من هدى القرآن - ج ١٢

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٢

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-15-7
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٤٠

بعد ما يقنط الإنسان ، كلّ ذلك لا يصير عبثا ، إنّما بحكمة إلهية دقيقة ، فإذا قلّ الصدق بين الناس وتضاءل تعاطفهم على بعضهم ، وإذا ساد الظلم والضلالة ، وإذا كثرت الذنوب والفواحش ، بعدت رحمة الله المتمثّلة في الغيث ، كما أنّ لنجاة أصحاب السفينة التي تمخر عباب البحر أو غرقهم علاقة بركّابها ، فإذا كانوا أهل صلاح وسعي ، ساقتهم الريح الطيبة الى سبل السلام ، أمّا إذا كانوا ظالمي أنفسهم وقد انتهى أجلهم ابتلعتهم العواصف الهوج.

هكذا يبيّن ربّنا العلاقة بين واقع الإنسان وعمله فيقول :

(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)

أيّا كان نوع هذه المصيبة وطبيعتها.

(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)

ولو لم يكن الله رحيما بعباده لانتهت بهم أعمالهم الى الهلاك ، لأنّهم يكسبون كلّ يوم ما يستوجب غضبه سبحانه.

جاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع) :

«ليس من عرق يضرب ، ولا نكبة ، ولا صداع ، ولا مرض ، إلّا بذنب» (١)

وجاء في حديث آخر عنه (ع) :

«إنّ الذنب يحرم العبد الرزق» (٢)

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٨١) .

(٢) المصدر / ص (٥٨٣) .

٣٦١

وجاء في رواية مأثورة عن أبي الحسن (ع) :

«حق على الله ألّا يعصى في دار إلّا أضحاها للشمس حتى تطهّرها» (١)

فلكي لا تصيبك ألوان العذاب تجنّب الذنوب ، هكذا أوصانا أمير المؤمنين (ع) حين قال : «توقّوا الذنوب ، فما من نكبة ولا نقص رزق إلّا بذنب ، حتى الخدش والكبوة والمصيبة (ثم قرأ الآية وقال :) وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم فما زالت نعمة ولا نضارة عيش إلّا بذنوب اجترحوها. (أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ، ولو أنّهم استقبلوا ذلك بالدعاء والإنابة لما نزلت ، ولو أنّهم إذا نزلت بهم النقم ، وزالت عنهم النعم ، فزعوا الى الله عزّ وجلّ بصدق من نيّاتهم ، ولم يهنوا ولم يسرفوا ، لأصلح لهم كلّ فاسد ، ولردّ عليهم كلّ صالح» (٢)

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع) :

«تجنّبوا البوائق يمدّ لكم في الأعمار» (٣)

وروي عن الإمام الباقر (ع) :

«إنّ العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق» (٤)

وقال :

«إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها الى أجل قريب أو الى وقت بطيء ، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك : لا تقضي حاجته

__________________

(١) المصدر.

(٢) المصدر / ص (٥٨٢) .

(٣) المصدر.

(٤) المصدر / ص (٥٨٣) .

٣٦٢

واحرمه إيّاها فإنّه تعرّض لسخطي واستوجب الحرمان منّي» (١)

[٣١ ـ ٣٢ ـ ٣٣] ويذكّر الله الناس بأنّ عدم أخذه لهم على كثير من الذنوب ليس عن عجز ، وإنّما هو رحمة منه بعباده ..

(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)

أي لو أراد أن يأخذهم على ما تكسب أيديهم ، لأنّه تعالى الوليّ الحقيقي للإنسان ولا وليّ غيره وهو ذو القوّة المطلقة ، فلا أحد يستطيع نصر نفسه أو الإنتصار للآخرين عليه سبحانه. وهذه هي الأخرى من آيات رحمة الله وقدرته :

(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)

وهي السفن الشراعية التي تجري في البحار بدفع الرياح ، والتي لو شاء الله لأوقفها فلا تتحرك.

(إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ)

أي على سطح البحر ..

