زواج بغير اعوجاج

المؤلف:

حسين هادي الشامي


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: مؤسسة النعمان
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٢٠

صقر المنية خاطف الأرواح

هذى نوائحه بكل نواحي

نشر القوادم في الوجود فلا ترى

إلا نياحاً تابعاً لنياح

نشبت مخالبة بأرواح الملا

وتراه واصل غدوة برواح

قل لي بربك أي بيت لم يبت

وإلى المنون به صفيف جناح

لك يا ابن آدم ساعة معلومة

تأتيك لو حاولت كل جماح

أترى الخلاص وقد شُققن ضرائح

كلا ولو حلّقت فوق ضراح

فإليك عن دنيا تفاقم خطبها

فأسيرها لا يُرتجى لسراح

خير الورى من قد درى ما قد جرى

فمضى يلبي صيحـة النُصاح

* * *

ملاحظة هامة : ليس المقصود بما سبق من الشعر الانعزال عن الحياة والإعراض عن استثمار خيراتها وطاقاتها ، بل الهدف هو تهذيب النفوس وتطهيرها من الأهواء المردية والشهوات الموبقة ، فقد قال الله تعالى :

(أ) ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً ) ( الكهف / ٧ ).

(ب) ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) ( الملك / ١٥ ).

لقد حث الله تعالى في الآيتين الإنسان على استغلال الأرض والعمل في أرجائها بطاقة الإيمان والتقوى ، ليحقق رخاءه وهناءه في الدنيا والآخرة ، ونهاه في آيتين آخريين عن الفساد في الأرض بالاستعلاء والاستكبار لاجتناب مآسي الانهيار والدمار.

(ج‍( ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ) ( لقمان / ١٨ ).

(د) ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلوّاً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) ( القصص / ٨٣ ).

٢١

إن جهنم للفارين من الله ، وإن الجنة للفارين إلى الله

إن جهنم منطقة فيها مظاهر مختلفة خطيرة جدا للبطش والتعذيب ، وقد خلقها الله تعالى في إحدى جهات الكون بعيدة عن أنظارنا كبعد كثير من النجوم التي لم يكتشفها التلسكوب حتى الآن. وقد بين لنا ربنا نموذجا تقريبيا من وجودها وحريقها. ويتمثل ذلك في الشمس وهي الكتلة النارية الضخمة الملتهبة التي تُقدر درجة الحرارة على سطحها بنحو (٦٠٠٠) درجة مئوية، أما في باطنها فترتفع الحرارة إلى أكثر من (٢٠) مليون درجة. ويمكننا معرفة شدة هذه الحرارة إذا عرفنا أن الحديد ينصهر في درجة (١٥٠٠) درجة مئوية. ويقدر البعد بين الشمس والأرض (٩٣) مليون ميل. وبالرغم من هذا البعد الشاسع يتأثر بعض سكان الأرض بحرارتها لميلانها نحو مناطقهم فيقاسون شدة الحرارة. والجدير بالذكر هو أن علم الصناعة استطاع أن ينتج أفراناً تذيب المعادن بحرارة الشمس ، وذلك باستخدام أجهزة تحتوي على مرايا تجمع الطاقة الحرارية من الشمس في مناطق خاصة من تلك الأفران ـ ويمكننا أن نجرب تأثير الحرارة الشديدة للشمس بعدسة « زجاجة سميكة » نقربها من جسمنا فتنفذ أشعة الشمس منها إلى بشرتنا فلا نطيق حرارتها. وكذلك نستطيع ان نشعل سيكارة أو قطعة قماش بهذه التجربة. فليرحم الإخوة الأعزاء أنفسهم فإنهم جربوها بعدم الصبر على التعرض لأشعة الشمس الحارة وهي تبعد عنهم ملايين من الأميال ، فكيف يكون حالهم إذا ألقوا في نار قعرها بعيد وحرّها شديد وماؤها صديد ، يوم يقول لها خالقها ( هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) نعوذ بالله من هذا العذاب الشديد.

