرة بالقيروان فيما يبقى بفكر التونسي إذا سافر إلى أروبا وعما لم يعهد في مملكتنا التونسية. غير أن رجوعي إلى القيروان في أيام الحر الذي كانت درجته في أوائل شهر جويليه ٤٤ سانتيكراد ، والالتجاء إلى شاطئ سوسة الجميل حال دون إنجاز ذلك. ولما دخل الشتاء وراجعت مفكراتي وجدت من بينها ما كاتبني به بعض النبهاء بالقيروان في أثناء السفر بفرانسا في الحث على الاعتناء بتدوين كتابة في مشاهدات السفر ، فكان ذلك لي منشّطا من أهل الذكاء الفطري القيرواني الذي عرفه الإمام مالك رضي الله عنه في القرن الثاني من الهجرة في أبناء هاته المدينة الطيبة حيث قال : مدن الذكاء ثلاثة المدينة والقيروان والكوفة. لذلك كنت كلما حضرت مجلسا جليلا أو رأيت مشهدا عظيما أو اطلعت على أثر معتبر في أثناء السمر وددت أن يكون معي من بعض أصدقائي الأجلاء. وفي مقدمتهم من خصوص القيروان نادرة الزمان وفخار القيروان الشيخ باش مفتي سيدي محمد صدام ممن يقدرون الأشياء حق قدرها ويعظم التونسيون بأمثالهم في أعين رجال الممالك الأجنبية متى اطلعوا على كفاءة التونسي ومقدرته. وأذكر هنا قطعة من إحدى الرسائل القيروانية لبعض أفاضل الأصدقاء وسيأتي ذكر بعض القصائد الشعرية وغرابة وصولها في المكان الذي تضمنت لزوم زيارته في قصر ليزانفاليد الذي به مدفن نابليون بونبارت بباريز.

الحمد لله

من القيروان في ٢٤ رجب وفي ٢٩ جوان سنة ١٣٣١ ه‍ / ١٩١٣ م ،

مولانا الشيخ سيدي محمد المقداد

السلام عليكم ورحمة الله ، فقد تاقت النفس للقياكم والتأنس بمجالسكم اللطيفة ومذاكرتكم الجميلة التي لا تخلو كل كلمة منها من حكم وفوائد جمة شأن أصحاب الآراء الثاقبة والمدارك العالية والأفكار السليمة ، شأن الرجال المصلحين ، الذين كتبوا

٣٨

على أنفسهم خدمة الوطن والدين. هذا وإن إيابكم بأمن الله وسلامته منتظر بفراغ صبر لقص ما شاهدتموه في هاته السياحة المباركة من اللطائف والغرائب والعجائب التي لا بد لها من الفائدة الكبيرة على الأحباب والأصحاب ، والمأمول أن يكون ذلك ملخصا في مسامرة يعقبها نشر بقلمكم المسهب المتعود منه حسن البيان فيما يمليه الجنان. إلى أن قال : وإن تكن القصص مشفوعة بالصور الفوتغرافية ، وهو مما لا يشك فيه ، فالحظ أسعد والفائدة أكبر والرسوخ أثبت والتأثير أقوى. إلى أن قال : أيها الرحالة إنكم بمسامرة تلقونها في العاصمة العتيقة في المدينة الأثرية ، ألا وهي مدينة «القيروان» مضطجع أولئك الأبطال الباسلين الذين جابوا السهل والوعر واحتقروا أشعة شموس إفريقية المحرقة ورمالها الصالية ، مسامرة تستهل بذكر شيء من تاريخ هاته العاصمة صاحبة الماضي الذي لا يقايس ولا يشابه حالتها اليوم. مسامرة تبعثون بها نشاطا في السكان ويتحققون بها وجوب الكد والعمل ، ويجارون الأمم الحية في معترك الحياة ويستنتجون برهانا من أعمال الشعب الفرانسي ناشر لواء حمايتهم الذي ما برح يناديهم بالنهوض والعمل ، مصرحا بتذليل كل صعوبة يلاقونها في سبيل تقدمهم ، ممدا يد الحنو والشفقة لانتشالهم من مخالب الجهل والفقر. إلى أن قال :