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ)

عند البلاء ، فلا ينحرف عن الحق والطاعة لله بسبب الضغوط السلبية في الحياة ..

(شَكُورٍ)

__________________

(١) المصدر.

٣٦٣

يذكر الله ويحمده عند النعمة ، وعلى كل حال ، وهذا يخالف طبيعة الإنسان الذي يجزع عند البلاء ، ويكفر عند الرخاء ، بسبب علاقته الخاطئة بالحياة ، إذ يعيش لحظته الراهنة فقط ولا ينظر للمستقبل ، وهذا الأمر هو الذي يجعله ييأس ويستسلم للواقع ، بينما ينظر المؤمن ببصيرة ربّانيّة ثاقبة الى خلفيّات الحوادث ، ومستقبل الأمور ، فلا تبطره النعمة ، ولا يؤيسه البلاء.

[٣٤] وإذا أراد الله أن يبتلي أحدا أو ينزل عليه العذاب فهو قادر على ذلك وبطرق متعدّدة ، فهو تارة يوقف الرياح لتقف السفن التي نستقلّها ، أو ربما أرسلها بشدّة فإذا بها تهيج أمواج البحر فتبتلع سفننا ، وإلى جانب هذه القدرة الإلهية توجد في الطرف الآخر الأسباب والمقوّمات لإنزال النقمة ، وهي ذنوبنا التي نكتسبها كلّ يوم ..

(أَوْ يُوبِقْهُنَ)

يغرقها ، ويهلك من فيها ..

(بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ)

برحمته ولطفه ، لذلك ينبغي المبادرة الى الاستغفار ليل نهار حتى نأمن من سطوات الربّ الجبّار ، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام :

«تعوّذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار ، قال : قلت : وما سطوات الله؟ قال : الأخذ على المعاصي»

[٣٥] ولا بدّ أن يعلم أولئك الذين يكذبون بآيات الله ، ويتشبّثون بثقافة الجدال والتبرير من أجل ردّها والتهرّب من مسئولية الإيمان بها ، أنّهم محاطون بعلم

٣٦٤

الله وقدرته ، ومن ثمّ فإنّ جدالهم فيها لن يرفع عنهم المسؤولية ..

(وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)

أي مهرب ومفزع من الله.

قالوا : إنّ نصب «يعلم» جاء لأنّه عطف على تعليل محذوف ، وكأنه قال : ينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون.

[٣٦] وكخاتمة لهذا الدرس الذي يحدّثنا عن دور الحرص في الصراعات الاجتماعية كفكرة أساسية ، يصغّر القرآن الدنيا ويهوّنها في أعيننا وأنفسنا ، لكي لا تكون من المنزلة عندنا بمكان تثيرنا نحو الصراع والبغي على بعضنا.

(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا)

مهما كان حجمه وقدره فإنّه لا يعدو كونه بسيطا وضئيلا نسبة الى متعة الآخرة ونعيمها ..

(وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

وأفضلية نعيم الآخرة على متاع الدنيا من ناحيتين : فهو أفضل في كيفيّته ، وأدوم في بقائه ومتعة الإنسان به.

ولعلّ خاتمة الآية تهدينا الى أنّ التوكل على الله هي الصفة المقابلة للحرص على الدنيا ، وإنّما لا يتسامى القلب عن الانجذاب الى الدنيا لضعفه ، والذي ينجبر بالتوكّل على الله سبحانه.

٣٦٥

وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)

٣٦٦

وأمرهم شورى بينهم

هدى من الآيات :

يتكلّم القرآن في هذا الدرس عن المحور الذي سمّيت السورة باسمه وهو الشورى ، ولكنّه بعد أن يجعله في إطار الحديث عن أبعاد الشخصية الإيمانية. لماذا؟ لأنّ الصفات خيرها وشرها تنبع من حالة في شخصية المجتمع ، وتترادف مع بعضها ، فالصدق يستتبع الإحسان ، والأمانة تستتبع الوفاء ، وهكذا ، لأنّ أصل صفات الخير البصيرة والإيمان ، كما أنّ الصفات الرذيلة يلحق بعضها بعضا ، لأنّ جذرها واحد ألا وهو مرض القلب.