وليتدبروا نصيحة الشاعر :

٢٢

ألا يا خائضاً بحر الأماني

هداك الله ما هذا التواني

أضعت العمر عصيانا وجهلا

فمهلاً أيها المغرور مهلاً

إلى كم كالبهائم أنت هائم

وفي وقت الغنائم أنت نائم

وقلبك هائم في كل وادي

وجهلك كل يوم في ازدياد

على تحصيل دنياك الدنيه

مكبا في الصباح وفي العشيه

بلال الشيب نادى في المفارق

بحى على الذهاب وأنت غارق

ببحر الإثم لا تصغى لواعظ

وإن أطرى وأطنب في المواعظ

وعقلك لا يفيق عن المعاصي

فويلك يوم يؤخذ بالنواصي

قال الله تعالى : ( يُعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام ) واعلم أيها القارئ العزيز أن هناك نجوماً أكبر من الشمس بملايين المرات تسبح في هذا الكون الفسيح الوسيع. ويكفينا من سعة الكون أن العلم اكتشف نجماً فوجد أن بعده عن الأرض عشرة ملايين سنة ضوئية. الله أكبر. الله أكبر !!

فإننا نعلم أن الضوء يسير بسرعة (٣٠٠٠٠٠) كيلومتر في الثانية الواحدة.

ولتوضيح الموضوع نقول إن الشمس التي تبعد عن الأرض (٩٣) مليون ميل ، يكون بعدها بمقياس الضوء (٨) دقائق ، وعليك الحساب والمقارنة بين بعد الشمس بالدقائق المحددة ، وبين بعد ذلك النجم بملايين السنين.

ونهاية المطاف : إن الله سبحانه وتعالى جعل تلك المناطق الواسعة في الكون آيات يستدل بها الإنسان على وجود المنطقتين الواسعتين اللتين ذكرهما لنا في كتابه المجيد ، وهما جهنم كما قال تعالى : ( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) ( ق / ٣٠ ). والمنطقة الواسعة الأخرى هي الجنة التي حثنا الله تعالى بالمسارعة إليها بقوله تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) ( آل عمران / ٣٣ )

٢٣

سؤال : إذا كان عرض الجنة يساوي السموات والأرض، فأين تكون النار ؟

الجواب : لو تدبر السائل الآية الكريمة ، لعلم أن السموات ليس هي الكون كله ، بل هي جزء من الكون بهيئة مجموعات معينة من نجوم وكواكب وغيرها. والدليل على ذلك هو أن كلمة ( والأرض ) المذكورة في الآية تدل على أن الأرض منفصلة عن السموات في حَيزٍ خاص من الكون ( عرضها السموات والأرض ) فكذلك الجنة والنار لهما حيزان معينان فالجنة لها مكان والنار لها مكان آخر ... ( والله أعلم ). وفي يوم القيامة يبدل الله الكون بإرادته وقدرته ، وينشئ منطقه جديدة واسعة يجمع فيها الأولين والآخرين كما قال تعالى : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ). ( إبراهيم / ٤٨ ).

فهناك تبرز الجنة والنار ، فالاولى أعدت للمتقين ، والثانية اعدت للمجرمين.

والان : أيها الإخوان وأيتها الأخوات ، تعالوا معي لنفكر في انفسنا هل نطيق عذاب جهنم ؟ هل نصبر على حريق النار ؟ فإذا كنا لا نطيق حرارة نار الدنيا لحظات قصيرة ، فكيف بنار الآخرة آلاف السنين لا نموت فيها ولا نحيا. قال الله تعالى : ( إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مآبا * لابثين فيها أحقابا ) ( يعني آلاف السنين ) ( النبأ / ٢١ ـ ٢٢ ـ ٢٣ ).

وإذا كنا لا نصبر على أن يمسنا ماء مغلي فترة قصيرة جدا ، فكيف إذن نصبر على الماء الذي يتجلى في الآية الكريمة : ( وسقوا ماءً حميما فقطع أمعاءهم ) ( محمد / ١٥ ) وإذا كنا نحذر شوكة تصيب جلودنا ، فما حالنا إذن بقوله تعالى : ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيما ) ( النساء / ٥٦ ).

٢٤

وبالتالي : يجب أن نكون ممن وصفهم الله تعالى بقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا * وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ) ( الفرقان / ٦٣ ـ ٦٥ ). معنى كلمة ( غراما ) اللزوم والإحاطة ، وتأتي كلمة ( مُغرم ) معناها ملازم.

يجب علينا إذن أن نجتنب ما أغرمنا به من المعاصي ، لكيلا تصبح جنهم مغرمة بنا ونستغفر ربنا فإنه غفور رحيم. يجب علينا أن نهجر :

(أ) غرام الجنس ( النظرة الخائنة ـ الزنى ـ اللواط ـ المساحقة ـ العادة السرية ـ مصافحة المرأة ما عدا المحارم ).

(ب) غرام الأفلام والصور الخليعة في السينما والتلفزيون والمجلات وغيرها.

(ج‍( غرام الأغاني خصوصاً الخليعة منها.