وأعيد لكم سلامي وتحيتي إلى الملتقى عن عود حميد بسلامة الله ه. ولم أسمع كلمة قبل سفري جمعت بين الحنان ومتانة الود ، وبين الحث على الاستفادة والإفادة من السفر مثل ما صدر لي من الشريف المفضال العالم النقاد سيدي محمد ابن عاشور ليلة الموادعة ونحن حول مائدته ، وفي دائرة نادي فصاحته ، قائلا : اجعل سفرك قصيرا وحدثنا كثيرا. فأظهر بفصل خطابه وبلاغة قوله في الجملة الأولى التعطف ودلائل المحبة ، وهي إنما تظهر من الصديق المحق وتؤثر على المخاطب في مثل هاته المواقع. وأبان في الجملة الثانية هدية السرور التي يرجع بها الراحل إلى وطنه وليست بعض بضائع باريز ، التي مثلها في تونس ليس بعزيز. وما هي النقطة المهمة المرادة من السفر. ورغبته في الحديث الكثير من السفر القصير إيماء إلى أن الفائدة لا تتوقف على السفر الطويل. كما تواردت علي من خارج المملكة المكاتبات ممن عرفتهم في إعطاء رأيي فيما شاهدته وإظهار كتابة فيما قيدته أثناء الترحال ليطلعوا على

٣٩

ذلك. والقوم كما علمت أهل ولع بكل جديد وبما يتحدث به عنهم وما يقال في عالم الاجتماع. فنشرت في هاته الرسالة بعضا مما قيدته أو عاينته من خصب الأرض الذي يملؤ العين إعجابا وابتهاجا قبل كل شيء ودرجة الهواء وكثرة العمران ووفرة المعارف وتهذيب الأخلاق ونمو الثروة ومواصلة العمل ، وألمعت في كل مناسبة إلى طرف من غابر القيروان وحاضرها حتى يكون الكلام شاملا لمبدأ خط السفر ومنتهاه ، وربما كان المطالع في حاجة إلى العلم بالقيروان والحديث عنها. والقيروان ملأت الأسماع قديما وحديثا بالاعتبار والآثار. وسأقص عليك ذكر اعتناء الملوك والعلماء بزيارتها. وفي عهد الأغالبة وصل إليها وفد سلطان فرانسا شارلمان ، وفي أواخر القرن الثالث عشر أتاها قنصل الأنكلير بالجزاير ١٢٩٣ ، وأحد علماء الآثار من فرنسا ١٢٩٤ ، والمسيو كسلان القنصل الفرنساوي الباحث عن الآثار عام ١٢٩٨ قبيل الحماية. وما بين هذين الزمنين من الأحد عشر قرنا أمر لا يحصى عدّه. وها هي اليوم في دور الحماية قد ازدادت سمعتها وعظم احترامها وقدرها الزائرون بالمشاهدة حق قدرها ، لذلك أصبحت وجهة سكان القارات القديمة والجديدة ، يحجونها فرادى وجماعات نساء ورجالا. ولا يقل عددهم في السنة عن أربعة آلاف ، يستعظمون جامعها الذي مضى عليه فوق الأحد عشر قرنا ، ويستغربون تخريم ألواح منبره الجاثم من أواسط القرن الثالث على يمين المحراب المقامة جدرانه الداخلية من أواسط القرن الأول ، ويستحسنون شكل ماجلها الأغلبي الكثير الأضلاع المقارن للمنبر في تاريخ نشأته ، ويتمتعون بصفاء أديم سمائها وطيب هوائها وقوة كهرباء شمسها وبريق نجومها ، ويقتنون من مصنوعات بسطها وصور بناآتها ، ويركبون جمالها ويسرون بجمالها. وكثيرا ما يسألون عن كمية سكانها ودرجة ثروتها ومصنوعاتها ومجمل تاريخها وعوائدها ونظام إدارتها. وقد جعلت عنوان هاته الرحلة «البرنس في باريز» وسبب التسمية ظاهر ، والكلام بالأواخر. والحديث على القيروان متى عنّت المناسبة هو طرف من تلك الجملة ، وقوس من دائرة الرحلة ، وتقدمت إلى من افتخرت به المملكة التونسية على الأقطار «مثلما سمت مملكة الأندلس وهي في دور شبابها وزهرة علومها منذ ألف عام بقاضيها وعالمها وخطيبها المنذر بن سعيد في العقد الرابع من القرن الرابع في أيام الملك الناصر الأموي» ، فأصبح القطر التونسي في ظل مولانا الأمير

٤٠