وصفة الشورى التي يتركّز حولها هذا الدرس تمثّل العلاقة الإيجابية بين أفراد الأمة على صعيد اتخاذ القرارات العامة.

ولا تتحقّق إلّا إذا كانت العلاقات الاجتماعية عبر مختلف الأصعدة المتدرجة طاهرة وإيجابية وبمستوى التبادل الفكري ، إذ لا فائدة للشورى في مجتمع الظلم

٣٦٧

والطبقة والعنصرية ، ولا في المجتمع الذي لا يعتقد بالعقلائية والمنهجية العلمية في حياته ولا يبحث عما يثير عقله ويزيده علما ، والحال إنّ الشورى أحوج ما تكون لتؤتي أكلها الى مجتمع فاضل يتحلّى بالصفات النفسية التي تدعم تطبيق المناهج العلمية التي تصدر على ضوئها.

ولعلّه لذلك بدأت هذه الآيات ببيان جانب من صفات المؤمنين كاجتناب كبائر الإثم والتجاوز عن المسيء قبل بيان صفة الشورى ، ثم بعد بيانها يذكّرنا القرآن بجانب آخر منها كالانتصار بعد الظلم ، والصبر الذي هو من عزم الأمور.

بينات من الآيات :

[٣٧] هناك بعض المجتمعات تحصر الدين في اتباع بعض الطقوس دون التوجّه الى القضايا المصيرية الهامة التي تكلّفهم الإيثار والجهاد والشهادة ، ففي الوقت الذي يبنون المساجد ودور العلم تراهم لا يتورّعون عن ظلم بعضهم ، ولا يدافعون عن أحكام الله ، وإنّما يهتم القرآن ببيان صفات المجتمع المسلم في كثير من سوره وبصورة مجتمعة لكي يعطينا صورة متكاملة عنه نعيش بها مجتمعنا ، ونعرف مدى قربه وبعده من المجتمع الذي يبشّر به القرآن.

ومن أبرز صفات المجتمع الإسلامي السعي من أجل اجتناب كبائر الإثم والفواحش ، حيث يجب أن يتنظّف المجتمع المسلم من الجاهلية بكلّ أبعادها الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

(وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ)

وهي ـ كما يبدو ـ الذنوب الاجتماعية والاعتداء على حقوق الناس ، وقيل بأنّها الشرك ، ولا ريب أنّ الشرك أفحش ظلم ، وأعظم ذنب ، وهذا التفسير نسب

٣٦٨

الى ابن عبّاس ، وقيل بأنّها البدع والشبهات ، وبالتالي الضلالة الثقافية ، وهي بدورها من الذنوب الاجتماعية ، وقال البعض بأنّها مطلق الذنوب التي أوعد الله عليها النار في القرآن أو ثبت بحجة قوية أنّها من كبائر الذنوب.

(وَالْفَواحِشَ)

وهي الذنوب الشخصية ، كالزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، واجتنابها هذه من أهم الصفات التي يجب توفّرها في مجتمع المؤمنين الفاضل.

(وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)

إنّهم حينما يختلفون مع بعضهم أو مع الآخرين ، وحينما يسيء أحد إليهم ، يؤثّر ذلك في نفوسهم ، ولكنّهم لا يحوّلون تلك الآثار الى صراع ، بل يعودون الى القرآن والى سائر التعاليم ، ليجعلوا ذلك حكما فاصلا بينهم ، فتراهم بدل أن يختلفوا فيه يختلفون إليه.

ولعلّ من العوامل الأساسية التي تجعلهم يتجاوزون سورة الغضب الى سعة الصدر وسماحة الحلم أهدافهم السامية ، فهم يؤمنون بأنّ غضبهم وحدّتهم يجب أن يصرفا في الصراع مع العدو ، بينما الذين تتضاءل أهدافهم في أعينهم تراهم يصبّون جام غضبهم على أنفسهم ، ويساهمون في تحطيم مجتمعهم بأيديهم.