(د) غرام الخمر والبيرة والمقامرة.

والجدير بالذكر هو أنه لا يجوز الحضور في مجلس الخمر ، بل يحرم تناول الطعام الموضوع على مائدته ، وإن كان حلال في الأصل أو باقياً على طهارته. وكذلك لا يجوز الحضور في مجلس المقامرة وإن كان ذلك بغير اشتراك في المعصية مع الشاربين والمقامرين. فيتجلى الخطر كما يكون عند مجالسة المريض بأحد الأمراض السارية أو كما قال الشاعر:

صاحب أخا ثقة تحظي بصحبته

فالطبع مكتسب من كل مصحوب

كالريح آخذة مما تمر به

نتناً من النتن أو طيباً من الطيب

وأنبه القراء الأعزاء بأن المقامرة لا تُقتصر على التداول المالي ، بل بدونه أيضاً لغرض التسلية واللهو ، كالذي في الشطرنج والدومنة والطاولة ، وكذلك الورق ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ).

(ه‍( غرام المخدرات والتدخين المضر.

٢٥

(و) غرام التبرج والخلاعة في اللباس وغيره بالنسبة للمرأة.

(ز) غرام الزعامة ( الدكتاتورية والطغيان ).

(ك) غرام جمع المال واحتكاره.

أيها القراء الأعزاء : ما زلنا في بحث الفارين من الله ، وقد ذكرنا منهم الكافر الملحد ابتداء وهو أخطرهم ، ويأتي بعده العاصون وأهمهم :

١ ـ تارك الصلاة : ـ الصلاة عماد الدين ، وأهم مظهر لشخصية المسلم وهويته ، وهي أول ما يحاسب المرء عليها يوم القيامة. وفيها فوائد جسمية واجتماعية وروحية لا مجال لذكرها في هذا الكتاب ، ويعتقد بعض الناس بطلان صلاة الفاسق المنغمس في شهواته فذلك ليس صحيحا ، لأن الله تعالى لا يضيع عمل العاملين. ويستفيد المصلي من صلاته أيضاً أنها تنصحه وتهديه ، وتنهاه عما هو عليه من الفسق والعصيان ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) فيصبح من الصالحين ولو بعد حين. قولى هذا كله يكون بعد نهى العاصي عن معصيته فإن لم ينته ولم يتب في أقرب فرصة ، فأحذره من ترك الصلاة وهجرها ... فإن تارك الصلاة قد قطع الصلة بينه وبين ربه بصورة جريئة ، لذلك فإنه يستحق العذاب الذي يتمثل ويبرز في قول الله تعالى : ( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون ) ففي هذه الآية إنذار خطير لتارك الصلاة ، وذلك لأن كلمة ( فويل ) معناها العذاب الشديد في النار ، وهو للمصلين الساهين الذين يؤدون الصلاة ولكنهم يتهاونون في تصحيح الأداء كالقراءة والوضوء والطهارة وغيرها ، أو أنهم يتسامحون في الأوقات ، أو يؤدونها أوقاتاً ويتركونها أخرى ( كما بحثت الآية والله أعلم ).

فكيف إذن يكون حال الذين لا يستقبلون القبلة مدى حياتهم ؟ فليرجع هؤلاء الفارون من ربهم إليه بالاستغفار وأداء الصلاة وقضاء ما فات منهم بالتدريج.

٢٦

٢ ـ تارك الصوم : الصوم فريضة فيها فوائد متعددة كالصلاة لا مجال لذكرها أيضاً. ولكن محور الهدف لأدائها هو الانقياد لأوامر الله تعالى والاستسلام لإرادته. وأحذركم أيها الإخوة أن تعرضوا عن تلبية نداء ربكم الذي يناديكم قائلا ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ( البقرة / ١٨٣ ) فإن أعرضتم وتوليتم فسيكون جزاؤكم على أكلكم قوله تعالى :

( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) ( الغاشية / ٦ ) إنه طعام في منتهى القذارة والنتونة. وأما جزاء شربكم قوله تعالى : ( وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم ) ( محمد / ١٥ ) ( نعوذ بالله ).

٣ ـ تارك الحج : الحج فريضة سنها الله تعالى لينفع بها الناس منافع متعددة ، أهمها تزكية النفس وتهذيبها ، ويلي ذلك منفعة اجتماع المسلمين للتعارف فيما بينهم، وتبادل الآراء وحل المشاكل ، وذلك لتحقيق أهداف إنسانية سامية. وقد انذر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تارك الحج بعذاب في النار تكون شدته كعذاب اليهود والنصارى ، كما روى عنه ( من استطاع الحج ولم يحج مات إن شاء يهودياً أو نصرانياً ) ( نعوذ بالله ). وهناك من يعتذر عن أداء الحج بعدم زواجه أو ملكيته لدار يسكنها. فلا يقبل منه هذا العذر إلا في بعض الظروف الخاصة تتبين عند المرجع الديني الأعلى ، وذلك عند عسر العزوبة فقط.

٤ ـ مانع الزكاة : الزكاة حقوق مالية متعددة فرضها الله تعالى في أموال معينة ، تتعلق بالزاراعة والتجارة ومكاسب أخرى. وأمر أن تصرف لسد حاجات المساكين والفقراء ، وتحقيق مشاريع إنسانية قويمة ليضمن المجتمع بذلك رخاءه وهناءه. فليراجع كل ذي مال وكسب وإن كان قليلاً العلماء المتقين ليقرروا تكليفه الشرعي في الوجوب أو عدمه. وقد أنذر الله

٢٧

تعالى الأغنياء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله بآيات عديدة ، وخلاصتها قوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ).

أي أنكم أيها البخلاء لن تحشروا مع الأبرار الذين قال الله في حقهم ( إن الأبرار لفي نعيم ) ( الانفطار / ١٣ ) بل تحشرون مع الفجار الذين قال الله في حقهم ( وإن الفجار لفي جحيم ) ( الانفطار / ١٤ ). وإنكم تخزنون أموالكم للوارثين فلهم الهناء ولكن الشقاء ، كما قال الشاعر :

أبقيت مالك ميراثا لوارثه

فليت شعري ما أبقى لك المال ؟

القوم بعدك في حال يسرهم

فكيف بعدهم حالت بك الحال ؟

ملوا البكاء فما يبكيك من أحد

واستحكم القيل في الميراث والقال

٥ ـ تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : من أهم أهداف الإسلام بناء مجتمع إنساني يتحلى بالخير والفضيلة ويتخلى عن الشر والرذيلة ، ولا يكون ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرق تربوية صحيحة. ونحن جميعا مسؤولون عن هذه المهمة السامية ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ( كما جاء في الحديث المنقول ). وتتفرع هذه المسؤولية كما يأتي :

(أ) الزوج عن زوجته وأولاده وخدمه.

(ب) الأم عن أولادها.

(ج‍( مدير المدرسة والمعلمين عن التلاميذ.

(د) علماء الدين عن الناس جميعاً.

(ه‍( الخطباء عن المستمعين.

(و) الحكام والزعماء عن شعوبهم.

(ز) الموظفون الكبار عن الصغار منهم.

ويتجلي خطر المسؤولية فيما يأتي من قول الله تعالى :

٢٨

(أ) بسم الله الرحمن الرحيم ( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ( سورة العصر ).

أجل إن الإنسانية تخسر سعادتها في الدنيا والآخرة ، ولا تنتفع بالإيمان والأعمال الصالحة إذا تجردت عن التواصي بالحق ونشر تعاليمه. ( فالساكت عن الحق شيطان أخرس ).

(ب) ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويعلنهم اللاعنون ) ( البقرة / ١٥٩ ).

ثم أكد الله تعالى جريمة كتمان الحق وعدم نشره بعد ذلك مباشرة ، بقوله ( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فاولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) ( البقرة / ١٦٠ ).

٦ ـ ظالم الناس : وهو الذي يتعدى حدود الإنسانية والعدالة في معاملة الناس ، ويكون ذلك باللسان واليد. أما ظلم اللسان فيتجلى في السب والكلام البذئ والكذب والغيبة ، وهي أن يذكر المسلم أخاه المسلم الغائب عنه بعيوب هي فيه خلقا وخُلقا ، إلا إذا كان متجاهراً في أخلاقه السيئة فتجوز غيبته. والجدير بالذكر هو أن المستمع للغيبة مشترك في المعصية ، فيجب عليه النهي والمنع. كذلك التهمة والنميمة والسخرية .. إلخ.

وأما الظلم باليج فيتجلى في الضرب والجرح والقتل ( بغير حق ) والسرقة ونقص الكيل وأكل الربى والغش والنميمة والسخرية .. إلخ.

إياك إياك أيها القارئ العزيز أن تظلم والديك وخصوصا أمك ، فلا يدخل الجنة من كان عاقا لوالديه. الله الله في الأقرباء فأحسن إليهم وإن أساءوا إليك ، وإياك أن تهجرهم فإن الله تعالى ينذرنا إنذارا خطيراً إذا قطعنا الأرحام ( الأقارب ) بقوله ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) ( محمد ٢٢ ـ ٢٣ )

٢٩

تدبروا هذه الآية بدقه وإمعان ، واحذروا لعنة الله وسخطه.