والعفو صفة سامية جدا لأنّ هناك من لا يملك نفسه عند الغضب فتراه يتجاوز حدود الشرع والعقل والأعراف ، ويهدم في لحظة ما بناه في عقد من الزمن.

والمؤمن ليس فقط لا يخرجه رضاه وغضبه عن حدود الله بل ويتجاوز غضبه الى العفو.

٣٦٩

جاء في الحديث المروي عن الإمام الباقر (ع) :

«من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة»

وقال :

«من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرّم الله جسده على النار» (١)

وروي عن رسولنا الأكرم (ص) أنّه قال :

«ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة : العفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، والإحسان الى من أساء إليك ، وإعطاء من حرمك» (٢)

[٣٨] ومن صفات مجتمع الشورى إيمان أفراده بخطّ واحد ، فلا يسمّى اجتماع خليط من المذاهب المختلفة بمجلس شورى ، إذ كيف يشترك من يكفر بإله الكون أو يشرك به مع من يؤمن بالتوحيد وبالإسلام في مجلس واحد؟!

(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ)

فهم يلتقون في خطّ واحد هو خطّ الإمام المطاع بإذن الله.

(وَأَقامُوا الصَّلاةَ)

بطقوسها وقيمها .. ثم يؤكّد ربّنا مباشرة على صفة التشاور كأبرز صفة للمؤمنين ..

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٨٢) .

(٢) المصدر.

٣٧٠

(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ)

وإنّما تقدّم ذكر الاستجابة لله ، وإقامة الصلاة بشروطها ، لأنّهما ضرورتان لكي تكون الشورى ذات فاعلية إيجابية في المجتمع.

وهناك ثلاث نظريّات في الشورى :

الأولى : تقول بأنّ الشورى «حق» ، والثانية : ترى أنّها «واجب» ، وتجمع الثالثة بين النظريتين ، وبالذات في المسائل العامة التي تتعلق بمصير الأمة وشؤونها ، فعلى ضوء هذه النظرية لا يجوز لحاكم الشرع ولو كان الفقيه العادل أن يجري الأمور في إدارته للأمّة كما يريد ، وإنّما يجب عليه أن يستشير الآخرين ، ويجمع علمهم وعقلهم الى ما عنده ، ثم يتخذ القرار على أساس هذه المشورة ، كما يجب من جهة أخرى على الآخرين أن ينصحوه ، ومن أبرز الواجبات الإسلامية النصيحة لوليّ الأمر .. وهكذا روي عن الرسول (ص) :

«ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدي الى الرشد»

ولأنّ الشورى انعكاس لروح الإيمان فهي تتسع لسائر مرافق حياة الجماعة المؤمنة ، ابتداء من الأسرة ، وانتهاء بالدولة ، ومرورا بالمرافق الاجتماعية والاقتصادية ، والشؤون البلدية والقروية. إنّها أكثر من مجرد نظام سياسي ، بل تشكّل جوهر العلاقة بين المؤمن وأخيه المؤمن ، لأنّها نابعة من احترام المؤمن ورأيه ثم التسليم للحق ، والبحث عنه أنّى وجد.

وحين تكون الشورى صبغة المجتمع المسلم تضمن حرية الرأي ، وحقّ الانتخاب ، وواجب المساهمة في صنع القرار السياسي ، بل وتكون كلّ هذه المفاهيم ذات هدف مقدّس.

٣٧١

ولقد رسم الدين منهج الحكم في قيادة أولى الناس بالنبي (ص) ، وهم الأكثر علما والأتقى عملا والأكفاء إدارة ، وجعل على الناس واجب التعرّف على هذا القائد ، وانتخابه حاكما عليهم ، فإذا فعلوا وجبت طاعته ضمن إطار المشورة.