الله الله في الجيران ، ومع الأسف الشديد فإن أكثر الناس لم يؤدوا حق الجيران. وأحذرك أيها القارئ العزيز ظلم بقية الناس خصوصاً زوجتك ، فإنها من أهم مُقومات حياتك. فإياك أن تعتدي عليها بالسب والضرب والاستهزاء وغير ذلك من فروع الظلم ، فأحسن إليها بالمداعبة والملاطفة والنفقة. فقد جاء في الحديثين المرويين :

(أ) ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ).

(ب) ( أكمل الناس إيمانا أحسنهم أخلاقاً مع أهله ).

٣٠

الزوجية البشرية

لقد انتهيت بتوفيق الله تعالى من شرح الزوجية الذرية وما يرتبط بها من البحوث الهامة حسب إتاحة الفرصة ، وأقدم لكم بعد ذلك شرح الزوجية البشرية كما يأتي :

* خلق الله سبحانه وتعالى الكون وأظهر فيه آيات لا تعد ولا تحصى ، ليستدل الإنسان بها على حكمة خالقه وعظمة رب العالمين. ومن أهم آياته هي الزوجية البشرية التي تتجلى مظاهرها الحكيمة في الرجل والمرأة. كما أشار إلى ذلك أحد الفلاسفة بقوله: « إذا كانت المصادفات العمياء والاتفاقات المتكررة قد أوجدت إنساناً على وجه الأرض فكان رجلاً ، فهل يجوز لذوي العقول الواعية أن يزعموا أن تلك المصادفات والتطورات قد أنشأت إنساناً آخر فكان امرأه لها أجهزة عجيبة التركيب تختلف عن أجهزة الرجل ، كجهاز الرضاعة والحمل والأوتار الصوتية ، بالإضافة إلى غريزة التجاذب الجنسي ؟ كلا ! ثم كلا ! فإن المفكرين الأحرار يخشعون ويسجدون لله الخالق البارئ المصور لكلا الجنسين الذكر والأنثى.

كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( الروم / ٢١ ).

* يجب على الإنسان أن يعلم بأنه لم يُخلق في هذا الكون ليتمتع بالطعام والشراب واللباس والمسكن والمال والجنس والسلطة ، ويتخذ تلك المقومات الحيوية هدفا لكيانه وسعادته ، بل خُلق ليجعلها وسيلة لغاية سامية وهي السعي لمعرفة ربه ، وعمارة قلبه بتفواه في نفسه وفي عباده وبلاده. كما قال تعالى : ( وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون ) ( الذاريات / ٥٦ ).

فالبناء الحيوي للإنسان بفروعه ( الطعام. الشراب. اللباس.

٣١

المسكن. العلم. العمل. المال. الجنس. السلطة ) إذا لم يكن مبنيا على أساس التقوى فهو بناء منهار ، كما قال تعالى ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) ( التوبة / ١٠٩ ).

ولا يتحقق هذا البناء الإنساني القويم إلا بمجتمع يستضيئ بنور الله الذي يهدي إلى الصراط المستقيم وسبل السلام. ولا ينشأ هذا المجتمع إلا بإنشاء الأسرة الصالحة المُصلحة ، ولا يحصل ذلك إلا بأزواج قد غرست في قلوبهم شجرة الدين الحنيف تُؤتي الثمرات الطيبة من الأولاد.

كيف يكون ذلك ؟

* يتدبر الإنسان الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المرء على الزواج وتحفزه للمسارعة إليه فيعمل بمقتضاها.

* الآيات القرآنية :

(أ) ( وانكحوا الأيامى (١) منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) ( النور / ٣٢ ).

الشرح : يجب على الآباء والأمهات أن يعجلوا في تزويج أبنائهم وبناتهم ، فإنهم مسؤولون أمام الله تعالى ومعاقبون على كل مفسدة تنتج من التأخير بدون عذر مشروع. أما عذر إكمال الدراسة فإنه غير مقبول ، وذلك لإمكان الزواج وإشباع الغريزة الجنسية بصورة لا تؤدي إلى الحمل والولادة ، وإن كان في ذلك نيل الحد الأدنى من الشهوة. فإن متاعب عزوبة الشاب والشابة خلال الدراسة أكثر من متاعب زواجهما أضعافاً مضاعفة .. وأملي وطيد بأن القراء الواعين يؤيدون ذلك. كل ذلك يتم بشرط عدم تعسير

__________________

(١) الأيامى ( جمع ) والمفرد ( أيم ) تطلق الكلمة للرجل العزب وللمرأة العزبة.