فجاء في الحديث الشريف :

«من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا لهواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فعلى العوام أن يقلّدوه»

«أنظروا الى رجل منكم قد روى حديثنا ، وعرف حلالنا وحرامنا ، فاجعلوه حكما فإنّي قد جعلته حاكما»

وبهذا يتكفّل الإسلام حرية الرأي في انتخاب أعلى قيادة في الأمة (بالطبع ضمن الإطار الديني للمجتمع) ولكن لا ينتهي دور الأمّة عند هذا الحد بل يجب على الإمام آنئذ استشارة الأمّة ، ثم العزم على رأي والتوكّل على الله في تنفيذه ، كما قال ربّنا : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (١)

وهكذا كان يفعل النبي (ص) والأئمة من أهل بيته حسبما روى معمّر بن خلّاد عن الإمام الرضا (ع) قال :

«هلك مولى لأبي الحسن الرضا يقال له سعد فقال : أشر عليّ برجل له فضل وأمانة ، فقلت : أنا أشير عليك؟ فقال شبه المغضب : إنّ رسول الله كان يستشير أصحابه ثم يعزم على ما يريد الله» (٢)

إنّ الرأي الأخير يكون للقائد المنتحب الذي يجتهد في سبيل استنباطه من قيم

__________________

(١) آل عمران / (١٥٩) .

(٢) موسوعة بحار الأنوار / ج (٧٢) ص (١٠١) .

٣٧٢

الدين ، ولكن لا يتعجّله بل يسعى إليه عبر مشورة الرجال ، يروي في ذلك علي بن مهزيار عن الإمام الجواد ويقول : كتب إليّ أبو جعفر أنّ : سل خلافا يشير علي ويتخيّر لنفسه ، فهو يعلم ما يجوز في بلده ، وكيف يعامل السلاطين ، فإنّ المشورة مباركة ، قال الله لنبيّه في محكم كتابه : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) فإن كان ما يقول ممّا يجوز كنت أصوّب رأيه ، وإن كان غير ذلك رجوت أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء الله (١)

ومن خلال النصوص الإسلامية التي تأمر بالاستشارة نتبيّن أنّ أفضل الأنظمة الاقتصادية في الإسلام هي التي تجمع أكبر قدر من صفة الشورى ، ولعلّها التعاونيات الاقتصادية التي نستوحي أهمّيتها أيضا من مجمل القيم الإيمانية كالتعاون والإحسان والإيثار وحرمة الترف وحرمة سيطرة الأغنياء على مقاليد السلطة.

وقد حدّدت النصوص معالم الشورى في الحياة الاجتماعية ، فقد روي عن رسول الله (ص) :

«استرشدوا العاقل ولا تعصوه فتندموا» (٢)

وروي عن الإمام الصادق (ع) :

«استشر في أمرك الذين يخشون ربّهم» (٣)

وقال رسول الله ، وهو يوصي أمير المؤمنين (ع):

__________________

(١) المصدر / ص (١٠٤) .

(٢) المصدر / ص (١٠٠) .

(٣) المصدر / ص (١٠١) .

٣٧٣

«يا علي لا تشاور جبانا فإنّه يضيّق عليك المخرج ، ولا تشاور البخيل فإنّه يقصد بك عن غايتك ، ولا تشاور حريصا فإنّه يزيّن لك شرّهما ، واعلم يا علي أنّ الجبن والبخل والحرص غريزة واحدة يجمعها سوء الظن» (١)

ومثلما أمر الإسلام بالمشورة أمر المستشار بالنصح ، فحرام أن يمحضك أخوك المؤمن ثقته ثم تخونه بالرأي الباطل والرأي الفطير ..

قال الإمام الصادق (ع) فيما روي عنه :

«من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه الله عزّ وجلّ رأيه» (٢)

وبيّن الإسلام كيف ينبغي أن يشير من يطلب منه الرأي ، فقد روي عن الإمام الصادق (ع) :

«لا تكوننّ أوّل مشير ، وإيّاك والرأي الفطير (٣) ، وتجنّب ارتجال الكلام ، ولا تشر على مستبد برأيه ، ولا على وغد (٤) ، ولا على متلوّن ، ولا على لجوج ، وخف الله في موافقة هدى المستشير فإنّ التماس موافقته لؤم ، وسوء الاستماع منه خيانة» (٥)

وكلمة أخيرة : إنّنا نسعى جميعا نحو رحاب الحرية ، ونطالب أولي الأمر بها. أفلا نبدأ بأنفسنا ونشبع أجواءنا بعبق الحرية ، ونبادل الرأي فيما بيننا؟ أفليس أحقّ الناس بالخير الدعاة إليه؟

__________________

(١) المصدر / ص (٩٩) .

(٢) المصدر / ص (١٠٢) .

(٣) قالوا : الرأي قبل التروّي والتعمّق.

(٤) الدني الضعيف رأيا وعقلا.

(٥) المصدر / ص (١٠٤) .

٣٧٤

أو ليس أقرب السبل الى الحرية جعلها واقعا يعيش بيننا؟ أو ليست الحرية سلاحا نستخدمه ضد من يصادرها ، وهي قوة تهاب ، وجمال يستهوي اللباب؟

دعنا إذا نبدأ بأنفسنا وداخل أطر التحرك الديني بالذات ، فنتشاور في سائر شؤوننا ، ذلك لأنّ الحاجة الى المشورة تزداد عند ما تخوض الأمة صراعا حضاريا مع الكفّار والمنافقين ..

فقد روي عن الإمام الصادق (ع) :

«ما يمنع أحدكم إذا ورد عليه ما لا قبل له به أن يستشير رجلا عاقلا له دين وورع؟ ثمّ قال : أما إنّه إذا فعل ذلك لم يخذله الله ، بل يرفعه الله ورماه بخير الأمور ، وأقربها الى الله» (١)

وقال الرسول (ص) :

«الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره» (٢)

وقال الإمام علي (ع) :

«الاستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من استغنى برأيه» (٣)

ثمّ وبعد التعرّض للشورى يسرد لنا القرآن مجموعة أخرى من صفات المؤمنين التي تتكامل وصفة الشورى فيقول :

(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)

__________________

(١) المصدر / ص (١٠٢) .

(٢) المصدر / ص (١٠٥) .

(٣) المصدر / ص (١٠٤) .

٣٧٥

سواء كان رزقا ماديا كالمال والثروة ، أو معنويا كالحكمة والعلم ، فإنّ المؤمنين ينفقون منه في سبيل تقدّمهم جميعا ، ولا ريب أنّ المجتمع البخيل الذي ينحصر أبناؤه في حدود أنفسهم ومصالحهم لا يستفيد من الشورى ، لأنّ تبادل الأفكار والمعلومات والخبرات يستدعي تبادل المنافع ، ودائما يكون وراء مبادلة الخبرات التي تنفع اقتصاديا مبادلة للأفكار ، إذ لو لا وجود حالة العطاء والكرم ، وبالتالي الخروج عن نطاق الذات ، إذن لما أمكن الإنسان الجلوس والتفاوض مع الآخرين ، ولذلك جاء لنا التأكيد القرآني على الإنفاق بعد الحديث عن الشورى.

[٣٩] وهناك مسألة أخرى تتصل بموضوع الشورى اتصالا متينا وهي قضية الكرامة في حياة المجتمع والفرد ، والتي من خلالها يتحدّد مصير الحرية ، ذلك أنّ تحسّس الإنسان بكرامته هو الذي يدعوه للتحرّر ورفض الضيم.

والمجتمع الذي يبقى يدور في حدود المطالبة بالحرية زاعما بأنّها ستأتيه على طبق من الذهب لا يفلح أبدا ، لأنّه عند ما يستجديها ممّن سلبها منه فإنّه يثبت له بأنّه ليس أهلا للحرية ولا للكرامة ، وإنّما أهل الحرية هم الذين يأخذون حريتهم بالقوة ، ويستعيدون كرامتهم بدمائهم ، ولذلك أكّد القرآن وفي هذا المقطع بالذات على فكرة هامة هي أنّ الشورى التي تعدّ تعبيرا عن الحرية والكرامة لا تعطى للمجتمع ، وإنّما يجب أن تؤخذ بالقوة ، وهذا يهدينا الى ضرورة الجهاد والتضحية من أجلها.

(وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)

والضمير المنفصل «هم» يأتي هنا للتأكيد على أنّ المؤمنين لا ينتظرون أحدا لينتصر لمظلمتهم ، وإنّما يسعون بأنفسهم لرفع البغي عن أنفسهم ، وفي الآية فكرتان : الأولى : إنّ هؤلاء يقاومون البغي ويستعيدون حقوقهم بالقوة ، والثانية :

٣٧٦

إنّهم ينصر بعضهم بعضا في هذه المقاومة ، فإذا سعى الظالم للبغي عليهم وقهرهم وقفوا جميعهم صفّا واحدا ضدّه .. ويتساءل البعض : لماذا أمرنا الله ـ إذا ـ بالعفو في آيات عديدة؟ والجواب : إنّ التعافي إنّما هو بين المؤمنين ، أمّا إذا كان العفو سببا لتمادي الظالم في ظلمه فإنّه لا يكون حسنا ، جاء في الحديث المأثور عن الإمام زين العابدين (ص) :

«وحقّ من أساءك أن تعفو عنه ، وإن علمت أنّ العفو يضر انتصرت ، قال الله تعالى :وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ» (١) .

[٤٠] وحيث توجد بعض الجوانب السلبية في نفس الإنسان ، فإذا به وهو يجاهد لمقاومة الظالم يصبح أظلم منه ، أو ينشر الفساد والبغي تحت راية المقاومة ، أكدّ القرآن على ضرورة التقوى في المقاومة ، وأن لا يتعدّى المؤمنون حدود الله في جهادهم للظلم والظالمين ، بل ويدعوهم للعفو والإصلاح ما استطاعوا إليه سبيلا.

(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)

فالمقابلة مشروعة ولكنّها محدودة بالتماثل إذ قال ربّنا : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (٢)

وهذا التأكيد من قبل الله على التماثل مهم جدا ، لأنّ النفس البشرية تزلزلها ردّات الفعل وتخرجها من حدّ المعقول ، فإذا بالضربة الواحدة تقابل عندها بعشر ضربات مثلها تشفيا وانتقاما وعلوّا واستكبارا ، وهذه المعادلة مرفوضة بتاتا في كتاب الله.

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٨٥) .

(٢) البقرة / (١٩٤) .

٣٧٧

لذلك ينبغي ومن أجل الاحتياط وعدم مخالفة قانون التماثل في القصاص ، أن يأخذ الإنسان أقلّ من حقّه ولو بقليل ، والمثل الذي يقول : (نردّ الصاع بصاعين) لا يصلح قاعدة للقصاص عند الإسلام ، وإنّما الصاع ينبغي أن يقابل فقط بصاع ، كما قال القرآن الحكيم في معرض حديثه عن بني إسرائيل : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (١)

ويرتفع الإسلام بأتباعه الى قمة الفضيلة والإحسان بدعوته للعفو.

(فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

والدعوة للعفو هنا لا تدلّ على أنّ ربّنا يأمر بغض النظر عن الظالمين ، أو أنّه سبحانه يدافع عنهم ، كلّا .. فهو لا يحبّ الظالمين كما تشير الى ذلك خاتمة هذه الآية الكريمة ، ولكنّ الإنسان لا يمكنه أن يحكم قطعيّا على الآخرين بالظلم من خلال تعامله اليومي مع الناس ، فبرغم أنّ فلانا ظالم استنادا الى بعض ممارساته فيقع فيما وقع فيه الظالمون من البغي على الناس زعما بأنّهم إنّما يستردّون منهم حقوقهم المسلوبة فينبغي له أن يعفو عن الناس ما أمكنه ذلك ، وبالذات إنّ العفو في كثير من الأحيان يكون نفسه دافعا قويّا للمسيء نحو التوبة والاعتذار ، وبالتالي الإصلاح ، وهذا الأمر هو الذي يجعل من العافي مصلحا ، حسبما تشير الآية إليه.