٣٢

والدي البنت لأمور تتعلق بهذا المشروع النبيل ، خصوصاً المغالاة في المهور ، فإن السعادة الزوجية ليست في المال الكثير ، بل هي في مآل المرأة إلى مصير مستنير بنور الأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الزوجان.

(ب) ( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية ) .. ( الرعد / ٣٨ ).

الشرح : إن الرسل هم قادة الناس ، وإن للناس فيهم أسوة حسنة. وأهم مظاهرها هو الزواج لإنتاج ذرية صالحة تعبد رب العالمين.

(ج) ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) ( الفرقان / ٧٤ ).

الشرح : مدح الله تعالى أولياءه في هذه الآية بأنهم يدعونه ليرزقهم أزواجاً وذريات يسطع في قلوبهم نور الهدى والإيمان، فتقر أعينهم بهم في الدنيا ، وكذلك الحال عندما يحشرون معهم في الجنة كما قال تعالى : ( فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) خصوصاً بما كانوا يؤدبون ويهذبون أزواجهم وذرياتهم.

(د) ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) .. ( البقرة / ١٨٧ ).

الشرح : جاءت هذه الآية بأحسن وصف للانسجام الزوجي ورباطه ، فباللباس تتجلى ثلاثة أمور هي من أهم ركائز حيوية الإنسان وهي الستر والوقاية والزينة فيحققها الزوجان كل منهما للآخر.

(ه) ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( الروم / ٢١ ).

الشرح : أجل ليسكن الزوج إلى زوجته وتسكن الزوجة إلى زوجها في مسكن روحي تسوده المودة والرحمة ، فلا ينفعها مسكن يكون فخماً ببنائه

( زواج بغير اعوجاج )

٣٣

وأثاثه إذا كان سلوك أحدهما أو كليهما فحماً قد اسود بفساده وطغيانه .. فهناك الشقاء والعناء. وقد قيل : إن من أعظم البلايا مصاحبة من لا يوافقك ولا يفارقك. وكما قال الشاعر :

ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى

عدو له ما من صداقته بد

* الأحاديث النبوية المروية حول الزواج :

(أ) ( تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ، حتى بالسقط ).

(ب) ( من رغب عن سنتي فليس مني ، وإن من سنتي النكاح ، فمن احبني فليستن بسنتي ).

(ج) ( إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ـ عريض ـ.

(د) ( من تزوج أحرز نصف دينه ، فليتق الله في النصف الثاني ).

(ه) ( ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما عزب ).

(و) ( أكثر أهل النار العُزاب ). ـ خصوصاً الذين يستطيعون الزواج ـ.

الاختيار الزوجي

أولا : يجب إحراز سلامه الزوجين من الأمراض الخطيرة خصوصاً السارية منها ، كالأمراض الزهرية والسل وغيرها. ويجب على الزوج أن يتأكد بصورة خاصة سلامه الزوجة من مرض السكر الذي يضر بجنينها عند الحمل ضررا عظيما ، وكذلك سلامتها من الإدمان على التدخين الذي يفتك بها وبأولادها فتكا ذريعاً. ويتأكد كل من الزوجين سلامة أقرباء الآخر من التخلف العقلي والفسلجي ، فإن الوراثة لها أثرها الفعال. وليحذر الطبيب

٣٤

من إصدار شهادة صحية مزورة ، فإنها خيانة للدين وعدوان صارم عل الإنسانية.

فليراقب الأزواج مع أوليائهم هذه الأمور بكل وعي وإمعان ، فإن لم يفعلوا فسيهوى الزوجان في هوة سحيقة من الشقاء والعناء ( نعوذ بالله ).

ثانياً : إحراز تقوى الزوجين وتمسكهما بالدين الحنيف ليؤدي كل منهما واجبه نحو الآخر ، فيسطع نور السعادة بينهما ويتمتعان بحياة طيبة سليمة.

وقد رويت أحاديث نبوية تتعلق بهذا الموضوع إليكم أهمها :

(أ) ( كما مرّ سابقا ) ( إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ). إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير « عريض ». أجل فقد سادت الفتنة في الأرض وظهر الفساد الكبير العريض بالزنى واللواط والمساحقة والعادة السرية.