أمّا الذين يتسرّعون ويغضبون لأتفه الأسباب ، أو لمجرّد بعض الأخبار التي ينقلها المغرضون ، فيثيرون النزاع بين المؤمنين ، فإنّهم لا يقاومون الظلم في الواقع ، لأنّهم لن يستأسدون على الضعفاء ، بينما يستسلمون للأقوياء ، فهم كما قال الشاعر : أسد عليّ وفي الحروب نعامة ، بينما المجتمع الفاضل هو الذي تسود

__________________

(١) المائدة / (٤٥) .

٣٧٨

علاقاته الداخلية فضيلة التعافي والإيثار ، ويدّخر قوّته وغضبه لمقاومة الظالمين والجبابرة.

وما أحوجنا اليوم ونحن نعيش ظروف الصراع مع أعداء الدّين الى التعافي بيننا ، ولو عرفنا ما في العفو من ثواب عظيم لاستصغرت في أعيننا المكاسب الجزئية التي ترتجى من صراعنا الداخلي أو انتصارنا من بعضنا البعض ، هكذا جاء في الحديث المأثور عن الإمام الصادق (ع) قال : قال رسول الله (ص) :

«عليكم بالعفو ، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلّا عزّا ، فتعافوا يعزّكم الله» (١)

ولعلّ العزّة تأتي عبر انتصارهم على عدوّهم بما يوفّره التعافي عن بعضهم من التماسك الداخلي ، وربما تشير الرواية التالية الى هذه الحقيقة ، إذ تقول (نقلا عن الإمام أبي الحسن (ع)) :

«ما التقت فئتان قط إلّا نصر الله أعظمهما عفوا» (٢)

[٤١] وينقض القرآن جانبا من الأفكار السلبية التي ينشرها البعض في الأمّة ، من قبيل أنّ مقاومة الظالمين والثورة ضدّ الانحراف هي السبب في اضطّراب الأوضاع وانحسار الأمن ، بينما السبب هو ظلم السلطة الحاكمة وانحرافها ، فالظلم هو السبب في انعدام الأمن ، وليس ردّ الظلم من قبل المجاهدين.

(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)

فلا يجوز إذن أن نلقي باللوم عليهم ، لأنّهم يطالبون بحقوقهم المشروعة ، وبهذا

__________________

(١) المصدر.

(٢) موسوعة بحار الأنوار / ج (٦٨) ص (٤٢٤) .

٣٧٩

يقطع القرآن الكريم ألسنة ضعفاء النفوس ومرضى القلوب الذين يقفون دائما مع القوي ضد الضعيف.

[٤٢] إذن فعلى من يقع اللّوم؟ ومن هو المسؤول عن الواقع الفاسد؟ إنّما المسؤول الأوّل عن مشاكل الصراع هم الحكّام الظلمة الذين يريدون السيطرة على الناس ونشر الفساد.

(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ)

فالقوى الاستكباريّة التي تسعى لبسط سلطانها الفاسد على الشعوب وأنظمتها العميلة هي المسؤولة عن مشاكل الشعوب ومآسيها ، أمّا دفاع الناس عن أنفسهم وعن مصالحهم فهو جهاد مشروع لاسترداد الحقوق الضائعة .. والإرهاب هو السياسة التي يقوم بتطبيقها المستكبرون والأنظمة الرجعيّة العميلة لهم ، وليس ما يضطرّ إليه المصلحون والمدافعون عن حقوقهم .. ويتوعّد ربّنا الطغاة بأشدّ العذاب.

(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)

قد يرونه في الدنيا وربما يتأخّر الى الآخرة.

[٤٣] وإذا كنّا نريد الإنتصار على هؤلاء الظلمة فنحن بحاجة ماسّة الى الصبر ..

أوّلا : الصبر والاستقامة أمام إغراءات العدو ، فالظالم يبثّ في المجتمع ألوانا من الأحلام والأماني وكلّها كاذبة ، ثانيا : الصبر لتحدي إرهاب العدو وقمعه ، ثالثا : الصبر لمقاومة الاستعجال والارتجالية في أنفسنا وعند أصدقائنا ، فما أحوجنا

٣٨٠