(ب) ( لا تنكح المرأة لجمالها فلعل جمالها يرديها، ولا لمالها فلعل مالها يُطغيها. وانكح المرأة لدينها ) ليس المقصود من هذا الحديث الاقتصار على دين المرأة والانعزال عن جمالها ومالها ، فإن الله جميل يحب الجمال والمتجملين، وبالمال تُحقق مشاريع إنسانية سامية. وإنما المراد أن يكون ذلك الجمال والغنى الماديان ملازمين للإيمان والتقوى .. فإنهما جمال النفس وغناها كما قال الشاعر :

يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته

أتطلب الربح فيما فيه خسران

أقبل على النفس واستكمل فضائلها

فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

فإذا كانت الزوجة جميلة في جسمها وقبيحة في دينها ، أو كانت غنية في أموالها وفقيرة في تقواها ، فإنها تدمر حياة زوجها. فهو لا يطيق أن يفارقها لجمالها ومالها ، ولا يستطيع أن يصبر على شراستها وسوء أخلاقها الزوجية فتلك الحال هي الطامة الكبرى والكارثة العظمى ( ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ).

٣٥

وقد روى عن سيدنا الحسن بن علي عليهما‌السلام أنه قال لرجل سأله عن تزويج بنته « زوجها ممن يتقى الله تعالى ، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها ». نعم والله هكذا خُلُقُ المتقين.

ثالثا : إذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة ، فلينظر إليها ويتأكد في الفحص بالاعتماد على شهادة امرأتين على الأقل تتصفان بالتقوى والذكاء والوعي لكي يحقق آماله الجنسية. كذلك يحق للمرأة أن تطلع بنفسها أو بشهادة أمينة صادقة على منظر الرجل وسلوكه ، لتكون مطمئنة في تحقيق الزواج.

رابعا : يحاول الزوج أن تكون الزوجة خفيفة المهر ، ويرشد والديها إلى الأحاديث النبوية التي رُويت ناهية عن المغالاة في المهر. فمن أهمها :

(أ) ( خير النساء أحسنهن وجوها وأرخصهن مهورا ).

(ب) ( من بركة المرأة سرعة تزويجها وسرعة رحمها ـ أي الولادة ـ ويسر مهرها ) فإن الهدف الحقيقي في الزواج ليس هو المال، بل هو منال أسرة كريمة تتمتع بالهناء والرخاء في الدنيا والآخرة.

خامساً : يجب على الزوج أن يدقق النظر ويمعن الاختيار في البيئة التي نشأت فيها الزوجة ، والأسرة التي أنبتت نبات شخصيتها. فيختبر إخوانها وآباها وخصوصا أمها ، فإن الوراثة الصالحة والبيئة الفاضلة قاعدتان رصينتان لبناء الإنسانية العليا ، قال الشاعر :

إذا أردت زوجة تبغيها

كريمة فانظر إلى أخيها

يُنبيك عنها وإلى أبيها

فإن أشباه أبيها فيها

( ولم يذكر الشاعر الأم لضيق مجال القافية ).

ـ رُوى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أ) ( إياكم وخضراء الدمن ).

والمعنى هو المرأه الحسناء في المنبت السيء كالعشب الذي ينبت في المزابل.

٣٦

(ب) ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دسّاس ).

ملاحظة هامة : لم يثبت في التشريع الإسلامي بصورة مؤكدة النهي عن الزواج من الأقارب بالقول المشهور « اغتربوا لا تضووا » وبالقول الآخر « لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاويا » ( أي ضعيفاً ). فإن هذين القولين لم يُصحح الفقهاء صدورهما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلو كان الزواج من الأقارب يؤدي إلى انحراف خطير في سلامة النسل ، لتواترت الأخبار الشرعية في التحريم ، لأن الأمر هام جداً وجدير بالبيان فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، والشاهد على ذلك هو أننا نرى كثيرا ممن تزوجوا من أقربائهم قد وُلد لهم أولاد يتمتعون ببنية قوية وصحة جيدة جدا. نعم إن ما أثبته العلم الحديث من الأضرار الصحيحة في زواج الأقارب لا يبعد أن يَخصَّ ما نَصَّ به الدين الحنيف وقرره في تحريم الزواج من أقرب الأقرباء ، وهن الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت فالميزان الصحي للأبناء هو صحة الآباء والأمهات وما يتلقاه الطفل من عوامل التربية في البيئة التي ينشأ فيها أثناء الحمل وبعده.

٣٧

حقوق الزوجين

حقوق الزوج على زوجته : هناك حقوق واجبة تعاقب الزوجة عقاباً شديدا على عدم ادائها يوم القيامة ، وحقوق مستحبة تنال بها درجات سامية في الجنة بعد أداء الواجبات. وقد رُويت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث كثيرة حول تلك الحقوق إليكم أهمها :

١ ـ رُوى أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت :

يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة ؟

فقال لها : تطيعه ولا تعصيه ، ولا تتصدق من بيتها بشيء إلا بإذنه ، ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ( الرحل ) ، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض حتى ترجع إلى بيتها.

فقالت : يا رسول الله من أعظم الناس حقاً على الرجل ؟

قال : والداه.

قالت : فمن أعظم الناس حقاً على المرأة ؟

قال : زوجها.

٢ ـ أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يُقبل منها صرف ولا عدل ولا حسنة من عملها حتى ترضيه ، وإن صامت نهارها وقامت ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله ، فكانت أول من يرد النار. وكذلك الرجل إذا كان لها ظالماً.

٣ ـ لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.

٣٨

٤ ـ إذا صلت المرأة ولم تدع لزوجها بعد صلاتها ، رُدَّت عليها صلاتها حتى تدعو لزوجها.

تنبيه : ليس المقصود بطلان صلاتها بل حرمانها من ثوابها.

٥ ـ إذا صلت المرأه خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، دخلت جنة ربها.

تنبيه : دخلت جنة ربها بعد أداء الواجبات الأخرى ، وأطاعت زوجها فيما يرضى ربها لا فيما يسخطه.

٦ ـ اطّلعتُ في النار فإذا أكثر أهلها النساء ، فسئل : لم يا رسول الله ؟ قال : يكثرن اللعن ، ويكفرن العشير. يعني معاشرة الزوج.

٧ ـ رُوى أن نسوة أقبلن إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسألنه عن عدم مشاركتهن للرجال في فضل الجهاد ، فقال : ( جهاد المرأة حسن التبعُّل ) قصد بذلك حسن معاملتهن مع بعولتهن « يعني أزواجهن ».

٨ ـ رُوى أن رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج من بلده في بعض حوائجه ، وعهد إلى امرأته عهد الا تخرج من بيتها حتى يرجع. ومرض والد الزوجة بعد ذلك فبعثت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : إن زوجي منعني أن أخرج من داري ، وإن أبي قد مرض ، أفتأمرني ان أعوده؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ، اجلسي في دارك وأطيعي زوجك. ثم مات أبوها فبعثت إليه فقالت : يا رسول الله إن أبي قد مات أفتأمرني أن أحضره؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ، اجلسي في دارك وأطيعي زوجك. فدفن أبوها فبعث إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إن الله تبارك وتعالى قد غفر لِك ولأبيكِ بطِاعتك لزوجك ).

تنبيه : يجوز للزوجة أن تخرج من دارها بدون إذن زوجها لأداء فريضتين واجبتين عليها ، وهما :

٣٩

الأولى : طلب العلم الواجب الذي لا تستطيع الحصول عليه وهي في دارها.

الثانية : الحج الواجب عليها. أما المستحبات من الحج والعمرة وزيارات المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة ، فلا يجوز لها أن تقوم بأدائها إلا بإذن زوجها.

وصية جامعة لكل أسباب الهناء والرخاء

أوصت امرأة بنتها ليلة زفافها ( كما نُقِل ) فقالت لها : « أي بنية ، إنكِ قد فارقت بيتك الذي مِنه خرجتِ وعُشَّكِ الذي فيه درجت ، إلى رجل لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فكوني له أمة يكن لكِ عبداً ، واحفظي له عشر خصال يكن لكِ ذخراً .. الخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع والطاعة ، والتفقد لموضع عينه وأنفه ـ فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ـ والتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن تواتر الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة ، والاحتراس على ماله ، والإرعاء على حشمه وعياله ـ وملاك الأمر في المال حسن التقدير ، وفي العيال حسن التدبير ـ ولا تعصين له أمراً ، ولا تفشين له سراً ، فإنك إن خالفتِ أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره لم تأمني مكره ، ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مُغتماً ، والكآبة بين يديه إذا كان فِرحاً ».

نُقل إن رجلاً قال لزوجته :

خذي العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

ولا تنقريني نقرك الدف مرة

فإنكِ لا تدرين كيف المغيب

ولا تُكثري الشكوى فتذهب بالهوى

ويأباك قلبي والقلوب تقلّب

فإني رأيت الب في القلوب والأذى

إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب


٤٠